الابداع والابتكار بين الحاجة له في الجهات الحكومية ومحددات الاعتماد عليه

عبدالله عيسى حاجي محمد1

1 كليه العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الرباط، أكدال، جامعة محمد الخامس المملكة المغربية.

HNSJ, 2022, 3(12); https://doi.org/10.53796/hnsj31239

Download

تاريخ النشر: 01/12/2022م تاريخ القبول: 20/11/2022م

المستخلص

يتزايد الاهتمام بموضوع الإبداع والابتكار في ظل التحديات المتنامية والطلبات المتزايدة بجودة المنتجات والخدمات، كما أن لظاهرة العولمة والتغيرات المرتبطة بالمنافسة الشديدة وثورة المعلومات كانت سببا في التأكيد على أن الإبداع والابتكار أصبحا مهمين في العملية الإدارية على وجه الخصوص.

ولعل، استمرار‌ التطور التقني‌ والتقدم العلمي الذي وصلت‌ إليه البشـرية ‌بمختلف مجالاتها يستلزم‌ توليد‌ الأفكار‌ الجديـدة، والنظرة المتجددة للأشياء، وتـشجيع‌‌ الإبداع والابتكار، وخاصة في‌ الدول الناميـة الحريصة‌ على اللحاق بركب‌ التطـور التقني والتقدم العلمي للدول المتقدمة

ولذلك فإن اللجوء للإبداع ‌أمراً هاماً ويعتبر التجديد‌ جوهر الإبداع ‌الإداري والابتكار‌ في ‌أي منظمة،‌ويجمع الممارسون الإداريون‌ وعلماء الإدارة‌ أن المنشئات‌ الحالية تمر بظروف معقدة ومتغيرة وهذا يجعلها بحاجة‌ ملحة للإبداع‌ الإداري وتجديد الوظيفة العمومية وتزويدها بالابتكارات، لأنه‌‌ يسهم ‌‌بتحسين ‌قدرات ‌‌الموظفين ‌لمواكبة ‌التطـورات ‌‌التقنية ‌الحديثة، ‌وتوليد ‌‌الأفكار ‌المتميزة،‌ ووضع‌ حلول ‌للمشكلات‌، والمشاركة ‌باتخاذ ‌القرار ‌المناسب‌ بالوقت ‌الصحيح، ‌فالإبداع والابتكار ‌الإداري ‌نظام‌ متكامل يتشارك به أفراد ‌التنظيم‌ والمنظمة ‌الإدارية (موظفين ومديرين) وبيئة المنظمة، ويعتبر‌ العنصر الفاعل في أداء ‌المنظمة‌ هو ‌الإدارة،‌ فكان ولابد‌ من ‌اتجاهها للتطوير كي ‌تحقق أهدافها.

تقديم:

يتزايد الاهتمام بموضوع الإبداع والابتكار في ظل التحديات المتنامية والطلبات المتزايدة بجودة المنتجات والخدمات، كما أن لظاهرة العولمة والتغيرات المرتبطة بالمنافسة الشديدة وثورة المعلومات كانت سببا في التأكيد على أن الإبداع والابتكار أصبحا مهمين في العملية الإدارية على وجه الخصوص.

ولعل، استمرار‌ التطور التقني‌ والتقدم العلمي الذي وصلت‌ إليه البشـرية ‌بمختلف مجالاتها يستلزم‌ توليد‌ الأفكار‌ الجديـدة، والنظرة المتجددة للأشياء، وتـشجيع‌‌ الإبداع والابتكار، وخاصة في‌ الدول الناميـة الحريصة‌ على اللحاق بركب‌ التطـور التقني والتقدم العلمي للدول المتقدمة

ولذلك فإن اللجوء للإبداع ‌أمراً هاماً ويعتبر التجديد‌ جوهر الإبداع ‌الإداري والابتكار‌ في ‌أي منظمة،‌ويجمع الممارسون الإداريون‌ وعلماء الإدارة‌ أن المنشئات‌ الحالية تمر بظروف معقدة ومتغيرة وهذا يجعلها بحاجة‌ ملحة للإبداع‌ الإداري وتجديد الوظيفة العمومية وتزويدها بالابتكارات، لأنه‌‌ يسهم ‌‌بتحسين ‌قدرات ‌‌الموظفين ‌لمواكبة ‌التطـورات ‌‌التقنية ‌الحديثة، ‌وتوليد ‌‌الأفكار ‌المتميزة،‌ ووضع‌ حلول ‌للمشكلات‌، والمشاركة ‌باتخاذ ‌القرار ‌المناسب‌ بالوقت ‌الصحيح، ‌فالإبداع والابتكار ‌الإداري ‌نظام‌ متكامل يتشارك به أفراد ‌التنظيم‌ والمنظمة ‌الإدارية (موظفين ومديرين) وبيئة المنظمة، ويعتبر‌ العنصر الفاعل في أداء ‌المنظمة‌ هو ‌الإدارة،‌ فكان ولابد‌ من ‌اتجاهها للتطوير كي ‌تحقق أهدافها ([1])

وبناء، على ما سبق فإن الإشكالية المحورية للموضوع حول أهمية تبني الإدارة العمومية في الجهات الحكومية مهارات الابداع والابتكار لتطوير أدائها في ظل وجود مجموعة من الإكراهات؟ وسيتم معالجة هذه الإشكالية من حلال المطلبين التاليين:

المطلب الأول: الحاجة إلى الابداع والابتكار في المنظمات الحكومية

المطلب الثاني: أكراهات وعراقيل تطوير مهارات الابداع والابتكار لدى الجهات الحكومية

المطلب الأول: الحاجة إلى الابداع والابتكار في المنظمات الحكومية

إن التغير الحاصل في النصف الثاني من القرن الماضي والمرتكز أساسا على التطور الفني والعلمي والاستخدام المكثف للتكنلوجيا أدى إلى ميلاد معرفي جديد للإبداع والابتكار، حيث ظلت هذه المفاهيم الأخير بابا مغلقا لا يرغب الكثيرون نتيجة قله الإمكانات والمهارات ومحدودية التناول بالبحث والدراسة والتحليل، وأقل حظا من حيث الفهم وذلك حتى وقت قريب، فالكثرة تخشى طرق أبوابه، فبظهور المنظمات المفتوحة للإنتاج الابتكاري الإبداعي أصبح مطروحا على موائد البحث فارضا تداوله في المؤتمرات والندوات، ففرض نفسه.

ويشير المفهوم الواسع للابتكار في القطاع العام إلى تولد أفكار جدٌيدة والتي تم تحولها إلى مخرجات بهدف خلق قيمة، وبمراجعتنا لعدد من الأدبيات العلمية المتعلقة بالابتكار في القطاع العام نلاحظ غياب تعريف علمي على المستوى الدولي موحد بعكس القطاع الخاص والذي تم تحدٌيده تحدٌدا دقيقا بواسطة دليل أوسلو، وٌيجري قياسه بواسطة استبٌيان متعارف عليه دوليا هو “استبٌان مجتمع الابتكار”.

