المضامين التربوية في الأحاديث النبوية التي ورد فيها تشبيه المسلم وتطبيقاتها المعاصرة
Educational Contents in the Prophetic Hadith’s in which the Analogy of the Muslim and their Contemporary Applications are Mentioned
فاطمه بنت عبد الله بن هادي القحطاني1
1 جامعة جدة، كلية التربية، قسم القيادة والسياسات التربوية، المملكة العربية السعودية.
DOI: https://doi.org/10.53796/hnsj62/33
المعرف العلمي العربي للأبحاث: https://arsri.org/10000/62/33
الصفحات: 429 - 468
تاريخ الاستقبال: 2025-01-04 | تاريخ القبول: 2025-01-15 | تاريخ النشر: 2025-02-01
المستخلص: هدفت الدراسة إلى الكشّف عن المضامين التربوية في الأحاديث النبوية التي ورد فيها تشبيه المسُلم ممَّا اشتملت عليه تلك أحاديث، في تشبيه المسلم )بالنبات، وبالحيوان(، والتي من شأنها الاسهام ببناء المسُلم وصقل شخصيته، بما يُحقق الرُّقيّ له ولُمجتمعه في جميع جوانب الحياة، ومن ثم اقتراح التطبيقات التربوية المعُاصرة التي تُسهم بغرس تلك المضامين في نفوس المتُربين، كما اعتمدت الباحثة على المنهجين )المنهج الوصفي والمنهج الاستنباطي(، وكان من أهم نتائج الدراسة: أن المسُلم مُطالب بالثبات على الدين، والاستقامة عليه قوالا وعم الً، حيث أشارت الأحاديث النبوية إلى أهمية الثبات على الدين الإسلامًي، والالتزام بأوامره والاجتناب عن نواهيه وأهمية الثبات عليه لا سيما عند الملماَّت، وكذلك أن المسُلم مُتعدد النَّفع في نفسه، ومتعدِّّي النفع على غيره، حيث بينت الأحاديث النبوية أن المسلم يجب أن يكون ناف اعا لنفسه ولغيره، وأن يسعى لنشر الخير والعلم في المجتمع . وكان من أهم توصيات الدراسة: ضرورة الاهتمام بالبحث التربوي في الأحاديث النبوية، واستنباط المضامين التربوية والقيم الأخلاقية التي تُسهم في بناء المجتمع وتطويره، وكذلك بأهمية الاستفادة من الهدي النبوي في تربية الناشئة لبناء أجيال قادرة على مواجهة تحديات العصر والمسُاهمة في خدمة الدين والُامة.
الكلمات المفتاحية: المضامين التربوية، الأحاديث النبوية، التشبيه، الأمثال، المسُلم.
Abstract: This study seeks to explore the educational dimensions embedded within the Prophetic Hadiths that employ similes to describe a Muslim, particularly those that liken Muslims to some unique creatures (plants and animals). These Hadiths play a crucial role in shaping the character and personality of a Muslim, fostering personal development and contributing to societal progress across various aspects of life. Building upon these insights, the study proposes contemporary educational applications aimed at embedding these values into the consciousness of learners. To achieve its objectives, the researcher adopted both descriptive and deductive methodologies. The study’s findings underscore the necessity for a Muslim to remain steadfast in faith and upright in both speech and action. The Prophetic Hadiths emphasize the significance of unwavering commitment to Islamic teachings, adherence to divine commands, and the avoidance of prohibitions, particularly in times of hardship and adversity. Additionally, the research highlights that a Muslim should embody multifaceted benefit—both self-enriching and extending goodness to others. The Hadiths emphasize a Muslim’s responsibility to contribute positively to society by disseminating knowledge and spreading goodness. Based on these findings, the study recommends greater scholarly focus on the educational aspects of the Prophetic Hadiths. It advocates for the extraction of pedagogical insights and moral values that can play a pivotal role in the development of individuals and communities. Furthermore, the study stresses the importance of integrating Prophetic guidance into modern educational frameworks to cultivate a generation capable of navigating contemporary challenges while remaining deeply rooted in their faith and committed to serving both religion and nation.
Keywords: Educational implications, Prophetic Hadiths, simile, parables, Muslim.
المقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على هادي الأنام، صاحب الرسالة الخالدة، والنبوة الخاتمة، المُربِّي الأول والمُوجه الأمثل الذي بُعث رحمة للعالمين، كما ذكر الحق -جل وعلا- في كتابه العظيم: وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ إِلَّا رَحۡمَةٗ لِّلۡعَٰلَمِينَ ١٠٧الأَنبِيَاء : .
تُعد السنة المطهرة المصدر الثاني للتشريع الإسلامي، فجاءت الأحاديثُ النبويةُ مُبينةً لتشريعات القرآن الكريم، ومُقيدةً لعمومه، ومُفصلةً لأحكامه، ومُربيةً للأمة الإسلامية، ولقد اتخذ النبي -صلى الله عليه وسلم- أساليب ووسائل متنوعة؛ ليُعلم الناس ويُربيهم مُراعيًا أحوالهم، وتفاوت مداركهم، واختلاف شخصياتهم، ومدى تقبُّلهم، وَلِيغرس في قُلوبهم دعائم الدين القويم، “فالمنهج النبوي التربوي أحدث ثورةً شاملةً وعميقةً في نفوس Keywords: (Educational implications, Prophetic Hadiths, simile, parables, Muslim)
الصحابة الكرام معتمدًا على طرقٍ وأساليب متنوعة في التربية والتعليم تُنافس أحدث فتوحات العصر النفسية والتربوية” (Kanaan، 1441، ص 868). ومن تلك الأساليب التشبيه وضرب المثل.
حيث يُعتبر التشبيه من أبرز الأساليب التربوية البليغة التي تجذب السامع، وتُبرز المعنى في صورةٍ حسيةٍ واضحةٍ مُقربةٍ من الأذهان؛ ليفهمها الانسان ويعقلها فيعمل بمُقتضى ما تحمله من معاني، “فهذا الأُسلوب يقوم على القياس والتشبيه والمماثلة والمحاكاة، ويُوظف العقل والوجدان ويُربيهما على القيمة المطروحة في المثل” (الميمان، والسالوس، 1435، ص238). كما أن “التشبيه التمثيلي في النص النبوي الشريف، لم يكن هو الغاية وإنما دائما يبقى وسيلة إيضاح للمعاني والكشف عنها وتقريبها من الأذهان والعقول” (مرزوقي،1440، ص 220)، حيث أن المطلع على الأحاديث النبوية التي ورد فيها تشبيه المُسلم بتشبيهات مُختلفة، يجد أنها تحوي مضامين تربوية مُتنوعة، كيف وقد خصه الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم، بتشبيهات مُعينة دقيقة دون غيرها، فشبهه (بالنخلة، والأترجة، والنحلة، وغيرها)، ولهذه الألفاظ دلائل إعجازية، ولا عجب في اختياره لها في التمثيل، فهو من أُوتي البلاغة وجوامع الكلم، وخُصَّ ببدائع الحكم، كما قال -صلى الله عليه وسلم- عن نفسه: (بُعثت بجوامع الكلم، …) (البخاري،1422، [9/ 91]، ح:7267). فتربَّت الأمة الإسلامية على يديه خير تربية، وكانت خير أمة أخرجت للناس كما ذكر الله -جل جلاله– في كتابه العزيز: كُنتُمۡ خَيۡرَ أُمَّةٍ أُخۡرِجَتۡ لِلنَّاسِ تَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَتَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَتُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِۗ وَلَوۡ ءَامَنَ أَهۡلُ ٱلۡكِتَٰبِ لَكَانَ خَيۡرٗا لَّهُمۚ مِّنۡهُمُ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَأَكۡثَرُهُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ ١١٠آل عِمۡرَان.
فالمُسلم له عند الله مكانة عظيمة، فهو من حرم الله دمه وماله وعرضه، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (…. كل المُسلم على المُسلم حرامٌ دمه وماله وعرضه) (مسلم،1374، [4/ 1986]، ح: 2564)، وهو من تصبَّغ بصبغة الإسلام التي فطر الله الناس عليها، ومن شمله تسمية الرب -جل جلاله-، هو سماكم المُسلمين، قال الله تعالى: وَجَٰهِدُواْ فِي ٱللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِۦۚ هُوَ ٱجۡتَبَىٰكُمۡ وَمَا جَعَلَ عَلَيۡكُمۡ فِي ٱلدِّينِ مِنۡ حَرَجٖۚ مِّلَّةَ أَبِيكُمۡ إِبۡرَٰهِيمَۚ هُوَ سَمَّىٰكُمُ ٱلۡمُسۡلِمِينَ مِن قَبۡلُ وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ ٱلرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيۡكُمۡ وَتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِۚ فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ وَٱعۡتَصِمُواْ بِٱللَّهِ هُوَ مَوۡلَىٰكُمۡۖ فَنِعۡمَ ٱلۡمَوۡلَىٰ وَنِعۡمَ ٱلنَّصِيرُ ٧٨ الحَج.
وفي ضوء ما تقدم، فإن هذه الدراسة تناولت ما تحمله أحاديث تشبيه المسلم من مضامين تربويةٍ حريٌّ على المُسلم الوقوف عليها؛ لتترجمها إلى واقعٍ حسيٍ يُطبق في المجتمع، بدايةً من الأسرة ثم المدرسة والمسجد فوسائل الاعلام؛ بحيث تكون عونًا للمُربين في المجالات المُختلفة على تربية النشء الصالح المُساهم في استخلاف الأرض وعمارتها؛ لتحقيق خيري الدنيا والآخرة، فجاءت بعنوان: المضامين التربوية في الأحاديث النبوية التي ورد فيها تشبيه المُسلم وتطبيقاتها المعاصرة.
مشكلة الدراسة:
تزداد أهمية البحث التربوي عن القيم والمبادئ الإسلامية في العصر الحاضر، حيث اضطربت المفاهيم، وتأثرت الأفكار في ظل العولمة، فكان لابد من الرجوع إلى المصادر الأصلية، وإبراز ما فيها من الجوانب التربوية التي تُسهم في بناء المُسلم وتصقل شخصيته.
وقد نصت نتائج دراسة ( Kanaan ،1441)، إلى “تميز طريقة التربية بالتشبيه وضرب الأمثال بجُملة من الضوابط التي أعطتها حيوية وتنوعا، بحيث أخرجت أجيال من أبناء الأُمة المسلمة ممن تحلَّو بأعلى درجات الخُلق القويم، والعمل المتقن”، كما ذكر “أن المنهج النبوي يتضمن جُملة من المبادئ والطرُق التربوية التعليمية الفاعلة التي ينبغي على الباحثين المُتخصصين في علوم النفس والتربية مُدارستها وفق ثوابت الرؤية الإسلامية الرشيدة”، وجاء في نتائج دراسة (الداية،1435)، إلى “احتواء أحاديث الحكم والأمثال النبوية على كثير من القيم التربوية الصالحة والكفيلة بتربية المسلم في جميع علاقاته سواء مع ربه أو نفسه أو مجتمعه”، كذلك أسفرت نتائج دراسة (القرشي،1417)،”أن الأمثال النبوية تضمنت العديد من الوسائل التربوية، مثل الترغيب والترهيب، والتكرار والقصة وغير ذلك من الوسائل التربوية الأخرى”، وكشفت نتائج دراسة (الزهراني،1432)، إلى “أن السُّنة النبوية تُعتبر مصدر وقاعدة البيانات لشتى العلوم والمعارف ومن ذلك علم التربية والتزكية”. بناءً على ما سبق، سعت الباحثةُ لدراسة الأحاديث النبوية التي ورد فيها تشبيه المُسلم، واستنباط المبادئ والقيم التربوية منها، وذلك؛ “لدور الأُسلوب اللُّغوي والبلاغي في تأثير تلك الأمثال على المُتلقي” كما أشارت إليها نتائج دراسة (ابن شيحان،1439). وفي ضوء ذلك، فإن السؤال الرئيس الذي ستجيب عنه هذه الدراسة: ما المضامين التربوية في الأحاديث النبوية التي ورد فيها تشبيه المُسلم وتطبيقاتها المُعاصرة؟
ويتفرع عن هذا السؤال الأسئلة التالية:
السؤال الأول/ ما الإطار المعرفي للدراسة؟
السؤال الثاني/ ما المضامين التربوية في الأحاديث النبوية التي ورد فيها تشبيه المسلم بالنبات وتطبيقاتها المعاصرة؟
السؤال الثالث / ما المضامين التربوية في الأحاديث النبوية التي ورد فيها تشبيه المسلم بالحيوان وتطبيقاتها المعاصرة؟
أهداف الدراسة:
تهدف هذه الدراسة للكشف عن:
1/ المضامين التربوية في الأحاديث النبوية التي ورد فيها تشبيه المسلم بالنبات وتطبيقاتها المعاصرة.
2/ المضامين التربوية في الأحاديث النبوية التي ورد فيها تشبيه المسلم بالحيوان وتطبيقاتها المعاصرة.
أهمية الدراسة:
- ارتباط الموضوع بالسُّنة النبوية، فهي المصدر التشريعي الثاني للتربية الإسلامية، والمُفصل لأحكام القرآن الكريم، والمُطبق العملي له.
- أهمية البحث التربوي في السُنَّة النبويَّة؛ نظرًا “لكثرة المُجترئين عليها، والذين يُنادون بتنحية الحديث الشريف والاكتفاء بالقرآن الكريم وحده” (الصانع، 1432، ص76).
- إبراز جانب من الجوانب البلاغية في الأحاديث النبوية، وهو الإعجاز البياني، واستنباط القيم التربوية منها عبر الوقوف على ما تحويه من مضامين تربوية قيمة.
- تعزيز عناية التربية الإسلامية بالمُسلم؛ لتحقيق الخلافة في الأرض كما يُحب الله ويرضاه، في توجيه النشء بأهمية المُسلم، من خلال الوقوف على المضامين التربوية من الأحاديث النبوية التي ورد فيها تشبيه المُسلم، وتوجيه المؤسسات الاجتماعية المعنية بالتربية؛ لتحقيق التربية الإسلامية.
- إعانة الأُسرة المُسلمة على تربية النشء بغرس الفضائل، والتحذير من الرذائل المُتضمنة في الأحاديث التي ورد فيها تشبيه المُسلم.
- تزويد معلمي الحديث والبلاغة بالمضامين التربوية؛ للوقوف على المواقف التربوية عند التدريس.
حدود الدراسة:
اقتصرت الدراسة الحالية على:
- أحاديث (الأمثال النبوية) التي ورد فيها تشبيه المُسلم وأطرافها من الكتب الستة، ومسند الامام أحمد.
- عدد الأحاديث التي ورد فيها تشبيه المُسلم (ثمانية) أحاديث بدون الأطراف. في صحيح البخاري (أربعة) أحاديث، وفي صحيح مسلم (حديثين)، وفي مسند الامام أحمد (حديثين).
- الأحاديث النبوية التي ورد فيها تشبيه المسلم (بالنبات، بالحيوان).
منهج الدراسة:
اعتمدت الدراسة الحالية على منهجين (المنهج الوصفي، والمنهج الاستنباطي)، ويُعرَّف المنهج الوصفي بأنه: ” دراسة الواقع ويهتم بوصفها وصفا دقيقا ويعبر عنها تعبيرا كيفيا أو تعبيرا كميا” (عبيدات وآخرون، 2015، ص180)، وتم توظيفه في جمع الأحاديث النبوية التي ورد فيها تشبيه المُسلم، وشرحها، وفي جمع المعلومات عن التشبيه وما كُتب في الإطار النظري للدراسة.
كما اعتمدت الدراسة على المنهج الاستنباطي، ويُعرَّف بأنه: ” الطريقة التي يقوم فيها الباحث ببذل أقصى جهد عقلي ونفسي عند دراسة النصوص بهدف استخراج مبادئ تربوية مدعمة بالأدلة الواضحة” (عبد الله، وفودة، 1403، ص43)، وتم توظيفه في استنباط المضامين التربوية من الأحاديث النبوية التي ورد فيها تشبيه المُسلم، ثم بيان طريقة تطبيقاتها المُعاصرة.
مصطلحات الدراسة:
- (المضامين)
المضامين لغةً: مأخوذة من مادة (ضمن)، و”الضمين: الكفيل. وضمن الشيء وبه ضمنًا وضمانًا: كفل به. وضمنه إياه: كفله” (ابن منظور، 1414، ص257). وقيل: “مضمون الشيء محتواه، ومضمون الكتاب: مادته، ومضمون الكلام: ما يُفهم منه” (صليبيا، 1982، ص386).
المضامين اصطلاحًا: “كافة المغازي، والأنماط، والأفكار، والقيم، والممارسات التربوية التي تتم من خلال العملية التربوية لتنشئة الأجيال المختلفة عليها؛ تحقيقا للأهداف التربوية المرغوب فيها” (الغامدي، 1401، ص40).
التعريف الإجرائي للمضامين: المبادئ والتوجيهات والقيم التربوية التي جاءت في الأحاديث النبوية التي ورد فيها تشبيه المُسلم، وكيفية تطبيقها في المؤسسات التربوية.
- (التربوية)
مأخوذة من التربية: والتربية لغةً: قال ابن منظور: “الرباني من الرب، بمعنى التربية. وقال ابن الأعرابي: الرباني العالم المعلم الذي بغذو الناس بصغار العلم قبل كبارها. ورب الشيء إذا أصلحه. وربَّبَها: نماها، وزادها، وأتمها وأصلحها” (ابن منظور، 1414، ص404).
التربية اصطلاحًا: عرفها (أبو دف، 1422)، بأنها: “عملية منهجية مُتدرجة، تهدف إلى تنشئة وتكوين الانسان الصالح، وفقا لغاية الخلق” (ص3).
التعريف الإجرائي للتربية: عملية شاملة مستمرة، منهجية ومتدرجة، تهدف إلى بناء وتكوين الانسان الصالح من جميع جوانبه الشخصية، لينال خيري الدنيا والآخرة.
- (التشبيه)
التشبيه لغةً: ورد في لسان العرب: “الشِّبْه، والشَّبَه، والشبيه: المثل، والجمع أشباه. وأشبه الشيءُ الشيء: ماثله. وفي المثل: من أشبه أباه ما ظلم” (ابن منظور، 1414، ص 503).
التشبيه الاصطلاحي عند البيانيين: “الدلالة على مشاركة شيءٍ لشيءٍ في معنىً من المعاني أو أكثر على سبيل التطابق أو التقارب لغرض ما” (الميداني، 1416، ص161).
ويعرفها الصعيدي (1426) بأنها: “الدلالة على مشاركة أمر لآخر في المعنى” (ص384).
أما التعريف الاجرائي: فتتبنى الباحثة تعريف الميداني (1416): “الدلالة على مشاركة شيء لشيء في معنىً من المعاني أو أكثر على سبيل التطابق أو التقارب لغرض ما” (ص161).
- (التطبيقات التربوية)
التطبيق لغةً: التطبيق في الصلاة: جعل اليدين بين الفخذين في الركوع، وتطبيق الفرس: تقريبه في العدو، وطبق الغيم تطبيقا: إذا أصاب بمطره جميع الأرض. يقال: سحابة مطبقة (الجوهري،1407، ص1512).
التطبيق اصطلاحاً: تطبيق الشيء على الشيء: جعله مطابقا له بحيث يصدق عليه (الكفوي، 1419، ص105).
التعريف الاجرائي: الطُّرق والوسائل المُعينة على التطبيق العملي للقيم والمبادئ المُستنبطة من الأحاديث النبوية التي ورد فيها تشبيه المُسلم، وتصبح مُمارسات وسلوكيات تُطبقها المُؤسسات الاجتماعية في واقع الحياة.
الدراسات السابقة:
دراسة Ulum)،1442) بعنوان: الأغراض البلاغية في التشبيهات النبوية من الأحاديث الصحيحة، والتي هدفت إلى كشف أغراض التشبيه التي تتضمن في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم الصحيحة، مع إظهار فصاحة لسانه، وروعة تعبيره، والكشف عن أسراره، والأحاديث مأخوذة من كتاب اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان، واعتمدت الدراسة على المنهج الوصفي التحليلي، وكان من أبرز نتائجها: أن التشبيه في الأحاديث النبوية تحتوي على معظم أغراض التشبيه في علم البلاغة، ووهي بيان إمكان وجود التشبيه، وبيان حاله، وتقرير حاله، وبيان مقداره، وتحسين المشبه وتقبيحه.
دراسة ( Kanaan،1441)، بعنوان: ضوابط طريقة التربية بالتشبيه وضرب الامثال وتطبيقاتها في المنهج التربوي النبوي، والتي هدفت إلى تأصيل بعض ضوابط طريقة التربية بالتشبيه وضرب الأمثال وتطبيقاتها في المنهج النبوي ثم تحليلها، وذلك في ضوء النصوص الواردة في السنة المطهرة، واعتمدت الدراسة على المنهج التوثيقي التأصيلي والمنهج الوصفي التحليلي عبر أداتي الاستقراء والاستنتاج، وكان من أبرز نتائجها أن المنهج النبوي التربوي أحدث ثورة شاملة وعميقة في نفوس الصحابة الكرام معتمدا على طرق وأساليب متنوعة في التربية والتعليم تنافس أحدث فتوحات العصر النفسية والتربوية، كما وثقت الدراسة تميز طريقة التشبيه وضرب الأمثال بجملة من الضوابط التي أعطتها حيوية وتنوعًا بحيث أسهمت في تخريج أجيال من أبناء الأمة المسلمة ممن تحلو بأعلى درجات الخلق الكريم والعمل المتقن.
دراسة (مرزوقي،1440) بعنوان: التشبيه التمثيلي في الحديث النبوي الشريف، وأثره في بيان المعاني، والتي هدفت إلى تناول التشبيه التمثيلي في أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم وأثرها في بيان المعاني من حيث مفاهيمها وتحديد معانيها، واعتمدت الدراسة على المنهج التحليلي، وكان من أبرز نتائجها: أن التمثيل النبوي تترادف وتتزاحم فيه المعاني، حيث يمكن أن يكون كل تمثيل موضوعًا لدراسات بلاغية تجتمع فيه الأساليب المختلفة في البلاغة العربية، كما بيَّنت أن وجه الشبه في التمثيل النبوي الشريف في الغالب يكون أعرف في المشبه به، مما يجعل الصورة التمثيلية أكثر وضوحًا، تتفق مع الذوق السليم، وتكون أكمل وأتم عند إرادة الصفات، وتقريرها في المشبه.
دراسة (ابن شيحان،1439)، بعنوان: القيم التربوية المستنبطة من الأمثال العربية من الناحية الموضوعاتية، والتي هدفت إلى الكشف عن القيم التربوية في الأمثال العربية، وتناولت القيم التربوية المستنبطة من الأمثال العربية من الناحية الموضوعاتية، والمتمثلة في القيم المتعلقة بالتكاتف الاجتماعي وبحفظ اللسان، والقيم المتعلقة بحسن التدبير والتخطيط مثل الاستفادة من أهل الخبرة والصنعة ووضع الأمور في مواضعها. كما تطرقت الدراسة إلى الجانب البنائي لتكشف الجوانب الأسلوبية في بنية الأمثال ودورها في إكساب التأثير وتداول المثل بعده جنسا أدبيا مستقلا وتتمثل هذه الأمثال في الإيجاز والتوكيد والصورة البيانية والإيقاع والتضاد والتقديم والتأخير والنداء والنفي والنهي، وأفعل التفضيل. واعتمدت الدراسة على المنهج الوصفي والاستنباطي، وكان من أبرز نتائجها: اشتمال كثير من أمثال العرب على الحث على القيم المفيدة للمجتمع، كما أشارت النتائج إلى دور الأسلوب اللغوي والبلاغي في تأثير تلك الأمثال على المتلقي.
