أثر مسرحة المناهج في تطوير مهارتي المحادثة والاستماع في تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها

صبا بدر1

1 جامعة إسطنبول آيدن، تركيا.

البريد الإلكتروني: seba.bader.92@gmail.com

المعرّف العلميّ: https://orcid.org/0000-0003-3632-4843

HNSJ, 2022, 3(6); https://doi.org/10.53796/hnsj3616

Download

تاريخ النشر: 01/06/2022م تاريخ القبول: 10/05/2022م

المستخلص

يسلط البحث الضوء على مسرحة المناهج وأهميتها في تطوير مهارتي الاستماع والمحادثة لدى متعلمي اللغة العربية الناطقين بغيرها في المستوى المتوسط، وذلك من خلال الحديث عن تاريخ المسرح وتطوره عبر الأزمنة، مع ذكر عناصره الأساسية وتنوع أنماطه وأساليبه في التطبيق، إضافة إلى الخطوات المقترحة للتدريس من خلاله، وأهداف استخدام مسرحة المناهج في تعليم العربية للناطقين بغيرها، ومعرفة القدرات التي يمكن اكتسابها من خلال استخدام المسرح، وكذلك الحديث عن دور المعلم في هذه الاستراتيجية، مع ذكر المعوقات التي يمكن أن تواجه المعلم عند تطبيق مسرحة المناهج، إضافة إلى المقترحات العلاجية للمعوقات.

الكلمات المفتاحية: المسرح، مسرحة المناهج، المسرح التعليمي.

Research title

The impact of curriculum dramatization in developing speaking and listening skills in teaching Arabic to non-native speakers

SEBA BADER1

1 Istanbul aydin University

 EMAIL: seba.bader.92@gmail.com

Scientific identifier: https://orcid.org/0000-0003-3632-4843

HNSJ, 2022, 3(6); https://doi.org/10.53796/hnsj3616

Published at 01/06/2022 Accepted at 10/05/2021

Abstract

The research sheds light on the theatrical curricula and its importance in developing the listening and speaking skills of non-native Arabic language learners at the intermediate level, by talking about the history of theater and its development over time, mentioning its basic elements and the diversity of its patterns and methods of implementation in addition to the proposed steps for teaching by it. The objectives of using curriculum theater in teaching Arabic to non-native speakers, knowing the capabilities that can be acquired through the use of theater, as well as talking about the teacher’s role in this strategy, mentioning the obstacles that the teacher may face when applying Curriculum drama, in addition to remedial proposals for obstacles.

Key Words: Theater, curriculum drama, educational theatre.

المقدمة:

إن اللغة هي رمز التعبير ووسيلته، والأداة التي تنقل الأفكار وتترجم عنها، وفي مقدمة اللغات جميعا تعبيرا ودلالة اللغة العربية، لما تحتويه من مجموعة هائلة من الكلمات التي تحمل معاني متعددة تبعا لتعدد درجات الحدث، وللقرآن الكريم الدور الأعظم في حفظها وحمايتها من الاندثار، وقد تنوعت طرق وأساليب تعليم اللغة العربية وتطورت مع تطور حياة الإنسان، وحاول الباحثون والمفكرون تكريس حياتهم لتطوير أساليب وطرق تدريسها لتتلاءم مع عصرنا الحالي والذي بات كل شيء فيه يسير بسرعة هائلة.

ومن هذه الوسائل والاستراتيجيات المسرح، والذي يعد لونا من ألوان النشاط الذي يمكن أن يؤديه المتعلمون وأن يشاركوا فيه تحت إشراف المعلم داخل الفصل أو خارجه، “واذا كان المسرح المدرسي يقترب كثيرا من المسرح كفن من الفنون الأساسية التي عرفها ومارسها الإنسان منذ العهود القديمة إلا أن المسرح المدرسي يحتفظ بفلسفة وأهداف خاصة تتناسب مع طبيعته ووظيفته الأساسية” (خضر، محمد، 1992: 24)

أهمية البحث:

تتمثل أهمية البحث في أنه يعد من الدراسات النادرة – في حدود معرفة الباحثين – في ما يتعلق بالكشف عن أثر مسرحة المناهج في تحصيل طلبة اللغة العربية للناطقين بغيرها في مهارتي الاستماع والمحادثة، إضافة إلى أنه يتفق مع ما ينادي به علماء اللغة والتربية حاليا بضرورة النظر في المناهج الدراسية وإعادة بنائها وتقديمها باستراتيجيات تدريسية حديثة تسهم في عملية التفاعل بين المعلم والدارس وتعد مسرحة المناهج إحدى استراتيجيات التدريس الحديثة، كما أن من شأن هذا البحث لفت القائمين على تأليف مناهج اللغة العربية للناطقين بغيرها، والتركيز على استخدام طرق وأساليب حديثة لإزالة العوائق والصعوبات وتحقيق الأهداف المنشودة في تعليم اللغة العربية بطريقة محببة وممتعة.

أهداف البحث:

يهدف البحث إلى:

  • التأكيد على أهمية دمج المسرح في المناهج التعليمية وضرورة إدخاله في تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها.
  • إظهار دور استراتيجية مسرحة المناهج في تنمية مهارتي الاستماع والمحادثة لدى الطلاب الناطقين بغير العربية.
  • إبراز أثر مسرحة المناهج في تطوير مهارتي الاستماع والمحادثة في عملية تعليم العربية للناطقين بغيرها، وقياس مدى قدرة المتعلمين على التعامل معها.
  • الإسهام في جعل تعلم اللغة العربية محبب وميسر للناطقين بغيرها.
  • تطوير قدرات المعلم ومهاراته في استخدام المسرح ضمن العملية التعليمية والتعامل معه.

مشكلة البحث:

إن استخدام الطرق والأساليب التقليدية في العملية التعليمية يجعلها مملة للمعلمين والمتعلمين على حد سواء، وبتطور العلم وأساليبه، وجدت طرق حديثة ترفع من سوية الدروس وتعطي حافزا للمعلم والمتعلم في الوقت نفسه وتضفي جوا من المتعة والتسلية، ومنها: استراتيجية مسرحة المناهج وإدخال المسرح إلى العملية التعليمية.

وتكمن مشكلة الدراسة في محاولة الكشف عن أثر مسرحة المناهج في تطوير مهارتي الاستماع والمحادثة لدى طلبة اللغة العربية الناطقين بغيرها ومدى تحصيل طلبة اللغة العربية للناطقين بغيرها الذين يطورون مهارتي الاستماع والمحادثة من خلال المسرح ومدى اختلافهم عن الطلبة الذي يتعلمون بأساليب تدريس اعتيادية إضافة إلى عدم وجود الخبرة والكفاءة الكافية لدى المعلمين وافتقار المباني التعليمية للمسارح لتطبيق هذه الاستراتيجية.

أسئلة البحث

  • كيف نستطيع توظيف المسرح في المناهج التعليمية لتطوير مهارتي الاستماع والمحادثة في تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها؟
  • ما أثر مسرحة المناهج في تطوير مهارتي الاستماع والمحادثة في عملية تعليم اللغة العربية للنطقين بغيرها؟
  • ما الإجراءات التي يمكن أن يتبعها المعلم لتوظيف المسرح في العملية التعليمية؟
  • ما مدى إمكانية توظيف المسرح ضمن المناهج في تعليم العربية للناطقين بغيرها وتطويرها للمهارات اللغوية؟

أهمية البحث:

تتمثل أهمية البحث في ما يأتي:

  1. يقوم بالكشف عن أثر مسرحة المناهج في تحصيل طلبة اللغة العربية للناطقين بغيرها في مهارتي الاستماع والمحادثة.
  2. يتفق هذا البحث مع ما ينادي به علماء اللغة والتربية حاليا بضرورة النظر في المناهج الدراسية وإعادة بنائها وتقديمها ضمن استراتيجيات تدريسية حديثة تسهم في عملية التفاعل بين المعلم والدارس.
  3. يلفت البحث القائمين على تأليف مناهج اللغة العربية للناطقين بغيرها، والتركيز على استخدام طرائق وأساليب حديثة لإزالة العوائق التي من شأنها إعاقة تحقيق الأهداف التعليمية.
  4. يعد هذا البحث مؤشرا إيجابيا لإجراء دراسات أخرى في ما يتعلق بالكشف عن أثر مسرحة المناهج في تحصيل طلبة اللغة العربية للناطقين بغيرها.

