القيمة التاريخية والجمالية لأثار مدينة قورينا (شحات) وكيفية والحفاظ عليها

أ. أمنة محمد عبد السيد1 أ. غادة خالد الماجري2 أ. الهام خطاب بن طاهر3

1 – عضو هيئة تدريس، محاضر، قسم الفنون التشكيلية، جامعة درنة amena.mohammed@omu.edu .ly

2 – عضو هيئة تدريس، محاضر، قسم هندسة معمارية، جامعة درنة – gadaalmagre@gmail.com

3- عضو هيئة تدريس، محاضر مساعد ، قسم الفنون التشكيلية، جامعة درنة- abntahr84@gmil.com

HNSJ, 2022, 3(1); https://doi.org/10.53796/hnsj3123

Download

تاريخ النشر: 01/01/2022م تاريخ القبول: 22/12/2021م

المستخلص

تعد الآثار شيئاً ليس ثانوياً؛ فالعديد من الأشخاص خاصة في مجتمعاتنا العربية ينظرون إليها نظرةً عادية ولا يولونها الكثير من الأهمية مع أنها تحتل مكانة عظيمة، فهي أولا وقبل كل شيء تعتبر الدليل المادي على وجود الشعب وأحقيّته بأرضه التي يقيم عليها، الآثار لها قيمة تاريخية عظيمة، ومصدر فخر لنا أمام الأجانب.

ومن هذا المنطلق يهتم البحث في دراسة القيمة التاريخية والجمالية للآثار مدينة شحات أو قورينا، كما يهدف البحث لأهمية إلقاء الضوء لدراسة المعالم الأثرية وجماليتها وكيفية الحفاظ على معالمها الاثارية من الخراب والاندثار وترميمها بوسائل وطرق المناسبة ليتم معالجة وتأهيل الآثار لكي تدوم لمدى الزمن طويل وتوثيق دقيق للأثر بالإضافة إلى جميع المواد المستخدمة في الترميم.

وتعتمد منهجية البحث على دارسة تاريخية تعتمد على وصف تفصيلي معزز بالصور للعناصر الآثار من خلال الملاحظات المباشرة أثناء الدارسة الميدانية، وبالمقابلة الشخصية للحصول على المعلومات المطلوبة، ومن ثم العناصر الزخرفية والهيأة العامة للمباني والعمارة منذ العصور الحضارات الإغريقية المتحصل عليها من الدارسة.

ومنها التطرق إلى النتائج والتوصيات التي من خلالها يمكن التعامل مع المباني الاثارية بأفضل صورة للحفاظ عليها ومحافظه على الآثار وإبقائها بصورتها الحالية لا يضاف إليها أو يزال منها أي عنصر أي تبقى كما هي دون المساس بمعالمها.

الكلمات المفتاحية: القيمة التاريخية – القينة الجمالية – مدينة قورينا الاثارية ( شحات )– وكيفية الحفاظ على الاثار.

Research title

The historical and aesthetic value of the antiquities of the city of Cyrene (Shahat) and how to preserve them

Amna Mohamed Abdel Sayed 1 Ghada Khaled Al-Majri 2 Ilham Khattab bin Taher 3

1 – Faculty Member, Lecturer, Department of Plastic Arts, University of Derna amena.mohammed@omu.edu .ly

2 – Faculty Member, Lecturer, Department of Architectural Engineering, University of Derna – gadaalmagre@gmail.com

3 – Faculty Member, Assistant Lecturer, Department of Plastic Arts, University of Derna – abntahr84@gmil.com

HNSJ, 2022, 3(1); https://doi.org/10.53796/hnsj3123

Published at 01/01/2022 Accepted at 21/12/2021

Abstract

Archeology is secondary; Many people, especially in our Arab societies, view it as normal and do not attach much importance to it, even though it occupies a great position

From this point of view, the research is interested in studying the historical and aesthetic value of the antiquities of the city of Shahat or Cyrene

The research also aims to shed light on the importance of shedding light on the study of archaeological monuments and their aesthetics, and how to preserve their archaeological features from ruin and extinction, and restore them by appropriate means and methods to treat and rehabilitate the monuments so that they last for a long period of time and accurate documentation of the effect in addition to all materials used in the restoration

The research methodology is based on a historical study that relies on a detailed description enhanced with pictures of the archaeological elements through direct observations during the field study, and in a personal interview to obtain the required information, and then the decorative elements and the general appearance of buildings and architecture since the ages of Greek civilizations obtained from the study.

Including addressing the results and recommendations through which it is possible to deal with the archaeological buildings in the best way to preserve and preserve the antiquities and keep them in their current form.

Key Words: The historical value – the aesthetic value – the archaeological city of Cyrene (Shahat) – and how to preserve the antiquities.

المقدمة

عاشت ليبيا حضارة عريقة وعظيمة عبر تاريخها المجيد وتقوم مصلحة الآثار في ليبيا الآن، بمحاولات متعددة للكشف عن حضارة ليبيا وأعماقها التاريخية.

تتميز ليبيا بموارد سياحية هامة تتمثل في التراث التاريخي والاجتماعي والثقافي الكبير. كذلك المدن والمعالم الأثرية و التاريخية المنتشرة على طول سواحل الليبية وفي الواحات و أهمها ” طرابلس ـ صبراتة ـ لبدة ـ شحات ـ الدرسية ـ جرمة ـ غدامس ـ غات ـ قرزة ـ كاباو ” والشواطئ الرملية والسواحل البكر على طول الساحل على البحر الأبيض المتوسط والصحراء برمالها النظيفة والواحات التي تتخللها البحيرات والعيون .

ومن هذا المنطلق الآثار الموجودة في ليبيا اهتم البحث بدراسة القيمة التاريخية والجمالية للآثار مدينة قورينا الاثارية (شحات)، حيث تعرف مدينة شحات فيما مضى باسم قورينا، واسمها التاريخي كان السبب في تسمية المنطقة الشرقية من الأراضي الليبية باسم قورينائية، وهي مدينة تاريخية بناها الإغريقيون في منطقة الجبل الأخضر في أقاصي المناطق الشمالية الشرقية الليبية، وتعد المدينة ثاني أكبر مدينة في محافظة الجبل الأخضر.

أسست المدينة عدد من المستكشفين الإغريقين الذين وصلوا إليها في ذلك الوقت، وذلك في عام 631م، أما أول حكامها فهو الإغريقي باتوس الذي حكمها حوالي 40 عاماً، ووصلت المدينة إلى قمة ازدهارها التجاري والزراعي خلال القرن الرابع قبل الميلاد تمتلك مدينة شحات معالم أثرية والتاريخية وهى تعتبر من أجمل المدن الليبية لما لها قيمة جمالية من الناحية الحضارية والتاريخية، كما اعتُبرت واحدة من أجمل المدن في الوطن العربي، وتقع في المرتبة الثالثة من هذه القائمة، كما تحتوي على عدد من الأماكن ذات القيمة التاريخية والأثرية.