وهناك تعريف آخر للابتكار في القطاع الحكومًي أشار إليه استبان الابتكار في قطاع الإدارة العامة في الاتحاد الأوربي لسنة 2010 وتمثل في إدخال تطور هام على خدمة أو منتج جدٌيد أو ادخال خدمة جديدة أو وسائل تواصل أو عمليات أو أساليب تنظيمه جدٌيدة.

تعددت التعريفات ‌‌لمفهـوم ‌الإبداع، ‌إلا ‌أننا نرى ‌اتفاقها‌ حول ‌فكرة ‌أن ‌”الإبداع ‌الإداري‌” يعني ‌التوصل‌‌ للجديـد‌ فقد ‌يكون‌ سلعة أو ‌خدمة أو نظرية أو‌ اختراع جديد ‌أو ‌أسلوب‌ إداري،‌ وعلى‌ الرغم من كون‌‌ مصطلح “الإبداع‌ الإداري” يعتبر من أكثر المصطلحات‌ الشائعة بالوقت ‌الحالي في أدبيـات‌ الإدارة،‌ ولكنه ‌اذا‌ تم ‌استخدامه ‌مقروناً بالإدارة ‌أو ‌المنشأة، ‌كالإبداع‌ الإداري، ‌فإنه ‌يحتمل ‌تفسيرات‌‌ ومضامين‌‌ عدة‌ تدخل ‌فيها‌ مجموعة ‌من ‌العوامل ‌التي ‌تتضمن ‌المهارات ‌‌الذهنية‌ والسمات ‌الشخصية ‌للفرد ‌‌المبدع وبالإضافة ‌للمتغيرات‌ التنظيمية المميزة لكل ‌منظمة‌ عن‌ غيـرها([2]).

وعرف على أنه توليد الأفكار الجديدة، معتمد على الجهد الفردي ‌بدرجة ‌أساسية،‌ ويعد أول‌ خطوة‌ من‌ خطوات‌ الجهد الابتكاري([3])‌.

ويمكن القول إن ‌الإبداع ‌سابُق للابتكار، لأن الإبداع‌ متعلق ‌بالأفكار ‌الحديثة ‌والمميزة، ‌أما ‌الابتكار‌ فيجسد ‌تلك الأفكار‌([4]).

من خلال هذا المطلب سنعمل على دراسة أهمية الأبداع والابتكار وأثره على الجهات الحكومية في (الفرع الأول)، ودراسة الحاجة لوجود أدارة متخصصة في الجهات الحكومية للأبداع والابتكار في (الفرع الثاني).

الفرع الأول: أهمية الابداع والابتكار في الجهات الحكومية

لقد أزادت أهمية الابتكار والإبداع في الآونة الأخيرة لارتباطه بالقدرة على المنافسة في شتى مجالات الحياة والذوق العام الذي أصبح ينظر أليه المجتمعات من الخدمات المقدمة.

وللإبداع أهمية أخرى في عمل المنظمات، الخاصة أو الإدارات العمومية حتى أن الكثير من هذه المنظمات الناشطة في الدول الأكثر تقدما قد رصدت موازنات مالية كبيرة قيمتها موجهة نحو رعاية الإبداع والمبدعين لأن في ذلك يكمن سر التقدم وضمان الموقع المؤثر في سوق المستقبل لماله من صلة بالتغيرات والتطورات التقنية (التكنولوجية) الحضارية: ويمكن تلخيص أهمية الإبداع في النقاط التالية:

  • الإنسان المبدع والمبتكر له أهمية كبيرة في المجتمع لأن ابتكاره وإبداعه يضعه في مكانة متميزة. يمكن للإنسان أن يساعد بلاده في تنمية اقتصادها وتقديم المساعدة في عملية التنمية ولعب الدور الأكبر في أي تنمية يحتاجها المجتمع.
  • الاهتمام بممارسة الديمقراطية في الإدارة عبر توسيع قاعدة المشاركة للأفكار، العاملين من خلال تفويض سلطات وتوسع نطاق المسؤولية بما يتطلبه ذلك من عقلية إدارية جديدة في تفكيرها وإيمانها بالإبداع وضروراته ورعايتها للمبدعين
  • الفرد المبدع والمبتكر سيخلق لنفسه فرص عمل جديدة ويخلق أمامه آفاق غير محدودة للنجاح.
  • يساهم المبتكرون في إنتاج منتجات جديدة في السوق الوطنية من خلال إنشاء سلع ومنتجات. عندما يشارك منشئ المحتوى في إنتاج أي منتج فإنه سيساعد في تحسين جودته وتميزه.
  • يمكن للمبتكرين الحصول على فوائد مالية كبيرة من الخدمات التي يقدمونها. من خلال المبدعين والمبتكرين في أي مجتمع ويمكن لهذا المجتمع أن يدخل سوقًا تنافسيًا ضخمًا ومن ثم ستنتقل الدولة من موقع وسيط إلى موقع أعلى بين الدول([5]).
  • الاهتمام بجماعات العمل الصغيرة والتنظيمات اللارسمية وتشكيلاتها وبالعلاقات الإنسانية والاجتماعية([6]).
  • الإبداع عبارة عن تطبيق أفكار مطورة داخل المنظمة خاصة بالخدمات، البرامج السياسات والإجراءات، العمليات والوسائل والأنظمة والمنظمات بكافة حاجة لكافة أنواع الإبداع لاسيما في ظل الظروف العالمية والدولية والحالية وفي ظل كافة ظروف المنظمات التي تقضي التغيرات والإبداعات المعرفية التكنولوجية والتنظيمية والإدارية([7]).
  • يطور قدرة الفرد على استنباط الأفكار الجديدة، ويساعده في الوصول للحل الناجح للمشكلة بطريقة أصيلة.
  • يجعل الفرد يستمتع باكتشاف الأشياء بنفسه.
  • يسهم في تحفيز المنظمات لتكون بيئة ملائمة لاكتشاف المواهب والعمل على تنميتها من خلال توفير برامج متخصصة. يؤدي إلى الانفتاح على الأفكار الجديدة، والاستجابة بفاعلية للفرص والتحديات والمسؤوليات لإدارة المخاطر والتكييف مع المتغيرات
  • يسهم في تحقيق الذات الإبداعية وتطوير المنتجات الإبداعية، والإسهام في تنمية المواهب وأدراك العالم بطريقة أفضل([8]).

