أضرار التدخين الصحية وآثارها على الفرد والمجتمع = دراسة حالة على طلاب كلية تنمية المجتمع جامعة الدلنج ــ السودان

د. جلال الدين موسي محمد موره1

1 جامعة الدلنج، كلية تنمية المجتمع، قسم الاجتماع والخدمة الاجتماعية، السودان

بريد الكتروني: galaleldeen95@gmail

HNSJ, 2022, 3(9); https://doi.org/10.53796/hnsj3911

Download

تاريخ النشر: 01/09/2022م تاريخ القبول: 13/08/2022م

المستخلص

الدراسة ناقشت تأثيرات التدخين على الفرد والمجتمع لمعرفة الآثار الصحية الضارة، استخدمت الدراسة المنهج التاريخ ومنهج دراسة الحالة، أهم النتائج التي توصلت لها الدراسة، ان التدخين ضار بالصحة ويسبب العديد من الأمراض التي قد تؤدي إلى الوفاة، أهم التوصيات رفع الوعي للفرد والمجتمع بخطورة التدخين وضرورة الامتناع عنه وتوفير العلاج لمدمني التدخين.

Research title

The health damages of smoking and its effects on the individual and society – a case study on students of the College of Community Development, University of Dilling – Sudan

Dr. Jalal al-Din Musa Muhammad Moreh 1

1 Dilling University, College of Community Development, Department of Sociology and Social Work, Sudan

Email: galaleldeen95@gmail

HNSJ, 2022, 3(9); https://doi.org/10.53796/hnsj3911

Published at 01/09/2022 Accepted at 13/08/2021

Abstract

The study discussed the effects of smoking on the individual and society to know the harmful health effects, the study used the historical and case study methodologies. The most important finding of the study are that smoking is harmful to health and causes many diseases that my lead to death. The most important recommendation are to raise awareness of the individual and society about the dangers of smoking and the need to refrain from it and to find good treatment for addicts’ smokers and existing cure for them.

المقدمة

يعتبر التدخين من اشد مصادر التلوث تأثيرا على الشخص المدخن ،إذ انه يتولى بنفسه تلويث ذاته حيث يدفع المواد الملوثة بتركيزها العالي مباشر إلى داخل جسمه ،و لا يقتصر ضرر المدخن على ذاته بل يتعداه على غيره ، فبعد أن يحتجز جسم المدخن ما يكفي لتلويثه يخرج إلى الجو الخارجي خلال هواء زفير ما تبق مما استنشق من ملوثاته , تنتشر في جو المكان رافعة نسبة تلوث الهواء مما تجعله مؤثرا على مخالطيه و المحتاجين معه إلى الهواء النقي الضروري لتنفسهم، فيستنشق المخالطون مع شهيقهم الهواء الملوث الناجم عن احتراق التبغ مباشر خلال فترة إشعال الغاليون أو السيجار أو السيجارة و أثناء فترات امتناع المدخن عن التدخين , و يستنشقون أيضا هواء زفير المدخن المحمل بأشكال مختلفة من الملوثات، و لهذا فيعتبر غير المدخن المخالط للمدخن و المرافق له في النفس المكان المغلق مدخنا أيضا و لكنه مدخن سلبي، و البعض يعتبره مدخنا لدخان سابق الاستعمال، و يزداد اثر التدخين وضوحا على المخالطين عندما يكون التدخين في أماكن مغلقة مثل حجرات المنازل و المصالح و دور السينما و وسائل الانتقال، و لهذا جرى تحريم التدخين في كثير من الدول في الأماكن العامة، و جرى تخصيص أماكن للمدخنين في دول أخرى، أما في المنازل فليس هناك منع أو تقييد على المدخن إلا إذا كان ذلك نابعا من ضمير الشخص المدخن حيال مخالطيه , فيخصص لنفسه مكانا هاربا بعيدا عن باقي الأسرة غير المدخنة ليستمتع بحرق تبغه و استنشاقه .

و قد أصبح واضحا جليا إن شرب الدخان و إن اختلف أنواعه وطرق استعماله يلحق بالإنسان ضررا بالغا، إن أجلا أو عاجلا في نفسه و ماله و يصيبه بأمراض كثيرا متنوعة و بالتالي يكون تعاطيه ممنوعا ومن ثم فلا يجوز للمسلم استعماله بأية وجه من الوجوه، حفاظا على الأنفس و الأموال (لا ضرر ولا ضرار)،و حرصا على اجتناب الإضرار التي أوضح الطب حدوثها وإبقاء على كيان الاسرة و المجتمعات بإنفاق الاموال فيما يعود بالفائدة على الانسان في جسده و يعينه على الحياة سليما معافى، يؤدي واجباته نحو الله و نحو اسرته، فالمؤمن القوي خير و احب الى الله من المؤمن الضعيف.

و من اجل هذا قام الباحث بإجراء الدراسة علمية على هذه الافة العصرية المنتشرة لمعرفة اُثارها الصحية والمرضية علي جسم الأنسان.

مشكلة الدراسة

إن التدخين يضر بالمدخن من النواحي المختلفة وهو كذلك يضر بالأشخاص المحيطين بالمدخن، نتيجة استنشاقهم للهواء المختلط بالدخان ويصابون بالأمراض الناتجة من المواد السامة في الدخان فالمدخن إذ يتسبب في ضرر الآخرين مرضيا وعرقلة صحتهم عن قصد أو غير قصد .

لذا قام الباحث باختيار هذه الظاهرة ليدرس أثارها الصحية على الفرد و المجتمع على حد سواء.

أهمية الدراسة العلمية

1. تنبع أهمية الدراسة من أن الضرر الذي يسببه التدخين كبير على الفرد والمجتمع.

2. تنبيه المجتمع بان هذه الآفة ضارة.

3. يعتبر الشباب من الشرائح المتعاطية للتدخين في المجتمع وهي ايضا شريحة مهمة في الانتاج مما يتطلب رفع الوعي لديهم.

4. إن الكشف عن خطورة التدخين على صحة الإنسان وعلاقته بالأمراض غالبا ما يكون سببا من أسباب التراجع عن ممارسة التدخين والحفاظ علي المجتمع بصفة عامة.

4. الاهتمام بالبيئة التي يعيش فيها الانسان من التلوث وهى أهم القضايا التي تتعلق بالإنسان وحياته .

