فلسفة الأخلاق عند أبى حامد الغزالي

د / محمد السيد عبد المنصف الوزير1

1 الأستاذ المساعد بقسم الدراسات الإسلامية بكلية العلوم والآداب، جامعة الجوف، المملكة العربية السعودية

بريد الكتروني: mswazier@ju.edu.sa

HNSJ, 2022, 3(2); https://doi.org/10.53796/hnsj321

Download

تاريخ النشر: 01/02/2022م تاريخ القبول: 07/01/2022م

المستخلص

يهدف البحث إلى بيان مفهوم الأخلاق عند الغزالي وعلاقتها بالتصوف مع بيان بعض التطبيقات التربوية المعاصرة للنظرية الأخلاقية للغزالي، وقد استخدمت الدراسة المنهج الاستقرائي والاستنباطي التحليلي، وقد خلصت الدراسة إلى نتائج أهمها: أن الغزالي يفرق بين الخلق كسجية وطبع وبين حسن الخلق، لذا الأخلاق عند الغزالي لها جانبان: فطري ومكتسب وأن هناك وسائل للتربية الأخلاقية ومراحل، وتتفق النظرية الأخلاقية للغزالي مع نظريات التربية الأخلاقية المعاصرة.

الكلمات المفتاحية: فلسفة الأخلاق، الغزالي، التربية الأخلاقية.

Research title

Moral Education, Its Relationship with Sufism, & Its Contemporary Applications in al-Ghazali’s Philosophy

Dr. Mohamed El-Sayed Abdel Monsef El-Wazir1

1 Assistant Professor, Department of Islamic Studies, College of Science and Arts, Al-Jouf University, Saudi Arabia

Email: mswazier@ju.edu.sa

HNSJ, 2022, 3(2); https://doi.org/10.53796/hnsj321

Published at 01/02/2022 Accepted at 07/01/2021

Abstract

This research aims to investigate and clarify the concept of morals according to al-Ghazali, in addition to its relationship with mysticism, and the contemporary educational applications of al-Ghazali’s moral theory. The major conclusions of the study are: a) al-Ghazali differentiates between nature, habit and good manners as different causes of moral development. b) al-Ghazali discussed the moral education methods and their stages. c) al-Ghazali’s moral theory is consistent with contemporary moral education theories.

Key Words: Ethics, Sufism, al-Ghazali, Moral Education, Education

المقدمة:

الحمد لله وحده وأصلى وأسلم على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه

أما بعد

مما هو معلوم لدى الباحثين أن إشكالية الأخلاق من الإشكاليات ذات الارتباط الجوهرى بالفكر الفلسفي في بعديه النظري والعملي على حد سواء .

ويعد تراثنا الإسلامي معيناً لا ينضب، يمكن أن يرفد واقعنا المعاصر بمعطيات لها انعكاساتها في الواقع، ولها أثرها في حل الكثير من المشكلات الراهنة، كما لا يخفى أثر هذا التراث في العلوم المعاصرة واستفادة البشرية منه واستنادها عليه، مما شكل أرضية أسهمت في تقدم ركب الحضارة والعلم، وهذا ما يشهد به علماء الغرب حين يقرون بفضل علماء المسلمين في ذلك، ومن العلماء الذين يشكل أثرهم العلمي إسهاماً للبشرية ما زالت آثاره ماثلة إلى يومنا الحاضر الإمام الغزالي الذي كان له أثره في علوم عدة كالتفسير والحديث وعلم الكلام وأصول الفقه والتصوف وغيرها، وقد حاول الغزالي أن يحيي الدين في النفوس حين دعا إلى تربية النفس وترويضها بالأخلاق وبين بان جميع العلوم تقوم على الجانب الأخلاقي وأن صفاء النفس البشرية واعتدالها عندما تصبح اهلاً لتلقي المعرفة اللدنية مما يؤدي الى القيام بجميع الاعمال الأخرى التي تنفع في الدنيا والآخرة.

فما معالم فلسفة الغزالي في التربية الأخلاقية وما طرقها ووسائلها ومراحلها وهل لها ارتباط وتطبيقات بواقعنا المعاصر؟

إشكالية البحث:

تتمثل مشكلة البحث في غياب أو تغييب إسهامات علمائنا في العلوم المعاصرة أمثال الغزالي الذي ما زالت مؤلفاته تشكل رافداً ومعيناً لدراسات المعاصرين، لا سيما وأنه يعد في كثير من نظرياته التربوية والاجتماعية صاحب فلسفة متميزة، وقد شكلت فلسفته في الأخلاق ما يمكن أن يسمى بنظرية الأخلاق عند الغزالي، وتحاول هذه الدراسة بيان معالم هذه النظرية والكشف عن أركانها ودعائمها، إضافة إلى توظيفها في المنظومة التربوية الإسلامية وتطبيقاتها المعاصرة ،ومن هنا يأتي هذا البحث في سبيل الإجابة عن الأسئلة التالية :

  • ما مفهوم الأخلاق لغة واصطلاحاً؟
  • ما مفهوم الأخلاق عند الغزالي ؟
  • ما وسائل التربية الأخلاقية عند الغزالي ومراحلها؟
  • ما مراحل التربية الأخلاقية عند الغزالي وتطبيقاتها المعاصرة في المنظومة التربوية.

أهداف البحث:

تتمثـل أهداف الدراسة فيما يلى :

  • بيان مفهوم الأخلاق لغة واصطلاحاً.
  • توضيح مفهوم الأخلاق عند الغزالي وعلاقتها بالتصوف.
  • التعريف بوسائل التربية الأخلاقية عند الغزالي ومراحلها.
  • بيان مراحل التربية الأخلاقية عند الغزالي وتطبيقاتها المعاصرة في المنظومة التربوية.

منهج البحث:

ستتبع هذه الدراسة المنهج الاستقرائي والاستنباطي التحليلي الذي يقوم على تحليل كتب الغزالي وصولاً إلى بيان النظرية المتكاملة لفلسفته الخلقية :

خطة البحث :

جاء هذا البحث مشتملا على مقدمة وثلاث مباحث وخاتمة

  • المقدمة : فيها بيان أهمية الموضوع وخطة البحث ومنهجه والإشكالية التي سيحاول الإجابة عنها
  • المدخل : مفهوم الأخلاق لغة واصطلاحاً.
  • المبحث الأول : حياة الغزالي وشخصيته العلمية.
  • المبحث الثاني: مفهوم الأخلاق عند الغزالي .
  • المبحث الثالث: وسائل التربية الخلقية عند الغزالي ومراحلها.
  • المبحث الرابع: مراحل التربية الخلقية عند الغزالي وتطبيقاتها المعاصرة في المنظومة التربوية.
  • الخاتمة: النتائج والتوصيات.

مدخل : مفهوم الأخلاق لغة واصطلاحا:

أولاً: مفهوم الأخلاق لغة:

الخلق: الطبيعة وجمعها أخلاق والخلق: السجية، والخلقة: بمعنى الفطرة، والخلق هو الدين والطبع وحقيقته: وصف لصورة الإنسان الظاهرة والباطنة هي نفسه، وهي أوصاف حسنة وقبيحة([1]). مما يشير إلى أن الأخلاق تعد عادة تصدر عن المرء بصفة الاعتياد والممارسة حتى توصله إلى تكوين البصيرة الخلقية فالخلق سجية وصفة متأصلة في الإنسان.

ثانياً: مفهوم الأخلاق اصطلاحاً:

يرى ابن مسكويه أن الخلق هو: “حال للنفس، داعية إلى أفعالها من غير فكر ولا روية، وهذه الحال تنقسم إلى قسمين: منها ما يكون طبيعياً من أصل المزاج…. ومنها ما يكون مستفاداً بالعادة والتدرب، وربما كان مبدؤه بالروية والفكر، ثم يستمر عليه أولاً حتى يصير ملكة وخلقاً”([2]).

