العفو العام والعفو الخاص واثره على الجرائم الجنائية

ياسر عبد الستار علي1، د. ترتيل تركي الدرويش1

1 قسم القانون، الجامعة الإسلامية في لبنان، بيروت، لبنان.

HNSJ, 2024, 5(12); https://doi.org/10.53796/hnsj512/36

تحميل الملف
تاريخ النشر: 01/12/2024م تاريخ القبول: 15/11/2024م

المستخلص

يتناول هذا البحث موضوع العفو العام والعفو الخاص كمصطلحين قانونيين يستخدمان لإعفاء الأفراد من العقوبة الجنائية. يتميز العفو العام بتشميله لمجموعة واسعة من الأفراد وغالبًا ما يصدر عن الحكومة بهدف تحقيق أهداف سياسية أو اجتماعية. مشكلة البحث تتمحور حول تأثير العفو العام والعفو الخاص على الجرائم، ويهدف البحث إلى فحص كيف يمكن للعفو العام تحقيق التوازن بين العدالة والتآلف الاجتماعي. تسليط الضوء على العفو الخاص، يتناول البحث تأثيره الفردي على حياة المعفى وتفاعله مع المجتمع.

يبرز البحث أهمية فهم تأثيرات العفو العام والعفو الخاص على الجرائم والمجتمع، حيث يسعى إلى تحليل تأثير العفو العام على تحقيق التوازن بين العدالة والتآلف الاجتماعي. يتناول البحث أيضًا كيف يمكن للعفو العام أن يحسن الأوضاع الاجتماعية للأفراد المعفيين من العقوبة. يتبنى البحث منهجًا تحليليًا يعتمد على تحليل النصوص القانونية لاستنباط الأحكام المناسبة وتسليط الضوء على مواطن الضعف والقوة فيها.

يتوقع البحث أن يسهم في توجيه الاهتمام نحو فهم أفضل لدور العفو العام والعفو الخاص في تكوين السلوكيات الفردية وتأثيرهما على الديناميات الاجتماعية والاقتصادية في المجتمع.

الكلمات المفتاحية: العفو العام، العفو الخاص، الجرائم الجنائية.

Research title

General amnesty and special amnesty and its impact on criminal crimes

Yasser Abdel Sattar ali1, Dr. Tartil Turki Al-Darwish1

1 Department of Law, Islamic University of Lebanon, Beirut, Lebanon.

HNSJ, 2024, 5(12); https://doi.org/10.53796/hnsj512/36

Published at 01/12/2024 Accepted at 15/11/2024

Abstract

This research addresses the issue of general amnesty and special amnesty as two legal terms used to exempt individuals from criminal punishment. A general amnesty is characterized by its inclusion of a wide range of individuals and is often issued by the government with the aim of achieving political or social goals. The research problem revolves around the effect of general amnesty and special amnesty on crimes. The research aims to examine how general amnesty can achieve a balance between justice and social harmony. Highlighting the private pardon, the research examines its individual impact on the life of the pardoned and his interaction with society.

The research highlights the importance of understanding the effects of general amnesty and special amnesty on crimes and society, as it seeks to analyze the impact of general amnesty on achieving a balance between justice and social harmony. The research also examines how a general amnesty can improve the social conditions of individuals exonerated from punishment. The research adopts an analytical approach based on analyzing legal texts to derive appropriate provisions and highlight their weaknesses and strengths.

The research is expected to contribute to directing attention towards a better understanding of the role of general amnesty and private amnesty in shaping individual behaviors and their impact on social and economic dynamics in society.

Key Words: general amnesty, special amnesty, criminal crimes.

المقدمة:

العفو العام والعفو الخاص يمثلان مصطلحين قانونيين يشيران إلى إعفاء الأفراد من العقوبة المفروضة عليهم بسبب ارتكاب جريمة. يتميز العفو العام بأنه يشمل مجموعة واسعة من الأفراد أو فئة معينة، ويصدر غالبًا عن طريق الحكومة أو السلطة التنفيذية بهدف تحقيق أهداف سياسية أو اجتماعية. يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على النظام القانوني والمجتمع، حيث يخفف من الاكتظاظ في السجون ويعزز التآلف الاجتماعي. على النقيض، يشير العفو الخاص إلى إعفاء فرد أو عدة أفراد محددين من العقوبة، ويصدر غالبًا بقرار فردي أو بناءً على طلب من المعنيين. يمكن أن يكون له تأثيرٌ شخصي أكثر، حيث يأخذ في اعتباره الظروف الفردية والتحولات في حياة الشخص المعفى. تأثير العفو على الجرائم يتوقف على السياق القانوني والاجتماعي للدولة المعنية، وقد يؤدي إلى تحسين الظروف الاجتماعية للمعفى وإعادة إدماجه في المجتمع، إلا أن قرار العفو يمكن أن يثير تساؤلات حول العدالة وتأثيره على ضحايا الجرائم.

تتسم العفو العام بالأبعاد الاجتماعية والسياسية، حيث يمكن استخدامه كوسيلة لتعزيز السلم الاجتماعي وتحسين العلاقات بين الحكومة والمواطنين. يتم تحديد نطاق العفو العام بناءً على معايير محددة، مثل نوع الجرائم المشمولة أو الفئات الاجتماعية المستهدفة. على النقيض، يعتمد العفو الخاص على الظروف الفردية وقدرة الفرد على إظهار تحول إيجابي في سلوكه وتكوينه المستقبلي.

تأثير العفو على الجرائم يمكن أن يكون مزدوجًا، حيث قد يشكل إعفاء الأفراد فرصة لتحقيق إصلاح شخصي ومشاركتهم بناءً في المجتمع. ومع ذلك، قد يثير هذا الإجراء أيضًا مخاوف بشأن تقديم رسالة خاطئة حول حقوق الضحايا أو تقليل من أهمية العقوبات القانونية.

اولا : مشكلة البحث

اشكالية البحث تتمحور حول “تأثير العفو العام والعفو الخاص على الجرائم: دراسة تحليلية للتأثيرات القانونية والاجتماعية.” يهدف البحث إلى استكشاف كيفية تأثير العفو العام على التوازن بين تحقيق العدالة وتعزيز التآلف الاجتماعي، وكيف يمكن للعفو العام أن يؤدي إلى تحسين الأوضاع الاجتماعية للمعفى. علاوة على ذلك، يركز البحث على العفو الخاص وكيف يمكن قيمة تأثيره الفردي على حياة المعفى وتفاعله مع المجتمع. ينصب التحليل أيضًا على آليات تحديد الأفراد الذين يستحقون العفو، والضوابط القانونية والاجتماعية المتبعة في هذا السياق. من خلال مقارنة تأثير العفو العام والعفو الخاص، يهدف البحث إلى فهم مدى تأثير كل نوع على مستويات الجريمة والتقبل الاجتماعي. وأخيرًا، يسعى البحث إلى استكشاف التأثيرات السلبية المحتملة للعفو على ضحايا الجرائم وتحديد الآليات لتقليل هذه التأثيرات السلبية.

ثانيا : اهمية البحث

أهمية هذا البحث تتجلى في إلقاء الضوء على تأثيرات العفو العام والعفو الخاص على الجرائم والمجتمع. يسعى البحث إلى فهم كيف يمكن للعفو أن يحقق توازنًا فعّالًا بين تحقيق العدالة وتعزيز التآلف الاجتماعي، مما يسهم في تحديد دوره في تكوين السلوكيات الفردية والتأثير على الديناميات الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع. يعكس البحث أهمية تقييم تأثيرات العفو على المجتمع بشكل شامل، مما يساهم في توجيه السياسات الجنائية وتطوير الإجراءات القانونية. كما يقدم البحث إسهامًا للأبحاث القانونية والاجتماعية من خلال تحليل عميق للعلاقة بين العفو والعدالة، ويسلط الضوء على تأثيراته على حقوق الضحايا والتحولات في السلوك الفردي والجماعي. في النهاية، يعزز هذا البحث الفهم الشامل لتأثيرات العفو ويساهم في تحسين السياسات الجنائية والاجتماعية لتحقيق توازن مستدام بين العدالة والتآلف في المجتمع.

ثالثا : هدف البحث

يهدف البحث الحالي الى التعرف على العفو العام والعفو الخاص واثره على الجرائم.

رابعا : منهجية البحث

تعتمد هذه الدراسة بشكل أساس على منهجين يكمل أحدهما الآخر بقصد الوصول إلى هدف البحث والإلمام بجميع النواحي القانونية المتعلقة به وبشكل دقيق وكما يأتي

1. المنهج التحليلي: وهو الذي يقوم بالأساس على تحليل النصوص القانونية ومحاولة استنباط الأحكام المناسبة وبيان مواطن الضعف والقوة فيما بينها وترجيح بعضها مع بيان أسباب ومبررات ذلك.

2. المنهج المقارن : الذي يقوم بالأساس على أجراء المقارنة ما بين القانون المدني العراقي والقوانين المدنية العربية ، لبيان أوجه الشبه و الاختلاف فيما بينهم ومعرفة ما يمكن الاستفادة منه.

حيث سيتم اعتماد منهجية تحليل النصوص القانونية لمعرفة الجزئيات الداخلة في مفهوم هذا الموضوع فضلا عن المنهج المقارن بين القوانين ، وقد اعتمد القانون العراقي اساسا للبحث مع مقارنته مع بعض القوانين فضلا عن الاشارة إلى موقف بعض التشريعات في الهامش.

خامسا : خطة البحث

المبحث الاول : العفو العام

المطلب الاول : تعريف العفو العام

المطلب الثاني : نطاق التطبيق القضائي لقرار العفو العام رقم (٢٢٥) لسنة ٢٠٠٢م

المبحث الثاني : العفو الخاص

المطلب الاول : مفهوم العفو الخاص وخصائصه

المطلب الثاني : شروط اصدار العفو الخاص

المبحث الاول : العفو العام

إن العفو العام يصدر بقانون، ويترتب عليه انقضاء الدعوى الجزائية ومحو الصحة الجنائية عن الفعل الواقع، وسقوط جميع العقوبات الأصلية والتبعية والتكميلية والتدابير الاحترازية فالعفو العام لا يصدر إلا بقانون، والسلطة التشريعية وحدها المختصة بإصدار قانون العفو العام ومن خلال ذلك سوف نقوم بدراسة مفهومه، وكالآتي:-

المطلب الاول : تعريف العفو العام

إن استعمال صلاحية الإدانة من قبل المحاكم يقابله استعمال صلاحية قوانين العفو من قبل الهيئة التشريعية لإيجاد النوع من التوازن بين الصلاحيتين، تقدره السياسة الجنائية المتبعة في الدولة وظروف المجتمع، بالعفو العام، فهو وسيلة قانونية لتحقيق التهدئة والاستقرار الاجتماعي ومسح آثار الجريمة من الذاكرة الاجتماعية كي تطمئن المجتمع، كما أن هناك مجموعة من الأسباب التي تحول دون إيقاع العقوبة على الجاني، على الرغم من اكتمال جريمته، إن صدور قانون العفو العام يشمل الجريمة والعقوبة؛ لأن العفو يلغي الجريمة ويخلع الصفة الجرمية عن الفعل المرتكب. وللتعرف أكثر على العفو العام سوف نتناول التعريف بالعفو العام، ثم تتناول أنواع العفو العام، ثم شروط العفو العام، ومن ثم خصائصه، وكالأتي:

