طبقة الفرسان والفروسية في أوروبا العصر الوسيط في ظل ‏النظام الإقطاعي‏

أ. نورا إبراهيم الدينالي1

1 جامعة بنغازي، ليبيا.

بريد الكتروني: aa24083@gmail.com

HNSJ, 2022, 3(2); https://doi.org/10.53796/hnsj3226

Download

تاريخ النشر: 01/02/2022م تاريخ القبول: 25/01/2022م

المستخلص

تماهت بعض فصول تاريخ أوروبا في العصور الوسطى مع بروز ظاهرة الفروسية والفرسان، المرتبطة بشكل وثيق بفكرة الطبقية الاجتماعية، حيث أفرز النظام الطبقي حالة من التناحر بين الطبقات، ما دعا إلى وجود طبقة تظهر بمظهر الحامية المدافعة عن الطبقات العليا، ومدافعة عن الملكيات، بالإضافة إلى انتحال فكرة الفروسية وتمجيدها من حضارات وشعوب أخرى.

وهذا البحث يعالج أهم المظاهر المصاحبة للفروسية في أوروبا العصور الوسطى، من حيث صفات أفرادها ونظام حياتهم، والاحوال المحيطة بها، من ظهورها التدريجي، إلى انضوائها تحت لواء الكنيسة واتخاذها مظهراً أقرب إلى الدين والدفاع عن ممتلكات الكنائس وطبقات المجتمع المسيحي الأرستقراطية.

Research title

The cavalry and equestrian class in medieval Europe under the feudal system

Nora Ibrahim Al-Dinali1

1 University of Benghazi, Libya.

Email: aa24083@gmail.com

HNSJ, 2022, 3(2); https://doi.org/10.53796/hnsj3226

Published at 01/02/2022 Accepted at 25/01/2021

Abstract

Most of the Middle Ages in Europe was marked by the emergence of the phenomenon of chivalry and knights, which is closely related to the idea of ​​social class, as the caste system produced a state of competition between classes, which called for existence, for a class that appears as a protector of the upper classes and a defender of monarchy, as well as impersonating and glorifying the idea of ​​chivalry from other civilizations and peoples.

This research deals with the most important aspects related to chivalry in medieval Europe, in terms of the characteristics of its members, their system of life, and the circumstances surrounding its gradual emergence, to subordination

under the banner of the church to be closer to religion, to defend the property‎ of churches and the aristocracy in the Christian community.

المقــــدمة: ‏

تألف المجتمع الأوروبي في العصور الوسطي من عدة طبقات متباينة: منها ‏طبقة رجال الدين وطبقة الفرسان والمحاربين وطبقة الفلاحين، ‏وكانت الطبقتان الأولي والثانية تمثلان الهيئة الحاكمة من وجهة ‏نظر السياسية والأرستقراطية من وجهة نظر الاجتماعية والفئة ‏الغنية من وجهة نظر الاقتصادية، وكانت لكل طبقة من هذه ‏الطبقات وظيفته المعروفة في المجتمع فرجال الدين كان عليهم ‏أن يتعبدوا ويشبعوا حاجة الناس الروحية والنبلاء والفرسان كان ‏عليهم أن يحاربوا، أما الفلاحون فكان عليهم أن يعملوا في ‏الأرض ليؤمنوا الحاجات المادية للطبقتين السابقتين . ‏

كانت طبقة النبلاء والفرسان عبارة عن (سلم اجتماعي) مؤلف من السادة ‏والأتباع، فالسيد الذي حاز إقطاعاً من الأرض يكون تابعاً لمالك كبير، وهذا المالك ‏يكون تابعاً لملك أكبر ربما يكون كونت، وقد يكون الكونت تابعاً لملك أكبر يكون ‏دوقاً مثلا، والدوق يكون تابعاً لملك الذي يكون أكبر الملاك في الدولة، وهكذا ‏يمكن تشبيه طبقة الفرسان بهرم يقف الملك في قمته في حين يبقي الفارس ‏والمحارب في قاعدته، وبين القمة والقاعدة سلسلة من السادة والاتباع، وطبقة الفرسان ‏وحياة الفروسية هي موضوع هذه الدراسة بعنوان ” طبقة الفرسان والفروسية في ظل ‏النظام الإقطاعي ” ‏

أهمية الدارسة:

‏ ترجع أهمية الدارسة إلى كون موضوع الفرسان والفروسية من ‏المواضيع التي تجمع مابين النظم العسكرية والاجتماعية، وبين ما هو اقتصادي واجتماعي.

الهدف من الدارسة:

تهدف الدراسة إلى ‏فهم تكوين ودور الطبقة الفرسان وحياة الفروسية في المجتمع الأوروبي الذي يعتبر ‏طبقة من طبقات المجتمع الثلاث في العصور الوسطي وهي : طبقة رجال الدين ‏وطبقة والفرسان وطبقة الأقنان والعبيد.

إشكالية الدارسة :

تكمن إشكالية الدراسة في محاولة الإجابة علي ‏الأسئلة الآتية :

_ ما مدي ارتباط النظام الإقطاعي بنظام الفروسية ؟

_ كيف نشأت طبقة ‏الفرسان ؟

_ ماهي خصائص هذه الطبقة وتقليدها وقوانينها ؟

_ كيف كانت الحياة ‏الاجتماعية للفرسان ؟

_ كيف أثرت الكنيسة علي حياة الفرسان ونظام الفروسية ؟ ‏ ‏

أسباب اختيار الموضوع :

كان الموضوع بالأساس من ضمن الموضوعات التي درستها الباحثة ضمن مفردات مادة ‏الفكر الاقتصادي والاجتماعي في أوروبا العصور الوسطي للعام الدراسي 2021م، لمرحلة ‏الدكتوارة، وتبين أن الموضوع يستحق البحث والتمحيص . ‏

المنهج المتبع في الدارسة :

ستعتمد الدراسة على المنهج التاريخي السردي، وبناء عليه فسيقسم ‏الموضوع إلي مقدمة وتمهيد وأربعة مباحث وخاتمة .

جاء التمهيد للتعريف بنظام ‏الاقطاعي ونشأته التاريخية، يتلوه المبحث الأول بعنوان: نشأة طبقة الفرسان والفروسية: ويتحدث هذا ‏المبحث عن مارحل أعداد الفارس والجذور التاريخية للنظام الفروسية، وواجبات ‏الفارس الأخلاقية نحو المجتمع . ‏

‏ والمبحث الثاني بعنوان: الحياة الاجتماعية للفرسان، ويتناول هذا المبحث ‏طعام الفرسان وشرابهم وملابس الفرسان وسلاح الفارس وعتاده، كما يتناول مساكن ‏وحصون الفرسان.