دراسة (الداية ،1435) بعنوان: القيم التربوية المتضمنة في أحاديث الحكم والأمثال النبوية ودور معلمي التربية الإسلامية في تعزيزها لدى طلبتهم، والتي هدفت إلى التعرف على القيم التربوية المتضمنة في أحاديث الحكم والأمثال النبوية، ثم قياس دور معلمي التربية الإسلامية في تعزيزها لدى طلبتهم، ووضع صيغة مقترحة لتفعيل هذا الدور، اعتمدت الدراسة أسلوب تحليل المحتوى، والمنهج الوصفي، التحليلي، والمنهج البنائي، كما استخدمت الباحثة ثلاث أدوات: الأولى: بطاقة تحليل محتوى لأحاديث الحكم والأمثال النبوية، والثانية: أداة الاستبانة لقياس درجة ممارسة معلمي التربية الإسلامية لدورهم، في تعزيز القيم المتضمنة أحاديث الحكم والأمثال النبوية لدى طلبتهم ، وكان من أبرز نتائجها: احتواء أحاديث الحكم والأمثال النبوية على كثير من القيم التربوية الصالحة والك فيلة بتربية المسلم في جميع علاقاته سواء مع ربه أو نفسه أو مجتمعه، كما قدمت الدراسة صيغة مقترحة يمكن تطبيقها لتفعيل دور معلمي التربية الإسلامية في تعزيز القيم التربوية المتضمنة في أحاديث الحكم والأمثال النبوية.
دراسة (سعيد، 1435) بعنوان: القيم التربوية والإيمانية للأمثال القرآنية، والتي هدفت إلى استخراج القيم التربوية والإيمانية للأمثال القرآنية دراسة موضوعية استنباطيةً؛ وذلك لأهمية الأمثال القرآنية في المجتمع المسلم، وأثرها في حياة الفرد والمجتمع. وكان الهدف من هذه الدراسة بيان أهمية الأمثال القرآنية فهي أعظم الأساليب التي اعتنت بها العرب في تقريب المعاني وإبرازها ، وسرعة تفهيم المخاطب، وإيصال المعنى المراد له ، واستخلاص الفوائد التربوية والايمانية المعينة على إصلاح النفوس وتهذيبها من خلال إبراز القدوة الحسنة، والتحذير من القدوة السيئة، واعتمدت الدراسة على المنهج الاستنباطي، وكان من أبرز نتائجها: أن للأمثال القرآنية أثرا في حياة الفرد والمجتمع، فيستفاد منها التذكير، والوعظ، والحث، والزجر، والاعتبار، والتقرير، وإقامة الحجة، وتقريب المعقول وجعله في صورة حسية، وشحذ ذهن المخاطب للتفكر والتذكر، كما أبرزت ما تضمنته الأمثال القرآنية الواردة في المنافقين والكافرين والمشركين من صور حسية وذلك بغرض ذكر قبائح الباطل والتنفير منه .
دراسة (أحمد،1433) بعنوان: القيم التربوية للأمثال الواردة في الأحاديث النبوية في صحيحي البخاري ومسلم، والتي هدفت إلى استنباط القيم التربوية للأمثال الواردة في الأحاديث النبوية في صحيحي البخاري ومسلم، واعتمدت الدراسة على المنهج الاستنباطي، والمنهج الوصفي، وكان من أبرز نتائجها: اشتمال صحيحي البخاري ومسلم على كثير من الأمثال المتضمنة للقيم التربوية القائمة على هدى الإسلام، وكذلك أوضحت الدراسة أن الأمثال في القرآن الكريم والسنة ضربت بهدف تبيان وإيضاح ما جاء في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، كما بيّنت الدراسة الأبعاد التربوية لهذه القيم ودلالاتها السلوكية.
دراسة (عطية، 1432) بعنوان: أمثال المؤمن في الحديث النبوي، والتي هدفت إلى جمع الأحاديث النبوية التي ورد فيها تشبيه المؤمن بمثال ما، وإخراجها إخراجا مفصلا من كتب السنة، وشرح غريبها، وبيان أوجه الشبه في الحديث بالاعتماد على شروح الحديث وكتب الأدب، واعتمدت الدراسة على المنهج الوصفي، وكان من أبرز نتائجها: أن ضرب الأمثال من ألوان البيان وله فوائد عدة منها تصوير المعاني بصورة الأشخاص؛ لأنها أثبت في الأذهان، وتأثيره كبير على النفس؛ لأن النفس تأنس بالنظائر والأشبه ويسهل تداولها لقلة ألفاظها، كما بينت الدراسة تشبيه الرسول -صلى الله عليه وسلم- المُسلم بعدد من الأمثال والتشبيهات، منها: النخلة، والأترجة، وخامة الزرع، والنحلة، والفرس، وقطعة الذهب، والسنبلة، والحديدة، والعطَّار.
التعليق على الدراسات السابقة:
أوجه الشبه:
تتشابه الدراسة الحالية مع دراسة (عطية، 1432). في تناولها أمثال المؤمن في الحديث النبوي، كما تشابهت مع دراسة (Ulum،1442)، ودراسة (Kanaan ،1441)، ودراسة (مرزوقي،1440)، ودراسة (الداية،1435). في أنها تناولت التشبيه وضرب الأمثال في الأحاديث النبوية، وأيضا تتشابه مع دراسة (ابن شيحان،1439)، ودراسة (سعيد،1435)، ودراسة (أحمد،1433). في أنها تناولت الأمثال، وكذلك تتشابه الدراسة الحالية مع دراسة (ابن شيحان،1439)، ودراسة (سعيد، 1435)، ودراسة (أحمد، 1433). في أنها استخدمت المنهج الاستنباطي، كما تتشابه مع دراسة (Ulum،1442)، ودراسة (Kanaan ،1441)، ودراسة (ابن شيحان،1439)، ودراسة (الداية،1435)، ودراسة (عطية، 1432). في أنها استخدمت المنهج الوصفي.
أوجه الاختلاف:
تختلف الدراسة الحالية عن دراسة (Ulum،1442)، ودراسة (مرزوقي،1440). في أن هاتين الدراستين تناولت موضوع التشبيه دراسة بلاغية، وتختلف مع دراسة (Kanaan ،1441). في أن هذه الدراسة تناولت ضوابط التربية بالتشبيه وضرب الأمثال في المنهج النبوي، كما تختلف عن دراسة (ابن شيحان،1439). في أنها تناولت القيم التربوية في الأمثال العربية، وتختلف عن دراسة (سعيد،1435). في أنها تناولت الأمثال في القرآن الكريم، بينما الدراسة الحالية ستتناول المضامين التربوية للأحاديث التي ورد فيها تشبيه المسلم، وكذلك تختلف عن دراسة (الداية، 1435) في أنها تناولت القيم التربوية بينما الدراسة الحالية ستتناول المضامين التربوية عامة، أيضا الدراسة السابقة تناولت أحاديث الحكم والأمثال النبوية، بصفة عامة، بينما هذه الدراسة تختص بتشبيه المسلم، وكذلك تختلف الدراسة السابقة عن الدراسة الحالية في أنها دراسة ميدانية بينما هذه الدراسة وثائقية استنباطية، وأيضا تختلف مع دراسة (أحمد،1433). في أنها تناولت أحاديث الأمثال بصفة عامة، بينما الدراسة الحالية تختص بأحاديث تشبيه المسلم، كما أن الدراسة السابقة تختص في القيم، والدراسة الحالية ستتناول المضامين عامة، وفي الوقت ذاته فالدراسة الحالية اهتمت بدراسة المضامين التربوية في كل كتب السنة بينما اقتصرت الدراسة السابقة على صحيحي البخاري ومسلم، كما تختلف مع دراسة (عطية، 1432)، في أنها تناولت دراسة أمثال المؤمن في الحديث النبوي دراسة حديثية من حيث جمع الأحاديث والتأكد من صحة سندها وشرحها وبيان أوجه الشبه من كل حديث، أما الدراسة الحالية دراسة تربوية تهدف إلى استنباط المضامين التربوية من الأحاديث النبوية التي ورد فيها تشبيه المسلم.
استفادة الدراسة الحالية من الدراسات السابقة:
استفادت الدراسة من دراسة Ulum) ،1442)، ودراسة (Kanaan ،1441)، ودراسة (مرزوقي،1440)، في وضع تصور للإطار النظري، كما استفادت من دراسة (عطية، 1432)، في جمع الأحاديث النبوية التي ورد فيها تشبيه المسلم، وأيضا استفادت الدراسة الحالية مما توصلت إليه نتائج وتوصيات دراسة (Kanaan ،1441)، ودراسة (مرزوقي،1440)، ودراسة (ابن شيحان،1439)، ودراسة (الداية،1435)، وكذلك استفادت من المراجع العلمية التي رجعت إليها الدراسات السابقة.
الفصل الثاني
التشبيه
المبحث الأول: التشبيه.
التشبيه فنٌ من الفنون البلاغية في علم البيان، وأسلوبٌ مهمٌ من الأساليب التربوية البليغة، فالتشبيه مُرادف لضرب الأمثال، وقد ورد ذكره في مواطن كثيرة من القرآن الكريم، يقول الله تعالى: وَتِلۡكَ ٱلۡأَمۡثَٰلُ نَضۡرِبُهَا لِلنَّاسِۖ وَمَا يَعۡقِلُهَآ إِلَّا ٱلۡعَٰلِمُونَ ٤٣العَنكَبُوت : ﵔ. فكانت هناك الأمثال المتنوعة، كما في قول الله تعالى: مَثَلُهُمۡ كَمَثَلِ ٱلَّذِي ٱسۡتَوۡقَدَ نَارٗا فَلَمَّآ أَضَآءَتۡ مَا حَوۡلَهُۥ ذَهَبَ ٱللَّهُ بِنُورِهِمۡ وَتَرَكَهُمۡ فِي ظُلُمَٰتٖ لَّا يُبۡصِرُونَ ١٧البَقَرَةِ : ، وذلك في وصف المُنافقين، وقال سبحانه في وصف الكافرين: مَّثَلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمۡۖ أَعۡمَٰلُهُمۡ كَرَمَادٍ ٱشۡتَدَّتۡ بِهِ ٱلرِّيحُ فِي يَوۡمٍ عَاصِفٖۖ لَّا يَقۡدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَىٰ شَيۡءٖۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلضَّلَٰلُ ٱلۡبَعِيدُ ١٨إِبۡرَاهِيم : . وأيضًا في وصف المؤمنين، يقول تعالى: وَٱلۡبَلَدُ ٱلطَّيِّبُ يَخۡرُجُ نَبَاتُهُۥ بِإِذۡنِ رَبِّهِۦۖ وَٱلَّذِي خَبُثَ لَا يَخۡرُجُ إِلَّا نَكِدٗاۚ كَذَٰلِكَ نُصَرِّفُ ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يَشۡكُرُونَ ٥٨الأَعۡرَاف : . وكذلك في السُّنة النّبوية، حيث كان أسلوب التشبيه بارزًا في التوجيه النبوي، حيث يحمل دلالات عديدة في كلمةٍ واحدة، من ذلك تشبيه الرسول -صلى الله عليه وسلم- المؤمن بالنخلة، حيث قال: «إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً لاَ يَسْقُطُ وَرَقُهَا، وَإِنَّهَا مَثَلُ المُسْلِمِ، حَدِّثُونِي مَا هِيَ» قَالَ: فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ البَوَادِي قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ، فَاسْتَحْيَيْتُ، ثُمَّ قَالُوا: حَدِّثْنَا مَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: (هِيَ النَّخْلَةُ). (البخاري، 1422، [1/ 22]، ح: 62)، وغيرها الكثير من أمثال القرآن الكريم والسُّنة المطهرة، ممَّا يُجسد الصورة غير المحسوسة في الصورة المحسوسة بطريقةٍ جماليةٍ بديعة، تُحرك العقول لمضمون المثل فيُعتبر به.
المطلب الأول: مفهوم التشبيه لغةً واصطلاحًا.
التشبيه في اللغة: يُطلق ويُراد به أحد معنيين: الأول: المماثلة.
فالتشبيه في اللغة يحمل معنى التمثيل: وهو المماثلة والاشتراك في صفة أو أكثر، ويأتي بمعنى الالتباس: أي التداخل والاشتباه بالاشتراك في معنى من المعاني فلم يستطع التفريق بينهما.
التشبيه اصطلاحًا.
1/ في اصطلاح البلاغيين:
ذكر الرماني (د. ت)، معنى التشبيه: هو العقد على أن أحد الشيئين يسد مسد الآخر في حس أو عقل، ولا يخلو التشبيه من أن يكون في القول أو النفس (ص74)، وعرَّفه الميداني (1416)، التشبيه بأنه: الدلالة على مشاركة شيء لشيء في معنى من المعاني أو أكثر على سبيل التطابق أو التقارب لغرض ما” (ص161)، وذكر عبد الرزاق (2006)، معنى التشبيه بأنه: “الدلالة على مشاركة أمر لأمر في معنى بإحدى أدوات التشبيه لفظا وتقديرا” (ص17).
2/ التشبيه في اصطلاح التربويين:
للتشبيه مرادف آخر اشتهر به عند التربويين وهو (ضرب المثل)، فالأشباه والأمثال ” هي طريقة تعتمد على تقريب معقول من محسوس، أو محسوس من أكثر منه حسًا ووضوحا” (أبو العينين، 1410، ص237)، فهي ” طريقة تقوم على أساس القياس والتشبيه والمماثلة؛ لتمثيل الأشياء غير المادية وغير المنظورة بحيث تُصبح في متناول الانسان ليفهمها ويتدبرها” (الميمان، السالوس، 1435، ص238). كما في قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (مَثَلُ المُؤْمِنِ كَمَثَلِ خَامَةِ الزَّرْعِ يَفِيءُ وَرَقُهُ مِنْ حَيْثُ أَتَتْهَا الرِّيحُ تُكَفِّئُهَا، فَإِذَا سَكَنَتِ اعْتَدَلَتْ، وَكَذَلِكَ المُؤْمِنُ يُكَفَّأُ بِالْبَلاَءِ، وَمَثَلُ الكَافِرِ كَمَثَلِ الأَرْزَةِ صَمَّاءَ مُعْتَدِلَةً حَتَّى يَقْصِمَهَا اللَّهُ إِذَا شَاءَ) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التوحيد، باب في المشيئة والإرادة. (9/ 137)، ح: (7466).
ويعرف (محمد، 2019) المثل النبوي بأنه: “ما كان لفظ المثل فيه صريحًا أو كامنًا؛ لإبراز المعقول في صورة المحسوس (ص287)، مثل قوله -صلى الله عليه وسلم-: (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى) (مسلم، د. ت، [4/ 1999]، ح: 2586).
المطلب الثاني: أركان التشبيه
ذكر (الهاشمي، د. ت)، أركان التشبيه الأربعة وهي:
1/ المُشبه: وهو الأمر الذي يراد إلحاقه بغيره، ففي الأحاديث النبوية التي ورد فيها تشبيه المُسلم بالنبات وبالحيوان، ظهرت فيها أركان التشبيه الأربعة، (فالمُشبه) هو المُسلم.
2/ المُشبه به: هو الأمر الذي يلحق به المشبه. وفي الأحاديث النبوية التي ورد فيها تشبيه المُسلم بالنبات وبالحيوان، (المُشبه به): (بالنخلة، والأترجة، والتمرة، وخامة الزرع، والفرس الآخيِّة، والنحلة)، وقد تعددت أوصاف تشبيه المُسلم.
ويُسمى (والمُشبه والمُشبه به) طرفا التشبيه، وينقسم التشبيه باعتبار طرفيه إلى أقسام عدة، تم ذكرها في المطلب التالي.
3/ وجه الشبه: هو الوصف المشترك بين الطرفين، ويكون المشبه به، أقوى منه في المشبه _ وقد يذكر وجه الشبه في الكلام، وقد يحذف. فمثلًا: في قول النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (مَثَلُ الْمُؤْمِنِ وَمَثَلُ الْإِيمَانِ، كَمَثَلِ الْفَرَسِ فِي آخِيَّتِهِ يَجُولُ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى آخِيَّتِهِ، وَإِنَّ الْمُؤْمِنَ يَسْهُو، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى الْإِيمَانِ، فَأَطْعِمُوا طَعَامَكُمُ الْأَتْقِيَاءَ، وَأَوْلُوا مَعْرُوفَكُمُ الْمُؤْمِنِينَ) (ابن حنبل، [18/ 86]، ح: 11562). (يَجُولُ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى آخِيَّتِهِ، وَإِنَّ الْمُؤْمِنَ يَسْهُو، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى الْإِيمَانِ).
4/ أداة التشبيه: هي اللفظ الذي يدل على التشبيه، ويربط المُشبه بالمُشبه به، وقد تذكر أداة التشبيه، وقد تحذف. وجميع الأحاديث التي ورد فيها تشبيه المُسلم ظهرت فيها (أداة التشبيه)، وتنوعت بين (مثل) و(الكاف) و (كمثل).
المطلب الرابع: مقاصد التشبيه
1/ إفادته للبلاغة.
في تقرير المشبه، بصورة المشبه به، أو بمعناه. فيستفاد من ذلك البلاغة فيما قصد به من التشبيه على جميع وجوهه من مدح، أو ذم، أو ترغيب، أو ترهيب، أو كبر، أو صغر، أو غير ذلك من الوجوه التي يقصد بها التشبيه، فكلما كان الإغراق في التشبيه، والإبعاد فيه، وكونه متعذر الوقوع والحصول، كان أدخل في البلاغة، وأوقع فيها، كقوله تعالى: وَلَهُ ٱلۡجَوَارِ ٱلۡمُنشَـَٔاتُ فِي ٱلۡبَحۡرِ كَٱلۡأَعۡلَٰمِ ٢٤الرَّحۡمَٰن . فشبه السفن الجارية على ظهر البحر بالجبال، في كبرها وفخامة أمرها على جهة المبالغة (العلوي،1423، ص142). فالتشبيه من الفائدة البلاغية، فيه بيان الإمكان والحال والمقدار والتقرير (الدسوقي، د. ت، ص156). وبيان إمكان الشبه، المقصود به: أن وجود الشبه ممكن، وذلك في كل أمر غريب يمكن أن يخالَف فيه، ويدعي امتناعه، كقول أبي الطيب: فإن تَفُقِ الأنام وأنت منهم … فإن المسك بعض دم الغزال (الصعيدي، 1426، ص413).
وأما بيان حال المشبه، فيقصد به: بيان وصفه الذي هو عليه، إذا كان غير معروف الصفة التي يراد إثباتها له، فالمخاطب يجهل ذلك المشبه به، لذلك يلحقه بمشبه به معروف عنده لبيان تلك الحال، كما في تشبيه ثوب بثوب آخر في السواد، إذا علم لون المشبه به دون المشبه (عبد الرزاق، 2006، ص18). وكذلك يقصد ببيان مقدار حال المشبه في القوة والضعف: وذلك إذا كان المشبه معلوما، معروف الصفة التي يُراد إثباتها له معرفة إجمالية قبل التشبيه، بحيث يراد من ذلك التشبيه، بيان مقدار نصيب المشبه من هذه الصفة، وذلك بأن يعمد المتكلم لأن يبين للسامع ما يعنيه من هذا المقدار، كتشبيه الماء بالثلج في البرودة (الهاشمي، د. ت، ص238). وفي تقرير حال المشبه، وتمكينه في ذهن السامع، بإبرازه فيما هو فيه أظهر، كما إذا كان ما أُسند إلى المشبه يحتاج إلى التثبيت والإيضاح فتأتي بمشبه حسي قريب التصور، يزيد معنى المشبه إيضاحًا، لما في المشبه به من قوة الظهور والتمام (المرجع السابق، ص238). وعليه قوله تعالى: ۞ وَإِذۡ نَتَقۡنَا ٱلۡجَبَلَ فَوۡقَهُمۡ كَأَنَّهُۥ ظُلَّةٞ وَظَنُّوٓاْ أَنَّهُۥ وَاقِعُۢ بِهِمۡ خُذُواْ مَآ ءَاتَيۡنَٰكُم بِقُوَّةٖ وَٱذۡكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ ١٧١الأَعۡرَاف : . فبيّن مالم تجر به العادة بما جرت به العادة (السبكي، 1423، ص80).
2/ تراد للإيجاز، واختصار اللفظ من تعديد الأوصاف الشبهية.
وهذا ظاهر، ومن الاختصار العجيب، والايجاز البليغ في التشبيه، قوله تعالى: وَٱضۡرِبۡ لَهُم مَّثَلَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا كَمَآءٍ أَنزَلۡنَٰهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ فَٱخۡتَلَطَ بِهِۦ نَبَاتُ ٱلۡأَرۡضِ فَأَصۡبَحَ هَشِيمٗا تَذۡرُوهُ ٱلرِّيَٰحُۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ مُّقۡتَدِرًا ٤٥الكَهۡف : . فاشتملت هذه الآية على أنواع التشبيهات، بحيث لو فصلت لاحتاجت إلى شرح، مع اختصاصها بجزالة اللفظ وبراعة النظم، وبلاغة المعاني وحسن السياق (العلوي، 1423، ص143). والتشبيه يُبرز المعنى في صورة واضحة، جلية محسوسة، مألوفة للنفس، في عبارات موجزة قوية مؤكدة (عبد الرزاق، 2006، ص21).
3/ تراد للبيان والإيضاح.
وهذه فائدة التشبيه الكبرى، فإنه يخرج المبهم إلى الإيضاح والمتلبس إلى البيان، ويكسوه حلة الظهور بعد خفائه، والبروز بعد الاستتار (العلوي،1423، ص 144). ومن المعقول إلى المحسوس، ومما تعلمه إلى ما هي به أعلم، بل ومما لم تألفه إلى ما ألفته، فمهما عبرت عن المعنى بعبارة تؤديه وتبالغ فيه فإنك لن تبلغ به ما يبلغه عن طريق التشبيه (عبد الرزاق، 2006، ص22). نحو ذلك قول الله تعالى: مَثَلُهُمۡ كَمَثَلِ ٱلَّذِي ٱسۡتَوۡقَدَ نَارٗا فَلَمَّآ أَضَآءَتۡ مَا حَوۡلَهُۥ ذَهَبَ ٱللَّهُ بِنُورِهِمۡ وَتَرَكَهُمۡ فِي ظُلُمَٰتٖ لَّا يُبۡصِرُونَ ١٧البَقَرَةِ : . (العلوي، 1423، ص144). “ففيها الكشف عن الحقائق، وعرض الغائب في معرض الحاضر” (عطية، 1427، ص131).
4/ إفادته في التربية:
“فهو وسيلة للإقناع لا يحتاج إلى إقامة الدليل والبرهان حيث إن المثل يقتصر على لفت النظر إلى الحقيقة عن طريق صور مشابهه ولو لم يشتمل على أية حجة” (المرجع السابق، 1427، ص131). فيفهمُها الانسان ويعقلها ويتدبر في معانيها، فهي أوقع في النفس، وأبلغ في الوعظ، كما أنها وسيلة للترغيب والترهيب، والإيضاح، والتشويق، والتوجيه. والتنكير، والمدح، والذمّ.
المطلب السادس: الخصائص الفنية للتشبيه في الحديث النبوي:
يذكر بعض الباحثين أنه اجتمع في أمثال الرسول -صلى الله عليه وسلم- أربعة أمور لم تجتمع في غيره، وهي إيجاز اللفظ، وجودة الكناية، وحُسن التشبيه، وإصابة المعنى (العسكر، 1431، ص110). ومن خصائص التشبيه الفنية ما يلي:
- مراعاته -صلى الله عليه وسلم- لأحوال المخاطبين، فكان يخاطب كل أحد بما يناسب حاله، وإدراكه، وواقعه، ويراعي المقامات والمواقف، والبلاغيون يقولون: إن البلاغة مطابقة الكلام لمقتضى الحال مع فصاحته (العسكر، 1431، ص86).
- الانتقاء اللفظي المناسب للمعاني، فألفاظه معبرة عن المعاني بدقة وإيحاء وحسن اختيار للألفاظ (دوادي، 1431، ص92)، فهي عادية تتسم بالطابع المألوف إلى جانب البعد عن الغرابة والتعقيد، مما يساعد على ظهور المعنى (مرزوقي، 2018، ص220).