وللإبداع الإداري ‌العديد ‌من ‌الإيجابيات ‌تتبلور ‌بالآتي:

  1. تحسين ‌الخدمـات ‌التنظيمية فتعود‌ بالمنفعة‌ على ‌التنظيم‌ والفرد.
  2. الاستجـابة لمتغيـرات‌ البيئة المحيطـة، وهذا يجعل التنظيم مستقر، فيمتلك الاستعداد‌ لمواجهـة‌ التغيرات‌ دون ‌التأثير‌ على سير العمليـات‌ التنظيمية
  3. تنمية ‌القدرات ‌العقلية ‌والفكرية للأفراد‌ في ‌التنظيم ‌وإتاحة ‌الفرصـة ‌لهم‌ لاختبار‌ هذه القدرات
  4. القدرة‌ على ‌ايجاد‌ الموازنة ما‌ بين ‌الإمكانيـات ‌البشـرية‌ والماديـة‌ المتاحة، والبرامج ‌الإنمائيـة‌ المتنوعة.
  5. استغلال ‌المتميز ‌للموارد‌ الماليـة ‌باستخدام‌ الأساليب‌ العلمية المواكبة ‌مـع ‌التطـورات ‌الحـديثة.
  6. الاستفادة الكاملة من قدرات‌ المـوارد‌ البشـرية‌ واستغـلالها والسماح لهـا‌ بالبحث‌ عن التحديث‌ المستمر لأنظمة‌ العمل،‌ بما‌ يتلاءم مـع‌ المتغيـرات ‌المحيـطة([9]).

والإبداع، يعني مواصلة التغيير من خلال: المرونة، وتوفير المناخ المناسب والبيئة الإدارية المبدعة، وتفويض السلطات والمشاركة في اتخاذ القرارات، ومنح المرؤوسين فرصة لأداء الأعمال بحرية واستقلالية، فالإبداع الإداري يتضمن في الغالب إيجاد تطوير في الأنظمة الإدارية بحيث تكون مختلفة عما كانت عليه، وتؤدي إلى نتائج إيجابية بشكل مباشر أو غير مباشر.

وتتحقق الابتكارات والابداعات في العمل الحكومي وفق عدة أساليب ومستويات منها([10]):

  1. الابتكار في الخدمات: تقديم خدمات جديدة ومطورة
  2. الابتكار في تقديم الخدمات: طرح أسلوب جديد أو مختلف في تقديم الخدمة
  3. الابتكار الإداري أو التنظيمي: آلية جديدة تسهل الوصول إلى الخدمة
  4. الابتكار المفاهيمي: طريقة جديدة في النظر إلى التحديات وتحدي الافتراضات الحالية
  5. الابتكار في السياسات: تغيير في طريقة التفكير المتبعة عند إعداد السياسات
  6. الابتكار الشامل: أسلوب جديد ومطور لتعامل وتفاعل الأقسام الحكومية المختلفة مع المعنيين

الفرع الثاني: خصائص الإبداع والابتكار والحاجة لوجود إدارة متخصصة

أولاً: خصائص الإبداع الإداري

الإبداع ‌ليس محتكراً على الأشخاص ‌فقط ولـيس ‌بالضرورة أن‌ يكون‌ عمليـة ‌فرديـة ‌فقد‌ تُمارسه متاحا وممكنا المؤسسات‌ والجماعات‌ ويمكننا القول بأن ‌الإبداع ‌المؤسسي أو ‌الجماعي قد‌ يكون أكثر وخاصة في المراحـل ‌المعاصرة، فقد ‌تداخلت ‌المتغيرات‌ والظواهر بصورة بالغة التعقيـد‌ وتحتاج ‌لإمكانات ‌‌ضخمة ‌وجهود‌‌ عظيمة ‌لكي يمكن‌ التعامل ‌معها ‌والتوصل ‌لنتـائج ‌مبدعة‌ حولها ومن أبرز تلك الخصائص مايلي:.

  • يرتكز ‌”الإبداع” على التأمل ‌والتفكر ‌العميق ‌والشامل الذي ‌يبحث‌ عن ‌المشكلة من كافة‌ الجوانب‌‌ ويوجـه ‌لها‌ عدة حلول متكافئة.
  • ليس الإبداع‌ ظاهـرة‌ خاصة‌ بشخص ‌معين، ولكنه ‌ظاهـرة ‌إنسانية عامة تختلف من‌ فرد‌ لآخـر‌ حسب‌ الظـروف والفطرة التي عاش فيها وتعامل معها.
  • الإبداع ‌يرتبط ‌بالعوامل المتـ‌وارثة‌ ويقبل التطوير.
  • الإبداع‌ علم‌ (نظري ‌تجريبي‌) يقبل ‌التغيير ‌والتبديل‌ على ‌اختلاف ‌المكان ‌والزمان ‌فما ‌يكون‌ اليوم‌‌ صوابا قد‌ يكون ‌في‌ الغد ‌غير‌ صواب‌ والعكس صحيح.
  • يبتدأ الإبداع ‌غالباً بالتحليل ‌للفرص، والتفكير في استغلالها‌ وتحويلها لإمكانات‌ إبداعية.
  • يتصل ‌الإبداع‌ بالإدراك الحسي ‌والصيـاغات‌ والتصورات‌ الجديدة، ولذلك يُوجب الإبداع قدرات مميزة في الملاحظة‌ والاستماع.
  • فعالية “الإبداع” تستوجب‌ أن يتوجه الإبداع‌ لإشباع رغبات‌ أو ‌احتياجات‌ بعينها.
  • تبدأ دائماً “الإبداعات‌ الفاعلة‌” صغيرة ثم تتطور مرحلياً وفقاً لنتـائج ‌التجريب ‌والتقويم.
  • المحصلة ‌”الإبداعية ‌الفعالة” تسعى للصدارة‌ والقيادة‌ والتمييز‌ ويعني‌ هذا ‌أنـه ‌إذ ‌لم ‌يحرص‌‌ الـجهد ‌الإبداعي ‌من ‌البدايات‌ للتفوق ‌والقيادة ‌فلن يصل ‌على ‌الأغلب ‌لنتيجـة‌ إبداعية([11]).

ثانياً: خصائص الابتكار

على الرغم من عدم وجود تعريف عامً موحد للابتكار في القطاع العام -وكما أشرنا سابقا- إلى أن هناك مجموعة من العناصر والخصائص المشتركة والمتفق علٌيها لتمٌييز الابتكار فًي القطاع العام عن سواه من الابتكارات في بقٌية القطاعات([12]).

فأدبيات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمٌية OECD تشٌير إلى أن الابتكار فًي القطاع العام يدل على تحسيٌنات كبيرة وجوهرية في الإدارة العامة و/ أو الخدمة ([13])، وحدد مرصد الابتكار في القطاع العام التابع للمنظمة مجموعة من الخصائص والعناصر التي يجب توفرها فًي القطاع الحكومي وهي:

  1. الأصالة والتجديد لا يشمل التغيير الشكلي للعمليات بقدر ما يشمل أدخال وتعديلات مبتكرة لكل العمليات الداخلية
  2. التنفيذ للأفكار في الواقع العملي، فليس الابتكار فكره وأنماء أن تكون قابلة للتنفيذ.
  3. الأثر الناتج من تنفيذ تلك الأفكار يجب أن يكون ملموسا.

