إستراتيجية الخريطة الذهنية في تدريس النحو للناطقين بغير العربية

ريم خليل مفرح1

1 طالبة ماجستير في قسم تعليم اللغة العربية في جامعة إسطنبول آيدن، تركيا.

البريد الإلكتروني: reemmfareh@gmail.com

HNSJ, 2023, 4(1); https://doi.org/10.53796/hnsj4124

Download

تاريخ النشر: 01/01/2023م تاريخ القبول: 15/12/2022م

المستخلص

يشهد ميدان تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها مستجدات على النظريات، والطرق، والإستراتيجيات لتدريسها. فبعد ثورة العلم والتكنولوجيا ظهر الاهتمام بالعلوم البينية، وأُلقيَ الضوء على النظرية العرفانية (نظرية العقل)؛ التي تدرس مرتكزات الإدراك الذهني للغة دراسة لسانية عصبية. وتمتاز اللغة العربية بتنوع فنونها، وخصائصها التي تفرَّدت بها عن باقي اللّغات، وأبرز هذه الخصائص الإعراب؛ القائم على الإلمام بقواعد النحو العربي؛ الذي يقوّم اللّسان، ويُفهَم به الخطاب، ويدرس نظم الكلمات داخل الجملة، ولأن مادة النحو كثيرة التشعب، ودقيقه التفاصيل، ينخفض عنصر التشويق في تعلّمها ويصعب تذكر قواعدها عند الناطقين بغير العربية، ومن هنا ظهرت الحاجة لاستخدام إستراتيجيات لتطوير القدرات والمهارات العقلية، من أجل تنمية قدرة الطالب على الربط والإدراك وسهولة التذكر. وتعدُّ الخرائط الذهنية من أهم الإستراتيجيات التدريسيّة التي تفعل فصي الدماغ الأيمن والأيسر، فيعمل العقل كوحدة متناغمة؛ لتنظيم الأفكار وحفظها وسهولة استرجاعها، فالخرائط الذهنية تعمل على تنظيم المعلومات في الدرس بشكل متشعب يشبه إلى حد كبير الخلية العصبية للإنسان، فبالتالي يقوم العقل بصناعة الروابط بين تلك النقاط فيسهل حفظها في الذاكرة، وتشير بعض الدراسات إلى أنّ إستراتيجية الخريطة الذهنية لها دور فعال في إزالة صعوبات التعلم، وتنمية الثقة بالنفس، وتقوية التذكر، والتحصيل العلمي والمراجعة السريعة للدروس، وحل المشكلات.

الكلمات المفتاحية: الخريطة الذهنية، النحو، الناطقين بغير العربية.

Research title

The mind map strategy in teaching grammar to non-Arabic speakers

Reem Khalil Mfareh1

1 Master’s student in the Department of Arabic Language Education at Istanbul Aydın University, Turkey.

HNSJ, 2023, 4(1); https://doi.org/10.53796/hnsj4124

Published at 01/01/2023 Accepted at 15/12/2022

Abstract

The field of teaching Arabic to non-native speakers is witnessing developments in theories, methods, and strategies for teaching it. After the revolution of science and technology, interest in interdisciplinary science emerged, and shed light on the mystical theory (theory of mind), which studies the foundations of mental perception of a neurolinguistic study. The Arabic language is characterized by the diversity of its arts, and its characteristics that are unique to it from other languages, and the most prominent of these characteristics is the syntax, which is based on familiarity with the rules of Arabic grammar, which the tongue bases, understands the discourse, and studies the word systems within the sentence, and because the grammar material is very complex, and the details are accurate, the element of suspense in learning it decreases and its rules are difficult to remember for non-Arabic speakers, hence the need to use strategies to develop mental abilities and skills, in order to develop the student’s ability to link, perceive and ease of remembering. Mind maps are one of the most important teaching strategies that activate the right and left brain lobes, so the mind works as a harmonious unit to organize, save and easily retrieve ideas, mind maps work to organize information in the lesson in a manifold manner that is very similar to the human neuron, so the mind makes links between those points so it is easy to save them in memory, and some studies indicate that the mind map strategy has an effective role in removing learning difficulties, developing self-confidence, strengthening memory, educational achievement and rapid review For lessons, problem solving.