ومن التعريفات الأخرى للأخلاق في الاصطلاح:

  • “صفة مستقرة في النفس فطرية أو مكتسبة، ذات آثار في السلوك محمودة أو مذمومة”([3]).
  • “علم الخير والشر والحسن والقبيح، وله قواعده التي يحددها الوحي لتنظيم حياة الإنسان، وتحديد علاقته بغيره على نحو يحقق الغاية من وجوده في هذا العالم على أكمل وجه”([4]).
  • “مجموعة من السلوكيات التي يظهرها الفرد في تعامله مع الأحداث التي تواجهه أو الأفراد الذين يتعامل معهم في الحياة، ويكتسب معظمها من خلال التربية والبيئة التي عاش فيها الفرد خلال مراحل عمره المختلفة”([5]).
  • “المثل والقيم المنظمة للسلوك الإنساني التي يحددها الدين على نحو يسمو بالإنسان، ويحقق غايته في الحياة وسعادته، وهي بهذا لا تشمل إلا ما هو حسن وجميل ومحمود عند الله تعالى وعند الناس”([6]).ونلاحظ أن التعريفات للأخلاق بعضها اعتبر مفهوم الأخلاق بأنه السجية والطبع، وبعضها ركز على الأخلاق كسلوك ظاهر، وبعضهاعتبرها عاماً لعلم الخير والشر، ولكن له قواعد ومعايير، وبعضها حصر الأخلاق في المثل والفضائل الخيرة النبيلة.

المبحث الأول: حياة الإمام الغزالي الشخصية والعلمية :

المطلب الأول: اسمه ونسبه وأصله:

أولاً: اسمه ولقبه:

هو أبو حامد، حجة الإسلام، زين الدين محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الطوسي الغزالي الشافعي([7]).

سمي بـ ( الغَزَّالي) لأن أباه كان غزَّالاً يغزل الصوف، وقيل لأن أصله من قرية (غزالة) من قرى طوس فيكون (الغزالي) بتخفيف الزاي([8]).

ثانياً: مولده ووفاته وبلدته:

ولد الغزالي في الطابران سنة 450هـ الموافق لـ 1058م، وتوفي فيها سنة 505هـ الموافق لـ 1111م .

والطابران إحدى بلدتي طوس، وفي مدينة طوس يوجد قبر هارون الرشيد وقبر الإمام علي الرضا، وفي سنة 617هـ، دمرتها جحافل المغول تدميراً كاملاً لم تنهض منه، وبنيت فيما بعد على مقربة منها مدينة ( المشهد ) وذلك في القرن الثامن الهجري، وتحيط بمدينة المشهد قبور كثيرة منها قبر الغزالي وقبر الرشيد وقبر الإمام الرضا([9]).

ثالثاً: أصل الغزالي.

اختلف الباحثون في أصل الغزالي أعربي أم فارسي؟ فهناك من ذهب على أنه من سلالة العرب الذين دخلوا بلاد فارس منذ بداية الفتح الإسلامي، ومن الباحثين من ذهب إلى أنه من أصل فارسي([10]).

وأقول: و هذا لا يزيد في مكانة إمامنا الغزالي ما دام أنه نشأ مسلماً وتكلم العربية وخدم لغة القرآن وشريعة الإسلام، إذ إن إثبات العربية لأصله لن يضيف له مجداً في مجتمع شعاره: (( لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى)) ([11])

المطلب الثاني: (مراحل التطور الفكرى عند الغزالي ):

مرَّت حياة الغزالي الفكرية والعلمية بعدة مراحل هي:

المرحلة الأولى: مرحلة تربيته الأولى على يد أحد المتصوفة.

المرحلة الثانية: دراسته وتلمذته على يد الإمام الجويني المجدد في المذهب الأشعري ( مضموناً ومنهجاً ).

المرحلة الثالثة: خروجه من بغداد بعد الأزمة الروحية التي تعرض لها.

المرحلة الخامسة: عودته إلى التدريس في نيسابور حتى وفاته عــــام

( 505هـ – 1111م ).

أولاً: مرحلة تربيته على يد أحد المتصوفة ( بدايات طلبه العلم ):

لما حضرت والد الغزالي الوفاة وابناه صغيران أوصى بهما إلى صديق له متصوف من أهل الخير، وقال له: إن لي لتأسفاً عظيماً على تعلم الخط، وأشتهي استدراك ما فاتني في ولدي هذين فعلمهما, ولا عليك أن تنفق في ذلك جميع ما أخلفه لهما ([12]).

ولما مات الأب أقبل الوصي على تعليمهما إلى أن فني ذلك النذر اليسير الذي خلفه لهما أبوهما، وتعذر على الوصي القيام بقوتهما فقال لهما: ( اعلما أني أنفقت عليكما ما كان لكما، وأنا رجل من الفقر والتجريد بحيث لا مال لي فأواسيكما به، و أصلح ما أرى لكما أن تلجآ إلى مدرسة – كأنكما من طلبة العلم – فيحصل لكما قوت يعينكما على وقتكما، ففعلا ذلك، وكان الغزالي يحكي عن هذا ويقول: ( طلبنا العلم لغير الله فأبى أن يكون إلا لله ) ([13]).

ثم إن الغزالي قرأ طرفاً من الفقه ببلده على أبي حامد أحمد بن محمد الطوسي الراذكاني([14]).

ودفعته همته العالية إلى طلب العلم في آفاق أوسع فسافر إلى جرجان، وهناك تتلمذ على أبي القاسم إسماعيل بن مسعدة الإسماعيلي وعلق عنه (التعليقة) ثم عاد إلى طوس وفي طريق العودة قطع عليه الطريق.

يقول الإمام أسعد الميهني: فسمعته يقول: قطعت علينا الطريق وأخذ العيارون جميع ما معي ومضوا، فتبعتهم، فالتفت إلى مقدمهم وقال: ارجع ويحك وإلا هلكت.

فقلت له: أسألك بالذي ترجو السلامة منه أن ترد علي تعليقتي فقط، فما هي بشيء تنتفعون به؟ .

فقال لي : وما هي تعليقتك ؟

فقلت: كتب في تلك المخلاة، هاجرت لسماعها وكتابتها ومعرفة علمها، فضحك وقال: كيف تدعي أنك عرفت علمها، وقد أخذناها منك فتجردت من معرفتها، وبقيت بلا علم، ثم أمر بعض أصحابه فسلم إلى المخلاة.

قال الغزالي: فقلت هذا مستنطق أنطقه الله ليرشدني به في أمري، فلما وافيت طوس، أقبلت على الاشتغال ثلاث سنين، حتى حفظت جميع ما علقته، وصرت بحيث لو قطع علي الطريق لم أتجرد من علمي ([15]).

ثانياً: مرحلة تلمذته على الإمام الجويني مجدد المذهب الأشعري:

ولم تقف طموحات الغزالي العملية، عندما حصله، فسافر إلى نيسابور، وهناك تتلمذ على إمام الحرمين الجويني ولازمه، وجد واجتهد حتى برع في المذهب والخلاف والجدل، والأصلين والمنطق وقرأ الحكمة والفلسفة، و أحكم كل ذلك، وفهم كلام أرباب هذه العلوم، وصنف في كل فن من هذه العلوم كتباً أحسن تأليفها وأجاد وضعها.

قال إمام الحرمين يصف تلامذته: ( الغزالي بحر مغدق، وإلكيا أسد مخرق، والخوافي نار تحرق ).

واستمر الغزالي ملازماً لإمام الحرمين حتى مات سنة 478هـ ([16]).

يقول الدكتور ماجد عرسان الكيلاني: ( والتحاق الغزالي بإمام الحرمين لا يمكن فصله عن طبيعة الغزالي نفسه وعن التيارات الفكرية آنذاك، فإمام الحرمين أشعري شافعي، والأشاعرة كانوا يتصدرون الاتجاهات الفكرية، ولذلك كانوا أكثر جاذبية لنفس الغزالي الشاب، ولعقله المتطلع إلى المعرفة والانتماء ) ([17]) .

ثالثاً: مرحلة خروجه من بغداد بعد أزمته الروحية التي تعرض لها (488هـ).

ثم إن الغزالي بعدما علا صيته في بغداد وبزَّ الأقران وصار مطمع طلاب العلم، وملجأ أهل السنة في رد ضلالات الفلاسفة الباطنية، عزف عن الدنيا وأبهتها وخرج من بغداد سنة 488هـ إلى الحج بعد أن استناب أخاه في التدريس ([18]).

ثم دخل دمشق سنة 489هـ، فأقام بها أياماً، ومن ثم توجه إلى بيت المقدس فجاور به مدة، ثم عاد إلى دمشق واعتكف بالمنارة الغربية من الجامع،وبها كانت إقامته، فقام بالشام مدة، وهو معتكف على العبادة، وألف في هذه المرحلة (إحياء علوم الدين ) و(الأربعين في أصول الدين) ([19]).

و أما مدة إقامته في دمشق فقد قال في المنقذ من الضلال: ( ثم دخلت الشام و أقمت فيها قريباً من سنتين ) ([20]).

ثم قال: ( ثم رحلت منها إلى بيت المقدس، أدخل كل يوم الصخرة وأغلق بابها على نفسي ) ([21]).

ثم يقول: ( ودمت على ذلك مقدار عشر سنين ) ([22]).

