د. إيهاب عبد الحليم أبو عمر1
1 أستاذ مساعد بقسم الدراسات الإسلامية، كلية العلوم والآداب، جامعة الجوف، المملكة العربية السعودية
بريد الكتروني: dr.ehab2008@yahoo.com
HNSJ, 2023, 4(1); https://doi.org/10.53796/hnsj4130
تاريخ النشر: 01/01/2023م تاريخ القبول: 18/12/2022م
المستخلص
هدفت هذه الدراسة إلى التعرف إلى الوسائل والطرق العملية التي استخدمها النبي في تربية أبناء الصحابة رضوان الله عليهم- والتي أخرجت جيلا مستقيما سليما نفسيا ؛ لتكون نبراسا للمربين ليقتدوا بها قولا وعملا. واستخدم الباحث في هذه الدراسة المنهج الوصفي من خلال الحديث عن طرق تعامل النبي مع الأطفال وأثرها عليهم والتي تضمنتها الأحاديث النبوية الشريفة. ومن ثم استعراض المواقف وتحليلها، ونقل أقوال العلماء في تفسيرها. وذللك لتأصيل هذه الطرق واعتمادها لدى المربين.
الكلمات المفتاحية: صور ،هدي، تربية
“Aspects from the Prophet’s Guidance in Raising Children”
Dr. Ehab AbdElhalim AbouOmar1
1 Assistant Professor, Department of Islamic Studies – College of Science and Arts – Al-Jouf University – Saudi Arabia
Email: dr.ehab2008@yahoo.com
HNSJ, 2023, 4(1); https://doi.org/10.53796/hnsj4130
Published at 01/01/2023 Accepted at 18/12/2022
Abstract
This study is meant to identify the practical means and methods used by the Prophet [peace be upon him] in bringing up the children of the Companions- may Allah be pleased with them- which brought out a psychologically healthy, upright generation, to be a beacon for educators to follow in word and deed. In this study, the researcher utilized the descriptive approach through handling the methods in which the Prophet [peace be upon him] raised the children and the impact of such methods on them, which were included in the Prophet’s Hadiths. This is followed by reviewing and analyzing the various positions of these methods and conveying the interpretation of scholars so as to allow breeders to establish and adopt such methods.
Key Words: Aspects; Guidance; Upbringing
المقدمة
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : ” إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ مِثْلُ الْوَالِدِ، أُعَلِّمُكُمْ”([1]). وفي صحيح مسلم : “عَنْ سَلْمَانَ، قَالَ: قِيلَ لَهُ: قَدْ عَلَّمَكُمْ نَبِيُّكُمْ كُلَّ شَيْءٍ؟! قَالَ: فَقَالَ: أَجَلْ”([2]). وعَنْ أَنَسِ ابْنِ مَالِكٍ، قَالَ: “مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَرْحَمَ بِالْعِيَالِ مِنْ رَسُولِ اللهِ “([3]).
فالنبي هو المعلم الأول والمربي الأول لأصحابه وأبنائهم وأمته وأبنائها. والذي يتتبع سيرة المصطفى ويتتبع هديه في التعامل مع صغار أبناء المسلمين يجد أمامه صورة حية وتجسيدا عمليا للإسلام في أبهى صوره، ويجد المتتبع أيضا دستورا يتمسك به ويسير عليه، وكذلك سيجد نموذجا حيا عن أنجح طرائق التربية والتعليم، فلقد كان معلما ناصحا ومربيا فاضلا لم يأل جهدا في تَلَمًّس أجدى الطرق الصالحة إلى كل من التربية والتعليم خلال مختلف مراحل دعوته.
ولا ريب أن الإنسان مهما بحث عن مثل أعلى في ناحية من نواحي الحياة فإنه واجد كل ذلك في حياة رسول الله على أعظم ما يكون من الوضوح والكمال ولذا جعله الله قدوة للإنسانية كلها إذ قال تعالى: { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ }([4]).
ولقد حرص على تربية أبناء المسلمين – كما حرص على تربية أصحابه- بالقول والفعل والتقرير؛ وذلك لأنهم- أي أبناء الصحابة- هم الظهير الاستراتيجي للأمة الإسلامية ، فالأمة التي لا تعتني بتربية صغارها أمة مقطوعة النسل منتهية من التاريخ.
وإن الناظر في هذه الصفحات ليجد أن جميع ما نقل عن النبي يمكن فعله والاقتداء به فيه فهي سلوكيات عامة وتصرفات طبيعية في مواقف متكررة ولكن لها أبلغ الأثر في نفوس الأبناء . والله أسأل أن يكتب لي التوفيق والسداد فهو سبحانه من وراء القصد وهو نعم المولى ونعم النصر.
هدف البحث
لقد كانت فكرة هذا البحث هي الوقوف على بعض صور من هديه في التعامل مع الصغار – وهو ما يسمى عند المحدثين بالسنة الفعلية- حتى يقتدي به الآباء والأمهات الحريصين على تربية أبنائهم تربية نفسية وخلقية سوية بعيدة عن نزعات التطرف ومتجنبين الأخطاء التربوية التي يقع فيها بعض المربين . ولذلك فالدراسة تهدف إلى التعرف إلى الوسائل والطرق العملية التي استخدمها النبي في تربية أبناء الصحابة رضوان الله عليهم- والتي أخرجت جيلا مستقيما سليما نفسيا ؛ لتكون نبراسا للمربين ليقتدوا بها قولا وعملا، كما تهدف الدراسة إلى إيجاد مربين ينطلقون من المنهج النبوي في التعامل مع الأطفال وتزويدهم بما يحتاجونه من وسائل وأساليب.
أهمية الموضوع
ترجع أهمية هذا الموضوع الى أهمية التربية نفسها وحاجة الأجيال إليها. كذلك حاجة المربين إلى التعرف إلى مناهج وطرق ووسائل سليمة خالية من الأخطاء ومنضبطة بالوحي ومعصومة من الخطأ كما هو الحال في المنهج النبوي في التربية؛ لأنه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.
الدراسات السابقة
هناك عدة دراسات سابقة تنوعت بين رسالة دكتوراه وماجستير وأبحاث ترقيات ولكنها قليلة وكل منها تناول الموضوع من زوايا مختلفة منها على سبيل المثال وعلى حدود اطلاعي:
1- رسالة ماجستير للباحث عبد الرحمن الهاشمي محمد بعنوان:” عناية الإسلام بالطفولة” ( ط1، 1982م)
2- رسالة ماجستير للباحث عدنان حسن صالح باحارث بعنوان:” مسؤولية الأب المسلم في تربية الولد في مرحلة الطفولة”. (ط5، دار المجتمع للنشر والتوزيع، 1996م)
3- رسالة دكتوراه للدكتور عبد الله بن مساعد الزهراني عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة بعنوان:” المرويات الواردة في أحكام الصبيان”. ( ط1، دار ابن عفان، 2003م)
4- بحث محكم للباحثة د. سهاد عبد الله بني عطا عضو هيئة التدريس بكلية التربية للبنات بجامعة جدة / السعودية بعنوان:” المنهج النبوي في تربية الأطفال”. ( مجلة العلوم الإنسانية والاجتماعية، العدد 13 ديسمبر 2017م)
5- رسالة ماجستير للباحث مسند محسن القحطاني المستشار في مركز الدعوة والإرشاد بالدمام بعنوان” المنهج النبوي في التعامل مع الأطفال، دراسة تحليلية” (ط1، السعودية، دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع،1442هـ)
منهجي في البحث
منهجي هو جمع الروايات الواردة عن النبي في تعاملاته المختلفة مع صغار المسلمين ووضعها تحت عناوين مناسبة ثم التعليق عليها بما يناسب حالها – وأذكر في الهامش تخريج الحديث ومعاني الكلمات الغريبة فيه – وبعضا من فقهه. واتبعت في ذلك المنهج الوصفي التحليلي والذي ينطلق من الحديث عن طرق تعامل النبي مع الأطفال وأثرها عليهم والتي تضمنتها الأحاديث النبوية الشريفة. ومن ثم استعراض المواقف وتحليلها، ونقل أقوال العلماء في تفسيرها. وذلك لتأصيل هذه الطرق واعتمادها لدى المربين.
هيكل الدراسة
اشتمل البحث على مقدمة وفيها: هدف البحث، وأهميته، والدراسات السابقة، ومنهج البحث، وهيكل الدراسة، ثم موضوع البحث واشتمل على تسع عشرة صورة من هديه في التعامل مع الصغار، وفيما يلي التفصيل:
١- ضمهم وحبهم وإعلان محبتهم
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ فِي سُوقٍ مِنْ أَسْوَاقِ الْمَدِينَةِ، فَانْصَرَفَ وَانْصَرَفْتُ مَعَهُ، فَجَاءَ إِلَى فِنَاءِ فَاطِمَةَ، فَنَادَى الْحَسَنَ، فَقَالَ: ” أَيْ لُكَعُ، أَيْ لُكَعُ، أَيْ لُكَعُ، ” قَالَهُ: ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ، قَالَ: فَانْصَرَفَ، وَانْصَرَفْتُ مَعَهُ،: فَجَاءَ إِلَى فِنَاءِ عَائِشَةَ فَقَعَدَ، قَالَ: فَجَاءَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: ظَنَنْتُ أَنَّ أُمَّهُ حَبَسَتْهُ لِتَجْعَلَ فِي عُنُقِهِ السِّخَابَ، فَلَمَّا جَاءَ الْتَزَمَهُ رَسُولُ اللهِ ، وَالْتَزَمَ هُوَ رَسُولَ اللهِ ، قَالَ: ” اللهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُ، فَأَحِبَّهُ، وَأَحِبَّ مَنْ يُحِبُّهُ ” ثَلَاثَ مَرَّاتٍ”([5]).
هذا الموقف الذي يحكيه أبو هريرة -وهو شاهده- فيه صورة من هديه في التعامل مع الأطفال. فيذكر أبو هريرة أنه خرج مع النبي إلى سوق بني قينقاع- كما وضح في بعض روايات الحديث- فتفقده ثم ذهب إلى بيت ابنته فاطمة رضي الله عنها ووقف في فناء البيت ونادى على حفيده الحسن بن علي ثلاثا فلما استبطأه ذهب إلى بيت عائشة فجاءه الحسن يجري نحوه وكأن الريح تحمله شوقا لجده فلما رآه النبي التزمه فاحتضنه وضمه الى صدره الشريف واحتضنه الحسن أيضا في موقف يدل بوضوح على المحبة والشوق. وأعلن عليه الصلاة والسلام محبته للحسن بقوله” اللهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُ، فَأَحِبَّهُ، وَأَحِبَّ مَنْ يُحِبُّهُ ” قالها ثلاث مرات. هذا وإن كان الصغير لا يعقل هذا القول ولكنه يستشعره من خلال الحضن والضمة والالتزام.
ووفقا لموقع “بيرنتينغ فور برين”، فإنه يمكن لعناق مدته 20 ثانية أن يساعد الطفل على النمو بشكل أكثر ذكاء وصحة وسعادة، وأكثر مرونة وقربا من الوالدين. فالطفل الصغير يحتاج إلى الكثير من التحفيز الحسي المختلف للنمو الطبيعي، ويعد التلامس الجسدي -مثل العناق- من أهم المحفزات اللازمة لنمو دماغ سليم وجسم قوي. كما وجد الأطباء أن بعض الأطفال عندما يحرمون من الاتصال الجسدي، فإن أجسادهم تتوقف عن النمو على الرغم من تناول المغذيات بشكل طبيعي. وتسمى هذه الحالة “الفشل في النمو”، وهو نوع من قصور النمو الذي يمكن علاجه بمنح الأطفال اللمسات الحانية والكثير من العناق. والعناق مفيد أيضا لصحة الطفل العاطفية، إذ لا شيء يمكن أن يهدئ الطفل الذي يبدأ نوبة غضب أسرع من عناق كبير من الوالدين.
