خصوصية الجريمة الضريبية

حيدر ابراهيم عبد الحسين حديد1 د. جورج لبكي1

1 الجامعة الإسلامية في لبنان، كلية الحقوق، قسم القانون العام.

HNSJ, 2024, 5(12); https://doi.org/10.53796/hnsj512/37

تحميل الملف

تاريخ النشر: 01/12/2024م تاريخ القبول: 15/11/2024م

المستخلص

تعد الإيرادات الضريبية بشكلها المباشر وغير المباشر عنصراً هاماً في إيرادات الدول المتقدمة والدول النامية على حد سواء، كما تسهم الإيرادات الضريبية في مختلف دول العالم في تمويل خطط التنمية المطروحة من قبل الحكومات عن طريق الخدمات المختلفة التي تقدمها الدول لشتى القطاعات الاقتصادية للمساعدة في نموها، وموضوع الإيرادات الضريبية هام جداً ويرتبط بضرورة الموازنة بين معدلات الضريبة المفروضة على القطاعات الاقتصادية وعدم تأثير هذه المعدلات على النشاط الإقتصادي في الدولة بصورة سلبية.

الكلمات المفتاحية: الجريمة -الضريبة -الجنائية.

Research title

The specificity of tax crime

Haider Ibrahim Abdul Hussein, Dr. George Labaki 1

1 Islamic University of Lebanon, Faculty of Law, Department of Public Law.

HNSJ, 2024, 5(12); https://doi.org/10.53796/hnsj512/37

Published at 01/12/2024 Accepted at 15/11/2024

Abstract

Tax revenues, both direct and indirect, are an important component of the revenues of both developed and developing countries. Tax revenues in various countries around the world contribute to financing development plans proposed by governments through the various services provided by countries to various economic sectors to aid their growth. The issue of tax revenues is very important and is linked to the need to balance tax rates imposed on economic sectors and to ensure that these rates do not negatively impact economic activity in the country.

Key Words: crime – tax – criminal.

المقدمة

تعد الضرائب في كثير من دول العالم من أهم مصادر الإيرادات العامة الهادفة لتمويل النفقات العامة؛ وذلك بغية تحقيق تنمية شاملة في مختلف الصعد والمجالات تبعاً للتطورات الاقتصادية والاجتماعية والسياسة. كما أن التوسع الهائل في أشكال الحياة والتضخم السكاني إضافة إلى التطور التكنولوجي والتقني الحاصل في دول العالم المختلفة قد ألقى بضلاله على أغلب الدول، حيث كان من تداعيته حصول عجز بميزانيات الدول بسبب السعي إلى تغطية هذه المتطلبات؛ مما زاد من أهمية الضريبة بالنسبة لها، وانطلاقاً من هذه الأهمية تسعى الإدارة الضريبة إلى نشر القوانين الضريبية وجعلها في متناول الجميع، ولما كانت الضريبة عبئاً على المكلف وتتمثل باقتطاع مالي يفرض من قبل الدولة جبراً دون مقابل أو مردود؛ فقد بات المكلف يتهرب منها فنشأت ظاهرة (الجريمة الضريبية)، تتضح في كونها نوعاً من أنواع السرقة المقّنعة، التي يكون فيها المجنى عليه فردا بالذات أو مجموعة من الأفراد، لأن الجريمة الضريبية يؤدي لا شك إلى إضعاف رابط إضعاف رابطة التضامن الاجتماعي بين أفراد الأمة الواحدة، وهدراً للعدالة التي هي أساس فرض الضرائب، بما يعكس الاستقرار السياسي والامن الاجتماعي، وكذلك الجريمة أثره من الناحية المالية يتمثل في انخفاض الحصيلة الضريبية باعتبار أن الضريبة هي أحد مصادر التمويل الخزينة الدولة.

اولاً: أهمية البحث

تعد الجريمة الضريبية من بين أبرز المشكلات المالية لا وبل من بين أخطر الجرائم المالية ذات الانعكاسات السلبية على الاقتصاد والمجتمع. وتأتي أهمية دراسة هذا الموضوع الذي لم يكن غائباً في تحليلات الفكر المالي بأبعاده المختلفة لا سيما بعد تفاقم هذه المشكلة، وازدياد درجة تعقيدها في عصرنا الراهن، وعصر العولمة والانفتاح، وثورة المعلومات وتكنولوجيا الاتصالات… الخ. كما ان التهرب الضريبي يؤدي إلى انخفاض الحصيلة الضريبية التي تعد مورداً أساساً من موارد الخزينة، ويعد مؤشراً خطيراً على ضعف الشعور بالمواطنة. ويقع على عاتق الرقابة الخارجية الحد من هذه الظاهرة الخطيرة بالاستناد إلى مضامين علمية وعملية ومستلزمات رقابية فاعلة وبما يضمن تحقيق أهداف السياسة المالية بصورة عامة، والسياسة الضريبية بصورة خاصة.

ثانياً: مشكلة البحث

أن الجريمة الضريبية مشكلة متعددة الأسباب والآثار، ويصعب كشفها في أغلب الأحيان بسبب اختلاطها وتداخلها مع حالات تتخذ من القانون وآليات العمل الضريبي ستاراً ومنفذ لها، بالأضافة الى انعدام كافة المصادر التي من الممكن ان تكون الحافز القوي لكسف حالات التهرب الضريبي او الحد منه، علماً بان الجريمة الضريبية يعتبر نظام خفي بطبعه ومن الصعب اكتشافه او السيطرة عليه.

ثالثاً: منهجية البحث

تم إتباع المنهج الإستقرائي ( الوصفي) من خلال المصادر، لتحقيق أهداف البحث.