أي متنقلاً بين دمشق والقدس والحجاز ومصر والإسكندرية وغيرها.

ثم ترك الغزالي دمشق و أخذ يجول في البلاد، فقصد مصر و أقام بالإسكندرية مدة، واصل بعدها تجواله.

والتقى الغزالي في دمشق الفقيه نصر ابن إبراهيم المقدسي سنة 489هـ و أخذ عنه ([23]).

رابعاً: عودة الغزالي من عزلته حتى وفاته:

وبعد عودته من دمشق اتجه إلى بغداد وعقد بها مجلس الوعظ وحدث بكتاب الإحياء، ثم رجع إلى مدينة طوس ولازم بيته ([24]).

قال في المنقذ من الضلال: ( ثم جذبتني الهمم، ودعوات الأطفال إلى الوطن، فعاودته بعد أن كنت أبعد الخلق إليه فآثرت العزلة به أيضاً حرصاً على الخلوة، وتصفية القلب للذكر ) ([25]).

ثم إن الوزير فخر الدين بن نظام الملك حضر إليه وطلب منه أن يدرس في نظامية نيسابور و ألح عليه حتى استجاب له، و أقام في التدريس([26]) مدة حتى اغتيل فخر الدين رحمه الله بيد باطني سنة (500)، فاعتزل الغزالي التدريس، و أقام في بلده طوس وبنى مدرسة وزاوية بجوار بيته، وعكف على التعليم والتربية ([27])، ولما استوزر السلطان محمد بن ملك شاه أحمد بن نظام الملك سنة (500هـ )، طلب الوزير من الغزالي الرجوع إلى بغداد وكان محله في المدرسة النظامية لم يسده من يماثل الغزالي وكتب الوزير قوام الدين بن نظام الملك، رسالة للغزالي يبين فيها حرص الخليفة على رجوع الغزالي إليها، ولكنه اعتذر.

وبقي في طوس يدرس ويفيد ويربي الطالبين ([28]).

و ألف في هذه المرحلة كتابه المستصفى سنة (504هـ ) .

وفاة الغزالي: وفي آخر أيامه رحمه الله وزع أوقاته بين ختم قرآن ومجالسة أهل القلوب، والعقود للتدريس، بحيث لا تخلو لحظة من لحظاته ولحظات من معه عن فائدة ([29]) ، حتى وافته المنية حيث انتقل الغزالي إلى رحمته تعالى يوم الإثنين الرابع عشر من جمادى الآخرة سنة خمس وخمسمائة، ودفن بظاهر قصبة طابران .

وقد حكى ابن الجوزي عن أخيه أحمد في قصة وفاته:

قال: ( لما كان يوم الإثنين وقت الصبح، توضأ أخي وصلى وقال: علي بالكفن فأخذه وقبله ووضعه على عينيه وقال سمعاً وطاعة للدخول على الملك، ثم مد رجليه، واستقبل القبلة، وانتقل إلى رضوان الله تعالى ) ([30]).

المطلب الثالث: مؤلفات الغزالي:

قسم الدكتور عبد الرحمن بدوي كتب الغزالي إلى سبعة أقسام وهي:

1- الكتب المقطوع بصحة نسبتها إلى الغزالي.

2- كتب يدور الشك في صحة نسبتها إليه.

3- كتب من المرجح أنها ليست له.

4- كتب أفردت بعناوين مستقلة، وكتب وردت بعناوين متغيرة.

5- كتب منحولة.

6- كتب مجهولة الحقيقة.

7- مخطوطات موجودة ومنسوبة إلى الغزالي ([31]).

وسأذكر بإيجاز كتب الغزالي المقطوع بصحة نسبتها إليه مرتبة حسب العلم الذي ألفت فيه مع ذكر المطبوع منها والمخطوط والمفقود:

1- في الفقه:

– البسيط في المذهب أو البسيط في الفروع وهو تصنيف في مذهب الشافعي وما يزال مخطوطاً .

– الوسيط في المذهب أو الوسيط المحيط بآثار البسيط وهو خلاصة البسيط ( مطبوع بتحقيق أحمد محمود إبراهيم ومحمد تامر، دار السـلام

/ القاهرة / 1997م )

– الوجيز في الفقه ( مطبوع بتحقيق علي معوض وعادل عبد الموجـود

/ دار الأرقم / 1997م ).

– خلاصة المختصر ونقاوة المعتصر ( مخطوط ) .

– غاية الغور في مسائل الدور / ألفه في المسألة السريجية على عدم وقوع الطلاق / (مخطوط ) .

3- في الفلسفة والمنطق والكلام والعقيدة:

– مقاصد الفلاسفة / محمود بيجو / دار التقوى / دمشق / ط1 / 2000م .

– تهافت الفلاسفة / محمود بيجو / دار التقوى / دمشق / ط1 / 2000م .

– المنقذ من الضلال / د . جميل صليبا و د. كامل عياد / دار الأندلس / بيروت / ط7 .

– الاقتصاد في الاعتقاد / علاء الدين الحموي / دار أفنان / دمشق .

– فيصل التفرقة بين الإسلام والزندقة / أحمد شوحان / مكتبة التراث / دير الزور / 1984م ).

– قواعد العقائد أو الرسالة القدسية في العقائد ( وهي قسم من الإحياء).

– كيمياء السعادة / أحمد شوحان / مكتبة التراث / 1994م.

– المقاصد الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى / محمود بيجو / مطبعة الصباح / دمشق /ط1 / 1999م .

– الأربعين في أصول الدين / محمود بيجو / دار البلخي / دمشق .

– معارج القدس في معرفة النفس ( قانون التأويل ) / محمد أبو العلا / مكتبة الجندي / القاهرة / 1968م.

– معيار العلم في فن المنطق / مكتبة الهلال / بيروت / 1993م .

– محك النظر في المنطق / رفيق العجم / دار الفكر اللبناني / بيروت / 1994م .

– القسطاس المستقيم / أحمد شوحان / مكتبة التراث / 1993م .

– إلجام العوام عن علم الكلام / أحمد شوحان / مكتبة التراث / 1994م.

– جواهر القرآن/ المركز العربي للكتاب / دمشق .

– وهناك من يشكك في نسبة بعضها إليه.

– القانون الكلي في التأويل / أحمد شوحان/ مكتبة التراث / 1993م .

– الدرج المرقوم بالجداول ( مفقود )

– المنتخل في علم الجدل ( لم أجده )

– الحكمة في مخلوقات الله/ رشيد ناجي الحسن / مطبعة اليمامة / حمص

4- في التصوف والأخلاق والتربية:

– إحياء علوم الدين / سيد عمران / دار الحديث / القاهرة 2004م .

– منهاج العابدين / عبد العزيز السيروان / مؤسسة السيروان /دمشق / 1996م .

– بداية الهداية / أحمد شوحان / مكتبة التراث / 1994م.

– ميزان العمل / د.سليمان دنيا / دار المعارف / القاهرة / 1964م.

– معراج السالكين/ دار الكتب العلمية / بيروت / 1986.

– أيها الولد / أحمد شوحان / مكتبة التراث / 1994م.

– التبر المسبوك في نصيحة الملوك / المركز الثقافي للبحوث /بيروت/ 1987م ).

5- في الأديان والفرق:

– القول الجميل في الرد على من غير الإنجيل.

– الرد الجميل على الإلهية عيسى بصريح الإنجيل / محمد عبد الله الشرقاوي / دار الهداية / القاهرة / 1996م.

– مفصل الخلاف ( مفقود ).

– المستظهري ( فضائح الباطنية وفضائل المستظهرية ) / د. عبد الرحمن بدوي / الدار القومية / القاهرة / 1964م.

– قواصم الباطنية ( مفقود ).

6- في التفسير :

– تفسير ياقوت التأويل في تفسير التنزيل ( مفقود ).

7- في علم الخلاف وطرق المناظرة:

– مآخذ الخلاف ( مفقود ).

– لباب النظر ( مفقود ).

– تحصين المآخذ ( مفقود ).

– المبادئ والغايات ( مفقود ).[32]

المبحث الثاني: مفهوم الأخلاق عند الغزالي :

تأثرت كتابات الغزالي الأخلاقية ومفهومه للأخلاق بالحياة والنشأة التي نشأ بها الغزالي، ولا سيما أنه كتب معظم كتبه بعد مرضه، واضطراره مفارقة العراق ثم عودته إلى الحجاز حاجاً ثم في نهاية المطاف استقر به المقام في طوس حيث لازم بيته هناك إلى أن توفي، وفي هذه العزلة كتب ما كتب في الأخلاق وتأثرت كتاباته الأخلاقية بأمور منها([33]):

  1. ما ورثه عن أبيه من نزعته الصوفية.
  2. عشر سنين مضاها في العزلة، لها ما لها من الأثر في تكوين نفسه وتكييف مزاجه، والتأثير في كتبه.

