العلاقة بين المبدع والمتلقي في الفن الروائي – دراسة وتحليل ونقد

د. أسامة محمد السيد الشيشيني1

1 الأستاذ المساعد في كلية العلوم والآداب بالقريات، جامعة الجوف، المملكة العربية السعودية.

بريد الكتروني: omsyed@ju.edu.sa

HNSJ, 2023, 4(2); https://doi.org/10.53796/hnsj4229

Download

تاريخ النشر: 01/02/2023م تاريخ القبول: 15/01/2023م

المستخلص

يتناول البحث الأدوات والأساليب التي يستعين بها الكتاب لتوطيد العلاقة بين نصهم الروائي والمتلقي. وتكون البحث من مقدمة وتمهيد وثلاثة مباحث، يعقبها الخاتمة، ثم فهرس المصادر والمراجع والموضوعات. وجسد التمهيد أهمية النص الروائي، والعلاقة بين المبدع والمتلقي، وكيفية تذوق نصه الروائي، والتأثير عليه وإثارة خياله من خلال الإيحاءات والدلالات المتعددة في النص الروائي. وقد برزت هذه العلاقة بين المبدع والمتلقي من خلال الأساليب المستخدمة في النصوص الروائية لجذب المتلقي والتأثير عليه، وتبين ذلك في مباحث الدراسة، المبحث الأول المعنون بعتبات النص البنية والدلالة، وفيه تمت الإشارة إلى الآليات الفنية والعناصر المستخدمة في العنوان والإهداء وصورة التصدير والاستهلال؛ لجذب المتلقي، والمبحث الثاني الذي خصص لإبراز الإيحاءات المتعددة في ملامح الشخصية الداخلية والخارجية، ومدى تأثيرها على وجدان المتلقي، وكذلك المبحث الثالث والمعنون له بالمكان ودلالته في النص الروائي، وتم فيه تجسيد دور المكان في حيوية الحدث وبروز واقعيته.

الكلمات المفتاحية: المبدع– التشكيل– الأساليب – الرواية

Research title

The relationship between the creator and the recipient in the art of fiction

Study, analysis and criticism

Dr. Osama Muhammad Al-Sayed Al-Shishini1

1 Assistant Professor, College of Arts and Sciences, Qurayyat, Al-Jouf University, Saudi Arabia.

Email: omsyed@ju.edu.sa

HNSJ, 2023, 4(2); https://doi.org/10.53796/hnsj4229

Published at 01/02/2023 Accepted at 15/01/2023

Abstract

The research deals with the tools and methods that writers use to consolidate the relationship between their narrative text and the recipient. The research consists of an introduction, a preface and three chapters, followed by a conclusion, then an index of sources, references and topics. The preamble embodied the importance of the fictional text, the relationship between the creator and the recipient, how to savor its narrative text, influence it and provoke its imagination through the multiple overtones and connotations in the novelist text. This relationship between the creator and the recipient has emerged through the methods used in the narrative texts to attract and influence the recipient. This was evident in the study’s themes, the first section entitled “Text Structure and Significance Thresholds.” to attract the recipient, And the second topic, which was devoted to highlighting the multiple suggestions in the features of the internal and external personality, and the extent of their impact on the conscience of the recipient, as well as the third topic, which is entitled to the place and its significance in the novelistic text, in which the role of the place in the vitality of the event and the emergence of its realism was demonstrated.

Key Words: the creator – formation – methods – the novel

المقدمة

الحمد لله الذي نوّر بكتاب القلوب، وأنزله في أوجز لفظ وأعجز أسلوب، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين؛ سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.

أما بعد،

فالفن الروائي يمر بمرحلة ازدهار في العصر الحديث، وهذا ما جعله يحتل مساحة كبيرة؛ مكنته من اكتمال بنائه الفني، وكذلك استيعابه لجميع التحولات التي طرأت على المحيط العربي، كما أنه أضح أقدر الفنون في التعبير عن الحياة الإنسانية، فضلاً عن كونه من أقوى المؤثرات في بعث نبض الحياة للأمم، وبث روح الوطنية والانتماء.

دواعي الدراسة:

وقد اتجه الباحث إلى هذه الدراسة؛ لما تمتع به النص الروائي من مرونة في طابعه الفني؛ وهذا ما مكنه من مواكبة تطور التقنيات في العصر الحديث؛ لذا كانت هذه الدراسة التي تبرز التقنيات التي يستعين بها الروائي في جذب المتلقي، وإثارة عقله وخياله، وقد تشكل ذلك في الإيحاءات ومفردات النص الروائي وتضافرها، وتجسد ذلك – أيضا – في اختيار الألفاظ التي تلائم المنطوق الدلالي للنص، وكذلك الصورة والاستعانة بالحركة والصوت واللون وغيرها من الآليات التي تربط بين المتلقي والمبدع من خلال الأدوات الجمالية في النص الروائي.

إشكالية النص:

وتتمركز إشكالية الدراسة في معرفة إجادة الكتاب للتقنيات التي تجذب المتلقي وتثير ذهنه وتجعله مشاركًا للنص الروائي، وكذلك في مدى تضافر مفردات النص في العمل الإبداعي.

أهمية الدراسة:

تكمن أهمية الدراسة في تزويد المتلقي بجماليات فنية يلجأ إليها المبدع للتأثير على المتلقي وإثارة انتباهه، ورصد تمكن الكتاب من لغتهم ومدى تناسبها للموقف والحدث، ومدى استيعابهم – كذلك – للتقنيات المجسدة للعلاقة بين المبدع والمتلقي وترويضهم إياها لعملهم الإبداعي.

الدراسات السابقة:

والباحث في دراسته استعان بالكتب النقدية والدراسات التحليلية في الفن الروائي؛ حتى يستطيع الباحث انتقاء الأدوات الفنية التي تربط بين المبدع والمتلقي من خلال جمالياتها ومدى تأثيرها على المتلقي، ومن هذه الكتب التعبير البياني لشفيع الدين السيد، وبنية النص الروائي لحميد الحمداني، والصورة الروائية للدكتور عبد المنعم أبو زيد.

تقسيم الدراسة:

وتكونت الدراسة من مقدمة وتمهيد وثلاثة مباحث يعقبها الخاتمة، ثم فهرس المصادر والمراجع والموضوعات.

أما المقدمة فتم فيها الحديث عن أهمية الفن الروائي، ثم دواعي الدراسة وإشكاليتها وأهميتها والدراسة السابقة ومحتوى الدراسة ومنهجها.

وقد تناول التمهيد الحديث عن أهمية الرواية والعلاقة بين المبدع والمتلقي، وكيفية التأثير عليه وإثارة خياله من خلال مواطن الجمال التي يستعين بها الكتاب في رواياتهم؛ مما يؤدي إلى تذوق المتلقي للنص الروائي.

وكان المبحث الأول بعنوان: عتبات النص البنية والدلالة، وتم الحديث فيه عن الآليات الفنية التي استخدمها الكتاب في العنوان والإهداء وصورة التصدير واستهلال الرواية؛ حتى يجذب المتلقي إلى نصه الروائي.

والمبحث الثاني كان بعنوان: الشخصية ودلالتها في النص الروائي، وقد جسد الدلالات المتعددة للشخصية من خلال صورة ملامحها الداخلية والخارجية، ومدى تأثيرها على وجدان المتلقي؛ وإسهامها في حيوية الحدث وتجسيد واقعيته.

والمبحث الثالث كان بعنوان: المكان ودلالته في النص الروائي، وتم رصد جماليات المكان والأدوات التي استعان بها الكتاب لجذب المتلقي، وإضفاء الواقعية على النص الروائي.

وأخيرًا كانت الخاتمة التي أسفرت عن نتائج الدراسة، وقد أعقبها فهرسًا للمصادر والمراجع والموضوعات.

منهج الدراسة:

واعتمد الباحث في دراسته على المنهج التحليلي؛ الذي يبرز ما يجيش في وجدان الشخصيات، ويجسد الأساليب المختلفة التي أسهمت في توطيد العلاقة بين المبدع والمتلقي من خلال مواطن الجمال التي استخدمها في روايته.

والدراسة اعتمدت على مبدأ الانتقاء في النصوص الروائية؛ إذ يصعب تتبع ذلك بالتفصيل؛ لذا استعان الباحث بالنصوص التي تؤكد المنطوق الدلالي للعلاقة بين المبدع والمتلقي.

والباحث لا يدعي الكمال؛ لكنه يأمل أن تحقق الدراسة ما كان يصبو إليه الباحث من تجسيد الأدوات والأساليب التي استطاع الكتاب من خلالها إثارة ذهن القارئ وخياله والتأثير عليه وتوطيد العلاقة بينه وبين المتلقي من خلاله نصه الروائي.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

التمهيد

يعد النص الروائي من الفنون الماتعة التي تعمل على التأثير في نفس المتلقي، وتعد الكلمة الأداة لهذا التأثير، ومن خلالها يستطيع الكاتب التعبير عن حالته الشعورية وتجسيد نفسيته، ولا ريب في ذلك؛ فالكلمة تحمل دلالات مباشرة وغير مباشرة؛ تتضح في المعنى الإيحائي الذي تثيره في ذهن المتلقي([1]).

والنص الروائي بوجه خاص والأدبي على وجه العموم يؤدي وظائف متعددة للفرد والمجتمع؛ كالوظيفة النفسية، ولن يستطيع الأديب التمكن منها إلا بإقناع المتلقي من خلال استعانته بآليات تستميل المتلقي وتستقطبه، وتعمل على إبراز العاطفة المجسدة للموقف؛ لذا فالمبدع الناجح هو الذي يستقطب المفردات المعبرة عن حالته، أو يبدع في نصه من خلال تطهير عواطفه بفن القول: “أو ما يمكن أن نطلق عليه بالتسامي العاطفي… وفي بعض الحالات يقصد بالتسامي إصلاح الانفعالات وتقويتها”([2]).

والكاتب يسعى دومًا إلى جذب المتلقي لنصه؛ ويكون ذلك من خلال الوظيفة الجمالية لنصه؛ والمبدع الناجح هو الذي يؤثر في المتلقي ويهيج عواطفه من خلال الجماليات التي يسوقها في نصه، ويعتمد فيها على توفر علاقات بين الكماليات، وكذلك وجود تضافر بين مفردات النص (الألفاظ والمعاني والصور والأساليب)؛ فهذه آليات تحرك ملكات المتلقي وهو ما يمكن “تسميته بالتأثير النفسي الحركي، فنجد المتذوق ينفعل بهذا العمل طربًا له”([3]).

