الطبيعة في الشعر الاندلسي

سراب جاسم محمد ياس1 د. عمر السيد الطيب1

1 كلية التربية – حنتوب، جامعة الجزيرة، السودان.

HNSJ, 2022, 3(8); https://doi.org/10.53796/hnsj3836

Download

تاريخ النشر: 01/08/2022م تاريخ القبول: 26/07/2022م

المستخلص

اتخذ الشعراء الأندلسيون من ألوان الزهور والنباتات والطبيعة الصامتة والصائتة مدارساً يتعلمون منها عشق الحياة ويبثونه بالتالي عبر ما وهبهم الله من ملكة الكتابة والنظم؛ تعددت دلالات الألوان في الشعر الأندلسي، فكلّ لون كان يرمز إلى شيء محدد عندهم، فالأحمر رمز الخجل ورمز الدم ورمز النار ورمز الحب، والأصفر رمز الضعف والوهن، والأسود رمز الحزن والفراق والكآبة، والأخضر رمز الحياة والنماء؛ استخدام الشعراء الاندلسيين للون اختلف من شاعر لآخر، وقد اختلف هذا الاستخدام لاختلاف المكان والزمان والحالة النفسية للشاعر عند نظمه؛ كتب الشعراء الأندلسيون عن دلالة الألوان في مختلف أغراضهم الشعرية من مدحٍ ورثاءٍ وفخرٍ وغزل وغيرها من الأغراض المختلفة. فقد سلط هذا البحث الضوء على هذه الظاهرة الشعرية في العصر الاندلسي.

المقدمة

إن البحث في عوالم الشعر العربي أشبه بالمجازفة والمخاطرة؛ يتطلب من الباحث معايشة تلك النصوص عن كثب وطول أمد، لأجل الغوص في خباياها والظفر ببعض من أسرارها، فالقصيدة العربية استطاعت ان تنقل معالم الأدب والفن في صورة جميلة ومثلت الأشياء والمفهومات المجردة أجمل تمثيل، واستطاعت التعبير بذلك الفن بوسائل لغوية وفنية تترجم المكون الشعري في لوحات تثير الخيال والذوق تم فيها استخدام أدوات وآليات فنية ومنها تأثيرات الطبيعة .

فتمثل الطبيعة أداة الفن عند الوقوف في توصيف الأشياء بالألوان، وهو أمر ليس بتلك السهولة إن لم يكن عملية بالغة التعقيد، وما يجعلها تبدو سهلة؛ هو اعتيادنا عليها وممارستها شعورياً.

والطبيعية في عالمنا المرئي بكل ما تحتويه من الأسرار الكونية العظيمة – منهلاً عذباً، استقى منه الشعراء عِبر العصور الأدبية، فلم يدعوا شيئاً فيها إلاّ وصفوه، ولم يتركوا مظهراً من مظاهرها من غير أن يتحدثوا عنه باسهاب .

لذا كان هذا البحث الذي يبحث عن الطبيعة في الشعر في العصر الاندلسي وتثايرها وسميته (الطبيعة في الشعر الاندلسي) الذي هو جزء من اطروحة لنيل شهادة الدكتوراه .

قسمت البحث الى تمهيد وثالث مطالب ، ثم اتبعت البحث في خاتمة كتبت فيها اهم ما توصلت اليه ثم بقائمة المصادر المراجع التي استخدمتها في بحثي .

التمهيد

تُعدُ الطبيعة – بكل ما تحتويه من الأسرار الكونية العظيمة – منهلاً عذباً، استقى منه الشعراء عِبر العصور الأدبية، فلم يدعوا شيئاً فيها إلاّ وصفوه، ولم يتركوا مظهراً من مظاهرها من غير أن يتحدثوا عنه باسهاب، وذلك أمر طبيعي لا غربة فيه، ولاسيما إذا ما علمنا أن الطبيعة هي التي تشعل الروح الشاعرة، وتدفع بالينبوع الكائن في أعماق النفس إلى التفجير والتدفق والانطلاق

وقد اشتهرت الاندلس بطبيعتها الفاتنة، في جبالها وسهولها وانهارها وازهارها ورياضها وطيورها، وهي طبيعة خلبت ألباب الشعراء فتغنوا بمفاتنها ومشاهدها، باثين فيها عواطفهم ومشاعرهم ولعل ما زادهم شغفاً بها اختلافهم إلى المتنزهات والحدائق المحيطة ببلدانهم[1]، يقول صاحب معجم البلدان: أما الاندلس فجزيرة كبيرة فيها عامر وغامر. . . تغلب عليها المياه الجارية والشجر والسعة في الاحوال[2] .

منح الله الأندلس طبيعة فاتنة فكانت أغنى بقاع المسلمين منظراً وأوفرها جمالاً . ترتفع فيها الجبال الخضراء وتمتد في بطاحها السهول الواسعة وتجري فيها الجداول والأنهار وتغرد على أفنان أشجارها العنادل والأطيار وتنساب الماشية والأنعام في مراعيها الجميلة ويعمل الفلاحون في حقولها الخضراء ويعطر النسيم جوها المعتدل وبساتينها المشرقة، وقد تحدث عن جمالها كلٌّ من حلها، وأفاض المقري في وصف طبيعتها الفتانة وجنانها البهيجة وانتهى إلى أنّ محاسن الأندلس لا تستوفى بعبارة ، ومجاري فضلها لا يشق غباره[3].

وقد حبا الله الأندلس بطبيعة ساحرة، كانت مرتعاً خصباً ينهل منه الشعراء صورهم ومعانيهم وأخيلتهم الزاخرة بالجمال، فتؤطر رؤاهم، وتفتن إحساسهم المفعم بالحياة، وذلك بما تحويه من حسنٍ بهيٍّ جسّدته الجبال الخضر، والأنهار، والأشجار، وطيب النسائم. فضلاً عن ذلك، فإنّ طبيعة التكوين النفسي للأندلسيين وشدّة تعلّقهم ببلادهم, وافتنانهم ببيئتهم، ساعد على نموّ شعر الطبيعة، بل أصبح سمة يتّصف بها الشعر الأندلسي، ويتفوّق بها على المشرقيّ، فكان من الطبيعي أن يزدهر وصف الطبيعة في الشعر الأندلسي, لخصب المجال ووفرته وتعلّق أهله به, خصوصاً أيام استقرارهم النفسي والسياسي[4].

وقد كان من أثر جمال الأندلس أن شغفت بها القلوب وهامت بها النفوس ، فتعلق بها الأندلسيون جميعاً، وأقبلوا يسرّحون النظر في خمائلها ويستمتعون بمفاتنها ما شاء لهم الاستمتاع، وأخذ الشعراء والكتاب ينظمون كلمهم درراً في وصف رياضها ومباهج جنانها بعد أن فتحت في نفوسهم قول الشعر وجعلتهم يروونه فيها كما يقول ابن خفاجة[5]** أنّ الاندلس جنة الخلد بمائها وظلها وأنهارها وأشجارها، يقول[6]:

يَـــــا أهلَ أنْدَلُــــسٍ لِلهِ دَرُكمُ ** مـــاءٌ وظلٌّ وأنهَارٌ وأشْجَارُ

ما جنةُ الخُلدِ إلّا في ديارِكُمُ ** ولو تخيّرتُ هَذَا كُنْتُ أَخْتارُ

وقد ملكت معاني هذا الجمال نفوسهم واستحثت قرائح الشعراء فيهم وغذّتها أفضل غذاء، وكان يكفي أن تهبّ على ساكن هذه الجنة نفحة من نسيم عليل ليصيح مع شاعرها ابن خفاجة:

إنَّ لِلْجنــــةِ في الأنْدَلسِ ** مُجْتَلَــــى حُســــــنٍ وَرَيَّــا نَفسِ

فَسَناَ صُبْحَتِهَا مِنْ شَنَبٍ ** وَدُجَـــــى ظُلْمَتِهَا مِـــــــنْ لَعَـسِ

فَإذَا مَا هَبَّتِ الرِّيحُ صَبـاً ** صِحْتُ: وَا شَوْقِي إلَى الأنْدَلُسِ[7]

إلى جانب ذلك؛ فإنّ شعر الطبيعة اكتسب سمة الصدق في التعبير عن العواطف والأحاسيس الفيّاضة، التي تحرّكها عدة عوامل كالحبّ والشوق إلى الوطن، فهي تثير المتعة في النفوس، سواء أكان استذكار الشاعر لملاعب صباه ومغامرات شبابه التي احتضنتها الطبيعة الوارفة، يتنزّه في مغانيها فيمتّع بصره، ويستمدّ منها الجمال والألوان، ليستقي من تلك الأوصاف ما يشاء ويخلعها على محبوبته، أم كان شوقاً وحنيناً إلى الموطن الذي ابتعد عنه، فأثار ذلك البُعدُ مكامن وجده وشوقه، فاسترجع تلك الأيام الخوالي متلهفاً متحسّراً على ضياعها، وما اختزنته ذاكرته من لوحاتٍ طبيعية ملوّنة ظلّت راسخة ماثلة أمام ناظريه؛ فكانت باعثاً قوياً من بواعث الشعر، لها في نفوس الشعراء وقع عميق الأصداء بعيدها[8] ، لذا يمكن القول إنّ وصف الطبيعة في الأندلس كان على الغالب الأعم، شغفاً بمحاسنها وتصويراً حسيّاً لمباهجها، تموج به بين حينٍ وآخر، خفقة من حياة ودفقة من عاطفة صادقة[9].