ويعرف الغزالي الخلق بأنه: “هيئة راسخة في النفس تصدر عنها الأفعال بسهولة ويسر من غير حاجة إلى فكر ورويّة فإن كانت الهيئة بحيث تصدر عنها الأفعال الجميلة المحمودة عقلا وشرعا سميت تلك الهيئة خلقاً حسناً ، وإن كان الصادر عنها تلك الأفعال القبيحة سميت الهيئة التي هي المصدر خلقا سيئاً “([34]).

ومن خلال هذا التعريف نجد أن الغزالي قد وضع مقياساً أخلاقيا هو الشرع والعقل ، حيث اعتبرهما الميزان الذى يزن به العبد أخلاقه ، فإذا طابقت أخلاقه ما أمر به الشرع وما وافق العقل السليم فقد سار الإنسان على طريق الخير والاستقامة وما خالفهما من أفعال يعتبر انحطاطا ونقصاً .

ويرى الغزالي أن حسن الخلق لا يتحقق به الإنسان إلا عندما “يزيل جميع العادات السيئة التي عرف الشرع تفاصيلها، ويجعلها بحيث ينفضها فيتجنبها كما يتجنب المستقذرات، وأن يتعود العادات الحسنة ويشتاق إليها فيؤثرها ويتنعم بها”[35].

فالغزالي يميز بين الخلق كسجية وطبع وبين حسن الخلق، حيث يذكر في الإحياء أن “الخلق ليس هو فعل الجميل أو القبيح، ولا القدرة على فعل الجميل أو القبيح، ولا التمييز بين الجميل والقبيح، وإنما هو الهيئة التي بها تستعد النفس لأن يصدر عنها الإمساك والبذل، فالخلق عنده محمود ومذموم، لكن حسن الخلق هو تجنب العادات السيئة والاشتياق إلى العادات الحسنة وتفضيلها على العادات السيئة.

وهو يعبر عن هذا بقوله :

” وأما حسن الخلق بأن يزيل جميع العادات السيئة التي عرف الشرع تفصيلها ، ويجعلها بحيث يبغضها فيتجنبها كما يتجنب المستقذرات وأن يتعود العادات الحسنة فيشتاق إليها ويؤثرها ويتنعم بها ” [36]

وهذا يبين أن الخلق عند الغزالي له جانب فطري جبلي، وجانب مكتسب يمكن تربيته، بمعنى أن الخلق له وسائله وأساليبه، ويحتاج إلى مجاهدة وتدريب،

وفى موضع آخر يوضح الغزالي المقصود بحسن الخلق بقوله :

“»ﻓﺎﻟﺧﻠق إذن ﻋﺑﺎرة ﻋن ﻫﯾﺋﺔ اﻟﻧﻔس وﺻورﺗﻬﺎ اﻟﺑﺎطﻧﯾﺔ، وﻛﻣﺎ أن ﺣﺳن اﻟﺻورة اﻟظﺎﻫرة ﻣطﻠﻘﺎ ﻻ ﯾﺗم ﺑﺣﺳن اﻟﻌﯾﻧﯾن دون اﻷﻧف واﻟﻔم واﻟﺧد ﺑل ﻻ ﺑد ﻣن ﺣﺳن اﻟﺟﻣﯾﻊ ﻟﯾﺗم ﺣﺳن اﻟظﺎﻫر، ﻓﻛذاﻟك ﻓﻲ اﻟﺑﺎطن أرﺑﻌﺔ أرﻛﺎن لا بد ﻣن اﻟﺣﺳن ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻌﻬﺎ ﺣﺗﻰ ﯾﺗم ﺣﺳن اﻟﺧﻠق، ﻓﺈذا اﺳﺗوت اﻷرﻛﺎن اﻷرﺑﻌﺔ واﻋﺗدﻟت وﺗﻧﺎﺳب ﺣﺻل ﺣﺳن اﻟﺧﻠق وﻫو ﻗوة اﻟﻌﻠم وﻗوة اﻟﻐﺿب، وﻗوة اﻟﺷﻬوة، وقوة العدل بين هذه القوى الثلاث “[37]

وحتى يتحقق ويكتمل وصف الإنسان بحسن الخلق لا بد كما ذكر الغزالي أن يكون الإنسان مقتدياً بخلق سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم ، حيث يرى الغزالي أن ” الخلق الحسن ﺻﻔﺔ ﺳﯾد اﻟﻣرﺳﻠﯾن وأﻓﺿل أﻋﻣﺎل اﻟﺻدﯾﻘﯾن، وﻫو ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺣﻘﯾق ﺷطر اﻟدﯾن وﺛﻣرة ﻣﺟﺎﻫدة اﻟﻣﺗﻘﯾن، ورﯾﺎﺿﺔ اﻟﻣﺗﻌﺑدﯾن ، واﻷﺧﻼق اﻟﺳﯾﺋﺔ ﻫﻲ اﻟﺳﻣوم اﻟﻘﺎﺗﻠﺔ واﻟﻣﻬﻠﻛﺎت اﻟداﻣﻐﺔ، واﻟﻣﺧﺎزي اﻟﻔﺎﺿﺣﺔ واﻟرذاﺋل اﻟواﺿﺣﺔ واﻟﺧﺑﺎﺋث أﺑﻌدﻩ ﻋن ﺟوار رب اﻟﻌﺎﻟﻣﯾن، اﻟﻣﻧﺧرطﺔ ﺑﺻﺎﺣﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﺳﻠك اﻟﺷﯾﺎطﯾن “[38]

“ومن هنا يمكن أن نلاحظ النزعة الصوفية عند الغزالي في مسألة المجاهدات وما لها من أثر في تقويم السلوك والأخلاق

المبحث الثالث: وسائل التربية الأخلاقية عند الغزالي ومراحلها:

ليس للغزالي رأي محدد في الفطرة البشرية فهو تارة يراها خالصة تصلح لكل نقش وصورة، بمعنى أو الأخلاق مكتسبة، فيقول:

“والطفل أمانة عند والديه وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة ساذجة خالية من كل نقش وصورة””[39] فالغزالي يرى أن النفس البشرية ليست خيرة في ذاتها، ولا هي أميل إلى الشر، فهي خالصة تصلح لأن ينقش عليها الخير أو الشر ففي النفس البشرية استعداد لفعل الخير وفعل الشر، بمعنى أنها ليست خيرة وليست شريرة بالطبع، فهي صالحة للأمرين معاً، ويؤكد الغزالي ذلك بقوله: “وإنما يترجح أحد الجانبين بإتباع الهوى والإنكباب على الشهوات، والإعراض عنها ومخالفتها، فإن اتبع الإنسان الهوى، وغلبت الشهوات عليه صار سيء الخلق، وإن جاهد هواه وقاوم شهوته صار حسن الخلق”.[40]

وقد أشار القرآن الكريم إلى أن السلوك الإنساني قابل للتشكيل والتعديل، فالفرد يمكن تربيته أخلاقياً وتعديل سلوكه غير المرغوب وتعزيز السلوك المرغوب فيه، بدليل أن الإسلام فتح باب التوبة للنادمين، ومنح الفرصة للعاصين للعودة إلى شرع الله، ولو لم تكن الأخلاق قابلة للتغيير والتبديل، ولا تخضع للتأديب والتهذيب لبطلت الكثير من المواعظ والوصايا والأوامر والنواهي ولما أصبح معنى لكثير من دعوات الإسلام إلى حسن الخلق، حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: “ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن”[41]وقوله صلى الله عليه وسلم: “أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً”[42]. وهذا يؤكد أن التربية الأخلاقية ممكنة من خلال تكوين استعداد تام للالتزام بالأخلاق الفاضلة، لأن جانباً منها مكتسب، ومن هنا يمكن القول بأن التربية الأخلاقية عند الغزالي تتمثل بالجانب العملي وهو محو الصفات الرديئة من النفس وتطهيرها منها، مع مجاهدة النفس لغرس الصفات الفاضلة وتثبيتها فيها، وأهم وسائل التربية الأخلاقية عند الغزالي:

1.تربية الإرادة: يرى الغزالي أن أهم وسائل التربية الأخلاقية تربية الإرادة وسماها أحياناً بالمجاهدة والرياضة، حيث يقول :