Key Words: Mind map, grammar, non-Arabic speakers

مقدمة:

تمتاز اللغة العربية بتنوع خصائصها التي تفردت بها عن باقي اللغات، ومن أبرز تلك الخصائص الإعراب القائم على قواعد النحو العربي. والنحو العربي علمٌ دقيق التفاصيل لا تقوم اللّغة العربيّة إلا به، ويعتبر من أصعب المواد عند الناطقين بغير العربية، وتشير الكثير من الأبحاث أنَّ سبب صعوبة هذه المادة يعود للطريقة المتبعة في تعليمها؛ حيث تُدرّس القواعد بإغراق الطالب بتفاصيل لا يحتاجها وترهق ذاكرته فيعزف عن تعلم اللغة بسببها؛ لذا يشير هذا البحث إلى أهمية تسهيل القواعد، وتقديمها للطلبة بطرق وإستراتيجيات جذابة وسهلة الحفظ والتطبيق، ومن أحدث هذه الإستراتيجيات الخريطة الذهنية، التي استمدت إطارها النظري من اللسانيات العرفانيّة، ونظرية أوزابل التي تنظر إلى البناء المعرفي أنه بناءٌ هرميٌّ.

مشكلة البحث: تكمن المشكلة العامة في هذه الدراسة في البحث عن أنجح الإستراتيجيات لتعلم النحو للناطقين بغير العربية.

أهمية البحث: نظراً لصعوبة تعلم وتعليم مادة النحو للناطقين بغير العربية، تأتي أهمية البحث في دراسة دور الخريطة الذهنيّة في تسهيل دراسة هذه المادة بوقت وجهد أقل.

أهداف البحث: يهدف البحث للتعرف على صعوبات تعلم النحو للناطقين بغير العربية، والتعرف على الخريطة الذهنية، ونشأتها، ومزاياها، وعيوبها، ودورها في تدريس النحو للناطقين بغير العربية.

الدراسات السابقة:

دراسة مفلحا٢٠٢٢

عنوان الدراسة: إدارة تعليم القواعد النحوية على ضوء اللغوية العصبية (دراسة حالة تعليم اللغة العربية في مدرسة المبارك الدينية بنيو انجي)

هدف الدراسة: هدفت الدراسة إلى تحليل كيفية تعليم قواعد النحو المطبق في مدرسة المبارك الدينية بنيوانجي بالنهج اللغوي العصبي.

ونتائج الدراسة: هي أولاً: في مرحلة التخطيط: كان هناك سلسلة من الجهود التي بذلها معلم النحو في مدرسة المبارك، وهي إعداد خطط الدروس، وإعداد أوراق الطلاب، وإعداد أدوات التعلم.

ثانياً: مرحلة التنفيذ: هناك عدة طرق في عملية تعليم النحو وهي: طريقة الكتابة بما في ذلك الذكاء الحركي، وطريقة القواعد والترجمة بما في ذلك الذكاء المنطقي، ودور الذاكرة في التعلم.

ثالثاً: مرحلة التقويم: والذي ينقسم إلى شكلين هما: الامتحان التحريري والامتحان الشفوي. والتقويم عبارة عن تمرين ناتج عن حساسية الدماغ لإدراك نتائج عملية تعلم اللغة في مدرسة المبارك الدينية.

دراسة نيلي خير الأولى٢٠١٩

عنوان الدراسة: إعداد المواد التعليمية على ضوء الخريطة الذهنية لتعليم اللغة العربية في المدرسة الدينية التكميلية “بيت الرحمن” سوندول-ماغيتان

هدف الدراسة: هدفت إلى إعداد المواد التعليمية في ضوء الخريطة الذهنية ومعرفة مدى فاعلية ذلك في جودة التعليم.

نتائج الدراسة: بعد إجراء الاستبانة ظهرت فروق ذات دلالة ٥٪ لعينة من الطلبة عددهم (١٥) مما يشير إلى فاعلية تعليم اللغة العربية في ضوء الخريطة الذهنية.

استفاد هذا البحث من الدراستين السابقتين، وعدد من المقالات والكتب في إبراز أهمية الخريطة الذهنية، وتوظيفها في تعليم اللغة العربية، وأشار هذا البحث لضرورة توظيف الخريطة الذهنية للتخلص من العقبات التي يواجهها الطلبة الناطقين بغير العربية عند دراسة النحو؛ لأن القواعد متشعبة ومترابطة، والخريطة الذهنية تبرز صورة مطابقة لهذا التشعب بطريقة جذابة وسهلة التذكر.