- سهولة المعاني، ووضوح الألفاظ، فجمهور حديثه -صلى الله عليه وسلم- واضح العبارة، حلو الدبياجة، مشرق المعنى، مع قوة البناء (العسكر، 1431، ص 89)، “فهو يقوم على تجسيد المعاني وإبرازها في صورة محسوسة تتسم بالحركة والحياة، وتتحول فيها الظواهر السمعية، إلى ظواهر شمية” (مرزوقي، 2018، ص220). كما في قول رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: - (مَثَلُ المُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ الأُتْرُجَّةِ، رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا طَيِّبٌ، وَمَثَلُ المُؤْمِنِ الَّذِي لاَ يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ التَّمْرَةِ، لاَ رِيحَ لَهَا وَطَعْمُهَا حُلْوٌ، وَمَثَلُ المُنَافِقِ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ مَثَلُ الرَّيْحَانَةِ، رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ، وَمَثَلُ المُنَافِقِ الَّذِي لاَ يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ الحَنْظَلَةِ، لَيْسَ لَهَا رِيحٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ) (البخاري، 1422، [7/ 77]، ح:5427).
- التشويق، فالأسلوب النبوي في عرض التمثيلات مشوق في مضمونه، وفي أدواته التعبيرية، فقد حرص الرسول -صلى الله عليه وسلم – على هدي أمته بكل الوسائل المشروعة المشوقة بترغيبهم أو ترهيبهم، وأبرز المعاني في صور مشاهدة محسوسة لتتجلى أمام العقول، ويزداد الحرص على الامتثال والإجابة (المرجع السابق، 1431، ص98).
- توظيف الطبيعة بنوعيها: الطبيعة الحية (النبات، الحيوان)، والطبيعة الجامدة (المرجع السابق، 1431، ص102)، فمادة التشبيه التمثيلي في الحديث النبوي عادة مأخوذة من البيئة العربية، ومن عناصرها الحية والجامدة (مرزوقي، 2018، ص 219). ومن ذلك قول النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَثَلُ الْمُؤْمِنِ وَمَثَلُ الْإِيمَانِ، كَمَثَلِ الْفَرَسِ فِي آخِيَّتِهِ يَجُولُ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى آخِيَّتِهِ، وَإِنَّ الْمُؤْمِنَ يَسْهُو، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى الْإِيمَانِ، فَأَطْعِمُوا طَعَامَكُمُ الْأَتْقِيَاءَ، وَأَوْلُوا مَعْرُوفَكُمُ الْمُؤْمِنِينَ) (بن حنبل، 1421، [18/ 86]، ح11562).
- الإيجاز، والإيجاز غالب على أسلوب الرسول -صلى الله عليه وسلم-كما يقول ابن مسعود -رضي الله عنه- “كان يتخولنا بالموعظة مخافة السآمة علينا”، ومن محاسن الإيجاز أنه سبب لحفظ العلم وضبطه (العسكر، 1431، ص99). وهذا الأسلوب من أهم خصائص اللغة العربية في القديم، فقد كان العرب لا يميلون إلى الاطالة والشرح والإسهاب، وكانوا يعدون الإيجاز هو البلاغة (مطلوب، 1980، ص206).
- التوكيد، وذلك من خصائص التشبيه الأساسية، لتأكيد الفكرة التي يُراد أن يُقنع بها المتلقي؛ لإيصال المعنى، وترسيخه في الذهن (دوادي، 1431، ص136). ومن ذلك عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: «كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قُبَّةٍ نَحْوًا مِنْ أَرْبَعِينَ رَجُلًا، فَقَالَ: أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟ قَالَ: قُلْنَا: نَعَمْ، فَقَالَ: أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟ فَقُلْنَا: نَعَمْ، فَقَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا نِصْفَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَذَاكَ أَنَّ الْجَنَّةَ لَا يَدْخُلُهَا إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ، وَمَا أَنْتُمْ فِي أَهْلِ الشِّرْكِ إِلَّا كَالشَّعْرَةِ الْبَيْضَاءِ فِي جِلْدِ الثَّوْرِ الْأَسْوَدِ، أَوْ كَالشَّعْرَةِ السَّوْدَاءِ فِي جِلْدِ الثَّوْرِ الْأَحْمَرِ» (مسلم، د. ت،[1/ 200]، ح: 377).
المطلب السابع: الأثر التربوي لأسلوب التشبيه وضرب المثل في العملية التعليمية.
- يُعد من الوسائل الهامة في التعليم، حيث تُثير في النفس العواطف والمشاعر، فتدفع الانسان إلى الالتزام بالمبادئ عمليًا وتساعده على تصوير المعاني وتجسيدها واسترجاعها، كما في قول َسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى) (مسلم، د. ت، [4/ 1999]، ح: 2586).
- ربط العلم بالعمل، وقد أدرك النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا المبدأ التربوي، من ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم-: (مَثَلُ ما بَعَثَنِي اللَّهُ به مِنَ الهُدَى والعِلْمِ، كَمَثَلِ الغَيْثِ الكَثِيرِ أصابَ أرْضًا، فَكانَ مِنْها نَقِيَّةٌ، قَبِلَتِ الماءَ، فأنْبَتَتِ الكَلَأَ والعُشْبَ الكَثِيرَ، وكانَتْ مِنْها أجادِبُ، أمْسَكَتِ الماءَ، فَنَفَعَ اللَّهُ بها النَّاسَ، فَشَرِبُوا وسَقَوْا وزَرَعُوا، وأَصابَتْ مِنْها طائِفَةً أُخْرَى، إنَّما هي قِيعانٌ لا تُمْسِكُ ماءً ولا تُنْبِتُ كَلَأً، فَذلكَ مَثَلُ مَن فَقُهَ في دِينِ اللَّهِ، ونَفَعَهُ ما بَعَثَنِي اللَّهُ به فَعَلِمَ وعَلَّمَ، ومَثَلُ مَن لَمْ يَرْفَعْ بذلكَ رَأْسًا، ولَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللَّهِ الذي أُرْسِلْتُ بهِ )(البخاري، 1422، [1/ 27]، ح: 79).
- تربية العقل على التفكير الصحيح، والقياس المنطقي السليم. ومن ذلك قول الله تعالى: وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا قَرۡيَةٗ كَانَتۡ ءَامِنَةٗ مُّطۡمَئِنَّةٗ يَأۡتِيهَا رِزۡقُهَا رَغَدٗا مِّن كُلِّ مَكَانٖ فَكَفَرَتۡ بِأَنۡعُمِ ٱللَّهِ فَأَذَٰقَهَا ٱللَّهُ لِبَاسَ ٱلۡجُوعِ وَٱلۡخَوۡفِ بِمَا كَانُواْ يَصۡنَعُونَ ١١٢النَّحۡل.
- يُستخدم كوسيلة للاستنتاج والقياس، وقد استخدم النبي -صلى الله عليه وسلم- التمثيل التعليمي كوسيلة لتعليم الاستنتاج والقياس حتى يقنع السائل أو السامع عن منعه من سلوك سيء حين يستنتج السائل نتيجة سؤاله حتى يقوم بتعديل سلوكه، كما حدث من قصة الأعرابي الذي جاءه -صلى الله عليه وسلم- سائلا عن الغلام الأسود الذي ولدته امرأته. أن رسول الله ﷺ جاءه أعرابي فقال: يا رسول الله، إن امرأتي ولدت غلاما أسود، (فقال: هل لك من إبل؟، قال: نعم، قال: ما ألوانها؟، قال: حمر، قال: فيها من أورق؟، ق ال: نعم، قال: فأنى كان ذلك؟، قال: أراه عرق نزعه، قال: فلعل ابنك هذا نزعه عرق) (البخاري، 1422، [8/ 173]، ح: 6847).
- تُساعد في فهم المُتعلم للأمور المعنوية وتقريبها إلى الأذهان بما يشبهها في عالم الواقع؛ لأنها تكون أرسخ في الذهن وألصق إلى النفس. ومنه قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ الحلالَ بيِّنٌ وإنَّ الحرامَ بيِّنٌ وبينهما أمورٌ مُشتبِهاتٌ لا يعلمهنَّ كثيرٌ من الناس فمنِ اتَّقى الشُّبُهاتِ استبرأ لدِينِه وعِرضِه، ومن وقع في الشُّبهاتِ وقع في الحرامِ، كالراعي يرعى حول الحِمى يوشكُ أن يرتعَ فيه…) (البخاري، 1422، [1/ 20]، ح: 52).
- توجيه الانسان، وارشاده إلى السلوك الذي يصلح لحياته، سواء كان بالترغيب، أو الترهيب، أو التشويق، أو التوكيد، وما إلى ذلك. كما في قول الرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا) وَشَبَّكَ بَينَ أَصَابِعِهِ. (البخاري،1422، [3/ 129]، ح: 2446).
- يُعد من الأساليب الهامّة في التربية الحديثة، فكلمّا استعان المُربي في توضيح المعلومات للتلميذ بالمحسوسات كان ذلك أكثر فائدة؛ حيث إن الإحساس بالشيء هو أول درجات الادراك. (محمد، 2019)
الفصل الثاني: النبات
اعتنت التربية الإسلامية بالنبات، ونظَّمت علاقة الانسان بها، ورتبت الأُجور لمن يزرعها ويرعاها، وربطت بين الانسان والنبات في مواطن كثيرة في القرآن الكريم والسُّنة النبوية، منها قول الله تعالى: وَٱلۡبَلَدُ ٱلطَّيِّبُ يَخۡرُجُ نَبَاتُهُۥ بِإِذۡنِ رَبِّهِۦۖ وَٱلَّذِي خَبُثَ لَا يَخۡرُجُ إِلَّا نَكِدٗاۚ كَذَٰلِكَ نُصَرِّفُ ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يَشۡكُرُونَ ٥٨الأَعۡرَاف : . فالمُؤمن والنبات، يرتبطان بأهميتهما في الحياة وتشابههما في المنفعة ، وفي قوله تعالى: مُّحَمَّدٞ رَّسُولُ ٱللَّهِۚ وَٱلَّذِينَ مَعَهُۥٓ أَشِدَّآءُ عَلَى ٱلۡكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيۡنَهُمۡۖ تَرَىٰهُمۡ رُكَّعٗا سُجَّدٗا يَبۡتَغُونَ فَضۡلٗا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَٰنٗاۖ سِيمَاهُمۡ فِي وُجُوهِهِم مِّنۡ أَثَرِ ٱلسُّجُودِۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمۡ فِي ٱلتَّوۡرَىٰةِۚ وَمَثَلُهُمۡ فِي ٱلۡإِنجِيلِ كَزَرۡعٍ أَخۡرَجَ شَطۡـَٔهُۥ فَـَٔازَرَهُۥ فَٱسۡتَغۡلَظَ فَٱسۡتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِۦ يُعۡجِبُ ٱلزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ ٱلۡكُفَّارَۗ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ مِنۡهُم مَّغۡفِرَةٗ وَأَجۡرًا عَظِيمَۢا ٢٩الفَتۡح . وكان لضرب المثل للإنسان بالنبات قياسًا على اختلاف أحوال الانسان بحسب إيمانه بربه، “فمن النبات ما فيه الجيدٌ والنافع للإنسان، ومنها ما فيه الرديء والضار” (خياط، 1416، ص 216)، وحين أراد الله أن يُبشر المؤمنين الأوائل بنعيم الجنة، ذكر أحب النباتات إليهم، والمألوف عندهم، فقال تعالى: فِي سِدۡرٖ مَّخۡضُودٖ ٢٨ وَطَلۡحٖ مَّنضُودٖ ٢٩ وَظِلّٖ مَّمۡدُودٖ ٣٠ وَمَآءٖ مَّسۡكُوبٖ ٣١ وَفَٰكِهَةٖ كَثِيرَةٖ ٣٢ لَّا مَقۡطُوعَةٖ وَلَا مَمۡنُوعَةٖ ٣٣الوَاقِعَة : .
فعلاقة الإنسان بالنبات في التربية الإسلامية، يرتبطان بالنشأة، وبدء الخلق، يقول تعالى: وَٱللَّهُ أَنۢبَتَكُم مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ نَبَاتٗا ١٧نُوح : . والنبات نعمة من نعم الله، وقد أولت التربية الاسلامية اهتمامًا كبيرًا بها، فحثت المُسلم على زرعها والاعتناء بها، والتفكر في خلقها، واستشعار عظمة الخالق ووحدانيته، يقول الله تعالى: وَهُوَ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَخۡرَجۡنَا بِهِۦ نَبَاتَ كُلِّ شَيۡءٖ فَأَخۡرَجۡنَا مِنۡهُ خَضِرٗا نُّخۡرِجُ مِنۡهُ حَبّٗا مُّتَرَاكِبٗا وَمِنَ ٱلنَّخۡلِ مِن طَلۡعِهَا قِنۡوَانٞ دَانِيَةٞ وَجَنَّٰتٖ مِّنۡ أَعۡنَابٖ وَٱلزَّيۡتُونَ وَٱلرُّمَّانَ مُشۡتَبِهٗا وَغَيۡرَ مُتَشَٰبِهٍۗ ٱنظُرُوٓاْ إِلَىٰ ثَمَرِهِۦٓ إِذَآ أَثۡمَرَ وَيَنۡعِهِۦٓۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكُمۡ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ ٩٩الأَنۡعَام : ﵙﵙ.
أولًا: مفهوم النبات في اللغة:
نبت: النَّبتُ: النَّبات. كل ما أنبت الله في الأرض فهو نبتٌ، والنبات فعله، ويجري مجرى اسمه. يقال: أنبت الله النبات إنباتا؛ ونحو ذلك قال الفراء: إن النبات اسم يقوم مقام المصدر. قال تعالى: فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٖ وَأَنۢبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنٗا .. ٣٧آل عِمۡرَان . (ابن منظور، 1414، ص95)، قال (الزجاج، 1408): معنى أنبتها نباتًا حسنًا، أي جعل نشوءها نشوءًا حسنًا، وجاء (نباتاً) على لفظ نبت، على معنى نبت نباتًا حسنًا (ص402)، وفي التنزيل العزيز: وَٱللَّهُ أَنۢبَتَكُم مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ نَبَاتٗا ١٧نُوح : . ومعنى (أنبتكم) جعلكم تنبتون نباتًا، والمصدر على لفظ أنبتكم إنباتًا ونباتًا أبلغ في المعنى. (المرجع السابق، ص230)، ومن المجاز (التنبيت: التربية)، ونبَّت الصبي تنبيتًا: ربيته. والتنبيت: الغرس، يقال: نبَّت الناس الشجر، إذا غرسوه، والتنبيت: اسم لما ينبت على الأرض من النبات من دِق الشجر، أي صغاره (الزبيدي، 1422، ص112).
ثانيًا: مفهوم النبات في الاصطلاح العلمي:
عرَّف (الشلش، 1981) النبات: بأنه “كائنٌ حيّ يتميز بأوراقه الخضراء، عديم الحركة، ويحتوي على السلولوز التي تُكوِّن الجزء الأساسي من جدرانه وخلاياه، ويعتمد في غذائه على مواد غازية أو سائلة” (ص 9).
ويُقصد بالنبات في هذا البحث: ما يخرج من الأرض من شجر وما ينتج منه من ثمر، مما اشتملت عليه الأحاديث النبوية التي ورد فيها تشبيه المسلم.
ثالثًا: المضامين التربوية في الأحاديث النبوية التي ورد فيها تشبيه المسلم بالنبات
الحديث الأول:
-عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( أَخْبِرُونِي بشَجَرَةٍ مَثَلُها مَثَلُ المُسْلِمِ، تُؤْتي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بإذْنِ رَبِّها، ولا تَحُتُّ ورَقَها فَوَقَعَ في نَفْسِي أنَّها النَّخْلَةُ، فَكَرِهْتُ أنْ أتَكَلَّمَ، وثَمَّ أبو بَكْرٍ وعُمَرُ، فَلَمَّا لَمْ يَتَكَلَّما، قالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: هي النَّخْلَةُ، فَلَمَّا خَرَجْتُ مع أبِي قُلتُ: يا أبَتاهُ، وقَعَ في نَفْسِي أنَّها النَّخْلَةُ، قالَ: ما مَنَعَكَ أنْ تَقُولَها، لو كُنْتَ قُلْتَها كانَ أحَبَّ إلَيَّ مِن كَذا وكَذا، قالَ: ما مَنَعَنِي إلَّا أنِّي لَمْ أرَكَ ولا أبا بَكْرٍ تَكَلَّمْتُما فَكَرِهْتُ). أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الأدب، باب إكرام الكبير. (8/34)، ح: (6144).
أولًا: أطراف الحديث:
1: باب طرح الإمام المسألة على أصحابه ليختبر ما عندهم من العلم.
عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً لاَ يَسْقُطُ وَرَقُهَا، وَإِنَّهَا مَثَلُ المُسْلِمِ، حَدِّثُونِي مَا هِيَ» قَالَ: فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ البَوَادِي قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ، فَاسْتَحْيَيْتُ، ثُمَّ قَالُوا: حَدِّثْنَا مَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: (هِيَ النَّخْلَةُ). أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب العلم، باب طرح الإمام المسألة على أصحابه ليختبر ما عندهم من العلم. (1/22)، ح: (62).
ثانيًا: معاني الكلمات:
- (فوقع الناس في شجر البوادي): أي ذهبت أفكارهم في أشجار البادية، فجعل كل منهم يفسرها بنوع من الأنواع وذهلوا عن النخلة، يقال وقع الطائر على الشجرة إذا نزل عليها (العسقلاني، 1380، ص146).
- (ووقع في نفسي): فظننت أنها النخلة من أجل الجمار الذي أُتي به (المرجع السابق).
ثالثًا: شرح الحديث:
تنوعت طُرق التعليم في العهد النبوي، فهُنا ضرب الرسول -صلى الله عليه وسلم- المثل عن طريق السؤال، واستثار عقول أصحابه بطرح المسألة، وإعطائهم دلالات ليستدلوا بها على الإجابة، بينما كان يأكل الجُمَّار، “فالُمخاطبين كانوا مُستشرفين كاستشراف الطالب المُتردد، فلذلك حسن تأكيده بقوله: (لا يسقط ورقها)، وقوله: (وإنها مثل المسلم)، ” (العيني، د.ت، ص14)، فذهبت أفكار الناس إلى شجر البوادي، وذهلوا عن النخلة، فجعل كل منهم يفسرها بنوع من الأنواع (العيني، د.ت، ص14)، ومن فطنة ابن عمر -رضي الله عنهما- وفقهه أدرك مغزى الرسول -صلى الله عليه وسلم- ووقع في نفسه أنها النخلة، ولكن منعه من قول ذلك حياءه؛ حيث كان بحضرة والده، والصدِّيق أبي بكر-رضي الله عنهما-، وهما أكبر مقامًا وقدرًا منه ولم يجيبا، يقول: (فأردت أن أقول هي النخلة، فإذا أنا أصغر القوم فسكتُّ، فقال: رسول الله –صلى الله عليه وسلم- هي النخلة)، وعندما أخبر أبيه بما كان قد وقع في نفسه، أبدى له رغبته لو كان قالها، فقال عمر -رضي الله عنه- (لو كنتُ قُلتها أحبُّ إليَّ من أن يكون لي كذا وكذا). فتأسف عمر -رضي الله عنه- من حياء ابنه، وودَّ لو أنه قالها بمقابل ما يخسره من نفائس الأموال، رغبةً في إظهار نبوغ ابنه وفقهه أمام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيحظى ابنه بدعوة منه، ومكانة خاصة عنده، ثم إن تشبيه المُسلم بالنخلة يتضمَّن اشتراكهما في بعض من الوجوه التي تربط بينهما، “فشبه -صلى الله عليه وسلم- النخلة بالمسلم كما شبهها الله في كتابه، وضرب بها المثل للناس” (ابن بطال، 1423، ص141)، فقال: تُؤۡتِيٓ أُكُلَهَا كُلَّ حِينِۭ بِإِذۡنِ رَبِّهَاۗ وَيَضۡرِبُ ٱللَّهُ ٱلۡأَمۡثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمۡ يَتَذَكَّرُونَ ٢٥إِبۡرَاهِيم .
رابعًا: المضامين التربوية المستنبطة من الحديث الأول:
1/ الثبات على الدين يقوي المُسلم لا سيما عند المُلمات.
إن من أهم سمات المُؤمنين الصادقين الثبات على الدين، ومخافة الزيغ بعد الهدى، ومُجاهدة النفس والهوى، والدعاء والتضرع إلى الله بالثبات على الحق، والصبر والاحتساب وتحمُّل الأذى والمشاق في سبيله. يقول الحقُّ تبارك وتعالى: يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱلۡقَوۡلِ ٱلثَّابِتِ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِۖ وَيُضِلُّ ٱللَّهُ ٱلظَّٰلِمِينَۚ وَيَفۡعَلُ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ ٢٧إِبۡرَاهِيم . والمُتأمل في حال السلف الصالح من أهل السنة والجماعة يتعجب أشدَّ العجب من ثباتهم، والذي مرده إلى تمسكهم بقواعد راسخة، وأسس ثابتة، توارثوها وتربوا عليها، واستمرت مع تعاقب الأيام والأعوام دون أن يُصيبها عوار أو خلل، فاتسق أولها مع آخرها ووافق آخرها أولها، ممَّا أضفى على المنهج وضوحا واستقرارا وثباتا (الدوسري، 1443).
ويتضح توجيه الرسول -صلى الله عليه وسلم- للمُسلم بالثبات على الدين من خلال الربط بين وجه من أوجه الشبة، فالنخلة تتسم بالثبات، وتتحمل تقلبات الطقس، وصبرها على مواجهة الرياح، قال تعالى: أَلَمۡ تَرَ كَيۡفَ ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا كَلِمَةٗ طَيِّبَةٗ كَشَجَرَةٖ طَيِّبَةٍ أَصۡلُهَا ثَابِتٞ وَفَرۡعُهَا فِي ٱلسَّمَآءِ ٢٤إِبۡرَاهِيم : “وقد ضرب الله ورسوله مثل الإيمان والإسلام بالنخلة، فالكلمة الطيبة: هي كلمة التوحيد، وهي أساس الإسلام، وهي جارة على لسان المُسلم، وثبوت أصلها هو ثبوت التصديق بها في قلب المؤمن” (الحنبلي، 1417، ص27). و”قال الربيع بن أنس: أصلها ثابت وفرعها في السماء، قال: ذلك المؤمن ضُرب مثله في الإخلاص لله وعبادته وحده لا شريك له” (ابن قيم الجوزية، 1410، ص342). فيُستدل على ذلك بسمة من سمات المؤمن وهي الثبات على الدين، ” فوقع التشبيه بينهما من جهة أن أصل دين المسلم ثابت” (العسقلاني، 1379، ص147)، وواجب المُسلم التمسك بدينه، والمُحافظة عليه من الزلل، والاستشعار بنعمة العقيدة الصحيحة التي أنعم الله عليه بها.
التطبيق التربوي:
وممَّا يُعين المُربي على تطبيق معنى الثبات للمُتربين:
- كثرة الدعاء، وسؤال الله الهداية، وتعويد المُتربي على ذلك منذ الصغر، فعن أنس -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكثر أن يقول: “يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على دينك”. فقلت: يا رسول الله، آمنا بك وبما جئت به، فهل تخاف علينا؟ قال: “نعم، إن القلوب بين أصبعين من أصابع الله يقلبها كيف يشاء” (الترمذي، 1395، [4/ 19]، ح:2140).
- قراءة القرآن وتدبر آياته، ومساعدة المُتربين في المحافظة على قراءته وتدبره، بإعطائهم دروس مختصرة في تفسير الآيات، واستنباط الفوائد منها، والوقوف على أسباب نزولها، قال تعالى: وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوۡلَا نُزِّلَ عَلَيۡهِ ٱلۡقُرۡءَانُ جُمۡلَةٗ وَٰحِدَةٗۚ كَذَٰلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِۦ فُؤَادَكَۖ وَرَتَّلۡنَٰهُ تَرۡتِيلٗا ٣٢الفُرۡقَان .
- قراءة قصص الأنبياء، وسير الصحابة والتابعين، وحث المُتربين على استنباط الفوائد، يقول الله تعالى: وَكُلّٗا نَّقُصُّ عَلَيۡكَ مِنۡ أَنۢبَآءِ ٱلرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِۦ فُؤَادَكَۚ وَجَآءَكَ فِي هَٰذِهِ ٱلۡحَقُّ وَمَوۡعِظَةٞ وَذِكۡرَىٰ لِلۡمُؤۡمِنِينَ ١٢٠هُود .
