ثقافة المنظمات وسبل تطويرها

مهندس/ محمد رضا أبو معاش1

1 دراسات عليا في الإدارة واقتصاديات النقل

Email: hajreda99@hotmail.com

HNSJ, 2022, 3(1); https://doi.org/10.53796/hnsj3133

Download

تاريخ النشر: 01/01/2022م تاريخ القبول: 14/12/2021م

المستخلص

يُعّد مفهوم الثقافة من المفاهيم الشائعة في علم الانثروبولوجيا، حيث تعامل معه علماء الانثروبولوجيا من قرابة مائة عام، ومع ذلك فقد اختلفوا في تحديد معناها. وفي عام 1952 جمع العالمان الأنثروبولوجيان ” Kroeber& Kluckhon”، ما يقارب من مائة وستة وأربعين تعريفاً لمفهوم الثقافة، وقد شملت هذه التعاريف ميادين متنوعة مثل التاريخ، علم النفس، علم الوراثة، وميادين أخرى.

وفي ظل التحولات والتغيرات والتحديات الراهنة التي تحيط بالمنظمات والمؤسسات والشركات الكبرى، كالعولمة، وحرية حركة رؤوس الأموال، والأيدي العاملة، والمعلومات (ثورة المعلومات) وظهور التكتلات والاندماجات، تحتم على هذه المنظمات التأقلم والمهايأة مع هذه المتغيرات بما يسمح لها بالنجاح والاستمرار والتطور، حيث أدركت المنظمات الناجحة أن الاهتمام بالمورد البشري هو مفتاح رئيسي لنجاحها، وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن المؤسسات اليابانية والألمانية قد ارتبط نجاحها باعتمادها على التشكيلة الثقافية والاجتماعية للمنظمة، مما سمح هذا بتطابق أهداف الفرد مع أهداف مؤسسته.

لذا فقد أولت هذه المؤسسات أهمية قصوى للقيم التنظيمية التي تساعدها على النجاح، ومنها على سبيل المثال: قيّم الصرامة، والجدية، والانضباط، واطلاق المنافسة، وتقدير الكفاءة والابداع، هذا بالإضافة إلى إطلاق مبدأ تشجيع تعدد الآراء والاقتراحات التي من شأنها تطوير المنظمة، حيث أن كل هذه العناصر تدخل ضمن الثقافة التنظيمية للمنظمة.

1- توطئة

يُعّد مفهوم الثقافة من المفاهيم الشائعة في علم الانثروبولوجيا، حيث تعامل معه علماء الانثروبولوجيا من قرابة مائة عام، ومع ذلك فقد اختلفوا في تحديد معناها. وفي عام 1952 جمع العالمان الأنثروبولوجيان ” Kroeber& Kluckhon”، ما يقارب من مائة وستة وأربعين تعريفاً لمفهوم الثقافة، وقد شملت هذه التعاريف ميادين متنوعة مثل التاريخ، علم النفس، علم الوراثة، وميادين أخرى.

وفي ظل التحولات والتغيرات والتحديات الراهنة التي تحيط بالمنظمات والمؤسسات والشركات الكبرى، كالعولمة، وحرية حركة رؤوس الأموال، والأيدي العاملة، والمعلومات (ثورة المعلومات) وظهور التكتلات والاندماجات، تحتم على هذه المنظمات التأقلم والمهايأة مع هذه المتغيرات بما يسمح لها بالنجاح والاستمرار والتطور، حيث أدركت المنظمات الناجحة أن الاهتمام بالمورد البشري هو مفتاح رئيسي لنجاحها، وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن المؤسسات اليابانية والألمانية قد ارتبط نجاحها باعتمادها على التشكيلة الثقافية والاجتماعية للمنظمة، مما سمح هذا بتطابق أهداف الفرد مع أهداف مؤسسته.

لذا فقد أولت هذه المؤسسات أهمية قصوى للقيم التنظيمية التي تساعدها على النجاح، ومنها على سبيل المثال: قيّم الصرامة، والجدية، والانضباط، واطلاق المنافسة، وتقدير الكفاءة والابداع، هذا بالإضافة إلى إطلاق مبدأ تشجيع تعدد الآراء والاقتراحات التي من شأنها تطوير المنظمة، حيث أن كل هذه العناصر تدخل ضمن الثقافة التنظيمية للمنظمة.

وبذلك فإن ثقافة الفرد تُعد من أهم الأسس التي تحدد تصرفه وأداؤه، ونعني بثقافة الفرد مختلف العادات والتقاليد والأعراف التي يتبناها وحتى الأخلاق والقيّم ومستواه الدراسي والثقافي، وبالتالي فإن ثقافة أفراد المنظمة (المؤسسة)، تعني الأساس بالنسبة لثقافة المنظمة، حيث عرّف “Kurt lewin” ثقافة المنظمة “بأنها مجموعة من الافتراضات والاعتقادات والقيّم والقواعد والمعايير التي يشترك بها افراد المنظمة” [حريم، 2003].

أما “Shein” فقد عرّف ثقافة المنظمة في كتابه “الثقافة التنظيمية والقيادة” على أنها: “مجموع المبادئ الأساسية التي اخترعتها أو اكتشفتها أو طورتها، أثناء حل مشكلاتها للتكيف الخارجي والاندماج الداخلي، والتي أثبتت فعاليتها، ومن ثمَ تلقينها للأعضاء الجدد كأحسن طريقة للشعور بالمشكلات وإدراكها وفهمها”. علماً بأننا نقصد بالمبادئ الأساسية محورين، هما: تقدير المحيط الطبيعي أو الانفتاح على العالم الخارجي، والثاني القيّم التي تساعد على التكيّف الداخلي، ومنها مبدأ الاستماع لآراء الغير واحترام القواعد.

بينما عرّفها كل العالمان من “Jeun Langatte, Jaques Muller”، في كتابهما “اقتصاد المؤسسة”، بأن الثقافة التنظيمية تتكون من: “مجموع مفاهيم المديرين، اتجاهاتهم (معتقداتهم)، القيّم الاجتماعية الموجودة لدى أفراد المنظمة”.

ويمكن لكل ثقافة منظمة أن تتجانس على محاور الثقافات التالية: الثقافة الوطنية ( لكل بلد ثقافته الخاصة، وأن التقارب الموجود بين الدول هو جد مهم )، ثقافة المنظمة ( لكل منظمة تجربة ثقافية خاصته، وإن تاريخ المنظمة بمثابة إظهار لواجهة الأحداث الكبيرة من أجل تحفيز أفرادها في الحاضر والمستقبل)، الثقافة المهنية ( لكل مهنة ثقافة مبنية على أساس القيّم الموجودة حولها)، الثقافة الفردية (لكل فرد ثقافته).

وفي تعريف آخر [الغالبي و العامري، 2005]، فإن ثقافة المنظمة تعني” الإطار القيمي والاخلاقي والسلوكي الذي تعتمده المنظمة في تعاملها مع مختلف الاطراف التي تتعامل معها”، أي أن ثقافة المنظمة هي: مجموعة من القيّم والقواعد والسلوكيات التي تسوق جهود الأفراد لإنجاز أهداف مشتركة، والتي تميزها عن باقي المنظمات المنافسة. ومن التعاريف السابقة يمكننا أن نعّرف الثقافة التنظيمية على أنها “مجموع سلوك الأفراد والمديرين، اتجاهاتهم وقيمهم، وطريقة عملهم، وتاريخ المنظمات والطقوس الجماعية”.

2- ثقافات المنظمات

هناك من يصنف الثقافة التنظيمية Organizational Culture)) إلى ستة أنواع من الثقافات نبينها كالتالي:

  1. الثقافة التنظيمية البيروقراطية: وهي ثقافة تتحدد فيها السلطات والمسؤوليات، حيث يكون العمل والتنسيق بين المصالح والوحدات منظماً، ويأخذ تسلسل السلطة في هذه المنظمات الشكل الهرمي، وتقوم هذه الثقافة في هذا المقام على التحكم والالتزام.
  2. الثقافة التنظيمية الإبداعية: وتتميز بتوفر بيئة مساعدة للعمل والتي يتصف أفرادها بحب المغامرة والمخاطرة في اتخاذ القرارات ومواجهة التحديات.
  3. الثقافة الوظيفية: وتركز هذه الثقافة على نوع التخصص الوظيفي والأدوار، وتهتم بالقواعد والأنظمة، هذا بالإضافة إلى انها توفر الأمن الوظيفي والاستمرارية.
  4. الثقافة التنظيمية المساعدة: وتتميز هذه الثقافة بالزمالة الحسنة العاضدة بين العاملين، وبذلك يسود جو الأسرة المتعاونة، وتوفر المنظمة الثقة والمساواة، والتركيز على الجانب الانساني في هذه البيئة.
  5. ثقافة المهام: تركز هذه الثقافة على تحقيق الأهداف والمهام وانجاز العمل، وتهتم بالنتائج، وتحاول المنظمة استخدام الموارد بطريقة مثالية من أجل ان تحقق افضل النتائج و بأقل التكاليف.
  6. ثقافة العمليات: ويكون الاهتمام محصورا في ثقافة هذه المنظمات على طريقة انجاز العمل، وليس على النتائج التي تتحقق، فتنتشر الحيطة والحذر بين الافراد والذين يعملون على حماية انفسهم، وفي هذا الصدد، فأن الفرد الناجح هو الذي يكون اكثر اهتمام ودقة وتنظيم في تفاصيل عمله [خضير، 2005].

ومن الجدير بالذكر، إن معظم المراجع المختصة في إطار ثقافة المنظمات، تفترض وجود علاقة مباشرة بين ثقافة المنظمة ونجاحها، والذي يتجسد من خلال أدائها العالي. كما يمكننا أيضاً تمييز عدة أنواع من الثقافات، منها ما يرعى النجاح المستمر، ومنها من لا يحقق ذلك، وهذه الأنواع تتمثل في ثلاثة أنواع من الثقافات، هي: الثقافات الضعيفة، والثقافات القوية، والثقافات المتأقلمة مع الاستراتيجية، نوردها باختصار:

2-1 الثقافات الضعيفة (السلبية): قام الباحثان “J. Heskett & kotter” بتحليل تاريخ 22 مؤسسة في الفترة ما بين (1970- 1980)، وذلك لدراسة العلاقة الوثيقة بين الثقافة والأداء، وقد وجدا أن ثقافتهم مختلفة عن الأنظمة الثقافية المتبناة في المنظمات التي تتصف بالأداء المرتفع في تلك الفترة. حيث نجد أن مسير هذه المنظمات في بداية تاريخهما كان أكفاء، وعملت تحت استراتيجيات فعّالة أكثر، ورؤيتها المستقبلية أوضح، ونظراً لغياب المنافسة الحقيقية والحادة في أحيان كثيرة، فإن هذه المنظمات سوف تحوز على وضع متحكم في سوق، أو على عدة أسواق.

غير أن استمرار النمو قد يُحدث في الغالب تقلبات داخل المنظمة، بما يستوجب تجنيد الموارد والطاقات البشرية وإعادة هيكلتها، وهو الأمر الذي ساهم في تعقيد التسيير اليومي، ولمواجهة هذه التغيرات قامت الإدارة بتوظيف كوادر يملكون المعلومات اللازمة فيما يخص التسيير والمالية، ولكنهم كانوا يفتقرون لرؤية مستقبلية واضحة للمنظمة، يصاحبها قدرة على وضع استراتيجية تعتمد على الثقافة التي تحذوها.

2-2 الثقافات القوية (الإيجابية): تحظى هذه الثقافة بقبول جميع افراد المنظمة، فهم يشتركون في مجموعة متجانسة من القيّم والمعتقدات والتقاليد والمعايير والافتراضات التي تحكم سلوكهم داخل المنظمة. وتمثل الثقافة القوية رابطة متينة تربط عناصر المنظمة ببعضها البعض الآخر، كما تساعد المنظمة في توجيه طاقاتها إلى تصرفات منتجة، وذات استجابة سريعة تتلاءم مع احتياجات العملاء ومطالب كل الاطراف ذوي العلاقة بالمنظمة، مما يساعدها في إدارة الغموض وعدم التأكد بفاعلية تُمكنها من تحقيق رسالتها وأهدافها.

أذن فالمنظمات ذات الثقافة القوية تكتسب شهرة تستمد من خصوصية معينة، وهي نتاج قيمها التي تتميز بالثبات، وعليه فإن هذه المنظمات تنشئ قيّمها وفلسفتها من خلال تبني مشروع منظمة، أو تحديد مهمة عمل يعمل جميع أفراد المنظمة على تحقيقه، حيث نجد أن أفراد المنظمة يتقاسمون مجموعة من القيّم والسلوكيات المتناظرة والمتماثلة، ويعملون على زرعها وترسيخها في الأعضاء الجدد بمجرد انضمامهم إليهم، وأي فرد يخالف قانون المنظمة، يكون دوما محل المراقبة [أبو بكر، 2005].

وبطبيعة الحال فإن للثقافات القوية، ايجابيات تحفيز أفراد المنظمة للعمل من خلال الاحتكام لمجموعة من القيّم والنظم المشتركة بما يخلق نوعاً من التوافق، كما تقيّم العمل وتطوره، ومسايرة التغير والتكيّف معه، والاعتراف المتبادل بما يقوي الشعور بالانتماء بالمنظمة، هذا بالإضافة إلى المساواة والتكامل، مما يُنشئ عنه رضا نفسي مرتفع لدى جميع العاملين بالاستغلال الكامل لطاقاتهم وقدراتهم في المنظمة، ولاسيما تتيح هذه الثقافات مبدأ المشاركة في وضع الأهداف، مما يحفز بالالتزام لتحقيق الأهداف التنظيمية بنجاح، وبذلك فإن أصحابها يتميزون بذهنيات مُفتحة على المخاطرة والثقة وحب التصرف، كي يقوم الأفراد تلقائياً بتجديد جهودهم من أجل إيجاد حلول للمشكلات التي تواجههم، وكذلك على تنفيذ تلك الحلول.

2-3 الثقافات المتأقلمة مع الاستراتيجية: تُركز هذه الثقافات في الغالب على تكييف الثقافة مع محيطها والمنبثقة أساساً من الفرضية التي تدرس العلاقة المتينة ين الأداء والثقافة، حيث أن جوهرها لا يكمن في قوة الثقافة، وإنما في تكييفها، والذي يتجسد من خلال الحالة العامة للمنظمة، والأهداف التي تعمل على تحقيقها، وشكل الاستراتيجية المقررة. أي أن الغرض الأساسي لوجود الثقافة هو تحفيز الموارد البشرية وتوجيه نشاطاتها، أخذين بعين الاعتبار أن طبيعة الإطار الذي تندرج ضمنه.

