علاقة جائحة كورونا بالإرهاب الدولي، التداعيات والأسباب

الدكتور بلال ياسين الكساسبة1

1 الأردن

HNSJ، 2022، 3(1); https://doi.org/10.53796/hnsj3118

Download

تاريخ النشر: 01/01/2022م تاريخ القبول: 21/12/2021م

المستخلص

هدفت الدراسة الى التعرف على علاقة جائحة كورونا بالإرهاب الدولي، التداعيات والأسباب، وبينت الدراسة ان ثمة هناك علاقة بين جائحة كورونا والإرهاب، حيث ان كلاهما عدو للإنسانية، حيث أدت جائحة كورونا الى إحداث كارثة موت جماعي للبشرية حيث أصيب أكثر من ثلاث ملبون شخص، بل خلفت الجائحة مآسي إنسانية حيث أوقفت النشاط الاقتصادي العالمي وبات العالم أسير البيوت والمنازل في إطار تطبق الحجر الصحي الذي يستند على نظام التباعد الاجتماعي والعزل وعدم الاختلاط، بالمقابل فقد أدى هذا الوباء إلى وقف العمليات الإرهابية في العالم لأسباب ترتبط بخطورة وباء كورونا وسرعة انتشاره وسرعة انتقاله بين الدول والأقاليم.

وفد استخدمت الدراسة المنهج الوصفي التحليلي: لتحليل البيانات المتعلِّقة بمتغيرات الدراسة والتي من تبرز علاقة جائحة كورنا بالإرهاب، التداعيات والأسباب.منهج الدور وقد تم استخدام منهج الدور للتعرف على قدرة الدول في أداء دورها في مواجهة إشكالية جائحة كورنا

وقد أثبتت الدراسة من خلال نتائجها بان هناك علاقة بين الإرهاب وجائحة كورنا، فقد تكون الجائحة من صنع الإنسان في الإطار الجريمة البيولوجية باستخدام فيروس كورنا ونشره للقضاء على البشرية وهي نفس الإعمال التي تنفذه المنظمات الإرهابية وأوصت الدراسة بضرورة التزام الدول بتعليمات منظمة الصحة العالمية في ترسيخ التباعد الاجتماعي للتقليل من انتشار الوباء.

الكلمات المفتاحية: فيروس كورونا ، الجائحة ’الإرهاب.

Research title

The relationship of the Corona pandemic to international terrorism، its repercussions and causes

Dr. Bilal Yasin Alkasaspeh1

1 Jordan.

HNSJ، 2022، 3(1); https://doi.org/10.53796/hnsj3118

Published at 01/01/2022 Accepted at 21/12/2021

Abstract

The study aimed to identify the relationship of the Corona pandemic with international terrorism، its repercussions and causes. The pandemic has left human tragedies، as global economic activity has been halted، and the world has become a prisoner of homes and homes within the framework of applying quarantine، which is based on the system of social distancing، isolation، and lack of mixing. countries and territories

The study used the descriptive analytical approach: to analyze the data related to the study variables، which highlight the relationship of the Corona pandemic with terrorism، the repercussions and causes.

The study has proven through its results that there is a relationship between terrorism and the Corona pandemic، the pandemic may be man-made within the framework of biological crime by using the Corona virus and spreading it to eliminate humanity، which is the same action carried out by terrorist organizations. Social to reduce the spread of the epidemic

Key Words: Corona virus، pandemic ‘terrorism’

المقدمة

لا شك ان جائحة كورونا اكبر أزمة عالمية أوقفت النشاط الاقتصادي العالمي وبات العالم اسير البيوت والمنازل في اول جائحة تطبق الحجر الصحي الذي يستند على نظام التباعد الاجتماعي والعزل وعدم الاختلاط، بالإضافة الى اتخاذ الإجراءات الاحترازية التي طبقتها الأنظمة والقوانين من خلال السلطات والحكومات المحلية والتي أجمعت جميعها على تعطيل المدارس والجامعات والقطاعات العامة والخاصة، بحيث أصبحت المدن خالية من ملامح الحياة في اغلب انحاء العالم.

ان ثمة هناك علاقة بين جائحة كورونا والإرهاب، حيث ان كلاهما عدو للإنسانية، حيث فقدت البشرية مئات الإلف من الناس، وأصيب أكثر من ثلاث ملبون شخص، فما خلفته جائحة الكورونا من مآسي إنسانية لم يحققه الإرهاب منذ صنيعة الحديثة التي تتوافق مع احداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 والتي راح ضحيتها بضعوا الاف شخص أبرياء في تفجيرات لابراج وناطحات سحاب اتهمت طالبان بقيادة ابن لادن زعيم القاعدة المنفذ لتلك العملية.

لقد ساهمت العولمة وثورة المعرفة والتكنولوجيا في سرعة انتشار جائحة كورنا وظاهرة الإرهاب معا، فكلاهما وجهان لعملة واحدة، ولا يستبعد ان تكون جائحة كورونا مستفعلة من قبل الإنسان ضمن إطار ما تسمى بالحرب البيولوجية، لذلك اذا كانت من صنيعة الإنسان فهي جزء من الإرهاب الدولي، فلا تهم صور او أشكال الممارسات فالنتيجة حتما ستكون واحدة لكلا الجانبين هي القتل والموت.

لقد شكل الانفتاح العالمي وسهولة وسرعة الانتقال والتنقل المساهمة بشكل كبير في انتقال وتفشي فيروس كورونا، فبدأ الفيروس في مدينة اوهان الصينية في شخص واحدة لينتشر كانتشار النار في الهشيم دون سابق انذار، ودون ان يأخذ لها اعتبارات حول مدى انتشاره وتفشيه، بل ان منظمة الصحة العالمية لم تعلن ان الفيروس وصل الى مرحلة الجائحة أي وباء عالمي لينتقل بسهولة الى العالم ويصاب أكثر من ثلاث ملايين وما يقارب المليون قتيل.

لقد شكل الوباء العالمي المتمثل بجائحة كورونا من اكبر الأزمات الاقتصادية التي يعيشها العالم بعد الحرب العالمية الثانية عام 1945، وقد عطل الفيروس شريان الحياة الاقتصادي، فقد شكل إعاقة للتبادل التجاري حيث توقفت عجلة الإنتاج والنقل والإمداد، بالإضافة الى الانهيار التاريخي في أسعار النفط، والانخفاض في قطاع الصناعة، وارتفاع حالات الإفلاس بين الشركات نتيجة إغلاق كثير من المصانع، وعلى المستوى السياحي فقد توقفت الرحلات في كل مطارات العالم، كذلك الانخفاض الحاد في النمو الاقتصادي، وفقدان الملايين من فرص العمل مما ادى ذلك الى ارتفاع حجم البطالة والفقر.

لذلك شكلت جائحة كورونا اثر واضح على التخفيف من نشاط الجماعات الإرهابية، باستثناء بعض النشاطات النسبية في بعض الأماكن، وذلك لما تشكله جائحة كورونا وباء على البشرية دون استثناء، فقد أدى هذا الوباء الى وقف العمليات الإرهابية في العالم لأسباب ترتبط بخطورة وباء الكورونا وسرعة انتشاره وسرعة انتقاله بين الدول والأقاليم والقارات، فهو وباء لا يستثني صغيرا او كبيرا، لا عنيا او فقيرا، لا ابيض او اسود، فالوباء لا يميز بين إنسان وإنسان، لذلك ساهم هذا الوباء على وقف من الإعمال الإرهابية في العالم.

مشكلة الدراسة

تبرز إشكالية الدراسة في علاقة جائحة كورونا بالإرهاب الدولي، حيث ثمة علاقة للجائحة باعتبارها فتكت في البشرية كما هو الإرهاب، فكلا الظاهرتين لهما نفس الاثر على البشرية، وهنا يبرز دور الدولة في مكافحة الظاهرتين من خلال اتخاذ الإجراءات والاحترازات لما تشكله تلك الظاهرتين على الدول والمجتمع.

أهمية الدِّراسة: تبرز أهمية الدراسة ضمن نطاقين: نطاق علمي يرتبط بأهمية البحث العلمية، والأهمية العملية كإجراء عملي ارض الواقع مبينة ضمن نطاقين:

الأهمية العلمية: تتمثَّل الأهمية العلمية لهذه الدِّراسة المساهمة في توفير دراسة علمية حديثه، قد تفيد الباحثين والمختصين في فهم علاقة جائحة كورونا بالإرهاب الدولي، التداعيات ولأسباب وما قد تحدثه جائحة كورونا على الإرهاب العالمي، والمساهمة في توقيف نشاطه وتفاعلاته.