إن “المانع من الوصول إلى عدم السلوك والمانع من السلوك عدم الإرادة والمانع من الإرادة عدم الإيمان([43]

ويقول: “منتهى الرياضة أن يجد قلبه مع الله تعالى على الدوام، ولا يمكن ذلك إلا بأن يخلو عن غيره ولا يخلو عن غيره إلا بطول المجاهدة وقد ركز الإمام الغزالي على أسلوب المجاهدة لأنه يساعد النفس الإنسانية على الارتقاء من مرتبة النفس الأمارة بالسوء إلى مرتبة النفس الراضية[44]، فالخلوة في نظر الغزالي تربي الإرادة إضافة إلى التدريب والمران ففي حين يؤكد الغزالي[45]: أن حسن الخلق يحصل من خلال الجود الإلهي والكمال الفطري بحيث يولد الإنسان كامل العقل حسن الخلق، ولا يبعد أن يكون في الطبع، والفطرة ما قد ينال بالاكتساب، ويحصل ذلك بالاعتياد، واكتساب هذه الأخلاق بالمجاهدة والرياضة، فمثلاً من أراد لنفسه خلق الجود فطريقه أن يتكلف تعاطي فعل الجواد وهو بذل المال، حتى يصير ذلك طبعاً له، وجميع الأخلاق المحمودة شرعاً تحصل بهذا الطريق.

  1. صحبة الأخيار: يرى الغزالي أن من وسائل تربية الخلق والإرادة ليحصل الاعتياد على الخلق “مخالطة المتخلقين بهذه الأخلاق[46]. ونحن نعلم أن الصحبة لها أثرها في النفس الإنسانية، فالمرء على دين خليله، وكل قرين بالمقارن يقتدي.
  2. التعلم: بما أن جانباً من الأخلاق من مكتسب فمعنى ذلك أن جانب التدريب ممكن، وهذا ما يراه الغزالي فيقول: “ولا يبعد أن يكون في الطبع والفطرة ما قد ينال بالاكتساب وربما يُحَّصل بالتعلم” ويرى ان المعرفة تتم بطريقين: التعلم المعهود والتعلم الرباني [47]. ومن هنا يمكن اعتبار أن التربية الأخلاقية هي: عملية التعريف بالمبادئ الأخلاقية نظرياً، والتدريب عليها عملياً بوسائل مختلفة.
  3. مراعاة الاستعدادات والميول للتربية الأخلاقية: فالنفوس تتفاوت في استعداداتها لاكتساب الأخلاق، وهو ما يسمى بمبدأ الفروق الفردية والذي يعرف بأنه “انحرافات فردية عن المتوسط الجماعي في الصفات المختلفة جسمية كانت أو عقلية أو نفسية، وقد يكون مدى هذه الفروق كبيراً أو صغيراً[48]، ونجد هذا المعيار التربوي بصورة واضحة ودقيقة لدى الإمام الغزالي[49]، حيث يشبه عمل المربي بعمل الطبيب، من حيث إن الطبيب يحتاج إلى معيار لمعرفة مقدار العلاج اللازم لكل واحد من المرضى، على حسب طبيعة مرضه، فإن المربي كذلك لا بد أن يكون له معيار لتربية الناس المختلفين “خلقاً” وهذا يقتضي من ناحية أخرى مراعاة استعداد المتعلم عند تدريب على الأعمال الأخلاقية، وهذا يتطلب تحديد الوسيلة وفقاً لاستعداداته، لأن الوسيلة التي تستخدم في التربية إذ تطلبت عملاً فوق طاقته فإنها لا تفيده، بل تجعله يكره العمل الأخلاقي، ومن ثم يكره الفضيلة بكاملها.
  4. الالتزام بالسلوك الأخلاقي الكامل: بمعنى المجاهدة والتدرب للالتزام بالسلوك الخير حباً في الخير، وفي هذا يقول الغزالي: “فبماذا أعلم أن الحاصل هو الخلق الجميل… فطريقك أن تنظر في الأفعال التي يوحيها ذلك الخلق الذي فيه مجاهدتك، فإذا التذذت بفعله فاعلم أن الخلق الموجب له راسخ في نفسك[50]. ويذكر الغزالي في مواضع أخرى بأن علامة اكتمال التربية الأخلاقية هي أن تصير الأخلاق طبعاً له فتصدر عنه بسهولة ويسر، دون روية وفكر، وأن يصير السلوك الأخلاقي محبباً له، وأن يتنغم به، ويكره الأفعال القبيحة”[51].

ولهذا كان من هديه صلى الله عليه وسلم الاستمرار بعمل الخير، ولما سئلت عائشة رضي الله عنها أي العمل كان أحب إلى النبي صلى الله عليه وسلم قالت: الدائم”([52].

  1. القياس بالمردود الأخلاقي الواقعي النفسي: ذلك أن الناس ليسوا متساوين في علو الهمة، وفي تقدير الواجبات وتقديسها، فمنهم من لا يعمل ولا يؤدي الواجبات، ولا يترك المعاصي إلا لكسب ثواب أو لتجنب عقاب، فإذا كان ذلك مرتبطاً برجاء الثواب من الله، والخوف من عقابه لا من غيره فهو مقبول؛ لأن الله تعالى مدح أنبياءه بقوله: اسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىٰ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ [الأنبياء: 90].
  2. والمغزى التربوي هنا هو أننا نرغب الناس في الأعمال الصالحة، ونكرّه إليهم المعاصي، بحسب مستواهم واستعداداتهم النفسية، فمن يريد أن يفعل هذا أو ذاك لنيل ثواب أو خوفاً من عقاب نشجّعه على ذلك، ومن يعمل الأعمال الصالحة ويترك المعاصي تقديساً لله، بتقديس أوامره لا لشيء آخر، نرغبه ونشجّعه على ذلك، لأن ذلك يُعدّ أقوى دافع إلى التمسك بالفضائل وأقوى زاجر عن الرذائل.

المبحث الرابع: مراحل التربية الأخلاقية عند الغزالي وتطبيقاتها المعاصرة:

يظهر المغزى التربوي لتلك المعايير إذا أخذنا بعين الاعتبار مراحل التربية الأخلاقية وفقاً لمراحل النمو ، ويشير الإمام الغزالي([53]. إلى قيمة هذا التفاوت من الناحية التربوية قائلاً: “وهذا التفاوت يعهد لكل شخص من صباه إلى كبره، إذ هو في بدء صباه لا يمكن زجره وحثه بالحمد والذم، بل بمطعوم حاضر أو ضرب ناجز يحسّ به، فإذا صار مميزاً مقارباً للبلوغ أمكن زجره وحثه بالمحمدة والمذمة، فطريق زجره مذمة المزجور عنه، وتقبيح حال متعاطيه، وطريق ترغيبه في تعلم الأدب وغيره بكثرة الثناء على آتيه، وكثرة الذم لمجتنبه، فيؤثر ذلك تأثيراً ظاهراً، وأكثر الخَلْق لا يتجاوزون هاتين المرتبتين إلى المرتبة الثالثة التي هي العزيز الفذ رتبة من لا يبتغي إلا التقرب إلى الله، وطلب مرضاته، وابتغاء وجهه”.

ويُستنتج من كلام الغزالي أن هناك ثلاث مراحل للنمو الأخلاقي:

1. المرحلة المادية الحسيّة: وتمتد هذه المرحلة من فترة الطفولة المبكرة، وجزءاً من المرحلة الأساسية الدنيا إلى سنّ التمييز، حيث تتكوّن لديه المبادئ الأخلاقية بالثواب والعقاب الماديين، لأن الطفل في هذه المرحلة لا يستطيع فهم المعاني المجرّدة، فلا بد من ربط الثواب والعقاب بشيء حسّي ملموس.

2. المرحلة المعنوية العقلية: وتمتد من مرحلة ما قبل البلوغ قليلاً، فتدخل فيها المرحلة الأساسية العليا والثانوية، وقد تمتد طويلاً، حيث يصبح الفرد في هذه المرحلة قادراً على فهم المعاني المجردة دون ربطها بمعايير مادية، فيتربّى خُلقياً بمعاني المدح والذم، وبذلك يمكن تعديل السلوك بالتعزيز المعنوي.

3. المرحلة المثالية: وهي مرحلة تقديس الأوامر والنواهي الأخلاقية، وربطها برضا الله تعالى، وابتغاء مرضاته، وهذه المرحلة قلما يصل إليها أحد، وهذه المرحلة قد تتداخل زمنياً مع المرحلة التي قبلها حيث تمتد من مرحلة البلوغ والرشد إلى ما بعدها، فقد يصل متعلم في المرحلة الأساسية العليا أو الثانوية إلى مرحلة مراقبة الله تعالى في السرّ والعلن.

