العادات البدوية في النوازل الفقهية الشنقيطية خلال القرن 19 الميلادي

سيدي العالم شريف1

1 جامعة شعيب الدكالي الجديدة. المغرب

Email: Sidialamcharif.a@gmail.com

HNSJ, 2022, 3(12); https://doi.org/10.53796/hnsj31237

Download

تاريخ النشر: 01/12/2022م تاريخ القبول: 20/11/2022م

المستخلص

يتناول هذا البحث موضوع العادات البدوية الصحراوية من خلال النوازل الفقهية الشنقيطية في القرن التاسع عشر الميلادي، وذلك قصد إثراء فقه النوازل تأصيلا وتنزيلا، من خلال التنقيب عن العادات في كتب النوازل، وقد كان لهذا البحث جانبان نظري وتطبيقي، النظري عني بالجانب المفاهيمي، أما التطبيقي فقد عني بذكر امثلة من النوازل الفقهية في العادات البدوية، وقد توصلت إلى أن الفقهاء الشناقطة عنوا كثيرا بمراعاة العادات والأعراف وعدوها دليلا على مرونة ويسر الشريعة الإسلامية، والامثلة الشاهدة من فتاويهم لا تعد كثرة.

الكلمات المفتاحية: العادات، النوازل، البادية.

Research title

Bedouin customs through the calamities of jurisprudence during the 19th century AD

Sidi Alam Charif1

1 New Chouaib Doukkali University. Morocco

Email: Sidialamcharif.a@gmail.com

HNSJ, 2022, 3(12); https://doi.org/10.53796/hnsj31237

Published at 01/12/2022 Accepted at 20/11/2021

Abstract

This research deals with the subject of desert Bedouin customs through the calamities of jurisprudence in the nineteenth century AD, with the aim of enriching the jurisprudence of calamities, rooted and descended, through excavating customs in the books of calamities. He was concerned with mentioning examples of jurisprudence emerging in Bedouin customs, and I concluded that the Shinaqetah jurists were very concerned with observing customs and customs and their enemy as evidence of the flexibility and ease of Islamic law, and the witness examples from their fatwas are not many.

مقدمة:

تعد الفتاوى والأحكام من أهم ذخائر التراث الإسلامي، فهي وثائق مكتوبة تقدم معلومات ووقائع عن شتى مناحي الحياة التي تصدر فيها، تلقاها العلماء والمفتون في فضاء السيبة على شكل أسئلة شرعية عن حياتهم اليومية لشتى تفاصيلها فنقلوها بأمانة علمية، وقدموا إجابات لها بعد تاريخي واجتماعي وسياسي واقتصادي وعلمي، حري بدراستها وتحليلها واعتمادها وتوظيفها لسد احتياجات المجتمع وإثراء تراث الغرب الإسلامي بإعتبارها المصادر الدفينة.

للشناقطة مثل أي شعب عاداتهم وتقاليدهم الخاصة المرتبطة بالزواج والضيافة والألعاب واللباس ويتقاسم المجتمع بأسره كثيرا من العادات و التقاليد التي تمثل الهوية والأصالة الموريتانية.

إن احترام العادات في المجتمع الموريتاني يرفع شأن أصحابه ويعطيهم في نظر الكثير من الناس مكانة محترمة تعزز ثقتهم بهم، لأن العادات والتقاليد في مجتمع البيضان أخذت صبغة شرعية من القاعدة الفقهية العادة محكمة.

لقد جاءت المدونة الإفتائية لتعتني بعادات المجتمع وتقاليده ساعية إلى معالجة أحكامه وجمعها، لأنها من أعظم ما يجب اعتباره من المفتي قبل الحكم بفتواه، لأن الفتوى تتغير بتغير الأحوال والعادات والأعراف، وبالتالي تتغير إلى ما يناسب حال الناس واحتياجاتهم وأعرافهم وزمانهم ومكانهم بما لا يخالف النصوص الشرعية.

بما أن لكل مجتمع عاداته وتقاليده التي أملتها عليه ظروفه ومحيطه، فإن المجتمع الشنقيطي باعتباره مجتمعا بدويا سائبا قد طبعت بنيته وبيئته وميزته عن غيره من المجتمعات، فما هو معنى العادة؟ وما هو مفهوم العرف؟ وما الفرق بينها؟ وكيف نقلت لنا النوازل الفقهية عادات البيئة الصحراوية وأحكامها الشرعية؟

وقد إنتظم هذا البحث في مقدمة وثلاثة مباحث وخاتمة نعرضها على الشكل التالي:

مقدمة:

المبحث الأول: مدخل مفاهيمي.

المطلب الأول: تعريف العادة لغة واصطلاحا.

المطلب الثاني: تعريف العرف لغة واصطلاحا.

المطلب الثالث: الفرق بين العادة والعرف.

المطلب الرابع: تعريف النازلة.

المبحث الثاني: العادات والنوازل عند الشناقطة.

المطلب الأول: انتشار العوائد البدوية الصحراوية في بلاد شنقيط.

المطلب الثاني: موقف الفقهاء الشناقطة من العادة والعرف.

المطلب الثالث: اهتمام الشناقطة بالفتوى.

المطلب الرابع: مصادر الفتوى الشنقيطية.

المبحث الثالث: العادات البدوية الصحراوية في النوازل الفقهية.

المطلب الأول: عادات مرتبطة بخلو الزمان من السلطان .

المطلب الثاني: عادات ملازمة لتعليم الصبيان.

المطلب الثالث: عادات النسوان.

المطلب الرابع: عادات مرتبطة بغياب العمران.

خاتمة.

المبحث الأول: مدخل مفاهيمي.

المطلب الأول: تعريف العادة لغة واصطلاحا.

الفرع الأول: العادة لغة.

العادة لغة جمعها عادات وعوائد وهي نمط من السلوك يعتاد المرء عليه فيفعله من غير جهد تكرارا، والعادة لغة تطلق على تكرار الشيء مرة بعد أخرى ويدل على ذلك ما أورده صاحب لسان العرب وكذلك صاحب مقاييس اللغة، لفظ مفرد يجمع على عاد وعادات والمعاودة الرجوع للأمر الأول[1].

وهي الدأب والإستمرار فكل ما اعتيد عليه حتى صار يفعل من غير جهد فهو عادة، وسميت بذلك الإسم لأن صاحبها يعاودها أي يرجع إليها مرة بعد مرة أخرى، ومن هذا المعنى قوله تعالى: “ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا”[2]، وقوله عز وجل: “ألم ترى إلى الذين نهوا عن النجوى ثم يعودون إلى ما نهوا عنه”[3]، فالعادة هي الديدن أي الدأب والإستمرار[4].

والعادة ما استقر الناس عليه على حكم المعقول وعادوا إليه مرة أخرى، وقال بعضهم كل تكرار[5].

الفرع الثاني: العادة اصطلاحا.

عرف الفقهاء العادة بتعريفات كثيرة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:

  • قال ابن عابدين الأمر المتكرر من غير علاقة عقلية، وقد شرح هذا التعريف الذي نقله عن شرح التحرير لإبن الهمام فقال: العادة مأخوذة من المعاودة فهي بتكرارها ومعاودتها مرة بعد أخرى حتى صارت معروفة مستقرة في النفوس والعقول متلقاة بالقبول من غير علاقة ولا قرينة حتى صارت حقيقة عرفية، والعادة عبارة عما يستقر في النفوس من الأمور المتكررة المقبولة عند أهل الطباع السليمة[6].
  • عرفها الجرجاني بأنها ما استمر الناس عليه على حكم العقول وعادوا عليه مرة أخرى[7].
  • يرى الأستاذ مصطفى الزرقا أن العادة أعم من العرف، لأن العادة تشمل العادة الناشئة عن عامل طبيعي، والعادة الفردية وعادة الجمهور التي هي العرف [8].
  • عرفها القرافي بقوله: والعادة غلبة معنى من المعاني على الناس.[9]

والملاحظ من هذه التعريفات انها تدور في حقيقتها حول معنى واحد وهو التكرار الذي تتقبله العقول والطباع السليمة.

