دور الإدارة المدرسية في تفعيل برامج الصحة المدرسية في مدارس التعليم العام في مكة المكرمة في ضوء التجارب العالمية

رضية بنت صالح بن محمد الخطابي1 د. نادية محارب بلاعس العتيبي2

1 مساعدة مدير الشؤون الصحية المدرسية بتعليم منطقة مكة المكرمة، المملكة العربية السعودية.

2 مشرفة الشؤون الصحية المدرسية بتعليم منطقة مكة المكرمة، المملكة العربية السعودية.

HNSJ, 2023, 4(12); https://doi.org/10.53796/hnsj412/4

Download

تاريخ النشر: 01/12/2023م تاريخ القبول: 02/11/2023م

المستخلص

هدفت هذه الدراسة النظرية إلى التعرف على دور الإدارات المدرسية، في مدارس التعليم العام في مكة المكرمة، بتفعيل برامج الصحة المدرسية التي تتبناها وزارة التربية والتعليم، وفي ضوء نخبة من تجارب العالم المتميزة في هذا المجال، والوقوف على التجربة السعودية من خلال الرجوع إلى الخطة التشغيلية المشتركة لبرامج الصحة المدرسية لعام 1445ه (الخطة المشتركة للبرامج الصحية المدرسية، 1445ه)، وحقيبة الموجه الصحي بتعليم مكة المكرمة 1445ه (حقيبة الموجه/ة الصحي/ة، 1445)، والدليل الإرشادي لتأهيل الموجهين الصحيين للعام الدراسي 1445ه (الدليل الإرشادي لتأهيل الموجهين الصحيين، 1445 ه). وتم الاطلاع على الاتجاهات العالمية حيث تبين أن برامج الصحة المدرسية في المملكة تحاكي إلى حد مرض تلك التجارب الدولية، وأن المدارس في منطقة مكة تعمل على تفعيل تلك البرامج كما يطلب منها كونها تخضع لنظام التقييم والمساءلة.

وأكدت نتائج الدراسة على دور الأنظمة التربوية في مكة المكرمة في تفعيل وتحقيق أهداف التربية الصحية وبرامجها المختلفة، وخاصة دور هذه الأنظمة في الارتقاء بصحة الطلبة والكوادر التدريسية والإدارية، والحد من انتشار الأمراض السارية والمعدية والتصدي لها، وبالمقارنة العادلة بين برامج الصحة المدرسية والبرامج العالمية للصحة في الأنظمة العالمية المتطورة، وتتفق برامج الصحة المدرسية في مكة المكرمة مع جميع البرامج الصحة المدرسية في جميع الدول، على ضرورة رفع الوعي الصحي والتثقيف المستمر للطلبة وهو ما لا يتعارض مع أهداف البرامج الصحية في المملكة السعودية، وقدمت الدراسة مجموعة من التوصيات الهادفة إلى تعزيز دور الإدارة المدرسية في تفعيل برامج الصحة المدرسية في مدارس التعليم العام في مكة المكرمة.

الكلمات المفتاحية: الإدارة المدرسية، البرامج الصحية، التجارب الدولية، مدارس التعليم العام.

Research title

The role of school administration in activating school health programs in general education schools in Makkah Al-Mukarramah in light of international experiences

Radhya bint Saleh bin Mohammed Al-Khattabi1 Dr. Nadia Muhareb Belais Al-Otaibi2

1 Assistant Director of School Health Affairs in Makkah Al-Mukarramah Region Education, Kingdom of Saudi Arabia.

2 Supervisor of school health affairs in education in the Makkah Al-Mukarramah region, Kingdom of Saudi Arabia.

HNSJ, 2023, 4(12); https://doi.org/10.53796/hnsj412/4

Published at 01/12/2023 Accepted at 02/11/2023

Abstract

This theoretical study aimed to identify the role of school administrations, in public education schools in Makkah Al-Mukarramah, in activating school health programs adopted by the Ministry of Education. It is done in light of a group of outstanding world experiences in this field, in addition to examining the Saudi experience by referring to the joint operational plan for school health programs for the year 1445 AH (the joint plan for school health programs, 1445 AH), and the health supervisor’s portfolio in education sector in Makkah, 1445 AH (Health Supervisor Portfolio, 1445), and the guide manual for qualifying health supervisors for the Academic Year 1445 AH (The Guide Manual for Qualifying Health Supervisors, 1445 AH). Global trends were also reviewed, and it was found that school health programs in the Kingdom are similar, to a satisfactory extent, to international experiences, and that schools in the Makkah region are working to activate these programs as they are required to do, since they are subject to a system of evaluation and accountability.

The results of the study emphasized the role of educational systems in Makkah Al-Mukarramah in activating and achieving the goals of health education and its various programs, especially the role of these systems in improving the health of students and administrative and teaching staff, in addition to reducing the spread of communicable and infectious diseases and responding to them, and in a fair comparison between school health programs and the international health programs in developed global systems. The school health programs in Makkah Al-Mukarramah agree with school health programs in all countries on the necessity of raising health awareness and continuous education for students, which does not contradict with the goals of health programs in the Kingdom of Saudi Arabia. The study presented a number of recommendations aimed at strengthening the role of school administration in activating school health programs in public education schools in Makkah Al-Mukarramah.

Key Words: Keywords: school administration, health programs, international experiences, public education schools.

المقدمة

عنيت الأنظمة التعليمية في العصر الحديث بالاهتمام وتقديم الرعاية المتكاملة للطلبة، من جميع النواحي العقلية والنفسية والجسدية، فكان لزاما عليها أن توظف الإمكانات اللازمة لذلك، من خلال الكوادر الإدارية والتدريسية التي تقوم بتقديم الخدمات التربوية والتعليمية، وأقسام الإرشاد النفسي والاجتماعي الذي يتولى فيه الأخصائيون تقديم الرعاية النفسية، والاجتماعية للطلبة في الفئات العمرية المستهدفة، حيث أن الطلبة يقعون ضمن أعمار حرجة سواء في مراحل الطفولة المبكرة، أو سن المراهقة وما يرافقه من تغييرات جسدية ونفسية تشكل تحديات للنظم التعليمية والأسر والمجتمع، ثم الرعاية الجسدية والتي تلزم بها المدارس، بالإضافة إلى حصص الرياضة، والتوعية الصحية من خلال الفعاليات التدريسية، إلا أنها تتطلب دورا مهما تقوم به أقسام ودوائر خاصة على مستوى المدارس والمديرات ووزارات التربية والتعليم, تقدم من خلاله رعاية صحية متكاملة تردف بذلك دور الأسرة في حماية الأطفال والطلبة من الأمراض والعوارض الصحية، وتحافظ على أجسادهم سليمة معافاة ما كان ذلك بالإمكان.