أما المبحث الثالث فبعنوان: أثر الكنيسة علي حياة الفروسية، ويتحدث هذا المبحث ‏عن الكنسية ‏وأثرها في المجتمع الاوربي، وسعيها إلى احتواء الفروسية بحكم مطالبتها ببسط حمايتها ‏علي وجوه النشاط الإنساني كافة، وعلي ما اصطلحوا على تسميته (هدنة الإله) أو(هدنة السلام) التي فرضتها الكنيسة ‏علي الفرسان، وتنتهي الدارسة بخاتمة أوردت أهم النتائج التي توصل إليه البحث، ثم ‏الملاحق وقائمة المصادر والمراجع . ‏‏

التمهيد : التعريف بالنظام الإقطاعي ونشأته :

أطلق الباحثون اسم النظام الإقطاعي علي النظام الاجتماعي والاقتصادي ‏والسياسي الذي ساد أوربا في العصور الوسطي([1])، وقد اختلف هذا النظام عن النظام الذي ‏ساد في العصور القديمة عن النظام الذي ساد في العصور الحديثة، إذ كان النظام ‏الاقطاعي نشأ وتطور في أوروبا الغربية، فهذا لا يمنع من وجود نظام أقطاعي في ‏مختلف أنحاء العالم يشبه النظام الاقطاعي في أوروبا الغربية في بعض وجوه، ‏ويختلف عنه في وجوه أخري.

ويرجع أساس النظام الإقطاعي في أوروبا في جذوره الأولى إلي ‏القرنين الثامن والتاسع الميلاديين وامتدد خلال القرن العاشر والحادي العشر، ورغم ‏وجهات المختلفة في تعريف الاقطاع إلا أنها تؤدي الي صياغة واحدة، وهي تجزئة ‏الملكية والسيادة لأن المتقاسمين الأمير وتابعه أو الملك وتابعه يعيشان كشركين، ‏ولا يمكن تصور وجود أحد الشريك دون الآخر ([2]). ‏

والنظام الإقطاعي عبارة عن طائفة من النظم فرضت علي الرجل الحر بالولاء والتبعية والخدمة([3])، لاسيما الخدمة الحربية، يؤديها لرجل حر آخر(السيد) ‏الذي يلتزم بحماية تابعه والإنفاق عليه، ويتطلب ذلك أن يعطي تابعه أرضاً، فسمي ‏ذلك العطاء بالإقطاع، وهذا المعني أكثر تحديدا من الأول، وكيفما كان الأمر ‏فالعناصر الواضحة في كلا المعنيين الاقطاعي تتمثل في ثلاثة: السيد، التابع ، ‏الأرض([4]). ‏

أما عن نشأة الإقطاع فلم يكن الإقطاع نظاماً في حد ذاته ، لكنه كان ‏بالأساس تصرفاً ذاتيـاً مـن قبـل أفـراد وقطاعات معينة؛ لتلبية الحاجات الضرورية ‏اللازمة للعيش، فكان الإقطاع بمثابة ظاهرة كونتهـا الظروف وشكلتها الأحداث، ثم ‏طورها رجال لهم قدرات ومهام مختلفة ومتعددة.

وكان من نتائج تهاوي المقاطعات الرومانية ‏في أيدي الغزاة أن أسرع الجميع إلى حماية ممتلكـاتهم الخاصـة للتصدي للغزاة ‏الذين وصلوا إلى روما، فاستشعر المواطنون في القرى بالخطر على مساكنهم ‏وحياتهم، حتـى مـسببات العـيش كالغذاء والمأوى والملبس تعرضت للشح والضياع ‏بسبب ذلك الغـزو، ومـن أجـل الحمايـة والعيش؛ تطورت المؤسسات الإقطاعية في ‏كثير من المناطق؛ لتلبية مطامح الناس في عيش آمن تحت حماية وأمن إقطاعي مقابل ‏‏خدمات تصل في درجتها إلى العبودية([5]). ‏

‏ وعندما نذكر النظام الإقطاعي فإننا دائما نشير إلى النظام الذي نشأ في ‏غرب أوروبا فـي العصور الوسطى ، ولقد ثار جدل عميق بين علماء التاريخ حول ‏تحديد أصول الإقطاع ، إلا إنهم لم يتفقوا صراحة على مدلولات مطابقة لجميع آر‏ائهم ، وذلك يبدو لسبب رئيس هـو أن شخـصية السيد أو المالك المحلي ظهرت في ‏أوروبا منذ القدم متمـثلاً فـي شخصية الرجل الغني بالمال والحرث والماشية، والحامي ‏لأرواح الناس، وقائد الجيش والقـابض على زمام الأمور كلها، فقد نمت بعض ‏الملكيات الجرمانية كالملكية الميروفنجية مثلاً في غرب أوروبـا نتيجـة لتأثر الجرمان بروح الاستقرار والنظريات الرومانية السائدة في البلاد التي اسـتقروا ‏فيهـا([6])، حيث لم يلبث ذلك الاستقرار الذي نعمت به القبائل الجرمانية غداة ‏اقتحامها العالم الرومـاني أن أثر بدوره في تنظيمها الاجتماعي، لأن اتساع رقعة ‏البلاد التي حكمها ملوك الجرمان مع انتـشار عوامل الفوضى التي سادت ذلك ‏العصر، أدت إلى إفلات الزمام من أيديهم تدريجياً([7]).

ويبدو أنه في الوقت الذي ‏هيأت بعض الظروف لملوك الجرمان قدراً متزايداً من السلطان والنفـوذ، اضـطر ‏أولئك الملوك تحت ضغط ظروف أخرى إلى التخلي عن تلك السلطة وذلك النفوذ ‏وتفويضها لمـن ينوب عنهم، فالعالم الروماني الجرماني عرف فكرة منح الأراضي للرجال الأحرار للانتفاع بها واستغلالها علي الأقل منذ القرن السابع ‏الميلادي، إلا أن جذور الاقطاع بمعناه الدقيق امتدت أبعد من ذلك بكثير، منذ ‏ظهور الالتزام بالإخلاص والولاء والخدمة العسكرية التي كان يقدمها المحارب ‏للسيد الإقطاعي لقاء تعهد المقطع بتقديم المساعدة العسكرية له منذ أواخر عصر ‏الميروفنجيين وأوائل عصر الكارولنجيين([8]).

‏ ‏‏كان الجرمان يستخدمون المشاة في جيوشهم في أغلب الاحيان ويستعدون ‏جماهير المزارعين الأحرار للمساعدة في الحروب، ولكن اتضح لزعمائهم تفوق ‏الفرسان المسلحين الذين شاركوا في القتال ضد جيوش الإمبراطورية الرومانية ‏والهون وبعض القبائل الجرمانية الأخرى([9])، واتضح هذا التفوق مع مرور الوقت.

‏وفي خضم تطور الدولة الجرمانية في الغرب، ظهر ما يعـرف بنظـام التجنيـد الخاص، ‏حيث عزز ذلك النظام بشكل كبير من القدرة العسكرية، وقد لعبت الاتفاقيات بين ‏الحكومة والأفراد المجندين دواًر كبيراً في تأمين المزيد من العملاء والتابعين ‏للدولة، وكانـت أتعـاب أولئـك المتعاملين مع الدولة هي بمثابة منحهم قطعاً من الأراضي للاستخدام والانتفاع الشخـصي، ومـن هنا بدأ التمهيد للإقطاع بمنح أجير ‏أو تابع قطعة من الأرض مقابل خدمة يؤديها للدولة([10]). ‏