ثالثاً: حاجـة المنظمـات للإدارة الإبداعيـة

تعد‌ “الإدارة ‌الإبداعيـة” سمة من السمات ‌في‌ المنشئات‌ الحديثة في إطار المنافـسة القوية وكـذلك‌ الديناميكيـة لبيئة الأعمال وما تحمله من فرص‌ وتهديدات‌ وظهور كثير‌ من التكتلات‌ الاقتصادية‌‌، ولذلك فهناك أبواب‌ متعددة “للإدارة الإبداعيـة” اما في بناء الاستراتيجيـات‌، أو ‌في الاستجابات‌ لاحتياجات‌ البيئـة ‌من سلع وخدمات‌، ‌أو في تنظيم المهارات‌ وقدرات‌ العاملين، أو‌ فـي ‌ابتكـار‌ الأسـاليب‌ والأنظمة، وهنالك مجالات‌ كثيرة ومتنوعة‌ بإمكاننا تحويلها لفرص‌ إبداعيـة ‌كبرى‌،‌‌ ولذلك فأهم ‌أسباب‌ حاجات‌ المنظمـات للإدارة ‌الإبداعيـة‌ هي:

  • المنظمات ‌الحديثة تعيش‌ ظروف معقدة ومتغيرة فرضت‌ عليها الحاجة لإدارة‌ إبداعية.
  • الإدارة الإبداعيـة تعتبر عنصراً أساسياً في جميع النشاطات ‌للمنظمة لكي‌ ترفع‌ من ‌كفاءتها‌ وإنتاجيتها، لتحسين المخرجات‌ الخاصة‌ بها‌ سواء كانت‌ خدمة ‌أو ‌منتج.
  • تزايد ‌‌المشكلات ‌‌التنظيمية ‌والإدارية ‌في ‌المنظمة ‌الحديثة ‌يستوجب ‌‌التـطوير‌ والتغيير‌ الـذي ‌يتطلب‌ الإبداع ‌فيه.
  • ثورة المعلومات‌ وشبكة الإنترنت‌ وتقنيات‌ الاتصالات‌ وما اتاحته من‌ قدرات‌ لم ‌تسبق‌ من ‌قبل‌‌ أيضا مجموعة من المشكلات‌، التي تعاني‌ منها المنشئات‌ الجديدة مما‌ يستدعي وجود ‌إدارة مبدعة لتحل‌ هذه ‌الإشكالات‌.
  • تزايد‌ قوة المنافسة الشرسة يفرض‌ الحاجة لإدارة ‌إبداعيـة ‌لمزيد‌ من القدرة التنافسية.
  • التعامل مع العولمة يتطلب‌ إدارة مبدعة.
  • يعتبر ‌الإبداع‌ وسيلة للتجديد‌ والتطوير وابتكار حلول وطرق جديدة لمشكلات‌ قائمة.
  • الدول العربية بحاجة مستمرة لإدارة ‌إبداعية، لأنها ‌تعتبر‌ دول نامية لتتمكن‌ من مواكبة التطور.
  • الإبداع‌ يعد‌‌ مطلب ‌‌أساسي‌ لأن ‌أية ‌قيادة ‌أو‌ عمليـة‌ إدارية ‌تغفل‌ عنه حكمت‌‌ على ‌مستقبلها‌ بالانغـلاق‌ والتخلف‌ والانهيار([14]).

المطلب الثاني: إكراهات وعراقيل تطوير مهارات الابداع والابتكار لدى الجهات الحكومية

للإبداع والإبكار العديد من الأشكال بحيث يستطيع كل مبدع أن يبتكر أنواع جديدة من المنتجات أو الإجراءات أو الأساليب الإدارية، ويستطيع أيضا المبدع أن يحدث تغيير في آلية العمل بواسطة التكنولوجيا الحديثة وبالأخص في المجالات المرتبطة بالتكنلوجيا (كالصحافة والإعلام موضوع دراستنا، والصناعات التكنلوجية وخدمات الاتصال …وغيره) التي تؤثر بشكل إيجابي على المخرجات وتحدث فيه تغيير للأفضل، وأفضل مثال على فوائد الإبداع هو ابتكار السهولة والتبسيط والجودة للخدمات المقدمة بصورة متجددة وغير تقليدية.

وعلى الرغم من فوائد الإبداع والابتكار إلا أن هناك الكثير من العقبات التي تقف في وجه الإبداع كأن يخاف المبدع من الإقبال على خطوة الابتكار خوفا من أن يحدث خطأ أو أن يهاجمه الناس ويقوموا بانتقاده ولكن يجب أن يتخلى المبدع عن هذه الأفكار وهذا الشعور فالفشل يولد النجاح وأعظم العلماء قد مروا بالفشل ولكنهم تجاوزوا هذه المرحلة واستطاعوا أن يحققوا نجاحا كبيرا فيما بعد.

وتودي العوائق الفكرية إلى جانب العوائق التنظيمية والإدارية إلى نقص الحصيلة الإبداعية أو حتى سوء الاختيار الفعّال للأساليب التدريبية والتحفيزية لتنمية القدرات الإبداعية والابتكارية، حيث أن العوائق مختلف أشكالها تعمل على إعاقة قدرات الإبداع لدى الأشخاص من حيث إيصال الأفكار. وسوف نتحدّث في هذا المطلب عن معوقات الإبداع وما هي العوامل التي تطمس الإبداع؟ والمعيقات التي تؤثر على التنمية الإبداعية وما هي مدعمات الموقف الإبداعي واستراتيجية تطويره؟

الفرع الأول: معوقات الابداع والابتكار التنظيمية والإدارية والقانونية

هناك ‌معوقات‌ كثيرة ومتنوعة لا ‌تجعل العمليـة ‌الإبداعيـة‌ أو الشخصية المبدعة تتوصل ‌إلى‌ نتـائج‌ مفيدة‌ وأصيلة، ‌يقـسمها‌‌ البعض‌ إلى:

المعـوقـات الإدراكيـة: ‌غالباً ما يتعرض‌ الإدراك لكثير من المشكلات‌ مثل ِخدَاع الإدراك‌ ومحدوديته وخطؤه، مما قد‌ يشكل معوقاً يمنع ‌الفرد ‌من الإبداع ‌لأنه يحصر تفكير المبدع في‌ الدائرة التـي رسمـهـا الإدراك فال يتوصل لأفكار حديثة‌ ومبتكرة.