رابعاً: هيكلية البحث

نتناول دراسة هذا الموضوع في مبحثين، إذ يتضمن المبحث الاول ماهية الجريمة الضريبية. بينما نعرج في المبحث الثاني على الطبيعة القانونية للجريمة الضريبية

المبحث الأول

ماهية الجريمة الضريبية

كانت الضريبية لا تعدو أن تكون ديناً للدولة بذمة المكلف فكانت من الطبيعي أن تحصل وفق قواعد القانونية المدني وبالنظر لأهمية الإيرادات الضريبية ودورها في تمويل النفقات العامة بدأت الدولة بفرض امتيازات القانون العام والسلطة العامة على كل ما له علاقة بالضريبة وضرورة تحصليها في القواعد المحددة لها، وبالتالي فقد تمّ فرض الجزاءات على من يخالف الالتزامات لضريبية ومن ثم تطور إلى فرض جزاء مالي على من يخالف الالتزامات الضريبية، ولكن لوحظ أن هذه الجزاء لم يقلل من حالات الغش والتهرب الضريبي مما عرض النظام الضريبي لأشد الأضرار ولكي يتم دفع هذه الضرورة والخطورة عن الخزانة العامة وحمايتها من شحّ الإيرادات لم يجد المشرّع وسيلة سوى اللجوء إلى العقوبات الجزائية لحماية المصالح الضريبية، ففرض العقوبات التي تصيب المكلف في مالة احياناً وفي حريته أحياناً أخرى إذا ارتكب الجريمة الضريبية. ومن خلال سوف نتطرق إلى مفهوم الجريمة الضريبية في المطلب الأول، أما المطلب الثاني نتطرق إلى أركان الجريمة الضريبية.

المطلب الأول

مفهوم الجريمة الضريبية

أن البحث في مفهوم الجريمة الضريبية والوقف على تعريفها، يحتم علينا أن نخوض في مدلول الفني للضريبة، ومدى ما تتمتع به من ذاتية خاصة تحفظ استقلاليتها وتمييزها عن غيرها من الايرادات

قد تعددت التعريفات التي تحدد مفهوم الضريبة لتمييزها عن غيرها من الإيرادات العامة وخاصة الرسوم وكان محور هذه التعريفات هو كون الضريبة مبلغا نقديا تفرضه الدولة وتحصله من الأشخاص جبراً وبصفه نهائية دون مقابل، بهدف تحقيق أغراض عامة، فالضريبة تحمل معنى الاجبار المالي غير العقابي، وفي المقابل اختلفت التعريفات التي كانت تتضمن كون الضريبة استقطاعا عينيا.

وعرفها بعضهم أيضاً بأنَّها: “مساهمة نقدية تفرض على المكلّفين بها حسب قدراتهم التساهمية التي تقوم عبر السلطة بتحويل الأموال المحصلة وبشكل نهائي ومن دون مقابل محدد بغية تحقيق الأهداف المحددة من طرف السلطة العمومية”([1]).

وكذلك عرفت بأنَّها: “فريضة مالية يدفعها الفرد إلى الدولة جبرًا أو لإحدى الهيئات العامة دون أنْ يعود عليه نفع خاص مقابل دفع الضريبة”([2]).

وكذلك قد عرفت الضريبة بأنَّها تفرض الدولة مبلغًا نقديًا جبريًا وفقًا لقواعد التشريع الضريبي وبصفة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ([3]).

ويرى الباحث أن تعريف الضريبة لتمييزها عن الإيرادات العامة الأخرى يكون خلال تضمنين التعاريف ثلاث نقاط أساسية

  • النقطة الأولى: أن الضريبة مبلغ نقدي.
  • النقطة الثاني: أنها تفرض جبراُ وبالقانون.
  • النقطة الثالثة انها بلا مقابل للمكلف.

إن التعريف بالجريمة الضريبية يكتسي صعوبة كبيرة، مقارنة بباقي الجرائم العامة وحتى بعض الجرائم الخاصة، ولعل ذلك يرجع لعدة أسباب متعددة أولها طبيعة القانون الضريبي في حد ذاته، الذي خصه المشرّع الضريبي ببعض القواعد القانونية الخاصة، على اعتبار أنَّ الجريمة الضريبية تمس باقتصاد الدولة، ومن تلك القواعد الخاصة نجد قاعدة الجمع بين العقوبات المالية مهما كان نوعها وشرط وجود شكوى مسبقة من قبل إدارة الضرائب لتحريك الدعوى الجزائية بشأن الجريمة الضريبية وغيرها من القواعد التي لا نجد لها مثيل في قانون العقوبات والإجراءات الجنائية.

حتى نتوصل إلى تعريف الجريمة الضريبية بشكل دقيق وكامل، لا بد من تحيد المعنى الاصطلاحي للجريمة، ثم نستعرض بعض التعاريف الفقيهة للجريمة الضريبية مع إبراز النظرة التحليل والنقدية لها.

وتعريف الجريمة لغة مصدر جرم وجمع جرائم، ونقصد بها لغويا كل فعل أو عمل يجلب الأذى المعنوي الكبير للقيم الأساسية لمجتمع معين، حيث ورد في اللسان العربي أنَّ مدلول كلمة جريمة هي جنى جريمة وجرم إذا عظم جرم، أي أذنب، أما في قانون مختار الصحاح، فإن المقصود بالجريمة هو الذنب ([4]).

وتعرًف الجريمة اصطلاحاً بأنها (سلوك غير مشروع صادر عن ارادة اجرامية يقرر له الشارع جزاء جنائياً يتخذ صورة العقوبة او تدبير احترازية) ([5]) أو أنها (كل عمل أو امتناع يقرر له القانون جزاءَ في صورة عقوبة أو تدابير عقابية مما ينص عليه القانون العقوبات) ([6]). وعرفت بأنًها: سلوك فعل أو امتناع غير مشروع أخل وبمصلحة أساسية صادرة عن ارادة جنائية يقرر له القانون عقوبة أو تدبير احترازي ([7]). وعرفها البعض بأنها (أفعل غير مشروع صادر عن ارادة جنائية يقرر القانون له عقوبة أو تدبيرا احترازيا) ([8]).

أما تعريف الجريمة الضريبية فقد ذهب البعض إلى تعريفها بأنها “اعتداء على حق الخزانة العامة فيما فرضه القانون من ضرائب، اذ رصد القانون لهذا الاعتداء عقوبة جنائية“([9]).

فقد عرفها البعض بأنها “كل عمل أو امتناع يترتب عليه الاخلال بمصلحة ضريبية يقرر القانون على ارتكابه عقابا” ([10])، أو “اعتداء على مصلحة ضريبية قرر القانون لها جزاء”([11])

وتجدر الإشارة إلى أن المشرع العراقي لم يورد في قانون ضريبة الدخل تعريفاً للجريمة الضريبة وإكتفى بإيراد بعض الصور التي تعد تهرباً ووضع الجزاءات لها، إذ بينت هذه المواد مجموعة من التصرفات المخالفة للقانون ووضعت لها الجزاءات التي تتراوح ما بين الغرامة والحبس.