ويلجأ الكاتب للآليات الجمالية؛ حتى يجذب المتلقي إليه من خلال إثارة ذهنه، والتأثير عليه ، فدور الكاتب رئيس في المجتمع وقضاياه؛ إذ إن الأديب يعد صورة لمجتمعه؛ فهو لسان حال أمته المعبر عن آمالها وآلامها، وهو دومًا يأخذ بأيدي الناس من الضعف والانكسار إلى سماء العزة والانتصار، كما أنه أحد أفراد هذا المجتمع، والدراسة ترى أن الأديب الناجح هو الذي لا يحدث فجوة بين معاناته ومعاناة مجتمعه؛ بل يجعل من معاناته أداة ليعبر بها عن معاناة مجتمعه، ولهذه الوظيفة الاجتماعية؛ نجد حرص الكتاب على إرساء قاعدة تجمع بين نصه والمتلقي، وهذه القاعدة تتجسد في إضفاء جماليات على نصه تسهم في جذب المتلقي وإثارة ذهنه وخياله لدى نصه الروائي.

كما يعمل الأديب على تذوق المتلقي لنصه من خلال تلك الجماليات، والدراسة ترى أن تذوق النص؛ يكون من خلال تلك “الملكة الموهوبة التي يستطاع بها تقدير الأدب الإنشائي والمفاضلة بين شواهده ونصوصه…”([4])، ومن خلال تلك الملكة يستطيع المتلقي إصدار حكم على مدى التأثير بالنص، ولا شك في أن تذوق النص يحتاج إلى معايشة النص من خلال المتلقي؛ لذا يعمل المبدع دومًا على الاستعانة بجميع التقنيات التي تسهم في التأثير على المتلقي وتذوقه للنص الروائي، والدراسة ترى بأن النظرة إلى التذوق قد اختلفت؛ إذ لم تعد دالة على الترف فحسب؛ بل أضحت تدل على أن التذوق صار من مقومات وجوده([5]).

إن تذوق النص الإبداعي له أهمية كبيرة للمتلقي؛ فمن خلاله يستطيع إثارة عاطفة القارئ وانفعالاته ، وهذا يساعد على تفاعل المتلقي مع الجو النفسي المسيطر على النص الإبداعي.

إن الكاتب في النص الروائي يعمل دومًا على الاطلاع؛ حتى يستطيع الولوج إلى المتلقي، والتعامل مع الأدوات الفنية المتجددة؛ طبقًا لطابع الرواية الفني، الذي يتسم بالانفتاح على آليات العلم المتطورة، وهذا ما يبين لنا أن الرواية تعد أكثر الفنون الأدبية تحقيقًا لرغبات الفرد، وكذلك مواجهة تحديات العصر؛ وذلك بسبب ما تتميز به من مرونة قالبها الفني، وتمتعها بالتحرر والانفتاح، فضلاً عن دور الترجمة الذي أرسى قواعد هذا الفن.

وقد ساعدت العلاقة بين النص الروائي والمجتمع على تعدد الأغراض والموضوعات، وقد أشار “نجيب محفوظ” إلى ذلك عندما تحدث عن مرونة القصة واتساعها لجميع الأغراض، ومن هنا نجد قصة علمية، وقصة اجتماعية، وقصة سياسية، وقصة تحليلية، وقصة فلسفية…الخ([6]).

المبحث الأول: عتبات النص (البنية والدلالة)

من المتعارف عليه أن عتبات النص لها علاقة وثيقة بالنص الروائي؛ إذ يقدم الكاتب من خلالها صورة فنية توضح المحاور التي يتكون منها النص الأصلي للرواية؛ بل إنها تجسد تشوق المتلقي الدائم للكشف عن أبعاد الصورة الرئيسة لهذه العتبات، ولا شك في أن النص الأصلي للرواية يحمل في طياته تفاصيل مفردات هذه العتبات، وهذه العتبات – التي تربط المؤلف بالمتلقي من خلال شعريتها وإثارتها الدائم لذهن المتلقي – تتجسد في العنوان والتصدير والإهداء والبداية.

أولاً: العنوان:

العنوان يجسد صورة فنية تبرز ملامح النص الأصلي للرواية؛ وتعمل على كشفها للمتلقي بصورة كلية أو تعمل على تفصيل جانب لها، و هذه الصورة – التي تبرز العلاقة بين العنوان والنص الأصلي للرواية – تصل إلى المتلقي بشكل مباشر أو رمزي يقوم على إحالة المتلقي وتأويله للنص.

ويحدد العنوان جنس النص ورموزه ورؤية المؤلف؛ لذا فله علاقة مع النص الأصلي للرواية؛ فهي “علاقة عمودية يمثل بموجبها تكثيفًا لدلالة النص… إن العنوان يحمل إرهاصات المعنى”([7])، ونصوص الرواية تعمل على كشف مفردات العنوان، وملامح شاعريته وفك الدلالات والإيحاءات التي يحتويها العنوان، والدراسة ترى أن العلاقة بين النص الروائي وعنوانه؛ هي علاقة قد تميل إلى المغايرة؛ إذ إن العنوان قد لا يستطيع تفسير إيحاءات النص الروائي، وهنا يأتي دور المتلقي في التأويل.

وعند النظر إلى عنوان رواية (البيت) نجد أنه يتكون من كلمة واحدة، وهي مبتدأ والخبر محذوف، وهنا يأتي دور المتلقي في تصور الخبر؛ إذ يسأل نفسه ما المقصود بالبيت؟ وما ماهيته؟ وهذا نجاح للكاتبة؛ إذ أثارت ذهن المتلقي، وأضحى مشاركًا للمؤلف في التأويل، وهذا يبين أن عنوان الرواية هنا يعد صورة تكشف عن أطروحات كائنة وغير كائنة، وكلاهما يظهران تفعيل دور المتلقي في النص الروائي؛ إذ إن كلمة البيت توحي بدلالات متعددة للماضي والحاضر على حد سواء؛ فهو يكشف الشخصية من خلال المكان وما يحمل في طياته من محبة لدى ساكنيه، وهذه الدلالات المتعددة للعنوان تجذب المتلقي وتثير ذهنه وتجعله مشاركًا للنص الروائي؛ لذا يرى “ايكو” بأنه يجب أن يشوش العنوان الأفكار؛ لا أن يوحدها([8]).

ونجد العنوان في رواية (هوس البحر) يتألف من مبتدأ ثم مضاف إليه والمضاف إليه يؤكد دلالة المبتدأ، وهذا ما يجسد المصداقية، ويظهر لنا أن الخبر محذوف، وهذا يعضد وجود دور للمتلقي في التأويل؛ إذ يتساءل عن الجواب، فيثار الذهن لديه، ثم يطلع على النص الروائي كاملاً؛ ليدرك مدى توافق تأويلاته مع نهاية النص الروائي، ومن نصوص الرواية المبرز لماهية العنوان قول الراوي: “والمدينة تبتعد شيئًا فشيئًا تلم عورتها، وتدفن وجهها في هوس البحر الذي خذلها…” ([9]). فالنص السابق يوضح لنا توتر الشخصيات، وهذا يبرز علاقة العنوان بالنص الأصلي، ونجحت الكاتبة في جذب المتلقي من خلال التشخيص والكناية التي أبرزت قلق الشخصيات.

ويقول د: “محمد عبد المطلب” بأن العنوان عتبة رئيسة للمتلقي؛ فهو يتحول إلى أداة مصاحبة تأخذ بيد القارئ حتى لا يضل في متاهات النص”([10])، ويؤيد ذلك هذا التحليل السريع الذي يبين العنوان ودلالته التركيبية ومستواه الدلالي وعدد كلماته للنصوص التي ستدور حولها هذه الدراسة.

ففي رواية (عصافير النيل) نجد العنوان يتكون من كلمتين ومستواه التركيبي يتكون من مضاف ومضاف إليه والمضاف مبتدأ والخبر معلق، ومستواه الدلالي يوحي بالكثرة والحياة وهو إيحاء غير مباشر ويثير ذهن المتلقي ويجذبه لقراءة الرواية كلها؛ حتى يتأكد من مدى تلاؤم رؤيته مع نص الرواية([11]).

وفي رواية (الساكن والمسكون) نجد العنوان يتكون من كلمتين مبتدأ ومعطوف عليه والخبر معلق؛ حتى يثير ذهن المتلقي في التأويل، ومستواه الدلالي يوحي بالتوحد والترابط، ولن يظهر ذلك إلا مع معرفة شفرات النص من خلال الاطلاع على مفردات النص الروائي الأصلي كاملاً([12]).

وفي رواية (هوس البحر) نجد العنوان – كما بينا – يتألف من مبتدأ مضاف ومضاف إليه يحمل دلالات المبتدأ، والخبر معلق؛ حتى يثير ذهن المتلقي، ومستواه الدلالي يوحي بالتوتر والقلق؛ لكن حقيقة تلاؤم ذلك مع النص الروائي؛ لن يظهر إلا من خلال الاطلاع على جميع مفردات النص الأصلي للرواية كاملاً([13]).

وفي رواية (غسيل) نجد العنوان مؤلفًا من مبتدأ مضاف ومضاف إليه، والخبر معلق، وقصد المؤلف ذلك ليثير ذهن المتلقي؛ من خلال التأويل لدلالات هذا العنوان، ونلحظ أن المستوى الدلالي هنا يوحي بالسيطرة والظلم، ولن يبرز ذلك إلا مع الإحاطة بشفرات النص المجسدة لهذه الدلالات([14]).

وفي رواية (صمت الرمل) نجد العنوان مكونًا من مبتدأ مضاف ثم مضاف إليه، والخبر معلق؛ ليجذب المؤلف وجدان المتلقي؛ من خلال الإيحاءات الكثيرة التي تثير ذهن المتلقي، والمستوى الدلالي للعنوان يوحي بالسكوت والانقياد للوهم، ولن يتجسد ذلك إلا من خلال اطلاع المتلقي على جميع مفردات النص الأصلي للرواية([15]).

نخلص مما سبق إلى أن العنوان كان من الأدوات التي أثارت ذهن المتلقي من خلال التأويل لدلالات العنوان التي طرحها المؤلف ليجذب وجدان المتلقي، والدراسة ترى بأن العنوان “يعد إشارة دالة ومستقلة في إنتاجيتها الدلالية… وهذا المستوى التركيبي للعنوان يختلف من كاتب إلى آخر([16]).