الفرع الاول: تعريف العفو العام

العفو العام هو تنازل الهيئة الاجتماعية عن حقها في معاقبة الجاني، وهو عام يعفو عن كل من قام بارتكاب الجريمة، ويكون له أثر رجعي تزول بمقتضاه الجريمة من لحظة وقوعها، ويتم اللجوء إليه لأسباب مختلفة، منها الرغبة في إسدال الستار على الجريمة أو الجرائم التي تكون من نوع معين؛ لأنها تطوي عهدًا بغيضا تقتضي المصلحة العامة عدم تجديد ذكره.[1]

ولمعرفة مفهوم العفو العام بشكل أوسع لابد من التعريف بالعفو لغة ثم العفو اصطلاحا وكالآتي:

1-العفو لغة:

لقد عرف كثير من علماء اللغة العفو، وبينوا مدلوله ومعاينه في كتبهم، ومن ضمن هذه المدلولات والمعاني ما سنبين بعضا منها:-

فكلمة العفو تعني في اللغة العربية: التجاوز عن الذنب، وترك العقاب، وأصله المحو والطمس[2]، وعفا عن ذنبه، أي تركه ولم يعاقبه[3]، وعنا عن ذنبه، صفح عنه وترك عقابه[4]، وكذلك يقال : العفو لغة ضد العقوبة، عفا يعفو فهو عفو عنه، في وزن فعول بمعنى «فاعل»، والعفو في اللغة يعني الفضل، يقال: عنا فلان عن فلان إذا فضل له، وقيل: العفو الفضل الذي يجيئ بغير كلفة، والمعنى ميسور من اختلاف الناس، والعفاوة ما يرفع … ويخص به من يكرم، والعفاوة بالضم ما يترك في أسفل القدر، والعفاء بالفتح يعني التراب[5].

2-العفو العام اصطلاحا:-

هو تجريد الفعل من الصفة الإجرامية بحيث يصبح له حكم الأفعال التي لم يجرمها المشرع أصلا [6]، وقد عرفه جانب من الفقه بأنه تنازل من الهيئة الاجتماعية عن حقها في العقاب وهو إما أن يكون عن جريمة أو إما أن يكون عن العقوبة، فإذا كان العفو واقعا على الجريمة فإنه يجعل الفعل المرتكب غير معاقب عليه، بأن يخرجه من نصوص قانون العقوبات، فيصبح وكأنه فعل مباح لا عقاب عليه[7].

وعرف آخر بأنه :”نزول المجتمع عن كل أو بعض حقوقه المترتبة على وقوع الجريمة”[8]، في حين ذهب آخر إلى تعريفه “بأنه عمل من أعمال السلطة العامة، الغرض منه إسدال ستار النسيان على بعض الجرائم، ومن ثم محو الدعاوى التي رفعت أو يمكن أن ترفع عنها والأحكام التي صدرت بشأنها”[9]، وذهب آخر في تعريفه إلى أنه: “إلغاء الجريمة، وذلك بخلع الصفة الإجرامية عن الفعل وجعله فعلا مباحا[10].

أما تعريفه قضائيا ، فقد عرفه القضاء العراقي بأنه سقوط للجريمة، ويترتب عليه انقضاء الدعوى الجنائية، ومحو آثارها بأثر رجعي[11] .

وفي رأينا المتواضع يمكن أن نجمع بين تلك التعاريف السابقة لنعرفه بأنه: إجراء بهدف رفع الصفة الإجرامية عن الفعل وزوال العقوبات الأصلية والتبعية التكميلية والتدابير الاحترازية، ولا يؤثر على الحقوق الشخصية للمتضرر من الجريمة، وأنه يستمد معانيه من نصوص قوانين دولهم. وجدير بالملاحظة أن التشريعات المقارنة في مسألة مفهوم العفو العام لم تضع تعريفا محددا له، ومن هذه التشريعات مشرعنا العراقي، ونص على أن العفو العام يصدر بقانون، ويترتب عليه انقضاء الدعوى ومحو حكم الإدانة الذي يكون قد صدر فيها، وسقوط جميع العقوبات الأصلية والتبعية التكميلية الاحترازية …[12] ، وفي نص آخر : تنقضي الدعوى الجزائية … بالعفو عن الجريمة أو بوقف الإجراءات…”[13].

الفرع الثاني : أنواع العفو العام

هناك مسميات متعددة للعفو العام، منها العفو الشامل أو العفو عن الجريمة، ولكنها تعود النظام قانوني واحد، وتكاد أغلب التشريعات العربية تذهب إلى تحديد صورتين رئيستين للعفو العام والعفو الخاص، الأول: يصدر بقانون من السلطة التشريعية، أما القانون الثاني فيصدر بمرسوم جمهوري أو إرادة ملكية أو أميرية عن السلطة التنفيذية، وهناك نوع آخر يدعى العفو الفضائي ويكون من صلاحيات السلطة القضائية عندما تدعو الحاجة إليه، إذ تستخدمه المحاكم الجزائية عند توافر شروطه[14].

وستوضح العفو الخاص في مبحث مستقل، أما الآن فما يهمنا هو أنواع العفو العام

١ – العفو العام البسيط

وهذه هي الصورة الأكثر شيوعا للعفو العام، وتوجد في غالبية القوانين المقارنة، وتمتار بالموضوعية لا الشخصية، كونه يشمل مرتكبي جرائم معينة دون التطرق إلى الأشخاص أو أسمائهم. والآثار المترتبة على هذا النوع من أنواع العفو العام هي سقوط العقوبات الأصلية والتبعية والتكميلية والتدابير الاحترازية، ويمحو الجريمة، ومثاله العفو العام الصادر بحسب قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم (٦٥٠) في 6/9/1984م، فقد نص على أنه يعنى النزلاء والمودعين العراقيين العرب والأجانب المحكومين عن جرائم تجاوز الحدود التي لا مساس لها بأمن الدولة الداخلي أو الخارجي، وعن المخالفات الجمركية المتعلقة بها ومخالفات الإضافة[15].

٢ – العفو العام المشروط:

هو العفو الذي تصدره الهيئة التشريعية على وفق شروط معينة في القانون فيمحو الجريمة بعد فرز المحكومين المشمولين به من قبل الجهات الإدارية المختصة وبحسب المدد التي نفذوها في السجن، والملاحظ أن العفو العام رقم (۲۷) لسنة ٢٠١٦م قد استثنى من العفو الجرائم المنصوص عليها من قانون المحكمة الجنائية العراقية العليا رقم (١٠) لسنة ۲۰۰٥م المعدل، وكذلك الجرائم المنصوص عليها في قانون مكافحة الإرهاب رقم (۱۳) لسنة ۲۰۰۵م المرتكبة بعد (10/6/2014م) التي تننا عنها قتل أو عاهة مستديمة، وجرائم الاغتصاب واللواط والزنا بالمحارم، وجرائم تزييف العملة أو تزوير المحررات الرسمية، وجرائم الاختلاس وسرقة أموال الدولة وإهدار المال عمدا، ما لم يسدد ما بدمته من أموال قبل إطلاق سراحه، كما استثنى جريمة تخريب الآثار وجرائم غسيل الأموال، والجرائم المساس بأمن الدولة الداخلي أو الخارجي، وجرائم الاتجار أو جريمة حيازة أو استعمال الأسلحة الكائمة للصوت والمفرقعات، وحرائم الاتجار بالبشر وجرائم خطف الأشخاص، وجريمة تهريب المسجونين والمحبوسين، وسوف تذكر هذا الموضوع بشي من التفصيل في الفروع الآتية [16]:

يتضح من بنود القانون أعلاه أن قانون العفو رقم (۲۷) لسنة ٢٠١٦ هو قانون مشروط؛ لأنه قيد بعض الجرائم من شمولها بالعفو العام، وجدير بالملاحظة أن المادة (٤) من الفقرة (ثانيا) من قانون العفو العام رقم (۲۷) لسنة ٢٠١٦م قد استثنت المنصوص عليها في قانون مكافحة الإرهاب رقم (۱۳) لسنة (۲۰۰۵) المرتكبة بعد 10/6/2014، فكما تعلم أن الانتماء إلى تنظيم داعش الإرهابي فقط هو جريمة يعاقب عليها القانون على وفق المادة (٤/ إرهاب)، لكن السؤال الذي يمكن أن يطرح: هل أن قانون العفو العام شمل جريمة الانتماء إلى تنظيم داعش الإرهابي دون المشاركة بالعمليات الإرهابية بالعفو العام ؟

الجواب على هذا السؤال هو : كلا. إن قانون العفو العام لم يعالج هذه الفقرة؛ لأنها جاءت عامة غير مخصصة، إلا أن محكمة التمييز ذهبت إلى شمول الشخص الذي ينتمي إلى عصابات المسلحة الخارجة عن القانون (داعش الإرهابي) دون المشاركة بالعمليات الإرهابية بأحكام العفو العام [17].

٣- العفو العام المحدد:

وهذا العفو العام له كل خصائص العفو العام من حيث الشمولية والموضوعية، إلا أنه محدد بأشخاص محددين، لا بأسمائهم أو ذواتهم، وإنما بصفاتهم، ويتم اللجوء إلى هذا النوع في حالات تقتضي إيجاد تهدئة اجتماعية أو سياسية، ومنها قانون العفو العام بحسب قرار مجلس قيادة الثورة المنحل المرقم (۱۳۹۰) في ۱۹۸۳ الذي قرر إغلاق كل القضايا المقامة ضد المتطوعين الأردنيين أثناء تواجدهم في العراق [18]، كذلك قانون العفو عن الأكراد العراقيين الهاربين خارج العراق وتوقف وقفا نهائيا الإجراءات القانونية ضدهم….[19].

ومن المهم القول إن هذا النوع من العفو ينصرف إلى فئة محددة من المشمولين فيه، وهناك أنواع أخرى ذهب إليها بعض الفقهاء، منها: العفو العام الذي يصدر عن السلطة التنفيذية ويتم تعيين المحكوم عليهم الدين يستفيدون من العفو العام، فيصدر لهؤلاء أمر بالعفو عن العقوبة ويعرف أيضا بالعفو الفردي بناء على عفو شامل، وذهب البعض إلى أن العفو العام القضائي يتوقف منحه على العقوبة التي أصدرها أو سيصدرها القاضي أي أن العقوبة التي يصدرها أو سيصدرها القاضي هي الفيصل في شمول أو عدم شمول المحكوم عليهم بالعفو العام القضائي[20].

المطلب الثاني : نطاق التطبيق القضائي لقرار العفو العام رقم (٢٢٥) لسنة ٢٠٠٢م

للتعرف على نطاق التطبيق القضائي لقانون العفو العام اعلاء لابد من دراسة فقراته وتفسير وتحليل ما ورد فيه، ومن ثم مراجعة المواد القانونية المنصوص عليها في قانون العقوبات، وقانون اصول المحاكمات الجزائيه واستحضار المبادئ والقواعد الاساسية التي استقرت في الفقه والقضاء العراقي عليه سأبين تفاصيل هذا الموضوع في فرعين : اتناول في الفرع الأول الجرائم المشموله بقرار العفو العام رقم
( ٢٢٥) م، فيما اكرس الفرع الثاني للعقوبات التي يشملها القرار .

