ثنائية الوطن والمنفى في شعر بدر شاكر السياب

فتحي منصور هويدي1

1 عضو هيئة تدريس بالجامعة الأسمرية الإسلامية ليبيا

بريد الكتروني: hfm045390@gamil.com

HNSJ, 2022, 3(6); https://doi.org/10.53796/hnsj3626

Download

تاريخ النشر: 01/06/2022م تاريخ القبول: 25/05/2022م

المستخلص

السياب هو أحد الشعراء المعاصرين الذين ابتعدوا عن مسقط رأسه بعبور البحار والجبال ، كون أن السياب عاش في حياته بعيد عن وطنه ، صرخ بمرارة في قصائده معبراً عن مأساته وحالته النفسية نتيجة بعده لوطنه وعائلته ، وظل يلعب اللحظات المؤلمة التي عاشها في المنفى ، كان من أكبر تعبيرات وطنه مأساة الاغتراب وحلم العودة إلى أسرته والوطن الذي عاش فيه طوال حياته.

Research title

The duality of homeland and exile in the poetry of Badr Shakir al-Sayyab

Fathi Mansour Howaidi 1

1 Faculty member at Asmarya Islamic University, Libya

Email: hfm045390@gamil.com

HNSJ, 2022, 3(6); https://doi.org/10.53796/hnsj3626

Published at 01/06/2022 Accepted at 25/05/2021

Abstract

Al-Sayyab is one of the contemporary poets who moved away from his birthplace by crossing seas and mountains, because Al-Sayyab lived far from his homeland. Expressions of his homeland The tragedy of alienation and the dream of returning to his family and the homeland in which he lived all his life.

المطلب الأول/ مفهوم الوطن لغة وإصطلاحاً:

يعرّف الوطن لغةً بعدة تعاريف مختلفة، فعرفه الخليل والجوهري: “الوَطَنُ: مَوْطِنُ الإنسان ومَحَلُّهُ. وأوطانُ الأغنام: مَرابضُها التي تأوي إليها، ويُقال: أَوْطَنَ فلانٌ أرضَ كذا، أي: اتّخذها مَحَلاًّ ومَسْكَناً يُقِيمُ بها، والمَوْطِنُ: كلّ مكان قام به الإنسانُ لأمرٍ. وواطنتُ فُلاناً على هذا الأمر، أي: جعلتما في أَنْفُسِكما أن تعملاه وتفعلاه، فإذا أردت وافَقْتُهُ قلتَ: واطَأْتُهُ. وتقول: وَطَّنْتُ نفسي على الأَمْر فتَوَطَنَّتْ، أي: حملتها عليه فَذَلَّتْ[1] وتوطين النفس على الشئ، كالتمهيد. ويقال: من أين ميطانُكَ، أي غايتك. والميطانُ: الموضع الذي يُوَطَّنُ لتُرسَل منه الخيل في السباق، وهو أول الغاية. والميتاء والميداء: آخر الغاية. والموطن: المشهد من مشاهد الحرب. قال تعالى: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ} [التوبة: 25][2].

ولا يختلف التعريف اللغوي عن التعريف الاصطلاحي تقريباً، فعرّفه الجرجاني: ” الوطن الأصلي هو مولد الرجل والبلد الذي فيه ووطن الإقامة موضع ينوي أن يستقر فيه خمسة عشر يوما أو أكثر من غير أن يتخذه مسكنا “[3].

فوطن الإنسان هو “مسقط رأسه ومكان سكن أهله وأقاربه أكان خيمة أو منزلاً أو ربعا أو مغنى، إنه المكان الذي أمضى فيه المرء طفولته وفتوته، وتألف النفس الوطن حتى كأنه لها جسد إن غودر هالكاً، ومحبة الرجال للأوطان لأنها تذكرهم بمآرب قضوها في فتوتهم”.[4]

والخلاصة: كلمة “الوطن” تجمع أوطان، وتعني مكان وجود الإنسان وإقامته وإستقراره ، والوطن هو ولادة الإنسان، ومسقط رأسه ومكان إقامته ، والإنسان مألوف للوطن لأنه يذكره بالأماكن التي مر بها والوطن في حالة خراب. والأحياء والمنزل.

مفهوم المنفى لغة وإصطلاحاً :

وقد ورد مفهوم النفي في قاموس العين: ” نفيت الرّجل وغيره نفياً إذا طردته، فهو منفيّ ، ويقال معناها : السجن والانتفاء من الولد : أن يتبرأ منه ، ونفيُّ الريح : ما نفي من التّراب وكذلك نفيّ المطر ونفيُّ القدر ونفي البعير: ما ترمىَ به الحُصَى ونفَى الشيء ينفى نفياً ، أي تنحىّ”[5]

إن مفهوم المنفى إصطلاحا ذو طبيعة معقدة لأنه يتعرض للإذلال كحالة من الإغتراب والعزلة التي يجبر المرء أو يجبر عليها ، فالنفي مساوٍ للتهجير والهجرة والنزوح والإرتحال الطوعية أو القسرية إلى أجزاء مختلفة من العالم.[6]

إنطلاقا من مفهوم المنفى أعلاه، أن كلمة المنفى تعني طرد الشخص من موطنه ، وعقوبة شديدة لترك الشخص من موطنه ، والنفي يعني الهجرة والنزوح من البلد الذي نشأ فيه.

ثنائية الوطن والمنفى في الشعر العربي من الجاهلي إلى العباسي

.الوطن والمنفى في الشعر الجاهلي

وقف الشاعر الجاهلي لفترة طويلة أمام الوطن وفضائه الواسع، ورسوماته، وآثاره ، وسرعان ما خُلّده في الشعر العربي، فالوقوف على الأطلال والموطن الأول للشاعر ومحبوبته، هو المحرّك الأول لأحاسيس الشاعر، وهو أسلوب تقليدي أفتتحت به أشهر القصائد العربية على الإطلاق وأرقاها المعلقات.

وفي العصر الجاهلي إتخذ مفهوم الوطن معنى ضيقاً ، فقد أنحصر بشعور الانتماء إلى البيت والقبيلة ، ومفهوم ألهم الشعراء في ذلك العصر أجمل مطالع القصائد التي أنطوت على ذكر أماكن الذكريات، وبذلك مثّل مفهوم الوطن للشاعر الجاهلي المكان الذي إرتحل عنه وإرتبط بذكرياته وشعور الإنتماء ، وأيضاً إرتبط مفهوم الوطن في القصائد الجاهلية ببراعة الإستهلال في الوقوف على الأطلال، التي يتذكر فيها الشاعر منازل المحبوبة وأماكن اللقاء بها ، سواء في الواحات أو أطراف الخيام، أو مرابع الدمن، وما تحمله من مواقف تهيج المشاعر والأحاسيس، وتمتزج بالحنين إليها.