تدريس النحو للناطقين بغير العربية

تعريف النحو

لغةً: النَّحْوُ: القَصْدُ، نَحَوْتُ نَحْوَهُ، ومنه سُمِّيَ النَّحْوُ في العَرَبِيَّةِ، وقال أبو زيدٍ: نَحَوْتُ طَرْفي نَحْوَه أَنْحَاهُ وأَنْحُوْهُ: صَرَفْتَه إليه، فإنْ عَدَلْتَه عنه قُلْتَ: أنْحَيْتُ بَصَري عنه. والنّاحِيَةُ: كلُّ جانِبٍ تَنَحّى عن القَرَارِ، ويُقالُ: ناحٍ، بمَعْناه، ونَحَّيْتُه فَتَنَحّى، ونَحَيْتُه، وأنا أنْحَاهُ نَحْياً. والنّاحَاتُ: النَّوَاحي، واحِدَتُها: ناحَةٌ. والمُنْحَاةُ – من أسْمَاءِ القَوْسِ – الضَّخْمَةُ. وهي من الإِبِلِ: العَظِيمةُ السَّنَامِ. وإنَّه لَمُنْحى الصُّلْبِ. والمَنْحَاةُ: ما بَيْنَ البِئْرِ إلى مُنْتَهى السّانِيَةِ. ويقولون: أهْلُ المَسَمَّةِ وأهْلُ المَنْحَاةِ: أي الخاصَّةُ، والذين لَيْسُوا بأقارِبَ. وهو على نَحِيَّةٍ واحِدَةٍ: أي نَحْوٍ ومَذْهَبٍ واحِدٍ. وقَوْمٌ أَنْحِيَةٌ: إذا انْتَحَوْا على عَمَلٍ يَعْمَلُوَنه.[1]

اصطلاحاً: النحو هو علمٌ بأصول يُتوصل بها إلى معرفة أحوال أواخر الكلم، إعراباً وبناءً. وموضوعه: الكلمات العربية. وثمرته: صيانه اللّسان عن الخطأ في كلام الله تعالى، وكلام رسوله، وكلام العرب، والاستعانة به على فهم معاني ذلك، واستمداده كلام الله تعالى، وكلام رسوله، وكلام العرب. وحكمه في الشرع: فرض كفاية. وواضعه: أبو الأسود الدؤلي بأمر علي رضي الله عنه[2].

ويعرّفه ابن جني بأنه: “انتحاء سمت كلام العرب في تصرّفه من إعراب وغيره كالتثنية والجمع والتحقير والتكبير والإضافة والنسب والتركيب وغير ذلك، ليلحق من ليس من أهل اللّغة العربيّة بأهلها في الفصاحة… وهو في الأصل مصدر شائع، أي نحوت نحواً كقولك: قصدت قصداً.”[3]

وعملية تدريس النحو هي وسيلة مهمة لإتقان المهارات اللغوية، وليست غاية بذاتها.

والهدف من النحو عموماً أن يتمكن الطلبة من فهم الكلام واستيعابه وتطبيق القواعد النحوية في المحادثة والتواصل، وكذلك الأمر عند تدريسه للناطقين بغير العربية، إلّا أنه بقدر أهمية النحو، بقدر ما تبرز صعوبات في واقع تعليمه للناطقين بغير العربية؛ وذلك لأسباب عديدة “منها تدريس ما يلزم الحاجة لتدريسه وفهمه من هذه القواعد، وما لا يلزم الحاجة إليه، و إهمال كثير من الجوانب، والعناصر المهمة في هذه القواعد و تركها بغير توضيح، وعدم وجود تصور واضح في أذهان كثير من معلمين اللّغة العربيّة لهذه القواعد وحدودها وارتباطها بغيرها وطرق توظيفها، فيظل الدّارس في دوامة مفرغة لا يستطيع الربط والفهم المتكامل للقاعدة”[4]. “والنحو الذي نقدّمه للأجانب الذين يدرسون العربية لغة ثانية أو أجنبية، يجب أن يكون مغايراً عما نقدمه لأبناء اللغة، من حيث طريقة العرض والتّنظيم، والكمّية والنّوعية؛ لأن طبيعة الطّلبة تختلف تمام الاختلاف من جوانب كثيرة، كالخبرة والقدرة اللّغوية، والبيئة اللغويّة والاجتماعية، والأهداف التعليميّة، والاختلاف أيضاً قد يكون في الدوافع والسلوك واحتياجات الطلبة في تعلم النحو.”[5]

“إنّ تعليم النحو قد يكون في بعض الجوانب أيسر من تعليم اللغة، بحكم أنّ هدف النحو المباشر منح نوع من المقدرة على التحليل، أما الغاية من تعلم اللغة فاكتساب المقدرة على التركيب، بما يعنيه ذلك من إطلاق لقدرات المتعلم في إبداع ما يريد من أشكال التراكيب.”[6]