ويهتم البحث عن كيفية المحافظة على الآثار وتطويره، أمر هام جدًا لأن الآثار لها أهمية كبيرة جدًا في الماضي والحاضر والمستقبل، مما يجعل الأشخاص والدول حريصين على اقتنائها لأنها ذات اهتمام جمالي وقيمة تاريخية، الآثار تجذب العديد من السياح من جميع بلاد العالم لرؤيتها، مما ينشط السياحة في بلادنا العربية، ويزيد من الدخل القومي والعملة الصعبة.

منهجية البحث:

ينهج الباحث في هذه الدارسة المنهج التاريخي والوصفي التحليلي وذلك وفق الآتي:

اعتمد على دارسة تاريخية بحيث قام بإعداد وصف تفصيلي معزز بالصور للعناصر الاثار من خلال الملاحظات المباشرة أثناء الدارسة الميدانية، وبالمقابلة الشخصية للحصول على المعلومات المطلوبة. تم العناصر الزخرفية والهيأة العامة للمباني والعمارة منذ العصور الحضارات الاغريقية المتحصل عليها من الدارسة.

مشكلة الدراسة

تدهور حالة اثار مدينة قورينا نتيجة عدم الحفاظ عليها بالأساليب والطرق العلمية الصحيحة وفق المواثيق الدولية للحفاظ على الاثار.

أهمية البحث:

إن هذا البحث يكتسب أهميته من كونه يقدم للباحثين مصادر عن اثار مدينة شحات بدون تغييرات جوهرية عليها عن هذه الاثار المعرضة للزوال ويسهم في الحفاظ على ما تبقى منه ويسهم في تسليط الضواء عليها وعلى ما يوجد به من قيم فنية.

أهداف البحث:

يهدف البحث إلى تحقيق عدد من الأهداف هي:

  1. تسليط الضوء على كيفية الحفاظ على الأثر في المواثيق الدولية.
  2. استخلاص الدلالات والمعاني للعناصر الاثرية المستعملة في محل الدارسة.
  3. وضع منهجية علمية مقترحة من الباحث للحفاظ وترميم اثار مدينة قورينا.
  4. الأثر

يختلف تعريف الأثر من بلد إلى أخر تبعا للمدة الزمنية التي تحددها كل دولة لقياس المباني القديمة، وتبعاً لأهمية المبنى ومدى إدراك المجتمع له، وفيما يلي عرض لتعريف الأثر من خلال القوانين ومن خلال المواثيق الدولية.

1.1 تعريف الأثر: كل عقار أو منقول أنتجته الحضارات المختلفة أو احداثته الفنون والعلوم والآداب والأديان من عصر ما قبل التاريخ وخلال العصور التاريخية باعتباره مظهراً من مظاهر الحضارات المختلفة التي قامت على أرض ليبيا أو كانت له صلة تاريخية بها، وكذلك رفات السلالات البشرية والكائنات المعاصرة لها.( قانون حماية الاثار، 1983م).

2.1 تعريف الأثر في المواثيق الدولية:

  1. ميثاق فينسيا: الأثر هو الشاهد على التقاليد الموغلة في لقدم.
  2. ميثاق لوزان: الأثر هو الموروث المادي الذي يمدنا بالمعلومات الأولية عن الحضارات السابقة.
  3. ميثاق صوفيا: عرفت الاثار بانها نشاط جماعي، وكل شخص معني برسم وتوضيح ماضي وكل عمل من شانه بتر أو تقليص معلومات الماضي هو خرق وتعدي على استقلالية الشخص وهويته (2003 International convention for the safeguarding).
  4. مدينة شحات (قورينا) الاثرية

شحات أو قوريني أو قورينا، هي مدينة ليبية تاريخية حازت على شهرة واسعة، ماضيا وحاضرا للعديد من الخصائص التي تميزها. تقع في منطقة الجبل الأخضر، شمال شرقي ليبيا، في واحد من أجمل الأماكن في الشرق. وتسمى أيضا «قورينا» أو «سيرين» وتتميز بعراقتها وتاريخها الضارب في القدم والذي يعود إلى قرابة الستة قرون قبل ميلاد المسيح، (مصلحة الاثار، 1971م).

وتذكر الأسطورة الإغريقية ان اسم «سيرين» اشتق من اسم حورية شاهدها الإله أبولو وهي تقتل أسدا بيديها، في عمل بطولي أبهر أبولو صاحب القداسة لدى اليونانيين القدامى الذي أراد الزواج بها وتم ذلك في موقع مدينة شحات. وحسب معتقدات الإغريق، فإن أبولو هو إله الشمس، وهو ابن الإله زيوس والآلهة ليتو، وهو الشقيق التوأم لأرتيميس، ومقر عبادته يقع في جزيرة دلفي في اليونان حيث المعبد الشهير الذي نقشت عليه عبارة «اعرف نفسك بنفسك».

ويرجع مؤرخون كثر سبب إطلاق تسمية «شحات» إلى شح المياه في هذه المدينة التاريخية بعد أن نضبت عيون مياهها العذبة التي كانت تروي سكانها في العصور الغابرة. فهي باختصار، وحسب هذا الطرح، مدينة العيون الشاحات، بالرغم من أن هذه الفرضية في التسمية لا تبدو منطقية ولا تجد سندا يدعمها أو دليلا علميا يؤكدها، ( عكاشة،2004 م، ص20).

  1. القيمة التاريخية لمدينة قورينا

تشمل القيمة التاريخية جميع العصور التاريخية لمدينة قورينا وهي:

1.3 تاريخ ضارب في القدم

تأسست المدينة التاريخية الليبية سنة 631 قبل ميلاد المسيح عن طريق رحالة وتجار يونانيين كانوا يترددون على السواحل الشرقية لشمال افريقيا، أي المنطقة الواقعة ما بين أقصى شرق بلاد النيل من ناحية البحر الأبيض المتوسط وصولا إلى خليج سرت الليبي. فما يقع بعد سرت من ناحية الغرب الليبي وصولا إلى سواحل المحيط الأطلسي، كان خاضعا لنفوذ قرطاج التي اقتسمت مع الإغريق شمال القارة السمراء وتوسعت في غرب المتوسط في كل الاتجاهات الممكنة وأقامت المستعمرات في غرب القارتين السمراء والعجوز وفي كثير من جزر المتوسط. (عكاشة،2004، ص20).

شهدت شحات عصرها الذهبي في القرن الرابع قبل الميلاد حيث نمت وازدهرت واحتلت موقعها في الخريطة القديمة لأهم المدن الكبرى وكانت تعتبر لدى اليونانيين، وفي عصر ما، أكثر أهمية من العديد من مدنهم الكبرى. ازدهر فيها النشاط الزراعي واستغلها الإغريق أفضل استغلال خاصة وأن أغلب أراضيهم تطغى عليها الجبال والجزر البركانية الصغيرة المتناثرة في بحر إيجة والبحر الأيوني، (عبد شهيب، 2008 م، ص44).

كما ازدهرت التجارة في شحات باعتبار موقعها الهام على الطريق بين بلاد النيل وقرطاج، حيث توجد حضارتان كبيرتان مؤثرتان في التاريخ الإنساني. وبالإضافة إلى ذلك فهي مدينة ساحلية تأتيها سفن الإغريق وغيرهم لاقتناء ثرواتها الزراعية والسمكية المتوسطية باعتبار أن عموم سكان السواحل الشمالية لهذا البحر، نشطوا في الصيد منذ القديم وابتدعوا طرقا متعددة للحصول على أجود ّأنواع الأسماك.