وفي هذا السياق نُبين أن امتياز الأداء هو نتاج الثقافة القديرة للاستراتيجية القديرة، فالعلاقة بينهما هي تناسباً طردياً بحيث كلما كان التكيّف مرتفعاً، كلمـا كان الأداء متميـزاً، والعكس صحيح.

3- أهمية ثقافة المنظمة

تكمن أهمية ثقافة المنظمة في النقاط الرئيسية التالية، فهي: [بزغش، 2007]

  1. تُعد بمثابة مرشد للإدارة وللعاملين لصياغة نماذج السلوك والعلاقات المطلوب اتباعها والاسترشاد بها.
  2. تُعبّر عن الإطار الفكري الذي يوجه وينظم اعمال وعلاقات وانجازات اعضاء المنظمة، وبذلك تُعتبر الثقافة نافعة إذا ما كانت تؤكد على سلوكيات خلاقة مثل التفاني في العمل وخدمة الآخرين، ولكنها قد تصبح ضارة إذا ما كانت تؤكد على سلوكيات روتينية كالطاعة التامة والالتزام الحرفي بالرسميات.
  3. تعني تأدية العاملين أدوارهم فرادى، أو كما يبتغون وفي إطار تنظيمي واحد، لذلك فإنها بما تحتويه من قيّم وقواعد سلوكية، تحدد لهؤلاء العاملين السلوك الوظيفي المتوقع منهم، وتحدد لهم أيضاً انماط العلاقات بينهم وبين بعضهم الآخر، وبينهم وبين الجهات الأخرى التي يتعاملون معها، مثل مستويات الأداء وسجيتهم في حل المشكلات والتي تحددها ثقافة المنظمة وتدربهم وتكافؤهم عليها.
  4. تُعتبّر عنصرا جذريا مؤثراً على قابلية المنظمة للتغيير وقدرتها على مواكبة التطورات الجارية من حولها، فكلما كانت قيّم المنظمة مرنة ومتطلعة إلى الأفضل، كانت المنظمة أقدر على التغيير وأحرص على الإفادة منه، وعلى العكس فكلما كانت قيّم المنظمة تميل إلى الثبات والحرص والتحفظ، كلما قلت قدرة المنظمة واستعدادها للتطوير.
  5. تُعتبر من الملامح المميزة ومصدر فخر واعتزاز العاملين بها، خاصة إذا كانت هذه الملامح تؤكد قيماً محددة، مثل الابتكار والتميز والريادة ومواجهة المنافسين والتغلب عليهم، لذا فإنها تُعتبر عاملا هاماً في استقطاب العاملين المناسبين، حيث أن المنظمات الرائدة تجذب العاملين الطموحين، وأن المنظمات التي تتبنى قيّم الابتكار والتفوق وتستهوي المبدعين وتكافئ التطوير والتميز، ينضم إليها العاملون المجتهدون الذين يرتفع لديهم دافع ثبات الذات.
  6. تُسهل الثقافة التنظيمية القوية مهمة الإدارة فلا تلجأ إلى الإجراءات الرسمية، أو الصارمة لتأكيد السلوك المطلوب، وإنما تُعتبر الثقافة التنظيمية القوية عنصرا فعالاً ومعززاً ومساعداً لها على تحقيق اهدافها وطموحاتها، وهذا عندما تكون مقبولة من قِبل غالبية العاملين الذين يرتضون بقيمها وأحكامها وقواعدها ويتبعون كل ذلك في سلوكياتهم وعلاقاتهم.

3-1 خصائص الثقافة التنظيمية: تتصف الثقافة التنظيمية في هذا الصدد بالخصائص التالية، فهي:

  1. نظام مُرّكب ( لمكونات رئيسية أو عناصر فرعية )، تتفاعل بعضها مع البعض الآخر لتشكيل ثقافة المجتمع، أو ثقافة المنظمة، أو ثقافة المديرين (الأفراد)، وتشمل الثقافة كنظام مُرّكب ثلاثة عناصر كالتالي؛ الجانب المعنوي (القيّم والأخلاق والمعتقدات والافكار)، والجانب المادي ( كل ما ينتجه أعضاء المنظمة من أشياء ملموسة كالمباني، الأطعمة، الخ)، والجانب السلوكي (عادات وتقاليد وآداب وفنون).
  2. نظام مُتكامل، فالتكامل يعني خلق اتجاه الانسجام بين كل عناصر النظام المختلفة، ومن ثم فأي تغيير يطرأ على أحد جوانب نمط الحياة لا يلبث أن ينعكس أثره بشكل وآخر على باقي مكونات النمط الثقافي.
  3. نظام تراكمي (تواصل واستمرار)، حيث يعمل كل جيل من أجيال المنظمة على تسليم ثقافة المنظمة للأجيال التالية، فالثقافة التي تعلمها وتوريثها افرادها عبر الأجيال المتعاقبة عن طريق التعلم، تتزايد من خلال ما تضيفه الأجيال لمكونات المنظمة من عناصر وخصائص وطرق تفاعل والخصائص.
  4. نظام مُكتسب (متغير ومتطور)، فلا تعني استمرارية الثقافة تناقلها عبر الأجيال كما هي ولا انتقالها بطريقة غريزية؛ بل إنها في تغير مستمر حيث تدخل عليها ملامح جديدة مما يكسبها ملامح جديدة.
  5. نظام متكيّف، حيث أن الثقافة تتصف بالمرونة والقدرة على التكيّف، للاستجابة لمطالب الإنسان البيولوجية (الحيوية) والنفسية كي تكون ملائمة للبيئة الجغرافية، وتطور الثقافات المحيطة بالفرد من جهة، واستجابة لخصائص بيئة المنظمة وما يطرأ عليها من تغيّر من جهة أخرى. [أبو بكر، 2005]

3-2 أبعاد الثقافة التنظيمية: لقد تطرق كثير من الكُتاب والباحثون المعنيين بدراسة وبحث أبعاد الثقافة التنظيمية؛ والتي يمكن تلخيص أهم تلك الأبعاد كالتالي، حسب: المبادرة الفردية (درجة الحرية والمسؤولية والاستقلالية لدى الأفراد)، التوجيه (إلى أي مدى تضع المنظمة أهدافاً وتوقعات واضحة لما يؤديه العاملين)، التكامل (ما مدى تشجيع الوحدات في المنظمة على عمل أفرادها بشكل منسق)، الرقابة (مدى التوسع في تطبيق الأنظمة والتعليمات، ومقدار الإشراف المباشر المستخدم لمراقبة وضبط سلوك العاملين)، الهوية (إلى أي مدى ينتمي العاملون للمنظمة ككل بدلاً من الوحدات التي يعملون فيها، أو مجال تخصصهم المهني)، الدعم الإداري (مدى قيام الإدارة باتصالات وتقديم المساعدة للعاملين)، المهاودة مع النزاع ( مدى يتم تشجيع العاملين على إظهار النزاعات والانتقادات بصورة ظاهرة للعيان)، التسامح مع المخاطرة (مدى يتم تشجيع العاملين ليكونوا جسورين ومبدعين ومرحبين بمواجهة المخاطر)، نُظم العوائد (توزيع العوائد والزيادات، والعلاوات، والترقيات على أساس معايير أداء العاملين)، أنماط الاتصال (إلى أي مدى تقتصر الاتصالات في المنظمة على التسلسل الهرمي وغيره). [حريم، 2003]

3-3 وظائف ثقافة المنظمة (Culture Organization Function): يمكن تلخيص وظائف ثقافة المنظمة في أربعة وظائف رئيسية، هي كالتالي:

  1. تُعطي أفراد المنظمة بطاقة تعريف تنظيمية، ونقصد بأن مشاركة العاملين نفس المعايير والقيّم سوف يمنحهم الشعور بالوحدة، والعمل على تطوير الإحساس بالغايات المشتركة.
  2. تُعزيز استقرار النظام، حيث تشجع الثقافة التنظيمية على التنسيق والتعاون الدائمين بين أعضاء المنظمة، وذلك من خلال تشجيع الشعور بالهوية والخاصية المشتركة والالتزام.
  3. تُسهيل الالتزامات الجماعية، أي إن الشعور بالهدف المشترك سوف يشجع الالتزام القوي من جانب أغلب أفراد المنظمة لقبول ثقافتها.
  4. تُشكيل السلوك، وذلك من خلال مساعدة الأفراد على فهم ما يدور حولهم، حيث إن ثقافة المنظمة ستوفر مصدراً للمعاني المشتركة التي تفسر مسيرة تحقيق الوظائف السابقة لثقافة المنظمة التي تعمل بمثابة اللصاق الذي يربط أفراد المنظمة بعضهم ببعض، والتي تساعد على تعزيز السلوك المنسق الثابت للعمل. [العميان، 2005]

3-4 تأثير الثقافة على المنظمة: تشير العديد من الدراسات إلى تأثير ثقافة المنظمة على جوانب وأبعاد عديدة من المنظمة، نذكر منها:

  1. تأثير ثقافة المنظمة على الفعالية: تتطلب فعالية المنظمة توافق وانسجام الثقافة مع الاستراتيجية، البيئة والتكنولوجيا؛ أما فيما يخص انسجام الثقافة بالاستراتيجية؛ فإنه من الضرورة أن تكون الثقافة التنظيمية ملائمة وداعمة لاستراتيجية المنظمة؛ حيث على المنظمة أن تبني استراتيجية تكون ملائمة لما تتبناه من معتقدات وقيّم.

أما فيما يخص علاقة الثقافة بالتكنولوجيا المستخدمة، فيجب أن تكون ثقافة المنظمة ملائمة لنوع التقنية المستخدمة، فالتقنية الروتينية تتطلب قيّماً ومعايير تختلف عن تلك التي تلائم التقنية غير الروتينية، ويتفق الباحثون في هذا الصدد على أن التقنية لا تقتصر على المعدات والأجهزة، ولكنها تتضمن أيضاً الإلمام بالجوانب المعرفية والفكرية والفنون اللازمة لتحويل مدخلات المنظمة إلى مخرجات.

فالتقنية الروتينية تستخدم في الأعمال التي لا تتسم بالتنوع ولها قابلية تحليل عالية (أي تحليل العمل إلى إجراءات وقواعد محددة)، مثل قسم الخزينة في البنوك، أما التقنية غير الروتينية فتستخدم في الأعمال التي تتسم بالتنوع ولكن قابليتها للتحليل منخفضة، مثل التخطيط الاستراتيجي، وأما فيما يخص علاقة الثقافة بالبيئة (القوى الخارجية)، فلا بد أن تكيّف المنظمة قيمها ومعتقداتها مع ما هو موجود خارج المنظمة، وذلك لاستمرار المنظمة في أدائها الذي تهدفه.

  1. تأثير ثقافة المنظمة على الهيكل التنظيمي، حيث إن الثقافة تؤثر في نوع الهيكل التنظيمي والعمليات والممارسات الإدارية (القيادة، اتخاذ القرارات، الاتصالات، الخ)، حيث إن مواءمة الهيكل والعمليات لثقافة المنظمة سوف يساعد على تحقيق المزيد من الأرباح والتميز.

وهنا جدير بالإشارة، أن الثقافة القوية تعزز وتقوي الثبات في سلوك الأفراد وتحدد ما هو السلوك المطلوب والمقبول، وهذا بحد ذاته يؤدي إلى نوع من الرقابة الكامنة التي تحققها الثقافة القوية على سلوك الأفراد، ويقلل الحاجة للوسائل الهيكلية للرقابة في المنظمة.

  1. تأثير الثقافة على الانتماء (الولاء التنظيمي)، حيث يتميز العاملون في المنظمات ذات الثقافة القوية بدرجة عالية من الالتزام والانتماء للمنظمة، فالإجماع الواسع على القيم والاعتقادات المركزية والتشبث بها بشدة من قبل الجميع، سيزيد من إصرار العاملين و ولائهم والتصاقهم الشديد بالمنظمة، وابتعادهم عن كل ما يتنافى مع الإضرار بالقيم المنظمة التي تحملها المنظمة، وهذا يمثل ميزة تنافسية هامة للمنظمة ستعود بنتائج إيجابية عليها. [حريم، 2003]

3-4-1 ثقافة المنظمة و تفعيل الإنتاج: إن التغيير في تسيير الإنتاج اصبح تغييراً في طرق الإنتاج أكثر منه تغيير في وسائل الإنتاج (أي استبدال آلة بأخرى)، فللانتقال من عمل السلاسل (الدورات) الصغيرة/ الكبيرة إلى نظام الإنتاج الآلي، يُعد انتقال من “التدخل المباشر” للعامل إلى “لا تدخل” للعامل (أو تدخل باستثناء)، إضافة إلى كون النشاط في حد ذاته عبارة عن مجمل المرجعيات المرتبطة بالعمل، والتي تتحول وتُفسر على مستوى المجموعات، ومثال ذلك على مستوى الكفاءات والحرف المهنية.

فإذا كان الإنتاج هو العملية المركزية لنشاط المنظمة، فإنه يترتب علينا أن نتخيل الثقل الكبير لهذه العملية في الثقافة، غير إن التطورات تعتمد أكثر على المرونة والتنشيط واخذ المبادرة من طرف الأفراد في إطار أهداف وقيّم المنظمة، وهذا ما يفسر وجود الحاجة ثابتة نسبيا وملائمة مع الثقافة. وبذلك فإن الاهتمام والعمل على تبني أساليب تسيير تتمشى مع تطورات الإنتاج، فهي بالدرجة الأولى لتحقيق وضمان تطور أساليب الإنتاج مع الأخذ بعين الاعتبار أنظمة الظهور الراسخة في أنظمة الإنتاج التقليدية [بزغش، 2007].

3-4-2 ثقافة المنظمة وأنظمة المعلومات: إن تطورات هذه الوظيفة تكمل العلاقة بين الثقافة والوظائف الأخرى، حيث تقوم هذه الوظيفة على إنشاء أنظمة معلومات وصيانتها، كما تعطي هذه الوظيفة أهمية كبيرة للجانب التقني في تحليل الاحتياجات، وكذلك لتصميم الأنظمة واختيار الأجهزة وتشغيلها.

إن أنظمة المعلومات لا يمكنها اعتبار المعلومة شيء “حيادي” بتفكيرنا في أساليب وطرق تنقلها فقط، حيث أن تبني استراتيجية لأنظمة معلومات يجعلنا نستفسر عن معنى وقيمة المعلومة، إن هذا التفسير الرمزي للقيمة يرتبط بكل أنواع المعلومات، وهنا نكون قد دخلنا مجال ثقافة المنظمة مما يبرز لنا العلاقة بين أنظمة المعلومات والثقافة. [أبو بكر، 2005].