ثانيًا: الإهداء:

لا شك في أن الإهداء يعبر عما بداخل المؤلف تجاه المقربين منه، وهو لا يخلو من قصدية الكاتب، سواء أكان ذلك في اختيار المهدي إليهم أم في اختيار عبارات الإهداء، وتفعيل دور المتلقي في عملية التلقي، ومعرفة أبعاد النص وإيحاءاته، وهذا ما يجعل المتلقي مشاركًا للمبدع في نصه الروائي، وقد أشار “عبد الفتاح الحجمري” إلى ذلك في قوله بأن الإهداء يعد “ميثاقًا يؤكد أهميته في تحديد بعض الدلالات ومكوناتها النصية”([17]).

وفي رواية (الناس في كفر عسكر) نجد الإهداء لمصر والناس ولروح أمه التي ترقد في مدفن ضيق، “نقرأ لها الفاتحة، نشكو لروحها الهموم الكائنة لدينا، يزيد في قلوبنا الإيمان”([18]).

الكاتب في هذه الرواية يحدد المهدي إليه أولاً بالوطن وثانيًا بالوالدة، ويهدف من ذلك تجسيد المشاعر تجاه الزمن والمكان وإعطاء المتلقي إشارة لمدى علاقته بهذا الشأن، وقد جذب المؤلف المتلقي لروايته من خلال هذا الإهداء الذي يحمل كثيرًا من الدلالات والشاعرية التي تجسدت في المدفن، ومعرفة مشاعر الناس تجاهه، وقد اعتمد الكاتب في ذلك على الحركة في قوله: نمشي له مسافة في الأرض المزروعة، ونفكر في الموت، ونقرأ لها الفاتحة([19]).

ويتضح لدينا – هنا – بأن المشي حركة سريعة وتكون ظاهرية، أما التفكير والقراءة فهما ذات حركة بطيئة، وتكون في الفعل الباطن، والأفعال هنا مضارعة تفيد التجدد والاستمرار واستحضار المغيب، ويظهر لنا – كذلك – في النص السردي أن الحركة قد تنتج صوتًا يسمع، وهنا يضاف الجديد للمتلقي في رؤيته، وجاء هذا الصوت في حركة المشي والشكوى، وهذا ما يزيد المعنى وضوحًا، كما نجح الكاتب في جعل علاقة وطيدة بينه وبين المتلقي من خلال الدلالات بمشاعر المرسل إزاء الأم؛ إذ قرب الصورة من المتلقي من خلال الوصف والاستعارة في قوله: (نشكو لروحنا همومنا)، كما نلمح نجاح الكاتب في اختيار الألفاظ والعبارات المعبرة عن وجدانه والملائمة للتجربة والموقف، وهذا ما منح الصورة درجة عالية من البلاغة؛ كان لها الدور الرئيس في إضافة المزيد من الجمال إلى النص الروائي.

وفي رواية (دارية) نجد الإهداء هكذا

إلى روح أمي … جمالات الزيادي

ترفرف حولي أينما أكون

وإلى طفليَّ ريم ومروان

ترفرف روحي حولهما أينما يكونان”([20]).

نجد الإهداء مقدم إلى الأم التي تتمنى الكاتبة أن ترفرف روحها في كل مكان، وتم تقديم الإهداء – أيضًا – إلى ابنيه، ولكي تجذب الكاتبة المتلقي إليها؛ استعانت بالاستعارة والكناية في إهدائها؛ كما جاءت لغتها واضحة؛ لتصل إلى ذهن المتلقي دون عناء، والإهداء وجد فيه الحركة في ترفرف والاختصاص في طفلي وحولي والكنابة عن الحب والاشتياق.

ثالثًا: التصدير:

ويلجأ الأديب إلى التصدير في نصه الروائي؛ حتى يطرح موجزا لفكرته ويكشف عن عناصره، ومن هنا فإن صورة التصدير في النص الروائي تتسم بأن “طبيعة سياقها التداولي يجعل منها نصًا يبرز خاصية التكثيف في عرض الإخبار الحكائي”([21]).

وفي رواية (ريح السموم) نجد الكاتبة تصدر الإهداء بنص للكاتب “إبراهيم الكوني” يقول فيه: “الكراهية إذا بدأت فإنها قادرة على أن تحول الدنيا إلى خرم إبرة، فيسهل على جيل ورث عداء عن الأسلاف أن يختلي بجيل القبيلة الأخرى في الرقعة الضيقة حتى يبيد أحدهما الأخرى…”([22])، والتصدير السابق يجسد لنا الكراهية بصورة تجعل لها دورًا في التغيير؛ إذ جعل منها إنسانًا يستطيع تحويل الدنيا لمساحة ضيقة لا يستطيع معها الإنسان تنفس الحرية، وقد نجحت الكاتبة في جعل علاقة وثيقة بينها وبين نصها الروائي وبين المتلقي؛ إذ كان الإهداء معبرًا عن العنوان بصورة نسبية، وتتأكد هذه الصورة بالاطلاع على العمل الروائي بأكمله، كما أن الكاتبة قد نجحت في جذب المتلقي لنصها الروائي من خلال القيم البلاغية التي استعانت بها في التشبيه والكناية، ودورهما في تجسيد إيحاءات متعددة في النص، وهذا يؤكد المنطوق الدلالي للرواية؛ فالرواية من بدايتها إلى نهايتها تؤدي منطوقًا واحدًا هو الخوف والقلق والكراهية.

وفي رواية (بغداد لا أحد) لجمال عبد المعتمد؛ نجد التصدير يقول:

“بعد قليل… أمر… أدفع الحياة

أمامي… كعربة فارغة… وأهتف:

أيها العابرون

احذروا… أن تصطدموا بأحلامي”([23]).

عدنان الصائغ

إن التصدير السابق يوضح لنا العالم النفسي لشخصية لا تهتم بالحياة، وتعمل على دفعها لتصل إلى ما تصبو إليه من أمان؛ لذا تهتف محذرة إياهم بعدم الاصطدام بها، وقد نجح الكاتب في استخدام تقنيات تعمل على وجود علاقة بين المتلقي والنص الروائي؛ إذ توفرت في الرواية مفردات النص واللغة والحركة والزمان والمكان والشخصية ، وهي آليات أسهمت في إنتاج دلالة التحدي والعزيمة نحو تحقيق الحلم بأي وسيلة، والكاتب في تصديره حرص على جذب المتلقي؛ فكانت اللغة منتقاة بدقة؛ إذ دلت على المنطوق الدلالي للكاتب والنص الروائي؛ فاستعان بالألفاظ التي تدل على التحدي والعزيمة وهي (أدفع الحياة، احذروا) وكذلك (أيها العابرون)، فالفعل الأمر هنا يدل على الحصول على الفعل من خلال الاستعلاء وانتقاء (أيها) مقصودة بأن نداءه للقريب والبعيد ليتحقق الهدف من مقصوده، والحركة والصوت في أهتف تؤدي دورًا في فعالية الدلالة والأثر لدى المتلقي، وقد نجح الكاتب في إيجاز التصدير؛ إذ إن “الإيجاز يمد الأسلوب بالإيحاء الفني وإثارة خيال المتلقي وتحريك ذهنه”([24])، كما أنه استعان بالبلاغة لتسهم في تقديم الرؤية والدلالة؛ فوجدنا الاستعارة في (أدفع الحياة، كعربة فارهة، أن تصطدموا بأحلامي) وهي أساليب تسهم في تنمية الحس الجمالي، وتدعم جمال الصورة من خلال الإثارة والفاعلية.

نخلص مما سبق إلى أن الكاتب قد استعان بجميع الأدوات التي تساعده في جذب المتلقي نحو نصه الروائي، فوجدنا الحركة التي تضفي على النص صفة الواقعية؛ كما أنها تجعل النص يتسم بالعمق والحيوية وتساعده في تقريب الصورة من ذهن المتلقي؛ مما يؤدي إلى تفاعل المتلقي مع النص.

رابعًا: البداية:

من المتعارف عليه أن البداية لها علاقة بالواقع قبل كتابة النص، وذلك من خلال علاقته بعناصر نصه؛ فما يستدعيه الكاتب ليس وليد فراغ؛ بل ينتج عن واقع قد تحققت الإشارة إليه من خلال رموز تتداخل في باب المتواضع عليه من سلوكيات اجتماعية وروابط ثقافية وتفاعلات إنسانية([25]).

ولا شك في أن البداية المحكمة تجذب المتلقي، وتقذف به إلى عالم النص وتساعده في معرفة قدرًا من النص قبل الولوج فيه؛ لذا فالأفضل للبداية أن تكون سهلة في اللفظ، أسلوبها مرن جذاب، ومعناها واضح.

وفي رواية (تفاحة الصحراء) نجد المشهد الافتتاحي للرواية يقول فيه الراوي: “انطلق بعربته “الجيب” الرمادية بسرعة جنونية، يده اليسرى على مقودها، واليمنى تقبض على بندقية سريعة الطلقات، دار في منعطفات ضيقة بين التلال الدائرية، خرج منها إلى براح لا نهاية له، متتبعًا الظل المذعور الذي تلقيه الشمس المتوجهة تحت أرجل غزالة هاربة من صوت رصاصات بندقية التي تشده بنشوة انطلاقها إلى تتبع تلك الرقيقة، ذات الجسد المنتفض هلعا، قلبها يدق بعنف، مفرزا خوفًا يبلل الرمال خلفها، قفزت إلى وادي ” الحديج” والعربة تقترب أكثر من قفزاتها، والقناص لا ترمش له عين، كله إصرار على ذبحها، كادت دقاتها تخرج دفعة واحدة حين أحست بسحبه الزناد، والرصاصة تتجه نحو صدرها بمجرد أن وقفت تنظر حولها للحظة، تتطلع إلى ذلك العنيد، تهلل وجهه وهو ينزل من العربة متجهًا إليها، وهي مقومة على أطرافها تئن، دماؤها تسيل، وقد انحصرت في الوادي ذي الأرض المنبسطة الكاشفة لكل حشرة فيها، والتي كانت بمثابة الشرك لها، فبدت التلال الصغيرة من بعيد كحوائط مرتفعة تمنعه من الهروب فسهلت له قنصها… أطلقت دموعها لتروي مكان قدميها، فربما يجد تلك الدموع أحباء من بني جنسها فتتذكرها… ألقاها في خلفية العربة على أخريات صريعات ملوثات بدماء حارة… ركب العربة، داس على قلبها”([26]).