وتظهر قيمة وصف الطبيعة في الشعر الأندلسي حين تصبح اللوحة الطبيعية بألوانها ومباهجها مقدمةً لقصائدهم، مستعيضين بها عن مقدمات الغزل وغيرها من الأغراض الأخرى، فأكثروا من أوصاف الورد والأزهار، وتغنّوا بالرياض والأنهار، وبكلّ مظهرٍ من مظاهر الجمال[10].

ولم يكن جمال الطبيعة في الأندلس هو وحده الذي ساعد على ازدهار شعر الطبيعة فيها، بل إنَّ الحياة اللاهية والتي عاشها الشعراء كانت سبيلاً لهذا الازدهار ، إذ كانت الطبيعة مسرح حياة الشاعر اللاهية ، وفي أحضانها استسلم للهوه وحبه وخمره ، وعكف يصور هذا اللهو وهذا الحب وهذا الخمر في إطار الطبيعة مقدّماً لوحات فيها العبير والأصباغ والألوان .وقد قسّمت الدراسات الأدبية شعر الطبيعة تقسيماً ينسجم مع المفهوم العام لمعنى كلمة الطبيعة[11]، وهي بمجملها تكون على صنفين: الطبيعة الصامتة، والطبيعة الحيّة.

المطلب الاول

الطبيعة الصامتة

يقصد بالطبيعة الصامتة مظاهرها ووجودها المتجسّد في سهولها وبحارها وسمائها

وبواديها وحدائقها وحقولها وما إلى ذلك[12]، وهي ممثلة بما تحويه الطبيعة من رياض وزهور وأنهار وأبنية وقصور. لذا سنقف على النماذج الشعرية المجسّدة للطبيعة الصامتة، كالرياض، والزهور، والثمار، والأنهار وما شاكلها.

شكّلت الزهور ملمحاً واضحاً في الشعر الأندلسي، ولم تخلُ قصيدة أندلسية من وصف الزهور، سواء كان ذلك بطريقة مباشرة أو غير مباشرة[13]، ومن ذلك قول ابن شكيل[14]* في وصف سوسنة:

سَوسَنَةٌ بَيضاءُ قَد أَودَعَت ** شَقيـــقَـــةً قانِيَــةَ البُردِ

أَبيَضـــــُها عَن أَحمـــــــَرٍ ** كَالبُرقُعِ اِنشَقَّ عَنِ الخَدّ[15]

يتقصّى الشاعر في استعراضه للطبيعة الأندلسية وصف زهرة السوسن البيضاء, ويجسّدها من خلال الإفادة من التداخل اللوني بينها وبين شقيقتها قانية اللون, فيشبه هذا التداخل بانزياح البرقع عن خدّ المرأة الحسناء.

وفي موضع آخر يصف ابن حمديس[16]* النيلوفر فيقول:

وَنَيـــــْلُوفَرٍ أوْرَاقُـــــهُ مُسْــــتَديــرَةٌ ** تَفَتّــحَ فيمـــــا بينـــهنّ لَهُ زَهْرُ

كَما اعتَرَضَتْ خُضرُ التِّرَاسِ وَبَينَها ** عَوامِــــلُ أَرمــــاحٍ أَسِنَّتُها حُمرُ

هُوَ ابْنُ بِلادي كَاغتِرابي اغتِـــرابُه ** كِلانا عَنِ الأَوْطانِ أَزْعَجَهُ الدَّهرُ [17]

يسعى الشاعر إلى إظهار التداخل اللوني والتضاد الحركي في بسط فكرته التي تناول فيها زهرة النيلوفر وهي تنفتح على هذا العالم, على الرغم من انغلاقها واستدارتها، وعزز الشاعر صورة النيلوفر المتفتح من خلال مقاربته بمشهد الحرب الذي أخذ منه أدواته: الترس، الرمح، إذ أضفى عليهما ألواناً زاهية صريحة مثل: الأخضر والأحمر، ليوائم بين النفس والطبيعة الصامتة ويجعل للإنسان من صفاتها.

وقال ابن حمديس كذلك يصف الخمر في ظلال الطبيعة :

نحن في جنـــةٍ نباكِرُ مِنْها ** سَاحِلَي جدولٍ كَسيـــــفٍ مُجَرَّدِ

صَقَلَتْ مَتْنَهُ مداوِس شَمْسٍ ** مِنْ خِلالِ الغُصُونِ صَقلاً مُجدّدِ[18]

فعلى ضفاف الجداول والتي تصقلها أشعة الشمس فتبدو كالسبف الذي يلتمع ويبرق، وأشعة الشمس من خلال غصون الشجر الوارف تزيده لمعاناً وبريقاً، في هذا الجوّ المشبّع بالجمال والحُسن والخضرة والماء كانوا يتناولون البكور، وهي خمر الصباح.

ومن مواضع ذكر الأزهار واقترانها بالغزل، قول ابن زمرك[19]* الأندلسي يصف أزهاراً متعددة يقول فيها:

ترقرقَ دمعُ الطلّ في لحظِ نرجسٍ ** فكم مدمــــعٍ للعاشــــقينَ بـــهِ طُلاّ

وآسُ عـــذارٍ فـــوق ثغــــر إقاحةٍ ** يُقبّلُ خدَّ الورد في الوجنة الخجلى[20]

يحيل الشاعر الصفات الإنسانية على الأزهار عبر آلية التشخيص، فيجعل دمعها يترقرق في عيون النرجس والآس، والتي تكشف عن حالات التحوّل في الحزن والعشق، فكلاهما يظهر فيه اللون بصورة مغايرة عن الأخرى. وقد جسّد الشاعر الألوان في هذا المشهد بصورة جميلة من خلال تداخل الطبيعة الممثلة بالطلّ، والنرجس، مع الصفات الإنسانية من دمع، ولحظ، وأكّد هذا التداخل في البيت الثاني حينما قرن بين الآس والإقاح من جهة، وبين العذار والثغر من جهة أخرى.

أمّا ابن صارة[21]* فيختار من الطبيعة شقائق النعمان لتكون محور لقصيدته التي يقول فيها:

هـــذا الثناءُ إلى زَمانٍ مُشرقٍ ** أهــدى إليكَ شقائقَ النُعمانِ

قامت فُرادى فَوقَ سوقِ زَبَرجدٍ ** صِيغَت عَليه جَمَاجـمُ العُقيانِ

يهفـــو بهـــا مـــَرّ النسيمِ كأنّها ** حُمرُ البنودِ نُشِرنَ في ميدانِ[22]

ينقل الشاعر إعجابه بهذا الزهر إلى المتلقي بصورة جميلة من خلال ذكر القرائن التي تبيّن أثر اللون الأحمر في المشهد الطبيعي، وهو يستقي بعض ألفاظه من مشهد الحرب الدامي، للدلالة على القوة التي يتمتع بها زهر شقائق النعمان بما يحويه من لونٍ مميز، والزهرة بشمائلها: لونها، رائحتها، لفظة تنقل المعاني، وبخاصة ما يخاف افتضاحه، وهي بكلمة لا تنطق بالتعريض والتصريح، ولكن بالشمائل والهيئات[23] .