المعـوقـات النفسيـة والعاطفيـة: أن للخوف دوراً عظيم‌ في تقييد‌ القدرات‌ الإبداعية، فهو يقيد حب‌ الاستطلاع‌ ويكبل الأفكار، ولذلك فالفرد‌ يتخلى‌ عن‌ كثيرا من الأفكار المتميزة التي تمر‌‌ ‌من ‌الفشل ‌في ‌تحقيقها ‌أو ‌اعتقاداً منه‌ بعدم ‌قدرته‌ علـى ‌تحمل ‌نتائج ‌تلك‌ الأفكار على ‌ذهنه‌ تخوفاً نقصا في ثقتـه بنفسه.

المعـوقـات التنظيمية: تحتوي مهام العاملين بالتنظيم على مجموعة من ‌التوقعات‌ الرسمية (تعليمات‌ ولوائح)،‌ وغير‌‌ الرسمية‌ (نصائح‌ وإرشادات)،‌ وتحديدها‌ بشكل ‌دقيق‌ ومفـصل ‌يضيق‌‌ دائرة المجال أو ‌الإبداع‌ الذي‌ يمكن للموظف أن يطلق فيه‌ عنان‌ أفكاره.

المعـوقـات الثقافيـة أو الاجتماعيـة: ‌يسعى الأشخاص‌ للتصرف بالطريقة المتوقعة‌ من الآخرون، ليحصلوا على‌ الانسجام معهم ورضاهم،‌ وبالتالي يتجنبون الأفكار ‌التي‌ تخـرجهم عن‌‌ خوفا يرفـضوهم ‌أو ‌يسخروا منهم وهنا نوعين من معوقات‌ الإبداع‌ نطاق ما ‌يتوقعه الأخرون‌ من أن الإداري ‌هما([15]) .

1- المعـوقـات الذاتيـة أو الشخصيـة: ‌لأنها متعلقة ‌بالفرد‌ الذي يملك القـدرات ‌الإبداعية

2- المعـوقـات التنظيمية: لأنها ‌تتعلق ‌بالمحيـط ‌المبـاشر ‌الذي ‌يعـمل ‌الفرد‌‌ فيه،‌ وبالقدر‌ الذي ‌تبرز‌ فيه المعوقات‌ عند ‌الأفـراد ‌أو‌ في محيط عملهم، تنعكس سلباً على ‌الإبداع‌ في ‌ضيق أمامه مجال التفكيـر ‌الإبداعي ‌فيتجمد ‌‌سلوكه ‌الوظيفي‌ ويظل ثابتا‌ عند‌‌ حد‌ معـيـن ‌فيصبح ‌التـطوير أو ‌التغير‌‌ أمرا مستحيلا عليه.

الهيمنة القانونية والتقليدية:

على كثير من القيادات الإدارية خاصة في العديد من الإدارات العربية، بشكل يبرز القانون بشكل دقيق يؤدي ذلك إلى الروتين القاتل والممل الذي يحبط ويقتل الشخصية المبدعة، ولا أحد ينكر أهمية القانون كمطلب ضروري لضمان حسن سير العمل في أية منظمو، ولكن أن لا يكون هدف التمسك به بكل حرفية دون النظر إلى روح القانون، فلا بد من التحول إلى الأساليب والمفاهيم الإدارية الحديثة بالإدارة مثل: الإدارة بالأهداف، والجودة الشاملة، وقبل التحول إليها لا بد من تكريس أهمية روح القانون كإطار للحركة والتغيير الثقافي الذي يتناسب مع ذلك، وبذلك يتحقق التوازن بين مطلبي القانون والمبادرة التي هي مفتاح السلوك الإبداعي([16]).

الفرع الثاني: المعـوقات الشخصيـة

ويقصد ‌‌بها ‌العقبات ‌‌التي ‌تتعلق ‌بالفرد ‌‌نفسه، والتي‌ بفعل ‌خبراته ‌الذاتية ‌مع ‌محيطه‌ الأسري ‌والاجتماعي‌ والمدرسي تم تأصيلها فيه، ومن أهمها:

🞛الخـوف من الفشـل: يؤدي الخوف من‌ الفشل للحذر والإحجام والتردد، وإذا تكرر ‌فإنه يؤدي‌‌ للخمول ونقص ‌‌الثقة‌ بالنفس ‌والتخاذل، ‌ويعطي ‌لصاحبه‌ صورة‌ غير‌ سليمة‌ عـن ‌نفسه‌‌ تتسم ‌بعدم‌ القدرة على التجديد‌ والجمود‌([17]).

ضعـف الثقـة بالنفـس : وضعف الثقة يقوده ‌إلى ‌الخوف من التصدر ومواجهـة ‌الغير بحلول‌‌ غير مألوفة، حتى ال يكون أداة للاستخفاف والسخرية‌ لدى الآخرين، ‌مما‌ يجعله حافظاً لتلك‌ الأفكـار المبتكـرة ‌بأعماقـه دون الإفـصـاح عنهـا.

– قلـة التـحدي : من ‌لم‌ يحفز ‌نفسه‌ لن‌ يقدم‌ أفضل ‌ما‌ لديه،‌ فوجود ‌‌القدرة ‌لعمل ‌معين ‌لا ‌يعني ‌إنجازه‌ تـحديا ‌ جباراً بالضرورة، فالمبـدعين يتـصدرون لحل المـسائل‌ المختلفة لأنها ‌تمثـل لهم، فينموا لديهم ‌روح الإبداع ‌نتيجـة ‌لهـذا‌ التـحدي.

الخـوف من المخـاطرة: أغلب‌ البيئة الحاضنة التي ‌ينشأ ‌فيها ‌الأشخاص‌ تعاقبهم عند‌ حلهم‌‌ للمشاكل بشكل خاط ‌وتكافئـهم على خلق ‌الحلـول ‌السليـمة، ولذلك ‌فتنفيذ ‌الأفكار ‌المتميزة‌ بالكثيـر ‌مـن ‌الإبداع ‌فيه ‌مخاطرة إما‌ بخسارة الوظيفة‌ أو‌ الإخفاق([18]) .

لذا فالمتفائلين يحررون مارد‌ الإبداع ‌فيهم بالتركيـز على الفرص ‌الكامنة في ‌المشكلة،‌ والمتشائمون ‌يركزون على النواحي السلبية‌ ويهدرون ‌مارد‌ الإبداع ‌فيهم بالتخوف ‌من ‌النتائج‌ التي ‌يمكن ‌حدوثها([19]).

– الميل لتـقييد المشكلة: وهو ‌ما‌ يلجأ اليه ‌عادة بعض‌ الأفـراد ‌لحل بعض‌ المشاكل فيقيد‌ون‌‌ نفوسهم بقيود‌ غير ملزمة ‌والمجدية لهم([20]) .

رفع شعار الحرص على المألوف: وهو ‌أن‌ هناك ‌حلا معيناً لجأ له الأولون وجب أن نعمل به نحن العاملون في المواقف المماثلـة.