اهداف الدراسة

يهدف الباحث في الدراسة لهذه الظاهرة على جانبين من الأهداف كما يلي

الجانب العملي :

  1. الكشف عن الأسباب والدوافع المؤدية لتعاطي التدخين .
  2. معرفة الآثار الصحية الناجمة عن تعاطي التدخين .
  3. تقديم بعض من التوصيات للتقليل من الاخطار والآثار السلبية.
  4. مساعدة المدخنين بالإرشادات للإقلاع عنه.

الجانب العلمي :

إفادة الباحثين و العاملين في المجالات المختلفة بالإرشاد و التوجيه و الأخصائيين النفسيين و الاجتماعيين و المعلمين و أساتذة الجامعات و واضعي المناهج الوقائية و العلاجية للمراهقين و أولياء الأمور و الأجهزة المختصة ببعض معلومات عن هذه الآفة.

الجانب النظري :

إن موضوع التدخين وآثاره من الموضوعات القديمة والمهمة ذات الأهمية الكبيرة إلا إن الدراسات التي أجريت عليها لم تنل نصيبها بقدر كافي وان المعرفة تراكمية ويرجو الباحث في هذه الدراسة من الاستفادة منها علميا في توعية المجتمعات بالأخطار والآثار الناجمة عنه.

الجانب التطبيقي

من هذه الناحية يحاول الباحث في دراسته التعرف على بعض الإضرار والآثار الناجمة عن هذه الآفة وذلك بدراسة عينة من الطلاب الجامعين، والتي قد تعطي نتائج قريبة من الواقع، تفيد الباحثين و كذلك الجهات المختصة للتخطيط لحياة ومستقبل أفضل خالي من هذه الآفة.

تساؤلات الدراسة

1ــ هل للتدخين آثار صحية علي الفرد ؟

2ــ ما هي أكثر الفئات تعاطيا للتدخين؟

3 ــ هل توجد علاقة بين البطالة والتدخين؟

متغيرات الدراسة

المتغير المستقل : التــــــــــدخين

المتغير التابع : الفرد والمجتمع.

مصطلحات الدراسة

التدخين في اللغة :

دخن_ دخان النار معروف ،والجمع دواخن والداخن أيضا الدخان والدخن أيضا : الكدورة إلى سواد

و دخنت النار تدخن : ارتفع دخانها . وادخنت مثله على افتعلت

و دخنت النار بالكسرة ،إذا ألقيت عليها حطبا أفسدتها حتى يهيج لذلك الدخان

و دخن الطبيخ أيضا، إذا تدخنت القدر والرجل ،دخن الخلق و الدخنة كالفريدة تدخن بها البيوت .

والدخنة من ألوان كالكدرة في سواد و كبش أدخن، و شاة دخن .

مدخنة: المدخنة منفاخ لإجلاء النحل ، يحرق فيه ورق أو قش أو خرق فيطرد النحل بدخانها (1).

التدخين في الاصطلاح

هو عملية جلب مادة الدخان (التبغ) إلى الجسد بواسطة السيجارة أو الغليون أو غيرها بطريقة المص أو المضغ أو الاستنشاق (2).

الأثر في اللغة :

الأثر مصدر قولك أثرت الحديث إذا ذكرته عن غيرك .

ومنه قيل : حديث مأثور أي ينقله خلف على سلف .

قال الأعشى : إن الذي فيه تماريتها بين للسامع والأثر

و الأثر بالضم : اثر الجراح يبقى بعد برء.

وتقول أيضا : خرجت في أثره، أي في أثره

و الأثر بالتحريك : ما بقى من رسم الشيء وضربه السيف(3).

الأثر في الاصطلاح:

اثر : ينقسم الموجد إلى مؤثر و متأثر و اثر، و الأثر له أربعة معاني

الأولى : بمعنى نتيجة أو المعلول، و هو حاصل من شيء

و الثاني : بمعنى العلامة و الصورة المطبوعة للمؤثر في المتأثر

و الثالث : بمعنى الخبر ؛ ولذلك يطلقون على الحديث و كلام السلف

الرابع : ما يترتب على الشيء و هو مسمى بالحكم والآثار هي اللوازم المعللة بالشيء(4).

الدراسات السابقة

1- (عبدا لرزاق احمد 2004 ) ( التدخين لدى عينة من طلبة كليات الطب )

هدفت الدراسة إلى الكشف عن عدد المدخنين في كليات الطب بـ(مصر) و عن أماكن التدخين وعن الإنسان القدوة للمرض وقد شمل المسح ما يقرب من 3500 من طلاب السنة الثالثة بكلية الطب ,واجري في أربعة عشر جامعة في مختلف إنحاء (مصر) وقد تبين إن 17% من الطلاب يدخنون السجاير ,وفي عام سابق كان 41% من هؤلاء يدخنون في الحرم الجامعي , بينما كان 30.9% منهم يدخنون داخل مباني التعليم نفسها .

وقد أعرب 87% من طلاب الطب الذين شملهم المسح عن اعتقادهم بان أرباب المهن الصحية هم القدوة لمرضاهم , كما أعرب 91.1% منهم عن اعتقادهم بان للأطباء دورا لا يستهان به في نصح مرضاهم بالتوقف عن التدخين .

2- (احمد عيسى 2002 ) ( الجديد في الطب حول أضرار التدخين )

هدفت الدراسة للتعرف على المواد الضارة التي يحتويها التبغ ، و الآثار الصحية الناجمة عن هذه المواد ، و توضيح ضرر التدخين .

و قد خلصت الدراسة إلى إن التبغ عالي النيكوتين الذي يؤثر سلبيا بشكل مباشر على الجهاز العصبي وبشكل غير مباشر على القلب و الأوعية الدموية و الدم و الكليتين وان هناك علاقة بين التدخين و أمراض القلب و تصلب الشرايين و نقص التروية القلبية التي تؤدي لاحتساء العضلة القلبية كما إن له تأثير على توتر الشريان، إضافة إلى تأثير سلبي لصحة الأم الحامل بجنينها .