بدأت دول العالم جميعها بتضمين الصحة المدرسية وبرامجها المختلفة ضمن أنظمتها التربوية، وذلك لتقديم الرعاية الصحية بشقيها الصحة العامة وصحة الفم والأسنان، وحماية الطلبة من الأمراض وخاصة المعدية منها في ظل تواجدهم في مجمعات بشرية كبيرة وفي نطاقات مكانية صغيرة مساحيًا، وخاصة بعد أن أولت المؤسسات والمنظمات الدولية، كمنظمة الصحة الدولية واليونسكو جل اهتماماتها للصحة المدرسية وأقرت لذلك أقسام وكوادر وميزانيات ضخمة (هواري، 2020)، وخاصة عندما تبنت تلك المؤسسات شعارات من مثل” الصحة للجميع” و”التعليم للجميع”.

وتُعد القيادة المدرسية من أهم الدعامات التي يركن إليها في نجاح البرامج الصحية في المدارس، ويقع على عاتقها الكثير من المهام وتواجه العديد من التحديات التي يتوجب عليها تذليلها في سبيل إنجاح تلك البرامج، ولتقوم بدورها وتحقق أهدافها، فهي تتولى العمليات الإدارية التي تتضمن التخطيط والتوجيه وتنسيق جهود المعلمين والإداريين والفرق الصحية ولجانها، لتقوم بأعمالها على احسن وجه (السالمي وحسين، 2021).

وقد اكد العلماء وجوب التحكم بالأمراض والعوارض الصحية رغم أن المرجعيات الجينية تتحكم بها، إلا أن نمط الحياة قد يمكن الإنسان من السيطرة على مدى انتشارها بين الجماعات ومدى تأثيرها على الفرد، وأن البشر يمكنهم أن يحدوا من تطور وانتشار الأمراض من خلال التربية الصحية (الأسود واللوم، 2012).

تعتبر الصحة داعمًا قويًا للتعليم الفعال، حيث قيل سابقا أن العقل السليم في الجسد السليم، وحيث أن المدارس تشكل اكبر تجمع للناس وضمن فئات عمرية حساسة، وبحاجة إلى توعية وتربية مستمرة في كافة المجالات ولا سيما الصحية منها، ولأن هذه الفئات العمرية تنتسب لعدد كبير من الأسر التي تشكل نواة المجتمع، فان أي خلل صحي قد يعتريها قد يشكل خطرا وطنيا يهدد الصحة العامة، ومن هنا نلاحظ أن تلك البرامج لا تعنى فقط بالتثقيف، وإنما تتعداه إلى تقديم الرعاية الصحية، وتظهر علاقة ارتباطية قوية بين الصحة والتحصيل العلمي، فعندما يتعرض الطالب لعوارض صحية تجبره على التغيب عن المدرسة وقد تسوء حالته مما يدفعه للانقطاع عن التزود بالعلم، يسبب فشلا وتدنيا بالمستوى التحصيلي (Steven et al., 2015).

وترى الأنظمة التعليمية أن من مهامها وأهدافها حماية الشباب من الآفات الاجتماعية، كالإدمان على المخدرات والكحول والدخان، وهو ما يتفق مع رؤى برامج الرعاية الصحية، التي تنادي بتكاتف جهود التربويين ومختصي الرعاية الصحية مع إدارات المدارس في عقد ورش تدريبية ومحاضرات توعوية للوقاية من وقوع الطلبة في شرك هذه الأمراض، التي ترهقهم صحيًا، وترهق أسرهم والمجتمع وميزانيات الدول في تكلفة الاستشفاء والتعافي منها مستقبلًا (فضة، 2012).

مشكلة الدراسة:

تعد المدرسة نواة صغيرة للمجتمع، بل هي مجتمعات كاملة مصغرة تتألف من فئات تتفاوت بالأعمار والسلوكيات والخلفيات المجتمعية، والاهتمامات، ولذا فان أي جهد للحفاظ على المجتمع سليما معافا لا بد أن يبدأ من الأسرة والمجتمع، ولأن كل تلميذ هو سفير لأسرته في المدرسة فهو مؤثرا ومتأثرا بالضرورة بكل ما يجري داخل المدرسة، وخاصة أن غالبية الفئات العمرية في المدارس هي من المراهقين، وهم اكثر الفئات العمرية التي تتعرض للعوارض الصحية, كونها تمر بتغييرات جسدية ونفسية متسارعة من جهة، ومن جهة أخرى فان هذه الفئة تتعرض للمشاكل الاجتماعية من مثل المخدرات والتدخين وغيرها (صليحة، 2016).

وعند استقراء الدراسات السابقة من مثل الرشيدي (2012)، وطاهر(2014)، وعبد السلام وأخرون (2018) وغيرها، نلاحظ أن مدارس منطقة مكة قد خطت خطوات نوعية في تحقيق أهداف برامج الصحة المدرسية، إلا انه يتوجب على النظام التربوي في المملكة المزيد من الاهتمام بهذا المجال البالغ الأهمية، وما يلزم ذلك من إعداد الكوادر وتوفير الميزانيات المالية اللازمة، والخبرات الضرورية لتكون منافسًا في ذلك للدول المتقدمة التي قطعت شوطا كبيرا في التربية الصحية في المدارس.

لقد اتفقت جميع دول العالم على ضرورة توافر برامج صحية فعالة تطلق داخل المدارس، تُعنى بصحة الطلبة وتجنيبهم المخاطر التي قد تعرض صحتهم للأذى، من خلال البرامج التوعوية والتثقيفية، وبرامج الصحة العامة وصحة الفم والأسنان، والاهتمام بتطور الطلبة نفسيا وصحيا. وتولد على أثر ذلك لدى الباحثة تساؤلا عن دور الإدارات المدرسية في مكة المكرمة في تفعيل وتحقيق أهداف البرامج الصحية المكلفة بدعم تنفيذها في مدارسها. وتتلخص مشكلة الدراسة بالإجابة عن السؤال الرئيس التالي:

ما دور الإدارة المدرسية في تفعيل برامج الصحة المدرسية في مدارس التعليم العام في مكة المكرمة في ضوء التجارب العالمية؟

مصطلحات الدراسة:

  • الإدارة المدرسية: هي الجهود المنسقة التي يبذلها فريق العاملين في المجال التربوي من أجل تحقيق الأهداف التعليمية داخل المدرسة, بما ينسجم وفلسفة الدولة وسياساتها (السالمي وأخرون، 2021).
  • الصحة المدرسية: مجموعة من الخدمات الصحية المدرسية تقدم لجميع الطلبة ضمن برامج محددة تحددها وزارة الصحة ووزارة التعليم في الدولة، وتنفذها إدارات المدارس بالتعاون مع الكوادر الصحية (فضة، 2012).
  • التجارب الدولية: وهي تجارب الدول المتقدمة في مجال الرعاية الصحية المدرسية، والتي أثبتت كفاءتها في حماية الطلبة صحيا وتوعويا، ضمن نماذج وتجارب مخطط لها، وتنفذها الكوادر الصحية بدعم من إدارات المدارس.
  • مدارس التعليم العام: جميع المدارس الحكومية والأهلية في منطقة مكة المكرمة.