الأهمية العملية: تكمن الأهمية العملية لهذه الدِّراسة لبيان علاقة جائحة كورونا بالإرهاب العالمي، التداعيات ولأسباب، حيث يشهد العالم حالة من السكون مع توقف ملحوظ في كافة المجالات الاقتصادية والسياسية والسياحية والرياضية، ولا شك ان الإرهاب هو ظاهرة متنقلة ين الدول والشعوب، فالإرهاب ظاهرة عالمية لم تتوقف منذ نشأتها، إلا أن جائحة كورونا أوقفت كل النشاطات الإرهابية بسبب سرعة انتقالها وأثارها القاتلة في جميع إرخاء العالم.

أهداف الدراسة: من خلال الدراسة يمكن التعرف على المعطيات التابية:

  1. التعرف على الإرهاب صوره واشكالة.
  2. التعرف على علاقة جائحة كورونا على الإرهاب الدولي.
  3. بيان تداعيات جائحة كورنا على البشرية.

أسئلة الدراسة: من خلال الدراسة تم الإجابة على السؤال الرئيس والذي ما مفاده: ما اثر جائحة كورنا على الإرهاب مع بيان الأسباب والتوجهات ؟ ومن ثم الإجابة عن التساؤلات الفرعية التالية:

  1. ما هو الإرهاب ؟ وما اشكاله ؟
  2. ما علاقة جائحة كورونا على الإرهاب الدولي.؟
  3. ما هي تداعيات كورنا على البشرية ؟

منهجية الدِّراسة:

من خلال الدِّراسة تم استخدام منهج التحليل الوصفي ومنهج الدور لدراسة اثر جائحة كورنا على الإرهاب الأسباب والتوجهات.

اولا: المنهج الوصفي التحليلي: يعد المنهج الوصفي التحليلي المنهج المناسب للدراسة لكونه من أكثرِ المناهج استخداماً في دراسة الظواهر الاجتماعية الإنسانية وتقوم الدِّراسة على توظيف هذا المنهج وذلك عن طريق تحليل البيانات المتعلِّقة بمتغيرات الدراسة والتي من تبرز علاقة جائحة كورنا بالإرهاب، التداعيات والأسباب.

ثانيا: منهج الدور: يستند منهج الدور على مدى قدرة صناع القرار التكيف مع القرارات والالتزامات والقواعد والسلوكيات التي تصدر عن دولهم، والدور الوظيفي التي ينبغي على أية دولة أن تؤديها على أساس مستمر سواءً كان داخليا او خارجيا. وقد تم استخدام منهج الدور للتعرف على قدرة الدول في اداء دورها في مواجهة إشكالية جائحة كورنا، وما قد تشكله الجائحة من انزلاق للافراد نحو المنظمات الإرهابية ..

مصطلحات الدراسة

فيروس كورونا: كوفيد 19 هو احد فصائل الفيروسات التي تسبب حالة عدوى للإنسان، مصدره من مدينة اوهان الصينية، ينتقل من شخص الى شخص أخر من خلال الرذاذ او السعال عن طريق الأنف او الفم وينتقل مباشرة للجهاز التنفسي للإنسان حيث يعمل على تعطيل وظيفة الرئتين، ويمكن الوقاية منه من خلال التباعد الجسدي وتغطية الأنف والفم واليدين، والعزل من خلال الحجر الصحي بإبقاء الناس في منازلهم كإجراءات وقائية (منظمة الصحة العالمية،2019).

الجائحة : هي وباء معدي يظهر في منطقة معينة يكون سببه الإنسان او الحيوان، ينتشر بسرعة الى المناطق الجغرافية بسبب تنقل الإنسان، ينتج عنه إصابات غير متوقعه بسبب العدوى، وقد يستمر لأيام وأشهر، ويعتمد القضاء عليه من خلال الإجراءات الوقائية التي تتبعها الدول، او ما تقرره منظمة الصحة العالمية باعتباره وباء عالمي.

الإرهاب يعني: “استخدام العنف غير القانوني أو التهديد به بأشكاله المختلفة، كالاغتيال والتشويه والتعذيب والتخريب والنسف بغية تحقيق هدف سياسي معين، مثل كسر روح المقاومة، والالتزام عند الأفراد، وهدم المعنويات عند الهيئات والمؤسسات أو كوسيلة من وسائل الحصول على معلومات أو مال، وبشكل عام استخدام الإكراه لإخضاع طرف مناوئ لمشيئة الجهة الإرهابية” (الكيالي، 1990:153).

المبحث الأول: مفهوم الإرهاب وأشكاله

يشكل الإرهاب والوباء ابرز ظاهرتين هددتا العالم المعاصر وقد ساهمت ثورة التكنولوجيا والاتصالات بزيادة انتشار تلك الظواهر، وقد شهد العالم عبر التاريخ العديد من الإمراض والأوبئة التي فتكت بالعالم كوباء الطاعون ووباء متلازمة الشرق الأوسط في عام 2012 والعديد من الأوبئة ذات الأثر على البشرية، بالمقابل فأن الإرهاب ظاهرة قديمة وتحمل اسماء مختلفة ومتنوعة مثل المافيات والعصابات والجماعات الخارجة عن القانون كلها مسميات تقطع في نطاق مفهوم الإرهاب،

لذلك تعدُّ ظاهرة الإرهاب من المفاهيم الشائكة التي واجهت صعوبات في التعريف ليس بسبب تعقيدها وتشعبها وتداخلها فقط، بل حتى من خلال اختلاف القائمين على وضع هذه التعريفات، حيث ينطلق كل من يُعرِّف الإرهاب من عدة ضوابط ومعايير وقناعات تدعمها أيديولوجيات خاصة تنعكس بالضرورة على الصيغة النهائية لأي تعريف، فيأتي التعريف بما يتماشى مع مصلحة القائمين عليه، حيث يحاول كل باحث أن يؤكد أفكاره المسبقة وتصوراته في تحديد مدلول ومعنى الإرهاب؛ لذا، فإنه ولتجريم الإرهاب كظاهرة إجرامية على كافة المستويات – الدولية والإقليمية والوطنية، فإنه من الضروري تحديد مفهوم لهذا الجرم وتعريفه، ذلك أنه لا يمكن مواجهة الإرهاب كظاهرة إجرامية دون تعريفها وتحديد خصائصها (دبارة، 1990:128).

ومن خلال ذلك تم الاطلاع على مفهوم الإرهاب وأهم الفقهاء الذين عرفوه، وكذلك أنواع وأشكال الإرهاب على المستوى الدولي والمحلي.

أولاً: معنى الإرهاب

الإرهاب في اللغة هو الافتزاع والإخافة، حيث يقال: أرهبه، ورهبه أي أخافه. وقد أشار مجمع اللغة العربية في القاهرة إلى كلمة إرهاب حيث أقر بأن مصطلح الإرهاب في اللغة مصطلح حديث أساسه في اللغة (رهب) بمعنى خاف، وبين المجمع أن مصطلح (الإرهابيون) يطلق على الذين يسلكون سبيل العنف لتحقيق أهداف سياسية (ابن منظور، 1955:436).

وكلمة إرهاب في اللغة العربية تعني الخوف والرعب والفزع. أما معنى الإرهاب في اللغة الإنجليزية فيحمل نفس المعنى في اللغة العربية، فلقد جاءت كلمة (Terror) وهي كلمة لاتينية الأصل وتعني الخوف أو الرعب، وقد أدت التطورات الدولية إلى استحداث صيغ في الأدب السياسي وهي (Terrorism) لها مدلولاتها الاجتماعية والسياسية، أما كلمة إرهابي (Terrorist) فإنها في قاموس السياسة تعني الشخص الذي يلجأ إلى العنف والرعب ليحقق أهدافه السياسية التي كثيراً ما تتضمن الإطاحة بالنظام القائم (الفيروز آبادي،،2005:13).

أما تعريفات الموسوعات والمعاجم للإرهاب، نجد أن الإرهاب يعني: “استخدام العنف غير القانوني أو التهديد به بأشكاله المختلفة، كالاغتيال والتشويه والتعذيب والتخريب والنسف بغية تحقيق هدف سياسي معين، مثل كسر روح المقاومة، والالتزام عند الأفراد، وهدم المعنويات عند الهيئات والمؤسسات أو كوسيلة من وسائل الحصول على معلومات أو مال، وبشكل عام استخدام الإكراه لإخضاع طرف مناوئ لمشيئة الجهة الإرهابية” (الكيالي، 1990: 155).

ويعرف القاموس السياسي الإرهاب بأنه “محاولة نشر الذعر والفزع لأغراض سياسية، والإرهاب وسيلة تستخدمها حكومة استبدادية لإرغام الشعب على الخضوع والاستسلام لها” (عطية الله، 1986،:45).

وعرفه البعض بأنه “الأفعال الإجرامية الموجَّهة ضد الدولة والتي يتمثل غرضها أو طبيعتها في إشاعة الرعب لدى شخصيات معينة أو جماعات من الأشخاص أو عامة الشعب (عيد، :22).

