الدكتور الزين ولد المصطفى1
1 جامعة العلوم الإسلامية – العيون – كلية أصول الدين – موريتانيا.
HNSJ, 2022, 3(4); https://doi.org/10.53796/hnsj3422
تاريخ النشر: 01/04/2022م تاريخ القبول: 22/03/2022م
المستخلص
يحاول هذا البحث أن يتعرض إلى موضوع الحوار الذي يعتبر من الموضوعات الهامة التي تطرق إليها القرآن الكريم وأولاها مكانة خاصة، وقد عرض القرآن الكريم الحوار بشكل متميز يسترعي الانتباه ويلفت الأنظار، ويترك للعقول المجال الأوسع لأخذ العبر والعظات، تمثل ذلك العرض في العديد من الحوارات التي تتحدث عن مواضيع مختلفة، تهم كافة الناس، وقد توصل إلى نتائج منها:
أن الحوار يعتبر من أرقى وسائل التواصل والتفاهم والتعايش بين البشر المشتركين في المصير. وأن القرآن الكريم جعل الحوار وسيلة وسبيلا لحل كل القضايا مع أعدائه ومخالفيه كما رسخه كمنهج للوصل إلى الحق وإقناع الآخر بالنهج الوسط والسليم.
The Status of Dialogue in the Noble Qur’an
Dr. El-Zein Walad El-Mustafa
1 University of Islamic Sciences – Laayoune – Faculty of Fundamentals of Religion – Mauritania.
HNSJ, 2022, 3(4); https://doi.org/10.53796/hnsj3422
Published at 01/04/2022 Accepted at 22/03/2021
Abstract
this research tries to deal with the subject of Dialogue, which is one of the important subjects thy the noble Quran spoke about. Quran dedicated a special place for the dialogue, and showed it in a very distinctive way that attracts intention and catch the eyes,and leaves for the minds a very vast field to extract wisdoms and reflection from the many dialogues that talk about many important subjects that concern many people. This research paper has reached conclusions related to the dialogue in the noble Quran as follow: -That the dialogue is among the finest and best means and styles of social interaction among people, and mutual understanding between people who share one root and live on a planet.
المقدمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين ، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد : فالحوار : سبيل الإقناع ، ومفتاح القلوب ، وأسلوب التواصل والتفاهم ، ووسيلة التعارف والتآلف ، ومنهج الدعوة والإصلاح ، ومسلك التربية والتعليم ، ومجمع التقارب والالتقاء .
وقد استعمل القرآن الكريم الحوار فى إقامة الأدلة على وحدانية الله تعالى ، ــ وعلى صدق الرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام ــ فيما يبلغون عن ربهم عز وجل ، واستعمل الحوار من أجل الوصول إلى الحق عن اقتناع عقلي ، وارتياح نفسي ، يجعل صاحبه يعيش حياته وهو ثابت على ما ءامن به ثباتا لا ينازعه ريب ولا يخالطه شك .
وقد عرض القرءان العظيم الحوار بشكل متميز يسترعى الانتباه ويلفت الأنظار ، ويترك للعقول المجال الواسع لأخذ العبر والعظات من المحوارات العديدة التى تتحدث عن مواضيع مختلفة تهم كافة الناس .
وقد جرت تلك المحاورات بين أطراف متعددة ، كلها تعطي لنا دروسا كثيرة وجمة ، وتشعرنا بأن هذا الأسلوب جاء بنتائج عظيمة ، وفوائد جليلة ، فنجد عدة محاورات فى القرءان كان أحد طرفيها الله عز وجل ، حيث حاور الملائكة وإبليس ، كما جرت بعض المحاورات على ألسنة الرسل ، وعلى ألسنة المؤمنين مع الطواغيت وغير ذالك من المحاورات .
إن موضوع الحوار فى القرءان الكريم من الموضوعات الهامة التى تدور أساسا على الإيمان بالله ورسله ، وعلى وحدانيته وأحقيته بالعبادة دون غيره ، والإيمان بالبعث والجزاء ، فهذه المواضيع من أهم مواضيع القرءان الكريم ، لهذا كانت موضع جدل وحوار .