لقد عرفت شحات، الحاضرة المزدهرة في زمان تألقها، والتي تحيط بها مناظر خلابة تسر الناظرين، استقرارا سياسيا دام لقرون وهجرات لأقوام متعددة، الأمر جعلها بيئة خصبة لعدد من العلماء والمفكرين. ومن روادها عالم الرياضيات إراتوستينس، الذي تأثر بفكر الإغريق ونبوغهم في هذا الصنف من العلوم فتألق وفاقت شهرته مدينة شحات ووصل صيته إلى كل بلاد اليونان ومحيطها.

ومن مشاهير شحات أيضا إيراتوسثانيس المختص في علم الفلك والجغرافيا، ويقال انه أول من قام بعملية قياس قطر الأرض. كما تذكر كتب التاريخ الفيلسوف اريستيبوس. وفي العهد الروماني ظهر سمعان القيرواني الذي يقال انه أحد الحواريين وقد ذكر في الأناجيل، وأيضا القديس مرقس مؤسس الكنيسة الإسكندرية وآخرين، (عبد شهيب، 2008 م، ص90).

https://alsabaah.ly/wp-content/uploads/2019/02/images-11.jpg

الشكل (1) يبين اثار مدينة قورينا https:/ www.alquds.co.uk

2.3 حضارات متعاقبة

خضعت شحات للإسكندر الأكبر مع نهاية القرن الرابع قبل الميلاد، ثم احتلها الرومان بعد سقوط قرطاج، فقد فتح سقوط الأخيرة أبواب شمال افريقيا للرومان بعد ان كانت بمثابة السد المنيع. وبعد حرق روما ونهاية إمبراطوريتها الغربية حاول الرومان الشرقيون أو البيزنطيون استرداد ممتلكات روما في شمال افريقيا فخضعت لهم قورينا أو شحات مثل مدن عديدة في شمال افريقيا كانت تقع في مناطق نفوذ روما.

ثم جاء المسلمون إلى شحات سنة 635 ميلادية قادمين من فسطاط مصر متجهين غربا لتأسيس مدينة القيروان التونسية التي اتخذوها عاصمة لولاية بلاد المغرب الإسلامي. وخضعت افريقيا الشمالية للدولتين الأموية ثم العباسية إلى حدود عصر هارون الرشيد الذي بدأ فيه بعض الولاة يورثون الحكم لأبنائهم بالاتفاق مع العباسيين وذلك مقابل دفع خراج سنوي إلى بغداد حيث مستقر الخليفة العباسي، (الطوير،1998م، ص27).

وصارت الأمور في شمال افريقيا إلى الفاطميين وخضعت لحكمهم مدينة شحات ومحيطها في الجبل الأخضر وكذا سائر إقليم برقة. ثم دخلت المنطقة في اضطرابات بعد الغزو الهلالي لشمال افريقيا استمرت في بعض المناطق رغم قدوم الموحدين، وبقيت الأمور كذلك رغم الاستقرار مع الحفصيين في الجوار التونسي، إلى أن حل العثمانيون وحسموا الصراع مع الاسبان لصالحهم واستمروا في حكم ليبيا إلى حين قدوم الايطاليين كمستعمرين لم يغادروا بلد عمر المختار إلا بشق الأنفس ونتيجة لتضحيات الليبيين ونضالهم من أجل الحرية، (إدارة البحوث الاثرية،1971م).

وقد تركت هذه الحضارات المتعاقبة وكذا المستعمرون آثارا ومعالم كثيرة بقيت إلى اليوم مزارا للسياح الليبيين والأجانب واستغلها البعض في الجذب السياحي خارج ليبيا. وأبرز مثال على ذلك تمثال أبولو الذي نقله البريطاني روبرت مردوخ سميث إلى موطنه وتم إيداعه في متحف وحرم منه أهالي شحات. ومن الآثار الإغريقية أيضا معبد الإله زيوس، الذي تأسس في القرن الخامس قبل الميلاد، والأغورا ومجلس الشورى، وقلعة الاكروبوليس.

كما عرف الإغريق في شحات بحماماتهم التي طورها الرومان لاحقا مثلما طوروا المسارح وعديد المباني الأخرى مثل رواق هرقل، بالإضافة إلى تشييدهم لأسوار المدينة. فالرومان لم يدمروا شحات مثلما فعلوا مع قرطاج التي أحرقوها بالكامل ثم أعادوا بنائها. فقد حافظوا على ما بني وقاموا بعملية تطوير وتأهيل طالت مختلف المرافق العامة وحتى البيوت الخاصة وبنوا الكنائس التي حافظ عليها البيزنطيون لاحقا وشيدوا غيرها، (عكاشة،2004، ص20).

    1. أنشطة متنوعة

شحات أو قورينا اليوم هي مدينة مندمجة اقتصاديا مع مدن الجبل الأخضر التي ترتبط بالعالم الخارجي بمطار الأبرق وهو مطار يشهد حركية كثيفة في السنوات الأخيرة بسبب تدهور الوضع الأمني مما يحول دون سفر الليبيين برا بسياراتهم خصوصا نحو تونس. ولقورينا أيضا ميناء، هو ميناء مدينة سوسة الليبية أو أبولونيا كما كانت تسمى في السابقّ، نسبة إلى الإله أبولون، وهناك مشروع لإنشاء منصة لتصدير النفط من هذا الميناء القديم. وإلى جانب الاستفادة من مداخيل النفط يتعاطى سكان الجبل الأخضر الذي تنتمي إليه قورينا شحات نشاط الصيد البحري وتوجد في تلك المناطق ثروة سمكية هامة تسيل لعاب الصيادين من الدول المحيطة بليبيا. كما يوجد في محيط مدينة شحات نشاط زراعي بحاجة إلى تطوير خاصة وأن كل العوامل مساعدة من حيث المناخ وتساقط الأمطار والثلوج وجودة التربة، (الطوير،1998م، ص34).

وتنتشر الغابات في منطقة الجبل الأخضر وهي كثيفة تتوفر على كساء نباتي هام ومتنوع ويعتبر مصدر جذب لهواة السياحة وسط الطبيعة الغناء. فهذه الغابات بأشجارها الباسقة تضفي على المكان مسحة جمالية قل نظيرها في العالم العربي بالإمكان استغلالها في عديد الأنشطة مستقبلا وعند التفكير في بدائل تنموية خارج إطار النفط والغاز.

كما أن هناك بعض الأنشطة الحرفية يتعاطاها سكان مدينة شحات وسائر مدن الجبل الأخضر، بينما لا توجد صناعات ثقيلة أو حتى خفيفة تستحق الذكر وينطبق الأمر على ما يبدو على كل ليبيا. لكن ذلك لا يمنع من وجود مشاريع قد تنجز في الأفق ووجود رغبة حقيقية في إنشاء منطقة صناعية مندمجة تساهم في النهوض بالاقتصاد الليبي خاصة وأن أغلب مداخيل النفط ستذهب في السنوات المقبلة للدول التي ساهمت في إسقاط نظام القذافي وإلى شركات إعادة الأعمار الأجنبيةـ، (الطوير،1998م، ص88).

