حصانة المحامي والمحافظة على السر المهني وفقًا لقانون المحاماة الليبي رقم (3) لسنة 2014م ولائحته التنفيذية
عادل سعد مشاع1
1 عضو هيئة تدريس بالجامعة الأسمرية الإسلامية، كلية الشريعة والقانون، قسم القانون الخاص، ليبيا.
DOI: https://doi.org/10.53796/hnsj63/22
المعرف العلمي العربي للأبحاث: https://arsri.org/10000/63/22
الصفحات: 393 - 406
تاريخ الاستقبال: 2025-02-07 | تاريخ القبول: 2025-02-15 | تاريخ النشر: 2025-03-01
المستخلص: تمتاز الأسرار المهنية المتعلقة بمهنة المحاماة بأهمية بالغة، ففي إفشائها خرق للقوانين المنظمة للمهنة، أضف لذلك زعزعت الثقة بذات المهنة ومن يمتهنها، لذا يقع على عاتق المحامي المحافظة عليها طي الكتمان بعدم إفشائها للعامة، ولتحقيق ذلك يستوجب الأمر أن يكون المحامي متمتعًا بحصانة، حتى يتمكَّن من أداء واجبه المنوط به بالمستوى الأمثل في الدفاع عن موكله، فهي الضمانة التي تسمح له بممارسة عمله بحرية، وتحميه من التعرض والاعتداء أثناء أداء واجبه، وهذا ما أقرّ به المشرع في قانون المحاماة الليبي رقم (3) لسنة 2014م ولائحته التنفيذية، حيث تتمثَّل هذه الحصانة في تمكين المحامين من أداء جميع وظائفهم المهنية دون خوف أو إعاقة أو مضايقة أو تدخل غير لائق.
الكلمات المفتاحية: حصانة المحامي، السر المهني، التزام المحامي، نقابة المحامين.
مُقـدِّمة
1- موضوع الدِّراسة:
إن مهنة المحاماة تُوجب الأمانة فيمن يمارسها، نظرًا للدور المهم الذي تؤديه على مسرح الحياة القضائية، ويخضع المحامي في ممارسته لمهنته للقوانين التي تنظم مهنة المحاماة، إلى جانب خضوعه لأحكام العقد الذي يربطه بالعميل، حيث تنشأ عن هذا العقد التزامات متبادلة في ذمة طرفيه، ومن أهم هذه الالتزامات التزام المحامي بالحفاظ على أسرار العميل، إذ يثق العميل في محاميه ويأنس إليه، ويُفضي إليه بأخصِّ أسراره؛ لذلك فعليه أن يكون أمينًا في نفسه مُؤتمنًا على حقوق موكله، حيث إن إفشاء الأسرار المهنية له خطورة كبيرة قد تؤدي إلى ضياع حقوق الموكل، أو تؤثر سلبًا على سمعته وكرامته، ولا يقتصر ذلك على المضرور صاحب السر، وإنما يتعدى ذلك إلى المجتمع، لما في إفشاء الأسرار من أذى لشعور العامة من الناس، ومخالفة النظام العام والآداب، وزعزعت ثقتهم بذات المهنة ومن يمارسها.
ولما كان من الضروري لتحقيق محاكمة عادلة ونزيهة، استوجب الأمر أن يكون المحامي متمتعًا بحصانة، حتى يتمكَّن من أداء واجبه المنوط به بالمستوى الأمثل في الدفاع عن موكله، فهي الضمانة التي تسمح له بممارسة عمله بحرية، وتحميه من التعرض والاعتداء أثناء أداء واجبه، وهذا ما أقرّ به المشرع في قانون المحاماة الليبي رقم (3) لسنة 2014م ولائحته التنفيذية، حيث تتمثل هذه الحصانة في تمكين المحامين من أداء جميع وظائفهم المهنية دون خوف أو إعاقة أو مضايقة أو تدخل غير لائق، وتمكينهم من الانتقال إلى موكليهم والتشاور معهم بحرية، وعدم تعريضهم ولا التهديد بتعريضهم للملاحقة القانونية أو العقوبات الإدارية والمالية وغيرها نتيجة قيامهم بواجباتهم، وعدم أخذهم بجريرة موكليهم.
2- أهميَّة الدِّراسة:
تكمُن أهمية الدراسة في التأكيد على أن حصانة المحامي تُشكل استثناءً على مبدأ المساواة أمام القانون، كونها ترمي إلى حماية دفاع الدفاع، وحفظ السر المهني من الكشف، وتمكين المحامي من القيام بواجباته المهنية تجاه موكليه على أكمل وجه، وتدرأ عن شخصه مخاطر مهنته.
3-مُشكلة الدِّراسة:
تُثار مشكلة الدِّراسة حول مدى إمكانية توفير قانون نقابة المحامين الليبي رقم (3) لسنة 2014م الحماية الكافية للمحامي إذا تعرَّض للخطر من جراء تأدية واجبه؟ وهل حظر المشرع الليبي تفتيش المحامي خارج المحكمة، وكذلك تفتيش مكتبه ومتعلقات مهنته ومراقبة اتصالاته دون إذن نقيب المحامين؟ أن العقد هو أساس التزام المحامي بالمحافظة على سر موكله
كما تُثار مشكلة الدِّراسة أيضًا حول مدى التزام المحامي بالمحافظة على السر بعد انتهاء علاقته بالعميل، ومدى بقاء هذا الالتزام قائمًا بعد وفاة العميل؟ ومدى التزام ورثة المحامي بالمحافظة على سر العميل بعد وفاة مورثهم، وما أثر تغير المهنة على بقاء الالتزام بسر المهنة؟
كل هذه التساؤلات تثور باعتبار أن العقد هو أساس التزام المحامي بالمحافظة على سر موكله، وأيضًا تطبيقا لقاعدة العقد شريعة المتعاقدين وفقا لأحكام وقواعد القانون المدني.
4- منهج الدِّراسة:
من هذا المنطلق سيتتبَّع الباحث المنهج الوصفي: حيث يتناول هذا البحث عرض الجوانب الخاصة بحصانة المحامي ومدى التزامه بالسر المهني، أيضًا المنهج التحليلي: وذلك من خلال تحليل النصوص القانونية والآراء الفقهية في مجال الموضوع محل الدراسة.
5- خطَّة الدِّراسة:
المبحث الأول: التزام المحامي بالسر المهني وفقًا للضوابط القانونية.
المطلب الأول: التعريف بالسر المهني في مجال المحاماة.
المطلب الثاني: الأساس القانوني لالتزام المحامي بعدم إفشاء السر المهني.
المبحث الثاني: حصانة المحامي بين النصوص القانونية والواقع العملي.
المطلب الأول: حصانة المحامي أمام القاضي.
المطلب الثاني: حصانة المحامي الشخصية.
المبحث الأول
التزام المحامي بالسر المهني وفقًا للضوابط القانونية
تمتاز الأسرار المهنية المتعلقة بمهنة المحاماة بأهمية بالغة، ففي إفشائها خرق للقوانين المنظمة للمهنة، أضف لذلك زعزعت الثقة بذات المهنة ومن يمتهنها، لذا يقع على عاتق المحامي المحافظة عليها طي الكتمان بعدم إفشائها للعامة، وللإحاطة بمفهوم السر المهني بمهنة المحاماة سنُقسِّم هذا المبحث إلى مطلبين (المطلب الأول) للتعريف بالسر المهني، وسندرس في (المطلب الثاني) الأساس القانوني لالتزام المحامي بعدم إفشاء السر المهني، وذلك كالتالي:
المطلب الأول
التعريف بالسر المهني في مجال المحاماة
يتَّصل السِّر المهني بالمعلومات ذات الطابع السري التي تصل إلى المحامي في معرض ممارسته لمهنته، سواءً أكان وكيلاً أم مستشارً، وعلى المحامي الحفاظ على سريَّة تلك المعلومات؛ فالسر يُطلق على كل قولٍ أو فعل ينبغي أن يظل مكتومًا، لأن كشفه والبوح به من شأنه أن يضر بسمعة صاحبة([1]).