وإن دأَب الشعراء على بدأ قصائدهم بوصف الأثار التي خلفوها بعد رحيلهم يقود إلى سبب رئيس حتم على الشاعر الإكثار من هذه المقدمة، وهو حب تلك الحبيبة التي جذبته فتعلق بها ، وحمل أصدق المشاعر لها وجاء دائم التفكير بها ، ومن هنا أخذ الشاعر يتذكر ويحن إلى أيامه الماضية والوطن الذي سكن فيه معها ، ويتأمل تلك الديار التي خلت من أصحابها بعد ما كانت ممتلئ بالحياة والحركة “فهو يلتفت ويحن عقلا ووجدانا إلى مصادره”.[7]

وقد جاءت المقدمات الغزلية بوقوفها على الأطلال، وبكاءَ الديار وأهلِها كانعكاس طبيعي لعمق العلاقة بين الإنسان والمكان الذي يعيش فيه(الوطن)، فهي بمثابة بذور لمفهوم الوطن في الشعر العربي القديم ، وتعدّ من أروع الصفات التي تميز الاغتراب والترحال في الشعر الجاهلي، فالقصيدة الجاهلية تبدأ غالباً بالدعوة للوقوف على آثار الديار المهجورة ، ويعتبر امرؤ القيس[8] أول من دعا إلى الوقوف عليها[9]، يقول:[10] [الطويل]

قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ وَمَنْزِلِ بِسَقْطِ اللّوَي بَينَ الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ

فَتُوضِحَ فَالمِقْرَاةِ لَمْ يَعْفُ رَسْمُهَا لِمَا نَسَجَتْهَا مِنْ جَنُوبِ وَشَمْأَلِ

وُقُوفاً بِهَا صَحْبِي عَلَيَّ مَطِيَّهُمْ يَقُولُونَ لاَ تَهْلِكْ أَسًى وَتَجَمَّلِ

وَإِنَّ شِفَائِي عَبْرَةٌ مُهَرَاقةٌ فَهَلْ عِندَ رَسْمٍ دَارِسٍ من مُعوَّل[11]

هنا يحدّد الشاعر الماضي ويستكشف الماضي من خلال الشاعر وتأثيراته ويواصل التعبير عن حقيقة مشاعره وقلقه وإرتباكه وصراعه مع الموت ، موقفه من هذه الظاهرة الكونية الرهيبة التي ينطلق منها الإنفجار من ينبوع الحزن في روح الشاعر حزن ونسكب ينبع حزنه من البكاء ، وهكذا تذهب المقدمة الطلوليّة لتلخيص هموم الشاعر الجاهلي ونفيه وإهتماماته الأساسية ، بما في ذلك وجهة نظره عن الحياة والوجود والعدم “ففي هذه الوقفة القصيرة التي هي لحظة تأمل يغرق فيها الشاعر وينغمس في أعماق عقله الباطن، مستحضراً صورة المكان ، وقد باتت دياره رسماً دراسياً وقيعانه خراباً تقطنه الأرام وتنعق فيه الغربان ، عندها تتسلل إلى تجربة شعورية حقيقية ، تجلت فيها أرق وأعمق المشاعر الإنسانية ، من حنين وشوق وندم وحب”[12] وقد عدّ القدماء هذا المطلع من مبتكراته , إذ وقف وإستوقف وبكى وأبكى من معه وذكر الحبيب والمنزل[13]

وقد إرتبط مفهوم الوطن بالإنسان منذ عصور ما قبل الإسلام بالظروف المعيشية المادية ، والتي توفّر حياة كريمة للإنسان “وأما إذا لم تكن الظروف تناسب هذا فعلى الشخص أن يدعه وينتقل إلى مكان آخر جديد ، إلى الوطن الجديد يؤمن حاجاته فيه ، وبغض النظر عن هذا فإن الإنسان البدوي بحياته الجديدة في مكان آخر جديد وطن يحِن إلى الوطن القديم”.

والخلاصة: إنّ شعراء ما قبل الإسلام عبروا عن ثنائية الوطن والمنفى في مقدمات قصائدهم ووقوفهم على الأطلال ، فقد عبرت هذه المقدّمات عن علاقة الإنسان بالمكان الذي عاش فيه ونفي عنه ، وربّما ذكروا أسباب إغترابهم ونفيهم وتحركاتهم ، ووصفوا المعاناة التي يعانونها في المنفى من إنفصالهم عن وطنهم.

الوطن والمنفى في الشعر الإسلامي:

تغيّر مفهوم الوطن في العصر الإسلامي إلى مفهوم دار الإسلام والاخوة في الدين[14]، ورغم توافقه مع مفهوم حبّ الإنسان وطنه الذي عاش فيه، وله فيه ذكرياته وأصالة ماضية، وحلم مستقبله، وحنانه إليه، إلا أن هناك أسباباً آخرى دعت للغربة أهمها الإغتراب والإنسياح في سبيل الله لنشر دعوته والجهاد في سبيله ، وقد تحمّلها في المقام الأول الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام عليهم رضوان الله، فهو صلى الله عليه وسلم، عندما هاجر من مكّة إلى المدينة ، بعد إضطهاده في مكة ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ، وُعِكَ أَبُو بَكْرٍ، وَبِلاَلٌ، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا أَخَذَتْهُ الحُمَّى يَقُولُ:

كُلُّ امْرِئٍ مُصَبَّحٌ فِي أَهْلِهِ … وَالمَوْتُ أَدْنَى مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ

، وَكَانَ بِلاَلٌ إِذَا أُقْلِعَ عَنْهُ الحُمَّى يَرْفَعُ عَقِيرَتَهُ يَقُولُ:

أَلاَ لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً … بِوَادٍ وَحَوْلِي إِذْخِرٌ وَجَلِيلُ،

وَهَلْ أَرِدَنْ يَوْمًا مِيَاهَ مَجَنَّةٍ … وَهَلْ يَبْدُوَنْ لِي شَامَةٌ وَطَفِيلُ،

قَالَ:” اللَّهُمَّ العَنْ شَيْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَعُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَأُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ كَمَا أَخْرَجُونَا مِنْ أَرْضِنَا إِلَى أَرْضِ الوَبَاءِ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا المَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي صَاعِنَا وَفِي مُدِّنَا، وَصَحِّحْهَا لَنَا، وَانْقُلْ حُمَّاهَا إِلَى الجُحْفَةِ»، قَالَتْ: وَقَدِمْنَا المَدِينَةَ وَهِيَ أَوْبَأُ أَرْضِ اللَّهِ، قَالَتْ: فَكَانَ بُطْحَانُ يَجْرِي نَجْلًا تَعْنِي مَاءً آجِنًا” [15].

وقد يحن الإنسان إلى أرض لم يرَها ولم يسكُنْها, ولكن قلبَه تعلق بها إيماناً وعبادةً وتقرّباً إلى الله، مثل مكة والمدينة وقد جعل الله القلوب تهوي إليها , حيث قال الله عز وجل في كتابه على لسان سيدنا إبراهيمَ : (( رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ))[ إبراهيم/37]

وكلما تقدم الزمن صارت صورة الوطن أوسع وأشمل ، ولم يعد الحنين وقوفا على الأطلال والديار الدارسة كما هو الحال في كثير الشعر الجاهلي ، وحينما هاجر المسلمين من مكة ؛ حنّوا وتمنوا العودة إليها ، وهذا ابن أم كلثوم عمرو قيس[16] يتغنى بحب مكة وهو يطوف يقول:[السريع]

يا حبّذّا مكّة من وادِي أرضُ بها أهليِ وعوّادي

أرضُ بها ترسخ أوتادي أرضُ بها أمشي بلا هادي[17]

ويجب ملاحظة أنّ القرآن الكريم والتاريخ الاسلامي لم يستخدما تعبير المنفى ، بل استخدما لفظ “الإخراج من الديار” بدلالة تتضمن الإكراه ثم الهجرة .

وقد كان الشاعر المسلم هو ضمير النداء ، معبراً عن ألمه وآماله وغربته ، واستُخدم الشعر الإسلامي للتعبير عن إغتراب الدعوة الإسلامية عندما وقفت المعارضة في طريقه وعن إغتراب المسلم في المجتمع الجاهلي، و عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” إِنَّ الْإِسْلَامَ بَدَأَ غَرِيبًا، وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ، قِيلَ: مَنِ الْغُرَبَاءُ؟ قَالَ: «النُّزَّاعُ مِنَ الْقَبَائِلِ»[18].