وكذلك عرف الإرهاب بأنه إستراتيجية عنف محرم دولياً، تحفزه بواعث عقائدية، وتتوخى أحداث عنف مرهب داخل شريحة خاصة من مجتمع معين، لتحقيق الوصول إلى السلطة أو القيام بدعاية لمطلب أو لمنظمة، بغض النظر عما إذا كان مقترفوا العنف يعملون من أجل أنفسهم، أو نيابة عن دولة من الدول (شكري، 1991: 57).

وعرِّف الإرهاب أنه “اصطلاح يستخدم في الأزمنة المعاصرة للإشارة إلى الاستخدام المنظم للعنف لتحقيق هدف سياسي، وبصفة خاصة جميع أعمال العنف وحوادث الاعتداء الفردية أو الجماعية أو التخريب التي تقوم منظمة سياسية بممارستها على المواطنين وخلق جو منعدم من الأمن، وهو ينطوي في هذا على طوائف متعددة من الأعمال أخطرها أخذ الرهائن واختطاف الأشخاص، وخاصة الممثلين الدبلوماسيين وقتلهم ووضع متفجرات في أماكن تجمع المدنيين أو وسائل النقل العام والتخريب وتغيير مسار الطائرات بالقوة (عامر، 1997:60).

وعرف الإرهاب بأنه عنف منظم ومتصل بقصد خلق حالة من التهديد العام الموجه إلى دولة أو جماعة سياسية والذي ترتكبه جماعة منظمة بقصد تحقيق أهداف سياسية (عز الدين، 1986:23).

وعرف الإرهاب كذلك بأنه “استخدام أو التهديد باستخدام عنف غير مشروع وقسري لخلق حالة من الخوف والرعب بقصد تحقيق التأثير أو السيطرة على فرد أو مجموعة من الأفراد أو حتى المجتمع بأسره وصولاً إلى هدف معين يسعى الفاعل إلى تحقيقه”، وعرف الإرهاب بأنه “استخدام القوة على نحو منظم ومتصل وغير مشروع بقصد تحقيق أهداف ذات طبيعة سياسية تؤدي إلى الإخلال بمفهوم النظام العام في الدولة بمدلولاتها الثلاث: الأمن العام، والصحة العامة، والسكينة العامة (المعلا، 1998:13).

وعرف الإرهاب على أنه يمثل فعل أو أفعال العنف البدني الذي يستهدف الإيذاء الجسدي وصولاً إلى القتل وينطوي هذا الفعل على انتهاك عمدي للقواعد الأخلاقية والعرفية والقانونية للسلوك الإنساني بغرض بث الشعور بالخوف وعدم الأمن ويتصف هذا الفعل بالطبع الرمزي بمعنى أنه يحمل رسالة ما إلى كافة الضحايا المحتملين الآخرين ليزرع الرعب في قلوبهم، ويستهدف هذا الفعل التأثير على السلوك السياسي للدولة أو الدول التي ينتمي إليها الضحايا (معوض، 1987: 177).

أما في الأدبيات الغربية، فإن أول تعريف علمي وأكاديمي للإرهاب ظهر على يد هاردمان عام 1930 ويرى بأن الإرهاب يمثل منهجاً أو نظرية كامنة والذي يهدف من خلال مجموعة منظمة أو حزب لتحقيق أهداف معلنة باستخدام العنف N.Y. Mccraw، 1989))

مما سبق يمكن القول بأن الإرهاب ليس مجرد عمل فوضوي غير مدروس، أو مجرد عمل تخريبي جاء بطريق الصدفة، بل هو عنف منظم من قبل جماعات منظمة لأنه يعتمد على الدقة في الوقت، والدقة في تنفيذ العملية، والدقة في إنهاء العملية بنجاح، ويستهدف أرواح الأبرياء لتحقيق مطالب غير شرعية وغير قانونية تستهدف تغيير بنية الدولة والمجتمع.

ثانيا: أشكال الإرهاب

قد يرتكب الإرهاب وفقاً لهذا المعيار من قبل الدولة وقد يرتكب من قبل أفراد ومجموعات، وقد يرتكب من مجموعة دول أي الإرهاب الدولي، فالدولة قد ترتكب الإرهاب بنفسها مباشرة أو ترتكبه بوساطة دعمها لبعض الأفراد أو الجماعات لتؤثر في الدول التي تنافسها أو المعادية لها. كما أن الجماعات الإرهابية المكونة من أفراد قد تنجح في السيطرة على مقاليد السلطة فتستمر في استخدام العنف والإرهاب وهي في السلطة، ومن أهم أشكال الإرهاب ما يلي:

  1. الإرهاب الدولي: يتسم الإرهاب بالصفة الدولية إذا كان أحد أطراف هذه الجريمة دولياً، ويتم ذلك من خلال اختلاف جنسية الضحايا عن جنسية الفاعلين أو اختلاف جنسية الفاعلين فيما بينهم أو من حيث مكان تنفيذ الفعل أو الجريمة الإرهابية أو أن تم التخطيط لها في دولة وتنفيذها في دولة أخرى، وتعتبر الجريمة دولية إذا تم تمويلها من دولة أخرى أو إذا ارتكبت الجريمة بتحريض من إحدى الدول كذلك تكون الجريمة الإرهابية ذات طابع دولي إذا قامت إحدى الدول بإيواء واستضافة مرتكبي الجريمة الفارين إليها من دولة أخرى (بوادي، 2004:49).
  2. إرهاب الدولة: لقد عرف إرهاب الدولة بأنه “استعمال الدولة لوسائل العنف بانتظام لإثارة الرعب والخوف بين المواطنين كوسيلة لتحقيق مكاسب سياسية منها، والاحتفاظ بالسلطة أو قمع المعارضة أو البحث عن الشرعية، أو السعي لأهداف تعجز الطرق السلمية عن تحقيقها” (خليفة، 2008: 33).

يميز الفقه بين نوعين من إرهاب الدولة، الأول – إرهاب الدولة المباشر، والثاني إرهاب الدولة غير المباشر.

إرهاب الدولة المباشر: وهذا النوع يتعلق بإرهاب الدولة على الصعيد الداخلي، حيث تمارسه الدولة على شكل اعتقالات جماعية واستخدام التعذيب وتدبير المذابح الجماعية لإبادة جماعات بكاملها والعقوبات الواسعة على السكان المدنيين، (شكري، 1991:96).

  1. إرهاب الدولة غير المباشر: وهذا النوع يتعلق بإرهاب الدولة على الصعيد الدولي حيث أثبت الواقع العملي أن الدول الكبرى بدأت تستعيض عن التدخل العسكري المباشر بإرسال الجيوش بالتدخل المباشر بإمدادات الأسلحة وتوفير التدريب العسكري لعصابات إرهابية. وأما الدول الديمقراطية فقد خشيت الانخراط في حرب تعرضها لانتقادات حادة من الرأي العام الداخلي والدولي، لذا فقد استخدمت تكتيك الإرهاب بديلاً عن الحرب.
  2. إرهاب الأفراد والجماعات: وهذا النوع من الإرهاب هو أخطر أنواع الإرهاب وتكمن خطورته في صعوبة تتبعه. ويرتكب هذا النوع من الإرهاب بواسطة أشخاص معنيين سواء عملوا بمفردهم أم في إطار مجموعات منظمة يطلق البعض على هذا النوع من الإرهاب تسميه الإرهاب من الأسفل وقد عرف البعض إرهاب الأفراد والجماعات بأنه “ذلك الإرهاب الذي يرتكبه عدة أشخاص سواء بشكل فردي أو تنظيم جماعي وعادة ما يوجه ضد نظام معين أو دولة ما وهو إرهاب منتشر ومستمر ومتنوع في أهدافه ووسائله (حريز، 1996:174).

مما سبق يلاحظ أن الإرهاب ناتج عن أفراد وجماعات أو ما يسمى بالخلايا النائمة، وهو نتاج للتطرف الفكري والتكفيري أو نتاج عمليات اللجوء ومن ثم ظهور هؤلاء وازدياد نشاطهم، وضمن زمن محدد، وفترة زمنية معينة يتم تحريكهم من الخارج لتحقيق أهداف محددة.

المبحث الثاني: اثر جائحة كورونا على الإرهاب الدولي

اكد كثير من الباحثين والمختصين بأن ثمة هناك علاقة بين جائحة كورونا والإرهاب، وقد حذر خبراء الإرهاب من أن جائحة كارونا هي احدى نماذج الحرب البيلوجية المستخدمة سواء من قبل الجهات الحكومية أو غير الحكومية. وقد اتهم خبراء الأمن في مجلس أوروبا إن الإرهابيين يمكنهم استخدام الأسلحة البيولوجية لتوجيه ضربة كبيرة للدول الغربية أو لأي دولة اخرى،

اولا: علاقة جائحة كورونا بالإرهاب

إن الاستخدام المتعمد للعامل البيولوجي والذي يعد جزء من الإرهاب قد يثبت أنه فعال للغاية ويسبب أضرارا بشرية واقتصادية على نطاق أكبر بكثير من الهجمات الإرهابية “التقليدية” وينشر الخوف والبذر. وعدم الثقة بين المجتمعات المتضررة على الفور ( شعبان، 2020).