فالسر المهني بمفهومٍ عامٍ وفق بعض الفقه هو: كل ما يعهد به إلى ذي مهنة، ويُطلب منه صراحةً عدم إفشاءه للغير، حيث يضُرُّ إفشاؤه بالسمعة والكرامة([2])؛ أما السر المهني في مجال المحاماة فيقصد به: ذلك السر الذي ينصب على معلومات أو وقائع أفضى بها العميل – أو الغير- للمحامي، ومعلومات أخرى وصلت إلى علم المحامي عن طريق مهنته، وتُعد سرية بطبيعتها، أو لما يصاحبها من ظروف، والتي يكون للعميل – أو لأسرته – مصلحة مشروعة في أن تظل سرية([3]).
ويعرِّفه الباحث بأنَّه: بيانات ومعلومات توصّل إليها المحامي بحكم عمله، وأمَر القانون بكتمانها، بكل أشكال حفظها، لتكون حيازتها حصرية لصاحب المهنة وصاحب السر، ويُحظر إفشاؤها إلاَّ وفقًا للقانون.
فالمحامي يلتزم بأن يقوم بجميع الواجبات التي يفرضها عليه قانون المحاماة ولوائح النقابة، فضلاً عن الالتزام بآداب مهنة المحاماة وتقاليدها؛ فيجب عليه ألا يذيع الأسرار التي حصل عليها من موكليه أو أن يستخدمها إلا في أغراض الدفاع عنهم، لأنَّ الموكل قد يُفضي إلى محاميه بأسرارٍ يخفيها حتى عن خاصته، لا لشيء إلا لتمكينه من الدفاع عنهم فيما ألم به؛ ومن شأن هذا التصور للسر المهني في مجال المحاماة، التوسع في الحماية القانونية للمعلومات محل السر، لتشمل في نظر البعض المعلومات التي وصلت إلى علم المحامي أثناء التفاوض مع العميل، حتى ولو لم تثمر المفاوضات عن نشوء علاقة قانونية بينهما([4]).
وقت اتفقت قوانين المحاماة في الدول العربية على هذا الواجب، ومنها قانون المحاماة الليبي رقم (3) لسنة 2014م، حيث نصت المادة (32) منه على أنَّه: “لا يجوز للمحامي تمثيل مصالح متعارضة، ولا يجوز له افشاء الأسرار التي علم بها عن طريق مهنته ولو بعد انتهاء الوكالة، ويستثنى من ذلك حالة ذكر تلك الأسرار للحيلولة دون ارتكاب جريمة”.
وقد استهل قانون نقابة المحامين الليبي قَسَم المحامي بالتعهد بالحفاظ على السر المهني، فذكر في المادة (20): “أقسم بالله العظيم أن أؤدي أعمالي بأمانة وشرف ساعيًا إلى تطبيق القانون وإقامة العدل وحماية الحريات والحقوق ومراعاة تقاليد المهنة والمحافظة على أسرارها”.
ولكي تُعد المعلومات من قبيل السر المهني فإنه لابد من توافر شروط معينة([5])، فليس كل واقعة أو معلومة يدلي بها الموكل لمحاميه تعد سرًا مهنيًا يحظر إفشاءه؛ فيُشترط مثلاً: أن تكون الواقعة أو المعلومة قد اتصلت بعلم المحامي عن طريق ممارسة مهنته وبصفته محاميًا، أيضًا أن لا تكون الواقعة معلومة للجمهور، فإذا كانت الواقعة معلومة للجمهور فلا تُعد سرًا، ولا يترتَّب على إفشائها أيَّة مسئولية في ذمة المحامي([6]).
أيضًا يترتب على التزام المحامي بالمحافظة على السر المهني عدم استطاعته الترافع ضد موكلهِ السابق، إذا كانت القضية التي وكِّل فيها ذات علاقة بقضية الموكل المذكور، والامتناع عن أيَّة مساعدة ولو من قبيل المشورة إلى خصم موكله في النزاع ذاته، ويجد هذا الالتزام سنده في المادة (32) من قانون المحاماة: “لا يجوز للمحامي تمثيل مصالح متعارضة…إلخ”، ويسري هذا الحظر على كل من يعمل مع المحامي في مكتبه من المحامين بأي صفة كانت، وفي هذا الصدد يمكننا إيضاح بعض النقاط الهامة والتي تتمحور في الآتي:-
أولاً: أن ضرورة الالتزام بالمحافظة على السر المهني هل تقتصر على المحامي الأصيل فقط أم أنها تشمل حتى مساعدي المحامي؟
يُمكنا القول بأن الالتزام بالحفاظ على الأسرار المهنية لا يقتصر على المحامي الأصيل فقط، وإنما يمتد ليشمل كل شخص يمكنه الاطلاع على أسرار العميل ممن يعملون مع المحامي، سواءً في ذلك أعوان المحامي كالكتبة والعمَّال ومن يعملون في السكرتارية، وكذلك المحامي تحت التمرين، والمحامي الذي يعمل بالمكتب والذي أنهى مدة التدريب، والمحامي الذي يستعين به صاحب المكتب في أداء مهمته([7]).
ويُسأل المحامي في حالة الإخلال بالسر المهني من جانب أحد أعوانه أو مساعديه، وهي مسئولية عن فعل الغير، قد تكون مسئولية تقصيرية تقوم على أساس مسئولية المتبوع عن فعل التابع، بالنسبة لمعاوني ومساعدي المحامي الذي يمارس هذا الأخير عليهم سلطة الرقابة والتوجيه والإشراف([8])، وقد تكون مسئولية عقدية عن فعل الغير، في الحالات التي يقوم فيها هذا الغير بالحلول محل المحامي كليًا أو جزئيًا في تنفيذ التزامه([9]).
إن نطاق التزام المحامي بالمحافظة على أسرار المهنة يشمل جميع أعمال المحامي، من معلومات وبيانات يطّلع عليها من الأطراف عند إبرامه لعقد من العقود، وغير قابل للانتقال حتى بعد وفاة الموكل المورث، كما لو أراد الورثة معرفة أسرار مورثهم من محاميه، فليس لهم ذلك الحق، وواجب المحافظة يستمر حتى بعد انتهاء القضية أو زوال صفة المحامي([10]).
ثالثًا: يُمكننا التساؤل عن مصير السر المهني في حال تغيير المحامي مهنته إلى مهنة أخرى؟
إذا قام المحامي بتغيير مهنته والعمل بعمل مشابه لعمل المحاماة، كأن يُعيَّن المحامي قاضيًا، ففي هذا الفرض يكون أيضًا مُلزمًا بالمحافظة على السر المهني بما تفرضه عليه الوظيفة الجديدة، ونفس الحكم في تغيير المحامي مهنته إلى مهنةٍ أو عمل آخر لا علاقة له بالمحاماة، كما لو احترف التجارة فيبقى التزامه بسر المهنة ساريًا.
وهذا ما أوضحته نصوص المواد من قانون المرافعات الليبي التي يمكن أن تُلخص ما سبق الحديث عنه: فتنص المادة (185) على أنه: “لا يجوز لمن علم من المحامين أو الوكلاء أو الأطباء أو غيرهم عن طريق مهنته أو صنعته بواقعة أو بمعلومات، أن يفشيها ولو بعد انتهاء خدمته أو زوال صفته ما لم يكن ذكرها له مقصودًا به فقط ارتكاب جناية أو جنحة”، واستثناءً من حكم المادة السابقة تنص المادة (186) على أنه: “ومع ذلك يجب على الأشخاص المذكورين أن يُؤدوا الشهادة على تلك الواقعة أو المعلومات متى طلب منهم ذلك من أسرها لهم على ألا يخل ذلك بأحكام القوانين الخاصة بهم”.
