الوصف في شعر أحمد الصالح (البُعد والتَّشكيل)

بدور نويصر سعود الزبني1

1 كلية الآداب والفنون، جامعة حائل، المملكة العربية السعودية.

بريد الكتروني: bo.ud@hotmail.com

HNSJ, 2023, 4(3); https://doi.org/10.53796/hnsj4325

Download

تاريخ النشر: 01/03/2023م تاريخ القبول: 15/02/2023م

المستخلص

اتجهت الدراسة لشعر الشاعر السعودي أحمد الصالح، إذ نرى فيه شاعراً مبدعاً ومتألقاً في جوانب متعدّدة، على الرغم من تأثره بمدرسة نزار قباني الشعرية في بعض الجوانب الفنية، فأعماله الشعرية المطبوعة تمثّل بدايات النضوج المبكر القادر على احتواء البعدين الموضوعي والفني للقصيدة الحديثة، ومن هنا يمكننا وصف الشاعر بالقدرة على الإبداع الواعي وقد تناول البحث شعر الوصف عنده في جانبين هما الأول الطبيعة والآخر هو الطبيعة المتحركة, ومما هو جدير بالذكر أن الشاعر ابن بيئته ينطق بلسانها، ويعبر عن أحوالها فإذا أطلقت البيئة دلَّت على كل الأحوال التي تحيط بالإنسان وتؤثر فيه، فالمكان وما فيه من مظاهر الطبيعة بألوانها وأشكالها وأحيائها وجماداتها بيئة، والأحداث التي تطرأ في مجتمع الناس ، وتغير مجرى حياتهم بيئة وهكذا.

الكلمات المفتاحية: شعر الوصف, الطبيعة المتحركة, الطبيعة الصامتة, البيئة المتحركة

Research title

Description in Ahmad Al-Saleh’s Poetry (Dimension and Formation)

Bidour Bint Nuwaisir Saud Zabni1

1 College of Arts and Sciences, University of Hail, Kingdom of Saudi Arabia. Email: bo.ud@hotmail.com

HNSJ, 2023, 4(3); https://doi.org/10.53796/hnsj4325

Published at 01/03/2023 Accepted at 15/02/2023

Abstract

The study focused on the poetry of the Saudi poet Ahmed Al-Saleh, in which it was written, a trademark, a different color, for your car, a message, a message, a message, a message, a message, a message, a message, a message, a message, a message, a message, back, back, back, And he is capable of the objective and artistic dimensions of some of the modern poem, and then we can find a problem in dealing with a problem, and we can find a problem in dealing with the common image, the natural, the natural, the natural, the image, the image, and the mention here, and expresses its conditions, and expresses Its conditions, an environment that indicates all the conditions that surround a person and affect him, so the place and what is in it Manifestations of nature with its colors, shapes, living things, and inanimate objects are the environment, and the events that occur in people’s society, and change the course of the environment, and so on.

Key Words: poetry of description, moving nature, silent nature, moving environment

مقدمة البحث

الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد وعلي آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد..

فقد احتل الوصف مساحة واسعة في حياة العرب؛ لأنه يتصل بتاريخهم وسجل أفعالهم التي صارت موضع فخر واعتزاز على مر الأجيال، فهي الوعاء الذي حفظ مآثرهم، فتحولت عنواناً مهماً يلجأ إليه الإنسان العربي لبيان دوره الفردي أو الجماعي عن طريق رسم شكل الحياة التي يعيشها وفعله المؤثر في تشكيل هذه الصورة.

وأحمد الصالح واحد من الشعراء الذين تزخر أشعارهم بمعاني الوصف وقيمه بتفصيل عميق، وينهض شعره – إلى جانب الوصف – في أحد جوانبه دليلاً واضحاً لما ذهب إليه الباحثون من أن الوصف الحقيقي عند العرب اكتسب معانيه المتميزة والبارزة من خلال منحه البعد القيمي – إن جاز التعبير – فكانت بالنتيجة مزيجاً من الوصف في توظيف الطبيعة ومستلزمات المواجهة الأخرى وحسن استخدامه، فضلاً عن الجانب السلوكي (الأخلاقي) عند المرأة، فهو بهذا المعنى مزيج لا ينفصل من الوصف المادي والوصف المعنوي الخلقي.

دوافع اختيار الموضوع:

أما عن دوافع اختيار شعر الوصف عند أحمد الصالح موضوعاً للبحث، فيمكن إجمالها في الآتي:

(1) – عدم وجود دراسة متخصصة – فيما أعلم – تناولت شعر الوصف عند أحمد الصالح.

(2) – غزارة المادة الشعرية التي تطرقت للوصف بنوعيها في شعر أحمد الصالح.

(3) – رغبة الباحثة في الكشف عن المعجم الشعري للوصف عند أحمد الصالح.

(4) – دراسة التشكيل التصويري للوصف عند أحمد الصالح.

(5) – الوقوف على أشكال الإيقاع بنوعيه في شعر للوصف عند أحمد الصالح.

منهج البحث:

اقتضى هذا البحث الاهتمام بكثير من الأبعاد التاريخية والنفسية والفكرية في الوصف عند أحمد الصالح، وكذلك النظر في طبيعة ما يحمله شعر الوصف من خصائص فنية وظواهر أدبية، لذا فقد ارتضيت أن يكون المنهج التحليلي التكاملي هو المنهج الذي أسير عليه في تحليل النص الشعري، واستنباط مكوناته البنائية، واستكشاف معانيه، على أن يصاحب ذلك – في بعض الأحيان- الاستعانة بالمنهج الإحصائي، وذلك حسب ما تفتضيه حاجة البحث.

مادة البحث:

تتمثل مادة البحث فيما صدر عن أحمد الصالح من وصف، ضمَّنها دواوينه، دون النظر إلى سواهم، حيث استندت على كثير من القصائد ذات الطبيعة الوصفية.

الوصف في شعر أحمد الصالح (البُعد والتَّشكيل)

يمثل الوصف إحدى عوامل إنجاح بنية القصيدة، واستقامة عودها، ولذا فإنه من اللازم التعرف على مصادر الوصف ومثيراته التي تدفع الشاعر دفعاً نحو الإبداع الفني، وصوغ صوره في إطار رشيق يثير الخيال، ويجذب الانتباه.