إن الكاتب في بداية نصه الروائي السابق قد نجح في جذب المتلقي إلى نصه من خلال تقديمه لصورة حسية مادية، تبرز عملية صيد غزالة في مكان جبلي، ووقت معين، انتهت العملية بالقبض على الفريسة ووضعها داخل العربة، وكانت الصورة مكونة من صورة الرجل الذي يتتبع الفريسة، وصورة الفريسة التي تئن من ملاحقتها وتعمل على الهروب، ومما أسهم في جذب المتلقي وواقعية الصورة؛ أن هذه الصورة قد تشكلت من خيال الكاتب؛ فقد استدعى أمورًا حسية عايشها وتفاعل معها ولمسها من خلال بيئة صحراوية.

وقد اعتمد الكاتب في جذب المتلقي وإقناعه على آليات متعددة منها حاسة البصر التي أظهرت الأشياء بوضوح من خلال تجسيمها لها، وهذا ما كان له اثره في وضع المتلقي نحو الوصف الدقيق لآليات الصورة، وتعد أبسط دلالات الصورة وأقربها إلى الأذهان “دلالتها على التجسيم، أو الأشياء القابلة للرؤية البصرية”([27]).

ولم يعتمد الكاتب في استقطاب ذهن المتلقي على حاسة البصر فحسب؛ بل وظف الحركة واللغة والمكان والشخصيات والعربة توظيفًا فنيًا؛ فالحركة تجسدت في (حركة العربة، حركة الصائد، حركة الفريسة التي تحاول الهرب) ولا ريب في أن هذه الحركة قد بثت في الصورة الحياة، كما منحت المتلقي وجودًا فاعلاً في النص الروائي من خلال إثارة مشاعره وتحريك ذهنه مما يسهم في توفر اللذة لدى المتلقي إزاء النص الروائي.

كما جاءت اللغة مجسدة للحركة ومتوائمة مع العلاقة الكائنة بين الصائد والفريسة، فوجدنا الأفعال الماضية في (انطلق خرج، دار) وهي تدل على الحالة الشعورية التي اعتبرت الصياد عند استهلال اقتناصه للفريسة، كما جاءت الأفعال الدالة على المضارع في (تشده، تتبع، تئن، ترمش، تخرج) وهي ألفاظ تدل على الحاضر وتعكس العراك بين الصياد وفريسته وتدل – كذلك – على تجدد الحركة، ولا جدال في أن الأفعال قد منحت النص الحركة والحيوية “فالصورة السردية التي تتميز بالحركة وإدخال الفعل في المقطع الوصفي يزيل التوتر القائم بين القص والوصف، ويوجه النص إلى الحركة”([28]).

وقد اعتمد الكاتب – أيضًا – لجذب المتلقي على الأسلوب الخبري؛ الذي يمنح المتلقي الشعور الإيجابي بالتجربة التي عايشها المؤلف؛ لذا وجدنا الألفاظ الدالة على التحدي (الظل المذعور، كله بإصرار، دماؤها تسيل، انحصرت في الوادي، أطلقت دموعها).

وهذه الألفاظ قد طرحت للمتلقي أبعاد العلاقة بين الصائد والفريسة؛ فأسهم ذلك في جذب المتلقي للنص الروائي، وقد استعان الكاتب بالصورة في الشخصيات لجذب المتلقي؛ فوجدنا شخصية الصائد التي وصفت معنويا من خلال حالته النفسية في تتبع الفريسة واقتناصها، وبرز ذلك في (القناص لا ترمش له عين، تهلل وجهه…) وشخصية الغزالة التي وصفها المؤلف – بسبب ما أحاطها – بالذعر والهلع، وتجسد ذلك في قوله: (ذاك الجسد المنتفض هلعًا، تنبش الأرض بحوافرها، قلبها يدق بعنف مبرزًا خوفًا).

وقد نجح الكاتب – كذلك – في جذب المتلقي من خلال انتقاء المكان الذي يتواءم مع التجربة؛ إذ كان المكان هندسيًا وجغرافيًا ملائمًا للاقتناص من الفريسة، وبرز ذلك في قوله: (وقد انحصرت في الوادي ذي الأرض المنبسطة الكاشفة لكل حشرة فيها… و بدت التلال كحوائط تمنعها من الهرب…)، ومما يحمد للكاتب أن مفردات الصورة التي استعان بها قد أسهمت في تكوين مجموعة من العلاقات المعنوية والمادية التي تعمل على تفعيل دور الرمز في استقطاب ذهن المتلقي.

كما استعان الكاتب بالاستعارة؛ لإثارة ذهن المتلقي وخياله، وكانت تدل على الواقع النفسي للفريسة (خرج منها إلى براح لا نهاية له متتبعًا الظل المذعور… الرصاصة تتجه نحو صدرها) وكانت الاستعارة في أغلبها قائمة على التشخيص؛ الذي يجسد المعنى، ويبث الحياة في الصورة، كما أنه يجسم الأفكار؛ إذ إنه أضفى على الغزالة صفات إنسانية، وقد اعتمد – أيضًا – في التأثير على المتلقي على الكناية، فالمشهد

السابق كناية عن الإهانة التي تعرضت له الفريسة وكذلك الصمود الذي اتسم بالصائد.

نخلص مما سبق إلى أن الاستهلال في النص الروائي؛ يكون نجاح الكاتب فيه من خلال جذب المتلقي؛ عندما يستخدم الأساليب المعبرة والمجسدة للتجربة، والموحية بواقعية الحدث وحيويته، وأن جملة الصدارة في مفردات النص من سرد وشخصيات وخلافة؛ هو تعبير عما بداخل النص، وما يحتويه السياق ويتضمنه.

المبحث الثاني: الشخصية ودلالاتها في النص الروائي

تعد عملية بناء الشخصية في النص الروائي من أكثر العناصر اهتمامًا – لدى النقاد -؛ لذا فالرواية تختل إذا اهتم الكاتب بإبراز الملامح الخارجية للشخصيات فقط “لأن الشخصية تبنى من داخل القصة، ومن خلال أحداثها ومواقفها”([29])، وقد أشار الدكتور ” محمد غنيمي هلال” إلى أن الاهتمام بالشخصية قد انعكس على الرواية؛ حيث إن الكتاب قد اعتنوا بالفرد ونزعاته، وجعلوا منه وحدة الإصلاح في مجتمعهم، ونادوا بإنصافه مع طغيان المجتمع وقيوده…”([30]).

وقد استطاع الروائيون جذب المتلقي من خلال رسم صورة فنية للملامح الخارجية وكذلك الداخلية للشخصيات؛ وتلك الصورة مشتملة على مفردات النص المتضافرة؛ لإضفاء عنصر الواقعية والحيوية في النص السردي.

أولاً: صورة الملامح الخارجية للشخصية:

من المتعارف عليه أن الملامح الخارجية للشخصية تعد البوابة الرئيسة لتفسير تصر فات الشخصية ودورها مع مفردات النص، ويقصد بالملامح الخارجية “كافة الخصائص الخارجية للشخصية: عمرها وجنسها ومكانتها ومظهرها الخارجي… وتجعل هذه الخصائص للحكاية سحرها وجمالها”([31]).

وفي رواية (أيام يوسف المنسي) ي قول الراوي: “انتهز يوسف فرصة حضور المسئول الكبير ذي الوجه الدموي اللامع، فاقتحم محرابه يشكو له هوانه… أبدى المسئول اهتمامًا… سمع منه أنا يوسف عبد الواحد المنسي الرجل الذي و ضعه تحت إبطه، أغرقه في رائحة عرقه العفنة… الرجل من ذوي القامة الطويلة، عالي الأنف”([32])، إن النص السابق يوضح لنا أن ذكر اسم الشخصية كاملاً، يعني أن هذه الشخصية مميزة، تؤدي الفعل بشفافية، وأن علاقتها بالمكان والوضع الاجتماعي قد تبين نسبيًا من خلال اسمها؛ إذ إن كلمة المنسي تبين للمتلقي أصولها المتواضعة اجتماعيًا وماديًا، وقد أشار الكاتب إلى ذلك في قول الراوي: “المنسي هذا صفة لشخص هو الجد الأكبر لعائلتنا، نحن سلالة لقب لا يشي بحرفة احترفها الأجداد، أو مركز اجتماعي كان لأحد أجدادنا الكبار”([33]).

وقد نجح الكاتب في رسم صورة الرجل الآخر بالنص السابق؛ فهو صاحب وجه دموي لامع ورائحته عفنة وقامته طويلة؛ وهذه سمات توحي بحب الشخصية للمادية وانغماسها فيها، وهي صفات تجذب المتلقي إلى متابعة النص الروائي كاملاً؛ ليعرف ماهية هذه الشخصية وأفعالها وهل تطابقت مع تلك الأوصاف التي خلعها الكاتب عليها.

وفي رواية (صمت الرمل) نجد قول الراوي: “عندما دخل عليها وجدها في سرير دائري وردي، بجوارها زوجها، صغيرة وجميلة وطويلة ورشيقة، عيناها كعيني زرقاء اليمامة، واسعة عربية صحراوية، حادة شرسة وراغبة، لا يعرف قاموسها الخجل، وشرطة العين الجانبية صريحة، يظهر بوضوح وتأكيد كحلها الأسود”([34])، والنص السابق يصف فيه الكاتب الصفات الجسدية للشخصية؛ فهي تتسم بالطول وجمال العينين؛ المنبثق من حدة نظرها، وقد اعتمد الكاتب – للتأثير على المتلقي – على جماليات متنوعة؛ فاختار اللغة والتشبيه بعناية (دائري، وردي، زرقاء اليمامة…) وقد قصد الكاتب ذلك؛ لتفعيل دور القارئ في المشاركة، والدراسة ترى أن مشاركة المتلقي للنص الروائي، يعد ضرورة لاكتمال متعة تذوق النص الروائي؛ لأن “البنية الدلالية شيء ينجزه القارئ بعملية فرز من خلال دلالات الإيحاء الواردة في كلمات النص وعبارته بحثًا عن النماذج…”([35]).