ومن خلال التعاريف يمكن تحديد العناصر الأساسية للجريمة الضريبية: –

  1. عدم إلتزام المكلف بدفع الضريبة رغم وجود القانون.
  2. إنخفاض حصيلة الإيرادات الضريبية بغض النظر إذا كان التهرب كلياً أو جزئياً.
  3. تعد خرقاً لأحد القواعد الضريبية وهي قاعدة العدالة مما يؤدي إلى عدم المساواة في توزيع الأعباء العامة بين المكلفين بدفع الضرائب لتغطية النفقات العامة للدولة.

المطلب الثاني

اركان الجريمة الضريبية

أولا: الركن المادي للجريمة الضريبية

يقصد بالركن المادي للجريمة “السلوك” الذي يباشره مرتكب الجريمة، حيث أنه يمكن أنّ يكون ايجابياً أو سلوكا سلبياً أي امتناع عن مباشرة عمل ما، والركن المادي هو الذي يظهر ماديات الجريمة إذ إنه لا جريمة في مجرد الاعتقاد الجرمي، أي أننا لا نستطيع أن نجزم بوجه جريمة إلا إذا كان هناك عمل مادي قام به المجرم أحدث اَثارا مادية على أرض الواقع، دون النظر إلى طبيعة تلك الاَثار والنتائج حيث تختلف من جريمة إلى أخرى لكن الذي يهم هو الاَثار المادي التي أحدثها المجرم على أرض الواقع نتيجة سلوكه الإجرامي.

لذا فإن الركن المادي لأي جريمة يتمثل ما بين السلوك الإجرامي وما بين النتيجة وما بين العلاقة السببية حيث سنبين ذلك بشيء من التفصيل.

1. السلوك الإجرامي

لا يستطيع أي باحث أن يتجاهل أن أهم ما يشكل الجريمة هو السلوك الإجرامي الذي قام به المجرم، ودون ذلك لا تستطيع أن نقول إن هناك جريمة لأنه يستحيل أن يقوم أي إنسان بجريمة دون أن يباشر سلوكا ما، والسلوك الاجرامي يقسم إلى سلوك إيجابي وسلوك سلبي.

– حيث يتمثل السلوك الإيجابي في حركة عضوية إرادية لتحقيق النتيجة التي يعاقب عليها القانون ([12]). ويتحقق السلوك الإيجابي في الجريمة الضريبية عندما يقدم الممول على ارتكاب فعل بالمخالفة لما ارتاه الشارع، وذلك بهدف تحقيق غرض الإجرامي.

– ام السلوك السلبي أو الامتناع هو إحجام شخص أو تقاعسه عن أداء التزام إيجابي محدد كان يقع عليه قانون عبء الوفاء به في ظروف معينة فيحدث مساسا بالمصلحة المحمية جنائيا، أو تعريضها للخطر بمجرد النصوص عن أداء ذلك الواجب ([13]).الامتناع مثلاً كالامتناع عن توفير البيانات للإدارة المالية ألزم القانون بتوافرها أو الامتناع عن تسليم صور الدفاتر التجارية وأيضاً الامتناع عن تقديم الاخطار بمزاولة نشاط معين أو الإقرار الضريبي إلى الادارة المالية ففي هذه الأحوال يتحقق السلوك السلبي للجريمة الضريبية في الامتناع عن تقديم بيانات أو معلومات إلى الادارة المالية قد ألزم القانون بتقديمها.

2.النتيجة الإجرامية

هو يتحقق الغرض الذي كان يسعى إلية، وهو يتمثل في التغيّير الذي حدث في العالم الخارج كأثر المجرم. والنتيجة في الجرائم الضريبية هي الاَثر المرتب على السلوك الإجرامي والذي ينال من المصلحة الضريبية للدولة، وقد اختلف الرأي في الفقه حول ما إذا كانت النتيجة الإجرامية تعد عنصرا من عناصر الركن المادي ام لا تعد كذلك، فيذهب رأي في الفقه إلى القول إن النتيجة بمعناها المادي، أي التغيير الذي يحدثه النشاط الإجرامي في العالم الخارجي وهي تعتبر عنصرا في الركن المادي للجريمة دون النتيجة بمعناها القانوني ([14]). في حين ذهب رأي اّخر إلى القول إن معظم الجرائم الضريبية ترتكب بعمل إيجابي مثل جريمة التهرب الضريبي باستعمال إحدى الطرق، حيث إنها ترتكب بتقديم الممول للإقرارات الضريبية المخالفة للحقيقية، أو بإتلاف الأوراق والمستندات أو بإخفائها قبل انقضاء الأجل المحدد لتقادم دين الضريبة ([15]). بينما ذهب فريق اَخر من الفقه إلى أن الأصل أن الجرائم الضريبية جرائم ضرر، فكل ممول ارتكب جريمة ضريبية قد حقق نتيجة إجرامية هي عدم أداء الضريبية، وبالتالي ضياع حق من حقوق الخزانة العامة للدولة في اقتضاء حقها من الضرائب، وأن النتيجة الإجرامية كعنصر في الركن المادي للجريمة الضريبية لا بد من تحققها في أغلب صور الجرائم الضريبية ([16]).

ومن جانبنا نؤيد هذا الاتجاه، حيث إن ما يقوم به المكلف (الممول) من فعل سلبي أو إيجابي تكون نتيجته في النهاية ضياع حق ضياع حق من حقوق الخزانة العامة، مما ينعكس عليه ضرر يلحق الخزانة العامة من سلوك المكلف (الممول) تجاه التهرب من أداء الضريبة سواء سلك سلوكا سلبيا أو سلك سلوكا إيجابيا.

3.العلاقة السببية

هو العلاقة ما بين السلوك الذي قام به الجاني والنتيجة التي تحققت من جراء ذلك السلوك، فعلاقة السببية ذات أهمية كبيرة إذ يتك بناء عليها تحديد سبب تحقق النتيجة. وبخصوص علاقة السببية في الجرائم الضريبية يجب أن يتم تقرير مسؤولية المكلف (الممول) عن الأضرار التي تصيب المصلحة الضريبية للدولة وذلك نتيجة لارتكابه جرائماً ضريبية حتى وإن كان هناك عوامل أخرى قد تدخل بجانب سلوكه مادام سلوكه أو فعله كافياً لإحداث النتيجة وفق المجرى العادي للأمور، مثال ذلك التهرب العمدي الكلي أو الجزئي من الضريبة([17]).