والميل للتقليد‌ يقتل الإبداع، ويحد‌ من احتمالات‌ التخيل والتـوقع ويضع حداً للتفكيـر الإبداعي‌([21]).

وجود قواعد وأنظمة ذهنية عند الأفراد:‌ وهذا ‌يجعلهم يفضلون استخدام استـراتيجية ‌تم‌‌ نجاحها‌ في حل مشكلة سابقة، وقد لا ‌تكون ‌صالحة ‌لحل مشكلة توجب ‌ابتكار استراتيجية‌ حديثة([22]).

لذا لابد‌ من الحـذر من إتبـاع ‌روتيـ‌ن معيـن في العمل، فهو ‌عائق ‌كبير ‌للإبداع، ألنه‌‌ يشجع على الجمود ‌والخمول، ويميت‌ الدافع للتجـديد‌ ويقيد‌ من التفكيـر في‌ البدائل([23]).

– دعم مدخل الحل الوحيد الصحيح : وهو ‌اعتقاد‌‌ الفرد ‌‌بأن ‌هذا‌ هو ‌الحل‌ الأفضل ‌دائماً ولا ‌شيء‌‌ سواه، فنجده يبحث‌ عنه ليطبقه كما هو دون أي ‌اجتهاد‌ منه، وهذا أمر مخالف لحقيقة ‌الإبداع‌ الذي يتـضمن البحث‌ عن‌ حل‌ آخر متميز.

إنكار الإبداع أو الاعتقاد بعدم الإبداعية: تثبت ‌الأبحاث‌ أن طاقة ‌المخ البشـري ‌لا‌ حدود‌ لها، والقيد‌ الوحيد‌ ينبع من‌ الفرد‌ نفسه، وأكبر عقبة يوجهها الفرد ‌هي استسلامه المطلق لما يعتقد‌ أنه يـمكنه أو ‌قد‌ لا يمكنه القيـام به([24])‌.

وإنكار الإبداع ‌يقتل‌ الأفكار الجديدة ويغطي آفاق الخيال ويقيد‌ المواهب‌ الدفيـنة([25]).

إصدار الأحكام بدلا من توليد الأفكـار أو التقويم المتسرع للأفكار: ‌وهـو يعد‌ أخطر‌ معوقات‌ الإبداع ‌فالحكم على الأفكار بسرعة قد ‌يقتـل‌ الأفكار الجديدة، علماً بـأن ‌الأفكار المتطـرفة يمكنها أن تقود‌ لأفكار قابلة للتنفيذ‌ والتي بدورها تقود‌ لحلـول ‌خالقة‌ وإبداعيـة([26])‌.

ويرجع ‌الميل ‌للتـسرع‌ في ‌الحكم‌ على ‌الأفكـار لوجـود‌‌ ميـل‌ غريزي ‌للتفكيـر ‌الأحـادي‌ بدلا من‌ التفكـير المنـ‌وع المتقبل لأفكار قد‌ تبدو‌ متعارضة فيغربلهـا‌ ليخرج‌‌ بأفضلها([27]).

الإجهـاد الـزائد:‌ الذي يتـعرض‌ للإجـهـاد الـزائـد ‌يصعب‌ عليه الحفـاظ‌ علـى ‌موضوعيتـه، كما‌‌ شعورا ‌الأعمال ‌الواجب ‌‌إنجازها يصعب ‌‌رؤية ‌البدائل‌ عليه، ‌فالإجهاد ‌‌يولد‌‌ بالضغط نتيجـة لكثرة وضيق الـوقت، وازدياد‌ هذه المشـاعر يقلل ‌التفكيـر المبدع([28]) .

الإشبـاع أو الـمعلومات الـزائدة: فكثرة ‌المعلومات‌ مشكلة كبيرة قد ‌تعادل مـشكلة نقـصها ‌لأنها قد‌ تغرق الفرد‌ في كثير ‌من التفاصيل فيلمس صعوبة بإيجاد‌ الجوانب ‌الحـرجة في الـمشكلة([29]).

🞛المعوقـات التـنظيمية: يمكن الإشارة لأبرز العوامل في المنظمات‌ والتي ‌تتمثل فيما يلي‌: عدم ثقـة بعض المديـرين بأنفسهـم: فيحرصون على‌ إتباع الأسلوب‌ المركـزي في ‌الإدارة، فيحتكرون حق اتخاذ‌ القـرارات‌ لأنفسهـم دون إعطاء الفرصـة إلى نـوع‌ مـن ‌الـمشاركة من‌‌ تهديد ا‌لهم، ‌فيحاولون‌ التأثير ‌عليهم‌ حتى إلى العاملين، وقد يرى ‌البعض ‌‌في ‌المبدعين ‌من ‌الأفـراد‌ يلفتوا الأنظار لمهاراتهم ‌وقدراتهم.

مقاومة الجهـات الإدارية للتغيير : لأنها‌ ترى فيـه‌ تغييـراً لوضع‌ تعودت‌ عليه، وهو مـا ‌يسمى‌‌ بالجمود ‌الإداري، فهي ال تقبل أدني ‌تغيير في أساليب‌ وطرق العمل والقـوانين‌ واللـوائح‌ والإجراءات‌ والتعليمات‌ والقرارات‌ المتبعة، ‌وإلا اعتبرته‌ خروجـاً عن ‌المألوف.

الالتـزام الحـرفي بالقوانيـن : والإجراءات ‌والتعليمات، ومع أنها ليست‌ غايـة بحد‌ ذاتها،‌إلا أن الرقابة الإدارية تقتصر على‌ مراقبة التقيد‌ بالشكليات‌ في غالبية الأجهزة دون الاكتراث‌ لمدى مساهمتها في إنجاز الأهـداف ‌المطلوبة.

عـدم وجود قيـادة إداريـة مؤهلة: فالقيادة ‌التي ال تعتبر نجاح موظفيها ‌نجاحاً لكل ‌المنظمة‌ وتحرص‌ فقط‌ على البحث‌ عما ‌يسيء لهـم‌ هي ‌قيادة لا تؤهل المنظمـة ‌للبقاء.

سوء البيئـة التـنظيمية : و‌تتمثـل ‌فـي‌ (البنـاء ‌التنظيمي، ‌نمط ‌القيادة، ‌الإجـراءات ‌وأنظمـة ‌العمل،‌ الحوافز،‌ الاتصالات، ‌التدريب) فالمناخ‌ التنظيـمي‌ غير ‌الصـحي ‌يحبط‌ طـاقـات‌‌ الأفـراد‌ ويكبلها.