وأظهرت الأبحاث أن الأطفال ينمون بشكل أفضل في البيئات التي يُمطرون فيها بالحب باستمرار- وهذا يبدأ من يوم ولادتهم. ولغة الاحتضان في علم النفس تعني أني أحبك وأشعر بالراحة حين أتواجد معك.
ولقد ذكر العلماء فوائد لحضن الأطفال منها: 1- يساعد الحضن الطفل على الشعور بالأمان.
2- يزيد الحضن من ذكاء الطفل.3- يساعد الحضن الطفل على النمو.4- يقلل الحضن من التوتر لدى الأطفال .5- يساعد الحضن على تعزيز مناعة الطفل.6- يساعد الحضن على علاج مشكلات نوبات الغضب.7- يعلم الحضن الطفل المرونة النفسية.8- يزيد الحضن من ثقة الطفل بنفسه.9- يساعدك الحضن على تربية الأطفال.10- يعلم الحضن الطفل التعاطف. وغير ذلك الكثير مما أثبته الأبحاث العلمية المختصة.
٢- تقبيلهم وشمهم
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَبَّلَ رَسُولُ اللَّهِ الحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ وَعِنْدَهُ الأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ جَالِسًا، فَقَالَ الأَقْرَعُ: إِنَّ لِي عَشَرَةً مِنَ الوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ مِنْهُمْ أَحَدًا، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ: “مَنْ
لاَ يَرْحَمُ لاَ يُرْحَمُ”([6]).
وعَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ فَقَالَ: تُقَبِّلُونَ الصِّبْيَانَ؟ فَمَا نُقَبِّلُهُمْ،فَقَالَ النَّبِيُّ : “أَوَأَمْلِكُ لَكَ أَنْ نَزَعَ اللَّهُ مِنْ قَلْبِكَ الرَّحْمَةَ”([7]).
– وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ: دَخَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ عَلَى أَبِي سَيْفٍ القَيْنِ، وَكَانَ ظِئْرًا لِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ إِبْرَاهِيمَ، فَقَبَّلَهُ، وَشَمَّهُ”([8]).
القبلة هي واحدة من أقوى تعبيرات المودة وأكثرها محبة في كل العصور. وللقبلة تأثير عجيب على شعور الطفل بالأمان وعلى تخليصه من شعوره بالتوتر والقلق. وهي دليل على الرحمة التي في قلب الأب والأم حين يقبلون أولادهم وهو ما دل عليه قوله عليه السلام للأعرابي الذي استنكر تقبيل النبي لحفيده الحسن بن علي حيث قال له :” “أَوَأَمْلِكُ لَكَ أَنْ نَزَعَ اللَّهُ مِنْ قَلْبِكَ الرَّحْمَةَ”.
3- احترامهم وتقدير ذواتهم.
عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ ، قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ بِقَدَحٍ، فَشَرِبَ مِنْهُ، وَعَنْ يَمِينِهِ غُلاَمٌ أَصْغَرُ القَوْمِ،
وَالأَشْيَاخُ عَنْ يَسَارِهِ، فَقَالَ: «يَا غُلاَمُ أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَهُ الأَشْيَاخَ»، قَالَ: مَا كُنْتُ لِأُوثِرَ بِفَضْلِي مِنْكَ أَحَدًا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ”([9]).
في هذا الموقف يظهر جليا تقدير هذا الغلام – وهو عبد الله ابن عباس – رضي الله عنهما – كما وضح في بعض روايات الحديث- أقول ظهر جليا تقديره لذاته وهذا التقدير للذات والشعور به هو الذي دفع النبي لتقديره وإعطائه حقه وقدره بين الحاضرين. ولم لا يحترم النبي رأي الطفل ما دام أنه على صواب؟ وما المانع من قبول رأيه وتنفيذه في هذه الحالة؟
أوضح الدكتور توماس دي يارنيل، أخصائي علم النفس السريري على موقع selfhelpsolutions.homesland.com أن قدرتك على التعامل مع أمور الحياة بشكل إيجابي تزيد كلما زاد تقديرك لذاتك. وقد أضاف هو وموقع life.familyeducation.com أن الشيء نفسه ينطبق على الأطفال، حيث أنه كلما كان تقدير الطفل لذاته أكثر إيجابية، كانت ثقته بنفسه وقدرته على تكوين الصداقات مع الآخرين أكبر. بالإضافة إلى ذلك، فهو يكون أكثر قدرة على العطاء وأكثر شعورا بالمحبة والأمان والسعادة.
إن صور التقدير للذات تبدأ في التشكل في وقت مبكر من حياة الأطفال، ومن هنا تأتي أهمية تنمية شعوره بالثقة وتقدير ذاته، فهي بمثابة درع تقيه على المدى البعيد من كل ضغوطات الحياة([10]). وأخرج ابن عساكر في تاريخ دمشق في ترجمة ابي سعيد الخدري سعد بن مالك بن سنان قال : كان من أفاضل الأنصار، استصغر يوم أًحد، فرد ثم خرج فيمن يتلقى رَسُول اللَّهِ حين رجع من أحد، فنظر إليه رسول الله ، وَقَالَ: “سعد بن مالك”، قال: قلت: نعم بأبي وأمي، ودنوت منه فقبلت ركبته، فقال: «آجرك الله في أبيك» . وكان قتل يومئذ شهيدا([11]). فقد عامله رسول الله معاملة الكبار، وواساه في مصيبته بعد ميدان المعركة مباشرة. والشاهد في ذلك أن الرسول عامله كما يعامل الكبار في مواقف العزاء. ومثل هذه التصرفات تزيد من دافعية الأطفال نحو الحياة ومجالات الخير المختلفة فيها. فأي بعد معنوي تركته تعزيته لسعد عندما أشعره بانه رجل له طاقات وقدرات الكبار والتزاماتهم. تلك السنة الراقية وهذا الهدي النبوي هو الذي صنع من أطفال مكة والمدينة جهابذة في العلم والتميز وتصدر الركب في تاريخ الأمم.
٤-السلام عليهم والمسح على رؤوسهم وخدودهم .
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ : أَنَّهُ مَرَّ عَلَى صِبْيَانٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ وَقَالَ: كَانَ النَّبِيُّ يَفْعَلُهُ. وفي رواية: أَنَّ رَسُولَ اللهِ مَرَّ عَلَى غِلْمَانٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ. وفي مسند أحمد أن الصبيان كانوا يلعبون. وفي الغيلانيات أنه قال:” السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا صِبْيَانُ” ([12]). وفي رواية عَنْ أَنَسٍ “أَنَّ النَّبِيَّ كَانَ يَزُورُ الْأَنْصَارَ وَيُسَلِّمُ عَلَى صِبْيَانِهِمْ ويمسح رؤوسهم”([13]).
عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: ” صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَاةَ الْأُولَى، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى أَهْلِهِ وَخَرَجْتُ
مَعَهُ، فَاسْتَقْبَلَهُ وِلْدَانٌ، فَجَعَلَ يَمْسَحُ خَدَّيْ أَحَدِهِمْ وَاحِدًا وَاحِدًا، قَالَ: وَأَمَّا أَنَا فَمَسَحَ خَدِّي، قَالَ: فَوَجَدْتُ لِيَدِهِ بَرْدًا أَوْ رِيحًا كَأَنَّمَا أَخْرَجَهَا مِنْ جُؤْنَةِ عَطَّارٍ “([14]).
يتبين من خلال سلام المصطفى على الصبيان أنه اعتبر بهم، وجعل لهم كيانًا واعتبر وجودهم في الحياة. وفيه تدريب الصغار وتعويدهم على الآداب الإسلامية.
ان لبدء الطفل بالسلام أثرين مهمين هما: تقوية التواضع في نفس الإنسان، ويحيي في الطفل الشخصية الرصينة والإرادة المستقلة؛ لأنه إذا شعر بأن الكبار يحترمونه ويسلمون عليه وينظرون له باهتمام، حينها سيصدق بكفاءته وأهليته للاحترام، ويطمئن الى ان المجتمع يعتبره انساناً محترماً، ويعيره الاهتمام المطلوب، وهذا مهم جدا لتكوين شخصيته وبنائها بالشكل الصحيح.
فنحن عندما نعلم أطفالنا السلام وآدابه، إنما نربيهم على أن يحيا كل واحد منهم مستقيمًا مسالمًا محترما للآخرين، قادرًا على التفاعل والتواصل باحترام، فالهدف من تعليمهم وتعويدهم على السلام، هو أن يتخلقوا بهذا الخلق السامي، وينشؤوا وهم يحبون الخير والسلام للآخرين. وهذا سيمنحهم في المستقبل شخصية كريمة محبوبة مهذبة تكون مفخرة للوالدين ومحط أعجاب للآخرين وقدوة ومثالاً يمكن أن يحتذى به من قبل أخوتهم في المنزل. ومسح رأس الطفل يشعره بالرأفة والقرب منه, ويذهب عنه الروع والرهبة.
٥-الإهداء إليهم.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَدِمَتْ عَلَى النَّبِيِّ حِلْيَةٌ مِنْ عِنْدِ النَّجَاشِيِّ، أَهْدَاهَا لَهُ، فِيهَا خَاتَمٌ مِنْ ذَهَبٍ فِيهِ فَصٌّ حَبَشِيٌّ، قَالَتْ: فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ بِعُودٍ مُعْرِضًا عَنْهُ – أَوْ بِبَعْضِ أَصَابِعِهِ – ثُمَّ دَعَا أُمَامَةَ ابْنَةَ أَبِي الْعَاصِ، ابْنَةَ ابْنَتِهِ زَيْنَبَ، فَقَالَ: “تَحَلَّيْ بِهَذَا يَا بُنَيَّةُ”([15]).
وللهدية أبلغ الأثر في نفوس الناس كبيرهم وصغيرهم فهي واحدة من وسائل ترقيق قلوب الناس
تجاه بعضهم البعض، وتعميق المحبة، والعلاقات المتبادلة فيما بينهم، وهي ما يُقدِّمه الإنسان لأخيه الإنسان مدفوعاً بأسمى المشاعر الإنسانية، وأكثرها رُقيَّاً، وجمالاً.
ومن آثار الهدية على نفوس الأطفال أنها: تُدخل الفرحة، والسعادة، والبهجة إلى قلوب الصغار، خاصّة إن كانت مما يحبونه ويسعدون برؤيته؛ من ألعاب، أو شخصيات كرتونية، أو غير ذلك. وتُشعر الصغير بأنّه شخص له قيمته، وبأنّه محبوب، ومرغوب من قبل الآخرين، الأمر الذي يعمل على منحه ثقة بالنفس، وجعله قادراً على تكوين شخصية متوازنة، وجيدة في المستقبل، لذلك فإنّ الهدايا للصغار الذين يعانون من نوعٍ ما من أنواع الحرمان؛ كاليتم، أو الفقد، أو التفكك الأسري تساعد بشكلٍ كبيرٍ في التخفيف عنهم ولو بشكلٍ مؤقت. وتكسر الهدايا الحواجز بين الكبار والصغار، وهذا جيّد لجعل الصغار قادرين على تقبُّل محيطهم، وإبعاد الخوف عنهم، وبالتالي التأسيس لأبنيةٍ متينة من العلاقات الاجتماعيّة التي تفيدهم في حياتهم في الحاضر، والمستقبل. وتُرسِّخ القيم الإنسانية الحميدة في نفوس الصغار، وعلى رأس هذه القيم: البذل، والعطاء دون انتظار المقابل، كما تملأ الهدايا قلوبهم حباً، وشوقاً ممّا يجعل منهم أشخاصاً محبوبين، قادرين على التفاعل بشكل إيجابي مع الناس من حولهم.