المطلب الثاني: تعريف العرف لغة واصطلاحا.

الفرع الأول: العرف لغة .

العين والراء والفاء كما يقول صاحب مقياس اللغة ترجع إلى أصلين صحيحين، يدل أحدهما على تتابع الشيء متصلا بعضه ببعض والأخر على السكون والطمأنينة[10].

ومن الأصل الأول:

عرف الفرس، سمي بذلك لتتابع الشعر عليه، وقوله تعالى : }والمرسلات عرفا{[11]، أي الملائكة أرسلت متتابعة بعضها خلف بعض[12].

ومن الأصل الثاني:

  • المعرفة والعرفان وهو إدراك الشيء بتفكير وتدبر لأثره، وهذا يدل على سكونه إليه لأن من أنكر شيئا توحش منه ونبا عنه والعرف والمعروف واحد: وهو كل ما تعرفه النفس من الخير وتطمئن إليه[13].

والعرف يضم العين وسكون الراء جمعه أعراف له عدة معان منها.

  • المعروف الذي تعارفه الناس.
  • ما كان ضد المنكر.
  • تتابع الشيء متصلا بعضه ببعض.
  • العلو والارتفاع.

الفرع الثاني: العرف اصطلاحا.

تعددت تعريفات العلماء القدماء منهم والمحدثين للعرف، تبعا لاختلاف الجهة التي نظر كل منهم لمدلول هذه الكلمة، فمنهم من أقتصر على بيان ماهية العرف وحقيقته، ومنهم من أضاف الإشارة إلى بعض أقسامه، ومنهم من أشار إلى بعض شروطه، ومنهم من أضاف تقييده بالصحيح منه دون الفاسد[14].

وقد عرفه الإمام عبد الله النسفي، تعريفا تتابع العلماء والباحثون على نقله والاعتماد عليه من كل المذاهب الفقهية، وهو:” ما استقر في النفوس من جهة شهادات العقول، وتلقته الطباع السليمة بالقبول[15].

وقيل: هوما استقرت النفوس عليه بشهادة العقول، وتلقته الطباع بالقبول، وهو حجة[16]، والمعروف ما يستحسن من الأفعال، وهو كل ما تعرفه النفس من الخير ، وقيل: العرف (اسم من الاعتراف) الذي هو بمعنى الإقرار[17].

المطلب الثالث: الفرق بين العرف والعادة.

من خلال التعاريف السابقة يتضح جليا أن العادة والعرف بمعنى واحد من حيث الإصطلاح وهو ما عليه العديد من العلماء ، وممن ذهب إلى ذلك الفقيه ابن عابدين الذي صرح بأن العادة والعرف بمعنى واحد من حيث الما صدق، وإن اختلفا من حيث المفهوم[18]، وكذا النسفي الذي قال بأن العرف والعادة ما استقر في النفوس من جهة العقول وتلقته الطباع السليمة بالقبول.[19]

وبعدم التمييز ورد العرف والعادة عند الشيخ محمد المامي بمعنى واحد عند قوله العرف لغة وشرعا: العادة، والعادة من الأصول الخلافية، لأنها إذا عمت الناس صارت إجماعا، فشربت من حوض الإجماع إذا خصت والتي تعم الناس كثقب الأذنيين للأخراص[20].

وعلى هذا النهج سار الإمام الفقيه محمد يحيى الولاتي في رسالته حسام العدل والإنصاف القاطع لكل مبتدع باتباع الأعراف، وزاد الفقيه سيدي أحمد بن أسمه الديماني إلى العادة والعرف العمل قائلا: “الفصل الأول في الكلام على العرف والكلام عليهم من وجوه أسماؤه وهي ثلاثة : العرف والعمل والعادة”[21]، في حين فرق بين العادة والعرف بعض العلماء ومنهم التفتازاني الذي رأى أن العادة هي العرف العملي، وأن العرف هو القولي[22]، وتبعه في ذلك ابن الهمام في التحرير[23]، ويرى آخرون أن العادة أمر فردي، وأن العرف عادة جماعية بمعنى أن العادة ما كرر الإنسان فعله فيما يختص بنفسه، والعرف ما كرر الناس فعله وألفوه على مر الأجيال[24]، ويبدو من كلام الشاطبي أنه فرق بين العادة والعرف على أساس أن العادة كلية، لكن كما تم التنبيه إليه في البداية، لم يفرق العديد من الفقهاء بين العرف والعادة واعتبروهما بمعنى واحد، ومن تأمل في مباحثهم الفقهية وجد أنهم يستعملون العادة والعرف استعمالا واحدا لا يميزون بينهما، وعلى كل لا مشاحة في الاصطلاح خاصة وأنه لم يرد أي أثر في الفقه لهذا التمييز بين العرف والعادة.

المطلب الرابع: مفهوم النازلة.

الفرع الأول: النوازل لغة.

النوازل في اللغة على وزن فواعل، من نزل ينزل نزولا، جمع نازلة وهي: الشديدة من شدائد الدهر تنزل بالناس، والنزول أي الحلول[25]، قال تعالى:” فإذا نزل بساحتهم فساء صباح المنذرين[26]،وقع حل. ولها مرادفات ومعان أخرى.

فالنازلة من الناحية اللغوية كما وردت في معجم لسان العرب الشديدة التي تنزل بالقوم، وهي من شدائد الدهر تنزل بالناس[27]

الفرع الثاني: النوازل اصطلاحا:

أما في عرف الفقهاء فالنازلة هي: الواقعة أو الحادثة، تحل بالمرء في دينه ودنياه فيسأل عنها أهل الذكر، فيقال: نزلت بفلان نازلة فرفعها أو رفعت إلى فلان فأجاب عنها.

فهي الوقائع والمسائل التي ترفع لأهل العلم طلبا لأجوبتهم فيها. أو هو العلم بالأحكام الشرعية للقضايا المستجدة المعاصرة.

وقد تعددت أسماؤها، فسميت النوازل والفتاوى وهما الاسمان الشائعان في الغالب كما دعيت بالمسائل والأسئلة والأجوبة، وفي اصطلاح الحنفية الواقعات، حرص جامعوها على ترتيبها على الأبواب التي كانت ترتب عليها المؤلفات الفقهية[28].

هي المسألة الطارئة وعرفها الفقهاء بأنها الواقعة التي تتطلب حكما شرعيا وليس فيها نص من كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا فتوى سابقة[29].

فهي إذن الوقائع المستجدة والحوادث التي لم يرد بشأنها نص صريح ولا فتوى سابقة مما يجعلها تستدعي بذل الجهد واستفراغ الوسع حتى يخرج حكما ويناط بأمر الشرع[30].

المبحث الثاني: العوائد والنوازل عند الشناقطة.

تناول الفقهاء الشناقطة العوائد والنوازل في مؤلفاتهم وقد آثرت ذكرها في المطالب التالية:

المطلب الأول: انتشار العوائد في بلاد شنقيط.