رابعًا: الحالات التي يجوز فيها إفشاء السر المهني:
قد يُثار التساؤل حول مدى التزام المحامي بالمحافظة على السر المهني، هل هو التزام مطلق أم هناك حالات استثنائية يجوز فيها للمحامي أن يفشي ما أسرّ الموكل إليه من أسرار؟
بعد الاطلاع على نصوص المواد في قانون المحاماة الليبي وقانون المرافعات، السابق الإشارة إليهما، نلاحظ أن المشرع استثنى من واجب التمسك بالسر المهني وأجاز إفشاؤه في أربع حالات نوردها على النحو التالي([11]): الحالة الأولى: هي الحالة التي يكون فيها ذكر السر المهني للمحامي مقصودًا به ارتكاب جناية أو جنحة، أي في حال اتجهت نية العميل إلى ارتكاب جريمة، كما لو أطلع المحامي على أن الشخص عازم على ارتكاب جريمة جنائية أو جنحة، فهنا يتوجب عليه أن يخبر السلطات فورًا، الحالة الثانية: هي الحالة التي يسمح فيها بإفشاء السر بإذن صاحب المصلحة، الحالة الثالثة: يجوز للمحامي إفشاء السر دون أن يتعرَّض للمسئولية، إذا حصل خلاف بينه وبين موكله وخاصمه أمام القضاء، ففي هذه الحالة يحق له أن يفشي المعلومات التي أسرّ بها إليه موكله إذا كان الإفشاء من ضرورات الدفاع عن النفس.
خامسًا: نختم بهذا التساؤل: أنه في حالة عدم احترام المحامي للسر المهني ما هي الإجراءات التي يُمكن أن تُتَّخذ ضده؟
قد تُّتَّخذ ضده إجراءات تأديبية عندما يتقدم المتضرر بشكواه للنقابة التي ينتمي إليها المحامي؛ وقد تتَّخذ شكل المسئولية التقصيرية وطلب التعويض، حيث يجوز للمتضرر من إفشاء السر المهني رفع دعوى قضائية على المحامي ومطالبته بالتعويض عن تلك الأضرار([12])، وقد تتَّخذ صورة الدعوى الجنائية ضد المحامي إذا تحققت أركان جريمة إفشاء السر المهني في حقه.
وهذه الإجراءات تجد أساسها في نص المادة (41/ 1) من قانون المحاماة الليبي، حيث تنص على أنه: “يُعاقب تأديبيًا بإحدى العقوبات الواردة في هذا القانون المحامي الذي يخالف أحكام هذا القانون، أو لائحته التنفيذية، أو التعليمات الصادرة من نقابة المحامين، أو يخل بواجباته، وذلك مع عدم الإخلال برفع الدعوى الجنائية”([13]).
المطلب الثاني
الأساس القانوني لالتزام المحامي بعدم إفشاء السر المهني
كما بيّنّا أن الالتزام بالسر المهني هو أحد أهم الالتزامات الملقاة على عاتق المحامي، فما هو أساس هذا الالتزام؟ هل يَكمُن في فكرة العقد القائم بين المحامي والعميل، أم يجد أساسه في نص القانون المتعلق بفكرة النظام العام؟
هناك نظريتان حاول الفقه من خلالهما تحديد الأساس القانوني لالتزام المحامي بعدم إفشاء أسرار موكله، ذهبت أولهما إلى أن التزام المحامي بالسر المهني يجد مصدره في العقد، في حين أَسَّسَت ثانيهما حماية السر على المصلحة الاجتماعية، واعتبرت الالتزام مطلقًا يتعلق بالنظام العام.
أولاً: النظام التعاقدي كأساس لالتزام المحامي بكتمان أسرار موكله.
العميل حينما يتَّجه إلى المحامي عارضًا عليه مصالحه، كاشفًا له بعض أسراره، ملتمسًا منه مساعدته، ويقبل المحامي باختياره القيام بما يطلبه العميل، فمعنى ذلك أن هناك تبادلاً للرضا قد تم، وأن عقدًا قد انعقد، ويعتبر العقد مصدرًا لالتزامات متقابلة، من ضمنها أن يدلي العميل إلى محاميه ببعض أسراره، وفي مقابل ذلك فإن المحامي يعمل على مصلحة العميل ويحافظ على هذه الأسرار.
فأصحاب هذا القول يرون أن العقد هو أساس التزام المحامي بالمحافظة على سر موكله، فالعقد المبرم بين الطرفين يولد التزامًا عقديًا على المهني بحفظ الأسرار التي وصلت إلى علمه بمقتضى مهنته، ويتقرَّر هذا الالتزام سواءً نص عليه في العقد أم لا، فمضمون العقد لا يقتصر على ما ورد فيه، بل يشمل كل ما هو من مستلزماته وفقًا للقانون والعرف والعدالة بحسب طبيعة الالتزام، إلا أن ما يقرره القانون أو العرف أو ما ترشد إليه قواعد العدالة من التزامات ثانوية لابد وأن تكون متناسبة مع الغرض الأصلي للعقد، لأن مستلزمات العقد ما هي إلا التزامات ثانوية تؤكد أو تكمل أو تحفظ حكم العقد، ولابد أن لا يكون هناك تعارض بينهما وبين حكم العقد، ويساعد تأسيس التزام المحامي بعدم الإفشاء على أساس عقدي بحسب أنصار هذه الوجهة على تحديد الضرر الذي يلحق الشخص المتضرر من جراء الافشاء وتقدير التعويض المناسب استنادًا إلى أحكام العقد([14]).
ثانيًا: النظام العام كأساس لالتزام المحامي بعدم إفشاء السر المهني.
اتجه أغلب الفقه والقضاء إلى القول بأن أساس الالتزام بسر المهنة بوجه عام – والتزام المحامي بسر المهنة بصفة خاصة – يَكمُن في النظام العام([15]).
إن أساس حماية السر يرجع للمصلحة الاجتماعية والالتزام مطلق يتعلق بالنظام العام، والقانون يحمي السر ويقرِّر عقابًا على إفشائه، وذلك بالنظر إلى أن هناك خطر يتهدد بالمصالح الاجتماعية.
فالتزام المحامي بالمحافظة على السر المهني تفرضه قواعد مهنة المحاماة، ومخالفة الالتزام فيه أضرار على المصلحة العامة، فالمشرع من وجهة نظرهم لا يتدخل لحماية المصالح الخاصة أو بهدف تنفيذ اتفاقات الأطراف، وإنما يتدخل في كل مرة يتعلق فيها إفشاء السر المهني بالنظام العام، لما يقتضيه ذلك من تعريض المصلحة الاجتماعية للخطر.
ومن الواضح أن التزام المحامي بالحفاظ على السر المهني لا يترتب على العقد المبرم مع موكله، وإنما هو التزام أصيل تفرضه قواعد مهنة المحاماة، وذلك لما يترتب على مخالفة هذا الالتزام من اعتداء على استقلال المحاماة، وامتهان لكرامة المهنة وإضرار بالمصلحة العامة([16]).
وبالرجوع إلى موقف المشرع الليبي، فإنه ومن خلال الاطلاع على النظام الداخلي لمهنة المحاماة نجد أن المشرع أشار بصراحة إلى أن السر المهني يعدّ مطلقًا ومن النظام العام، فلا يجوز له كشفه مهما كانت المبررات، وكل مخالفة لذلك تعد خطأ مهنيًا جسيمًا.