الفرع الأول

الجرائم المشمولة بقرار العفو العام رقم (٢٢٥) لسنة ٢٠٠٢م

اصدر مجلس قيادة الثورة (المنحل) قراراً بالرقم ۲۲۵ في 20/10/2002[21]. ورد منه الآتي: تنفيذاً لما ورد في البيان الصادر عن السيد رئيس مجلس قيادة الثورة (المنحل) إلى الشعب العراقي العظيم بتاريخ ۲۰۰۲/۱۰/۲۰ ، واستناداً الى احكام الفقرة (أ) من المادة الثانية والأربعين من الدستور ، قرر مجلس قيادة الثورة (المنحل) ما يأتي :

اولاً – يعفى عفواً عاماً وشاملاً، ونهائياً العراقيون ( مدنيين وعسكريين ) الموجودون داخل العراق أو خارجه المحكومون بالاعدام أو السجن المؤبد أو المؤقت أو بالحبس ، سواء كانت احكامهم حضوريه ام غيابيه اكتسبت الدرجة النهائيه ام لم تكتسب .

ثانياً – تسري احكام البند (أولاً) من هذا القرار على المتهمين كافه الموقوفين منهم ومن لم يلق القبض عليه، ويعفون عن الجرائم كافه مهما كان نوعها ودرجتها ، ومنها الجرائم المرتكبة بسبب الموقف من الخدمة العسكرية أو الهروب لاسباب سياسيه وتوقف الاجراءات القانونية بحقهم كافه.

ثالثاً – يخلى فوراً سبيل المحكومين، والموقوفين المنصوص عليهم في البندين (أولاً) و (وثانياً) من هذا القرار، مالم يكونوا محكومين أو موقوفين عن جرائم قتل لم يقع الصلح فيها مع ذوي المجني عليهم، أو المدينين للاشخاص، أو للدوله حتى يسددوا ما بذمتهم من دين دفعه واحده، أو على اقساط أو تنقضي مدد حبسهم التنفيذي.

رابعاً – تشكل لجنه برئاسة قاضي من الصنف الأول، وعضوية قاض لا يقل صنفه عن الثاني. ومدع عام يختارهم وزير العدل ، تتولى تنفيذ احكام هذا القرار في ما يتعلق بجرائم القتل والديون العائدة للاشخاص أو للدوله.

خامساً – لا يعمل بأي نص يتعارض، وأحكام هذا القرار .

سادساً – ينفذ هذا القرار من تاريخ صدوره .

الفرع الثاني

العقوبات المشمولة بقرار العفو العام رقم (٢٢٥) لسنة ٢٠٠٢

العقوبات التي تصدر بحق المتهمين في الجرائم المرتكبه، اما ان تكون عقوبات اصليه أو فرعيه وقد تكون تدابير احترازيه ، وان القانون قد بين العقوبات[22] ولمعرفة العقوبات التي يسري عليها قرار العفو العام، موضوع البحث تعين دراسة وتدقيق فقراته حيث تلاحظ في الفقرة (أولاً) منه عبارة (… المحكومون بالاعدام أو السجن المؤبد أو المؤقت أو الحبس) فهذه العبارة من القرار شملت بعض العقوبات الاصليه المنصوص عليها في قانون العقوبات، مع عدم الاشارة إلى الغرامه والحجز في مدرسة الفتيان الجانحين والحجز في مدرسة اصلاحيه، كما انه اشار في الفقرة الثالثه منه إلى … أو مدنيين للاشخاص أو للدوله حتى يسددوا ما بذمتهم من دين دفعه واحده، أو على اقساط أو تنقضي مدد حبسهم التنفيذي ومن تعريف الغرامة المنصوص عليها في قانون العقوبات[23]، نلاحظ أن الغرامة في دين عائد للدوله ويمكن أن يطرح سؤال مفاده هل أن قرار العفو العام رقم (٢٢٥) لسنة ۲۰۰۲م يشمل عقوبه الغرامة باعتبارها عقوبه اصليه ام لا ؟ وفيما لو صدرت عقوبه بالغرامة سواء كانت مع الحبس أو بدونه فهل تعتبر مشموله بقرار العفو العام المذكور ام لا؟ لا سيما اذا رجعنا الى نصوص العفو العام، نجد ان الفقرة (ثانيا) من القرار تنص على ان: ( تسري احكام البند اولا من هذا القرار على المتهمين كافه الموقوفين منهم ومن لم يلق القبض عليهم ويعفون من الجرائم كافه مهما كان نوعها ودرجتها … الخ )[24]، ولكون العقوبة جزاء توقعه المحكمه على من يثبت مسؤوليته عن الجريمة ومن خلال تفسير الجمله: (ويعفون عن الجرائم كافه مهما كان نوعها ودرجتها ) يتضح انه اشار ضمنا إلى شمول عقوبه الغرامة بالقرار المذكور، لان الغرامه من العقوبات الاصليه ولا يحكم بها الا عن فعل جرمي ، والباحث يرى ان الجواب على التساؤل اعلام هو عدم شمول القرار المذكور لعقوبه الغرامه اي عدم شمول المحكوم عليه بالغرامه سواء كانت لوحدها أو مع الحبس أو معاقبته بالحبس عن عدم دفع الغرامه الا بعد تسديد الغرامه لان نص الفقرة (ثالثا) يقيد ما ذكره في الفقرتين (اولا) و (ثانيا) [25]، جاءت صريحه وما يؤيد هذا الراي هو عدم النص على عقوبه الغرامة في الفقرة (أولا) من القرار المشار اليه عندما عددت العقوبات التي يعفى منها في الفقرة المذكوره[26]. وذلك يخالف نص الماده (153/1) من قانون العقوبات العراقي رقم (۱۱۱) لسنة ۱۹۹۹م المعدل التي حددت اثر العفو العام المتمثل باسقاط جميع العقوبات الاصليه والتبعيه والتكميليه والتدابير الاحترازية لما فيما يخص العقوبات الفرعية الأخرى فالرأي الراجح هو أن قرار العفو العام إجراء تشريعي يصدر من الدوله ويصبح بموجبه الفعل الاجرامي كانه مباح للمستفيدين منه لانه يزيل، أو يرفع الصفة الاجراميه عن هذا الفعل وبالنتيجة يؤدي الى زوال العقوبة الاصليه والتبعيه والتكميليه دون ان يكون له أثر على الدعوى المدنية المقامة لطلب التعويض أو الرد مالم ينص في قرار العفو العام على خلاف ذلك وتأسيسا على ما تقدم نرى ضرورة شمول العفو العام للعقوبات الانضباطية (التاديبيه) لأنها تعد نوع من انواع العقوبات التبعيه والتكميليه رغم ان هناك من يعتقد ان صدور قانون العفو العام لا يمنع من استمرار المحاكمة الانضباطيه الا اذا كانت نتيجة للعقوبات الجنائية التي شملها العفو العام فتلغى بوصفها من العقوبات التبعية المترتبة عليها[27]. أو اذا وجد نص خاص يقضي بذلك ونستمد ما ذهبنا اليه من استنتاج مما سار عليه القضاء العراقي ففي قرار للهيئة العامة لمحكمة التمييز ( الاتحاديه ) تقول فيه: ( لدى التدقيق، والمداوله من قبل الهيئة العامة المحكمة التمييز وجد أن قرار العفو العام المرقم ٢٢٥ الصادر بتاريخ 20/10/2002 صدر تنفيذا للبيان الصادر من مجلس قيادة الثورة (المنحل) الموجه إلى الشعب العراقي في 20/10/2002م والذي يعتبر من الأسباب الموجبه لقرار العفو العام، والشامل والنهائي لكل العراقيين حيث ان البيان دعى إلى فتح صفحه جديده للذين ارتكبوا افعالا مخالفة للقوانين المرعية وحيث ان الفعل المسند إلى القضاة (ج.ج) و (ز،ر) و (س، ص) يشكل خرقا لقانون التنظيم القضائي رقم ٦٠ السنة ۱۹۷۹ م وان هذا الخرق يشكل مخالفه صريحه يعاقب عليها القانون وحيث ان الحكم الوارد في القرار قرار العفو العام – قد جاء مطلقا عليه فان احكامه تسري على تلك المخالفات وعملا بحكم الماده (۱۵۳) عقوبات والماده (۳۰۰) من قانون اصول المحاكمات الجزائية رقم (۲۳) لسنة ۱۹۷۱م المعدل قرر اعتبار الدعوى المرقمه ۳ /ق / ۲۰۰۲ الصادر قرارها بتاريخ 2/10/2002م من لجنة شؤون القضاة من الدعاوى التي يسبب القرار المشار اليه انفا انقضائها طبقا لاحكام القرار المذكور واعادة أوراق الدعوى إلى لجنتها وصدر القرار بالاتفاق في 5/3/2003[28] . اما بالنسبة الى موقف المشرع العراقي من العفو العام فانه صريح وواضح حيث نصت المادة (١٥٣ /١) من قانون العقوبات على : (….ويترتب عليه انقضاء الدعوى ومحو حكم الأدائه الذي يكون قد صدر فيها وسقوط جميع العقوبات الاصليه والتبعيه والتكميليه والتدابير الاحترازيه ولا يكون له اثر على ما سبق تنفيذه من العقوبات مالم ينص قانون العفو العام على غير ذلك) ونصت الفقره (۳) من الماده في اعلاه على ان ( لايمس العفو العام الحقوق الشخصية للغير). فيما نصت المادة (٣٠٥) من قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي على ان ( اذا صدر قانون بالعفو العام فتوقف اجراءات التحقيق والمحاكمة ضد المتهم ايقافا نهائيا ويكون للمتضرر من الجريمة الحق في مراجعة المحكمه المدنيه ) ومن خلال تدقيق هذين النصين والجمع بينهما يمكن القول أن القانون العراقي يرتب على العفو العام انقضاء الدعوى الجزائية اذا كانت قيد التحري أو التحقيق أو المحاكمة ومحو حكم الادائه في حالة صدوره كما يترتب عليه سقوط جميع العقوبات الاصليه، والتبعيه والتكميليه والتدابير الاحترازيه أي انه في حالة صدور قانون أو قرار بالعفو العام ولم ينص فيه على استثناء عقوبات معينه ، فهنا تسقط جميع انواع العقوبات وحيث أن قرار العفو العام موضوع البحث لم يرد فيه استثناء لاي عقوبه او جريمه سوى جرائم القتل المشار اليها في المادة ( الثالثه ) منه والمدينين للغير أو للدوله وبالنسبة للعرب جرائم التجسس لصالح الكيان الصهيوني، ومن تطبيقات القضاء العراقي بهذا الصدد ما ذهبت اليه محكمة التمييز الاتحاديه في احد قراراتها التي تقول فيه: ( ان القرار الصادر من محكمة الاستئناف باستئخار الدعوى لحين حسم الدعوى الجزائيه صحيح وموافق للقانون لان التزوير من اختصاص المحكمة الجزائيه وان الفصل في الدعوى المذكوره يؤثر في الفصل في الدعوى المدنيه)[29].