لقد عانت بلاد شنقيط خلال القرن التاسع عشر الميلادي، من السيبة ومن خلو الزمان من السلطان وما ترتب عن ذلك من اعتماد بدائل وعوائد تحكم نظام الناس ويتحاكم إليها وأصبحت معتمدة ومسيطرة على هذا الجو البدوي، بدءا من تأسيس الأسرة وما صاحبها من عادات كالتبلاح والترواغ والفسخة والكشوة ولحراش وأكجار وجماعة يتحاكم إليها وهي ايت أربعيين وهي التي تبث في الصراعات وقبيلة تدفع عادات الديات والمدارات ورد ألاي، ناهيك عن عادات مرتبطة بالضيوف كونكالة وعادات مرتبطة بتعليم الصبيان كالشرط ولربعية، وتقاليد مصاحبة للأعياد والرحيل.

ومن عادات أهل البلاد أيضا خروج ترك الدراسة أيام الأعياد والهدايا للأصهار في العيد (الفسخة) والقزانة والتبلاح تسمين النساء وشرب الدخان وشرطة الجدري والحرص على حلب الأنعام ليلة الجمعة[31].

إن كل جوانب حياة البيظان محفوفة بعادات وأعراف هي المتحكمة في هذا المجتمع البدوي الشنقيطي، فأصبحت العادات والأعراف محكمة وهي التي تحكم المجتمع، ويعدها البعض ناسخة للشرع وهي الشرع الذي يخضع إليه الجميع، ويعدون الخروج عنها بلاء وسبب للشقاوة والعداوة وقعدوا لذلك بأمثلة باللهجة الحسانية ما زالت متداولة إلى اليوم نذكر من بينها :

  • أمروك[32] العادة بلاء.
  • لا تترك عادة لا تعادى[33].

مما يعني وجوب إلتزام الصف والإصطفاف مع العادات التي سيطرت على المجتمعات البدوية الشنقيطية فنقلتها لنا النوازل الفقهية.

المطلب الثاني: موقف الفقهاء الشناقطة من العادة والعرف.

إن خلو المجال الشنقيطي من السلطان الذي يحكمه وما ترتب عنه من تعطيل للأحكام ، قد ساهم في بسط سلطة العادات والتقاليد والأعراف وتقوية مجال إعمالها مع أنه لا خلاف حول ما لا يناقض الشرع، إلا أن الذي يصطدم معه يبقى مجال خلاف بين الفقهاء الشناقطة ترتب عنه ظهور رأيين أو اتجاهين فقهيين أحدهما يعتبر العرف مطلقا والأخر مناوئ له.

  1. اتجاه اعتبار العرف مطلقا: لقد أدى غياب سلطة الحاكم في هذه البلاد السائبة، إلى سطوة وسيطرة العادات والأعراف واعتبارها مما تبنى عليه الأحكام وتعلل به دون تخصيص أو تقييد في بعض الأحيان إلى درجة تنزيله منزلة ما جرى به العمل الذي تقدمه المالكية على العمل بالقول المشهور ومن الشواهد الدالة على ذلك نذكر:

_دعوة الشيخ محمد المامي لاعتماد الاعراف سبيلا لحلول إشكاليات ونوازل أهل البادية، وفي هذا يقول:” التصانيف مدنية وإنما تتكلم أهلها غالبا على مسائلهم الخاصة بهم أو على المسائل الجامعة بيننا وبينهم، وسكتوا عن غالب في عرف غير عرف بلدهم، ومسائل الأعراف كثيرة ولم يستضن بلد معمور عن عالم منهم يتكلم على عرفهم وإن لم يفرده بالتصنيف، فإننا لو سألناهم عن مسائلنا لوجب عليهم أن يسألون عن عرفنا.[34]

وفي موضع أخر يقول: والعادة التي تبنى عليها الأحكام أوسع من ذلك لأنها تبنى عليها أحكام كثيرة غير الشهادة من اجل اقتضاء الحكم بسببها لمصلحة[35]، كما نقل لنا صورة أخرى قائلا: وتراهم يذمون الفقهاء بالجمود على النصوص من غير ملاحظة القواعد والعوائد والمصالح، ويحرمون عليهم تلك الملاحظة ومن لاحظ العرف منهم أثموه بذلك لأنه قلد.[36]

_فتوى للشريف حمى الله التيشيتي(ت1169ه)حين سئل عن العاقلة إذا كانت أقل من سبعمائة أو الزائد على الألف هل تحمل الدية كلها حيث ذلك عرف أهل البلاد أم لا تحمل الامان بها من الدية بتقدير كونهم العدد المذكور فأجاب: إنه لا محيد عما جرى به العرف في هذه الأقاليم، وهو أن العاقلة تغرم الجناية كلها الصغرى والكبرى، قلت أو كثرت ، وعمل الناس مقدم على النص الشرعي عند مالك رحمه الله تعالى، ومن أراد الخروج عن العرف في هذه البلاد فقد فتح باب فتنة لا تسد، وتكرر في المتون تحكيم العرف، وأجمعوا أنه لا يجوز القضاء ولا الفتوى بغير العرف لأنه ركن من أركان الشريعة والخلاف فيها يبقى من الدية على العاقلة القاصرة في بلد لم يجر فيه العرف بأنها تغرم الدية الكاملة، واما هو فلا خلاف أنها تغرم جميع الدية ولو كانت عشرة رجال أو أقل.[37]

  1. الاتجاه المناوئ لاعتبار الأعراف: رأى هذا الإتجاه سيادة العادات واستحكامها في هذا المجتمع البدوي السائب، فنبه إلى ضرورة الحد من اعتبار العادات والأعراف، فالفوا فيها العديد من الكتب والرسائل نذكر من بينها اسماء المؤلفين التالي ذكر اسمائهم بمؤلفاتهم.

_ سيدي عبدالله بن الحاج ابراهيم (ت1233ه) وكتابه طرد الضوال والهمل عن الكروع في حياض العمل.

_ أحمد بن حبت (ت 1301ه) الغلاوي وتأليفه البدعة الحسنة.

_ محمد مولود بن أحمد فال (ت 1323ه) وكتابه السلم والوسيلة في إسقاط شهادة أهل بديلة.

_ محمد يحيى الولاتي ( ت1330ه) وكتابه حسام العدل والإنصاف القاطع لكل مبتدع باتباع الأعراف.

_ محمد يحيى بن سليمة (ت1354ه) وكتابه شهود العيان في تحريم الشم والدخان.

ومما جاء فيها نقتصر على كلام العلامة محمد يحيى الولاتي في كتابه حسام العدل والانصاف القاطع لكل مبتدع باتباع الأعراف الذي جاء بلغة وأسلوب حاد وواضح ومصور لواقع التعامل مع العرف والمنزلة التي أصبح يحظى بها حيث يقول: لما كثر الباطل وقل الصواب وترك العمل بالسنة والكتاب وانتصب للقضاء والافتاء كل مفتر كذاب واتبعت العوائد الخفيفة والشنيعة، وحسبها الجهال ناسخة للشريعة ، مغترين بقول الفقهاء العادة محكمة، ولم يدرالجاهلون أن تلك العوائد مخصصة لامعممة أردت أن أضع كتابا يرشد إلى تبيان حقيقة العرف وتقسيمه وكيفية إعماله عند الفقهاء في الأحكام الشرعية وتحكيمه ويميز بين عرف الشارع وعرف الناس، وما يحكم فيه كل منهما من الأحكام الشرعية عند العلماء الأكياس[38].

المطلب الثالث: اهتمام الشناقطة بالفتوى.