مُجمل القول إن الالتزام بالسر المهني ليس نتيجة عقد صريح أو ضمني بين العميل والمحامي، وإنما يتعلق بالنظام العام، فهو يقوم على أساس أن توزيع العدالة لا يكون إلا بتوافر الصراحة والطمأنينة بينه وبين موكله، وهو ليس واجب فقط يقع على عاتق المحامي قِبَل موكله، بل أيضًا مقتضى من مقتضيات استقلاله في مواجهة السلطات العامة، ومن أجل ذلك أكد المشرع على واجب المحافظة على سر المهنة.
المبحث الثاني
حصانة المحامي بين النصوص القانونية والواقع العملي
هذه الرسالة الهامة، تستلزم أن يتوفر للمحامي وللمحاماة الحصانة والحماية الكافية، فحصانة المحامي وحمايته في أداء رسالته وحمل أمانته، هي حصانة وحماية للعدالة ذاتها، لأن النهوض بها عبئ جسيم، يجب أن يتوفر لحَمَلة رايتها ما يقدرون به أن يؤدوا الرسالة في أمان بلا وجلٍ ولا خوفٍ ولا إعاقةٍ ولا مصادرةٍ.
إن حصانة المحامي هي حصانة إجرائية وليست موضوعية، وهي مناطة بالشخص المحامي وحده ولا تمتد لأفراد أسرته وأقاربه، والحكمة من منح المحامي حصانة هي أنها الضمانة التي تسمح له بممارسة عمله بحرِّية، وتحميه من التعرض لأي توقيف أو استجواب أو تفتيش لشخصه، أو أي اعتداء يقع عليه أثناء أداء واجبه أو في مكتبه، وهذا الامتداد هو أمر ضروري لمباشرة المحامي عمله ومزاولته إياه على الوجه الذي يُؤمن حق الدفاع ويوفيه حقه، ومن هذا المنطلق وجب تقرير حق المحامي في المطالبة بالحصانة في أي من الإجراءات التي قد تمس حسن أدائه لمهنته، بناءً على ذلك سنقوم بتقسيم هذا المبحث إلى مطلبين، (المطلب الأول) حصانة المحامي أمام القاضي، أمّا (المطلب الثاني) حصانة المحامي الشخصية.
المطلب الأول
حصانـة المحـامي أمـام القـاضي
فقد حرص المشرع على أن يحافظ على وقار وكرامة المحامي أثناء وقوفه أمام القاضي لإبدائه الدفاع، ليمكِّنه من إطلاق قدراته الدفاعية بحرّية، يتحقق من خلالها كشف الحقيقة وأداء رسالته على أكمل وجه.
كما أن على المحامي واجب احترام الجهات القضائية والدوائر التي يمارس عمله أمامها، سواءً كان مترافعًا أو مراجعًا، فإن له الحق أيضًا أن يتمتع بالاحترام أمام هذه الجهات، فمن حق المحامي على القضاة أن يعاملوه بالاحترام الواجب للمهنة، وأن يكون من حقه الاطلاع على الدعاوي والأوراق القضائية، ويجب على تلك الجهات أن تقدم له التسهيلات اللازمة للقيام بواجباته المهنية([17]).
ولابد أن يكون الاحترام متبادلاً بين القاضي وبين المحامي، مما يتوجب معه على القاضي أن يبادل المحامي بالاحترام وأن يظهر الاحترام المناسب له عند ترافعه أمامه باعتباره طرفًا مشاركًا في تحقيق العدالة.
ومن مستلزمات احترام المحكمة لشخص المحامي واحترامها لحق الدفاع، وجوب اصغاء القاضي أو هيئة المحكمة لدفاع المحامي، إذ ما قيمة الدفاع إن لم يكن موضع اصغاء، وكيف نضمن لأطراف الدعوى حقوقهم الدستورية إذ لم تستمع المحكمة لدفاع محاميهم بدقة، كما أنه من مستلزمات حسن تطبيق القانون أنه ينبغي على القاضي أن يجيب على طلبات المحامين في مدة معقولة ودون تأخير، ذلك أن التأخير في إقرار الحقوق نوعًا من انكارها([18]).
كما أنه لا يجوز حرمان المحامي من حقه في الاطلاع على الدعاوي والأوراق القضائية، وهذا ما أكدته اللائحة التنفيذية لقانون المحاماة الليبي في نص المادة (16) بقولها: “يحق للمحامي الاطلاع على ملفات الدعاوى والمستندات والأوراق لدى الجهات المختصة، وله حق الحصول على صورة رسمية من المستندات مذيلة بختم وتوابع الموظف…إلخ”.
ويتمتع المحامي بحق الاطلاع على أوراق القضية في جميع مراحل الدعوى، بدءًا من التحقيق والمحاكمة وحتى حجز الدعوى للحكم، وفي حالة إهدار هذا الحق بدون مبرر مقبول فإن ذلك يُعد إخلالاً بحق الدفاع، ويحق معه للمحامي التمسك ببطلان الإجراءات التي تُخلَّ بهذا الحق الجوهري.
إضافة إلى ذلك يتمتع المحامي بأحقية إنابة غيره من المحامين في الحضور أمام القاضي، وإنجاز أعماله القضائية والإدارية المختلفة كلها أو بعضها، دون الحاجة إلى وكالة خاصة، فنصت المادة (21) من قانون المحاماة على أنَّه: “يمارس المحامي مهنته بنفسه أو بالاشتراك مع غيره من المحامين”، ويؤكد هذا الحق أيضًا ما جاء بنص المادة (97) من قانون المرافعات الليبي بقولها: “يجوز للوكيل أن ينيب غيره من المحامين إن لم يكن ممنوعًا من الإنابة صراحة في التوكيل”.
فهذا يعني أن يكون للمحامي شخصية محترمة ووقورة وأن يُعامَل من المحاكم وسائر الجهات التي يحضر أمامها بالاحترام الواجب للمهنة، فينبغي أن تكون له حرية المرافعة وإبداء دفوعه القانونية، وأن تتاح له فرصة الاستعداد للمرافعة والاطلاع، وإثبات كل ما يريد اثباته في محضر الجلسة ليؤدي رسالته على أكمل وجه.
إلا أن الواقع العلمي قد يؤدي في بعض الأحيان إلى الاحتكاك بقاضي الدعوى حين يهم بمقاطعة المحامي ومنعه من الاسترسال في المرافعة، أو منعه من اثبات طلباته في محضر الجلسة، وهو ما يسميه الفقه بأزمة الحضور([19]).
ولهذا فإن المشرع عمد في المادة (131) مرافعات على أن: “يجب الاستماع إلى أقوال الخصوم حال المرافعة ولا تجوز مقاطعتهم إلا إذا خرجوا عن موضوع الدعوى أو تعدوا على النظام أو وجّه بعضهم إلى بعض سبًا أو طعنوا في حق أجنبي عن الخصومة”.
فهذا النص أعطى للمحامي الحق في الاسترسال في المرافعة لإعطاء قاضي الدعوى صورة صحيحة عن موضوعها، ويلتزم القاضي بسماع المحامي إلى أن ينتهي من عرض هذه الصورة، وإلا يعتبر هذا إخلال بحق الدفاع، يوصم حكم القاضي بعد ذلك بالبطلان، على أن هذا الاسترسال مرهون بموضوع الدعوى ولا يخرج عن مقتضياتها.
وإذا كان المحامي هو شريك السلطة القضائية في البحث عن الحقيقة، فإن المشرع أضفى حصانة للمحامي حين وقوفه أمام القاضي، بمنع هذا الأخير من ممارسة سلطاته العادية ضده، والتي يستطيع اتخاذها ضد أي شخص آخر، فمنعه من القبض عليه أو احتجازه أو الحكم عليه، حتى في حالة وقوع ما يستوجب مسائلة المحامي في أثناء انعقاد الجلسة، فقط للقاضي أن يحرر مذكرة بما حدث ويحيلها إلى النيابة العامة ويخطر النقابة الفرعية بذلك([20]).
