علم الدلالة واستراتجيات بناء الرصيد المعجمي وعلاقته بالفهم القرائي مقاربة تداولية

محمد دخاي1

1 مختبر العلوم الإنسانية التطبيقية -المدرسة العليا للأساتذة – فاس – المغرب

Email: mdakhay2013@gmail.com

HNSJ, 2023, 4(3); https://doi.org/10.53796/hnsj4328

Download

تاريخ النشر: 01/03/2023م تاريخ القبول: 21/02/2023م

المستخلص

نعرف جميعا أهمية الصناعة المعجمية الموجهة للأطفال في تعلم اللغة ، بوصفها مجالا متعدد التخصصات في صيغته العالمية الراهنة، وهو ما ينبغي أن تستفيد من التحقيقات المنهجية المنتظمة التي توضح المراحل المبكرة لاكتساب اللغة، وكيف تنبثق الكلمات على ألسنة الأطفال ثم تتطور وتنمو أرصدتهم، ثم تتطور، ثم يصابون في أول سنواتهم الدراسية بالعي والحصر الدلالي .

والبحث الذي نقترحه يعمل على مناقشة صناعة المعاجم المدرسية و اكتساب اللغة الأولى ارتباطا بعلم الدلالة ، من خلال عملية اكتساب المفردات وطرق تثميرها وتطويرها، ونعتقد أن هذه المعطيات ستكون خير عون لهم في القضايا الملحة الخاصة باختيار المادة المعجمية وتوزيعها، بالإضافة إلى الأهمية الحاسمة للمعينات السياقية وطرق التغذية النطقية الناجعة.

الكلمات المفتاحية: المعجم – علم الدلالة – الرصيد المعجمي -الفهم القرائي – الاستنتاج – التوقع

Research title

Semantics and strategies for building lexical arabic balance and its relationship to reading comprehension.

Deliberative approach

DAKHAY MOHAMED1

1 Applied Human Sciences Laboratory – Ecole Normale Supérieure – Fez – Morocco Email: mdakhay2013@gmail.com

HNSJ, 2023, 4(3); https://doi.org/10.53796/hnsj4328

Published at 01/03/2023 Accepted at 21/02/2023

Abstract

The above data are of great importance in the lexical industry directed at children, because this industry, as a multidisciplinary field in its current global form, should benefit from systematic investigations that clarify the early stages of language acquisition, and how words emerge on children’s tongues and then their individual balances and they do not suffer in the first grow develop and years of schooling consciousness and semantic inventory, or what is currently called language attrition.

The research That we are proposing tries to provide experts and specialists in the school dictionaries industry with the harvest of scientific investigations in the field of acquiring the first language in relation to acquiring vocabulary and ways to invest and develop them. we believe that these data will be their best help in pressing issues related to the choice of material and Their distribution, in addition to the critical importance of contextual aids and effective pronunciation methods.

Key Words: Lexicography, semantics, linguistic stock, reading comprehension, conclusion, expectation

  • المقدمة:

يطرح بناء المعجم وصناعته عند المتعلم اشكالات عديدة تهم رصيده المعجمي إذا كان يهدف الى بلوغ معنى النص المقروء. ويتجلى تمثل المتعلم للكلمة في التمثل الأساسي للمفردة، كتمثل يجدد الكلمة كما هي ويتجاوز التمثل المجزوء، حيث يهدف الى تحديد صلاته مع سمات وخصائص تلك الكلمة سواء كانت خطية اوتركيبية اودلالية .والتمثل الحشوي أو الإضافي يتم وفقه الربط بين جميع المعلومات الشكلية والدلالية حول تلك الكلمة، ومن خلال هذا التمثل يتم تعرف الكلمات بالإضافة الى الية نطق الكلمات: وذلك بتجميع المتعلم للخصائص والسمات المميزة للمفردة من خلال شكلها المنطوق، لان عملية التعلم إذا تمثلت السمات الصوتية للكلمة فهي ستساعد المتعلم على تمثل معناها، ذلك ان صناعة المعجم ما كان لها ان تقوم لو لم تستند على الدلالة والمعجمية ، بحكم التشابك والتداخل بين صناعة المعجم وعلم الدلالة وذلك ” لان الحالة المعجمية للألفاظ تمثل الصورة الأساسية لمحيطها الدلالي .

  • مركزية المعجم في تعليم وتعلم اللغة:

تناولت الأبحاث اللغوية التقليدية تدريس المعجم على انه يأتي في الرتبة الثانية، لأنها اهتمت أولا بالاختلافات البنيوية والتركيبية للغة وكيفية تقطيعها. لكن مع ظهور العديد من المقاربات التواصلية الحديثة في تعليم وتعلم اللغة، نقلت اللغة من التعليم الى التعلم ثم الى المحتوى، وهي عوامل أدت الى الاهتمام بتدريس المعجم وجعله أرضية مركزية في تعليم وتعلم أية لغة ، تحت ما يسمى بالمقاربة المعجمية في تدريس اللغة. ومع ذلك، فالأبحاث اللغوية الحالية لم تستطع ان تقدم جوابا عن الكيفية التي يكتسب بها المتعلم الكلمات على نحو جيد .