وتختلف هنا وجود العلاقة السببية بين الجريمة الضريبية الإيجابية والسلبية، ففي الحالة الأولى الجريمة الضريبية (الإيجابية) كجريمة التهرب الضريبي فإذا ارتكبت بسلوك إيجابي كتقديم اقراراً ضريبياً بالإستناد إلى دفاتر أو سجلات مصطنعة أو الاتلاف العمدي للدفاتر والسجلات التي تؤيد المقدار الحقيقي للدخل الخاضع للضريبة، هادفاً بذلك التهرب الضريبي فيجب هنا البحث عن العلاقة السببية بين الفعل والنتيجة أي السلوك الإجرامي الصادر من المكلف (الممول) وبين النتيجة الاجرامية المتحققة ألا وهي التهرب أو التملص من الضريبة (الكلي أو الجزئي).

اما الحالة الثانية الجريمة الضريبية السلبية فالأمر هنا مختلف في العلاقة السببية وذلك لأن هذه الجرائم ما هي إلا جرائم سلوك بحتة كجريمة الامتناع عن تقديم الإخطار بسبب مزاولة نشاط تجاري معين ففي هذه الجريمة تتحقق أركانها بمجرد ارتكاب السلوك الإجرامي الا وهو الامتناع دون حاجة إلى الانتظار لحين تحقق نتيجة معينة، وهنا لا مجال للبحث عن العلاقة السببية لتخلف أحد العناصر اللازمة لها ألا وهي النتيجة علماً بأن العلاقة السببية هي عنصر لازم في كل سلوك اجرامي الا انها في بعض الحالات قد تكون عنصراً مفترضاً من اجل تحقق الضرر المباشر الذي يعاقب عليه القانون في هذا السلوك بالفعل المادي فلا تذكر بوصفها عنصراً مستقلاً فيه([18]).

ثانياً: الركن المعنوي للجريمة الضريبية

يمكن تعريف الركن المعنوي بأنه ” تلك العلاقة التي تربط شخصية مرتكب الجريمة بماديات الجريمة ([19]).

للركن المعنوي صورتان، الأولى القصد الجرمي، وتكون الجريمة مقصودة والثانية الخطأ حيث تكون الجريمة غير مقصودة، والقصد الجرمي يتطلب عنصران هما: العلم أي معرفة أن الفعل يشكل جرماً، وعنصر الإرادة ([20])، وتعتبر الإرادة جوهر الإذناب في الركن المعنوي للجريمة، وكذلك فإن الإرادة تعتبر جوهرة القصد الجنائي.

ومن المعرف أن هذه الجريمة تعد من الجرائم العمدية، فيتعين توافر القصد الجنائي العام لقيامها، وتبدو صعوبة البحث في مدى إشتراط توافر القصد الجنائي الخاص.

1.القصد العام

هو توجيه لإرادته نحو ارتكاب الجريمة، وهو يعلم بكل عناصرها القانونية كما في جميع الجرائم العمدية الأخرى، حيث يفترض في الجاني علمه بارتكاب الأهمال التدليس، أو الاحتيالة، أو الغش الضريبي، النتيجة هي التملص أو التخلص أو محاولة من كل الضريبة أو جزء منها.

2.القصد الخاص

إذا كان القصد العام يتطلب توجيه لإرادته نحو ارتكاب الجريمة، علما بكل أركانها المنصوص عنها في القانون، فإن القصد الخاص يختلف من جاني لاَخر، فقد تتجه إرادة أحدهما إلى التخلص من كل الوعاء الضريبي بواسطة طرق إحتيالية في حيث تتجه أرادة الثانية إلى التخلص من بعض الوعاء الضريبي فقط، إلا أن الغاية واحدة، هي حرمان الادارة الضريبية (الهيئة العامة للضريبية) من الحصول على حقها من الضريبة، وبالتالي فإن الباعث هو عنصر تقدير العقوبة تشديدا أو تخفيفا حسب ما يقدره القانون إستخلاصا من ظروف الدعوى، وخاصة في شقها العمومي فقط دون الشق الجبائي([21]).

وفي الأخير يمكن أن نستخلص أن المكلف بالضريبة، الذي يستعمل طرق احتيالية أو تدليسية أو غش ضريبي بالرغم من علمه بأنها غير مشروعة، لأن الدافع من ذلك هو التملص أو التخلص من الضريبة المفروضة عليه كلها أو بعضها، فتكون أما جريمة ضريبية التامة، نظرا لتوفر أركانها سواء المادي والمعنوي.

ويسلط على الجاني أي المتهرب من دفع الضريبة، العقوبات سواء غرامات مالية أو عقوبات الجزائية المنصوص عليها في مختلف القوانين الضريبية أو قانون العقوبات.

المبحث الثاني

الطبيعة القانونية للجريمة الضريبية

كانت ولا تزال الجريمة الضريبية محل اختلاف فقهي وقضائي حول جوانب عدّة كتحديد مدلولها أو طبيعتها القانونية، حيث انقسمت الآراء إلى عدة اتجاهات متباينة فمنهم من يعتبر الجريمة الضريبية ذات طبيعة إدارية، كما اتجه رأي اَخر إلى اعتبارها جريمة جنائية محضة شأنها شأن كافة جرائم القانون العام، ومنهم من يعتب ذات طبيعة خاصة كونها تخضع لقواعد جنائية تمتاز بالخصوصية، فالجريمة الضريبية لم يكن وضعها ثابت بين الجرائم في قوانين العقوبات. ومن خلال ذلك سوف نقسم هذا المبحث إلى مطلبين حتى نتطرق إلى الطبيعة القانونية للجريمة الضريبية، فالمطلب الأول نتطرق إلى الطبيعة الإدارية، اما المطلب الثاني نتطرق إلى الطبيعة الجنائية الضريبية.

المطلب الأول

الطبيعة الإدارية للجريمة الضريبية

ذهب فريق إلى إعطاء الجرائم الضريبية الطبيعة الإدارية استناداً إلى الحجج الاتية:

اولاً: يهدف قانون العقوبات إلى حماية الجماعة من الاعتداء على الجسم أو الشرف أو العرض، فيُعتبر بذلك الجزاء العقابي ردّ فعل عادلاً للمجتمع ضدّ من خالف هذه الأسس الاجتماعية. ويتحقّق ذلك عبر ردع المجرم وزجر الغير، وهو ما لا يكون الاَ بواسطة العقوبات المالية كالغرامات.