وبالرغم من هذا الاتجاه المحمود إلا أنه كان حريًا عليه الاكتفاء بإحالة المذكرة إلى النقابة الفرعية لمحاسبة المحامي تأديبيًا، لا أن يحيلها إلى النيابة العامة لتباشر فيها التحقيق، وسرعان ما تنتهي إلى قيد ووصف يدين المحامي وتحرك الدعوى الجنائية ضده، ليقف المحامي متهمًا في أمر هو من صميم عمله، ذلك لأن العلاقة ما بين القاضي والمحامي هي علاقة مشاركة وليست الند بالند، وإن ما بدر من المحامي أثناء عمله يجب أن يكون مكفول بضمانات تحمي المحامي من توجيه الاتهام إليه، حتى لا ننتقص من حصانته أو نعتدي على المصلحة العامة التي نحميها بهذه الحصانة.
فالقول بغير ذلك يعد انتقاص من حصانة المحامي وبالتالي النيل من استقلاله، مما يجب البحث عن طريقة أخرى تحافظ على روح هذه الحصانة، ويجعل موضوعها مسألة تأديبية بين زملاء يفصل في أمرها لجنة التأديب (نقابة المحامين) التي تملك توقيع جزاءات أشد في المجال التأديبي، إذا بلغت المخالفة تجاوزًا معينًا يرقى إلى الوقف عن مزاولة المهنة، لأن الاعتداء هنا لم يمس القاضي وحده، بل مس المحاماة ورسالتها، التي يجب على المحامي قبل حمل رسالتها أن يتصف بالشهامة والفروسية وتبجيل القضاء، لأن اعتداءه عليهم يمثل عدوان على رسالتها.
إن نصوص القانون مجتمعة تضمن للمحامي حرية المرافعة وتدعم استقلاله، بحسب كونه وكيلاً عن أحد الخصوم، لحمايته من أي طعن يوجَّه إليه أثناء مرافعته الشفوية أو المكتوبة، التي تشمل عريضة الدعوى والمذكرات وغيرها من الأوراق القضائية المتعلقة بالخصومة.
فقد أوجبت المادة (25) من اللائحة التنفيذية لقانون المحاماة بأنَّه: “لا يُسأل المحامي عما يصدر عنه اثناء الجلسة مما يقتضيه حق الدفاع”، أي للمحامي أن يسلك الطريقة التي يراها ناجحة طبقًا لأصول المهنة في الدفاع عن موكله، ولا يكون مسئولاً عما يورده في مرافعته الشفوية أو في مذكراته المكتوبة، مما يستلزمه حق الدفاع، وذلك مع عدم الإخلال بأحكام قانون الإجراءات الجنائية وقانون المرافعات.
فحق الدفاع بالأصالة وبالوكالة مكفول، وذلك لأن العدالة تقتضي أن يكون للمحامي مطلق الحرية في ابداء دفاعه بالطريقة التي يختارها، كسبيل مؤدي لأمانة الدفاع التي يحملها في عنقه، لينقلها كاملة لقاضي الدعوى، لإنارة بصيرته من الغموض الذي قد يكتنفها، وهو آمن من عدم ملاحقته قضائيًا، وحتى لا يشعر أثناء قيامه بهذا الواجب أنه محدود الحرية فيحجم عن التعبير عن أشياء قد تكون هي كاشفة لوجه الحق في الدعوى.
المطلب الثاني
حصـانة المحـامي الشخصية
يُعد حق الحصانة الشخصية من أهم الحقوق التي يجب أن يتمتع بها المحامي في عمله، حيث يؤدي هذا الحق إلى المحافظة على هيبة المحامي في نفوس موكليه ونفوس العامة، وتمنحه قوة نفسية وقوة معنوية في المطالبة بحقوق موكليه والإصرار عليها، وهو يعلم جيدًا أنه لن يستطيع أي شخص من أصحاب النفوذ أو السلطة أو ضعَّاف النفوس أن يمارس عليه أي ضغوط مادية أو معنوية للعدول عن موقفه في حماية حقوق ومصالح موكليه.
ولقد نص قانون المحاماة الليبي رقم (3) لسنة 2014م على العديد من الحقوق والضمانات التي تكفل للمحامي ممارسة مهنته بحرية تامة، وحيث إنَّه قد ورد بالمادة الأولى أن: “المحاماة مهنة حرة مستقلة، وهي ركن من أركان العدالة، تعمل على تحقيقها وعلى حماية الحقوق والحريات”، كما ورد أيضًا في المادة (27) من ذات القانون المشار إليه على أنَّه: “يكون للمحامي كافة الحصانات المقررة قانونًا لأعضاء الهيئات القضائية”، فبناءً عليه سنتحدث عن: مظاهر حق المحامي في الحصانة التي تدرء عنه المخاطر وتمكِّنه من حماية نفسه، وسنوضح ذلك وفقًا للتفصيل الآتي:-
1- حصانة المحامي في علاقته بالموكل:
الحقيقة أن المادة الأولى من قانون المحاماة أوضحت بأن المحاماة هي مهنة تشارك السلطة القضائية في تحقيق العدالة، وتأكيد سيادة القانون في كفالة حق الدفاع عن حقوق المواطنين وحرياتهم، فهي بهذا المعنى أضحت مستقلة الأحكام وظهر بذلك إطار خاص يحدد لها سماتها وعناصرها القانونية، هذا الإطار في حقيقته يجمع بين الوكالة والفضالة والخدمة العامة، بحيث يتشكل من أحكامها جميعًا دون تغليب إحداها على الآخر.
والأمر الذي يؤكد صحة هذا التحليل هو ما نصت عليه المادة (25/1) من قانون المحاماة بأنَّه: “لا يُسأل المحامي عمَّا يصدر عنه اثناء الجلسة مما يقتضيه حق الدفاع”.
فهذه المادة حددت حدود العلاقة بين المحامي وموكله، فكل ما على المحامي تجاه الأخير هو مراعاة الطريقة المتفقة مع أصول المهنة، وفي ضوء ذلك فإن المحامي يكون مستقلاً استقلال تام عن موكله، لا يخضع لتوجيهه أو إشرافه، كما أن للمحامي أن يوكل عنه ما شاء من المحامين في مباشرة الدعوى التي وكِّل فيها دون أدنى اعتراض من المُوكل.
ومن ثم فلا يجوز للموكل أن يتهم المحامي بأنه قد قصَّر في دفاعه عنه، إذ أن أصول المهنة تقتضي بأن المحامي يباشر دفاعه بما يمليه عليه ضميره وحده، وفي ذلك قضت محكمة النقض المصرية بأنَّه: “وكان من المقرر بأن استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده أمر موكول إلى تقديره هو حسبما يمليه عليه ضميره ويوحي به اجتهاده وتقاليد مهنته، ومن ثم فإن ما ينعى به الطاعن على الحكم من الإخلال بحق الدفاع لعدم توفيق المحامي المنتدب للدفاع عنه لا يكون مقبولاً”([21]).
وبناءً على ذلك فإن المحامي لا يلتزم إلا بعناية وليس تحقيق نتيجة، وبوصفه مشاركًا للسلطة القضائية في القدر اللازم لإعمال صحيح القانون، فإن انتهى من دفاعه وقضت المحكمة على نحو مغاير لما يطلبه وما يصبو إليه موكله فلا يمكن الاحتجاج قِبَلَه بما انتهى إليه الحكم، لأن ذلك قد خرج من حدود اختصاصه([22]).
2- حصانة المحامي في أتعابه وحبس الأوراق والمستندات والحقوق:
نصت المادة (26) من قانون المحاماة الليبي على هذا الحق بقولها: “يحق للمحامي حبس المستندات أو الأموال بما يعادل مطلوبة من الأتعاب إذا لم يكن قد استوفى أتعابه”.