ومن الأمثلة أيضا التي تدل على مفهوم الغربة والنفي في الشعر الإسلامي شعر مالك بن الريب الذي كتبه يرثى به نفسه ويشكواً غربته وتشرده وهو يموت غريباً بعيداً وحيداً لا يراه أهله ولا أبناؤه، بل يغرد في الصحراء وحيداً، يقول :

يَقُولونَ لا تَبْعُدْ وهُمْ يدفِنُونَنِي وأبت مكان البعْدَ إلا مَكَانيا

غَداةَ غدٍ يالَهْفَ نفسى على غَدٍ إذا أدْلجُوا عنّي وخَلّفْتُ تاويا

وأصبحَ مالي مِنْ طريقٍ وتالدٍ لِغيْري وكان المالُ بالأمْسِ ماليا[19]

فحين ظهر الإسلام وتراجع الأساس القبلي ، وحل محله أساس الإسلام ، تمثل في خروج الجند لفتح البلدان فرأو بلادا تختلف عن بلادهم في جوها وطبيعتها ومراحل حياتها ، فعاش كثير منهم هناك بأجسادهم وبقيت أرواحهم ومشاعرهم في أوطانهم ومع أهلهم ، وكثيراً ما كانت الغربة تبرز في نفسية الشاعر حين يجد حوله قوماً لا يعي لغتهم ولا نمط حياتهم ، ويرى بعض الباحثين أن هذه الأشعار الوجدانية الرقيقة التي قالها الشعراء الفاتحون وإنسكبت في أعماق المشاعر العاطفية أصدقها وأشدها حرارة ، وإستوعبت كل ما عبر عنه البكاء والأطلال من مشاعر وإحساس بالإغتراب والنفي ، وعدّت معادلا للمقدمة الطللية ، ولعل هذا يفسر سرّ اختفائها عندهم.[20]

وهنا يظهر الاختلاف والتفرد في مفهوم الوطن عند الشعراء في صدر الإسلام، حيث لا يرتبط مفهومه عندهم بشعارات أو حدود إقليمية ؛ وبالنسبة لهم يستمد الوطن جوهره من الإسلام ويعتمد عليه في كل موقف وظروف ، وهو الحبل الذي يربط النص الشعري والشاعر بالوطن[21] ، فالشاعر الإسلامي يتحدث ويدافع عن حب بلاد الإسلام ، وعندما يهاجر فمن أجل الله والرسول والدين.

الوطن والمنفى في الشعر العباسي

إضافة إلى مفهوم الوطن في صدر الإسلام طرح شعراء هذه الفترة فلسفة الإغتراب والنفي في قصائدهم ، لأن الشاعر يعبر عن الشعور بالإغتراب عند القبض عليه أو جرحه أو إذا لم ينجح بسبب أو إصابة بمرض ، إذا تم سجنه في مكان آخر غير منزله ، وواجه إذلال السجن (النفي[22]) والإغتراب ، وكان إحساسه بالإذلال أكبر بسبب معاناته من اليأس التام[23]، فهاهو أبوالعتاهية الذي كبلت حريته يبعث برسالة يبين فيها شدة الشوق إلى أم عياله يقول : [البسيط]

مِـــــــــنْ قَلْـــــــــبٍ مُتَيَّمٍ مُشْتَاقِ شَفَّـــهُ شوقُه طُـــــــــــــــولِ الْفِرَاقِ

طَالَ شَوْقِي إِلَى قعيدة بَيتيِ لَيْتَ شِعْرِي فَهَلْ لَنَا مِنْ تَلَاقِ

هِي حَظِّي قَدْ اقْتَصَرْتُ عَلَيْهَا مِـــــــنْ ذَوَاتِ العُقُودِ وَالأَطْوَاقِ[24]

إن في هذا العصر قد تطور الوطن وصار يشمل مختلف الجوانب الموضوعية والذاتية ، فهو الطبيعة بمعانيها ومنازلها ، وهو الصبا والشباب ، ولم يعد الشاعر العباسي ينتمي لقبيلته ويرحل معها باحثا عن الماء والكلأ [25] ، ولهذا اختفى شعر الحنين إلى الجزيرة العربية وحل محلها حنين إلى البصرة أو الكوفة أو خرسان في أية بقعة منها ، مادامت هذه الأماكن قد أصبحت وطنا جديدا للشعراء.[26]

لقد وجد شعراء هذا العصر في ذكر الأطلال مكانا واسعا يبوحون فيه عن معناتهم ، وأداة تشدهم إلى وطنهم وتكشف عن حنينهم ، فالشاعر شريف الرضى يعمد إلى تبادل الحواس في رسم حالة أثناء مفارقة الطلل ، إنها مفارقة من تعلقه بتلك الديار فودّ ألا يرحل عنها يوما ، إذ تتلفت العين إلى الوراء لتبقى صورة المكان تزين ناظرته ، وإذا ما خفيت تلك الأطلال تلف القلب. يقول[27]:[الكامل]

ولقد مررت على ديارهِمُ وطُلُولُهَا بِيدِ البِلى نَهْبُ

فوقَفْتُ حتى ضَجّ من لعبِ نِضوي ولَجّ تَعذْلي الرّكْبُ

وَتَلَفّتْ عيني فَمُذْ حفَيْتِ عنها الطُلولُ تَلفّتَ القَلبُ[28]

إن الوقوف على الطلل ليس متجردا عن الإحساس بالخوف والوحدة والقلق ومصير الفناء[29]، “فالشاعر المبدع في أي طلل ليس صدى تقف مهمته عند حتمية التقليد الفنى للنمط الموروث ، وإيجاد الحدود العامة التي تتيح له التعبير في إطار شعري مكرر الشكل والمحتوى، بل هو طرف فاعل في عموم الحركة الأدبية والإبداعية للعصر “[30]

فالشاعر العباسي شبيه الشاعر الجاهلي عندما عبر عن النفي والغربة من أجل الرزق ولقمة العيش، وقد كثر ذكر الوطن عند الشاعر العباسي لأن الوطن هو الإنتماء وبه تتحقق إنسانيته ، وإمتزج عندهم ذكر الوطن بالحديث عن الظلم والتعسف الذي عاشوه ، وذكر الوطن عندهم ارتبط بالدعوة إلى النهوض للتخلص منه.