وتقدم سيرورة الفهم القرائي بعض المفاتيح للإجابة عن ذلك ، اذ أصبح من الواضح فيما يخص الدراسات التي أقيمت حول اللغة الأولى , بأن الفهم القرائي يؤدي حتما الى اكتساب كلمات جديدة ، اما فيما يخص تعلم اللغة الثانية , يكون الفهم القرائي أساسيا في نمو الرصيد المعجمي لدى المتعلم مقارنة مع تدريس المعجم منعزلا عن السياق ، إضافة الى أن المتعلمين انفسهم يعتبرون الرصيد المعجمي هو الأساس في نمو لغتهم. بحيث يرجعون العديد من الصعوبات سواء الاستقبالية أو الإنتاجية الى ضعف رصيدهم المعجمي ومن خلال هذا الأخير يمكننا قياس ذكاء المتعلم وقدرته على فهم النص القرائي ; وذلك لأنّ ” الكلمة هي الوحدة اللغوية الأساسية التي تشارك مشاركة فعالة في تكوين معارف الإنسان وتجاربه وأفكاره وصوره الذهنية، كما أنها نقطة انطلاق الإبداع الكلامي» الذي يعد قوة أساسية يعتمد عليها الإنسان في تكوين شخصيته وتثبيت وجوده الاجتماعي، وفي تحقيق رغباته وطموحاته » (المعتوق ، 1996- ص: 40).

أما عن علاقة التركيب بالمعجم ، فالمتكلم للغة ما، يمكنه أن يفهم خطابات لاحنة تركيبيا مع ورود كلمات في محلها السياقي مقارنة بمقبولية التركيب وعدم موافقة الكلمات لسياقها، اذن فبدون تركيب صحيح يعاق التوصل الى المعني في لغة ما ، لكن بدون تموضع المفردات في سياقها المناسب يستحيل بلوغ المعنى، ومن هنا فاللغة ليست نحوا معجميا بل بالأحرى معجما مبنيا . وفي السياق ذاته دلت الأبحاث حول اكتساب المعجم ، على ان المتكلمين للغة الواحدة يمكن ان تكون لديهم قدرات معجمية مختلفة مع ان القدرة التركيبية تبقى هي نفسها لديهم ، لان ما هو أساسي في اكتساب اللغة هو اعتبار النظام التركيبي لمتكلمي لغة معنية نظاما ثابتا و متناهيا ونظامهم المعجمي غير متناهي لاعتماده على تاريخهم الشخصي وعلى معارفهم السابقة والانية ، لان ” نمو الحصيلة اللغوية او ثراءها لدى الفرد يبقي في اتجاه طردي مع الاتصال المباشر وغير المباشر بالآخرين وبالموارد الاخرى لاكتساب اللغة ، فكلما زاد المحصول اللغوي للفرد نما وعيه وادراكه ” (المعتوق، 1996- ص: 50).

  • علم الدلالة وبناء الصور المعجمية:
  • الدلالة اللغوية:

ويورد ابن منظور قوله حول معاني لفظ دل:” الدليل ما يستدل به والدليل الدال وقد دله على الطريق يدله دلالة (بفتح الدال أو كسرها أو ضمها) والفتح أعلى، وأنشد أبو عبيد: إني امرؤ بالطرق ذو دلالات” والدليل والدليلي الذي يدلك”، ويسوق قول سيبويه وعلي – كرم الله وجهه – يقول سيبويه: والدليلي علمه بالدلالة ورسوخه فيها”. وفي حديث علي رضي الله عنه في صفة الصحابة: “ويخرجون من عنده أدلة ” وهو جمع دليل أي بما قد علموا فيدلون عليه الناس يعني: يخرجون من عنده فقهاء، فجعلهم أنفسهم أدلة، مبالغة” ( ابن منظور،1405ه، ص 394:-395.).

وفي المعجم الوسيط: “دل” عليه، وإليه دلالة: أرشد، ويقال: دله على الطريق ونحوه: سده إليه، فهو دال، والمفعول: مدلول عليه وإليه، والدالة: ما تدل به على حميمك وصديقك، والدلال التدلل، ومن المرأة: حسن حديثها ومزاجها. الدلالة: الإرشاد، وهي ما يقتضيه اللفظ عند إطلاقه في دلائل ودلالات. والدلالة( بكسر الدال ): الدَلالة (بفتح الدال ).( مجمع اللغة العربية، المعجم الوسيط ،ص 294. )

  • الدلالة الاصطلاحية:

لقد كان الأصوليون والمناطقة والمفسرون من الأوائل الذين ساهموا في تعريف الدلالة، وتحديد وجوهها وعلاقاتها. ومن بين هذه التعاريف التي أوردوها:

•الدلالة : هي كون الشيء بحالة يلزم من العلم به العلم بشيء آخر ، والشيء الأول هو الدال، والثاني هو المدلول، وكيفية دلالة اللفظ المعنى باصطلاح علماء الأصول محصورة في عبارة النص، وإشارة النص، ودلالة النص، واقتضاء النص، ووجه ضبطه: أن الحكم المستفاد من النظم، إما أن يكون ثابتا بنفس النظم أولا، والأول إن كان النظم مسوقا له، فهو العبارة وإلا فالإشارة.

والثاني: إن كان الحكم مفهوما من اللفظ لغة فهو الدلالة ، أو شرعا فهو الاقتضاء، فدلالة النص عبارة عما ثبت بمعنى النص لغة لا اجتهادا، فقوله: “لغة”، أي: يعرفه كل من يعرف هذا اللسان بمجرد سماع اللفظ من غير تأمل، كالنهي عن التأفيف في قوله تعالى فلا تقل لهما أف” (سورة “الإسراء”: 23)، يوقف به على حرمة الضرب وغيره، مما فيه نوع من الأذى بدون الاجتهاد. ( الجرجاني2003 ، ص107).

•الدلالة : “فهم أمر من أمر، كفهم معنى الذكر” البالغ الآدمي من لفظ “الرجل”، فيسمى الأمر الثاني “المدلول” والأمر الأول “الدال”… ومعنى دلالة اللفظ : أن يكون إذا ارتسم في الخيال اسم، ارتسم في النفس معنى، فتعرف النفس أن هذا المسموع لهذا المفهوم، فكلما أورده الحس على النفس التفتت إلى معناه. ( ابن سينا1970 ، ص 4).