٦- ملاعبتهم ومداعبتهم وممازحتهم .
كان النبي مع علو منزلته وعظيم قدره يمازح أصحابه وأهله، ويمازح الأطفال والصغار، وينزل نفسه الشريفة إلى مستوى عقول الأطفال فيلاطفهم ويضحكهم ويدخل البهجة والسرور عليهم ويخالطهم، .
فعَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ أَنَّ يَعْلَى بْنَ مُرَّةَ حَدَّثَهُمْ: “أَنَّهُمْ خَرَجُوا مَعَ النَّبِيِّ إِلَى طَعَامٍ دُعُوا لَهُ، فَإِذَا حُسَيْنٌ يَلْعَبُ فِي السِّكَّةِ. قَالَ: فَتَقَدَّمَ النَّبِيُّ أَمَامَ القَوْمِ، وَبَسَطَ يَدَيْهِ، فَجَعَلَ الْغُلَامُ يَفِرُّ هَاهُنَا وَهَاهُنَا، وَيُضَاحِكُهُ النَّبِيُّ حَتَّى أَخَذَهُ، فَجَعَلَ إِحْدَى يَدَيْهِ تَحْتَ ذَقنِهِ، وَالْأُخْرَى فِي فَأْسِ رَأْسِهِ، فَقَبَّلَهُ، وَقَالَ: “حُسَيْنٌ مِنِّي، وَأَنَا مِنْ حُسَيْنٍ، أَحَبَّ اللَّهُ مَنْ أَحَبَّ حُسَيْنًا، حُسَيْنٌ سِبْطٌ مِنْ الْأَسْبَاطِ”([16]).
ويرفعه على قدميه ويضمه إلى صدره
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: بَصُرَ عَيْنَايَ هَاتَانِ وَسَمِعَ أُذُنَايَ النَّبِيَّ، وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِ حَسَنٍ أَوْ حُسَيْنٍ وَهُوَ يَقُولُ: “تَرَقَّ عَيْنَ بَقَّةٍ” قَالَ: فَيَضَعُ الْغُلَامُ قَدَمَهُ عَلَى قَدَمِ النَّبِيِّ ثُمَّ يَرْفَعُهُ فَيَضَعُهُ عَلَى
صَدْرِهِ ثُمَّ يَقُولُ: افْتَحْ فَاكَ قَالَ: ثُمَّ يُقَبِّلُهُ ثُمَّ يَقُولُ: “اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُ فَأَحِبَّهُ”([17]).
– ويشجعهم على اللعب ويعقد بينهم المسابقات
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، قَالَ: اصْطَرَعَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «هُوَ حُسَيْنٌ» ، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: كَأَنَّهُ أَحَبُّ إِلَيْكَ، قَالَ: ” لَا وَلَكِنَّ جِبْرِيلَ يَقُولُ: هُوَ حُسَيْنٌ “([18]).
وعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: اصْطَرَعَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ يَقُولُ: “هِي حَسَنٌ”، فَقَالَتْ لَهُ فَاطِمَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تُعِينُ الْحَسَنَ كَأَنَّهُ أَحَبُّ إِلَيْكَ مِنَ الْحُسَيْنِ، قَالَ: “إِنَّ جِبْرِيلَ يُعِينُ الْحُسَيْنَ، وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أُعِينَ الْحَسَنَ”([19]).
وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ يَصُفُّ عَبْدَ اللهِ، وَعُبَيْدَ اللهِ، وَكُثَيَّرًا بَنِي الْعَبَّاسِ، ثُمَّ يَقُولُ: ” مَنْ سَبَقَ إِلَيَّ فَلَهُ كَذَا وَكَذَا ” قَالَ: فَيَسْتَبِقُونَ إِلَيْهِ فَيَقَعُونَ عَلَى ظَهْرِهِ وَصَدْرِهِ،
فَيُقَبِّلُهُمْ وَيَلْتَزَمُهُمْ”([20]).
وفي هذا الحديث من الفوائد −بالإضافة إلى حسن خلق النبي ورحمته بالصغار وقربه منهم: العناية ببعض الألعاب في المسابقات التي تظهر قدرات الأطفال ومهاراتهم وتنميتها، وكذلك الترويج عن الأطفال باللهو المباح، وتقوية العلاقة بين الصغار والكبار مما يزيد الألفة والمحبة.
– ويحملهم على عاتقه
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ بِالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَهُوَ حَامِلُهُمَا عَلَى مَجْلِسٍ مِنْ مَجَالِسِ الْأَنْصَارِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ نِعْمَتِ الْمَطِيَّةُ قَالَ: “وَنِعْمَ الرَّاكِبَانِ”([21]).
وعَنْ أَبِي قَتَادَةَ، قَالَ: “خَرَجَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ وَأُمَامَةُ بِنْتُ أَبِي العَاصِ عَلَى عَاتِقِهِ، فَصَلَّى، فَإِذَا رَكَعَ
وَضَعَ، وَإِذَا رَفَعَ رَفَعَهَا”([22])
– ويحملهم معه على دابته
عن جَعْفَرُ بْنُ خَالِدٍ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ الله بن جَعْفَر قَالَ لَو رأيتني وقثما وَعُبَيْدَ اللَّهِ ابْنَيِ الْعَبَّاسِ وَنَحْنُ صِبْيَانٌ نَلْعَبُ اذ مر رَسُول الله عَلَى دَابَّةٍ فَقَالَ ارْفَعُوا هَذَا إِلَيَّ فَجَعَلَنِي أَمَامَهُ وَقَالَ لِقُثَمَ ارْفَعُوا هَذَا إِلَيَّ قَالَ فَجَعَلَهُ وَرَاءَهُ([23]).
– ويداعبهم ويمازحهم
يمزح مع ربيبته زينب بنت أم سلمة، فعن أنس قال: كان رسول الله يلاعب زينب بنت أم سلمة ويقول: “يا زوينب، يا زوينب” مراراً([24]).
وروى ابن حجر في الإصابة عن أم عطاف بن خالد عن زينب بنت أبي سلمة، قالت: كان رسول اللَّه إذا دخل يغتسل تقول أمي: ادخلي عليه، فإذا دخلت نضح في وجهي من الماء، ويقول: “ارجعي”. قالت- أن عطاف- : فرأيت زينب وهي عجوز كبيرة ما نقص من وجهها شيء. وفي رواية ذكرها أبو عمر: فلم يزل ماء الشباب في وجهها حتى كبرت وعمرت([25]) .
ويمازح محمود ابن الربيع، فقد وقف بين يديه ذات مرة محمود بن الربيع، وهو ابن خمس سنين، فمجَّ في وجهه مجة من ماء من دلو يمازحه بها، فكان ذلك من البركة أنه لما كبر لم يبق في ذهنه من ذكر رؤية النَّبيّ إلا تلك المجة، فعد بها من الصحابة([26]).
ويمازح أبا عمير، فعن أنس قال: كان رسول الله أحسنُ الناسِ خُلقاً وكان لي أخ، يُقال
له أبو عُمير -وهو فَطيم- كان إذا، جاءنا قال: “يا أبا عُمير ما فعل النُّغير؟! “([27]).
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله- إن هذا الحديث فيه جواز الممازحة وتكرير المزاح، وأنها إباحة سنة لا رُخصة، وأن ممازحة الصبي الذي لم يميز جائز وتكرير زيارة الممزوح معه، وفيه ترك التكبر والترفع، ومنه التلطف بالصديق، صغيراً كان أو كبيراً، والسؤال عن حاله([28]).
وقال الترمذي: وفقه هذا الحديث أن النبي كان يمازح وفيه أنه كنى غلاما صغيرا. فقال له يا أبا عمير، وفيه أنه لا بأس أن يعطى الصبي الطير ليلعب به وإنما قال له النبي يا أبا عمير، ما فعل النّغير؟ لأنه كان له نغير يلعب به، فمات فحزن الغلام عليه فمازحه النبي فقال يا أبا عمير: ما فعل النغير؟([29])
وفي مداعبة الرسول لأبي عمير بهذه الطريقة فوائد تربوية عديدة منها:
1- استخدام الرَّسُول أسلوب التكنية للطفل الصغير، فقال له: “يا أبا عُمير” وهذه التكنية تشعر إخوانه وأهله بأن ابنهم كأنه أصبح في مصاف الشباب، وتكنية الولد تكسر الميوعة في النداء
2- نزل الرَّسُول للمستوى العقلي للطفل أبا عمير، وهذا مما يدخل السرور في نفس الطفل
وأهله، ويعتبر ذلك سلوكاً تربوياً، ودعوياً حيث تزداد محبة أهل الطفل لرسول الله ، وأيضاَ يثمر
التفاعل بين الرَّسُول والطفل.
3- ولعلَّ من الأمراض النفسية التي تصيب الشباب لها أبعاد طفولية، نتيجة حرمانهم العطف من والديهم فيصابون بتلك الأمراض كالانطواء، التوحد، الغيرة، التبرير، وغيرها.
4- عندما يكبر أبو عمير ويعلم بأن رسول الله قد داعبه، فإن ذلك يدعو إلى ازدياد محبته
لرسول الله ، ومنها تتهيأ نفسه لتلقي الجوانب التربوية والعبادية والجهادية من رسول الله ([30]).
7-البدء باحتضانهم وحسن لقياهم عند الرجوع من غيبة أو سفر.
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ: ” كَانَ رَسُولُ اللهِ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ تُلُقِّيَ بِصِبْيَانِ أَهْلِ بَيْتِهِ، قَالَ: وَإِنَّهُ قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ فَسُبِقَ بِي إِلَيْهِ، فَحَمَلَنِي بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ جِيءَ بِأَحَدِ ابْنَيْ فَاطِمَةَ، فَأَرْدَفَهُ خَلْفَهُ، قَالَ: فَأُدْخِلْنَا الْمَدِينَةَ، ثَلَاثَةً عَلَى دَابَّةٍ “([31]).
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: “لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ مَكَّةَ، اسْتَقْبَلَتْهُ أُغَيْلِمَةُ بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ، فَحَمَلَ وَاحِدًا بَيْنَ يَدَيْهِ، وَآخَرَ خَلْفَهُ”([32]).
قال النووي: هذه سنة مستحبة أن يتلقى الصبيان المسافر وأن يركبهم وأن يردفهم ويلاطفهم والله أعلم([33]).
8- يسميهم ويحنكهم عند ولادتهم ويدعوا لهم ويباركهم.
عَنْ أَبِي مُوسَى ، قَالَ: “وُلِدَ لِي غُلاَمٌ، فَأَتَيْتُ بِهِ النَّبِيَّ وَسَلَّمَ فَسَمَّاهُ إِبْرَاهِيمَ، فَحَنَّكَهُ بِتَمْرَةٍ، وَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ، وَدَفَعَهُ إِلَيَّ”، وَكَانَ أَكْبَرَ وَلَدِ أَبِي مُوسَى([34]).
وعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّهَا حَمَلَتْ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ، قَالَتْ: فَخَرَجْتُ وَأَنَا مُتِمٌّ، فَأَتَيْتُ المَدِينَةَ فَنَزَلْتُ قُبَاءً، فَوَلَدْتُ بِقُبَاءٍ، ثُمَّ أَتَيْتُ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ فَوَضَعْتُهُ فِي حَجْرِهِ، ثُمَّ دَعَا بِتَمْرَةٍ فَمَضَغَهَا، ثُمَّ تَفَلَ فِي فِيهِ، فَكَانَ أَوَّلَ شَيْءٍ دَخَلَ جَوْفَهُ رِيقُ رَسُولِ اللَّهِ ، ثُمَّ حَنَّكَهُ بِالتَّمْرَةِ، ثُمَّ دَعَا لَهُ فَبَرَّكَ عَلَيْهِ، وَكَانَ أَوَّلَ مَوْلُودٍ وُلِدَ فِي الإِسْلاَمِ، فَفَرِحُوا بِهِ فَرَحًا شَدِيدًا، لِأَنَّهُمْ قِيلَ لَهُمْ: إِنَّ اليَهُودَ قَدْ سَحَرَتْكُمْ فَلاَ يُولَدُ لَكُمْ([35]).
– ويدعوا لأولاد من مات من أصحابه
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ مَسَحَ رَسُولُ اللَّهِ يَدَهُ عَلَى رَأْسِي ثَلاثًا قَالَ فَلَمَّا مَسَحَ قَالَ اللَّهُمَّ اخْلُفْ جَعْفَرًا فِي وَلَدِهِ([36]).
مَسْحُ النبي بيده الشريفة على رأس هذا اليتيم واسماعه دعاءه له فيه من تأليف قلبه وتسكين فؤاده ومن غرز المودة في قلبه الشيء الكثير وفيه إشعاره أنه وإن فقد أبا فقد وجد آباءً.
قال النووي: فيه استحباب الدعاء للمولود عند تحنيكه ومسحه للتبريك([37]).
9- رقيتهم وتعويذهم.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ يُعَوِّذُ الحَسَنَ وَالحُسَيْنَ، وَيَقُولُ: ” إِنَّ أَبَاكُمَا كَانَ يُعَوِّذُ بِهَا إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ، مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لاَمَّةٍ “([38]).
10- ويسر إليهم بالأحاديث من باب تقريبهم اليه
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ: “أَرْدَفَنِي رَسُولُ اللهِ ، ذَاتَ يَوْمٍ خَلْفَهُ، فَأَسَرَّ إِلَيَّ حَدِيثًا لَا أُحَدِّثُ بِهِ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ”([39]).
والسر هو ما أخفيته وكتمته ولم تبده، والأسرار هي كل ما لا يصح اطلاع العامة عليه ومعرفة الناس به، لأي سبب فقد يُسمى السر سرًا لخصوصيته أو خطورته، ولأن افشاء الأسرار سلوك سيء بعيد كل البعد عن الخلق والرقي والأمانة، ولأنه سبب في كثير من المشاكل والصعوبات التي تكتنف الحياة فكان حفظ الأسرار سمة من سمات الأمناء والراقون في سلوكهم والنبلاء في أخلاقهم. وسلوك حفظ الأسرار يرتبط بمبدأ الأمانة وهو جزء لا يتجزأ منها، وكغيره من السلوكيات كلما تعلمها الأطفال في الصغر واعتادوا عليها سهل عليهم التزامها في الكبر، وبات من اليسير أن يتصفوا بها ويتخلقوا بها، ومن ثم فإن تعليم الناس مبدأ حفظ الأسرار وتعويدهم عليه يبدا مُنذ نعومة أظفارهم ومطلع طفولتهم.
وإن في إسرار النبي لهذا الصغير فيه بعد آخر وهو معاملته معاملة الكبار الذين يتحملون ثقل السر ولا يفشونه وتعويده على تحمل المسؤولية والقيام بها على خير الوجوه. فينشأ الصغير نشأة الكبار من تحمل الأمانة وعدم إفشاء الأسرار. وفيه أيضا تقريب للصغير وإشعاره بالخصوصية والتلطف به وفي هذا من التربية ما فيه.
11- تربيتهم على أمور الإسلام العظيمة
مبايعته لعبد الله بن الزبير- رضي الله عنهما([40])– وهو ابن سبع أو ثمان سنين ، ولجابر بن عبد الله بن حرام -رضي الله عنهما- حينما أتى مع أبيه في بيعة العقبة الثانية([41]).
إن من اهتمام ورعاية النبي للأطفال أنه بايع بعض أطفال الصحابة, وحضروا البيعة مع الرجال، وهذا فيه إشعار لهم بأهمية البيعة وتعويد لهم على أمور الإسلام العظيمة، كما أمرنا النبي أن نأمرهم بالصلاة لسبع ونضربهم عليها لعشر، مع أنها لم تجب عليهم بعد؛ لأن مثل هذه المواقف من أعظم ما يبني شخصية الطفل ويرتقي بعقله إلى مصاف الكبار.
إن من منهج النبي مع الأطفال: تربيتهم على أمور الإسلام العظيمة ومبادئه الكبيرة، وتأسيس أحكام العقيدة من التوحيد، ومعرفة حقوق الله تعالى وحقوق رسوله ، وتلقينهم ذلك منذ الصغر، وعدم إهمالهم. قال النووي : عن بيعة النبي للأطفال: هذه بيعة تبريك وتشريف لا بيعة تكليف([42]).
12- تكليفهم بإمامة قومهم
رَوَىَ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ قِصَّةَ إِسْلَامِ قَوْمِهِ فَكَانَ مِمَّا قَالَ:” وَبَدَرَ أَبِي قَوْمِي بِإِسْلاَمِهِمْ، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ: جِئْتُكُمْ وَاللَّهِ مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ حَقًّا، فَقَالَ: “صَلُّوا صَلاَةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا، وَصَلُّوا صَلاَةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا”. فَنَظَرُوا فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَكْثَرَ قُرْآنًا مِنِّي، لِمَا كُنْتُ أَتَلَقَّى مِنَ الرُّكْبَانِ، فَقَدَّمُونِي بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، وَأَنَا ابْنُ سِتٍّ أَوْ سَبْعِ سِنِينَ، وَكَانَتْ عَلَيَّ بُرْدَةٌ، كُنْتُ إِذَا سَجَدْتُ تَقَلَّصَتْ عَنِّي، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الحَيِّ: أَلاَ تُغَطُّوا عَنَّا اسْتَ قَارِئِكُمْ؟ فَاشْتَرَوْا فَقَطَعُوا لِي قَمِيصًا، فَمَا فَرِحْتُ بِشَيْءٍ فَرَحِي بِذَلِكَ القَمِيصِ”([43]).
لم يقتصر منهج النبي في التعامل مع الأطفال على إحضارهم إلى المساجد، بل تعدى ذلك إلى إعطائهم الفرصة والسماح لهم بإمامة المصلين إذا عقل الطفل الصلاة وعرف أحكامها، وهذا من يسر الشريعة وسماحتها([44]).
قال ابن حجر- رحمه الله-: في الحديث حجة للشافعية في إمامة الصبي المميز في الفريضة وهي خلافية مشهورة، ولم ينصف من قال: إنهم فعلوا ذلك باجتهادهم ولم يطلع النبي على ذلك؛ لأنها شهادة نفي، ولأن زمن الوحي لا يقع التقرير فيه على مالا يجوز([45]).
وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كُنَّا نَأْخُذُ الصِّبْيَانَ مِنَ الْكُتَّابِ؛ لِيَقُومُوا بِنَا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَنَعْمَلَ لَهُمُ الْقَلِيَّةَ، وَالْخِشْكِنَانْجَ “([46]).
الأثر التربوي لإمامة الصبي في الصلاة
إن ارتباط الطفل بالمسجد حضورًا، أو إمامة، يجعله قوي العلاقة بالمسجد ويتعرف على المصليين, كما يكتسب وقارًا وسكينة، وترتفع همته ويحاكي الكبار في أخلاقهم وبهذا نعرف فائدة المنهج النبوي في هذا الموضوع.
وبناءً على هذا وكما ورد في أثر عائشة رضي الله عنها، فإنه ينبغي على القائمين على حلقات تحفيظ القرآن الكريم بتعويد الطلاب من الصغار على إمامة المصلين خاصة في قيام رمضان، لا سيما وأن بعض المساجد في حاجة ماسة لذلك
13- ويشجعهم على تعلم البيع ويدعوا لهم بالبركة
عن عمرو بن حريث: أن رسول الله مّر بعبد الله بن جعفر وهو يبيع بيع الغلمان أو الصبيان, قال. “اللهم بارك له في بيعه، أو قال: في صفقته”([47]).
وهذا الموقف من النبي يدل على إعجابه بما صنع هذا الطفل، فدعا له بالبركة؛ مشجعًا له ولغيره على هذا العمل الشريف.
14- يترك تعنيفهم ولومهم على تقصيرهم ويوجههم بفرق ولين
عَنْ أَنَسٍ قَالَ : “كَانَ رَسُولُ اللهِ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ خُلُقًا”، فَأَرْسَلَنِي يَوْمًا لِحَاجَةٍ، فَقُلْتُ: وَاللهِ لَا أَذْهَبُ، وَفِي نَفْسِي أَنْ أَذْهَبَ لِمَا أَمَرَنِي بِهِ نَبِيُّ اللهِ ، فَخَرَجْتُ حَتَّى أَمُرَّ عَلَى صِبْيَانٍ وَهُمْ يَلْعَبُونَ فِي السُّوقِ، فَإِذَا رَسُولُ اللهِ قَدْ قَبَضَ بِقَفَايَ مِنْ وَرَائِي، قَالَ: فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ يَضْحَكُ، فَقَالَ: “يَا أُنَيْسُ أَذَهَبْتَ حَيْثُ أَمَرْتُكَ”. قَالَ قُلْتُ: نَعَمْ، أَنَا أَذْهَبُ، يَا رَسُولَ اللهِ([48]).
وكان لا يأنف من الأكل معهم، ومع ذلك لو رأى منهم مخالفة للأدب، فكان ينصح لهم ويأمرهم بما يصلحهم، فقد نصح عمرو بن أبي سلمة بآداب الطعام بلين ورفق ورحمة، لما رأى منه مخالفة الأدب([49]).
عَنْ عُمَرِ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ قالَ: كُنْتُ غُلاَمًا فِي حَجْرِ رَسُولِ اللَّهِ ، وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ : «يَا غُلاَمُ، سَمِّ اللَّهَ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ» فَمَا زَالَتْ تِلْكَ طِعْمَتِي بَعْدُ([50]).
15- تعزيز اصطحابهم لمجالس الخير بالتلطف بهم وتأنيسهم والإهداء والدعاء لهم.
عَنْ أُمِّ خَالِدٍ بِنْتِ خَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَتْ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ مَعَ أَبِي وَعَلَيَّ قَمِيصٌ أَصْفَرُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : “سَنَهْ سَنَهْ” قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَهِيَ بِالحَبَشِيَّةِ: حَسَنَةٌ، قَالَتْ: فَذَهَبْتُ أَلْعَبُ بِخَاتَمِ النُّبُوَّةِ فَزَبَرَنِي أَبِي، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : “دَعْهَا” ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : “أَبْلِي وَأَخْلِقِي، ثُمَّ أَبْلِي وَأَخْلِقِي، ثُمَّ
أَبْلِي وَأَخْلِقِي” قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَبَقِيَتْ حَتَّى ذَكَرَ، يَعْنِي مِنْ بَقَائِهَا([51]).