فالقرآن الكريم بشموليته لم يترك لنا باباً إلاّ وقد تناوله بالأدلة القاطعة والبراهين الساطعة التي حاج بها خصومه في صورة جلية واضحة يدركها الداني والقاصي، الجاهل والمتعلم، العام والخاص، معطلاً كل شبهة، بأسلوب واضح وتركيب سليم لا يحتاج إلى إعمال الذهن في المسألة المطروحة، لأنه يذكر لنا الحقائق ويقررها بوضوح فيلمسها لإنسان بنفسه دون عناء .
وقد وضع القواعد وأصَّل الأصول لحل جميع القضايا، ومن أهمها الحوار القائم على العقل لا على القوة كوسيلة إلى التعامل مع المخالفين مع أن القرآن يعترف بها كعقوبة للمصرين على الباطل بعد وضوح الحق وهي وسيلة نهائيه لإعادتهم إليه.
المبحث الأول : مفهوم الحوار فى القرءان الكريم أهدافه ومعوقاته
عني القرءان الكريم عناية بالغة بالحوار وذالك أمر لاغرابة فيه ، فالحوار هو الطريق الأمثل للإقناع الذي ينبع من أعماق صاحبه ، والاقتناع هو أساس الإيمان الذى لا يمكن أن يفرض وإنما ينبع من داخل الإنسان .
المطلب الأول : مفهوم الحوار وأهدافه في القرءان الكريم
ورد لفظ الحوار فى القرءان الكريم بصيغ متعددة ومتنوعة كالمحاورة والمجادلة والمحاججة والمراء .
فالحوار هو: مراجعة الكلام بين طرفين مختلفين ، مع تقديم الحجج والبراهين لإقناع أحدهما برأي الآخر ، أو لتقريب وجهات النظر . وقد ورد فى موضعين فى سورتي الكهف والمجادلة قال تعالى : (فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا ) الكهف (34) وقال تعالى (قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا ) الكهف (37)
والقصد من هذا المثل العظة والعبرة، فقد آل حال الكافر المغرور إلى الدمار والإفلاس، لكفران النعم وعصيان الله، أما المؤمن الفقير الثابت على طاعة الله، بالرغم من معاناته الشدائد والمتاعب، فآتاه الله الخلود في الجنة. [1]
و فى سورة المجادلة قال تعالى (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ) المجادلة (1)
“الجدل : مقابلة الحجة بالحجة، والمجادلة: المناظرة والمخاصمة ، “وهو إظهار المتنازعَيْن مقتضى نظرَتهما على التدافع والتنافي بالعبارة أو ما يقوم مقامها من الإشارة والدلالة .
وقد ورد إطلاق (الجدل) في القرآن على نوعين متباينين:
الأول: الجدل المذموم ، وهو الذي يدور في طلب المغالبة لا الحق، أو الذي فيه نوع من الخصومة والتعصب، ومنه قول الله تعالى في ذم جدال الكافرين قال تعالى (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزَابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ ) غافر (5) وقال تعالى (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ) البقرة ( 197 ) .
فى الاية نهيٌ عن الجدال لما يفضي إليه من خصومات ومشاحناتٍ ، لكن هذا لا يمنع من الحوار الهادئ والتعارف والتآلف في هذه الفريضة الجامعة .
والثاني : الجدل المحمود ، وهو الذي يكون في طلب الحق بالأسلوب الحسن بعيداً عن الخصومة قال تعالى (وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) العنكبوت (46) و قال تعالى (وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ) النحل (125 [2]
والمناظرة : دفع المرء خصمه عن إفساد قوله: بحجة، أو شبهة، أو يقصد به تصحيح كلامه،
فالمناظرة تفيد النظر والتفكر في الأمور والبحث عن الحق عن طريق المحاورة مع الآخرين ، وهي محاورة بين طرفين حول موضوع لكل منهما وجهة نظر فيه تخالف وجهة نظر الآخر , فهو يحاول إثبات وجهة نظره وإبطال وجهة نظر خصمه
و الحوار أعم من الجدل ومن المناظرة ؛ إذ يشمل الجدل بِشِقَّيهِ لأنه نوعُ حوارٍ ، كما يشملُ المناظرةَ باعتبارها طريقةً من طرقه .[3]
ومن أساليب الحوار فى القرءان الكريم المحاججة والمراء
المحاججة : المخاصمة والمجادلة والمغالبة، وتطلق الحجة على ما يدلي به الخصم لإثبات دعواه أو الرد على دعوى خصمه، والحجة: إما دامغة لا تقبل النقض، أو داحضة واهية لا تثبت شيئا، فتسمى شبهة.[4]
قال تعالى (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ) آل عمران (61) وقال تعالى (هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) آل عمران (66) أشار الله تعالى إلى جهلهم وحماقتهم في دعواهم هذه، فقال: ها أنتم هؤلاء تجادلون وتحاجّون فيما لكم به علم ومعرفة من أمر عيسى عليه السّلام مما نطق به التّوراة والإنجيل، وقد قامت عليكم الحجّة وظهر الغلط، فكيف تحاجّون، وعلى أي أساس تجادلون في شأن إبراهيم عليه السّلام أنه كان يهوديا أو نصرانيا، وليس لكم به علم ولا نزل في شأنه شيء في دينكم وكتبكم [5]
وقال تعالى (وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (80) وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) الأنعام (81)
أي : أَتُحاجُّونِّي وتجادلونني في وحدانية الله. وَقَدْ هَدانِ تعالى إليها.