•الدلالة : الإشعار بأمر خفي، ومعنى “ندلكم “، نعرفكم ونرشدكم وأصل “الدلالة” الإرشاد إلى الطريق الموصل إلى مكان مطلوب، وغالب استعمال هذا الفعل أن يكون إرشاد من يطلب معرفة (بن عاشور1984، ص 148-165) ويبدو أن في الدليل “إرشاد إلى شيء مطلوب غير ظاهر لطالبه. (بن عاشور1984، ص326.)

• مفهوم علم الدلالة :

ما أكثر التعاريف التي أعطيت لعلم الدلالة. بيد أنها تتفق في أبسطها وهو: “علم” دراسة المعنى “.( الداية1995، ص 15.) وهو التعريف الذي أجمع عليه علماء اللغة العرب والغربيون، إذ ورد على صيغ مختلفة وكثيرة من قبيل: علم الدلالة هو: “العلم الذي يدرس المعنى، أو ذلك الفرع من علم اللغة الذي يتناول نظرية المعنى، أو ذلك الفرع الذي يدرس الشروط الواجب توافرها في الرمز حتى يكون قادرا على حمل المعنى (أحمد مختار 2009، ص 11.) علم الدلالة فرع من فروع علم اللغة، وأداة الدلالة فيه هي اللفظ والكلمة. (أنيس1963، ص 37):

-علم الدلالة جزء من اللسانيات يدرس معنى أو مدلول الوحدات المعجمية تارة في علاقتها مع دوالها (علم المفردات، وعلم صناعة المعجم)، وتارة في ذاتها (هي إذا الدراسة المعنوية أو الروحية).

-علم الدلالة Semantics تعني في الأصل الدراسة التاريخية لتغيرات معاني الكلمات”.( مونان2012، ص 3).

-علم الدلالة هو علم الدلالات اللسانية، فدلالة الوحدة اللسانية هو مدلولها، ومعناها هو القيمة المحددة يكتسبها المدلول المجرد في سياق واحد وضع واحد ولسان واحد وموضوع واحد .( فابر و بايلون2012م، ص 3.)

نخلص من خلال كل هذه التعاريف إلى أن علم الدلالة هو ذلك الفرع أو المكون اللساني الذي يهتم بدراسة المعنى، وبكل الجوانب التي تساهم في بنائه، وبمناولة مدلولات الوحدات الدلالية في اللغات الطبيعية سانكرونيا ودياكرونيا وتعاقبيا. وإن كان – في بداياته لم يستخدم في الإشارة إلى المعنى بل إلى تطوره، في إطار ما أطلق عليه بعد ذلك بـ “علم الدلالة التاريخي.( ف. ر. بالمر1995، ص 10.)

تبلور مصطلح علم الدلالة في التقليد الفرنسي (Sémantique) لدى اللساني الفرنسي ميشال بريال (Michel Bréal) في كتابه “مقال” في “الدلالة” (Essai de sémantique في أواخر القرن التاسع عشر (1883م)، ليعبر به عن فرع من علم اللغة العام هو: علم الدلالات في مقابل “علم الصوتيات” الذي ظهر قبل ذلك ليعتني بدراسة الأصوات اللغوية، ومخصصا إياه للقوانين التي تحكم تغيرات المعنى. وقد اشتقت هذه الكلمة الاصطلاحية من أصل يوناني مؤنث (Semantike) مذكره (Semantikos) أي: يعني، ويدل. ومصدره كلمة (Sema) أي: إشارة أو علامة، وقد تكون مشتقة أيضا من كلمة يونانية أخرى (Semainô) بمعنى: دل على والمتولدة هي الأخرى من (Sema) التي تشكل الصفة المنسوبة إلى الكلمة الأصل (Sens) أي المعنى (غيرو ،1986، ص:6).

ظهر علم الدلالة بعد ذلك بصيغته الإنجليزية مترجما بالكلمة (Semantics) في وثيقة قرئت على – جمعية الأمريكية لعلماء فقه اللغة سنة (1894م) كان عنوانها: “Reflected meaning a point semantics” (غيرو ،1986، ص:10)، ولو أن كلمة (Semantick) قد وردت في القرن السابع عشر في عبارة Semantick Philosophy) وتعني “الكهانة”. وظهرت – أيضا – في ترجمة هنري كوست (Henry Cust) لعمل ميشال بريال (Michel Bréal) في مقاله المنشور سنة 1898م (لوشن ص 15-16) أن الاختلاف في تحديد مفهومه أدى إلى الاستعاضة عنه بالتسمية القديمة Semasiology، ولكن (Semantics) نظرا لقصره وخفته في النطق يبدو أنه الآن قد حقق انتشارا وبدرجة كبيرة (أولمان1997، ص 20) ، أما اختيار المصطلح العربي لمفهوم “الدلالة” فلكونه” أوثر عن غيره من المصطلحات( المـعنى ، المعاني، الرمز، الرموز الدلالات..) لكثرة وروده في المصنفات العربية القديمة. وبمضامين قريبة من ماهية العلم في صورته المعاصرة (منقور ،2001، ص 8 ) فابن خلدون يذكر في مقدمته علم الأصول وما يلزم دارسيه فيقول: “يتعين في دلالة الألفاظ، ذلك أن استفادة المعاني على الإطلاق من تراكيب الكلام على الإطلاق يتوقف على معرفة الدلالات الوضعية مفردة ومركبة … ثم إن هناك استفادات أخرى خاصة من تراكيب الكلام، فكانت كلها من قواعد هذا الفن، ولكونها من مباحث الدلالة كانت لغوية ( ابن خلدون، 2014 ،ص 419. )