إنّ القانون الضريبي هو ينظّم طريقة تحصيل الضريبة، أي أنه ينشئ علاقة بين إدارة الضرائب والمكلّفين، وتعتبر كل مخالفة له في الواقع هي مخالف القرارات الإدارة الضريبية ذات الطبيعة الإدارية. وهذا ما يوجب أن يكون العقاب على تلك الأوامر في يد السلطة الإدارية المعنّية([22]).

ثانياً: يعتبر الغش الضريبي اعتداء على الأموال العامّة لأن الضرائب التي تجمعها الدولة تدخل في ذمتها المالية باعتبارها شخصاً، وجبايتها تتوقف على سلطتها السياسة دون غيرها، بينما تعتبر جرائم الأموال (إلى السرقة وإساءة الائتمان) هي اعتداء على الشخص الخاص (الطبيعي أو المعنوي) أو على إيرادات الدولة بصفتها شخصاً خاصاً (كما في الحالات التي تمتلك فيه مشروعات صناعية) ([23]).

ثالثاً: ينظم القانون الضريبي العلاقة بين الدولة والأشخاص التي تقوم عنصر القهر لذلك تختلف قيمتها القانونية على تلك التي تنظم العلاقات ومبدأ احترام السلامة البدنية، فقواعد القانون الجنائي مثلاً تجرّم اعتداء الشخص على أموال الاَخرين أو على حياتهم.

ومن هنا لا لتشبيه الجريمة الضريبية بالجرائم الجزائية، فالجريمة الضريبية تتعلق بالقانون الإدارية وليس بقانون العقوبات.

لذا اعتبر هذه الرأي أنّ الجرائم الضريبية والجرائم الإدارية ومخالفات لبوليس تعتبر جميعها من قانون العقوبات الخاص، حيث يُسمّى قانون العقوبات الإدارية ويخضع لمبادئ العامّة لقانون العقوبات مثالها:

  1. تغلّب الركن المادي للجريمة على ركنها المعنوي.
  2. المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي (الهيئة المعنوية).
  3. المسؤولية عن فعل الغير.
  4. التضامن بين مرتكبي الجريمة.

الاّ أنه يؤخذ على هذا الرأي الاَتي:

  1. إنّ القول بإن الجريمة ذات طبيعة إدراية يتكوّن منها ومع غيرها قانون العقوبات الإدراية فإنه مردود لأنه اعتمدت هذه الفكرة على حجج تاريخية، ففي القانون الروماني كان العقاب على مخالفات البوليس يطيّق بواسطة الموظفين القائمين بوظيفة البوليس، فكانت عقوبات مخالفات البوليس تصدر سلطة إدارية. فهذه الحجة التاريخية، تبدو ضعيفة لأن الأنظمة لأن الأنظمة القانونية تتغّير مع مرور الزمن، فإدماج المخالفات الإدارية (الجرائم الإدارية في قانون العقوبات إعُتبر تغييراً جوهرياً موضوعياً، كالتدابير الوقائية التي تحدد جزاءً معيناً نتيجة مخالفة قاعدة قانونية، تسمّى بالتدابير الإحترازية في قانون العقوبات الموّحد.
  2. أنّ اعتبار الجريمة الضريبية مخالفة القرار إدارة الضرائب هو قول خاطئ، لأنّ مصدر التزام هو القانون الضريبي، فإن هذه القاعدة تندمج مع القاعدة القانونية التي تضمّنت جزاء مخالفها، وبالتالي فإنّ قرار الأدارة الضريبية، يندمج في القاعدة القانونية التي تنصّ على الجزاء، فتكون مخالفة القرار هي مخالفة لقانون الضريبة.

ووفقاَ لهذا الراي يمكن تقسيم العقوبات الضريبي إلى قسمين:

  1. قانون العقوبات العام ويشمل الجنايات والجنح الضريبية.
  2. يتبع قانون العقوبات الإدارية ويشمل المخالفات الضريبية، وهذا القول هو مردود لأنه يؤدي إلى القضاء على وحدة قانون العقوبات الضريبي التي تجمع نصوصاً لغاية واحدة وهي حماية المصلحة الضريبية.

المطلب الثاني

الطبيعة الجنائية للجريمة الضريبية

ذهب جانب أخر من الفقه إلى عدّ الجريمة الضريبية جريمة جنائية “عادية”. وعليه فإن قانون العقوبات العام هو الذي ينطبق عليها، وقد استند أصحاب هذا الرأي إلى الحجج الاَتية:

اولاً: إن الهدف الذي توخاه المشرع من تجريمه لمخالفة المكلف الالتزاماته الضريبية، هو نفس الغرض الذي توخاه المشرع العادي من تجريمه السلوك المجرم في قانون العقوبات، وهو حماية المصلحة العامة، وما دام قانون العقوبات يسعى إلى الهدف نفسه، الذي يسعى إليه قانون الضريبة فليس هناك ما يحول دون تشبيه الأول بالثاني([24])، وفي محاولة من أنصار هذه الرأي إلى تفحص أركان لجريمة العامة، وبيان انطباقها على الجريمة الضريبية واتساقها معها، يذهب المؤيدون لهذه الاتجاه إلى أنّ للجريمة الضريبية أركاناً هي ذات الأركان العامة التي تقوم عليها الجريمة العادية، ولا يوجد بينمها فرق يذكر، ففيما يخص الركن الشرعي في قانون العقوبات، فهو القاعدة التي تقتضي بانطباق السلوك على نص أو قاعدة قانونية تجريمه، ولا يقتصر توافر هذه الركن على الجريمة العادية بل إن الجريمة الضريبية تستلزم توافرها أيضا، ويستطرد المؤيدون لهذا الاتجاه بالتدليل على صحته بتفحص أركان الجريمة الأخرى لمعرفة مدى اتساقها مع الجريمة الضريبية، فيقررون أنّ الركن المادي عبارة عن نشاط يباشره الجاني ايجابياً كان أم سلبياً لتحقيق نتيجة يبتغها من وراء ذلك النشاط، وفي الجريمة الضريبية يقوم ذلك الركن على العناصر ذاتها التي يقوم عليها الجرائم الأخرى، وكما يمكن أنّ يقع تاماً يمكن أن يقف عند حد الشروع، ويمكن أنّ يرتكبها شخص بمفردة أو يساهم معه اَخرون بإحدى طرق المساهمة المشار إليها في قانون العقوبات([25]).