الدراسات السابقة:

شهد مجال تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها اهتماما كبيرا، وتجسد في البحث عن أساليب وطرائق تدريسية جديدة ومتنوعة تلبي حاجات المتعلمين. ولما للدراما التعليمية من أهمية في العملية التعليمية، فقد حرص الباحثون على إقامة دراسات تناولت أثر الدراما والمسرح في تعليم اللغات أو تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، ووضعوا أهدافا لهذه الدراسات ونتائج. وصارت الدراما الحوارية ميدانا خصبا لتعليم وتعلم اللغة وتنمية مهارات التواصل اللغوي في كثير من بلدان العالم، ومن هذه الدراسات:

دراسة Vits 1984

وهي بعنوان “أثر استخدام الدراما على تحصيل اللغة الشفوية وتطورها لدى الأطفال الذين يتعلمون اللغة الإنجليزية كلغة ثانية”، وأجريت الدراسة على طلاب من ذوي الكفاءة المحدودة في اللغة الإنجليزية، وشاركوا جميعهم في جلسات الدراما الإبداعية مدة شهرين؛ وقامت فرضية الدراسة على أنه إذا شارك الطلبة من ذوي الكفاءة المحدودة في تقنية الدراما الإبداعية، فإن كفاءتهم اللغوية ستصبح أفضل، وقد أظهرت الدراسة تحسنا أفضل في المهارات اللغوية وبالتالي فاعلية أسلوب الدراما في النمو اللغوي، وأن التفاعل والاتصال بين الطلبة أدى إلى تطوير مهارات اللغة لدى طلاب العينة التجريبية.

دراسة زاهر 1994

وكانت بعنوان “أثر تمثيل الأدوار في تحصيل طلبة المرحلة الثانوية في المفردات والتراكيب النحوية في مادة اللغة الإنجليزية واتجاهاتهم نحوها”، وهدف الدراسة كان الكشف عن أثر تمثيل الأدوار في تحصيل طلبة المرحلة الثانوية للمفردات والتراكيب في مادة اللغة الإنجليزية واتجاهاتهم نحوها، وقد أظهرت النتائج أن تمثيل الأدوار يعد تقنية فعالة في تعلم المفردات والتراكيب النحوية؛ وأثبت تمثيل الأدوار أنه نشاط متكامل يساهم في تطوير مهارات اللغة الإنجليزية الأربع: المحادثة والاستماع والقراءة والكتابة، وأوصت الدراسة بضرورة استخدام أسلوب التمثيل لتطوير مهارات اللغة الإنجليزية.

دراسة Hui, Lau 2006

وكانت تهدف إلى معرفة أثر الدراما في تنمية القدرات الإبداعية وطلاقة التعبير الشفوي لطلبة الصفين: الأول والرابع، وبعد مقارنة الاختبارات والتحليلات الإحصائية كشفت النتائج عن وجود فروق في مقياس القدرات الإبداعية وطلاقة التفكير تعزى لصالح المجموعة التجريبية ولكلا الجنسين.

منهج البحث

يتبع البحث المنهج الوصفي التحليلي الذي يقوم على الوصف والتشخيص والتحليل وجمع المعلومات لكونه مناسبا للدراسات التربوية.

مصطلحات البحث:

المسرح التعليمي: وهو منظومة تربوية هادفة متكاملة من العلاقات والتفاعلات له مـدخلات وخطوات، ويتضمن إعادة تنظيم المحتوى العلمي للمادة الدراسية وتشكيلها ضمن مواقـف وأنشطة هادفة ممسرحة، ويتم التركيز فيها على العناصر والأفكار المهمة المـراد إيصالها لتحقيـق الأهداف التربوية المنشودة بالاعتماد على عدة عناصر ( المعلم – المتعلم – المادة الدراسية – بيئـة التدريس) ويشكل النشاط اللغوي فيها وسيلة الاتصال الأساسية لتقديم الحقائق، والمعارف، والمفاهيم، والاتجاهات والقيم، والخبرات التعليمية للمتعلم داخل الفصل الدراسي لتحقيق النمـو المتكامل، ويعرفه مجاور بأنه نشاط لغوي محبب ويعتبر من أبرز الأنشطة التربوية التي يرغب فيها الصغار ويهواها الكبار. (مجاور، 1980: 56)