واستبعدت لفظة “المعاني” لأنها باب من أبواب البلاغة التي تعنى بقيم التركيب اللغوي، ويقدم علم المعاني” نتائج تفيد الباحث الدلالي، ورغم ذلك، تم تركه احترازا من اضطراب المصطلح المستقر تاريخيا في جانب من جوانب الثقافة العربية (منقور عبد الجليل،2001، ص 9 )وترك أيضا مصطلح “المعنى” لأن فيه عموما من جهة، ومن جهة أخرى لا يعين على اشتقاقات في مرنة نجدها في مادة الدلالة (دل)) الدال، المدلول، المدلولات، الدلالات، الدلالي، الدليلي،). وأما (الرموز) فهو خاص بعلم قائم بذاته وله أبعاده العامة (منقور ،2001، ص 9 )

  • موضوع علم الدلالة وأهدافه

لقد تناول الدلالة بالبحث مجموعة من العلماء مختلفي الاهتمامات العلمية كالفلاسفة وعلماء الـنفس واللسانيين، والأدباء، الأنثربولوجيين والاقتصاديين… وغيرهم، الأمر الذي يفسر تعدد تعاريف الدلالة وعلم الدلالة ـ وجعل مجال هذا الحقل واسعا وموضوعها متشعبا. حيث أضحى أي شيء، أو كل شيء، صالحاً لأن يقوم بدور العلامة أو الرمز، لغويا كان أو غير لغوي (كلمات جمل، نصوص، حركات إشارات، أيقونات…) ويستطيع يؤدي مدلولا أو تمثيلا أو تصورا في اللغات الطبيعية أو الاصطناعية أو الصورية” (أحمد مختار 2009، ص 11.) “ولا يقتصر على اللغات التي لم يوضع لها معجم بل قد تكون اللغات ذات المعاجم أحوج إلى دراسة المعنى، طالما أن هناك عناصر غير لغوية لها دخل كبير في تحديد المعنى كشخصية المتكلم، وشخصية المخاطب، وما بينهما من علاقات وتجـارب وما يحيط بالكلام من ملابسات وظروف، وما يستلزم من معرفة بنظام الحياة ( فتح الله 1991، ص7).

ويهتم الدلاليون في هذا العلم بمجموعة من المحاور الرئيسية، ترتبط بجوانب مختلفة من الدراسات اللغوية، ثم تتفرع إلى محاور تطبيقية وتحليلية، تنفتح على كثير من الاجتهاد، وتتعدد فيها الآراء. (الداية1995، ص9.)

المحور الأول: البحث في العلاقة الرمزية بين الدال والمدلول ودراسة الآثار الاجتماعية والنفسية على الوحدات الدلالية في ارتباطها بالوقائع اللغوية (الدال والمدلول والمرجع).

المحور الثاني: دراسة التطور الدلالي: أسبابه وقوانينه والعلاقات السياقية والموقعية في الحياة والعلم والفن.

المحور الثالث: يتصل بالمجاز وتطبيقاته الدلالية وصلاته الأسلوبية. وعموما، يبحث علم الدلالة في الدلالة اللغوية، أي العلامات اللغوية دون سواها، وإن كان موضوع علم الدلالة هو ما يقوم بدور العلامة أو الرمز، سواء أكان لغويا أم غير لغوي، إلا أن التركيز يكون على المعنى للغوي في مجال الدراسة الدراسة اللغوية (جرمان ولوبلان1997، ص 8) وتترك دراسة العلامات غير اللغوية لعلم آخر قائم بذاته هو السيمولوجيا.

ولا شك أن الهدف من هذا المجال المعرفي، لا يكمن في تحديد دقيق للتطور الدلالي التاريخي للألفاظ فقط، بل تتخطى أهميته كل ذلك إلى اعتباره حقلا خصبا ومجالا علميا يحظى باهتمام المناطقة، والفلاسفة وعلماء النفس وعلماء الاجتماع… ورغم هذا الارتباط والاتصال بين هذه العلوم والمجالات البحثية، إلا أن ثمة تمايزا بينها، ذلك أن كل علم منها له سماته، وخصائصه ومنطلقاته التي ينطلق منها، ومن هنا يبدو اختلاف النظرة، والتناول والهدف والوسيلة في دراسة دلالة الكلمة والمعنى. ( فتح الله ، 1996، ص6).

ويقول بريال (Bréal) في سياق تعريفه بعلم الدلالة: الهدف الذي ينشده علم الدلالة هو الوقوف على القوانين التي تنظم تغير المعاني وتطورها، والقواعد التي تسير وفقها اللغة وذلك بالاطلاع على النصوص اللغوية، بقصد ضبط المعاني المختلفة، بأدوات محددة، وفي هذا سعي حثيث إلى التنويع في التراكيب اللغوية لأداء وظائف دلالية معينة، وهذا التنويع هو الذي يثري اللغة إثراء يحفظ أصول هذه اللغة، ولا يكون حاجزا أمام تطورها وتجددها.(منقور ،2001، ص 18 ) أي إن الهدف من علم الدلالة ما هو إلا البحث في قوانين تكثف أسراره، وتبين السبل إليه، وكيفية حركته، لترقى الدلالة، فتؤدي وظائف حضارية عالية في الحياة اليومية وميادين العلوم، وآفاق الفن وتغدو أداة طيعة بين أيدي البشر. Lyons 1975, p : 427)).

وهو الأمر الذي عبر عنه بريال(Bréal) صراحة عندما قال: “إن ما أريد القيام به هو رسم بعض الخطوط الكبرى، وعرض بعض المباحث باعتبارها تصميما مؤقتا، يتعلق بمجال لم يستغل بعد ويبشر بعمل تشارك فيه عدة أجيال من اللسانيين.. وأرجو من القارئ أن يعتبر هذا الكتاب بمثابة مدخل بسيط لعلم اقترح عليه اسم ” La sémantique [علم الدلالة]. (الحاج صالح 2010-ص: 13).

  • اليات تنمية الرصيد المعجمي اثناء القراءة.