وهناك نوعان من النحو: النحو الأكاديمي المتعلق بفلسفة النحو وأصول التفكير النحوي، والنحو التعليمي المتعلّق باكتساب اللغة من خلال إدراك القواعد اللغوية، والتمرّس باستخدامها في السياق اللغوي. “ويهدف النحو التعليمي إلى تعليم اللغة وفقاً لمعايير تعليمية ميسرة تعتمد على عدة علوم مختلفة مثل: علم اللغة النفسي، فيما يخص السلوك اللغوي عند الفرد، وعلم اللغة الاجتماعي فيما يخص الاتصال اللغوي، وبعلوم التربية فيما يخص نظريات التعليم وإجراءات التعلم وإستراتيجيات التدريس، والإفادة من علم اللغة التقابلي فيما يخص تطبيق قواعد اللغة الأم للدارس غير العربي، سلباً أو إيجاباً في تعليم وتعلم اللغة العربية”[7]

ويقول فيشر: في حديثه عن معالجة القواعد في كتب تعليم اللغة العربية “أن العرب وضعوا نظاماً خاصاً بالقواعد بالنسبة للغتهم، وقد تمّت صياغة هذا النظام من أجل العرب الرّاغبين في تعلّم العربية الفصيحة، ولكنه لا يناسب غير العرب.”[8]

ويقول حسين قورة: “إنَّ قواعد اللغة العربية متشعّبة ومتعدّدة ومبنيّة في تشعُّبها على أُسُس نطقيّة، وفلسفات لغويّة تكثر فيها التّسميات والقياسات والتّفريعات والتّخريجات والجوازات”[9]

لهذا أصبحت مهمة تعليم النحو للناطقين بغير العربية تشغل تفكير الباحثين والمهتمين بهذا المجال، فبدأوا البحث الدقيق المبني على أسس علمية عن أفضل الطرق والإستراتيجيات لإزالة تلك العقبات التي تحول دون تعليمه وتعلمه.

تعريف الإستراتيجية:

  • وتعرف إستراتيجية التدريس بأنها: “مجموعة من إجراءات التدريس التي يخططها المعلم سلفاً، لتعينه على تنفيذ التدريس في ضوء الإمكانات المتاحة، لتحقيق الأهداف التدريسية متضمنةً أبعاداً مختلفة من أهداف وطرائق تقديم المعلومات وطريقة التقويم ونوع الأسئلة المستخدمة”.[10]

ويعرفها الدكتور حسن زيتون بأنها: “طريقة التعليم و التعلم المخطط أن يتبعها المعلم داخل الصف الدراسي (أو خارجه) لتدريس محتوى موضوع دراسي معين بغية تحقيق أهداف محددة سلفا، و ينضوي هذا الأسلوب على مجموعة من المراحل (الخطوات / الإجراءات) المتتابعة و المتناسقة فيما بينها، والمنوط للمعلم و الطلاب القيام بها في أثناء السير في تدريس ذلك المحتوى.”[11]

الإستراتيجية شيء مهم في التعليم وهي أشمل من الإجراءات أو الأساليب، وتستند الإستراتيجية إلى نظرية، فمن خلال الإستراتيجية نحقق أهداف تعليمية محددة، لترقية جودة التعليم إلى أفضل مستوى ممكن. وهناك العديد من الإستراتيجيات في مجال تعليم اللغات، ولا سيّما اللغة العربية للناطقين بغيرها مثل: إستراتيجية لعب الأدوار، و إستراتيجية المناقشة والحوار وغيرها. وفي ظل المتغيرات العالمية والثورة المعرفية، يستدعي الأمر فلسفة جديدة للتعليم، لتطوير تفكير الطلبة، ووصولهم إلى إتقان المهارات وحل المشكلات، وإدراك أهمية المعرفة، والحصول عليها وتوظيفها توظيفاً فعالاً. ومن أجل ذلك ظهرت نظريات وإستراتيجيات حديثة في تعليم اللغة العربية مثل: نظريه أوزابل و”تعتمد هذه النظرية على البنى المعرفية في عملية التعلم والتعليم، حيث يصبح التعلم ذا معنى لدى المتعلم إذا ارتبط ببنيته المعرفية المخزنة في ذاكرته، وهذه البنى تشمل الحقائق والمفاهيم، والتعليمات بتنظيم هرمي أعلاه المفاهيم الأكثر شمولية. وتهتم هذه النظرية بدور العمليات المعرفية الفعلية في اكتساب اللغة وتعلمها.