3-4-3 العلاقة بين الأفراد والمنظمات: إن مجمل تقنيات تسيير الأفراد في المنظمات مبنية على مفهوم ضمني للروابط التي تحدث في المنظمة والفرد، مما يسمح لنا بتحديد ثلاث مداخل أو اتجاهات أساسية للبحث والتدخل داخل المنظمة، وهي الحوافز الفردية ثم الرضا وأخيرا الدافعية، وتسمى هذه الأخيرة حالياً بالتعبئة. وفيما يلي نتطرق للطرق أو الاتجاهات الأساسية للتدخلات كالتالي: [حريم، 2003]

الحوافز: هو مفهوم أو معنى خاص مستخدم في مدرسة العلاقات الإنسانية، فالحوافز ذات ديناميكية فهي تنطوي على معنى، وتُعتبر القوة الداخلية التي تدفع الفرد للعمل وتحقيق الكفاءة، وبالنسبة “لتايلور“: كانت تتمثل الحوافز في المال بالنسبة لكل الأفراد، أما مدرسة العلاقات الإنسانية: فالفرد في العمل يُعتبر كائن تميزه مجموعة عوامل نفسية مما يجعل الحوافز هنا متعددة، فما هو صنف هذه الحوافز وفق سلم هرمي لحاجات الفرد التي تدفعه لإشباعها.

ولقد حققت الثورة الحقيقية للفكر الإداري في وقت قصير أبعاد جديدة في هذا المجال، حيث كشفت عن مصطلح الحاجة إلى تكوين مظهر جديد في الجانب الاجتماعي للفرد، وذلك لأن كل المحاولات في الحوافز لم تحقق شيء إيجابي، إضافة إلى أن بذل الجهد في تحفيز الأفراد الذين يملكون الإمكانيات لعمله خارج العمل لدى عائلاتهم، أو في أطر جماعية، أو ترفيهية، وهذا بحد ذاته يعني أن المنظمة لم تعد تمثل البديل الاجتماعي الوحيد للعمل.

الرضا في العمل: كان الرضا في العمل يمثل المعنى الأساسي في السبعينات، فالحوافز تعني الديناميكية، والرضا لا يمثل سوى حالة يرتبط فيها الرضا بالإنتاجية والفعالية، كما يُعتبر أيضاً تحسين لظروف العمل من الميادين العملية والأساسية لنظرياته، وإن تطوير رضا العامل بتحسين ظروف العمل يعود بتحقيق زيادة فعالية المنظمة، غير أن هذا التطور أحياناً باء بالفشل رغم كل الإجراءات المتخذة من إحساس بالمسؤولية وإعطاء الاستقلالية وتوسيع المهام، مما أدى إلى ظهور اليوم مقاربتين للرضا في الحدود التالية: إن العلاقة بين الرضا والفعالية لم تعد ترضي بالقدر الصائب، ولم تعد هناك وسائل أخرى لزيادة الرضا.

الدافعية: تُعتبر الدافعية بمثابة مفهوم أو مغزى جديد، حيث تُعتبر دافعية الأفراد هي الأخرى عنصر فعالية، كما تعرف كذلك كحالة توافق وتقبل أو تلائم بين الفرد والجماعة والمنظمة حيث يعمل، فالعلاقة بين الفرد والمنظمة، هي بخلق وتطوير الدافعية.

ويمكننا أن نستخلص تعريف الدافعية بأنه: اعتقاد وقبول أهداف وقيّم المنظمة، والنية للعمل في اتجاه المهام والأهداف التي دونتها المنظمة، والرغبة القوية جداً في الحفاظ على المشاركة في استراتيجية المنظمة، غير أن الدافعية لا تعني الاندماج، أو إعجاب الفرد بوضعه في المنظمة بدون مشاكل في المنظمة، فالدافعية تمثل ارتباط الفرد بالانضمام إلى قيّم المنظمة.

3-4-4 أداء الأفراد ووظائفهم: يبرز مفهوم الفرد في عمق الروابط الأساسية بين وظيفة الأفراد وثقافة المنظمة، لذا يُعتبر في معظم الأبحاث المتخصصة كجانب تتجلى فيه الصفات الثقافية بشكل محض، فيرتبط هذا المفهوم بشكل يبرز حقوق و واجبات الفرد اتجاه المنظمة، وأيضاً حقوق وواجبات المنظمة اتجاه الفرد، وذلك من خلال أنظمة التشغيل والقوانين التي تحكم العلاقات وأشكال التفاعلات بين الأفراد.

إن تسيير الأفراد يعني التقنين والتقييم، فالتقنيين يتضمن في وصف الوظائف أو الكفاءات وفي تصنيف فئات الأشخاص، وأنظمة التقييم تتدخل في التوظيف وتسيير المهنة والمكافآت والعلاوات، الخ. وأن جانب القواعد والتقنيات لا يتدخل إلا بصورة جزئية في تنفيذ هذه الأنظمة، حيث إن نظام التثمين أو المكافأة يدل أو يُعّبر عن الطريقة التي تتخذ المنظمة للتكفل بالفرد وبنشاطه، فهو يعتمد على قيّم تنفذ بطريقة لاشعورية أو شعورية في أنظمة التسيير، لكن إلى أي مدى تترسخ هذه القيّم في الفرد وذات دلالة؟.

ومن اهتمامات تسيير الأفراد أيضاً التأثير على جماعة العمل من خلال أشكال جديدة للتنظيم، وذلك يتضح في شكل أنظمة تتمثل فيها العناصر الفاعلة، وكذلك في شكل حسي يرتبط بالأشياء والأحداث، ومنه فنحن نمس جانب المرجعيات وليس فقط جانب تنفيذ الميكانزيم. [بوشنافة، 2007]

وجدير بذكره، توجد في الروابط التي تربط تسيير الأفراد بالثقافة منطقة مضللة، أو مظلمة، ترتبط بالمناخ الاجتماعي الذي من خلاله يمكن، أو يدل على شعور العمال اتجاه مختلف اوجه المنظمة، حيث تحليل النتائج يعطي وصف لمختلف الأوساط الموجودة في المنظمة بناءً على أفكار وتصورات موجودة داخل المنظمة؛ وتبرز أهمية المناخ هنا في تقديم مؤشرات تعكس تطورات هذه الأفكار والتصورات، كما تسمح بقياس درجة قبول الوضعية في المنظمة، وكذلك القرارات وتطبيقها بشكل منتظم، والتي من شانها رسم اتجاهات (أي تنبؤات) حول تطور الكيان الاجتماعي.

إن قُرب ثقافة المنظمة من ثقافة الأفراد الذين يشكلونها، يجعل تسيير الأفراد تستند أكثر إلى الثقافة، ولاسيما إن تسيير الأفراد يتمثل أو يعكس ما يلي:

تحدد مفهوم الروابط بين المنظمة والفرد الذي يعمل فيها، ونظام القيّم المتضمن في الثقافة، ويُعتبر الفرد الحامل لهذه العلاقة بين تسيير الأفراد ونظام القيّم.

إن عملية تسيير الأفراد تندرج شيئا فشيئاً تحت عملية “التثقيف” في تقنياتها و وظائفها، وذلك محافظة وتعليم الثقافة [حريم، 2003].

4- آليات خلق ونشر الثقافة التنظيمية

في الإمكان نعت عملية خلق الثقافة التنظيمية، بالتنشئة الاجتماعية للطفل، فهي قيّم يتم تعليمها وتلقينها للأفراد منذ التحاقهم للعمل بالمنظمة، وبالمثل يتعلمها الأطفال في البيت من خلال الممارسات اليومية للوالدين، وكلما كانت القّيم مغروسة مبكراً، كلما كان تأثيرها احكم وأقوى. وكذلك الأمر بالنسبة للمنظمات، فإن المؤسسين يقع عليهم العبء والدور الأكثر أهمية في خلق العادات والتقاليد وطرق وممارسات العمل، وخاصة في فترات التشكيل الأولى للمنظمة، حيث تلعب الرؤية والفلسفة التي يؤمنون بها دوراً كبيراً في تنمية القّيم الثقافية باعتبارهم المؤسسون.

كما أن الحجم المتواضع والصغير للتنظيمات في المراحل الأولى لنشؤها يسهل عملية التأثير ووضع البصمات، وفرض الرؤية وزرع القيّم في الجماعة، إذ أن الثقافة تنشأ بفعل التفاعلات والممارسات والخبرات التي يمر بها العاملون، والتي يروا أنها سلوكيات يتم مكافأتها فتعزز الطريق لاكتساب المزيد من المزايا.

وبالإمكان تقسيم مكونات الثقافة التنظيمية بصفة عامة إلى مكونات غير مادية، ومكونات مادية، كالتالي:

4-1 المكونات غير المادية للثقافة التنظيمية: يقصد بهذه المكونات، هي العناصر غير المادية، أي التي لا نستطيع ادراكها بحواسنا، حيث أنها تمثل الجزء الكبير من عناصر الثقافة على عكس العناصر المادية الأخرى للثقافة، وتتجلى هذه العناصر في:

  • القيّم التنظيمية(Values) : تُعد القيّم التنظيمية جوهر وأساس الثقافة التنظيمية، لأنها من أهم محركات السلوك الإنساني وموجهاته، إذ تعّرف بأنها تصور الأفراد للمسلك الذي ينتهجونه هو المسلك الأفضل والأمثل، وهذا يؤثر في اختيارهم لطرق وأساليب وغايات التصرف، وبهذا تعّبر القيّم عن المفاهيم الإنسانية لما هو صحيح أو خاطئ، أو سيء وحسن، أو ما هو مهم أو غير مهم. [فرانسيس، 1995]
  • المعتقدات التنظيمية (Beliefs): تُعّرف هذه المعتقدات بأنها: عبارة عن أفكار مشتركة حول طبيعة العمل والحياة الاجتماعية في بيئة العمل وكيفية إنجاز العمل وغيرها، من المهام التنظيمية، حيث نجد هناك من المعتقدات ما هو سلبي، وما هو إيجابي، وهنا تكن مسؤولية الإدارة في تعزيز وتقوية تلك المعتقدات الإيجابية للأفراد، مثل الود والصداقة والتقدير والولاء للمنظمة، والسعي من أجل إزالة تلك المعتقدات السلبية مثل الكراهية والأنانية وغيرها من الصفات الذميمة.

ونجد أنه إذا ما أحب الفرد وظيفته التي يمارسها في المنظمة، وكانت فكرته عنها ايجابية ولديه توجه مساند لوظيفته، هو أمر يجعله يرى الجوانب الحسنة فيها، ويتغاضى عن صعوباتها ويدافع عنها إذا ما انتقدها أحد الأفراد، ومن ثم فهو يقبل على أدائها بشغف ويحرص على القيام بأعبائها وربما أبدع فيها والعكس صحيح.

4-2 المكونات المادية للثقافة التنظيمية: ونعني بهذه المكونات، هي المكونات المعنوية للثقافة التنظيمية، والتي لا يمكن التعرف على عناصرها إلا من خلال تلك العناصر المادية للثقافة التنظيمية، والتي تتمثل عادةً في كل ما يمكن رؤيته أو إدراكه بحواسنا، والتي نلخصها في ما يلي:

  • الطقوس والعادات التنظيمية Rites)): يقصد بها تلك الأحداث والأنشطة المتكررة التي يقوم بها أفراد المنظمة والتي ترتبط بأهداف معينة تسعى المنظمة إلى تحقيقها، كما تعتبر هذه الأنشطة المتكررة عن أفكار محددة وتعكس قيم رئيسية في المنظمة، والتي تحاول تعزيزها بصورة دائمة عن طريق هذه العادات التنظيمية، حيث نجد مثلاً أن فترات الاستراحة اليومية لتناول القهوة أو الشاي توفر للمنظمة فرص كبيرة لتقوية الروابط بين العمال. [عبد الله، 2003]
  • الرموز (symbols): تمثل الرموز علاقة خاصة بمعلومات النظام الثقافي للمنظمة، إذ تستخدم للتعبير عن معاني معينة ترمي إليها والتي تتجاوز الرمز في حد ذاته، وأيضاً التي يصعب إدراكها بحواسنا، وتظهر الرموز داخل المنظمة في شكل أشياء، وأفعال تستخدم كوسيلة لنقل معاني معينة للأفراد، مثل شعار المنظمة أو علمها أو اسمها التجاري، وكذلك من تصميمها المعماري واماكن الاستقبال ونمط اللباس وغيرها من الرموز الأخرى، كل هذه الرموز تحمل في طياتها معاني ترتبط بقيم المنظمة ومعاييرها. وتبرز هذه الرموز في عدة مجالات، من أهمها في: [عادل، 2004]
  • الهيكل التنظيمي، والتي تميز النظام العام للمنظمة، وتعكس مستواها الحضاري.
  • أساليب ظهور المنظمة اتجاه البيئة الخارجية، وفي قوانين السلوكيات الداخلية للمنظمة، وكذلك في تهيئة وترتيب الفضاء المكاني، وفي رسالات المنظمة.

4-3 الموروث الثقافي للمنظمةCulture) :(Legacy ويقصد بالموروث الثقافي للمنظمة، هي الأحداث والمواقف التي مرت بها المنظمة والتي منها ما هو إيجابي والتي تحاول المنظمة التركيز عليه ونشره باعتباره مرجع وعنصر محفز للأفراد، ومنها ما هو سلبي والتي تحاول المنظمة التغاضي عنه لأنه مثبط لعمل الأفراد والمنظمة ككل، ويتجسد هذا الموروث الثقافي في:

  • القصص والأساطير التنظيمية (Myths): تُعد القصص رواية عن الأحداث السابقة التي جرت في بيئة العمل والتي تفسر كل من العادات والقيّم العميقة للثقافة، والقصص التنظيمية ما هي إلا روايات عن حالات التميز والمنافسة وحالات النجاح والفشل والتي تجسد القيّم التي تحكم هذه الحالات (عبد الله، مرجع سابق).

أما الأساطير فهي قصص من نوع آخر، تروي بعض الأحداث التاريخية للمنظمة خاصة نجاحاتها والفترات البطولية التي مرت بها، ولكن بصفة مثالية يغلب عليها طابع الخرافي والمثالي بشكل كبير، وبهذا نجد أن الاسطورة هي قصة مثالية شخصياتها هم أبطال المنظمة ترويها كأحداث حقيقية وقعت في هذه المنظمة، بهدف التأثير على سلوك الأفراد وتدعيم القيم الثقافة داخل هذه المنظمة.