- تزويد المُتربين بالعلم النافع، وحثهم على العمل به، وتذكيرهم بالآيات والأحاديث التي تبين أهمية ربط العلم بالعمل، قال تعالى: وَلَوۡ أَنَّا كَتَبۡنَا عَلَيۡهِمۡ أَنِ ٱقۡتُلُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ أَوِ ٱخۡرُجُواْ مِن دِيَٰرِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٞ مِّنۡهُمۡۖ وَلَوۡ أَنَّهُمۡ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِۦ لَكَانَ خَيۡرٗا لَّهُمۡ وَأَشَدَّ تَثۡبِيتٗا ٦٦النِّسَاء .
- اختيار الرفقة الصالحة، واحاطة المُتربين بالصالحين، قال تعالى: وَٱصۡبِرۡ نَفۡسَكَ مَعَ ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ رَبَّهُم بِٱلۡغَدَوٰةِ وَٱلۡعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجۡهَهُۥۖ وَلَا تَعۡدُ عَيۡنَاكَ عَنۡهُمۡ تُرِيدُ زِينَةَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ وَلَا تُطِعۡ مَنۡ أَغۡفَلۡنَا قَلۡبَهُۥ عَن ذِكۡرِنَا وَٱتَّبَعَ هَوَىٰهُ وَكَانَ أَمۡرُهُۥ فُرُطٗا ٢٨الكَهۡف .
2/ تعهُّد المُسلم للإيمان بالله -عز وجل- في قلبه، سبب في زيادته وقوته.
إن الايمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، فكلّما سعى المرء واجتهد في العبادات والذكر وأعمال البر والخير، وتقرب من الصالحين كلما زاد إيمانه وقوي، وكلّما انشغل بالغفلة واللهو والإقبال على الدنيا وزينتها، والركون إليها كلما ابتعد عن مسلك الصالحين، واعترى إيمانه الضعف والنقصان.، وقد أخبر الرسول -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه عنه أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: (إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب، فسألوا الله تعالى: أن يجدد الإيمان في قلوبكم) (الألباني، د.ت، [1/ 330]، ح: 1590)، وكان عمر -رضي الله عنه- يقول: “حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا” (الغزالي، د.ت، ص 404).
ويتضح وجه الارتباط في الحديث بين النخلة والمسلم، أن النخلة تحتاج إلى سقي وسقيه الماء، والإيمان يحتاج إلى سقي وسقيه الوحي، (كتاب الله، وسُنّة نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- )، وقد ذُكر في شرح الحديث، ” أن الشجرة لا تبقى حية إلا بمادة تسقيها وتنميها، فإذا قطع عنها السقي أوشك أن يهلك، والغرس النافع لابد أن يخالطه دغل ونبت غريب ليس من جنسه، فإن تعاهده ربه ونقاه وقلعه كمل الغرس واستوى وتم نباته، فبسقيها تبقى وتدوم، وبتنقية ما حولها تكمل وتتم” (ابن قيم الجوزية، 1410، ص343،344)، فالمُسلم يُدرك ذلك ويتزود بالحسنات لتمحو السيئات، مُهتديًا بقول الله تعالى: وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ طَرَفَيِ ٱلنَّهَارِ وَزُلَفٗا مِّنَ ٱلَّيۡلِۚ إِنَّ ٱلۡحَسَنَٰتِ يُذۡهِبۡنَ ٱلسَّيِّـَٔاتِۚ ذَٰلِكَ ذِكۡرَىٰ لِلذَّٰكِرِينَ ١١٤هُود . فيُحاسب المُسلم نفسه بشكل دوري، ويُخصص وقتًا لها كل يوم ويسأل نفسه، ما الذي فعلته من الحسنات؟ وما الذي فعلته من المعاصي؟ وفيم أضعت وقتي؟ فيُحاسب نفسه، ويُراجعها، ويُعالج ما وقع فيه من الأخطاء بالتُّوبة النصوح، والإكثار من الطاعات، وبالدعاء وطلب التوفيق من الله، والاستحياء من الله على النعم التي بين يديه؛ فيشكر الله عليها بالتقرب إليه بالطاعات، واستثمار الأوقات بما ينفعه في دينه ودنياه.
التطبيق التربوي:
وممَّا يُعين المربي على تطبيق تعهد الإيمان مع المتربين ما يلي:
- بتعويد المُتربي على مُحاسبة النفس، وممكن أن يُساعد على ذلك: وضع جدولًا بالأعمال اليومية التي يجب عليه القيام بها خلال اليوم، ومراجعة ما قام به آخر اليوم، ومساعدته في معالجة التقصير.
- تعليم المُتربي فضائل الذكر، وما يترتب عليه من الثواب، ومُضاعفة الأجور، ومساعدته في إشغال وقته به، فمثلا: عند اللعب بالأجهزة الالكترونية يذكره الوالدان بالاستغفار، أو التسبيح أثناء اللعب، ويُقاس عليها في أوقات الانتظار، وغيرها.
- تعويد المُتربي منذ صغره على الأعمال الصالحة اليسيرة التي تزيد من إيمانه، وتذكيره بفضلها، فمثلا: أن يذكر المُربي المُتربين، بفضل الابتسامة، وعظيم أجرها، والأثر المترتب عليها في النُّفوس لقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (تبسمك في وجه أخيك صدقةٌ، وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقةٌ، وإرشادك الرجل في أرض الضلال صدقةٌ، وبصرك للرجل الرديء البصر لك صدقةٌ، وإماطتك الحجر والشوكة والعظم عن الطريق لك صدقةٌ، وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقةٌ) (الترمذي، 1395، [4/ 339]، ح: 1956).
3/ المُداومة على الطاعات سبب لنيل محبة الله.
من أفضل الأعمال ما كان مُستدامًا، ومن أحب الأعمال إلى الله المُداومة على الطاعات، وممَّا يجب على المُسلم المُحافظة على الفرائض، والمُداومة على ما يفتح الله عليه من الطاعات، في أي وجه من وجوه الخير، سواءً في قراءة القرآن أو النوافل، أو الصدقات وغيرها من أعمال البر، وقد أخبر الرسول -صلى الله عليه وسلم: عندما سُئل عن أحب الأعمال إلى الله: قال: أدومها وإن قل، فعن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: (سُئل النبي -صلى الله عليه وسلم-: أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: أدومها، وإن قل، وقال: اكلفوا من الأعمال ما تطيقون) (البخاري، 1422،[8/ 98]، ح: 6465)، وفي ذلك ترغيب على الاستمرارية والمداومة على الطاعات من دون إرهاق النفس، والتّزمُت في العبادات، وكل ما كان العمل في مقدور المرء كانت المداومة عليه أيسر؛ لذا نهى نبي الرحمة محمد -صلى الله عليه وسلم- عن إهلاك النفس في مواقف عدة، ومن ذلك، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: (دخل النبي -صلى الله عليه وسلم- فإذا حبل ممدود بين الساريتين، فقال: ما هذا الحبل؟ قالوا: هذا حبل لزينب، فإذا فترت تعلقت. فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: لا، حُلُّوه، ليُصل أحدكم نشاطه، فإذا فتر فليقعد) (البخاري، 1422، [2/ 53]، ح:1150).
ويتضح وجه الشبه للديمومة في حياة المُسلم، من تشبيه الرسول -صلى الله عليه وسلم- له بالنخلة، في رابط دوام ظل النخلة، ودوام أوراقها فلا تسقط، ودوام ثمرها طول العام، فتُؤكل رطبًا في حينها ثم تُجفف وتُصبح تمرًا، وأيضا في دوام الانتفاع منها “فالمُسلم يأتي الخير كل حين من الصلاة، والصوم، وذكر الله تعالى، فكأن الخير لا ينقطع منه، فهو دائم كما تدوم أوراق النخلة فيها، ثم الثمر الكائن منها في كل أوقاته.” (ابن بطال، 1423، ص141). وهذا دأب المُسلم لا ينقطع عن العبادة، بل إن حياته كلها عباده، فيتنبَّه ويحتسب الأجر في كل أمر.
التطبيق التربوي:
ومما يُعين المُربي في غرس مبدأ الاستمرار على الطاعات لدى المُتربين، ما يلي:
- أن يكون قدوة حسنة في نفسه، ويتحلى بالصبر والحكمة؛ فذلك يحتاج إلى زمن حتى يثمر، ويُظهر حبه للمُتربي وشفقته عليه، وتفهمه لاحتياجاته. فمثلًا عبادة الصلاة: في كل وقت يذكر نفسه بقول الله تعالى: وَأۡمُرۡ أَهۡلَكَ بِٱلصَّلَوٰةِ وَٱصۡطَبِرۡ عَلَيۡهَاۖ لَا نَسۡـَٔلُكَ رِزۡقٗاۖ نَّحۡنُ نَرۡزُقُكَۗ وَٱلۡعَٰقِبَةُ لِلتَّقۡوَىٰ ١٣٢طه . ويجهر بالقراءة بها بصوت عذب مليء بالحنية والرحمة، وكذلك المُعلم يستمر في غرس حب العلم في نفوس طلابه ولتكوين عادة جديدة لديهم يتطلب منه الصبر والتذكير والمُتابعة حتى يجني ثمرة تعبه ويتحقق مراده فيهم.
- شرح أهمية العبادة للمُتربي، وما يترتب عليها من الأثر في الدنيا والأخرة، وربطها بسلوكياته، مثلا: بر الوالدين، تعليمه أنها سبيل السعادة والتوفيق في الدارين، فما يحصل له من خيرٍ، وتيسيرٍ، وتوفيقٍ قد يكون بسبب البر. وربط هذه العبادة بمواقف الصالحين أمثال أُويسٍ القرني -رضي الله عنه-.
- التيسير على المُتربي بالتدرج في العبادات.، فمثلًا عبادة الصوم، يشرح له المُربي معناها ووقتها وفضلها، ويرغبه في تجربة الصيام ومشاركته في الصوم، وذلك بتقليل مدة الصيام حسب سنَّ المُتربي حتى لا يشق عليه، ويمكن أن يطبق المُربي ذلك في الفصل الدراسي. كتطبيق عملي لدرس الصوم، ويوضح المُعلم أحكام الصوم وسننه.
- التشويق وربط العبادات بأشياء يحبها المُتربي، مثلًا: أن يجعل الوالد التسوق لمتجر المواد الغذائية بعد صلاة الجمعة؛ بحيث يتشوق المُتربين الصغار للذهاب لصلاة الجمعة حتى يتعودوا عليها من صغرهم.
- مُشاركة المُتربي في أداء العبادات، وتذكيره بأدائها قبل وقتها، ومُكافأته على أدائها، والصبر على تقصيره، فمثلًا: يُشاركه الوضوء، ويُعلمه واجباتها وسُننها بالتطبيق العملي معه، وتوجيهه إن قصّر في أدائها، وتذكيره بها قبل الصلاة، ومُكافأته ان لاحظ محافظته عليها وأدائه لها من دون تذكير.
- توفير البيئة المُناسبة لأداء العبادات، فمثلًا: الصلاة تتطلب الخشوع والهدوء والبعد عن المشتتات، فيُعلم المُربي المُتربين في المُصلى، أو في مكان هادئ في المنزل، ويتعلم أداب الصلاة واحترام المُصلين، والاهتمام بالمساجد والمُحافظة عليها.
- استفادة المُربي من التقنية الحديثة في تعليم المُتربين بعض العبادات، سواءً أكانت بتوفير أدوات محسوسةٍ، كالسُّجادة الالكترونية لتعليم الصلاة للأطفال، أو التطبيقات الذكية كعدنان مُعلم القرآن، وأيضا الاستفادة من البرامج الإسلامية المرئية الموثوقة المصدر في تعزيز تعليمهم بعض العبادات.
4/ تعدي النفع يُحقق للمُسلم الخيرية.
ممَّا يتميز به المُسلم نفعه المتعدي على الغير، فهو نافع لنفسه وينفع غيره، وتتضح هذه الصفة عند من حمل همّ الدعوة إلى الله، والسعي لإنقاذ البشرية من الضلالة إلى الهدى، ودعوتهم بالحكمة والموعظة الحسنة، ونُصحهم ومُجادلتهم بالتي هي أحسن، فهو يسعى لنفع نفسه ويسعى أيضا لنفع غيره والإحسان إليهم؛ ابتغاء الأجر من الله. فالنفع المُتعدي وظيفة الأنبياء والرسل، وسبيل من سلك طريقهم واقتفى أثرهم، فهم أنفع الناس للناس، وهم من يُخلدون الأثر بعد الرحيل، ومن يرفضون الأنانية والأثرة، وإنَّ من كمال الإيمان نفع المُسلم لأخوته المسلمين، ومحبة الخير لهم، يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (لا يُؤمن أحدكم حتى يُحب لأخيه ما يُحب لنفسه) (البخاري، 1414، [1/ 12]، ح: 13)، وعلى هذا كان السلف الصالح، ولا سيما ما ذكره الله -جل وعلا- عن الأنصار في قوله: وَٱلَّذِينَ تَبَوَّءُو ٱلدَّارَ وَٱلۡإِيمَٰنَ مِن قَبۡلِهِمۡ يُحِبُّونَ مَنۡ هَاجَرَ إِلَيۡهِمۡ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمۡ حَاجَةٗ مِّمَّآ أُوتُواْ وَيُؤۡثِرُونَ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡ وَلَوۡ كَانَ بِهِمۡ خَصَاصَةٞۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفۡسِهِۦ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ٩الحَشۡر . فقد ضربوا أروع الأمثلة في تعدي النفع، ومحبة الخير للغير بالإيثار -رضي الله عنهم وأرضاهم_.
ويتضح توجيه الرسول -صلى الله عليه وسلم- للمُسلم بتعدي النفع والخيرية من خلال الربط بين وجه من أوجه الشبه يمكن أن يكون رابطًا لهذه السمة -كالنخلة- فالنخلة تتسم بتعدي النفع على الدوام. ” فشبه النخلة بالمُسلم في كثرة خيرها، ووجودها على الدوام، فإنه من حين يطلع ثمرها لا يزال يؤكل منه حتى ييبس وبعد أن يبس يُتخذ منه منافع كثيرة، كما أن المؤمن خير كله من كثرة طاعاته، ومكارم أخلاقه، ويُواظب على صلاته وقيامه وسائر العبادات (النووي، 1392، ص154)، فالمُسلم مُتعدد النَّفع في نفسه ومُتعدي النَّفع على من حوله.
التطبيق التربوي:
وممَّا يُعين المُربي على تطبيق مبدأ تعدي النفع للمُتربين، ما يلي:
- أن يكون المُربي قدوة في ذاته، فيتضح من خلال سلوكياته حبِّه لنفع الآخرين، ومُساعدتهم، ابتغاء المثوبة من الله، ويتضح من خلال تعامله مع المُتربين وحرصه على منفعتهم في أمور دينهم ودنياهم.
- تشجيع المُتربين على المُشاركة في الأعمال الخيرية، وتقديم الُمساعدات للمُحتاجين، فمثلًا: عند إخراج فائض الملابس للمحتاجين، إشراك المُتربين في ذلك وجعلهم يستشعرون بأهمية عملهم وأن فيه إدخال السرور لمن هم في نفس عمرهم.
- تشجيع المُتربين على نشر ما تعلموه من العلم، وتعليم بعضهم (تعليم الأقران)، ومساعدة بعضهم في حل ما يُواجههم من المشكلات في التعليم.
- اشراك المُتربين في نشر التوحيد ورسالة الإسلام الخالدة بالحكمة والموعظة الحسنة، وذلك عن طريق تطبيقهم لما تعلموه من قيم في تعاملهم مع الناس على اختلاف أجناسهم، وأشكالهم، ودياناتهم. ويُمكن للمُربي اصطحابهم إلى مراكز الدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات بالمنطقة؛ للتعرف على نشاطاتهم وجهودهم، وما يبذلونه من الخير والعطاء في سبيل نفع البشرية. (سواء كان ذلك من الوالدين، أو اصطحابهم في رحلة مدرسية).
- إقامة الأنشطة التطوعية المُختلفة، وتشجيع المُتربين على الالتحاق بها، مما يُعزز لديهم تعدِّي النفع، مثلًا: أن يُقيم إمام المسجد حملة تطوعية في المُساهمة بتنظيف المسجد وتشجير ما حوله وتنسيق حدائقه، والاعتناء بها.
5/ سُمو الهمَّة تُكسب المُسلم العزة والقوة.
الهَّمةُ العاليةُ وقوةِ الإرادةِ من مفاتيح السعادة للمُؤمن في الدنيا والآخرة، وقد حثَّ الدين الإسلامي على التميُّز بسمو الهمَّة؛ لما له من الأثر الكبير على دين المُسلم ودنياه. بل إن النبي صلى الله عليه وسلم فسَّر الهمًّةَ بالصدق حينما قال: (… أحبُّ الأسماء إلى الله، عبد الله، وعبد الرحمن، وأصدقها حارث، وهمام…) (أبي داوود، [287/ د. ت]، ح: 4950). وصاحب الهمَّةِ لا يُهزم وإن ضعُف في بعض المواقف، حيث إن الهمَّة تُعتبر المُحرك الرئيس والمُوجِّه لطاقات الإنسان، ” وهي مبدأ الإرادة، ولا بد للسالك من همَّة تُسيره وتُرقيه، وعلم يُبصره ويهديه” (ابن قيم الجوزية، 2004، ص 8، 11). فيسعى المُسلم لتحقيق أهدافه، مُستعينا بالله، مُتواضعا، مُثابرا، مُحددًا لأهدافه، واضعًا خطةً يسير عليها حتى يصل إلى ما يطمح إليه.
ويتضح توجيه النبي -صلى الله عليه وسلم- المُسلم لعلو الهمَّة من خلال الربط بين وجه من أوجه الشَّبه يمكن أن يكون رابطاً لهذه السمة، كالنخلة، فالنخلة تتسم بالعلو والارتفاع، فيُمكن أن يُستدل على ذلك بسمة من سمات المُؤمن هي عُلو الهمة، “فالنخلة هامتها مثل هامة المُسلم، لذلك إذا هب الإعصار فإنه لا يأتي إلا على أعالي الشجر فالمُسلم همته عالية، دائمًا يُفكر في معالي الأمور، ويُفكر دائمًا في الجنة وفيما يقربه إلى الله، فمن ارتفاع همَّة المسلم أنه مثل النخلة في ارتفاع الهمَّة، فلا يفكر إلا في معالي الأمور” (القرني، د.ت، ص11)، فالهمَّةُ من سمات المُسلم، وهي الدافع له للعمل في الدنيا حتى يظفر في الآخرة بالجنة.
التطبيق التربوي:
وممَّا يُعين المُربي على غرس سُمو الهمَّة لدى المُتربين، ما يلي:
- أن يكون قدوةً حسنةُ ويتحلى بسُمو الهمَّة، وأعظم ما يسمو إليه السعي لما يحبه الله ورسوله، وتربية النشء عليه، ومن ذلك سُؤال الله الفردوس الأعلى. كما قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: ومنه “…… فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس؛ فإنه أوسط الجنة، وأعلى الجنة.. ” (البخاري، 1414، [4/1028]، ح:2637).
- أن يُربي نفسه على الصبر، ويكون مُتسامحا مع أخطاء المُتربين، ويُساعدهم على التعلم منها، فذلك يُقوي لديهم المحاولة والإصرار، والسعي للأفضل دائمًا بنفسٍ رضيةٍ وطموحةٍ.
- يُشجع المتُربين على الاستقلالية والمسؤولية بما يتناسب مع مرحلته العُمرية، وتعليمهم مهارات حل المشكلات من خلال مساعدتهم على التفكير الناقد، وتشجيعه على اتخاذ القرار في أموره الخاصة. مثلًا: أن يعطي المُتربي من صغره مصروفه المدرسي كامل لكل أسبوع، بالإضافة إلى وجبته الأساسية والماء، ويوضح له كيف يدَّخر، وكيف يصرف باعتدال، وتوعيته بأنه إذا تم صرف المبلغ كله في يوم واحد فسيظل باقي الأسبوع من دون مصروف، وإن حصل ذلك فيُذكره المُربي بأنه سيتحمل نتيجة عمله بقية الأيام. ومن ناحيةٍ أخرى، ينتبه المُربي لهذا الجانب في لدى المُتربي بالتوعية في حُسن التصرف بالمال، وأوجه صرفه وادخاره، فشُعور المُتربي بالاستقلالية يُكسبه التحلي بالمهارات اللازمة التي يحتاج إليها صاحب الهمَّة.
- غرس القيم الإيجابية لدى المُتربين، وتشجيعهم على قراءة سير العُظماء، ومُشاركتهم في الأنشطة التي تُنمي مهاراتهم وقدراتهم، واحاطتهم بالحب والدعم والتشجيع، ويُمكن للأُسرة أن تُخصص يومًا في الأسبوع لمشاركة قراءة سير العظماء مع المُتربين، وطرح المناقشة في استنباط مميزات تلك الشخصية، والتحديات التي واجهتها، وكيفية معالجتها. وأعظم سيرة من سير العُظماء سيرة خير الخلق محمد -صلى الله عليه وسلم-.
6/ الترفُّع عن الرذائل يُكسب المُسلم حُسن الخُلق.
التربية الإسلامية تدعُو إلى التحلي بمكارم الأخلاق، مُبيِّنة فضلها، والأجر العظيم لمن اتصف بها، والمُؤمن حسُن الخُلق؛ وذلك لأن الإيمان والأخلاق يرتبطان ببعضهما ارتباطًا وثيقًا، فهو يُجاهد نفسه ليترفَّع عن الوقوع في الرذائل، مُبتعدا عن الحقد والحسد، مُمتثلاً لقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (ليس المُؤمن بالطعان، ولا اللعان، ولا الفاحش، ولا البذيء) (الترمذي، 1395، [3/ 520]، ح:1977)، و”جماع الخُلق الحسن مع الناس: أن تصل من قطعك بالسلام، والإكرام، والدعاء له، والاستغفار، والثناء عليه، والزيارة له، وتُعطي من حرمك من التعليم، والمنفعة، والمال، وتعفو عمّن ظلمك، وبعض هذا واجب وبعضه مستحب” (ابن تيمية، 1425، [10/ ص658]).
ويتضح في هذا الحديث وجه الارتباط بين المُسلم والنخلة، في أن النخلة تتميز بالعُلو والارتفاع، ولا يسقط ورقها، وفي ذلك رابط بينها وبين سمة من سمات المُسلم وهي الترفع عن الأذى، والترفع عن الدنايا، والترفع عن رد الإساءة بالإساءة، وهذه أخلاق المُسلم الحقيقية التي يجب أن يتصف بها؛ لأن انشغاله بالدنايا من الأمور تصرفه عن معالي الأمور.
التطبيق التربوي:
وممَّا يُعين المُربي في تربية المُتربين على حسن الخلق والترفع عن الرذائل، ما يلي:
- لابد أن يكون المُربي قدوةً حسنةً، مُترفعًا عن الرذائل، ويُترجم ذلك أفعاله وصفاته، وتعامله في حياته، وخاصة مع المُتربين، فالقُدوة َأقصر طريق للإتباع.
- يشرح للمُتربين أهمية الترفع عن الرذائل، ويُعطي أمثلة للصفات القبيحة التي يجب أن يبتعدوا عنها، والصفات الحسنة التي يجب أن يتحلوا بها. ويذكر لهم صفات الرسول -صلى الله عليه وسلم- وتعامله مع أصحابه ومع أعدائه.
- قراءة القصص التي تدعم المُربي في إيضاح القيم الحميدة ونبذ الصفات السيئة، والحوار مع المُتربين حول ما دار فيها، وأيضًا دعم مكتبة المنزل والمدرسة، بمجموعةٍ قصصيةٍ تعزز القيم الإسلامية النبيلة.
- تعزيز الأخلاق الحسنة لدى المُتربين، وتذكيرهم بفضل حسن الخلق، وأنه نهج نبيهم محمد -صلى الله عليه وسلم-، وقد امتدحه ربه -جل وعلا- بقوله: وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٖ ٤القَلَم .