القيـم الاجتماعيـة السائدة : ‌فمن ‌المعـلوم ‌أن‌ الإبداع‌ يـعني ‌‌التفكيـر ‌بغيـر ‌المألوف،‌ وقد‌ يتعارض‌‌ ذلك ‌مع القيم السائدة، ‌فيسبب‌ لدعاة التغيير المقاومة ‌الشديدة، فمثال أهم ‌القيم الأساسية ‌في‌‌ المجتمعات‌ النامية أن تكون الحكمة مع التقدم في العمر،‌ ويعني ‌هذا‌ على المبتكر أن ‌يكون‌‌ متقدما بالعمر، ولا ‌يكون شاباً، ولذا قلما يحتـل الشباب‌ المراكـز الإدارية ‌القيادية في‌ المجتمعات‌ النامية ‌لأنها شرط التقدم في العمر “ولو ضمنيا” أحد‌ مؤهلات‌ القيادة الإدارية.

ازدواجيـة المعـايير المتبعـة في الـمنظمة: أكبر ‌محفز على الإبداع‌ أن يـرى ‌العاملون مكافئة‌‌ العمل الجاد وأن الكسل يـعاقب، ويلاحظ أن ‌مؤهلات‌ الانقيـاد‌ والخضوع والتزلف ببعض‌ مرضاً المنظمات‌ تعد‌ شروط الوصول لأعلى‌ المناصب، ‌فيصبح ‌الإبداع ‌في مثـل ‌تلك الأجواء يقـاوم ‌بكل ‌الطرق‌([30]).

الـظروف الاقتـصادية : لا‌ يعتبر ‌العوز‌ أو ‌الفقر ‌بذاته ‌معوقاً التـعويض، ‌للابتكار، ‌بل‌ قد‌‌ يقود‌ه ‌الإبداع ‌لمحاولة التعويض، وبشكل عام ال يلقى الإبداع ‌الاهتمام مع سوء ‌الظروف الاقتصادية المنعكسة‌‌ على مستويات‌ التنظيمات‌ الإدارية، لعدم كفاية الحوافز المادية والأجور، ‌فالفرد‌ في تلك الظروف يصرف كل فكره ووقته في البحث‌ عن‌ طرق يتمكن من تلبية حاجاته الأساسية ‌من‌‌ خلالهـا، ونادراً ما يكون الإبداع‌ هـو الوسيلة

ضيـق الـوقت المتـاح لممارسـة الإبداع:‌ بعض ‌‌العاملين ‌يشعر ‌بأنهم‌ بالكاد ‌‌يملكون ‌الوقت‌ الكافي لأداء مهامهم ووظائفهم المعتادة، ناهيك عن ايجاد‌ بعـض ‌الـوقـت للإبداع، ‌ويعتبرون الإبداع‌ منفصلا عن عملهم، يقل أهميـة ‌عن تحقيـق ‌الأهداف ‌الروتينية لهم، ‌وبذلك تنتهي الـمنظمة‌ إلى ‌مجموعة ‌قليله ‌من ‌الأفكار ‌المتميزة‌ وعدد ‌أقـل ‌من ‌العامليـن ‌القادرين‌ على ‌إخراج‌ هذه ‌الأفكار‌ لحيز ‌الوجود‌([31]) لغياب التنسيق بين مختلف ‌الإدارات ‌تميل كل .

تنازع السـلطات وانعـدام روح الفريـق: نظراً إدارة للعمل منفصلة عن غيرها‌ من ‌الإدارات‌ الأخرى، وتفـضـل الاستقلال الذاتي ‌والانـفـراد‌ بالـسلطة، ‌بغض‌ النظر عن أنشاء العالقات‌ المفترض ‌أن ‌تقوم بينها‌ وبين الـجهـات‌ الأخرى،‌ وظهور هذه الروح الاستقلالية في الـمنظمة ‌يدمر إمكانية الـمنظمة ‌من تنمية القدرات الإبداعيـة ‌للعاملين‌([32]).

المقـاومة الإداريـة للأخطـار: ‌لتشجيع الجهـود‌ الإبداعيـة ‌نحتاج ‌لدرجة من الثقة‌ والخطر‌ والائتـمـان معاً ويجب‌ أن يفهم أن العمليـة الابتكارية ال‌ يُتوصل إليها إلى من خـلال ‌الأفكـار‌ النـاجحة([33]) .

خاتمة

يُستخدم مصطلح “تنمية القدرات” الآن على نطاق واسع من جانب معظم المنظمات، بما فيها الإدارات العمومية من مؤسسات ووزارات وهيئات، بدلا من مصطلح “بناء القدرات”. وتجدر الإشارة إلى أنّ مصطلح تنمية القدرات كان قد اعتُمِد في سياق النُهج الرامية إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة على المستوى الوطني. ويتمثل الاختلاف الرئيسي بين المصطلحين في أنّ بناء القدرات يعني البدء في بناء شيء جديد من نقطة الصفر بينما يشير مصطلح “تنمية القدرات” إلى أنه يوجد في كل سياق تقريبا بعض القدرات بالفعل كنقطة بداية، وبالتالي توجد معوقات وجب حلها، بالإضافة إلى القدرة التي يمتلكها العاملين في حالة إنعاش تلك المواهب من خلال برامج التدريب والتأهيل النوعية، ولذا يوصَى باعتماد مصطلح تنمية القدرات، الذي يعبّر بصورة أفضل عن الفهم الحالي والممارسات الجيدة..

كما لاحظنا أهمية الابداع والابتكار في الجهات الحكومية، وما سيترتب عليه من تطوير الأداء العام للفرد داخل الجهة والتحقيق للأهداف العامة للجهة نفسها بشكل أكثر كفاءة وتنافسية، وبالرغم من وجود العديد من المعيقات والاشكالات يمكن اقتراح العديد من النقاط الاستراتيجيـة ‌متعددة‌ التي يمكن ‌للمنشئات ‌تتبعها‌ لتتجاوز‌ معوقات ‌”الإبداع‌ الإداري” نذكر‌ منها ما‌ يلي‌:

  • تـشجيـع الأفـراد ‌ليعبروا عن‌ أفكارهم بـحرية، وإمكانية تجاوز المخاطر
  • ترسيخ ثقافة الابداع والابتكار وتنمية القدرات.
  • تقديم الدعم لما يتعلق بالتـطوير للأفكار الإبداعية، وتشجيع التنافس بين الأفراد.
  • التـشجيـع على ‌تطبيق الطرق العلمية المساهمة بخلق “جوهرا للإبداع” ‌وإثارة الفكر وايجاد‌ أفكـار‌ حديثة.
  • تطوير الجو ‌السائد‌ ليكون منفتحاً أكثر‌ ومتقبلا لغيره‌ من ‌الآراء‌ الأخرى.
  • أن ‌تتاح الخصوصية للأفراد ‌ليفكروا ‌بطريقة إبداعية.
  • التـشجيـع‌ على حل كافة المشاكل ‌المواجهة ‌للأفراد‌ باستخدام “طرق الإبداع‌”.
  • الابتعاد تماماً ‌عن الإجراءات‌ الروتينية المملة التي ‌تحد ‌من انطلاق الأفكار‌ والإبداع.
  • المشاركة الجماعية ‌في اتخاذ‌ القرار.
  • -استخدام ‌المهارات ‌‌والأفكار‌ والقدرات ‌‌المتاحة ‌للأفـراد ‌لحـل‌ المشاكل ‌المرتبطة ‌بالوظيفة‌ وتحقيـق‌ الأهـداف ‌المرغوبـة.