إن لفقه النوازل أهمية كبرى عند الشناقطة حيث انكبوا عليه وألفوا فيه وأكثروا منه، وتداولوا الفتاوى فيما بينهم بل وقد استأثرت الفتاوى بنصيب هام من جهد المؤلفين وكانت الفتاوى المجموعة من أقدم المصنفات المحفوظة، فقد ظهرت في القرن الحادي عشر وزادت على العشرة في الثاني عشر وعلى العشرين في الثالث عشر وعلى الثلاثين في الرابع عشر[39] .

وتناولت فتاوى الشناقطة كل الموضوعات وثبت في كل الأعراف والعادات، كما تناولت مختلف المستجدات.

إن إلحاح أبناء المجتمع الشنقيطي على الفقهاء بأسئلتهم عن جزئيات حياتهم اليومية بشتى تفاصيلها وتلاوينها يجعل الفتاوى والأحكام إجابات شرعية عن وقائع واقعية لها خصوصيتها.

إن فتاوى الشناقطة وثيقة الارتباط بالواقع فهي أجوبة عن مشاكل وقعت بالفعل وأصابت هموم المجتمع في العمق، تلك الهموم التي شكلت مشغلا متميزا في النشاط التشريعي لفقهاء البلد على طول تاريخه.

لقد توجه الافتاء والقضاء نحو قضايا مخصوصة في الغالب ذات طبيعة اجتماعية وسياسية، ربما يكون دافعها الأقوى ضرورة التأقلم مع الفضاء السياسي والاجتماعي المتذبذ والمنفلت عن الضبط، من هذا المنطلق إذن نفهم كيف جوبهت هذه التحديات سواء بالتعامل معها رفضا أو قبولا، أو باغفالها وما انجر عن ذلك من محاولات اجتهادية سواء كانت تأسيسية أو تأويلية أو ترجيحية، إذ مما لاشك فيه ان أي تأويل او فهم للخطاب الشرعي يظل مشروطا بإساره التاريخي وفضائه الإجتماعي بحيث يكون التراكم المعرفي ونسق تأسس الخطاب في الواقع السببين اللذين يجعلان منه خلقا جديدا[40] .

إن علاقة الفتوى بالعادة والعرف تجعلها وثيقة ذات محتوى اجتماعي مهم، فالإنتاج البشري أسير في أغلب جوانب لبيئته وظرفه ومن هنا كان طبيعيا أن تكون الفتاوى معبرة عن واقع الحياة التي يعيشها الفقيه في المجتمع الشنقيطي.

كما وثقت النوازل الفقهية الشنقيطية تلك العادات الصحراوية البدوية التي شاعت وذاعت في هذا الوسط السياسي السائب وتطلبت من الفقهاء أن يبينوا حكم الله فيها، ثم جمعت فيما بعد فكان أول من أجاد من أهل تلك البلاد في تصنيف النوازل هو الامام ابن الاعمش العلوي (ت1036هـ)[41]، ثم توالت التآليف كنوازل حمى الله التيشيتي (ت 1169هـ) ثم نوازل القصري (ت 1235هـ) وعقبتها المدونات الإفتائية الجامعة ومنها العمل المشكور في نوازل علماء التكرور لمحمد مصطفى الغلاوي الولاتي ( ت 1214هـ) وهي موسوعة إفتائية جمعت منتخب فتاوى علماء التكرور، إلى أن ظهرت المجموعة الكبرى الشاملة لفتاوى ونوازل وأحكام أهل غرب وجنوب غرب الصحراء للدكتور يحيى ولد البراء والتي اشتملت على 6800 من فتاوى ونوازل وأحكام علماء أهل غرب الصحراء الكبرى ومنطقة الساحل في القرن 12و13و14 الهجري.

المطلب الثالث: مصادر الفتوى الشنقيطية.

إن الدارس لفتاوى علماء شنقيط يدرك بما لا يدع مجالا للشك رسوخ المذهب المالكي في الصحراء الشنقيطية، حتى صار الشناقطة مالكيين قاسميين خليليين لا يخرجون عن المذهب قيد أنملة، فالشناقطة كلهم مالكيون وهم في المالكية قاسميون لا يحيدون في الغالب عن رواية ابن القاسم ثم هم خليليون، يعتمدون ما رواه خليل بن اسحاق المصري في مختصره مرجي ما ورد عن محمد بن القاسم العتقي من مذهب مالك[42].

ومن الكتب المالكية المعتمدة عند الشناقطة في الفتوى تلك التي أشار إليها النابغة القلاوي في نظمه بوطليحة بقوله:

واعتمدوا التهذيب للبرادعي وبالمدونة في البرى دعي.

واعتمدوا ما نقل القلشاني على الرسالة بهذا الشأن.

واعتمدوا تبصرة الفرحوني وركبوا في فلكها المشحون.

واعتمدوا تبصرة اللخمي ولم تكن لجاهل أمي.[43]

وتمثل الكتب المتقدمة الإطار العام للمراجع الفقهية للمفتي الشنقيطي، إلا أن مختصر خليل خاصة وشروحه نالت نصيب الأسد من الدراسة والعناية لدى الشناقطة، كما اعتمد المفتون في أحيان كثيرة على فتاوى محلية لعلماء شناقطة كنوازل محمد المختار بن الأعمش )ت1107هـ( ونوازل الشريف محمد بن فاضل التيشيتي )ت1160هـ( ونوازل الكصري بن محمد المختار الايديليبي )ت1235هـ( ونوازل سيدي عبدالله بن الحاج ابراهيم العلوي )ت1233هـ( وغيرها.

المبحث الثالث: العادات البدوية في النوازل الشنقيطية.

لقد افرز هذا الجو البدوي الصحراوي السائب الذي عاشه الشناقطة في القرن التاسع عشر الميلادي عدة عادات يمكن أن نجليها من خلال تقسيمها إلى أربعة مطالب.

المطلب الأول: عادات مرتبطة بخلو الزمان من السلطان.

لقد عانت بلاد شنقيط خلال القرن التاسع عشر الميلادي من الفراغ السياسي، ومن غياب سلطة حاكمة زاجرة، مما ترتب عنه شيوع الفوضى وغياب الأمن وتعطيل الأحكام الشرعية فصاحب ذلك ظهور عادات واعراف بدوية فرضت نفسها وأصبحت واقعا حتم على الفقهاء أن يبدوا حكم الله فيه، فمن هذه العادات المتحكمة والمتوارثة، عادة توريث الإمامة التي إختلف الفقهاء بشأنها بين منتقد ومؤيد، حيث أشار الشيخ محمد المامي إلى: أن توريث المناصب الشرعية من لا يصلح لها أنه من باب إتباع الأباء بغير دليل وفيه نزل قول الله تعالى” قل لو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم[44]، إلى أن يقول: بأنه يؤدي إلى تعطيل الأحكام[45]، بينما يرى الفقيه محمد يحيى الولاتي: أن عادة توريث المناصب الشرعية من المحدثات، معللا ذلك بكونها نقضا لقواعد الشرع وتحكيما لسنن الجاهلية الأولى قائلا: لقد عكس أهل هذا الزمان السنة المحمدية، فجعلوا الأحقية بالإمامة ابن الإمام أو أخاه، وجعلوا ذلك عادة محكمة نسخوا بها الشرع العزيز وهذه عادة من سنن الجاهلية نسال الله السلامة وأن يميتنا على السنة المحمدية[46]، وفي موضع اخر يقول إن أهل قريتنا هذه ما ولوا من ولوه القضاء إلا تحكيما للعادة والهوى، وأما العادة فإنها جارية عندهم أن لا يتولى القضاء إلا محجوبي، وأما الهوى فلأنه أحب المحاجيب إليهم وأقربهم عندهم لأن بيده بيت مالهم[47].