وقد عززت القوى الغربية كثير من التدابير لمكافحة الإرهاب البيولوجي الوقائي عن طريق التدخل الكفؤ بين المؤسسات والتعاون الدولي الفعال “وقد ابرز المؤسسات الرسمية إن نقاط الضعف وقلة الاستعداد التي كشف عنها هذا الوباء توفر نافذة على الكيفية التي قد يتكشف بها هجوم الإرهاب البيولوجي – وقد تزيد من مخاطرها (عبدالهادي، 2020)

وبينت الدراسات إن الاستخدام المتعمد للعوامل المسببة للأمراض – مثل الفيروسات أو البكتيريا – كعمل إرهابي “يمكن أن يثبت أنه فعال للغاية.” ويمكن أن يكون الضرر الذي يلحق بالبشر والاقتصاديات “أعلى بكثير” من الهجوم الإرهابي “التقليدي”. وتقوم الولايات المتحدة بتوسيع تعريف الإرهاب ليشمل الانتشار المتعمد للفيروس التاجي الجديد، وتوضح مذكرة وزارة العدل كيف يمكن توجيه اتهامات الإرهاب الفيدرالي ضد الأفراد الذين هددوا بنشر الفيروس عمدا ( فتحي، 2020).

ان كثير من التعريفات وقوانين الإرهاب قد تغيرت وتحولت على مر السنين لمعالجة التهديدات الناشئة. ومع ذلك، فإن التوجيه القانوني الجديد الذي يعالج تلك التهديدات لديه القدرة على توسيع تعريف الإرهاب بما يتجاوز ما يجب أن يكون مقبولًا – بينما لا يعالج أيضًا ما يحتاج إلى معالجته في الولايات المتحدة، وهو الحاجة إلى قوانين محلية للإرهاب تم وضعها بعناية لمكافحة التوسع التطرف والعنف TALLHA،2020)).

لقد استغلت المنظمات الارهابية في العالم الثالث ضعف الحكومات العاجزة عن تقديم الخدمة لشعوبها فعلى سبيل المثال، في نيجيريا هناك عدد كبير من العاملين الذين لا يستطيعون كسب لقمة العيش بسبب الإغلاق لحوانيتهم. ونتيجة لذلك، ليس لديهم ما يكفي من الطعام، ولم تتمكن الحكومة من توفير الغذاء لكل المحتاجين. فقد شكلت الجائحة آثار تتجاوز معايير الصحة العامة والنشاط الاقتصادي.

لقد ساهمت هذه الظروف انتشار المنظمات الارهابية من خلال مساعدة الفقراء مقابل انضمامهم للمجموعات الارهابية، وجاء ذلك الامر بسبب انعدام الأمن الغذائي مما يؤدي إلى سوء التغذية ونقص التغذية لدى السكان، وهذا يجعل المواطنين غاضبين من حكوماتهم. لذلك فأن عدم قدرة الدول على مساعدة شعوبهم يعطي فرصة للجماعات الإرهابية لتجنيد أعضاء جدد من خلال تزويدهم بالطعام واللباس JOHN،2020)).

في عام 2019، كان هناك حوالي 55 دولة من مناطق في أفريقيا وأمريكا اللاتينية والشرق الأوسط وآسيا تعاني من أزمة غذائي. بسب جائحة كورونا التي سبب تداعيات سياسية واقتصادية حتى في البلدان الغنية. هذه الازمة الغذائية ساهمت باستخدام المنظمات الإرهابية مثل بوكو حرام، وهي منظمة مكرسة لإنشاء دولة إسلامية داخل نيجيريا، حيث تكونت حملاتها من خلال تجنيد الشباب العاطلين عن العمل من العائلات التي تعيش في الفقر وبدون طعام كاف. وتزيد الجماعة الآن تجنيدها من الشباب لتنفيذ الكمائن وعمليات الخطف والتفجيرات في المنطقة ( فتحي، 2020).

لقد شكل الوباء الكوروني حالة من الإحباط لدى الشعوب الإفريقية، فقد فشلت الحكومات بامتلاك القدرة على التعامل مع الوباء وعدم قدرته على توفير الغذاء الأساسي لجميع الذين يحتاجونه. هذا الامر ادى الى قيام المنظمات الارهابية استغلال الظروف الاقتصادية للشعوب، وقد شهدت نيجيريا وتشاد ارتفاع نسبة هجوم منظمة بوكو حرام على جيوشها وبعض المرافق الحيوية للدولة، بسبب حالة الفقر والنقص العذائي للشعوب بسبب البحث عن الطعام قبل البحث عن الحماية والدفاع. Frederick،2020))

في قارة آسيا لم يختلف الأمر كثيرا، فقد استغلت المنظمات الارهابية حالة الضعف التي تعيشها المجتمعات بسبب الكارثة الاقتصادية التي شكلتها جائحة كورونا، فقد تعطلت عجلة التنمية الاقتصادية واغلقت المحال مما زاد الامر فقراً وجوعاَ لكثير من طبقات المجتمع، حيث عانت باكستان من أزمة غذائية قبل بدء الوباء، وقد واجه 60٪ من السكان انعدام الأمن الغذائي بسبب الجفاف وسوء الأحوال الاقتصادية.، فقد تتسبب الظروف المتفاقمة في باكستان بفعل جائحة كورنا في زيادة الإرهاب. وتقترب المجموعتان الإرهابيتان المتمركزتان في باكستان، عسكر طيبة وجيش محمد من الأشخاص المتأثرين بالفيروس التاجي ويعرضون عليهم تقديم الخدمات الأساسية والمساعدة. مما يساهم ذلك في كسب ولاء السكان المحليين لهم، وتجنيد الكثير منهم بهدف تشكيل دولة إسلامية في منطقة كشمير المتنازع عليها( شعبان، 2020).

ثانيا: أوجه التشابه والاختلاف بين جائحة كورونا والإرهاب

لا يمكن إنكار أن جائحة كورونا منذ ظهوره في أوائل عام 2020، والذي برز بشكل كبير في مركز اهتمام الرأي العام في جميع أنحاء العالم، الا أن هذه الأزمة قد استحوذت على اهتمام الحكومات والمواطنين، فقد أصبحت أيضًا موضوعًا مهمًا للجماعات الإرهابية، بما في ذلك تنظيم القاعدة والدولة الإسلامية الذين أصدروا بيانات عامة رسمية حول الوباء من خلال قنواتهم الإعلامية(طارق، 2020).

لقد وصل الفيروس التاجي تقريبًا إلى كل دول العالم على كوكب الأرض، على الرغم من تفاوت عدد الحالات المؤكدة والتي لا تزال منخفضة نسبيًا حاليًا، خاصة عند مقارنتها بغيرها المناطق. ومع ذلك وفي ظل نقص البنية التحتية الصحية لبعض المناطق في افريقيا واسيا اضافة إلى جانب الموارد المحدودة والنتائج الصحية السيئة والذي ادى الى انتشار سوء التغذية على نطاق واسع، وتهديد الجائحة الى زعزعة الاستقرار في هذه البلدان التي تواجه بالفعل أزمة إنسانية خطيرة ناجمة عن استمرار النزاعات المسلحة(الهيبة، 2020)

لقد شكلت الجائحة اثار على الجماعات الإرهابية خاصة تنظيم الدول الإسلامية الذي يعد التنظيم الإرهابي الابرز في العالم، وبعض الجماعات الإرهابية الاخرى مثل العاملة في منطقة الساحل، ولا سيما جماعة نصر الإسلام والمسلمين في الساحل الافريقي التابعة لتنظيم القاعدة، والدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى والتي استغلت نقاط الضعف بين المجتمعات المحلية وكسب الدعم والقوة لتحقيق أهدافهم في المنطقة) قاسم، 2020)

لقد تسببت جائحة كارونا في وفاة مئات الالف من البشر في العالم، وهذا ما شكله التنظيمات الإرهابية في مقتل عشرات الإلف من الابرياء، وهذا يفيد الى المقارنة بين هذين الخطرين: الإرهاب وجائحة كورنا. ولا غرابة ان لديهم بعض أوجه التشابه الجديرة بالاهتمام، وليس من قبيل المصادفة أن الجائحة والارهاب أصبحا استعارات متكررة في الخطاب حول الإرهاب العالمي. وتبرز اوجه التشابه بين جائحة كورونا والإرهاب ضمن اوجه التشابه التالية ( العتيبي، 2020):