ومنذ النصف الثاني من القرن الثامن الميلادي ازدادت نسبة الأتباع بالنسبة ‏للمجمـوع الكلـي للأحرار، وازدادت تبعاً لذلك صفة الأتباع العسكرية، وأطلقت عليهم ألفاظ ‏مختلفة ترمز لتبعيـتهم وتشير إلى صفتهم فشاع في القرن التاسع الميلادي لفظ فاسوس([11]) ((Vassus([12])، أو فاسال((Vassal للدلالة علـى التابع القريب من الخادم، وكلمة (Vassal‏‏) من أصل كلتي استخدمت ‏في الفترة الفرنجية للدلالة على محارب فـي خدمة سيد كبير، أي رجل حر وضع ‏نفسه تحت حماية رجل آخر أكثر غنـى وأكثـر قـوة، فأصبح فصلاً وتابعاً له([13]). ‏

وعندما أصبحت موارد دولة الفرنجة محدودة في القرن الثامن بحيث لا ‏تفـي بكـل مطالب الحكم والسلطة، فإن (شارل مارتل) لجأ إلى حل يتفق وتقاليد ذلك ‏العصر ؛ فعندما وجد شارل نفسه بحاجة المال، لكنه أيضاً بحاجة لقوة عسكرية ‏يعتمد عليها؛ فقد سن عرفاً تقليدياً تمثل في إنشاء نظام المنفعة، والذي كان يقضي ‏بمنح الأراضي لأجـل مستديم مقابل الاشتراك في المنفعة التي تجبى من خلال ‏العمل فيها([14])، وكان ذلك النظـام يقتـضي بجلب رجال يعملون في تلك الأراضي بعد ‏الإدلاء بقسم خاص.

سجل (شارل) أسماء المحاربين، وجعلهم يقسمون له يمين ‏الولاء، ثم أعطى كـلاً مـنهم إقطاعاً يكفي لسد مطالب معيشته([15])، على أن يبقى ذلك ‏الإقطاع في حوزته مـا دام يقـوم بالخدمـة العسكرية، وبذلك استطاع شارل ماتل ‏التغلب على ما واجهه من صعاب، فكوّن جيشاً قويـاً من الفرسان استغله في طرد المسلمين من جنوب بلاد غاليا‏‏( فرنسا)([16])، وكذلك في محاربـة السكـسون فـي الشمال([17]) وتحقيق انتصارات كبيرة عليهم([18]). ‏

وفي ظل فساد الحكومة المركزية للدولة الكارولنجية، وكثرة الحروب الأهلية ‏والغزوات والركود الاقتصادي؛ ظهر الإقطاع كحالة جديدة قابلة للتطور، وأدت غارات الفايكنج والمسلمين والمخريين على غرب أوروبا ووسطها في القرن التاسع ‏إلى جعل القرى والمدن والمؤسسات الدينية لا يأمنون على أنفسهم إلا في ظل القوة ‏المسلحة([19]).

كانت الدولة في تلك الفترة عاجزة عن بسط الأمن والسلام في مناطقها، ‏فقد كانـت بنيتهـا السياسية والعسكرية بنية بدائية، وكانت عناصرها الإدارية قليلة ‏وذات تركيبة بسيطة، لا يعتمد عليها في أي حال من الأحوال، لذلـك شجع الأنموذج ‏الاجتماعي للمجتمع الأوروبي في العصور الوسطى على إظهار طبقة مـن ‏الخـدم والعاملين تحت إمرة من هم أقوى منهم؛ طلباً للحماية والأمن تحت ظلهـم، ‏وكـان طلـب الأمـن والحماية يعني: أن يؤدي أولئك الأفراد خدمات معينة نظير ‏ما يتمتعون به من الحماية ([20]) . ‏

كان العضو النموذجي للطبقة الحاكمة في ظل النظام الإقطاعي هو النبيل ‏والفارس والتابع والسيد في آن واحد، وكان النبيل نبيلا؛ لأنه ولد في طبقة نبيلة، ثم ‏يصبح فارساً عنـدما يقـرر أن يقضي حياته محارباً محترفاً، ثم يصبح تابعاً عندما ‏يتعهد بخدمة ملك أو شخصية مهمة أخرى مقابل الإقطاعية التي خصصت له، ‏ويصبح في نهاية المطاف سيداً عندما يعطي جـزءاً مـن الأراضـي المقطعة له إلى ‏أشخاص يتعهدون بخدمتها([21]). ‏

‏ ‏المبحث الاول : نشأة طبقة الفرسان والفرسية:

أولا : الفارس والجذور التاريخية للفروسية: إن نظام الفروسية الذي نشأ ‏وترعرع في أوروبا الغربية في ظل النظام الاقطاعي، كانت له جذور تاريخية اتصلت ‏بتقاليد الشعوب الجرمانية البربرية من جهة وبتقاليد العرب المسلمين من جهة ‏أخري، فالشعوب الجرمانية تقوم بأعمالها المهمة كافة تحت السلاح، فمثلا عندما ‏ينعقد مجلس القبيلة أي” محكمة الشعب” كان الأعضاء يعربون عن موافقتهم ‏بقرقعة أسحلتهم، وعن عدم موافقتهم بدمدمة مكتومة([22]),

وكان الصبي إذا بلغ السن ‏التي تؤهله لحوض غمار الحرب، يتقلد الأسلحة التي كانت في انتظاره في حفل ‏رسمي عام، ومن هذه السن فصاعداً ينسلخ الصبي عن أسرته التي لم يعد ملكاً لها ‏بل ملكا للدولة، ويقابل هذا الاحتفال بتقليد السلاح ((Arma Sumere عند الجرمان الاحتفال ببلوغ سن الرشدToga) (Virlis، وكان الشبان الطموحون يميلون أيضا ‏إلي الالتحاق بمحارب عظيم، يأكلون علي مائدته ويشاركونه في معاركه، وكانوا ‏يعدون أنفسهم إذا فروا أحياء من ميدان حرب سقط فيه سيدهم، قد لحق بهم ‏الخزي والعار إلى الأبد([23])، وقد عزز هذه الأفكار عن الفروسية التشبه بالعرب في ‏أسبانيا، والذين اعتنقوا المثل الأعلي نفسه، حيث كان العرب ‏متفوقين عليهم بلا أدنى شك([24])، فقد كانت حضارتهم أرقي من حضارة الشعراء المتجولين(التروبادور) في ‏جنوب فرنسا([25]).

ويقر بعض مؤرخي أوروبا بفضل العرب على فكرة الفروسية، فبدافع من زهو النسب والشجاعة، وبدافع من حب ‏الحرب والقتال، بل وبدافع من حسن الاحتفاء بالشجاعة، يبدو أن العرب ‏قد أعطوا المجتمع الاسباني أو البروفنسالي أكثر مما أخذو منه([26]). ‏

والفروسية كلمة تشتمل على معنى مفهوم النخبة المسلحة، وهي نمط ‏الحرب ورمـز السلوك العسكري حيث الشرف الشخصي هو الهدف الأسمى، وقد ‏كانت داخل المجتمع اختلافـات واضحة لمنزلة النبيل، فقد عمل الأقل شرفاً إلى ‏الأعظم، ومع ذلك كانت هناك جالية القيم المشتركة، وجميع أعضاء ذلك المجتمع ‏ابتهج في عنوان الفارس كنوع من رمزية العضوية([27]). ‏