بينما أيد عادة توريث الإمامة بعض علماء ولاتة ورأى أنها موافقة للشرع العزيز، فهي خالدة دائمة في المحاجيب ما أقاموا الدين كما فعل رسول الله صلى الله علية وسلم في مفاتيح الكعبة، وكما قال في سقاية الحاج، وكما قال في الإمارة أنها في قريش ما أقاموا الدين إلى غير ذلك من الوظائف الشرعية وكذلك إمامة ولاتة لا تكون إلا في المحاجيب في بيت العلم منهم والدين والنسب والخلق[48].

المطلب الثاني: عادات مرتبطة بتعليم الصبيان.

ناب عن الفراغ السياسي الذي عانى منه المجتمع البدوي قيام شيوخ الزوايا بدور هام في سد هذا الفراغ وفي نشر العلوم والمعارف مما نتج عن ذلك ظهور عادات ارتبطت بتعليم الصبيان ،إذ كانت مهمة التدريس في بلاد شنقيط تستند في الغالب للفقيه الذي يسمى محليا بالطالب أو المرابط، أما مكان التدريس فيسمى المحضرة، وقد رافق هذه العملية التربوية الكثير من العادات نذكر من بينها ما وقفنا عليه في النوازل الفقهية:

  • العقد الذي يربط بين الطالب وأولياء أمور الصبيان، وهو عقد عرفي سمي بالشرط، وقد تطرقت النوازل الفقهية لهذا العقد وأنواعه فهو إما عقد مقيد بمدة زمنية محددة[49]، أو على أساس تحفيظ الأطفال وفي هذه الحالة إذا لم ينتفع الأطفال بشيء فلا أجرة لمعلمهم[50].
  • سؤال الصبيان للناس وإباحة الفقهاء له حتى يجمعوا للمحظرة ما يوفر احتياجاتها ومن ذلك ما ورد من أموال الناس ما لا تطيب به انفسهم لا سيما ممن لا يقرئ لهم[51] وجعلوا هذا الباب من مصاريف الزكاة.
  • معاقبة الطالب لطلبته على تقصيرهم في الحفظ فمن العادة أن يضربهم بالسوط أو العصا اللينة ضربا لا يهشم عظما ولا يشين جارحة مع تقديمه للخوف[52].
  • عادة استفادة المتعلمين من عطلة أسبوعية تبدا من يوم الأربعاء إلى يوم الجمعة[53].
  • خضوع المتعلم لامتحان يقاس فيه مدى حفظه أثناء عرضه واستظهاره لمحفوظه، ومن ذلك ما جاء في نازلة لمحمد المختار بن لعمش (ت 1107هـ/1695م) سؤال عن أقصر ما يبطل قراءة المريد للقرآن في عرضه له كم من كلمة؟ فأجاب إن عادتنا اليوم كلمة أو كلمتان للحزب[54] .
  • ضوابط التوسع في طلب العلم والاشتغال به لخصتها نازلة لمحمد يحيى الولاتي ( 1330هـ/1812م) فإن كان ذا فهم ثاقب حديد، وذوق سليم من السقامة وطبع مستقيم، وسجية راسخة في النفس تقتدر بها على إدراك الكليات في تصوير معانيها فالأفضل في حقك، بل يجب عليك طلب العلم والاشتغال به أي بأصوله العقلية والنقلية الاجمالية والتفصيلية وقواعده[55].
  • العلوم المدروسة في المحاضر وحكم الفقهاء منها ونمثل لذلك بجواب الشيخ المختار بن أحمد بن أبي بكر الكنتي ( ت1226هـ/1811م) قائلا: لا بأس أن يقرأ مع القرآن في مدرسة واحدة جميع نتائجه من حديث وفقه ونحو ولغة وبيان وبديع ومعان، ولا يقرأ معه العروض ولا المنطق ولا الإسطرلاب ولا الموسيقى ولا الهندسة لأنها باطل ليس من كلام الله في شيء ولا تعلق لها بالدين، وأما الاستماع للقرآن والانصات له فإنه خارج عن هذا الباب[56]، ويكفي الفقيه من الحساب ما يعرف به كيفية قسمة الفرائض في أحكام المواريث[57].
  • خدمة الطلبة للشيوخ التي تعد عادة ومظهرا من مظاهر الطاعة والاحترام الواجب لهم حيث جرى العمل قديما وحديثا بخدمة التلاميذ لأشياخهم[58]، خاصة وأن الطلاب لا يملكون في غالب الأوقات ما يقدمونه لشيخهم مقابل ما يحصلون عليه من علم فيعوضون ذلك بالسهر على خدمته بجلب الماء وتحضير الشاي ورعي قطيعه وجمع الحطب له[59]، في حين ذهب الفقيه محمد يحيى الولاتي ( ت1330هـ/1912م) إلى منع ما يفعله معلم الصبيان في قريتنا هذه من إستخدامه إياهم لنفسه ولغيره في العمل الشاق وغيره [60].

المطلب الثالث: عادات النسوان.

في ظل هذا الجو البدوي السائب ونظرا لما تمتاز به المرأة من حضور قوي وفعال في الحياة البدوية فقد إستأثرت قضاياها بإهتمام بالغ من لدن الفقهاء، وكان من أبرز هذه القضايا نوازل الزينة والتجميل التي أثارت نقاشا فقهيا بين فقهاء بلاد شنقيط .

إن نوازل السمنة والتبلاح كما هو متعارف عليه باللسان الحساني قد أسالت مداد العديد من الفقهاء لكون هذه العادة متفشية في المجتمع البدوي الصحراوي، إذ الفتاة النحيفة لا قيمة لها فيفرض عليها تناول الطعام والشراب قسرا حتى يزيد وزنها، ويعتبر ذلك مظهرا من مظاهر الجمال وكمال حسن النساء ورفعة شأنهن كما يدل على ذلك المثل الحساني” السمينة كلمتها متينة” بمعنى أن المرأة البدينة لها وزن في المجتمع، وكلمتها معتبرة ولها مكانة عالية تحظى بها عند أسرتها وأنها تعيش في بحبوحة وينبغي أن تعامل في المستقبل كذلك من لدن شريك حياتها، وعادت التبلاح أو لبلوح تناولها الفقهاء وتركت جدلا واسعا بين فقهاء المنطقة، فما هو موقفهم من النازلة؟.

فقد سئل الشيخ محمد المامي عن العادة التي تقوم بها النساء والتي تعرف باللهجة الحسانية التبلاح فأجاب ومن عادة التبلاح الذي هو دفق اللبن فيلحق بالحاجي مكمله في هذه، وقياسا على استعمال الطعام في العادات كبل خمر بالنشاء وإصلاح الجلود باللبن للحاجة، فاصلاح الأبدان بضياع بعض اللبن أولى لأن الأمور بمقاصدها، وهذه من العادة القديمة فتستصحب إستصحابا مقلوبا إلى الزمن المعتبر في شرعنا أو شرع من قبلنا وكلاهما كافي، ودليل أنها من العادة القديمة قول الشاعر:

حوراء باكرها النعيم فصاعها بلباقة فأدقها وأحلها.

ومما يؤيدها من غير استصحاب المقلوب خوف تجريج الأمة الذي استدل به الأجهوري على جواز ثقب الأذنيين للأخراص[61]

ودعما لموقف الشيخ محمد المامي القائل بالجواز نجد أيضا الإمام أحمد الشريف التيشيتي الذي مال إلى جواز تسمين المرأة شريطة ألا يؤدي ذلك إلى إتلاف المأكول أو المشروب، فقد أباح للمرأة أن تتناول ما زاد على الشبع منتهيا إلى أن ذلك من تمام الزينة وكمال المتعة يقول” يجوز تسمين النساء بما لا يؤدي إلى فساد الطعام، أما ما زاد على الشبع فالصواب جوازه لأنه كمال المتعة[62] .