    1. ثروة غير مستغلة

أن مدينة شحات قورينا ومعها كامل مدن الجبل الأخضر يمكن اعتبارها رئة ليبيا باعتبار خصائصها البيئية الاستثنائية. فيمكن استغلال محمياتها للسياحة البيئية لجلب الباحثين عن الهواء النقي والطبيعة العذراء من المرضى الراغبين في النقاهة واسترداد الأنفاس والاستشفاء.

يمكن استغلال المنطقة في إنشاء أماكن للسياحة العائلية خاصة خلال العطل المدرسية حيث تبحث العائلات الليبية وغير الليبية عادة عن مثل هذه الأماكن بعد ضغط الامتحانات المدرسية. لكن محدثنا يرى أن البنية التحتية السياحية ضعيفة في شحات والجبل الأخضر وسائر ليبيا رغم أن الطبيعة غناء، فمكان بهذه المقومات الطبيعية الاستثنائية لو كان في تونس مثلا لصنعوا منه العجب ولأصبح قبلة للزوار من كل أنحاء العالم. (إدارة البحوث الاثرية،1971م).

إن قدرة شحات قورينا والجبل الأخضر على الجذب السياحي أمر يدركه القاصي والداني مع وجود عديد الخصائص والمميزات التي لا تتوفر في أماكن أخرى. فهناك الآثار وبكميات وفيرة عجزت عن استيعابها المتاحف، وهناك الأساطير والملاحم الخيالية التي تروي قصصا من الأزمنة الغابرة تستهوي فئة من الزائرين، (الميار،1976م، ص15).

وتوجد في الجبل الأخضر الشواطئ العذراء الممتدة على مرمى البصر، ناهيك عن الجبل والغابة والحدائق والمحميات والمساحات الخضراء. لكن هذه المناطق لم تستغل وللأسف الاستغلال الأمثل لتطوير الأنشطة الاقتصادية في ليبيا خارج إطار البترول.

فحتى تصبح مدن الجبل الأخضر مناطق سياحية حقيقية، وقبلة للزوار من مختلف أنحاء العالم، وجب العمل والتخطيط لذلك من الآن. فليبيا تنتظرها سنوات عجاف لن تستفيد خلالها من ثروتها النفطية وهي في حاجة إلى موارد جديدة لتجاوز مخلفات الحرب الأهلية التي أتت على الأخضر واليابس. ولا يجب الاكتفاء بالسياحة، فتطوير الصناعة والخدمات أمر على غاية من الأهمية، وتبدو مدن الجبل الأخضر مرشحة أكثر من غيرها من مناطق ليبيا للنهوض بالوطن بالنظر إلى خصائها المذكورة»، (إدارة البحوث الاثرية،1971م).

    1. أهمية الآثار التاريخية

يمكن للآثار أن تُعطينا فكرةً عنِ الحِقب التاريخيّة القديمةِ وشكلها، وطبيعتها، وعن طبيعة حياة الأجيال التي عاشت فيها يوماً ما، وللآثارِ أهمّيّة في ربط الماضي بالحاضر والمستقبل، فمعرفة الإنسان لماضيه وحاضرِه يُمكّنه من صياغة مستقبله ومستقبل الأجيال من بعده، ومن أبرز أوجه الآثار التاريخية هي التراث العمراني؛ الذي يُشكل حلقة وصل بين الماضي والحاضر، ويُساهم في تعريف الناس في حضارة أجدادهم وتاريخهم، ممّا يُخلِق رابطة قوية بين الوطن والمواطن، ويُسهم في تعريف جميع المواطنين بتاريخهم وحِفْظه من خلال تناقله بين الأجيال، (عبد شهيب، 2008 م، ص90).

    1. أهمية الآثار الاقتصادية

تكمن أهميّة الآثار الاقتصادية في كونها مساهماً رئيسياً في دعم الاقتصاد، سواء أكان ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر، ومن أبرز الأوجه الاقتصادية التي تُساهم الآثار فيها هي توفير فُرص عمل ودعم المجتمع من حيث تقليل نسبة البطالة؛ حيثُ يؤدي استثمار الآثار والمواقع الأثرية المختلفة -خاصةً في المناطق والمحافظات والمدن والقرى النائية والبعيدة- إلى إيجاد أدوار وظيفية اقتصادية للشباب في تلك المناطق؛ الأمر الذي يُحقق الاستقرار السكاني ودعم العائلات المُحتاجة. في هذا النطاق، يُعدّ القطاع السياحي القطاع الأول في إيجاد فرص العمل على مستوى العالم، وتُشكّل الآثار والتراث أحد عناصر الجذب الأساسية فيها، وبذلك؛ يُساهم استغلال الآثار بالطريقة الصحيحة في إيجاد اقتصاد قوي ومُتكامل، ودعم طاقات الشباب. (الطوير،1998م، ص88).

    1. أهمية الآثار الاجتماعية

تلعب الآثار دوراً مهماً من الناحية الاجتماعية؛ إذ تكمُن في الدور الذي تلعبه في تكوين هوية المواطن، وتعريفه بتاريخه وحضارته وقيَم أجداده وطُرق حياتهم؛ الأمر الذي ينعكس إيجاباً على زيادة الانتماء لدى المواطنين لبلدِهم وحضارتهم، وتُسهِم في تقريبهم من تاريخ وطنهم، كما تُعزز غرس القيم الوطنية، وتُرسّخ الاعتزاز بالوطن، مما يَنتُج عنه التلاحم القوي بين أبناء الشعب الواحد، تُساعد المحافظة على الآثار على المُحافظة على التاريخ؛ باعتباره مصدراً رئيسياً لحفظ تاريخ البلاد وتاريخ الشعوب التي عاشت فيها، ويعكس حضارتها الأصيلة التي قامت فيها منذُ القِدَم. (عبد شهيب، 2008 م).

    1. أهمية الآثار السياحية

للآثار دور مهم وحيوي في جذب السياح ؛ فالسياحة تشكل مصدر دخل مهم وحيوي وفعال في المجتمعات والدول المُختلفة -خاصّةً في المناطقِ التي تحتوي على العديد من المعالم الأثريّةِ المهمّة والحيويّة- ذلك أنَّ النّاس بمختلَف أَنواعِهِم وأصنافهم يتهافتون على رُؤية العظمة في البناء، والدقة في التصميم، والأفكار الخلاقة التي كانت موجودة عندَ الأقوام والحضارات المندثرة، ممّا يَعمل على تنشيط الحركة الاقتصاديّة في الدّول التي يزورونَها؛ حيثُ تتوفّر العديد من فُرَص العمل، كما تَنشَطُ الحركة التّجاريّة في المواسم السّياحيّة، (هزاز، 1997م).

4. القيمة الجمالية للآثار شحات

القيم الجمالية هي فضائل تبرز من شخص أو حيوان أو عمل فني أو موضة أو شيء أو منظر طبيعي أو حدث، من بين أمور أخرى، وتولد ردود فعل أو تقييمات إيجابية أو سلبية.