المطلب الثاني/ ثنائية الوطن والمنفى في شعر بدر شاكر السياب

وثنائية والوطن والمنفى من أهم الثنائيات التي شغلت تفكير الشاعر وجاءت في العديد من قصائده حيث مثلث حالته التي مر بها في مرحلة بعده عن وطنه ، ومدى تأثره بالغربة نتيجة لبعده عن قريته جيكور التي ولد وترعرع فيها ، فالوطن في فكر الشعراء هو منبع السعادة والحياة والبعد عنه يعنى الغم والهم وبسبب ماعاناه الشعراء المحدثين من غربة ومنفى عن وطنهم شاعت ثنائية الوطن والمنفى في الشعر العربي الحديث ، وبالنظر إلى ديوانه وجدت عدة قصائد تعبر عن إغترابه وبعده عن وطنه ( لن تفترق _ ذكرى لقاء _حنين في روما _لأني غريب _غريب على الخليج _ وغدا سألقاها _ ليلة وداع _ ياغربة الروح _ متى نلتقى _ يوم سفر _ في المنفى _ العش المهجور _ لقاء بين شاعرين _ سفر أيوب _ أسفار مع المرض والعذاب )

قصيدة ( لأني غريب)

تبدأ القصيدة بالغربة والبعد عن الوطن ، وهي غربة صحية فالشاعر كتبها عندما كان غريباً عن مسقط رأسه في بيروت ، كتب قصيدة كشف فيها عن اغترابه وشوقه لوطنه العراق ، فهدف الشاعر في هذه القصيدة هو التعبير عما بداخله من شوق الى وطنه الحبيب فالقصيدة مليئة بالشوق واللوعة وحب الوطن الذى بعد عنه ،[31] يقول :

لأني غريبْ

لأنّ العراقَ الحبيب

بعيد ، وأنّى هنا في اشتياقْ

إليْه ، إليْها … أنادى : عراق

فيرجع لى من ندائى نحيب

تفجّر عنه الصدى

أحسّ بأنى عبرتُ المدى

إلى عالم من ردى لا يجيب نداءى [32]

فهذا المقطع اشتمل على عاطفة مختزلة تحت كلماتها حيث شملت(إليه:الوطن العراق ) ، (إليها : الحبيبة) ، فالشاعر هنا عبر عن فراقه وبعده عن عراقه ويرى في نفسه أنه غريب في وطن أخر خارج وطنه ، فعبر عن شوقه للعراق والحبيبة وهي إشارة إلى الوطن .

ثم يأتي المقطع الثاني والأخير حيث وظف فيه السياب لقطة من طفولته وهي تهز السدرة (شجرة النبق ) ليحصل على الثمرات ، فتتساقط دائما مع النبق الأحجار المرمية سابقا على السدرة والعالقة بين الغصون يقول:

وإما هززْتُ الغصونْ

فما يتساقطُ غَيْرُ الردى:

حجارْ

حجارُ وما من ثمار ،

وحتَّى العيون

حجار ، وحتى الهواء الرطيب

حجار ، يندِّيه بعضُ الدمِ

حجار نداءى ، وصَخْر فمى

ورجْلاى ريح تجوب القفاز[33]

ففي هذه القصيدة تغيب السدرة وتحضر الغصون فمفردة الغصون وردت في القصيدة مرة واحدة ، لكن الغصون عاقر لايتساقط منها لذيد الثمار ، ففي هذا المقطع تحجر الكون ( حجار وما من ثمار ) فهذا التحجر لحظة انقطاع يشمل الوطن والحبيبة ، فيلاحظ أن الحجار يوسق الموجودات كلها : (الثمار / العيون/ الهواء/ التداء/ الفم) فهناك انقطاع السياب عن الوطن والحبيبة وهو شعور عميق بالغربة لدى السياب عما حوله بسبب وجود المسافة بينه وبين الوطن والحبيبة ، فالمرض كثف من غربة السياب وأشعره بالعجز والضعف والحاجة إلى الأخر ، ولهذا اصدر الصرخة الضارعة (أنادي عراق) وهو نداء للوطن والحبيبة معا ، ثم عبر عن حصيلة هذا النداء بقوله ( فيرجع لي نداءى نحيب) فهنا الشاعر يزيد شعور بالقطيعة والبعد تضاف إليها مأساة جديدة وهي مرضه.

اللافت هنا أن الشاعر بدأ اغترابه الشعري ، أي اغتراب جغرافي ، أي أنه بعيد عن وطنه العراق ، لذلك أعلن أنه بعيد عن العراق وغاب عن وطنه في بيروت ، لذلك أعلنا. إغترابه المكاني والصحي .

قصيدة (غريب على الخليج)

ولم تكن قصيدة (غريب على الخليج) مثل قراءة نفس الشعار في المنفى حتى وفاته ، ” حيث كانت نشيد كل المكافحين عن أوطانهم ففيها تتجلى غربته الحادة كما يتجلى إيمانه بوطنه إلى جانب ذل حاله ” [34] يقول:

الريح تلهث بالهجيرة ، كالجثام ، على الأصيل

وعلى القلوع تظل تُطوى أو تُنشَّرَ للرحيل

زحم الخليجَ بهنّ مكتدحون جوّابر بحارِ

من كل حافٍ نصف عارى

وعلى الرملُ ، على الخليج

جلس الغريبُ ، يسرِّح البَصرَ المحيرّ في الخليج

ويهدُّ أعمدة الضياء بما يصعَّد من نشيجِ

صوت تفجر في قرارة نفسىَ الثكلى عراق ،

كالمدّ يصعد ، كالسحابة ، كالدموع إلى العيون

الريح تصرخ أي: عراق

والموج يُعول بي: عراق ، عراق ليس سوى عراق![35]

ففي هذا المقطع يعاني السياب من الألم والحزن والغربة والإجهاد الشديد ، حيث عبر عن ذلك بأن جعل الرياح الساكنة لأهثة وقد إشتدت حرارة الجو ، فالريح لاتهب على الأشرع فتبخر وتعيده إلى بلاده ، ، ولا تسكن فترسوا السفن في الميناء وهي بذلك مؤلمة ومزعجة للبحارة ، وهي كابوس يجثم على صدر الأصيل ، فيذهب الإحساس بجمال هذا الوقت وقد إزدحمت المراكب والسفن بالخليج وفوقها بحارة كادحون على الدوام يجوبون البحار طلبا للرزق ، وأكثرهم فقراء حافى القدمين شبه عراة بسبب فقرهم.إن ألفاظ الصوت ( لهات/ يهدر/ الضجيج/ نشيج/ تصرخ/ تعول) إمتلأت حتى أقصاها بالتجسيد لأن الشاعر زاوج فيها بين الإستعمالات المجازية :(الريح تلهث كالجثام على الأصيل/ كالمد يصعد/ الريح تصرخ/ الموج يعول) وبيت الأفعال المضعفة(يسرّح/محيّر/يهّد/ يصعّد/ تفجّر) كماأن خروج الأفعال(يهدر/تصرح/يعول) من دلالتها اللغوية إلى دلالات صوتية جاءت لتتضامن مع تكرار كلمة (عراق) 7مرات في بيان انسحاق الشاعر تحت وطأة الغربة والحنين إلى وطنه ، وكأن روح السياب هى التي تتحدث بما أنطقت الطبيعة.[36]

وفي هذه القصيدة يبدو السياب غريبًا عن العراق وقريته جيكور التي كتبها أثناء وجوده في الكويت رغم كونه بلدًا عربيًا ويعتقد أنه بعيد عنه رغم أنه ليس بعيدًا عن العراق وبين أنه كأنه يراه عبر أثر الإذاعة العراقية يقول:

بِالأَمْسِ حِينَ مَرَرْتُ بِالْمَقْهَى سَمِعْتُكَ يَا عِرَاقُ

فى لحظتين من الزمان ، وإن تكن فقدت مكانه

هي وجه اُمي في الظلام

وصوتُها ، ينزلفان مع الرؤى حتى أنام،

وهي النخيل أخاف منه إذا ادلهمَّ مع الغروب

فاكتظّ بالأشباح تخطفُ كلّ طفلٍ لايؤوب

من الدروب

وهي المفليِّة العجوز وما توشوش عن حزام

وكيف شق لبقمر عنه أمام عفراء الجميلة

فاحتازها…إلا جديلة؟ [37]

لقد جعل السياب في هذا المقطع زمن العراق كرة دائرة في حياته في لحظتين ، لحظة في العراق ولحظة بعد الإغتراب ، ثم يعود الشاعر إلى ذاكرته فيتذكر أمه وقد احتضنته بوجهها الجميل وأخدت تغنى له بصوتها الرخم فيغفو نائما وتحلو له الأحلام الجميلة وتعود به الذكريات إلى نخيل العراق رمز العطاء والخير ، ولكنه هنا يشير إلى الخوف والرعب فيتذكر الطفولة البريئة حيث كان يسمع خرافة ، وإذا أظلم الليل تكثر الأشباح وتخطف كل طفل لايرجع إلى بيته ، وتعود به الذكريات إلى جدته العجوز وهي تفلي شعره وتروي له حكاية (عروة وعفراء) وقد مات ، وحين شق القبر أمام عفراء لتراه فأخدت تبكيه حتى لحقت به ، أي أن فرحت عروة لم تكتمل ، وأنه امتلك قلبها ومشاعرها ولم يمتلك جسدها ، وكذلك فرحة الشاعر لم تكتمل.