- تعزيز التفكير النقدي لدى المُتربي، ويُمكن ذلك من خلال: عرض مشاهد لسلوكيات مختلفة، وتشجيع المُتربي على تحليل المواقف، بإبداء وجهة نظره تجاهها، ثم تقويمه بدعم وجهة نظره، أو تصحيحها.
- مساعدة المُتربي على فهم مشاعره، وكيفية التعامل معها بطرق صحيحة. فمثلًا: مشاعر الغضب، يُوضحها المُربي للمُتربي، ويُبين له أضرار الاندفاع معه، وماهية التصرف الصحيح، وذلك بالاستعاذة من الشيطان الرجيم، وبتطبيق التوجيه النبوي في التعامل معه، فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع) (بن حنبل، 1421، [35/ 278]، ح: 21348).
7/ الاستدامةُ تحقيقٌ لحياة المُسلم.
المُسلم دائم الخير، دائم النفع، دائم الابداع والابتكار، جعله الله في الأرض خليفة، يستثمر ما حوله فيما ينفعه وينفع مُجتمعه، يلتزم بحدوده ويعرف ما له وما عليه، يشعر بمسؤولياته تجاه علاقته بربه، وعلاقته بمجتمعه، وعلاقته بوطنه، وعلاقته ببيئته، وعلاقته بما حوله بما يُحقق الاستدامة في ذلك، والاستدامة: هي ” كل ما يؤدي إلى ترقية عادلة متواصلة متكاملة للحياة البشرية حاضرا ومستقبلا” (البريدي، 1436، ص53)، في جميع أبعادها، الروحية والأخلاقية والتي تتحقق في التقرب إلى الله والسعي للسعادة الحقيقية ولا تكون إلا بالتقوى والعمل الصالح، والاستدامة الاجتماعية، والتي تتحقق ببناء المجتمعات المُتكاتفة المُتآزرة، والاستدامة التعليمية، والتي تتحقق بالتشجيع على العلم والمعرفة، وتطوير المهارات العلمية، والاستدامة الاقتصادية، والتي تتحقق في النمو الاقتصادي، والاستثمار العادل المستدام، والاستدامة البيئية، والتي تتحقق بالمُحافظة على التوازن البيئي، والاستثمار الأمثل للطبيعة بما يضمن استدامة مواردها. “فتكمن أهمية الاستدامة في ” الحفاظ على استمرارية العمل، والتدقيق المستقبلي لقُدرات المُنظمات، وتحقيق النجاح دون المساس باحتياجات المُستقبل، ومبدأ لتعزيز النظام الاجتماعي، والبيئي، والاقتصادي الذي تعمل فيه المُنظمة”(حسن وعبد المحسن، 2022، ص798)، والتربية الإسلامية تدعو المُسلم إلى الاستدامة في جميع نواحي الحياة المُختلفة.
وتتضح الاستدامة في هذا الحديث من خلال ربط وجه من أوجه الشبة للنخلة، وهو دوام أوراق النخلة طوال العام، ودوام ثمرها، ودوام الانتفاع منها، “فكل ما يصدر عن المُسلم من العلوم والخير قُوت للأرواح مُستطاب، وأنه لا يزال مستورا بدينه وأنه ينتفع بكل ما يصدر عنه حيا وميتا” (العسقلاني، 1379، ص147). وهذا حال المُسلم.
التطبيق التربوي:
وممَّا يُعين المُربي في تطبيق ذلك ومساعدة المُتربين من حوله على تحقيق الاستدامة، ما يلي:
- توعية المُتربين بمفهوم الاستدامة وأهميتها، وتنوعها في مجالات الحياة، من خلال برامج توعية، وورش تدريبية، وتحفيزهم بالمسابقات والجوائز وتشجيع المبادرات فيها. فمثلا: يقوم المُعلم بعد ما يُدرك المُتربين مفهوم الاستدامة، باستقبال أفكارهم وآراءهم حولها، سواء كانت في الاستدامة التعليمية، أو البيئية، أو المجتمعية، أو غيرها، وأن يربط المُربي الواجب الديني الإسلامي تجاهها.
- تطوير مهارات المُتربين في إدارة الوقت، والقيادة، وحل المشكلات، ومهارات التواصل، فتلك من المهارات المُعينة على تحقيق الاستدامة في الحياة.، فكلَّما امتلك المُتربي مهارات أعلى كلَّما تذلَّلت لديه العقبات بعد -توفيق الله وتيسره-.
- تشجيع المُتربي على التعلم المُستمر، وتوفير بيئة تعليمية إيجابية، وتزويدها بوسائل المعرفة المختلفة، والاستفادة من التقنية الحديثة في عرض أنواع العلوم المختلفة ومناقشة المُتربي حولها، وكيفية الانتفاع منها في الحياة.
- تشجيع المُتربي على المشاركة في مُبادرات التنمية المستدامة التي تُطلقها وزارة التعليم، مع تقديم العون له ان احتاج.
8/ عُمق العلاقة بين المُربي والمُتربي يُورث التربية الناجحة.
التربية مهمةٌ عظيمةٌ، ومسؤوليةٌ شاقَّةٌ، فكلّما كانت العلاقة بين المُربي والمُتربي قوية، كلّما كانت التربية أيسر وأجدى، “فالدور المنوط بالمُربي في العمل التربوي، دور يتميز بالعُمق والتنوع الكبير، وخُصوصية العلاقة بين المُربي والمُتربي تستلزم نوعا خاصا من الأُخوة الصادقة غير المتكلفة والعواطف الفيَّاضة القوية في تأثيرها المنُضبطة في صُورتها، التي تتيح للمُربي أداء مهامه التربوية في وجه جيد” (عادل، 2010)، فبناء العلاقة القوية، ركيزة أساسية في التربية، فهي تؤثر بشكل مباشر على النمو الشامل للمُتربي من جميع جوانبه، وتُشكل منه الشخصية المتوازنة القوية، فهذا نبي الأمةِ محمدٌ -صلى الله عليه وسلم- خيرُ قدوة في ذلك، فكان المُعلم الصبور المشفق، والزوج الطيب، والأب الحنون، والمُربي الناصح، فيُدخل السرور على من حوله، ويُشاركهم أفراحهم وأحزانهم، ويشاورهم في بعض الأمور، ويُدافع عنهم ويسأل عن أحوالهم، ويستمع إليهم، قريبًا منهم، مُراعيًا لنفسياتهم، مدركًا تفاوت قُدراتهم، يُميزهم بما يتَّسِمون به من الصفات، ممَّا حملهم على حبه ومحبة القُرب منه لدرجة أنهم يسألونه مرافقته في الجنة، فعن ربيعة بن كعب الأسلمي؛ قال: كنت أبيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأتيته بوضوئه وحاجته. فقال لي ”سل” فقلت: أسألك مُرافقتك في الجنة. قال ”أو غير ذلك؟ “ قلت: هو ذاك. قال ”فأعني على نفسك بكثرة السجود” (مسلم، 1374، [1/ 353]، ح: 489).
وفي هذا الحديث يتَّضح عُمق المشاعر التربوية في علاقة عمر بابنه – رضي الله عنهما- عندما أخبر عبد الله -رضي الله عنه- أباه بما وقع في نفسه، وسبب عدم اجابته على السُّؤال مع علمه بالإجابة الصحيحة، فقُوة العلاقة بين المُربي والمُتربي تبعث الطمأنينة في التعبير والافصاح عن المشاعر وبذلك تكتمل قوة العلاقة بينهما.
التطبيق التربوي:
ومما يُعين المُربي على تقوية العلاقة بينه وبين المُتربي، ما يلي:
- كثرة مجالسة المُتربين، والحوار معهم، وطلب الاستشارة منهم، والأخذ بمشورتهم في المتيسر من الأمور، فمثلاً: يُخصص الوالدان يومًا في الأسبوع للجلوس بذهن صافٍ مع أولادهم، واللعب معهم، ومشاركتهم بعض القرارات، بحيث تخلو الجلسة من توجيه المُتربين ونُصحهم قدر الإمكان. مع ضرورة أن يكون للعائلة اجتماع يومي للتحدث مع بعضهم بأريحية والإخبار عمَّا جرى في يومهم من أحداث.
- إشعار المُتربي بالحُب، والأمان، ويظهر ذلك من خلال التعامل مع المواقف والأحداث، فمثلًا: عندما يُخطئ أو يُشتكى منه بفعل سلوكٍ خاطئ، تكون معاملة المُربي له برفق، وتوجيهه كيف يصحح فعله بهدوء، وإظهار المحبة له حتى عند خطأه، ويفصل محبة المُتربي عن الفعل، فيُوضح له ذلك بـ (أنا أحبك، ولكن لا أحب هذا الفعل).
- عدم التدقيق على أخطاء المُتربي، وإعطائه وقت لتصحيحها، وهذا يُكسب المُتربي تحمل مسؤولية أخطائه، ويقلل الاحتكاك السلبي بين المُربي والمُتربي، فبعض الأمور لا تحتاج إلى التدقيق خُصوصًا إذا كان المُتربي مُدرك لكيفية تصحيحها من غير ضرر عليه.
- فهم مشاعر المُتربي ومُساعدته في التعبير عنها، ففهم المشاعر من الأمور النفسية الوجدانية التي تجعل المُتربي يشعر بحنان المُربي وعطفه، ويُقلل من حدَّه الصراع النفسي الداخلي له، فمثلًا: لو منع المُربي ابنه من اللعب بالأجهزة الالكترونية أكثر من الوقت المسموح، فقد يشعر الابن بمشاعر الغضب ممزوجة بالحُزن، وقد يُعبر عنها بالصراخ أو البكاء، فهُنا يجلس المربي مع ابنه، ويقول: أعلم أنك حزين لأن وقت اللعب انتهى، هل هذا صحيح؟ ولكن في الغد -ان شاء الله- يُمكنك أن تلعب أيضًا، وكذلك المُعلم مع طلابه قد يرى في وجوههم حزنًا أو ألمًا بسبب اخفاقهم في الاختبار، وعندما يتفهم شُعورهم، ويتحدث معهم بعطف تنجلي تلك المشاعر المُؤلمة.
- مصاحبة المُتربي، ومشاركته هواياته واهتماماته، وهذا مما يُقوي أواصر العلاقة بين المُربي والمُتربي، مثلًا: أن يُشاهد المُربي مع ابنه مباراة لكرة القدم، ويظهر تعاطفه معه ورغبته في فوز فريق ابنه المفضل.
9/ تقديم المعلومات عن الظاهرة قبل تسميتها يُساعد المتعلم في فهمها ومعرفتها.
إن التعليم المباشر كأسلوب من أساليب التدريس، يعتمد على تقديم البيانات والمعلومات مُجزأة على الطالب؛ من أجل أن يقوم بتحليلها وتوضيحها حتى يتوصل إلى نتائج، وأسلوب “طرح الأُسئلة على التلاميذ لترسخ في القلوب وتثبت، لأن ما جرى منه في المذاكرة لا يكاد يُنسى.” (ابن البطال، 1423، ص141).
وفي حديث النخلة يتجلى لكل معلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قدّم البيانات والمعلومات اللازمة، التي يُمكن من خلال تحليلها والربط بينها، أن يصل الطالب إلى النتيجة المطلوبة من خلال المعلومات، أما المعلومات التي وردت في هذا الحديث عن النخلة، شجرة، لا يسقط ورقها، ولا تَحُتُّ، تُؤتي أكلها بإذن ربها، وحينما جمع ابن عمر _رضي الله عنهما_ هذه المعلومات بعضها إلى بعض استطاع بفطنته أن يصل إلى الحل وهي النخلة، فالمُثير هنا هو السُؤال والاستجابات شجر البوادي.
التطبيق التربوي:
وممَّا يُعين المُربي في تطبيق أسلوب تقديم المعلومات عن الظاهرة قبل تسميتها على المُتعلم، ما يلي:
- طرح المُربي الأسئلة المختلفة للمُتربين، التي تحفزهم على التفكير النقدي، (ماذا لو، كيف، لماذا)، ويستقبل اجاباتهم دون نقد أو رفض.
- استخدام وسائل تُعين المُتعلم على فهم الظاهرة. مثل: (عرض البيانات، التشبيه، المقارنة، القصص، وغيرها…)، حتى يستطيع الاهتداء إلى الظاهرة من خلال المعطيات.
- مُراعاة تناسب المعلومات المُقدمة لعُمر المُتعلم ومستوى فهمه، وإدراكه، وطرح الأسئلة بما يتناسب معهم، وهذا الأسلوب يُحفز العقل على التفكير، ويُمكن تطبيقه مع مُختلف الفئات العمرية بما يتناسب مع مداركهم.
- إتاحة الفرصة للمُتعلم بمُناقشة المعلومات المُقدمة وطرح الأسئلة، للاستزادة من عدد الاستجابات التي توصله لمعرفة الظاهرة.
10/ مشاركة الأحداث مجالس الكبار العلمية يُسهم في الاثراء المعرفي والفكري والاجتماعي.
لمُشاركة الأحداث مجالس العلماء أثر كبير في تنمية المهارات العلمية، وتوسعة المدارك العقلية، واتخاذهم للقدوات، وكذلك في تقوية مهارات الاتصال والتعبير والحوار والجدل العلمي، واشتغالهم بالعلم ومُجالسة العلماء عن مجالس اللهو، مما يُعظِّم حُب العلم في قلوبهم، “والعالمُ الكبير قد يخفى عليه بعض ما يدركه من هو دونه؛ لأن العلم منحةٌ إلهيةٌ ومواهبٌ رحمانيةٌ، وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء ” (العيني، د.ت، ص15)،فكان من نهجه -صلى الله عليه وسلم- إتاحة الفرصة للأحداث بالمُشاركة في هذه المجالس، والاستماع لهم والأخذ برأيهم، كما حدث في قصة استئذانه ابن عباس -رضي الله عنهما- لأنه كان عن يمينه في أن يُعطي الشراب للأشياخ قبله، وكانوا عن يساره، ومن عادته عليه الصلاة والسلام، أن يشرب ويُعطي من هو عن يمينه، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم- : (أتأذن لي أن أعطي هؤلاء؟)، فقال الغُلام: لا والله يا رسول الله! لا أُوثر بنصيبي منك أحدًا، فتلَّه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في يده. (صحيح البخاري، 1422، [3/ 161]، ح:2605). وكذلك أصحابه ساروا من بعده على نهجه، فهذا حكيم بن حزام يقرأ على معاذ بن جبل فقيل له: تقرأ على هذا الغُلام الخزرجي؟، قال: إنما أهلكنا التكبر. (ابن مفلح، د.ت، ص111).
فدل هذا الحديث، على أنه إذا علم الصغير ما يجهله الكبير فإنه ينبغي لمن كان عنده علم أن يذكره وينزع به وإن كان صغيرًا، ولا يعد ذلك منه سوء أدب ولا تنقصًا لحق الكبير، لأنه -عليه السلام- حين سأل أصحابه عن الشجرة التي شبهها بالمؤمن -وفيهم ابن عمر وغيره ممن كان دونه في السن- لم يوقف الجواب على الكبار فيهم خاصة، ودل على ذلك قول عمر لابنه: لو كنت قلتها كان أحب إليّ من كذا وكذا.. (ابن الملقن، 1429، ص538)، فعلى صغر سنِّ ابن عمر -رضي الله عنه- ومعه من يكبره قدرًا وعلمًا، إلا أنه فهم مغزى الرسول -صلى الله عليه وسلم- من السؤال.
التطبيق التربوي:
وممَّا يُعين في تطبيق مبدأ مُشاركة الأحداث مجالس الكبار العلمية، ما يلي:
- غرس حُب العلم في نفوس المُتربين منذ الصغر، من خلال ما يلمسونه في المُربي من حُب العلم وأهله، واشتغاله بالعلم النافع، واصطحابه المُتربين إلى مجالس العلم، وتعليمهم آداب تلك المجالس، وتقديمهم للعلماء، وتذكيرهم بفضل العلم وأهله، بما ورد في الكتاب والسنة، والأجر المترتب عليه، أيضًا تذكيره بما قاله العلماء، ومن ذلك: “تعلموا العلم فإن تعلمه لله خشية، وطلبه عبادة، ومذاكرته تسبيح، والبحث عنه جهاد، وتعليمه من لا يعلمه صدقة، وبذله لأهله قربه” (النووي، 1408، ص13).
- فهم التحديات التي تواجه المُتعلمين الصغار وتذليلها، وذلك باستخدام لغة واضحة مبسطة لشرح المفاهيم العلمية المُعقدة، حتى يتمكن المُتعلمين الصغار من فهمها.
- تحفيز الأحداث على المُشاركة والتفكير من خلال: طرح الأسئلة المفتوحة، وإقامة الأنشطة التفاعلية، والإشادة بمُشاركاتهم ودعمهم، وتنظيم دورات وندوات علمية للأحداث بمُشاركة خُبراء في مجالاتٍ علميةٍ مُختلفة، وتنظيم الزيارات المدرسية لحضورها.
- إتاحة الفرصة للأحداث للمُشاركة في المُؤتمرات العلمية، كحضور، أو كمتحدثين، في مجالات العلوم المختلفة.
- إقامة مشاريع علمية في الجامعات تتيح للأحداث المُشاركة فيها، كمشروع العلماء الصغار (Little Scientists) في جامعة هارفارد، والذي يُتيح للأحداث فرصة المُشاركة في الأبحاث العلمية.
11/ آداب المجالس العلمية، تُربي المُتعلم احترام العلم وأهله.
مما حثت عليه التربية الإسلامية سؤال الله العلم والاستزادة منه، يقول الله تعالى مخاطبا نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم-: فَتَعَٰلَى ٱللَّهُ ٱلۡمَلِكُ ٱلۡحَقُّۗ وَلَا تَعۡجَلۡ بِٱلۡقُرۡءَانِ مِن قَبۡلِ أَن يُقۡضَىٰٓ إِلَيۡكَ وَحۡيُهُۥۖ وَقُل رَّبِّ زِدۡنِي عِلۡمٗا ١١٤طه . فكلّما زاد علم المُسلم كلّما كان أكثر معرفة بالله، فكان أكثر قربًا منه، وسواءً كانت العُلوم شرعيةً في عُلوم القرآن والسنة، أو كانت في العُلوم المادية النافعة، فكلها عُلوم إسلامية تُفيد المُسلم في حياته وبعد مماته، وتُسهم في منفعة البشرية وعمارة الأرض، وقد رفع الله مكانة العلماء، وخصّهم بالفضل، فقال تعالى: يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا قِيلَ لَكُمۡ تَفَسَّحُواْ فِي ٱلۡمَجَٰلِسِ فَٱفۡسَحُواْ يَفۡسَحِ ٱللَّهُ لَكُمۡۖ وَإِذَا قِيلَ ٱنشُزُواْ فَٱنشُزُواْ يَرۡفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡ وَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ دَرَجَٰتٖۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرٞ ١١المُجَادلَة : . وقال سبحانه: وَمِنَ ٱلنَّاسِ وَٱلدَّوَآبِّ وَٱلۡأَنۡعَٰمِ مُخۡتَلِفٌ أَلۡوَٰنُهُۥ كَذَٰلِكَۗ إِنَّمَا يَخۡشَى ٱللَّهَ مِنۡ عِبَادِهِ ٱلۡعُلَمَٰٓؤُاْۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ٢٨فَاطِر . ولعظم مكانة العلم في التربية الإسلامية، كانت لمجالسه آداب ينبغي أن يتحلى بها طالب العلم، وآداب ينبغي أن يتحلى بها المُعلم، وقد حرص العلماء قديمًا وحديثًا على الاهتمام بها، والتأدب بآدابها. فرُوي عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: “من حقِّ العالم عليك أن تُسلم على القوم عامة وتخصّه بالتحية، وأن تجلس أمامه، ولا تُشيرنَّ عنده بيدك، ولا تعمدنَّ بعينك غيره، ولا تقولنَّ قال فلان خلاف قوله، ولا تغتابنَّ عنده أحدًا، ولا تُسارّ في مجلسه، ولا تأخذ بثوبه، ولا تُلح عليه إذا كسل، ولا تشبع من طول صحبته، فإنما هو كالنخلة تنتظر متى يسقط عليك منها شيء” (النووي، 1408، ص 47).
ويتضح في هذا الحديث أدب ابن عمر -رضي الله عنهما- وتوقيره لكبار الصحابة واستحياءه في أن يتقدم عليهم، وكذلك يتضح فيه توجيه عمر لابنه -رضي الله عنهما، في عدم استحباب الحياء عند تفويت المصلحة، “ودل على ذلك قول عمر لابنه: لو كنت قلتها كان أحب إليّ من كذا وكذا، “.
التطبيق التربوي:
وممَّا يُعين المُربي في تعليم المُتربين على آداب مجالس العلم بوسائل متنوعة، منها:
- اشعار المُتعلمين بأهمية العلم، وأهمية الالتزام بآدابه، وأن يكون المُربي قدوة في ذلك، بحضوره مجالس العلم واصطحاب المُتربي معه، وتذكيره بالآداب التي يجب أن يتحلى بها، وربط حضوره للمجالس والالتزام بآدابها بمكافئات تحفيزية.
- يعقد المُربي جلسات أسبوعية للمُتربين يذكر فيها قصص السلف وحرصهم على العلم وتأدبهم بأخلاقه، واحترامهم لمجالسه. أمثال، أصحاب الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ومن تتابع على أثرهم من أئمة الدين وفُقَّهاهم، وجعل تلك الجلسات تفاعليَّة، بحيث يتخللها الحوار، والسؤال.
- الحوار مع المُتربين في اكتشاف السلوكيات الحسنة ومعالجة السلوكيات السيئة التي تحدث في مجالس العلم. وقد يكون تطبيق ذلك أكثر نفعًا في الفصل الدراسي، بعد الفراغ من الدرس يُناقش المُعلم هذا الموضوع مع تلاميذه، ويشكرهم على السلوكيات الحسنة التي بدرت منهم، وطرح الحلول في تغيير السلوكيات السيئة.
- تطبيق أنشطة تفاعلية تُساعد المُتربين على تعلم آداب المجالس، مثل: تطبيق مشهد تمثيلي. ويُمكن تطبيقه في البيت أو المدرسة أو المسجد، ويمكن أيضا عرضه على وسائل الإعلام المختلفة.
- يُخصص المُربي مُكافئات تحفيزية لمن يلتزم بالتأدب بآداب المجالس، وأن يكون في علم المُتربين بوجودها، فالمُحفزات لها دور كبير في تعزيز السلوك.
12/ التدريب على مهارة الأصالة يُزود المُتعلم الإبداع في التفكير.
إن من أهم سمات التفكير الإبداعي، الأصالة، والطلاقة، والمُرونة، ويعد علماء النفس الأصالة أقوى المهارات، وهي الوصول إلى حلول جديدة، حلول غير مألوفة. والتميز في التفكير والندرة “ويمكن قياسها عن طريق احتساب كمية من الاستجابات غير المألوفة التي يمكن اعتبارها مقبولة، كاستجابة على أسئلة اختبار تداعي الكلمات، أو تقديم ارتباطات ومعان بعيدة وغير مُباشرة” (عبد العزيز، 1430، ص91)، يقول ابن تيمية (1411)، “ما من موجودين إلا بينهما قدرٌ مُشترك، وقدرٌ مميز، فإنهما لا بد أن يشتركا في أنهما موجودان ثابتان حاصلان، وأن كُلاً منهما له حقيقة هي ذاته ونفسه وماهيته، حتى لو كان الموجودان مُختلفين اختلافا ظاهرا كالسواد والبياض فلا بد أن يشتركا في مسمى الوجود والحقيقة ونحو ذلك، بل وفيما هو أخصّ من ذلك مثل كون كل منهما لونا وعرضا وقائما بغيره وهما مع هذا مختلفان” (ص83، 84).
وفي حديث الرسول _صلى الله عليه وسلم_ توجيه إلى أن يبحث السامع عن روابط متعددة تربط بين النخلة والانسان، مثل رابط الثبات، وعُلو الهمة، وغيرها، وهذا ممَّا استنبطه العلماء، وهذه الاستنباطات تُثبت مهارة التفكير الإبداعي وهو الأصالة.