2006) ( اثر التدخين على إمكانية الإصابة بالسكتة قلبية )Mary mell3ــ (

هدفت الدراسة إلى كشف على تأثير التدخين على القلب ، وقد تكونت عينة الدراسة من 902 حالة من مرضى القلب ، وقد وجد الباحث إن حجم كتلة الدم المتخثر، أو الجلطة عند أولئك الذين دخنوا سيجارة واحدة قبل ست ساعات من إصابتهم بالسكتة القلبية هو اكبر تخثر عند أولئك الذين دخنوا سيجارة واحدة خلال أربعة وعشرين ساعة من إصابتهم بأزمة قلبية ، بمعدل ثلاثة و عشرين مليمتر مربع إلى اثني عشر ونصف مليمتر مربع ، من الحقائق المعروف أن التدخين المتواصل يفاقم إمراض القلب على الأمد البعيد ، لكن الجديد في الأمر هو إن الباحثين اكتشفوا ألان إن هناك مخاطر للتدخين على الأمر القريب أيضا ، وهي زيادة احتمال الإصابة بأمراض القلب ، وسبب في ذلك يعود إلى إن لكل سجائر تأثيرا على نظام عمل القلب .

ويقول دكتور( موراي ميتلمان ) من مركز ديكونس الطبي في بوسطن إلى أهم شيء يمكن أن يفعله المرء لتجنب السكتة القلبية هو الإقلاع عن التدخين وقد لاتكون المنفعة فورية .

و بشكل عام فان التخثر الدموي يكون اكبر عند المدخنين منه عند غير المدخنين، ومن الثوابت العلمية إن التخثر الدموي أو الجلطة كلما كان اكبر , ازدادت مخاطر السكتة القلبية و حدتها لأنها ستشكل عائقا في طريق الدم الذاهب إلى القلب , وكلما كانت كمية الدم الواصل إلى القلب قليلة ازدادت الإضرار التي يتعرض لها القلب عند حصول الجلطة .

و قال متحدث باسم جمعية الأطباء القلب البريطانين إن هذه الدراسة قد تفتح طريقا جديدا للبحث، فقد يتمكن المدخنون خلال خمس سنوات من الإقلاع إن يقلصوا مخاطر إصابتهم بالسكتة القلبية بنسبة 50% وان هذا البحث يعكس أهمية الإقلاع ، إذ بإمكان المرء أن يقلع اليوم قبل الغد .

) (التدخين و التفريق بين الألوان )Karl eirb 1999 4- (

أجريت الدراسة في مستشفى العيون في جامعة (هانوفر) بألمانيا و نشرت تفاصيل مجلة الطبيب الألماني في عدد 22-6-1999 حيث اخدع أيرب و فريقه (52) مدخنا (76) غير مدخنا لتجربة التفريق بين ألوان و توصلوا إلى إن التدخين يضعف قدرة الإنسان على التفريق بين الألوان و يضعف حسه أساسا للون الأزرق، و بما يهدد بتحويله سمائه إلى رماد وكان على إفراد المجموعتين متسلسلة من الحلل المتدرجة ألوان ( من ازرق الفاتح إلى اخضر الفاتح كمثال ) استطاع غير المدخنين و المدخنين إن يفرقوا بين الحل بسهولة في حين أن الأخطاء التي ارتكبها أعضاء مجموعة المدخنين ضعف الأخطاء التي ارتكبها أعضاء مجموعة المعتدلين في التمييز بين ألالوان.

5-(جامعتا هونج كونج الصينية – اكس فورت البريطانية 2002 ) ( اثر التدخين على العمر)

تكهنت الدراسة بان تؤدي الأمراض الناجمة عن التدخين إلى الموت نحو ثلث سكان الصين من شباب و قد توصل الباحثون إلى هذه النتيجة بعد دراسة لآلاف من حالات الموت في هونج كونج و نبهت الدراسة إلى إن الملايين من الصينيين سيموتون قبل فوات الأوان ما لم تحرز حملات مكافحة التدخين نجاحا اكبر، ويتوقع الباحثون انه في حالة استمرار الصينيين على معدل التدخين الحالي فان نحو مئة مليون منهم سيموتون بسبب هذه العادة ، وتشير الدراسة إلى أن نصف هؤلاء سيموتون في عمر بين(35-65 ) و يقول الباحثون أن 30% من سكان هونج كونج ممن هم في منتصف العمر يموتون بالفعل حاليا نتيجة إصابتهم بأمراض ناجمة عن التدخين ويرى باحثون إن من المرجح أن يستمر معدل الوفيات في الصين خلال العقود القادمة و تتكهن السلطات الصينية بان بحلول منتصف العقد الحالي سيبلغ ضحايا التدخين ثلاثة ملايين شخص سنويا .

استفادة الباحث من الدراسات السابقة

تتوافق كثيرا من الدراسات السابقة من حيث الاهتمام بالجوانب الصحية في أنها ركزت عن الأضرار الصحية منها كإمراض القلب و الشرايين و العيون. و تختلف بعض الدراسات السابقة عن الدراسة الحالية في عدد حجم العينة، حيث استخدم الباحث الجماعة البؤرية كوسيلة لجمع البيانات في تلك الدراسة، وهكذا تتوافق تلك الدراسات مع الدراسة الحالية في بعض الجوانب. فكل الدراسات السابقة نتائجها كانت منها أثار صحية أو مرضية وهذا ما يسعى له الباحث حول دراسة الآثار الصحية الناجمة عن التدخين سواء على الفرد ومن حوله. المنهجية الدراسة

يعرف المنهج بأنه الأسلوب والطريقة التي يستعملها الباحث يهدف بها الوصول إلى معلومات التي يريد الحصول عليها بطرق علمية و موضوعية مناسبة(5) .

تعتبر المنهجية الرئيسية التي تقوم عليها هذه الدراسة هي منهجية وصفية واسئقرائية تحليلية، وان أسندت في بعض اجزاء الدراسة علي المنهج التاريخي ومنهج دراسة الحالة وبالإضافة إلي ذلك اعتمد الباحث علي البيانات المطلوبة للدراسة من عدة مصادر ثانوية للدراسة مثل الكتب المنهجية والتقارير والنشرات العلمية التي صدرت من جهات ذات الصلة وكذلك مصادرها الأولية مثل الملاحظة المباشرة.