كتب السياب هذه القصيدة في لحظة الإثارة النفسية والعزلة القاتلة ، لأنها تصف لحظة موت وإنهيار ، ويطارده شبح المنفى أينما ذهب ، يقول:

الشمس اجمل في بلادي من سواها

حتى الظلام هناك أجملُ ، فهو يحتضن العراق

واحسرتاه!متى أنامْ!

فأحسّ أن على الوسادة

من ليلك الصيف طلا في عطرك ياعراق[38].

يوضح هذا المقطع أن السياب تربطه علاقة وثيقة بمسقط رأسه وعائلته ، لذلك يصور الشاعر هنا أن كل شيء جميل حتى الظلام في بلاده ، وفي قرية جيكور صوره على أنه جميل , فالشاعر يتمى متحسرا أن ينام ليلة ويستيقظ على عطر الندى العراقي في قريته جيكور، وهذه القصيدة تمثل صراخه في المنفى المليء بالشوق والغربة والشوق للعراق.

يشير المسيح في هذه القصيدة إلى حالة السبي والإضطراب والإغتراب ، والتي تكشف عن منفاه وحيرته وإقترابه من حالة التلاشي [39] يقول :

بين القرى المتهبيات خطاى والمدن الغريبة

غنيتُ تُربتك الحبيبه

وحملتُها فأنا المسيحُ يجرُّ فى المنفى صليبه

فسمعت وقع خطى الجياع تسيرُ ، تدمى من عُثار

فتدرُّ في عينىّ ، منك ومن مناسمها ، غُبار

مازلتُ اضرب ، مُترب القدمين أشعث، في الدروب

تحت الشموس الأجنبية

متخافق الأطمار ، أبسط بالسؤال يداً نديّه

صفراء من ذُلِّ وحُمّى : ذُلِّ شحاذٍ غريبٍ

بين العيون الأجنبية ،

بين احتقارٍ . وانتهار ، وازورارٍ…أو “خطّية”

والموت أهون من “خطية”

من ذلك الإشفاق تعصره العيونُ الأجنبية

قطرات ماء …معدنّية !

فلتنطفى ، ياأنتِ ، ياقطراتُ ، يادمُ ، يا…نقودُ،

ياريح، ياإبراً تخيط لى الشراع _ متى أعودُ

إلى العراق ؟ متى أعودُ؟

يالمعة الأمواج رنَّحهنَّ مجدافٌ يرودُ

بى الخليجَ ، ويا كواكبه الكبيرة …يانقودُ! [40]

يخبرنا الشاعر هنا عن اغترابه عن الكويت وهو يتجول بين مدن غريبة تملأ قلبه بالشوق. يشرح: بسبب كثرة المشي ، تراكم الأوساخ على قدميه ، حتى الشموس التي يراها تشرق شموس أجنبية ، ثم يتحدث عن الطريقة التي يسأله بها بمد يده بعد أن لم يبق له مال ، ثم هو يصوره ينظر إليه نظرة احتقار ، ويبلغ هذا الذل ذروته عندما يسمع الناس يرددون “خطيئة”. كلمة في اللهجة العراقية ، الدراجة تعني الإشفاق([41])لكنه جاء ليحتقره ، وأصبح الموت أسهل عليه من سماع هذه الكلمة ،

“فوجد كلمة( خطية ) معبرة أصدق تعبير عن حالته المزرية البائسة في الكويت فهو منسحق تحت رحى غربة قاسية ليس فيها نصير بعد أن أظطرتة ظروف السياسة إلى ترك بلاده والإلتجاء إلى الكويت “[42] ثم تكلم مع الرياح وتمنى أن تدفع المجاديف والإبر الشراع وتعود إلى العراق ، ثم أوضح كيف أضاءت له الكواكب طريق عودته إلى الوطن ، لكنه لم يكن لديه مال للعودة لأنه لايملك النقود فيبقى حزينا .

وهذه القصيدة من عنوانها تعني بعد نفي الشاعر عن وطنه كأجنبي ، الغريب المقصود به السياب ، فهو محاصر في الغربة في رمال ذلك الخليج ، ويصارع الشوق والحنين لوطنه, يريد العودة ، لكن ليس لديه مال ليصعد على السفينة لعبور هذا الخليج ، الذي يراه سببًا للنفي والغربة يقول :

واحسرتاه ! فلن أعودَ إلى العراق!

وهل يعودُ

من كان تُعْوزُهُ النقود؟ وكيف تُدَّخَرُ النقودُ

وأنت تأكل إذ تجوع؟ وأنت تُنفقُ مايجودُ

به الكرام ، على الطعام ؟

فما لديك سوى الدموع

وسوى انتظارك ، دون جدوى ، للرياح وللقلوع! ،[43]

السياب في نهاية القصيدة يقول إنه يعيش في المنفى وأنه يعيش متحسرا ، وقلبه مليء بالشوق والحنين لوطنه وعائلته ، وسببه عدم عودته إلى وطنه لأنه لا يملك المال حتى لسد جوعه فمابالك لدفع ثمن السفينة التي تقلّه إلى وطنه ، فالسياب هنا يطالب بوطنه ، ولايملك إلا الجلوس في الخليج في المنفى الذي يمتلئ قلبه باليأس والحزن والتعب ، ولا شيء سوى الدموع والانتظار ، السياب يبحث عن المال هنا لأنه هو السبيل للقضاء على اغترابه حتى يعود إلى وطنه.

قصيدة ( ياغربة الروح)

أوضحت هذه القصيدة أنه أحس بالغربة والنفي نتيجة آلام لا تطاق،[44] لقد كثر السياب من استخدام الصورة الرمزية فقد كان يرمز إلى قوى الخير والحياة والخصب برموز كالمطر والنور والثلج والشمس والشقائق وقريته جيكور ، كما رمز إلى قوى الشر والموت والجذب بالنار والصخر والظلام والمدينة ، ” وكان السياب كلما أشتد عليه صعوبة الحياة ، هرب إلى حصنه جيكور كما يتراجع الحلزون إلى داخل قوقعته عندما يشعر بالخطر الخارجي ، أي أنه غريب في دنيا من الحجر ، يتول الحب والعطف فيرجع خائبا[45]يقول:

ياغربة الروح في دنيا من الحجر

والثلج والقار والفولاذ والصخر

ياغربة الروح …لاشمسٌ فأئتلقُ

فيها ولا أفُقٌ

يطير فيه خيالي ساعةَ السّحَرِ

نارٌ تضئ الخواء البرد ، تحترقُ

فيها المسافات ، تُدنينى ، بلا سَفَرِ،

من نخيل جيكور أجنى دانى الثّمَرِ

نارٌ بلا سَمَرِ،[46]