المراء : المراء: المحاجة فيما فيه مرية وشك وتردد قال تعالى (فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا) الكهف (22) . [6]
وقد تعرض القرءان إلى جملة من أهداف الحوار ومقاصده ومن أهمها ما يلى :
أولا : إقامة الحجة وإظهار الأدلة التي تؤيِّدُ الحقَّ وتقرره .
ثانيا : كشف الشبهات والرد على الأباطيل ، لإظهار الحق وإزهاق الباطل ، وتبديد ما عليه المشركون من أوهامٍ وضلالات ، والتحذير من طرق الضلال قال تعالى (قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قُلْ لَا أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ (56) قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ مَا عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ ) الأنعام (57)
ثالثا : الحوار طريق الدعوة : فالحوار الهادئ مفتاح للقلوب وطريق إلى النفوس فهو السبيل إلى دعوة الحق قال تعالى (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ) النحل (125)
رابعا : تقريب وجهات النظر : من ثمرات الحوار تضييق هوة الخلاف ، وتقريب وجهات النظر ، ونزع فتيل الخلافات بين الأمم والشعوب ، قال تعالى (قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ) آل عمران (64) [7]
المطلب الثاني : معوقات الحوار في القرءان
عوائق الحوار: هي التي تحول بين إقامة الحوار أو تمنع من إتمامه ، أو تحقيقه لأهدافه وثمراته المرجوة وهذه العوائق والعقبات متعددة ومتنوعة ومنها الامتراء ، والسخرية والاستهزاء ، والتكذيب والافتراء ، والجحود والمكابرة ، والصدود والإعراض ، والتضليل و زخرفة الأقاويل وتمويه الحقائق ، والاغترار ، والمساومة ، واتباع الظن والتسرع في إصدار الأحكام ، واتباع الهوى ، والتعصب ، والتقليد الأعمى .
وسنتعرض إلى جملة من هذه المعوقات حسب ما يقتضيه المقام.
الامتراء : وهو الشك في غير موضعه ، بمعنى التشكيك في الحقائق الثابتة التى لا تقبل الشك وإثارة الشبهات قال تعالى (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ ) الأنعام (2) فالإقرار بربوبيته تعالى يقتضي الإقرار بألوهيته وحده فلا رب غيره ولا معبود سواه قال تعالى (أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ) الأنعام (114)
السخرية والاستهزاء
من آفات الحوار وعقباته ومن موانع الوصول إلى الحقيقة إضاعة الأوقات وتشتيت الأذهان بالسخرية والاستهزاء من الحق وأتباعه وذالك شأن المشركين ، وقد سجل القرآن موقفهم المخزي وهزلهم في موضع الجد قال تعالى (وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ (4) فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ) الأنعام (5)
التكذيب والافتراء
ينبغي أن يبنى الحوار السليم على أساس من الصدق والمصارحة فالصدق هو سبيل الوصول إلى الصدق مع الله تعالى ، والصدق مع النفس ، والصدق مع الآخر ، أما من يبني كلامه على الأكاذيب والافتراءات ، فضلا عن التكذيب وإنكار الحجج الظاهرة والأدلة الصحيحة والبينات الواضحة ، فأنى له الوصول إلى الحق ؟ قال تعالى (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ ) الأنعام ( 93 )
الكتمان
وهو من عوائق الحوار وآفاته إذ أن كثيرا من علماء أهل الكتاب يعلمون صدق نبينا – صلى الله عليه وسلم – ومع ذلك يخفون تلك الحقيقة عن أتباعهم وغيرهم ، قال تعالى (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) البقرة (146) وبين سبحانه أن القرآن أعظم شهادة وأبلغ إنذار وأجلى بيان وأقوى حجة وأظهر محجة ، لكل من بلغته الدعوة من عرب ومن عجم في كل عصر ومصر قال تعالى (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (19) الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ) الأنعام (20)
الجحودوالمكابرة
قد يكون الإنسان على علم بصدق دعوة الحق وثبوت رسالة الإسلام ، لكن الجحود والمكابرة تمنعه من التسليم بالحقائق والإقرار بالحجج ، قال تعالى (قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (33) وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ ) الأنعام (34)