وقد قام الباحث باختيار منهجين من مناهج البحث العلمي في دراسته لهذه الظاهرة

وهما في الاتي :

أولا : المنهج التاريخي

يمثل تاريخ المجتمع الإنساني واقع النشاطات الاجتماعية لفترة زمنية معينة مضى عليها الزمن وفات، وبسبب صعوبة ملاحظة الإحداث الماضية بشكل مباشر، يميل الباحث إلى استخدام الأدوات التاريخية كوثائق و مصادر متعلقة بالحدث أو الظاهرة الاجتماعية(6) ،ويدرسها بشكل استقرائي يغلب عليه طابع التحليل و النقد ومعرفة أسباب حدوثها وعلاقتها ببقية الظواهر الأخرى في تلك الفترة الزمنية ، ومن اجل استخدام هذا المنهج بشكل موضوعي و علمي على الباحث إن لا يأخذ أدوات المنهج التاريخي بشكل مسلم بها بل يجب إن يصنفها إلى نوعين هما

  • المصادر الأولية التي تعني :

أ_ أقوال الأشخاص المعتمدين الذين عاصروا الحدث في المكان كالوجهاء والأعيان و الشيوخ

بمجتمع الدراسة و الاعتماد عليهم كمخبرين أو إدلاء على تقييم المعلومات المتعلقة بالظاهرة التي

شاهدوها بأعينهم و لاحظوها بأنفسهم .

ب _ السجلات و الوثائق الرسمية الصادرة عن المؤسسات الحكومية وجهات رسمية.

ج_ السجلات الشخصية، كالسيرة الذاتية و الوصاية و المذكرات و الرسائل و المقالات و الكتب التي كتبها الشخصيات المدروسة.

د_ التراث الشعري، كالأساطير و الحكايات الشعبية.

هـ_ السجلات المصورة ،كالأفلام، والرسوم والصور.

  • المصادر الثانوية التي تعني :

أ _ ما كتب عن حادث أو ظاهرة من قبل باحثين آخرين.

ب _ ما تعرضه الأجيال اللاحقة للجيل الذي عاش الظاهرة أو الحدث.

ج _ التراجم حول تلك الظاهرة باللغة الانجليزية(7).

ثانيا: منهج دراسة الحالة:

في هذه الدراسة تم اختيار منهج دراسة الحالة نظرا لأنه متفق مع طبيعة الدراسة، التدخين وآثارة الصحية، يتميز منهج دراسة الحالة بالعمق أكثر ما يتميز بالاتساع في دراسته للأفراد والمجتمعات، كما يتميز بالتركيز علي الجوانب الفريدة أو المميزة لعينة صغيرة جدا من أفراد المجتمع، وهو يمثل أحد طرق وأساليب التحليل أكثر من كونه معبرا عن إجراءات محددة، يعبر هذا المنهج عن اتجاه كلي أو شمولي لفهم الظاهرة موضوع الدراسة، وهو يشبه طريقة الفلاش باك (أو العرض الاسترجاعي)في الأعمال الفنية والسينمائية( 8)، كما يهتم هذا المنهج بدراسة عينة صغيرة جدا من الأفراد مجتمع الدراسة التي يصعب على الباحث استخدام المناهج الأخرى كمنهج المسح الاجتماعي أو منهج الإحصائي أو المقارن(9).

طرق جمع المعلومات:

استخدام الجماعة البؤرية كاسلوب جمع البيانات ويعرف (بوويل وسنجل) الجماعة البؤرية بأنها جماعة من الافراد يختارهم ويحشدهم الباحثون لمناقشتهم في موضوع البحث والتعليق علية من واقع خبرتهم الشخصية (10). وتقوم الجماعات البؤرية الكبيرة مابين (8 إلي 10) مبحوثين استنادا إلي خصائصهم الديموجرافية بالإضافة إلي تقارب اتجاهاتهم، ولا تختلف الجماعة البؤرية الصغيرة عن الكبيرة إلا في العدد حيث تضم الجماعة البؤرية الصغيرة مابين( 4 إلي 6) مبحوثين (11). اختار الباحث جماعة بؤرية من طلاب جامعة الدلنج كلية تنمية المجتمع عددهم (9) طلاب بنين بنات وطرح عليهم عدد من الاسئلة مع المناقشة المتعمقة عن التدخين و آثاره الصحية.

.ومن مزايا المجموعة البؤرية انها:

1- توفر تفاصيل أدق عن مايوفرها المسح الميداني.

2- تساعد علي الفهم العميق للموضوع أو المشكلة.

3- تتسم بمرونتها التي تسمح ببحث مواضيع غير متوقعة او لتوضيح الأسباب في موضوعات فرعية.

4- أسلوبها سهل الفهم وتتمتع نتائجها بالمصداقية.

5- تعد أسلوبا مهما لفهم أراء الجماعات المستفيدة من البرامج التي تواجه المشكلة (المبحوثة) كما تسهم في حل المشكلة بالمشاركة الجماعية.

مجتمع الدراسة:

ويعرف بأنه مجموعة وحدات البحث التي نريد حصول على البيانات منها أو عنها (12)،وقد أجريت الدراسة علي عينة من طلاب جامعة الدلنج كلية(تنمية المجتمع )بمدينة الدلنج، بولاية جنوب كردفان ،للعام الدراسي ( 2023-2022 م).

مجالات الدراسة

المجال البشري:

ويشمل الطلبة و الطالبات الدارسين بجامعة الدلنج/ بكلية ( تنمية المجتمع ).

المجال الجغرافي:

جامعة الدلنج بولاية جنوب كردفان، كلية تنمية المجتمع بمدينة الدلنج.

المجال الزمني:

و قد بدأت الدراسة من شهر يوليو 2022م، و تخللت هذه الفترات الدراسة النظرية لجمع الثرات النظري حول موضوع الدراسة.

الأطار النظري:

الصحة والمرض:

تذهب الدراسات المعاصرة إلي أن المجتمع مجابها للاصابة بأمراض معينة تصيب أفرادا أو جماعات، ويجب معالجة هذه الأمراض واعراضها والحد من إنتشارها وهذا يسهم في الوقاية من المرض، ولكي تكون هذه المهام علي فعالية يجب أن ننصب أعيننا علي العوامل الأجتماعية والنفسية مع مراعاتنا لدرجة أهمية العوامل البيولوجية ( 13). ومنذ العقد السابع من هذا القرن بدا الأهتمام يتزايد في مجالات البحوث السلوكية خاصة ــ علم الاجتماع الطبي ــ كمجال جديد، وبذات في الآونة الأخيرة أكثر احتياجا إليه نسبة لزيادة اهتمام المجتمع بمشكلات الرعاية الصحية وتحمل الدولة لتكاليف العلاج المرتفعة، أثار ذلك اهتمام البلاد المتقدمة والمتخلفة علي حد سواء بكيفية التنظيم الأمثل للقوي البشرية والمصادر الصحية المحدودة في المجتمع( 14)..