وحق الحبس يُشكِّل وسيلة مشروعة وفعالة للمحامي لتحصيل حقوقه، وأن التلازم بين الملف المحتبس والأتعاب غير المدفوعة يشرع الحبس كوسيلة إكراهية بيد المحامي لحين استيفاء اتعابه كاملة، والسماح للمحامي بتحصيل اتعابه أمام القضاء يتيح له في الوقت ذاته اللجوء إلى الأساليب التي تساعده على ذلك.
وحتى تنأى بالمحامين عن الدخول في خصومات قضائية معقدَّة، حين يتنكر لهم من كانوا يشاركونه همومه وخصومته، حتى إذا ما استرد حقه جحد حقوقهم وتناسى الجهد المبذول، لهذا فإن المشرع أعطى المحامي حصانة خاصة لأتعابه كرخصة يستعملها حين يصادف هذه الفئة وإن كان أغلب المحامين لا يستعملونها عفافًا وكبرياء، إلا أنها حقًا لا يجب التفريط فيها بأي حال من الأحوال، لأنها ليست هبةً ولا منحةً، حيث نصت المادة (29) من قانون المحاماة على أنَّه: “للمحامي الحق في تقاضي أتعاب عما يقوم به من أعمال في نطاق مهنته، وله الحق في استيفاء كافة النفقات التي يتكبدها في سبيل تنفيذ الوكالة، ويستحق المحامي الأتعاب المتفق عليها ولو انتهت القضية صلحًا أو تحكيمًا أو تم عزله ما لم يتفق على خلاف ذلك”.
3- حصانة المحامي في مواجهة الجمهور والخصوم في المحكمة:
إذا كانت المحاماة هي جزء مُكمِّل للعدالة الاجتماعية، فإن احترامها ووقارها أضحى من الضمانات الضرورية اللازمة لاحترام القضاء وهيبته، لإحساس الكافة بضخامة المسئولية الملقاة على عاتق أعضاؤها، لبث الطمأنينة في النفوس لنزاهة المحاكمة، وعدم التشكيك في احترامها([23]).
لذا فإن المشرع عمد للحفاظ على كرامة وهيبة رسالتها بالمساواة بينهما وبين القضاء، فقرَّر لها نفس الحماية التي يحمي بها رجال القضاء، حيث نصت المادة (27) من قانون المحاماة والسابق الإشارة إليها على أنَّه: “يكون للمحامي كافة الحصانات المقررة قانونًا لأعضاء الهيئات القضائية”؛ كما وسّع نطاق الحماية المقررة للمحامي في مجال عمله، لتشمل كل ما يتعلق بالمهنة أثناء قيامه بأعمال مهنته أو بسببها، فيشمل كل ما يتعرض له من الاعتداء أو الإهانة أو التهديد بها أو غيرها من الأفعال التي تشكل تعرض أو إساءة، كما يتمتع المحامي بحصانة على أعماله الكتابية والشفهية، تكريسًا لمبدأ استقلالية المحاماة أولاً، ولكي يتمكَّن المحامي من ممارسة وظيفته بحرية كاملة ثانيًا؛ ووفقًا للمفهوم الواسع الوارد بقانون المحاماة الليبي قامت المادة (25/2) بترسيخ حصانة المحامي بمنع التعدي عليه، حيث تنص على أنَّه: “أي جريمة تقع على أحد المحامين أثناء تأدية مهنته أو بسببها تأخذ حكم الجريمة التي تقع على رجال القضاء ويُعاقب عليها بنفس العقوبات المقررة لتلك جريمة”.
ونرى أن من صور حصانة المحامي أيضًا الحق في نقابة تحميه وتدافع عن مصالحه، وتوفر له الضمانات القانونية، ولذا حظر القانون إغلاق النقابة أو التعدي عليها، فنصت المادة (59/1) من قانون المحاماة الليبي على أنَّه: “تمارس النقابة وفروعها نشاطها المهني بغية تحقيق الأهداف التالية: 1- الدفاع عن مصالح النقابة والمحامين ومهنة المحاماة، والمحافظة على تقاليد المهنة وضمان استقلال المهنة وحرية المحامي في أداء رسالته”.
والغرض من تقرير هذه الحماية هي دعم حصانة المحامي، وإعطائه سند يحميه من أي تعرُّض قد يقوم به الخصوم أو الجمهور، بقصد منعه من كشف أطماعهم، فينبغي تهيئة المناخ المناسب أمامه من أداء رسالته على أكمل وجه.
4- حصانة المحامي في مكتبه([24]).
المحامي في نظر موكله هو المدافع والمناضل من أجل اثبات الحقيقة، كما يُعد مكتب المحامي مرتبطًا دومًا بكيانه القانوني، فهو يُمثِّل بالنسبة له نقطة ارتكازٍ هامة، وصرح تنطلق منه أفكاره ومذكراته، وإعداد دفاعه ودفوعه من أجل النهوض برسالته، وهو مستودع السر المؤتمن عليه بما يحويه من مستندات وأوراق سلَّمها أصحابها من أجل كشف الحقيقة، وهو المكان الآمن الذي يلجأ إليه عملاء المحامي ليشاركوه همومهم ومصائبهم بقصد خلاصهم منها، ولذلك حرص قانون المحاماة الليبي على ترسيخ هذا الحق للمحامي([25]).
ولأهمية ذلك حرص المشرع على إضفاء حصانة خاصة على مكتب المحامي، وذلك حين أوجب عدم جواز تفتيش مكتب المحامي إلاَّ بمعرفة أحد أعضاء النيابة، مع وجوب إخطار النقابة، وذلك ليحضر أحد أعضائها هذا التفتيش للحفاظ على سرية أسرار المكتب، وهذا ما نصت المادة (28) محاماة بقولها: “لا يجوز الحجز على مكتب المحامي وما به من منقولات تقتضيها أعمال المهنة، ولا يجوز الاستيلاء على المكتب أو إخلائه إلا بحكم قضائي”.
5- الواقع وحصانة المحامي:
يلُاحظ أن حقوق المحامي بصفة عامة وحق الحصانة بصفة خاصة قد تعرَّض في السنوات الأخيرة في ليبيا لانتكاسة كبيرة، بسبب الأزمات التي تعرَّضت لها البلاد في الأونة الأخيرة، وانتهاك الحريات بشكلٍ واضحٍ؛ كما تعدَّدت أزمات المحامين مع السادة القضاة وأعضاء النيابة، من بينها المشادات التي تحدث بسبب التعامل اليومي بين طرفي العدالة، والتأجيل المستمر للجلسات، وتعنُّت بعض رجال القضاء والنيابة العامة، وإصرار بعض القضاة ووكلاء النيابة على التعامل مع المحامي كأنَّه خارج إطار منظومة العدالة وليس طرفًا أصيلاً فيها.
فحصانة المحامي ثابتة ومقرَّرة بنصوص القانون، إلا أن الواقع العملي غير ذلك، فالحصانة لا تقتصر على المرافعات الشفهية أو الأعمال الكتابية الصادرة عن المحامي، والتي يلقيها أمام هيئة المحكمة، وإنما تتجاوزها لتشمل ما أسلفنا بيانه في هذا المبحث.
وفي المقابل فإن تمتُّع المحامي بحصانة عن مرافعاته التي يقدمها للمحكمة مشروطة بتوافر شرط حسن النية، وبالتالي فإنَّه كلما كان المحامي أثناء قيامه بالدفاع عن موكله سيئ النية فإنه يكون عرضة للعقاب الجنائي والمدني وكذلك التأديبي، فهذه الحصانة لا تمنع من قيام مسئولية المحامي كلما ظهر أنَّه ارتكب خطأً أدى إلى إلحاق ضرر بالغير، وثبتت العلاقة السببية بين الضرر والخطأ المهني.