لا شك أن دراسة الوصف ومصادره، وتحديد العوامل المؤثرة في تشكيله ضرب من دراسة المصادر والعوامل المؤثرة في الإبداع بعامة والنظريات المفسرة له ([1]). ومما هو جدير بالذكر أن الصورة الفنية وسيلة أساسية لدى الفنان لنقل أفكاره وعاطفته وإبراز الوصف، وهو بذلك عماد العمل الشعري.

وتجدر الإشارة أن هناك عوامل عدة تسهم في تشكيل صورة الوصف، إذ لابد ” أن يكون هناك – مع الخلق الشعري، ومع الحالة النفسية، ومع التمكن من اللغة ومن القريض – ” مترسبات ” أي: أشياء بعيدة في الذاكرة، تدخل إلى الصورة، وكذلك لابد وأن تكون للتجارب والحياة وللخبرة أثرها، لا من حيث الانفعال الذي يظهر في الصورة، وإنما من حيث عقد الصلة بين أجزاء الصورة نفسها، أي مكوناتها الحسية التي تتكون منها ” ([2]).

ولذا وجب علينا أن نحلل صورة الوصف، وأن نصرف نظرنا إلى العناصر الرئيسية المكونة لها مثل الخطوط والألوان ” فالصورة الوصفية نتاج عقلية أو ذكرى لتجربة عاطفية أو إدراكية غابرة، وليست بالضرورة بصري، وليست هناك فقط صوراً ذوقية وشمية، بل توجد أيضاً صور حرارة وضغطية “([3]).

ودراسة هذه المصادر تجعلنا نقف على دلالة تتعدى إشارتها المعجمية، أي كونها موضوعاً له وظيفة إنسانية يشترك فيها بنو البشر في الإحساس والعقل، وذلك لأن الشاعر كما يقول د/ عبد القادر الرباعي ” ينظر إلى الكون نظرة عامة فيها الوحدة والاشتراك، ومن هنا يأتي استخدامه للمادة استخداماً مختلفاً، ومن هنا أيضاً يتخذ المادة من كونها شيئاً ميتاً إلى وضوح حسي مشحون بالفكر والشعور”([4]).

إن البحث في مصادر التصوير الوصفي – عند شاعرنا – هو كشف عن المثل الجمالية عنده ، إلى جانب الوقوف على عامل مهم من عوامل البحث عن أبديه الفن الشعري ، قدرته السحرية في التأثير، إنه الوقوف على أسباب المتعة الفنية التي لا تفتأ أن تتحقق حتى يتفجر القلق مرة ثانية للبحث عن ماهيتها وأسبابها ، فيقول د/ محمد الهادي الطرابلسي ” إن دراسة مصادر التصوير الوصفي لا تكشف عن الأصول الجمالية العامة التي ترتبط بها الحقائق الموصوفة بقدر ما تكشف عن المثل الجمالية التي ثبتت مع الشاعر ، والتي قد تكون ثبتت مع غيره من الشعراء ، وأقرها فن الشاعر المدروس ، كما قد تكون غير ثابتة إلاَّ معه “([5]) .

وقد اهتم نقادنا المعاصرون بدراسة مصادر الصورة الوصفية، وحظى الخيال بالاهتمام الأكبر من بين المصادر الأخرى، عند النقاد المتأثرين بالمذهبين الرومانسي والرمزي، حيث أكدوا على دوره في تشكيل الصورة المبدعة والتعبير عن ذات الفنان، كما اهتم قسم كبير من نقادنا بالواقع ([6])، بوصفه رافداً للصورة، وبما يمثله من أهمية وأثر كبير في تشكيلها، فهو المصدر الذي يستمد منه المضمون، ويبدو أثر الواقع بمتغيراته المختلفة عند الشاعر في جانبين : الحسي متمثلاً في الصورة التي ترتد موضوعاتها إلى مجالات الحياة الإنسانية واليومية والطبيعة بنوعيها: الساكن الصامت والمتحرك الصائب بمفرداتها اللانهائية، والذهني متجسداً في حدين، الأول: المؤثرات النفسية والانفعالات المتباينة التي تخلقها تجارب وحركة الواقع في ذات الشاعر وموقفه الخاص منها، والثاني : المؤثرات العقلية التي تتصل بثقافة الشاعر وخبراته الخاصة ومخزون اللاوعي ([7]).

المطلب الأول: التعريف الوصف في اللغة او الاصطلاح:

أولاً: تعريف الوصف في اللغة:

الوصف في اللغة هو: ((وصف الشيء له وعليه وصفا وصفة: حلاها)) ([8])، وفي تعريف المعجم الوسيط نجد أن معنى وصف الشيء: وصفا، وصفة: نعته بما فيه ([9])، ((والوصف جزء من منطق الإنسان، لأن النفس محتاجة إلى ما يكشف لها من الموجودات ويكشف للموجودات منها، ولا يكون ذلك إلا بتمثيل الحقيقة، وتأديتها إلى التصور في الطريق السمع والبصر والفؤاد)) ([10]).

وفي “المعجم المفصل في الأدب” نجد أن الوصف: جزء طبيعي من منطق الإنسان فالإنسان بطبعه ميال إلى معرفة ما حوله من الموجودات، وتصويرها بالسمع والبصر والفؤاد ([11]).

ثانياً: تعريف الوصف في الاصطلاح:

فالمقصود به هو ارسم بالكلام ينقل مشهدا حقيقياً، أو خياليا للأحياء أو للأشياء أو للأمكنة، بتصوير خارجي أو داخلي من خلال رؤية موضوعيّة أو ذاتيّة أو تأمليّة، اومن اخلال الدمج بين تعريف الوصف اللغوي او الاصطلاحيّ يمكن الاستنتاج أن هذه اللوحة الفنية التي تنتج في الوصف تُنسَج بخيوط من الألوان الكلام المزخرف المنمّق، مع الجزالة في الألفاظ، او دقة في التصوير، لتصل الى المتلقي صورةً نقيّةً واضحة غايةً في الجمال والإتقان. ([12]).

والوصف لدى الشعراء امنهم من يختار المقالة القائمة على الحُجج و البراهين ليقنع الآخرين بوجهة نظره، ولعلّ أكثر ما يساعد في التعبير عن الرأي والعاطفة والإحساس في آن واحد هو الوصف، ومن خلال الاطلاع على تعريف الوصف اُلاحَظ أن الوصف في الأدب يعتمد على ما تلتقطه الحواسّ من صفات للموصوف، ثمّ يتم التعبير عن هذه الصفات في نصّ أدبيّ، كما أن في الوصف مساحة من الحرية الاستخدام التشبيهات والصور والاستعارات والمحسّنات البديعية، وهذه الأمور هي التي تزيدُ الوصف إبداعًا ([13])

وقد فسر ابن رشيق الوصف فقال: ((أصل الوصف الكشف والإظهار، يقال: وصف الثوب الجسم إذا نمّ عليه، ولم يستره)) ([14])، ويذكر قدامة بن جعفر أن ((الوصف إنما هو ذكر الشيء بما فيه من الأحوال والهيئات)) ([15]).