‏ ‏أما الفارس فهو المقاتل الذي ينحدر من أصل عريق ويحارب من فوق ‏ظهـور الخيـل، وكانت شجاعة الفرسان نوعاً من المغامرة الهوجاء للفارس الذي كان ولاؤه لسيده هو ولاء التابع ‏للسيد اللورد، والأصل في كون الفارس من طبقة عريقة هو ارتفاع تكلفة الخيول التي لا ‏يستطيع شخص من طبقة بسيطة أن يحصل عليها، ويمكن القول بأن الفارس الرجل ‏الذي يقوم بالخدمة العسكرية على الفرس، وهو يأتي في أدني درجات التسلسل ‏الاقطاعي، ويتبع سيداً يرتبط به بيمين الولاء وبمختلف التزامات التبعية، ‏ويرتبط نظام الفروسية ارتباطا وثيقا بالنظام الاقطاعي،ب ل إن المجتمع الاقطاعي هو ‏الأم الولود للفروسية، ذلك أن أبناء النبلاء كانوا أمام اختيارين لا ثالث لهما: إما أن ‏يدخلوا سلك رجال الدين أو الديريين، وإما أن يصبحوا فرسانا محاربين، وقد شكل ‏هؤلاء الفرسان طبقة اجتماعية لها خصائصها وتقاليدها وقوانينها المحددة([28]) . ‏

وفي بداية تشكل النظام الإقطاعي كان الأقنان ينخرطون أحيانا في سلك ‏الفروسية بشرط إثبات جدارتهم الشخصية المناسبة ، ولكن القوانين الاقطاعية ‏اللاحقة منعت رسميا قبول الاقنان كفرسان أما أبناء الام ارء فقد ظلوا يطالبون بتقليد ‏رتبة الفروسية ، بحكم مولدهم حتي نهاية ‏العصور ‏الوسطي([29]).

ثانياً : مرحلة ‏إعداد الفارس : ‏

كان الفرسان صنفين هما: فارس السيف وفارس الحمام، أما فارس السيف: فهو ‏الذي أخذ ذلك اللقب في ميدان القتال نظير بسالته في الحروب، أما فارس الحمام : ‏فقد مر بمراحل كثيرة منذ صباه، وينال في كل مرحلة لقباً معيناً. ‏

– المرحلة الأولي: في هذه المرحلة يتم إبعاد الصبي عن بيته وأسرته وهو في ‏السن السابعة من عمره كيلا يفسده عطف والدايه، ويرسل الصبي إلي بلاط سيد ‏إقطاعي غالباً ما يكون صديق والداه، وإذا كان الصبي ابن أحد كبار السادة النبلاء يرسل إلي ‏بلاط الملك، والهدف من إرسال الصبي إلي هذا البلاط أو ذاك هو أن يكتسب خبرة ‏الحياة الارستقراطية ويتعلم آداب السلوك في مجتمع النبلاء، وكان هذا الصبي ‏يعيش في قصر السيد كوصيف خاص يسهم في إعداد المائدة، ويقف ‏وراء الكرسي السيد في أوقات الطعام، كما يعمل كمراسل بين سيدات البلاط، ‏وكمساعد للفرسان علي إطعام خيولهم وإعدادها، وينال الصبي في هذه المرحلة ‏التدريبية الأولي لقب وصيف . ‏

– المرحلة الثانية: وتمتد هذه المرحلة ما بين عمر السنة الخامسة عشر ‏والعشرين من عمر الصبي، وفيها يرافق الصبي أحد الفرسان في حله وترحاله، ‏فيسهر علي خدمته ويهتم بأسلحته وحصانه، ويبدأ يتدرب علي ركوب الخيول ‏الخيل واستخدام السلاح، ويرتقي الصبي في هذه المرحلة إلي مرتبة مساعد فارس، ‏كما ينال لقب حامل الترس([30]) . ‏

_ المرحلة الثالثة: في هذه المرحلة يتجهز مساعد الفارس بسيف ورمح، ‏ويتدرب مع أنداده من الشبان علي القتال واستخدام السلاح بالرمي علي الشواخص ‏والدمي، كما يشترك مع الفرسان في خوض بعض المعارك، فإذا ‏أثبت كفايته وصلاحيته يتقرر تنصيبه فارساً، ويكون ذلك عادة في السنة العشرين ‏أو الحادية والعشرين من عمر الشاب([31]). ‏

يتم بعد ذلك منح مرتبة الفروسية في حفل له طقوس خاصة، ويدعي حفل” ‏تقليد السلاح” في هذا الحفل يركع الشاب أمام سيد أو فارس مجرب، فيسأله السيد ‏قائلاً : إذا كنت تبتغي المال والرحلة والشرف دون أن تقوم بما يشرف الفروسية، ‏فأنت غير خلق بها، ويجب علي الشاب أن يرد علي السيد مؤكداً له استعداده للقيام ‏بما يفرضه عليه نظام الفروسية من واجبات، وبعدها يتلقي الشاب ضربة خفيفة رمزية ‏علي كتفه بصفحة سيف السيد، ثم يتناول منه سلاحه الكامل، وبهذا يصبح فارسا ‏كاملا([32]). ‏

ثالثاً : واجبات الفارس الأخلاقية نحو المجتمع :

كان علي الفارس أن يتمتع بمزايا أخلاقية متفردة، فالفروسية الاقطاعية ‏القائمة علي تبعية الفارس للسيد والتضحية من أجله([33])، فالرجل الذي جعل القتال مهنته الأولي ‏لابد وأن يكون شجاعاً شديد البأس في المعركة، وكذلك القائد البارع يجب أن ‏يتصف بالرازنة والحكمة والتعقل إلي جانب الشجاعة، ولكي تكون الحرب أكثر ‏قبولاً عند المشتركين فيها، فقد نشأت لديهم فكرة بأنه لا يجوز مهاجمة فارس غير ‏مسلح، بل ينبغي أن يتاح له الوقت الكافي لإرتداء درعه وتجهيز نفسه للقتال([34])، ‏ونشأ أيضا عرف يقوم على أن يعد الفارس الأسير ضيفاً، ويسمح بقبول ابنه رهينة إلي ‏أن يقوم الأسير بجمع فديته، وفي القرن الثالث عشر جرت العادة بإطلاق سراح ‏الفارس لجمع الفدية، علي أن يعد بالعودة للأسر إذا لم يوفق في جمع الفدية‏، واعتمد الشعراء والمنشدون ورواة القصص الذين يطوفون علي القلاع ‏الفرسان وحصونهم ومنازلهم في حياتهم علي سخاء هؤلاء السادة وجودهم، لذا ‏صار موضوع الكرم وارداً بوضوح في قصصهم وأناشديهم الفصلية الأساسية عن الفرسان، أما الفروسية ‏الدينية فإنها تمثل مفهوم الكنيسة عن الفارس المثالي، لأن الكنيسة طالبت الفارس بأن ‏يكون مسيحيا تقياً، غرضه الأساسي أن يحمي الكنيسة ويدافع عن عقيدتها، ‏كذلك طالبته بعدم إرتكاب الجرائم بمختلف أنواعها، وبأن يرعى الضعفاء ‏والعجزة ويحميهم، وأما فروسية الغزل والعشق فقد طالبت الفارس باحترام المرأة وحمايتها([35]).