مسرحة المناهج: ويعرفها كمال الدين حسين بأنها تحويل المناهج والمقررات الدراسية إلى مسرحية تعبر عن الأفكار والمعلومات والقيم التربوية والجمالية عن طريق الحوار الذي يدور بين الشخصيات بأسلوب جذاب متناسق الشكل والمضمون محتويا على عناصر المتعة والفائدة. (حسين، كمال الدين، 2009: 81)

عناصر النص المسرحي:

توظيف مسرحة المناهج في العملية التعليمية يتطلب مراعاة عناصر النص المسرحي عند إعداد المسرحيات التعليمية، حيث يتألف النص المسرحي من مجموعة من العناصر يمكن إجمالها فيما يلي:

1- الفكرة:

“تعني القيمة التعليمية الأساسية أو المفهوم التعليمي الأساسي الذي يحاول من خلال توظيف فن العرض المسرحي تبسيطه وشرحه للمتلقي”، كما يجب أن تكون واضحة وسهلة وذلك لأنها تمثل الموضوع الأساس الذي يبنى عليه وتتجمع حوله بقية المواقف والأحداث لإبرازها واضحة في ذهن المتعلم. (حسين، كمال الدين، 2009: 81)

2 – الموضوع:

وهو الحدث العام الذي من خلاله يتم عرض الفكرة المراد إعدادها دراميا بشكل يسمح بعرضها على المتعلمين بأسلوب غير مباشر يعتمد على القدرات الدرامية لفن الكتابة والمسرح، ويجب أن يشرح الموضوع الفكرة بشكل غير مباشر وأن يكون في حدود الواقع والمنطق المناسب لقدرات المتعلمين.

3- الحبكة:

وتعني “الموقف المتأزم في العمل المسرحي المعروض وبعد الوصول إلى قمة العقدة تتجه المسرحية إلى الحل أو الانفراج الدرامي” وتشمل الشخصيات والحوار والأفكار والأحداث وطريقة المزج بين هذه العناصر حتى تصبح كلا متكامل الشكل والتركيب والمفهوم والهدف، وتحافظ على اهتمام المتعلم خلال العرض بهدف إقناعه وإثارة عواطفه. (خضر، محمد، 1992: 37)

4- الشخصيات:

وهي الوسيلة التي يتحول من خلالها النص المكتوب إلى حركة فيما تقوله وتفعله أو يجول في خاطرها من أفكار، والشخصيات تنمو وتتطور مع الأحداث والمواقف المتوترة مع الشخصيات الأخرى أو مع نفسها، وهي تتعدد بين رئيسية وثانوية.

5- الصراع:

“القوى المحركة للفعل داخل النص المسرحي وتفقد المسرحية قيمتها ومتعتها بدون هذا الصراع، لأن الجانب الفني بدون صراع ينهار ويتحول النص المسرحي إلى مجرد سرد كلامي وينبغي أن يخضع الصراع لمنطق مقبول عقليا من التلاميذ وأن يحسم في النهاية لصالح القيم الإيجابية والأخلاقية وبأساليب تربوية وأن يتم تنفيذه بأساليب منطقية تناسب التلاميذ”. (جمعة، دعاء أنور: 15)

6- الحوار:

وهو ركن مهم من أركان المسرحية حيث يصور الفكرة والوجدان والشخصيات، ويتم من خلاله جذب انتباه المتعلم، وينبغي أن يكون طبيعيا ومقنعا وملائما للمستوى اللغوي والعمري للمتعلمين.

أنماط النشاط الدرامي الممسرح:

المسرح التفاعلي وهو نمط جديد يتجاوز المفهوم التقليدي للمسرح حيث يمكن للمتلقي أن يكون ضمن هذا العرض بطرح أفكاره والدخول في نقاش مع الممثلين، وبالتالي يكون له دور كبير في تنمية مهارتي الاستماع والمحادثة لدى الدارسين.

لعب الأدوار: وهي استراتيجية تقوم على التطبيق الواقعي للحياة والمواقف اليومية حيث يشارك المتعلم تجاربه ومهاراته وخبراته مع الآخرين من خلال تجسيد شخصية ما يؤدي فيها دورا تمثيليا معينا.