ونجد في النص التناغم الصوتي؛ إذ تتابعت الألفاظ على نغم واحد وبشكل سريع (جميلة، طويلة، رشيقة…) وجميعها تتكون من خمسة أحرف، كما وجدنا في النص التشبيه؛ عندما شبهها بزرقاء اليمامة، وهو ما يدل على قوة النظر، وقد عضد ذلك؛ بتشبيهه إياها بعيني المرأة العربية الصحراوية البدوية؛ إذ إن ذلك يعد دلالة على حدة العينين، والدراسة ترى بأن تعدد الدلالات في النص؛ يعطي القارئ المتعة واللذة “فاللذة – كل الذة – هي أن لا يتوقف النص عند الإحالات وألا ينتهي عند دلالة بعينها”([36]).

ويتابع السيد نجم في روايته (أيام يوسف المنسي) جذب المتلقي لروايته؛ من خلال صورة وصفية لمجموعة من الشخصيات، يعبر عنها الراوي بقوله: “أبو عواد ذو الصوت الجهوري، الفارع الطول، النحيف، عار الصدر دومًا، حافرًا بالوشم الأخضر على صورة “أبو زيد الهلالي” شاهرًا سيفه، ممتطيًا جواده… “عبود الخشن” بدين، قصير، محترق البشرة، ملتهب العواطف شوقًا لداره هناك بإحدى قرى الصعيد… حمودة المشد الشاحب الوجه الألدغ هارب من حكم النفقة الصادر ضده…”([37])، والمتأمل في النص السابق يجد مدى جذب الكاتب للمتلقي من خلال رسم صورة فنية لثلاث شخصيات، وصف الأولى وهي (أبو عواد) بصفات مادية، مجسدة في (الصوت الجهوري، الطول، النحافة، الصدر المنقوش بالوشم…) وهنا نجد مفارقة بين الاسم والصفة؛ فالاسم يوحي بالضياع واللامبالاة؛ إذ إن الشخصية من مهاجري السويس؛ الذين لم يتمسكوا بأرضهم، أما الصفة فتشي بالقوة حيث الصوت القوي والطول المهيب.

والشخصية الثانية هي (عبدون الخشن) وقد وصفها الكاتب (بالبدانة، والقصر، والسواد) وهي صفات توحي بعدم الوسامة، وهنا نجد توافقه بين الصفة وفعل الشخصية التي هربت من قريتها خوفًا من الثأر، واستقرت في مكان آخر يحوطها الجن، وهذه سمات تتفق مع الملامح الخارجية التي جسدها الكاتب في نصه الروائي، والشخصية الثالثة هي (حمودة المشد) وقد وصفه الكاتب بأنه (شاحب الوجه وألدغ) وهذه صفات تشي بالضعف، وهي صفات توافقت مع الموقف الذي أحاط بالشخصين؛ إذ تعامل باللامبالاة مع زوجته في فعل الخيانة الذي بدر منها.

وباستقراء النصوص الروائية؛ تبين للباحث أن صورة الملامح الخارجية للشخصية؛ قد تتأثر بأمور خارجية؛ تؤدي إلى تغير طبيعتها، وبرز ذلك في رواية (غسيل مخ)؛ إذ يقول الراوي: “وهو يسير وسطهم في ذهول تام، مهتز الخطوة، هائج الشعر، متورم الجفنين، أصفر الوجه، طويل اللحية، ملابسه غير منتظمة ومتسخة”([38]).

ويتضح من النص السابق قيام الراوي برسم صورة سيئة للشخصين؛ فهو في (حالة ذهول تام، وشعره غير منتظم، وأصفر الوجه) ولا ريب في أن هذه الصفات توحي بالقهر؛ لكنها ليست هي الأساس عند هذه الشخصية؛ إذ إنها نتجت عن الأفعال التي تعرض لها من تعذيب وغيره في معتقله، والدراسة ترى أن صفات الملامح الخارجية للشخصية؛ تعطي الانطباع الأول عنها؛ لكن يفتقد المتلقي لمطابقة تلك الصفات لأفعال الشخصية، ولن يكون ذ لك إلا باستقراء النص الروائي بأكمله، وهنا يكوِّن الكاتب علاقة وطيدة مع المتلقي، ويجعله مشاركًا لإبداعه الروائي من خلال التأويل، و نجد ذلك – أيضًا – في رواية (أعناق الورد) عندما تصف الكاتبة ( العين ) بأنها تميل إلى اللون الأخضر؛ فيقول الراوي : “فيلتفت إليّ بعينين خضراوين مشعشعتين بنظرة حنونة…”([39])، ولا شك في أن وصف العين باللون الأخضر يوحي بالخصوبة، و هذا ما يبين بأن هذا الوصف يعبر عن الصفات النفسية للشخصين، ومن المتعارف عليه أن العين تشي بما في نفس الشخصية من قلق ونحوه.

وفي رواية (ريح السموم) نجد الكاتبة تجعل الصمت من لوازم الشخصية التي تؤثر في الملامح الخارجية، يقول الراوي: “لحظة الصمت أشبه بقارب يطفو فوق سطح من الزئبق يتهادى خارجًا من القمة، لكنه لا يعرف وجهته…”([40]).، والنص السابق يرسم لنا صورة فنية للصمت، اعتمدت فيها الكاتبة على الخيال؛ الذي جعل الصورة قريبة من مشاعر المتلقي؛ كما أنه أسهم في انتقاء الألفاظ، وهذا أمر طبيعي؛ إذ إن “للخيال تأثيرًا على الأسلوب أو على فن إدارة الألفاظ، فالأسلوب الجيد نتاج حساسية شديدة الإرهاف..”.([41])، وقد اعتمد الكاتب – لجذب المتلقي – على العناصر الشعرية؛ وجاء ذلك في تشبيهه الصمت بالقارب الذي يطفو على شيء لا قيمة له؛ وهذا يدل على أن الشخصية في صمتها لا تستقر على شيء معين؛ فهي في هذه الحالة تتسم بشرود الذهن وتداخل الأفكار.

ثانيًا: صورة الملامح الداخلية للشخصية:

من المتعارف عليه أن صورة الملامح الداخلية للشخصية؛ يعين على بيان الواقع النفسي للشخصية في علاقتها بالآخرين، و ما ينتج عنه من إيجابية في التواصل مع الآخرين؛ أو السلبية في الانطواء وعدم الاندماج مع مفردات المجتمع، ومن الروايات التي طرحت الواقع النفسي للشخصية وأثره في تفصيل دورها في السياق الروائي؛ نجد رواية (صمت الرمل)، وهنا يجسد الراوي هذا الأمر في قوله :”كما توقع في مخيلته، دافئة وحنونة، هادئة ومبتسمة وواثقة بنفسها إلى درجة أنها أخذت بيده مسافة طويلة إلى أن جلس في الصالون”([42]).

الكاتب في النص السابق يرسم لنا صورة فنية للمرأة؛ يبين من خلالها ملامحها الداخلية (دافئة، حنونة، هادئة) وهي صفات معنوية تشي بإيجابية المرأة في بناء علاقات مع الآخرين، ويتضح ذلك من خلال استقراء النص الروائي كاملاً.

وفي مشهد آخر من الرواية ذاتها؛ نجد صورة مضادة للنص السابق في الدلالة؛ إذ يقول الراوي: “ثمة انقباضة قلب وأسى وحزن وشجن وقلق يحتاج هذه الإنسانية البالغة الرقة، بدا أنها ترتعش، أمسك يدها بقوة، لم تمانع بل انزلقت إلى حضنه متشبثة به، ولما أحست أن هناك حضنًا دافئًا لرجل أرادته اطمأنت واقفة…”([43]).

إن النص السابق يبرز لنا صفات سيئة؛ نتجت عن حالة الاغتراب الذي تعيشه الشخصية، وهنا يعتريها تلك الصفات وهي (الأسى والحزن، والشجن والقلق) وهذه الصفات تتحول إلى صفات إيجابية؛ عندما تجد الشخصية من يحتويها وينتشلها من هذا الواقع المرير، هنا نجدها تتصف بالأمل والاطمئنان؛ عندما تجد حضنًا دافئًا لرجل أحبته.

وقد برزت العلاقة بين المبدع والمتلقي في وصف الشخصية؛ في رواية (هوس البحر)؛ إذ تعتمد الكاتبة في ذلك على الحركة والصوت والتشبيه والاستعارة والكناية وغيرهم من مفردات النص الروائي، وتجسد ذلك في قول الراوي: “أخذتني أيام المدرسة، غرقت بين الكتب والأقلام ، وحكايات ليلى التي لا تنتهي، و صوتها المتلألئ دائمًا بالفرح، واستعجال الأيام حتى ننتفض عن أجسادنا أثواب الطفولة، شعرت لأول مرة بإمكاني أن أضحك أو أحلك، كنت أتسلق أسوار الحلم، أتعلق بطيور المجهول، أحاول أن أبدد الخوف الذي بدأ يتسلل إلى نفسي، عندما يعلو شجار أمي مع عزت شومان؛ في البداية كان شجارهما أشبه باهتزاز أوراق الخريف؛ لكنه أخذ ينمو بمرور الوقت، كان شجارهما يتصاعد مثل الغيوم ويهطل مثل المطر… أقف بمحاذاة النافذة، أسمع صوت البحر، أتوسل لهوسه أن يمهلنا قليلاً، ومع كل شجار كنت أشعر بشيء من الكراهية تجاه أمي، أتوسل إليها في صمت أن تترقق قليلاً بالحلم، لكنها كانت مثل الريح، تشعل في لحظات كل الأشياء الجميلة، فتفتح براكين الجحيم داخل عزت شومان، لم أكن أعرف التفاصيل التي تؤرقها، ولا أسباب بكائها المر طوال الليل، وكان هو يدنو ويبتعد مثل الموج، كان قلبها يفطر عشقًا وجسدها ينهار تحت سياط الألم ولحظات الاختناق…”([44]).

والمتأمل في النص – المطول – السردي السابق؛ يجد مدى نجاح الكاتبة في التأثير على المتلقي وجذبه نحو نصها الروائي من خلال تمكنها من اللغة والبلاغة؛ التي جسدت ما يمور بداخل الشخصية تجاه ذاتها ومجتمعها، وبرز ذلك في مفردات صورتها؛ إذ وجدنا الحركة والاستعارة واللغة والزمن وغيرهم من المفردات التي جذبت المتلقي للنص الروائي، وبعد استقراء النص السابق؛ اتضح توفر الحركة في (شجار الأم مع زوجها، وحركة الابنة عند ذهابها للوقوف أمام النافذة) وهذه حركات تشي بالمأساة، وأسهمت في جعل النص أكثر واقعية، وتشكل في النص السابق الحركة المعنوية المتجسدة في الشعور بالكراهية، ولا شك في أن الحركة تعد” الملجأ إلى التعبير عما بداخل الذات، وعندئذٍ لا بد من أن تصاحب الحركة الملامح الانفعالية الدالة والمعبرة عما يعتمد في ذات الشخص…”([45]).