الصدود والإعراض
الصدود والإعراض من شيم أولئك الذين لا يعنيهم الوصول إلى الحقيقة بل يصمون آذانهم عن نداء الحق ويغمضون أعينهم عن آياته المبصرة ، فتلك سجيتهم وذلك دأبهم قال تعالى (الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ ) محمد (1) وقال تعالى (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا ) الكهف (57)
التضليل و زخرفة الأقاويل وتمويه الحقائق قال تعالى (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112) وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ ) الأنعام (113) [8]
اتباع الهوى
وهو من آفات الحوار وعقباته ومن موانع الحق وقد نهى الله تعالى عن اتباع الهوى وحذر من مغبته وسوء عواقبه قال تعالى (قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (49) فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) القصص (50)
المبحث الثانى : نماذج من الحوار فى القرءان الكريم
عني القرءان الكريم عناية بالغة بالحوار وذالك أمر لاغرابة فيه ، فالحوار هو الطريق الأمثل للإقناع الذى ينبع من أعماق صاحبه ، والاقتناع هو أساس الإيمان الذى لا يمكن أن يفرض وإنما ينبع من داخل الإنسان ، وقدم لنا القرءان الكريم نماذج كثيرة من الحوار منها ما دار بين ربنا جل جلاله وملائكته وأنبيائه ومنها ما دار بين الأنبياء والطواغيت والأمم المستكبرة الجاحدة ، ومنها حوار الله سبحانه وتعالى لإبليس وللمشركين ليعلم الناس أن إحقاق الحق وإظهاره لا يكون بالقوة مهما كانت طبيعة الخلاف وسنتناول هذه الأنواع وغيرها من الحوارات القرءانية مبرزين طبيعة الحواروغايته من خلال أمثلة مختلفة من القرءان الكريم .
المطلب الأول :الحوار مع إبليس والمشركين وأتباعهم
محاورة إبليس
حوار الله سبحانه وتعالى مع إبليس العاصي اللعين المخالف المتحدي لأوامر الله سبحانه وتعالى، ومع ذلك حاوره الله سبحانه وتعالى ليعلم الناس أن الطريق إلى إظهار الحق وإحقاقه لا يكون بالقوة وإنما عن طريق الحوار العقلاني البناء مهما كانت طبيعة الخلاف، ومن ثم فإن مسألة الحوار من المسائل المهمة في المنطق الإسلامي، كأسلوب متحرك عملي في الوصول إلى الحقيقة،
وقد ذكر القرءان هذه المحاورة في أكثر من موقع قرآني قال تعالى (إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ (71) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (72) فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (73) إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (74) قَالَ يَاإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ (75) قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (76) قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (77) وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ (78) قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (79) قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (80) إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (81) قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ) ض (83)
ومن أمثلته أيضا قوله تعالى (وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ * قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ …. ) الأعراف ( 11 )
أمر الله الملائكة بالسجود لآدم إكراما وتحية لا عبادة وتأليها فامتثلوا لأوامر الله وسجدوا مجتمعين إلا إبليس الذي كان من جنس الجن فخانه طبعه فأنف من السجود لآدم ، فسأله ربه سؤال تقرير وتوبيخ عن سبب امتناعه عن السجود لما خلق الله ، أكان ذالك استكبارا عن السحود ، أم كان من المتكبرين علي ربه فتكبر وأجاب بأنه خير من ءادم ، لأنه مخلوق من النار ، وءادم مخلوق من الطين ، والنار في زعمه أشرف من الطين ، لما فيها من خاصية الارتفاع والاندفاع والتعالي فقاس وأخطأ القياس .