قامت هذه النظرية على مبادئ بنيت بعد دراسات وأبحاث ميدانية، منها:

  • تعلم اللغة مهارة معرفية معقدة تتضمن استعمال أساليب متنوعة للتعامل مع المعلومات، ابتغاء التغلب على المحدودية اللغوية.
  • تعلم اللغة الثانية يعني تعلم مهارة لازمة لذلك، ويتطلب ممارسة جميع جوانب هذه المهارة لتصبح متكاملة”[12].

وعلى هذه النظرية تستند إستراتيجية الخرائط الذهنية، والتي تعد من أحدث الإستراتيجيات في تدريس اللغة العربية ولاسيّما لتدريس مادة النحو.

تعريف الخريطة الذهنية

يعرفها توني بوزان بأنها “تقنية رسومية قوية، تزودك بمفاتيح تساعدك على استخدام طاقة عقلك بتسخير أغلب مهارات العقل بواسطة كلمة، وصورة، و ألوان، وأسلوب قوي يعطيك الحرية المطلقة في استخدام تلك الطاقة”[13]

وتُعتبر “طريقة مقاربة، وفن لتطلع الأفكار المهمة والنقط الجوهرية لصناعة التخطيط أو خلاصة الكتابة.”[14]

وهي “عبارة عن أشكال تخطيطية، تربط المفاهيم ببعضها عن طريق خطوط، أو أسهم يكتب عليها كلمات ترمز لمفاهيم الربط، لتوضيح العلاقة بين مفهوم وآخر، كما أنها تمثل بنية هرمية متسلسلة، تُوضَّح فيها المفاهيم الأكثر تحديداً عند قاعدة الخريطة، ويتم ذلك في صورةٍ تفريعيةٍ تشير إلى مستوى التمايز بين المفاهيم؛ أي مدى ارتباط المفاهيم الأكثر تحديداً بالمفاهيم الأكثر عموميةً.”[15]

الخرائط الذهنية إستراتيجيه تنظيمية تُيسّر على المعلم والمتعلم العملية التعليمية، فهي تسهّل الفهم والاستيعاب والتركيز والتذكر وتختصر الوقت، وهي تصور عقلي لإعادة صياغة المفاهيم المكتوبة بهيئة صور ورسومات وكلمات على خطوطٍ تفريعيةٍ منتظمةٍ بشكلٍ مشعٍ حول فكرةٍ أساسيةٍ واحدة، وتتدرج المفاهيم في المستويات من الأكثر تحديداً عند قاعدة الخريطة إلى الأكثر عمومية في آخر أفرع الخريطة.

أول من ابتكر هذه الإستراتيجية توني بوزان (tony buzan) المعروف بأستاذ الذاكرة، وهو من مواليد عام 1942، وله العديد من المؤلفات في حقل الذاكرة، وأقام مسابقات بطولة العالم للذاكرة، ترجمت مؤلفاته إلى عدة لغات منها العربية.[16] ومن أشهر كتبه كتاب (الخريطة الذهنية اطلق العنان لإبداعك وعزز ذاكرتك واستخدم عقلك) وقد ابتكر توني بوزان، الخرائط الذهنية عام 1970، عندما أدرك أهمية استخدام جانبي المخ وهما: الجانب الأيمن المسؤول عن الصور والاتزان، والموسيقى، والخيال والالوان، والنظرة الكليّة، والنماذج، والعواطف.

والجانب الأيسر المسؤول عن اللغة، و الأرقام، والمتتابعات، وإدراك التفاصيل، والرموز وإعادة التقديم والتقييم، واستخدام المعلومات، ويساعد على الإبداع[17].

وتعتمد هذه الإستراتيجية على الذاكرة البصرية واللّفظية في رسم توضيحي سهل المراجعة والتذكر، وهي الطريقة الفعلية التي يستخدمها العقل البشري في التفكير حيث يربط الكلمات ومعانيها بصورة ويربط المعاني المختلفة ببعضها البعض.

قواعد بناء الخريطة الذهنية

يتم بناء الخريطة الذهنية وفقاً للقواعد الآتية:

اولاً: وضع الفكرة الرئيسة داخل إطارات دائرية، أو أشكال أخرى في منتصف الصفحة.

ثانياً: تُربط الفكرة الرئيسة بخطوط مُعَنونة بكلمات أو عبارات ذات معنى، وهي الأفكار المهمة التي يجب إلقاء الضوء عليها (كلمات مفتاحيّة).