أهمية الدراسة وأهدافها:

يُعد الفرد الثروة الحقيقية في أي دولة، لذا تسعى الدول للمحافظة على ثروتها البشرية، من خلال الرعاية الصحية وتحقيق الأمن الغذائي والمائي والصحي والطاقوي، فالهدف الأول والأخير لأي نظام سياسي هو تحقيق الرفاه للشعب، وعليه فان أي جهد لصحة الأفراد تبدأ من الرعاية في فترة الحمل والطفولة المبكرة، وتتوالى بعد ذلك في سن المدرسة، حيث تكون تلك الفئة العمرية مابين الطفولة والشباب المبكر.

وحتى يتسنى ذلك لابد أن تكون البرامج القائمة على رعاية الطلبة والعاملين في الأنظمة التربوية على كفاءة عالية، تسمح بتجويد الرعاية المقدمة من جميع النواحي، لذا تأتي هذه الدراسة من أجل تسليط الضوء على البرامج الصحية في المملكة ومدى فاعليتها في مدارس منطقة مكة، وقدرة الإدارات المدرسية فيها على تطبيق وتحقيق أهدافها على الوجه المطلوب.

وتهدف الدراسة إلى التعرف على الاتجاهات العالمية التي اهتمت بالصحة المدرسية، وأعدت لها نماذج وبرامج خاصة على درجة عالية من الكفاءة، وحققت قصص نجاح كبيرة في الرعاية الصحية لمجتمعات المدارس والحد من الأمراض، والإدمان، وكما تهدف الدراسة أيضا إلى تعرف واقع تفعيل مدارس منطقة مكة لبرامج الصحة المدرسية والتزامها بتحقيق أهدافها، وهل تعد تلك البرامج على مسافة قريبة من البرامج العالمية المماثلة لها.

حدود الدراسة:

اقتصرت الدراسة على التعرف على دور إدارات المدارس في القطاع العام في إدارة منطقة مكة التعليمية في تفعيل برامج الصحة المدرسية في ضوء الاتجاهات العالمية.

الأدب النظري:

مفهوم الإدارة المدرسية:

لفهم دور الإدارة المدرسية بشكل جلي في تفعيل برامج الصحة المدرسية، نعرض مفهوم القيادة المدرسية ومستويات الإدارة، وذلك لنفهم كيفية دعم تلك الإدارات لتنفيذ برامج الرعاية الصحية في المدارس.

لقد ظهرت للإدارة التربوية العديد من التعريفات في العلم الحديث والتي تزخر بها المؤلفات التربوية ومنها:

أولًا: هي عملية اجتماعية تعنى بتيسير وتحفيز العناصر البشرية في كافة فروع ومستويات الإدارة، وتوجيه جهودها بصورة منظمة نحو تحقيق أهداف اجتماعية (البوهي، 2001).

ثانيًا: هي الجهة الإجرائية المعنية بتنفيذ ومتابعة الخطط المدرسية (العبدالله، 2002).

ثالثًا: جميع الجهود المنسقة التي يقوم بها مدير المدرسة مع جميع العاملين بقصد تحقيق الأهداف التربوية داخل المدرسة، بما يتماشى مع فلسفة الدولة (الصرايرة، 2010).

يتبين مما سبق أن الإدارات المدرسية هي الجهة المعنية بشكل مباشر في تنفيذ البرامج الصحية، ذلك أن تلك البرامج تطبق على الطلبة والكوادر التعليمية والإدارية فهي الفئة المستهدفة بتلك البرامج، وتتكاتف جهود الإدارة المدرسية والعاملين في المدارس والكوادر الصحية في تنفيذ خطط تلك البرامج وتحقيق أهدافها على الوجه المطلوب.

أنماط القيادة المدرسية:

تتصنف القيادة المدرسية ضمن أنماط تبعا لأسلوبها في تنفيذ المهام، والوظائف المنوطة بها، وهي تتراوح بين الأنماط المتساهلة والمتشددة في تنفيذ أهدافها، ومع الفروقات الواضحة بين كل نمط وآخر إلا أنها تشترك في الكثير من الخصائص, ومن هذه الأنماط:

أولًا: القيادة الأوتوقراطية، وهي تتبع أسلوبا يهتم فيه القائد بالإنتاجية وتحقيق الأهداف، في حين يكون الاهتمام بالأفراد متدنيا، ويكون القائد هنا متسلطا شديدا، ويرفض تفويض الصلاحيات، ويكتفي بتوجيه الأوامر وإصدار القرارات ومتابعة تنفيذها بصرامة.

ثانيًا: القيادة الديموقراطية، ويعتمد القائد هنا في أدارته أسلوبا إنسانيا وتشاركيا مع الأفراد، وذلك بتحقيق نوعا من التوازن بين تحقيق الأهداف وتنفيذ المهام ورفع الإنتاجية، ويتلمس حاجات الأفراد ويحاول تلبيتها كلما تمكن من ذلك.

ثالثًا: القيادة المتساهلة، ويعتمد المدير هنا على العاملين في تسيير الأمور وتحقيق الأهداف وحل المشكلات، ولا يشارك إلا في الحدود الدنيا، حيث يكون الاهتمام هنا بالأفراد على حساب الإنتاجية.

ويتضح من خلال عرض الأنماط الرئيسية السابقة، بأنها تتشابه في العديد من الصفات، وخاصة أنها تحاول العمل على تحقيق الأهداف والإنتاجية وحل المشكلات من جهة وتلبية حاجات وآمال ورغبات العاملين في المنشأة، إلا أن الاختلاف هنا هو في التحكم بدرجة التوازن بين المتغيرين، من حيث رفع الإنتاجية وحل المشكلات وتحقيق رغبات الأفراد وتلبية حاجاتهم، بدون أن يطغى جانبا على آخر، وذلك لضمان انسيابية العمل وتحقيق الأهداف دون عراقيل.

أهمية الإدارة المدرسية وأهدافها:

تكمن أهمية الإدارات المدرسية أنها الداعم الأول للجهود المبذولة في بناء شخصية الطلبة جسديا ونفسيا وروحيا، كما أنها المحرك والمنسق لجهود الكوادر التعليمية والإدارية، التي تعمل بشكل مباشر مع الطلبة لتنميتهم وتطويرهم نفسيا وحركيا واجتماعيا، وهي ضرورية لكل الجهود الجماعية المبذولة وعلى كل المستويات لتطوير المدرسة وتجديد أساليبها، وتتحمل المسؤولية الكاملة لمتابعة التنفيذ.

وتُعنى الإدارة المدرسية بالعمل على إشباع الحاجات والرغبات الإنسانية داخل الوسط المدرسي، وتستخدم لذلك كافة الإمكانات البشرية والمادية والمالية المتاحة لذلك، حتى تحقق تلك الإدارات الأهداف التي تسعى إليها (الشافعي والفتلاوي، 2015).