أصبح المعجم في الوقت الحاضر يحظى باهتمامات الأبحاث اللغوية والتربوية والنفسية، التي تبحث في اكتساب اللغة الثانية ومن خلالها الأبحاث استنبط الباحثون عوامل واليات تساعد المتعلم على تنمية رصيده المعجمي داخل النصوص القرائية . وتتمثل في إدراك وتمثل السمات البصرية للكلمة وذلك بتحديد معناها من خلال تواترها في سياقات متعددة ومن خلال ربطها بالحقل المعجمي الذي تنتمي اليه ، وكذلك ادخال خصائص النص اللغوية وسياقه وظروفه واهتمامات القارئ ووضوح نوعيته وكل المؤثرات التي تجعل منه نصا مفهوما لدى أي قارئ كيفما كان وخصوصا لدى الاطفال ، لان ما يقدم اليهم لا يستجيب لحاجياتهم الوظيفية بسبب غياب معاجم لغوية مدرسية وذلك حتى يستطيع التلميذ ” ان يعبر عن كل ما يختلج في نفسه وعن متطلبات العصر في يسر وسهولة ، اذ يجب ان يغطي الرصيد الشبكة كلها من المفاهيم التي يجب على الطفل ان يكتسبها ” (الحاج صالح 2010-ص: 13). والمعجم ليس هو القاموس فالأول يحيل على قدرة المتكلم اللغوية والتواصلية وهو ما يسميه عبد القادر الفاسي الفهري بالمعجم الذهني انه «هو المخزون المفرداتي الذي يمثل جزءا من قدرة المتكلم -المستمع اللغوي والثاني له قدرة تأليفية ترتبط بشروحات وتفسيرات» (الفهري، ص:7).

ان استعانة القارئ بالتمثل البصري للكلمات وسياقها داخل النص يساهم في ادخال مفردات معجمية جديدة انطلاقا من مفردات مخزنة في ذاكرته، ذلك ان تفاعل القارئ مع مجموعة من العوامل يساعد على نموه المعجمي وبالتالي فهمه للنصوص القرائية. ومن هذه العوامل المحفزات المتواصلة التي يبذلها لفهم النص ، الانتباه الى شكل الكلمات والاستراتيجيات التي يوظفها في القراءة، لأنها عوامل تؤثر في تعرف القارئ على معاني كلمات جديدة وفي فهمه للنص المقروء اجمالا.

ان اغلبية الأبحاث التي تناولت ظاهرة اكتساب المفردات تتأسس – صراحة او ضمنيا – وفق سيرورة النظرية المعرفية للتعلم ومنها ان المراحل التي يسلكها القارئ اثناء تمثله وادراكه لمفردة جديدة وهذه تكمن في فهم معنى المفردة مع الربط الذهني بين شكل ومحتوى المفردة ومميزاتها التي تسبق المعرفة. وإنتاجية تلك المفردة أي توظيفها في سياقات متعددة باعتبارها «صيغة ذات وظيفة لغوية معينة في تركيب للجملة تقوم بدور وحدة من وحدات المعجم، وتصلح لان تفرد او تحذف، او تحشى او يغير موضعها او يستبدل بها غيرها في السياق وترجع في مادتها غالبا الى اصول ثلاثة، وقد تلحق بها زوائد “.( تمام 1974م، ص 232 ).

كما ينظر الى القدرة المعجمية من خلال ابعاد ثلاثة وتكمن في البعد الجزئي الصحيح الذي يصف المستويات المختلفة لفهم الوحدة المعجمية الواحدة من التعرف عليها وتسجيل خصائصها الى تمثل وحفظ معناها، ثم الربط بين شكلها ومعناها، مع معرفة العلاقة المعنوية المختلفة لمفردة ما، مع مفردات أخرى من حيث الترادف والتضاد والاشتراك اللفظي، حيث يتم تصنيف الحقل المعجمي الذي تنتمي اليه المفردة اثناء سيرورة اكتساب معناها .وينتج عن ذلك ان المتعلم ينمي معرفة العلاقات الدلالية بين الوحدات المعجمية بتكوينه لشبكات معنوية. ولهذا السبب، فالنمو في بعد المعرفة العميقة هو أساس النمو من الفهم الجزئي الى الفهم الصحيح والدقيق لمعنى الكلمة، لان ” كل كلمة او وحدة معجمية (lexème ) تنتمي بالضرورة الى حقل دلالي واحد، ولا يمكن ان توضع وحدة معجمية في أكثر من حقل واحد، أي ان الكلمة الواحدة لا تأتي في حقلين اثنين او أكثر ” (الركيك 2015م ص: 43 ).

  • الفهم القرائي:

تعريف الفهم :

يطرح الفهم تحديا كبيرا باعتباره مفهوما ذاتيا تتداخل فيه العديد من الاستراتيجيات والمهارات اللغوية وغيرها. بحيث تواجهنا صعوبات في إعطاء تعريف جامع مانع واجرائي. نظرا لوجود اختلاف كبير تتصف به المفاهيم الدالة على الفهم. وعموما، يتم الفهم القرائي الجيد، انطلاقا من ترابط المكونات الثلاثة فيما بينها، وأي خلل في هذا الترابط سيؤدي حتما الى إعاقة الفهم. إضافة الى ذلك يتحقق فهم القارئ إذا أسس تمثلات ذهنية لموضوع نص ما، ولوضعية ما، وكذلك إذا كانت المفاهيم المكونة لتصوراته عن العالم غير متناهية في محتوى معلوماتها، وإذا كانت التصورات المبنية والعلاقات المفهومية مرتبطة بالمرجع، أي بما يعرفه القارئ مسبقا اتجاه نص جديد.