خُلاصة القول: ينبغي أن يتمتع المحامي بالعديد من الضمانات لأداء مهامه كما ينبغي أن تكون، وعلى الحكومة أن تكفل ما يلي للمحامين – أولاً: القدرة على أداء جميع وظائفهم المهنية بدون تخويف أو إعاقة أو مضايقة أو تدخل غير لائق، ثانيًا: القدرة على الانتقال إلى موكليهم والتشاور معهم بحرية داخل البلد وخارجه على السواء، ثالثًا: توفر السلطات ضمانات حماية كافية للمحامين إذا تعرَّض أمنهم للخطر من جراء تأدية أعمالهم، رابعًا: لا يجوز، نتيجة لأداء المحامين لمهام وظائفهم، أخذهم بجريرة موكليهم أو بقضايا هؤلاء الموكلين.
الخــاتمة
أولاً: النتائج
يمكن تلخيص أهم النتائج التي توصل إليها الباحث من خلال الدراسة، وذلك على النحو التالي:
- عرّفت الدراسة السر المهني في مجال المحاماة بأنَّه بيانات ومعلومات توصّل إليها المحامي بحكم عمله، وأمر القانون بكتمانها، بكل أشكال حفظها، لتكون حيازتها حصرية لصاحب المهنة وصاحب السر، ويحظر إفشاءها إلا وفقًا للقانون.
- الأساس في فرض الالتزام بالسر المهني على عاتق المحامي هو ضعف العميل، وعدم قدرته للدفاع عن نفسه، ويظهر ذلك جليًا من خلال لجوء العميل للمحامي كي يباشر مهمة الدفاع عنه وعن حقوقه.
- من الحقوق الهامة للمحامي في الواقع العملي، حقه في الحصانة، وهذا الحق له أهمية بالغة في تمكين المحامي من الدفاع عن موكليه بحرية وإيجابية، دون أن يخشى بطشًا أو تنكيلاً من أي جهة، باعتباره رمزًا لتحقيق العدالة وأحد جناحيها مع القضاء، وهو ما يلقي بالعبئ الأكبر على نقابة المحامين في الدفاع عن تلك الحقوق، وعلى رأسها وفي مقدمتها حق المحامي في الحصانة الفعلية على أرض الواقع.
- تخضع حصانة المحامي للمعيار الشخصي، فهي منوطة بشخص المحامي وحده، ولا تمتد إلى أفراد أسرته أو أقاربه، والحكمة من تمتع المحامي بها هي تمكينه من ممارسة عمله بحرية وكرامة، وحمايته من التعرض أو تفتيش لشخصه، وتمتد حصانة المحامي إلى حقيبة يده ووثائقه، وأجهزة اتصالاته ومراسلاته ومكتبه وكل ما يتصل بمهنته.
ثانيًا: التوصيات
- نظرًا للتراجع الملحوظ لقواعد ومبادئ أخلاقيات مهنة المحاماة، يوصي الباحث بإنشاء لجان تثقيفية وإعداد دورات علمية تقوم بتدريس القواعد الأخلاقية لمهنة المحاماة، على أن تشكل هذه اللجنة من أساتذة القانون والمحامين المشهود لهم بالكفاءة العلمية.
- ضرورة أن يكون لنقابات وهيئات المحامين واتحاد المحامين العرب الدور الأكبر والأقوى في الدفاع عن تلك الحقوق والحريات للمحامين، وعلى رأسها وفي مقدمتها حق المحامي في الحصانة، والعمل على كافة المسارات القانونية المحلية والإقليمية والدولية، لترسيخ تلك الحقوق والدفاع عنها على أرض الواقع، ووقف نزيف الانتهاكات الواقعة على حقوق وحريات المحامين في عملهم، وخاصة مع تغول بعض الأنظمة السياسية على القانون، تحت غطاء من بعض الجهات القضائية أو السيادية.
قائمة المراجع([26])
أولا: الكتب القانونية العامة:
عبدالله الجليلي، الشرط المستحيل والمخالف للنظام العام والآداب العامة، المطبعة العالمية، القاهرة، 1958م.
عبدالرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، مصادر الالتزام، ج1، بيروت، 1998م.
عبدالغني بسيوني عبدالله، مبدأ المساواة أمام القضاء وكفالة حق التقاضي، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1983م.
علي نجيدة، التزامات الطبيب في العمل الطبي، دار النهضة العربية، القاهرة، 2000م.
غنام محمد غنام، الحماية الجنائية لأسرار الأفراد لدى الموظف العام، دار النهضة العربية، القاهرة، 1988م.
عزالدين الدناصوري، التعليق على قانون المرافعات، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2007م،
ثانيًا: الكتب القانونية المتخصِّصة:
أحمد كامل سلامة، الحماية الجنائية لأسرار المهنة، دار النهضة العربية، القاهرة، 1998م.
طلال العجاج، التزامات وحقوق المحامي، دار الحامد، عمان، 2012م، ص97.
عادل جبري حبيب، المسئولية المدنية عن الإخلال بالسر المهني أو الوظيفي-دراسة مقارنة، دار الفكر العربي، القاهرة، 2003م.
عبدالباقي محمد سوادي، مسئولية المحامي المدنية عن أخطائه المهنية، دار الثقافة، عمان، الأردن، 2010م.
عمرو إبراهيم ماهر، حصانة المحامي القضائية-دراسة مقارنة، بدون دار نشر، بدون سنة نشر.
- محمد عبد الظاهر حسين، صور ممارسة المهن الحرة وأثرها على مسئولية المهني، دار النهضة العربية، القاهرة، 1997م.
محمود صالح العادلي، الحماية الجنائية لالتزام المحامي بالمحافظة على أسرار موكليه-دراسة مقارنة، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2003م.
محمود نور شحاته، استقلال المحاماة وحقوق الإنسان– دراسة مقارنة، دار النهضة العربية، القاهرة، 1987م.
مصطفى أحمد حجازي، التزام المحامي بالحفاظ على أسرار العميل، جامعة بني سويف، 2006م.
ثالثًا: الرسائل العلمية:
أحمد عبدالله البلوشي، السلوك المهني وأثره في مسئولية المحامي، رسالة ماجستير، الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، 2014م.
فتوح عبدالله الشاذلي، السر المهني والشهادة أمام القضاء، رسالة دكتوراه، جامعة بواتييه، فرنسا، 1979م.
محمد صلاح الدين حلمي، أساس المسؤولية التقصيرية في الشريعة الإسلامية والقانون المدني، رسالة دكتوراه، جامعة القاهرة، 1978م.
محمد عبد الظاهر حسين، المسئولية المدنية للمحامي تجاه العميل، رسالة دكتوراه، جامعة القاهرة، 1990م.
رابعًا: البحوث والمقالات:
الكوني عبودة، أضواء سريعة على المسؤولية المدنية للمحامي في القانون الليبي، بحث منشور لدى: المجلة العربية للفقه والقضاء، (العدد27)، 2003م.
رايس محمد-حمادي عبدالنور، المشورة القانونية كأساس لمسؤولية المحامي المدنية، بحث منشور لدى: مجلة الدراسات الحقوقية، (العدد8)، جامعة تلمسان، الجزائر، 2017م.
رجائي عطية، حصانة المحامي والمحاماة، بحث منشور لدى: مكتبة الأبحاث القانونية – منتدى المحامين العرب، 2004م.
سعيد سعد عبدالسلام، المسئولية المدنية للمحامي عن أخطاء مساعديه، بحث منشور لدى: مجلة البحوث القانونية والاقتصادية، (العدد7)، جامعة المنوفية، 1995م.