أما الرياض فقد تبارى الشعراء في وصفها، ومن ذلك قول التجيبي[24]*، يقول فيها:

جاد الربى من بانة الجرعاءِ ** نوآنِ من دمعي وغيم سماءِ

يا ليت شعري والزمانُ تَنَقُّلٌ ** والدهرً ناســـــخُ شدّةٍ برخاءِ

هل نلتقي في روضةٍ موشيةٍ ** خفّاقة الأغصـان والأفياء

في حيث أتلعت الغصون سوالفاً ** قــد قلدت بلآلئ الأنداء

وبدت ثغور الياسمين فقبّلت ** عنّي عذار الآسة الميساء

والوردُ في شطّ الخليجِ كأنه ** رَمَـــــدٌ ألمَّ بمقلــــةٍ زرقاء

وكأنّ غضّ الزهرِ في خُضر الرُبى ** زُهْرُ النجومِ تلوحُ بالخَضراء

فكســـــاهُ خلعةَ طِيبـــهِ وَرَمَى لَه ** بدراهم الأزهـــارِ رمي سخاء

وكأنما احتقرَ الصنيــــع فبادرت ** للعذرِ عَنــــــهُ نغمةُ الورقاءِ

والغصنُ يرقص في حلى أوراقه ** كالخود في موشيّةٍ خَضراءِ

وافترّ ثَغرُ الأقحوانِ بمــــــا رأى ** طرباً وقهقهَ منهُ جَريُ الماءِ[25]

يبدأ الشاعر قصيدته بوصف روضةٍ غنّاء تُبهر العيون بما اشتملت عليه من جمال آسر، وألوانٍ أخّاذة، ثم يضفي على الطبيعة الصامتة حياةً بشرية حين يلقي عليها صفة العشق، إذ يمنح الياسمين فماً يقبّل الآس، ويجعل الورد بألوانه المتنوّعة يحفّ النهر بزرقته الطاغية. ثم يستعمل الشاعر أدواته البلاغية في التشبيه، إذ يجمع بين صورتين مختلفتين، يستوحيهما من الطبيعة، فالأولى: (غضّ الزهر في خُضر الربى)، والأخرى: (زُهرُ النجوم تلوح بالخضراء)، إذ يمزج الشاعر الصورتين ويداخل بعضها في بعض، لينتج مشهداً أثيراً محبباً إلى النفس، اجتمعت للشاعر عدة عناصر جعلته قادراً على المناورة بها، فاستعملها في تحريك الحدث كالرياح، والصوت، والصورة، فتفاعل المشهد طرباً، وقد ظهر المشهد واضحاً في أبعاده الثلاث؛ ممّا قرّب الصورة ومكّنها من أداء دورها، لاسيّما وأنّها تبثّ موجاتها اللونية الموحية بشكل جميل.

وحظيت الرياض بالنصيب الأوفى من الوصف والتصوير في شعر ابن عمار الاندلسي[26]* فتفاعل معها حتى ملكت عليه حواسه متحسساً مفاتنها وخفاياها، فإذا أراد الشاعر مدحاً نمقه بوصف الرياض كقوله في مدح المعتمد مشبهاً إياه بالروض الجميل[27]

مـــــــــــــلكٌ يَروقُكَ خَلقُهُ أو خُلـقُهُ ** كالروضٍ يَحسنُ منظراً أو مَخبراً

أُعلمـــتُ بالإيمــــــانٍ حتـى شِمتُهُ ** فَرأيتُهُ فــــي بُردَتيهِ مصــــــــوراً

إذ استوحى الشاعر الطبيعة الأندلسية وما فيها من صور الرياض الخلابة والتي رفدت معاني المديح، فالشاعر يصف أخلاق الأمير وخلقه بالروض الحسن الذي يطيب النظر إليه والاستمتاع بجماله الذي يبعث الأمل والاطمئنان في نفس الشاعر. وقد تضمن هذا القول العديد من الألوان التي لم يصرّح بها الشاعر بل دلّ عليها بقوله (كالروض) فذكر الكل وترك للمتلقي تخيل ما يرد على خاطره من الألوان والجمال والحسن.

ولعل أبيات ابن عبد ربه[28]* في وصف إحدى رياض الأندلس قد تحكي لنا مدى براعة الشاعر الأندلسي في وصف الطبيعة ، ورسم صورها ، وبثّها أحاسيسه ؛ يقول :

وروضةٍ عقدَتْ أيدي الربيع بها ** نوراً بنورٍ وتزويجاً بتزويجِ

بملقحٍ من سواريها وملقحــــةٍ ** وناتجٍ من غواديها ومنتوجِ

فألبسَتْ حللَ الموشيِّ زهرتَـها ** وجلّلَتْها بأنـماطِ الديـابـيـــجِ [29]

ففي الأبيات السابقة نلحظ الألوان البديعية التي أسهمت في إثراء النص إيقاعياً ، إضافة إلى حرف الروي، وغلبة الكسرة والتنوين على أبياته ، فقد اختار حرف الجيم المكسور رويّاً لأبياته ، والجيم صوتٌ انفجاريٌ مجهورٌ يتوافق هنا مع انفجار الحياة في هذه الروضة زمن الربيع ، زمن تفتّح الحياة، لكنه نغم موشى بالحزن تمثّل في كون الجهر مكسوراً ، الأمر الذي يقوّي إحساس الشاعر بالزوال ، وقد عبّر عن هذا الإحساس بغلبة الكسرة على ألفاظه ، وبكثرة أنّاته التي أسمعنا التنوين صداها، فالشاعر حزين لأنه يخشى زوال هذا الجمال والبيئة والحياة المترفة ، وقد ظهر هذا التعلق بالبيئة الأندلسية عندما جعل الروضة والربيع يتزاوجان ويتشابكان بالأيدي ، وهناك ولادة جديدة ، وكل هذا فيه صور للأنسنة التي توّجت شعر الطبيعة في الأدب الأندلسي، فجمال الصورة عنده نابع من قدرته على بثّ الحياة والحركة في أوصالها ، ومن قدرته على خلق التناغم الصوتي والحركي مما يكسب صورَهُ عنصرَي التشخيص والإثارة ، فاستطاع إضفاء الحياة على كلماته .

وفي موضع آخر يقول المالقي[30]*:

ومشمولةٍ رقّت فلم ترضَ صاحباً ** لها غير مشمول النطاق رقيقِ

يفيضُ على كفّ المدير شعاعـها ** كأنّ عليــــه منــــه درع خلوقِ

إذا شجّها بالمـــاء حلّى كؤوسها ** بدُرٍّ فحــــلّت خـــــدّه بعقيـــــقِ

وما هي إلاّ الشمس تشرق من فمٍ ** وقـــد أذنت في وجنةٍ بشروقِ

أدرها على الروض الذي راق حُسنُهُ ** فكم لك من مرأى هناكَ أنيقِ

إذا أعيُنُ النــوّار أيقظها الحيــــا ** تضاحكت الأكواس فعل عشيقِ[31]

تمكّن الشاعر من تحريك هذه الطبيعة الصامتة، فأضفى عليها وحدات لونية غير صريحة، من ضياء، وسنا، وأزهار، وخمر ممزوجة بألوان الطبيعة، ممّا جعل المشهد حياً على الرغم من سكونه، إذ حرّك في المتلقي المشاعر والأحاسيس النابضة بالحياة، والدفء والألفة.

وقد أفاض الشعراء في وصف المتنزهات التي انتشرت في ربوع الأندلس فلم تكن مدينة من مدنها تخلو من متنزه جميل، فاشتهرت اشبیلیة بمتنزهاتها الجمیلة كالعروس والسلطانیة وشنتبوس واشتهرت غرناطة بحور مؤمل ونجد، وازدانت قرطبة بفحص السرادق والمرج النضیر وغیرها من المتنزهات[32].