  • استراتيجيات الفهم القرائي :

يعد الفهم المقولة الثانية في صنافة بلوم( Taxonomy of Bloom) (1970 Bloom ) بعد مقولة المعرفة , انه سيرورة ذهنية تتطلب توفر المتعلم على قدرات ومهارات تساعده على فهم الخطاب المكتوب .ويفهم المتعلم النص اذا وظف استراتيجيات محددة , يكون أساسها قدرته اللغوية ومهاراته القرائية لأن الهدف الأول من القراءة هو الفهم , حيث يوظف القارئ في هذه العملية معلوميات بصرية ومعلومات غير بصرية رغم وجود اختلافات بين اللغات الطبيعية في الصواتة والتركيب والمعجم , فهناك تشابه كبير فيما يخص المعارف التصورية التي تحدد ممارسات الفرد في الأنشطة المعرفية كنشاط القراءة .ويعرف على انه ” الربط الصحيح بين الرمز والمعنى ، واخراج المعنى من السياق ، واختيار المعنى المناسب ، وتنظيم الافكار المقروءة وتذكر هذه الافكار واستخدامها في بعض النشاطات الحاضرة والمستقبلية (الغامدي 2009-ص: 221) .وتبقى الاستراتيجيات التي يوظفها القارئ في فهمه للنص القرائي متشابهة جدا من لغة الى أخرى.

و تعرف الاستراتيجية على انها ” مجموعة من الاجراءات والممارسات التي يتبعها الفرد ، للوصول الى مخرجات في ضوء الاهداف التي وضعها وهي تتضمن مجموعة من الاساليب والوسائل والانشطة واساليب التقويم التي تساعد على تحقيق الاهداف وهي كذلك خطة منظمة يمكن تعديلها ، هدفها تحسين اداء الفرد اثناء التعلم ” (عبد الهاشمي، الدليمي2008 ص: 19) لان سيرورة القراءة هي نفسها في اللغات جميعها، مع إمكانية وجود اختلافات بسيطة ترتبط بخصائص نظام الكتابة والبنيات التركيبية لكل لغة على حدة ومن هذه الاستراتيجيات، تعرف الكلمات، فعندما يقرأ القارئ نصا ما عادة ما يصادف كلمات غير معروفة لديه، لذا يوظف عدة استراتيجيات للتعرف عليها متبعا الاجراء المعجمي، وذلك عندما يكون التمثل البصري للكلمة مرتبطا بشكل موجود في ذاكرتنا سلفا (المعجم الذهني)، ثم يستنبط معنى المفردة مباشرة. ويسمى هذا الاجراء أيضا بالإجراء المباشر، بالإضافة الى اجراء الوسيط النطقي أي بتلفظ القارئ للكلمة غير المعروفة، ثم يقسمها الى مقاطع او حروف من اجل التهجي. وتسمى هذه الطريقة بالآلية غير المباشرة، علما ان التعرف النطقي يطبق على الكلمات المجهولة وعلى الكلمات التي تعرفنا عليها من قبل ولكنها تتكرر قليلا واخيرا المعالجة عن طريق القفزات وذلك بتعرف الكلمة ضمن موقعها في الجملة ومن حيث صنفها النحوي (فاعل – مفعول)، علما ان الكلمات تكون معروفة في الخطاب الشفهي وغير معروفة في الخطاب الكتابي.، وهناك كلمات معروفة في الخطاب الشفهي ومعروفة في الخطاب الكتابي. وان هناك كلمات غير معروفة في الخطابين معا.

  • استراتيجية الاستنتاج:

نعرف ان الاستنتاج ليس مهما في فعل القراءة فقط، بل هو أساسي في التعلم عامة، ويعتمد على نوعين من المفاتيح، فهناك مفاتيح لغوية كالمعلومات التركيبية والصرفية والصوتية، أدوات الربط وهناك مفاتيح خارج لغوية Extralinguistiqueوذلك من خلال استعمال القارئ لمعارفه السابقة لفهم المقروء، انه مهارة عليا مركبة تستلزم مستويات اعلى من المعرفة وتتماشى مع العمليات الذهنية العليا. كما يوظف القارئ المستنتج معلوماته البصرية ومعرفته بالعالم وبالتعاقدات والقيم الاجتماعية. ويتطلب الاستنتاج كذلك طرح القارئ افتراضات اعتمادا على المعلومات اللغوية، وبالتالي قد يكون الاستنتاج صحيحا او خاطئا، ففعل القراءة بلوغ محتوى النص، بل هو طرح مجموعة من الافتراضات حول الدلالة الممكنة لذلك النص، وبالتالي التحقق من هذه الافتراضات داخل النص نفسه.

  • استراتيجية التوقع أو التخمين:

انها استراتيجية ما فوق معرفية (Métacognitive)، تحدث عندما يواجه القارئ كلمات غير معروفة لديه، والتي تعيق عملية الفهم. مما يحتم عليه توظيف اجراء حل المشكل، باعتماده على استراتيجية التوقع او التخمين، توقع معنى الكلمات وتخمين معنى النص. وتعتمد هذه الاستراتيجية على مفاتيح لغوية وعلاقتها بالسياق المباشر او العام للنص، دون شكل المفردات فقط. كما تستلزم توفر القارئ على تجربة ومعرفة لغوية غنيتين، مما يفرض عليه ان يكون واعيا بانه يطرح افتراضات فقط حول معنى كلمة ما وحول محتوى نص معين. لذا ينبغي له ان يراجع ويصحح توقعاته إذا كانت في غير محلها. ويبقى القارئ الجيد هو الذي يطرح افتراضات صحيحة اتجاه كلمة معينة واتجاه نص ما، وتكون سيرورته القرائية فعالة. اما القارئ الذي يطرح افتراضات خاطئة، فيتوقف نشاطه القرائي. لذا يلزمه إعادة القراءة مرات متعددة حتى يطرح افتراضات مناسبة لكلمات النص، وبالتالي يستمر في القراءة وهكذا دواليك، بحيث يمكن تصنيف استراتيجيات الفهم في أربع مقولات هي:

ا- استراتيجيات أساسها النص: يستطيع القارئ وفقها تكوين المعنى، وذلك بتركيزه على مستوى من مستويات النص: الكلمات، الجمل، الفقرات. ويتضمن هذا الصنف الاستراتيجيات التالية: استراتيجية التركيز على مفردات النص، تلخيص النص، توظيف البنية التركيبية للنص، طرح أسئلة داخل النص ومحاولة الإجابة عنها.