أما المصادر العربية الإسلامية تشير إلي بعض العلماء الذين أهتموا بالجوانب الصحية والوقائية للحياة الاجتماعية. أمثال الأندلسي بن عبده ربه، وأخوان الصفاء وابن سيناء والبغدادي والأزرق ابراهيم بن عبد الرحمن، فقد إنصب اهتمامهم علي دراسة الجوانب الصحية والوقائية للحياة الاجتماعية وبينوا أهميتها في حفظ الانسان وتنظيم حياته اليومية وتعويده علي ممارسته الأنماط السلوكية والأنشطة الاجتماعية اليومية ذات الطابع الصحي والوقائي( 15)..

تاريخ التدخين (التبغ)

يقول ( العباسي 1993 ) إن عادة التدخين عرفت منذ العصور القديمة قبل الميلاد، وإن جنود الرومان كانوا يتلهون بعد المعارك بتدخين أوراق الخص، وهي تحتوي على مواد مهدئة للأعصاب و قيل أيضا انه قد وجدت بعض الحفريات في أميركا (آثار ) يعود تاريخها إلى 600 سنة قبل الميلاد بينها الغاليون من الفخار لتدخين التبغ، وقد اعتاده السحرة في الصدور، وإظهار بواطن الأمور والتنبؤ بالإحداث و الأقدار، وكان استعماله في قصبة مثقوبة، وترجع عادة استنشاق الدخان إلى العصور القديمة حيث كان قدماء المصريين و الهنود في أمريكا الجنوبية يحرقون الأعشاب لممارسة السحر و الطقوس الدينية و ذلك قبل 5000 عام تقريبا , و كان بعض الناس يستنشقون الدخان المتصاعد بعد حرق النباتات الطبية للانسلاخ من الواقع الذي يعيشون فيه ( 16).إن أول من تعرف على التبغ من الأوروبيين هو (كريستوف كولومبس عام 1492 م ) تقريبا حيث رأى بعض البحارة الاسبانيين شجرة الدخان عند اكتشافهم القارة الأمريكية، وإنتشر الدخان انتشارا رهيبا في أوروبا في نهاية القرن السادس عشر و بقي شانه هكذا إلى عهد (جيمس الأول) ملك بريطانيا الذي شن حربا على التدخين، و اصدر منشور سنة 1604م ضد التدخين، وفي روسيا صدرت قرارات رهيبة عام 1634م مفادها إن المشترين و البائعين و المدخنين للتبغ تشق أنوفهم و يجلدون،و في حالة العودة للتدخين ينفون إلى سيبيرية أو يعدمون ( 17).

مكونات التدخين (التبغ)

التبغ: هو مجموعة من المواد السامة، وليس فيها فقط مادة (النيكوتين) كما يتوهم كثير من الناس ولكن فيها مواد أخرى يفوق ضررها وخطورتها مادة النيكوتين( 18).

وتحتوي السيجارة على حوالي أربعة ألاف مادة كيميائية منها 250 مادة سامة، وحوالي 50 مادة مسرطنة ، بعضها طبيعية وبعضها مضافة صناعيا يقصد بها تحسين مذاق الدخان، والمساعدة علي الاحتراق، وتقسم هذه المواد إلي اربع مجموعات :

1ـ النيكوتين: لا يوجد إلا في التبغ وهو مادة قلوية سامة قابلة للذوبان بالماء، يصنف حاليا باعتباره عقارا مسببا للإدمان حيث له تأثير منشط للفعالية الدماغية.

2ـ أول أكسيد الكربون: هو غاز لا لون له ولا رائحة، ينجم عن الاحتراق الناقص للسيجارة، يمنع نقل الأكسجين عبر كريات الدم الحمراء لذلك يكفي استنشاق القليل منه لإحداث الاختناق خاصة عند الأطفال.

3ـ المهيجات: تؤثر على الإفرازات القصبية، وعلى تشنج الطرق الهوائية في الرئة، ومعظمها مواد مضافة صناعيا لتنكيه الطعم وتسهيل عملية الاحتراق.

4ـ القطران: هو مجموعة مواد تصل إلي المئة، تتجمع علي شكل مادة زيتية سوداء ولاصقة غير قابلة للذوبان بالماء وتحتوي علي العناصر المسرطنة والتي تبلغ حوالي خمسين عنصرا ( 19).

الأمراض التي يسببها التدخين:

التدخين وسرطان الرئة:

أن التدخين هو المسؤول عن87% من سرطانات الرئة (%90 عند الرجال و %80عند النساء) لذا يعتبر سرطان الرئة السبب الأول للموت عند الرجال والثاني عند الإناث وهو مسؤول عن 1,3 مليون حالة وفاة في العالم، وهناك إرتباط بين إزدياد خطر الإصابة بسرطان الرئة وإزدياد الكمية المدخنة والتي تحسب ب علبة/ السنة، فيتضاعف هذا الخطر 18 مرة عند المدخن لعشرين علبة/السنة وعلي العكس يتراجع خطر الإصابة بالسرطان تدريجيا بعد التوقف عن التدخين، حتي يصل إلي نسبة ثلث إلي نصف النسبة بعد 10 سنوات من ترك التدخين مقارنة مع إستمرار التدخين. يسبب التدخين السلبي ايضا عددا لاباس بة من سرطانات الرئة تبلغ حوالي 3 الف حالة سنويا في امريكا علي سبيل المثال ( 20).

التدخين وأمراض الجهاز التنفسي:

أمراض الرئة الأنسدادية المزمنة تعرف بأنها تراجع غير قابل للعودة للوظيفة التنفسية المتمثلة في أخذ الأوكسجين عبر الشهيق وطرح الغازات الضارة خاصة ثاني أكسيد الكربون عبر الزفير. يؤدي تعرض الجهاز التنفسي إلي تراكم الغازات السامة الناجمة بشكل أساسي عن التدخين إلي حدوث التهاب ويؤدي بدوره مع مرور الوقت إلي التضييق التدريجي في الفتحة الداخلية للطرق الهوائية والتخرب المتدرج للحويصلات الرئوية، وهو المكان الذي يجري فيه تبادل الغازات بين الهواء المستنشق والدم، وأن التوقف عن التدخين قبل الوصول للمرحلة النهائية الغير قابلة للتراجع للمرض يؤدي إلي تراجع العملية المرضية وبالتالي حصول الشفاء التدريجي ( 21).