المبحث الثاني : الحياة الاجتماعية للفرسان . ‏

أولاً : طعام الفرسان وشرابهم :

كان طعام الإقطاعيين يطهي في مطابخ خارجية ثم ‏يحمل إلي الداخل، وقد تألف طعام السيد الاقطاعي من لحوم الصيد والحيوانات ‏الأليفة، إلي جانب الخبز والخضار والحبوب، وفي أيام الصيام المسيحي كان يسمح ‏بأكل السمك والبيض إلي جانب الخضار والحبوب، وكانت الحلوي نادرة لأن ‏أوروبا لم تكن تعرف قصب السكر قبل الحروب الصليبية([36])، فاعتمدت في تحلية ‏بعض الأطعمة علي عسل النحل، أما التوابل المستجلبة من البلدان الشرق ‏الآسيوية فلا تتوافر إلا لكبار الأمراء بسبب ندرتها وغلاء سعرها، ولم يعرف أمراء أوروبا وفرسانها الكثير من آداب تناول الطعام([37])، ومن المعروف أنهم تعلموا ‏عادة غسل الأيدي قبل تناول الطعام وبعده من العرب المسلمين خلال الحروب ‏الصليبية، أما الشراب فقد كان من النبيذ والجعة([38]). ‏

ثانياً : ملابس الفرسان:([39]) ‏

كان الفرسان في أوقات السلم يرتدون الملابس التالية: القميص، وهو عبارة ‏عن صدارة يربطها حزام في الوسط، والسروال : وهو لباس مشدود علي الساقين ‏والفخذين بإحكام، ثم المعطف وهو لباس يرتديه الفارس فوق القميص في ‏حالات البرد أو الاحتفالات ويربط من أعلاه حول الرقبة أو حول الكتف الأيمن ‏حتى لا يعوق مقبض السيف، والعباءة في حالات

البرد القارس، كان الفارس يرتدي عباءة يطوي طرفها الأعلى فوق الرأس ‏للوقاية من شدة البرد، ثم الحذاء: وهو عبارة عن صندل مصنوع من الجلد، أما ‏رداء الحرب فقد تكون من القطع التالية: الخوذة، وهي لباس الرأس مصنوعة ‏من الحديد ومخروطية الشكل، تمتد مقدمتها إلي أسفل لتحمي أنف الفارس، و‏الدرع : وهي صدارة مزردة تتألف من حلقات متداخلة من الحديد، وتكون مشقوفة ‏طوليا من أسفلها حتى لا تعوق الفارس عن امتطاء فرسه، ثم الجرموق: وهو ‏عبارة عن أربطة من القماش أو الجلد تمتد من الركبة الي القدم([40]).

ثالثاً : سلاح الفرس وعتاده: ([41])‏

تشكل سلاح الفرسان من القطع التالية: السيف: وهو طويل صليبي المقبض ‏مربوط علي الجانب الأيسر، والحربة أو الرمح طولها ثمانية أقدام يمسكها الفارس ‏بيده اليمني، والبلطة: وهي قصيرة المقبض تشبه الفأس الحادة، يعلقها الفارس علي ‏جانبه الأيمن أو خلف ظهره والترس: وهو مستطيل الشكل طوله أربعة أقدام، يحمله ‏القارس في ذراعه اليسري، والفرس: حيث كان الفرس الذي يمتطيه الفارس مزوداً بالسرج ‏والركاب اللجام، وكان المجتمع ينظر إلي المحارب الذي يقاتل راجلاً بدون الفرس بأنه لا ‏يعد فارساً([42]). ‏

رابعاً : مساكن الفرسان: ‏

‏ منذ أن بدأ القرن العاشر الميلادي أضحت الحصون الاقطاعية أو القلاع ‏مسرحاً للحياة الاجتماعية لطبقة أمراء الفرسان، إذ لم يعد الحصن معقلاً يلوذ به أهل ‏المنطقة فراراً من هجمات الأعداء فقط، بل أضحي المقر الطبيعي لأمير الاقطاع ‏وأتباعه، لكن الكثيرين من السادة الإقطاعيين كانوا لا يمتلكون حصوناً، إنما اتخذوا ‏منزلاً لهم في إحدي قراهم مشيداً من جذوع الاشجار والحجارة مقراً دائما ‏لهم، وفي البدء كانت الحصون تشيد من الأخشاب ولكن منذ نهاية القرن العاشر ‏أضحت تشيد من الحجارة الكبيرة([43])، وكان الحصن يتألف من ثلاثة طوابق: في الطابق ‏الأسفل توجد الآبار ومخازن الطعام والأسلحة والعدد الحربية ، وأما الطابق الأوسط ‏فقد استخدم لإقامة السيد وأسرته، حيث يتكون من قاعة كبيرة وعدد من الغرف ‏الصغيرة المفصلة وكانت القاعة الكبيرة مجهزة بشموع للإضاءة وبمواقد مكشوفة التدفئة، وعلي جدرانها علقت بعض ‏‏الأسلحة والأعلام، في حين فرشت أرضها بالحصر وفي الغرفة كان يجلس السيد ‏الاقطاعي ‏ليستقبل فروض التبعية أو ليعقد مجلساً قضائياً أو غير قضائي، وعند انتهاء ‏السهرة يأوي السيد ‏وأسرته إلي غرفهم المخصصة للنوم، في حين يحضر الخدم وسائدهم ‏المصنوعة من القش ‏ليناموا في الغرفة الكبيرة حتى الصباح([44]). ‏

رابعاً : التسلية بالمبارزة :

كانت حياة السلم تعني البطالة بالنسبة للفرسان، ولذا ابتكر هؤلاء الفرسان تقليد المبا‏رزة في حالة عدم وجود حرب حقيقية، وكانت تلك المبارازت تتم بطريقة تمثيلية استعراضية الهدف منها إظهار المهارة الحربية بأقل قدر من الإصابات والدماء، وهناك تقاليد ‏يجب اتباعها وشروط معينة يتفق عليها الفريقان قبل المبارزة، ويتم تحديد يوم معين للنزال ‏بين فريقين من الفرسان يمثلان ضاحيتين أو أسرتين، ويكون الحكم أحد الفرسان المحايدين، ‏وينتظم المتبارزون بملابس الحرب صفوفاً وهم علي ظهور خيولهم علي طول جانبي ساحة ‏المعركة، وعند إعطاء إشارة معينة يبدأ القتال، فإذا انكسرت السهام والرماح أثناء القتال يواصل المتبارزون ‏المعركة بسيوفهم إلي أن ينتصر أحد الفريقين علي الآخر ويجرده من سلاحه([45])، وينال الفريق ‏الغالب شرفاً كبيراً، فضلاً عن الغنائم إذ كان من حقه الاستحواذ علي خيل المغلوب ‏وسلاحه، ما لم يستردها الأخير مقابل مبلغ مالي([46]). ‏

بالإضافة إلي المبارزة اعتاد الأمراء في أيام السلم علي التلهي بصيد ‏الحيوانات كالغزلان والخنازير والطيور، أما السهرات فكانوا يقضونها في تناول الخمر أو ‏لعب الشطرنج الذي عرفوه من العرب عن طريق الحروب الصليبية، ولم يكن عند أمراء أوروبا ‏وفرسانها ولع بالمطالعة لأن معظمهم يجهل القراءة والكتابة، ولكنهم استخدموا بعض الكتبة ‏لضبط حسابات المزارع، كذلك شغف بعض السادة والسيدات بالاستماع لرواة القصص والشعر‏اء والمنشدين([47]) الذين يترددون علي الحصون، وبمشاهدة رقص الدببة أو الجواري([48]). ‏

المبحث الثالث : أثر الكنيسة علي حياة الفروسية :