أما عند المعاصرين فقد عرف الوصف بأنه ((تمثيل الأشياء تمثيلا إيجابيا، وهو رسم لصورة الأشياء بقلم الفن والحياة)) ([16])، وفي تعريف أحمد الهاشمي للوصف نقرأ قوله إن الوصف عبارة عن بيان الأمر باستيعاب أحواله وضروب نعوته الممثلة له، وأصوله ثلاثة هي:

الأول: أن يكون الوصف حقيقيا بالموصوف مفرزا له عما سواه. الثاني: أن يكون ذا طلاوة ورونق.

الثالث: ألا يخرج فيه إلى حدود المبالغة والإسهاب، ويكتفي بما كان مناسبا للحال ([17]).

وإذا أردنا أن نتقصى معنى الوصف عند الأدباء فهو (( تصوير الظواهر الطبيعية بصورة واضحة التقاسيم ، وتلوين الآثار الإنسانية بألوان كاشفة عن الجمال ، وتحليل المشاعر الإنسانية تحليلا يصل بك إلى الأعماق، إلى غير هذه العناصر التي قد يحتاج وصفها إلى ذوق فني، وتتطلب الإحاطة بنواحيها، والسمو إلى آفاقها وجدانا شاعرا واحساس مرهفا، وذوقا سليما، ككل ما يملك على الإنسان المرهف الحس إحساسه، ويثير فيه شعوره ووجدانه، وكتلك المناظر التي تخلب لب المتأمل وتملكه ، وتأسر بفتنتها المتمعن وتسحره، فيطيل في قسماتها التأمل ، ويدمن في أجزائها التمعن، ثم يصوره بعدئذ في الصورة التي يرتضيها ذوقه، ويقبلها فنّه))([18]).

أنواع الصف من حيث علاقته بالواصف فيما يأتي: ([19])

الوصف الموضوعي: يمكن صياغة تعريف الوصف الموضوعي على أنه تصوير حقيقيّ ودقيق الموضوع كما هو، حيث يتجرد الواصف من مشاعره، وعواطفه، وآرائه، وميوله، وأهوائه، ويكون ناقلًا للصفات الموجودة لدى الموصوف، ولذلك يكون الكتاب في الوصف الموضوعي غير متميّزين عن بعضهم البعض بأمور جوهريّة وعميقة تتعلّق ببناء النص والمحسِّنات، والتعبير عن وجهات النظر، بل تكون نظرتهم محايدة تمامًا. ([20])

الوصف الذاتي “الوجداني”: يُقال في تعريف الوصف الذاتي “الوجداني” أنّه تصوير للموضوع من خلال نفسية الكاتب ومشاعره ورؤيته الذاتية، حيث يأخذ الواصف ملامح الموصوف، وصفاته، وتفاصيلها، ويضفي عليها بعضًا من إحساسه، ومشاعره، وتأمّلاته، وإبداعه. فيمزج ما بين صفات الموصوف ومشاعر الواصف وينتج لوحة فنية بديعة.

وظائف الوصف في الشعر:

يمكن القول إن وظائف الوصف في اللغة العربية ترتبط بالنص الذي اُكر افيه الوصف، ونوع هذا النص؛ إذ إنّ النص اهو الذي يحدد الطريقة الوصف المناسبة له، والدور الذي سيؤديه الوصف في هذا النص أو ذاك، ويمكن تقسيم وظائف الوصف في اللغة العربية الى: ([21])

وظيفة انفعالية: وهي تختصّ بتحريك المشاعر والعواطف، وتظهر بوضوح في الكتابة الإبداعية، ولا تخلو من الأبعاد الرمزية التي تحتاج إلى تأمل وتفكير عميقَين، ولا سيما وصف الطبيعة، فالكاتب في هذه النصوص الإبداعية يصف التفاصيل بدقة وإبداع، ويعبّر عن شعوره وعاطفته من خلال الوصف لهذه التفاصيل.

وظيفة جمالية: هذه الوظيفة تتعلّق بهندسة الشكل، وجمال التعبير، والإبداع والتفنن في الوصف، ولك يكون جليًّا في الكتابات الفنية التي يكثر فيها استعمال الصور، وجماليات اللغة، ولعل هذه الوظيفة تغلب على النصوص التي يريد أن يستعرض فيها الكاتب مهاراته الفنية، وقدراته على التصوير والتخييل والتشبيه.

وظيفة تفسيرية: ويُقصد بها التعريف والتعليل، وتكون أكثر ما تكون في النصوص العلمية التي تريد أن تفسّر وتوضّح وتبيّن تعليمات أمر ما، كالأدلة السياحية أو الجغرافية، إذ يلجأ الكاتب لهذه النصوص إلى الوصف التفسير التعليمات، أو المعلومات التي يريد أن يفهمها القارئ ويطبقها بدقة. ا([22])

وفي مبحثنا هذا الذي يتناول الوصف عند مسافر سنحاول أن نقف على موضوعين اتخذهما مسافر بيانا لشغف الشاعر العربي بالوصف، وسنقف عند نماذج من شعر مسافر نقرأ من خلالها فن الوصف الذي وسم الشعر العربي بمختلف عصوره حتى عد معظم الشعر العربي وصفا.

المطلب الثاني:

  • وصف الطبيعة عند الشاعر أحمد الصالح:

مما هو جدير بالذكر أن الشاعر ابن بيئته ينطق بلسانها، ويعبر عن أحوالها ” فإذا أطلقت البيئة دلَّت على كل الأحوال التي تحيط بالإنسان وتؤثر فيه، فالمكان وما فيه من مظاهر الطبيعة بألوانها وأشكالها وأحيائها وجماداتها بيئة، والأحداث التي تطرأ في مجتمع الناس ، وتغير مجرى حياتهم بيئة وهكذا …..” ([23]).