التدخين وأمراض القلب والأوعية الدموية:

يعتبر التدخين أهم عامل خطر يسارع الإصابة بأمراض القلب حيث يؤدي النيكوتين وأول ثاني أكسيد الكربون المستنشق إلي تخرب بطانة الشرايين وهذا يساعد على ترسب الدهون، مما يؤدي إلي تسمك وتصلب جدران الشرايين وتضييق فتحتها الداخلية مما يعني تناقصا في كمية الدم العابرة مما يعرض بقية أعضاء الجسم نقصا في ترويتها الدموية (22).

التدخين وأمراض الجهاز الهضمي:

يعتبر المريء أكثر أعضاء الجهاز الهضمي إصابة بالسرطان بسبب التدخين، ويعود ذلك للتأثير الموضعي المباشر للمواد المسرطنة على جدار المريء، بسبب بلغ المدخن للمواد الدخانية العالقة بتجويف الفم وللدخان بحد ذاته، لذلك يعتبر التدخين مسؤولا عن أربع من كل خمسة حالات من سرطان المريء، وتتضاعف نسبة الإصابة بسرطان المعدة من 2 ألي 5 مرات، وسرطان الشرج من 5 إلى 6 مرات، وسرطان القولون والمستقيم إلي 3 مرات، وسرطان البنكرياس من 2 إلي 6 مرات، وتكثر إصابة المدخن بالقرحة المعدية وزيادة الحموضة في المعدة (23).

تأثير التدخين علي الجلد:

يؤثر التدخين على الجلد إما بشكل مباشر عبر التماس الخارجي للجلد مع الجلد، أو بشكل غير مباشر عبر وصول مواد التدخين السمية عبر الأوعية الدموية. وأهم الأمراض الجلدية التي يتسبب التدخين في حدوثها:

* الصدف: يتضاعف خطر الإصابة به مرتين مقارنة بغير المدخن.

* سرطان الجلد: يضاعف التدخين من خطر الإصابة بسرطان الخلايا الشائكة ويزداد العدد مع زيادة عدد السجائر المدخنة.

* فقد الشعر: هنالك علاقة ثابتة بين فقد الشعر والتدخين ويعود ذلك لأسباب كثيرة من أهمها نقص التروية الدموية لبصلة الشعرة بسبب فعل النيكوتين ونقص كمية الأوكسجين الواصلة للجلد.

* التجاعيد الجلدية: يهرم جلد المدخن بعمر أسرع بسبب تخريب التدخين للبروتينات التي تحافظ علي مرونته، وبسبب استنزافه لفيتامينA وبسبب انقاصه لتروية الجلد الدموية، ويكون جلد المدخن جافا مع حدوث تشققات خاصة حول العينين والشفاة (24).

تأثير التدخين على العين:

يؤثر التدخين علي العين إما بشكل مباشر عبر التماس لأجزاء العين الخارجية، أو بشكل غير مباشر عبر وصول مواد التدخين السمية عبر الأوعية الدموية، فيسبب أمراض الملتحمة التحسسي وأمراض الشبكية، وأن أمراض العيون تتضاعف من مرتين إلي ثلاث مرات عند المدخنين ويتراجع الخطر بالتوقف عن التدخين(25).

شكل رقم(1) يوضح الأمراض التي يسببها التدخين علي الأنسان

النظريات المفسرة للدراسة :

نظرية التفكك الاجتماعي :

يعتقد أنصار هذه النظرية أن استقرار أي مجتمع يعتمد على انتظام ما هو متوقع من أفراد أي الإطار ثقافة المجتمع .

فإذا توافق الأفراد عل ما هو مقبول و ما هو غير مقبول من السلوك و وضعت الضوابط الاجتماعية اللازمة لذلك فان هذا المجتمع سيكون مستقرا بدرجة أو بأخرى ولكن عندما ينهار نظام التوقعات الاجتماعية وينهار تبعا لذلك نظام التوافق لأي سبب من أسباب وعندما ينهار لا تلاؤم قواعد السلوك ما هو كائن ولا يتم إيجاد قواعد أخرى تلاءم ما هو كائن مستحدث من ظروف أو عندما تتعرض قواعد سلوك للنقد أو تغيير بواسطة قواعد أخرى جديدة فان هذا المجتمع يكون في حالة تفكك أو عدم تنظيم اجتماعي والتي تعطي حسب رأي أصحاب هذه نظرية أن أفراده لا يشتركون في نفس التوقعات الاجتماعية لأي مظهر من مظاهر السلوك فأي درجة تغير اجتماعي تحتوي على درجة ما من عدم الانتظام و التوافق تكون بمثابة أرضية لوجود المشكلة الاجتماعية (26).

منظور الباثولوجيا الاجتماعية The Pathology perspective

ظهر منظور الباثولوجيا الاجتماعية بظهور علم الاجتماع وأكتسب بذلك خصائص وسمات النظرية الاجتماعية بتاكيداتها العضوية واهتماماتها التطورية، وقد شكلت الباثولوجيا الاجتماعية أهتماما كبيرا للمنظرين الأوربيين الاوائل أمثال “أوجست كونت” Comet August و”هربرت سبنسر” ،H.Spencer ، ثم أخذت بعدا جديدا علي ايدي الرعيل الأول من علماء الاجتماع الأمريكيين الذين وقعوا تحت تأثير نجاح المنهج العلمي، في المجالات التكنيكية(الفنية)، مما أدي لمحاولتهم من وضع أسلوب علمي في مجال دراسة المشكلات الاجتماعية وإيجاد الحلول المناسبة لها في الولايات المتحدة الأمريكية (27).

