تأثير عشوائية استعمالات الأراضي على تحقيق التنمية المحلية في بلديات المملكة الأردنية الهاشمية

م. عامر يوسف أبو ملحم1

1 رئيس قسم التسمية والترقيم، قائم بأعمال مدير منطقة الكفير، وزارة الإدارة المحلية- بلدية جرش الكبرى، الأردن.

Email: Amer.molhem@yahoo.com

HNSJ, 2023, 4(3); https://doi.org/10.53796/hnsj4363

Download

تاريخ النشر: 01/03/2023م تاريخ القبول: 15/02/2023م

المستخلص

هدفت الدراسة الحالية التعرف على تأثير عشوائية توزيع الأراضي في تحقيق التنمية المحلية في بلديات المملكة الأردنية الهاشمية، وكذلك التعرف على أهمية توزيع الأراضي على التنمية داخل حدود البلديات المملكة الأردنية الهاشمية، و معرفة واقع توزيع استعمال الأراضي في البلديات المملكة الأردنية الهاشمية، ومن أجل تحقيق أهداف الدراسة استخدم الباحث المنهج الوصفي من اجل تحقيق أهداف الدراسة وتوصلت الدراسة إلى ما يلي: هناك مبررات لتوزيع استخدام الأراضي في البلديات نذكر منها؛ الزيادة الطبيعية والهجرة ضمن حدود مناطق البلديات، يساعد تخطيط استخدام الأرض في إعادة ميزان الخدمة لوضعه الصحيح والتغلـب علـى المشاكل الناجمة عن سوء توزيع الخدمات، تقدير الحاجات الحالية والمستقبلية للسكان وتقييم قدرة الأرض على توفير تلـك الحاجـات ضمن مناطق البلديات بالمملكة الأردنية الهاشمية. وكذلك توصلت الدراسة إن أهمية توزيع الأراضي على التنمية تتحدد بما يلي؛ يحدد مخطط استعمالات الأراضي توزيع الكثافات السكنية وغير السكنية والمناطق المقترح رفع مستوى التطوير فيها لتحقيق أهداف التنمية المحلية ضمن حدود البلديات، يحدد المخطط المواقع المقترحة لشبكات الخدمات والمرافق العامة والأماكن المقترح تخصيصها في الوقت الراهن أو حجزها في خطط التنمية المستقبلية للتأكد من عدم استيعابها ضمن أنشطة التطوير خلال فترة المخطط، إن ابرز العوامل المؤثرة في استخدام الأرض؛ العوامل الإدارية والتخطيطية، وعوامل تنموية واجتماعية وعوامل سياسية. وتوصلت الدراسة إلى ما يلي: على صانعي القرار في البلديات ووزارة الإدارة المحلية إصدار التشريعات والقوانين والقيود التي تستطيع من خلالها الأجهزة المسؤولة تحديد اتجاهات النمو بما يحقق التنمية المحلية، وكذلك يجب على البلديات التعاون والتأكد على دور المشاركة الشعبية في عمليات التخطيط لأنه من غير المعقول أن يتم بنـاء الخطط في غياب مشاركة الناس وتفهم ميولهم ورغباتهم باتجاه ما يجري من تغير وتطوير في العمل البلدي.

الكلمات المفتاحية: عشوائية استعمالات الأراضي، التنمية المحلية، البلديات.

Research title

The impact of random land use on achieving local development in the municipalities of the Hashemite Kingdom of Jordan

Amer Yousef Abu Molhem1

1 Head of Naming and Numbering Department, Acting Director of Al-Kafir District, Ministry of Local Administration – Greater Jerash Municipality, Jordan.

Email: Amer.molhem@yahoo.com

HNSJ, 2023, 4(3); https://doi.org/10.53796/hnsj4363

Published at 01/03/2023 Accepted at 15/02/2023

Abstract

The current study aimed to identify the impact of random land distribution on achieving local development in the municipalities of the Hashemite Kingdom of Jordan, as well as to identify the importance of land distribution on development within the municipal borders of the Hashemite Kingdom of Jordan, and to know the reality of land use distribution in the municipalities of the Hashemite Kingdom of Jordan, in order to achieve the goals The study used the descriptive approach in order to achieve the objectives of the study. The study found the following: There are justifications for the distribution of land use in municipalities, including; Natural increase and migration within the boundaries of municipal areas, land use planning helps in restoring the service balance to its correct position and overcoming problems resulting from poor distribution of services, estimating the current and future needs of the population and evaluating the ability of the land to provide These needs are within the municipalities’ areas in the Hashemite Kingdom of Jordan. The study also concluded that the importance of land distribution for development is determined by the following; The land use plan determines the distribution of residential and non-residential densities and areas where it is proposed to raise the level of development in order to achieve the goals of local development within the municipal boundaries. During the planned period, the most important factors affecting land use are; Administrative and planning factors, developmental, social and political factors. And I came up with The study indicates the following: decision-makers in municipalities and the Ministry of Local Administration must issue legislation, laws and restrictions through which the responsible agencies can determine growth trends in order to achieve local development, and municipalities must also cooperate and ensure the role of popular participation in planning processes because it is unreasonable to do so. Building plans in the absence of people’s participation and understanding of their tendencies and desires towards the change and development taking place in the municipal work.