ثالثاً: ترتب المفاهيم في الخريطة الذهنية بطريقة هرمية بحيث تقع الفكرة الرئيسة عند قاعدتها، بينما تقع المفاهيم والأفكار المتشعبة من الفكرة الرئيسة عند المستويات التالية، ويربط كل مفهومين في الخريطة بنوعين من الروابط وهما:

  1. الروابط الخفية: وهي الروابط بين كل مفهومين متتاليين وتشير إلى علاقة ربط ذات اتجاهين.
  2. الروابط المتقاطعة: وهي روابط بين مفهومين من مستويين مختلفين وعادةً ما تكون علاقة الربط هذه علاقة ذات اتجاه واحد.

رابعاً: توضع الأمثلة في أُطر لأنها تشكل مفاهيم وتوضع دائماً في نهاية الخريطة، ويضاف إليها رسومات أو رموز.

ويتطلب بناء الخريطة أن تكون المادة المُتَعلمة واضحة ومفهومة ومُقَدّمة بلغة وأمثلة مرتبطة بالمعرفة السابقة للتلميذ. و أن يمتلك التلميذ خبرة سابقة متعلقة بالموضوع.[18]

مزايا وعيوب الخريطة الذهنيّة

  • الخريطة الذهنية تنمي اكتساب المفاهيم والمعرفية.
  • تتيح للطالب التعلم النشط والممتع وتعطيه نشاط وتحفيز.
  • تعطي شمولية لموضوع كبير بطريقة إبداعية.
  • تحرر التعليم من الطرق التقليدية.
  • تزيد ثقة الطالب بنفسه.
  • تزيد الرغبة في التعلم الذاتي، لأنها تساعد على الفهم العميق للموضوع.
  • تساعد على تحويل المفاهيم المجردة إلى مخططات يمكن فهمها واستيعابها.
  • تجعل الطالب ينظم المعرفة التي يمكن تخزينها في الذاكرة طويلة المدى.
  • تساعد المتعلم على تنظيم بنيته المعرفية وإدراكه، وتوقد التفكير الإبداعي عنده.
  • توفر قدر من التنظيم الذي يُعتبر جوهر العملية التعليمية.
  • تساعد على التعلم التعاوني والإيجابي، وتثير دافعية المتعلمين.
  • تنمي القدرة على التعليم القائم على المعنى.
  • تراعي الفروق الفردية، وترفع من مستوى التحصيل للمتعلم، لأنها تساعد على حفظ المعلومات لمده أطول في الذاكرة.
  • تشرك العديد من الحواس في التعليم، لأنها تتضمن ألوان، وصور، ورسومات.
  • تجعل المعلم ماهر في استخدام أدوات ما وراء المعرفة.
  • تسهّل على المعلم عملية التقييم والتقويم في الحصة الدراسية.
  • تساعد المعلم على قياس مستويات بلوم العليا (التطبيق، التحليل، التركيب، التقويم) لأنها تتطلب مستوى عالٍ من التجريد.
  • تتميز بسهولة استكمال النقص في المعلومات إن وجد، لأنها تتميز بنهايات مفتوحة. تسمح للعقل بابتكار أفكار جديدة.
  • وسيلة تعليمية حديثة بتكلفة بسيطة.
  • تنمي مهارة الرسم، والتصميم.
  • تعتبر ورقة بحث يستطيع الطالب الرجوع إليها بسهولة عند مراجعة المادة قبل الاختبارات.

ومن أهم عيوب هذه الطريقة أنها قد يُصعب فهمها من قبل الآخرين بسبب اعتمادها اعتماداً كاملاً على أفكار راسمها، وأحياناً تكون الصلة غير واضحة بين الأفكار، كما أنها تتطلب دقة للربط بين الأفكار.

مجالات استخدام الخريطة الذهنية

تشير دراسة وايزك (wiziq 2012) إلى مجالات استخدام الخريطة الذهنية وأهمها:[19]

  • التعلم والتعليم.
  • تقوية الذاكرة.
  • التفكير البصري.
  • التفكير الشمولي.
  • حل المشكلات.
  • التقييم.
  • عمل المدونات و الملاحظات.
  • عرض وتقديم المعلومات المختلفة.
  • تصميم المخططات التمهيدية.
  • بناء المناهج بشكل موجز.
  • التدريب.
  • تعزيز أخلاقيات العمل.