أدي النظام الاقطاعي إلي ضعف السلطة الملكية المركزية، وهذا مما ساعد علي ‏نشوب النزاعات المسلحة بين الأمراء الاقطاعيين، حيث لم تكن هنالك سلطة عليا قوية ‏وقادرة علي وضع حد لنشوب تلك النزاعات، وتمثلت تلك النزاعات بحروب شنها أمير ضد ‏أمير أو لفيف من الأمراء ضد لفيف آخر، ولم تكن تلك الحروب تدوم طويلا، ولكنها تجدد ‏باستمرار لأسباب تافهة، كالفصل مثلاً في خلاف علي الأرض أو بسبب النساء أو مجرد الرغبة في ‏النهب والاعتداء علي المسافرين، وقد أدت تلك الحروب الي اضطراب الأمن وعدم الطمأنينة ‏والقلق، حيث انتشرت أعمال القتل والنهب والتخريب في كل مكان، وإن اختلف كثرتها ‏وشدتها بين منطقة وأخري، وأمام ضعف السلطة الملكية المركزية تحركت الكنيسة ساعية إلي ‏وضع حد لحروب الأمراء واحلال السلام في أوروبا، ففي القرن العاشر أخذ الأساقفة يتبادلون ‏الرأي في وضع حد لهذا الوباء، فتوصلوا إلي قيام أول حركة لصالح السلام في مجامع دينية ‏انعقدت في شارو في أكيتانيا عام 989م([49]).

وفي هذا المجمع أعلن الأساقفة احتجاجهم علي ‏الحروب الداخلية، وأعلنوا عقوباتهم الدينية علي من يعكر صفو السلام في البلاد لكن تلك القرارات الدينية لم تكن سوي حكم غير مباشر علي الحروب الاقطاعية وإدانة لها([50]). ‏

وبتالي فإن انعقاد المجامع الدينية التي دعت الي إحلال السلام، وضع المواثيق التي تحرم ‏إحراق الكنائس والاعتداء علي رجال الدين وسرقة القطعان وايقاف الفلاحين لإجبارهم علي ‏افتداء أنفسهم بالمال، كذلك سعي الأساقفة إلي الربط بين الصلح والعدل فوضعوا قرارات دينية ‏تدعو إلي تسوية النزاعات بين الأفراد بموجب الحق والقانون.

وفي القرن الحادي عشر ‏سعي الأساقفة إلي تشكيل قوة لتنفيذ القرارت الدينية الداعية إلي فرض السلام، فأصدروا قرارات ‏توجب بشكل واضح علي كل مؤمن بلغ الخامسة عشرة من عمره أن يحلف اليمين علي مراعاة السلام، ‏والدخول في الأبرشية المكلفة بحماية السلام في المناطق التابعة لها، وقد أطلق علي السلام ‏الذي دعت إليه الكنيسة ورجالها اسم السلام الإلهي (pax dei)([51]).‏

وفي سنة 1000م أضفيت إلي سلام الله فكرة هدنة الله، وكان الهدف منها هو جعل ‏الحروب الداخلية أكثر صعوبة وأكثر ندرة، وذلك بإيقافها بحجة احترام ذكري الأيام الدينية ‏المقدسة وجاء في نص الرسالة ” نطالب منكم ، ونتوسل إليكم جميعا ، يا من تخشون الله ‏وتؤمنون به، أن تحافظوا علي السلام فيما بينكم، لتستحقوا أن تكونوا بهذا في سلام مع الله، ‏ولتبلغوا الراحة الأزلية، اقبلوا وحافظوا علي هدنة الله التي قبلنا نحن بها وحافظنا عليها، كما ‏لو نزلت من السماء بوحي من الرحمة الإلهية إنها تقضي من جميع المسيحيين أصدقاء كانوا ‏أم أعداء أن يروا السلام التام بهدنة من مساء الأربعاء إلي مطلع الشمس في صباح ‏الاثنين” ([52])، وهكذا قضت الهدنة بتحريم الحرب خلال الأيام التي تكثر بها المراحل الأليمة أو المجيدة ‏من حياة المسيح، وكان لهذا الاختراع نجاح مباشر، كذلك صيغت قوانين دينية جديدة تشجب ‏الحروب الاقطاعية، ومنها ” أن المسيحي الذي يقتل مسيحيا آخر إنما يهرق دم المسيح “([53]) . ‏

وفي أواخر القرن الحادي عشر، وعندما أصبحت البابوية علي رأس العالم الأوروبي، أخذت ‏علي عاتقها قضية السلام، فعممت جميع القرارات التي كانت قد أصدرتها المجامع الدينية ‏الفرنسية بهذا الخصوص، ففي مؤتمر(كلير مونت) سنة1001م الذي تقررت فيه الحروب الصليبية ‏الأولي، تم التنديد بالحروب الأميرية وما تجره من ويلات([54]). ‏

كذلك صدر قرار آخر ينص علي تمتع جميع رجال الدين والنساء بسلام الله كل يوم ‏من أيام السنة، ونظراً لغلاء المعيشة آنذاك شمل هذا السلام خلال ثلاث سنوات جميع ‏الفلاحين وجميع التجار، وهكذا سجل مؤتمر كليرمونت نقطة الذروة التي توصلت إليها نظم ‏السلام، ورد الفعل الكنسي ضد الحروب الأميرية وماتجره من أضرار، ومهما يكن من أمر ‏تلك التنظيمات، فإنه يمكننا القول إن تلك القرارت الدينية التي هددت دعاة الحرب بالحرمان الكنسي قد خففت ‏من طيش البارونات وجنونهم الحربي ([55]). ‏

الخــــــاتمة: ‏

تناولت الدارسة موضوع الفروسية في ظل النظام الإقطاعي، وأسفرت علي مجموعة من ‏النتائج نوردها في النقاط التالية : ‏

‏1.‏ ظهر الإقطاع كمنظمة عسكرية داخـل إطـار مجتمـع زارعـي أنهكتـه النزاعات والتناحرات ‏وكانت مهام ذلك المجتمع حربية أكثر من كونها اقتصادية، وكان عبيده إلى جانـب سادته ‏يؤهلون أنفسهم دوماً للقتال، ودائماً على أتم الاستعداد لأي لحظة يتم فيها ترك المحـ ارث ‏وتقلد السيف للقتال . ‏

‏2. ‏إن نظام الفروسية الذي نشأ وترعرع في أوروبا الغربية في ظل النظام الإقطاعي كانت له ‏جذور تاريخية اتصلت بتقاليد الشعوب البربرية الجرمانية من جهة وبتقاليد العرب المسلمين ‏من جهة أخري . ‏

‏3.‏ طبقة الفرسان ثمرة لنظام اجتماعي قديم، وقد تمتعت بامتيازات عظيمة، وكانت توكل إليها ‏مسؤوليات خطيرة . ‏‏4.‏ كانت الحرب هي الرياضة المفضلة عند الفرسان وغيرهم من أفراد الطبقة الأرسـتقراطية ‏في المجتمع الغربي الوسيط، ففيها يشبعون رغبتهم الكبيرة في القتال التي يبدو أنهم ورثوها عن أجدادهم ‏الجرمـان.