وفي رواية عَنْ أُمِّ خَالِدٍ بِنْتِ خَالِدٍ قالت: أًتِيَ النَّبِيُّ بِثِيَابٍ فِيهَا خَمِيصَةٌ سَوْدَاءُ صَغِيرَةٌ، فَقَالَ: “مَنْ تَرَوْنَ أَنْ نَكْسُوَ هَذِهِ” فَسَكَتَ القَوْمُ، قَالَ: “ائْتُونِي بِأُمِّ خَالِدٍ” فَأُتِيَ بِهَا تُحْمَلُ، فَأَخَذَ الخَمِيصَةَ بِيَدِهِ فَأَلْبَسَهَا، وَقَالَ: “أَبْلِي وَأَخْلِقِي” وَكَانَ فِيهَا عَلَمٌ أَخْضَرُ أَوْ أَصْفَرُ، فَقَالَ: “يَا أُمَّ خَالِدٍ، هَذَا سَنَاهْ” وَسَنَاهْ بِالحَبَشِيَّةِ حَسَنٌ([52]).
قال ابن حجر: الممازحة بالقول والفعل مع الصغيرة إنما يقصد به التأنيس([53]).
16-ترغيبهم في تعلم القرآن.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: “مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ فِي شَبِيبَتِهِ اخْتَلَطَ الْقُرْآنُ بِلَحْمِهِ وَدَمِهِ”([54]). وهذا فيه تحريض للصغار على تعلم القرآن مبكرا، وفيه ضمان عدم ضياعه منهم -حتى وإن نسوا بعضه- فإنه قد اختلط بلحمهم ودمهم، وما بالنا بصغير اختلط القرآن بلحمه ودمه كيف يكون حاله إذا كبر وعقل!
17- الاستفادة من مرافقتهم في تعليمهم وخاصة أمور عقيدتهم.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللهِ يَوْمًا، فَقَالَ: “يَا غُلاَمُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ، احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلاَمُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ”([55]).
18-تذكير أهليهم بتعويدهم على الخير.
حَدَّثَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ: “الْخَيْرُ عَادَةٌ، وَالشَّرُّ لَجَاجَةٌ، وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ”([56]).
قال السندي: “أي المؤمن الثابت على مقتضى الإيمان والتقوى ينشرح صدره للخير فيصير له
عادة، وأما الشر فلا ينشرح له صدره فلا يدخل في قلبه إلا بلجاجة الشيطان والنفس الأمارة، وهذا هو الموافق لحديث: “دع ما يريبك إلى ما لا يريبك والإثم ما حاك في صدرك وإن أفتاك الـمفتون”. والمراد أن الخير موافق للعقل السليم، فهو لا يقبل إلا إياه ولا يميل إلا إليه، بخلاف الشر فإن العقل السليم ينفر عنه ويقبحه. ويحتمل أن المراد بالخير والشر الحق والباطل، وللحق نور في القلب يتبين به أنه الحق، وللباطل ظلمة يضيق بها القلب عن قبوله؛ فلا يدخل فيه إلا بتردد وانقباض للقلب عن قبوله، وهذا هو الموافق للمثل المشهور: “الحق أبلج والباطل لجلج” من غير أن ينفذ، ويحتمل أن يكون هذا بيان ما ينبغي أن يكون المؤمن عليه، أي اللائق بحاله أن يكون الخير عادته والشر مكروها لا يدخل عليه إلا للجاجة”([57])اهـ.
فعلى المسلم أن يتحرى الخيرات ويستكثر منها حتى يعتاد عليها وتسهل عليه، ويعرف بها، ويألفها فيموت عليها ويختم له -بإذن الله- بخاتمة السعداء، وعلى أولياء الأمور تعويد أبنائهم الخير منذ صغيرهم حتى يشبوا عليه ويكون لهم عادة تالفه نفوسهم ويسهل عليهم فعله. كما عليه أن ينفر من الشرور والآفات، ويتباعد عنها، حتى يقوى في قلبه إنكارها ويزيد بغضها، ويفر منها ومن أهلها، فيكون كما أراده الله تعالى من عباده المخلِصين المخلـَصين.
19-الحنو على البنات والتذكير بحسن رعايتهن وفضل ذلك والأجر المترتب عليه.
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ :”مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ حَتَّى تَبْلُغَا، جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَا وَهُوَ” وَضَمَّ أَصَابِعَهُ”([58]).
وعَنْ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ، زَوْجَ النَّبِيِّ حَدَّثَتْهُ قَالَتْ: جَاءَتْنِي امْرَأَةٌ مَعَهَا ابْنَتَانِ تَسْأَلُنِي،
فَلَمْ تَجِدْ عِنْدِي غَيْرَ تَمْرَةٍ وَاحِدَةٍ، فَأَعْطَيْتُهَا فَقَسَمَتْهَا بَيْنَ ابْنَتَيْهَا، ثُمَّ قَامَتْ فَخَرَجَتْ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ فَحَدَّثْتُهُ، فَقَالَ: “مَنْ يَلِي مِنْ هَذِهِ البَنَاتِ شَيْئًا، فَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ، كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنَ النَّارِ”([59]).
قال القرطبي: يفيد هذا الحديث بعمومه أن الستر من النار يحصل بالإحسان إلى واحدة من البنات، فإذا عال زيادة على الواحدة فيحصل له زيادة على السترِ السبقً مع النبي إلى الجنة كما في الحديث السابق([60]).
وَعَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: جَاءَتْنِي مِسْكِينَةٌ تَحْمِلُ ابْنَتَيْنِ لَهَا، فَأَطْعَمْتُهَا ثَلَاثَ تَمَرَاتٍ، فَأَعْطَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تَمْرَةً، وَرَفَعَتْ إِلَى فِيهَا تَمْرَةً لِتَأْكُلَهَا، فَاسْتَطْعَمَتْهَا ابْنَتَاهَا، فَشَقَّتِ التَّمْرَةَ، الَّتِي كَانَتْ تُرِيدُ أَنْ تَأْكُلَهَا بَيْنَهُمَا، فَأَعْجَبَنِي شَأْنُهَا، فَذَكَرْتُ الَّذِي صَنَعَتْ لِرَسُولِ اللهِ ، فَقَالَ: “إِنَّ اللهَ قَدْ أَوْجَبَ لَهَا بِهَا الْجَنَّةَ، أَوْ أَعْتَقَهَا بِهَا مِنَ النَّارِ”([61]).
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ ، قَالَ: ” مَنْ عَالَ ثَلَاثَ بَنَاتٍ يَكْفِيهِنَّ، وَيَرْحَمُهُنَّ، وَيَرْفِقُ بِهِنَّ فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ أَوْ قَالَ: مَعِي فِي الْجَنَّةِ “([62]).
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : “مَنْ وُلِدَتْ لَهُ ابْنَةٌ فَلَمْ يَئِدْهَا، وَلَمْ يُهِنْهَا، وَلَمْ يُؤْثِرْ
وَلَدَهُ عَلَيْهَا يَعْنِي الذُّكُورَ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ”([63]).
وَعَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : “مَنْ كَانَ لَهُ ابْنَتَانِ أَوْ أُخْتَانِ فَأَحْسَنَ إِلَيْهِمَا مَا صَحِبَتَاهُ كُنْتُ أَنَا وَهُوَ فِي الْجَنَّةِ كَهَاتَيْنِ”([64]) : يَعْنِي السَّبَّابَةَ وَالْوُسْطَى
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : “مَنْ كَانَ لَهُ ثَلَاثُ بَنَاتٍ فَصَبَرَ عَلَى لَأْوَائِهِنَّ، وَسَرَّائِهِنَّ، وَضَرَّائِهِنَّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ إِيَّاهُنَّ”، قَالَ رَجُلٌ: وَابْنَتَانِ؟ قَالَ: وَابْنَتَانِ، قَالَ
رَجُلٌ: وَوَاحِدَةٌ؟ قَالَ: وَوَاحِدَةٌ “([65]).
وعَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : ” مَنْ عَالَ ابْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَ بَنَاتٍ، أَوْ أُخْتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَ أَخَوَاتٍ، حَتَّى يَبِنَّ أَوْ يَمُوتَ عَنْهُنَّ، كُنْتُ أَنَا وَهُوَ كَهَاتَيْنِ ” وَأَشَارَ بِأُصْبُعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى”([66]).
قال ابن حجر -رحمه الله-: الثواب المذكور إنما يحصل لفاعله إذا استمر إلى أن يحصل استغناؤهن عنه بزوج أو غيره. وقد جاء أن الثواب المذكور يحصل لمن أحسن لواحدة فقط . وفي الحديث تأكيد حق البنات لما فيهن من الضعف غالبا عن القيام بمصالح أنفسهن بخلاف الذكور لما فيهم من قوة البدن وجزالة الرأي وإمكان التصرف في الأمور المحتاج إليها في أكثر الأحوال([67]).
وفي جملة هذه الأحاديث من الفوائد أيضا: الثواب العظيم لمن قام على البنات بالمؤونة والتربية حتى يتزوجن.. وكذلك الأخوات. وفيها فضل الإيثار على النفس، ورحمة الصغار، ومزيد الإحسان والرفق بالبنات وأن ذلك سبب لدخول الجنة والعتق من النار. وفيها: دليل على فضل من أحسن إلى البنات بالمال، والكسوة، وطيب الخاطر، ومراعاة أنفسهن؛ لأنهن عاجزات قاصرات
قال الشيخ ابن عثيمين: أما هذا الحديث ففيه فضل عول الإنسان للبنات، وذلك أن البنت قاصرة ضعيفة مهينة، والغالب أن أهلها لا يأبهون بها، ولا يهتمون بها، والعول في الغالب يكون بالقيام بمئونة البدن؛ من الكسوة والطعام والشراب والسكن والفراش ونحو ذلك، وكذلك يكون في غذاء
الروح؛ بالتعليم والتهذيب والتوجيه والأمر بالخير والنهي عن الشر وما إلى ذلك([68]).أ.هـ
نتائج البحث
1- على الرغم من حجم الدعوة التي يقوم بها الرَّسُول ، ورغم كثرة المشاغل التي تواجهه والأمور التي يقوم بها من عبادة وتربية وجهاد وتسيير أمور الدولة الإسلامية إلا أنه جعل له وقتاً لتربية أطفال المسلمين، وهذا الوقت المستقطع يعتبر بحد ذاته مكسباً تربوياً.
2- تنوعت أساليب النبي في التعامل مع الأطفال ما بين القول والفعل والإشارة ، فالنبي لم يترك وسيلة تعليمية ولا إرشادية الا واستفاد منها في تعامله مع صغار المسلمين. وهذا يدفع
المربين إلى الاستفادة من كل الطرق والوسائل وتطويعها لتربية النشء.
3- اهتمام الصحابة رضوان الله عليهم بنقل كل هذه الأحاديث في تعاملات النبي مع الصغار دليل على اهتمامهم بهذه السلوكيات التي تربوا عليها.
4- كثير من الأحاديث والمواقف التي نقلت عن النبي في هذا البحث الذين نقلوها هم أصحاب المواقف نفسها وهذا دليل على انهم قد تأثروا أيما تأثر بهذه المواقف من النبي معهم وهم صغار فثبتت في ذاكرتهم وكانت عاملا مهما في تربيتهم تربية صحيحة.