أما أهداف الإدارة المدرسية، فلم تعد فقط وظيفة إدارية لتمرير القوانين ومتابعة سير دوام المعلمين والطلبة والكادر الإداري، والعمليات التنظيمية الأخرى، وإنما تطورت لها أهدافا جديدة تتلخص بما يأتي:

أولًا: دعم بناء شخصيات الطلبة بشكل متكامل ومن جميع النواحي.

ثانيًا: تفعيل نظاما للاتصال والتواصل بين مستويات العاملين، وذلك لتحسس حاجاتهم المختلفة وتنمية مهاراتهم وقدراتهم.

ثالثًا: التخطيط لتطوير وتجديد المدرسة.

رابعًا: بناء علاقة قوية بين مجتمع المدرسة ومؤسسات المجتمع المحلي المحيط وأولياء أمور الطلبة.

خامسًا: تهيئة الجو المناسب للمدرسة لتحقيق فلسفة وزارة التربية والتعليم وسياساتها.

سادسًا: غرس القيم والأخلاق في نفوس الطلبة وتنمية ميولهم واكتشاف قدراتهم.(المرجع السابق).

خصائص الإدارة المدرسية:

تختص الإدارة المدرسية بمجموعة من الخصائص التي تميزها عن إدارة الأعمال والمنشآت الصناعية، وغيرها من مثل: (الشبول، 2012)

أولًا: التعامل مع الصعوبات والتحديات التي تواجهها بجدية ودون تهاون.

ثانيًا: التعاون والتنسيق بين جميع الأطر التي تتضمنها المؤسسة التعليمية وبين جميع موظفيها.

ثالثًا: تأسيس علاقات تعاونية بين المؤسسة التربوية والمؤسسات الأخرى الخارجية من جهة، وأولياء الأمور ومؤسسات المجتمع المحلي من جهة أخرى.

رابعًا: الحزم والشدة في تطبيق القرارات وعدم التراخي في ذلك، لان ذلك قد يؤثر على سير العملية التعليمية.

خامسًا: تشجيع التجارب الإبداعية الفردية والجماعية، من خلال المكافآت والجوائز.

سادسًا: المرونة في التعامل مع كل المستجدات، ومحاولة الاستفادة من التجارب الجديدة في كافة الحقول ذات الصلة.

سابعًا: التقويم المستمر لسير العملية التعليمية بكل مستوياتها وعلى الصعيدين التعليمي والإداري.

مكونات الإدارة المدرسية:

تتكون الإدارة المدرسية من مجموعة من المكونات الأساسية التي يجب أن تتوفر فيها حتى تؤدي دورها على اكمل وجه ومن أهم مكوناتها: (طافش، 2004)

أولًا: المدخلات: وهي المقوم الأساسي للإدارة، حيث تتحدد غاياتها من خلال تلك المكونات، وتلعب دورا أساسيا في نجاح أو فشل النظام المدرسي، ومنها على سبيل المثال رسالة المدرسة وفلسفتها، والسياسات والتشريعات التربوية، والموارد البشرية، وهي تتمثل بالكوادر التعليمية والإدارية والتدريسية والتلاميذ والكوادر المساندة من الفنيين والمستخدمين، والموارد المادية والمالية، من مثل الميزانية والتبرعات المالية والمساعدات الخارجية، وكذلك المستلزمات اللازمة لسير العملية التعليمية من أجهزة وأثاث وغيرها، والخدمات الاجتماعية والصحية التي تشكل دعما لوجستيا لسير العملية التعليمية بدون إعاقات أو الحد منها، والمنظومة المعلوماتية والتكنولوجية وغيرها.

ثانيًا: العمليات: وهي تشمل جميع الحركات الديناميكية في المدرسة من مثل التخطيط، والتنظيم بكافة مستوياته، من حيث تفويض الصلاحيات والتمكين والتواصل والاتصال، والقيادة والتي تشمل التفاعل بين مدير المدرسة والمرؤوسين وتحسس حاجاتهم وتلبيتها، والسعي إلى تنميتهم وتطويرهم باستمرار، ثم الرقابة والتقييم المستمر، وما يتبعه من مساءلة ومحاسبة حيث اقتضت الحاجة لذلك، وبالتعاون المستمر مع فريق العمل.

ثالثًا: المخرجات: وهي المرحلة النهائية لمجموع العمليات التي تمت في النظام المدرسي، سواء على مستوى المجتمع الداخلي للمدرسة أو المجتمع الخارجي لها، وتشمل نوعين من المخرجات (مخرجات إنتاجية كالقرارات والسياسات والأداء الجيد، ومخرجات وجدانية كالرضا الوظيفي والعلاقات وغيرها.

رابعًا: البيئة المنظمة وهي البيئة التي تتفاعل فيها المكونات الثلاث السابقة وتشمل البيئتين الداخلية والخارجية.

وحتى تكون الإدارات المدرسية على كفاءة عالية بتأدية مهامها وتحقيق أهدافها، عليها أن تؤمن بالفرد وقدراته وذكائه سواء كان هذا الفرد متلقيا للخدمة كالطلبة، أو أحد العاملين فيها كالمعلمين والموظفين فيها، وتبتعد عن العشوائية والخروج عن أهدافها المخطط لها مسبقا والمنبثقة عن رؤية رصينة وواقعية، وتتبنى مبادئ تفويض الصلاحيات والعمل بروح الفريق وتحقيق العدالة وتكافؤ الفرص، ومواجهة الأزمات والتحديات من خلال مهارات حل المشكلات والمشاركة في صنع القرارات من قبل الفريق.

الصحة المدرسية:

مفهومها:

تُعرّف الصحة المدرسية بانها احدى العناصر الهامة ومكونا من مكونات الصحة العامة في أي دولة, وتستهدف الأطفال والشباب في سن المدرسة وتتكون من مجموعة برامج فرعية (الصرايرة والرشيدي، 2012).

الاتجاهات العالمية في الصحة المدرسية:

ظهرت العديد من المنظمات العالمية التي تعنى بالصحة على مستوى دول العالم ومن كافة المجالات، وخاصة رعاية الأطفال وحديثي السن ومنهم طلبة المدارس، ومن تلك المنظمات والتي تم ذكرها سابقا، منظمة الصحة العالمية واليونيسيف، واليونسكو، والمنظمات العالمية التي تعنى بحركات اللجوء والنزوح ومتضرري الحروب والكوارث الطبيعية.