وتستند المقدمات المنطقية لهذا المنظور إلي “المماثلة العضوية” Organic Analogy، التي تقارن المجتمع بالجسم الإنساني، وتنظر إلي كل منهما باعتباره كائنا حيا كبيرا تعمل أجزاؤه المترابطة معا من أجل سلامة وثبات بناء هذا الكائن، فحينما يفشل الأفراد أو النظم الاجتماعية في الحفاظ علي إستمرار التقدم في المجتمع مع الظروف المتغيرة، فإن ذلك يحدث خللا في الحالة السوية للكائن الاجتماعي. وهنا ينظر للأفراد أو النظم الاجتماعية بأنها معتلة اجتماعيا أو ما يطلق عليها اصطلاح الباثولوجيا الاجتماعية Social Pathology، وقد كان علماء الاجتماع الأوائل يميلون إلي تحديد ماهية الأفراد الذين يعتبرون مصدر المشكلات الاجتماعية في المجتمع، ذلك أن الأفراد الذين هم مصدر تلك المشكلات، هم أولئك الذين لم يخضعوا لتنشئة اجتماعية سليمة إذ هم رفضوا قيم ومعتقدات المجتمع بسبب ما يتسمون به من عيوب فطرية، ويميل علماء الباثولوجيا الاجتماعية المحدثين إلي التركيز الكبير حول العيوب التي تعتري المجتمع ونظمه المختلفة، إحساسا منهم أن المجتمعات اللا أخلاقية تولد أفرادا لا اخلاقيين يعملون علي خلق مشكلات اجتماعية عديدة. ويرون كذلك أن تلك المشكلات إذا ما زادت حدتها وعظم تأثيرها في النظم الاجتماعية القائمة في المجتمع وبقيت بدون حل، فإنها ستعمل علي تجريد هذا المجتمع مع سماته الإنسانية، ولذا فإن العلماء الباثولوجيين الاجتماعيين المحدثين يركزون اهتمامهم علي تغيير أخلاقيات الأفراد والمجتمعات إلي الأفضل، مؤكدين بأن التعليم يمثل الحل الأمثل للمشكلات الاجتماعية(28).

أسباب ودوافع التدخين:

التدخين من أقدم عادات الإنسان وأكثرها انتشارا ، وهو الكارثة القادمة من العالم القديم للعالم الجديد .

والتدخين أصبح قضية مزمنة لا تجد حلاً قاطعا لكي يتمتع غير المدخن بهواء نقي، ولقد تعددت المؤتمرات والمناقشات والدارسات والبحوث في شتى المجالات تناقش وتحلل هذه الظاهرة المستعصية التي أصبحت مرضاً استشرى في الجسد والمجتمع، ويبدأ الناس بالتدخين لعدة أسباب مختلفة منها الآتي:

* التدخين بدافع التقليد وبدافع الفضول.

* العيش في أجواء التدخين مع الأصدقاء والآباء.

* سهولة الحصول علي التدخين (السيجارة وأشكال التدخين الأخري).

* الاعتقاد بانة لا يوجد خطر بتجريب التدخين.

* التعرض لظروف الحياة الصعبة والشدة.

* الدور السلبي لدعايات شركات التدخين وبعض الأفلام السينمائية بأن التدخين عمل ممتع ومثير (29).

ويعتقد الباحث بانه توجد عوامل أخري، منها يمارس المبتدئون التدخين ظنا منهم أنه دلالة على سعة الأفق والثقافة، كما توجد فئة أخري من الشباب يظهر عليهم حب الظهور وجذب الانتباه وكما ظهر بين بعض الفتيات لاعتقادهن بأنه رمزا للنجاح الاجتماعي ومظهر لمساواة المرآة بالرجل. توجد دوافع للتدخين قد تختلف من شخص مدخن لآخر مثل التساهل من الوالدين وذلك بعدم المنع وعدم العقوبة للإبن المدخن، ودافع اللذة بتكرار التدخين، وتوفر السجائر، والرغبة في المغامرة، والتوحد بالجماعة (30) .

طرق الإقلاع عن التدخين:

توجد ثلاث طرق يتبعها من يريد ترك التدخين، ولكل منها محاسنها ومساويها، أحيانا تناسب البعض والأخرى تناسب البعض الآخر، وذلك طبقا لقوة إرادة الشخص ودرجة الإدمان التي وصل إليها، ومدي تحمله لأعراض الإقلاع عن التدخين الجسدية والنفسية والسلوكية والطرق هي:

أـ الإقلاع المفاجئ:

يلجأ عادة لهذه الطريقة المدخن لعدد قليل من السجائر في اليوم، يمكن أن يزامن موعد تحديد الإقلاع عن التدخين بالتزامن مع مناسبة عزيزة على قلبه لتعطيه دافعا معنويا بحيث لا يرتد.

ب ـ الإقلاع التدريجي:

ينصح الأشخاص كثيفي التدخين أو المعتمدين عليه باللجوء لهذه الطريقة، خطر الفشل يكون أعلي هنا لذلك ينصح المدخن في هذه الحالة بتحديد يوم معين في المستقبل القريب يكون قد توقف فيه نهائيا عن التدخين، ويبدأ بالإنقاص التدريجي لعدد السجائر المدخنة حتى الوصول إلي اليوم الموعود مع السيجارة الأخيرة.

ج ـ العلاج بمساعدة العلاج التعويضي للتدخين:

تفيد هذه الطريقة في التخفيف من الأعراض التي قد تكون شديدة بسبب التوقف عن التدخين لدرجة لا يستطيع المدخن الاستمرار بخطة ترك التدخين، ينصح المعتمد علي التدخين في هذه الحالة باللجوء إلي هذا الخيار، خاصة تفيد هذه الطريقة في أنها تعطي الفرصة للخطة الموضوعة لترك التدخين لتعزيز النقاط الإيجابية، واستدراك النقاط السلبية منها(31) .

النتائج:

1- ان التدخين يؤثر علي الصحة ويسبب العديد من الأمراض.

2- إن أسباب وجود وانتشار التدخين بين الافراد والمجتمع نتاجا لعدة عوامل متداخلة مع بعضها البعض منها البطالة والفراغ والظروف الاقتصادية وكذلك العوامل الاجتماعية المتعددة الجوانب.

3- إستخدام التدخين افرز العديد من النتائج منها ما هو اجتماعي وصحي وكانت نتائجه علي المدخنين أنفسهم وعلي المجتمع الذي يوجد فيه هؤلاء المدخنين.

4- اتضح ان اكثر الفئات المدخنة هم فئة الشباب نسبة لأسباب مختلفة مثل عدم التوظيف والفراغ والضغوط النفسية السيئة.