5- على الأمة التي تريد ان تبني مستقبلها أن تعتني أشد العناية بصغارها وتضع لهم مناهج التربية المناسبة فهم الظهير الاستراتيجي لها. وعلى المربين أن يعيدوا النظر في سيرة خير البرية لاستنباط أنجح طرق ووسائل التربية من مصدرها الأصيل الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
قائمة المصادر والمراجع
- أحمد بن حنبل، “المسند”. تحقيق شعيب الأرناؤوط.(ط1،بيروت، مؤسسة الرسالة،2001م)
- البزاز، أبو بكر محمد بن عبد الله. “كتاب الفوائد الشهير ب(الغيلانيات)”. تحقيق: حلمي كامل أسعد. ( ط1، السعودية، دار ابن الجوزي، 1997م)
- ابن بطال، أبو الحسن علي بن بطال، ” شرح صحيح البخاري لابن بطال” تحقيق أبو تميم ياسر بن إبراهيم. ( ط2، السعودية، مكتبة الرشد،2003م)
- ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، ” الإصابة في تمييز الصحابة” تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود، وعلي محمد معوض. ( ط1، بيروت، دار الكتب العلمية، 1415هـ)
- ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، ” فتح الباري شرح صحيح الإمام البخاري”. تحقيق محب الدين الخطيب. (بيروت: دار المعرفة، 1959م).
- ابن عساكر، أبو القاسم علي بن الحسن.” تاريخ مدينة دمشق”. تحقيق: عمرو بن غرامة
العمروي. ( دمشق، دار الفكر، 1995م)
- ابن فارس، أبو الحسين أحمد بن فارس. “معجم مقاييس اللغة”. تحقيق: عبد السلام محمد
هارون. ( ط1، دار الفكر، 1979م)
- البخاري، محمد بن إسماعيل ” الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله وسننه وأيامه”. تحقيق: محمد زهير.( ط1،دار طوق النجاة، 1422هـ)
- البغوي، الحسين بن مسعود. “شرح السنة”. تحقيق شعيب الأرناؤوط. (ط2، بيروت: المكتب الإسلامي، 1983م).
- البكري محمد علي بن محمد بن علان ” دليل الفالحين إلى طرق رياض الصالحين”. عناية: خليل مأمون شيحا. ( ط4، بيروت، دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع، 2004م) 3/88
- أبو بكر بن أبي شيبة. ” الكتاب المصنف في الأحاديث والآثار”. تحقيق: كمال يوسف الحوت. ( ط1، السعودية، الرشد، 1409هـ)
- أبو حاتم محمد بن حبان. “الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان”. تحقيق: شعيب الأرناؤوط. ( ط1، بيروت، الرسالة، 1988م)
- أبو محمد ابن أبي أسامة الحارث بن محمد. “بغية الحارث عن زوائد مسند الحارث”. تحقيق: حسين أحمد صالح الباكري. ( ط1، السعودية، مركز خدمة السنة والسيرة النبوية، 1992م)
- البوطي محمد سعيد رمضان. ” فقه السيرة النبوية مع موجز لتاريخ الخلافة الراشدة”(ط25، دمشق، دار الفكر،1426هـ)
- البيهقي، أبو بكر أحمد بن الحسين الخراساني. “السنن الكبرى”. تحقيق: محمد عبد القادر عطا. ( ط3، بيروت، دار الكتب العلمية، 2003م)
- البيهقي، أبو بكر أحمد بن الحسين الخراساني. “شعب الإيمان”. تحقيق: عبد العلي عبد الحميد حامد. ( ط1، السعودية، مكتبة الرشد للنشر والتوزيع بالرياض بالتعاون مع الدار السلفية ببومباي بالهند، 2003م)
- الترمذي، أبو عيسى محمد بن عيسى . ” سنن الترمذي”. تحقيق: أحمد محمد شاكر، محمد فؤاد عبد الباقي. ( ط2، مصر، شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي، 1975م)
- الترمذي، أبو عيسى محمد بن عيسى. “الشمائل المحمدية”. اخراج وتعليق: محمد أحمد حلاق. ( ط1، بيروت، دار إحياء التراث) 1/142
- الخطابي أبو سليمان حمد بن محمد البستي. “معالم السنن”. ( ط1، سوريا، المطبعة العلمية، 1932م )
- الذهبي، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان. “سير أعلام النبلاء”. ( ط1، القاهرة، دار الحديث 2006)
- السجستاني، سليمان بن الأشعث. “سنن أبي داود”. تحقيق محمد محي الدين. (بيروت: دار الفكر).
- السندي، أبو الحسن نور الدين محمد بن عبد الهادي. ” حاشية السندي على سنن ابن ماجه = كفاية الحاجة في شرح سنن ابن ماجه “. ( بيروت، دار الجيل)
- سهاد عبد الله بني عطا، “المنهج النبوي في تربية الأطفال”. (بحث في مجلة العلوم الإنسانية والاجتماعية، العدد 31/12/ 2017).
- العثيمين محمد بن صالح بن محمد. “شرح رياض الصالحين”. ( ط1، السعودية، دار الوطن للنشر، 1426هـ) 3/105
- العيني، محمود بن أحمد.” عمدة القاري شرح صحيح البخاري”. (ط1، بيروت: دار الكتب العلمية، 2001م).
- القحطاني، مسند مسفر. ” المنهج النبوي للتعامل مع الأطفال”. ( ط1، السعودية، دار ابن الجوزي، 1442هـ) ص 67
- القسطلاني، شهاب الدين أحمد بن محمد المصري “المواهب اللدنية بالمنح المحمدية”. تقديم د. منيع عبد الحليم محمود ( ط1، مصر، مكتبة التوفيقية)
- القزويني، محمد بن يزيد. “سنن ابن ماجه”. تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي. (بيروت: دار الفكر).
- المقدسي، ضياء الدين أبو عبد الله. ” الأحاديث المختارة أو المستخرج من الأحاديث المختارة مما لم يخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما” تحقيق: عبد الملك بن عبد الله بن دهيش. ( ط3، بيروت، دار خضر للطباعة والنشر والتوزيع، 2000م)
- المناوي، عبد الرؤوف . “فيض القدير شرح الجامع الصغير”. ( ط1، مصر، المكتبة التجارية الكبرى، 1356هـ)
- الموصلي، أبو يعلى أحمد بن علي. ” مسند أبي يعلى”. تحقيق: حسين سليم أسد. ( ط1، سوريا، دار المأمون للتراث، 1984م)
- نجيب خالد العامر. “من أساليب الرسول في التربية دراسة تحليلية وبيان ما يستفاد منها في وقتنا الحاضر”. ( ط1، الكويت، البشرى الإسلامية، 1990م)
- النووي، يحيى بن شرف، ” المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج”. (ط2، بيروت: دار إحياء التراث العربي، 1972م).
- النيسابوري، مسلم بن الحجاج. “صحيح مسلم”. تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي. (بيروت: دار إحياء التراث).
- النيسابوري، أبو عبد الله الحاكم . ” المستدرك على الصحيحين” تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا ( ط1، بيروت، دار الكتب العلمية، 1990م)
- https://www.who.int/ar/news-room/factsheets/detail/violence-against-children selfhelpsolutions.homesland.com
- life.familyeducation.com
Margins:
- – أخرجه أحمد بن حنبل. “المسند”. تحقيق شعيب الأرناؤوط.(ط1،بيروت، مؤسسة الرسالة،2001م) حديث رقم 7409 وقال المحقق : إسناده قوي ↑
- – مسلم بن الحجاج النيسابوري. ” صحيح مسلم”. تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي.(ط1، بيروت، دار إحياء التراث 1954م) حديث رقم 262. ↑
- – نفسه حديث رقم 2316. ↑
- – البوطي محمد سعيد رمضان. ” فقه السيرة النبوية مع موجز لتاريخ الخلافة الراشدة”(ط25، دمشق، دار الفكر،1426هـ) 21، 22 بتصرف . والآية من سورة [الأحزاب:21] ↑
- – محمد بن إسماعيل البخاري ” الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه”. تحقيق: محمد زهير.( ط1،دار طوق النجاة، 1422هـ) حديث رقم 5884 ، وصحيح مسلم- مصدر سابق حديث رقم 2421 ، وحديث رقم 2421، معاني الكلمات الواردة في الحديث: قوله: “أي لُكَع”، قال السندي: المراد هاهنا الصغير، وهو لغةً: العبد، ثم استعمل في الأمة والصغير. وقال البغوي في شرح السنة : قوله: أي لكع، سئل بلال بن جرير، عن لكع، فقال: هي في لغتنا: الصغير، وإلى هذا ذهب الحسن إذا قال للإنسان: يا لكع، يريد يا صغيرا في العلم، فسماه لكعا لصباه وصغره. ونقل ابن حجر عن الأصمعي قوله: اللكع الذي لا يهتدي لمنطق ولا غيره. قال الأزهري: وهذا القول أرجح الأقوال هنا؛ لأنه أراد أن الحسن صغير لا يهتدي لمنطق، ولم يرد أنه لئيم ولا عبد. قال ابن حجر: قوله فحبسته شيئا أي منعته من المبادرة إلى الخروج إليه قليلا، والفاعل فاطمة. “والسَخاب”: بكسر مهملة: خيط يُنظَم فيه خرز يلبسه الصبيان، أو قلادة تُتَّخذ من قرنفل ومسك ونحوه. وقال الخطابي: هي قلادة تتخذ من طيب ليس فيها ذهب ولا فضة. وروى الإسماعيلي عن بن أبي عمر أحد رواة هذا الحديث قال السخاب شيء يعمل من الحنظل كالقميص والوشاح. ومن فوائد الحديث ما قاله ابن بطال: أنه يجوز أن يجعل في أعناق الصبيان سخاب القرنفل والمسك والطيب، وشبهه مما يحل للرجال. وقال ابن حجر: وفي الحديث ورحمة الصغير والمزاح معه ومعانقته وتقبيله. ابن بطال، أبو الحسن علي بن بطال، ” شرح صحيح البخاري لابن بطال” تحقيق أبو تميم ياسر بن إبراهيم. ( ط2، السعودية، مكتبة الرشد،2003م) 9/193. ” فتح الباري شرح صحيح الإمام البخاري”. تحقيق محب الدين الخطيب (بيروت: دار المعرفة، 1959م)،4/342 ↑
- – صحيح البخاري، مصدر سابق حديث رقم 5997، وصحيح مسلم، مصدر سابق حديث رقم 2318. فقه الحديث: دل هذا الحديث على مشروعية معانقة الأطفال وتقبيلهم، وكونه سنة مستحبّة. قال بن بطال: يجوز تقبيل الولد الصغير في كل عضو منه وكذا الكبير عند أكثر العلماء ما لم يكن عورة وتقدم في مناقب فاطمة عليها السلام أنه كان يقبلها وكذا كان أبو بكر يقبل ابنته عائشة. فتح الباري، مصدر سابق 10/ 427 ↑