بدأ التوجه عالميا بالاهتمام بشكل كبير بقطاع طلبة المدارس واستهدافهم ببرامج صحية متخصصة، كونهم فئة صغيرة في السن، وأكثر عرضة للأمراض والعوارض الصحية، وذلك لحساسية أجسامهم، عدا عن أن نسبتهم وخاصة في الدول النامية كبيرة نسبة لأعداد السكان، وقد ظهرت اتجاهات قوية لدعم هذا التوجه في الولايات المتحدة الأمريكية من ثمانينيات القرن المنصرم، حيث انتهجت طريقة في تقديم الرعاية الشاملة لطلبة المدراس من خلال ما يسمى بالصحة المدرسية الشاملة، والتي تتألف من ثمانية مكونات أساسية هي: التثقيف الصحي، والخدمات الصحية، والتغذية، والتربية البدنية، والبيئة الصحية، والإرشاد المدرسي، والخدمات النفسية والاجتماعية، ومشاركة الطالب والأسرة والمجتمع، وصحة موظفي المدرسة (Raspberry et al., 2015).

ومن أكثر الاتجاهات العالمية في الصحة المدرسية المعاصرة كفاءة، والتي أثرت بشكل كبير في تطوير الصحة المدرسية، النموذج الذي قدمته الجمعية الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، وهو نموذج متكامل أسهم في التطوير المهني لكوادر الصحة المدرسية، من خلال مجموعة من الخطوات تتمثل في: تقديم دورتين تدريبيتين لتطوير مهارات الكوادر الصحية في المدارس، وتوفير التعلم الإلكتروني، وعرض افضل الممارسات للتطوير المهني، وخاصة في مجالات (الاستدامة، والتصميم، والدعم، وتقديم الخدمة، والمتابعة، والتقييم)، وإعداد دليل التطور المهني (Raspberry et al., 2015).

وكذلك اطلقت ولاية متشغان الأمريكية بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة في الولاية عدة خطوات جادة ألزمت المدارس بتنفيذها، من خلال مشروع الصحة المدرسية، والذي يسعى لتحسين الصحة المدرسية، ومن خلال تشكيل فريق مدرسي، يقوم بتقييم الوضع الصحي في المدرسة، ويضع خطة مناسبة لذلك تبعا للأولويات والاحتياجات، وجمع الأدوات وانتقاء الاستراتيجيات المناسبة للتنفيذ، وتقديم التغذية الراجعة باستمرار لمعالجة التحديات والعوائق، ومشاركة قصص النجاح واستشراف المستقبل (Steps to Healthy School, 2021).

وقد أصدرت جمعية الإشراف وتطوير المناهج بالتعاون مع مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها نموذجا للمدرسة الكاملة والمجتمع الكامل، والطفل الكامل، وتقوم فلسفة ذلك النموذج على تنشئة الأطفال تنشئة متكاملة من جميع النواحي، ومن جانبين مهمين هما: الصحة والتعليم، ويتكون النموذج من عشر مكونات هي: التثقيف الصحي، والتربية البدنية، والنشاط البدني، والتغذية وخدماتها، والخدمات الصحية، والاستشارات والخدمات النفسية والاجتماعية، والمناخ الاجتماعي والعاطفي، والبيئة الفيزيائية والمادية، وتعافي الموظفين، والمشاركة الأسرية، والمشاركة المجتمعية (الشهري وآخرون، 2010).

وتبنى الإقليم الأوروبي من منظمة الصحة العالمية، إنشاء شبكة للمدارس معززة للصحة، وتستهدف بناء توجه عام للصحة، وتمكين الطلبة من الأدوات التي تمكنهم من اتخاذ القرارات الصائبة، وتوفير البيئة الصحية التي يشترك في تحقيقها الطلبة وأولياء الأمور (خواجي وغزواني، 2022).

وقد بدأ العالم كله ينادي بضرورة إيجاد ما يسمى بالمدرسة الصحية، والمعلمين الصحيين، وذلك بالتدريب على المهارات الصحية الفاعلة، والعادات والقيم السليمة لدعم صحة الطلبة، والعمل بروح الفريق والتكامل مع الكوادر الصحية، في بيئة مناسبة نظيفة وداعمة، تراعي الشروط الصحية من حيث نظام التغذية، والنظافة، والرعاية الصحية، والتثقيف المستمر، ووفق برامج دقيقة مخطط لها يتابعها نظام للمساءلة والتقييم (خواجي وغزواني، 2022).

الدراسات السابقة:

يزخر الأدب التربوي بالكثير من الدراسات ذات العلاقة بموضوع الصحة المدرسية وقد تم انتقاء أكثرها صلة بموضوع دراسة الباحثة، وأحدثها ومنها ما يلي:

أجرى الجرجاوي وآغا (2010) دراسة استهدفت الكشف عن واقع تطبيق التربية الصحية في مدارس التعليم الحكومي بمدينة غزة، باستخدام المنهج الوصفي، بما يتناسب وأهداف الدراسة، وقد وزعت الاستبانة على (129) مشرفا صحيا، من (50) مدرسة حكومية، وأظهرت نتائج الدراسة أن المدارس تقوم بتطبيق خدمات الرعاية الصحية والتثقيف الصحي والخدمات النفسية، وأوصى الباحث بتفعيل دور المعلم من خلال تدريبه على خدمات الرعاية الصحية، ليتم تقديم الدعم والتنسيق من قبله للفرق الصحية المتخصصة بذلك.

وترى دراسة العمري (2021) أن العناية بمجالات الرضا المدرسي، وتوفير بيئة صحية تدعم تحقيق الحاجات النفسية الأساسية، وتوفير التجهيزات والبرامج الصحية ذات الكفاءة العالية ضمن معايير عالمية أم أساسي في الصحة المدرسية، كما أوصت بذلك مقررات المؤتمر الصحي العالمي الثامن الافتراضي (2020)، ووضع خطط الطوارئ اللازمة وخاصة في الأزمات كما حدث خلال جائحة كورونا (كوفيد-19) يحقق أعلى غايات الكفاءة الصحية في المدارس.

وأجرى العطوي (2010)، دراسة هدفت إلى التعرف على أدوار المدرسة في وقاية الطلبة من تعاطي المخدرات في المدارس الثانوية في منطقة تبوك ومحافظة جدة، والكشف عن وجود فروق ذات دلالة إحصائية، في تصورات المديرين تعزى لمتغيرات (المستوى التعليمي، وعدد سنوات الخبرة، والعمر وعدد الطلبة في المدرسة، ومكان المدرسة)، وأظهرت الدراسة أن دور المدرسة في الوقاية من تعاطي المخدرات من وجهة نظر المدير جاء بدرجة مرتفعة، ووجود فروق ذات دلالة إحصائية بين تصورات المدراء نحو دور المدرسة في وقاية الطلبة من المخدرات في مدارس تبوك وجدة، تعزى لمتغير المستوى العلمي لصالح الدراسات العليا ومتغير عدد سنوات الخدمة لصالح المدير الأكثر خدمة.

وهدفت دراسة (الصمادي والسرحان، 2018) إلى اقتراح استراتيجية إدارية تربوية لتحسين مستوى كفاءة الصحة المدرسية في المدارس الثانوية الحكومية في الأردن، وتألف مجتمع الدراسة من جميع مديري المدارس الثانوية الحكومية العاملين في الأردن، وتكونت عينة الدراسة من (400) مدير مدرسة، وأظهرت نتائج الدراسة أن المدارس الثانوية الحكومية في الأردن تطبق كفاءة الصحة المدرسية بدرجة متوسطة.