وقد أثّرت هذه المتنزهات بشكل كبیر في حیاة الأندلسیین الذین كانوا یقضون أروع أوقاتهم یستمتعون بمناظرها الخلابة، ففي اللیالي الصیفیة الأندلسیة وفي ساحات القصور المتألقة یتبادل الشعراء أحادیث مشوقة، ویتحاكون القصص في جو ممزوج برائحة الراح، إضافة إلى خریر المیاه ووشوشة النوافیر، وهذا ما یخلق في نفوسهم روح الفن ویدفعهم للإبداع أكثر وتلحین أشعار غناء تشوق القارئ للعیش في هذه البلاد ، فقد اشتهر منتزه السد المتواجد بقرطبة الشهیرة، والذي عرف بسد النهر،و الذي نال إعجاب الكثیرین من الشعراء فراحوا یصفونه، ومن بین هؤلاء ابن عمار الذي یقول[33] :

ولیل لنا بالسدِّ بین معاطفٍ ** من النّهرِ ینساب انسیاب الأراقم

ویشیر أبو القاسم عامر بن هاشم القرطبي إلى بعض المنتزهات القرطبیة ومنها المصلى، ووادي العقیق، والمرج النضیر، ووادي الدیر وغیرها [34]، وفي هذا الشأن یقول[35]:

مسارح كم بها سرحت من كمد قلبي ** و طرفي ولا سُلــــــوان يُثنيني

بين المصلّى إلى وادي العقيق ومــا ** ينالُ مثل اسمــــه مُذ كان يبكيني

إلى الرُصافة فالموجِ النظيرِ فوادي ** الديرِ قالعطفُ من بطحاءَ عبدونِ

وهكذا تأثرت حیاة الأندلس بالمنتزهات إضافة إلى الشعراء الذین كانت ملجأهم حیث یلهون فیه ویعبِّرون عن كل ما یجیش في صدورهم، فأصبحت متنفسا لهم یخلعون علیها هموم الحیاة وكدرها. وقد تغنى شعراء طلیطلة وأبنائها بسحرها ورونق طبیعتها، ونالت إعجابهم فجعلوا أنهارها كالمجرة وغصونها كالنجوم، قال شاعرهم[36]:

زادت طلیطلة على ما حدثوا ** بلد علیه نضرة أنفسٍ ونعیـــم

الله زینـــــه فوشّــــح خصره ** نهرُ المجرّةِ والغصونُ نجوم

فالشاعر یصف مدینة طلیطلة حیث یرى بأنها مدینة رائعة تنعم بكل الخیرات والنعیم، وقد شبّه هذه المدینة بالمرأة التي تضع الوشاح على خصرها.

وهكذا نجد أن الشعراء الأندلسيين تباروا في وصف الطبيعة الصامتة حتى جعلوها تنبض بالحياة، وأضفوا عليها صفات الإنسان فأتت اشعارهم قمة في الجمال وغارقة في الإحساس والبهاء.

المطلب الثاني

الطبيعة الحية (المتحركة)

تعدّ الطبيعة الحية المتحركة، القسم الثاني من أقسام البيئة الطبيعية ، ويقصد بالطبيعة الحية ما اشتملت عليه من أصناف الحيوان ما عدا الإنسان، فالحيوانات على اختلاف أنواعها تشكّل قيمة كبرى ترفد الصورة بفيض من الصفات فضلاً عن ذلك فإنّها تبيّن مدى اهتمام الشعراء في رصد حركات الحيوانات وسكناتها, والوقوف على طبائعها [37].

ويعتمد الشاعر في أوصافه على دقة التعبير وصدق العاطفة، فتقترن الحقيقة بالوصف والتجسيد والصدق والإظهار، فالشاعر يؤمن بأنّ أبلغ الوصف ما قلب السمع بصراً[38].

وموقف الإنسان من الحيوان غريب منذ أقدم العصور، فهر يستأنه مرة، ويفتك بها أخرى للتغذي بلحومها، وكانت آثار تلك الغرابة تلوح جليه في آدابه وأساطيره وحكاياته، وتاريخ البشرية لا يخلو من النفوس الكريمة التي عاشت متعلقة بالحيوان أشد التعلُّق، وآداب الأمم حافلة بغرر النظم والنثر لصور الحيوانات التي أعانت الإنسان على ذليل كثير من مصاعب الحياة، ومنحته القدرة الفائقة على وصفها بالأوصاف التي خلدها في آثاره[39].

أتقن الشاعر الأندلسي وصف الحيوانات بصورة كبيرة، مُدركاً السمات التي تتميّز بها، والجزئيات التي يُثبت من خلالها التفرّد الذي تتمتع به, وأبرز الموضوعات التي تجسّد شعر الطبيعة الحية، الخيل.

لعلّ الخيل من أهم مظاهر الطبيعة الحية المجسّدة في الشعر العربي، إذ لا يكاد يخلو منها ديوان شعر، سواء أكان ذلك عرضاً، أم تعمّداً، فانبرى الشعراء يصفون سرعتها، وقوتها، وأصالتها, وألوانها, وقد عقد ابن قتيبة في كتابه باباً لألوان الخيل[40], وهو يدلّ على عظيم اهتمام العرب بها, وعنايتهم بصفاتها.

تأتي أوصاف الخيل حين يصوّر الشعراء الحرب, وكيف أنّها تلفت الأنظار وسط المعركة بمشيتها وألوانها, ناهيك عن ارتباطها بالممدوح وبـ(القيم والمثل التي يوحيها ذكرها ويومي إليها وجودها ممّا يتّصل بالشرف والعزة والفخر والعُلى, وبذلك تأخذ الخيول بعداً آخر في شعرهم إلى جانب كونها أداة تنقّلٍ وحركة)[41]. وقد أكثر شعراء الأندلس من وصف الخيل، إذ يأتي (ابن زمرك) و(لسان الدين بن الخطيب) و(ابن خفاجة) و(ابن حمديس) في مقدمة الشعراء الذين افتتنوا بالخيل، وأولوها عنايتهم فنعتوها بدقة، وشبّهوها بتشبيهاتٍ حسنة، ووقفوا على الاختلاف اللوني لأشكالها، فكثيراً ما يعمد الشاعر إلى الاستعانة بالتشبيه وبالصور والأخيلة والألوان, ويستخدم الطبيعة كلها في سبيل توضيح فكرة, أو تثبيت لون في اللوحة الأصلية[42]، من ذلك قول (ابن زمرك)[43]:

مـــــن أشهبٍ كالصبحِ يطلع غرةً ** في مستـــــهلِّ العسكرِ الجرّارِ

أو أدهــــــــمٍ كاللــــيلِ إلاَّ أنّــــــه ** لم يرضَ بالجوزاء حلي عِذارِ

أو أحمــــرٍ كالجمـــر يذكي شعلةً ** وقـــد ارتمى من بأسـه بشرارِ

أو أشــــقرٍ حلَّـــى الجمــالُ أديمَهُ ** وكســاهُ من زهو جلال نُضارِ

أو أشعــــلٍ راق العيـــــون كأنــه ** غَلَسٌ يخــــــالط سُدفةً بنهارِ

شهبٌ وشقــــرٌ في الطراد كأنهــا ** روضٌ تفتّحَ عن شقيقِ بهارِ

تتوافق الخيل التي وصفها الشاعر مع تحوّلات الظواهر الطبيعية المتكررة يومياً, فمنها الأشهبٌ الذي يشبه الصبح المنير, وبياضه وسط أجواء المعركة الحالكة السواد, يجعله يبدو كالغرة وسط ذاك المعترك. ومنها الأدهمٌ كسواد الليل البهيم, إلاّ أنّه لا يرضى أن تكون الجوزاء حليّ عذاره, في كناية عن طول أذنه ونحره وسالفته, وهي من الأوصاف المحمودة في الخيل[44]. ويرسم صورة الفرس الأحمر الذي يحاكي الجمر اتّقاداً وهمة. ويبرز من بين تلك الخيل, الأشقر الذي منحه سمة الجمال لانعكاس الضوء على جسمه, واكتسابه الزهو لمشابهته لون الذهب، ثم يختتم وصفه بذكر الفرس الأشعل, وكأنّه يتوهّج سناً في العيون, وقد اختلطت الألوان فيه ما بين حمرة جسمه, والبياض الذي يزيّن ناصيته وذنبه.

وفي موضع آخر ينظم (ابن حمديس ت527هـ) قصيدة في ممدوحٍ أهديت إليه مجموعة خيل, والقصيدة مكوّنة من (27) بيتاً, إلاّ أنّ الشاعر يسترسل فيها بوصف هذه الخيل, فلا يُبقي لممدوحه نصيباً من هذه المِدحة, إلاّ (4) أبيات يختتم بها القصيدة, إذ يبدو أنّ الشاعر افتتن بجمال هذه الخيل, فنراه يفصّل القول في ألوانها, ومشيتها, وسرعتها, وأصواتها ويلقي عليها من التشبيهات الرائعة, التي تنمّ عن إحساس الشاعر بجمالية المنظر, الذي انعكس تأثيره على أبياته, فأشرك المتلقي بهذا الإحساس المكتنز بالجمال, إذ يقول[45]:

جاءتك أولادُ الوجيـــه ولاحقِ  ** فأرَتْكَ في الخَلقِ ابتداعَ الخالقِ

قد وَقّعتْ لك بالسعود وما جَرَتْ ** بسوادِ نِقْسٍ في بياض مَهارِقِ

غُرٌّ محجَّلَةٌ تكامَلَ خلقها بمجانسٍ** مـــــن حسنـــــها ومطـــــابقِ

وكأنّما حَيّتْ عُلاكَ وجوهها ** فأسال فيها الصبحُ بيضَ طَرائقِ

وَكَأَنَّ صبحاً خصَّ فاه بِقُبلَةٍ ** فابيضّ موضعها لِعَيْن الرامقِ

وإذا الجلال تجرّدَت عن جردها ** لبست غلالةَ كلّ لونٍ رائقِ

وَرْدٌ تَمَيَّعَ فيه عَنْدَمُ حُمْرَةٍ ** كالورد أُهْدِيَ في الرّبيع لناشقِ

وكأَنَّهُ وكأنَّ غُرَّةَ وَجهِهِ **  شفقٌ تألّقَ فيه مطلَعُ شارِقِ

وَكَأَنَّ صبحاً خصَّ فاه بِقُبلَةٍ ** فابيضّ موضعها لِعَيْن الرامقِ

كَادَ الكميتُ يَنوبُ عَن لَعسِ اللمى ** ويسوغُ كالخمر الكُمَيْتِ لذائقِ

يصوّر الشاعر مجموعة الخيل تصويراً دقيقاً فاحصاً, يحيط بصفات الخيل, ومكامن الجمال التي تأسر الألباب بهيمنتها على حيوية المشهد الشعري, ويُبرز دور الطبيعة في التعبير عن المنحى الجمالي للقصيدة. أشرك الشاعرُ المتلقي في أحاسيسه ومشاهدته لمنظر الطبيعة الحية, وأبانَ عن تأثير المفردة اللونية في خلق الصورة الشعرية “إذ بدخول اللون ينقلب كيان الصورة… فاللون هو كلّ شيء في بناء شعرية المقطع, ومن دونه أو باستبداله تفقد كلّ المفردات صفتها الشعرية وتتنازل عن عطائها الفني”[46].

إنّ صياغة الشاعر لصورة الخيل بهذا الأسلوب الفني المُتقِن لرصد التفاصيل الدقيقة, لاسيّما تنوّع الألوان, يوجِدُ في النفس تقبلاً ومحبةً لهذه الخيل, إذ أفاد الشاعر من الطبيعة التي احتضنت الصورة بكلّ تجلّياتها, ثم أبدع في جعل رؤيته لمشهد استعراض الخيل, رؤية مطلقة, لا تتقيد بالزمان والمكان, بل هي أنموذج يتمتّع باستجابات حسية عالية, يمكن أن تتكرر غير مرة, لاسيما وأنّ الشاعر التقط من ألوان الخيل أهمّها[47].

ومن الحيوانات الأخرى التي وصفها الشعراء الأندلسيون “الطيور”، و من ذلك قول (ابن زمرك ت797هـ) في قصيدة يصف فيها الطائر البازيّ, ثم يخلص منها إلى المدح[48]:

أبدت لنا سَبَجَ العيونِ وطوّقت ** أرجــــــاءَهَا بعقيـــــــقةٍ حمـــراءِ

واستاقت الياقوت في منقـــارها ** ومشت على المرجان في استحياءِ

وَوَشَت يَدُ الأقدارِ في أعطافــها ** وشــــياً زرى بالحلـــــة الســيراءِ

ملكُ الطيورِ أتى إلى ملك الورى ** فاســــــتاقها لمـــــؤمّل الخُلَــــفَاءِ

يتّخذ الشاعر من وصف هذا الطائر موضوعاً يدخل به على ممدوحه، فالطائر يمتلك عيوناً سوداء صافية كالسبج, تحيط بها هالة حمراء اللون تشبه العقيق, وفي ذلك إشارة إلى اتّقاد العيون وحدّة نظرها, وهو ما يزينّ الطائر والممدوح. ثم يسترسل في ذكر الأوصاف التي تجمّل المشهد, ويذكر أنّ جمالها لا تدانيه حتى الحلة السيراء بألوانها المتداخلة في حسنٍ ولطافة.

ويقول ابن خفاجة الأندلسي واصفاً الذئب:

وَمَفازَةٍ لا نَجـــمَ في ظَلمائِها ** يَســـري وَلا فَلَكٌ بِها دَوّارُ

تَتَلَهَّبُ الشِـــعرى بِـــها وَكَأَنَّه ** في كَفِّ زِنجِيِّ الدُجى دينار

تَرمي بِهِ الغيطانُ فيها وَالرُبى ** دُوَلاً كَمــــا يَتَمَــــوَّجُ التَيّارُ

والقطــبُ ملتــزمٌ لمركزه بها ** فكأنّـــه في ساحـــةٍ مسمارُ

قَد لَفَّني فيها الظَلامُ وَطافَ بي ** ذِئبٌ يُلِمُّ مَـــعَ الدُجى زُوّارُ

طَرّاقُ ســـاداتِ الدِيــارِ مُساوِرٌ ** خَتّــــالُ أَبناءِ السُرى غَدّار

يَسري وَقَد نَضَحَ النَدى وَجهَ الصَبا **في فَروَةٍ قَد مَسَّها اِقشِعرارُ

فَعَشَـــوتُ في ظَلماءَ لَم تُقدَح بِها ** إِلاّ لِمُـــــقلَتِهِ وَبَأسي نارُ[49]

ثم يذكر الشاعر لقاءه مع الذئب في هذه المفازة القاحلة, وسط أجواء الليل البهيم, فيبتدئ تصوير الذئب بما يحمله من صفات معهودة من مخاتلة وغدر, وهو الذي يضرب به المثل في ذلك، فيقال: “أختل من ذئب”[50].

يسترسل الشاعر في وصف الذئب, فيشير إلى استعداد الذئب للقائه, فعلى الرغم من الظلمة المخيّمة على الأجواء, إلاّ أنّ اتّقاد مقلة الذئب بما تحمله ومن غيظ وحنق، تنير عتمة الليل, يقابلها في ذلك شدّة بأس الشاعر الذي لا يخشى مجابهة الذئب. لكنّ الشاعر يتّجه إلى وصف النجوم التي زيّنت السماء, فكانت كساءً يرفل به الشاعر، وهو يختتم المشهد الليلي الطويل، متأملاً أن ينبلج عن صباح منير يبدد تلك الظلمة القاسية.

وفي موضع آخر يصف ابن زمرك (ت 797هـ) حيوان الزرافة وصفاً دقيقاً يتناول من خلاله ما اتّصفت به من شكلٍ ولون ميّزاها عن سائر الحيوانات, فيقول[51]:

موشيّةُ الأعطاف رائقةُ الحُلى ** رَقَمَت بدائعَهَا يدُ الأقدارِ

راقَ العيونَ أديمُها فكأنّهُ ** روضٌ تفتّح عن شقيق بهارِ

ما بين مبيضٍّ وأصفرَ فاقعٍ ** سال اللُجينُ به خلال نُضارِ

يحكي حدائق نرجسٍ في شاهقٍ ** تنسابُ فيه أراقمُ الأنهارِ

تتجلى الرؤية التي شخّصها الشاعر في هذه الأبيات من خلال الوقوف على بديع الصنع الإلهي, في تصوير هذا المخلوق الغريب على بيئة الأندلس. فأديم هذه الزرافة ممثّلٌ بروضة غنّاء زينها البهار الذي تدرّجت ألوانه ما بين الأبيض والأصفر والأصفر الفاقع المنساب من الذهب والفضة, فهو يشبّه خلقها وطولها بحدائق نرجس عالية, تنحدر منها الأراقم بألوانها المختلفة.

وهكذا نجد أن الشاعر الأندلسي لا يخرج عن بيئته التي يألفها وتألفه, فكلّما وصف عنصراً من عناصر الطبيعة, جذبه المشهد إلى تعداد مشاهد أخرى , لاسيما الرياض والأزهار والأنهار, ويقف على التداخل بين الطبيعة الصامتة والمتحركة, إذ كلٌّ منهما يدعم الآخر في إبراز الدلالة المتطلبة في التصوير الفني للمشهد الشعري.

المطلب الثالث

خصائص شعر الطبيعة في الأندلس:

امتاز شعر الطبيعة في الاندلس بعدد من الخصائص، تتمثل في[52]:

  • هو شعر يمثل تعلق الشعراء الأندلسيين ببيئتهم وتفضيلها على غيرها من البيئات ، بعد أن كان هواهم متعلقًا بصور الجزيرة العربية، فابن خفاجة مثلاً يتعلق بالأندلس ويراها جنة الخلد ، ويرى أن كل ما فيها جميل مطرب ، ولإبن زيدون وابن حمديس ولغيرهما من الشعراء مثل هذا التعلق ، وهذا الحب كما رأينا فيما تقدم.
  • هو شعر يصف طبيعة الأندلس الطبيعية والصناعية ، فشعراء الطبيعة يصفونها كما أبدعها الله في الحقول والرياض والأنهار والجبال والسماء والنجوم ، ويصفونها كما صوّرها الفن مجلوّة في القصور والمساجد والبرك والأحواض فيكمل تذوقهم لجمال الطبيعة وتتضح ألوانها وأشكالها أمام نواظرهم فيزدادون لها حبّاً وبها تعلقاً ، وهم كذلك قد أتوا على أوصاف جديدة للطبيعة الحية كما فعل ابن خفاجة في وصف الفرس والذئب.