والمشكلة ستثور في حالة صدور قرار بالعفو العام قبل الفصل في الدعوى الجزائيه وان هناك دعوى مدنيه مرفوعه امام المحكمه المدنية فحينها سيضطر قاضي المحكمة المدنية النظر في الدعوى الجزائيه لبيان المتسبب بالضرر الذي يجب عليه التعويض حتى يتمكن من تكييف الواقعه التي لم يفصل فيها بسبب العفو العام لان حجية الحكم الجزائي قاصره على ما يفصل فيه في الدعوى الجزائيه. وفي قرار المحكمة بداءة السماوة بخصوص هذا الموضوع تقول فيه (وحيث ان الحجيه المطلقه للحكم الجزائي قاصره على ما يفصل فيه في الدعوى الجزائية وحدها فالحكم الصادر من المحاكم الجزائية تكون له حجيته امام المحاكم المدنيه فيما فصل فيه من جهة وقوع الفعل المكون الاساس للدعويين الجزائيه والمدنيه ومن جهة الوصف القانوني لهذا الفعل ومن جهة ادائه المتهم وان القاضي المدني لا يرتبط بالحكم الجزائي الا في الوقائع التي فصل فيها هذا الحكم وكان فصله فيها ضروريا فالتزام القاضي المدني بالتكييف الجنائي للواقعه لا يمنعه من تكييف تلك الواقعه مدنيا على ان لا يتعارض التكييف المدني مع التكييف الجزائي )[30]. وقد صادقت محكمة التمييز (الاتحاديه) القرار اعلاه بتاريخ 24/1/2001م .

المبحث الثاني : العفو الخاص

يمكن القول أن العفو الخاص قديم قدم المعاملة بين البشر وقدم الوجود نفسه، إذ يمكن القول أن العفو يوجد بوجود العقوبة نفسها، فالعفو بما يحمله من إجراءات انسانية واخلاقية يرتبط بإحساس النفس البشرية إذ تغلب الرحمة والتسامح على القسوة عندما يكون هناك مغزى ومقتضى لذلك[31] .

وعلى الرغم من أن المجتمعات القديمة عرفت العقاب بوصفه وجهاً من وجوه الحضارة في المجتمع قبل ظهور القانون المكتوب إلا أن طابع القسوة فيه لم يعدم وجود العفو الذي هو أمر غريزي في النفس الانسانية ولهذا فالعفو يقترن وجوده بوجود العقوبة[32].

المطلب الاول : مفهوم العفو الخاص وتمييزه عما يشتبه به

إن العفو يعد من أهم الأسباب التي تنقضي بها العقوبات ولذا فقد أهتم به الدستور ونص عليه صراحة ولم يترك للتشريعات الداخلية فقط لتقوم بالنص عليه، ولذا فهو مبدأ دستوري واضح وصريح [33]، هذا ليس في العراق فقط و إنما في معظم دساتير الدول، لذا سوف نبحث في هذا المطلب مضمون العفو الخاص وخصائصه ثم تمييزه عما يشتبه به ويكون ذلك في فرعين مستقلين وعلى النحو الآتي:

الفرع الأول: مضمون العفو الخاص وخصائصه

الفرع الثاني: تمييز العفو الخاص عما يشتبه به

الفرع الأول

مضمون العفو الخاص و خصائصه

لقد وضعت تعاريف عدة لتوضيح مفهوم العفو الخاص منها أنه (إنهاء الالتزام بتنفيذ العقوبة أزاء شخص صدر ضده حكم بات انهاء كليا أو جزئيا أو استبدال آخر به موضوعه عقوبة اخف وذلك بناء على مرسوم صادر عن رئيس الدولة)[34].

والعفو الخاص إجراء يتخذ من رئيس الدولة لمصلحة من حكم بصورة مبرمة للإعفاء شخصيا من العقوبة كلها أو بعضها أو ابدالها بعقوبة أخرى أخف[35]. على حين عرفته قوانين أخرى بأنه رفع العقوبة عن الشخص المحكوم عليه بها جزئيا أو كليا، فهو لا يمحو صفة الجريمة عن الفعل الذي ارتكبه المحكوم عليه، ولكنه يحول دون تنفيذ العقوبة الاصلية أو التخفيف منها، وهو حق يملك رئيس الجمهورية استعماله .[36]

إن العفو الخاص لا يمحو الجريمة ولا الحكم الصادر فيها بل أنه يشمل العقوبة فقط بالعفو عنها نهائيا أو جزئيا أو ابدالها بعقوبة أخف منها كأبدال عقوبة الاعدام بعقوبة السجن المؤيد أو المؤقت أو الحبس وإبدال عقوبة السجن إلى الحبس أو الغرامة، إلا أن العفو لا يشمل العقوبات التبعية أو التكميلية الأخرى إلا إذا نص المرسوم على خلاف ذلك ولا يسري العفو على ما سبق تنفيذه من العقوبات[37].

على حين عرفه الدكتور أكرم نشأت ابراهيم أن العفو الخاص يقتضي سقوط العقوبة المحكوم بها نهائيا كلها أو بعضها أو إبدالها بعقوبة أخف من العقوبات المقررة قانونا وحق العفو مقرر لرئيس الدولة، وفي قانون العقوبات العراقي يصدر بمرسوم ولا يترتب عليه سقوط العقوبات التبعية والتكميلية والتدابير الاحترازية وزوال الآثار الجنائية الأخرى مالم ينص العفو على غير ذلك[38].

ومن خلال ما تقدم يمكن القول أن للعفو الخاص بعض الخصائص المهمة وهي أن العقو الخاص عبارة عن منحة أو مكرمة وهو عبارة عن تنازل من الحكام عن بعض من مسؤولياتهم القانونية كأسقاط العقوبة على من فرصت عليه او تخفيضها أو استبدالها بعقوبة أخف منها وهذا يعني استثناء من القانون اعطاه إياه لحل ما وقعت فيه المحكمة من اخطاء بحق المجتمع نتيجة لظروف الأخير ولا يعد هذا تدخلا من الحاكم في شؤون القضاء و أن العفو محصور على حكام الدولة، وهذا يعني أنه لو تم اصداره من وزير العدل مثلا بقرار منه، فلا يعد بهذا القرار قانونا وذلك لأنه لا يصدر الا من شخص يملك اصدار الأمر الذي يؤدي إلى انعدام القرار، ويترتب على هذا انعدام كل الآثار الناتجة عنه كذلك من جهة اصدار العفو الخاص بعد مخالفا لأحكام القانون الذي يحدد الجهة التي لها الحق في الاصدار، ويعرف في القانون مصطلح تجاوز السلطة الممنوحة قانونا، مما يترتب على هذه المخالفة اعطاء كل ذي مصلحة الحق في الطعن به لعدم مشروعية القرار لذلك من خصائص العفو الخاص وجود حكم قضائي نهائي صادر بحق مرتكب جرائم منصوص عليها في قانون العقوبات أو الجزاء .[39]

ومن خصائصه أيضا أنه يشمل المحكومين وليس الموقوفين ويشمل الدعاوى التي بها أحكام نهائية استنفذت طرق الطعن بالأحكام من غير أن تشمل الدعاوى رهن التحقيق و كذلك العفو الخاص يتسم بالفردية إذ يكون موجها إلى اشخاص معينين بذاتهم أو فئة معينة ولا يشمل حالات كثيرة وهو لا يمس الحكم بالرد والتعويض[40].

أخيرا أن موضوع العفو الخاص من أكثر المواضيع برأينا إثارة للعلاقة بين السلطتين التنفيذية والقضائية وعليه أن العفو الخاص الذي يمثل عملا من اعمال الرحمة على رأي بعض الفقه الما هو نظام قانوني (جنائي ودستوري يقرر الرئيس الدولة استجابة الأسباب قانونية وانسانية[41]. لذلك أرى أن العفو الخاص يعرف بالعفو الرئاسي كونه يصدر من رئيس الدولة.

الفرع الثاني

تمييز العفو الخاص مما يشتبه به

يقسم العفو الخاص من الناحية الاصطلاحية على ثلاثة انواع (العفو العام- والعفو الخاص- والعفو القضائي) وعليه لابد من التمييز بين العفو الخاص وبين العفو العام من جهة ومن جهة أخرى التمييز بين العفو الخاص وبين العفو القضائي وعلى النحو الآتي:

أولا: تمييز العفو الخاص عن العفو العام

بينت في ما سبق مفهوم العفو الخاص الذي يعني مرسوماً صادراً من رئيس الدولة يتضمن اعفاء المحكوم عليه من تنفيذ العقوبة كلها أو بعضها أو ابدالها بعقوبة الخف منها على خلاف العفو العام اذ يقصد بالعفو العام على أنه قانون صادر من السلطة التشريعية لإزالة الصفة الجرمية عن فعل هو ذاته جريمة يعاقب عليها القانون، فيصبح الفعل كأنه لم يجرم اصلا.

وأن المادة (17) من دستور فرنسا مثلا اعطى لرئيس الجمهورية الحق بإصدار العفو الفردي وليس العفو العام لأن الأخير لابد أن يكون عن طريق البرلمان[42].

ومن ناحية أخرى يوجد اختلاف بين العفو الخاص والعفو العام من ناحية جهة اللاصدار فالعفو الخاص يصدر من السلطة التنفيذية ممثلة برئيس الدولة ملكا كان أو رئيسا للجمهورية عن طريق أمر ملكي أو مرسوم جمهوري [43]. على حين أن العفو العام يصدر من السلطة التشريعية في البلاد وذلك لأسباب تتعلق بوضع البلاد السياسية والاجتماعية ويراد به اصلاح خلل معين وهو يصدر بقانون عادة كقانون رقم 19 لسنة 2008 في العراق مثلا الذي على عن المحكومين والمتهمين في جرائم معينة عفوا عاما واستثنى بعض الجرائم وهو من ثم يدخل في نطاق العفو العام التي اصدرته السلطة التشريعية وفقا لحاجة البلاد وسياستها العليا الذي يتم تنظيم احكام تنفيذه واجراءاته في ذات القانون زيادة على ذلك الاحكام العامة الواردة في قانون العقوبات وقانون اصول المحاكمات الجزائية[44].