وجاءت دراسة جعفر وتامي (2022) النظرية والتي تحمل عنوان الإدارة المدرسية ودورها في تحقيق الصحة المدرسية بمدارس التعليم الابتدائي، لتؤكد على أن الصحة المدرسية تعتبر احدى الركائز الأساسية التي على المدرسة الاهتمام بها، وذلك لتقيق صحة وسلامة التلاميذ من الأمراض والعوارض الصحية، وأكدت على أهمية التوعية والتثقيف الصحي المستمرين عبر جميع وسائل التواصل ونقل المعلومات.

وتؤكد جميع الدراسات على ضرورة إيلاء صحة التلاميذ أولوية في اهتمامات الدول، وذلك لتكون مخرجات الأنظمة التربوية البشرية قوية ومتكاملة جسديا وعقليا ونفسيا، وهذا يحتاج إلى خطط رصينة تحدد فيها المهام والأدوار والميزانيات المالية، وذلك لصياغة الاستراتيجيات والبرامج والمشاريع الإجرائية القابلة للتنفيذ على أرض الواقع في المدارس، لتحقق أهداف الأنظمة الصحية التي تسعى لحماية المجتمع من الأمراض والآفات والمشاكل الصحية، وتبدأ أولًا بحديثي السن والمراهقين، أي من المدارس.

نتائج الدراسة:

برامج الصحية المدرسية في المملكة العربية السعودية:

سعت المملكة العربية السعودية بخطى جادة في بناء مجتمع حيوي قوي صحي من خلال بناء رؤيتها لعام 2030م، حيث تتكامل جهود النظامين الصحي والتعليمي لبناء مجتمع مدرسي قوي يتمتع أفراده بالصحة والعافية، وينعكس ذلك بالضرورة على صحة المجتمع بشكل عام, ويتم العمل على تنفيذ رؤية عام 2030م من خلال تهيئة بيئة مدرسية معززة بالصحة، وذلك ببناء خطة مشتركة للبرامج الصحية المدرسية للعام الدراسي 1445ه، وبتكثيف جهود التوعية والتثقيف لكافة أفراد المجتمع الداخلي للمدرسة وخارجها، وأعدت لذلك كافة الإمكانات البشرية والمالية، وأصدرت له التشريعات والتعليمات الناظمة ليسير حسب ما خطط له (الخطة المشتركة للبرامج الصحية المدرسية لعام الدراسي، 1445 ه).

ويتم تبني آليات واستراتيجيات تنفذ من خلالها رؤيتها بوساطة هيكل تنظيمي يتضمن الكوادر المنوط بها العمل الجاد لبناء المجتمع الحيوي القوي الصحي، وفيما يلي ترتيب الهيكلية الخاصة بالبرامج الصحية في المملكة:

أولًا: وزارة التربية والتعليم.

ثانيًا: الإدارة العامة للصحة المدرسية في الوزارة.

ثالثًا: إدارة الشؤون الصحية المدرسية في إدارات التعليم وعددها (45) إدارة تعليمية، وفي كل إدارة توجد مديرية للشؤون الصحية المدرسية، ويعمل فيها عدد من المشرفين الصحيين، الذين يعملون في مجال الإشراف على المدارس ويسمون بمشرفي الشؤون الصحية المدرسية، ويتابعون تنفيذ البرامج الصحية الصادرة عن وزارتي التعليم والصحة.

رابعًا: المدارس، ويعين في كل مدرسة موجها صحيا، والذي يدعم بالمشاركة مع مدير المدرسة تفعيل البرامج الصحية، ويلاحق المدير ويحاسب في حال تم التهاون بتنفيذها، فهي برامج ملزمة وتقع ضمن مهام الإدارة المدرسية.

ويتبع الإدارة العامة للصحة في الوزارة العديد من البرامج, التي انبثقت عنها لتتمكن من العمل بوسائل اكثر إجرائية، وبيسر وسلاسة، ومن هذه البرامج، برنامج تأهيل الموجه الصحي، وهو برنامج يهدف إلى الارتقاء بحالة المجتمع المدرسي من خلال تأهيل وتدريب الموجهين الصحيين بالمدارس، على برامج ومبادرات الصحة المدرسية، وعلى التعامل مع الحالات الطارئة لحين وصول الفريق الصحي اذا استدعت الحالة بالتنسيق مع إدارة المدرسة وأولياء الأمور.

ومن المبررات لإطلاق ذلك البرنامج أهمية صحة الطلبة، والتأكيد على ذلك في رؤية المملكة، وخاصة انهم يمثلون ما نسبته (25%) من عدد سكان المملكة، وكما أن سن الطلبة هو المرحلة النمائية الأكثر قابلية لغرس السلوكيات الصحية السليمة والتحلي بالقيم الثابتة لذلك، ولابد أن يتم ذلك من خلال النظام التربوي والمدرسي حتى تتوفر منظومة للتقييم والمساءلة، وحتى يكون موجهي الصحة على أعلى مستويات الكفاءة، لذا كان لزاما تطوير برنامج يقوم بتلمس حاجات الموجهين التدريبية وتلبيتها بالشكل المناسب.

ويقوم البرنامج على توفير الرعاية للطلبة من الناحية الصحية، بحيث تقدم الخدمات الصحية بشكل نوعي وكمي مناسبين، وتحسين المستوى المعرفي والسلوكي لمجتمع المدرسة من النواحي الصحية والنفسية والاجتماعية، ومن ناحية أخرى يقدم البرنامج الرعاية التعليمية من حيث تحسين المستوى التحصيلي الدراسي، وتخفيض معدل التغيب عن المدرسة، وتحسين البيئة الحسية والنفسية في المدرسة، واستقطاب دعم واهتمام أولياء الأمور للعملية التعليمية، ومن ناحية اجتماعية يهتم البرنامج بالارتقاء بمستوى المعرفة والسلوك لأفراد المجتمع المدرسي، وتوفير بيئة آمنة من الناحية الحسية والنفسية وتوفير الدعم النفسي والاجتماعي للطلبة (وزارة التعليم ووزارة الصحة، الدليل الإرشادي لتأهيل الموجهين الصحيين، 1445ه).

مكونات برنامج الصحة المدرسية في المملكة:

يتكون البرنامج الذي تم إعداده بحرفية عالية من خلال تكاتف وزارتي الصحة والتعليم، لتحقيق رؤية المملكة لعام 2030، وتستهدف مكونات البرنامج الصحي فئات الطلبة وهي: رياض الأطفال، والمرحلة الابتدائية، والمرحلة المتوسطة، والمرحلة الثانوية، مع تفاوت في درجات تطبيق تلك المكونات من مرحلة عمرية لأخرى، وحسب المراحل النمائية لكل فترة عمرية، وما يناسبها وتتطلبه رعايتها، وهذه المكونات، هي:

أولًا: الصحة المدرسية، وتشمل تقديم خدمات تتعلق بفحص اللياقة، والفحص الاستكشافي، والزيارات الميدانية لتفقد البيئة والمقصف المدرسي. ويستهدف فحص اللياقة البدنية المرحلة الابتدائية فقط، في حين لا يستهدف الفحص الاستكشافي رياض الأطفال، وتغطي بقية الخدمات في هذا المكون جميع المراحل العمرية.