في هذا المقطع ، يظهر السياب أن الشمس لا تضيء لتضيء ظلام الروح والظلام الداخلي ، بل هي وسيلة للكشف عن غرابة الأعماق التي تعبر عن نفسها يتم استبدال الخيال بخيبة الأمل في الداخل والسعي إلى تألق الحياة بعد قطع المسافة للعيش في حضن الوطن الذي يرمز إليه جيكور، ثم يتجول في البساتين ، ويجمع الثمار من التي تليها ، وفي هذا المقطع لا يعني القرب من الثمرة والقرب منها ، بل هو إستعارة تكشف عن ذكرى الفلاح الذي رأى مؤخرًا الإمتلاء والنضج ، فتشبث خياله بذهنه وعبر عن زمن الحزن والألم ، ثم وصف حاله وغربته وضيقه في المدينة يقول:

مسدود كلُّ آفاقى بأبنيةٍ

سودٍ ، وكانت سماءى يلهث البَصَرُ

في شطها مثل طير هدَّه السَّفَرُ

النهر والشّفَقُ

يميلُ في شراعُ يرجف الألَقُ

في خَفِفِهِ وهو يحثو ، كلما ارتعشا

دنيا فوانيسَ في الشطين تحترقُ

فراشةُ بعد أخرى تنشر الغَبَشا

فوق الجناين…حتى يلهث النَّظَرُ[47]

عبر السياب في هذا المقطع عن الأبنية العملاقة له فلا يعرف متنفساً ولا أفقاً يسبح فيه النظر ، وسرعان ما يهرع السياب إلى النهر والخضرة والسماء تتسع لمد البصر والتأمل والأضواء تنعكس لامعة براقة بألق في الماء المتهادي ، وعبر عن شغاف قلبه عندما لمح تلك الفراشات المحترقة باقترابها من الضوء الشديد، فالسياب هنا يشتاق إلى حياة الريف وقريته بعيدا عن المدينة والغربة ، فالمدينة لاتعرف نبض النهار المشرق ولاروعة الفرشات التي تتنقل على الأزهار ، فالشاعر كأنه يشبه حاله بالبعد عن قريته بحال تلك الفراشة التي بعدت عن موطنها ( الطبيعة) فأحترقة في المدينة .

وسعى الشاعر إلى الماضي كطريقة للنفي والإغتراب والتغلب على المرض والوقوع في أحضان الوطن ، حيث كان معجبًا بالطبيعة وجمالها في القرية

جيكور،[48] يقول :

لولا الخيالات من ماضىَّ تنسربُ

كأنها النوم مغسولاً به التَّعَبُ

لم يترك الضجرُ

منى ابتساماً لزوج سوف ألقاها

إن عدتُ من غربة المنفى : هو السَّحَرُ،[49]

التخيلات في هذا المقطع مرتبطة بالتسرب ، وهذا يدل على أنهم خارج عالمه ، مما جعله يشبههم بالنوم عند الشعور بالتعب ، فالسياب في هذه القصيدة واثقا أنه في غربة روحية على الرغم من شراسة مرضه الذي ربما عطل جزءاً من تفكيره وأغتال بعضها من وعيه.

ومن خلال قراءة هذه القصيدة نلاحظ أن معجم النص عند السياب منقسم إلى حقلين هما: حقل دال على الغربة والشوق ، ومن الألفاظ والعبارات الدالة على هذا الحقل في النص ( غربة الروح/ دنيا من الحجر/ الفولاذ/ لاشمس) ، وحقل أخر دال على المعاناة ، ومن الألفاظ والعبارات الدالة على معاناة الشاعر ( تحترق/ تبكي / مسدودة/ يلهث البصر/ ارتعاشات/ هدّه السفر) فالعلاقة بين هذين الحقلين علاقة ترابط وسببية ، لأن الغربة والشوق يولدان المعاناة والحزن الذي يزيد من احساس السياب بالغربة والضياع.

قصيدة (سفر أيوب)

الشاعر في هذه القصيدة يصور ما إبتلى به من صبر وإستعمار ومرض وغربة في لندن ويحن إلى جيكور ، في هذه القصيدة ألح عليه المرض بسكينة تقرب إلى الله ، فلم يهز إيمانه بل أوصل العلاقة إلى مستواها المثالي ( بين الإنسان والإله ) ، أي أن المرض عند السياب إرتفع بالعلاقة مع السماء عن مستواها الإعتيادي وإن لم يبلغ بها مرتبة التصوف [50]يقول :

لك الحمد مهما استطال البلاءْ

ومهما استبدّ الألمْ

لك الحمد ، أن الرزايا عطاء[51]

مع أن الشاعر عاش قسوة الحياة والغربة خارج وطنه ، بروح مرحة وجلد أيوب إلا أنه أرتفع بحزنه إلى مستوى التضحية وبذلك عانق إغترابه بندبه ولم يسمح له أن يجرده من كل عناصر الحياة والمقاومة ، فالشاعر يشكر الله ويحمده مهما امتد البلاء وطال ؛ فالله تعالى هو الذي يحمد على السراء والضراء ؛ لأن المؤمن يرى المصائب امتحاناً وابتلاءً من الله تعالى

و من هنا أصبح أيوب في شعرنا المعاصر رمزا للصبر على البلاء و الرّ ضا التّام بقضاء االله وقدره ، وقد شاع بهذه الدلالة منذ إستخدام السّياب له في التعبير عن المرحلة التي اشتدّ عليه المرض فيها. “وجدالسّياب أن شخصية أيوب هي الأكثر شخصيات تراثنا تراسلا مع هذا البعد من أبعاد تجربته “[52] أي أن استخدم رمز أيوب ليكشف عن قوته ومدى صبره على المرض، وهنا يعود السّياب فنجده يردد نعمة القناعة والرضا.

عندما كان المريض يعاني من مرض في لندن ، كتب هذه القصيدة أعرب فيها عن ألمه ومراره في إنتظار شفائه من مرضه، يحلم بالخلاص ويتذكر أيوب المعذب الذي حارب المرض وإنتصر عليه فكان يخشى غروب الشمس المفاجئ ونهايته المؤلمة ، لكن كما امتدح أيوب ربه ، لم يفقد الأمل في الخلاص ، مهما استمر الألم ، في هذه القصيدة أصبح أيوب قناعًا يتكئ عليه الشاعر لمواجهة أزمته يقول[53] :

وإن صاح أيُّوبُ كان النداءْ:

“لك الحمد يارامياً بالقَدَرْ

ويا كاتباً ، بَعْدَ ذاكَ ، الشِّفاه”،[54]

ثم في القسم الثاني من القصيدة يصور نفسه بأنه ( أيوب) وقد فقد أولاده وكل من كان في حياته وسلامة جسمه فينادي الرب يقول:

ياربَّ أيُّوب قد أعيا به الداءُ

في غربةٍ دونما مالٍ ولا سَكَنِ

يدعوك في الدُّجنِ

يدعوك في ظَلَموت الموت: أعباءُ

ناء الفؤاد بها ، فارحمه إن هتفا

يامنجيا فُلْكَ نوحٍ مزِّق السُّدَفا

عنِى ، أعدنى إلى دارى ، إلى وطنى!