وقد قسّم بعض المربين النمو الأخلاقي إلى ثلاث مراحل([54]:

1. المرحلة الظاهرية الانقيادية: وتستغرق فترة ما قبل المدرسة، وجزءاً من المرحلة الأساسية (سن العاشرة وما قبلها) والتحديد الزمني تحديد تقريبي؛ وذلك لعامل الفروق الفردية، ولتداخل وتفاعل مراحل النمو الخلقي مع بعضها، بحيث يصبح من الصعوبة بمكان الفصل الحدي بين مرحلة وأخرى.

ويتجه الطفل في هذه المرحلة إلى السلوك الشكلي الذي لا عمق فيه أو يكون متأثراً بالمردود المادي والمظاهر والهيئات الشكلية، وتثبت الأخلاق عن طريق تكوين العادة، والتعامل بمبادئ الثواب والعقاب، والتلقين والتأثير العاطفي المادي، ولا يلتزم الطفل بالأخلاق التي تعلّمها التزاماً تاماً، بل إنه يغفل عنها وينسى ويتراخى، وبوجه خاص عند غياب الرقيب.

2. المرحلة الاقتناعية الانقيادية: وتستغرق هذه المرحلة نهاية المرحلة الأساسية، وكامل المرحلة المتوسطة (الأساسية العليا)، وقد تدخل إلى جزء من المرحلة الثانوية (من سن الحادية عشرة إلى الخامسة عشرة) مع مراعاة عامل الفروق الفردية، ويبدأ الفرد بالربط بين المنحى الخُلقي والعاطفي والحكمة منه في هذه المرحلة، ويأخذ بُعداً باطناً، وجذوراً داخلية، حيث تبدأ مرحلة الوعي الحقيقي بالمعاني الأخلاقية، والتعليلات النفسية والاجتماعية للضوابط والأخلاق والاتجاهات، والعادات القريبة من الضبط والالتزام الخُلقي، كما يبدأ بالتفكير في قيمة الأشياء في

ذاتها، وبآثارها البعيدة وعواقبها المعنوية.

ويتم تثبيت الأخلاق عن طريق الحوار والمناقشة العقلية، وعرض مبررات وأبعاد الأخلاق، والأنظمة المراد إكسابها.

ويكون الفرد قادراً على الاقتناع، وحدوث الرضا الداخلي لديه، وتكون النتيجة تحمله مسؤولية الالتزام والانضباط الداخلي، بحيث لا يقتصر أمر الرقابة على الرقابة الخارجية، وفي هذه المرحلة يقع التكليف الشرعي، ويصبح مخاطباً بالأوامر والنواهي والتوجيهات الشرعية، ومحاسباً عليها، وفق نظام الإسلام الخُلقي والسلوكي.

3. مرحلة الرقابة الذاتية: وتقع هذه المرحلة في سن الخامسة عشرة وما بعدها، وتقابل المرحلتين الثانوية والجامعية وما بعدها، حيث يكون الفرد في حالة تكامل لاستعداداته الجسمية والعقلية والنفسية، بحيث تستثمر في بناء المراقبة الذاتية في شخصية المراهق من فترة مبكرة، وفي هذه المرحلة يكون شعور الفرد بأهمية الالتزام الخُلقي أكثر عمقاً مما سبق، وتكتسب المبادئ الأخلاقية قيمة عظمى لدى الفرد، ويشعر بحساسية مرهفة نحو ما يقع به من سلوك وتصرفات وعلاقات، من حيث أهدافها وضوابطها وآثارها، وتحفز أي ممارسة بدوافع معنوية بعيدة، تحتوي على تصور واستحضار لعظمة الخالق، وأنه مطّلع عالم قريب حفيظ، ويكون السعي لرضا الله وطاعته من الغايات الأساسية الفاعلة والمؤثرة في اتجاهات المراهق الأخلاقية والسلوكية.

ويكون الشعور بالمسؤولية ذاتياً، فالمراقب الذاتي الداخلي المرتبط بالوعي بالنظام الخلقي، هو الذي يعمل على محاسبة النفس، بحيث يحسب الفرد لكل صغيرة وكبيرة، ويكون موجهاً بذلك المراقب الذاتي، وتثبيت السلوك في هذه المرحلة يكون عن طريق أساليب متعددة أهمها: معرفة ضعف الإنسان وجهله، وقلة حيلته، وكثرة أخطائه، وتعدد أعدائه، وقصر عمره، ودنو أجله، وإظهار قوة الخالق، وإحاطته الشاملة، وسعة علمه واطلاعه، ومعيته لخلقه، ومحاسبته لهم.

وهذه المرحلة أرفع المراحل وأشملها وأعمقها، وفيها يتبوأ الفرد منزلة عالية، بحيث يكون مطمئناً في حياته، وقدوة في سلوكه واتجاهاته، ومؤثراً بأوامره وتوجيهاته، عميقاً في نظرته وآرائه.

أما كوهلبرج (Kohlberg) فقد قسّم مراحل النمو الخلقي إلى مستويات ثلاثة، ولكل مستوىً مرحلتان ([55]):

المستوى الأول: ما قبل العرف والقانون: ويكون عليه معظم الأطفال قبل سن التاسعة، وقليل من المراهقين، وفيه مرحلتان هما:

المرحلة الأولى: أخلاق ذات طابع خارجي والتوجه نحو الطاعة والعقاب، حيث لا يدرك الأطفال أن وجهات النظر تختلف، ويفترضون أن هناك وجهة نظر صحيحة واحدة هي التي تأتيهم من الخارج (السلطة).

المرحلة الثانية: الفردية والوسيلة وتبادل المنفعة، وفي هذه المرحلة يعرفون أن للناس اهتمامات مختلفة، ووجهات نظر مختلفة، وبينما يتغلبون على مركزية الذات، يبدأون في اعتبار كيف ينسق الأفراد اهتماماتهم في ظل المصالح المتبادلة.

المستوى الثاني: العرف والقانون: وهو المستوى الذي يكون عليه أغلب المراهقين والراشدين، وفيه مرحلتان هما:

المرحلة الثالثة: المسايرة القائمة على التوقعات المتبادلة، والعلاقات المشتركة، حيث يصبح الفرد مهتماً بمشاعر غيره، يعتقد أن الناس ينبغي أن يعيشوا لتحقيق توقعات الأسرة والمجتمع.

المرحلة الرابعة: النظام الاجتماعي والضمير، حيث يمتلك الفرد مفهوماً اجتماعياً أوسع، ويخضع للنظام القانوني، حيث إن احترام السلطة والقوانين والقيام بالواجبات تحقيقاً للنظام الاجتماعي.

المستوى الثالث: ما بعد العرف والقانون (المبادئ) وهو المستوى الذي يصل إليه قليل من الراشدين، حيث يأخذ الفرد نظرة أكثر مثالية حول كيف ينبغي أن ينسق الأفراد بين مصالحهم وفيه مرحلتان هما:

المرحلة الخامسة: العقد الاجتماعي والحقوق الفردية والمنافع، وتؤكد هذه المرحلة على اعتبار القيم والحقوق التي ينبغي أن يقوم المجتمع عليها.

المرحلة السادسة: المبادئ الأخلاقية العامة، حيث يأخذ كل الأطراف وجهات نظر الآخرين في اعتبارها تحقيقاً لمبدأ العدالة، وأن نتعامل مع مطالب كل إنسان بطريقة حيادية، محترمين كرامة كل إنسان كفرد.

أما نورمان ج. بل( Bill) فقد أتى بنظرية النمو الأخلاقي الشامل وتتكون من أربع مراحل وكل مرحلة منها كما يلي:[56]

المرحلة الأولى: مرحلة ما قبل القيم الأخلاقية: وفي هذه المرحلة يكون أبرز سمات السلوك فقدان القيم الأخلاقية لأنه قد يكون عديم الضمير فاقداً للقيم؛ إذ الضمير لا يولد مع الإنسان وإنما يتكون فيما بعد نتيجة ظروف وعلاقات خارجية، ولذلك يوجهه مشاعر الألم والسرور فما كان مؤلماً فهو سلوك سيء وما كان ساراً فهو سلوك حسن، فالطفل في هذه المرحلة يتصرف بدون قوانين ولا قواعد أخلاقية.