التطبيق التربوي:
وممَّا يُعين المُربي في تدريب المُتربين على الأصالة عن طريق:
- اللعب بالألعاب التفاعلية التي تُنمي مهارات التفكير لديهم، سواءً كانت تلك الألعاب مُباشرة، أو عن طريق التطبيقات الرقمية المُفيدة. ويُكن للمُربي إجراء هذا النشاط مع المُتربين أو إتاحة الألعاب لهم. مثل: لعبة تكوين كلمات متعددة من عدد قليل من الحروف، فتكمن الأصالة في الابتكار بتكرار استعمال الحرف، مثلًا: لعبة الربط بين كلمتين أو ثلاث كلمات برابط مشترك غير مألوف.
- إقامة الأنشطة والمُسابقات التي تحفز على إعمال العقل، والتفكير خارج المألوف، ويُمكن للمُربي إجراء هذا النشاط في البيت، والاجتماعات العائلية، والمدرسة، وأيضا يُمكن تفعيل دور المسجد في إقامة مسابقات وأنشطة تفاعليه اسبوعية تجذب المُتربين إليه وتعلقهم به.
- تحفيز المُتربين على التفكير والإبداع، وتشجيعهم على إطلاق الأفكار الإبداعية، وذلك بعدم نقدهم نقدًا سلبيًا، والنظر إلى الهدف من فكرتهم، وإبداء الإعجاب بها، ومُساعدتهم على تحسينها وتطويرها وعرضها.
- إشراك المُتربين في دورات التفكير الإبداعي، وإقامة تلك الدورات في المدارس، والمراكز المجتمعية؛ للمُساعدة في تنمية الفكر الإبداعي لدى المُتربين.
13/ الاهتمام بجمال المظهر والمخبر، مطلب من مطالب التربية الإسلامية.
التربية الإسلامية تربيةً متناسقةً، منظمةً، شاملةً، فهي تربيةٌ ربانيةٌ متكاملةٌ، فكل ما يأمر به هذا الدين يُؤدي إلى الجمال، وممَّا يستوجب على المُسلم، الاهتمام بجمال المظهر دون مبالغة، فيهتم بنظافة ملبسه وترتيب شعره، وحُسن هيئته، مُمتثلًا لقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله جميل يحب الجمال)، فعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر)، قال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة. قال: (إن الله جميل يحب الجمال. الكبر بطر الحق وغمط الناس) (مسلم، 1374، [1/ 65]، ح: 91). والتربيةُ الجماليةُ جزءً لا يتجزأ من التربية الإسلامية، فهي سمة من سماتها، وهي تربية تتناول جميع المسلمين، وكل من التزم بالإسلام، وتمتد عبر حياته كلها، وتُصبغ نفس الانسان بصبغتها فبالتالي تُجمل نشاطاته، ولا تكون قاصرة على جانب واحد، فالجمال لا يقوم بنفسه، وإنما يقوم بغيره، فكل تربية إسلامية هي تربية جمالية (الشامي، 1408، ص20،21). وكل جمال في الكون يدل على جمال الخالق سبحانه وإبداعه في خلقه.
ويتضح توجيه الُمسلم بالاهتمام بالتربية الجمالية من خلال الربط بين وجه من أوجه الشبه بين المسلم والنخلة وهو بهاءُها وجمال منظرها، فتتميز النخلة “بجمال نباتها وحُسن ثمرها وهي كلها منافع وخير وجمال” (العيني، د.ت، ص14). والمُسلم يهتم بجماله ظاهرًا وباطنًا.
التطبيق التربوي:
ومما يُعين المُربي في غرس القيم الجمالية لدى المُتربي، ما يلي:
- صقل قدرات المُتربين على استشعار الجمال، وإدراكه فيما حولهم، فيكون جميلًا كما النخلة، وذلك من وسائل عدة، منها:
- تطبيق ما تتضمنه المناهج المدرسية من القيم الجمالية، في جميع المواد العلميّة (جماليات الذوق في الدراسات الإسلامية، وجمال التذوق اللُّغوي في اللغة العربية والعلوم البيانية، مثل السجع والمقابلة والتشبيه وغيرها…، وجماليات الاختراعات والاكتشافات العلمية، وجماليات الإبداع بالأشكال الهندسية، …) وتفعيل تلك القيم مع المُتعلمين والمُتربين ومُتابعة تطبيقها.
- ارشاد المُتربي إلى التفكر في الطبيعة، وتنمية الحس الجمالي لديه، من خلال تبصرته بتناسق الألوان، وجمال المشهد، والتأمل في مخلوقات الله، وتحسس الطبيعة من الشجر والزهر والحيوانات، ومُساعدته على استشعار جمال خلق الله، سواء جمال المظهر، أو جمال الألوان، أو جمال الملمس، أو جمال الرائحة.
- تكوين الحسّ الجمالي لدى المُتربين في أنفسهم، من خلال تعليمهم قواعد عامّة في الذوق الجمالي، ومنها:
- الاهتمام بنظافة البدن، وتصفيف الشعر، وتذكيرهم بقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (من كان له شعر فليُكرمه) (أبي داود، 1423، [4/ 254]، ح: 4163)، وتعليمهم ما كان من هديه من الاعتناء بشعره وترجيله وتطويله،
- الاهتمام بنظافة الملبس، والمتاع، والمحافظة على نظافتها قدر المستطاع، ووضعها في الأماكن المناسبة، وتذكيرهم بقول الله تعالى: وَثِيَابَكَ فَطَهِّرۡ ٤المُدَّثِّر . وكذلك الاهتمام بنظافة المكان وتطهيره، والاهتمام بما يُضفي له البهجة من الزينة المباحة، في أي مكان ينزلون به.
- الاهتمام بالمخبر، وتعليمهم حُسن اختيار الألفاظ في التعامل مع الناس، مع المُحسن والمُسيء منهم، ومن المُهم اشعار المُتربين بهذه القيم الجميلة وربطها في تحقيق العبودية، وابتغاء الأجر من الله، والاهتمام بتلك القيم من غير إسراف ولا تبذير ولا خيلاء، بل امتثالًا لما أمر الله، واقتداءً بنبيهم محمد -صلى الله عليه وسلم-.
الفصل الثالث
أولًا: الحيوان في التربية الإسلامية.
خلق الله -جل وعلا- الحيوانات، وجعلها مُسخَّرة للإنسان وذلّلها له؛ حتى ينتفع بها، يقول الله تعالى: وَٱلۡأَنۡعَٰمَ خَلَقَهَاۖ لَكُمۡ فِيهَا دِفۡءٞ وَمَنَٰفِعُ وَمِنۡهَا تَأۡكُلُونَ ٥ وَلَكُمۡ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسۡرَحُونَ ٦ وَتَحۡمِلُ أَثۡقَالَكُمۡ إِلَىٰ بَلَدٖ لَّمۡ تَكُونُواْ بَٰلِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ ٱلۡأَنفُسِۚ إِنَّ رَبَّكُمۡ لَرَءُوفٞ رَّحِيمٞ ٧ وَٱلۡخَيۡلَ وَٱلۡبِغَالَ وَٱلۡحَمِيرَ لِتَرۡكَبُوهَا وَزِينَةٗۚ وَيَخۡلُقُ مَا لَا تَعۡلَمُونَ ٨النَّحۡل . ولكل من هذه الحيوانات خصائص مختلفة، ومنافع متعددة، “و ما من خلق في الأرض إلا وهو ينتظم في أمَّةٍ، ذات خصائص واحدةٍ، وذات طريقةٍ واحدةٍ، شأنها في هذا شأن أُمة من الناس” (خياط، 1416، ص 208). قال تعالى: وَمَا مِن دَآبَّةٖ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا طَٰٓئِرٖ يَطِيرُ بِجَنَاحَيۡهِ إِلَّآ أُمَمٌ أَمۡثَالُكُمۚ مَّا فَرَّطۡنَا فِي ٱلۡكِتَٰبِ مِن شَيۡءٖۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمۡ يُحۡشَرُونَ ٣٨الأَنۡعَام : ﵘ. وقد ضرب الله به المثل في القرآن الكريم؛ ليعتبر أولوا الألباب، ومن ذلك قول الله تعالى: مَثَلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوۡلِيَآءَ كَمَثَلِ ٱلۡعَنكَبُوتِ ٱتَّخَذَتۡ بَيۡتٗاۖ وَإِنَّ أَوۡهَنَ ٱلۡبُيُوتِ لَبَيۡتُ ٱلۡعَنكَبُوتِۚ لَوۡ كَانُواْ يَعۡلَمُونَ ٤١العَنكَبُوت . كما أنه سبحانه أوحى إلى النحل، “فتوجيهه وإرشاده لم يقتصر على الإنسان، بل شمل الحيوان أيضًا” (خياط، 1416، ص208)، يقول تعالى: وَأَوۡحَىٰ رَبُّكَ إِلَى ٱلنَّحۡلِ أَنِ ٱتَّخِذِي مِنَ ٱلۡجِبَالِ بُيُوتٗا وَمِنَ ٱلشَّجَرِ وَمِمَّا يَعۡرِشُونَ ٦٨ ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَٰتِ فَٱسۡلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلٗاۚ يَخۡرُجُ مِنۢ بُطُونِهَا شَرَابٞ مُّخۡتَلِفٌ أَلۡوَٰنُهُۥ فِيهِ شِفَآءٞ لِّلنَّاسِۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَةٗ لِّقَوۡمٖ يَتَفَكَّرُونَ ٦٩النَّحۡل . فعلاقة الإنسان بالحيوان في التربية الإسلامية علاقة تسخير وانتفاع، في حدود الرأفة والرحمة والإحسان، كما جعله الله آية يُستدل به على وحدانيته سبحانه، من خلال التفكر في خلقه وسُبل معيشته، فتبارك الله أحسن الخالقين.
ثانيُا: مفهوم الحيوان لغةً واصطلاحًا.
1: مفهوم الحيوان لغةً:
ذكر ابن منظور (1414)، معنى الحيوان: اسم يقع على كل شيء حي، وسمى الله عز وجل الآخرة حيوانًا فقال: وإن الدار الآخرة لهي الحيوان” (ص214). “ومصدر حيي، وحياة، وهو جسم نام حساس متحرك بالإرادة، وهي كل ما عدا الإنسان من أنواع الحيوانات ”حيوان بري/ مفترس/ بحري/ أليف/ طفيلي- جمعية الرفق بالحيوان- حيوانات مجترة/ ثديية/ فقارية/ قشرية/ قاضمة/ داجنة (عمر، 1429، ص 598).
2: مفهوم الحيوان في الاصطلاح العلمي:
“كائن حي قادر على الحركة والتنقل، ويحتوي جسمه على الدم، ويعتمد في غذائه على الغطاء النباتي بصورة مباشرة أو غير مباشرة” (الشلش، 1981، ص10).
ويقصد به في هذا البحث: ما دلَّ على الكائنات الحيَّة المتحركة من غير جنس البشر، في الأحاديث النبوية التي ورد فيها تشبيه المسلم.
ثالثًا: المضامين التربوية في الأحاديث النبوية التي ورد فيها تشبيه المُسلم بالحيوان.
الحديث الأول:
-عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (مَثَلُ الْمُؤْمِنِ وَمَثَلُ الْإِيمَانِ، كَمَثَلِ الْفَرَسِ فِي آخِيَّتِهِ يَجُولُ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى آخِيَّتِهِ، وَإِنَّ الْمُؤْمِنَ يَسْهُو، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى الْإِيمَانِ، فَأَطْعِمُوا طَعَامَكُمُ الْأَتْقِيَاءَ، وَأَوْلُوا مَعْرُوفَكُمُ الْمُؤْمِنِينَ). أخرجه أحمد في مسنده، مسند المكثرين من الصحابة، مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. (18/85)، ح: (11562).
أولًا: أطراف الحديث:
1: باب ما جاء في صحبة المؤمن
عن أبي سعيد الخدري، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تُصاحب إلا مؤمنا، ولا يأكل طعامك إلا تقي) (الترمذي، 1395، [4/ 600]، ح: 2395).
ثانيًا: معاني الكلمات:
- (كمثل الفرس في آخيته): عروة حبل في وتد يدفن طرفا الحبل في أرض فيصير وسطه كالعروة، ويشد بها الدابة في العلف (القاري، 1422، ص 2737).
- (يجول): يدور (المرجع السابق).
ثالثًا: شرح الحديث:
حرص الرسول -صلى الله عليه وسلم- على تعليم أمته ما ينفعهم في دينهم ودنياهم، وما يصون علاقاتهم ببعضهم، فضرب الرسول -صلى الله عليه وسلم – المثل في حال المُؤمن مع الإيمان، وكيف يُؤثر فيه الإيمان حتى وان ابتعد عنه، فشبهه بالفرس المربوط بحبلٍ، ومثبتٌ في الوتد، فيجول الفرس في حدود المسافة بين الحبل والوتد، ولا يُمكنه الهروب أو الإفلات؛ لأن الوتد يمنعه من الابتعاد عنه، فيشُدُّ الفرس إليه كلما حاول أن يبتعد عنه، “فكذلك المُؤمن يبتعد عن إيمانه، وهو شعبه كالصلاة، والزكاة وغيرهما، كما أن الفرس يبتعد عن آخيَّته ثم يعود إليها” (ابن الملك،1433، ص 581)، ثم ذكر الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعض من أعمال البِّر التي تُقوي العلاقة بين المُؤمن والإيمان، وتقوي العلاقة بين المؤمنين، فأمر بإطعام عباده الذين يخشونه ويتقونه، وتخصيص المُصاحبة للمُؤمنين، وكذلك “بتخصيص المؤمنين بالإحسان دون المنافقين والكافرين” (القاري، 1422، ص2738)، وذلك ممَّا يحض على التواصل، والتوادِّ والتصاحب بين المسلمين.
رابعًا: المضامين التربوية المستنبطة من الحديث الخامس:
1/ اللجوء إلى الإيمان بالتوبة والإنابة يُعين المُسلم في الثبات على دينه.
ملجأ المُسلم إلى الله في كل حين، ومن سمات المُسلم اللجوء إلى الإيمان توبةً وإنابةً، وعلاقة المُؤمن بالإيمان علاقةٌ ارتباطية، فالإيمان مرجعًا له يعود إليه في كل حين، ” فهو ملجأ المُؤمن في كل ما يلم به من سرور وحزن وخوف وأمن وطاعة ومعصية وغير ذلك من الأمور التي لا بد لكل أحد منها” (السعدي، د.ت، ص 98)، فيلجأ إليه تائبًا مُجددًا لإيمانه، ويلجأ إليه مُقلعًا من ذنب، “فمنزل التوبة أول المنازل، وأوسطها، وآخرها، فلا يفارقه العبد السالك، ولا يزال فيه إلى الممات، وإن ارتحل إلى منزل آخر ارتحل به، واستصحبه معه ونزل به، فالتوبة هي بداية العبد ونهايته، وحاجته إليها في النهاية ضرورية، كما أن حاجته إليها في البداية” (ابن القيم، 1416، ص196)، ولا تكون التوبة الا باستيفاء شروطها، “فالأول: الإخلاص لله، والثاني: الندم على ما فعل، والثالث: الإقلاع عنه، والرابع: العزم على ألا يعود، والخامس: أن تكون التوبة قبل غلق الأبواب” (ابن عثيمين، 1437، ص220، 221).
وفي هذا الحديث شبه الرسول -صلى الله عليه وسلم- المُؤمن والإيمان مثل (الفرس في آخيَّته) فالإيمان، الوتد الثابت الذي يتمسك به المُسلم ليثبت على دينه، “والمؤمن مربوط بالإيمان لا انفصام عنه، وان ابتعد عن الايمان وملازمة الطاعة، فإنه يعود إلى إيمانه، ويرده إيمانه إلى الطريق الصحيح، فيندم ويتوب، ويتدارك ما فاته من العبادة” (القاري، 1422، ص2737)، ويُحاسب نفسه على تفريطها وتقصيرها، ويعود تائبا من ذنوبه منيبًا إلى ربه وعلى هذا دأبه في الحياة الدنيا.
التطبيق التربوي:
وممَّا يُعين المربي في تربية المُتربي على الرجوع إلى الإيمان بالله بالتوبة والإنابة، ما يلي:
- تبصير المُتربين بأسماء الله الحسنى الدَّالة على عفو الله ومغفرته سبحانه، منها (الغفور، والرحيم، والتواب)، ويُقرب معناها في أذهان المتربين، فمثلًا: عندما يُذنب المُتربي، يُدله المُربي إلى التوبة من الذنب ويُخبره بأن الله (غفورٌ رحيم) فمن رحمته أن جعل باب التوبة ليُصلح المُسلم خطأه، فيغفر له ويتجاوز عن سيئاته.
- توجيه المُتربين إلى تجديد إيمانهم بالتوبة، وسبيل ذلك: حثهم على مُراقبة الله في السر والعلن، وتدبر القرآن الكريم، ومُداومة الذكر، والتفكر في النفس والكون، والاجتماع بالصحبة الصالحة التي تُعين على البر والتقوى، وغير ذلك من أعمال البر.
- استفادة المُربي من قصص التائبين في القرآن الكريم، والسنة النبوية، ومناقشتها مع المُتربي، ومنها: توبة الأنبياء عليهم السلام، وتوبة كعب بن مالك وصاحبيه، وتبصير المُتربين باللجوء إلى الله بالتوبة وعدم الإصرار على الذنب.
2/ الرجوع إلى الإيمان يُنجي المُسلم من الغفلة.
إن الغفلة من أعظم أمراض القلوب التي تُورد صاحبها المهالك، “ويُحرم بها المُسلم الكثير من الأجور، فالنجاة منها هي السعادة، والبُعد عنها رُقي في درجات العبادة، والحذر منها حصن من العقوبات في الدنيا، وفوز بالنعيم بعد الممات” (الحذيفي، 1444)، فالغفلة عن العبادات تُؤدي إلى التقصير في أدائها والتهاون فيها، وغياب تذكر فضلها وأهميتها، “وغفلة المُسلم هي غفلةٌ عن بعض الأعمال الصالحة التي لا يُضاد تركها إسلامه” (الحذيفي، 1444). وقد نهى الله -عز وجل- عن الغفلة في أكثر من موضع في كتابه الكريم، فقال: وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ نَسُواْ ٱللَّهَ فَأَنسَىٰهُمۡ أَنفُسَهُمۡۚ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ ١٩الحَشۡر. “ولاريب أن القلب يصدأ كما يصدأ النحاس والفضة وغيرهما، فجلاؤه بذكر الله، فإنه يجلوه حتى يدعه كالمرآة البيضاء، فإذا تُرك صُدئ، فإذا ذكره جلاه، وصدأ القلب بأمرين: بالغفلة والذنب، وجلاؤه بشيئين: بالاستغفار والذكر” (ابن القيم، 1999، ص40).
وفي هذا الحديث، شبه الرسول -صلى الله عليه وسلم المُسلم بالفرس في آخيّته، يجول ثم يعود، (وإن المؤمن يسهو، ثم يرجع إلى الإيمان) “فقد يغفل عن الايمان، ويبتعد عن مراتب الاحسان، ثم (يرجع إلى الإيمان) بعون الرحمن” (القاري، 1422، ص2737)، “فالمُؤمن يجول ما يجول في الغفلة والتجرؤ على بعض الآثام، ثم يعود سريعًا إلى الإيمان الذي بنى عليه أموره كلها ” (السعدي، د.ت، ص98)، وبذلك تكون النجاة من الغفلة، برجوع المُسلم إلى الإيمان، والاستزادة منه، وترك ما كان عليه من المعاصي والآثام.
التطبيق التربوي:
ومما يُعين المُربي في تربية المُتربي على التنبه من الغفلة ما يلي:
- تشجيع المُتربي على حضور مجالس الذكر، وترغيبه بمُجالسة العلماء والصالحين، وتعليمه الأجر المترتب على حضور تلك المجالس، وتذكيره بقول الله -جل جلاله-: وَٱصۡبِرۡ نَفۡسَكَ مَعَ ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ رَبَّهُم بِٱلۡغَدَوٰةِ وَٱلۡعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجۡهَهُۥۖ وَلَا تَعۡدُ عَيۡنَاكَ عَنۡهُمۡ تُرِيدُ زِينَةَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ وَلَا تُطِعۡ مَنۡ أَغۡفَلۡنَا قَلۡبَهُۥ عَن ذِكۡرِنَا وَٱتَّبَعَ هَوَىٰهُ وَكَانَ أَمۡرُهُۥ فُرُطٗا ٢٨الكَهۡف . وإبعاد المُتربي عن مجالس اللهو والفسق، ورفقة السوء، وتذكيره بخطر تلك المجالس وأولئك الأصحاب.
- تعويد المُربي على الذكر، والمُحافظة عليها، والتفكر في خلق الله، والتأمل في قدرة الله وملكوته. قال سبحانه: وَٱذۡكُر رَّبَّكَ فِي نَفۡسِكَ تَضَرُّعٗا وَخِيفَةٗ وَدُونَ ٱلۡجَهۡرِ مِنَ ٱلۡقَوۡلِ بِٱلۡغُدُوِّ وَٱلۡأٓصَالِ وَلَا تَكُن مِّنَ ٱلۡغَٰفِلِينَ ٢٠٥الأَعۡرَاف . فيوجهه المُربي إلى تأمل السماء والتفكر في خلقها، وكيف رفعها الله بلا عمد، وإلى الغروب والشروق، وما يشاهده من المحسوسات الكونية، ويُعبر عن مشاعره تجاهها، ثم يُذكره المُربي بأن ذلك عبادة يُتقرب بها إلى الله -عز وجل-، فكل ذلك من العبادات التي تنجَّي المُسلم من الغفلة.
3/ الرفقة الصالحة تُعين المُسلم على تقوية إيمانه بالله عز وجل.
مما لا شك فيه أهمية اختيار الجليس؛ نظرا لشدة تأثر الجُلساء ببعضهم، سواء كان ذلك التأثير حسنًا أو سيئًا، ولأهمية انتقاء الصِّحاب، فقد وضع الله -جل وعلا- معيارًا لاختيارهم ومصاحبتهم، فيكون اختيارهم على أساس التقوى؛ لما في ذلك من النفع على صاحبه في الدنيا والآخرة، فقال -عز وجل: ٱلۡأَخِلَّآءُ يَوۡمَئِذِۭ بَعۡضُهُمۡ لِبَعۡضٍ عَدُوٌّ إِلَّا ٱلۡمُتَّقِينَ ٦٧الزُّخۡرُف . وكذلك أكَّد الرسول -صلى الله عليه وسلم- على أهمية اختيار الرفقة الصالحة في أحاديث عدة، منها: ما رواه أبي هريرة -رضي الله عنه: (الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يُخالل) (أبي داود، 1430، [7/ 204]، ح: (4833)، وفي ذلك تحذير ووعيد في أهمية اختيار الصاحب، وخطورة تأثيره على الدين والمُعتقد، وفيه ضرب الرسول -صلى الله عليه وسلم- المثل، في أنواع الجلساء، فقال: فيما رواه أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ، كَمَثَلِ صَاحِبِ الْمِسْكِ وَكِيرِ الْحَدَّادِ، لَا يَعْدَمُكَ مِنْ صَاحِبِ الْمِسْكِ: إِمَّا تَشْتَرِيهِ أَوْ تَجِدُ رِيحَهُ، وَكِيرُ الْحَدَّادِ: يُحْرِقُ بَدَنَكَ أَوْ ثَوْبَكَ، أَوْ تَجِدُ مِنْهُ رِيحًا خَبِيثَةً) (البخاري، 1422، [3/ 63]، ح: (2101). فالرفقة الصالحة، تُعين المُسلم على طاعة الله، ويُثمر فيهم العطاء، كما أن الإحسان إليهم سبب في زيادة الحسنات، وأنّ ممَّا يقرب الصِحاب، ويزيد من الأُلفة والودّ إطعام الطعام؛ “لأن “المطاعمة تُوقع الأُلفة والمحبة في القلوب، وفي ذلك تحذير من صُحبة من ليس بتقيّ، وزجرٌ عن مُخالطته ومُؤاكلته” (الصديقي، 1415، ص 123).