فكان عقابه الإخراج من الجنة ، والطرد والإبعاد من رحمة الله .
حوار الله تعالى للمشركين
وهو حوار لإقامة الحجج عليهم وتفنيد الشبه التي يثيرونها والإجابة عن مقترحاتهم وأسئلتهم المتنعتة ،ومن أمثلته قوله تعالى (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَامَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (128) وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (129) يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ ) الأنعام (130)
ولو كانوا صادقين مع أنفسهم لتجردوا للحق وأخلصوا في طلب الهداية حتى يهتدوا لكنهم خدعوا أنفسهم قبل أن يخدعوا غيرهم و ما قيمة إقرارهم وشهادتهم على أنفسهم في دار الجزاء وقد أنكروا في دار العمل والابتلاء .
حوار الملائكة مع المشركين
وهو حوار توبيخ وتقريع وزجر وتهكم ومن أمثلته قوله تعالى (وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ ) الأنعام (93)
حوار المشركين مع المشركين
وهوحوار الضلال والإضلال ، والكذب والتمويه والخداع ومن أمثلته قوله تعالى (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112) وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ ) الأنعام (113) [9]
حوار المشركين مع الرسول – صلى الله عليه وسلم
وهو حوار يغلب عليه طابع الجهل والجدل وإثارة الشبهات والافتراءات والاستهزاء ومن أمثلته : قوله تعالى (وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا (90) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا (91) أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا (92) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا (93) وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا (94) قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا (95) قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا ) الإسراء(96)
ويقول تعالى فى سورة الفرقان (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا (4) وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (5) قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (6) وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا (7) أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا (8) انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا) الفرقان ) (9)
حوار إبراهيم – عليه السلام – مع قومه
ومن أمثلته قوله تعالى ( وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ (51) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ (52) قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ (53) قَالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (54) قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ (55) قَالَ بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ …. الآيات ) الأنبياء ( 51 ـــ 70 )
لقد كان لإبراهيم موقف جريء رائع من الأصنام وعبدتها، فقال لأبيه آزر وقومه أي النمروذ ومن اتبعه وقد استخدم خطة ذكية لبيان فساد معتقدهم فاستدرجهم للاعتراف بعجز أصنامهم لكنهم ما لبثوا أن عادوا إلى استكبارهم وجحودهم فشبه الله رجوعهم عن الحق إلى الباطل بانقلاب الشخص حتى يصبح أسفله أعلاه بطريق الاستعارة. قال تعالى (قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ (62) قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ (63) فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ ) (64) ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ ) الأبياء (65) [10]
حوار التابع والمتبوع
ويشمل الحوار بين الشيطان وأتباعه وبين الضعفاء والمستكبرين قال تعالى (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) إبراهيم (22) أي وقال إبليس لأتباعه الإنس، بعد ما قضى الله بين عباده، فأدخل المؤمنين الجنات، وأسكن الكافرين النار: إن الله وعدكم بالبعث والجزاء وعد الحق على ألسنة رسله، وكان وعدا حقا وخبرا صدقا، وأما أنا فوعدتكم ألا بعث ولا جزاء، ولا جنة ولا نار، فأخلفتكم موعدي، إذ لم أقل إلا باطلا من القول وزورا . [11]
وقال تعالى (وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ ) إبراهيم (21) فقال الضعفاء، أي الأتباع للقادة والسادة والكبراء في العقل والتفكير، أولئك القادة الذين استكبروا عن عبادة الله وحده وعن اتباع الرسل: إنا كنا تابعين لكم، مقلدين في الأعمال، نأتمر بأمركم ونفعل فعلكم، فكفرنا بالله، وكذبنا الرسل متابعة لكم، فهل أنتم تدفعون عنا اليوم بعض عذاب الله، كما كنتم تعدوننا وتمنوننا.
فأجابهم القادة المتبوعون متنصلين من الدفاع عنهم: لو هدانا الله لدينه الحق، ووفقنا لاتّباعه، وأرشدنا إلى الخير، لهديناكم وأرشدناكم إلى سلوك الطريق الأقوم، ولكنه لم يهدنا، فحقت كلمة العذاب على الكافرين.