التمثيل بالدمى والعرائس: هو مسرح شعبي قديم تستخدم فيه دمى تسمى عرائس، ويقوم الممثلون بتحريكها عن طريق اليد والكف أو عن طريق خيطان وأسلاك معلقة بها وباستخدام أصوات الممثلين، ويمكن أن يستخدم هذا النمط كوسيلة تعليمية تنمي المهارات اللغوية فهي محببة إلى نفوس الدارسين وخاصة الصغار منهم.

المسرح الغنائي: وهو نوع من المسارح القائمة على الغناء، وهذا النوع من الأنشطة لا يقوم برفع دافعية المتعلم فحسب، بل يعتبر محفزا للمعلم كذلك، نظرا لتجاوب الدارس واستمتاعه بالتعلم وكسر الرتابة ضمن الحصة الدرسية،” فالأعمال الغنائية تقرب المتعلمين أكثر من اللغة ومن فهم معانيها بشكل أفضل، والحصول على قواعد جديدة أثناء التغني بالكلمات ودراستها، حيث يكشف اللحن من خلال النغمات، عن بعض المفاهيم ويوحي ببعض الأحاسيس التي تخفيها الكلمات” (الصيفي، محمد، 2018: 134)

المسرح عبر الانترنت: وهو نوع من المسرحيات التي يتم عرضها عبر الانترنت، وإما تكون هذه المسرحيات مسجلة أو تعرض بشكل مباشر، ويمكن أن يكون المتعلم جزءا منها إن كان نوع العرض تفاعليا، ولهذا النمط دور مهم في تنمية مهارتي الاستماع والمحادثة لأنه يمكن المتعلم من التحكم في مشاهدة العروض من خلال تشغيلها وإيقافها وإعادة تشغيلها والرجوع فيها إلى نقطة معينة.

خطوات التدريس المقترحة وفقا لاستراتيجية مسرحة المناهج

أولا: مرحلة الإعداد للمسرحية وتتمثل بتحديد المسرحية المناسبة واختيار الممثلين وأدوارهم.

ثانيا: مرحلة تدريس المسرحية وتتمثل بتهيئة واستثارة حماس الدارسين وعرض المسرحية إما عن طريق الحاسوب أو تمثيلها من قبل المتعلمين أنفسهم.

ثالثا: مرحلة التقويم وفيها يتم مناقشة المسرحية وتحليلها مع الدارسين وتقويمها، وبذلك يسهل على الطلاب الفهم والتذكر ويستفاد بها في تنمية مهارتي الاستماع والتعبير الشفوي.

أهمية مسرحة المناهج:

لمسرحة المناهج أهمية ذكرها هشام زين الدين في كتابه التربية المسرحية وهي:

  • ” تحويل التعلم من واجب مفروض على التلميذ إلى متعة مرغوبة.
  • تحقيق الرغبة عند التلميذ للمدرسة.
  • توسيع آفاق التلميذ ومداركه.
  • تعزيز قيم المشاركة والتفاعل مع الآخر من خلال الدرس.
  • تبسيط وتسهيل عملية إيصال المعلومات والمضامين التربية من المعلم إلى التلميذ.
  • ترسيخ المعلومات في ذاكرة التلميذ بطريقة غير مباشرة.” (زين الدين، هشام، 2008: 54)

دور المعلم في مسرحة المناهج:

للمعلم دور مهم في مسرحة المناهج من حيث التخطيط والتطبيق وإثارة الأسئلة والتقييم؛ فهو المعلم والقائد والممثل والمخرج والموجه، وهو من يخلق العرض المسرحي ويشارك فيه ويقيمه مع المتعلمين.

فلم تعد مهمة التدريس تقتصر على إيصال حقائق جافة للطلاب أو إيصال الكمية الأكبر منها إلى عقولهم فحسب؛ وإنما الأهم من ذلك طريقة تقديمها لهم، فالتدريس لم يعد روتينيا يتخذه بعضهم لسد حاجات مادية معينة، بل فنا وعلما في آن واحد، وتظهر قدرات المعلم الابتكارية والجمالية في اللغة والتفكير والحركة التعبيرية والتعامل الإنساني من خلال التدريس، والتعليم يستهدف بالأصل الدارسين من أجل تحقيق تغيير محدد في شخصياتهم من حيث التفكير والعاطفة والسلوك والحركة والناحية الاجتماعية.