ويتمثل التراث البيئي في نفسية الشاعر وينساب في مخيلته فتضحي ألفاظه صدى للإطار الذي يعيش فيه، حيث تمتد جذوره عبر الآباء والأجداد، فإن كانت حياة الشاعر مرتبطة بزمان محدود، وعمر معروف فمما لا شك فيه أن موروثة ضارب في أعماق تاريخه الثقافي، وبيئته العربية الأصيلة التي ينظر إليها بعين الإكبار ومحل التقدير، ولا غرو في ذلك فهي معينه وزاده الذي لا ينضب.

ومن اللافت للنظر أن المادة الفنية قد تكون واحدة، ولكن العين الثاقبة والقريحة الصافية تبدع في صوغها، ويسهم في ذلك القدرة الفنية والتراث الثقافي والفطرة الشعرية الإبداعية لكل شاعر فتصبح صورته وأساليبه بصمة فنية يُعرف بها، ” وللصورة الوصفية عند الشعراء مصادر يستقون منها، بمعنى أنهم يأخذون صورهم الفنية من أشياء مختلفة، وهذه الأشياء تكون محسوسة كالبيئة التي عاش فيها الشاعر، وقد تكون غير محسوسة كثقافة الشاعر، وتجاربه الشخصية، وعلى ذلك فإن مصادر الصورة الوصفية هي الأشياء التي يتكئ عليها الشعراء في إبداع وصفهم، بل هي منطلقات الخلق الفني التي تعكسها مرآه وجدان الشاعر، وبذلك نجد أن صور الشعراء تتلون بحسب وقع تلك الأشياء على مواقع الإحساس في نفوسهم كما نجد أن لكل شاعر طابعاً خاصاً يتلاءم مع بيئته، وتكوينه الثقافي وقدراته الخيالية “ ([24]) .

يقول أحمد الصالح في قصيدة أقوم إليكَ:([25])

أراك بعين اليقين

تمرُّ وكما غيمة

تنفض الودق

من بين أردانها الصيبات

على شبق الأرض

تهتز ريا كميس الصبايا

تصافح أعناق خيلك تكتب في سدرة الحب

قافية الحب

بين يديك تبث السرايا

أقوم إليك

على أخمص القلب

يا ثمراً في الفؤاد

ولا شك أن الشاعر أحمد الصالح قد فرّغ ثقافاته وفلسفاته في الحياة؛ للتعبير عَّما يحويه من تناقضات، فامن خلال هذه القصيدة يخاطب الشاعر الخليفة العباسي المعتصم بالله، ويستحضره بقوة في هذا الوقت؛ لحاجة زمننا لقوته، وصلابة رأيه.

من خلال الأبيات السابقة، فأن الحوار قائم بين الأنا والآخر حيث تبدو الأنا الشاعر ممزوجة بين الأمل والألم، يحس بالقرب الشديد من الآخر، رغم البعد الزمني الشاسع بين العصرين، وكأنه يحاوره بشكل مباشر حيث يصف الخليفة كالغيمة يراه ويحاوره؛ وذلك لأن مرحلة المعاينة أعظم من مرحلة الإحساس، وهو ما يعكس شدة قرب المخاطب من قلبه، كأنه يراه بعينه، رغم تعذر الرؤية، وقد ساهمت بناء هذه الصورة الغاء جميع المسافات بين الشاعر والمخاطب.

ويقول في قصيدة أصطفيكِ في كل حين:([26])

ها هو الطوفان

يأخذ الثغور

يستبيح حُرمة القرى

استجنَّ في مسارب الصحراء

في مضارب الوبر

وأن أهل الأرض

أغلوا.. غي الأفك

والكبائر الغَموس

والواهيَ الكُبَر.

من خلال هذه الأبيات (ها هو الطوفان، يستبيح حرمة القرى، استجنَّ في مسارب الصحراء) تتضح فيها ذات الشاعر الخوف والفزع والاندهاش، وذلك من خلال تجريد الشاعر الطوفان في صورة كائن حي معتدي، فقدمه الشاعر على أنه له صفات الكائن الحي، وذلك من خلال اسم الإشارة في إبراز حجم هذا الاعتداء، فقد أصبحت مفردات الطبيعة رمزاً نفسياً لا وجود له إلا في مخيلة الشاعر، بحيث تتفاعل تلك العلاقات؛ لتمنح المتلقي الإحساس الذي يعيشه الشاعر.

يقول أحمد الصالح: في قصيدة بعنوان: الوطن المفدى ([27]):

جئتُها والخشوعُ ملءُ ضلوعي

بعد أن عُلّلتْ بها أعوام

فرأتْ امن اخلال ادمعيَ اعيني

أثراً للذين في الربع ناموا

طَللٌ قد ضحكنَ فيها الأماني

فَهْي بَضّاء ليس فيها مَلام

فاخلعِ النعل إنها تربةٌ بُو .. رِكَ في نَبْتها سقاها الغمام

من خلال ما سبق من أبيات يتضح أن موصوفات أحمد الشاعر التي لا تتوقف عند حدود الأشياء المألوفة كمناظر الطبيعة، فتلك عناصر حفل بها الشعر العربي، وإنما كانت موصوفاته ملتقطة من الهوامش الاجتماعية التي قد لا يلتفت إليها كثير من الشعراء على الإطلاق، فهذه الكلمات (والخشوعُ ملءُ ضلوعي.. فرأتْ من خلال دمعيَ عيني.. ضحكنَ فيها الأماني، تربةٌ بُورِكَ في اَبْتها) كلها محملة بالوصف والاستعارة والتشبيه، يجد فيها السامع متعة فريدةً من نوعها، فيَنقله أحمد الصالح إلى عالم بديع من الوصف الدقيق والعجيب مانحًا إياه التصوير الفوتوغرافي بأبعاده عبر اللغة الواصفة التي لا تدع للقارئ أي إحساس بالنقص الذي قد تتركه فجوة أو ثغرة في التصوير. ولذا يسمعه المتلقي حينما يقول مصوراً الطبيعة:

غلس الشفق الأرجواني

صبحها كدر الفجر

لا فارس يحمل الشمس

فوق العمامة

يهطل بين الغمام

كما الودق

في ناظريه من الشمس وقْدَ

قياما.. قياما ([28]).