  1. ان الإرهاب وجائحة كورونا تشكل مخاطر لا إرادية: حيث يشكل كلاهما تهديدات منخفضة الاحتمال ولكن عالية المخاطر، كما أنه تشكل تهديدات أمنية غير تقليدية ولا يمكن مقارنتها بالحروب، فهي ليست تهديدات عسكرية تستخدمها الدول ضد الدول بل ظواهر تسكن في خلايا نائمة وتنشط بشكل كبير وذات انتشار أوسع.
  2. كلاهما يشكل تهديدات عابرة للقومية: فهما لا يؤمنون بالحدود القيود، فالجائحة انتشرت في الصين وانتشرت بسرعة الهشيم الى إنحاء العلم، والإرهاب من القاعدة في أفغانستان ليمتد بمسميات مختلفة إلى إرجاء دول العالم.
  3. كلاهما يقوم على صفات المراوغة: فالإرهاب يقوم على السرية ؛ اما الفيروسات فهي غير مرئية للعين المجردة، وذات طبيعة غامضة، حيث الإرهاب يكون في عناصر وأشخاص لا تظهر عليهم خصائص العنف والإرهاب ولكن التغير يصبح اني وفي نفس اللحظة يتحول الى مجرم وارهابي، بالمقابل فأن فيروس كورونا يصيب الفرد دون ان يشعر ولكن في لحظات معينة يسقط طريحا من شدة التأثير.
  4. غرس حالة عدم الثقة والخوف: فكلا التهديدين لا يثير الخوف فحسب، بل أيضًا يرسخ عدم الثقة بين الناس. فيما يتعلق بالإرهاب،، فعلى سبيل المثال، أن أبو محمد العدناني، الناطق الرسمي آنذاك باسم ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، في خطاب مشهور له في عام 2016 قام بتحريض متعاطفين مع داعش على تخويف الناس” وترويعهم “حتى يخشى كل جار جاره”. الهدف هنا هو غرس الخوف من أن يكون الارهابي هو من أحد جيرانه ويخفي نيته الشريرة الحقيقية، حتى لا يتم التعرف عليه وإيقافه، على الأقل حتى اللحظة التي يمكنه فيها اتخاذ إجراء. هذا التشابه يبرزه فيروس كورونا حيث اصبح الجار لا يثق بجاره بسبب حالة الشك التي يفترضها الأفراد حيال أنفسهم ( عبدالهادي، 2020).

اما الناحية الأخرى فتتمثل في الاختلافات وان كان التهديد موحدا، الا ان هناك اختلاف فيما بين الشخص الإرهابي مصاب الكورونا من أبرزها ( الصاري، 2020):

  1. الفردية: من ناحية أخرى، فإن الاختلافات بين الإرهاب والفيروس التاجي، حيث أن الإرهاب يعبر عن نفسه بطبيعته في الأعمال الفردية. قد تستمر الأعمال الإرهابية حتى عدة أيام، خاصة عندما تشتمل على عمليات أخذ الرهائن، وقد تتحد مع بعضها البعض (كما هو الحال في الهجمات الإرهابية التي وقعت في 7-، كانون اول عام 2015 في باريس، على يد الأخوين كواشي وأميدي كوليبالي) وبالطبع قد تحدث في تعاقب سريع ضمن حملات عنف شديدة. تبقى الحقيقة أن العنف الإرهابي ظاهرة منفصلة، في حين أن المرض المعدي لا يحدث في أعمال فردية منفصلة، بل يكون جماعي مشكلا أكثر سرعة في الانتشار.
  2. أن الفرق الأكثر وضوحا بين الإرهاب وفيروس كورونا هو أن الأول هو تهديد من صنع الإنسان، في حين أن الأخير هو تهديد طبيعي. إن للإرهاب استراتيجية سياسية لها أغراضها السياسية ووسائلها. وتولي هذه الاستراتيحية اهتمامًا كبيرًا للعوامل النفسية: لا يستطيع الإرهابيون هزيمة دولهم المعادية لهم بشكل مباشرة، بل يهدفون إلى كسر إرادة قيادة الدولة ومقاومتها ( عبدالهادي، 2020).
  3. رمزية الظاهرتين: يبدوا ان الارهاب قد يأخذ شكل الدراما في تنفيذ عملياته، فيمكن تفسير الإرهاب في جوهره على أنه “مسرح”. في بعض النواحي، يقوم على النصوص، والمؤامرات، والمخرجين، والممثلين، والدعائم،، كما حدث في أحداث 11 سبتمبر عام 2001، فالإرهابيون يريدون الكثير من الناس يراقبون، وليس الكثير من القتلى” فالمشهد الدرامي المرعب اهم من حجم القتلى في الحدث ، بالمقابل فأن جائحة كورونا تحتاج الى استراتيجية الخطط، والتمويل، والدعاية، وما إلى ذلك، ولا يمكن أن يلعب الفيروس دورًا في معركة رمزية. وبالتالي، فإن الدول والوكالات الأخرى في المجتمع في وضع يمكنها من إدارة السيطرة عليه بوضوح لبيان الاثار التي قد تحققها الجائحة (غيتا،2020)
  4. ان الارهاب محسوس ومرئي بعكس الجائحة او فيروس كورونا، فالإرهاب مرئي بحكم التعريف. اما الفيروس فهو الم غير قابل للكشف بالعين المجردة، ولهذا السبب، لا يمكن تجنب العدوى عمليًا في هذه المرحلة، إلا من خلال الابتعاد الاجتماعي. يمكن أن يؤدي هذا الجانب من الوباء إلى خطر حالة من الخوف تكون أعمق مقارنة بالإرهاب لأنه غير مرئي، وبلا وجه، وبدون إشارات Frederick، 2020))
  5. تحمل المسؤولية: يختلف الإرهاب علن جائحة الكورونا في حالة تحمل المسؤوليات، ففي اسباب انتشار فيروس كورونا نسبت المسؤولية للحكومات والمؤسسات ذات الاختصاص والمنظمات الدولية، او يمكن إلقاء اللوم على مجموعات معينة أو فئات اجتماعية، وتستطيع الحكومة ادارة الازمة من خلال القبض على أولئك الذين يشتبه في عدم امتثالهم للقيود التي تفرضها الحكومة بسبب حملهم لفيروس الكورنا. لا يمكن إسناد المسؤولية وإدانة الفيروس فمثلا في دول مثل إيطاليا هناك مكالمات متكررة بل ودراماتيكية للظروف الحرجة في المستشفيات، من أجل إقناع جميع المواطنين بالمخاطرة على محمل الجد، وعمليًا للبقاء في المنزل دون النزول الى الشارع والاختلاط وحسب طلب السلطات. بالمقابل فأن مسؤولية الإرهاب تختلف فبعد وقوع الهجوم الإرهابي يتم البحث عن المجرمين لمقاضاتهم، ولكن بعد انتهاء الجريمة تطلب الحكومات من المواطنين العودة إلى الحياة الطبيعية، والعودة إلى الظروف الطبيعية هي أفضل رد على التحدي الإرهابي واشعارهم ان الوضع طبيعي وان الامر عابر(Francesco،2019)

المبحث الثالث: تداعيات جائحة كورونا على العالم

شكلت تداعيات كورونا على العلاقات الدولية وتسبب في توترات دبلوماسية. تأثرت العلاقات الدبلوماسية بسبب التوترات حول تجارة الأدوية ونقلها، والاختبارات التشخيصية ومعدات المستشفيات لمرض فيروس التاجي عام 2019.، وقد اتهم قادة بعض الدول دول أخرى بعدم احتواء المرض بشكل فعال مما أدى إلى انتشار الفيروس بشكل غير منضبط. وهناك كثير من الدول لا تستطيع العثور على مواد كافية لاختبار مرض فيروس التاجية مثل الدول النامية في أمريكا اللاتينية وإفريقيا، ويرجع ذلك جزئيًا إلى دول أخرى في أوروبا والولايات المتحدة وتفوق على الموارد( شعبان،2020).

لا شك أن المتأمل في المشهد الدولي الحالي يلاحظ أن الجائحة العظيمة ستشكل عاملا مساعدا مهما في التغيير القادم للنظام الدولي، وهو الأمر الذي تبدى في العديد من المواقف التي تمتها الدول المتنافسة في الساحة الدولية في إطار مكافحة الفيروس القاتل والتي لنقاط الضعف الخطيرة التي كشفها الأخير في بنية النظام الحالي (صدقة، 2020).

لقد كشف الفيروس القاتل أن النظم الرأسمالية الكبرى تعاني من خلل كبير في نظرتها لماهية الأمن القومي، حيث قامت بالتركيز على الجوانب العسكرية والأمنية وصرفت مبالغ مالية طائلة في صنع وتكديس الأسلحة بكافة أنواعها بينما تم تجاهل الأبعاد الإنسانية والغذائية والصحية والاجتماعية كمرتكزات أساسية للأمن القومي( الشامي، 2020).