القيم الجمالية هي معايير ومراجع إيجابية تتقاسمها المجموعة بشكل عام، والتي تحدد الشخص أو الشيء أو الفعل. من ناحية أخرى، يشير علم الجمال إلى إدراك الحواس وفلسفة ما يعتبر جميلًا، فهي أيضًا نتيجة لتقديرات الناس أو أحكامهم القيمة، بناءً على مجموعة من الانعكاسات الفلسفية والجمالية والأخلاقية على ما يعتبرونه أو ليسوا جميلين.

1.4 الجمال

وهو ما يعتبر جميلًا من الناحية الجمالية، وكان الموضوع الرئيسي للرسائل الفلسفية التي أثارها أفلاطون وأرسطو. يتعلق الأمر بما هو لطيف للحواس والتصورات، ومع ذلك، فإن تحديد ما هو جميل أم لا هو مهمة صعبة لأن هذا يعتمد على ردود فعل الناس تجاه شيء ما، (شاهين، 1994م).

2.4 جماليات مدينة شحات الاثارية

من أجمل مدن ليبيا والعالم تاريخًا وحضارة وقد حازت على شهرة واسعة، وأُسست في منطقة الجبل الأخضر في الدولة الليبيّة من قِبَل بعض عشّاق المغامرة الإغريق، وكان ذلك في عام ستمئة وواحد وثلاثين قبل الميلاد، عرفت هذه المدينة العديد من الحضارات التي تعاقبت عليها، ولذلك فإنّها تُعتبر أجمل المدن في البلاد، وتحتلّ المرتبة العاشرة على مستوى العالم العربي بين المدن التاريخيّة. ورد اسم هذه المدينة في الكتاب المقدّس، حيث ذُكرت في التوراة سفر المكابيين، وذُكرت في الإنجيل من خلال رجلٍ يُدعى سمعان القيرواني والذي ساعد السيد المسيح عليه السلام في حمل الصليب معه، (الميار،1976م).

كما ازدهرت التجارة في شحات باعتبار موقعها الهام على الطريق بين بلاد النيل وقرطاج، حيث توجد حضارتان كبيرتان مؤثرتان في التاريخ الإنساني. وبالإضافة إلى ذلك فهي مدينة ساحلية تأتيها سفن الإغريق وغيرهم لاقتناء ثرواتها الزراعية والسمكية المتوسطية باعتبار أن عموم سكان السواحل الشمالية لهذا البحر، نشطوا في الصيد منذ القديم وابتدعوا طرقا متعددة للحصول الأسماك. (كنزيك ،2005م).

https://alsabaah.ly/wp-content/uploads/2019/02/images-24.jpg آثار شحات

الشكل (2) يبين جزء من مدينة قورينا الاثارية (. https: // www. alsabaah.ly ).

5. أهم الآثار في شحات

أهمّ الآثار في شحات ما يلي(الميار،1976م):

  1. المعابد: تكثر في مدينة شحات المعابد التي لها تأثير جمالي في التصميم الشكل بشكل واضح لقد عرفت شحات، الحاضرة المزدهرة في زمان تألقها، والتي تحيط بها مناظر خلابة تسر الناظرين، استقرارا سياسيا دام لقرون وهجرات لأقوام متعددة، الأمر جعلها بيئة خصبة لعدد من العلماء والمفكرين. ومن روادها عالم الرياضيات إراتوستينس، الذي تأثر بفكر الإغريق ونبوغهم في هذا الصنف من العلوم فتألق وفاقت شهرته مدينة شحات ووصل صيته إلى كل بلاد اليونان ومحيطها. https:// / www.alsabaah.ly

ومنها معبد الإله زيوس الموضح بالشكل (3)، والذي يُعتبر حسب الميثولوجيا الإغريقية رب الأرباب، ويعد هذا المعبد هو الأكبر بين المعابد الإغريقيّة بعد المعبد الموجود في مدينة أثينا الباريثنون الموضح بالشكل (4)، ويعود للقرن الخامس قبل الميلاد، إضافةً لوجود معبد أبولو التاسع والموجود فيه مذبح الموضح بالشكل (5)، وأيضاً معبد لمؤلة وهو من المعابد المجهولة، وهنالك معبد ارتميس موجود فيه المذبح، وأيضاً يوجد معبد هيكاتي، ومعبد هاديس، وهنالك معبد الكابيتوليوم، (الميار،1976م).

Jupiter J1a.jpg Elide, moneta di adriano con zeus olimpio.JPG

الشكل (3) تمثال زيوس https://www.ar.wikipedia.org/wiki

The Parthenon in Athens.jpg

الشكل (4) معبد البارثنون https:// / www.akhbarlibya24.net/2019/11/10

https://alsabaah.ly/wp-content/uploads/2019/02/images-19.jpg

الشكل (5) حورية ابولو (. https: // www. alsabaah.ly ).

C:\Users\retal\Desktop\معبد بولو.jpg C:\Users\retal\Desktop\معبد 2.jpg

الشكل (6) معبد بولو https://www.ar.wikipedia.org/wiki

  1. المسارح: يوجد فيها المسرح والذي يعود للعصر الروماني، إضافةً إلى المسرح الإغريقي والذي تحول إلى امفتياتير، وهنالك المسرح الهلنيستي والذي يُعرف باسم الأوديون كما في الشكل (7).

https://akhbarlibya24.net/wp-content/uploads/2015/06/1461241_619220514790694_60675651_n1.jpg https://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/0/04/Temple_of_Zeus_Cyrene.jpg/220px-Temple_of_Zeus_Cyrene.jpg

الشكل)7) المسرح الاغريقي في مدينة شحات https://WWW. artravelers.com

  1. الحمامات: فيها الحمامات التي تعود للعصر اليوناني، إضافةً إلى حمامات تراجان. السوق اليونانيّة: والتي تُعرف باسم الاغورا. قلعة الأكرابوليسك، والشكل (8) يبين الحمامات.

اضغط على الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعي اضغط على الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعي

الشكل (8) الحمامات http://www.uaepigeon.com/vb/uaepigeon9679

  1. الأروقة: ويُعرف منها رواق هرقل، وأيضاً رواق هرمس.
  2. السور: وهو يقع خارج المدينة، وقد تمّ بناؤه ما بين القرن الأوّل للميلاد وبين القرن الثاني الميلادي، وفيه العديد من البوابات الموجودة على السور، ولعلّ أشهرها البوابة الإغريقيّة.
  3. الأعمدة: تكثر الأعمدة في شحات، وأشهرها عمود براثوميديس.
  4. النوافير: توجد فيها نافورة الحوريّة التي تُعرف بقوريني، وأيضاً النافورة الهلنيستيّة والتي تعرف بالعين. (الميار،1976م).

اضغط على الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعي

الشكل(9) يبين اعمدة براثوميديس https://www.ar.wikipedia.org/wiki .