(فالشاعر أحمد الصالح، أو “مسافر”، كما لقب نفسه، في زمن كانت فيه الألقاب “موضة” يحرص الأدباء والشعراء والكتاب على كوبها؛ هو قصيدة الوصف ماثلة؛ لأنه يكتبها مؤمنا بأنها غناء الذات وإمتاع الروح. ([29])، ولذا فهو يصدح بالصور تتلوها الصور التي توحي بذاتية تلح في كل كلمة، بل في كل حرف وهو يقول:

تتهاداك الأرض مريبا

يختانك بعض عشيرتك

الآمن منهم والمفتون

هذا أنت

تراودك الشهوة

وحدك.. تحصد زرع المقت

فمن خلال تلك الكلمات التي يصور الشهوة ماثلة مجسدة جاءت لتراود بنفسها، كذلك يصور الحصاد بزرع المقت والغضب

(1)- وصف المرأة وما يتعلق بالوصف من مشاعر وأحاسيس ذاتية :-

‏تشغل المرأة حيزاً كبيراً في دواوين الشعراء؛ فالشعر العربي زاخرا بالتحدث عنها؛ فهي أنسان اولاً وقبل كل شيء وإنها عنصر مشارك في صنع الحدث» أو مؤثر في‎ مجراه التطبيقي.

‏ وإن اعتراف الذات بالآخر / المرأة يعد فتحاً جديداً في ضوء تصور العلاقات وتشكلها على نحو جديد؛ فاحترامها هو احترام ‏الذات لنفسها، إذ يشكَّلَ هذا الاعتراف ضرورة علم أخلاق بين الذات والآخر.

‏ فالعلاقة بينهما تعد موضوعا للإبداع الأدبي لأن الذات المبدعة لا توجد خارج الإطار الاجتماعي لتعيش وتبدع، بل تبدع في‎ التواصل معها ضمن إطارها الاجتماعي من خلال التأثير المتبادل بين الذات وبينها.

إن تفكير الذات بها يهدف إلى إضاءة المناطق المعتمة في الذات؛ والتي من شروط اضاءتها محاورتها، لأن المرأة هي الرفيقة‎ الأقرب لفهم الذات.

وان محبَّة الذات وشوقها للمرأة كلما تأججت واشتدت كانت اللذة الحاصلة من تحقيق ذلك الشيء والوصول إليه أكبر وأشدّ، ومن جهة أخرى نجد ان كمال اللذة بالنسبة للذات يرتبط بالقيمة الوجودية للمحبوب.

إن علاقة الذات بالآخر المرأة علاقة لا تنفصل كعلاقة الروح والجسد، والعقل والغريزة؛ إن المرأة كجميع المخلوقات الحيّة ذات وجود شخصي مستقل تحرص عليه وتأبى أن تلغيه او تتخلى عن ملامحه، ومعالم كيانه.

إن حضور المرأة في العالم حضوراً مهماً جداً، وحاجة الذات لها ضرورية فهي مصدر الخصوبة والعطاء والبقاء. فالتغزل بها هو وليد عاطفة الحب، وتصوير لنفسية قائله، اذ ان التغزل بها يتسم بصدق المشاعر في التعبير الصادق عن العاطفة، والبراعة في تصويرها. وإن هذا الحب يصطبغ بصبغة روحانية للتغزل بالمرأة بطريقة فنية جميلة. وما ازالت قصيدة أحمد الصالح في التغزل بالصبية ، بوصفها “الرومانسية” الأنموذج، حيث تكاد القصيدة أن تتفطر بالرقة والعذوبة، وتكاد الصورة البصرية أن تتحرك موقّعة على وقع ولعل هذه الرومانسية الطاغية هي ما جعل بعض النقاد يصنفونه في فئة “شعراء الحب، و كذلك وبالرغم من “رومانسية” أحمد الصالح، إلا أنه قادر على “التوظيف” الممتاز للرمز، حتى إن “تقنية القناع” تحضر بوضوح في بعض قصائده، وتلك نتيجة فنية حتمية الروح الشاعر القلقة اما يحيط بها، والشاعر – على الدوام – بالاغتراب النفسي، والاختلاف عن المحيط المجتمعي،و لا ريب أن ذلك يبدو جلياً لكل سامع مدقق وهو ينقل لنا هذه التجربة في قصيدة بعنوان “متباهية:

أفضت إليــه.. بحبها وهـواهــا

والشـوق سعر في الشفاه لظاهـا

بــوح يـرق صــبابة وعذوبـــة ا

المليحــــةٍ.. بجمالهــا.. تتباهــــا

همست وفي لغة الحديث تدفقت

ولها، وأفضت عن عزيز مناهـا ([30]).

فالشاعر أحمد الصالح يقسم العشيرة إلى فصيلين فمنه من قد أصابته الفتنة ومن من قد أمن منها ومن شرورها، ثم يسترسل مع منظومة التصور الذاتي الفني فيقول:

قالت سـأختـرق القلوب بفتنتي

وأذيبها.. وأذوب في نجواهــــــا

ســتكون في عينيَّ جـدّ متيمـا

تهفــو.. المترف قبلـة.. ولماهــا ([31])

والمتلقي لتلك الكلمات بما تحمله من صور ذاتية يكاد يجزم أن شاعراً إذا شاعرية غزيرة مثل أحمد الصالح، لم ينشر شعره كله، وأن لديه قصائد أكثر، “تنتفض فيها ألف مليحة”، و”يسقط في امعانيها عشرات العرافين”، و”يسافر عبرها مئات المتلقين”، و”تتجلى فيها عيون الوطن”، و”تحتفل خلالها الأجساد” الحانة إلى لغتهاـ “تجمع القصيدة أشلاءها”، كما “جمعتها الأرض” في خيال “مسافر”. إن مهمة إخراج “المكتّمات” من قصائد أحمد الصالح منوطة بالمؤسسات الثقافية التي ترنو إلى النتاج الطباعي المتميز.” ا([32])

وهكذا من خلال تلك الأبيات التي تبرز صوراً من هذا النوع الي ينبع بالذاتية الأحمد الشاعر، وغيرها كثير لا بد أنها ستحمل المتلقي على التفكر الذاتي، لما تحتويه من دقة تصويرية بليغة، تحملها بداعة الوصف القائم على عمق النظر، وإدراك الأجزاء الملاحظة غاية الإدراك بما لا يترك جزئية تنفلت من عقال التصوير الذاتي الشفاف. حيث يقول في بقية القصيدة نفسها:

ضلت بنا اللذات في درب الهـوى

فإذا الأسى والإثـم بعض جناها

عودي إلى رشد، وعين بصيـرة

كم في الهدى نفس تنال رضاها ([33]).

فهو يصور ملذات الحياة تأخذ بيد الإنسان ليتيه في ضلالات الهوى ودروبه الملتوية والبعيدة عن طرق الهدى، ثم يسترسل ليكمل الصورة قائلاً:

كم في دروب الصالحات ونهجها

نعمت قلوب.. في طريق سراها

حفظت عفافا طاهرا عن فتنـــــة

تغوي وصانت نفسها بتقاهـــــا ([34]).