ويقتضي الركن المعنوي (ركن المسؤولية) وجود شخص يصلح أن يسند إلية ارتكاب الجريمة ويتوفر لديه إرادة اَثمة بصور العمد “القصد الجنائي”، أو الإهمال (الخطأ غير العمدي)، وهذا أيضاً متوافر في الجريمة الضريبية حينما يتعمد المكلف التأخر في تقديم الإقرار أو التزوير أو الاحتيال للامتناع عن دفع الضريبية ([26])

ثانياً: تتضمن الجريمة الضريبية اعتداءً على حق مالي للدولة فهي تشبه من هذه الواجهة جرائم الأموال كالسرقة والخيانة والاختلاس، الأمر الذي لا تستقيم معه معاملة الجريمة الضريبي بطريقة أخفف من معاملة الجريمة العادية، فقد يستخدم المكلف أساليب الغش والاحتيال للتخلص من الضريبة لا يهدف إلى المساس بالإدارة العامة للدولة بقدر ما يحول أن يتجنب المساس بثروته وايراداته شأنه في ذلك شأن مرتكب إحدى جرائم الأموال، الأمر الذي يقتضي مساواته بالمجرم العادي من حيث العقاب ([27]).

ولم يسلم هذه الاتجاه من الانتقاد، إذ ذهب جانب من الفقه إلى انتقاد الفكر التي تذهب إلى أنَ الجريمة الضريبية يجب إخضاعها للأحكام العامة في قانون العقوبات، فكما هو المعلوم أنّ القانون الضريبي شرع لتحقيق أهداف معينه، وأسمى تلك الأهداف ما يفرضه على الافراد من مساهمة في الإيرادات العامة والقيان بالواجبات التي من شأنها تحقيق ذلك الهدف، وهدف هذا يفترض ما ينشئه القانون الضريبي من علاقة ضريبية بين الدولة والأفراد، وتحقيقه يحتاج إلى أنّ يتمتع القانون الضريبي ببعض الاستقلال في الشق المنظم للتجريم الضريبي، وما يؤكد هذا الاستقلال هو انفراد العقوبات الضريبية بأحكام خاصة تجمع بين العقوبة الجنائية والتعويض المدني، وهذه الطبيعة المزدوجة للعقوبة اقتضتها ذاتية وخصوصية التشريع الضريبي، لذلك أنتهى هذه الراي إلى أنَ الجريمة الضريبية يجب أن تنفرد بأحكام خاصة تختلف عن تلك التي تخضع لها الجريمة العادية([28]).

أم بصدد الحجة الثانية اليت ساقها أنصار هذه الاتجاه، فيخلص في أنً العنصر المادي في جرائم الاعتداء على الأموال في قانون العقوبات يختلف عنه في الجريمة الضريبية، ففي الأولى يبرز الاعتداء على الملكية الفردية، أما في الثانية فهو اعتداء على حق خزانة العامة والتأثير على حصيلتها من الأموال ([29]).

الخلاصة يمكن القول إنّ الجريمة الضريبية لا تُعتبر جريمة جنائية عادية كالسرقة والاختلاس، كما أنّها لا تُعتبر جريمة إدارية في المخالفات الإدارية التي تقع من قبل موظّفي الإدارة، لذا فإن الجريمة الضريبية تمتاز بأنها جريمة جنائية ذات طبيعة خاصة”([30]).

لذلك لا يمكن اعتبار الجريمة الضريبية مخالفات ادراية أو جرائم جنائية بحتة، ولأنّ لها ذاتية خاصّة تجعلها متميزة في أحكامها عن بقاي الجرائم في قانون العقوبات والخاص ويؤكد ذلك الأمور التالية:

  1. ما يسمّى بالعقوبات الضريبية، هي العقوبات التي تفُرض كجزاء للجرائم الضريبية، والتي تتميز بوجودها ضمن قواعد قانون الضريبة.
  2. تتميز الجرائم الضريبية بالمصلحة التي تحميها، فهي تهدف إلى تعميم فرض الضريبة على الكافة فيساهم كل فرد بقدر الإمكان في تغذية موارد الدولة بغية تغطية النفقات العامة، ويترتب على ذلك مجموعة من الاثار يمكن اجمالها بالآتي:
  • المصدر الرئيسي للجريمة الضريبية هو قانون الضريبة الخاص بتلك الجريمة، وفيما لم يرد فيه نص يرجع إلى القواعد قانون العقوبات.
  • تتميز الجريمة الضريبية بالطبيعة الخاصًة للجزاءات والأحكام الخاصّة التي يحدّدها المشرّع لما لها من أهمية خاصّة تتميز بها.
  • يحكم القاضي من تلقاء نفسه بالجزاءات الضريبية دون طلب أية جهة.

الخاتمة

توصل الباحث إلى مجموعة من الاستنتاجات والتوصيات التي تخدم الباحثين والدارسين بموضوع الطبيعة الإدارية والجنائية للجريمة الضريبية واستنتاجات وتوصيات تخدم موضوع البحث.

أولا الاستنتاجات:

  1. وجود اختلافات فقهية وتشريعية في تعريف الجريمة الضريبية ووجود خلط بين ارتكابها وبين مظاهرة اخرى كالتجنب الضريبي، الذي ينصرف الى مجموعة من الانشطة الهادفة الى التحايل على روح القانون دون نصه، وبهذا يعد تصرفا احتياليا خافيا سوء نية وان لم يخالف نصوص القانون صراحة.
  2. ان مواجهة الجريمة الضريبية توجب الاطلاع الكامل على الدوافع التي تدعو المكلف الى مثل هذه الظاهرة والتي قمنا بإجمالها في الوضعية الاقتصادية المزرية وعدم استقرار القوانين وكذلك العقلية المشوشة التي تنظر الى الضريبة بمنظار غير مستقر ما ادى الى فتح الطرق المختلفة للمكلف للتخلص من تسديد دين الضريبة.
  3. تقع الجريمة الضريبية بركنين إثنين، أسوة بالجرائم الأخرى، وهما الركن المادي والركن المعنوي، حيث يقع الأول بنشاط مادي مخالف للالتزام الضريبي، بالنتيجة يتم إلحاق ضرر في الخزانة العامة عن طريق تقليص إيراداتها وفقدانها، أما بصدد الركن المعنوي للجريمة الضريبية توصلنا إن هذه الجريمة تستوجب ثبوت الخطأ الشخصي في حق الجاني وفقاً للقواعد العامة، ويثبت الخطأ بقرينة بسيطة قابلة لإثبات العمس حيث تبين لأنا جريمة التزوير والاحتيال الضريبي تقوم بالقصد الجاني العام، فهي تعّد من الجرائم العمدية والتي يتمثل الركن المعنوي فيها بصورة القصد الجنائي.
  4. من الدراسة توصلنا إلى أن الجريمة الضريبية طبيعة جنائية خاصة، حيث إنها لا تحكمها القواعد العامة بشكل كامل.