وقد اظهرت جائحة كورونا مدى قدرات الدول في القدرة على ادارة الجائحة، لذلك قي هذه الجائحة يمكن رؤية دول كبرى مثل الولايات المتحدة الأميركية وإيطاليا وبريطانيا تعاني من نقص حاد في أجهزة التنفس الاصطناعي والمشافي والكمامات، فضلا عن غياب الخطط الواضحة في التعامل مع الفيروس القاتل بينما نجحت الصين “دولة سلطوية” في مواجهته من خلال تبني استراتيجية ناجعة اتسمت بالشمول والفعالية(Frederick،2020)

وقد ابرزت الجائحة أن الرأسمالية المتوحشة التي وسمت سياسات الدول الليبرالية وشركاتها العابرة للحدود تعاني من مأزق كبير، ففضلا عن أزمتها العميقة التي تجلت في خلق التفاوت الهائل في الدخول بين الأفراد والطبقات الاجتماعية والدول، فقد عجزت عن المساهمة في مواجهة الخطر العالمي الذي فرضته الجائحة عبر التعاون والمساعدة المشتركة. ويمكن ابراز بعض التداعيات التي تشكلها جائحة كورونا عل النظام الدولي ابرزها (مركز الجزيرة للدراسات، 2020).

  1. تشكيل نظام دولي جديد: يبدوا ان الجائحة سوف تجري تغيير على العالم، مما يثير ذلك تساؤل مفاده أن النظام العالمي قبل الجائحة لن يستمر كما كان قبلها طويلا، وأن التداعيات السياسية والاقتصادية للانتشار الكبير للفيروس القاتل على مستوى العالم ربما تمثل بداية لتشكل نظام جديد قد يضمُر فيه نفوذ الولايات المتحدة الأميركية ويتنامى الوجود الصيني بشكل كبير بينما تتراجع الأنظمة الليبرالية لصالح تمدد الدولة السلطوية.
  2. كشفت الجائحة القدرة في تعير النظام الدولي: لقد شكل وباء كورونا احد اكبر التطورات والتحديات التي تواجه المنظومة الدولية، والذي من المتوقع ان يترك اثره على شكلها وتركيبتها في ظل الخسائر البشرية والمادية الباهظة المفاجئة وغير المتوقعة التي تسبب، وسيتسبب بحدوثها في الايام والاشهر القادمة، متجاوزا ما كان يعتقد انها مصدات او حصون علمية ومعرفية وتكنولوجية عالمية كفيلة بالحفاظ على هذه المنظومة من المخاطر والتهديدات (الخارجية)، حيث مثل اختبارا عالميا حقيقيا لمدى فاعلية النظام الدولي وقدرته على الاستمرارية والصمود، ومدى اهلية الولايات المتحدة واحقيتها في قيادته والتفرد والتربع على قمته، وذلك في ظل الفشل الذي اصاب نظامها الصحي، كما الانظمة الصحية الغربية بشكل عام، وسقوط منظومتها القيمية والاخلاقية وعدم توفير المعدات والمستلزمات الطبية المطلوبة، لتتحول الى واحدة من اكبر البؤر التي تفشى فيها الوباء في العالم.. لدرجة تفكيرها بالتخلي عن مضامين الرسالة الطبية الانسانية والاخلاقية من خلال حرمان بعض المواطنين من كبار السن تحديدا، من حقوقهم العلاجية، لتعويض النقص الحاد في الادوات والمستلزمات الطبية. (فتحي، 2020).
  3. كشفت الجائحة سيطرة الأنانية وانعدام روح التعاون بين الدول: لقد سيطرة الأنانية وانعدام روح التعاون بين الدول الغربية، التي فضلت الانكفاء والانغلاق على نفسها وادارة ظهرها لغيرها من الدول الحليفة لها في مواجهة هذا الوباء من خلال عدم تقديم المساعدة او الاستجابة لطلبات هذه الدول او غيرها واستغاثاتها، بصورة منافية للأسس والمبادئ التي قامت عليها مثل هذه التجمعات والاتحادات الإقليمية (الهيبة، 2020)
  4. فشل الدول الكبرى في مواجهة جائحة كورونا: لقد شكل انهيار الأنظمة الصحية في اميركا والغرب في مواجهة فيروس كورونا، قد يتبعه انهيارا في الانظمة السياسية نفسها، وذلك تحت تأثير ضغط المطالب الشعبية بضرورة تغييرها بسبب فشلها وعجزها عن حمايتها من خطر هذا الفيروس. بطريقة قد تؤدي الى التفكير باعادة ترتيب البيت الداخلي لكل دولة، ومن ثم اعادة النظر بعضويتها في التجمعات والاتحادات الغربية التي تنتسب لها، كالاتحاد الاوروبي، ومنطقة اليورو والناتو، وربما تبني توجهات وسياسات قد تؤدي الى فكفكتها.. وبذلك يصبح النظام الدولي الذي تقوده اميركا مهددا بفقدان احد اهم الاعمدة والأسس والقواعد التي قام عليها(الكتاني، 2020)
  5. فشل الآليات والمذاهب والمدارس والافكار كالعولمة والرأسمالية والليبرالية والديمقراطية: لقد ادت الجائحة الى فشل الاليات والمذاهب والمدارس والافكار التي قامت عليها الانظمة السياسية الغربية، كالعولمة والرأسمالية والليبرالية والديمقراطية الى احداث جالة من التعيير في النظام السياسي الدولي ’ وقد اظهرت الصورة التي ظهرت فيها الصين مثلا، التي تنتمي لمدرسة فكرية مختلفة.. وكيف انها استطاعت محاصرة الفيروس، وقيامها بتقديم المساعدات والمعدات الطبية لبعض هذه الدول الغربية كالولايات المتحدة نفسها وايطاليا واسبانيا وفرنسا وغيرها.. مما قد يدفع بالمواطن الغربي بالانقلاب على المفاهيم والافكار والقيم التي طالما أمن بها واعتنقها من خلال المطالبة بوقف مشاريع الخصخصة مثلا وعدم ترك الامور الصحية بيد القطاع الخاص، وتركها للدولة والحكومات لتقوم ببناء المستشفيات والمراكز الطبية والبحثية وغيرها.
  6. انهدام دور الدولة الاقتصادي والاجتماعي: لقد احدثت جائحة كورونا باعادة النظر بدور الدولة الاقتصادي والاجتماعي وضرورة تدخلها بما يرى انها قضايا وملفات اساسية وضرورية له كمواطن.. في مقابل استعداده للتخلي عن جزء او بعض المظاهر الديمقراطية التي ينعم بها من انفتاح وحرية وغيرها.. معطيا الاولوية للبعد الصحي ( والامني ) على حساب البعد الديمقراطي الذي طالما طالب به وشكل احد اهم معايره في اختيار من يحكمه عند صناديق الاقتراع.
  7. التوجه نحو اقامة نظام جديد: لقد دفعت جائحة كورونا الى تغيير النظام الدولي واقامة نظام جديد تكون دولة مثل الصين مرشحة لقيادته الى جانب الولايات المتحدة، بحيث يتحول من احادي الى ثنائي من حيث التصنيف الاقتصادي تحديدا بعد ان اثبتت الصين مكانتها الاقتصادية العالمية، مع قابلية هذا النظام بالمفهوم الاقتصادي الى التطور ليأخذ الشكل التعددي بانضمام دول واطراف اخرى اليه، كروسيا واليابان والهند ودول أوروبا، مما يعزز من احتمالية ان يشهد العالم تغيرا في خارطة القوى الاقتصادية والسياسية في المستقبل.. مع التأكيد على احتكار الولايات المتحدة لدورها الاحادي في قيادة المنظومة الدولية وفقا للمعيار العسكري ( والسياسي ) لسنوات قادمة يتوقف مداها على مدى وجود تحالفات وتكتلات ومحاور واحلاف عسكرية واقتصادية وسياسية بين قوى واطراف دولية تمتلك من العناصر والعوامل البشرية والمادية ما يؤهلها لمنافسة الولايات المتحدة على زعامة المنظومة الدولية وادارتها(الكتاني، 2020:13)
  8. بروز عالم اقل انفتاحا واقل حرية: برز دور الدول الأقل انفتاحا ونجاعة في مقاومة الفيروس من الدول التي تشهد انفتاحا عاليا، فمثلا كانت استجابة الدول في الشرق افضل ما هو في العرب و ما يعطي مؤشرا ذلك بأن السلطة والنفوذ سيتحول من الغرب الى الشرق، لذلك مثلا استجابة كوريا الجنوبية وسنغافورة في اسيا كانت أفضل من استجابة الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية في مقاومة الفيروس.
  9. العودة الى الحدود الفاصلة بين الدول: لقد شهدت دول العالم الثالث التي تؤمن حدودها من خلال السياج والمناطق العازلة والدخول من خلال المعابر كانت اكثر نجاحا في مكافحة الفايروس، فجميع تلك الدول أصدرت أوامر بعدم الدخول والخروج الى أراضيها تطبيقا لنظام العزل، بالمقابل فأن الدول الأوروبية التي تقع تحت اطار الاتحاد الأوروبي قد اوجد مشكلة عدم القدرة لديها بإغلاق حدودها، لعدم وجود حدود فاصلة بل هي مجرد حدود مرسومة جغرافيا ومفتوحة على ارض الواقع مما ساهم في سرعة انتشار الأوبئة( مركز الجزيرة للدراسات 2020:12).
  10. النمو الاقتصادي: تشير مؤشرات النمو الاقتصادي الى تفوق الصين بنسبة نمو 6،2 % بالمقابل نسبة النمو في الولايات المتحدة الامريكي فقط 2% وهذا مؤشر يدل على تفوق الهيمنة الاقتصادية في العالم لصالح الصين، مما يعطي مؤشرات بأن النظام الدولي سيتحول الى الصين لتكون على رأس الاقتصاد العالمي و وقد ابرز وباء كورنا تفوق الصين على أمريكا في إطار مكافحة الوباء، فقد بلغت عدد الإصابات لتاريخ 17، نيسان،2020 حوالي( 678,210 ) أصابه، و (34,641) وفاة، بالمقابل الصين بلغ عدد المصابين(82,692) وحالات الوفاة بلغت ( 4,632 )، وهذا مؤشر كبير على التحول نحو تفوق اقتصاد الشرق على اقتصاد الغرب( الشامي، 2020)
  11. الوافدين وقانون الهجرات: سوف تتراجع الهجرات الشرعية وغير الشرعية في عالم ما بعد الكورنا، فتشهد الدول الخليجية ما نسبته 62 % من السكان الاصليين، فالسعودية يبلغ عدد سكانها 33 مليون، عدد السكان الاصليين 20 مليون نسمة، اما عدد الوافدين فقد بلغ 12 مليون، حيث تبلغ نسبة الوافدين حوالي 62 %، هذه التعداد الكبير من الوافدين سيجبر الدول اتخاذ إجراءات صارمة نحو التخفيف من العمالة الوافدة ونسبة المهاجرين( راغب،2020)،