وتوجد في شحات أيضاً العديد من النُصب، والتماثيل، والحمامات، والقصور وأشهرها قصر جايوس ماجنوس، وساحات، وميادين لسباق الخيول، والمكاتب للسجلّات العامّة، والشوارع التي يُعدّ أشهرها شارع باتوس، والكنائس التي تعود للفترة البيزنطيّة، والتي في معظمها ما زالت آثارها واضحةً صامدة رغم الزمن وما توالى عليها من عواصف وهزّات وحروب، ويتّضح بأنّ معظم هذه الآثار تعود إلى العصر الروماني وأيضاً العصر الإغريقي، والعصر اليوناني. الجدير ذكره أنّها توجد الكثير من القطع الأثريّة النّادرة والتي يبلغ عددها حوالي مئتي قطعة معروضة ضمن متحف شحات، وما يُثير حقّاً هو وجود حوالي سبعة آلاف وثمانمائة قطعة غير معروضة حتّى الآن على الرّغم من اكتشافهاhttps://mawdoo3.com . الموضحة ففي الشكل (10).

بعض الصور من معالم مدينة قورينا شحات الاثارية الاشكال (10)

اضغط على الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعي اضغط على الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعي اضغط على الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعي اضغط على الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعي

اضغط على الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعياضغط على الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعياضغط على الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعياضغط على الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعي

اضغط على الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعياضغط على الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعيhttp://www.uaepigeon.com/up/uploads/images/uaepigeon-86c93c5dad.jpgاضغط على الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعي

الاشكال (10) بعض الصور من معالم مدينة قورينا شحات الاثارية

http://www.uaepigeon.com/vb/uaepigeon96

قورينا تراث إغريقي عالمي مهدد بالتخريب والجرف

نجت آثار مدينة قورينا القديمة من العنف الذي رافق الثورة الليبية والصراعات التي تلتها والفوضى، لكنها تواجه اليوم تهديدا من نوع آخر يتمثل بالعبث بها وتخريبها وجرف أراضيها.

المدينة الأثرية شحات “المشكلة الأكبر التي تتمثل في تعديات المواطن، إذ يقوم أشخاص كثيرون بجرف بعض المواقع التي تضمّ آثارا، وتقسيمها وبيعها، ويتم بناء منازل سكنية فوق هذه المواقع التي لا تقدر بثمن”.

وتعود ملكية أجزاء كبيرة من الأراضي المحيطة بالمدينة الأثرية لمواطنين يرفضون قرارات حكومية بوقف استخدامها لأغراض سكنية وتجارية، بحجة أن معظمها تتواجد تحتها آثار محمية.

ومن الصعب تحديد حجم التعديات، “فالمواقع التي تتعرض لاعتداءات ليست ضمن المنطقة المسيجة الواقعة تحت الحماية مسؤول المتاحف ، حيث إن بعض الناس دخلوا إلى أراضيهم التي كانت بحوزة الدولة وقاموا بتقسيمها وبيعها وبناء مساكن فوقها”.(عبد شهيب،2008م، ص49)

وقد “تعرضت شحات للكثير من الانتهاكات، من الكتابة على المباني الأثرية وتعرضها للكثير من عمليات الحفر العشوائي، واستخرجت منها قطع أثرية هربت إلى الخارج”.” تعاني من البناء العشوائي، إذ يكثر الزحف العمراني على المواقع الأثرية ويؤدي بدوره إلى انتهاكها وتدميرها بنسبة تصل بين 20 و30 في المئة من إجمالي مساحتها”.

وأدرجت منظمة اليونسكو مدينة شحات الأثرية وأربعة مواقع ليبية أخرى على قائمة التراث العالمي المهدد بالخطر في تموز/يوليو 2016، بسبب الأضرار التي لحقت بها والتهديدات الكثيرة المحيطة بها، وأشارت المنظمة آنذاك إلى أن ليبيا لا تزال تعاني من “عدم الاستقرار” الذي يجعل هذه المواقع في دائرة “التهديد الأمني” و”التعديات البشرية”. الشكل (11) يبين منظور لأثار مدينة قورينا (الميار،1976م).

https://www.xs4all.nl/~orcl0050/libya/web/08/images/04_imm022.jpg

الشكل (11) منظور لأثار مدينة قورينا https://www.artravelers.com.

الحفاظ على اثار مدينة قورينا حسب المواثيق الدولية للحفاظ على الاثار.

تضم المباني الاثرية التي ليس لها دور وظيفي في المجتمع، كلا من المباني متعددة العهود، والاطلال، وفيما يلي توضيح لهذه المباني وأسلوب ترميمها:

  1. المباني متعددة العهود:

وهي التي تضم عهودا مختلفة، وفنون معمارية متعددة، وقد يحث أن يحجب الحديث منها القديم ويخفيه عن الأنظار، وتكمن المشكلة عند ترميم هذه المباني انه يكمن ان تكون العهود المختلفة المتتالية على هذه المباني ذات قيمة يصعب الاستغناء عنها، فأي هذه العناصر يجب الإبقاء عليه وأظهاره.

وقد ذكر في ((ميثاق فينسيا 1964م، المادة 11)) منهج التعامل مع المباني متعددة العهود وذلك كما يلي:

((إن المساهمات السليمة لكل الفترات في بناء مبنى تاريخي يجب ان تحترم طالما ان وحدة الأسلوب ليست هدف الترميم، وعندما يشمل بناء ما عملا مهياُ لفترات مختلفة، فإن الكشف عن الحالة الأساسية يمكن تبريره في الحالات الاستثنائية فقط، وعندما يكون الشئ المراد نقله ذا اهميه ضئيلة وان المادة التي يكشف عنها ذات قيمة تاريخية وأثرية وجمالية عظيمة وان حالة حمايتها جيدة بدرجة تكفي لتبرير هذه العملية، وان تقييم أهمية العناصر التي يحتويها الأثر والقرار بشأن ما يمكن هدمه لا تترك إلى الشخص المكلف بالترميم))، (ميثاق فينسيا 1964م، المادة 11).

ومن خلال البند السابق يمكن استنتاج الآتي:

  • تترك المباني متعددة العهود كما هي دون الاهتمام بإظهار مبنى عن مبنى أخر (وحدة الأسلوب هدف الترميم)
  • في حالة الضرورة القصوى يمكن ان يتم إظهار مبنى قديم عن غيره الاحدث منه الأقل قيمة.
  1. أطلال المباني الاثرية:

هناك أسلوبين لترميم أطلال المباني الأثرية، هما:

  1. تجميع العناصر المبعثرة: إذا تبين ان العناصر التي أمكن تشكيل نسبة لا تقل عن 50% من المبنى، يكمن إعادة بناء المبنى ما تم تجميعه من عناصر المبنى، وفي حدود ضيقة يمكن استخدام مود بناء حديثة، وبالقدر الذي تفرضه عملية التجميع وربط العناصر.
  2. إقامة المباني المتهدمة: يمكن إقامة المباني المتهدمة إذا توفرت الوثائق الخاصة بالمبنى، والتي تمكن المرممين من إعادة بناء المبنى، ولكن إذا تعذر حفظ المباني الاثرية بعد التنقيب عنها، فيجب إعادة دفنها، وهناك رأي أخر يقضي بتركها في اماكنها وتزيين المنطقة حولها وتحويلها إلى متحف مكشوف، ويمكن نقل الوحدات الزخرفية التي يخشى عليها إلى المتحف. (ميثاق مدريد، 1904م).