وقد أُجريت العديد من الأبحاث حول فاعليتها في تعليم اللغة العربية، ولا سيّما لتعلم مادة النحو؛ لأنها تتيح للطالب الفهم المتشعب للقاعدة، وتزيد من دافعيته لتعلم هذه المادة بأسلوب ممتع؛ حيث يتلقى الطالب المعلومة بطريقة تساعد العقل على التفكير المُنظم والدقيق، مما ييسر عملية الفهم والحفظ وسرعة التذكر. ونستطيع رسم الخريطة الذهنية يدوياً على ورقة بيضاء باستخدام الألوان، ورسم الصور والرموز.

أو نرسمها إلكترونياً بواسطة برامج تصميم الخريطة على الحاسوب مثل: برنامج

Easy Mind Mapping

Simple Mind

Mind Mister

الخاتمة

تلبيةً لتطورات ومستجدات العصر، تشهد عملية تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها تقدماً في الطرق والإستراتيجيات لتتلاءم مع عقل الإنسان وإدراكه للوصول إلى أعلى مستوى من الكفاءة في اللغة، وعُرف النحو بأنه وسيلة لإتقان اللغة وتقويم اللسان فلابدّ من البحث عن أفضل الإستراتيجيات الحديثة لتعليمه، وتعد الخريطة الذهنية من أحدث الإستراتيجيات الناجحة والممتعة في التعليم لما لها من دور فعال في تيسير حفظ المعلومات واسترجاعها، بالإضافة إلى العديد من المزايا التي ركز عليها البحث.

وخلص هذا البحث إلى جملة من النتائج والتوصيات أبرزها:

  • أنَّ اللغة العربية لغة عريقة ومتفردة بخصائها كالإعراب القائم على الإلمام بأساسيات القواعد النحوية، لذا من المهم عدم إغراق الطلبة في قضايا نحوية غامضة، وتفاصيل لا يحتاجونها حتى لا يضيع وقت الدارسين وتُستهلك جهودهم، دون أن يترك ذلك أثراً واضحاً في فهم اللغة واستعمالها استعمالاً صحيحاً.
  • استعمال القاعدة اللغوية مع الشواهد اللغوية المختلفة والتركيز على الجانب الوظيفي للغة وتشجيع التحدث بها.
  • تقديم درس النحو بطريقة سهلة و ممتعة وأساليب جديدة مناسبة لتطورات العصر لتؤدي إلى رفع مستوى الطلاب، وتزيد من كفاءتهم في فهم القواعد النحوية وتطبيقها تطبيقاً صحيحاً.
  • أهمية التقييم والتقويم بعد درس النحو لتثبت القاعدة في أذهان الطلبة.

المصادر والمراجع العربية

  • ابن جني، أبو الفتح عثمان. (2006). الخصائص، ج1. دار الكتب المصرية، مصر.
  • ابن عباد، الصاحب إسماعيل. (1994). المحيط في اللغة. ط1. عالم الكتب. بيروت.
  • أبو المكارم، علي محمد. (1993). تعليم النحو العربي عرض وتحليل. دار الثقافة العربية. القاهرة.
  • حتاملة، موسى رشيد. نظريات اكتساب اللغة الثانية وتطبيقاتها التربوية. ج2.
  • الحسن، محمد موفاك. (2017). واقع تدريس النحو في كتب تعليم العربية للناطقين بغيرها. المؤتمر الدولي الأول لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها في إسطنبول. تركيا.
  • الدريب، محمد يحيى. (2014). صعوبات ومقترحات في تدريس موضوعات النحو للناطقين بغير العربية في مرحلة الماجستير. جامعة السلطان علي الشريف الإسلامية في سلطنة بروناي. مجلة العربية للناطقين بغيرها. العدد الثامن عشر.
  • الزهراني، تركي بن علي وآخرون. (2019). مداخل تعليم اللغة العربية، رؤية تحليلية. ط1. دار وجوه للنشر والتوزيع. الرياض.
  • عبد الرؤوف، طارق. (2015). الخرائط الذهنية ومهارات التعلّم طريقك إلى بناء الأفكار الذكية. ط1. المجموعة العربية للتدريب والنشر. القاهرة.
  • علي، محمد عبد القادر. (2022). تعليم النحو واللغة للناطقين بغير العربية: رؤية تحليلية. جامعة 6 أكتوبر. قسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية. مجلة البحث العلمي في الآداب. المجلد23. العدد5.
  • فيشر، فولد. (1980). معالجة القواعد في كتب تعليم اللغة العربية. ندوة تأليف كتب تعليمية اللغة العربية للناطقين باللغات الأخرى. الرباط من 4-7 مارس.
  • قاسم، عبد الرحمن محمد (1988). حاشية الأجرومية. ط4.
  • قورة، حسين سليمان. (2001). تعليم اللغة العربية دراسة تحليلية ومواقف تطبيقية. ط5. مكتبة الأنجلو المصرية. مصر.
  • زيتون، حسن حسين. (2009). إستراتيجيات التدريس رؤية معاصرة لطرق التعليم والتعلم. ط1. عالم الكتب. القاهرة.