أهداف استخدام المسرح في تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها

يوجد أهداف ومسوغات تدفع التربويين إلى تبني الدراما التعليمية وتوظيفها في تعليم اللغات على نحو عام وتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها على نحو خاص، وقد ظهر ذلك من خلال اطلاع الباحثين على الأدب التربوي الذي تناول موضوع الدراما التعليمية. ومن هذه الأهداف:”

  1. نطق الطلبة نطقا صحيحا.
  2. تدريب الطلبة على التعبير الصحيح، وإجادة الكلام.
  3. إدراك الطلبة أن اللغة العربية لغة سهلة وممتعة وذلك بالربط بين اللغة العربية الفصيحة والحياة اليومية من خلال تمثيل موقف حياتي يمارسه يوميا أو قرأ عنه.
  4. تنمية الثروة اللغوية لدى المتعلم، وإغناء معلوماته.
  5. تنمية قدرات المتعلم على التفاعل وتبادل الخبرات.
  6. تنمية قدرة المتعلم في مهارتي: الاستماع والتحدث.
  7. تخليص متعلم اللغة من الخجل وعيوب النطق والانطواء والأمراض اللغوية والأمراض السلوكية.
  8. المساعدة في إثارة اهتمام المتعلم بالدرس وجذب انتباهه.
  9. المساعدة في فهم المادة اللغوية لاحتوائها على عناصر تعزز الألفاظ وتؤكد معانيها مثل الحركات الجسمانية والإشارات وتعبيرات الوجه، وتتابع المواقف بطريقة تشبه الأحداث في الحياة اليومية.” (الربابعة، إبراهيم حسن، والحباشنة، قتيبة يوسف، 2015: 633)

معوقات تطبيق مسرحة المناهج

ومن الأمور التي يمكن أن تعيق تطبيق مسرحة المناهج بعضها:

– قلة خبرة المعلمين بالإشراف على مسرحة المناهج التعليمية، والتي تشكل عائقا حقيقيا أمام تحقيق هذا الهدف.

– افتقار المدارس للمسارح لأداء هذا النهج وتطبيقه، ما يعيق الاستفادة من هذه المقاربة.

– “قلة الاهتمام بالمسرح المدرسي عموما، وافتقار الممارسة الشمولية له على المؤسسات التعليمية، بل واقتصاره على النشاطات اللا صفية المناسباتية فقط لا غير، مما يغذي الطرح السائد أن المسرح وجد للترفيه، ولا يمكن استغلاله في التربية والتعليم” (سيد أحمد، ورغي، 2017: 17)

– كثرة المواد التعليمية، مما يُصعّب ابتكار مقررات دراسية جديدة ممسرحة.

– تحتاج إلى وقت زمني طويل للإعداد والتحضير، وكتابة النص، وتهيئة المتعلمين إلى الإخراج المسرحي.

مقترحات علاجية لمعوقات تطبيق مسرحة المناهج

ويمكن الحد من معوقات النشاط التمثيلي من خلال بعض المقترحات منها:

  • أن يتم تدريب المعلمين ليصبحوا قادرين على تطبيق استراتيجية مسرحة المناهج والإشراف عليها ضمن الحصص الدراسية.
  • أن يتم ربط المناهج المدرسية بالمسرح كي تتحقق الأهـداف التعليمية داخل قاعات الدرس من خلال ممارسة النشاط المدرسي المسرحي.
  • إقامة المسارح ضمن المدارس ومعاهد تعليم اللغات.
  • توفير كتيبات تتضمن مسرحيات مدرسية وتكون مصاحبة للمنهج المدرسي وتخـدم المقررات الدراسية بحيث تقرأ في قصص القراءة الحرة تحت إشـراف ومتابعة المعلم.
  • السعي إلى تسجيل المسرحيات عبر الإعلام المشاهد والمسموع والمقروء وعقد ندوات لمناقشتها.
  • “إنشاء مجلة للمسرح المدرسي ترصد فيها أنشطة المسرح المدرسي سنويا على مستوى وزارة التربية والتعليم وتعرض ملخصات للبحوث المرتبطة بمسرحة المناهج والمسرح المدرسي والتنويه بنصوص مسرحية حديثة وإبداعات عربية وإسلامية وأجنبية في مجال المسرح المدرسي.” (شحاتة، حسن، 2000: 234)