وهو شعر يصف الأقاليم الطبيعية المختلفة لبلاد الأندلس ، فكان لبعض الأقاليم شعراؤها الذين اهتموا بوصف ديارهم . فابن زيدون يتغنى بقرطبة وزهرائها، وابن سفر المريني يصف إشبيلية وأبو الحسن بن نزار يتعلق بوادي أشات فيصوره تصويراً ينمّ عن براعة بما يتركه في النفس من طراوة الندى والظلّ والشجر فيقول:

وادي الأشات يهيجُ وجدِي كلّما ** أذكرت ما أفضت بك النعماءُ

للهِ ظِلُّك والهجِيــــــر مسلَّــــــطٌ ** قــــد بَرّدَت لفحاتِهـــِ الأنداءُ

وهكذا كان شعراء الأندلس يعبرون عن مشاهد طبيعية رأوها وعاشوا في رحابها وأحسوا بجمالها.

  • الطبيعة عندهم طروب تبعث جو الطرب ، ووصفها يمثل الجوانب الضاحكة الندية منها ، وأكثر شعرهم في الطبيعة وصف لمتنزهاتهم ومجالس أنسهم ولهوهم في أحضانها كما بدا لنا من الأمثلة التي جئنا على ذكرها فيما تقدم.
  • وصف الطبيعة عندهم متصل بالغزل والخمر ، وهو طريق إليهما ، فشعراء الأندلس لا يذكرون الطبيعة إلا في رحاب الحبّ بل لا يذكرون الحبّ إلا في رحاب الطبيعة ، وهم بهذا يمنحون غزلهم لوناً بهيجاً من الجمال تقدمه ابن زيدون وابن حمديس وابن خفاجة وغيرهم، على امتزاج الطبيعة بالغزل والخمر وما يقتضيه هذا الامتزاج من لهو وطرب، فغزل الأندلسيين إذن يهتم ، إلى جانب وصف المحبوب ، بالمكان الذي ضمّ هذا المحبوب وهو غالباً الطبيعة ، بينما كان الغزل بالمشرق يهتم ،على الغالب ، بالوصف المادي وذكر الحوار واللقاء كما كان يفعل عمر بن أبي ربيعة وشعراء مدرسته ومن جاء بعده.
  • المرأة صورة من محاسن الطبيعة ، والطبيعة تجد في المرأة ظلها وجمالها ، ولذا كانت الحبيبة وروداً وجنة وشمساً وقد قال المقري عن شعراء الأندلس : “إنهم إذا تغزلوا صاغوا من الورد خدوداً ومن النرجس عيوناً ومن الآس أصداغاً ومن السفرجل .وداً ومن قصب السكر قدوداً ومن قلوب اللوز و سرر التفاح مباسم ومن ابنة العنبِ رضاباً”[53]. وهكذا كانت العلاقة شديدة بين جمال المرأة وبين الطبيعة فلا تذكر المرأة إلا وتذكر معها الطبيعة.
  • وشعرهم يعني بتشخيص الطبيعة وتصويرها على نحو إنساني تملؤه الحركة والنشاط كما في شعر ابن زيدون وابن خفاجة وغيرهما وكما فعل لسان الدين بن الخطيب[54]* في موشحته التي عارض فيها موشحة ابن سهل والتي مطلعها :

جَادَكِ الغيثُ إذا الغيثُ هَمَى ** يــا زمــانَ الوصلِ بالأندلسِ

لـــمْ يَكُنْ وصلُكِ إلّا حُلمـــا ** في الكَرَى أو خِلسةَ اُلمُختَلِسِ

ففي هذه الموشحة يجلِّل الحيا الروض فتبسم ثغور الزهور ، ويتناجى الماء والحصا فيغار الورد ويحمر حنقاً، ويتنبه الآس فيسرق السمع لفهم سر المناجاة. والشعر الأندلسي يقدم لنا لوحات أخرى تنم عن امتزاج الشاعر بالطبيعة وصدق عاطفته نحوها وتشخيصه لها حتى أصبحت لسان نجواه وخفقة قلبه.

  • شعر الطبيعة عندهم لا يظهر كغرض مستقل إلا نادراً في بعض المقطوعات والقصائد ، وقد امتزج في أكثر الأغراض التي طرقها الشعراء الأندلسيون ، وكان الغزل كما رأينا أكثر هذه الأغراض امتزاجاً بالطبيعة ، إلا أن هذه الثنائية نراها أيضاً في المدح والرثاء والعتاب والفخر، فهذا ابن زيدون يصف خلائق أبي الوليد بن جهور بالروض الضاحك، فيقول :

لِلْجَهورِيّ أبِي الوليدِ خَلاَئِقٌ ** كالرَّوضِ أَضحَكَهُ الغَمَامُ البَاكِي

وكذلك يمدح المعتمد على نعمه فيراها جنة يضلُّ فيها القريض:

أورَثَتنِي نُعماكَ جنةَّ عَدْنٍ ** جَالََ في وصْفِهَا فَضَلَّ القريضُ

ثم يعاتب ابن زيدون صاحبه أبا حفص بن .برد ويطلب منه أن يكون مثله دائم الوفاء فينظر إلى الطبيعة فيرى في الآس وديمومة اخضراره ما يريد أن يعبر عنه :

لا يكنْ عهْدك وَرداً ** إنَّ عَهدِي لكَ آس

وهكذا فذكر الطبيعة يمنح هذه الأغراض صفة أندلسية تتجلى في اقتناص المعاني من طبيعة الأندلس.

  • كان لطبيعة الأندلس ومااحتضنت من غزل ولهو وغناء أثر في اختراع قالب شعري جديد طبعته الأندلس بطابعها ألا وهو ( الموشح) ذلك الفن الشعري المستحدث الذي غنى طبيعة الأندلس ولهوها وعاش في نعيم ظلالها وعبق ريحانها.

والخلاصة أن الشعراء قد استطاعوا أن يصفوا الطبيعة الأندلسية في كثير من الحالات ، من خلال نفوسهم ولكنهم نظروا إليها ، على الغالب ، نظرة مصور فبدت لعيونهم كثيرة الأصباغ والألوان وزينوها بصناعة لفظية وخيال بصري أنيق، ولم يستطيعوا أن يتجردوا من ماضي شعر الطبيعة وإن كانوا قد طبعوه أحياناً بطابعهم وأخضعوه لمقومات بيئتهم، ولئن استطاع بعضهم في عدد من القصائد أن يصف خلجات نفسه نحوها، فقد قصروا بصورة عامة عن الاتحاد بها اتحاداً تاماً على طريقة المفهوم ( الرومانتيكي ) عند شعراء الغرب[55].

وهكذا ترى الباحثة أنّ شاعر الطبيعة الأندلسي، لحبه العميق للطبيعة ، يصورها ويزخرفها ببصره ويجسمها ويجملها بخياله ، فأجاد الصناعة، وبعد دراسة شعر الطبيعة نجد أنّ وصف الطبيعة في الأندلس كان ، على الغالب الأعم ، شغفاً بمحاسنها وتصويراً حسّياً لمباهجها ، تموج به ، بين حين وآخر ، خفقة من حياة ودفقة من عاطفة صادقة.

الخاتمة :

بحمد الله وتوفيقه وصلت الباحثة إلى ختام هذه الدراسة والتي تتمنى أن تكون قد توصلت إلى ما هدفت إليه، وبيّنت ما أنشئت من أجله، وقد توصلت إلى عدد من النتائج، أهمها:

  1. تبارى شعراء الأندلس في ذكر الألوان ودلالاتها في أشعارهم بسبب طبيعة بلادهم الساحرة والتي ساعدتهم على التباري في هذا الميدان.
  2. اتخذ الشعراء الأندلسيون من ألوان الزهور والنباتات والطبيعة الصامتة والمتحركة مدارساً يتعلمون منها عشق الحياة ويبثونه بالتالي عبر ما وهبهم الله من ملكة الكتابة والنظم .
  3. تعددت دلالات الألوان في الشعر الأندلسي، فكلّ لون كان يرمز إلى شيء محدد عندهم .