ومن مفردات الصورة التي اعتمدت عليها الكاتبة في جعل علاقة وثيقة بين نصها والمتلقي، نجد الاستعارة التي تجسدت في (أتسلق أسوار الحلم، أتعلق بطيور المجهول، أخذتني أيام الدراسة، أسمع صورة البحر، أتوسل لهوسه، قلبها يتقطر عشقًا…) وهي تشي بالترقب والقلق الذي اكتنف الأم ويتضح ذلك أكثر مع استقراء جميع النص الروائي للكاتبة، والدراسة ترى أن قيمة الأسلوبية لا يمكن تحققها “بالكلمة المفردة… وإنما من خلال الصورة القادرة على خلق الإيحاءات المتعددة…”([46]).

وتستمر الكاتبة في جذب المتلقي لنصها من خلال اللجوء إلى التشبيه والكناية في النص السردي (كان شجارهما أشبه باهتزاز أوراق الخريف، كان شجارهما يتصاعد مثل الغيوم) (كان قلبها يقطر عشقًا) (جسدها ينهار تحت سياط الألم) وهي صور توحي بشدة الألم وقسوته، وهذا يضفي على النص جمالاً، ونعني بذلك اللجوء إلى التشبيه والاستعارة والكناية؛ فالتعبير الكنائي “يجسم المعاني… ويبرزها في صورة مادية… وهذا التجسيد للمعاني أدعى لتأكيدها ورسوخها في الذهن”([47]).

ونجحت الكاتبة في التأثير على وجدان المتلقي؛ من خلال انتقاء الألفاظ بعناية، وهذا ما يبين قدرتها في ترويض الألفاظ لفكرتها، فاستخدمت الأفعال المضارعة الدالة على التجدد والاستمرار (أقف، أحلم…) والأفعال الماضية الدالة على التأكيد (أخذتني، شعرت، كنت)، ووجدنا الألفاظ المعبرة للحالة الشعورية؛ فعند الاستقرار والطمأنينة وجدنا (أيام المدرسة، المتلألئ دائمًا بالفرح) وعند الخوف وجدنا (الكراهية، جسدها ينهار)، وقد عبر باسترجاع الشخصية لماضيها عن الأمن والاستقرار، أما الزمن الحاضر فقد جسد انهيار المدينة وسقوط والدتها في الرذيلة، وذلك يوحي بعدم الاستقرار والضياع.

والدراسة ترى ان الكاتبة قد نجحت في جذب المتلقي لنصها الروائي من خلال قصدها لتنوع الإيحاءات لدى المتلقي؛ حتى تضمن إثارة ذهنية، وهذا يؤكد أن “النص لا يعني دومًا بالتحديدات الدقيقة؛ بل يلجأ باستمرار إلى أسلوب التعويض… بإشارات دالة… ويأتي دور المتلقي بوساطة فعل الإدراك وآلية الفهم؛ ليقوم بعمليات الرد والتلقين وملء الفجوات”([48]).

المبحث الثالث: المكان ودلالته في النص الروائي

المكان في النص الروائي يعد ذا مكانة مهمة في تكوين السرد إذ يمنحه الأصالة، ويعمل على التأثير في مفردات النص الروائي، وهو يتشكل من اللغة بأساليبها وتراكيبها وألفاظها، وقد أشار إلى ذلك …. في قوله: “ليس الفضاء داخل الرواية سوى فضاء لفظي…”([49]). ويقوم المكان بوظيفة فنية داخل الرواية؛ فهو “إيهام ثانوي فعال في النص، وواسطة عبرها تتحقق الخصائص الفضائية في الفن الزمني”([50])، كما أن المكان يمنح النص الروائي الواقعية؛ فهو “يؤكد أن ما يحكى داخله إنما هو محض تشخيص، وبفضل المكان يحيل النص، ويبتدي كأن له علاقة بشيء خارجي، أو هو صورة عنه، أو محاكاة له”([51]).

وقد نجح الكاتب في توطيد العلاقة بين نصهم الإبداعي وبين المتلقي؛ من خلال تزويد النص الروائي بالآليات التي تسهم في هذه العلاقة والتأثير، سواء أكان ذلك متجسدًا في اللفظ أم الأسلوب أم الصورة، وقد تجسد ذلك في كثير من النصوص الروائية؛ ففي رواية (البيت) نجد صورة لبيت القرية؛ يقول فيها السارد: “هي نفس البيوت، وهم نفس البشر منذ متى، وإلى متى؟ البيوت الطين، أحواش وحجرات وعشش للطيور… وطعام قطعة جبن قريش…”([52]) وهذه تعد صورة واقعية لبيت ريفي جدرانه من الطوب الطين، ويشتمل على مكونات البيت الريفي من (أحواش، حجرات عشش طيور…) وهي مكونات تشي ببساطة ساكنيه والصورة في النص السابق تجسد لنا الحالة المتواضعة التي يعيش فيها أهل القرية، والدراسة ترى أن الصورة الوصفية للمكان انعكاسًا لرؤية صاحبها.

وفي رواية (ريح السموم) نجد وصفًا للمقهى، يقول فيه السارد: “خرجت هاربًا… دلفت إلى شارع الألفي، وجدت مقهى صغيرًا… جلست أستريح…

– الصورة صامتة، الأبواب صامتة، الجداران صامتة.

– الناس صامتون، كأن الصمت أصبح رداء يتباهى به المحيطون بي”([53])، والنص السابق يبرز لنا الهدوء وقد اتخذته الشخصية للراحة، وأكد ذلك الصورة الدالة على الطمأنينة في النص السردي؛ فالمقهى صغير، وأشياؤه وصوره تتسم بالصمت، وصار الصمت بناء أساسيًا لدى جميع مفردات النص والمقهى (الناس، الأبواب، الجدران) ومما أكد صورة الراحة والهدوء؛ قول الراوي: “الكتب المتراصة في الشوارع، والشيش مغلق، والهدوء والسكينة…”([54]).

وفي رواية (هوس البحر) نجد تجسيد الكاتبة للمكان؛ الذي يؤثر في المتلقي من خلال ما يحتوي النص من جماليات في اللغة، ووجدنا ذلك في صورة العربة؛ إذ يقول السارد: “رأيت العربة السوداء تغرس جسدها أمام المنزل مثل طائر خرافي هبط من زمن سحيق، تقطعت أنفاسي، وأنا أحمل أقدامي وأعبر من بين العربة وباب المنزل”([55]).

والمتأمل للنص السابق يجد تجسيد الكاتبة لنفسية الشخصية من خلال وصف المكان، ونجحت في التأثير على المتلقي من خلال الأدوات التي أتاحت للكاتبة إضفاء الواقعية على الحدث؛ فوجدنا اللون الأسود الذي يبرز الحزن والكراهية، كما استعانت الكاتبة بالاستعارة في (تغرس جسدها) وإضفاء صفات الإنسان على العربة؛ لتقريب الصورة إلى ذهن المتلقي، كما جسد التشبيه ما ينتاب الشخصية من الخوف، عندما شبه العربة بالحيوان الخرافي، وهذا كان له أثره على الشخصية، وبرز ذلك في قولها: “شعرت بشيء يضغط على صدري”([56])، وقد زاد هذا الخوف؛ عندما أضفت الكاتبة على مكونات العربة (العجلات) صفات الإنسان “وعجلا السيارة تدهس المدينة الجميلة التي تنفسنا فيها لحظات العشق”([57]).

وذلك يبرز لنا مدى الحزن المسيطر على شخصية النص الروائي، والكاتبة تستمر في جذب المتلقي لنصها الروائي؛ فتجسد لنا حالة الحزن من خلال صورة الباخرة، ضم معطفه، ودخان سيجارته يحيط وجهه؛ انتظرنا حتى نزعت الباخرة جمالها، فاحتضنتها الأمواج… كنا نلوح له كأننا نتشبث بجدار ينهار… هل استطعنا أن نواجه هذا الرحيل…”([58])، والنص يوحي بحالة الحزن لدى الشخصية إزاء الغربة، واعتمدت – للتأثير في المتلقي – على الاستعانة بمفردات متعددة؛ تبرز ما يجيش بداخلها؛ فوجدنا حركة الباخرة والناس والموج، وهي حركات تعضد أحاسيس الغربة، كما وجدنا التشخيص في (نزعت الباخرة جمالها) والتشبيه في (كنا نلوح له كأننا نتشبث بجدار ينهار) وكلها تقنيات استعانت بها الكاتبة؛ لتعبر عن المشاعر الدفينة المنطوية بداخل الشخصيات إزاء الغربة.

وجسدت الكاتبة مشاعر الحزن لدى الشخصية؛ من خلال وصف السحاب؛ يقول الراوي: “كنت أنظر للسحب المتجمعة وهي تنفض على الموج، تضغط على أنفاسه، فيفوز مثل وحش جائع”([59])، وهذه الصورة تجسد لنا تأثير السحاب على الموج والأرض؛ من خلال حركة المطر وفوران الموج، ونجحت الكاتبة في انتقاء اللغة عندما استخدمت أصوتًا لها دلالات قوية على أحاسيس الشخصيات، وذلك نحو الضاد في تنفض واختيار عبارة (وحش جائع)؛ لذا كان طبعيًا شعور الشخصية بالخوف، يقول الراوي: “شعرت بثقل الخوف القابع داخلي”([60])، والدراسة ترى نجاح الكاتبة في التأثير على المتلقي وجذبه إلى نصها الروائي من خلال قدرتها في اختيار الألفاظ المتوهجة ذات الإيحاءات المتعددة والمكونة في الوقت نفسه للانفعال.