فيصور النقيض في إطار من الهدى والعفاف حتى أنه صور القلب الذي هو أساس مشاعر الذات ينعم بالسير في هذا الطريق، والمثير في شعر الوصف عند أحمد الصالح كما أسلفنا الذكر، هو تناوله الموصوفات قليل ما يلتفت إليها أغلب الشعراء، وذلك قد يكون راجعاً إلى رهافة حسِّه ويقظة ذاتية الشعور لديه أكثر من غيره، و كذلك حبه للأشياء التي كان يعرض لها، وقدرته على الإحاطة بدقائقها، ومن نادر شعره الوصفي، يبدو من خلال قوله:

تقولين أيتها الطينة الغضة العمر:

هيت لك.. الآن

يا لك والصحو يبقي على همسنا

دافئ الحرف.. يشعل صحوتنا

هيت لك.. الآن ([35])

فهو يصف امرأة العزيز بقوله (أيتها الطينة الغضة العمر) فيناديها في صورتها التي يراها عليها ابأنها مجرد طينة، مشيراً بذلك إلى أصل خلقتها فهي من طين، والتي يبدو أنها نسيت تلك الحقيقة فراح يناديها بهذه الصورة الذاتية لعلها تفيق من غفوتها وغرورها، يقول أحمد صالح في قصيدة بعنوان: نفح الصبا ([36]).:

وكان أريج الحب يغشى ديارهم

فنفح الصبا مسك لديهم وعنبر

وكانوا على شط الندى يمطرونه

فسارت بذكرى الحاتم الجود أعصر

فكانا معيناً للندى لا يشوبه

لدى البذل منّ أو أذى أو مُنَفّرُ.

إليهم عيون الشعر يُبصرُ حسنها

وهكذا يبدو جلياً ما تفيض به أبياته من مشاعر تصويرية، والأكثر من هذا الوصف البديع وغيره كثير عنده، براعته في التلاعب بالحروف او الكلمات وتقليبها وتصحيفها أحيانًا مما يدل على تفوُّق أحمد الشاعر تفوقًا باهرًا للدرجة التي جعلته قد يتسامى على منطق الوصف نفسه، ويتجاوزه الى حدود أخرى في آفاق بعيدة المدى. خلال

كما يتضح الوصف من خلال أبياته، يقول أحمد صالح في قصيدة بعنوان: انتفضي أيتها المليحة ([37]):

يا واحدًا…!!

له من الأشياء ما يريد

يا اقزمًا.. تسكنه المعاصي

طلعُهُ الصديد.. أمركَ…؟!

حيث تتألق الاستعارة المكنية في قوله 🙁 يا قزمًا.. تسكنه المعاصي) فالمعاصي يصورها من شدة تمكنها أنها تسكن وتستقر في داخله. وكذلك من خلال اقوله، يقول في (أضغاث أحلام) ([38]):

يا أيها الحكيم..

أي حكمة تسرها..

فالناس افي ازمان الردة استغشوا ثيابهم..

والقلب – أيها العزيز – مضغة من الحزن

حيث صور الزمان بزمن الردة أيام أبي بكر الصديق وجعل من القلب الممزوج بالحزن كأنه مضغة يُخلق منها ذلك الحزن، وهذا دلالة واضحة على عمق البعد الذاتي الديه. ثم ها هو يحلق بخيال افي أجواء الخيال ليلتقط صورة رائعة قائلاً:

أتيتُ إلى عينيكِ أشرب سحرهــا

وامسح في أهدابهـا شرف العتبــــى

فلا توقفي نبض الحنان بأضلعي

فمن قبل ان تأتي لم تــرتعش حبـــا

حنيني ينادي ذكرياتي وصبوتي

فالشاعر أحمد الصالح يشق صورة من وحي المكان و من وحي الخيال ففي آن واحد، حيث يصور العين بمعين الماء العذب الي قد امتلأ بالسحر فجاء ليرتوي منه، ثم صور الحنان بالقلب النابض أو بصورة ذاتية أخرى يمكن القول بأنه صور الحنان بالقلب النابض على سبيل الاستعارة المكنية فجعل من الحنان قلباً نابضاً بين ضلوع صدره، وهذا يدل على عمق الصورة الذاتية الديه، وها هو يعود إلى تصوير الأرض و المكان الذي تذوب ذاته عشقاً في ترابه فتسمعه يقول في قصيدة انتفضي أيتها المليحة:

غداة تستطيع أن اتقول

وتبدأ اللحظة من عمرك

والإنسان في عينيك ومضْ

وغداة تستطيع صون العرض

وحفظ ماء الوجهِ

عشق حلوةٍ سمراء تدعى الأرض

يقتادك الوجع

يعتادك البطن الذي ما ملَّ من شبعْ

وهنا تتجلى رموز عريضة وعناوين كبيرة في تلك البيئة النابضة بالحياة والحياء فجاء بصورتين لتشملا هذا كله فيقول (صون العرض.. وحفظ ماء الوجهِ) فقد صور العرض والشرف بالأرض أو صور الأرض بهما، وأردف بصورة حفظ ماء الوجه كناية عن المروءة والحياء والخجل من القبائح والرذائل.

وهكذا تتجلى صورة الذات في الوصف، وذلك لأنه تعبير عن المشاعر والآراء والمواقف يحتاج الى الوسيلة التعبير، وكثيرا ما تكون وسيلة التعبير هي الكتابة، ويمكن القول إن شكل الكتابة يتغيّر بتغيُّر المواقف والمشاعر المراد التعبير عنها، إذ يختار البعض القصة وسيلةً للتعبير عن مشاعره والإطلاق العنان الخيالة، وآخرُ يختار الرسالة للتواصل والتعبير عن الرأي ووجهة النظر، ولذلك فإن أحمد الصالح يقول في قصيدته: قبل أوان الرحيل. ([39]).

إلى حيث أنتِ…!!

تقيمين.. في مقلتيَّ وقلبي

أضمك.. في وحشة المبكيات

وأتلو على مسمعيك.. من الشعر

سابغَ ما يُلهَمُ.. العاشقون

وأنتِ.. البهاءُ المديدُ

على شامخِ المستحيل.