وفي هذا الحديث، خصَّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- المتقين بقوله: (وأطعموا طعامكم الأتقياء)، والمؤمنين، بقوله: (لا تُصاحب إلا مؤمنا)، وفيه إشارةٌ الى اختيار الرفقة الصالحة، “فهو يتقوى بطعامك على طاعة الله، فيدعو لك، ويستجاب دعاؤه في حقك (القاري، 1422، ص2738). فدعوة الأتقياء إلى الطعام من أسباب تقوية الوسائل التي تصل بين المُسلم والإيمان؛ فينبغي للمُسلم أن يتحرى في اختيار الصِّحاب من كان ذو إيمانًا وتقوى فيكون له أنيسًا في الدنيا، وشفيعًا في الآخرة.
التطبيق التربوي:
مما يُعين المُربي في تربية المُتربي على حُسن اختيار الجليس والنديم، ما يلي:
- التحدث مع المُتربين عن أهمية الصداقة، والقيم التي تقوم عليها، وصفات الصديق الصالح والصديق السيء، وما يترتب على كل منهما من الخير والضر، وتعليم المُتربي مهارات التواصل الاجتماعي، وذلك عن طريق: التعرف على الناس بمشاركته في الأنشطة الاجتماعية المختلفة، وتدريبه على مهارات حل المشكلات، ومن المُهم إقامة المُربين دورات تدريبية عن مهارات التواصل الاجتماعي للمُتربين، فتلك الخطوات تُبصر المُتربي عند اختيار الصديق، فالصاحب الصالح يُعين صاحبه على البر والتقوى؛ لذلك قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- (لا تُصاحب إلا مؤمنًا)، وقوله: (وأطعموا طعامكم الأتقياء).
- الحوار مع المُتربي عن صداقاته، والإصغاء إليه جيدا، وتشجيعه على التعبير عن مشاعره، وتعليمه مهارة اختيار الأصدقاء، وذلك من خلال: القيم والأخلاق التي يجب اتباعها في اختيار الصديق، واتخاذ الوقت الكافي للتأكد من صلاح الشخص وحُسن سلوكه، وأيضًا، تشجيعه على تغيير دائرة معارفه في حال كان تأثيرهم عليه سلبيًا، والتعرف على أصدقاء المُتربي، ومراقبة سلوكهم، والتعرف على والديهم، وكذلك التحدث مع المعلمين، عن علاقات المُتربي الاجتماعية في المدرسة.
- توظيف القصص والألعاب التمثيلية لمُساعدة المُتربي على فهم المواقف الاجتماعية المُختلفة، وإقامة مسرحيات في الأنشطة اللاصفية عن الصداقة وأثرها، وذلك يُعين المُتربي للتفطن عند اختيار الأصحاب.
4/ تفضيل المُسلم لأخيه المُسلم، يُؤكد أواصر الأخوة الإسلامية.
نظمت التربية الإسلامية العلاقات الاجتماعية، وأعطت لكل ذي حقٍ حقه، وجعلت منزلة الأُخوة في الدين تعلو على ما سواها، وربطت بلوغ كمال الايمان بالمحبة الصادقة بين المسلمين، فعن أنس -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ) (البخاري، 1422، [1/ 12]، ح: 13). فتُعتبر الأُخوة الإسلامية من أسمى القيم، فهي علاقة تربط بين المسلمين جميعهم، على اختلاف أجناسهم وألوانهم وأعراقهم، لذا حثَّت التربية الإسلامية على كل ما من شأنه يقوي أواصر هذه العلاقة ويُبقيها، قال الله تعالى: إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِخۡوَةٞ فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَ أَخَوَيۡكُمۡۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ ١٠الحُجُرَات ، “فهذا عقدٌ، عقده الله بين المؤمنين، أنه إذا وجد من أي شخص كان، في مشرق الأرض ومغربها، الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، فإنه أخٌ للمؤمنين أُخوة توجب أن يُحب له المؤمنون، ما يُحبون لأنفسهم، ويكرهون له، ما يكرهون لأنفسهم” (السعدي،1420 ، ص800) وهذا واجب حال المؤمنين مع بعضهم.
وفي قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (وأولوا معروفكم المؤمنين)، إشارةٌ إلى تقديم المُسلم بالخير، “وتخصيص المؤمنين بالإحسان والعطايا، دون المنافقين والكافرين” (القاري، 1422، ص2738)، فتخصيص المُسلم المعروف لأخيه المُسلم واجب على كل المُسلمين؛ لما له من بالغ الأثر في تقوية أواصر الأخوة الإسلامية، وبناء مجتمع إسلامي قوي متماسك ومتعاون.
التطبيق التربوي:
ومما يُعين المربي على غرس مفهوم تقديم المُسلم بالخير على من سواه في المُتربي ما يلي:
- اشعار المُتربي بما يحصل عليه من الخير في احسانه للمُسلمين، فقد يكون المُحسن إليه ممَّن تُجاب له الدعوات فيدعو له بالخير، أو يدله على ما ينفعه في دينه ودنياه، وتعويده على تقديم الاحسان للمؤمنين، مثلًا: إعطاء المُتربي طعامًا ليُهديه إلى جاره المُسلم، وكذلك مُشاركة المُتربي عند توزيع الزكاة، فيُبادر بإعطائها للمؤمنين.
- توجيه المُربي على تفقد قلبه وطهارته على اخوته المُسلمين، وتحذيره من اضمار العداوة والبغضاء لهم. وتعليمهم تكرار هذا الدعاء، قال تعالى: وَٱلَّذِينَ جَآءُو مِنۢ بَعۡدِهِمۡ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لَنَا وَلِإِخۡوَٰنِنَا ٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلۡإِيمَٰنِ وَلَا تَجۡعَلۡ فِي قُلُوبِنَا غِلّٗا لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ رَبَّنَآ إِنَّكَ رَءُوفٞ رَّحِيمٌ ١٠الحَشۡر . فمثلًا: إذا تكرَّم زميله في الصفّ، لتميّزه بشيءٍ ما، يُهنئه ويفرح له، ويُبارك له، وكذا إذا رأى ما يُعجبه يدعو لصاحبه بالبركة، ويسأل الله أن يرزقه من فضله، فذاك يُعين المُتربي على تطبيق مبدأ تفضيل أخيه المُسلم بالخير ممَّا يُعزز روح الأخوة الإسلامية بين المُسلمين.
5/ التسامح والعفو بتقبل أعذار الآخرين، والتغاضي عن زلاتهم يُسهم في تماسك المُجتمع وتآلفه.
أرست التربية الإسلامية قواعد العدل، ودعت إلى التسامح والعفو؛ لما فيه من تماسك المجتمع، وتآلفهم وترابطهم، قال تعالى: وَلَا تَسۡتَوِي ٱلۡحَسَنَةُ وَلَا ٱلسَّيِّئَةُۚ ٱدۡفَعۡ بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُ فَإِذَا ٱلَّذِي بَيۡنَكَ وَبَيۡنَهُۥ عَدَٰوَةٞ كَأَنَّهُۥ وَلِيٌّ حَمِيمٞ ٣٤فُصِّلَت . ولم تغفل عن حقّ المُسلم في ردِّ الإساءة بمثلها، ولكن شتَّان بينهما في الفضل، فقال تعالى: وَجَزَٰٓؤُاْ سَيِّئَةٖ سَيِّئَةٞ مِّثۡلُهَاۖ فَمَنۡ عَفَا وَأَصۡلَحَ فَأَجۡرُهُۥ عَلَى ٱللَّهِۚ إِنَّهُۥ لَا يُحِبُّ ٱلظَّٰلِمِينَ ٤٠الشُّورَى . وجعل “شرط العفو الإصلاح فيه، وجعل أجر العافي على الله ما يُهيِّج على العفو، وأن يُعامل العبد الخلق بما يُحب أن يُعامله الله به، وكما يُحب أن يُسامحه الله، فليُسامحهم، فإن الجزاء من جنس العمل” (السعدي، 1420، ص760). فالعفو والتسامح انتصار على شهوات النفس بالرغبة في رد الإساءة، فلمّا كان سبيلٌ للإصلاح جعل الله فيه العزّ والرفعة لمن يعفو ويصفح، “ودرجة الحُلم، والصبر على الأذى، والعفو عن الظلم، أفضل أخلاق أهل الدنيا والآخرة، يبلغ الرجل بها ما لا يبلغه بالصيام والقيام” (ابن تيمية، د. ت، ص234).
وفي قبول الله -عز وجل- لتوبة المُسلم وتقبل رُجوعه، إشارة إلى التسامح والعفو عن أخطاء الآخرين وزلاتهم، وتقبل اعتذارهم، يقول الله تعالى: … وَلۡيَعۡفُواْ وَلۡيَصۡفَحُوٓاْۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغۡفِرَ ٱللَّهُ لَكُمۡۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٌ ٢٢النُّور : . فينبغي للمُسلم أن يتحلى بهذه الصفة؛ لينال الأجور العظيمة التي أعدَّها الله للعافين عن الناس، وليُسهم في تآلف المُجتمع وطمأنينته واستقراره.
التطبيق التربوي:
ممَّا يُعين المربي في تربية المتربي على التسامح والعفو بتقبل أعذار الآخرين، والتغاضي عن زلاتهم، ما يلي:
- أن يكون المُربي قدوة، فيرى فيه المُتربي التسامح والعفو خصوصًا في تعامله معه، ويُشعره بأنه عفا عنه، ويتقبل اعتذاره، وأيضًا في اعتراف المُربي بأخطائه، والاعتذار لمن أساء إليهم.
- الحوار مع المُتربي في كيفية تطبيق التسامح والعفو في حياته، وتذكيره بأن يتعامل مع الآخرين كما يُحب أن يُعامله الله، وكما يُحب أن يُعاملوه. فمثلًا: إذا أخطأ عليه أحد ثم عاد إليه مُعتذرًا نادمًا على ما حصل، فيضع نفسه مكان هذا الشخص، ويتصرف معه بالمُعاملة التي يُحب أن يُعاملوه بها.
- الاستفادة في تعزيز قيمة التسامح والعفو من مواقف النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا سيما قصة عفوه عمن آذوه من المُشركين يوم فتح مكة، وقصة يوسف مع إخوته حيث قال الله تعالى على لسانه: قَالَ لَا تَثۡرِيبَ عَلَيۡكُمُ ٱلۡيَوۡمَۖ يَغۡفِرُ ٱللَّهُ لَكُمۡۖ وَهُوَ أَرۡحَمُ ٱلرَّٰحِمِينَ ٩٢يُوسُف . فيُعود المُتربي على قول (لا تثريب عليكم) مع إخوانه والعفو عنهم.
6/ الشكر وردّ المعروف مطلب من مطالب التربية الإسلامية.
من حُسن خُلق المُسلم إحسانه لمن أسدى إليه معروفا، فإن لمن يُحسن فيكون الرد بالمثل، وعليه أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فروى عنه ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال: (من استعاذكم بالله فأعيذوه، ومن سألكم بالله فأعطوه، ومن دعاكم فأجيبوه، ومن آتى إليكم معروفًا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه، فأثنوا عليه حتى تعلموا أن قد كافأتموه) (أبي داوود، 1419، [3/ 411]، ح: 2007). فبالشُكر يتقرب المُسلم إلى الله بالعبادة، فعَنْ زِيَادٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْمُغِيرَةَ -رضي الله عنه- يَقُولُ: ( إِنْ كَانَ النَّبِيُّ ﷺ لَيَقُومُ لِيُصَلِّيَ حَتَّى تَرِمُ قَدَمَاهُ، أَوْ سَاقَاهُ فَيُقَالُ لَهُ، فَيَقُولُ: أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا) (البخاري، 1422، [2/ 50]، ح: 1130)، وبالشكر تتقوى أواصر المُجتمع ويسود بينهم الألفة والمحبة، وبالشكر تُطهر النفوس من الضغائن، وردَّ المعروف يزرع فيها السعادة والطمأنينة، وبالشكر زيادة النعم، لقول الله تعالى: وَإِذۡ تَأَذَّنَ رَبُّكُمۡ لَئِن شَكَرۡتُمۡ لَأَزِيدَنَّكُمۡۖ وَلَئِن كَفَرۡتُمۡ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٞ ٧إِبۡرَاهِيم . ولأهمية الشُّكر للمُسلم ربط الله سبحانه شُكر الناس بشُكره، قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (من لم يشكر الناس لم يشكر الله) (الترمذي،1395، [4/ 339]، ح: 1955).
وذُكر في الحديث (وولُّوا معروفكم المؤمنين)، وفيه إشارةٌ أنّ من صفات المتّقين حفظ الودّ، وردّ الاحسان بالإحسان، والشكرُ لمن أحسن إليهم ” فالمُؤمن يشكر لمن أحسن إليه، ويدعو له، ويدله على طريق الإيمان والهدى والخير” (الدرر السَّنيَّة، د. ت). فلمَّا كان واجب المُسلم ردّ الإحسان بالإحسان، كان لتخصيصه المُؤمنين بالمعروف أولى من غيرهم.
التطبيق التربوي:
وممَّا يُعين المُربي على غرس قيمة الشكر وردّ المعروف لمن أحسن إليه، ما يلي:
- توضيح مفهوم الشُكر وردّ المعروف للمُتربين، وتعزيز هذه القيمة بالقصص، وأولها القصص القرآني، ومنها قصص الأنبياء ووصف الله تعالى لهم بالشُكر له، فقال عن نوحٍ عليه السلام: ذُرِّيَّةَ مَنۡ حَمَلۡنَا مَعَ نُوحٍۚ إِنَّهُۥ كَانَ عَبۡدٗا شَكُورٗا ٣الإِسۡرَاء : . وقال عز وجل عن إبراهيم عليه السلام: شَاكِرٗا لِّأَنۡعُمِهِۚ ٱجۡتَبَىٰهُ وَهَدَىٰهُ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ ١٢١النَّحۡل : . فيربط المُربي الشكر بصفات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
- تبصير المُتربي بأن الشُكر وردّ المعروف عبادة، من العبادات التي يُتقرب بها إلى الله -عز وجل-، وتوجيهه بشُكر من أحسن إليه، وردّ المعروف، وأعظم الشُكر الدعاء، فعن أسامة بن زيد، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ) :من صُنع إليه معروفٌ، فقال لفاعله: جزاك الله خيرًا، فقد أبلغ في الثناء) (الترمذي، 1395، [4/ 380]، ح: 2035)، فمثلًا: إن أعطاهم المُربي شيئًا يُفرحهم، يحثهم على شُكره، بأن يقولوا له: (شُكرًا، وجزاك الله خيرًا)، في كل مرة حتى تُصبح تلك القيمة عادة.
7/ باب التوبة يُشعر المُسلم بالأمن النفسي.
تهتم التربية الإسلامية ببناء الإنسان المُسلم من جميع الجوانب، “ويُعد الأمن النفسي من الحاجات الأساسية التي يسعى الإنسان للوصول إليها لينمو ويعيش في رضا وسعادة” (الغامدي،1436، ص 194)، ولأن من الطبيعة البشرية الوقوع في الخطأ كان باب التوبة سبيل الأمن والاطمئنان النفسي، حيث يشعر المُسلم بالقبول والحب ويبعث فيه الأمل والتفاؤل، فمهما ابتعد عن طاعة الله فسيعود إليه بفضله سبحانه من رحمته وسعت كل شيء، وذلك ممَّا يُعينه على الثبات، يقول الله تعالى: … إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلتَّوَّٰبِينَ وَيُحِبُّ ٱلۡمُتَطَهِّرِينَ ٢٢٢البَقَرَةِ : . فالفرد الذي لديه شعورٌ بالأمن النفسي يجد أنه “فردٌ محبوبٌ متقبلٌ من الآخرين له مكانة بينهم، يُدرك أن بيئته صديقة ودودة غير محبطة يشعر فيها بندرة الخطر، والتهديد والقلق” كما وصف ذلك (ماسلو)، (الخضري، 2003، ص17). فالتوبة تُشعر المسلم بالأمن النفسي.
وفي الحديث دلالة على التوبة في قوله -صلى الله عليه وسلم- (كمثل الفرس في آخيَّته يجول ثم يرجع إلى آخيَّته)، “فهو يعود إلى إيمانه ويندم ويتوب ويتدارك ما فاته” (القاري، 1422، ص2737)، وفي ذلك شُعور بالقبول وإحاطة بالأمن والطمأنينة.
التطبيق التربوية:
وممَّا يعين المُربي في تربية المُتربي على استشعاره بالأمن النفسي في التوبة، ما يلي:
- تبصير المُتربين للوقوف على قصص التائبين المذكورة في القرآن الكريم والسنَّة النبوية، مع سرد القصص بأسلوب ممتع، واستشعار فرحة التائبين لقبول توبتهم، واستشعار أثر ذلك على نفوسهم. فيسأل المُربي المُتربين، كيف كانت فرحتهم بوجود التوبة؟ وما المشاعر التي خالجتهم عند قبول توبتهم؟
- توجيه المرُبين بإلقاء المواعظ التي تدعوا المُتربين إلى التوبة وتبُث فيهم الطمأنينة والأمن، وتُرغبهم بمغفرة الله وعفوه، وحُبه للتائبين، من ذلك تذكيرهم بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! لو لم تُذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يُذنبون، فيستغفرون الله، فيغفر لهم) (مسلم، 1374، [4/ 2106]، ح:2749).
8/ اللجوء إلى الإيمان بالله -عز وجل- عند الخوف يُشعر المُسلم بالقوة والطمأنينة..
الخوف من المشاعر الطبيعية التي تعتري للإنسان، ويتعرض لها في المواقف الحياتية، فالخوف: “مشاعر انفعالية مُستفيضة، حركها موقف مُثير، وحركت بدورها الأعضاء والجوارح وسائر البدن؛ لأخذ الحيطة والحذر ويعمل لرد الخطر” (بودي،1417، ص15)، ومن طبيعة البشر الشُّعور بالخوف سواءً كان الخوف مذمومًا أو محمودًا، فالمذموم: كالخوف من عدو يتربصُ به، أو وساوس شيطانية تتخبط به، والمحمود: كالخوف من عذاب الله وعقابه، ” والقدر الواجب من الخوف، ما حمل على أداء الفرائض، واجتناب المحارم، فإن زاد عَلَى ذلك بحيث صار باعثًا للنفوس على التشمير في نوافل الطاعات والانكفاف عن دقائق المكروهات، والتبسيط في فضول المباحات، كان ذلك فضلاً محمودًا، فإن تزايد على ذلك بأن أورث مرضًا أو موتًا أو همًّا لازمًا بحيث يقطع عن السعي في اكتساب الفضائل المطلوبة المحبوبة لله عز وجل، لم يكن ذلك محمودًا” (الحنبلي، 1425، ص112)، قال الله تعالى: ٱلَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَٰلَٰتِ ٱللَّهِ وَيَخۡشَوۡنَهُۥ وَلَا يَخۡشَوۡنَ أَحَدًا إِلَّا ٱللَّهَۗ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ حَسِيبٗا ٣٩الأَحۡزَاب : ﵙ. فسبيلُ الطمأنينة في ذلك الرجوع إلى الإيمان بالله -عز وجل-، والتقرب إليه والشُعور بمعيته.
وإن رجوع المُسلم عند الخوف إلى إيمانه ومناجاته لربه يكسبه القوة والأمن والاطمئنان، “ويزيده إيمانًا وثباتًا، وقوةً وشجاعةٍ، ويضمحل الخوف الذي أصابه، ويخلفه قوة الإيمان وحلاوته، وقوة التوكل على الله والثقة بوعده” (السعدي، د. ت، ص99). يقول الله تعالى: ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدۡ جَمَعُواْ لَكُمۡ فَٱخۡشَوۡهُمۡ فَزَادَهُمۡ إِيمَٰنٗا وَقَالُواْ حَسۡبُنَا ٱللَّهُ وَنِعۡمَ ٱلۡوَكِيلُ ١٧٣آل عِمۡرَان : . فالمُسلم ما دام في معية الله فهو يتمتع بالأمن والسلام، فمن كان مع الله كان الله معه.
التطبيق التربوي:
ومما يُعين المُربي على توجيه مشاعر الخوف عند المُتربي ما يلي:
- أن يتعرف المُربي على أسباب الخوف لدى المُتربي، وذلك عن طريق: طرح الأسئلة المفتوحة، وتشجيعه على التعبير عن مشاعره بحرية، مع إحاطته بالأمان، والاهتمام لمشاعره.
- تذكير المُتربي بحفظ الله لعباده الصالحين، وتأييده لهم، وإرشادهم، قال تعالى: قَالَ لَا تَخَافَآۖ إِنَّنِي مَعَكُمَآ أَسۡمَعُ وَأَرَىٰ ٤٦طه . وتعليمه اللجوء إلى الله حال الفزع والخوف، بالصلاة والدعاء، والمُحافظة على التَّعوذات الشرعية صباحًا ومساءً، وتوجيهه بهدي النبي -صلى الله عليه وسلم- فكان إذا خاف قومًا، قال: (اللهم إنا نجعلك في نُحورهم، ونعوذ بك من شُرورهم) (أبي داوود، 1430، [2/ 640]، ح: 1537).
9/ اللجوء إلى الإيمان بالله -عز وجل- عند الحزن يُشعر المُسلم بالمواساة والسلوان.
“الحزن أحد صور العاطفة والمشاعر الإنسانية والفطرية، وهو ضد الفرح والسرور” (الخاطر، د. ت، ص 15). وقد جُبلت هذه الحياة الدنيا على الكدر، فهي لا تصفو لأحد، ومن الطبيعي أن ينتاب المرء الحزن والألم، ويصيبه الهمُّ والغم، فيحتاج إلى من يلجأ له، ويبُث شكواه إليه، “والهمُّ والحزن لا ينفعان العبد البتة، بل مضرتهما أكثر من منفعتهما، فإنهما يُضعفان العزم، ويُوهنان القلب، ويحولان بين العبد وبين الاجتهاد، فيما ينفعه ويقطعان عليه طريق السير، أو ينكسانه إلى وراء، أو يعوقانه ويقفانه، أو يحجبانه عن العلم الذي كلّما رآه شمّر إليه، وجدّ في سيره، فهُما حملٌ ثقيلٌ على ظهر السائر” (ابن القيم، 1417، ص327)، وكان من هدي الرسول -صلى الله عليه وسلم- الاستعاذة منهما، فكان من دعائه: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْجُبْنِ وَالْبُخْلِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ) (البخاري، 1422، [8/ 79]، ح: 6369). وذكر الله -عز وجلّ- عن أهل الجنة: وَقَالُواْ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِيٓ أَذۡهَبَ عَنَّا ٱلۡحَزَنَۖ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٞ شَكُورٌ ٣٤فَاطِر . فالحزن من المشاعر المؤلمة التي تطرأ على العبد، وسبيل المواساة والسلوان في ذلك بالرجوع إلى الله والإيمان به، والرضا بأقداره.
كما إنّ الإيمان ملجأٌ للمسلمين “عند المكاره والأحزان، فيلجأون إلى الإيمان من جهاتٍ عديدةٍ يتسلون بإيمانهم وحلاوته، ويتسلون بما يترتب على ذلك من الثواب، ويُقابلون الأحزان والقلق براحة القلب، والرجوع إلى الحياة الطيبة المقاومة للأحزان والأتراح” (السعدي، د. ت، ص99)، يقول الله تعالى على لسان نبيه يعقوب -عليه السلام-: قَالَ إِنَّمَآ أَشۡكُواْ بَثِّي وَحُزۡنِيٓ إِلَى ٱللَّهِ وَأَعۡلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ ٨٦يُوسُف . ففي مُناجاة المُسلم لربه وتقربه إليه تخفيفًا من أحزانه، ومواساةً لمُصابه وآلامه، فيُدرك أن أمره كله لله، وأن مرجعه إليه، فيتثبت بإيمانه، ويستعين بربه ويتوكل عليه.