  • الأبطال (Heroes): هم أفراد غير عاديين تفوقوا على زملائهم وقد يصبحون أحياناً رمزا للصناعة التي تعمل بها المنظمة وثقافتها، ويقدمون دوراً مثالياً في أداء الأفراد والانجاز لباقي أعضاء المنظمة مما يجعلهم مثالاً يحتذى به [حريم، مرجع سابق].
  • المحظورات (Taboos): وتعني المحاذير أو المحارم، أو المخاوف التي تتفادى المنظمة الحديث عنها مثل الإخفاقات وبعض المشاكل والأحداث المأساوية التي مرت بها المنظمة، وبالتالي فهي تشتمل على كل المواضيع والأحداث التي لا يجوز ذكرها، أو تلك الأعمال والتصرفات التي لا يجب اقترافها وحتى ذكرها داخل المنظمة. [Bressy, 2004].

5- طرق تقوية الثقافة التنظيمية

بعد أن يتم إنشاء الثقافة التنظيمية ونشرها على نطاق المنظمة، يمكن للمنظمة تعزيز وتقوية الثقافة التنظيمية الحالية، حيث أنه وبمرور الوقت ومع توالي الأحداث قد ينسى العاملون القيّم والمعايير السلوكية التي كانت تُعّبر عن ثقافة المنظمة، وكي لا ينسى أعضاء المنظمة ذلك وللحيلولة دون ضياع هذه القيّم والمعايير، فإن المنظمات تميل إلى استخدام طرق لتقوية ثقافتها التنظيمية، ومنها الطرق الأساسية التالية:

  1. اختيار عاملين قادرين على التكيف مع قيّم ومعايير الثقافة التنظيمية، بحيث تكون صفاتهم مؤهلة لذلك، ويمكن ترقيتهم على الالتزام بمعايير وقيّم المنظمة، وعلى نشرها في صفوف من حولهم.
  2. تقديم أدلة وإرشادات لكيفية الالتزام بقيّم المنظمة من ناحية، ومن ناحية أخرى كيفية الالتزام بسياسات المنظمة المعبّرة عن ثقافتها التنظيمية، وذلك بتدريب العاملين على الثقافة التنظيمية؛ ومنها التدريب على الاستعانة بالشعارات كأمثلة لما يتم التدريب عليه.
  3. مكافأة العاملين الذين يلتزمون بالقيّم والمعايير السلوكية المحابية للثقافة التنظيمية، ويقابل ذلك معاقبة العاملين الذين لا يلتزمون بقيّم المنظمة، ولديهم مخالفات ومعارضات وقد تصل لمواجهات للمعايير السلوكية المعبّرة عن الثقافة التنظيمية.
  4. تقديم حكايات وقصص معبّرة عن الثقافة التنظيمية المرغوبة في المنظمة، وعن القيّم الواجب تعزيزها، أو إضعافها، ويكون مؤسسي المنظمة القدامى بمثابة قصص معبرة ونماذج للاحتذاء بها.

5-1 الثقافة ودور الإدارة: إن الثقافة على وجه العموم هي أسلوب تربوي لعدة مظاهر وصيغ وصور، فهي تهتم بصورة بالغة بالأنظمة الذهنية التي نستعملها وتقود سلوكياتنا، سواء شعرنا بها، أو لم نشعر. ففي كل ميادين التسيير والمحاسبة والتسويق نمر بأنظمة المعلومات، مما يجعلنا نحتاج إلى معرفة بالضبط للأشياء والأحداث التي تتعلق بالأفراد، فالثقافة تعطي مجالات لمظاهر وصور مشتركة في نسق المنظمة، حيث تهتم إدارة الثقـافة(Management Intercultural) ، بالتســويق في حـالات عولمة المنتوجات والأســواق، وذلك من خلال تأثير الثقــافات على عمليات التسويق، باعتبار التسويق يتعلق بممارسات ترتبط بالمظاهر.

وجدير بالذكر، أن الثقافة بصورة عامة، والتنظيمية منها على وجه الخصوص، ترتكز في إطار عملها على أهمية المنظمة كحقيقة في الظواهر التي تميزها، فالمنظمة ليست فقط مجموعة من الأفراد، مثلما عودتنا علوم اجتماع المنظمات على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار الجانب الجماعي، فالثقافة أيضاً تعطي الصورة والشهرة المطلوبة للمنظمة، ومنه إن الثقافة تسمح بإعادة تقييم مداخل التغيير في المنظمات، فهي تدعو إلى اعتدال وبساطة أكثر في تسيير المشاكل التنظيمية والاجتماعية، وتجبر على الأخذ بعين الاعتبار الحقيقة كما هي، ليس كما نريدها أن تكون، فهي تقترح استعمال الموارد كما هي في الحقيقة، لا كما نريد تشكيلها.

وتتمثل فائدة الثقافة في المنظمة أيضا في تحقيق مفهوم كفاءة العمليات، وكذلك في درجة الانسجام، بحيث توصل هذا المفهوم لدرجة الانسجام من بين الانشغالات الأساسية للإدارة التي توجد في الإطار العام لنموذج الإدارة التي تضع أولوية كبيرة لحل المشاكل المتواجدة في إطار وحدود موارد ثقافة المنظمة.

5-2 تفعيل ثقافة المنظمات: إن هدف وظيفة تسيير الثقافة هو المتابعة والتحكم في سير نظام المنظمة، وتتمحور أدوات مراقبة التفعيل حول المحاسبة العامة والمحاسبة التحليلية، وذلك لان مراقبة التسيير تعتمد بشكل واسع على نظامي المعلومات لتقدير كفاءات مختلف أجزاء نظام المنظمة المتعلق بفعّالية وفاعلية المنظمة. وبالرغم من تزايد الحاجة إلى المعلومات ومتابعة النشاطات من جهة، والتحولات التي تقدمها أنظمة الإنتاج من جهة أخرى، فان ذلك يُعتبر دعوة إلى البحث في أدوات هذه الوظيفة، غير أن هذا لا يُغير من وجود بعض الأولويات مثل: اكتشاف المستوى الحقيقي لفعالية المنظمة، والتركيز على المشاكل الحقيقية التي تصيب المنظمة. [ بوشنافة، 2005]

بيد أن تزويد المنظمة بالتغذية العكسية التي تعتمد عليها في تسييرها، يرجع إلى تسيير ثقافة المنظمة وإلى أن مراقبة التسيير لا يمكنها تحديد نطاق نظام المعلومات المحاسبية، وكذلك لتحديد المعلومات التي تتعلق بفعالية المنظمة، حيث أن ما تمليه الأنظمة المحاسبية التقليدية اليوم باستمرار لا تتفق مع النظرة النظامية، مما يطرح عدة خيارات أمام المنظمة فيما هو مهم بالنسبة لها مثل: تحيد مهامها وأنشطتها. علماً بأن تحديد الاختيارات يتطلب عدة تساؤلات تتركز حول القيم المهمة، وحول المظاهر المرتبطة بالنشاط وبراهينه الاستراتيجية، وبذلك فإن اتجاه مراقبة التسيير مثلما يصفها المتخصصين، هي وظيفة دائما تختص اكثر بالبحث في عوامل الكفاءة المناسبة، وذلك لارتباطها الوثيق بالاستراتيجية وبالقيّم. [العميان، 2002]

إن الثقافة تُعتبر هي نتاج عملية أو النماء، فهي تشكل خزان لمرجعيات مستقرة نسبيا، وتستعمل كنقطة قوة لكل المشاكل والوقوف في وجه التطورات. وبإمكانها إذن التساؤل أو البحث في تفعيل هذا النمو، حيث لا يمكن تغيير الثقافة مثلما يوضحه العالم الإنجليزي “Maurice” بشكل جذري، بل علينا تدعيم وترسيخ نقاط قوتها لتحقيق التلاؤم والتكيف مع المتغيرات الخارجية المحيطة، ورفع مستوى الكفاءة بتوفير الانسجام الداخلي للمنظمة. [القريوتي، 2003].

5-3 تفعيل الثقافة في المنظمات ذات الجدارة: في واقع الحال في إطار الثقافة التنظيمية، توجد استراتيجيتين شاملتين لتسيير الثقافة لفتت انتباه الباحثين في السلوك التنظيمي:

الاستراتيجية الأولى تركز على المسيرين، وتدرج تغيير أو تعديل اوجه ظاهرة الثقافة التنظيمية، إضافة إلى ضرورة وجود قيم وأفكار مشتركة. والاستراتيجية الثانية ترتكز على استعمال مناهج التطور التنظيمي (DO)، لتعديل أو تغيير عناصر الثقافة التنظيمية، حيث أن المستثمر يمكن أن يعدل الأوجه الأكثر تجليا للثقافة التنظيمية: اللغة، الروايات المأثرة، الشعائر، من خلال عدة أساليب وطرق أخرى.

فالمسيرين ذوي المستوى العالي هم الذين يسعون إلى تعميم الثقافة التنظيمية والتغيرات الثقافية، وبإمكانهم أيضاً التدخل بصورة مباشرة لتشجيع الثقافة التنظيمية التي تستطيع مواجهة وحل مشاكل التكيف الخارجي والاندماج الداخلي، فالمسيرين الذين يسعون إلى تعديل قيّم الأفراد من منظور السلطة لا يمكنهم تحقيق ذلك بنجاح بعيداً عن تغيير طريقة سير، أو عمل المنظمة، وعليهم الاعتراف أيضاً بأهمية الأفراد في المنظمة، فالقيّم لا تفرض من الأعلى، وإنما تبرز في مجمل أعضاء المنظمة، وأن الثقافة الديناميكية ترتكز على التغيير والرضى المهني، الذي لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال جملة من عمليات التسيير والخيارات التكنولوجية ومبادرات كل أعضاء المنظمة.

6- توجهات إدارة المنظمة نحو الثقافة التنظيمية

6-1 دور الإدارة اتجاه الثقافة: يتمثل الدور الأول للإدارة في معرفة تنفيذ الأدوات والاستجابات الضرورية والكشف عن صلتها، فعلى الإدارة أن تتولى ضمان انسجام سير أعمال المنظمة تماشياً مع مظاهرها الثقافية. حيث أن التناغم هو صيرورة صعبة من حيث المفاضلة والالتقاء، وكذلك صعبة من حيث المناقشة والتفسير، فالانسجام لا يجنى ثمره بمجرد تطبيقه، بل هو بحث دائم ومستمر يتكون كل يوم وغير محدد، ومنه فالإدارة تركز على تدعيم نقاط القوة منها بدلاً من محاولة تغيير ثقافتها.

ويصرح عالم الإدارة “Peter Druker” إن تحقيق التوازن بين التغيير والاستمرارية هو من بين أكبر مهام الإدارة في المستقبل، ويقصد بذلك أنه لا مكان في هذا الخصوص للمفاجأة، وأن تحقيق التوازن بين سرعة التغيير والاستمرارية سيبقى في إطار احترام الأبعاد الأساسية وقيّم المنظمة، ومهامها، ومفهومها للكفاءة، إذن يقع على الإدارة عبء ممارسة مهمتها الأساسية والمحافظة على ثقافة المنظمة، ويعود هذا بفضل وجود المعلومات المتدفقة بشكل دائم ومستمر. [القريوتي، 2003]

6-2 حدود ثقافة المنظمة: انطلاقاً من مفهوم أن الثقافة لا يمكنها أن تتجاهل الفرد ودوره الرائد في المنظمة، فإن مفهوم إشراك العمال يبرز بشكل غني بالمعاني، بما يسمح بالتوفيق بين المفهومين أو على الأقل تحقيق موقع التقائهما. وبذلك لا يجب أن نسلط الأضواء على رغبات الفرد الخاصة أو تخوفاته في تعريف ثقافة المنظمة، فالاستعمال الدائم لهذه الطريقة يكمن في البحث والمقارنة بالواقع الحقيقي للسماح بتفاديه.

7- انماط الثقافة التنظيمية في إدارة المنظمات: هناك في واقع الأمر عدة أنماط لإدارة ثقافة المنظمات، نشير في هذا المقام إلى:

7-1 الإدارة بالمشروع: إن الإدارة بالمشروع تحمل محفظة من المشاريع تتضمن نظاماً للقيّم وتحديد الأولويات، وكذلك المفاضلة بين الخيارات لهياكل وقواعد المنظمة. وبذلك يمكن تقدير ثلاث مراحل زمنية لتطور منظمة نحو إدارة مشروعاتها، ومن هنا يمكن حصر الأبعاد الثلاثة للإدارة بالمشروع: الثقافة، ونظام المعلومات، والتنظيم، على الوجه التالي حيث تعني:

  • الثقافة: تعني القيّم المتميزة بصورة خاصة من خلال الأهمية التي تربط المنظمة بالمشروع، واختيار مسئولو المشاريع ومهنتهم، ومعايير تقييم المنظمة، والأخذ بعين الاعتبار مساهمات المشروع.
  • نظام المعلومات: هو نظام يسمح بإعطاء رؤية جيدة لمسيري المشاريع، وقيادة استعمال الموارد والتحكم في الآجال والميزانيات، وتسهيل التنبؤ، والتنبؤ بالمشاكل، وهذا يعني وجود العديد من البرمجيات لأنظمة المعلومات للمشاريع.
  • التنظيم: يعني الهياكل والأدوار والمسؤوليات والموارد، وكذلك القواعد والإجراءات.

7-2 الإدارة بالقيّم: نشأت الإدارة بالقيّم من التناقض الماثل أحياناً بين الاسـتراتيجيات والثقافة التنظيمية، حيث تُعتبر الثقـافة هي الباعث في هذا التناقض، غير أن هذه الحقيقة في أغلب الأحيان قد يتجاهلها علماء الإدارة [حريم، 2003]. ومع ذلك يبرز مُشكل وجود ثقافة مختلفة من خلال تفسير عدة اخفاقات، منها فشل عمليات للاندماجيات المختلفة والدولية Internationalization))، وتغيير النشاطات وطرق العمل، وعدم السرعة في تحديد المنظمة للمنافسين، وصعوبة تشغيل التقنيات الجديدة، وكذلك الاخفاقات العديدة في تنفيذ إدارة الجودة الشاملة. كما تعني حالات الفشل هذه أيضا – إضافة إلى كونها تطرح مشكلة – وجود ثقافة مختلفة تتطلب إجراءات التغيير الثقافي.