ثانيا: المقترحات

  1. على المختصين بالسياسة المالية في العراق، ضرورة التنويع في مصادر تمويل الموازنة العامة للدولة، والتمييز بين الإيرادات المختلفة، والاعتماد على المصادر التي لا تتأثر بالمتغيرات الخارجية مثل الضرائب، وتوجيه النفقات العامة بالشكل الذي يمكن السياسة المالية من تحقيق اهدافها.
  2. ضرورة قيام المشرع الضريبي بالعمل على توضيح حقوق والتزامات كل من المكلفين والإدارة الضريبية، لما لذلك من أهمية في خلق جو من الثقة والتعاون المتبادل بين الطرفين، ولما له من إثر في الحد الجريمة الضريبية. وضرورة العمل على تنمية الوعي الضريبي لدى المكلفين والعمل على إزالة الحاجز النفسي بين المكلفين والإدارة الضريبية من خلال الندوات والنشرات والإعلام وإصدار مجلة سنوية بهذا الخصوص وتزويد المكلفين بكافة المعلومات والتغيرات والتعديلات إلى تجري على القوانين الضريبية مع بيان أن الالتزام الضريبي (واجباً وطنياً وأخلاقياً، وتكليفاً شرعياً واختيارا حراً) اتجاه الضريبة.
  3. اعتبار الجريمة الضريبية جريمة مادية بحته والاكتفاء بحدوث الركن المادي للعقاب.
  4. للجريمة الضريبية احكاماً خاصة تختلف عن تلك التي تخضع لها الجريمة العادية وان في الاحوال التي سكت فيها القانون عن التنظيم الخاص للجريمة الضريبية يتعين الرجوع الى الاحكام العامة في قانون العقوبات اذ لا يمكن الاستغناء التام عن الاحكام العامة في قانون العقوبات فيتعين الرجوع اليها كلما خلت الاحكام العامة للجريمة الضريبية في تنظيم خاص لمسألة معينة.

قائمة المصادر

اولاً: الكتب

  1. ابراهيم حامد طنطاوي، الحماية الجنائية لإيرادات الدولة من الضرائب على الدخل، دار النهضة العربية، مصر، 2006.
  2. ابراهيم عبد نايل، قانون العقوبات، (القسم العام)، دار النهضة العربية، القاهرة، 2021.
  3. أحمد أبو المكارم، صورة الخطأ في قانون العقوبات المصري، (دراسة تحليله)، دار محمود للنشر والتوزيع، 1996.
  4. أحمد السيد أحمد، الجوانب الموضوعية والإجرائية للجرائم الضريبية، دار النهضة العربية، الطبعة الأولى، 2013.
  5. أحمد عوض بلال، مبادئ العقوبات المصري، (القسم العام) دار النهضة العربية، بدون سنة طباعة.
  6. احمد فتحي سرور، الجرائم الضريبية، دارة النهضة العربية، القاهرة، 1999.
  7. أحمد فتحي سرور، الوسيط في قانون العقوبات، (القسم العام)، دار النهضة العربية، 1989.
  8. أحمد فتي سرور، الجرائم الضريبية، دارة النهضة العربية، القاهرة، 1999.
  9. أمال عثمان، قانون عقوبات، (القسم الخاص في جرائم التموين)، دار النهضة العربية، القاهرة، 1968.
  10. جهاد سعيد الخصاونة، المالية العامة والتشريع الضريبي، دار وائل للنشر والاعلان، الطبعة الأولى، عمان، 2010.
  11. رؤوف صادق عبيد، السببية الجنائية بين الفقه والقضاء، ط4، القاهرة مصر، دار الفكر العربي، 1984.
  12. السعيد كامل، شرح الاحكام العامة في قانون العقوبات، دار الثقافة، الطبعة الأولى، عمان، 2002.
  13. سمير عالية، شرح قانون العقوبات العام، (القسم العام)، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر، بيروت، 2002.
  14. صادق المرصفاوي، التجريم في التشريعات الضرائب، دار المعارف، الاسكندرية، 1962.
  15. طالب نور شرع، الجريمة الضريبية، دائر وائل للنشر، الطبعة الأولى، عمان، 2008.
  16. عبد السلام عبد الغفار، مقدمة في علم النفس العام، مطبعة دار التأليف، الطبعة الثالثة، 1971.
  17. عبد العال صكبان، مقدمة علم المالية العامة والمالية العامة في العراق، الجزء الأول، مطبعة العاني، بغداد، 1994.
  18. عبد المولى محمد مرسي، الوسيط في النظام الضريبي، ط1، شركة ناس للطباعة، القاهرة، 2015.
  19. محمد حامد عطا، التهرب الضريبي وقضاء النقض، دار الطباعة الحر، الإسكندرية، 2009.
  20. محمود نجيب حسني، شرح قانون العقوبات، (القسم العام)، النظرية العامة للجريمة والنظرية العامة للعقوبة والتدابير الاحترازية، دار النهضة العربية، القاهرة،1982.
  21. معجم الوسيط، مجمع اللغة العربية، دار النشر مكتبة الشروق الدولية، الطبعة الرابعة، مصر، 2004.
  22. ياسر حسين بنهس، الجرائم الضريبية، دار النهضة العربية، 1998.

ثانياً: الرسائل والاطاريح

  1. قائد حامد زيدان، الحماية القانونية للحياة الخاصة في مجال الضرائب، دراسة مقارنة بين لبنان والعراق، رسائل ماجستير مقدمة إلى جامعة الإسلامية، كلية الحقوق، لبنان، 2017-2018.
  2. رشا عبد المجيد سعيد، ظاهرة التهرب الضريبي في ضريبة الدخل، رسالة دبلوم عالي إلى جامعة بغداد، كلية الادارة والاقتصاد، العراق، 2004.
  3. مجدي محمد الخولي، جريمة التهرب الضريبي، أطروحة دكتوراه مقدمة إلى كلية الحقوق، جامعة عين شمس، مصر، 1995.
  4. عبد القادر حسيني ابراهيم، عبد القادر حسيني ابراهيم محفوظ، المسؤولية الجنائية الناشئة عن الاصابة بالفيروسات، اطروحة دكتوراه مقدمة إلى كلية الحقوق، جامعة عين شمس، مصر، 2007.
  5. عبد الكاظم حسن الكناني، التناسب بين التجريم والعقاب في قانون ضريبة الدخل، (دراسة مقارنة)، رسالة ماجستير مقدمة إلى جامعة البصرة، كلية القانون، العراق، 2014.
  6. محمد حسين قاسم حسين، الجريمة الضريبية والقضاء المختص، رسالة ماجستير مقدمة إلى جامعة النجاح الوطنية، كلية الدراسات العليا، فلسطين، 2004.