أما بالنسبة لواقع مسرحة المناهج والمسرح التعليمي في مدارسنا اليوم فينقصه الكثير، حيث إن المدارس غير مؤهلـة لتطبيق المسرح التعليمي وكذلك ينقصها المكان المعد لذلك، وتحتاج إلى كوادر تعليمية مدربة لتطبيق هذه المهمة الصعبة على المعلم، إلا أن هناك مدارس تحوي مسارح تعليمية ولكن لا تطبق الدروس بطريقة ممسرحة.

القدرات المكتسبة من خلال استخدام المسرح في العملية التعليمية

إن إدخال المسرح في المناهج التعليمية يحفز التفكير الإبداعي لدى المتعلمين ويزيد من المهارات والقدرات لديهم ومن هذه القدرات المكتسبة:

“أولا: الطلاقة وتعني القدرة على توليد عدد كبير من البدائل أو المترادفات أو الأفكار أو المشكلات أو الاستعمالات عند الاستجابة لمثير معين، والسرعة والسهولة في توليدها.

ثانياً: المرونة وهي القدرة على توليد أفكار متنوعة ليست من نوع الأفكار المتوقعة عادة، وتوجيه أو تحويل مسار التفكير مع تغير المثير أو متطلبات الموقف.

ثالثاً: الأصالة هي أكثر الخصائص ارتباطا بالتفكير الإبداعي، وهي الجدة والتفرد والعامل المشترك بين معظم التعريفات التي تركز على النواتج الإبداعية كمِحك للحكم على مستوى الإبداع.

رابعاً: الإفاضة وتعني القدرة على إضافة تفاصيل جديدة ومتنوعة لفكرة، أو حل لمشكلة أو لوحة من شأنها أن تساعد على تطويرها وإغنائها وتنفيذها” (القطامي، روان زياد، 2016: 55)

دور مسرحة المناهج في تطوير مهارتي الاستماع والمحادثة

عديد من الدراسات أكدت أن للمسرح دورا بارزا وفاعلا في تعليم اللغة وتعلمها بشكل عام وفي تنمية مهارتي المحادثة والاستماع بشكل خاص.

فالنشاط المسرحي يقوم بزيادة دافعية تعلم اللغة، وتعزيز ثقة المتعلم بنفسه من خلال تشجيعه على خوض غمار الحديث والنقاش والمشاركة ضمن العرض المسرحي والتعبير عن آرائه بطريقة مرتبة ومنظمة.

والدراما المسرحية تتعرض في موضوعاتها لعديد من الخبرات الإنسانية من خلال نماذج إنسانية تتفاعل مع بعضها وتتواصل مع المجتمع بثقافته ونظمه الحضارية، ووسيلتها في ذلك كله الكلمة، مما يساعد على تنمية مهارات التواصل، وأهمها الاستماع والمحادثة.

وجماليات التمثيل تعتمد على فنية الإلقاء بحيث يكون الكلام واضحا في المبنى والمعنى، وذلك يساعد في تنمية التذوق اللغوي من جهة، وفي اكتساب المتلقي لعدد من المفردات اللغوية الجديدة التي تثري قاموسه اللغوي، وبالتالي تساعد في تنمية مهارتي المحادثة والاستماع.

الخاتمة

بعد الدراسة والبحث، نجد أن للمسرح دورا كبيرا في تنمية وتطوير مهارتي الاستماع والمحادثة لدى متعلمي العربية الناطقين بغيرها، وذلك لتنوع أنماطه وقدرته على منح الفائدة والمرح في الوقت نفسه، وبالتالي فإن مسرحة المناهج استراتيجية مهمة وحديثة في التعليم والتربية كذلك، فهي تحول قاعة الدراسة إلى قاعة مسرحية، وتُخرج العملية التعليمية من قالبها التقليدي المعتاد وتُظهرها بصورة مشوقة ممتعة كاسرة للملل، وتنمي المتعلم فكريا وبدنيا وروحيا، وتخلق شخصية واعية متكاملة لديها القدرة على ربط المفهوم النظري بالواقع العملي الملموس، تكسب المتعلم ثروة لفظية كبيرة وتمكنه من تطوير مهارة الاستماع.