وجدير بالذكر تعدد انواع القيّم: القيّم النظرية (يهتم بالكشف عن القوانين التي تحكم الظواهر الطبيعية والأشياء) ، القيّم الاقتصادية (وتتمثل في اهتمام الفرد بكل ما هو نافع ويحقق مكاسب مادية)، والقيّم الدينية (وتتمثل في اهتمام الفرد بعلاقة الإنسان بربه، والسعي لإتباع التعاليم الدينية)، والقيّم الجمالية (النظر إلى الجوانب الفنية للحياة)، قيّم تقليدية موروثة (اهتمام الفرد بالآخرين، وتقديم العون والمساعدة لهم)، بينما تُشّكل القيّم السياسية، والقيّم الاقتصادية، والقيّم الاجتماعية قيّم معاصرة تظهر باستمرار نتيجة التفاعل والتجديد الحضاريين، كما أنها معاصرة لواقع الفرد وانشغالاته (هذا ما يفسر وجود الصراعات بين الأجيال).

إن القيّم وبعد الرؤية لا يمكن أن تُطلب، بل هي إنتاج لثقافة المنظمة، مما يفسر تطور الحاجة إلى الإدارة بالقيّم من خلال نظرة المنظمة التي أصبحت مبنية على قاعدة ثقافية (قيّم – مهام)؛ كما ارتبط مفهوم الإدارة بالقيّم بتطور نظرة المنظمة بين الماضي والحاضر، وتحقيق رضى الزبائن والمساهمين وباقي العناصر المكونة لبيئة المنظمة.

8- تغيير ثقافة المنظمات

انطلاقاً من الحقيقة الثابتة في هذا الكون هي حقيقة التغيير، نجد أن المنظمات تتغير تلقائياً أو تخطيطياً، وحتى الإنسان يتغير عبر مراحل نموه، والزمان أيضاً يتغير بتعاقب الليل والنهار، والطقس عبر فصوله الأربعة. وكلٌ مما سبق وغيره، له مظاهر ينبغي أن يتهيأ لها الإنسان والحيوان، فالإنسان يتكيف للتغيير، أو يوظف التغيير لمصالحه وحاجاته، ولعل نظرية الحاجات الآنية والمستقبلية هي العنصر الحاسم في مواجهة الإنسان للتغيير في ضوء تجارب الماضي وأبحاث الحاضر وتوقعات المستقبل.

ولما كان الإنسان هو أيضاً أحد العناصر الفاعلة في كيان المنظمة واكتشاف احتمالات التغيير والتغير فيها من اعتبارات النمو والبقاء، فأن صراع هذا النمو والبقاء قائم في ضوء الموارد والإمكانات والاحتياجات واعتبارات المنافسة وتعظيم الربح وتقليص الخسارة، يتطلب اليقظة بوعي متكامل لعملية وسلوكيات التطوير التنظيمي، كون التطوير التنظيمي له مراحله الأساسية، وفيما يلي لمحات عن طبيعة كل مرحلة من مراحل التطوير التنظيمي والأخذ بأسبابها ومقوماتها وصولاً إلى النتائج المرجوة منها.

لذا تُعد مهمة تغيير ثقافة منظمة من المهام الصعبة التي تواجه فريق تغيير ثقافتها سواءً كانت مؤسسة أو جامعة، أو أي منظمة أخرى، ولكنها في ذات الوقت ليست بالمهمة المستحيلة، لأن ثقافة المنظمة تُصف بالتغيير والديناميكية متى تتطور الثقافة التنظيمية، وتتغير استجابة للمتغيرات التي تحدث سواء في بيئاتها الخارجية، أو الداخلية للمنظمة، أو حتى في تركيبة وخصائص أعضاء المنظمة أنفسهم كما سبق ايضاحه.

إذن فالثقافة التنظيمية لأي جهة ستبقى مرتبطة بالاستقرار والاستمرارية كما سبق وصفه في أهمية ثقافة المنظمة، لذا فإن تغيير هذه الثقافة لا يتم بمجرد الرغبة في التغيير، وإنما هي عملية معقدة تحتاج إلى مزيداً من الجهد والوقت لتحقيقها على الوجه الأمثل، ويمكن القول بأنه لا يتم تغيير ثقافة منظمة البتة، إلا إذا كانت هناك حاجة ورغبة صادقة واقتناع من قبل إدارة وقيادات المنظمة بعملية التغيير، وهذا يرتب على القادة والمديرون القيام بدور أساسي ومضني لإنجاح عملية التغيير.

ولابد أن نضع أيضاً في اعتباراتنا ومخططاتنا، بأن ثقافة المنظمة ترتبط أساساً بشخصية أفراد المنظمة وهوياتهم، وأن تغيير الثقافة يلقى داخل المنظمة دائماً نوعين من العقبات: الأولى “عقبة التخوف التي تعتري القيادة الإدارية ومراكز المسئولية الرئيسية عند محاولة الانتقال من المعلوم إلى المجهول، والثانية “عقبة الإحجام الذي يعتري الأفراد نتيجة التخوف مما يخبئه المستقبل. وبالتالي فإنه عند إجراء تغيير ثقافة المنظمة المعنية بالتطوير، يجب التركيز على تغيير سلوك العاملين فيها، والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن هنا: كيف يمكن تغيير سلوك العاملين في هذه المنظمة؟. [الغالبي والعامري، 2007]

يرى فريق من علماء التنظيم والإدارة أنه لكي يتغير سلوك العاملين، يجب أن يروا القيمة الملازمة لتعديل سلوكهم في الاتجاه الجيد كالمكافآت مثلاً، وفي حالة عدم الاستجابة للتغيير وعدم تعديل العاملين لسلوكهم تتخذ الإدارة حيالهم الخصم أو الإبعاد عن العمل واستقطاب عاملين جدد تتوافق ثقافتهم التنظيمية مع الثقافة الجديدة للمنظمة. ويلي عملية تغيير سلوك الأفراد، عملية الاتصالات المكثفة التي تتحدث عن الثقافة التنظيمية الجديدة ووضع برامج تدريبية للثقافة التنظيمية الجديدة، يليها البدء بعملية تعيين أفراد جدد لديهم القيم والمعتقدات الجديدة.

أضف إلى ذلك أنه إذا كانت الصناعة أو الخدمات التي تقدمها المنظمة من الصناعات التي تتسم بالمنافسة الشديدة، وخاصة إذا ما كان ترتيب المنظمة محل الدراسة في مرتبة أقل بالنسبة للمنافسين، فإنه يمكن تغيير عنصر من عناصر الثقافة المرئية مثل: اللغة/ الطقوس/ المعدات/ التجهيزات/ وغيرها.

أما عناصر الثقافة غير المرئية والمتمثلة في القيّم والمعتقدات وسلوك العاملين، فإنها تمثل تحدي أكبر مما هو متوقع في إدارة هذه المنظمة، ولكن بالتصميم والإصرار على تغيير ثقافة المنظمة يمكن التغلب على هذه التحديات لدفع المنظمة نحو الأفضل.

هناك قلة من الكُتاب المتخصصين يرون أن الثقافة التنظيمية غير قابلة للتغيير، مقابل كثيرين يعتقدون بإمكانية تغيير الثقافة التنظيمية وتعديلها، والسؤال الذي يبرز هنا ماهي الظروف التي تستوجب تغيير الثقافة التنظيمية؟، وما هي الإجراءات التي تسهل عملية تغيير المنظمة؟. وفي هذا الإطار نجد أن العوامل الموقفية هي أحد العوامل الواجب توافرها لتغيير ثقافة المنظمة، وأن جملة التغييرات المطلوب توفرها:

رؤية واضحة لدى قادة المنظمة البارزين الحاليين والجدد لما يجب أن تكون عليه المنظمة.

مراحل حياة المنظمة المشجعة على التغيير، حيث أن مرحلة انتقال المنظمة إلى النمو (التوسع)، وكذلك دخول المنظمة مرحلة الانحدار، تعتبران مرحلتين مشجعتين على تغيير ثقافة المنظمة. ومنها أيضاً:

  • عمر المنظمة، حيث تكون ثقافة المنظمة أكثر قابلية للتغيير في المنظمات صغيرة العمر، بغض النظر عن مرحلة دورة حياتها؛
  • حجم المنظمة، حيث من الأسهل تغيير ثقافة المنظمة المعنية بالدراسة إذا كانت تصنف ضمن المنظمات صغيرة الحجم؛
  • وجود ثقافات فرعية (الثقافات الفرعية للأنظمة الفرعية أو الوحدات)، حيث إن وجود ثقافات فرعية عديدة في المنظمة سوف يزيد من صعوبة تغيير الثقافة الأساسية كون هذا الأمر مرتبط بالحجم، فالمنظمات كبيرة الحجم تقاوم التغيير لأنها تضّم في العادة ثقافات فرعية، فإذا كانت الظروف ملائمة لتغيير ثقافة المنظمة؛
  • قوة الثقافة الحالية، حيث كلما زاد إجماع العاملين وشدة تمسكهم بالثقافة؛ كلما زادت صعوبة تغيير الثقافة. [القريوتي، 2003]

يتطلب هذا الأمر، وضع استراتيجية شاملة ومنسقة لإنجاز هذا التغيير بنجاح، وأن البداية الصحيحة لذلك هي تحليل الثقافة الحالية بأبعادها العديدة، بما يتضمن تفحص وتقييم الثقافة الحالية ومقارنتها بالوضع المنشود وتقييم الفجوة بينهما، وذلك لتقرير أي العناصر والأبعاد الثقافية التي تحتاج إلى تغيير، ومن ثمَ النظر في الإجراءات المناسبة لمعالجة تلك الفجوة. وتتضمن الإجراءات المقترحة في هذا الإطار، أن يدرك جميع العاملين فعلياً أن المنظمة تواجه أزمة حقيقية تهدد كيانها، نقل وتوصيل القيّم الجديدة للعاملين من مسؤوليات الإدارة العليا، وكذلك تغيير وتعديل القيّم والمعايير الثقافية المترسخة، وإعادة تنظيم هيكلة المنظمة بدمج وحدات معينة، أو إنشاء أو إلغاء وحدات قائمة، هذا بالإضافة إلى إعادة النظر في نُظم وإجراءات إدارة الموارد البشرية (OR).

ولقد أكد الكاتبان “إدجار“، “شين” على الدور الحيوي الذي تقوم به قيادة المنظمة في مجال تغيير الثقافة، والذي يتطلب الدور الحيوي لقيادة تحويلية ذات رؤية واضحة للمنظمة، ولديها القدرات والمهارات لتحقيق هذه الرؤية. بينما يصنف العالم “شين” الوسائل التي تستطيع القيادة من خلالها تغيير ثقافة المنظمة إلى مجموعتين، هما: وسائل أساسية، وسائل ثانوية تعمل على تعزيز الوسائل الأساسية.

وأن الوسائل الأساسية التي تستطيع القيادة استخدامها لتغيير ثقافة المنظمة، هي: إعطاء اهتمام منتظم لمجالات وقضايا معينة في المنظمة، وذلك من خلال القياس والرقابة والتعليقات والتساؤلات بشأن تلك القضايا والمجالات، وردود فعل القيادة اتجاه الأحداث والأزمات التنظيمية. وأيضاً القيام بدور نموذجي كمدرب أو كمعلم، فالسلوك الظاهري للقيادة يحمل معاني وافتراضات معينة للأفراد، يليه وضع معايير وأسس لمنح العوائد وتوزيع المراكز، ومعايير وأسس التعيين والاختيار والترقية والتقاعد.

أما الوسائل الثانوية المساعدة التي تعزز الوسائل الأساسية، فهي تصميم المنظمة وهيكلها التنظيمي، وتصميم النظم واجراءات العمل بما فيها تصميم المباني والمكاتب، وسرد القصص والحكايات حول إنجازات المنظمة وأشخاص مهمين، واتاحة البيانات الرسمية حول فلسفة المنظمة وقانونها. (حريم، 1997)

وهكذا ينبغي التنبيه إلى أنه لا يجب أن نتوقع الانتقال إلى الثقافة الجديدة بسرعة، حتى لو كانت كل الظروف مواتية واتُخذت الإجراءات السابقة بنجاح، ذلك لأن تغيير الثقافة عملية طويلة ومستمرة.

8-1 أسباب ودوافع التغيير التنظيمي: لقد تطرق العديد من الكُتاب والمختصين في مجال التغيير التنظيمي إلى الأسباب والقوى التي تدفع المنظمات إلى التغيير، وحاول الكثير منهم تصنيف وتبويب هذه القوى والأسباب ولعل أحسن تصنيف هو الذي يقسمها إلى قوى خارجية وقوى داخلية:

– قوى وأسباب خارجية: وتتمثل في التغيير في السوق أو العميل المستهدف، والتغير التكنولوجي السريع، وكذلك التنافس الحاد بين المنظمات. هذا بالإضافة إلى أسباب أخرى لا تقل أهمية عن السابقة، منها: القوانين والتشريعات الحكومية؛ دور الاتحادات المهنية والنقابات العمالية؛ الضغوط التي تمارسها جمعيات حقوق المستهلكين؛ وأخيراً زيادة الاهتمام بالقضايا الاجتماعية مما يُلزم المنظمة بمسؤولياتها الاجتماعية. (مخلوفي و بلعرابي،2008)

– قوى وأسباب داخلية: وتتمثل عادةً هذه القوى في: وعي ورؤية المدراء للتغيير؛ تطور وعي العاملين وزيادة طموحاتهم وحاجاتهم؛ تطور المنظمة ونموها. وبالإضافة إلى الأسباب السابقة، فهناك أسباب داخلية اخرى نسردها كالتالي: تغيير أهداف وسالة المنظمة؛ أدخال أجهزة ومعدات جديدة؛ ارتفاع نسبة الدوران الوظيفي؛ حدوث أزمة داخلية طارئة. (حريم، 1997)

8-2 مجالات التغيير التنظيمي: يمكن تحديد التغيير التنظيمي بمجالات التغيير التالية على مستوى:

  • الاستراتيجيات: قد تقوم المنظمة بإجراء التعديلات وتغييرات على اهدافها واستراتيجياتها، وذلك استجابة للتغيرات البيئية المحيطة بها.
  • الهيكل التنظيمي (Brilman, 2001): قد تضطر المنظمة إلى تغيير هيكلها، وذلك لأن كل داخل المنظمة يصحبه تغيير على مستوى الهيكل التنظيمي، أما بحذف الوحدات التنظيمية أو دمجها أو إعادة توزيع بعض الاختصاصات وإعادة تحديد المسئوليات وغيره، وذلك بما يتمشى مع التغيرات الحاصلة.
  • الثقافة (Brilman, 1998): على المنظمة إدخال تغييرات مستمرة على مواقف وقيم الأفراد لخلق ثقافة قوية وتشجيعهم على روح الانتماء وتقوية السلوك التنظيمي.
  • الأنظمة (Grouard,1998): قد يتطلب التغيير في ظروف وبيئة عمل المنظمة، إحداث وتطوير نظم عمل المنظمة وتطوير إجراءات العمل وأنظمة المتابعة وتقييم الأداء، ونظم التحفيز، وغيرها من الأنظمة الداخلية.
  • أنماط القيادة: قد تلجأ المنظمة إلى تغيير النمط الحالي وتبني نمط قيادي جديد، وذلك من أجل ضمان نجاح عملية التغيير وإلى تشجيع الأفراد وتحمل مخاطر ومسئولية التغيير، كالانتقال من النمط الأوتوقراطي إلى الديمقراطي.