ولذا فتنمية وتنشيط‌ الإبداع‌ يكون عن طريق العديد‌ من ‌العوامل الذاتية (الشخصية) التي ‌تخص‌ المبدع، والعوامل البيئية، فهي تساهم‌ جميعها ‌في اسـتثارة ‌المبـدع لتكوين الأفكار وتحويلها وبلورتها‌‌ إلى ‌شكل يخدم كافة ‌النظم الإدارية للمؤسسات‌ بطريقة فعاله، سـواء في‌ نظرتها وتعليماتها أو ‌في‌‌ سياسات‌ عملها.

كما أنه من الممكن للجهات الحكومية أن تبتكر بمعزل عن غيرها، إلا أن الابتكار على مستوى الحكومة ككل يحقق مكاسب متمثلة في رفع كفاءة الأداء ويفتح المجال أمام تبادل المعرفة وأفضل الممارسات التي يمكن تكرارها في القطاع بأكمله. ولإيجاد بيئة مماثلة، يجب توفر العوامل الأساسية للنجاح.

والتفكير الاستراتيجي المتكامل. يمثل التخطيط الاستراتيجي جزءًا أساسيًا من عمليات القطاع الحكومي، في حين يجب وضع الابتكار كأولوية واضحة ضمن جدول الأعمال الاستراتيجية للحكومة. وإلى جانب الاندفاع نحو الابتكار على مختلف مستويات الحكومة، على كل جهة حكومية إعداد خطط استراتيجية مفصلة تشمل استراتيجيات لتحديد وتنفيذ الخيارات والحلول المبتكرة.

Margins:

  1. سيد عيد، الإدارة الإبداعية للبرامج ‌والأنشطة ‌في ‌المؤسـسات‌ الحكوميـة‌ والخاصـة التحديات التي تواجه الإدارة، ندوة للمنظمة العربية للتنمية الإدارية، 17 ـ 21 فبراير، القاهرة، مصر، 2008، ص33.
  2. عبد الرحمن هيجان، المدخل الإبداعي لحل المشكلات، أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية، دار الخليج للنشر، الرياض، 1999، ص8.
  3. منصور محمد أسماعيل العريقي، إدارة الموارد البشرية، الطبعة الثامنة، الأمين للنشر والتوزيع، صنعاء، اليمن،2016، ص353.
  4. عبد الحليم، الدور الاستراتيجي للموارد البشرية في تنمية الابداع، دراسة على هيئة البريد المصرية، مصر، 2015، ص 92.
  5. https://mqaall.com/creativity-innovation/
  6. عصام عبد الوهاب الدباغ، إدارة الأفراط، دار النشر والتوزيع، الطبعة الأولى، الأردن، 2008، ص 176.
  7. عبدالله جوهر، الإدارة العامة وإدارة الأعمال، مؤسسة شباب الجامعة للنشر، الطبعة الأولى، 2014، ص104.
  8. www.pdffactory.com,21:23,20/1/2017
  9. عبد الحليم، مرجع سابق، ص177.
  10.  https://use.metropolis.org/case-studies/youth-lead-the-change-participatory-budgeting-boston
  11. سيد عيد، الإدارة الإبداعية للبرامج والأنشطة في المؤسسات الحكومية والخاصة والتحديات التي تواجه الإدارة الإبداعية، ندوة في المنظمة العربية للتنمية الإدارية، القاهرة، مصر، من 17ـ21، فبراير، 2008، ص14ـ15.
  12. نوال عثنان عثمان الشحي، الابتكار في المؤسسات الحكومية الاتحادية، رسالة ماجستير حول دراسة ميدانية على القطاع الحكومي في دولة الإمارات، جامعة الامارات العربية المتحدة، كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، قسم العلوم السياسية، 2016، ص32.
  13. Sector Public of Observatory Innovation OECD2012
  14. سيد عيد، مرجع سابق، ص12.
  15. علي عبد الوهاب، القدرات الإبداعية للعاملين، مجلة الإدارة العامة، العدد25، 1420، ص42ــ 43.
  16. إبراهيم خلوف الملكاوي، إدارة المعرفة، مؤسسة الوراق للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، الأردن، 2007، ص 228.
  17. علي عبد الوهاب، مرجع سابق، ص43.
  18. حسين علي، الابداع في حل المشكلات، دار الرضا، دمشق، 2001، ص73.
  19. كارول جومان، الابداع في العمل دليل عملي للتفكير الإبداعي، ترجمة عبد الهادي بالهمر، دار المعرفة للتنمية البشرية، الرياض، 1422، ص32.
  20. نادية السرور، مقدمة في الإبداع، دار وائل للطباعة والنشر، عمان، 2002.، ص272.
  21. فتحي جروان، الإبداع مفهومه ومعاييره ونظرياته وقياسه وتدريبه ومراحله والعملية الإبداعية، دار الفكر للطباعة والنشر، عمان، الأردن، 2002، ص188.
  22. الشمري، تأثير استراتيجية إدارة الموارد البشرية في تعزيز إدارة الجودة الشاملة، 2002، ص 90.
  23. فيصل بابكر، التفكير الإبداعي، الدار السعودية للنشر والتوزيع، الدمام، 2001، ص62.
  24. كارول جومان، مرجع سابق، ص56.
  25. فيصل بابكر، مرجع سابق، ص 65.
  26. علي عبد الوهاب، مرجع سابق، ص 74.
  27. فتحي النادي، المسؤولية الاجتماعية للإدارة في الدول النامية ودورها في تنمية القدرات الإبداعية للعاملين حالة عملية من مصر، رسالة وبحث مقدم لمؤتمر الابداع والتجديد في الإدارة العربية في مواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين، نوفمبر، مصر، 2000، ص 11.
  28. فيصل بابكر، مرجع سابق، ص 61.
  29. علي عبد الوهاب، مرجع سابق، ص 73.
  30. رعد الصرن، إدارة الابداع والابتكار، دار الرضاء للنشر، دمشق، سوريا، 2000، ص 53ــ 55.
  31. عبد الرحمن توفيق، أفكار لكس الإطار، مركز الخبرات المهنية للإدارة بيمك، القاهرة، 2002.، ص379.
  32. سعد الدين عبدالله، الابداع في السلم والحرب، مركز الخبرات المهنية للإدارة، القاهرة، 2001، ص 192.
  33. رعد الصرن، مرجع سابق، ص 264.