.3 الاستراتيجية المقترحة لخطة الحفاظ على المباني الاثرية لمدينة قورينا

هذه الإستراتجية لخطة الحفاظ على المباني الاثرية لمدينة قورينا مقترحة من الباحثة تم استنباطها من الدراسة النظرية وفقاً للشروط الدولية لهيئة الايكومس بخصوص الحفاظ على المباني الاثرية والتي نقترح إتباعها وهي:

أولا: التحضير لعمليات الحفاظ (الماجري،2020م) كما يلي:

  1. يجب أن يكون المسئول عن عمليات الحفاظ إدارة ذكية ذات خبرة كافية في هذا المجال، تهتم بكل التفاصيل حول كل الاثر وما يحيط به من محيط عمراني، كما تنظم كافة المعطيات حول المشروع وتوظفها بشكل جيد بحيث يخدم الاثار المعمارية.
  2. تقوم هذه الإدارة بمتابعة هذه العمليات من البداية إلى النهاية فالفرضيات التي قام عليها المشروع يمكن ان تتغير مع مرور الوقت، حسب العوامل السياسية والاقتصادية للدولة.
  3. كما تقوم بإعداد منهج علمي واضح الأهداف لعمليات الحفاظ قبل البدء بهذه العمليات، من خلال وضع برنامج للحفاظ وترميم لكل مبنى اثري من المباني الاثرية كل مبنى على حدى وذلك بإعداد قاعدة بيانات تتضمن:
  • اعمال التوثيق لكل تفاصيل المبنى من الدراسات التاريخية والأثرية، والرفع المساحي، والمعماري والتصويري، والتصوير الفوتوجرامتري.
  • دراسات الوضع الراهن وتشمل المعاينة الظاهرية، وحصر التلفيات وأسبابها، والجسات واختبار التربة، وأعمال الرصد.
  • ثم عمل خطة مقترحة للحفاظ والترميم تتضمن متطلبات الحفاظ بناءاً على الدراسات السابقة واستكمال المناطق المتضررة في ضوء الدراسات الأثرية واستكمال العناصر المندثرة من فتحات واستبدال الأجزاء التالفة، عمل الحلول الإنشائية المقترحة بناء على الدراسات السابقة وكذلك معالجة الشروخ والنقاط الضعيفة بالحوائط كذلك إيجاد الحلول المناسبة عما أسفرت عنه دراسات الأساسات.
  • توضيح الوضع النهائي للاثر بعد الحفاظ والترميم لعمل دفاتر الشروط والمواصفات.
  • ثم تحديد المسئولين عن عمليات مشاريع الحفاظ والترميم والكوادر الفنية من ذوي الخبرة، ووضع الميزانية، كما تراجع التقارير التي تقدم من الشركة القائمة على أعمال إعادة الإعمار والترميم، (Jakilehto 1993 feilden, ).
  1. تجنب القرارات السريعة التي يمكن أن تتم في ورشة العمل نفسها، وبهذا الشكل يتم تقليص الأحداث المفاجئة والتي تعمل على زيادة التكلفة.

ثانياً: تنفيذ عملية الحفاظ والترميم كما يلي:

  1. يجب أن يكون عملية الحفاظ تعيد الاثر إلى حالة من حالاتها الأصلية التي كانت عليها من قبل، وذلك بناءاً على ما يحدده المختصون، ويتم الترميم بإزالة التعديات، وأعمال التنظيف، التدعيم والتقوية، وتتم هذه الأعمال لعلاج التلفيات والعيوب بمواد الاثر مع استخدام نفس مواد الأثر القديمة أو مواد مماثلة لها في الشكل واللون والخواص الفزيائية والكيميائية، وبنفس أسلوب الإنشاء القديم مع إبراز مواد الأثر القديمة والحديثة، (عمران، دبوره، 1997، ص92).
  2. يتوقف الترميم عندما يبدأ الحدس أو الافتراضات أي لا يترك الترميم حسب الأهواء الآراء الشخصية، ( المادة9، ميثاق فينسيا، 1964 ).
  3. عدم السماح بالإضافات، الإ عندما لا تنقص من قيمة الاثر وتنسجم مع عناصره، وتمييزها عن الأعمال القديمة، ( المادة13، ميثاق فينسيا، 1964 ).
  4. أعمال التنظيف يجب الأ تصل إلى درجة تغيير لون الطبقة الأصلية، واحترام درجات اللون، (المادة7، ميثاق فينسيا، 1964).
  5. يمكن استخدام أي أسلوب حديث للحفاظ ظهرت فعاليته بالأدلة العلمية، عندما تعجز الطرق القديمة، ويمكن استخدام المواد والتكنولوجيا الحديثة في الحفاظ بشرط أن تحقق المواد التكنولوجيا المستخدمة مبدأ الراجعية، تبعر كلمة التراجعية عند استخدامها في مجال ترميم الاثار عن التقنيات المعاصرة التي تستخدم لترميم الاثر والتي يمكن العدول عنها في المستقبل أو بمعنى أخر إزالة التقنيات التي استخدمت لترميم الاثر إلى حالته الأولى قبل استخدام هذه التقنيات، حيث أن ذلك يتيح بأكبر قدر من الخيارات في المستقبل (المادة10، ميثاق لاهور، 1980)، وتنفيذ أعمال الحفاظ والترميم بالتكنولوجيا الحديثة عن طريق شركات متخصصة ذات خبرات كبيرة في المجال، ( المادة2، ميثاق لاهور، 1980 ).

ثالثاً: التوثيق والنشر كما يلي:

  1. توثيق جميع الأعمال التي تتم على المبانى الاثرية، ويوصى بوجوب كتابة تقارير، وتسجيلها عن أعمال الحفاظ والترميم ( المادة 16، ميثاق فينسيا، 1964 ).
  2. يجب النشر العلمي لكافة أعمال الحفاظ والترميم وكافة الدراسات التي تمت على المبنى، حيث تنشر للأوساط العلمية والأكاديمية، (الماجري،2020م).