8-3 أنواع التغيير التنظيمي: هناك عدة أنواع من التغيير التنظيمي والتي نلخصها في أهمها كالتالي:

  • التغيير العفوي، أو غير المخطط (تلقائي)، والتغيير المخطط (طبقا للمتطلبات).
  • التغيير الجزئي (جزء واحد)، والتغيير الكلي (كل أو معظم الأجزاء).
  • التغيير المفروض (الإلزامي)، والتغيير المصنوع.
  • التغيير المتقطع (البطيء)، والتغيير المستمر أو الكلي (المفاجئ).
  • التغيير المادي (التغيير الهيكلي)، والتغيير المعنوي (النفسي والاجتماعي).
  • التغيير المفروض (بالقوة)، والتغيير بالمشاركة (بالرضا ومشاركة العاملين).

8-4 نماذج إدارة التغيير: يُعد التغيير من التحديات المهمة التي تواجه المنظمات والمؤسسات التعليمية والاقتصادية اليوم، وذلك لأنها لم تعُد تتعامل مع بيئة ساكنة، بل أصبحت تواجه محيطاً متغيراً يحمل في طياته الكثير من المتطلبات التي لم نعهدها من قبل. ولهذا فإن نجاح عملية التغيير تتوقف على مدى سعي هذه المنظمات إلى إدارة هذا التغيير بهدف التقليص من تلك المقاومة التي تنشأ من جراء اهمال الثقافة التنظيمية، وعدم الأخذ بتوجهاتها الحديثة في عملية إدارة التغيير، حيث إنّ عملية التغيير عمليّة معقدة تسعى إلى تحسين بيئة العمل داخل المنظمة، ولا بد أنْ تخضع لمراحل معينة من أجل إنجاحها، وسنتعرض خلال هذا البند إلى أربعة نماذج مهمة، تقدم صورًا مختلفة لمراحل التغيير، وهي كالتالي:

8-4-1 نموذج “Kurt Lewin” لإدارة التغيير: لقد حظي هذا النموذج باهتمام كبير وقبول واسعين من قبل معظم الكتاب والجهات المعنية المتخصصة، والذي يؤكد فيه أن التغيير المخطط والهادف هو الذي يمر عبر ثلاث مراحل أساسية، وهي: (دقاسمه، 2002)

  • مرحلة التهيئة وإذابة الجليد(Unfreezing Stage) : ويتم في هذه المرحلة، استبعاد وإلغاء الاتجاهات والقيّم والعادات والسلوكيات والممارسات الحالية للأفراد، بما يسمح بإيجاد شعور بالحاجة لشيء جديد، فقبل تعلم أفكار واتجاهات وممارسات جديدة ينبغي أن تختفي الأفكار والاتجاهات والممارسات الحالية، وبما يسهل إذابة الجليد، واختفاء السلوك الحالي، والضغوط البيئية الخارجية مثل تدني الأداء والإنتاجية وانخفاض الأرباح، والاعتراف بوجود مشكلة ما، والإدراك بأن هناك شخصاً آخر اكتشف أفكارا جديدة.

ويرى العالم “Kurt Lewin” من خلال دراساته الميدانية، أن المنظمات التي استطاعت أن تصمد وتتفوق وتحقق التغيير المطلوب، قد أخذت الوقت الكافي من أجل إحداث التغيير الفاعل ولم تتبع سياسة حرق المراحل؛ مما يؤدي إلى نتائج غير محمودة، لذلك لابد من مراعاة بعض المعايير عند القيام بهذه العملية. والتي تعني بوجه عام تكيّف العاملين على نمط معين من العمل، قد يحول دون تقبل فكرة التغيير بالنسبة لهم، فهم يخشون المفاجأة وحالات الفشل، لذا كانت فكرة خلق الجو الملائم للتغيير تساهم في تخفيف موجة المقاومة، وهو المقصود بإذابة الجليد.

بيد إنّ إثارة هذه المقاربات ستعــطي صورة سلبيّة على الأوضاع الداخلية للـمنظمة في أذهان المُوظفين الذين يقتنعون حتماً بضرورة التغيير، وخاصة عندما يصبح التغيير هو الهاجس الأكبر بعد أن بيّنت التقارير تراجع أداء منظمتهم عن منافسيهم، وفقدانها للنموّ والتطور، وسيكون السؤال هو: كيف يمكن اللحاق بركب الآخرين؟، وما هي المقترحات الكفيلة بسدّ الثغرات التّي بدأت في نخْر المنظمة؟، حيث إن كل هذا الشعور وغيره سيجعل العاملين يفكرون بجدية أكبر في إنقاذ مؤسستهم، وذلك بتبنّي منْهج جديد ووضع خططٍ مناسبة من أجل تحسين الأداء.

  • مرحلة التغيير(Changing Process) : في هذه المرحلة يتعلم الفرد افكاراً واساليب ومهارات جديدة، وبالتالي سيسلك سلوكا جديداً، ويتم من خلالها التحرك بتغيير فعلي في عنصر واحد، أو أكثر من عناصر المنظمة.

حيث تسعى المنظمة بعد عملية التشخيص إلى دعم فريق متجانس الأفكار والأهداف من أجل تطبيق منهَجهِ الإصلاحي، وذلك بإجراء تغيــيرات على مستوى الهيكل التنظيمي، كإلغاء بعض الوحدات التنظــيمية، أو إدماجها مع وحدات أخرى، وقد تمسّ التغييرات صلاحيات الموظفين ومسؤولياتهم، أو تهــدف إلى بثّ قيّم جديدة، أو تبنيّ تقنيات حديثة تساهم في استخدام طرق جديدة في العمل، وذلك من أجل ضمان استمرارية أداء مهام المنظمة بنجاح.

وباختصار، فإن التغيير بصورة عامة يتطلب: التواصل في جميع مراحل التخطيط وتنفيذ التغييرات، وتبديد الشائعات والإجابة المباشرة والصريحة على كل التساؤلات، وتمكين الأفراد بالفرص والتوجيهات، هذا بالإضافة إلى إشراك الآخرين في عملية التغيير بوضع مكاسب لتعزيز التغيير والتفاوض مع اصحاب المصلحة الخارجيين عند الضرورة.

  • مرحلة تثبيت التغيير (Refreezing): لا يكتفي هذا النموذج بإحداث التغييرات فقط، بل من المهم جداً حماية ما يتم انجازه، والحفاظ عليه وعلى المكاسب الناتجة عنه، حيث يجب أن تسعى المنظمة إلى الحفاظ على المكتسبات ومستوى الأداء الذي نشأ عن المراحل السابقة، وذلك عن طريق حمايتها من أي عارض جديد عن طريق إنشاء لجنة رصد ومتابعة تقيم نتائج عملية التغيير.

ولن يقف التغيير عند هذا الحد، بل عليه أن يصبح ممارسة اعتيادية وثقافة وإبداع مستمرين داخل المنظمة، لذا أصبح من الضروري تشجيع الأنشطة والاقتراحات المتصلة بالتغيير، وتعزيز دور المساهمين فيه، بتدريبهم ومنحهم العلاوات، ولن تكون الأمور على المستوى التطبيقي سهولة بمكان، حيث ستـجابه بأمور غير متوقعة عند القيام بعملية التغيير، مما يتطلب التعامل معها بعقلانية وتريث منتظمين.

وفي واقع الأمر فأن مرحلة التثبيت هذه تقوم على: أرساء التغييرات في ثقافة المنظمة، وتطوير وسائل للحفاظ على التغيير بما فيها ابتكار نظام للمكافأة، وإنشاء نظم التغذية الراجعة (المرتدة)، وتقديم الدعم والتدريب المطلوبين، وأخيراً الاحتفال بالنجاح.

8-4-2 نمُوذج “Dean Anderson” & “Linda S. Ackerman Anderson” لإدارة التغيير: يرى العالمان أنّ عملية التحوّل تتأسس على فهْم عميق للتغيير مع تبني مجموعة جديدة من المهارات والاستراتيجيات لقيادة المنظمة، والتيّ يتعين عليها توسيع بصيرتها حول ماهية متطلبات صِياغة التغيير.

وفي حالة الانتقال من الأخذ بوسيلتهم القديمة، إلى توجيه عملية التغيير بشكل مختلف، فأن الواقع يملي عليهم أنْ لا يغيّروا اعتقاداتهم حول الأفراد والمنظمات فقط، وإنما يغيروا أنفسهم أيضًا، مما يلزمهم أنْ يلحظوا التحوّلات من أجل أن يروا الديناميكيات الفعلية للتحول، وأنْ يغيروا أسلوب وسلوك القيادة لتلبية حاجات التغيير، وهذا يعني أنّ التغيير يجب أن يشمل القياديين أنفسهم أيضاً، كي يكونوا جاهزين ليقودوا الــتحولات بنجاح داخل منظماتهم.

ويشتمل هذا النموذج على مراحل التغيير السبعة التالية: الاستعداد لقيادة التغيير، وضع رؤية والتزام وقدرة المنظمة، تقييم الوضع الحالي لتحديد متطلبات التصميم، تصميم الحالة المطلوبة، وتحليل التأثيرات، التخطيط والاستعداد لتنفيذ التغيير المطلوب، إجراء عملية الدمج والتكامل، وذلك من خلال العمل بجدية وإلحاح والتوجه نحو المسار الصحيح.

فهذا النموذج يُعبّر عن خريطة طريق تُبين من أين يجب أن ننطلق وإلى أين يجب أنْ نصل، فالمراحل السبعة المدرجة أعلاه تمثل حركة عملية التغيير في المكان والزمان المطلوب داخل المنظمة من أجْل إنجاحها، ويرى الكاتبان وهما يتمتعان بخبرة عشرين سنة في هذا المجال أن هذا النمــوذج مصمم لكلّ أنواع التغيير، ومهْما كـان حجم التغـيير وقوّته.

8-4-3 نموذج “IVANCEVICH” لإدارة التغيير: يَعتبر هذا النموذج أن عملية التغيير هي عملية منظمة تتكون من عدة مراحل مترابطة ومتسلسلة كما هو موضح في الشكل التالي رقم (01):

شكل رقم (01): مراحل عملية التغيير حسب نموذج “IVANCEVICH”

8-4-4 نموذج “Kotter” لإدارة التغيير: يطرح هذا النموذج فكرة أن التغيير التنظيمي الناجح هو الذي يتتبع الخطوات التالية: إيجاد الشعور بالحاجة للتغيير، إيجاد تحالف موجه للتغيير، تطوير رؤية استراتيجية، ايصال رؤية التغيير، تمكن العمل ذي القاعدة العريضة، تحقيق مكاسب وتحقيق المزيد من التغيير، ترسيخ المناهج في ثقافة المنظمة المعنية بالتطوير.

8-5 مقاومة التغيير: هناك في الواقع عدة مقاومات في إطار دراسة التغيير، يتطلب الأمر التطرق إلى العناصر التالية:

8-5-1 تعريف مقاومة التغيير: بالرجوع إلى ادبيات الإدارة، نجد التقديمات التالية: [المرسي، 2006]

  • أن مفهوم جذور المقاومة تعود إلى الخمسينات من قرن العشرين، وبالخصوص فيما كتبه الباحثان “French & echo” في مقال “التغلب على مقاومة التغيير” (overcoming resistance to change)، واللذان اوضحا الباحثان فيه أن هذه المقاومة هي عبارة عن رد فعل، أما من طرف الفرد وذلك لشعوره بالحرمان والتهميش، وأما رد فعل جماعي ناتج عن القوى الصادرة من الجماعة.
  • أظهر “Kurt Lewin“، أن مفهوم المقاومة عبارة عن ذلك الرأي المعاكس من أجل مواجهة القوى التي تدفع لإيجاد سلوكيات وقيّم جديدة. وفي كل الأحوال فإن مقاومة التغيير تُعّرف على إنها تلك الاستجابة العاطفية أو السلوكية تجاه ما يعتبر خطر حقيقي أو متوقع يهدد اسلوب العمل الحالي.

أو أنها تعني امتناع الافراد عن التغيير، أو عدم الامتثال له بالدرجة المناسبة، والركون إلى المحافظة على الوضع القائم، وفي هذا النطاق يقول “الأعرجي” أن المقاومة قد تأخذ توجه آخر، وذلك بأن يقوم الأفراد بإجراءات مناقضة ومناهضة لعمليات التغيير. (ديف فرانسيس، 1995)

8-5-2 أسباب مقاومة التغيير: هناك العديد من الأسباب المؤدية لمقاومة التغيير، منها ما هو ناشئ عن الجماعة، وتتمثل معظم الاسباب المؤدية للمقاومة في: الارتياح للمألوف، والخوف من المجهول، وذلك حسب ثقافة الفرد وعاداته. أو التوقيت السيء، وعدم فهم الأسباب والمبررات الحقيقية للتغيير.

8-5-3 اساليب علاج مقاومة التغيير: قد اتضح مع تزايد شدة المقاومة في المؤسسات، إن احتمالات نجاح التغيير تصبح محدودة جداً، وبالتالي لا تستطيع الإدارة أن تبقى مكتوفة الأيدي تجاه هذه المقاومة، وعليه يجب عليها أن تسعى لاتخاذ شتى الإجراءات والوسائل للتخفيف من حدة المقاومة.

ومن تلك الإجراءات نذكر الطرق التالية والملخصة في الجدول اللاحق رقم (02): حيث يتطرق الجدول لبيان ملخص للاستراتيجيات المستخدمة: الاتصال، التدريب، إشراك العمالة، مهام إدارة الضغوط، التفاوض، وأخيراً استراتيجية الإكراه، وبيان أمثلة للاستراتيجيات المستخدمة، وكذلك حالات الاستخدام، ونقاط الضعف والمتمثلة بعيوب هذه الاستخدامات.