‏5.‏ لم يمارس الفرسان تطبيق فضائل أخلاق الفروسية إلا فيما بينهم، أما الطبقات الدنيا في ‏المجتمع كطبقة الأقنان أو العبيد فقد عاملوها باحتقار وازدراء . ‏

‏6.‏ مارس الفرسان في أوقات السلم بعض أعمال القرصنة كقطع الطرق والاستحواذ علي متاع ‏المسافرين وأموالهم والاستيلاء علي سلع التجار ومتاجرهم . ‏

‏7.‏ سعت الكنيسة الي احتضان الفروسية بحكم مطالبتها ببسط حمايتها علي وجوه النشاط ‏الإنساني كافة. ‏

الملاحــــــــــق : ‏

‏ ‏ شكل رقم (1) السلم الإقطاعي

‏ ‏

شكل رقم (2) فارس مدرع شكل رقم(3) فارس بعتاده الحربي ‏

قائمة المراجع :

أولا: المراجع العربية والمترجمة: ‏

‎‏_‏‎‏ البهيجي: إيناس محمد، تاريخ أوروبا في العصور الوسطى، مركز الكتاب الأكاديمي، ‏عمان، 2017.‏

‏_ حرب: طلال محمود، معجم أعلام الأساطير والخرافات في المعتقدات القديمة، دار ‏الكتب العلمية، بيروت، 1999.‏

_ حسين: محمد حمزة، ولبنى رياض عبد المجيد، تاريخ أوربا في العصور الوسطى، دار ‏غيداء للنشر، عمان، ط1، ‏‏2015.‏

‏‎‏_ ديفز: هـ. و.، أوروبا في العصور الوسطي، ترجمة عبدالحميد حمدي محمود، منشأة ‏المعارف، الإسكندرية، ط1، ‏‏1958.‏

_ رمضان: عبدالعظيم، الصراع بين العرب وأوروبا من ظهور الإسلام إلى إنتهاء الحروب ‏الصليبية، دار المعارف، ‏القاهرة، 1983.‏

‎_ الزيدي: مفيد، موسوعة تاريخ أوروبا: الجزء الأول، دار أسامة للنشر، ‏عمان، 2003.

‏_ شابيرو: ماكس، و رودا هندريكس، معجم الأساطير، ترجمة حنّا عبود، دار علاء ‏الدين للنشر، دمشق، 2018. ‏

‎‏_ طه: عبدالواحد ذنون، دراسات في حضارة الأندلس وتاريخها، دار المدار الإسلامي، ‏‏بيروت، 2004.‏

‎‏_عاشور: سعيد عبدالفتاح، حضارة أوروبا فى العصور الوسطى، دار الفكر العربي، ‏‏القاهرة، 2006.‏

‎‏_ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ، أوربا العصور الوسطى، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، ‏‏‏1966. ‏

‎‏_ العدوي: إبراهيم أحمد، المجتمع الأوربي في العصور الوسطى، دار المعرفة، القاهرة، ‏‏1961.‏

‎‏_ عويضة: كامل محمد محمد ، باروخ سبينوزا ‏‎:‎‏ فيلسوف المنطق الجديد، دار الكتب ‏‏العلمية، بيروت، 1993.‏

‏_ فيشر: هربرت، تاريخ أوروبا في العصور الوسطي، ترجمة السيد الباز العريني ، دار ‏‏المعارف، القاهرة، 1969‏‎‏.‏

‎_‎‏ قاسم: قاسم عبده، الخلفية الأيديولوجية للحروب الصليبية: دراسة عن الحملة ‏‏الأولى1095-1099م، دار المعارف، ‏القاهرة، 1983.‏

‎_‎‏ كانتور: نورمان. ف، العصور الوسطى الباكرة : القرن الثالث/القرن التاسع المـيلادي، ‏‏ترجمة قاسم عبده قاسم، عين ‏للدراسات والبحوث الإنـسانية والاجتماعيـة، القاهرة ‏‏،‎1993‎م.

‏‏_ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ، التاريخ الوسيط : قصة حضارة (البداية والنهاية)، ترجمة قاسم عبده ‏‏‏قاسم، مؤسسة عين للدراسات ‏والبحوق، القاهرة، ط5، 1977.‏

‎‏_ كوبلاند ج. و.، و: ب. فينوجرادوف، الاقطاع في العصور الوسطي في غرب أوروبا ‏، ‏ترجمة مصطفي زيادة، مكبتة ‏النهضة المصرية، ‏القاهرة، 1958‏‎‏ .‏

‎‏_ ‏ لوبون: غوستاف، حضارة العرب، دار القلم للطباعة، بيروت، 2020.‏

‏‏‎_‎‏ محمود: منى حسن، المسلمون في الأندلس وعلاقتهم بالفرنجة 92 – 206 ه/714-‏‏815 ‏م، دار الفكر العربي، القاهرة, ‏‏1987.

‏‏_‏‎‏ هارتمانج: ل. م ، و ج. باركلاف، الدولة والإمبراطورية في العصور الوسطى،‏ ترجمة ‏‏‏جوزيـف نسيم يوسف،‏ مؤسسة ‏شباب الجامعة، الإسكندرية، 1984.‏

‎_‎‏ هلستر: س. وورن، أروبا في العصور الوسطى، ترجمة محمد فتحي الشاعر، مكتبة ‏‏الأنجلو المصرية، القاهرة، ‏‏1988. ‏

‏ ‏‎_ ويفز: ه. و.، أوروبا في العصور الوسطي، ترجمة عبد الحميد حمدي محمود، دار المعارف ‏، ‏الاسكندرية ، ط1، 1958.‏

‎‏ثانياً: المراجع الأجنبية:

‎- France: john‎,Western Warfare in the age of the ‎Crusades(1000-1300),

University of ‎Wales press, Swansea.‎

‎‎- Ganshof: F.L,feudalism,Translated by Grierson Philip, London, ‎Longmans Green,1952.

‎‎‏‎- LaMonte: John.L., World of the Middle Ages: A Reorientation ‎of Medieval

History,1st ‎edition, Appleton-Century-Crofts, new ‎york, 1949.

‏‎ Mills: Charles, The History of Chivalry or Knighthood and its times, vol1,

Longman press,london, 1826

– Purdon:Liam.O.and Cindy .L.Vitto,The Rusted hauberk: ‎feudal ideals of

order and ‎their decline, Gainesville, University ‎Press of Florida, 1994.

‎‎ – Reynolds: Susan,Fiefs and Vassals:The Medieval Evidence ‎Reinterpreted, Oxford ‎University Press, new york,1996. ‎‏ ‏ ‏

‎‎‏- Stephenson: Carl, Mediaeval feudaalism, Cornell University Press, london, 1942. ‎‏ ‏

-‎Strayer:‎ Joseph.R, and others, Western Europe in the Middle Ages: A Short

History, 1st ‎edition, Appleton-Century-Crofts, new york, 1955. ‎‏ ‏- Tierney: Brian, and‎ Sidney Painter,‎ Western Europe in the Middle Ages

300-1475, 4th edition, publisher Alfred Knopf, new york, 1983.