ثانيًا: البرامج التوعوية، وتشمل الإسعافات الأولية، والتوعية الغذائية، والاستخدام الآمن للأدوية، وصحة اليافعين، والرسائل التثقيفية لأولياء الأمور، والحصاد الصحي. ولا يستهدف الاستخدام الأمن للأدوية وصحة اليافعين مرحلتي رياض الأطفال والمرحلة الابتدائية, في حين تقدم بقية الخدمات للمراحل العمرية كافة.

ثالثًا: الأيام العالمية، وتشمل اليوم الخليجي لصحة المدرسة، وشهر التوعية بسرطان الثدي، واليوم العالمي للسكري، وأسبوع التوعية بالمضاد الحيوي، واليوم العالمي لمكافحة التدخين. ولا تستهدف خدمات شهر التوعية بالسرطان وأسبوع التوعية بالمضاد الحيوي، واليوم العالمي للتدخين مرحلتي رياض الأطفال، والمرحلة الابتدائية.

رابعًا: الحملات التوعوية، وتشمل حملة العودة للدراسة، والحملة التوعوية بالسكري، والحملة التوعوية بالربو. ولا تشمل حملة التوعية بالسكري رياض الأطفال والمرحلة الثانوية، في حين تغطي بقية الحملات جميع المراحل العمرية.

خامسًا: الزيارات التوعوية، وتشمل خدمات حصة الوعي، وصحة الفم والأسنان، والمشي للسمنة. ولا تشمل خدمتي حصة الوعي وصحة الفم والأسنان رياض الأطفال، والمرحلة الثانوية، في حين تغطي بقية الخدمات كافة المراحل (وزارتي التعليم والصحة، الخطة المشتركة للبرامج الصحية المدرسية للعام الدراسي، 1445ه).

الشؤون الصحية في إدارة التعليم بمنطقة مكة المكرمة:

اهتمت إدارة منطقة مكة المكرمة التعليمية بالصحة المدرسية، شأنها شأن بقية مناطق المملكة، وأولت ذلك جل اهتمامها لتحقيق أهداف برامج الصحة المدرسية من جهة، ولإيمانها بأهمية صحة الطلبة والفرد بشكل خاص، من جهة أخرى، لينعكس ذلك على إنجازه التعليمي وتحصيله الدراسي، وتنص رؤية الشؤون الصحية في الإدارة على “الريادة لبناء جيل واع فكريا، سليم صحيا” وتنص رسالتها على “تطوير الأداء بتقديم خدمات صحية ذات جودة عالية وبمشاركة مجتمعية فاعلة (وزارة التعليم، حقيبة الموجه، 1445ه).

من تتبع واقع الحال في مدارس منطقة مكة المكرمة الحكومية والأهلية ترى الباحثة، أن إداراتها لم تخرج عن بنود الخطة التشغيلية التي طرحتها وزارة الصحة، وأنها تلتزم بتنفيذ البرامج الصحية وفق النماذج التي أعدت لذلك، وأن الموجهين الصحيين الذين يتولون متابعة تنفيذ مكونات تلك البرامج على درجة جيدة من الإعداد والاهتمام، وان مدراء المدارس يدعمون قيامهم بواجباتهم ويسهلون مهامهم، كما أن هناك دعما مناسبا من أولياء الأمور والمجتمع المحلي لتلك البرامج، وكما يخضع الطلبة والعاملين في المدارس إلى التوعية والتثقيف الصحي المناسبين.

الخاتمة:

إن صحة طلبة المدارس ومجتمع المدرسة ككل أولوية للنظامين التربوي والصحي، وهو ما تتفق عليه دول العالم بأكملها ولكنها تنفذ رعايتها الصحية لأولئك الطلبة حسب برامجها الصحية، وما تسمح به ميزانيتها ومقدراتها المالية والكفاءات الصحية، فيها ومدى تأهيل مدراء المدارس للقيام بدعم تلك البرامج، وتتكاتف في ذلك الجهود مع ما تبذله الأسر في المحافظة على صحة أبنائها وتقديم الدعم اللازم لإدارات المدارس في تنفيذها لتلك البرامج.

وترى الدراسة الحالية أن فكرة المدارس الصحية والمعلمين الصحيين، هي فكرة جديرة بالاهتمام، وهو ما يمكن تطبيقه في المدارس، حيث يتلقى المعلمون كافة في المدرسة تدريبا مناسبا ويكتسبون مهارات متقدمة في الرعاية الصحية، مما يمكنهم من تقديم خدمات الرعاية الصحية في حال اضطروا لها وفي أي وقت، ذلك أنهم على تلامس مباشر مع قطاع الطلبة الذين يمرون بمراحل عمرية متفاوتة وحساسة، ومن جهة أخرى فان بناء مجتمع مدرسي صحي ليس بالأمر الصعب ولا هو بالهين، لأنه يحتاج إلى تكاثف جهود كامل العاملين والطلبة مع مجتمع المدرسة الخارجي من مؤسسات المجتمع المحلي وأولياء الأمور، لبناء مدرسة صحية من حيث تغذية الطلبة وما يتطلبه من مأكولات مغذية ونظيفة، وتخضع لمعايير صارمة، ووجود بيئة مادية صحية نظيفة وباستمرار مهما بلغت أعداد الطلبة فيها، مراعية لقواعد وشروط السلامة العامة، والتوعية الصحية الدورية لكافة الأفراد والأفراد ذوي الصلة من خارج المدرسة، سواء أكانوا أولياء أمور أم ممن يقدمون خدمات لوجستية للمدرسة، بحيث ينظر للمدرسة على أنها كيان له تعليمات صارمة في الخروج والدخول، والتعامل الحريص والآمن معه في أثناء تقديم الخدمات المختلفة له.

التوصيات:

توصي الباحثة بما يلي:

أولًا: بما أن الطلبة في السعودية يقضون على مقاعد الدراسة ما يقارب السبع ساعات متواصلة، ويتعرضون فيها للمخاطر الناجمة عن الأعداد البشرية في حيز مكاني صغير، ويتزاحمون خلال الدخول والخروج من الغرف الصفية إلى الساحات والمرافق، مع ما يعرضهم ذلك للإصابات المختلفة، لذا يجدر بالمدارس والإدارات المدرسية، ووزارة التعليم أن تطور خططها الصحية بحيث يكون فيها مجالا كاملا لإدارة الأزمات والطوارئ للتصدي لها في حالة حدوثها، مثل الأمراض المعدية والأوبئة والكوارث الطبيعية كالزلال، كما حدث خلال جائحة كورونا.