الهوامش:
-
غنام محمد غنام، الحماية الجنائية لأسرار الأفراد لدى الموظف العام، دار النهضة العربية، القاهرة، 1988م، ص25. ↑
-
علي نجيدة، التزامات الطبيب في العمل الطبي، دار النهضة العربية، القاهرة، 2000م، ص149؛ محمود صالح العادلي، الحماية الجنائية لالتزام المحامي بالمحافظة على أسرار موكليه-دراسة مقارنة، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2003م، ص6. ↑
-
محمود صالح العادلي، الحماية الجنائية لالتزام المحامي بالمحافظة على أسرار موكليه – دراسة مقارنة، المرجع السابق، ص201 وما بعدها؛ أحمد عبدالله البلوشي، السلوك المهني وأثره في مسئولية المحامي، رسالة ماجستير، الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، 2014م، ص21 وما بعدها ↑
-
عادل جبري حبيب، المسئولية المدنية عن الإخلال بالسر المهني أو الوظيفي-دراسة مقارنة، دار الفكر العربي، القاهرة، 2003م، ص14. ↑
-
راجع في ذلك: فتوح عبدالله الشاذلي، السر المهني والشهادة أمام القضاء، رسالة دكتوراه، جامعة بواتييه، فرنسا، 1979م، ص18؛ مصطفى أحمد حجازي، التزام المحامي بالحفاظ على أسرار العميل، جامعة بني سويف، 2006م، ص27 وما بعدها. ↑
-
- وقد أكدت محكمة النقض الفرنسية ذلك في أحد قراراتها في قضية تتلخص وقائعها في أن دعوى طلاق رُفعت من زوج على زوجته بسبب تفاقم المشاكل بينهما، لجأت الزوجة إلى إحدى صديقات عائلة زوجها تعمل كمحامية وبقيت في زيارتها فترة، تمكنت المحامية خلالها من الوقوف على تفاصيل المشكلة الزوجية، أثناء النظر في الدعوى شهدت المحامية ضد الزوجة بما سمعته منها، وحكمت المحكمة بطلاق الزوجة استنادًا إلى شهادة المحامية، طعنت الزوجة في الحكم لبطلان الشهادة، إلا أن محكمة النقض قد أيدت الحكم الصادر بالطلاق، تأسيسًا على انتفاء علاقة السببية بين الأسرار التي علمت بها المحامية ووظيفتها، فهي لم تعلم بهذه الأسرار بسبب مهنتها وإنما باعتبارها صديقة للعائلة، وبالتالي فإن الإفضاء بها إلى المحكمة لا يُشكل إخلالًا منها بواجب السريّة، راجع في ذلك: محمد عبد الظاهر حسين، صور ممارسة المهن الحرة وأثرها على مسئولية المهني، دار النهضة العربية، القاهرة، 1997م، ص127 وما بعدها.↑
-
راجع بالتفصيل: سعيد سعد عبد السلام، المسئولية المدنية للمحامي عن أخطاء مساعديه، بحث منشور لدى: مجلة البحوث القانونية والاقتصادية، العدد7، جامعة المنوفية، 1995م، ص42؛ عادل جبري حبيب، المسئولية المدنية عن الإخلال بالسر المهني أو الوظيفي-دراسة مقارنة، المرجع السابق، ص69 وما بعدها. ↑
-
سعيد سعد عبد السلام، المسئولية المدنية للمحامي عن أخطاء مساعديه، المرجع السابق، ص42. ↑
-
عبد الباقي محمد سوادي، مسئولية المحامي المدنية عن أخطائه المهنية، دار الثقافة، عمان، الأردن، 2010م، ص225 وما بعدها؛ محمد صلاح الدين حلمي، أساس المسؤولية التقصيرية في الشريعة الاسلامية والقانون المدني، رسالة دكتوراه، جامعة القاهرة، 1978م، ص567. ↑
-
في ذات المعنى راجع بالتفصيل: مصطفى أحمد حجازي، التزام المحامي بالحفاظ على أسرار العميل، المرجع السابق، ص61 وما بعدها؛ محمد عبد الظاهر حسين، المسئولية المدنية للمحامي تجاه العميل، رسالة دكتوراه، جامعة القاهرة، 1990م، ص153-154. ↑
-
راجع نصوص المواد (175-176) من قانون المرافعات الليبي، أيضًا نص المادة (32) من قانون المحاماة الليبي رقم (3) لسنة 2014م. ↑
-
في ذات المعنى راجع: الكوني عبودة، أضواء سريعة على المسؤولية المدنية للمحامي في القانون الليبي، بحث منشور لدى: المجلة العربية للفقه والقضاء، العدد27، 2003م، ص2؛ مصطفى أحمد حجازي، التزام المحامي بالحفاظ على أسرار العميل، المرجع السابق، ص4. ↑
-
للمزيد راجع في ذلك بالتفصيل من المادة (42) إلى المادة (49) من قانون المحاماة الليبي رقم (3) لسنة 2014م. ↑
-
أحمد كامل سلامة، الحماية الجنائية لأسرار المهنة، دار النهضة العربية، القاهرة، 1988م، ص97. ↑
-
إن المقصود بالنظام العام هو: مجموعة المصالح الأساسية التي يقوم عليها كيان المجتمع، سواء كانت مصالح سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو مالية، ويُعرّف النظام العام أيضًا بأنَّه: المبادئ القانونية التي لا يمكن للأفراد مخالفتها وإن خالفوها كان جزاء تصرفهم البطلان، للمزيد راجع: عبدالله الجليلي، الشرط المستحيل والمخالف للنظام العام والآداب العامة، المطبعة العالمية، القاهرة، 1958م، ص70. ↑
-
أحمد كامل سلامة، الحماية الجنائية لأسرار المهنة، المرجع السابق، ص98. ↑
-
طلال العجاج، التزامات وحقوق المحامي، دار الحامد، عمان، 2012م، ص97. ↑
-
راجع بالتفصيل: عبدالغني بسيوني عبدالله، مبدأ المساواة أمام القضاء وكفالة حق التقاضي، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1983، ص81 وما بعدها. ↑
-
راجع في ذلك: عزالدين الدناصوري، التعليق على قانون المرافعات، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2007م، ص34 وما بعدها. ↑
-
في ذات المعنى راجع: رجائي عطية، حصانة المحامي والمحاماة، بحث منشور لدى: مكتبة الأبحاث القانونية – منتدى المحامين العرب، 2004م. ص43. ↑
-
نقض مدني مصري رقم 684 لسنة 47ق جلسة 27-11-1977م ↑
-
محمود نور شحاته، استقلال المحاماة وحقوق الإنسان – دراسة مقارنة، دار النهضة العربية، 1987م، ص34 وما بعدها؛ راجع أيضًا: رايس محمد-حمادي عبدالنور، المشورة القانونية كأساس لمسؤولية المحامي المدنية، بحث منشور لدى: مجلة الدراسات الحقوقية، العدد الثامن، جامعة تلمسان، ص50. ↑
-
محمد عبد الظاهر حسين، المسئولية المدنية للمحامي تجاه العميل، رسالة دكتوراه، المرجع السابق، ص16. ↑
-
راجع بالتفصيل: عمرو إبراهيم ماهر، حصانة المحامي القضائية-دراسة مقارنة، بدون دار نشر، بدون سنة نشر، ص92. ↑
-
- راجع أيضًا: حكم المحكمة الدستورية المصرية رقم25 لسنة 11ق الصادر بتاريخ 27-5-1992م، والذي قضى بعدم دستورية الفقرة الثانية للمادة (52) من قانون المحاماة المصري، والتي كانت تجيز للمحامي أو لورثته من بعده بيع المكتب أو التنازل عنه سواء لغيره من المحامين أو لصاحب أي مهنة أخرى دون التقييد بأحكام القانون.
-
تُرتَّب الأسماء أبجديًّا، مع الاحتفاظ بالألقاب العلمية. ↑