جدول رقم (02): يوضح طرق معالجة مقاومة التغيير باستخدام استراتيجيات محددة

الاستراتيجية أمثلة للاستراتيجية حالات الاستخدام عيوب الاستخدام
الاتصال المناقشات المباشرة، المذكرات، التقارير، أو العرض الجماعي. عندما تكون هناك معلومات قليلة حول التغيير، أو تحليل خاطئ للمعلومات حول التغيير. تستغرق وقت طويل خاصة إذا كان عدد الأفراد كبير.
التدريب طرق تعليم العمال لمهارات جديدة للعمل ضمن مهام الفريق. عندما تدرك الإدارة أن العمال لا يملكون الخبرة الكافية لإحداث التغيير. تستغرق وقت طويل وتكلفة عالية.
اشراك العمال إشراك العمال في اتخاذ القرار تخص التغيير. عندما يحتاج التغيير إلى عدد كبير من العمال، أو إذا كان إشراك العمال يطوّر من عملية التغيير. يستغرق وقت طويل، وعدم توافق إشراك العمال مع متطلبات حدوث التغيير.
إدارة الضغوط عقد جلسات مع العمال لمعرفة ما يضايقهم حول التغيير. عندما لا تجدي الاستراتيجيات السابقة في التقليل من اضطرابات العمال. تستغرق وقت أطول وتكلفة أعلى، إضافة إلى عدم تفاعل بعض العمال مع الاستراتيجية.
التفاوض تقديم بعض الحوافز والمساومات، مع التعهد بعدم إعاقة التغيير. عندما لا تظهر المقاومة من طرف قوي، أو عندما تريد المنظمة إحداث تغييرات سريعة. إضافة إلى التكلفة العالية والوقت الطويل، فقد تجعل كل الأطراف تسعى للتفاوض من أجل الامتثال.
الإكراه التهديد بالفصل، أو الحرمان من الترقية، أو التقييم السيء للأداء. عندما تكون الإدارة تملك قوى كبيرة للتغيير، أو عندما تريد المنظمة إحداث تغييرات سريعة. إمكانية استمرار المقاومة والرفض، لأن الأفراد مكرهين وغير راضين.

Reference: Steven L-Mc. Shane, Mary Ann Von Glinow, Organizational Behaviour, p.456.

وجدير بالذكر إن المنظمات التي يكتب لها النجاح في التأقلم مع محيطها الخارجي، هي المنظمات التي يتميز مدراءها وقادتها ببعد النظر والتوقع المعياري(Vision and Standard Expectation) في قيادتهم لهذه المنظمة، وبالتالي فهم يستطيعون أن يتوقعوا تلك التهديدات التي ستواجه المنظمة، ويسعون حثيثاً إلى نقل ذلك إلى كافة عمال المنظمة، وذلك بهدف مواجهة هذه التهديدات وتفادي الخسائر المحتملة التي تؤدي إلى زوال المنظمة.

9- إدارة عمليات تطوير المنظمات

يتطلب تطوير المنظمات: إدارة تدير عملية التطوير والتي تعتمد على التشخيص والتدخل، وإدارة البرامج، حيث تُعتبر هذه المكونات الثلاث الرئيسية لبرامج تطوير المنظمات والتي لا غنى عنها لتطوير المنظمات، وهي كالتالي: أولاً: التشخيص، وهو استمرارية جمع البيانات عن النظام الكلي أو وحداته، وذلك لما له من أهمية في توضيح عمليات النظام وثقافة المنظمة، وعدد من الأهداف ذات الاهتمام. ثانياً: التنفيذ، وهو مجموع الأنشطة والتدخلات التي صُمّمت لتحسين أداء وظائف المنظمة. ثالثاً: إدارة البرامج، وتشمل كل الأنشطة التي صُمّمت لضمان نجاح هذه البرنامج.

9-1 وصف عملية تطوير المنظمات: كما يمكن تقسيم عملية تطوير المنظمات إلى سبعة خطوات، اربعة منها رئيسة، وهي: (الأولى): تشخيص حالة النظام حسب تركيز اهتمامات العميل الحالية المستقبلية، (الثانية): تدخلات تطوير المنظمات المصممة لمعالجة وتصحيح المشكلات، (الثالثة): تقييم تأثير التصرفات، ومدى تحقيقها للنتائج، (الرابعة): إيجاد تدخلات جديدة عند الحاجة إليها. أما الخطوات (الخامسة، والسادسة، والسابعة): فهي مخصصة ومطلوبة لبعض المشاكل والفرص، ولكنها في نقس الوقت امتداد لسلسلة: إجراء تشخيص، وإجراء تقييم.

9-2 وسائل التشخيص: تتم إجراءات التشخيص من خلال القنوات الآتية:

(1) وسائل تشخيص النظام ووحداته الفرعية والعمليات: حيث هناك في واقع الأمر متطلبان أساسيان يمكن بيانهما في هذا النطاق كما أكدها العالم “بكهارد” على أهمية أنشطة التشخيص، بقوله: أن التشخيص هو مفتاح تطوير استراتيجية المنظمة لتحسينها بشكل منظّم، وذلك من خلال عاملين أساسيين، هما: أولاً: تشخيص للأنظمة الفرعية التي تكوّن المنظمة ككل مثل الفرق أو القوى العاملة. ثانياً: معرفة عمليات التنظيم التي تحدث مثل اتخاذ القرارات وعمليات الاتصال. وهذا يعني بشكل وآخر أن إجراء التشخيص ضرورة لا مفر منها، يتبقى هناك أمران لابد من حسمهما، وهما: هل التشخيص مخطط ومنظم مقدماً بحيث يتبع نظاماً محدداً؟، ما هي تصنيفات التشخيص التي سوف تستخدم؟. وبالرغم من وجود اختلاف بين هذين التساؤلين، إلا أن الباحث يميل إلى التوسط بينهما.

(2) نموذج الصناديق الستة: نموذج العالم “Marvin Weisbord” هي وسيلة أخرى للتشخيص النظام، تم نشرها عام 1976، كنموذج يستخدم لتوجيه الممارسين إلى أين ينظرون – محط انتباههم، وإلى القيّم التي ينظرون إليها عند تشخيص المشاكل التنظيمية بالمناطق أو الصناديق الست، وهي: الغايات (نمط الأعمال)، الهيكل البنائي (تقسيم العمل)، المكافآت (الحوافز)، الآلية المساعدة (اختيار التقنية المناسبة)، العلاقات (إدارة النزاع)، القيادة (للتوازن بين هذه الصناديق الستة). علماً بأن الممارسون يستخدمون هذا النموذج كخريطة لحل المشاكل داخل التنظيم، وعلى المستشار أن يهتم بالجوانب الرسمية وغير الرسمية لكل صندوق من الصناديق.

(3) الموجة الثالثة الاستشارية: الثورة الزراعية (الموجه الأولى)، ثم تلتها الثورة الصناعية (الموجة الثانية)، حيث تم التوازن على حافة الثورة المعلوماتية والتقنية، ومن ثم (الموجة الثالثة)، والتي تساعد على سرعة التغيير والتطوير في كل مجتمع.

العالم “ويسبور“، لا يحبذ نموذج المشكلة (السقم)، بل يُفضل التركيز على (العافية)، وهذا يعني الانتقال من النظرة للمستشار كخبير تشخيص، إلى النظرة له كمدير مسرح للأحداث لمساعدة الناس. ويحدد هذا العالم أربع ممارسات للموجه الثالثة للمستشار كالتالي: حدد القدرة الكامنة لعمل شيء، أدخل كل النظام في الغرفة، ركز على المستقبل، صمّم المهام على أساس أن يقدّر الناس العمل لأنفسهم.

(4) مكونات تنفيذ تدخلات تطوير المنظمات: أن تطوير المنظمات هي عملية لتحسين الأداء التنظيمي عن طريق إحداث تغيّرات في ثقافة المنظمة، وهي عبارة عن أنشطة منظمة حيث تنضوي وحدات مختارة في التنظيم في مهمة أو مهام متتالية.

والملاحظ في هذا الإطار، وجود تدخلات التطوير وهي تصرفات متخذة لتحقيق النتائج المرغوبة، وأن التدخلات لتطوير المنظمات، تخضع لأربعة شروط، هي كالتالي: وجود مشكلة شيء ما معطل، فرص غير مدركة، ميزات المنظمة غير متوازية فبعض أجزاء المنظمة متعارض، وأخيراً تغيير الرؤية التي تقود المنظمة.

علماً بأن طبيعية تدخلات تطوير المنظمات، هي التدخل في نظام العميل، وإدخال أنشطة في الأنشطة المعتادة للمنظمة أو بديل عنها، حيث أن المتعارف وجوده في معظم أنشطة التعليم والتدريب التقليدية، أن التعليم والتنفيذ منفصلان. وأن معظم تدخلات تطوير المنظمات تركز على أن: معظم الأنشطة التداخلية لها هدفان (التعلم، وتحقيق الهدف للمهمة)، والتدخلات هي أساساً لتركيز المنظمات على مشاكلها الحقيقية، وتدخلات تطوير المنظمات تستخدم نماذج متعددة.

(5) تحليل التناقضات: هذا النموذج مفيد للتفكير عن التشخيص والتدخلات، ويسمى نموذج “تحليل التناقض”، وهو اسلوب مفيد لبلورة المشاكل والأهداف، وتعني فحص التناقضات بين ما يحدث وما يجب أن يحدث، ويتطلب ذلك دراسة التناقضات: دراسة التشخيص والتخطيط، ثم التنفيذ لحسم مشكلة الفجوة. وباعتبار المشكلة كفجوة، فأن حلها يتضمن الخطوات التالية: اكتشاف سبب الفجوة، اتخــاذ القرارات لاكتشاف حلول، الإجــــــراءات لتضييق الفجوة.

(6) مكونات إدارة البرنامج: يطبق ممارسو تطوير المنظمات مبادئ علم السلوك لتحسين أداء المنظمات وتطوير الأفراد، وكذلك التخطيط والتنفيذ لإدارة برامج تطوير المنظمات بفاعلية، والهدف من وراء هذا القسم هو لضمان النجاح في إدارة برامج تطوير المنظمات.

(7) مراحل تطوير المنظمات: وضع “ورنر بيرك” سبع مراحل لتطوير المنظمات وهي: مرحلة الشروع وتمثل الاتصال بين المستشار والعميل، مرحلة التعاقد وتمثل تأسيس اتفاقات على الوقت والمال، مرحلة التشخيص وهي مرحلة جمع البيانات من حيث جمعها وتحليلها، مرحلة تخطيط التغيير وتمثل قرار خطوات العميل، مرحلة التغذية العكسية، أي ارجاع نتائج المعلومات التي تم تحليلها إلى العميل، واكتشاف المعلومات من العميل، مرحلة التدخل وهي مجموعة من الإجراءات لتصحيح المشاكل وكسب الفرص، مرحلة التقييم هل كان البرنامج ناجحاً ومدى الارتياح للنتائج.

(8) نموذج لإدارة التغيير: وضع العالمان “كمنجر و ورلي” خمسة أنشطة لتحقيق إدارة تغيير فعّالة، وهذه الأنشطة هي: تحفيز التغيير وترغيب العاملين، إيجاد رؤية وتمثل الأهداف والمخرجات، وتطوير الدعم السياسي من وكيل التغيير، وإدارة التحوّل إلى الوضع المستقبلي، ومساندة التوسع بتهيئة الموارد وبناء المهارات والكفاءات اللازمة.

(9) إيجاد هياكل تعلّم متوازية: هي وسيلة لإدخال إدارة التغيير في المنظمات البيروقراطية الكبيرة، وغالباً ما تستخدم الهياكل المتوازية في المنظمات الكبيرة، وتتكون من المراحل التالية: التعريف الأولي للغاية، تشكيل اللجنة المسيرة (لوضع الرؤية، والاستراتيجيات)، الاتصالات مع أعضاء المنظمة، تشكيل وتطوير مجموعات الدراسة، إجراء العملية المطلوبة، تعريف التغييرات الممكنة، التنفيذ التجريبي للتغيرات المقترحة، النشر داخل أرجاء المنظمة والتقييم.

11- الخاتمة

11-1 النتائج: نخلص في نهاية دراسة ثقافة المنظمات، إلى أن ثقافة المنظمة تلعب دور استراتيجي في إنجاز أهداف المنظمة، وذلك من خلال الدور الذي تلعبه إدارة المنظمة في خلق الثقافة الإيجابية وتدعيمها ونشرها وترسيخها لسلوكيات العمال بشكل يحقق فعاليتهم وكفاءتهم في العمل، هذا بالإضافة إلى نتائج أخرى تمخضت من الدراسة:

– تُعتبر الإدارة المسؤولة عن وجود الثقافة السلبية والساكنة التي قد تعيق وتعرقل سير المنظمة نحو تنفيذ نشاطاتها الصحيحة، وبالتالي تحول دون تحقيق الأهداف المرجوة منها.

– يتم تصنيف ثقافة المنظمات إلى الثقافات التالية: الثقافة التنظيمية البيروقراطية، الثقافة التنظيمية الإبداعية، الثقافة الوظيفية، الثقافة التنظيمية المساعدة، ثقافة المهام، ثقافة العمليات، حيث تحمل الثقافة في طياتها فوائد جمة للإدارة، فهي تساعدها في معرفة نوع الثقافة السائدة في المنظمة وبالتالي معرفة السلوكيات والاتجاهات والقيّم والعادات المتواجدة في كل هياكل المنظمة الرئيسية وفروعها، وهو ما يسمح للإدارة بمعرفة محددات السلوك التنظيمي، وأيضاً ما يمكن التنبؤ به للتحكم فيه بشكل يحقق الإنتاجية المنشودة، وبالتالي فإنه يحقق في النهاية الكفاءة المطلوبة لأفراد المنظمة، كغاية نهائية لدراسة الثقافة المنظمة.

– كما تفيد النتائج بأن ثقافة المنظمة تُعبّر عن مختلف الاعتقادات والعقليات، وكذلك إدراك المعايير التي يشترك بها أفراد منظمة واحدة والتي تعمل على توجيه سلوكياتهم لتحقيق الأهداف الموضوعة، وهذه المعايير هي التي تميز منظمة على أخرى.

ننحصر آليات خلق ونشر الثقافة التنظيمية في: اختيار الموظفين، الممارسات الإدارية، التربية والتطبع، القصص والطقوس والرموز، حيث أن جوهر العلاقة بين الأفراد والمنظمات هي: الرضا في العمل، وتفعيل الحوافز والدافعية.