إن هذه الجائحة ليست ملزمة بآثارها وطرق مواجهتها داخل الحدود الوطنية، بل في الفضاء العالمي إنها حرب عالمية ضد الوباء من جهة، واختبار للبشرية من جهة أخرى. لا يتسامح عالم ما بعد كورونا مع التنافس بين نهجين، الأول: الانعزالية، الحمائية التي تتبنى شعار “أمريكا أولاً”، والثاني: تشاركي، بنائي يتبنى مفهوم “حزام واحد، قطب واحد” هو الصين(عبدالهادي، 2020)

إن التضامن على المستويين الوطني والعالمي ضروري جدا. وإن المراهنة على إلقاء اللوم والاتهامات على الطرف الذي تسبب في الوباء لن تحل المأساة، بل ستعقدها، بل المطلوب هو معرفة الحقيقة كاملة لتجنب حدوثها في المستقبل. عانت العولمة من انتكاسة خاصة في العولمة الاقتصادية، ومع ذلك، ظهرت عولمة إيكولوجية أكبر نتيجة للأزمة مثل الأوبئة وتغير المناخ الذي يخضع لقانون الفيزياء والبيولوجيا بدلا من قانون السياسة. يواجه العالم عدوًا مشتركًا، لذا يجب إعادة توجيه إعادة تعريف المصلحة المحلية في رؤية مفادها أنه لا يمكن تحقيق مصالح البلدان اليوم بمعزل عن مصالح الآخرين لأن جميع دول العالم تشارك في مواجهة التهديدات الناجمة عن عبر الحدود، مثل الأوبئة وتغير المناخ(صدقة، 2020).

وعلى الرغم من أن هذا المرض اجتماعي في غزوه العالمي، إلا أنه من غير المقبول التعامل معه في الرومانسية من خلال المكياج السياسي في مواجهة ازدواجية الحياة والموت. يوفر مصل الواقعية حلولًا لجميع البلدان والشعوب، بعيدًا عن المفهوم المسرحي للسياسة، في حين تظل مشكلة الأفكار السياسية الطوباوية هي ألا تبدأ من الواقع الملموس على الأرض، بل يجب البحث عنها. ومع ذلك، أعتقد أن الجمع بين المفاهيم ضروري للخروج من الأزمة، فهي أزمة صحية واقتصادية واجتماعية وسياسية معقدة يجب معالجتها بجهود عالمية موحدة تلعب فيها الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة دورًا نشطًا. دور في نظام دولي فوضوي(صدقة، 2020).

لقد كشف انتشار الجائحة عن هشاشة النظم الصحية في جميع دول العالم، كبيرها وصغيرها، ووضع المخصصات المالية تدريجيًا لهذا القطاع ضمن الميزانيات المالية، وأنه يعد أشد اختبار يواجه العالم منذ الكساد الكبير عام 1929، والتأثيرات الكارثية على الاقتصاد العالمي، والإمدادات الغذائية، وكذلك الآثار الاجتماعية والثقافية وغيرها من البشر، كشفت عن الحاجة إلى إجراء مراجعة شاملة لأطر العلاقات الدولية من خلال التركيز على التعاون البيئي العالمي لمعالجة المخاطر المستقبلية التي قد يواجهها العالم نتيجة زيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وتأثيره المدمر على البيئة المالية التي ستكون حاضنة لانتشار الأوبئة الجديدة، خاصة فيما يشهد حالة التنافس بين الصين الشعبية والولايات المتحدة الأمريكية على التحكم في الانبعاثات الكبيرة من هذا الغاز، على عكس إلى ما نص عليه(شعبان، 2020).

في اتفاقية باريس للمناخ لعام 2015، والتهديد الوشيك الذي يشكله على البشرية. لقد أصبح من الواضح أن تداعيات مرض كورونفيروس ألقت بظلالها على العلاقات داخل الاتحاد الأوروبي، والتي استدعت مستقبل وجودها، والتي عززت نمو قوة التيارات الشعبوية اليمينية، والإمكانات المنعكسة على الفوز بأغلبية كبيرة في أي انتخابات رئاسية أو برلمانية مقبلة، مما سيعزز سياسات الاكتفاء الذاتي والعزلة، الأمر الذي يؤدي إلى زعزعة الاستقرار في الاتحاد الأوروبي ومؤسساته، وهذا واضح في إيطاليا والنمسا وإسبانيا والبرتغال وحتى ألمانيا (راغب، 2020).

من ناحية أخرى، فإن أزمة فيروس كورونا ستتحول نحو التعاون أكثر من المنافسة والصراع اللذين كانا المهيمنين على العلاقات الدولية. من الواضح أن مجالات التعاون بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين وروسيا في إدارة عواقب جائحة فيروس كورونا في إطار تبادل المعلومات والتجارب والمساعدة الطبية المتبادلة تتوسع في أعقاب أنيرة كانت نظرية المؤامرة موجودة في تبادل اللوم على الحزب كان مصدر انتشار الفيروس وإلقاء اللوم على هذا الطرف أو ذاك. هل تتجه العلاقات الدولية نحو اختراق وتعميق التعاون؟ أو سيكون العالم على استعداد لمواجهة العواقب الوخيمة والأكثر خطورة لمرض الفيروس التاجي وسلالاته المتعاقبة، أو للفيروسات الناشئة الأخرى(الشامي، 2020).

يمكن القول ان الأزمة لا زلت في بدايتها وان التغيير لن يحدث بشكل سريع بل بشكل تدريجي، لكن الأمر واضح بالنسبة لقدرات الدول، سوف يجعل كورونا دول قوية في فلك النظام الدولي وتتراجع دول كانت قوية، ودول ستكون كما كانت ولن يحدث عليها تغيير، لذلك فأن التراجع الاقتصادي والانغلاق التام في التبادل التجاري، ووقف التصدير لدول تعتمد على مواردها وخاصة النفطية، ودول ستستفيد من الأزمة، فالأزمة الوبائية سوف تشكل تغيير تدريجي في ميزان القوى على مستوى العالم.

الخاتمة

لقد خلصت الدراسة بان الإرهاب والوباء هما وجهان لعملية واحدة، وكلاهما قد هدد البشرية بشكل مقصود او غير مقصود، وابرزت الدراسة بأن جائحة كورنا ربما تكون مستفعلة ضمن اطار الحرب البيلوجية، فرغم انه فيروس لا يرى بالعين المجرد الا انه قد يكون من صنع الانسان.

كذلك بينت الدراسة ان التداعيات التي شكلتها الجائحة من تعطيل في التنمية الاقتصادية وخاصة النفص في الغذاء وارتفاع نسبة الفقر البطالة بسبب تقصير الحكومات وعجزها في سد الفراغ الذي انتجته الجائحة قد ساعد الجماعات الارهابية استغلال الضعفاء والفقراء بتجنيدهم مقابل لقمة العيش او القاء على الحياة، وهذا ما يؤكد على دور المنظمات الارهابية استغلال تقصير الدول مع مجتمعاتها والذهاب الى النفق المظلم ما يسمى بالجماعات الارهابية

كذلك خلصت الدراسة الى ان هناك تداعيات سياسية تتمثل في تغير كبير في العلاقات الدولية، وقد يشهد النظام الدولي تغير وحالة من الانتقال من عالم احادي القطبية الى عالم ثنائي القطبية بين الصين والولايات المتحدة الامريكية، وهذا التغيير سيشهد انعكاس على النظام الاقتصاد الدولي حيث اثبتت جائحة الكورونا هشاشة الانظمة الاقتصادية في كثير من الدول الغربية مما يعطي ذلك نتائج على تغير قادم في بنية النظام الاقتصادي.