ويختلف العفو الخاص عن العفو العام من ناحية الآثار المترتبة على كل منهما، اذ أن العفو الخاص لا يمحو الجريمة أو الفعل ولا حكم الادانة بل يظل الحكم قائما بما يترتب عليه من عقوبات تبعية وأثار جنائية اخرى مالم ينص في أمر العفو على خلاف ذلك؛ إذ يعفى الجاني من تنفيذ العقوبة فقط وبالنسبة الى المستقبل بالقدر المنصوص عليه في أمر العفو، أي أن أثر العفو يقتصر على العقوبة الاصلية من دون بقية العقوبات التبعية والتكميلية والتدابير الاحترازية الاخرى وهذا يتعارض مع المادة (306) من قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي[45]. على حين أن العفو العام يترتب عليه انقضاء الدعوى ومحو حكم الادانة وسقوط العقوبات جميعها وهو كذلك سبب من اسباب انقضاء الدعوى الجزائية [46]. وعند الرجوع الى التطبيقات العملية نجد أن سبب صدور العفو الخاص يرجع الى تدارك خطأ قضائي لم يعد ثمة سبيل الإصلاحه بالطرق العادية للطعن بالأحكام أو إلى الرأفة بمن ثبت في اثناء تنفيذ العقوبة عليه انه جدير بالعفو عنه لزوال خطورته الاجرامية [47]. اما العفو العام فيتمثل عادة بالتهدئة الاجتماعية وذلك عبر اسدال ستار النسيان على جرائم مرتكبة في ظل ظروف معينة توصف انها سيئة اجتماعيا[48]. إذ يروم المشروع حذفها من الذاكرة الاجتماعية لكي يمضى المجتمع نحو مرحلة جديدة[49].

والجدير بالملاحظة أنه لم تفرق بعض الدساتير ما بين العفو الخاص وبين العفو الشامل ومن ابرز هذه الدساتير الدستور الأمريكي الصادر عام 1787 فالعفو كما يرى جانب من الفقه هو إلغاء العقوبة أو ايقاف تنفيذها عن شخص معين. أما العفو الشامل فهو مجموعة من الاعفاءات يمنحها رئيس الجمهورية لمجموعة من المجرمين ثاروا على قانون الاتحاد[50].

ويلتقي العفو الخاص والعام في التطبيقات فإن تطبيق كل منها لا يتوقف على تمسك صاحب الشأن بالعفو، ومن ثم فأنه لا يقبل من المتهم أو الجاني التنازل عن هذا أو ذاك لأن اسباب انقضاء الدعوى والعقوبة معا معتبرا من قبل النظام العام ومن ناحية أخرى فإن الاثنين معا لا يؤثران في الحقوق غير الشخصية المتضررة من الجريمة[51].

ثانيا: تمييز العفو الخاص عن العفو القضائي[52]

قلنا بأن العفو الخاص هو الذي يصدر بمرسوم جمهوري ويترتب عليه سقوط العقوبة نهائيا كلها أو بعضها[53]. على حين أن العفو القضائي إجراء يؤدي إلى إنقضاء الدعوى الجزائية عند اكتسابها الدرجة البانة ويتم عرضه من سلطات التحقيق على أحد المتهمين في مقابل الادلاء بمعلومات على من ساهم معه في الجريمة ويتم الغاء هذا العرض عند اخلال المتهم الذي قبل العفو[54]. وقد عرف بعضهم العفو القضائي بأنه (الحالات التي يجوز فيها للمحكمة الجزائية، أن تعفو المتهم من العقاب وهذه الحالات يحددها القانون يرى المشرع من ورائها اعطاء سلطة تقديرية للقاضي من اجل مراعاة الظروف الشخصية للمتهم أو تحقيق العدالة الجنائية)[55].

ويختلف العفو الخاص عن العفو القضائي في أن العفو الخاص يصدر من رئيس السلطة التنفيذية[56]. على حين يصدر العفو القضائي من السلطة القضائية و أن العفو الخاص إلا بعد اكتساب الحكم الدرجة القطعية غير قابل للطعن به بطرق الطعن جميعها فقد ينقض الحكم أو تخفف العقوبة وعليه فلا جدوى من صدوره فلا يمنح العفو الخاص اثناء مرحلة التحقيق في الجريمة وفي حالات الحكم لا مكانية نقضها بطرق الطعن المعتادة على حين أن العفو القضائي يصدر في أي مرحلة من مراحل الدعوى الجزائية ولكن قبل النطق بالحكم[57].

ان الحكم المخول الصادر بالعفو الخاص ايضاً بعد سابقة في العود لان العفو الخاص لا يمنح الصفة الجرمية أما الحكم المخول بالعفو القضائي فلا يعد سابقة في العود.

ويلتقى العفو الخاص والقضائي كونهما اجراء شخصي يختص بشخص محدد لذلك فهو لا يشمل المساهمين الآخرين في الجريمة وأنهما لا يمان الحقوق الشخصية الا اذا نص القانون على خلاف ذلك فلا يؤثر على التعويضات التي حكم بها وإذا لم يكن بها فأنه لا يمنع المدعي بالحقوق المدنية ان يقيم دعواه امام المحكمة المدنية المطالبة بحقه في حالة سقوط الدعوى الجزائية، وكذلك لا يمس العفو القضائي الحقوق الشخصية للغير فللمتضرر اللجوء إلى المحكمة المدنية للمطالبة بالتعويض وأن العفو القضائي والخاص لا يمكن منحهما أكثر من مرة إذ يتطلب منحه للمجرم العائد فلا يتطلب أن تكون الجريمة المرتكبة التي صدر بحقها العفو قد ارتكبها المجرم لأول مرة فيستطيع المجرم الاستفادة من كليهما .

المطلب الثاني : شروط اصدار العفو الخاص

بما أن العفو الخاص بعد من الصلاحيات المهمة المناطة بشخص رئيس الدولة التي يترتب عليها تبعات قانونية ولاسيما في مركز المحكوم عليه لذلك وجدنا من الأفضل تقسيم هذا المطلب على ثلاثة فروع وعلى النحو الآتي:

الفرع الأول: أليه اصدار العفو الخاص

الفرع الثاني: مرسوم العفو الخاص

الفرع الثالث: تقييم العفو الخاص

الفرع الأول

الية اصدار العفو الخاص

يتضح أن لمبدأ العفو الخاص شروط عدة شكلية وموضوعية لكي يمنح الشخص إذ يمكن إجمال هذه الشروط على النحو الاتي:

أن العفو الخاص يصدر بتوصية من رئيس مجلس الوزراء باستثناء ما يتعلق بالحق الخاص والمحكومين بارتكاب الجرائم الدولية والارهاب والفساد المالي والإداري كما رأينا سابقا[58].

صدور توصية من رئيس الوزراء ومن ثم لا يجوز للمجلس المبادرة بأصدار هذا العفو ما لم تكن هنالك هذه التوصية.

2- ابن العفو عن العقوبة لا يكون جماعيا، بل يصدر في كل حالة على حدة، لأنه يكون أجراء من الاجراءات الشخصية التي تمنح للفرد بوصفه أنه يمنح الأشخاص معينين يراد أفادتهم منه وهي وفق شروط تتوافر في شخص ولا تتوافر في شخص آخر على الرغم من أن الجريمة واحدة في كلا الشخصين.

3- لكي يمنح العفو الخاص يجب أن يكون الحكم باناً، أي غير قابل للطعن فيه مكتسب الدرجة القطعية. إذ يكون اللجوء الى رئيس الدولة للتعلم منه هو الوسيلة الوحيدة التي تكون أمام المحكوم عليه ولا يترتب على العفو الخاص سقوط العقوبات التبعية والتكميلية ولا الآثار الجزائية ولا التدابير الاحترازية ولا يكون له أثر على ما سبق تنفيذه من العقوبات وكل ذلك مالم ينص مرسوم العفو على خلاف ذلك[59].

4- لا يتم منح العفو الخاص الا بعد اعطاء رأي لجنة العفو في بعض الدول التي تعطي الرئيس الجمهورية رأيها حول امكانية أو عدم امكانية منح العفو كما هو الحال في فرنسا ولبنان على الرغم من أن رأي اللجنة اعلام استشاري ولا يلزم الرئيس. ففي لبنان مثلا اكنت المان ٢٤٦ 85 الحالي من قانون العقوبات على اشتراط أن يتم منح العفو بعد اعطاء رأي لجنة العفو الرئيس الجمهورية، وهذه اللجنة تتألف من ثلاثة قضاة من اعضاء مجلس القضاء الأعلى بالنسبة إلى سائر العقوبات ومن كل اعضاء مجلس القضاء الأعلى بالنسبة إلى عقوبة الاعدام كما هو منصوص في المواد (393-396) من قانون اصول المحاكمات الجزائي اللبناني الحالي [60].

5- لا يجوز منحه المحكوم عليه بجناية غيابيا، لأن الحكم الغيابي في الجنايات لا يصبح مبرما الابعد سقوطه بمرور الزمن، وفي حال سقوطه بذلك فلا ينفذ هذا يعني أن المحكوم عليه الهارب من تنفيذ الحكم لا يشمل بالعفو الخاص بل يحرم منه.

6-لا يمنح العفو الخاص في حالة كانت الجريمة جنائية إلا إذا تقرر تعويض المدعي بالحق الشخصي خلال مدة اقصاها ثلاث سنوات، ويجوز في هذه الحالة إلزام المستفيد من تقديم كفالة احتياطية. وهذا متبع في مراسيم العفو الخاص جميعها في العراق، إذ أن لجان العفو الخاص لا تشمل المدانين بجرائم القتل الا بعد أن يتنازل ذوي القتيل عن الحق الشخصي، ويتحول الأمر إلى التصالح في مجلس عشائري ويسجل التنازل في المحكمة.

الفرع الثاني

مرسوم العفو الخاص

يختلف القضاء في تحديد طبيعة مرسوم العفو الخاص في ما إذا كان عملا اداريا أو عملا قضائيا أو تشريعيا، فبعضهم عده عملا إداريا فقال أنه شبيه بالأعمال التي يتخدها رئيس الدولة تنفيذا لقانون العفو الصادر من السلطة التشريعية ومن ثم يكون قابلا للطعن فيه بالإلغاء. على حين أن مرسوم العفو الخاص لا يصدر تنفيذا لقانون و إنما يتخذه بصفة مستقله رئيس الدولة الذي يستمد هذه السلطة ليس من قانون عادي و إنما من الدستور مباشرة مما يجعله غير قابل للطعن لأنه لا يدخل ضمن مجال التنظيم، فضلا عن أنه لا يتخذ الابعد استشارة مجلس القضاء الأعلى[61].

أما القول بأنه تصرف قضائي يصدر من رئيس الدولة بوصفه قاضي القضاة … منه مراقبة شرعية الحكم فمن المعروف أن طرق الطعن محددة، فإن قرار رئيس الدولة، ليس الغرض منه الطعن في مدى شرعية الحكم وإنما رأفة ورحمة بالمحكوم عليه، فهو يتمتع بسلطة تقديرية في تقرير العفو من غير أن يتقيد بتقديم مبررات قانونية[62].