وننهي حديثنا عن عادة التبلاح بقطعة للفقيه أحمد فال بن محمذا فال بن الأمين بن المختار بن الفاغ موسى المتوفى سنة ) 1264هـ( من الشعر الحساني أوضح خلالها الشروط التي تجعل التبلاح مباحا، وقد أوجزها في أن يخلو من إتلاف الطعام وإيلام الأجساد والضرر بالأبدان محيلا ذلك كله إلى الحطاب قائلا:

بـاش إكـــــــد التبـــــــــلاح إبيـــــح يسلك من يخسر فيه اطعـام.

وامـن الضــــــرب اعليه الصريــح للطــفل واظرورت لجســـــام.

ويل عـــــــــاد الحطاب اصحــــيـح ذراه نقـــــــل نقــــــــــل تـــام.

واخــــــــــــير افلعليات اتريــــــــح عنه من لهـــرام او لحــــــرام[63].

المطلب الرابع: عادات مرتبطة بغياب العمران.

في هذه البيئة الصحراوية البدوية السائبة التي لا تعرف الاستقرار ظهرت عادات وترسخت بين الناس بسبب غياب العمران عالجها الفقهاء في نوازلهم الافتائية ومنها على سبيل المثال لا الحصر.

الفرع الأول: عادة عدم الاحتراز من ستر العورة.

إن هذا الجو البدوي الصحراوي تعذر فيه ستر عورة النساء، وهي التي قال فيها الشيخ محمد المامي: فلهم حظ من اسمهم الذي هو بدو العورة، كما ذكر لي بعض الكتب في اشتقاقها، وليس ذلك حجة في تعريهم إلا لضرورة أو عذر، كما قال ابن أبي زيد في العورة المثقلة من الأجنبية: إلا لعذر من شهادة عليها، ونحو ذلك ومن ذلك النحو الطب الذي هو الضرورة المشار إليها، والتكليف مشروط بالإمكان فيجب عليهم ما امكن من الستر، وما لم يمكن ككشف الأطراف لضرورة الرحيل لا للتبرج فلا أقدم على وجوب ستره، لكنه عندي من زاجر النفس الذي يجب على كل أحد في ما لا يتعرض فيه زاجر الحسبة كأصحاب الطرق والشوارع.

لكن لهم حالتين في ظعنهم: حالة خلوة: لا خلاف في ندب الستر عليهم. وحالة اجتماع بالأجانب والمحارم- وهي ربع عزة- فعليهم قطعا فض الأبصار عما أمكن وستر العورة ما أمكن،”والله يعلم المفسد من المصلح“، وشهد لذلك قضية أورع أهل زماننا وقدوتنا مع تلامذته، ويشهد له أيضا قضية الحمام، وإني لأراها نظيرا لضرورة البادية في الرحيل، لأن كليهما لا ينفك عنه أهله، فلو ترك أهل البادية الرحيل لما عاشوا، ولو ترك أهل المدن الحمام للحقتهم الضرورة في الصلاة وغيرها، لا سيما وسط المدينة فإنهم لا يقدرون على الخروج منها إلا بالسفر ولا يمكن ذلك لكل طهر. قال ابن شأس بعد ما عد شرط دخول الحمام: وذكرها القاضي أبو بكر، وذكر منها: قصد أوقات الخلوة وقلة الناس، والتأزر بالصفيق، وإطراق البصر إلى الأرض، واستقبال الحائط ليلا يقع بصره على محظور، وأن يغير لما يرى م المنكر، وأن يدخل بأجرة معلومة أو عادة، وأن يتذكر عذاب جهنم، فإن لم يمكنه ذلك كله فليدخل وليجتهد في غض البصر، وإن حضر وقت الصلاة فيه استتر وصلى في موضع متطهره”.

قلت: ويمكن تحديد بدو العورة لأهل البادية بما ذكر عن عياض من كشف الساق، ومفهوم الموافقة معتبر، هذا إن لم تدع الضرورة أو العذر إلى أعم منه كخوف الهلاك أو شديد أذى. والله أعلم.

لحق:

وعندي أنهم لو ضيق عليهم لاقتحموا النهي بلا شبهة، كما ذكر الشيخ ابن عبد السلام في درسه: أن من له النظر الشرعي كان أمر الحمامين باتخاذ أزر للنساء كما هو اليوم للرجال، فصار النساء يتضاربن بالأزر على وجه اللعب، فصارت المصلحة زيادة في المفسدة. وفي أحكام السوق ليحيى بن عمر: ومن ذلك قضية الحمام الذي اشتكى أهله من المنكر الذي فيه فأمر بغلقه إن تعدى صاحبه النهي: وهو أن لا يدخلنه إلا بمئزر.

قال ابن ناجي: وذلك يجرى على الأدب بالمال، وقد ذكرنا أن ابن سهل حكى في ذلك أربعة أقوال فانظرها فيما سبق عند قول الشيخ: ومن مثل بعبده مثلة بينة…إلخ[64].

الفرع الثاني: عادة غياب الاستيذان.

إن هذه العادة المرتبطة بالجو البدوي المعروف بالترحال والبحث عن الكلإ والماء والسكن في الخيمة المفتوحة في وجه الجميع جعلهم يلجون دون استئذان وفي ذلك يقول الشيخ محمد المامي: وأما تركهم للاستيذان فهو ترك صنف من ولاية المحتسب الذي هو النوع التاسع عشر من نوع الأمناء الذين يجب على السلطان تقليدهم، إذ لا تتم مصلحة دينية دونهم ، فالسؤال عن ضياع الاستيذان بخصوصه مع معاينة ضياع جنسه جهل بالسنة، لأنه كالتفقد لقطرة من بحر كان ينتفع الناس به فغار، والبحر هو الإمام المفقود في زمن الفترة بين السلاطين أو الجماعة التي تقوم مقامه، وبالجملة فالأمر بالاستيذان من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الواجب على كل من بسطت يده في الأرض، وعلى كل من تصل يده إلى ذلك، فإن لم يقدر فبلسانه فإن لم يقدر فبقلبه، ومدركه من القرآن الكريم قوله تعالى: “ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويامرون بالمعروف وينهون عن المنكر[65]، وأما امتثال أمر الله في الاستيذان فهو واجب على كل شخص بخصوصه إلا ما استثنى أو نسخ على خلاف فيه، فالأول كما في آية: “ولا على أنفسكم أن تاكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم[66] إلى آخر الآية وقيدت بمعلوم الإذن، وأما الثاني- وهو الاستيذان المنسوخ- فهو: آية “ليستاذنكم الذين ملكت ايمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات[67] وقيل لم تنسخ ولكن تهوون بها، فالأحوط الخروج من الخلاف.

ومن قدر اليوم على أن لا يترك الناس الاستيذان في بلده أو في داره وجب عليه تمام ذلك الواجب الذي هو الاستيذان لخبر: إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم، وفي المثل الأول أو شبهه، لا يغرنك كثرة الهالكين[68].

إن هذه العادات فرضها الجو البدوي السائب وهي غيض من فيض أضفت على النوازل الفقهية خصوصيتها وواقعيتها.

خاتمة:

من خلال ما سبق نخلص إلى أن الأحكام تتغير بتغير الأعراف والعادات أو مراعاة للضرورة، فيجب تكييف مصالح العباد ودرء المفاسد عنهم والتيسير على الأمة.

إن مراعاة العرف والعادات جعل هذه الشريعة الإسلامية تتسم بالمرونة والتيسير ورفع الحرج.