ثم أعلنوا يأسهم من النجاة فقالوا: سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا.. أي ليس لنا خلاص ولا منجى مما نحن فيه إن صبرنا عليه أو جزعنا منه، أي أن الجزع والصبر سيّان، فلا نجاة لنا من عذاب الله تعالى. [12]
المطلب الثاني : حوار الملائكة والأنبياء والمؤمنين
حوار الله للملائكة
لقد كانت محاورة الله سبحانه وتعالى مع الملائكة طرازاً يختلف عن سائر المحاورات القرآنية الأخرى، فهي نموذج أعلى للإرشاد والقدرة والتوجيه، حيث جعل الله سبحانه وتعالى من ذاته معلماً ومثلاً أعلى يقتدى به في مثل هذه المحاورة كما في قول الملائكة لله سبحانه وتعالى: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) البقرة (30)
قد يتبادر إلى ذهن السامع أن هناك معارضة من الملائكة لله تعالى على خلقه وقراراته، والواقع ليس كذلك، بل هو مجرد اختلاف في الرأي مع الله سبحانه وتعالى، وما كان لهم أن يضعوا أنفسهم في هذا الموقف مع الخالق سبحانه، ولكن الله وضعهم فيه ليعطي من خلالهم لمخلوقاته دروساً في الشورى التي هي واجب على ولي الأمر، فجعل المولى عز وجل ذاته طرفاً في حوار يختلف فيه الرأي مع الملائكة في خلق آدم عليه السلام.
ففي هذه المحاورة بين” الله تعالى وملائكته نوعا من التخيل بإبراز المعاني المنقولة بالصور المحسوسة تقريبا للأذهان .
حوار الله مع أنبائه
وقد ضرب الله سبحانه وتعالى بحواره مع أنبيائه مثلا ليعلم الناس وخاصة ذوي الجاه والسلطان ألا يضيقوا برأي مخالف بل ينبغي أن تتسع صورهم وعقولهم لاستيعاب ما يوجه إليهم من تساؤلات، وألا يعالجوا هذا الخلاف بمنطق الغضب من المخالفين ولا بمنطق السلطة والقوة في حوارهم معهم، بل يجب أن يكفلوا لكل ذي رأي مخالف حريته، ثم يعتمدوا على الحجة والمنطق، حتى يتضح الحق فيرجع المجانب للصواب عن رأيه ويتوب إلى الله.
كما جاء في قصة نوح عليه السلام بعدما دعا قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً فلم يؤمن إلا قليل وكان أمرالله بالطوفان على الكافرين فلما رأى مصير ابنه مع الهالكين حيث وقع سيدنا نوح عليه السلام بين صراعين، صراع النبوة بكامل جلالها وعاطفة الأبوة بكل غريزتها فرجع إلى ربه محاوراً بعد أن غلبته الغريزة الأبوية قال تعالى (وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ ) هود (45) وفي هذا تغليب المشاعر الأبوية على جوانب [13]النبوة التي يجب أن تذوب على المشاعر والأحاسيس والعواطف في تعاملها قال تعالى (قَالَ يَانُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ ) هود (46)
أي أن سؤالك إياي يا نوح عن ولدك وطلبك له النجاة عمل غير صالح مبيناً أنه عندما تتعارض رابطة النسب ورابطة العقيدة فإن رابطة العقيدة هي المقدمة وهي الأولى.
وحواره سبحانه وتعالى مع إبراهيم -عليه السلام- حينما سأل ربه فقال تعالى (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى ) البقرة (260) وكأن إبراهيم غير متيقن تماماً من البعث كل اليقين، فلم يعزره ربه ولم يستعمل معه القوة ، بل حاوره حواراً علمياً مقنعاً، فقال له رب العزة: (قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ) البقرة (260)
وحواره سبحانه وتعالى مع موسى -عليه السلام- عندما طلب من ربه بكل إلحاح: أن يأذن له برؤيته سبحانه وتعالى لأجل أن يزداد يقيناً وليحاج بما رأى قومه الذين قالوا له “أرنا الله جهرة”.