المراجع الأجنبيّة:

-Buzan, Tony. (2006). Maind Mapping kick start your creativity and trans form your life. Spin.Mateu. Cromo.

Buzan, Tony. (2010). Buku pintar Mind Map. Ed. By susi purwoko (Jakarta: Gramedia pustaka utama). P.4.

المواقع الإلكترونية:

ويكيبيديا توني بوزان – ويكيبيديا (wikipedia.org)

Wizi,Q.(2012). Mapping in Science Teaching. http://www.wizq/.com/ Tutorial,145292-Mind-Mapping-in-science-teaching.

  1. ابن عباد، الصاحب إسماعيل. (1994). المحيط في اللغة. ط1. عالم الكتب. بيروت.
  2. قاسم، عبد الرحمن محمد. (1988). حاشية الأجرومية. ط4. ص7
  3. ابن جني، أبو الفتح عثمان. (2006). الخصائص، ج1. دار الكتب المصرية، مصر. ص34.
  4. الدريب، محمد يحيى. (2014). صعوبات ومقترحات في تدريس موضوعات النحو للناطقين بغير العربية في مرحلة الماجستير. جامعة السلطان علي الشريف الإسلامية في سلطنة بروناي. مجلة العربية للناطقين بغيرها. العدد الثامن عشر. ص242.
  5. علي، محمد عبد القادر. (2022). تعليم النحو واللغة للناطقين بغير العربية: رؤية تحليلية. جامعة 6 أكتوبر. قسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية. مجلة البحث العلمي في الآداب. المجلد23. العدد5. ص104.
  6. أبو المكارم، علي محمد. (1993). تعليم النحو العربي عرض وتحليل. دار الثقافة العربية. القاهرة. ص22.
  7. الحسن، محمد موفاك. (2017). واقع تدريس النحو في كتب تعليم العربية للناطقين بغيرها. المؤتمر الدولي الأول لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها في إسطنبول. تركيا. ص167.
  8. فيشر، فولد. (1980). معالجة القواعد في كتب تعليم اللغة العربية. ندوة تأليف كتب تعليمية اللغة العربية للناطقين باللغات الأخرى. الرباط من 4-7 مارس. ص2.
  9. قورة، حسين سليمان. (2001). تعليم اللغة العربية دراسة تحليلية ومواقف تطبيقية. ط5. مكتبة الأنجلو المصرية. مصر. ص12
  10. الزهراني، تركي بن علي وآخرون. (2019). مداخل تعليم اللغة العربية رؤية تحليلية. ص20.
  11. زيتون، حسن حسين. (2009). إستراتيجيات التدريس رؤية معاصرة لطرق التعليم والتعلم. ط1. عالم الكتب. القاهرة. ص5
  12. ينظر: حتاملة، موسى رشيد. نظريات اكتساب اللغة الثانية وتطبيقاتها التربوية. ص98ـ99.
  13. Buzan, Tony. (2006). Maind Mapping kick start your creativity and trans form your life. Spin.Mateu. Cromo.
  14. Buzan, Tony. (2010). Buku pintar Mind Map. Ed. By susi purwoko (Jakarta: Gramedia pustaka utama). P.4.
  15. عبد الرؤوف، طارق. (2015). الخرائط الذهنية ومهارات التعلّم طريقك إلى بناء الأفكار الذكية. ط1. المجموعة العربية للتدريب والنشر. القاهرة. ص24.
  16. ويكيبيديا توني بوزان – ويكيبيديا (wikipedia.org)
  17. عبد الرؤوف، طارق. (2015). الخرائط الذهنية ومهارات التعلّم طريقك إلى بناء الأفكار الذكية. ص30.
  18. ينظر: عبد الرؤوف، طارق. (2015). الخرائط الذهنية ومهارات التعلّم طريقك إلى بناء الأفكار الذكية. ص69-70.
  19. Wizi,Q.(2012). Mapping in Science Teaching. http://www.wizq/.com/ Tutorial,145292-Mind-Mapping-in-science-teaching.