المرحلة الثانية: مرحلة القيم الأخلاقية الخارجية: وفي هذه المرحلة توجه السلوك عوامل العقاب والثواب، فما يعاقب الطفل عليه هو سيء وما يثاب عليه فهو حسن فالسلوك هنا مفروض على الطفل من الخارج وهذه المرحلة ليست هدفاً وإنما وسيلة لهدف يفرضه الكبار على الصغار بغية تعويدهم على السلوك الذي يراه الكبار حسنة وتنفيرهم مما يرونه سيئاً، وأبرز سمات السلوك في هذه المرحلة هو التبعية، والتبعية مرحلة ضرورية في حياة الطفل إذ من خلالها يتدرب على السلوك الحسن وعلى ضبط نوازع الخطأ، ولكنها يجب ألا تكون هدفاً بذاتها وإنما وسيلة مؤقتة لهدف تطوير القدرة على الضغط الذاتي.

المرحلة الثالثة: مرحلة القيم الخارجية/الداخلية: وفي هذه المرحلة توجه التقاليد الاجتماعية سلوك الطفل أو الناشئ، ويترجم هذا التوجيه عملياً بوسائل الثناء والذم، ومع أن هذه التقاليد عوامل خارجية إلا أن لها رصيداً قوياً في نفس الطفل وتفكيره، وأبرز سمات السلوك في هذه المرحلة التبادلية أي أن الطفل في هذه المرحلة يتبادل الأخذ والعطاء مع بيئته الاجتماعية وهي مرحلة يبدأ يتكون فيها الحس بالعدالة.

المرحلة الرابعة: مرحلة القيم الداخلية: وفي هذه المرحلة يتحرر فيها سلوك الناشئ من الضغوط الخارجية سواء أكانت مادية أو نفسية، ولذلك فأبرز سمة لهذا السلوك هو الاستقلالية، وأبرزها مظاهر الاستقلال العاطفي واستقلال الحكم على مظاهر السلوك أو الحكم الأخلاقي، وفي هذا المستوى ينضح ضمير الناشئ.

مدى تطابق نظريات التربية الأخلاقية المعاصرة مع فلسفة الغزالي الأخلاقية:

أولاً: التربية الأخلاقية تكون على مراحل: حيث أشار الغزالي إلى وجود مراحل وكل مرحلة لها أساليبها لغرس مبادئ التربية الأخلاقية، وهذا ما أكدت عليه النظريات الأخلاقية الغربية؛ حيث أشار كل من كوهلبرج((Kohlberg وبل( Bill) وبياجيه (Piaget) وفرويد إلى وجود مراحل للتربية الأخلاق([57])

ثانياً: استخدام مبدأ الثواب والعقاب في التربية الأخلاقية: وهذا ما أشار إليه الغزالي وهذا المبدأ نستخدمه مع الطفل منذ فترة الطفولة المبكرة لأن الطفل يعجز عن فهم المعاني المجردة، وهذا ما أشار إليه كوهلبرج بقوله عند المستوى الأولى وهو مستوى الأطفال قبل سن التاسعة حين وصف الأفعال بالصلاح والسوء والصواب والخطأ طبقاً لما تجلبه للطفل من متعة أو ألم، وبما تتسبب به من ثواب أو عقاب، وهذا ما أسماه بل (Bill) بمشاعر الألم والسرور في مرحلة ما قبل القيم الأخلاقية فتلك المشاعر هي التي توجه الطفل أخلاقياَ.

ثالثاً: الإشارة إلى مبدأ التدرج في التربية الأخلاقية: حيث لا يمكن الوصول إلى مرحلة تقديس الأوامر والنواهي دفعة واحدة بل لا بد من استخدام وسائل معينة تبعاً للمرحلة العمرية والفروق الفردية، وهذا ما أسماه كوهلبرج (Kohlberg)بالمبادئ الأخلاقية العامة وهي المرحلة النهائية للأخلاق يسبقها التوجه للالتزام الأخلاقي من خلال الثواب والعقاب، وتبادل المنفعة ثم الخضوع للأعراف الاجتماعية والقوانين إلى أن يصل إلى تلك المرحلة.

رابعاً: مبدأ الفروق الفردية في التربية الأخلاقية[58]([59]): حيث أن الغزالي أشار إلى أن أكثر الناس لا يتجاوزون المرحلتين الأولى والثانية وقليل يصل إلى المرحلة الثالثة، وهذا ما أشار إليه كوهلبرج بأن مستوى ما بعد العرف والقانون يصل إليه قليل من الراشدين[60]، وأشار (bill) أن مرحلة القيم الداخلية يتحرر فيها سلوك الناشئ من الضغوط الخارجية، فيستقل بالحكم الأخلاقي وهذا يختلف من فرد إلى آخر.

النتائج:

  1. إن الأخلاق لها جانب فطري جبلي طبيعي، ومعنى ذلك وجود فروق فردية في مستوى الأخلاق بين فرد وآخر، ولها جانب مكتسب لذا يمكن تربية الفرد خلقياً وتعديل سلوكه إلى الوجهة الأخلاقية المرادة.
  2. الأخلاق تستند إلى أساس عقدي أو فلسفي تنبثق عنه، وتكون أساساً لتصورات الفرد وتصرفاته، لذا قد تكون الأخلاق محمودة أو مذمومة، وهذا ما يؤكده الغزالي.
  3. هناك ارتباط بين الصوفية والأخلاق حيث يؤكد الصوفية أن التصوف ما هو إلا خلق، ومن هنا ظهرت النزعة الصوفية في كتابات الغزالي.
  4. هناك وسائل خاصة ومراحل أشار إليها الغزالي لتربية الأخلاق، وهذا ما تؤكده النظريات التربوية الأخلاقية المعاصرة.
  5. يمكن استفادة المربين من فلسفة الغزالي في التربية الأخلاقية، وتطبيقها في الوقت المعاصر من خلال المؤسسات التربوية المختلفة.

التوصيات:

    1. تضمين نظرية التربية الأخلاقية في المناهج الدراسية ولاسيما مناهج التربية الإسلامية
    2. إجراء دراسة مقارنة بين نظرية التربية الأخلاقية عند الغزالي كرؤية إسلامية للتربية وبين النظريات الغربية وكيف نظرت لتهذيب الأخلاق.
    3. إحياء الدراسات التراثية بشكل عام للإفادة من معطياتها في الواقع
    4. دراسة جوانب أخرى في فكر الإمام الغزالي لإعطاء فكرة متكاملة عن شخصيته

قائمة المصادر والمراجع:

المراجع العربية:

ابن مسكويه، تهذيب الأخلاق وتطهير الأعراق، دار الكتب العلمية،، بيروت، ط1،
1401هـ-1981.

ابن منظور، جمال الدين محمد بن مكرم، لسان العرب،دار صادر،، بيروت، د.ت.

البخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري يكتب كاملا، مكتبة الرشد ناشرون، ،الرياض، ط1، 1425هـ-2004م.

البريزات ،عبد الحفيظ احمد،نظرية التربية الاخلاقية عند الغزالي ،مطبعة الصفدي، ،عمان ،1984

بركة، عبد الفتاح عبد الله، في التصوف والأخلاق (دراسات ونصوص)، دار القلم، ،الكويت، ط1، 1403هـ- 1983م.

البغا، مصطفى، نظام الإسلام، المطبعة التعاونية، ،دمشق، د.ط، 1401هـ- 1981م

الترمذي، محمد بن عيسى، سنن الترمذي، تحقيق: أحمد محمد شاكر وأخرون، دار إحياء التراث العربي، ،بيروت، د.ت.

خيشة، عبد المقصود عبد الغني، تهذيب الأخلاق في الإسلام، دار الثقافة العربية، ،القاهرة، 1412هـ-1991م.

السلمي، أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين (ت 412هـ)، طبقات الصوفية، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، ،بيروت، ط2، 1424هـ-2003م.

السهروردي، عبد القاهر بن عبد الله (ت 563هـ)، عوارف المعارف، دار الكتاب العربي، ،بيروت، ط1، 1966م.

الصنيع، صالح بن إبراهيم، دراسات في علم النفس من منظور إسلامي، دار عالم الكتب،، الرياض، ط1، 1423هـ.

العراقي، سهام محمود، في التربية الأخلاقية مدخل لتطوير التربية الدينية، د.م، مكتبة المعارف الحديثة، د.ط، 1984م.

الغزالي، محمد بن محمد، إحياء علوم الدين، دار الندوة الجديدة، دار الحكمة، ،دمشق، بيروت 1407هـ- 1986م.

الغزالي، محمد بن محمد، الجواهر الغوالي من رسائل الإمام حجة الإمام الغزالي وتشتمل على سنة رسائل الأدب في الدين، فيصل التفرقة، القواعد العشرة، رسالة الطير، مشكاة الأنوار، الرسالة الوعظية، مكتبة الشرف الجديد، ،بغداد، د.ط، د.ت.