التطبيقات التربوية:
وممَّا يُعين المُربي في توجيه مشاعر الحزن لدى المُتربي، ما يلي:
- تفهم المُربي لمشاعر الحزن لدى المُتربي، وإظهار تعاطفه وتقبل مشاعره، والاستماع إليه، وتشجيعه على التعبير عن مشاعره، فهذا مُربي الأمة عليه الصلاة والسلام، يواسي غلامًا فقد طيره، ويهتم لأمره، ويسأله عنه، فيقول أنس -رضي الله عنه-: (إن كانَ النَّبِيُّ ﷺ لَيُخَالِطُنَا حَتَّى يَقُولَ لِأَخٍ لِي صَغِيرٍ يَا أَبَا عُمَيْرٍ، مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ) (البخاري، 1422، [8/ 30]، ح: 6129).
- توجيه مشاعر المُتربي في حال الحزن إلى الرجوع إلى الله تعالى، بالطاعات، والذكر والاستغفار، وتعليمه ما ورد من الأدعية المأثورة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومنها: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْجُبْنِ وَالْبُخْلِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ) (البخاري، 1422، [8/ 79]، ح: 6369).
- مواساة المُتربي بالرجوع إلى القصص القرآني التي ورد فيها مشاعر الحزن، منها حزن يعقوب عليه السلام، وأمِّ موسى عليهما السلام، وما جاء فيه من التوجيه الإلهي، وَأَوۡحَيۡنَآ إِلَىٰٓ أُمِّ مُوسَىٰٓ أَنۡ أَرۡضِعِيهِۖ فَإِذَا خِفۡتِ عَلَيۡهِ فَأَلۡقِيهِ فِي ٱلۡيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحۡزَنِيٓۖ إِنَّا رَآدُّوهُ إِلَيۡكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ ٱلۡمُرۡسَلِينَ ٧القَصَص .
المراجع:
القرآن الكريم.
إبراهيم، معوض عوض. (د. ت). مع الإمام البخاري في كتابه العلم من صحيحه. الدار السلفية.
أبو حلاوة، محمد السعيد. (2013). المرونة النفسية: ماهيتها ومحدداتها وقيمتها الوقائية. ط (2). مؤسسة العلوم
النفسية العربية.
أحمد، نجاة محمد. (2012). القيم التربوية للأمثال الواردة في الأحاديث النبوية في صحيح البخاري ومسلم: دراسة تحليلية. [أطروحة دكتوراه منشورة] جامعة النيلين. الوصف: القيم التربوية للأمثال الواردة في الأحاديث النبوية في صحيح البخاري ومسلم: دراسة تحليلية (mandumah.com)
الأصفهاني، أبو القاسم الحسين بن محمد. (1412). كتاب المفردات في غريب القرآن. دار القلم، الدار الشامية.
الألباني، محمد نوح. (د. ت). صحيح الجامع الصغير وزياداته. المكتبة الشاملة.
البخاري، محمد بن إسماعيل. (1422). الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور الرسول صلى الله عليه وسلم
وسننه وأيامه = صحيح البخاري. المكتبة الشاملة الحديثة.
البخاري، محمد بن إسماعيل. (1433). صحيح البخاري. ط التأصيل. المكتبة الشاملة.
ابن بطال، أبو الحسن علي بن خلف بن عبد الملك. (1423). شرح صحيح البخاري لابن بطال. مكتبة الرشد.
البدر، عبد الرزاق بن عبد المحسن. (1431). ثمرة العلم العمل. مكتبة الملك فهد الوطنية.
البغدادي، الخطيب. (1404). اقتضاء العلم العمل. المكتبة الشاملة.
البريدي، عبد الله بن عبد الرحمن. (1436). التنمية المستدامة: مدخل تكاملي لمفاهيم الاستدامة وتطبيقاتها مع
التركيز على العالم العربي. العبيكان.
البكور، سعيد. (2019). الصحة النفسية في الإسلام. [مقال] مجلة البيان، ع (382)، استرجع في تاريخ
(8 صفر 1446)، https://www.albayan.co.uk/MGZarticle2.aspx?ID=6536
بودي، ابتسام محمد. (1417). الخوف وعلاقته ببعض أساليب المعاملة الوالدية كما تدركها طالبات المرحلة
المتوسطة بمدينة الهفوف. [رسالة ماجستير منشورة] كلية التربية/ جامعة الملك فيصل.
الترمذي، محمد بن عيسى. (1395). كتاب سنن الترمذي- ت: أحمد شاكر. ط2. المكتبة الشاملة.
التركي، عبد الله بن عبد المحسن. (1423). المذهب الحنبلي دراسة في تاريخه وسماته. دار عالم الكتب.
ابن تيمية، أحمد بن عبد الحليم. (د. ت). الصارم المسلول على شاتم الرسول. الحرس الوطني السعودي.
ابن تيمية، أحمد بن عبد الحليم. (1411). درء تعارض العقل والنقل. جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
ابن تيمية، أحمد بن عبد الحليم. (1425). مجموع الفتاوى. مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف.
ابن تيمية، أحمد بن عبد الحليم. (1440). تنبيه الرجل العاقل على تمويه الجدل الباطل. دار عطاءات العلم.
ابن جبرين، عبد الله بن عبد الرحمن. (د. ت). شرح العقيدة الطحاوية. المكتبة الشاملة.
الجديع، عبد الله. (1424). تحرير علوم الحديث. مؤسسة الريان للطباعة والنشر.
ابن جماعة، إبراهيم بن أبي الفضل. (1354). تذكرة السامع والمتكلم في أدب العالم والمتعلم. المكتبة الشاملة.
ابن الجوزي، جمال الدين أو الفرج عبد الرحمن بن علي. (د.ت). كشف المشكل من حديث الصحيحين. دار
الوطن. المكتبة الشاملة.
الجوهري، إسماعيل بن حماد. (1407)، الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية، تحقيق: أحمد عطار، بيروت، دار
العلم للملايين.
الحارثي، أماني سعد محمد. (2017). مبادئ واستراتيجيات التعلم النشط في ضوء النظرية التربوية
الإسلامية. [بحث منشور] مجلة كلية التربية، 68(4)، 290 – 335.
924112Record/com.mandumah.search://http
ابن حبان، محمد بن حيان التميمي. (1433). المسند الصحيح على التقاسيم والأنواع من غير وجود قطع في
سندها ولا ثبوت جرح في ناقليها. ت: محمد سونمز، خالص آي دمير. دار ابن حزم.
حسن، إيمان مرعي، عبد المحسن، عامر عبد الرزاق. (2022). انعكاسات مجتمعات الممارسة وتكنولوجياتها على تطوير الاستدامة في المنظمات/ دراسة استطلاعية: شركات القطاع النفطي في شمال العراق. [بحث منشور] مجلة العلوم الإنسانية لجامعة زاخو، 10 (3)، 795_ 812.
https://doi.org/10.26436/hjuoz.2022.10.3.851
الحذيفي، علي. (1444). التحذير من الغفلة، استرجع في تاريخ (13 صفر 1446)،
حطيبة، أحمد. (د. ت). شرح رياض الصالحين. المكتبة الحديثة الشاملة.
ابن حمزة الحسيني، إبراهيم بن محمد بن محمد (د.ت). كتاب البيان والتعريف في أسباب ورود الحديث
الشريف. دار الكتاب العربي.
بن حنبل، أحمد بن محمد. (1416). مسند أحمد. ط1. ت: أحمد شاكر. دار الحديث.
بن حنبل، أحمد بن محمد. (1421). مسند أحمد. ط1. ت: شعيب الأرنؤوط وآخرون. مؤسسة الرسالة.
الخويي، شهاب الدين محمد بن أحمد. (2015). كتاب نُظم علوم الحديث = أقصى الأمل والسول في علم حديث
الرسول. المكتبة الشاملة.
ابن خلكان، أبو العباس شمس الدين أحمد بن محمد (1971). وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان. ج 4،
دار صادر.
ابن خلكان، أبو العباس شمس الدين أحمد بن محمد (1994). وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان. ج 5،
دار صادر.
خياط، محمد جميل (1416)، المبادئ والقيم في التربية الإسلامية، جامعة أم القرى.
أبي داود، سليمان بن الأشعث. (د. ت). كتاب سنن أبي داوود. المكتبة الشاملة.
أبي داود، سليمان بن داوود. (1419). مسند أبي داوود الطيالسي. ت: محمد التركي. المكتبة الشاملة.
أبي داود، سليمان بن الأشعث. (1430). كتاب سنن أبي داود. ت: شعيب الأرنؤوط [ت 1438ه] – محمد بللي.
المكتبة الشاملة.
الداية، إيمان شريف. (1435). القيم التربوية المتضمنة في أحاديث الحكم والأمثال النبوية ودور معلمي التربية
الإسلامية في تعزيزها لدى طلبتهم. [رسالة ماجستير منشورة] الجامعة الإسلامية- غزة.
الدرر السنية، (د. ت). شروح الأحاديث، استرجع في تاريخ (23 رجب 1446). https://dorar.net/hadith/sharh/151510
الدسوقي، محمد بن أحمد. (د. ت). حاشية الدسوقي على مختصر المعاني. المكتبة الشاملة.
أبو دف، محمود خليل. (1422). مقدمة في التربية الإسلامية. غزة: مكتبة آفاق للطباعة والنشر.
الذهبي، محمد بن أحمد. (1405). سير أعلام النبلاء. مؤسسة الرسالة.
الذهبي، محمد بن أحمد. (1419). تذكرة الحفاظ. المكتبة الشاملة.
الراجحي، عبد العزيز بن عبد الله. (د. ت). شرح سنن ابن ماجه. المكتبة الشاملة.
الربعي، عبد الله بن أحمد. (1987). منتقى من أخبار الأصمعي. ط1. المكتبة الشاملة.
ابن رجب، زين الدين عبد الرحمن بن أحمد بن رجب. (1417). فتح الباري شرح صحيح البخاري. مكتبة الغرباء
الأثرية.
ابن رجب، زين الدين عبد الرحمن بن أحمد بن رجب. (1425). التخويف من النار والتعريف بحال دار البوار.
ت: طلعت الحلواني. الفاروق الحديثة للطباعة والنشر.
الرماني، علي بن عيسى. ت: محمد خلف، محمد زغلول (د. ت). النكت في إعجاز القرآن. دار المعارف.
الزبيدي، محمد مرتضى الحسيني. (1422). تاج العروس من جواهر القاموس. المكتبة الشاملة.
الزجاج، إبراهيم بن السري. (1408). معاني القرآن وإعرابه. عالم الكتب.
الزهراني، عادل بن سعيد بن أحمد. (1432). المضامين التربوية المستنبطة من أحاديث كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة من صحيح الامام البخاري. [رسالة ماجستير منشورة] جامعة أم القرى.
زينب، دوادي. (1432). التشبيه التمثيلي في الحديث النبوي الشريف. [أطروحة دكتوراة] جامعة الحاج لخضر باتنة.
http://dspace.univ-batna.dz/handle/123456789/995
الساكت، طه محمد. (1444). حياة المؤمن بين صبر وشكر، استرجع في تاريخ (11 رجب 1446)،
رابط الموضوع: https://www.alukah.net/sharia/0/158294/%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A4%D9%85%D9%86-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%B5%D8%A8%D8%B1-%D9%88%D8%B4%D9%83%D8%B1/#ixzz8x1Lw2CB2https://www.alukah.net/sharia/0/158294/حياة-المؤمن-بين-صبر-وشكر/
السبكي، أحمد بن علي. (1423). عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح. المكتبة الشاملة.
السعدي، عبد الرحمن بن ناصر. (د. ت). التوضيح والبيان لشجرة الإيمان. المكتبة الشاملة.
السعدي، عبد الرحمن. (1420). تفسير السعدي= تيسير الكريم الرحمن. المكتبة الشاملة.
سعيد، السيد سعيد. (1435). القيم التربوية والإيمانية للأمثال القرآنية: دراسة موضوعية. [أطروحة دكتوراه
منشورة]، جامعة المدينة العالمية.
الوصف: القيم التربوية والإيمانية للأمثال القرآنية: (mandumah.com)
السيد، عاطف. (د. ت). التربية الإسلامية أصولها ومنهجها ومعلمها. المكتبة الشاملة.
الشامي، صالح أحمد. (1408). التربية الجمالية في الإسلام. المكتب الإسلامي.
الشلش، حسين. (1981). الجغرافيا الحياتية. وزارة البحث العلمي والتعليم العالم ببغداد.
ابن شيحان، ناصر بن راشد. (2017). القيم التربوية في الأمثال العربية: دراسة موضوعاتية أسلوبية. [بحث منشور] مجلة كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بالقاهرة، مج34 ع(5)، 44470
-4423، BFSA.2017027655/10.21608
الصانع، منى محمد العلي. (1433). الدلالات التربوية للأحاديث النبوية التي روتها أم المؤمنين عائشة رضي الله
عنها في كتاب العلم من الصحيحين البخاري ومسلم.
الصديقي، محمد أشرف. (1415). عون المعبود شرح سنن أبي داود، ومعه حاشية ابن القيم: تهذيب سنن أبي داود وإيضاح علله ومشكلاته. دار الكتب العلمية.
الصعيدي، عبد المتعال. (1426). بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة. ط17. المكتبة الشاملة.
صليبيا، جميل، (1982). المعجم الفلسفي. بيروت: دار الكتاب اللبناني.
الصنعاني، محمد بن إسماعيل. (1432). التنوير شرح الجامع الصغير. مكتبة دار السلام.
العباد، عبد المحسن بن حمد. (1423). كيف نستفيد من الكتب الحديثية الستة. دار المغني.
العباد، عبد المحسن بن حمد. (1390). الإمام مسلم وصحيحه. الجامعة الإسلامية.
عادل، محمد. (2010). أهمية المشاعر في العمل التربوي، مجلة البيان، عدد (273)، استرجع في تاريخ
(22، مارس، 2024). https://www.albayan.co.uk/MGZarticle2.aspx?id=214
عبد الرزاق، حسن إسماعيل. (2006). البلاغة الصافية في المعاني والبيان والبديع. المكتبة الأزهرية للتراث.
عبد العزيز، سعيد. (1430). تعليم التفكير ومهاراته تدريبات وتطبيقات عملية. دار الثقافة للنشر والتوزيع.
عبد الله، عبد الرحمن صالح، وفودة، حلمي محمد. (1403). المرشد في كتابة البحوث التربوية. مكتبة المنارة.
عبيدات، ذوقان، عبد الحق، كايد، وعدس، عبد الرحمن. (1436). البحث العلمي، مفهومه، وأدواته، وأساليبه.
(ط17). دار الفكر.
عتيق، عبد العزيز. (د، ت). علم البيان. المكتبة الشاملة.
ابن عثيمين، محمد بن صالح. (1437). كتاب تفسير العثيمين: الشورى. المكتبة الشاملة.
العسكر، عبد المحسن بن عبد العزيز. (1431). معالم البيان في الحديث النبوي. [بحث منشور] مجلة العلوم
العربية، (17)، 67- 131، https://ebook.univeyes.com/142299
العسقلاني، أحمد بن علي بن حجر. (1325). تهذيب التهذيب. المكتبة الشاملة.
العسقلاني، أحمد بن علي بن حجر. (1379). فتح الباري شرح صحيح البخاري. المكتبة الشاملة.
العسقلاني، أحمد بن علي بن حجر. (1392). الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة. المكتبة الشاملة.
عطية، خالد شاكر. (1432). أمثال المؤمن في الحديث النبوي. [بحث منشور] مجلة كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بالقاهرة، 3(29)، 691- 756، الوصف: أمثال المؤمن في الحديث النبوي (mandumah.com)، أمثال المؤمن في الحديث النبوي (ekb.eg)
عطية، عماد محمد. (1427). التربية الإسلامية مصادرها وتطبيقاتها. مكتبة الرشد.
العلوي، يحيى بن حمزة المؤيد. (1423). الطراز لأسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز. المكتبة الشاملة.
عمر، أحمد مختار عبد الحميد. (1429). معجم اللغة العربية. عالم الكتب.
أبو العينين، علي خليل. (1410). البحث التاريخي في التربية الإسلامية. القاهرة، دار الفكر العربي.
الغامدي، أحمد سعيد. (1401). المسؤوليات التربوية للأسرة المسلمة. مكتبة العلوم والحكم.
الغامدي، محمد عبد الله. (1436). الأمن النفسي وعلاقته بجودة الحياة لدى عينة من طلبة جامعة الدمام بمدينة الدمام. [بحث منشور] مجلة كلية التربية ببنها 1(108)، 183- 235، https://doi.org/10.21608/jfeb.2016.66772
الغزالي، محمد بن محمد. (د. ت). إحياء علوم الدين. المكتبة الشاملة.
الفندي، عبد السلام عطوة. (2015). الصورة التشبيهية في السنة النبوية. [بحث منشور] البلقاء للبحوث والدراسات 1(18)، 105-149، “الصورة التشبيهية في السنة النبوية” by عبد السلام عطوة الفندي (aaru.edu.jo)
الفوزان، صالح بن فوزان. (1421). من أعلام المجددين. دار المؤيد.
الفيروز آبادي، مجد الدين محمد بن يعقوب (1426). القاموس المحيط. المكتبة الشاملة.
الفيومي، أحمد بن محمد بن علي. (د. ت). المصباح المنير في غريب الشرح الكبير. المكتبة الشاملة.
القاري، علي بن سلطان محمد. (1422). مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح. دار الفكر.
قاسم، محمد أحمد. (2003). علوم البلاغة (البديع، والبيان، والمعاني). المكتبة الشاملة.
القرشي، بهية بنت محمد. (1417). بعض الدلالات التربوية في الأمثال النبوية من خلال كتاب (أمثال الحديث) لأبي محمد الرامهرمزي. [رسالة ماجستير منشورة] جامعة أم القرى.
القرطبي، أبو العباس أحمد بن عمر. (1417). المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم. دار ابن كثير-
دار الكلم الطيب.
القرطبي، أبو عبد الله محمد بن أحمد. (1384). الجامع لأحكام القرآن الكريم. ت: أحمد البردوني،
وإبراهيم أطفيش. المكتبة الشاملة.
القرني، عائض بن عبد الله. (د. ت). دروس الشيخ عائض القرني. المكتبة الشاملة الحديثة.
القسطلاني، أحمد بن محمد. (1323). إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري. المكتبة الشاملة.
ابن قيم الجوزية، محمد بن أبي بكر. (د. ت)، إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان. المكتبة الشاملة.
ابن قيم الجوزية، محمد بن أبي بكر. (1391). تحفة المودود بأحكام المولود. المكتبة الشاملة.
ابن قيم الجوزية، محمد بن أبي بكر. (1396). الفوائد لابن القيم. المكتبة الشاملة.
ابن قيم الجوزية. محمد بن أبي بكر. (1411). إعلام الموقعين عن رب العالمين. ط1، المكتبة الشاملة.
ابن قيم الجوزية، محمد بن أبي بكر. (1410). كتاب التفسير القيم = تفسير القرآن الكريم لابن القيم.
دار ومكتبة الهلال.
ابن قيم الجوزية، محمد بن أبي بكر. (1416). مدارج السالكين بين إياك نعبد وإياك نستعين. المكتبة الشاملة.
ابن قيم الجوزية، محمد بن أبي بكر. (1417). زاد المعاد في هدي خير العباد. المكتبة الشاملة.
ابن قيم الجوزية، محمد بن أبي بكر. (1999). الوابل الصيب من الكلم الطيب. دار الحديث.
ابن قيم الجوزية، محمد بن أبي بكر. (2004). علو الهمة. دار القمة.
الكشميري، أمالي محمد أنور شاة. (1426). فيض الباري على صحيح البخاري. دار الكتب العلمية.
الكفوي، أيوب بن موسى. (1419). الكليات. بيروت: مؤسسة الرسالة.
لاشين، موسى شاهين. (1423). فتح المنعم شرح صحيح مسلم. دار الشروق.
اللحيدان. دخيل بن صالح. (1422). زيادات القطيعي على مسند الإمام أحمد دراسة وتخريجا.
الجامعة الإسلامية بالمدينة.
ابن ماجه، محمد بن يزيد. (د. ت). سنن ابن ماجه. تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي. دار إحياء الكتب العربية.
المباركفوري، صفي الرحمن. (1420). منة المنعم في شرح صحيح مسلم. دار السلام للنشر والتوزيع.
مجموعة من المؤلفين. (د. ت). موسوعة التعريف بالإسلام. وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بقطر.
محمد، عبد رب الرسول سليمان. (2019). التربية بالمثل النبوي (دراسة تحليلية). [بحث منشور]
مجلة كلية التربية بالمنصورة، 106 (1)، 317-279،
المراغي، أحمد بن مصطفى. (د. ت). علوم البلاغة البيان، المعاني، البديع. المكتبة الشاملة.
مرزوقي، مسعود. (2018). التشبيه التمثيلي في الحديث النبوي الشريف، وأثره في بيان المعاني.
[بحث منشور] مجلة آفاق علمية، (15)، 223- 200، 10.35554/1697-000-015-010
مركز المنهاج للإشراف والتدريب التربوي. (1439). القرآن تدبر وعمل. ط8. مكتبة الملك فهد الوطنية.
مسلم، مسلم بن الحجاج (د. ت). المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله صلى
الله عليه وسلم (صحيح مسلم). دار إحياء التراث العربي.
مسلم، مسلم بن الحجاج. (1374). صحيح مسلم. مطبعة عيسى البابي.
مطلوب، أحمد. (1980). كتاب أساليب بلاغية. المكتبة الشاملة.
ابن مفلح، محمد بن مفلح. (د. ت). كتاب الآداب الشرعية والمنح المرعية. عالم الكتب.
مكتب التربية [ @Abegsorg]. (2020، فبراير 23)، #استراتيجية المقارنة والمقابلة،إحدى #استراتيجيات الفهم: وهي تزيد من سعة ذاكرة #الطالب بفكرتين مرتبطتين، وتتيح استخدام #المعرفة القديمة، لفهم المعرفة الجديدة.
[تغريدة]. https://x.com/Abegsorg/status/1231419607040380929?s=20
ابن الملقن، سراج الدين أبو حفص عمر. (1429). كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح. دار النوادر.
ابن الملك، محمد بن عز الدين. (1433). شرح مصابيح السنة للإمام البغوي. إدارة الثقافة الإسلامية.
ابن منظور، محمد بن مكرم. (1414). لسان العرب. دار صادر.
مهيدات، فرح أحمد محمود. 2022. أساليب التربية الإسلامية في تعديل سلوك العناد لدى الأطفال
ودرجة ممارسة عينة من الآباء والأمهات لها. [رسالة ماجستير منشورة]. جامعة اليرموك.
الميداني، عبد الرحمن حبنكة. (1416). البلاغة العربية. دار القلم.
الميمان، بدرية، والسالوس، منى. (1435). النظرية التربوية وتطبيقاتها عبر العصور دراسة تحليلية من
المنظور الإسلامي. (ط1). فهرسة مكتبة الملك فهد الوطنية.
النسائي، أحمد بن شعيب. (1421)، السنن الكبرى. ت: حسن شلبي. مؤسسة الرسالة.
نخبة من العلماء. (1441). المختصر في تفسير القرآن الكريم. مكتبة الملك فهد الوطنية.
النووي، يحيى بن شرف. (1392). المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج. دار إحياء التراث العربي.
النووي، يحيى بن شرف. (1408). آداب العالم والمتعلم. مكتبة الصحابة بطنطا.
الهاشمي، أحمد بن إبراهيم. (د. ت). جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع. المكتبة الشاملة.
المراجع الأجنبية
kanaan, Emad )1441) ضوابط طريقة التربية بالتشبيه وضرب الامثال وتطبيقاتها في المنهج التربوي النبوي، [بحث منشور]، Kilis7 Aralık Üniversitesi İlahiyat Fakültesi Dergisi، 6(11)، 890-867، http://dx.doi.org/10.29228/k7auifd.30
Ulum، Fatkhul. (1442). الأغراض البلاغية في التشبيهات النبوية من الأحاديث الصحيحة. [بحث منشور] 5(11)، 73-63، Journal of Islam and Plurality، http://dx.doi.org/10.30984/ajip.v5i1.1138