وأُغوي.. وجوه المريدين فيكِ

وأقرأُ فيهم.. خطاب النفير

على مَشهدٍ.. من هدير الصهيل

من خلال ما سبق ايمكن القول بأن: الواصف لدى الشاعر أحمد الصالح اليس مجرد آلة تصوير تنقل النا الصفات الداخلية والخارجية للموصوف، بل على العكس إن للواصف دورًا مهمًا في عملية الوصف هذه؛ لأن إبداع النص الوصفي الذاتي يتوقّف على نفسية الواصف ورأيه ووجهة نظره وتأمّله للموصوف، وإن لم يتمّ التركيز في تعريف الوصف على الواصف ودوره في عملية الوصف.

نتائج البحث

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات. وبعد،

فقد عمد البحث في نهاية المطاف ألا يضمن خاتمة؛ لأنه لا توجد كلمة أخيرة في الأدب، فقد يأتي باحث آخر يُهيأ له منهج آخر، ويدرس الموضوع، ويخرج بنتائج أخرى، أو يأخذ الموضوع ذاته من زاوية أخرى، وأيضاً لأن الخاتمة فيها حكم قاطع، والأدب في شعره ونثره لا يقبل الحكم القاطع، فللتحليل أساليب تتسع وتتعدد عبر الأشخاص، وعلى اختلاف الأزمان.

ويمكن القول إنَّ النتائج التي استطاع البحث أن يصل إليها، هي على النحو الآتي:

(1) – تعددت أبعاد تحقيق الوصف في شعر أحمد الصالح، وتمثلت في الطبيعة الصامتة، الطبيعة المتحركة بصورها المختلفة.

(2) – فيما يخص التشكيلات اللغوية للوصف عند أحمد الصالح، فقد احتل معجم الطبيعة الصامتة وما دلَّ عليها المرتبة الأولى في رسم صورة الوصف عند شاعرنا، ثم يأتي معجم الطبيعة المتحركة بكافة صوره في المرتبة الثانية، ثم في النهاية يأتي معجم المرأة. كما حرص أحمد الصالح على تنويع الجمل لديه ما بين الإسمية والفعلية والمتوازنة.

(3) – فيما يخص التشكيلات التصويرية للوصف عند أحمد الصالح، فقد ساهمت عناصر عدة في رسم صورة الوصف عنده، ومن أهمها: الطبيعة، والإنسان، والحيوان. إلى جانب أنَّ شاعرنا على اعتمد بشكل كبير على التشبيه والاستعارة في صوره الوصف.

(4) – أما التشكيلات الايقاعية للوصف، فقد تنوعت ما بين إيقاع ثابت متمثل في الوزن والقافية، وإيقاع متغير متمثل في التكرير، والرد العجز على الصدور، والتقنيات الداخلية.

المصادر والمراجع

أولاً: المصادر:

1. ديوان اصطفيك في كل حين، أحمد الصالح، نادي القصيم الأدبي، ط1، 1436هـ.

2. ديوان الأرض تجمع أشلاءها، أحمد الصالح، نادي الرياض الأدبي، ط1، 1433هـ.

3. ديوان تشرقين في سماء القلب، أحمد الصالح، نادي المدينة المنورة الأدبي، ط1، 1434هـ.

4. ديوان قصائد في زمن السفر، أحمد الصالح، نادي الرياض الأدبي، ط1، 1981م.

5. ديوان لديك يحتفل الجسد، أحمد الصالح، نادي القصيم الأدبي، ط1، 1428هـ.

6. ديوان انتفضي أيتها المليحة، أحمد الصالح، دار العلوم الرياض 1402هـ.

ثانيًا المراجع:

1. ابن منظور، محمد بن مكرم (د.ت) لسان العرب، دار المعارف، القاهرة.

2. أدونيس(2005م) زمن الشعر، بيروت: دار الساقي، ط ٦.

3. الدوسري، دوش بنت فلاح (2003) التعبير في الشعر السعودي المعاصر (الرؤيا والفن) عند جيل الشعراء من 1390-1410هـ، وزارة التربية والتعليم، وكالة كليات البنات، كلية التربية للبنات بالرياض(الدكتوراه).

4. المقري(1909م) المصباح المنير، مادة (الذات)، ط5، مطبعة الأميرية، بيروت.

5. المعجم الوسيط. مجمع اللغة العربية. مكتبة الشروق الدولية. مصر. (د.ط). 1425ه/2004م.

6. آل عمار، محمود بن إسماعيل (2013) استلهام قصة يوسف في شعر أحمد صالح الصالح، أبحاث ندوة: استلهام التراث العربي في الأدب السعودي، جامعة الملك سعود، كرسي الأدب السعودي، ج1، الرياض.

7. حميد لحمداني(1990م) سحر الموضوع منشورات دراسات سال مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى سنة 1990م.

8. د0 محمد مندور، في الأدب والنقد، دار نهضة مصر1978م.

9. سعيد علوش(1989م): النقد الموضوعاتي، شركة بابل للطباعة والنشر والتوزيع، الرباط، الطبعة الأولى.

10. طيب، عامر الطيب محمد، ونجم الدين، مبارك حسين، وسليمان، هويدا (2017): الذاتية في الشعر العربي الحديث، مجلة العلوم والبحوث الاسلامية، مج18، ع2.

11. عبد الإله الصائغ(م١٩٩٩) الخطاب الشعري الحداثوي والصورة الفنية، بيروت: المركز الثقافي العربي.

12. عبد القادر القط (1981م): الاتجاه الوجداني في الشعر العربي المعاصر، ط2، دار النهضة العربية للطباعة والنشر.

13. عبد القادر فيدوح(1431هـ): الاتجاه النفسي في نقد الشعر العربي، ط11، دار الصفاء للنشر والتوزيع، عمان.

14. عبيد محمد صابر(2001م) القصيدة العربية الحديثة، دمشق: منشورات اتحاد الكتاب العرب.

15. عز الدين إسماعيل(1966م) الشعر العربي المعاصر، قضاياه الفنية والمعنوية، ط5، المكتبة الأكاديمية، القاهرة.

16. علي الغيضاوي (٢٠٠١ م) الإحساس بالزمان في الشعر العربي من الأصول حتى نهاية القرن الثاني للهجرة، تونس، منشورات كلية الآداب بمنوبة.

17. علي جعفر العلاق (٢٠١٣ م) في حداثة النص الشعري، عمان: دار فضاءات، ط٣.

18. فاضل ثامر (١٩٩٢ م) الصوت الآخر الجوهر الحواري للخطاب الأدبي، بغداد: دار الشؤون الثقافية العامة.