ثانيا: نتائج الدراسة

  1. أكدت الدراسة بأن هناك علاقة بين جائحة كورنا والإرهاب، والتي تتمثل في استغلال المنظمات الإرهابية للفقراء الذين توقفت مواطن عيشهم بسب جائحة كورنا.
  2. أثبتت الدراسة بان هناك علاقة بين الارهاب وجائحة كورنا، فقد تكون الجائحة من صنع الإنسان في الاطار الجريمة البيولوجية باستخدام فيروس كورنا ونشره للقضاء على البشرية وهي نفس الاعمال التي تنفذه المنظمات الارهابية
  3. أكدت الدراسة الى ان العالم يسير الى حالة من التغير في طبيعة النظام الدولي من عالم احادي القطبية الى عالم ثنائي القطبية بين الصين والولايات المتحدة الامريكية.
  4. بينت الدراسة ان جائحة الكورونا قد كشفت هشاشة الانظمة الاقتصادية في كثير من الدول الغربية مما يعني وجود تغير قادم في بنية النظام الاقتصادي.
  5. أبرزت الدراسة مدى قدرة الدول في إدارة الأزمات حيث برزت دول كبيرة في التاريخ ولكن لم تثبت قدرتها في إدارة الأزمات وخاصة ايطاليا واسبانيا.
  6. اثبتت الدراسة الى وجود تعاون بين المنظمات اكثر من التعاون بين الدول.

ثالثا: التوصيات

  1. من الضروري على الدول دعم مجتمعاتها اقتصاديا واجتماعيا حتى لا يكونوا ضحايا للمنظمات الإرهابية.
  2. ضرورة التزام الدول بتعليمات منظمة الصحة العالمية في ترسيخ التباعد الاجتماعي للتقليل من انتشار الوباء.
  3. ضرورة التعاون بين الدول في مواجه الوباء العالمي حيث اثبتت الجائحة عدم وجود تعاون دولي حول مواجهة الازمة.
  4. ضرورة التقيد بشروط السلامة العامة في مواجهة الوباء العالمي.
  5. ضرورة انقاذ البشرية من اطار انساني ورفض سياسيات ادارة القطيع التي ترى دع من يعيش يعيش من يموت يموت.

المراجع

  1. المراجع العربية

ابن منظور (1955). لسان العرب، المجلد الأول، دار بيروت، بيروت، لبنان.

بوادي، محمَّد حسنين (2004). تجربة مواجهة الإرهاب، دار الفكر الجامعي، ط1، الإسكندرية.

حريز، عبد الناصر (1996). الإرهاب السياسي، دراسة مقارنة، مكتبة مدبولي، القاهرة.

حريز، عبد الناصر (1996). الإرهاب السياسي، دراسة مقارنة، مكتبة مدبولي، القاهرة.

خليفة، عبدالسلام خليفة (2008). الإرهاب والعلاقات العربية الغربية، دار جرير للنشر والتوزيع. المغرب.

راغب، محمود (2020)، القوى العاملة: السعودية تمدد تأشيرات الخروج والعودة 6 شهور بدون رسوم،صحيفة اليوم السابع، 21، اذار، مصر.

الشامي، طارق (2020). ما بعد عاصفة كورونا… العالم إلى الأفضل أم إلى الأسوأ؟ صحيفة اندبندنت العربية، 22، نيسان،

شعبان احمد (2020). صعود دول وأفول أخرى ونهاية العولمة..دراسة تتنبأ بعالم ما بعد كورونا، صحيفة مصراوي، 5، نيسان، مصر

شعبان احمد (2020). صعود دول وأفول أخرى ونهاية العولمة..دراسة تتنبأ بعالم ما بعد كورونا، صحيفة مصراوي، 5، نيسان، مصر

شكري، محمَّد عز الدين جلال (1991). الإرهاب الدولي، دار العلم للملايين، بيروت، لبنان.

شكري، محمَّد عز الدين جلال (1991). الإرهاب الدولي، دار العلم للملايين، بيروت، لبنان.

الصاري، عبدالحافظ (2020). أزمة كورونا.. هل يتحول العالم لاعتماد نظام اقتصادي أخلاقي؟مركز الجزيرة للدراسات، 25، اذار، قطر.

صدقة، يوسف (2020). فيروس «كورونا» وتداعياته على النظام الدولي، صحيفة الاخبار، 3، نيسان، لبنان

صدقة، يوسف (2020). فيروس «كورونا» وتداعياته على النظام الدولي، صحيفة الاخبار، 3، نيسان، لبنان

عامر، عادل (2014)، العلاقات الاقتصادية المصرية الأردنية، المركز الديمقراطي العربي للدراسات الإستراتيجية والسياسية والاقتصادية، مصر

عبدالهادي، محمد (2020)المخاطر والفرص.. فيروس كورونا المستجد والنظام الدولي، المركز العربي للبحوث والدراسات، 31، نيسان، مصر

عبدالهادي، محمد (2020)المخاطر والفرص.. فيروس كورونا المستجد والنظام الدولي، المركز العربي للبحوث والدراسات، 31، نيسان، مصر

العتيبي، عبدالله بن نجاد ( 2020) الوباء والسياسة،مجلة الشرق الاوسط، العدد (15090).، 22، اذار، السعودية.

عز الدين، جلال (1986). الإرهاب والعنف السياسي، دار الحرية، القاهرة، مصر.

عطية الله، أحمد (1968). القاموس السياسي، دار النهضة العربية، القاهرة.

عيد، محمَّد فتحي (1999). الإجرام المعاصر، أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض، السعودية.

غيتا غوبيناث (2020) الحد من التداعيات الاقتصادية لفيروس كورونا بوضع سياسات موجهة كبيرة، صندوف النفد الدولي، 10. اذار، واشنطن

فتحي، رباب (2020). ليست جميعها سيئة. أثار إيجابية لفيروس كورونا على البيئة، صحيفة اليوم السابع،3، نيسان، مصر.

الفيروزآبادي، مجد الدين أبو طاهر محمَّد بن يعقوب (2005). القاموس المحيط، مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت – لبنان.

قاسم، عبدالستار(2020).تداعيات كورونا على العلاقات الدولية والإنسانية، موقع عربي ارتي ار، 2، نيسان، لبنان

الكتاني، حميد(2020) الحرب البيولوجية.. لن تُطلَقَ رصاصةٌ بعدَ كُورُونَا، صحيفة راي اليوم، 14، نبسان، لندن.

الكتاني، حميد(2020) الحرب البيولوجية.. لن تُطلَقَ رصاصةٌ بعدَ كُورُونَا، صحيفة راي اليوم، 14، نبسان، لندن.

الكيالي،عبد الوهاب(1990). موسوعة السياسة. الجزء الأول، ط3 بيروت:المؤسسة العربية للدراسات والنشر،، لبنان.

مركز الجزيرة للدراسات (2020). هكذا يبدو العالم بعد كورونا.. نهاية النفوذ الأميركي وصعود الصين، 21’ اذار، قطر

مركز الجزيرة للدراسات (2020). ورونا.. دول العالم تحكم إغلاق حدودها ووقف حركة الناس لكبح انتشار الوباء،22، اذار، قطر.

المعلا، محمَّد خليفة (1998). إستراتيجية مكافحة الإرهاب في دول الخليج العربية، بحث مقدم إلى المؤتمر الدولي الثاني عشر لعلم الإجرام.

معوض، جلال عبدالله (1987). ندوة العنف والسياسة في الوطن العربي، مجلة المستقبل العربي، العدد 101.

منظمة الصحة العالمية (2019). مرض فيروس كورونا (كوفيد-19): أسئلة وأجوبة‏،جنيف، سويسرا.

الهيبة،عدي (2020) التحولات الكبرى لعالم ما بعد كورونا، مجلة هايسبرس، 12، نيسان، مصر.

ب- المراجع الاجنبية

Francesco، Marone، (2019)The Islamic State in the West”، Commentary، ISPI – Italian Institute for International Political Studies، 28 June

Frederick Kempe (2020)The corona virus is just starting to have an impact on the globe’s economy and politics.U.S.A.

JOHN ALLEN (2020) How the World Will Look After the Coronavirus Pandemic، MARCH 20، U.S.A.

N. Y. Mccraw (1989). Introduction to Political Terrorism. Hill Polication Company.

TALLHA ABDULRAZAQ (2020)International relations and power in the coronavirus age. Trt world.U.S.A.