فلم بردَّ الله عليه مقولته وطلبه، بل حاوره الله ليملأ نفسه يقينا كما في قوله تعالى (وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ ) الأعراف (143)
حوار الله لرسوله – صلى الله عليه وسلم
وهو حوار التسلية والتسرية والتثبيت ومن أمثلته : قوله تعالى ( فى سورة الأنعام (انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (24) وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (25) وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (26) وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَالَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) الأنعام (27)
حوار الله تعالى للمؤمنين
وهو حوار الإرشاد والتوجيه برفقٍ ورحمةٍ ، وبيانٍ وحكمةٍ ومن أمثلته قوله تعالى (وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) الأنعام (108)
حوار الرسول – صلى الله عليه وسلم – للمؤمنين
وهو حوار تبدو فيه روح المحبة وتتجلى فيه معاني الرحمة ومن أمثلته قوله تعالى (وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ الأنعام (54)
الخاتمة
يعتبر الحوار من أرقى وأسهل طرق وأساليب التواصل بين الناس والتفاهم من أجل التعايش بين البشر الذي يجمعهم أصلُ واحد ويستوعبهم كوكبٌ واحد .
وهو وسيلة سلمية يسيرة لتبادل الآراء وتلاقح الأفكار وصولا إلى رأي سديد يجتمع عليه الناس أو لتقريب وجهات النظر وتفهُّم المواقف .
الحوار ضرورة عصرية : ففي هذا العصر الذي أضحى العالم فيه مع تنائي الديار وتباعد الأقطار كالقرية الصغيرة ، أصبح الحوار ضرورة تفرضها علينا تلك الثورة الهائلة التي لم تكن تخطر على بال ، ثورة الاتصالات سيما ذلك التواصل عن طريق شبكات الانترنت .
وقد جعل القرآن الحواروسيلة وسبيلا لحل كل القضايا ، مع أعدائه ومخالفيه وولم يجعل من القوة سبيلاً قط إلى التعامل مع المخالفين، وإنما يجعلها عقوبة للمصرين على الباطل بعد سطوع الحق لتكون أيضاً وسيلة إلى إعادتهم إلى الحق كما مر علينا.
فمن هنا ندرك أهمية الحوار في حياة الناس، وندرك مدى عظم هذه الأمنية، أمنية أن تصبح المحاورة سبيل الناس في وصولهم إلى الحق، ووصول حقهم إليهم.
وصلى الله وسلم على نبيه الكريم .
المصادر والمراجع :
- المصحف الشريف
- التفسير المنير فى العقيدة والعقيدة والشريعة والمنهج / د وهبه مصطفى الزحيلى
- الحوار فى القرءان الكريم / معن محمود عثمان ضمرة
- الحوار فى القرءان الكريم آدابه وفضائله / خليل غبراهيم فرج
- الحوار القرءاني فى ضوء سورة الأنعام / أحمد محمد الشرقاوى
- الحوار أشكاله وعناصره / د : إسماعيل صينى
Margins:
- وهبه الزحيلى ، التفسير المنير / ج / 15 / ص 252 دار الفكر المعاصر ط الثانية : 1418 هــ ↑
- الحوار فى القرءان الكريم / ص 8 / تأليف معن محمود ضمرة ↑
- ــ الحوارفى القرءان الكريم آدابه وفضائله / ص / 8 تأليف : إبراهيم فرج ↑
- التفسير المنير / ج 7 / ص 269 مصدر سابق ↑
- التفسير المنير / ج / 3 / ص : 254 مصدر سابق ↑
- الحوار أشكاله وعناصره / ص 10 ــ 17 تأليف الدكتور إسماعيل صينى ↑
- الحوار القرءاني فى ضوء سورة الأنعام / ص / 6 تأليف أحمد محمد الشرقاوى ↑
- الحوار القرءاني فى ضوء سورة الأنعام / ص 21 ـــ 34 مصدر سابق ↑
- الحوار القرءاني فى ضوء سورة الأنعام / ص 17 ــ 20 الحوار القرءاني آدابه وفضائله / ص 4 ــ 6 ↑
- التفسير المنير / ج / 17 / ص 70 ــ 78 مرجع سابق ↑
- التفسير المنير / ج / 12 / ص 237 مرجع سابق ↑
- التفسير المنير / ج / 13 / ص 236 مرجع سابق ↑
-
الحوار القرءاني فى ضوء سورة الأنعام / ص 18 ــ 20 الحوار القرءاني آدابه وفضائله / ص 4 ــ 5 ↑