المصادر والمراجع :

  1. ابن خفاجة الأندلسي، أبو إسحق إبراهيم، ديوانه، جمعية المعارف المصرية، القاهرة، 2006م.
  2. ابن قتيبة، أبو محمد عبد الله بن مسلم، أدب الكاتب، تحقيق: محمد الدالي، مؤسسة الرسالة، بيروت، د. ت، ص .
  3. أبو العباس أحمد بن شكيل الأندلسي، شعره، تقديم وتحقيق: حياة قارة، المجمع الثقافي للنشر والتوزيع، الأردن، ط1، 1998م، ، ص53.
  4. الثعالبي، عبد الملك بن محمد بن إسماعيل، ثمار القلوب في المضاف والمنسوب، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، المكتبة العصرية، 1424هـ – 2003م .
  5. جودت الركابي، الطبيعة في الشعر الأندلسي, دار الفكر، بيروت، د. ت، ص50.
  6. حافظ المغربي، دلالة اللون في الشعر الأندلسي، دار المناهل للطباعة والنشر والتوزيع، سوريا، 2008م.
  7. حسن أحمد الشوش، ابن سارة الأندلسي (حياته وشعره)، مكتبة دار الزمان، بيروت، 1996م.
  8. حكمة علي الألوسي، فصول في الأدب الأندلسي في القرنين الثاني والثالث للهجرة .
  9. الراغب الأصفهاني، أبو القاسم الحسين بن محمد ، محاضرات الأدبا ومحاورات الشعراء والبلغاء، شركة دار الأرقم، بيروت، ط1، 1420هـ .
  10. شاكر هادي شكر، الحيوان في الأدب العربي، مكتبة النهضة العربية، مصر، د. ت.
  11. صلاح خالص، ابن عمار الاندلسي- دراسة تاريخية أدبية مع جمع شعره، مطبعة الهدى، بغداد، 1957م، .
  12. فوزي عیسى، الشعر الأندلسي في عصر الموحدین، دار الوفاء، كلیة الآداب، جامع الإسكندریة، ط1 ، 2007 م، .
  13. فوزي عیسى، في الأدب الأندلسي، دار المعرفة الجامعیة ، ط1، 1430 ه-ـ – 2009م، .
  14. قاسم الحسيني، الشعر الأندلسي في القرن التاسع الهجري (موضوعاته وخصائصه ) .
  15. محمد صابر عبيد، جماليات القصيدة العربية الحديثة، منشورات وزارة الثقافة، مصر، ط1، 2005م، .
  16. محمد كشاش، اللغة والحواس, رؤية في التواصل والتعبير بالعلامات غير اللسانية، دار أجيال المستقبل للطباعة والنشر، القاهرة، 1900م .
  17. محمد مجيد السعيد، الشعر في عهد المرابطين والموحدين بالأندلس، الدار العرب للموسوعات، بيروت، ط2، 1985م، .
  18. محمد مجيد السعيد، الشعر في عهد المرابطين والموحدين في الأندلس، دار الرشيد للنشر، بغداد، 1980م .
  19. المقري، أحمد بن محمد المقري التلمساني، نفح الطيب من غصن الاندلس الرطيب، تحقيق: محمد محي الدين عبد الحميد، مطبعة السعادة، مصر، 1949م، ص323.
  20. هالة عمر إبراهيم الهواري، شعر صفوان بن إدريس التجيبي ، دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر، مصر، ط1، 2013م .
  21. ياقوت الحموي، معجم البل\ان، مطبعة السعادة، مصر، 1904م

Margins:

  1. – محمد مجيد السعيد، الشعر في عهد المرابطين والموحدين في الأندلس، دار الرشيد للنشر، بغداد، 1980م، ص41.
  2. – ياقوت الحموي، معجم البل\ان، مطبعة السعادة، مصر، 1904م، ج1، ص262.
  3. – المقري، أحمد بن محمد المقري التلمساني، نفح الطيب من غصن الاندلس الرطيب، تحقيق: محمد محي الدين عبد الحميد، مطبعة السعادة، مصر، 1949م، ص323.
  4. – قاسم الحسيني، الشعر الأندلسي في القرن التاسع الهجري (موضوعاته وخصائصه), ص224.
  5. – * ابن خفاجة الأندلسي: إبراهيم بن أبي الفتح بن عبد الله بن خفاجة الهواري، يُكنى أبا إسحق، من أعلام الشعراء الأندلسيين في القرنين الخامس والسادس الهجريين. ولد بجزيرة شقر شرقي الأندلس سنة 450 هـ – 1058م وفيها قضى معظم شبابه وشيخوخته، عاش في عصر المرابطين بعد زوال دولة بني أمية والدولة العامرية ودولة بني عباد، ، ركز ابن خفاجة في شعره على وصف الطبيعة وجمالها. توفي ببلنسية سنة 533هـ – 1138م.الزركلي، خير الدين بن محمود بن محمد بن علي بن فارس الدمشقي (ت 1396هـ)، الأعلام، دار العلم للملايين، بيروت، ط15، 2002م، ج1، ص56.ابن بسام، أبو الحسن علي بن بسام الشنتريني (ت 542ه)، الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة، تحقيق: إحسان عباس، الدار العربية للكتاب، ليبيا، ط2، 1981م، ج6، ص541.
  6. – ابن خفاجة الأندلسي، أبو إسحق إبراهيم، ديوانه، جمعية المعارف المصرية، القاهرة، 2006م، ص85
  7. – ابن خفاجة الاندلسي، ديوانه، ص94.
  8. – حكمة علي الألوسي، فصول في الأدب الأندلسي في القرنين الثاني والثالث للهجرة, ص38.
  9. – جودت الركابي، الطبيعة في الشعر الأندلسي, دار الفكر، بيروت، د. ت، ص50.
  10. – إحسان عباس، تاريخ الأدب الأندلسي (عصر سيادة قرطبة), ص84.
  11. – البيئة الأندلسية وأثرها في الشعر، ص105.
  12. – جودت الركابي، الطبيعة في الشعر الأندلسي، ص7.
  13. – حافظ المغربي، دلالة اللون في الشعر الأندلسي، دار المناهل للطباعة والنشر والتوزيع، سوريا، 2008م، ص13.
  14. * – ابن شكيل: هو ابن شكيل الصدفي أحمد بن يعيش بن شكيل الصوفي أبو العباس، شاعر أندلسي من أهل شريش، له ديوان شعر، توفي عام 605هـ. الزركلي، الأعلام، ج1، ص271. وابن خلكان، أبو العباس شمس الدين أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر ابن خلكان البرمكي الاربلي (ت 681هـ)، وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، تحقيق: إحسان عباس، دار صادر، بيروت، ط1، 1994م، ج7، ص5.
  15. – أبو العباس أحمد بن شكيل الأندلسي، شعره، تقديم وتحقيق: حياة قارة، المجمع الثقافي للنشر والتوزيع، الأردن، ط1، 1998م، ، ص53.
  16. * – ابن حمديس: أبو محمد عبد الجبار بن أبي بكر الصقلي المعروف بابن حمديس الصقلي (447 – 527هـ / 1055 – 1133م)، شاعر عربي ولد ونشأ في صقلية، ثم تركها ورحل إلى الأندلس سنة 471هـ وأقام فيها لفترة ثم انتقل إلى المغرب الأوسط وأفريقية حتى توفي في جزيرة ميورقة سنة 527هـ، وقد تميز بثقافة دينية جعلت منه حكيماً من حكماء الحياة وانعكس ذلك على قصائده. ابن خلكان، وفيات الأعيان، ج3، ص212 – 215. والزركلي، الأعلام، ج3، ص274.
  17. – ابن حمديس، ديوانه، تحقيق: إحسان عباس، دار بيروت للطباعة والنشر، بيروت، ط1، 1998م، ص185.
  18. – المصدر السابق، ص168.
  19. * – ابن زمرك الأندلسي: أبو عبد الله محمد بن يوسف بن محمد بن أحمد الصريحي (733 – 793هـ/ 1333 – 1392م)، المعروف بابن زمرك، من كبار الشعراء والكتاب في الأندلس، كان وزيراً لبني الأحمر، ولد بروض البيازين بغرناطة وتتلمذ على يد لسان الدين بن الخطيب، جمع السلطان ابن الأحمر شعر ابن زمرك وموشحاته في مجلد ضخم سمّاه (البقية والمدرك من كلام ابن زمرك)، ونقل المقري كثيراص منه في كتابه (نفح الطيب) وفي (أزهار الرياض). المقري، أزهار الرياض، ج11، ص7 – 11.
  20. – ابن زمرك الأندلسي، ديوانه، تحقيق: محمد توفيق النيفر، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ط1، د. ت، ص250.
  21. * – ابن صارة الشنتريني: أبو محمد عبد الله بن محمد بن صارة البكري الأندلسي الشنتريني، الشاعر المشهور، كان شاعراً ماهراً ناظماً ناثراً، له ديوان شعر أكثره جيد، توفي بالمرية عام 517هـ. ابن خلكان، وفيات الأعيان، ج3، ص193 – 195.
  22. – حسن أحمد الشوش، ابن سارة الأندلسي (حياته وشعره)، مكتبة دار الزمان، بيروت، 1996م، ص55.
  23. – محمد كشاش، اللغة والحواس, رؤية في التواصل والتعبير بالعلامات غير اللسانية، دار أجيال المستقبل للطباعة والنشر، القاهرة، 1900م، ص188.
  24. * – التجيبي: صفوان بن إدريس بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عيسى بن إدريس التجيبي، أبو بحر المرسي الكاتب البليغ، ولد في مرسية عام 560هـ وتوفي بها عام 598هـكان من أعيان الرؤساء ، فصيحاً جليل القدر ، له رسائل بديعة ، وكان من الفضل والدين بمكان، توفي وله سبع وثلاثون سنة، ومن تصانيفه كتاب (بداهة المتحفز وعجالة المستوفز)، وكتاب (زاد المسافر) وهو الذي عارضه ابن الأبار بكتاب (تحفة القادم). ابن الخطيب، الإحاطة في أخبار غرناطة، ج3، ص273 – 275.
  25. – هالة عمر إبراهيم الهواري، شعر صفوان بن إدريس التجيبي ، دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر، مصر، ط1، 2013م، ص195 – 196.
  26. * – ابن عمار الأندلسي: أبو بكر محمد بن عمار بن الحسين بن عمار المهري القضاعي ذو الوزارتين (422 – 477هـ / 1031 – 1085م)، شاعر وسياسي أندلسي ووزيراً وسفيراً للمعتمد بن عباد حاكم إشبيلية، خرج عليه واستقل بحكم مرسية عام 471هـ إلى أن انتزعها منه عبد الرحمن بن رشيق عام 474هـ. عبد الرحمن المراكشي، المعجب في تلخيص أخبار المغرب، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية – لجنة إحياء التراث الإسلامي، القاهرة، 1962م، ص182.
  27. – صلاح خالص، ابن عمار الاندلسي- دراسة تاريخية أدبية مع جمع شعره، مطبعة الهدى، بغداد، 1957م، ص106.
  28. * – ابن عبد ربه الأندلسي: أبو عمر أحمد بن محمد بن عبد ربه بن حبيب بن حدير بن سالم، (246 – 328هـ)، ولد في قرطبة ، وكان جده سالم مولىً للأمير هشام الرضا، نشأ في قرطبة وامتاز بسعة الاطّلاع في العلم والرواية والشعر، كتب الشعر في الصبابة والغزل ثم تاب وكتب أشعاراً في المواعظ والزهد سمّاها (الممحصات)، كان يتكسّب من الشعر بمدحه للأمراء، كان من الرواد في نشر فن الموشحات أعظم أعماله كتابه (العقد الفريد) الذي كان بمثابة موسوعة ثقافية تبين أحوال الحضارة الإسلامية في عصره. توفي ابن عبد ربه في 18 جمادي الأولى سنة 328هـ ودفن في قرطبة، وكان قد أصيب بالافالج قبل وفاته بأعوام. المقري، أحمد بن محمد المقري التلمساني، نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، تحقيق: إحسان عباس، دار صادر، بيروت، 1388هـ – 1968م، ص6. والضبي، أحمد بن يحيى، بغية الملتمس في تاريخ رجال أهل الأندلس، دار الكتاب العربي، بيروت، 1967م، ص150.
  29. – ابن عبد ربه، ديوانه، تحقيق: محمد رضوان الداية، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 1399هـ – 1979م، ص 45 – 46. سواريها : سحائبها الآتية ليلاً ، من السرى ، وهو سير الليل . وغواديها : الآتية في الغداة ، الأنماط : ضرب من البسط . الديابيج : نوع من الثياب .
  30. * – المالقي: الحسن بن محمد بن علي الأنصاري، أبو علي المالقي المعروف بابن كسرى ، توفي سنة 604هـ. ابن شاكر الكتبي، فوات الوفيات، ج1، ص357 – 358. ابن الأبار، تحفة القادم، ص91.
  31. – ليمان القرشي، شعر أبي علي بن كسرى المالقي، مجلة الذخائر، بيروت، ع12، 2003م، ص131.
  32. – فوزي عیسى، الشعر الأندلسي في عصر الموحدین، دار الوفاء، كلیة الآداب، جامعة الإسكندریة، ط1 ، 2007 م، ص 129
  33. – المقري، نفح الطيب، ص19.
  34. – فوزي عیسى، في الأدب الأندلسي، دار المعرفة الجامعیة ، ط1، 1430 ه-ـ – 2009م، ص 23.
  35. – المقري، نفح الطيب، ص542 – 543.
  36. – المقري، نفح الطيب، ص170.
  37. – فوزي عيسى، في الأدب الأندلسي، ص26.
  38. – القيرواني، أبو الحسن علي بن رشيق القيرواني، العمدة في محاسن الشعر ، تحقيق: محمد محي الدين عبد الحميد، دار الجيل، بيروت، ط5، 1401هـ – 1981م، ج2، ص295.
  39. – نوري حمودي القيسي، الطبيعة في الشعر الجاهلي، ص96.
  40. – ابن قتيبة، أبو محمد عبد الله بن مسلم، أدب الكاتب، تحقيق: محمد الدالي، مؤسسة الرسالة، بيروت، د. ت، ص 112 ـ 113.
  41. – محمد مجيد السعيد، الشعر في عهد المرابطين والموحدين بالأندلس، الدار العربية للموسوعات، بيروت، ط2، 1985م، ص145.
  42. – نصر الدين فارس، الوصف عند امرئ القيس (دراسة تحليلية)، ص41.
  43. – ابن زمرك، ديوانه، ص407.
  44. – الراغب الأصفهاني، أبو القاسم الحسين بن محمد ، محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء، شركة دار الأرقم، بيروت، ط1، 1420هـ ، ج2، ص686.
  45. – ابن حمديس، ديوانه، ص330 ـ 331.
  46. – محمد صابر عبيد، جماليات القصيدة العربية الحديثة، منشورات وزارة الثقافة، مصر، ط1، 2005م، ص16.
  47. – شاكر هادي شكر، الحيوان في الأدب العربي، مكتبة النهضة العربية، مصر، د. ت.، ج2، ص28.
  48. – ابن زمرك، ديوانه، ص366 ـ 367.
  49. – ابن خفاجة الأندلسي، ديوانه، ص85 – 86.
  50. – الثعالبي، عبد الملك بن محمد بن إسماعيل، ثمار القلوب في المضاف والمنسوب، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، المكتبة العصرية، 1424هـ – 2003م ، ص391.
  51. – ابن زمرك، ديوانه، ص431.
  52. – جودت الركابي، في الأدب الأندلسي، ص131 – 134.
  53. – المقري، نفح الطيب، ص323.
  54. * – لسان الدين بن الخطيب: محمد بن عبد الله بن سعيد بن عبد الله بن سعيد بن علي بن أحمد السلماني الخطيب، ولد في لوشة في 25 رجب سنة 713هـ وتوفي في فاس سنة 776هـ، شاعر وكاتب وفقيه مالكي ومؤرخ وفيلسوف وطبيب وسياسي، قضى معظم حياته في غرناطة في خدمة بلاط محمد الخامس من بني نصر نقشت أشعاره على حوائط قصر الحمراء بغرناطة، من مؤلفاته: الإحاطة في أخبار غرناطة، واللمحة البدرية في الدولة النصرية، وأعمال الأعلام فيمن بويع قبل الاحتلام من ملوك الإسلام، وكناسة الدكان بعد انتقال السكان، وخطرة الطيف في رحلة الشتاء والصيف، ونفاضة الجراب في علالة الاغتراب، وغيرها الكثير من المؤلفات القيمة. المقري، نفح الطيب، ج6، ص312.
  55. – مصطفى الشكعة، الأدب الاندلسي، ص251.