وعليه أن اصدار مرسوم العفو الخاص يعد عملا تشريعي ذي طبيعة فردية لكونه ينقذ المحكوم عليه من صرامة القانون الذي بموجبه عوقب لذلك يتحول تصرف الرئيس إلى عمل من اعمال السيادة ولا يمكن أن يكون محلا للطعن به أي يكون محصناً من الطعن كما ذكرنا سابقا. لذى برأي أن هذا الأمر يتعارض مع ما نص عليه دستور جمهورية العراق لعام 2005 في المادة (100) منه وهي تحصين النصوص الدستورية الصادرة من رئيس الجمهورية من الطعن ومن الطبيعي أن يصدر العفو الخاص بناءً على مرسوم يصدر من رئيس الدولة، سواء كان ملكا أم رئيسا للجمهورية ففي فرنسا مثلا يصدر مرسوم العفو الخاص من رئيس الجمهورية ويكون هذا المرسوم غير منشور ولكن يعلن عنه امام السلطة القضائية والسلطات الأخرى كالسلطة الاصلاحية للسجون، وعند الضرورة يعلن عن هذا المرسوم امام الطرف الآخر وهو المعني بالقضية في فرنسا مثلاً فإذا كان رفض طلب الالتماس يذيل في اسفل التحقيق[63]. ويبدأ اثر العفو الخاص في فرنسا من تاريخ التوقيع على المرسوم بغض النظر عن تاريخ الإخطار به وليس للعفو الخاص أي اثر رجعي في حالة صدوره وفقا للشروط ففي حال توافر الشروط اللازمة الصدوره فلا يجوز في هذه الحالة الرجوع عنه أو نقضه وإن مرسوم العفو الخاص ليس محلا للإعلان أو التبليغ عنه، وإن المرسوم يكون محلا للرقابة السياسية، ويكون توقيع المرسوم من رئيس الحكومة ووزير العدل عند الاقتضاء ويتعين على الوزير المختص مراجعته وهذا ما نصت عليه المادة (18) من القانون الأساسي الفرنسي الصادر عام 1958 والمنظم لعمل الهيأة القضائية[64]. إن رئيس الدولة في الجمهورية الخامسة يمارس صلاحيات كثيرة ومن ثم فأنه يحكم بالاشتراك مع وزرائه وهو عندما يمارس سلطاته في اصدار العفو الخاص فإنه يتمتع بسلطة تقديرية واسعة، وهو غير ملزم برأي المجلس الاعلى لهيأة القضاء، وكذلك يستطيع رفض وزير العدل بالعفو الخاص أي أنه يملك سلطة التقرير النهائي في منح العفو الخاص من عدمه .

ورأينا أن دستور العراق لعام 2005 قد جعل حق العفو الخاص اختصاصاً مشتركاً بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء (م73 / اولا)، ولكن بالرجوع إلى قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 نلحظ أن المادة (154) أكدت أن العفو الخاص يصدر بمرسوم جمهوري أي أنها حصرت اصدار العفو الخاص برئيس الجمهورية من غير توصية من رئيس الوزراء بموجب مرسوم جمهوري مما يستوجب تعديل نص المادة (154) من قانون العقوبات حتى تكون متوافقة ومنسجمة مع النص الدستوري أعلاه فالدستور اشترط التوصية من رئيس مجلس الوزراء ومن ثم أصبح قيدا لابد من مراعاته فضلا عن تضمين المادة أعلاه الجرائم التي استثناها الدستور من العفو الخاص كونها تشكل قيدين يجب مراعاتهما عند اللجوء الى اصدار مرسوم العفو وبخلافه يكون المرسوم مخالفا لمبدأ علوية النص الدستوري وسموه إذ يعد الدستور القانون الاسمى والأعلى في العراق، ومن ثم يكون ملزما في انحائه كافة ومن غير استثناء طبقا للمادة (13/ اولا) (1). ارى انه سواء تم التعديل في قانون العقوبات ام لا العفو لا يصلح بلا توصيه من رئيس الوزراء ومرسوم من رئيس الجمهورية وعدم الالتزام بذلك يجعل المرسوم معينا بعيب الشكل ولا يرتب أثاره القانونية كون الدستور مصدر من مصادر المشروعية وليس القانون العادي.

الفرع الثالث

تقييم العفو الخاص

على الرغم من أن ما ذكرناه سابقا جميعه في خصوص العفو الخاص إلا أنه لابد من تقييم العفو الخاص وفي هذا الأمر ظهر اتجاهان أحدهما نقد هذا الحق واستنكره بشدة ولم يحبذ فكرة وجوده وبقاءه، والاتجاه الآخر أيد وجوده وأعتبره من الأمور المهمة وذات فائدة كبيرة وذلك نظرا لما يتمتع به من مزايا مهمة يمكن للشخص الذي يحصل عليه الافادة منه لذلك سنبين الرأي المعارض والرأي المؤيد لهذا الحق.

وطبقاً للاتجاه الأول: فإن الرأي المنتقد لحق العفو الخاص يرى أن منحه من لدن رئيس الدولة لبعض الاشخاص غير مناسب مع الظروف والاوضاع الحديثة، وذلك لان منحه لفئات معينة لا يتناسب ومبدأ المساواة أمام القانون، وأنه يهدر مبدأ الفصل بين السلطات في حالة 88 اصدار القضاء حكماً وقامت السلطة التنفيذية بإهداره. فإذا فعل الأخير ذلك فإنه يخل القضاء، وهو في الأخير يحسن الصفة النهائية للعقوبة لأنه يفتح ثغرات ينفذ منها الأمل المحكوم عليه بعدم خضوعه للحكم.

واصحاب الاتجاه الثاني ردوا على الرأي الأول المنتقد لحق العفو الخاص، إذ أكدوا ان العفو الخاص بعد وسيلة لا يمكن الاستغناء عنها في سبيل تحقيق العدالة وذلك لكي يمكن اصلاح ما وقع فيه القضاء من اخطاء في معظم الاحكام التي يصدرها إذ يصدر القضاء احكاماً يمكن الطعن بها بالطرق العادية وغير العادية[65]. لذلك تظهر مزية العفو عن طريق الطعن المتاح الذي يكون اسرع ثمرة ويكون في بعض الاحيان لذلك اهمية في تهدئة اضطرابات عامة هذا يعني أن نظام العفو الخاص يعد من النظم الحديثة ذات الأهمية البالغة.

ولابد أن نلحظ أن العفو الخاص لا يمكن أن يكون وسيلة لتخفيف العقوبات القاسية التي تحكم بها المحكمة التي تكون غير متساوية مع الظروف للمحكوم عليه وذلك لوجود عقبات قانونية فالعفو الخاص في حالة عقوبة الاعدام يكون وسيلة لتجنب تنفيذها إذا اتضح أنها في الحالة التي قضي بها اقسى مما تقتضيه العدالة ومصلحة المجتمع [66]. ويمكن أن يكون العفو الخاص وسيلة لمكافأة المحكوم عليه الذي يثبت قدرته واستجابته لمتطلبات التأهيل الاجتماعي وذلك عن طريق تنفيذه لجزء منها فيعفى من تنفيذ الجزء المتبقي منها إذ لا داعي للاستمرار بتنفيذ ما تبقى من الحكم في حالة اثبت جدارته [67].

وفي العراق ان ايجابيات هذه الصلاحية الممنوحة لرئيس الجمهورية هي أكثر من سلبياته، ويجب على الرئيس أن يمارسها ضمن المعايير الانسانية والاجتماعية، أو تفاديا لأخطاء اصابت العمل القضائي أثناء محاكمة المحكوم عليه، أو لعدم تطرق القوانين الحالات خاصة يمر بها المحكوم عليه كالمرض الخطير مثلا ولاشك أن هذه الصلاحية من شأنها تجسيد الدور الانساني الرئيس الجمهورية و الرئيس مجلس الوزراء بعده المختص بتقديم توصية اصدار العفو الخاص للرئيس، ومن غير الصحيح ولا اليسير اصدار مرسوم العفو الخاص لغايات سياسية أو شخصية بحتة أو بتوصية من رئيس مجلس الوزراء لاعتبارات حزبية أو طائفية.

الخاتمة

العفو العام والعفو الخاص يمثلان آليتين قانونيتين تهدفان إلى تقديم الرحمة والإعفاء في قضايا الجرائم. العفو العام يشير إلى الإعفاء الجماعي الذي يصدر عن الحكومة أو السلطة الرسمية، بينما يتعلق العفو الخاص بقرار فردي يصدر من الضحية أو الشخص المتضرر مباشرة.

تأثير العفو العام والعفو الخاص على الجرائم يمكن أن يكون متنوعًا. من جهة، يمكن أن يسهم العفو في تحقيق التوازن والعدالة، حيث يُعطى للمرتكبين فرصة للتحسين والإصلاح. يُعتبر العفو أيضًا إشارة إلى التسامح وبناء السلام في المجتمع. ومن الممكن أن يسهم في تقوية العلاقات الاجتماعية وتعزيز الوحدة.

مع ذلك، يثير العفو أحيانًا مخاوف بشأن تقويض الردع الجنائي، حيث يمكن أن يشجع البعض على ارتكاب المزيد من الجرائم إذا شعروا بأن هناك فرصة للهروب من العقوبة. كما يثير السؤال حول عدالة توزيع العفو وما إذا كان يتم تطبيقه بشكل عادل ومتساوٍ.

في النهاية، يعتبر العفو وسيلة هامة للتصالح وبناء المستقبل، ولكن يجب أن يتم توجيهه بحذر لضمان تحقيق التوازن بين الرحمة والعدالة في المجتمع.

الاستنتاجات

1. يظهر العفو العام والعفو الخاص كوسيلتين قانونيتين تسعى لتحقيق التوازن بين الرحمة والعدالة في مجتمعاتنا.

2. يمكن أن يكون العفو فعالًا في تحفيز التحسين الفردي والإصلاح، مما يساهم في بناء مجتمع أكثر تسامحًا ووحدة.

3. ومع ذلك، يجب مراعاة الآثار السلبية المحتملة للعفو على الردع الجنائي والقلق بشأن التساوي والعدالة في توزيعه.

4. يتطلب تحقيق فعالية العفو تصويب تركيز المجتمع على تعزيز الوعي والتثقيف حول قيم العدالة والتسامح.

5. يمكن أن يلعب العفو دورًا هامًا في تعزيز السلام الاجتماعي وتخفيف حدة الصراعات، ولكن يجب أن يتم تنفيذه بحذر وفقًا لمعايير وإجراءات تكفل التوازن بين الرحمة والعدالة.

المقترحات

بناءً على مناقشتنا حول العفو العام والعفو الخاص وتأثيرهما على الجرائم، إليك خمس توصيات:

  1. ينبغي تعزيز النظام القانوني لضمان عدالة التوزيع والتطبيق المتساوي للعفو. يجب أن يكون هناك إطار قانوني واضح يحدد شروط العفو والآليات المستخدمة للتقييم واتخاذ القرارات.
  2. يجب الاستثمار في برامج الإصلاح وإعادة التأهيل للمحكومين، لضمان فرص أفضل لإعادة إدماجهم في المجتمع بشكل إيجابي. يمكن أن تسهم هذه البرامج في تقليل حدة الجرائم المستقبلية.
  3. يجب تعزيز الوعي بأهمية التسامح وبناء ثقافة تشجع على التعاون بين الأفراد والمجتمع. ذلك يساهم في تقوية الروابط الاجتماعية والحد من الظروف التي تؤدي إلى الجريمة.
  4. ينبغي أن تكون عمليات منح العفو شفافة وقائمة على معايير محددة. يجب توضيح الشروط التي يجب تحقيقها للحصول على العفو، مما يضمن نزاهة وثقة المجتمع في النظام القانوني.
  5. يجب أن يتم إجراء دراسات دورية لتقييم فعالية استخدام العفو العام والعفو الخاص وتأثيرهما على معدلات الجريمة. يساعد ذلك في تحديث السياسات والتحول نحو نهج أكثر فعالية في مكافحة الجريمة وتحقيق التوازن المطلوب بين العدالة والرحمة.