التوصيات

  1. التأكيد على أهمية إدخال المسرح ضمن المناهج الدراسية لدوره الكبير في تنمية مهارات اللغة والتواصل وأهمها مهارتي الاستماع والمحادثة.
  2. تأليف كتب تحتوي على مسرحيات تعليمية وتكون مصاحبة للمنهاج المقرر على أن تكون النصوص المسرحية مناسبة لكل مرحلة تعليميـة لمستويات المتعلمين.
  3. إقامة دورات تدريبية لرفع مستوى المعلمين وتمكينهم من استخدام المسرح ضمن العملية التعليمية بكفاءة.
  4. تدريب الطلاب وتأهيلهم ليصبحوا قادرين على الأداء المسرحي، ولكي ينمّوا مهارات التواصل لديهم.
  5. تقديم المواضيع التعليمية بشكل غير مباشر من خلال وضعها في خبرة حياتية وصياغتها في قالب درامي، ضمن إطار عناصر الفن المسرحي، لتحقيق مزيد من الفهم والتفسير.
  6. تخصيص مكان لإقامة المسرحيات وعرضها في المدارس ومعاهد تعليم اللغات.

المراجع:

Vits,k. 1984 The Effect of Creative Drama in English As A second Language in Children Theatre Review Dissertation Abstracts International, 20 (2).

  • Hui, A., and Lau, S. 2006. Drama education: a Touch of the Creative Mind and Communicative-expressive ability of Elementary School Children Hong Kong Thinking Skills and Creativity, 1(1), 34-40
  • خضر، محمد، 1992، تجربتي في المسرح التعليمي، الكويت، أغسطس.
  • زاهر، عايدة، 1994، أثر استخدام تمثيل الأدوار في تحصيل طلاب المدرسة الثانوية في المفردات والتراكيب في مادة اللغة الإنجليزية واتجاهاتهم في اللغة، مجلة دراسات في المناهج وطرق التدريس، الجمعية المصرية، العدد الثامن والعشرون، أكتوبر.
  • حسين، كمال الدين، 2009م، المسرح التعليمي: المصطلح والتطبيق، ط2، الدار المصرية اللبنانية، القاهرة.

جمعة، دعاء أنور، أثر توظيف مسرحة المناهج على تنمية القيم في مادة التربية الوطنية لدى طالبات الصف السادس الأساسي.

الصيفي، محمد، 2018م، أثر نشاط الغناء التربوي في تدريس/تعلم اللغة، ط1، مطابع الرباط نت، يونيو.

زين الدين، هشام، 2008م، التربية المسرحية (الدراما وسيلة لبناء الإنسان)، دار الفارابى للنشر والتوزيع، لبنان.

الربابعة، إبراهيم حسن، والحباشنة، قتيبة يوسف، 2015م، أثر استخدام الدراما التعليمية في تنمية مهارات التحدث وتحسين التحصيل لدى طلبة اللغة العربية للناطقين بغيرها، دراسات، العلوم الإنسانية والاجتماعية، المجلد 42، العدد 3، الجامعة الأردنية.

  • سيد أحمد، ورغي، 2017م، مسرحة المناهج رؤية حديثة في إدارة النشاط التعلمي الصفي، مجلة متون، الجزائر، المجلد 9، العدد 3.
  • مجاور، محمد ۱۹۸۰، تدريس اللغة العربية في المرحلة الابتدائية أسسه وتطبيقاته، الكويت، دار التعلم، ط۲.
  • حسين، كمال الدين،2009، المسرح التعليمي: المصطلح والتطبيق، ط2، الدار المصرية اللبنانية، القاهرة.
  • شحاتة، حسن، 2000م ، النشاط المدرسي، ط6، الدار المصرية اللبنانية.

القطامي، روان زياد، 2016م، أثر استخدام المسرح التعليمي في تدريس العلوم في تمية التفكير الإبداعي والتحصيل الدراسي لدى طالبات الصف الثامن الأساسي في الأردن، جامعة مؤتة، الأردن.