– يُعد التغيير واحد من أهم التحديات التي تواجه المنظمات والمؤسسات التعليمية والاقتصادية اليوم، حيث هي عمليّة معقدة تسعى إلى تحسين بيئة العمل داخل المنظمة، وهذا يستلزم اتباع نماذج محددة، تخضع لمراحل محددة من أجل إنجاحها، ومن هذه النماذج: نموذج عالم النفس الاجتماعي “Kurt Lewin” الذي عُرف باهتمامه الكبير في حل المشاكل الاجتماعية، نموذج “Dean Anderson” و “Linda S. Ackerman Anderson“، نموذج “IVANCEVICH“، ونموذج “John p. Kotter“.

– يستتبع عملية التغيير بطبيعة الحال مقاومة أفراد المنظمة للتغير، مما يتطلب الأمر الاستعانة ببعض الاستراتيجيات لمواجهة المقاومة، ومنها: الاتصال، التدريب، اشراك العمال، إدارة الضغوط، التفاوض، الإكراه، حيث أن نجاح عملية التغيير يتوقف على مدى سعي هذه المنظمات إلى إدارة هذا التغيير بهدف التقليص من تلك المقاومة التي تنشأ من جراء اهمال الثقافة التنظيمية وعدم الاخذ بها في عملية إدارة التغيير.

– لا تُعد هذه الثقافة من الأهمية القصوى لتحديد سلوكيات الفرد، وتحقيق الأهداف الموضوعة فحسب، وإنما المراد هنا تحديداً هي الثقافة ذات المعايير الجيدة والتي يتبناها أغلب الأفراد (ثقافة قوية)، حيث أن الثقافة لا تنشأ عشوائيا بل هي تخلق خلقاً في المنظمة من خلال عدة آليات كاختيار عاملين يحملون معاني مشابهة لما تبغيه المنظمة، فهي تلقنها لهم تلقينا من خلال التنشئة والتطبيع والطقوس.

– أن اتباع أي ثقافة لا يكون عشوائيا بل يكون حسب الأهداف المراد تحقيقها في أي كيان محدد، وذلك لما لثقافة المنظمة من دور كبير في تحقيق الميزة التنافسية، وأيضا تحقيق الجودة الشاملة فهي يمكن أن تكون أداة بناء أو هدم، والمقصود بآليات التغيير الثقافي هي النواحي التالية: التعليم والتكوين، الاتصال واللغة، الرؤية والتوقع المعياري، الموضة والنماذج.

– تحديد أبعاد مشكلة التسيب الإدارية في الدول النامية والتي تبرز في ناحيتين رئيسيتين، هما: حتمية اعتماد هذه الإدارات على الجهاز الإداري الحكومي للقيام بدوره الرئيسي في جهود التنمية الاجتماعية والاقتصادية، هذا من ناحية، وقصور الجهاز الإداري عن القيام بهذا الدور من ناحية ثانية، وذلك لأسباب عديدة يعتبر من أبرزها ظاهرة التسيب البشري داخل الأجهزة الإدارية التي تعد ظاهرة عامة.

– إن دراسة الإطار الثقافي لأي منظمة سوف يساعد على فهم وتفسير سلوك وسيكولوجية أفراده، والقّيـم التي يؤمنـون بها، حيث أن أهـميـة الوقت، السلـوك الـمنظـم، الـمثابـرة، الرغبة في الإنـجاز، الإرادة وإتقـان العمـل، وغيرها من المبادئ، هي سـمـات ضرورية للنجاح في أي ميـدان تشرعه فيه أي مؤسسة أو منظمة، وأن كيفيـة استخدامهـا تختلـف باختلاف الثقـافـات. (أبو بكر، 2002)

– من المسلمات بأن اقناع احد الأشخاص ليس من السهل بمكان، كون المحيط الذي يعيش في أحضانه يتميز بالتغيّر وعدم الاستقرار، ولكن في نفس الوقت من الصعب عليك اقناع هذا الشخص بضرورة تغيير ما هو عليه استجابة لتغيرات هذا المحيط. وهذا ما ينطبق على عالم المنظمات اليوم، والتي اصبحت تنشط في ظل محيط غير مستقر، يتميز بالعديد من الخصائص التي فرضت على هذه المنظمات باتباع منهج التغيير بهدف الوصول على تحقيق أهدافها والاستمرار في مواجهة المنافسة الشديدة.

– بات التغيير أكثر من حتمية خاصة في الجوانب التي ترتبط بالأفراد، أو الموارد البشرية ككل، وذلك أن إحداث تغيير هيكلي أو تكنولوجي أو مالي، دون تغيير السلوكيات وأنماط التفكير والثقافة التنظيمية، يجعل هذا التغيير يفقد أحد حلقاته الرئيسية التي لا يتم ولا يحقق الأهداف المرجوة منه إلا باستكمال هذه الحلقة، وهذا يرجع إلى كون الفرد هو من حدث التغيير وهو من يحدث عليه التغيير، فهو بمثابة حجر الزاوية في عملية التغيير.

11-2 التوصيات: نجد اليوم أن معظم الأبحاث التي تعنى بالتغيير بصفة عامة لا تخلو من الإشارة إلى الجانب الثقافي أو الثقافة التنظيمية بشكل أكثر تدقيقاً، وأصبح التغيير الثقافي داخل المنظمة ضرورة ملحة تتوقف عليه فعالية ونشاطات وكفاءة جوانب التغيير الأخرى في هذه المنظمة. بيد أن نجاح التغيير الثقافي في المنظمات يرتكز بدرجة كبيرة على كفاءة وقدرة قائد التغيير في المنظمة، هذا بالإضافة إلى توصيات مهمة أخرى:

– يجب على المنظمات عموماً وخاصة المعنية بالتطوير، الاهتمام بالجانب الثقافي من أجل دعم عمليات التغيير المطلوبة، والتقليص من تلك المقاومات التي قد تنشأ عند إهمال هذا الجانب.

– ضرورة تحديد أسباب ظاهرة التسيب في إدارات المنظمات في الدول النامية، وكيفية معالجتها، ولاسيما الإدارات ومشاكلها الاقتصادية، حيث تُعد ظاهرة التسيب من أهم معوقات التنمية الإدارية، وذلك لتعلقها بالعنصر البشري الذي يُعتبر الدعامة الأولى في نجاح التنمية الإدارية، وأن أية محاولة للإصلاح وتقويم الاعوجاج ينبغي التركز فيه على أسباب الظاهرة وعلى القضاء على أثارها الهدامة، مما يتطلب ضرورة إعادة النظر في الهيكل التنظيمي للجهاز الإداري في الدولة على نحو ما يجعله متوافقاً مع التنظيم الذي يتطلبه التغير الاقتصادي والاجتماعي في المجتمع.

– ضرورة الاهتمام بطرق العمل وأساليبه عند إجراء التنمية والتطوير المرغوبة، والعمل على أن يتجه اهتمام القادة الإداريين إلى القضايا التخطيطية والتنظيمية والتوجيهية التي هي صميم عملهم، وعدم إضاعة الوقت في القضايا التنفيذية وتركها لمن هم مستواها.

– ضرورة تطوير نظم الرقابة على نحو يجعل هدفها الأساسي إجراء تقييم موضوعي لمستويات الأداء، واتخاذ هذا التقييم أداة لتشجيع المبادأة والمبادرة وتنشيط الحوافز وربطها مع الكفاية الإنتاجية للعاملين، ويتزامن معها ضرورة نهج سياسة تستهدف مكافحة التسيب في جميع أشكاله ومظاهرة، حيث يجب أن تساق هذه السياسة إلى العنصر الإنساني الفاعل، بعناية فائقة.

– يجب أن يكون الاهتمام ببيان ماهية الوظيفة من خلال المنظور الإسلامي وفلسفته وابتغاء وجه الله الكريم، حيث أن مفهوم الرقابة يتضاءل في مقابل نمو مفهوم الرقابة الذاتية والشعور بالأمانة والمسئولية من الفرد تجاه ما يقوم به من أعمال، حيث يُعد قيام القيادة السياسية بدورها الرائد كقدوة في تجسيد العلاج للقضاء على نتائج ظاهرة التسيب الوظيفي، وذلك عن طريق قرارات سياسية ملزمة لجميع العاملين وأجهزة الدولة، وهذا يتطلب مزيدا من الحزم والثقة والعزم، للبدء في تطبيق بنود مواجهة التسيب دون تمييز ومحاباة أو استثناءات من قواعد هذه السياسة بين الوحدات الإدارية، أو لبعض القادة والرؤساء الإداريين.

– تُعتبر الحوافز إحدى مقومات العمل المؤسسي، والتي بدونها لا يمكن لأي منظمة أن تقوم بتحقيق كامل أهدافها، حيث أن الحوافر هي الطريقة التي من خلالها تُعبّر المؤسسة للموظف عن مدى تقديرها لأدائه المتميز وعمله المتقن، وهي أيضاً من الطرق التي تساعد المؤسسة على تحقيق أهدافها، وذلك بجانب توافر الإمكانيات المادية للمؤسسة وخبرة العاملين بالمؤسسة كلاً في مجاله.

– تُعبّر الاتجاهات والقيّم عن حالة فكرة، أو مجموعة من الآراء في ذهن الفرد نحو الأشياء من حوله، فإذا أحب الفرد وظيفته وكانت فكرته عنها إيجابية ويكون لديه اتجاه مساند للوظيفة، الأمر الذي يجعله يرى الجوانب الحسنة فيها ويتغاضى عن صعوباتها ويدافع عنها إذ انتقدها أحد، ومن ثم فهو يقبل على أدائها بشغف، ويحرص على القيام بأعبائها حسب مستويات الإدارة المقررة، وربما أبدع فيها، والعكس صحيح.

– العمل على توجيه اهتمام القادة الإداريين في المنظمات إلى القضايا التخطيطية والتنظيمية والتوجيهية التي هي صميم عملهم، وعدم إضاعة الوقت في القضايا التنفيذية وتركها لمن هم مستواها، مما يتطلب ضرورة تطوير نظم الرقابة على نحو يجعل هدفها الأساسي إجراء تقييم موضوعي لمستويات الأداء، واتخاذ هذا التقييم أداة لتشجيع المبادأة وتنشيط الحوافز ومع الكفاية الإنتاجية للعاملين.

– يحتل جانب القيادة في التغيير الثقافي اهمية كبيرة، مما يجعل هذا القائد ذو خصوصيات مميزة تؤهله لتسيير ونشر التغير والتحكم فيه من خلال الالتزام في سلوكه وتجسيد أقواله في أفعاله والتواضع والعدل مع أفراده والصدق وحب للأفراد وغيرها من القيم الأخرى.

– الحاجة ملحة بالنسبة لدراسة التشخيصية للمنظمة، حيث تنطلق عملية التطوير التنظيمي من ثلاثة محاور أساسية هي: الإنسان، نظم العمل، ومن ثم معدات وتسهيلات العمل. ومن ثَمَ فإن الدراسة التشخيصية التي تهدف إلى التطوير التنظيمي، وضرورة التعرف على ثلاثة محاور: اكتشاف فرص التطوير، ومواجهة التغييرات، وإحداث التغييرات المطلوبة.

– افرزت الدراسات التطبيقية في إطار ثقافة المنظمات عدة نتائج وتوصيات ولاسيما الاستعانة بالنماذج الموضحة في الدراسة لإدارة التغيير، والتي تبين منها اهمية تقويم الثقافة التنظيمية في حياة المنظمة، وعلى وجه الخصوص أثناء مرور المنظمة بمراحل التحول، أن المنظمة تسعى إلى إعادة النظر في الكثير من الجوانب داخل المنظمة، ومن هذه الجوانب كمثال لا الحصر، هو أسلوب إعادة الهندسة التنظيمية، وإدارة الجودة الشاملة.

المراجع والدراسات:

  • حريم، حسين (2003)، إدارة المنظمات – منظور كلي، دار الحامد للنشر والتوزيع، عمان الأردن.
  • المرسي، جمال الدين (2006) الثقافة التنظيمية والتغيير، الدار الجامعية، الإسكندرية.
  • القريوتي، محمد قاسم (2007)، السلوك التنظيمي، دار وائل للنشر والطباعة، عمان – الأردن.
  • القريوتي، محمد قاسم (2010)، نظرية المنظمة والتنظيم، دار وائل للنشر والطباعة، عمان- الأردن.
  • ابو بكر، مصطفى محمود (2005)، التنظيم الإداري في المنظمات المعاصرة، الدار الجامعية.
  • دقاسمه، مأمون أحمد سليم (2002)، التغيير التنظيمي: دراسة ميدانية لاتجاهات المديرين في الإدارات الحكومية في محافظة أربد الأردن – نحو دوافع وسمات ومعوقات ومتطلبات نجاح جو التغيير التنظيمي، مجلة الإداري العدد 88 مارس 2002، ص 87.
  • يزغش محمد وإشراف عبد الرحمان، (2007)، الثقافة المهنية في الفكر الحديث – دراسة ميدانية على منسوبي جامعة برقوق.
  • العميان، محمود سلمان (2002)، السلوك التنظيمي في منظمات الأعمال، دار وائل للنشر، الأردن، الطبعة الأولى، 2002.
  • عادل، عياض (2004). إدارة التغيير والموارد البشرية بمؤسسات الاتصالات، مداخلة ضمن المؤتمر العلمي الدولي حول الأداء المتميز للمنظمات والحكومات مارس 2004، ص 37.
  • عبد السلام مخلوف، عبد الكريم بلعرابي (2005). التغيير التنظيمي وحسن الأداء داخل المنظمة، مداخلة ضمن المؤتمر العلمي الدولي حول الأداء التميز للمنظمات والحكومات، جامعة ورقلة، 2005 ص 497.
  • أحمد بوشنافة، (2005) أهمية البعد الثقافي وأثره على فعالية التسيير. مداخلة ضمن الملتقى الأول حول التسيير الفعال في المؤسسات الاقتصادية، 2005، ص 6.
  • طاهر محسن منصور الغالبي، صالح مهدي محسن العامري (2005). المسؤولية الاجتماعية وأخلاقيات الأعمال – الأعمال والمجتمع، دار وائل للشر والتوزيع، عمان الأردن.
  • ديف فرانسيس، مايك وودكوك (1995)، ترجمة عبد الرحمان هيجان، القيّم التنظيمية، مكتبة الملك فهد، العربية السعودية، ، ص 18.

مراجع ذات العلاقة

  • بومدين، بلكبير(2005)، ثقافة المنظمة كمدخل استراتيجي لتحقيق الأداء المتميز، مداخلة ضمن المؤتمر، 2005، ص 286.
  • بهاء العسكري (2010)، إدارة التغيير في منظمات الأعمال – التجربة الماليزية نموذج الأكاديمية العربية بالدنمارك- قسم العلوم الإدارية.
  • John R. Schermerhorn, Jr., James G. Hunt, Richard Osborn, (1991) Managing Organizational Behaviour.