عندما يتكلم السياب بهذا الأسلوب فيبدوا متأثر بنبرة توراثية ” وهذه النبرة المتبرمة تذكرنا قليلا بذلك الوجه التّوراتي السّاخط المتبرم الذي يطالعنا لأيوب من السّفر المعنون باسمه في القديم ، حيث يرتفع صوته في وجه الرَّب متذمرا : دفعني االله للظالم ، وفي أيدي الأشرار طرحني كنت مستريحا فزعزعني، وامسك بقفاي فحطمني، ونصبني له عرضا أحاطت بي رماته، إن االله طريقي ولف علي أحبولته، ها إني ظالما فلا استجاب أدعو و ليس لي حكم ، قد حوط طريقي فلا عبر وعلى سبلي جعل ظلاما ، وان كان الوجه الاسلامي الصابر لأيوب هو الأكثر سيطرة على رؤيا السياب” [55]

ثم يتضرع إلى الرب بأن ترجع إليه حياته وخاصة أطفاله وزوجته التي تعد الثوانى لرجوعه وتشتاق إلى لقائه على أحر من الجمر ، وتأمل رؤيته في صحة جيدة دون عكاز ماشي على قدميه يقول:

يارب أرجع على أيوب ماكانا

جيكور والشمس والأطفال راكضةً بين النخيلات

زوجة تتمدى وهي تبتسمُ

أو ترقب الباب

تعدو كلما قرعا

لعله رجعا

مشاة دون عكازية قدم[56]

فالسياب في هذه القصيدة لوح أن قلب الأب ينبض بحب عائلته وأبنائه وعاطفة لاتتناهي ، حيث ذاق صدره لهذا الولد ويتصوره وهو يدعو الأب ، فيجيبه في حالة يشكو من دائه معتقداً أن المرض هو الذي أبعده عن الولد والأسرة والوطن

سيطر على القصيدة معان كلها ألم وجراح وغربة ودواء وإبتلاء ، ومصائب ومحن وأوجاع ورزايا ولهيب ، وأهات وصيحات ، فهي ألفاظ تتأرجح بين الخوف والرجاء والضعف الإنساني مع المرض ، والإبتلاء بين الأمل والرضا بالقضاء ، وشبه نفسه بقصة سيدنا أيوب حيث ضرب به المثل في تحمل الأوجاع والألم ، فكان مثلا في الصبر على البلاء والرضاء والقضاء ويتضح هذا في قوله (سفر أيوب/إستبد الألم/الرزايا/ المصيبات/ الظلام/ الجراح/ النار/ أصداء بوم) ، وعبر أيضا عن صبره في الغربة ، وشكره لربه ورضاه بالقضاء يتضح هذا في قوله(هدايا الحبيب / تجلو تحت القمر / ياراميا بالقدر / الشفاء).

الخاتمة:

وفقا لقصائد السياب ، فالمرض كان له تأثير كبير على إحساسه بالمنفى بسبب مرضه وبُعده جغرافيا عن مسقط رأسه ، ونسب السياب وفاة والدته في قريته، جيكور بالتوقف في الخليج وأراد العودة إلى مسقط رأسه لكن فقره وقلة المال حالا دونه يتمتع السياب بعلاقة قوية مع عائلته وأحبائه في العراق ، ولهذا أعرب عن شوقه إليهم وبُعده عن العراق عندما مرض في الكويت ولندن ، وقاوم السياب النفي والإغتراب خارج مسقط رأسه على الرغم من المرض الجسدي، لكن مرضه لم يمنعه من نعمة مناجاة الوطن والحلم الرجوع اليه ، وعانى السياب من النفى والغربة سواء كانت روحية أو جغرافية في بغداد والكويت ولندن فهو ابن الريف والقرية صادق المشاعر لقد عاش السياب ذكريات الحبيبة والعلاقات الريفية والاجتماعية الطيبة في قريته جيكور وقضى فيها أجمل أيام طفولته ، وعندما هاجر القرية أحس بغربة ونفى، وظلت الغربة تسيطر على تفكيره وجاءت واضحة جلية هده الغربة والمنفى في شعره عند منفاه خارج قريته التي عاش فيها.

قائمة المصادر والمراجع :

إبراهيم روماني ، المدينة في الشعر العربي المعاصر ، الجزائر نموذجا ، مطبعة الهيئة

ابن منظور ، لسان العرب ، دار صادر ، بيروت ، ط3 ، سنة 1994

الأزهري ، تهذيب اللغة ، تحقيق : رشيد عبدالرحمن العبيدي ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، سنة1975.

أمل عبدالمنعم الحراسيس ، ظاهرة الإغتراب ، في شعر مخضرمي الجاهلية والإسلام ، رسالة دكتوراه ، جامعة موته ، سنة 2016.

بدر شاكر السياب ، الديوان ، دار العودة ، بيروت .

ثائر نعيم محمد أبوريش ، الحنين إلى الديار في شعر العصر العباسي الثالث.

الجرجاني ، التعريفات ، حققه مجموعة من العلماء ، دار الكتب بيروت ، ط1 ، سنة 1983

الجواهري ، الصحاح ، تحقيق : أحمد عبد الغفار عطار ، دار العلم الملايين ، بيروت ، ط1 ، سنة 1956

الحموي ، معجم البلدان ، دار صادر ، بيروت ، سنة 1993.

الخليل بن أحمد الفراهيدي ، كتاب العين ، دار ومكتبة العين ، سنة 2007.

الزبيدي ، تاج العروس ، تحقيق مصطفى حجازي ، مطبعة حكومة الكويت ، سنة 1969

الزركلي ، الأعلام ، دار الإعلام للملايين ، ط3 ، سنة 2002

الزوزني ، شرح المعلقات السبع ، حققه محمد محي الدين ، دار الطلائع ، د.ط

سعدون محمد ، الشعرية في ديوان بدر شاكر السياب ،

شوقي ضيف ، العصر الجاهلي ، دار المعارف ، مصر ، سنة 1960.

صلاح الحداد الشريف ، على ضفاف الشعر ، دراسة في الشعر الليبي الحديث ، دار البستاني مصر ، د. ط

صغير غريب العندي ، الإغتراب في الشعر العباسي إلى نهاية القرن الثالث الهجري .

ضياء عبدالرزاق ، الصورة البدوية في الشعر العباسي ، دار دجلة الأردن ، ط2.

عبدالقادر الرباعي ، الصورة الفنيىة في شعر أبي تمام ، جامعة اليرموك ، عمان ، سنة 1980

عبده بدوي ، الغربة المكانية في الشعر الجاهلي ، مجلة عالم المعرفة ، الكويت ، م15 ، العدد1 ، سنة 1984.

عشري زايد ،استدعاء الشخصيات التراثية ، دار الفكر العربي ، القاهرة ، سنة 1997.

علي علي صبحي ، الأدب الإسلامي المفهوم والقضية ، دار جيل بيروت ، ط1 ، سنة1992

عمر أبو قرارة ، الاغتراب في الشعر الاسلامي المغاربي المعاصر ، رسالة دكتوراه ، جامعة قسطنتينية الجزائر ، سنة 1994

عمرو بن معدي كرب ، الديوان ، جمعه مطبعة الطرابيش ، مجمع اللغة العربية ، دمشق ، ط2 ، سنة 1985

فخري صالح ، معنى المنفى ، مجلة يتفكرون ، العدد11 ، سنة2016.

فاتن الخزاعلة ، المكان في شعر السياب ، رسالة ماجستير ، كلية الأداب بغداد ، سنة 2010

قيس حزاعل ، الرموز الشخصية والأقنعة في شعر بدر شاكر السياب .

قيس كاظم ، الصورة الشعرية عند السياب ، مجلة البيان.

محمد راضي حعفر ، الإغتراب في الشعر العراقي المعاصر ، مرحلة الرواد ، اتحاد الكتاب العرب ، د.ط ، سنة 1999

محمد مصطفى هدارة ، اتجاهات الشعر العربي في القرن الثاني للهجري

مصطفى ناصف ، قراءة ثانية لشعرنا القديم ، دار الأندلس ، بيروت ، ط2 ، سنة1982

وعد العسكري ، الغربة والحنين عند السياب ، مجلة الحوار المتمدن.