ونجد صورة أخرى للعربة في رواية (تفاحة الصحراء) يرصدها الراوي بقوله: “عفرت العربة الفضاء خلفها مكونة سحابة من الغبار التفت حوله، ومنعت عنه الرؤية، ضاعف سرعته خوفًا من الغرق في موج التراب الهائج… هبط على الفرامل… زعقت تحت قدمه…”([61])، والنص السابق يبرز لنا مكونات العربة من خلال حاسة البصر، وقد شكلت الحركة أهم مفردات النص؛ إذ أبرزت ما أحدثته العربة من سحابة منعت الرؤية لدى السائق، كما أنها جسدت للمتلقي حالة السائق بعد السيطرة على فريسته، وهذا يحمد للكاتب؛ لأنه قرّب أبعاد الصورة للمتلقي، كما نجح الكاتب في انتقاء ألفاظه المعبرة عن الحالة الشعورية للتجربة (عفرت الفضاء خلفها، منعت عنه الرؤية، الغرق في موج التراب الهائج) وهي ألفاظ توحي بالشمول والسرعة وكثرة التراب؛ وقد عضد الكاتب هذه الصورة للعربة من خلال وصفها بأنها ضفدع هرب من صائد؛ فيقول الراوي: “صاروخ الانفجار المدوي حمل العربة، جعلها تتقافز مثل ضفدع كبير هارب”([62]).

وفي رواية (أعناق الورد) نجد رسم الكاتبة لصورة التصحر السلبية، وذلك على لسان شخصية الحكيم؛ إذ قال :”لكنه التصحر يا ابنتي!… التصحر الذي جعل البحر رملاً، ويجعل الداخل يغوص، والقلب سرابا يحسبه الظمآن خمرًا…”([63])، والنص السابق يبرز لنا صورة التصحر، فهو ينتج عما تهبه الرياح من رمال، تعمل على التأثير في البحر، وهنا يتحول من العطاء إلى الجمود، كما أن ذلك يؤثر على الإنسان؛ إذ تجعله يغوص في الداخل، وقد أظهرت الصورة في النص السابق الواقع النفسي للشخصية، وأمنيته التي لن تتحقق. وفي رواية (صمت الرمل)؛ نجد حرص الكاتب على جذب المتلقي لنصه الروائي، وظهر ذلك في وصف البحر على لسان الراوي؛ إذ يقول: “سطح البحر… هادئ وحار… درجة الرطوبة خانقة… رغم أن الشمس تغيب فإن آثار جحيمها على المياه واضحة، البخر يتصاعد بمخاتلة في هذا الشفق الدموي، آثار الزيت… تأتي من البعد… تتلاطم المياه حول أراضي الملاحات والجزر…”([64])، والنص السابق يبرز البحر بالهدوء ويتبع ذلك بصورة البخر الذي يتصاعد فرحًا، ثم آثار الخشب العطن للمراكب، وغير ذلك من السمات السلبية المفروضة عليه دون دخل له فيها، كما أن النص يرصد علاقة البحر بالإنسان، وهي علاقة تأثر وتأثير؛ فالإنسان يؤثر على البحر بالسلب رغم شدة حاجته إليه، يقول السارد: “وأن الإنسان في هذا الجو الحار يرغبون في النزول إلى البحر”([65])، كما أن النص قد جسد علاقة الزمن بالبحر؛ فالشمس والرطوبة قد أثرا فيه، ويحمد للكاتب أنه نجح في جذب المتلقي من خلال الحيوية المنبثقة من الحركة (حركة السفن والموج والناس) وكذلك الاستعانة بالاستعارة في قوله: (البحر يتصاعد، آثار الزيت تأتي)، كما استعان بحاسة البصر؛ التي جسدت البحر من وراء الكثبان الرملية؛ لذا رأته العين ضئيلاً، بل إن الشمس قد اختفت لشدة تكوين الكثبان الرملية، يقول الراوي: “البحر يبدو للعين ضئيلاً وراء كثبان الرمال التي تخفي الشمس”([66]).

نخلص ما سبق إلى أن الكتاب قد نجحوا في جذب المتلقي إلى أعمالهم الروائية؛ من خلال استخدام الصورة الجاذبة للمتلقي، وكذلك اعتمادهم على أدوات تثير انتباه القارئ؛ كالاعتماد على الحواس والحركة والاستعارة والتشبيه واللون والأساليب المتنوعة من إنشائية وخبرية، وكلها أضفت على النصوص الحيوية والعمق؛ كما أنها قربت الصورة من ذهن المتلقي، وقد كان للمفردات البلاغية، وللإيحاءات الدلالية دور بارز في الصورة؛ إذ أصبحت على قدر عالٍ من التمثيل البلاغي؛ الذي أسهم في وضوح المعنى وجذب المتلقي، كما نجح الكتاب في انتقاء كلماتهم، وتوظيفها بعناية؛ فما كان له الأثر في نفس المتلقي، وتجسد ذلك بصورة واضحة في المشهد الاستهلالي للنصوص الروائية، ولا عجب في ذلك؛ لأنه “إذا لم يكن جملة البداية نفسها تميل نحو إحداث هذا الأثر؛ فإنه يكون قد جانبه التوفيق منذ الخطوة الأولى…”([67]).

الخاتمة

الحمد لله الذي أنعم عليّ بفضله فانتهيت من هذه الدراسة؛ التي حاولت فيها تلمس الأدوات الفنية والتقنيات الجمالية التي استعان بها الكتاب للتأثير على المتلقي وإثارة عقله وخياله ودعم العلاقة بينهم وبين والمتلقي من خلال هذه الجماليات، وبعد هذه الرحلة واستقراء النصوص الروائية تبين لنا:

  • استدعاء الدراسة لغالبية من النصوص روائية التي لم تفرد بدراسات أكاديمية حتى الآن.
  • إن الكتاب قد نجحوا في توظيف الصورة في إبداعهم؛ إذ إن الصورة عندهم لم تكن بناء سرديًا فحسب؛ بل كانت ذات وظيفة جمالية، وأضفت على النص دلالات متنوعة؛ من خلال ما تحتويه من إمكانيات بلاغية.
  • نجاح الكتاب في تجسيد مفردات النص الروائي، وتفعيل دور المتلقي، وإثارة ذهنه وخياله، وتقديم صورة ذات دلالات متعددة في النص الروائي.
  • نجاح الكتاب في تضافر عناصرهم الفنية في النص السردي، وهذا ما كان له الأثر الكبير في إبراز الفكرة إلى المتلقي.
  • كانت الألفاظ منتقاة بعناية، ومعبرة عن المواقف والآراء والتوجهات.
  • لامست أغلب النصوص المنوط دراستها معاناة الإنسان، وهذا ما جعل الكتاب يعتمدون على الأساليب المجسدة للصراعات الداخلية لدى الشخصيات.
  • توفر لدى الكتاب اللغة الشاعرية واللوحات التصويرية المفعمة بالإيحاءات، وهذا ما أضفى على النص الروائي النشاط الجمالي.
  • نجح الكتاب في جذب المتلقي من خلال مواطن الجمال، والربط بين العنوان والإهداء وصورة التصدير والنص الكلي للعمل الروائي.

هذه أهم الجوانب البارزة في الدراسة، والله أسأل أن أكون موفقًا فيما كتبت، والله من وراء القصد، وهو نعم المولى ونعم النصير.

  1. Margins:

    () – انظر: ماهر شعبان عبد الباري: التذوق الأدبي صـ16 (دار الفكر، ط1، 2009).