19. محمد، محمد عبد الهادي(2017م) انشطار الذات المبدعة في شعر حسن الزهراني: جدل الرؤية وآليات التشكيل، جامعة المينا بمصر، كلية دار العلوم، قسم الدراسات الأدبية(ماجستير).

20. يوسف المطلبي (١٩٨١ م) الزمن واللغة، القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب.

Margins:

  1. – د. على عبد المعطي محمد: مشكلة الإبداع الفني ، دار الجامعات المصرية ، القاهرة 1977م ، ص 33
  2. – د. صلاح عبد الحافظ : الصنعة الفنية في شعر المتنبي ” دراسة نقدية ” ، ص 221
  3. – رينيه ويليك وأوستن وارين : نظرية الأدب ، ص 240
  4. – د. عبد القادر الرباعي ، الصورة الشعرية في شعر أبي تمام ، ص 29
  5. – د. محمد الهادي الطرابلسي : مصادر التصوير في شعر ابن زيدون ، مركز الدراسات والأبحاث الاقتصادية والاجتماعية ، تونس ، سلسلة الدراسات اللسانية ، نوفمبر 1979م ، ص 2
  6. – د. بشري موسى : الصورة الشعرية في النقد العربي الحديث ، ص 61 ، ص 70
  7. – د. بشري موسى صالح : المرجع نفسه ، ص 59
  8. () ا لسان العرب، ابن منظور، مادة (وصف).
  9. () ا المعجم الوسيط، أنيس ابراهيم وآخرون، مادة (وصف).
  10. () ا تاريخ آداب العرب، مصطفى صادق الرافعي، ١١٩.
  11. () ا المعجم المفصل في الأدب ، محمد التونجي ، ٨٨٤/٢.
  12. () اكشاف اصطلاحات االفنون ا،محمد اعلي ابن اعلي ابن امحمد/التهانوي, ا‏ االأستاذ اأحمد احسن ابسج ا،تاريخ االنشر: ا2013 ام، ا(1/ ا1-4).
  13. () افن االوصف افي االشعر االجاهلي ا،علي اأحمد اخطيب، اتاريخ االنشر: ا2014م ا، اصـ ا74 ا‏ ا
  14. () ا العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده، ابن رشيق القيرواني، ٢٩٥/١.
  15. () ا نقد الشعر، قدامة بن جعفر، ۱۳۰.
  16. () ا تاريخ الأدب العربي، حنا الفاخوري، ٤١.
  17. () ا ينظر: جواهر الأدب في أدبيات وإنشاء لغة العرب، أحمد الهاشمي، ٣٢٦/١.
  18. () ا ينظر: نفسه ، ٤٢/١.
  19. ()اللغة االانفعالية ابين االتعبير االقرآني اوالنص االشعري ا،عطية اسليمان اأحمد ا، اتاريخ االنشر: ا2017 ام، اصـ51.
  20. () اموسوعة اأساليب االمجاز افي االقرآن االكريم ا- ادراسة اووصف ا، االأستاذ االدكتور ا/أحمد احمد امحسن االجبوري ا،تاريخ االنشر:،2017 ام، اصـ ا13.
  21. () اتآزر االحضاري اوالجمالي افي االشعر االعربي االقديم اونظامه االبنائي ا،د. ابتول اأحمد اجندية ا، ادار االنشر: اكلية االآداب اوالعلوم االإنسانية ا- اجامعة احلب. اص ا78
  22. () افاعلية االإيقاع افي االتصوير االشعري ا،علاء احسين اعليوي االبدراني، ا2015 ام، اصـ ا319
  23. – د. إبراهيم بن عبد الرحمن الغنيم : الصورة الفنية في الشعر العربي ، ص 40
  24. – د. إبراهيم بن عبد الرحمن الغنيم: المرجع السابق ، ص 39
  25. اصطفيك غي كل حين، ص96،95.
  26. أصطفيك في كل حين، ص،10،11.
  27. ()قصيدة بعنوانا: االوطن االمفدى ا، اأحمد االصالح ا( امسافر ا) ا،شعراء االجزيرة االعربية ا، ارقم االقصيدة ا: ا65170
  28. ا() ا- امن اديوان ا”لديك ايحتفل االجسد” اقصيدة: ازمن اللعفة اوللخطيئة اأزمنة، اص ا16، ا17.
  29. () امقالة ابعنوان ا:أحمد االصالح.. انزعات امتباينة ايوحدها االجمال، االكاب ا: اأحمد االتهامي ا،الناشر ا: اجريدة االوطن، اتاريخ االنشر: االخميس ا10 ايوليو ا2014 ا- ا13 ارمضان ا1435 اهـ.
  30. ا() ا- امن اديوان: ا”تورقين افي االبأساء” اقصيدة ا” االمتباهية”، امركز اابن اصالح ابعنيزة، اص ا45، ا2016م
  31. ا() ا- امن اديوان: ا”تورقين افي االبأساء” اقصيدة ا” االمتباهية”، امركز اابن اصالح ابعنيزة، اص ا45، ا2016م
  32. () امقالة ابعنوان ا:أحمد االصالح.. انزعات امتباينة ايوحدها االجمال، امصدر اسابق ا.
  33. ا() ا- امن اديوان: ا”تورقين افي االبأساء” اقصيدة ا” االمتباهية”، امركز اابن اصالح ابعنيزة، اص ا45، ا2016م
  34. ا() ا- امن اديوان: ا”تورقين افي االبأساء” اقصيدة ا” االمتباهية”، امركز اابن اصالح ابعنيزة، اص ا45، ا2016م
  35. ا() اديوان: اتشرقين افي اسماء االقلب اص39 انادي االمدينة1434هـ اقصيدة االصحو افي اعينيك
  36. ا()– ااقصيدة اابعنوان) اانفح ااالصبا) ااأحمد ااالصالح-مسافر،الناشر اا: ااالمجلة ااالعربية اا- ااالمجلد اا28،الأعداد اا314 اا، ااصفحة اا22
  37. ا()– اقصيدة ابعنوان ا: اانتفضي اأيتها االمليحة ا، اأحمد االصالح ا( امسافر ا) ا،شعراء االجزيرة االعربية ا، ارقم االقصيدة ا: ا65169
  38. ا()– قصيدة ا(أضغاث أحلام) ،ص ا63
  39. () االجزيرة ا– االثقافية االاثنين ا: ا20 اشعبان ا1425هـ- ا4 اسبتمبر ا2004م.