المصادر والمراجع

  1. الاء ناصر حسين البعاج، العفو القضائي ، دراسة مقارنة، رسالة ماجستير، كلية القانون ، جامعة بغداد، 1996
  2. ابن درید جمهرة اللغة، ج ۳،ط1، مطبعة المجلس دائرة المعارف العثمانية، ١٣٤٥هـ
  3. ابن منظور لسان العرب، ج 6،ط 6، دار صادر، بیروت، ١٤١٤
  4. احلام عيدان الجابري العقوبات الفرعية دراسة مقارنة, رسالة ماجستير كلية القانون . جامعة بغداد ، 1999
  5. أحلام عيدان الجابري سقوط العقوبة بالعفو الخاص، دراسة مقارنة مقدمة إلى جامعة بغداد لنيل شهادة الماجستير١٩٩٢م
  6. الأستاذ عبد الجبار عريم شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية، ج ۱، مطبعة المعارف، بغداد، ١٩٥٠م
  7. جندي عبد الملك الموسوعة الجنائية، ج ۳، ج ۵، ط2 ، دار العلم للجميع، بيروت، ١٩٤٢م
  8. حوراء احمد شاكر النظام القانوني لعرض العفو على المتهم في التشريع العراقي, دراسة مقارنة بحث منشور في مجلة العلوم الانسانية كلية القانون جامعة بابل, المجلد 17, العندا. 2009
  9. د. أكرم نشأت ابراهيم القواعد العامة في قانون العقوبات المقارن مطبعة الفتيان بغداد 1998
  10. د. السيد صبري, حكومة الوزارة, المطبعة العالمية مصر. 1953
  11. د. جلال ثروت , نظم القسم العام في قانون العقوبات المصري منشاة المعارف , الاسكندرية -1989
  12. د. جلال ثروت ، قانون العقوبات – القسم العام ، الدار الجامعيه ، بيروت ، لبنان ، 1989
  13. د. جلال ثروت قانون العقوبات القسم العام، الدار الجامعية، بيروت، لبنان، ۱۹۸۹م
  14. د. رؤوف عبيد، مبادئ علم الاجرام ، دار الفكر العربي، القاهرة، ط1، 1972
  15. د. سعد العلوش, دراسات في العرف الدستوري, شركة الانعام للطباعة الفنية المحددة, بغداد, 1999.
  16. د. عباس الحسيني شرح قانون العقوبات الجديد، القسم العام، ط1، بدون دار نشر، بغداد، ۱۹۹۲م
  17. د. عبد الأمير العكيلي و د. سليم ابراهيم حربة اصول المحاكمات الجزائية، ج1. توزيع المكتبة القانونية بغداد، 1988
  18. د. عبد الرؤوف مهدي: شرح القواعد العامة في الإجراءات الجنائية، دار النهضة العربية، القاهرة، ٢٠١٥م
  19. د. عبد الغني بسيوني عبد الله القانون الدستوري والمبادئ العامة الدستور اللبناني الدار الجامعة، بلا ذكر والنشر والتوزيع 1998
  20. د. عبد الفتاح حسن, مبادئ النظام الدستوري في الكويت دار النهضة العربية, بيروت, لبنان, 1968
  21. د. عدنان الدوري فلسفة العقاب في القرن العشرين مجلة القضاء العدد الرابع ايلول, تشرين الثاني مطبعة العاني بغداد، 1958
  22. د. مأمون محمد سلامة، قانون العقوبات القسم العام دار الفكر العربي القاهرة, 1982
  23. د. محمد زكي ابو علم و د. علي عبد القادر القهوجي قانون العقوبات اللبناني القسم العلمي الدار الجامعة. بيروت 1982
  24. د. محمد سليم محمد غزوي الوجيز في التنظيم السياسي والدستوري مكتبة دار الثقافة عمان الاردن ،ط3/ 1994
  25. د. محمد معروف عبد الله، العفو القضائي في التشريع الجنائي، بحث منشور في مجلة الحقوقي، الاعداد 1-4، 1986
  26. د. محمود تجيب حسني شرح قانون العقوبات القسم العام دار النهضة العربية بيروت. 1982
  27. د. مصطفى فهمي الجواهري تفريد العقوبة في القانون الجناني دار النهضة العربية 2002،
  28. د. ممدوح خليل البحر مبادئ قانون أصول المحاكمات الجزائية مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، 1998
  29. زينب عبدا اللاوي توزيع السلطة ما : بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة في ضل ضل دستور رسالة ماجستير كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة الحاج لخضر باتنة الجزائر 2004
  30. سلوى حسين حسن رزق الدستور ومبدأ العفو عن العقوبة ، كلية الحقوق جامعة المنصورة, بحث منشور في مجلة البحوث القانونية والاقتصادية العدد التاسع والاربعون 2011
  31. عدي جابر هادي العفو القضائي (دراسة مقارنة) بحث منشور في مجلة جامعة بابل, العلوم الانسانية بغداد 2008
  32. عز الدين البغدادي الاختصاص الدستوري لكل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة في النظام الدستوري الجزائري والمصري دراسة مقارنة مع النظام المصري مكتبة الوفاء القانونية القاهرة 2009
  33. غسان رباح نظرية العفو في التشريعات العربية، منشورات عويدات، بيروت ، ط1، 1985
  34. لويس معلوف المنجد في اللغة، دار المشرق، بيروت، بدون سنة نشر، ص ۵۱۷.
  35. مجلس القضاء الأعلى العراق، محكمة التمييز الاتحادية، العدد ٧٤٤، الهيئة المدنية عقاره ٢٠٠٩ م
  36. محسن ناجي ، الأحكام العامة في قانون العقوبات، بدون دار نشر ١٩٧٤
  37. محمد بن أبي بكر الرازي: مختار الصحاح، دار الجيل بيروت، بدون سنة نشر
  38. وحيد محمود ابراهيم قوة سلطات التأديب الطروحة دكتوراه. جامعة المنصورة 1993
  39. وليد بدر عالم الراشدي: العفو العام في التشريعات المقارنة، أطروحة مقدمة إلى كلية القانون بجامعة بغداد كجزء من متطلبات نيل درجة الدكتوراة في القانون، ١٩٦٣م
  40. ياسين حسن الجبوري المالكي لا يملك اصدار العفو الخاص بحث منشور في مجلة الكتابات 22 كانون الثاني، 2013.

الهوامش:

  1. محسن ناجي ، الأحكام العامة في قانون العقوبات، بدون دار نشر ١٩٧٤، ص ٥٥٦.
  2. ابن منظور لسان العرب، ج 6،ط 6، دار صادر، بیروت، ١٤١٤ ف من ٣٣٨.
  3. محمد بن أبي بكر الرازي: مختار الصحاح، دار الجيل بيروت، بدون سنة نشر، ص ٤٤٣.
  4. لويس معلوف المنجد في اللغة، دار المشرق، بيروت، بدون سنة نشر، ص ۵۱۷.
  5. ابن درید جمهرة اللغة، ج ۳،ط1، مطبعة المجلس دائرة المعارف العثمانية، ١٣٤٥هـ، ص ١٢٨.
  6. د. جلال ثروت قانون العقوبات القسم العام، الدار الجامعية، بيروت، لبنان، ۱۹۸۹م، ص ۱۷۷.
  7. الأستاذ عبد الجبار عريم شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية، ج ۱، مطبعة المعارف، بغداد، ١٩٥٠م، ص ٢٤٧.
  8. د. عبد الرؤوف مهدي: شرح القواعد العامة في الإجراءات الجنائية، دار النهضة العربية، القاهرة، ٢٠١٥م، ص ۱۷۰.
  9. جندي عبد الملك الموسوعة الجنائية، ج ۳، ج ۵، ط2 ، دار العلم للجميع، بيروت، ١٩٤٢م، ص ٢٤٧.
  10. د. عباس الحسيني شرح قانون العقوبات الجديد، القسم العام، ط1، بدون دار نشر، بغداد، ۱۹۹۲م، ص ۵۰۳.
  11. مجلس القضاء الأعلى العراق، محكمة التمييز الاتحادية، العدد ٧٤٤، الهيئة المدنية عقاره ٢٠٠٩ م ، ت ٠١٤٤٦
  12. نص المادة (۱۵۳) من قانون العقوبات العراقي رقم (۱۱۱) لسنة ١٩٦٩ الذي نص على: العفو العام يصدر بقانون ويترتب عليه القضاء الدعوى ومحو حكم الإدانة الذي يكون قد صدر فيها وسقوط جميع العقوبات التأصيلية والتبعية والتكميلية والتدابير الاحترازية ولا يكون له أثر على ما سبق تنفيذه من العقريات ما لم ينص قانون العفو على غير ذلك.
  13. نص المادة (۳۰۰) من قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي رقم (٧٦) لسنة ١٩٧٩ المحل الذي ينص على تنقضي الدعوى الجزائية بوفاة المتهم أو صدور حكم بات بالإدانة أو براءته أو حكم أو قرار بات بعدم مسؤوليته عن الجريمة المسندة إليه أو قرار نهائي بالإفراج عنه أو بالعفو عن الجريمة أو بوقف الإجراءات فيها وقفاً نهائيا أو في الأصول الأخرى التي نص عليها القانون.
  14. وليد بدر عالم الراشدي: العفو العام في التشريعات المقارنة، أطروحة مقدمة إلى كلية القانون بجامعة بغداد كجزء من متطلبات نيل درجة الدكتوراة في القانون، ١٩٦٣م، ص ٦٨ .
  15. أحلام عيدان الجابري سقوط العقوبة بالعفو الخاص، دراسة مقارنة مقدمة إلى جامعة بغداد لنيل شهادة الماجستير١٩٩٢م، ص ٤٠.
  16. نشر في مجلة الوقائع العراقية بالعدد (٤٤١٧) في 26/9/2016م.
  17. قرار محكمة التمييز المرقم (٤٦/ الهيئة العامة) في 10/10/2016م، لدى التدقيق والمداولة من الهيئة العامة في محكمة التمييز الاتحادية وجد أن القرار التمييز والصادر من محكمة الجنايات المركزية …. والقاضي برفس شمول المتهم (ع) بأحكام قانون العمر العام رقم (۲۷) لسنة ٢٠١٦ عن جريمة الانتماء إلى الجماعات الإرهابية بحجة كون جريمة الانتماء إلى الجماعات تدخل ضمن باب المساعدة تملك الجماعات بقيامها بالأصال الإرهابية قد بني على خطأ قانوني وأن استناد المحكمة على ما ورد باخر العفرة (ثانيا) من المادة (1) من القانون المذكور والتي نست موكل حريمة إرهابية ساهم بارتكانها بالمساعدة أو التعريض أو الاتفاق، كان استنادا غير صحيح وتعبيرا للنص في غير موضوعه، حيث أن قضاء المحكمة استقر في قرارات عديدة على أن حريمة الانتماء إلى الجماعات الإرهابية في حريمة مستقلة بذاتها ولها أركانها القانونية المحددة، وأن تلك الجريمة تتعلق بالفكر والعقيدة، وكانت تلك الجريمة من الجرائم الإرهابية المستثناة بموجب المادة (4) من القانون المشار إليه فبذلك يكون الفاعل غير مشمول بأحكام قانون العفو.
  18. منشور في مجلة الوقائع العراقية، العدد (2973) في 26/12/1993.
  19. منشور في مجلة الوقائع العراقية، العدد (2301) في 2/4/1990.
  20. وليد بدر نجم الراشدي: مصدر سابق، ص70.
  21. نشر القرار في جريدة الوقائع العراقيه رقم 2954 في 28/10/2002.
  22. حدد قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969 المعدل في الماده (85)منه العقوبات الاصليه حيث نص على (العقوبات الاصليه هي :- 1-الاعدام 2-السجن المؤبد 3-السجن المؤقت -4-الحبس الشديد 5- الحبس البسيط 6- الغرامه 7-الحجزفي مدرسة الفتيان الجانحين 8-الحجز في مدرسه (اصلاحيه) اما العقوبات التبعيه فقد حددتها الماده (95)منه وهي ( الحرمان من بعض الحقوق والمزايا )
  23. تنظر المادتين (91، 93 ) من قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنه 1969 المعدل حيث نصت المادة (91) على ان ( عقوبه الغرامه هي الزام المحكوم عليه بأن يدفع الى الخزينه العامه المبلغ المعين في الحكم وتراعي المحكمه في تقدير الغرامه حالة المحكوم عليه الماليه والاجتماعيه وما افاده من الجريمه او كان يتوقع افادته منها …)
  24. تنص الفقره (ثانيا ) من قرار العفو العام رقم (225) لسنة 2002 على ان ( تسري احكام البند اولا من هذا القرار على المتهمين كافه الموقوفين منهم ومن لم يلق القبض عليهم ويعفون من الجرائم كافه مهما كان نوعها ودرجتها ومنها الجرائم المرتكبه بسبب الموقف من الخدمه العسكريه او الهروب للاسباب سياسيه وتوقف الاجراءات القانونيه بحقهم كافه).
  25. قضت الهيئه المدنيه لمحكمة استئناف بغداد – الرصافه بصفتها التمييزيه بـ ( لدى التدقيق والمداوله تبين ان الطعن التمييزي مقدم ضمن المده القانونيه لذا قرر قبوله شكلا وبعد عطف النظر على القرار المميز وجد ان صحيح وموافق للقانون وذلك ان المبلغ المحكوم به على المدين هو عن غرامه وفق الماده (495- 3) من قانون العقوبات اضافه الى عقوبه السجن المشار اليها في الحكم المنفذ وبما ان المدين كان قد اكمل مده السجن واطلق سراحه قبل صدور قرار العفو العام بقرار مجلس قيادة الثوره ( المنحل) المرقم 225 لسنه 2002 ونفذت الفقره الحكميه بالغرامه والتي تعتبر من العقوبات الاصليه ولصدور قرار العفو العام اعلاه خلال تنفيذ عقوبه الغرامه تكون غير مشموله بالعفو العام عليه قررت تصديق القرار المميز ورد الطعن التميزي وتحميل المميز رسوم التمييز وصدر القرار بالاتفاق في 5/3/2003 ) ( غير منشور وكذلك ينظر قرارها رقم 360 / ت/ 2003 في 5/3/2003.
  26. د. جلال ثروت ، قانون العقوبات – القسم العام ، الدار الجامعيه ، بيروت ، لبنان ، 1989 ، ص 284
  27. د. جلال ثروت , نظم القسم العام في قانون العقوبات المصري منشاة المعارف , الاسكندرية -1989 ,ص 454.
  28. قرار الهيئه العامه في محكمة التمييز ( الاتحاديه ) رقم 276 / هيئة عامة / 2003 المؤرخ في5/3/ 2003-غير منشور.
  29. قرارمحكمة التمييز الاتحاديه رقم 536- م1منقول – 2000في 13/5/ 2000, اشار اليه المحامي إجياد ثامر الدليمي , وقف السير في الدعوى المدنيه واثاره القانونيه , مكتبه الجيل العربي , الموصل , 2005,ص23
  30. قرار محكمة بداءة السماوه رقم 122/ ب/ 2010 في 10/10/2010( غير منشور ) و قرارمحكمة التمييز (الاتحاديه) المرقم 1639/ الهيئه المدنيه / منقول/ 2010في 24/1/2011( غير منشور)
  31. د. عدنان الدوري فلسفة العقاب في القرن العشرين مجلة القضاء العدد الرابع ايلول, تشرين الثاني مطبعة العاني بغداد، 1958، ص496.
  32. د. السيد صبري, حكومة الوزارة, المطبعة العالمية مصر. 1953، ص 88.
  33. ينظر: المادة (73/ اولا) من دستور جمهورية العراق لعام 2005.
  34. وحيد محمود ابراهيم قوة سلطات التأديب الطروحة دكتوراه. جامعة المنصورة 1993، ص79.
  35. د. محمود تجيب حسني شرح قانون العقوبات القسم العام دار النهضة العربية بيروت. 1982، ص885.
  36. د. عبد الغني بسيوني عبد الله القانون الدستوري والمبادئ العامة الدستور اللبناني الدار الجامعة، بلا ذكر والنشر والتوزيع 1998, ص 484.
  37. ينظر: المادة (154/ 2) من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 التي أكدت على أن لا يترتب على سنة الطبع ص 302 العفو الخاص سقوط العقوبات التبعية والتكميلية ولا الآثار القانونية الأخرى ولا التدابير الاحترازية ولا يكون له اثر على ما سبق من تنفيذه من العقوبات مالم ينص مرسوم العفو على خلاف ذلك.
  38. د. أكرم نشأت ابراهيم القواعد العامة في قانون العقوبات المقارن مطبعة الفتيان بغداد 1998, ص 397.
  39. ياسين حسن الجبوري المالكي لا يملك اصدار العفو الخاص بحث منشور في مجلة الكتابات 22 كانون الثاني، 2013.
  40. د. محمد سليم محمد غزوي الوجيز في التنظيم السياسي والدستوري مكتبة دار الثقافة عمان الاردن ،ط3/ 1994، ص103.
  41. د. محمد زكي ابو علم و د. علي عبد القادر القهوجي قانون العقوبات اللبناني القسم العلمي الدار الجامعة. بيروت 1982, ص 400
  42. حوراء احمد شاكر النظام القانوني لعرض العفو على المتهم في التشريع العراقي, دراسة مقارنة بحث منشور في مجلة العلوم الانسانية كلية القانون جامعة بابل, المجلد 17, العندا. 2009، ص 6.
  43. ينظر على سبيل المثال المادة (56/ ف ب و 57/ ف ن) من دستور العراق لعام 1970.
  44. ينظر: (المادة/ ف1) من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل.
  45. ينظر: قنون العفو رقم 19 لسنة 2008 المنشور في جريدة الوقائع العراقية ذي العدد 4065 في اذار 2008.
  46. ينظر: المواد (300/305) من قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي رقم 23 لسنة 1979.
  47. د. عبد الفتاح حسن, مبادئ النظام الدستوري في الكويت دار النهضة العربية, بيروت, لبنان, 1968، ص344.
  48. د. ممدوح خليل البحر مبادئ قانون أصول المحاكمات الجزائية مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، 1998، ص95.
  49. احلام عيدان الجابري العقوبات الفرعية دراسة مقارنة, رسالة ماجستير كلية القانون . جامعة بغداد ، 1999، ص39.
  50. ينظر: المادة (153/3) من قانون العقوبات العراقي النافذ لسنة 1969، وكذلك المادة (76/ ف2) من قانون العقوبات المصري لسنة 1937 المعدل.
  51. القانون عليه مع اننا نرى أن . عبارة العفو القضائي هي أكثر دقة (1) يطلق عليه العفو القانوني باعتباره قد نص . عن بقية الأنواع فينص عليه القانون ويوضح احكامه، ولكن العبرة هنا وصوابا ولكي يتميز هذا النوع من العفو . بسلطة القاضي في الاعفاء.
  52. د. عبد الأمير العكيلي و د. سليم ابراهيم حربة اصول المحاكمات الجزائية، ج1. توزيع المكتبة القانونية بغداد، 1988، ص57.
  53. عدي جابر هادي العفو القضائي (دراسة مقارنة) بحث منشور في مجلة جامعة بابل, العلوم الانسانية بغداد 2008، ص361.
  54. د. رؤوف عبيد، مبادئ علم الاجرام ، دار الفكر العربي، القاهرة، ط1، 1972، ص380.
  55. ينظر المادة (154) من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969.
  56. الاء ناصر حسين البعاج، العفو القضائي ، دراسة مقارنة، رسالة ماجستير، كلية القانون ، جامعة بغداد، 1996، ص47 وما بعدها.
  57. د. محمد معروف عبد الله، العفو القضائي في التشريع الجنائي، بحث منشور في مجلة الحقوقي، الاعداد 1-4، 1986. ص151.
  58. جرائم الارهاب حددها القانون والتي تشمل (جرائم العنف والتهديد الذي يهدف الى القاء الرعب بين الناس وتعريض حياهم وحريتهم وامنهم للخطر وتعرض الاموال والممتلكات للتلف وقيادة العصابات المسلحة والارهابية والعمل على اثارة الفتنه الطائفية او الحرب الاهلية او الاقتتال الطائفي او الاعتداء على الهيئات الدبلوماسية أو استخدام المواد المتفجرة أو الخطف للابتزاز المالي أو اسباب سياسية أو طائفية أو قومية أو دينية) يراجع قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969.
  59. ينظر: المادة (73) من دستور العراق النافذ لعام 2005.
  60. ينظر :المادة (154/2) من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969.
  61. زينب عبدا اللاوي توزيع السلطة ما : بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة في ضل ضل دستور رسالة ماجستير كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة الحاج لخضر باتنة الجزائر 2004، ص 49 .
  62. عز الدين البغدادي الاختصاص الدستوري لكل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة في النظام الدستوري الجزائري والمصري دراسة مقارنة مع النظام المصري مكتبة الوفاء القانونية القاهرة 2009، ص 42.
  63. د. سعد العلوش, دراسات في العرف الدستوري, شركة الانعام للطباعة الفنية المحددة, بغداد, 1999.
  64. غسان رباح نظرية العفو في التشريعات العربية، منشورات عويدات، بيروت ، ط1، 1985، ص39 وما بعدها.
  65. د. مأمون محمد سلامة، قانون العقوبات القسم العام دار الفكر العربي القاهرة, 1982, 3 ص 703 وما بعدها.
  66. سلوى حسين حسن رزق الدستور ومبدأ العفو عن العقوبة ، كلية الحقوق جامعة المنصورة, بحث منشور في مجلة البحوث القانونية والاقتصادية العدد التاسع والاربعون 2011, ص 267 وما بعدها.
  67. د. مصطفى فهمي الجواهري تفريد العقوبة في القانون الجناني دار النهضة العربية 2002، ص 151.