النتائج

  1. تحـتفظ مدينـة قورينا بأثر معمـاري يتمثـل فيمـا تحتويـه مـن مبـاني ومنـشآت أثريـة وتاريخية فريدة ومميزة تتهدده مشاكل كثيرة تنذر بفقدانه لهويته واندثاره.
  2. وجود تشكيل معماري أثري بمدينة قورينا غنى بمفرداته وتكويناته المعمارية، قـدم بتلقائيـة حلـول للمـشاكل التـي واجهـت الإنسان في البيئة، مفـرزة حلـولا معماريـه، نجحـت فـي تحقيـق الاتـزان بـين متطلبـات الإنسان والبيئة في تلك الفترة.
  3. إهمال المباني الاثرية في قورينا القائمة ذات القيمـة المعماريـة والتاريخيـة والحـضارية وعـدم صيانتها والحفاظ عليها وفق المواثيق الدولية.
  4. عدم الاهتمام بالطابع المعماري الاثري لمدينة قورينا، وعدم الاسـتفادة مـن مفـردات العمارة الاثرية في العمارة المعاصرة.
  5. تم وضع خطة إستراتجية للحفاظ على المباني الاثرية لمدينة قورينا مقترحة من الباحثة تم استنباطها من الدراسة النظرية وفقاً للشروط الدولية لهيئة الايكومس بخصوص الحفاظ على المباني الاثرية.
  6. أن مسؤولية علاج وترميم وصيانة الاثار مسؤولية خطيرة، لذا يجب أجراء توثيق دقيق للأثر ومكوناته قبل أي تدخل للحفاظ عليه بالإضافة إلى جميع المواد المستخدمة في الحفاظ، فيجب جمع الوثائق ذات الصلة التي تشمل عينات المواد الزائدة أو الاجزاء المزالة، والمعلومات المتعلقة بالأساليب والمهارات التقليدية المستخدمة في الحفاظ، ومن ثم تصنيفها وحفظها في مكان امن، كما يشمل التوثيق الاسباب التي دفعت إلى اختيار المواد والاساليب المستخدمة في اعمال الصيانة.
  7. تتطلب هذه المباني الاثرية نوعيه خاصة في التعامل معها، حيث أفضل صورة للحفاظ عليها ان يحافظ على الأثار في صورتها الحالية لا يضاف إليها أو يزال منها أي عنصر أي تبقى كما هي دون المساس بمعالمها.
  8. عدم توفر كوادر متخصصة في عمليات الترميم والـصيانة للمبـاني الاثرية واللجـوء إلى الحرفيين من عمال البناء في عمليات الترميم السطحية.
  9. التـداخل بـين الأجهـزة الحكوميـة فـي تحمـل مـسئولياتها فـي الإشـراف علـى المبـاني الاثرية (سـلطة محليـة، الهيئـة العامـة للآثـار، الهيئـة العامـة للحفـاظ علـى المـدن التاريخية).

التوصيات

  1. تحديد وتوثيق كافة المباني والمنشآت الاثرية والمعالم التاريخية القائمة بـشكل عام.
  2. عمل خطة إستراتيجية تتناسب مـع المواصـفات والمعـايير العالميـة فـي مجـال الحفاظ المعمـاري، بهـدف تـسجيل المبـاني الاثرية القيمـة فـي الـسجلات المحليـة والعالميـة للتراث الحضاري الإنساني، لما لها أهمية خاصة لعمليـة التـرميم والـصيانة للمبـاني والمعـالم الأثريـة والتقليديـة التاريخية من اجل الحفاظ عليها من الاندثار.
  3. تأصيل القيم المعمارية التي تحتويهـا عمـارة قورينا، وتوظيـف مفـردات العناصـر المعماريـة الاثرية ذات الحلـول المعماريـة البديعـة والتـي تـشمل الحلـول المناخية والبيئية الملائمة.
  4. ضرورة الاهتمام بمواد البناء المحلية التي اسـتخدمت فـي المبـاني القديمـة لمدينـة قورينا والتي كان لها الأثر الكبير على البيئة.
  5. الاهتمام بالعمارة الاثرية وجعلها ضمن مناهج التعليم المعماري فـي كليـات وأقـسام الهندسة المعمارية بالجامعات الليبية.
  6. وضع ضـوابط ملزمـة تمنـع اسـتخدام مـواد البنـاء الحديثـة فـي المواقـع التاريخيـة ذات الطابع المعماري الاثري بهدف الحفاظ على الهوية المعمارية لمدينة قورينا.
  7. الاهتمام بإعادة التأهيل للأحياء القديمة لقورينا، والعمل على ربطها بـشكل عضوي مع نسيج المدينة المعاصرة.
  8. توفير الكوادر العلمية والخبرات المؤهلة في مجال الترميم والصيانة.

المراجع

  1. لايور، سيلفيا – دربيبه، مونيك، 2002 م، الطرق والاساليب العلمية لحفظ وترميم المقتنيات الاثرية، المعهد العلمي الفرنسي للأثار الشرقية بالقاهرة، المجلد 22.
  2. شاهين، عبد المعز، 1994م، ترميم وصيانة المباني الأثرية والتاريخية، سلسلة الثقافة الاثرية والتاريخية (ط1)، مطابع المجلس الأعلى لأثار، القاهرة.
  3. هزاز عمران 1997م، جورج دبورة. المباني الأثرية ترميمها وصيانتها والحفاظ عليها. دمشق، سوريا، وزارة الثقافة.
  4. مواثيق دولية العالمي للحفاظ والترميم على الآثار والمواقع الأثرية. الايكومس، ميثاق فينسيا1964م/ ميثاق لاهور، 1980م/ ميثاق مدريد، 1904م/ مؤتمر نيروبي، 1976م.
  5. قانون حماية الآثار، 1983م، ليبيا.
  6. عكاشة، د. ثروت،2004م، الإغريق بين الأسطورة والإبداع، الهيئة المصرية العامة للكتاب.
  7. عبد شهيب، نجم2008م، موجز تاريخ الفن، نشر مكتبة المجمع العربي، الأردن.
  8. كنزيك، فيليب، 2015م، دليل المواقع الأثرية في ليبيا إقليم المدن الثلاث، إنتاج سيلفيوم بوكس من مطبوعات جمعية الدراسات الليبية، تونس.
  9. الطوير، محمد أمحمد،1998م، تاريخ المكتبات والوثائق والمخطوطات الليبية، دار النشر الملتقي للطباعة والنشر.
  10. اشراف إدارة البحوث الاثرية1391-1971م، أثار مدينة قورينا ( دليل موجز يتناول وصف تاريخ المدينة واهم اطلالها). مصلحة الاثار.
  11. الميار، د.عبد الكريم فضيل، 1396-1976م، دليل متحف شحات (قوريني)، نشر ادراة البحوث الأثرية انجاز الدار العربية للكتاب.
  12. الماجري، أ. غادة خالد الماجري،2020م، منهج إدارة وتنفيذ مشاريع إعادة إعمار وترميم المباني التراثية (دراسة تحليلية مقترحة لإعادة إعمار وترميم مباني سوق النور التراثية بمدينة درنة القديمة 2020م)، مجلة الجامعي، العدد30.
  13. Feilden, Bernardm, M, Jakilehto Jukka, (1993). Management Guideline for World Culture Heritage sites, ICCROM, Rome.
  14. International convention for the safeguarding ,of the intangible heritage (17 october, 2003)
  15. Mactaggart, A & P, 1977,Some Problems Encountered in Cleaning Two Harpsichord Sound Boards, Studies in conservation,vol 22.
  16. . https:/ www.alquds.co.uk
  17. https://mawdoo3.com
  18. https:/ / www./ar.encyclopedia-titanica.com/significado-de-valores-est-ticos
  19. . https:// / www.akhbarlibya24.net/2019/11/10
  20. . https:// / www.alsabaah.ly
  21. https://www.artravelers.com.
  22. http://www.uaepigeon.com/vb/uaepigeon9679
  23. https://www.ar.wikipedia.org/wiki.