Margins:

  1. () مفيد الزيدي، موسوعة تاريخ أوروبا: الجزء الأول، دار أسامة للنشر، ‏عمان، 2003، ص108.
  2. () ه. و. ويفز، أوروبا في العصور الوسطي، ترجمة عبد الحميد حمدي محمود ، دار المعارف ‏، ‏الاسكندرية ، ط1 ‏، 1591 ، ص 111 .‏
  3. () إبراهيم أحمد العدوي، المجتمع الأوربي في العصور الوسطى، دار المعرفة، القاهرة، 1961، ص113.
  4. () F.L. Ganshof, feudalism, Translated by Grierson Philip,London, Longmans Green prees, 1952, p4.
  5. () نورمان ف. كانتور، العصور الوسطى الباكرة : القرن الثالث/القرن التاسع المـيلادي، ترجمة قاسم عبده قاسم، عين للدراسات والبحوث الإنـسانية والاجتماعيـة، القاهرة ،1993م ص 111 .
  6. () سعيد عبدالفتاح عاشور، حضارة أوروبا فى العصور الوسطى، دار الفكر العربي، القاهرة، 2006، ص33.
  7. () كامل محمد محمد عويضة، باروخ سبينوزا : فيلسوف المنطق الجديد، دار الكتب العلمية، بيروت، 1993، ص39.
  8. () ج. و. كوبلاند، وب. فينوجرادوف، الاقطاع في العصور الوسطي في غرب أوروبا ، ترجمة مصطفي زيادة، مكبتة النهضة المصرية، ‏القاهرة، 1958، ص19 .
  9. () محمد حمزة حسين ولبنى رياض عبد المجيد، تاريخ أوربا في العصور الوسطى، دار غيداء للنشر، عمان، ط1، 2015، ص ص 77،78.
  10. () Carl Stephenson, Mediaeval feudaalism, Cornell University Press, london, 1942, p11.
  11. () جاء لفظ ( فاسوس ) في البداية من اسم عدد من الآلهة السنسكريتية عن قدماء الهنود، حيث أطلقت كلمة فاسوس (vasus) على مجموعة من الآلهة من أتباع الإله (إندرا): ماكس شابيرو، و رودا هندريكس، معجم الأساطير، ترجمة حنّا عبود، دار علاء الدين للنشر، دمشق، 2018، ص268. والإله إندرا عند الهنود القدماء ملك الآلهة كلها، وفوق ذلك هو إله الحرب وقائد الآلهة في المعارك: طلال محمود حرب، معجم أعلام الأساطير والخرافات في المعتقدات القديمة، دار الكتب العلمية، بيروت، 1999، ص55.
  12. () Susan Reynolds, Fiefs and Vassals: The Medieval Evidence Reinterpreted, Oxford

    University Press, new york, 1996, p23. ‏

  13. () John. L. LaMonte, World of the Middle Ages: A Reorientation of Medieval History, 1st

    edition, Appleton-Century-Crofts, new york, 1949, p213.

  14. () قاسم عبده قاسم، الخلفية الأيديولوجية للحروب الصليبية : دراسة عن الحملة الأولى1095-1099م، دار المعارف، القاهرة، 1983، ص103.
  15. () عاشور، حضارة أوربا، ص34.
  16. () عبدالعظيم رمضان، الصراع بين العرب وأوروبا من ظهور الإسلام إلى إنتهاء الحروب الصليبية، دار المعارف، القاهرة، 1983، ص131.
  17. () Liam. O. ,Purdon ,and Cindy .L.Vitto, The Rusted hauberk : feudal ideals of order and their decline, Gainesville, University Press of Florida, 1994,p14.
  18. () منى حسن محمود، المسلمون في الأندلس وعلاقتهم بالفرنجة 92-206ه/714-815 م، دار الفكر العربي، القاهرة, 1987، ص106.
  19. () Joseph.R .Strayer, and others, Western Europe in the Middle Ages: A Short History, 1st edition, Appleton-Century-Crofts, new york, 1955, p60.
  20. () س. وورن. هلستر، أروبا في العصور الوسطى، ترجمة محمد فتحي الشاعر، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، 1988، ص141 .
  21. () كانتور ، العصور الوسطي، ص 434 .
  22. () الزيدي، موسوعة تاريخ أوربا، ص140.
  23. () نفس المرجع، نفس الصفحة.
  24. () غوستاف لوبون، حضارة العرب، دار القلم للطباعة، بيروت، 2020، ص24.
  25. () عبدالواحد ذنون طه، دراسات في حضارة الأندلس وتاريخها، دار المدار الإسلامي، بيروت، 2004، ص168.
  26. ()‎ john‎ France, Western Warfare in the age of the Crusades(1000-1300) ,University of Wales press, Swansea ,p53‎ ‏
  27. () كالتون، عالم العصور ‏الوسطى، ص131.
  28. () ل. م. هارتمانج. و ج. باركلاف، الدولة والإمبراطورية في العصور الوسطى،‏ ترجمة جوزيـف نسيم يوسف،‏ مؤسسة شباب الجامعة، الإسكندرية، 1984، ص143 .
  29. ) Strayer, The Western Eorup, p61‏)
  30. () كانتور، عالم العصور الوسطي ، ص‎334‎‏ . ‏
  31. () هلستر ، أوروبا ، ص 141 .
  32. () نفس المرجع ، نفس الصفحة .
  33. () Charles Mills, The History of Chivalry or Knighthood and its times, vol1, Longman press,london, 1826, p43‎‏
  34. () Brian Tierney, and‎ Sidney Painter,‎ Western Europe in the Middle Ages 300-1475, 4th edition, publisher Alfred Knopf, new york, 1983, p291
  35. () هـ. و. ديفز، أوروبا في العصور الوسطي، ترجمة عبدالحميد حمدي محمود، منشأة المعارف، الإسكندرية، ط1، 1958، ص 333 .
  36. () سعيد عبدالفتاح عاشور، أوربا العصور الوسطى، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، 1966، ص6.
  37. () الزيدي، موسوعة تاريخ أوربا، ص147.
  38. () نورمان كانتور، التاريخ الوسيط : قصة حضارة (البداية والنهاية)، ترجمة قاسم عبده قاسم، مؤسسة عين للدراسات والبحوق، القاهرة، ط5، 1977، ص 333 .
  39. () انظر ملحق رقم 2.
  40. () هربرت فيشر، تاريخ أوروبا في العصور الوسطي، ترجمة السيد الباز العريني ، دار المعارف، القاهرة، 1969، ص 131.
  41. () انظر : ملحق رقم 3.
  42. () هلستر، أوروبا ، ص141 .
  43. () الزيدي، موسوعة تاريخ أوربا، ص‎146.
  44. () كوبلاند، الاقطاع في العصور الوسطي ، ص 11 .
  45. () فشر، تاريخ أوروبا ، ص 131 .
  46. () الزيدي، موسوعة تاريخ أوربا، ص‎‏147.‏
  47. () هلستر ، عصور الوسطي ، ص 134 .
  48. () الزيدي، موسوعة تاريخ أوربا، ص‎‏147.‏
  49. () إيناس محمد البهيجي، تاريخ أوروبا في العصور الوسطى، مركز الكتاب الأكاديمي، عمان، 2017، ص95.
  50. () كانتور، أوروبا، ص344 .
  51. () هلستر، في العصور الوسطي ، ص 341 .
  52. () الزيدي، موسوعة تاريخ أوربا، ص‎‏149.‏
  53. () ديفز، أوروبا في العصور الوسطي، ص113 .
  54. () كوبلاند، الإقطاع، ص31 .
  55. () كانتور، أوروبا، ص‎343‎‏ .‏