- – صحيح البخاري، مصدر سابق حديث رقم 5998 ↑
- – المصدر السابق حديث رقم 1303 ↑
- – المصدر السابق حديث رقم 2351، فقه الحديث: قال ابن بطال: وفيه من الفقه: أن من وجب له حق أنه لا يؤخذ منه إلا عن إذنه، فلذلك قال الغلام: (والله يا رسول الله، لا أوثر بنصيبي منك أحدًا) تبركًا بفضله . قال المهلب: واستئذانه صاحب اليمين من باب التأدب لفضل السن، فلو أذن الشاب الذى على اليمين لكان من المؤثرين على أنفسهم، وإذ لم يأذن وتشاح في نصيبه من النبي فله ما شح عليه من شريف المكان وفى هذا دليل أنه من يسبق إلى مجالسة الإمام والعالم أنه لا يقام لمن هو أسن منه، لأن النبي – عليه السلام – لما لم يقم ذلك الأعرابي لأبى بكر ولا الغلام للشيخ، علم أن من سبق إلى المواضع عند العالم أو المسجد أو غيره مما حقوق الناس فيه متساوية أنه أحق به . ” شرح صحيح البخاري لابن بطال” مصدر سابق 6/75، وقال العيني وَفِيه: أَن من اسْتحق شَيْئا من الْأَشْيَاء لم يدْفع عَنهُ، صَغِيرا كَانَ أَو كَبِيرا، إِذا كَانَ مِمَّن يجوز إِذْنه. محمود بن أحمد العيني، ” عمدة القاري شرح صحيح البخاري”. (ط1، بيروت: دار الكتب العلمية، 2001م). 12/191 ↑
- – سهاد عبد الله بني عطا، “المنهج النبوي في تربية الأطفال”. (بحث في مجلة العلوم الإنسانية والاجتماعية، العدد 31/12/ 2017). ↑
- – ابن عساكر أبو القاسم علي بن الحسن.” تاريخ مدينة دمشق”. تحقيق: عمرو بن غرامة العمروي. ( دمشق، دار الفكر، 1995م) 20/385 ↑
- – صحيح البخاري، مصدر سابق حديث 6247، صحيح مسلم، مصدر سابق حديث رقم 2168، مسند أحمد، مصدر سابق حديث رقم 12724، أبو بكر محمد بن عبد الله البزاز. “كتاب الفوائد الشهير ب(الغيلانيات)”. تحقيق: حلمي كامل أسعد. ( ط1، السعودية، دار ابن الجوزي، 1997م) حديث رقم 806، فقه الحديث: قال ابن بطال : سلام النبي على الصبيان من خلقه العظيم، وأدبه الشريف وتواضعه عليه السلام، وفيه تدريب لهم على تعليم السنن، ورياضة لهم على آدابه الشريعة ليبلغوا حد التكليف وهم متأدبون بأدب الإسلام، وقد كان عليه السلام يمازح الصبيان ويداعبهم ليقتدى به في ذلك، فما فعل شيئًا وان صغير إلا ليسن لأمته الاقتداء به، والاقتداء لأثره، وفى ممازحته للصبيان تذليل النفس على التواضع ونفى التكبر عنها. وقال النووي: الغلمان هم الصبيان بكسر الصاد على المشهور وبضمها ففيه استحباب السلام على الصبيان المميزين والندب إلى التواضع وبذل السلام للناس كلهم وبيان تواضعه وكمال شفقته على العالمين. شرح صحيح البخاري لابن بطال، مصدر سابق 9/27، النووي يحيى ابن شرف ، ” المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج”.(ط2، بيروت: دار إحياء التراث العربي، 1972م) 14/149 ↑
- – حديث صحيح. أبو حاتم محمد بن حبان. “الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان”. تحقيق: شعيب الأرناؤوط. ( ط1، بيروت، الرسالة، 1988م) حديث رقم 459، فقه الحديث: قال المناوي : أي كان له اعتناء بفعل ذلك معهم أكثر منه مع غيرهم وإلا فهو كان يفعل ذلك مع غيرهم أيضا وكان يتعهد أصحابه جميعا ويزورهم. المناوي، عبد الرؤوف . “فيض القدير شرح الجامع الصغير”. ( ط1، مصر، المكتبة التجارية الكبرى، 1356هـ) 5/216 ↑
- – صحيح مسلم، مصدر سابق، حديث رقم 2329 . فقه الحديث: قال النووي: وفي مسحه الصبيان بيان حسن خلقه ورحمته للأطفال. وجؤنة العطار هي: السقط الذي فيه متاع العطار. المنهاج، مصدر سابق 15/85 ↑
- – حديث حسن. أبوداود سليمان بن الأشعث. “سنن أبي داود” تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد. ( ط1، بيروت، المكتبة العصرية) حديث رقم 4235 ↑
- – أبو عبد الله محمد بن يزيد القزويني. ” سنن ابن ماجه” تحقيق: شعيب الأرناؤوط ( ط1، بيروت، دار الرسالة العالمية، 2009م) حديث رقم 144، وأحمد في مسنده، مصدر سابق حديث رقم 17561، النيسابوري، أبو عبد الله الحاكم . ” المستدرك على الصحيحين” تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا ( ط1، بيروت، دار الكتب العلمية، 1990م) حديث رقم 4820 وقال الذهبي: صحيح. ↑
- – حديث حسن. أبو بكر بن أبي شيبة. ” الكتاب المصنف في الأحاديث والآثار”. تحقيق: كمال يوسف الحوت.( ط1، السعودية، الرشد، 1409هـ) حديث رقم 32193. وتَرَقَّ : بمعنى اصْعَد . وعَيْن بَقَّة : كناية عن صِغَر العين ↑
- – المصنف لابن أبي شيبة، مصدر سابق، حديث رقم 32194 ↑
- – أبو محمد ابن أبي أسامة الحارث بن محمد. “بغية الحارث عن زوائد مسند الحارث”. تحقيق: حسين أحمد صالح الباكري. ( ط1، السعودية، مركز خدمة السنة والسيرة النبوية، 1992م) حديث رقم 992 ↑
- – مسند أحمد، مصدر سابق حديث رقم 1836، وأورده الحافظ ابن حجر في “تهذيب التهذيب” 8/421، ونسبه للبغوي عن داود ابن عمر، عن جرير، ثم قال: وهو مرسل جيد الإسناد! ↑
- – المصنف لابن أبي شيبة، مصدر سابق، حديث رقم 32195 ↑
- – صحيح البخاري، مصدر سابق، حديث رقم 5996 ↑
- – حديث صحيح . المقدسي، ضياء الدين أبو عبد الله. ” الأحاديث المختارة أو المستخرج من الأحاديث المختارة مما لم يخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما” تحقيق: عبد الملك بن عبد الله بن دهيش. ( ط3، بيروت، دار خضر للطباعة والنشر والتوزيع، 2000م) حديث رقم 147 ↑
- – نفسه، وصححه الألباني في الصحيحة رقم(2141) ↑
- – والحديث أخرجه البخاري في صحيحه، مصدر سابق، حديث رقم 77. ↑
- – ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، ” الإصابة في تمييز الصحابة” تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود، وعلي محمد معوض. ( ط1، بيروت، دار الكتب العلمية، 1415هـ) 8/160، القسطلاني، شهاب الدين أحمد بن محمد المصري “المواهب اللدنية بالمنح المحمدية”. تقديم د. منيع عبد الحليم محمود ( ط1، مصر، مكتبة التوفيقية) 2/125 ↑
- – صحيح البخاري، مصدر سابق، حديث رقم 3947، صحيح مسلم، مصدر سابق، حديث رقم 2150، والنغير طائر كان يلعب به. ↑
- – فتح الباري، مصدر سابق، 4/584 ↑
- – الترمذي، أبو عيسى محمد بن عيسى. “الشمائل المحمدية”. اخراج وتعليق: محمد أحمد حلاق. ( ط1، بيروت، دار إحياء التراث) 1/142 ↑
- – نجيب خالد العامر. “من أساليب الرسول في التربية دراسة تحليلية وبيان ما يستفاد منها في وقتنا الحاضر”. ( ط1، الكويت، البشرى الإسلامية، 1990م) ص 96 وما بعدها. ↑
- – صحيح مسلم، مصدر سابق، حديث رقم 2428 ↑
- – صحيح البخاري، مصدر سابق، حديث رقم 1798 ↑
- – المنهاج، مصدر سابق، 15/179 ↑
- – صحيح البخاري، مصدر سابق، حديث رقم 5467 ↑
- – صحيح مسلم، مصدر سابق، حديث رقم 2145 ↑
- – حديث صحيح أخرجه المقدسي في المختارة، مصدر سابق، حديث رقم 144 ↑
- – المنهاج، مصدر سابق، 14/126 ↑
- – صحيح البخاري، مصدر سابق، حديث رقم 3371 فقه الحديث ومعاني كلماته: قال الخطابي: الهامة إحدى الهوام وذوات السموم كالحية والعقرب ونحوهما وقوله من كل عين لامة معناه ذات لمم. وقال العيني : قَوْله: (بِكَلِمَات الله) إِمَّا بَاقِيَة على عمومها فالمقصود هَهُنَا: كل كلمة لله، وَإِمَّا مَخْصُوصَة بِنَحْوِ المعوذتين، وَقَالَ الْهَرَوِيّ: الْقُرْآن. والتامة: صفة لَازِمَة، إِذْ كل كَلِمَاته تَامَّة، وَقيل: المُرَاد بالتامة الْكَامِلَة، وَقيل: النافعة، وَقيل: الشافية، وَقيل: الْمُبَارَكَة، وَقيل: القاضية الَّتِي تمْضِي وتستمر وَلَا يردهَا شَيْء وَلَا يدخلهَا نقص وَلَا عيب، وَقَالَ ابْن التِّين: التَّام فَضلهَا وبركاتها. قَوْله: (من كل شَيْطَان) قَالَ الدَّاودِيّ: يدْخل فِيهِ شياطين الْإِنْس وَالْجِنّ. قَوْله: (وَهَامة) ، بتَشْديد الْمِيم وَاحِدَة الْهَوَام ذَوَات السمُوم، وَقيل: كل مَا لَهُ سم يقتل، وَأما مَا لَا يقتل فَيُقَال لَهَا: سوام، وَقيل: المُرَاد كل نسمَة تهم بِسوء، وَقَالَ ابْن فَارس: الْهَوَام حشرات الأَرْض. وَقَالَ الْهَرَوِيّ: الْهَوَام الْحَيَّات وكل ذِي سم يقتل، وَقد تقع الهامة على مَا يدب من الْحَيَوَان. قَوْله: (لَامة) ، الْعين اللاَّمة هِيَ الَّتِي تصيب بِسوء، وَقيل: اللاَّمة الملمة، وَإِنَّمَا أَتَى بهَا على فاعلة للمزاوجة، وَيجوز أَن تكون على ظَاهرهَا بِمَعْنى: جَامِعَة للشر على المعيون، من لمه إِذا جمعه، وَقَالَ أَبُو عبيد: أَصْلهَا من أَلممْت إلماماً بالشَّيْء: نزلت بِهِ، وَلم يقل: ملمة، كَأَنَّهُ أَرَادَ بهَا ذَات لمَم، وَقَالَ الْخطابِيّ: اللامة ذَات اللمم، وَهِي كل دَاء مر، وَآفَة تلم بالإنسان من جُنُون وخبل وَنَحْوه، وَقَالَ الدَّاودِيّ: هِيَ كل عين تصيب الْإِنْسَان إِذا حلت بِهِ. الخطابي أبو سليمان حمد بن محمد البستي. “معالم السنن”. ( ط1، سوريا، المطبعة العلمية، 1932م ) 4/332، عمدة القاري للعيني، مصدر سابق، 15/265 ↑