ثالثاً: المجلات

  1. إيمان حسين داوود الشرع، سالم عواد الزبعي، أثر الإصلاح الضريبي في زيادة إيرادات الموازنة العامة الاتحادية، مجلة دراسات محاسبة ومالية، بغداد، العراق، المجلد التاسع، العدد (27)، 2014.
  1. () عبد العال صكبان، مقدمة علم المالية العامة والمالية العامة في العراق، الجزء الأول، مطبعة العاني، بغداد، 1994: ص20.
  2. () قائد حامد زيدان، الحماية القانونية للحياة الخاصة في مجال الضرائب، دراسة مقارنة بين لبنان والعراق، رسائل ماجستير مقدمة إلى جامعة الإسلامية، كلية الحقوق، لبنان، 2017-2018، ص8.
  3. ()إيمان حسين داوود الشرع، سالم عواد الزبعي، أثر الإصلاح الضريبي في زيادة إيرادات الموازنة العامة الاتحادية، مجلة دراسات محاسبة ومالية، بغداد، العراق، المجلد التاسع، العدد (27)، 2014، ص6.
  4. () معجم الوسيط، مجمع اللغة العربية، دار النشر مكتبة الشروق الدولية، الطبعة الرابعة، مصر، 2004، ص118.
  5. () ابراهيم عبد نايل، قانون العقوبات، (القسم العام)، دار النهضة العربية، القاهرة، 2021، ص 17.
  6. () سمير عالية، شرح قانون العقوبات العام، (القسم العام)، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر، بيروت، 2002، ص180.
  7. () السعيد كامل، شرح الاحكام العامة في قانون العقوبات، دار الثقافة، الطبعة الأولى، عمان، 2002، ص32.
  8. () محمود نجيب حسني، شرح قانون العقوبات، (القسم العام)، النظرية العامة للجريمة والنظرية العامة للعقوبة والتدابير الاحترازية، دار النهضة العربية، القاهرة،1982، ص807.
  9. () احمد فتحي سرور، الجرائم الضريبية، دارة النهضة العربية، القاهرة، 1999، ص 36.
  10. )) جهاد سعيد الخصاونة، المالية العامة والتشريع الضريبي، دار وائل للنشر والاعلان، الطبعة الأولى، عمان، 2010، ص224.
  11. )) رشا عبد المجيد سعيد، ظاهرة التهرب الضريبي في ضريبة الدخل، رسالة دبلوم عالي مقدمة إلى جامعة بغداد، كلية الادارة والاقتصاد، العراق، 2004. ص12.
  12. () عبد السلام عبد الغفار، مقدمة في علم النفس العام، مطبعة دار التأليف، الطبعة الثالثة، 1971، ص5.
  13. () أحمد عوض بلال، مبادئ العقوبات المصري، (القسم العام) دار النهضة العربية، بدون سنة طباعة، ص263.
  14. () ياسر حسين بنهس، الجرائم الضريبية، دار النهضة العربية، 1998، ص101.
  15. () مجدي محمد الخولي، جريمة التهرب الضريبي، أطروحة دكتوراه مقدمة إلى كلية الحقوق، جامعة عين شمس، مصر، 1995، ص83.
  16. () أحمد السيد أحمد، الجوانب الموضوعية والإجرائية للجرائم الضريبية، دار النهضة العربية، الطبعة الأولى، 2013، ص305.
  17. () ابراهيم حامد طنطاوي، الحماية الجنائية لإيرادات الدولة من الضرائب على الدخل، دار النهضة العربية، مصر، 2006، ص 82.
  18. () رؤوف صادق عبيد، السببية الجنائية بين الفقه والقضاء، ط4، القاهرة مصر، دار الفكر العربي، 1984: ص 15.
  19. () أحمد أبو المكارم، صورة الخطأ في قانون العقوبات المصري، (دراسة تحليله)، دار محمود للنشر والتوزيع، 1996، ص67.
  20. () عبد القادر حسيني ابراهيم، عبد القادر حسيني ابراهيم محفوظ، المسؤولية الجنائية الناشئة عن الاصابة بالفيروسات، اطروحة دكتوراه مقدمة إلى كلية الحقوق، جامعة عين شمس، مصر، 2007، ص384.
  21. () أحمد فتحي سرور، الوسيط في قانون العقوبات، (القسم العام)، دار النهضة العربية، 1989، ص355.
  22. )) عبد المولى محمد مرسي، الوسيط في النظام الضريبي، ط1، شركة ناس للطباعة، القاهرة، 2015، ص35؛ أمال عثمان، قانون عقوبات، (القسم الخاص في جرائم التموين)، دار النهضة العربية، القاهرة، 1968، ص36.
  23. )) عبد المولى محمد مرسي، الوسيط في النظام الضريبي المصري، مرجع سابق، ص35.
  24. () أحمد فتي سرور، الجرائم الضريبية، دارة النهضة العربية، القاهرة، 1999، ص41.
  25. () صادق المرصفاوي، التجريم في التشريعات الضرائب، دار المعارف، الاسكندرية، 1962، ص50.
  26. () محمد حامد عطا، التهرب الضريبي وقضاء النقض، دار الطباعة الحر، الإسكندرية، 2009، ص105.
  27. () طالب نور شرع، الجريمة الضريبية، دائر وائل للنشر، الطبعة الأولى، عمان، 2008، ص44.
  28. () عبد الكاظم حسن الكناني، التناسب بين التجريم والعقاب في قانون ضريبة الدخل، (دراسة مقارنة)، رسالة ماجستير مقدمة إلى جامعة البصرة، كلية القانون، العراق، 2014، ص30.
  29. () محمد حسين قاسم حسين، الجريمة الضريبية والقضاء المختص، رسالة ماجستير مقدمة إلى جامعة النجاح الوطنية، كلية الدراسات العليا، فلسطين، 2004، ص67.
  30. () طالب نور شرع، الجريمة الضريبية، مرجع سابق، ص55.