وهيب طنوس ، الوطن في الشعر العربي من الجاهلية إلى نهاية القرن التاسع عشر ، ط1 ، سنة 1975

Margins:

  1. الأزهري، تهذيب اللغة ، تحقيق: رشيد عبدالرحمن العبيدي ، دار العلم للملايين ، 4/ 28.
  2. الجوهري ، الصحاح ، تاج اللغة وصحاح العربية ، ج6 ، مادة وطن ، ص .2215
  3. علي الجرجاني، كتاب التعريفات، تحقيق جماعة من العلماء، دار الكتب، بيروت، ط1، سنة 1983، ج1، ص260.
  4. . وهيب طنوس ، الوطن في الشعر العربي من الجاهلية إلي نهاية القرن التاسع عشر ، ط1 ، سنة 1975 ، ص285.
  5. الفراهيدي ، العين ، باب النون والميم ، ج8 ، ص376، الجوهري ، الصحاح ، مادة وطن ، ج6 ، ص2215
  6. .فخري صالح ، معنى المنفى ، مجلة يتفكرون، العدد 11، سنة 2016، معنى المنفى، ص2.
  7. عبده بدوي ، الغربة المكانية في الشعر الجاهلي ، مجلة عالم المعرفة ، الكويت ، م15 ، العدد1 ، سنة 1984 ، ص15
  8. امرؤ القيس (328م) امرؤ القيس بن عمر بن عدي بن نصير بن قحطان ثاني ملوك الحيرة ، ولي بعد موت أبيه ، ولقب بملك العرب ، استمر ملكه 35 سنة . ابن قتيبة : الشعر والشعراء1/107. الزركلي ، الأعلام ، ج2 ، ص12.
  9. وقال أبو عبيدة أول من وقف على الأطلال هو ابن خذام، لقول امرىء القيس:

    عوجا على الطّلل المحيل لعلّنا … نبكى الدّيار كما بكى ابن خذام.البغدادي، خزانة الادب، 4/378.

  10. صلاح الحداد الشريف، على ضفاف الشعر، دراسة في الشعر الليبي الحديث، دار البستاني للتوزيع، مصر، د.ط، د.ت، ص49.
  11. . الزوزني ، شرح المعلقات السبع ، ص6
  12. 1. صلاح الحداد الشريف، على صفاف الشعر، دراسة في الشعر الليبي الحديث، ص52.
  13. . شوقي ضيف ، العصر الجاهلي ، دار المعارف ، مصر ، سنة 1960 ، ص249.

    3.عمر بن معدي كرب بن ربيعة بن عبدالله الزبيدي ، فارس اليمن ،كان عصي النفس فيه قصوة الجاهلية ، يكنى أبا ثور ، (642م) ، الزركلي ، الأعلام ، ج5 ، ص86

    4. عمرو بن معدي كرب الزبيدي ، الديوانه ، جمعه :مطاع الطرابيشي ، مطبعة مجمع اللغة العربية ، دمشق ، ط2، سنة 1985 ، ص62 .

  14. علي علي صبح وآخرون، الأدب الإسلامي، المفهوم والقضية، مطبعة دار الجبل، بيروت، ط1، سنة 1992م، ص62.
  15. صحيح البخاري، كتاب فضائل المدينة، 1889 -3/23.
  16. 1. هو عمرو بن القيس بن زائدة بن الأصم ، هاجر إلى المدينة بعد معركة بدر ، وكان ضريرا فأستخلفه النبي على المدينة يصلي بالناس في أكثر غزواته ، الزركلي ، الأعلام ، ج5 ، ص83
  17. 2. الحموي ، معجم البلدان ، ج5 ، 183
  18. ابن أبي شيبة، المصنف 260 -1/79. مسند أحمد، 3784 -6/325.
  19. 21. طنوس وهيب ، الوطن في الشعر العربي ، ص343
  20. . عمر أبو قرارة، الاغتراب في الشعر الاسلامي المغاربي المعاصر، رسالة دكتوراه، جامعة قسطنتنية، سنة 1994 ، ص275
  21. النفي في المفهوم الفقهي عند أبي حنيفة يساوي التغريب. الجصاص، آيات الأحكام، المائدة، آية رقم34،4/56.
  22. . فطوم ، الموت في الشعر العباسي ، ص141
  23. . ديوانه, ص7.
  24. 26. صغير غريب العندي ، الإغتراب في الشعر العباسي إلى نهاية القرن الثالث الهجري ، ص162

    27. محمد مصطفى هدارة ، إتجاهات الشعر العربي في القرن الثاني الهجري ، ص208

  25. 28. ثائر نعيم محمد أبوريش ، الحنين إلى الديار في شعر العصر العباسي الثالث ، رسالة ماجستير ، جامعة الخليل ، سنة 2013 ، ص87
  26. 29. ديوانه ، ص99.

    30. مصطفى ناصف ، قراءة ثانية لشعرنا القديم ، دار الأندلس ، بيروت ، ط2 ، سنة 1982 ، ص37

  27. 31. ضياء عبد الرزاق العاني ، الصورة البدوية في الشعر العباسي ، دار دجلة ، الأردن ، ط2 ، ص44
  28. قيس كاظم ، الصورة الشعرية عند السياب ، مجلة البيان ، ص52
  29. ديوانه، ج1 ، ص164.
  30. ديوانه ، ج1 ، ص164
  31. وعد العسكري ن، الغربة والحنين عند السياب ، مجلة الحوار المتمدن ، ص20
  32. ديوانه ، ج1 ، 230
  33. سعدون محمد ، الشعرية في ديوان بدر شاكر السياب ، ص81
  34. ديوانه، ج1 ، ص230
  35. ديوانه ، ج1 ، ص232
  36. قيس كاظم الجناني ، الصورة الشعرية عند السياب ، مجلة البيان ، ص54
  37. ديوانه، ج1 ، ص 233.
  38. ديوانه، ج1 ، ص 232.
  39. محمد راضي جعفر ، الإغتراب في الشعر العراقي المعاصر مرحلة الرواد ، منشورات اتحاد الكتاب العرب ، سنة 1999 ، ص88
  40. ديوانه، ج1 ، ص234.
  41. قيس كاظم الجنابي ، الصورة الشعرية عند السياب ، مجلة البيان ، ص44.
  42. قيس خزاعل ، الرموز الشخصية والأقنعة في شعر بدر شاكر السياب ، ص6
  43. ديوانه ، ج1 ، ص423.
  44. ديوانه ، ج1 ،ص423
  45. قيس كاظم الجنابي ، الصورة الشعرية عند السياب ، مجلة البيان ، ص 44.
  46. ديوانه، ج1 ، ص425
  47. محمد راضي حعفر ، الإغتراب في الشعر الغراقي المعاصر ، مرحلة الرواد ، منشورات إتحاد الكتاب العرب ، سنة1999 ، ص63
  48. ديوانه ، ج1 ، ص192
  49. عشري زايد ، الشخصيات التراثية في الشعر العربي المعاصر ، ص90
  50. قيس كاظم الجنابي ، الصورة الشعرية عند السياب ، مجلة البيان ، ص57
  51. ديوانه، ج1 ، 193
  52. على عشري زايد ، أستدعاء الشخصيات التراثية ، دار الفكر العربي ، القاهرة ، سنة 1997 ، ص92
  53. ديوانه ، ج1 ، ص205