- – صحيح مسلم، مصدر سابق، حديث رقم 2429 ↑
- – نفسه حديث رقم 2146 ↑
- – الذهبي، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان. “سير أعلام النبلاء”. ( ط1، القاهرة، دار الحديث 2006) 1/301 ↑
- – المنهاج، مصدر سابق، 14/126 ↑
- – صحيح البخاري، مصدر سابق، حديث رقم 4302 ↑
- – القحطاني، مسند مسفر. ” المنهج النبوي للتعامل مع الأطفال”. ( ط1، السعودية، دار ابن الجوزي، 1442هـ) ص 67 ↑
- – فتح الباري لابن حجر، مصدر سابق، 8/23 ↑
- – البيهقي، أبو بكر أحمد بن الحسين الخراساني. “السنن الكبرى”. تحقيق: محمد عبد القادر عطا. ( ط3، بيروت، دار الكتب العلمية، 2003م) حديث رقم 4284 ، الْقَلِيَّةَ: مرقة تصنع من لحوم الجزور وأكبادها. والْخِشْكِنَانْجَ: معرب من خشك ناتك وهو خبز يعمل من دقيق البر ويعجن بزيت السمسم. وفي هذا الأثر دليل على أن هؤلاء الأطفال كانوا صغارًا تستهويهم الأطعمة الشهية. ↑
- – الموصلي، أبو يعلى أحمد بن علي. ” مسند أبي يعلى”. تحقيق: حسين سليم أسد. ( ط1، سوريا، دار المأمون للتراث، 1984م) حديث رقم 1463 وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: رجاله ثقات. ↑
- – صحيح مسلم، مصدر سابق، حديث رقم 2310 ↑
- – نشرت منظمة الصحة العالمية على موقعها الالكتروني تحت عنوان العنف ضد الأطفال بعض الحقائق والآثار الجانبية لتأثير العنف على الطفال: يؤثِّر العنف ضد الأطفال على تمتّع الأطفال والأُسَر والمجتمعات المحلية والدول بالصحة والعافية طيلة العمر. فالعنف ضد الأطفال قد: 1- يؤدي إلى الوفاة. القتل الخطأ، الذي غالباً ما ينطوي على أسلحة كالأسلحة البيضاء والأسلحة النارية مثلاً، من بين أعلى ثلاثة أسباب للوفاة لدى المراهقين، حيث يشكّل الفتيان أكثر من 80% من الضحايا والجُناة.2- يُفضي إلى إصابات وخيمة. في كل حالة قتل خطأ، يتعرّض مئات من ضحايا عنف الشباب وغالبيتهم من الذكور لإصابات بسبب المشاحنات والاعتداءات الجسدية. 3- يُضعِف النمو العقلي ونمو الجهاز العصبي. التعرّض للعنف في مرحلة عمريّة مبكرة يمكن أن يُضعِف النمو العقلي وأن يضرّ بأجزاء أخرى من الجهاز العصبي، فضلاً عن الغدد الصمّاء، والدورة الدموية، والنسيج العضلي الهيكلي، والأجهزة التناسلية والتنفّسية والمناعيّة، مع ما يترتّب على ذلك من عواقب ممتدّة طيلة العمر. وعليه فإن العنف ضد الأطفال يمكن أن يؤثّر سلباً على النمو الإدراكي وأن يؤدي إلى ضعف مستوى التحصيل الدراسي والإنجاز المهني . 4- يؤدي إلى تكيّف سلبي وسلوكيات تنطوي على مخاطر صحية. من الأرجح كثيراً أن يتّجه الأطفال المعرّضون للعنف والأعمال العدائية الأخرى إلى التدخين، وإساءة استعمال الكحول والمخدرات، والانخراط في سلوك جنسي شديد الخطورة. كما ترتفع لديهم معدلات القلق والاكتئاب والمشاكل الصحية النفسية الأخرى والانتحار. 5- يفضي إلى حالات حمل غير مقصودة، وعمليات إجهاض مستحثّة، ومشاكل تتعلق بأمراض النساء، وحالات عدوى منقولة جنسياً، بما في ذلك الإصابة بفيروس العوز المناعي البشري. 6- يسهم في الإصابة بطائفة عريضة من الأمراض غير السارية مع تقدّم الأطفال في العمر. وتُعزى المخاطر المتزايدة للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان والداء السكري وغيرها من الأوضاع الصحية بدرجة كبيرة إلى التكيّف السلبي والسلوكيات المنطوية على مخاطر صحية والتي ترتبط بالعنف. 7- يؤثّر على الفرص السانحة والأجيال المقبلة. من الأرجح أن يتسرّب الأطفال المعرّضون للعنف والأعمال العدائية الأخرى من المدارس، كما يواجهون صعوبات في إيجاد فرص عمل والحفاظ عليها، ويتعرّضون لمخاطر متصاعدة بالوقوع ضحايا للإيذاء و/أو ارتكاب عنف شخصي وموجّه للذات لاحقاً، وبذلك يمكن أن يؤثّر العنف ضد الأطفال على الجيل التاليhttps://www.who.int/ar/news-room/fact sheets/detail/violence-against-children ↑
- – صحيح البخاري، مصدر سابق، حديث رقم 5376 ↑
- – نفسه حديث رقم 5993 ↑
- – نفسه حديث رقم 5823. فقه الحديث: قال ابن حجر: أم خالد بنت خالد هي: أمة بفتح الهمزة والميم مخففا كنيت بولدها خالد بن الزبير بن العوام، وكان الزبير تزوجها فكان لها منه خالد وعمرو ابنا الزبير. وذكر ابن سعد أنها ًولِدَت بأرض الحبشة وقدمت مع أبيها بعد خيبر وهي تعقل. وأخرج من طريق أبي الأسود المدني عنها قالت: كنت ممن أَقرَأَ النبيَّ من النجاشي السلام. وأبوها خالد بن سعيد بن العاص بن أمية أسلم قديما ثالث ثلاثة أو رابع أربعة واستشهد بالشام في خلافة أبي بكر أو عمر. قوله: “أتي النبي بثياب” لم أقف على تعيين اسم الجهة التي حضرت منها الثياب المذكورة. قوله:” فأتي بها تحمل” كذا فيه، وفيه التفات أو تجريد، ووقع في رواية أبي الوليد فأًتِيَ بي النبي ، وفيه إشارة إلى صغر سنها إذ ذاك، ولكن لا يمنع ذلك أن تكون حينئذ مميزة. وقوله: “أبلي” بفتح الهمزة وسكون الموحدة وكسر اللام أمر بالإبلاء، وكذا قوله: “أخلقي” بالمعجمة والقاف أمر بالإخلاق وهما بمعنى، والعرب تطلق ذلك وتريد الدعاء بطول البقاء للمخاطب بذلك، أي أنها تطول حياتها حتى يبلى الثوب ويخلق. قال الخليل: أبل وأخلق معناه: عش وخرق ثيابك، وارقعها. وأخلقت الثوب أخرجت باليه ولفقته. فتح الباري، مصدر سابق، 10/280 ↑
- – فتح الباري، مصدر سابق، 10/425 ↑
- – حديث صحيح. أبو بكر البيهقي أحمد بن الحسين الخراساني. “شعب الإيمان”. تحقيق: عبد العلي عبد الحميد حامد. ( ط1، السعودية، مكتبة الرشد للنشر والتوزيع بالرياض بالتعاون مع الدار السلفية ببومباي بالهند، 2003م) برقم 1799 ↑
- – حديث صحيح. الترمذي، أبو عيسى محمد بن عيسى. ” سنن الترمذي”. تحقيق: أحمد محمد شاكر، محمد فؤاد عبد الباقي. ( ط2، مصر، شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي، 1975م) برقم 2516 ↑
- – حديث حسن أخرجه ابن ماجه في سننه، مصدر سابق، برقم 221، ومعنى قوله:” الشر لجاجة”: اللجاجة في اللغة بمعنى التردد وعدم الثبات، قال ابن فارس: “اللام والجيم أصل صحيح يدل على تردد الشيء بعضه على بعض، وترديد الشيء، يقال: لجلج الرجل المضغة في فيه إذا رددها ولم يسغها، ويقولون: في فؤاد فلان لجاجة، وهو أن يخفق لا يسكن من الجوع”. ابن فارس، أبو الحسين أحمد بن فارس. “معجم مقاييس اللغة”. تحقيق: عبد السلام محمد هارون. ( ط1، دار الفكر، 1979م) 5/201 ↑
- – السندي، أبو الحسن نور الدين محمد بن عبد الهادي. ” حاشية السندي على سنن ابن ماجه = كفاية الحاجة في شرح سنن ابن ماجه “. ( بيروت، دار الجيل) 1/96 ↑
- – صحيح مسلم، مصدر سابق، حديث رقم 2631. معاني الكلمات وفقه الحديث: (حتى تبلغا) أي: تدركا البلوغ أو تصلا إلى زوجهما (جاء يوم القيامة أنا وهو كذلك) جملة حالية بغير واو أي: جاء مصاحبا لي (وضم أصابعه) أي: أصبعيه. قال النووي: ومعنى عالهما قام عليهما بالمؤنة والتربية ونحوهما مأخوذ من العول وهو القرب ومنه ابدأ بمن تعول. المنهاج، مصدر سابق، 17/180 ↑
- – صحيح البخاري، مصدر سابق، حديث رقم 5995. معاني الكلمات : قال ابن حجر: قوله (من يلي من هذه البنات شيئا ) كذا للأكثر بتحتانية مفتوحة أوله من الولاية، وللكشميهني بموحدة مضمومة من البلاء، وفي رواية الكشميهني أيضا بشيء وقواه عياض وأيده برواية شعيب بلفظ: من ابتلي. واختلف في المراد بالابتلاء هل هو نفس وجودهن أو ابتلي بما يصدر منهن، وكذلك هل هو على العموم في البنات أو المراد من اتصف منهن بالحاجة إلى ما يفعل به. قوله ( فأحسن إليهن ) هذا يشعر بأن المراد بقوله في أول الحديث من هذه أكثر من واحدة.أ. هـ فتح الباري- مصدر سابق، 10/428. ومعنى (من بلي) : ليس المراد به هنا بلوى الشر، لكن المراد: من قدر له، كما قال الله تعالى: (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) [الأنبياء: 35] يعني من قدر له ابنتان فأحسن إليهما كن له ستراً من النار يوم القيامة، يعني أن الله تعالى يحجبه عن النار بإحسانه إلى البنات؛ لأن البنت ضعيفة لا تستطيع التكسب، والذي يكتسب هو الرجل، قال الله تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ) [النساء: 34] . ↑
- – البكري محمد علي بن محمد بن علان ” دليل الفالحين إلى طرق رياض الصالحين”. عناية: خليل مأمون شيحا. ( ط4، بيروت، دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع، 2004م) 3/88 ↑
- – صحيح مسلم، مصدر سابق، حديث رقم 2630. ↑
- – المصنف لابن أبي شيبة، مصدر سابق، برقم 25434 ↑
- – نفسه برقم 25435 ↑
- – صحيح. نفسه برقم 25436 ↑
- – صحيح. نفسه برقم 25440 ↑
- – صحيح. أخرجه أحمد في مسنده، مصدر سابق، برقم 12489 ↑
- – فتح الباري، مصدر سابق، 10/428 ↑
-
– العثيمين محمد بن صالح بن محمد. “شرح رياض الصالحين”. ( ط1، السعودية، دار الوطن للنشر، 1426هـ) 3/105 ↑