ب – استراتيجيات أساسها بنية النص: يحاول القارئ من خلالها توظيف معرفته اللغوية، فيما يخص تنظيم وتماسك النص وتناسقه لتسهيل فهمه. واستراتيجيات هذه المقولة هي: استراتيجية الاهتمام بالكلمات المفاتيح، استخلاص فكرة عامة للنص، تعرف بنية النص وتقييمها.

ج – استراتيجيات أساسها النص ومعرفة القارئ: يستعمل القارئ في هذا الصنف نوعين من المعلومات: معلومات نصية ومعلومات مصدرها معارف القارئ السابقة حول محتوى النص ولغته. في الغالب، تحرك المعلومات المتضمنة في النص المعلومات المخزنة في ذاكرته الطويلة الأمد. يضم هذا النوع الاستراتيجيات التالية: استراتيجية ربط المعلومات النصية بمعارف القارئ حول موضوع معين، تقويم معنى النص، تمثل معنى الجمل وتكوين فرضيات حول محتوى النص.

د – استراتيجيات التصحيح الذاتي: انها استراتيجيات إجرائية، تبين مدى أجراة القارئ لمعرفته من حيث تخطيطها وترشيدها وتقويم فهمه. ومن استراتيجيات هذا النوع ما يلي: استراتيجية القفز على المفردات غير المعروفة، تنمية السرعة في القراءة، ترشيد الفهم، إعادة قراءة النص، وضع خط تحت جملة او كلمة أساسية في النص وترشيد الاستراتيجيات التي يوظفها القارئ في فهمه للنصوص القرائية.

  • دور نظرية البنيات التصورية Schemata theoryفي الفهم القرائي:

ان منطلق مفهوم نظرية البنيات التصورية هو نظرية الجشتالت Gestalt في علم النفس والمقاربة السيكولسانية للقراءة. بحيث ترى الأولى ان ذهن الانسان يدرك الكل قبل الجزء وان الكل لا يتشكل حتما من اجزائه المكونة له . اما المقاربة السيكولسانية، فتؤكد على دور مرجعية القارئ المعرفية في الفهم. ويعتبر اول من وظف مفهوم بنيات التصور في سياق تفاعل القارئ مع معلومات النص ويعرفها بانها التنظيم الفعال للخبرات والتجارب والأحداث الماضية وفق تسلسل محكم. ان نظرية البنيات التصورية يمكنها ان تمثل المعرفة الإنسانية في جميع مستوياتها الأيديولوجية والثقافية واللغوية أيضا. من حيث بنية وتنظيم معرفتها لمكونات جمل لغة ما، معرفة معنى كلمة ومعرفة سمات نظام هجائي للغة معينة. انها نموذج لكيفية تشكل المعرفة الإنسانية وكيفية تمثلها في الذاكرة.

وتؤكد هذه النظرية على تأثير معرفة القارئ الأولية في الفهم القرائي وفي تعلم معلومات وخبرات جديدة، بحيث تفترض ان النص لا يتضمن جميع المعلومات التي يحتاجها القارئ لفهمه. ان الفهم القرائي وفق نظرية) البنيات التصورية (هو سيرورة تكوين مجموعة من التصورات التي تمثل معلومات ملائمة للمعلومات والتصورات المثبتة مسبقا في النص. مثلا، عندما يقرأ قارئ مغربي نصا لكاتب مغربي في موضوع السوق، فمن خلال عنوانه يشكل القارئ تصوراته وتمثلاته حول السوق من حيث خصائصه ومكوناته …، ومن ثمة يحصل الفهم الجيد نظرا لتشابه البنيات التصورية لكل من المؤلف والقارئ. اما إذا حصل تناقض بين القارئ والكاتب فيما يخص بنياتهما التصورية، فحتما سيشوش الفهم.

يحصل الفهم إذا وظف القارئ بينة تصورية ملائمة للبنية التصورية التي وظفها صاحب النص. أما عدم الفهم فيرجع عدم توفر القارئ على معارف مناسبة اتجاه نص معين، او ان النص لا يقدم مفاتيح كافية، والتي من خلالها يوظف القارئ بنيات تصورية ملائمة، او إذا أول القارئ النص تأويلا منطقيا مختلفا عن تأويل الكاتب ، وهو ما يبرز ان نظرية البنيات التصورية هي أساس العمليات الذهنية خاصة الادراك والتذكر والفهم، لانها تتحكم وتشكل جميع معارفنا وتجاربنا اتجاه العالم.

الخاتمة :

نستنتج من خلال استراتيجيات الرصيد المعجمي وعلاقته بالفهم القرائي خاصة وبتعليم اللغة عامة ما يلي:

-ان تحديد مفهوم الرصيد المعجمي / القدرة المعجمية، ينطلق مما يوظفه المتعلم في اكتساب وتعلم الكلمات ودور الذاكرة في ذلك.

-إن اكتساب وتطوير الكفاية المعجمية لا يقف عند تخزين كم لابأس به من التمثلات المعجمية، فونولوجية ومورفولوجية ودلالية … وإنما يقتضي أيضا اكتساب الكفاية التي تمكن المتعلم من تفادي الاخطاء المعجمية أثناء الانتاج اللغوي الكتابي أو الشفهي .