إن الأحكام الفقهية المبنية على العادة والعرف تتغير بتغيره زمان ومكانا، لأن الفرع يتغير بتغير أصله، ولهذا يقول العلماء في مثل هذا الاختلاف إنه اختلاف عصر وزمان لا اختلاف حجة وبرهان.

إن هذه النوازل الفقهية تفاعلت مع الواقع وقدمت حلولا شرعية لعادات وأعراف بدوية.

ونختم هذا المقال بالقول: بانه كان القطر الشنقيطي بمميزاته ذات الطابع البدوي وخصوصيته الإجتماعية له نوازل هو الأخر ينفرد بها عن غيره من الاقطار الإسلامية[69].

المصادر والمراجع:

  • _ أثر العرف في الفرق ومتعلقاتها من احكام فقه الأسرة لإلهام عبد الرحمن باجنيد رسالة ماجستير، جامعة أم القرى المملكة العربية السعودية 2003

_ اعمال الندوة المنظمة تحت عنوان عالم الصحراء محمد يحيى الولاتي المنطمة من طرف مركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراث بالرابطة المحمدية للعلماء مدينة أكادير، يومي 28-29 ذي الحجة 1430ه/ 16-17 دجنبر2009م، وقد خصص لها محورا تحت عنوان: فقه العلامة الولاتي ومنهجه الاصلاحي.

_ التوقيف على مهمات التعاريف لمحمد عبد الرؤوف المناوي (1031ه) ج2 تحقيق حمد رضوان الداية – دار الفكر المعاصر دمشق بدون تاريخ-.

_ الشعر والشعراء في موريتانيا ولد باه محمد المختار. دار الأمان الرباط ط2-2003.

  • _ الصحاح للجوهري، ج4 تحقيق أحمد عبد الغفور عطار دار العلم للملايين، بيروت، ط2، 1979.

_ العروة الوثقى شرح منبع الحق والتقى للشيخ محمد يحيى الولاتي أعده للطباعة وقدمه حسني ولد الفقيه دار النعمان الطبعة الأولى1426ه/2005م .

_ بلاد شنقيط المنارة والرباط للخليل النحوي نشرة تونس 1987 .

  • _ حياة موريتانيا ج2 الحياة الثقافية للمختار بن حامد الدار العربية للكتاب .
  • _ كتاب التعريفات للجرجاني علي بن محمد بن علي، تحقيق إبراهيم الابياري، دار الكتاب العربي ط4 1998 .

_ كتاب الوسيط في تراجم أدباء شنقيط لأحمد بن الأمين الشنقيطي الناشر الشركة الدولية للطباعة مصر الطبعة الخامسة (1422ه/2002م).

  • _ كشف الأسرار شرح المصنف على المنار للحافط الدين النسفي، دار الكتب العلمية المنار، ط1، 1986، ج2.

_ مجلة رفوف عدد8. ديسمبر2015.

_ مجلة منارة الفتوى عدد 10 سبتمبر2021

مختار الصحاح لزين الدين أبي عبد الله محمد أبي بكر بن عبد القادر الحنفي الرازي-ت 666ه- حققه يوسف الشيخ محمد ط5، 1420ه/1999م، المكتبة العصرية _الدار النموذجية، بيروت_ صيدا ص308.

_ معجم مقاييس اللغة لإبن الحسن أحمد بن فارس، تحقيق عبد السلام محمد هارون ج4 الطبعة الأولى 1991 دار الجيل بيروت لبنان.

  • _ من نصوص الفقه المالكي بوطليحية وهو نظم في المعتمد من الكتب والفتوى على مذهب المالكية لمحمد النابغة بن عمر الغلاوي (ت1245ه/1828م) تحقيق ودراسة يحيى بن البراء المكتبة المكية الطبعة الثانية 1425ه/2004م مؤسسة الريان.

_ مئوية محمد يحيى الولاتي وهي اعمال الندوة المنظمة من طرف مركز البحوث والدراسات الولاتية بنواكشوط أيام 20-21-22 دجنبر2012.

  • _ نوازل حمى الله التيشيتي رحمه الله ، تحقيق الدكتور محمد المختار ولد السعد دائرة القضاء بإمارة ابوظبي دار القلم للطباعة والنشر بدمشق (1431ه/2010م).

_القرآن الكريم.

_المجموعة الكبرى الشاملة لفتاوى ونوازل وأحكام أهل غرب وجنوب غرب الصحراء مدونة من 6800 فتوى ونازلة وحكم المجلد الأول:( المقدمات التمهيدية) للمؤلف الدكتور يحيى ولد البراء الناشر ملاي الحسن بن المختار بن الحسن.

  • _تاج العروس من جواهر القاموس للسيد محمد مرتضى الحسني الزبيدي، تحقيق: مصطفى حجازي، راجعه الدكتور أحمد مختار عمر، والدكتور خالد عبد الكريم جمعة، والدكتور ضاحي عبد الباقي، ط 1419ه/1998م مطبعة حكومة الكويت: ج30.
  • _حسام العدل والإنصاف القاطع لكل مبتدع باتباع الأعراف للشيخ محمد يحيى الولاتي تحقيق وتقديم الدكتور عبد الرحمان محمد بلحاج علي سفير الجمهورية التونسية بنواكشوط.
  • _كتاب البادية ونصوص أخرى للشيخ محمد المامي بن البخاري الباركي (ت1282ه) مركز الدراسات الصحراوية الطبعة الثانية 2014.
  • _لسان العرب لإبن منظور دار المعارف مصر (د.ت) ج1.
  • _مجلة الوسيط العدد 17 ( 1441ه/2019م) الصادرة عن المعهد الموريتاني للبحث العلمي.
  • _نور الحق الصبيح في شرح بعض أحاديث الجامع الصحيح للعلامة الشيخ محمد يحيى الولاتي تصنيف العلامة محمد يحيى بن محمد المختاربن الطالب عبدالله المالكي المجلد العاشر ج4 القسم2 الطبعة الأولى 1420/1999 دار عالم الكتب.

Margins:

  1. لسان العرب لإبن منظور ج3 ص316 ومعجم مقاييس اللغة لإبن الحسن أحمد بن فارس، تحقيق عبد السلام محمد هارون ج4 ص182 الطبعة الأولى 1991 دار الجيل بيروت لبنان.
  2. سورة المجادلة الآية 3.
  3. سورة المجادلة الآية 7.
  4. لسان العرب ج4 ص309.
  5. التوقيف على مهمات التعاريف لمحمد عبد الرؤوف المناوي (1031ه) ج2 ص435 تحقيق حمد رضوان الداية – دار الفكر المعاصر دمشق بدون تاريخ-.
  6. نشر العرف لابن عابدين مجموعة رسائل ابن عابدين ج2/112.
  7. التعريفات للجرجاني ص126.
  8. المدخل إلى الفقه الاسلامي للأستاذ مصطفى الزرقا ج2/481.
  9. شرح تنقيح الفصول ص352.
  10. أثر العرف في الفرق ومتعلقاتها من احكام فقه الأسرة لإلهام عبد الرحمن باجنيد ص28 رسالة ماجستير، جامعة أم القرى المملكة العربية السعودية 2003.
  11. سورة المرسلات، الآية : 1
  12. الصحاح للجوهري، ج4 ص410 تحقيق أحمد عبد الغفور عطار دار العلم للملايين، بيروت ، ط2، 1979.
  13. مقاييس اللغة، لإبن فارس تحقيق عبد السلام هارون، دار الجيل، بيروت، ط1، 1991، ج4، ص30.
  14. أثر العرف في الفرق ومتعلقاتها من احكام فقه الأسرة لإلهام عبد الرحمن باجنيد ص30 رسالة ماجستير، جامعة أم القرى المملكة العربية السعودية 2003.
  15. كشف الأسرار شرح المصنف على المنار للحافط الدين النسفي، دار الكتب العلمية المنار، ط1، 1986، ج2، ص593.
  16. كتاب التعريفات للجرجاني علي بن محمد بن علي، تحقيق إبراهيم الابياري، دار الكتاب العربي ط4 1998 ص193.
  17. كتاب تاج العروس من جواهر القاموس للزبيدي، تحقيق مصطفى حجازي، مطبعة حكومة الكويت 1987 باب الفاء فصل العين ج24، ص140.
  18. نشر العرف، ضمن مجموعة رسائل ابن عابدين ج2/112.
  19. كتاب المستصفى للنسفي ج1 ص17، الكمال ابن الهام السير شرح التحرير ج1 ص317.
  20. كتاب البادية للشيخ محمد المامي ص 333.
  21. المجموعة الكبرى ليحيى ولد البراء، النازلة 330، ص: 729
  22. شرح التلويح ج1 ص169.
  23. ينظرالتحرير مع التقرير والتحبيرج1/350.
  24. ينظر العرف والعادة في رأي الفقهاء لأحمد فهمي أبو سنة ص13.
  25. مختار الصحاح لزين الدين أبي عبد الله محمد أبي بكر بن عبد القادر الحنفي الرازي-ت 666ه- حققه يوسف الشيخ محمد ط5، 1420ه/1999م، المكتبة العصرية _الدار النموذجية، بيروت_ صيدا ص308.

    تاج العروس من جواهر القاموس للسيد محمد مرتضى الحسني الزبيدي، تحقيق: مصطفى حجازي، راجعه الدكتور أحمد مختار عمر، والدكتور خالد عبد الكريم جمعة، والدكتور ضاحي عبد الباقي، ط 1419ه/1998م مطبعة حكومة الكويت: ج30 ص478- وص482.

  26. سورة الصافات الأية 177.
  27. لسان العرب ج11 ص659. دار صادر بيروت الطبعة 6/2008م.
  28. ينظر بحث النوازل التواتية: منهجها وخصائصها- الأستاذ محمد جرادي، أعمال الملتقى الوطني الأول للشيخ سيدي محمد بن الكبير رحمه الله تحت عنوان: الفقه المالكي في بلاد توات اجتهاد وتدريسا ص221 ومدخل إلى فقه النوازل –نصيرة دهينة، أعمال الملتقى الدولي السادس للمذهب المالكي : فقه النوازل في الغرب الإسلامي، برعاية وزارة الشؤون الدينية والأوقاف بالجزائر – ولاية عين الدفلى- 1431ه/2010م ص23 وما بعدمها.
  29. المجموعة الكبرى 1/383.
  30. الشناقطة وفقه النوازل والفتوى ومحمد بن أحمد محبوبي ص5.
  31. حياة موريتانيا ج2 ص83-84.
  32. أمروك كلمة باللهجة الحسانية ، وهي مرادفة لكلمة الخروج عن باللغة العربية أي أمرك هي أخرج عني.
  33. لا تعادى كلمة باللهجة الحسانية، وتعني جلب العداوة باللغة العربية.
  34. كتاب البادية ونصوص أخرى ص175.
  35. كتاب البادية ونصوص اخرى ص104.
  36. كتاب البادية ونصوص أخرى ص131.
  37. نوازل حمى الله التيشيتي رحمه الله ، تحقيق الدكتور محمد المختار ولد السعد دائرة القضاء بإمارة ابوظبي دار القلم للطباعة والنشر بدمشق (1431ه/2010م) ص346-348.
  38. حسام العدل والإنصاف ص51.
  39. بلاد شنقيط ص240.
  40. المجموعة الكبرى الشاملة لفتاوى ونوازل وأحكام أهل غرب وجنوب غرب الصحراء مدونة من 6800 فتوى ونازلة وحكم المجلد الأول:( المقدمات التمهيدية) للمؤلف الدكتور يحيى ولد البراء الناشر ملاي الحسن بن المختار بن الحسن ص439.
  41. الوسيط في تراجم أدباء شنقيط ص578ز
  42. بلاد شنقيط المنارة والرباط للخليل النحوي ص197.
  43. من نصوص الفقه المالكي بوطليحية وهو نظم في المعتمد من الكتب والفتوى على مذهب المالكية لمحمد النابغة بن عمر الغلاوي (ت1245ه/1828م) تحقيق ودراسة يحيى بن البراء المكتبة المكية الطبعة الثانية 1425ه/2004م مؤسسة الريان ص73-74 .
  44. سورة الزخرف الأية 24.
  45. كتاب البادية ونصوص أخرى ص104.
  46. العروة الوثقى شرح منبع الحق والتقى للشيخ محمد يحيى الولاتي ص351.
  47. مجلة رفوف عدد8 ص178. ديسمبر2015.
  48. مئوية محمد يحيى الولاتي ص354، مجلة رفوف العدد 8 ص177 ديسمبر2015.
  49. المجموعة الكبرى الشاملة، يحيى ولد البراء ن4716 ص4959.
  50. المجموعة الكبرى الشاملة، يحيى ولد البراء ن4715 ص4958.
  51. المجموعة الكبرى الشاملة، يحيى ولد البراء ن5712 ص5655.
  52. المجموعة الكبرى الشاملة، يحيى ولد البراء ن4886 ص5064.
  53. المجموعة الكبرى الشاملة، يحيى ولد البراء ن4883 ص5061.
  54. المجموعة الكبرى الشاملة، يحيى ولد البراء ن452 ص1102.
  55. المجموعة الكبرى الشاملة، يحيى ولد البراء ن15 ص26.
  56. المجموعة الكبرى الشاملة، يحيى ولد البراء ن448 ص1100.
  57. الشعر والشعراء في موريتانيا ولد باه محمد المختار ص37. دار الأمان الرباط ط2-2003.
  58. المجموعة الكبرى الشاملة، يحيى ولد البراء ن1598ص2293.
  59. المجموعة الكبرى الشاملة، يحيى ولد البراء ن2287ص3119.
  60. نور الحق الصبيح في شرح بعض أحاديث الجامع الصحيح للعلامة الشيخ محمد يحيى الولاتي تصنيف العلامة محمد يحيى بن محمد المختاربن الطالب عبدالله المالكي المجلد العاشر ج4 ص334 القسم2 الطبعة الأولى 1420/1999 دار عالم الكتب .
  61. كتاب البادية ونصوص أخرى للشيخ محمد المامي ص317.
  62. المجموعة الكبرى للكتور يحيى ولد البراء النازلة رقم 2672/7.
  63. شرح مفرد لهرام فهو لفظ حساني يعني الحرص الشديد على حصول المأمول والرغبة الجامحة في قضاء الحاجات في أسرع وقت ممكن ، أما مفرد لحرام فهو بمعنى الحرام أي الغير مباح. مجلة المنهل مقال بعنوان المراة الشنقيطية ونوازل الزينة والبدانة وقفة مع المنحى الاجتماعي في التوجه الإفتائي للدكتور محمذا بن أحمد بن المحبوبي.
  64. كتاب البادية ونصوص أخرى ص219-220.
  65. سورة آل عمران الآية 104.
  66. سورة النور الآية 61.
  67. سورة النور الآية 58.
  68. كتاب البادية ونصوص أخرى ص220.
  69. مجلة منارة الفتوى ص 116 عدد 10 سبتمبر2021.