5- توجد علاقة طردية بين البطالة والتدخين.

6ـ انعدام وضع المدخنين في الحسبان من قبل برامج التنمية المجتمعية.

7- عدم وجود إحصاءات دقيقة وبيانات لحجم ظاهرة التدخين ومدي انتشاره.

8- انعدام تحديد الآليات والأدوات والأساليب والخطط الاستراتيجية المنوط بها تقليل أو القضاء علي هذه الظاهرة، حيث انها ساهمت في حد ذاتها في تفاقم الظاهرة نفسها نتيجة للإهمال الأسري وعدم الرقابة من الجانب الحكومي.

التوصيات:

1- توعية الفرد والمجتمع بخطورة التدخين علي الصحة وضرورة التوقف عن أستخدامه.

2ـ توفير فرص عمل خاصة للشباب.

3ـ تعزيز القيم الدينية والصحية.

4ـ تدخل الدولة لمعالجة تلك الظاهرة بالتقليل من إستخدامه عن طريق فرض الضرائب الباهظة على منتجاته حتي تحد من استهلاكه أو بإصدار قانون بمنعة.

5ـ دعم المستشفيات العلاجية المتخصصة التي تعالج تلك الظاهرة وإنشاء مستشفيات جديدة.

6ـ لابد من إجراء دراسات متعمقة وتجديد الإحصاءات بصورة مستمرة ودورية عن ظاهرة التدخين.

المراجع:

1 ــ نديم مرعشلي – أسامة مرعشلي ،صحاح في اللغة و العلوم ،معجم الوسيط لجوهري ، دار حضارة العربية ،بيروت (( سوريا )) , ص ص 305-306

2ــ شيخ عبد الله بن صالح القصير ،البيان في أضرار الدخان ، الطبعة الثانية ، 2011 ، ص8

3 ــ نديم مرعشلي ، أسامة مرعشلي ، صحاح في اللغة و العلوم ،مرجع سبق ذكره ، ص ص 5-6 .

4 ــ نديم مرعشلي ، أسامة مرعشلي، صحاح في اللغة و العلوم ، مرجع سبق ذكره ، ص6.

5ــ عبدا لباسط عبد العاطي ، البحث الاجتماعي ، الطبعة الثانية ،دار المعرفة الجامعية ، الإسكندرية ، ص 23.

6ــ معن خليل عمر،موضوعية و تحليل في البحث الاجتماعي، دار أفاق الجديد، بيروت ،1983 ،ص ص 45-46.

7ــ معن خليل عمر،موضوعية و تحليل في البحث الاجتماعي ،مرجع سبق ذكره ،ص ص 45-46.

8ــ محمد شفيق، البحث العلمي، المكتب الجامعي الحديث، الاسكندرية، 1998م ،ص ص 99،115،،120.

9ــ محمد علي محمد ،مقدمة في البحث الاجتماعي، الطبعة الأولى، دار النهضة العربية، بيروت، ص 158.

10ــ مصطفي خلف عبد الجواد، علم اجتماع السكان، دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة ص 360.

11ــ مصطفي خلف عبد الجواد، علم اجتماع السكان، مرجع سبق ذكره، ص 371.

12ـ محمد علي محمد، مقدمة في البحث الاجتماعي، مرجع سبق ذكره، ص 158.

13- Talcott Parsons, The Social System, Amerind Publishing Co., Put. Ltd:, New Delhi, p. 431

14-David Mechanic, Medical Social Sociology, 2ededition, the free press, New York 1978, p.v11.

15ــ معن خليل عمر، نحو علم اجتماع عربي، وزارة الثقافة والأعلام، سلسلة دراسات العدد 361 بغداد،1984، ص281.

16ــ أبو طويل، حسن علي ،التدخين وباء القرن العشرين، الطبعة الأولى، منشورات الجامعة الإسلامية، غزة ، 2000 ، ص 43.

17ــ محمد علي، التدخين و أثره على الصحة، الطبعة الأولى، منشورات دار سعودية للنشر و التوزيع ، جدة ، 1980 م ، ص 28.

18ــ وليد عبد ا لمجيد إلهيتي، التدخين و أضراره، الطبعة الأولى ، منشورات دار فكر الجامعي ،رياض ،2012 م ،ص ص 43ــ44

19ــ سمير أبوحامد، التدخين آفة العصر من الألف إلي الياء،خطوات للنشر والتوزيع، دمشق،ط2009،1،ص ص 15ـ16.

20ــ سمير أبوحامد، التدخين آفة العصر من الألف إلي الياء،مرجع سبق ذكره،ص ص 47ـ48.

21ــ سمير أبوحامد، التدخين آفة العصر من الألف إلي الياء،مرجع سبق ذكره،ص 52.

22ــ سمير أبوحامد، التدخين آفة العصر من الألف إلي الياء،مرجع سبق ذكره،ص 60.

23ــ سمير أبوحامد، التدخين آفة العصر من الألف إلي الياء،مرجع سبق ذكره،ص 69.

24ــ سمير أبوحامد، التدخين آفة العصر من الألف إلي الياء،مرجع سبق ذكره،ص ـص 70 ــ 71.

25ــ سمير أبوحامد، التدخين آفة العصر من الألف إلي الياء،مرجع سبق ذكره،ص ـ ص 72 ــ 73.

26ـ العربي صالح اليسير، مقدمة في دراسة علم نفس النمو، الطبعة الاولى ، ص 88 .

27ــ دلال حسن أستيتة، عمر موسي سرحان، المشكلات الاجتماعية ط1، دار وائل، عمان،2912،ص 8.

28ــ علي عيد راغب، مشكلات اجتماعية معاصرة ـــ نماذج مختارة من مجتمعات عربية معاصرة ــ ط2، مجموعة دلتا، الكويت، 1994.

29ــ سمير أبوحامد، التدخين آفة العصر من الألف إلي الياء،مرجع سبق ذكره،ص ـ ص 31 ــ 32.

30ــ 3 / درولي درسيك ، دنيل جيردانوا، ترجمة، عمر شاهين، خضر صار، مخدرات حقائق و أرقام ، ط4، منشورات مركز الكتب، الأردن ،2005 ،ص 183.

31ــ سمير أبوحامد، التدخين آفة العصر من الألف إلي الياء،مرجع سبق ذكره،ص ـ ص 154 ــ 156.