ثانيًا: توصي الدراسة بتكاثف جهود المدارس في مكة المكرمة مع المجتمع الخارجي من مؤسسات المجتمع المحلي وأولياء الأمور، لبناء مدرسة صحية تتمتع ببيئة مادية صحية نظيفة مستدامة، وبما يحقق بناء مجتمع مدرسي.

المصادر والمراجع:

البوهي، فاروق شوقي. (2001). الإدارة التعليمية والمدرسية، القاهرة: دار قباء.

الرشيدي، تركي ناصر. (2011). مستوى الصحة المدرسية في المدارس الابتدائية في دولة الكويت من وجهة نظر المديرات والمعلمات. (رسالة ماجستير غير منشورة). جامعة الشرق الأوسط، عمان.

الجرجاوي، زياد؛ وآغا، محمد. (2010). واقع تطبيق التربية الصحية في مدارس التعليم الحكومي بمدينة غزة. مجلة جامعة الأزهر بغزة، 1(13)، 205-252.

جعفر، كلثوم؛ وبن تامي، رضا. (2018). الإدارة المدرسية ودورها في تحقيق الصحة المدرسية بمدارس التعليم الابتدائي. مجلة الرواق للدراسات الاجتماعية والإنسانية-جامعة تلمسان، الجزائر.

خواجي، محمد؛ وغزواني، محمد. (2022). تطوير مستوى الصحة المدرسية بمدارس التعليم العام في ضوء الاتجاهات العالمية المعاصرة، تصور مقترح، دار المنظومة، مصر.

السالمي، عبد العزيز. (2007). الإدارة المدرسية في ضوء التفكير الإداري المعاصر. عمان: دار الفكر.

السالمي، مشعل؛ وحسين، محمد. (2021). دور القيادة المدرسية في نشر الوعي الصحي بمدارس التعليم في المرحلة الثانوية بمدينة الطائف من وجهة نظر المعلمين. مجلة جامعة طنطا، 83(3).

الشبول، مهند. (2012). الحاسوب في الإدارة المدرسية. عمان: دار وائل للنشر.

الشؤون الصحية المدرسية بإدارة التعليم بمنطقة مكة المكرمة. (1445ه). حقيبة الموجه/ة الصحي/ة. مكة المكرمة، المملكة العربية السعودية.

الشهري، سليمان؛ والعرف، عبدالله؛ وفقيهي، يحي؛ والشيخ، محمود؛ والخلف، محمود. (2010). الدليل الإرشادي لبرامج المدارس المعززة للصحة. الرياض: وزارة التربية التعليم.

الشافعي، صادق؛ والفتلاوي، تركي. (2015). الإدارة والإشراف في التعليم الثانوي. بغداد: دار الصادق الثقافية.

الصرايرة، خالد. (2010). الحاسوب في الإدارة المدرسية. عمان: دار المسيرة للنشر.

الصرايرة، خالد؛ والرشيدي، تركي. (2012). مستوى الصحة المدرسية في المدارس الابتدائية في دولة الكويت من وجهة نظر المديرات والمعلمات، مجلة جامعة النجاح للأبحاث (العلوم الإنسانية)، 26(10)، 48-62.

صليحة، القص. (2016). فعالية برنامج تربية صحية في تغيير سلوكيات الخطر وتنمية الوعي الصحي لدى المراهقين. (أطروحة دكتوراه غير منشورة). كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية. جامعة محمد خيضر، بسكرة، الجزائر.

الصمادي، تسنيم؛ والسرحان، خالد. (2018) استراتيجية إدارية تربوية مقترحة لتحسين مستوى كفاءة الصحة المدرسية في المدارس الثانوية الحكومية في الأردن. مجلة دراسات-العلوم التربوية، 45(4).

طافش، محمود. (2004). الإبداع في الإشراف التربوي والإدارة المدرسية، عمان: دار الفرقان.

طاهر، نبيلة علي. (2014). الصحة المدرسية في مرحلة التعليم الأساسي بمدينة بنغازي كما يراها القانون بالإدارة المدرسية. مجلة القراءة والمعرفة –جامعة عين شمس، (72)، 156-206.

عبد السلام، أحمد؛ ومصطفى، ياسر؛ والعجمي، شيخة. (2018). قياس التثقيف الصحي في المدارس المتوسطة في دول مجلس التعاون الخليجي. مجلة علوم الرياضة والتربية البدنية-جامعة الملك سعود، 2(2)، 66-82.

العبدالله، إبراهيم. (2002). رفع الكفاءة الإنتاجية للمؤسسة المدرسية. بيروت: شركة المطبوعات للنشر والتوزيع.

العمري، علي بن سعود. (2021). الدور الوسيط للرضا عن الحياة المدرسية المدرك في العلاقة بين تحقيق الحاجات النفسية الأساسية والسلوك الاجتماعي الإيجابي والمضاد للمجتمع لدى عينة من الأفراد في مرحلة المراهقة. مجلة جامعة الطائف للعلوم الإنسانية، 7(24)، 563-604.

العطوي، محمد. (2010). دور المدرسة في وقاية الطلبة من تعاطي المخدرات من وجهة نظر مديري المدارس الثانوية في منطقة تبوك ومحافظة جدة. (رسالة ماجستير غير منشورة)، جامعة مؤتة، الكرك، الأردن.

فضة، سحر. (2012). دور الإدارة المدرسية في تفعيل التربية الصحية في المرحلة الأساسية بمحافظات غزة، كلية التربية. (رسالة ماجستير غير منشورة)، جامعة الأزهر، غزة.

هواري، أحلام. (2020). واقع الصحة المدرسية في المدارس الابتدائية في الجزائر (دراسة ميدانية على عينة من المعلمين والمديرين بمدينة تلمسان)، مجلة القدس للدراسات النفسية والاجتماعية، (8)، 19-34.

وزارة التعليم ووزارة الصحة. (1445ه). الدليل الإرشادي لتأهيل الموجهين الصحيين. الإدارة العامة للصحة المدرسية. الرياض.

وزارة التعليم، وكالة الصحة العامة. (1445ه). الخطة المشتركة للبرامج الصحية المدرسية للعام الدراسي 1445ه، الوكالة المساعدة للرعاية الصحية الأولية، الإدارة العامة للصحة المدرسية، الرياض.

المراجع باللغة الإنجليزية:

Raspberry, C. N.,; Slade, S.; lohrmann, D. K. & Valois, R. F. (2015). Lessons learned from the Whole child and coordinated school health approaches. Journal of School Health, 85(11), 759-765.

Steps to a Healthy School. (2021). Steps to a Healthy School. https;// mihealthyschools.org/

Steven,R, P.; Polotskaia, A. & Jankowska, A. (2015). The Relationship between Student Health and Academic Performance: Implications for School Psychologists. School Psychology International, 36(2), 115-134.