– ان اهمية مركزية المعجم تكمن في تعليم وتعلم اللغة من خلال ميكانيزمات تنميته لدى المتعلم اثناء القراءة ودورها الاساسي

– ان اهمية دور نظرية البنيات التصورية في الفهم القرائي، تاتي حين يحصل الفهم الجيد إذا وظف القارئ بنية تصورية ملائمة للبنية التصورية التي وظفها صاحب النص.

-إن الكفاية المعجمية أكثر تعقيدا مما يمكن تصوره، وبانها لا تقف عند معرفة المفردات رسما ومعنى فقط، وإنما تتجاوز ذلك إلى مستويات معرفية وإدراكية معقدة.

-إن التحكم في المعجم والتمكن منه، يكمن في معرفة المفردات والمفاهيم التي تحيل عليها والاستراتيجيات المتنوعة التي توظف لاستثمار هذه المفردات بشكل فعال ومناسب.

المراجع والمصادر:

  1. أحمد مختار عمر،(2009)، علم الدلالة”، عالم الكتب، ط ،7. القاهرة .
  2. ابن منظور،(1405ه )، لسان العرب ، دار إحياء التراث العربي، مادة (د/ل/ل)، ط 1، بيروت.
  3. ابن خلدون (2014م)، “المقدمة”، د ت، طبعة دار الشعب القاهرة.
  4. ابن سينا،(1970م.)، “الشفاء”، العبارة، تحقيق محمد الخضيري القاهرة.
  5. إبراهيم أنيس،(1963م.) دلالة الألفاظ، مكتبة الأنجلو المصرية، ط 2، القاهرة.
  6. الجرجاني (2012م.)، “التعريفات”، ضبط وتعليق محمد عبد الرحمن المرعشلي، دار النفائس -بيروت .
  7. بول فابر وكريستيان بايلون، (1993م.)”مدخل إلى الألسنة، ترجمة طلال وهبة، المركز الثقافي العربي، ط 1.الدار البيضاء.
  8. بيير غيرو،(1986م.) “علم الدلالة”، ترجمة أنطوان أبو زيد، ط 1، منشورات عويدات، بيروت.
  9. جورج مونان، (2012م) “معجم اللسانيات”، ترجمة جمال الحضري، ط 1،. بيروت.
  10. تمام حسان،( 1974م.) مناهج البحث في اللغة، طبعة الانجلو المصرية، القاهرة.
  11. ف. ر. بالمر،(1995م.) “علم الدلالة”، ترجمة صبري إبراهيم جامعة عين شمس دار المعرفة الجامعة الإسكندرية.
  12. فتح الله أحمد سليمان،( 1996م )مدخل إلى علم الدلالة- ط1، مكتبة الآداب القاهرة.
  13. فايز الداية،( 1996م )علم الدلالة العربي، دراسة وتطبيق – دمشق.
  14. محمد نعيم الكراعين،( 1993م).علم الدلالة بين النظر والتطبيق”، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت.
  15. محمد الطاهر بن عاشور،(1984م). تفسير التحرير والتنوير”، ج -22، الدار التونسية للنشر، تونس.
  16. محند الركيك-(2015م). صناعة المعجم وعلم الدلالة – حدود التكامل ومسالك التفاعل – مطبعة انفو-فاس-
  17. مجمع اللغة العربية، المعجم الوسيط”،(2004). الإدارة العامة للمعجمات وإحياء التراث المكتبة الإسلامية للطباعة والنشر والتوزيع، ج1. إستانبول – تركيا.
  18. نور الهدى لوشن، (2006م).علم الدلالة دراسة وتطبيق”. المكتب الجامعي الحديث – ط1- الإسكندرية ، مصر.
  19. ستيفن أولمان، (1997م.)م. “دور الكلمة في اللغة”، ترجمة وتقديم وتعليق كمال بشر، ط 12، يوليو ، دارغريب، القاهرة.
  20. کلود جرمان وريمون لوبلان، (1997م.)علم الدلالة، ترجمة نور الهدى، لوشن منشورات قار یونس ، دار الكتب الوطنية، ط 1، بنغازي.
  21. عبد الجليل منقور، (2001)م.علم الدلالة: أصوله” ومباحثه في التراث العربي، منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق .
  22. عبد الرحمن عبد الهاشمي، (م 2008) طه علي حسين الدليمي-استراتيجيات حديثة في فن التدريس-دار الشروق للنشر والتوزيع -الطبعة 1- الأردن، عمان.
  • الدوريات :

1 -أحمد محمد المعتوق. (1996م.)الحصيلة اللغوية، اهميتها-مصادرها -وسائل تنميتها -عالم المعرفة – الكويت – العدد: 212 .

2-الفاسي الفهري، (1985م)تعريب اللغة وتعريب الثقافة، المجلة العربية للدراسات اللغوية، عدد غشت .

3- بسينة عبد الله سعيد الغامدي- (2009م.)فعالية استراتيجية ما وراء المعرفة في تنمية مهارات الفهم القرائي – مجلة دراسات عربية في علم النفس – المجلد 3 – اكتوبر . العدد 4.

4- عبد الرحمان الحاج صالح- (2010م)الرصيد اللغوي للطفل العربي واهمية الاهتمام بمدى استجابته لحاجاته في العصر الحاضر – مجلة الممارسات اللغوية – العدد 1.

  • المراجع بالفرنسية:
  • Lyons (J), “Linguistique générale, Larousse”, Paris, 1970, p 307. Guiraud (P) P.U.D.F., “Dictionnaire de de linguistique, Larousse”, Paris 1975, p : 427.
  • Essai de sémantique, science des significations, E.D.S, SLATKING REPRINTS, Genève, 1976,
  • Bloom, B,S et col. Taxonomie des objectifs pédagogiques, Ed de l’Education nouvelle, Montréal 1970.