  2. () – محمد غنيمي هلال: النقد الأدبي الحديث صـ82 (د. ت، دار نهضة مصر للطباعة والنشر).
  3. () – ماهر شعبان عبد الباري: التذوق الدبي صـ24 (مرجع سابق).
  4. () – عبد العزيز حمودة: علم الجمال والنقد الحديث صـ117 (الهيئة المصرية العامة للكتاب1999).
  5. () – انظر: عبد اللطيف عبد القادر أبو بكر: فعالية استخدام مدخل الطرائف الأدبية في تنمية مهارات التذوق الأدبي صـ260 (مجلة كلية التربية ببنها، مجلد 12، عدد 50، 2002).
  6. () – انظر : نجيب محفوظ: مجلة الرسالة صـ953 (عدد 635 – 3/9- 1945).
  7. () – عبد المجيد نوسي: التحليل السيميائي للخطاب الروائي صـ110، (شركة النشر والتوزيع للمدارس، الدار البيضاء، 2002م).
  8. () – انظر : صدوق نور الدين: البداية في النص الأدبي صـ70، (دار الحوار للنشر والتوزيع، 1994م).
  9. () – راوية راشد: هوس البحر صـ11 (الهيئة العامة للكتاب، 2002)، وينظر: موضوع العنوان في صـ29، 31، 75، 89، 119.
  10. () – د/ محمد عبد المطلب: بلاغة السرد صـ18(ط1، الهيئة العامة لقصور الثقافة 2001).
  11. () – انظر : إبراهيم أصلان: عصافير النيل (الهيئة العامة لقصور الثقافة، ط2، 2000).
  12. () – انظر : إلهامي عمارة: الساكن والمسكون (الهيئة العامة للكتاب، 2002) العنوان.
  13. () – انظر : راوية راشد: هوس البحر (الهيئة العامة للكتاب، 2002) العنوان.
  14. () – انظر : عصاد دراز : غسيل مخ (المنار الجديد ، ط1، 1992) العنوان.
  15. () – انظر : محمد عبد السلام العمري : صمت الرمل ( دار الهلال، ط1، 2002)العنوان.
  16. () – محمد فكري الجزار: العنوان وسميوطيقا الاتصال الأدبي صـ35 (ط2 الهيئة العامة للكتاب، 1998).
  17. () – عبد الفتاح الحجمري: عتبات النص البنية والدلالة صـ27 (منشورات الرابطة – الدار البيضاء، ط1، 1996).
  18. () – انظر: أحمد الشيخ: الناس في كفر عسكر صـ7 (الهيئة العامة للكتاب، 2002).
  19. () – انظر:.السابق نفسه ص7.
  20. () – سحر الموجي: دارية، الإهداء (الهيئة العامة للكتاب 2003).
  21. () – عبد الفتاح الحجمري: عتبات النص؛ البنية والدلالة صـ43 (منشورات الرابطة، الدار البيضاء، ط1، 1996).
  22. () – صفاء عبد المنعم: ريح السموم (الهيئة العامة للكتاب، ط1، 2003) التصدير.
  23. () – جمال عبد المعتمد: بغداد لا أحد صـ5 (الهيئة العامة لقصور الثقافة) عدد 167.
  24. () – حسن البنداري: فنون علم المعاني صـ230 (مكتبة الآداب، ط5، 2002) .
  25. () – انظر : محمد العبد: اللغة والإبداع الأدبي صـ87 (دار الفكر للدراسات 1989).
  26. () – محمد العشري: تفاحة الصحراء صـ9، 10، (مركز الحضارة العربية، ط1، القاهرة ، 2001).
  27. () – فايز الداية: جماليات الأسلوب، الصورة الفنية في الأدب العربي صـ33 (دار الفكر المعاصر، بيروت، ط2، 1996م).
  28. () – سيزا قاسم: بناء الرواية صـ113 (الهيئة العامة للكتاب 1984).
  29. () – محمود أمين العالم: ألوان من القصة المصرية صـ173 (دار النديم، القاهرة 1970).
  30. () – محمد غنيمي هلال: النقد الأدبي الحديث صـ512 (دار الثقافة، دار العودة، بيروت، 1973).
  31. () – فلاديمير بروب: مورفولوجيا الحكاية الشعبية صـ172 (النادي الأدبي الثقافي، جدة ط1، 1989) ت أبو بكر أحمد يا قدر.
  32. () – السيد نجم: أيام يوسف المنسي صـ11 (الهيئة العامة للكتاب، ط1، 1990).
  33. () – السيد نجم: أيام يوسف المنسي صـ14 (مصدر سابق).
  34. () – محمد عبد السلام العمري: صمت الرمل صـ90، 91 (دار الهلال، ط1، 2002).
  35. () – روبرت شولز: سيميائية النص الشعري من كتاب اللغة والخطاب الأدبي صـ111 (المركز الثقافي العربي، ط1، 1993) ت سعيد الغانمي.
  36. () – أومبرتوايكو: التأويل بين السيميائيات والتفككية صـ12 (المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، بيروت، ط1، 2000).
  37. () – السيد نجم: أيام يوسف المنسي صـ22، 23 (مصدر سابق).
  38. () – عصاد دراز: غسيل مخ صـ74 (المنار الجديدة، ط1، 1992).
  39. () – عزة بدر: أعناق الورد صـ11 (الهيئة العامة للكتاب، 2003).
  40. () – صفاء عبد المنعم: ريح السموم صـ83 (الهيئة العامة للكتاب، ط1، 2003).
  41. () – يوسف سامي اليوسف: الخيال والحرية صـ98 (دار كنعان، دمشق، ط1، 2001).
  42. () – محمد عبد السلام العمري: صمت الرمل صـ71 (دار الهلال، ط1، 2002).
  43. () – محمد عبد السلام العمري: صمت الرمل صـ76.
  44. () – راوية راشد: هوس البحر صـ76.
  45. () – محمد عيلان: من سيمولوجيا الاتصال، السيمياء والنص الأدبي صـ257 (جامعة عناية بابجي مختار 1995).
  46. () – موسى ربايعة: جماليات الأسلوب والتلقي صـ17 (مؤسسة حمادة للدراسات الجامعية للنشر والتوزيع، الأردن، ط2، 2000).
  47. () – شفيع السيد: التعبير البياني صـ133 (دار الفكر العربي، 1983).
  48. () – بشرى موسى صالح: نظرية التلقي أصول وتطبيقات صـ38 (المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، المغرب، ط1، 2001).
  49. () – كولد نستين: الفضاء الروائي صـ25 (من كتاب الفضاء الروائي أفريقيا الشرق، المغرب، 2002) ت: عبد الرحيم حزل .
  50. () – جوزيف إكستر: شعرية الفضاء الروائي، صـ30، (أفريقيا الشرق المغرب، الدار البيضاء، 2003) ت: حسن أحمامة.
  51. () – شارل كريفل: المكان في النص صـ75 (المركز الثقافي العربي ط1، 1996).
  52. () – بهيجة حسين: البيت (الهيئة العامة للكتاب، 2003).
  53. () – صفاء عبد المنعم: ريح السموم صـ118 (الهيئة العامة للكتاب، ط1، 2003).
  54. () – السابق نفسه: صـ118.
  55. () – راوية راشد: هوس البحر صـ37 (الهيئة العامة للكتاب، 2002).
  56. () – السابق نفسه: ص37.
  57. () – السابق نفسه: صـ38.
  58. () – السابق نفسه: صـ37.
  59. () – السابق نفسه: صـ33.
  60. () – راوية راشد: هوس البحر صـ36 (مصدر سابق).
  61. () – محمد العشري: تفاحة الصحراء صـ13 (مركز الحضارة العربية، ط1، القاهرة، 2001) .
  62. () – السابق نفسه: صـ69.
  63. () – عزة بدر: أعناق الورد صـ35، (الهيئة العامة للكتاب، 2003).
  64. () – محمد عبد السلام العمري: صمت الرمل صـ97 (دار الهلال، ط1، 2002).
  65. () – محمد عبد السلام العمري: صمت الرمل صـ97، 98.
  66. () – محمد عبد السلام العمري: صمت الرمل صـ98 (مصدر السابق).
  67. () – إيخنباوم: حول نظرية النثر، نظرية المنهج الشكلي صـ116 (الشركة المغربية، مؤسسة الأبحاث العربية- بيروت، 1981) ت إبراهيم الخطيب.

    أولا : فهرس المصادر

    1. أحمد الشيخ: الناس في كفر عسكر (الهيئة العامة للكتاب، 2002).
    2. إبراهيم أصلان: عصافير النيل (الهيئة العامة لقصور الثقافة، ط2، 2000).
    3. إلهامي عمارة: الساكن والمسكون (الهيئة العامة للكتاب، 2002).
    4. بهيجة حسين: البيت (الهيئة العامة للكتاب، 2003).
    5. جمال عبد المعتمد: بغداد لا أحد (الهيئة العامة لقصور الثقافة) عدد 167، ج 1، 2003).
    6. راوية راشد: هوس البحر (الهيئة العامة للكتاب، 2002).
    7. سحر الموجي: دراية، الإهداء (الهيئة العامة للكتاب 2003).
    8. السيد نجم: أيام يوسف المنسي (الهيئة العامة للكتاب، ط1، 1990).
    9. صفاء عبد المنعم: ريح السموم (الهيئة العامة للكتاب، ط1، 2003).
    10. عزة بدر: أعناق الورد (الهيئة العامة للكتاب، 2003).
    11. عصام دراز: غسيل مخ (المنار الجديد، ط1، 1992) .
    12. محمد عبد السلام العمري: صمت الرمل (دار الهلال، ط1، 2002.
    13. محمد العشري: تفاحة الصحراء، (مركز الحضارة العربية، ط1، القاهرة ، 2001).

    ثانيا : المراجع

    1. بشرى موسى صالح: نظرية التلقي أصول وتطبيقات (المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، المغرب، ط1، 2001).
    2. حسن بحراوي : بنية الشكل الروائي ( الدار البيضاء، ط1، 1990).
    3. حسن البنداري: فنون علم المعاني (مكتبة الآداب، ط5، 2002) .
    4. سيزا قاسم: بناء الرواية (الهيئة العامة للكتاب 1984).
    5. شفيع السيد: التعبير البياني (دار الفكر العربي، 1983).
    6. صدوق نور الدين: البداية في النص الأدبي ، (دار الحوار للنشر والتوزيع، 1994م).
    7. عبد العزيز حمودة: علم الجمال والنقد الحديث (الهيئة المصرية العامة للكتاب1999).
    8. عبد الفتاح الحجمري: عتبات النص البنية والدلالة (منشورات الرابطة – الدار البيضاء، ط1، 1996).
    9. عبد المجيد نوسي: التحليل السيميائي للخطاب الروائي ، (شركة النشر والتوزيع للمدارس، الدار البيضاء، 2002م.
    10. عبد المنعم أبو زيد : الصورة الروائية ( ط1، مكتبة الآداب، القاهرة،2003).
    11. عبد اللطيف عبد القادر أبو بكر: فعالية استخدام مدخل الطرائف الأدبية في تنمية مهارات التذوق الأدبي (مجلة كلية التربية ببنها، مجلد 12، عدد 50، 2002).
    12. فايز الداية: جماليات الأسلوب، الصورة الفنية في الأدب العربي (دار الفكر المعاصر، بيروت، ط2، 1996م).
    13. ماهر شعبان عبد الباري: التذوق الأدبي (دار الفكر، ط1، 2009).
    14. محمد العبد: اللغة والإبداع الأدبي (دار الفكر للدراسات 1989).
    15. محمد عبد المطلب: بلاغة السرد (ط1، الهيئة العامة لقصور الثقافة 2001).
    16. محمد عيلان: من سيمولوجيا الاتصال، السيمياء والنص الأدبي (جامعة عناية بابجي مختار 1995).
    17. محمد غنيمي هلال: النقد الأدبي الحديث (دار الثقافة، دار العودة، بيروت، 1973).
    18. محمد فكري الجزار: العنوان وسميوطيقا الاتصال الأدبي (ط2 الهيئة العامة للكتاب، 1998).
    19. محمود أمين العالم: ألوان من القصة المصرية (دار النديم، القاهرة 1970).
    20. موسى ربايعة: جماليات الأسلوب والتلقي (مؤسسة حمادة للدراسات الجامعية للنشر والتوزيع، الأردن، ط2، 2000).
    21. يوسف سامي اليوسف: الخيال والحرية (دار كنعان، دمشق، ط1، 2001).

    ثالثا: الكتب المترجمة

    1. إيخنباوم : حول نظرية النثر، نظرية المنهج الشكلي (الشركة المغربية، مؤسسة الأبحاث العربية- بيروت، 1981) ت إبراهيم الخطيب.
    2. أومبرتوايكو: التأويل بين السيميائيات والتفككية (المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، بيروت، ط1، 2000).
    3. جوزيف إكستر: شعرية الفضاء الروائي، (أفريقيا الشرق المغرب، الدار البيضاء، 2003) ت: حسن أحمامة.
    4. روبرت شولز: سيميائية النص الشعري من كتاب اللغة والخطاب الدبي (المركز الثقافي العربي، ط1، 1993) ت سعيد الغانمي.
    5. شارل كريفل: المكان في النص (المركز الثقافي العربي ط1، 1996).
    6. فلاديمير بروي: مورفولوجيا الحكاية الشعبية (النادي الأدبي الثقافي، جدة ط1، 1989) ت أبو بكر أحمد ياقدر.
    7. كولد نستين: الفضاء الروائي (من كتاب الفضاء الروائي أفريقيا الشرق، المغرب، 2002) ت: عبد الرحيم حزل .