الغزالي، محمد بن محمد، ميزان العمل، دار الحكمة،، بيروت، 1407هـ1986م.

القشيري، أبو القاسم عبد الكريم النيسابوري (ت465هـ) الرسالة القشيرية في علم التصوف، تحقيق: معروف زربق، علي عبد الحميد بلطه جي، دار الجيل، ،بيروت، ط2، 1990م.

كرين، وليام، نظريات النمو مفاهيم وتطبيقات، ترجمة: محمد الأنصاري، الجمعية الكويتية لتقدم الطفولة العربية، ،الكويت، 1996م.

الكيلاني، ماجد عرسان، اتجاهات معاصرة في التربية الأخلاقية، دار البشير، ،عمان، 1412هـ-1992م، د.ط.

مبارك، زكي، الأخلاق عند الغزالي، منشورات المكتبة العصرية، ،بيروت، 1980م، د.ط.

محمود، حمدي شاكر، مبادئ في علم النفس النمو في الإسلام، دار الأندلس، ،السعودية، ط1، 1418هـ-1998م.

يالجن، مقداد، التربية الأخلاقية الإسلامية، دار عالم الكتب، ،الرياض، ط3، 1423هـ.

المراجع الأجنبية:

Aldridge, J. & Goldman, R., Current issues and trends in education. Boston: Allyn and Bacon, (2002).

Goldman, R., & Aldridge, J. (Eds.)., A little book on theories of development: Applying theories of development to inclusive classrooms. Birmingham: Seacoast Publishing, Inc, (2008).

Griffel, F., “Al-Ghazali”, The Stanford Encyclopedia of Philosophy. (Summer, 2013), 23-25

retrieved from

http://plato.stanford.edu/archives/sum2013/entries/al-ghazali

Kohlberg, L. “The Claim to Moral Adequacy of a Highest Stage of Moral Judgment”, Journal of Philosophy, (1973), 70(18), 630–646.

Piaget, J., The moral judgment of the child. The Free Press: New York. Power, (1965).

Thomas, R.M., Comparing theories of child development (6th Ed). Bedmont, CA: Thomson/Wadsworth, (2004).

Treiger, A., Inspired Knowledge in Islamic Thought. Al-Ghazâlî’s Theory of Mystical Cognition and its Avicennian Foundation, London and New York: Routledge, 2012

Shaffer, D.R., Social and personality development. Belmont, CA: Wadsworth, (2009), 99-101.

Margins:

  1. ()/ ابن خلكان – وفيات الأعيان -/تحقيق د. إحسان عباس / 4 / 216 / دار الثقافة / بيروت 1968م، وطبقات الشافعية الكبرى / السبكي / د. عبد الفتاح الطناحي / 6 / 191 / دار هجر للطباعة مدينة الجيزة / ط2 / 1992م.
  2. () الذهبي /سير أعلام النبلاء / شعيب الأرناؤوط / 19 / 343 / مؤسسة الرسالة / بيروت / ط9 1413هـ ، وطبقات الشافعية / ابن قاضي شهبة / 2 / 206 / عالم الكتب / بيروت / ط1 / 1407 هـ ، ووفيات الأعيان / 1 / 98 .
  3. ()، ياقوت الحموي / معجم البلدان /4/ 49/ دار الفكر / بيروت . .
  4. ()_علي معوض وعادل عبد الموجود ن/ مقدمة تحقيق كتاب الوجيز في الفقه / الإمام الغزالي / / دار الأرقم / بيروت /ط1 /1997.
  5. () هذا جزء من حديث أخرجه أحمد في مسند الأنصار / 22391/ترقيم إحياء التراث / والحديث بأكمله (( يا أيها الناس إن ربكم واحد ، وإن أباكم واحد ، ألا لافضل لعربي على أعجمي ، ولا لعجمي على عربي ، ولا لأحمر على أسود ، ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى )) .
  6. () الذهبي ، / سير أعلام النبلاء / 19 / 335.
  7. () طبقات الشافعية الكبرى / 6 / 194.
  8. () المصدر السابق / 4 / 91.
  9. () المصدر السابق / 6 / 195.
  10. () المصدر السابق / 6 / 196. وسير أعلام النبلاء / 19 / 335.
  11. () هكذا ظهر جيل صلاح الدين وهكذا عادت القدس / 102.
  12. () المصدر السابق / 6 / 197. البداية والنهاية / ابن كثير / 12 / 149.
  13. () المصدر السابق / 6 / 197.
  14. () المنقذ من الضلال / الإمام الغزالي /د. جميل صليبا و د . كامل عياد / 105/ ط7/ دار الأندلس / بيروت / 1967.
  15. () المصدر السابق / الإمام الغزالي / 105.
  16. () المصدر السابق / 106.
  17. () سير أعلام النبلاء / 19 / 139. وطبقات الشافعية الكبرى / 6 / 198.
  18. () طبقات الشافعية الكبرى / 6 / 200.
  19. () المنقذ من الضلال / 106.
  20. () طبقات الشافعية الكبرى / 6 / 208.
  21. () طبقات الشافية الكبرى / 6 / 200.
  22. () المصدر السابق / 6 / 28.
  23. () المصدر السابق / 6 / 213.
  24. () المصدر السابق / 6 / 201.
  25. () بدوى عبد الرحمن /مؤلفات الغزالي / دار القلم / بيروت / ط2 / 1977م .
  26. – بدوى عبد الرحمن / مؤلفات الغزالي / د . / دار القلم / بيروت / ط2 / 1977م .
  27. – مبارك زكى / الأخلاق عند الغزالي – بيروت / منشورات المكتبة العصرية 1980 م ص 47
  28. الغزالي، محمد بن محمد، إحياء علوم الدين، دمشق، بيروت، دار الندوة الجديدة، دار الحكمة، 1407هـ- 1986م، ج3/53
  29. الغزالي : ﻣﯾ ازن اﻟﻌﻣل، ﺗﺢقيق ﺳﻠﯾﻣﺎن دﻧﯾﺎ، دار اﻟﻣﻌﺎرف، ﻣﺻر، ط1، 1964م ص 47
  30. ، نفس المرجع ص.255
  31. اﻟﻐ زالى : إﺣﯾﺎء ﻋﻠوم اﻟدﯾن، ﺗﺢ قيق ﺑدوي ﺑطﺎﻧﺔ ،ج3، ص.53
  32. إحياء علوم الدين ج3، ص 49
  33. إحياء علوم الدين ج3 ص 72
  34. ( ) الغزالي، الإحياء، ج8/136
  35. الترمذي، محمد بن عيسى، سنن الترمذي، تحقيق: أحمد محمد شاكر وأخرون، بيروت، دار إحياء التراث العربي، د.ت، كتاب البر والصلة، باب ما جاء في حسن الخلق، ج4/362، وقال (حديث حسن صحيح).
  36. الترمذي، سنن الترمذي، كتاب الرضاع، باب ما جاء في حق الزوج على المرأة، ج3/466.
  37. الغزالي، الإحياء، ج3/75.
  38. البريزات- نظرية التربية الاخلاقية عند الغزالي،ص73
  39. الغزالي، الإحياء، ج3/58.
  40. الغزالي، الإحياء، ج3/58.
  41. البريزات، نظرية التربية الأخلاقية، ص/115.
  42. محمود، حمدي شاكر، مبادئ في علم النفس النمو في الإسلام، السعودية، دار الأندلس، ط1، 1418هـ-1998م، ص 38.
  43. الغزالي، الإحياء، ج3/61.
  44. الغزالي، ميزان العمل، ص 66.
  45. الغزالي، الإحياء، ج3/58-59.
  46. البخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري، الرياض، مكتبة الرشد ناشرون، ط1، 1425هـ-2004م، كتاب الرقاق، باب القصد والمداومة على العمل، ص 896.
  47. ميزان العمل، ص 82.
  48. الصنيع، دراسات في علم النفس من منظور إسلامي، ص 23-24.
  49. Kohlberg, The Claim to Moral Adequacy of a Highest Stage of Mora Judgment. Journal of Philosophy,1973, 70(18), 630–646l
  50. الكيلاني، ماجد عرسان، اتجاهات معاصرة في التربية الأخلاقية، عمان، دار البشير، 1412هـ-1992م، د.ط، ص 32-35.
  51. Aldridge, & Goldman, Current issues and trends in education, (2002), 55-95
  52. Shaffer, Social and personality development., (2009
  53. Goldman & Aldridge, A little book on theories of development: Applying