Key Words: random land use, local development, municipalities.

المقدمة

نلاحظ أن هناك اهتمام كبير بتخطيط استعمالات الأراضي والذي يشكل الأسـاس فـي تنظـيـم المـدن وتخطيطها وتحقيق الاستخدام الأمثل للأراضي الحضرية، وبالنسبة لتوزيع الأراضي في البلديات فهي لم تجد الاهتمام المطلوب في موضـوع دراسة استعمالات الأرض بالرغم من أهمية هذا الشيء للمواطنين. تعد دراسات استعمالات الأراضي أحد أهم العناصر التخطيطية الرئيسة لأي مخطط استراتيجي للمدن الحديثة، فهي تسهم في تقويم التغيرات التي حدثت في الاستعمالات والإسكان والأنشطة الاقتصادية خلال الفترات الزمنية التي تجري فيها عمليات المسح، وتعتبر نتائج هذه الدراسات والمسوحات تقديرات عامة تستعمل كخطة إرشادية وإطار عام للمدينة. ولأن عملية التنمية المحلية تتميز بالديناميكية والتغير المستمر، فلا بد أن يواكبها خطط لإدارة التنمية المحلية تتجاوب مع هذه التغيرات، وتستوعبها ضمن مقترحات الخطط الإستراتيجية والتنظيمية، ومن هذا المنطلق فإنه لا بد من توفير خطة مرنة وواضحة لتنفيذ مقترحات مخطط استعمالات الأراضي تتجانس مع متطلبات الإطار الاستراتيجي وعناصره الرئيسة التي تضم المخطط الهيكلي العام، والمخططات الهيكلية المحلية للبلديات والسياسات الحضرية التي توثر في تنظيم عمليات التطوير(1).

مشكلة الدراسة

مشكلة البحث تتمثل في حل المشاكل العشوائية الناتجة من عدم التوقع المكاني المثالي لاستخدامات الأرض، ويفترض إن التنظيم غير الملائم لاستعمالات الأرض أو العشوائية في التوزيع وعدم تماشي مع خطط التنمية المحلية، ويهدف البحث إلى دراسة العلاقة بين العشوائية في استعمالات الأرض وتحقيق التنمية وكذلك عرض لأبرز المشاكل القائمة ووضع الحلول اللازمة لها. ولهذا جاءت هذه الدراسة للتعرف على أثر عشوائية استخدام الأراضي داخل حدود البلديات على تحقيق التنمية.

أسئلة الدراسة

تسعى الدراسة الحالية للإجابة عن التساؤلات التالية:

– ما تأثير عشوائية توزيع الأراضي في تحقيق التنمية المحلية في بلديات المملكة الأردنية الهاشمية؟

-ما مبررات إجراء استخدام الأراضي في البلديات المملكة الأردنية الهاشمية؟

-ما أهمية توزيع الأراضي على التنمية داخل حدود البلديات المملكة الأردنية الهاشمية؟

– ما العوامل المؤثرة في استخدام الأرض داخل حدود البلديات المملكة الأردنية الهاشمية؟

– ما مخاطر العشوائية في توزيع الأراضي على تحقيق التنمية في البلديات المملكة الأردنية الهاشمية؟

– ما واقع توزيع استعمال الأراضي في البلديات المملكة الأردنية الهاشمية؟

أهداف الدراسة

تسعى الدراسة لتحقيق الأهداف التالية

– التعرف على تأثير عشوائية توزيع الأراضي في تحقيق التنمية المحلية في بلديات المملكة الأردنية الهاشمية.

– معرفة مبررات إجراء استخدام الأراضي في البلديات المملكة الأردنية الهاشمية.

– التعرف على أهمية توزيع الأراضي على التنمية داخل حدود البلديات المملكة الأردنية الهاشمية.

– معرفة العوامل المؤثرة في استخدام الأرض داخل حدود البلديات المملكة الأردنية الهاشمية.

– التعرف على مخاطر العشوائية في توزيع الأراضي على تحقيق التنمية في البلديات المملكة الأردنية الهاشمية.

– معرفة واقع توزيع استعمال الأراضي في البلديات المملكة الأردنية الهاشمية.

أهمية الدراسة:

تنبع أهمية الدراسة مما يلي:

  1. تأتي أهميتها انه تبرز أهمية توزيع الأراضي في الكشف عن الواقع التنظيمي لتوزيع الأراضي والخدمات ضمن حدود البلديات.
  2. العمل على بناء قاعدة بيانات من أجل الاستفادة منها في المشاريع التنموية وتوزيع التنمية على جميع المناطق التابعة لها البلديات.
  3. تعتبر دراسة توزيع الأراضي تعتبر مرحلة هامة في تطوير وتخطيط البلديات.
  4. تنبع أهمية الدراسة كونها الدراسة الأولى على مستوى بلديات المملكة الأردنية الهاشمية بناء على علم الباحث واطلاعه.
  5. إعطاء رؤية مستقبلية للعاملين في بلديات المملكة الأردنية الهاشمية لأهمية توزيع الأراضي بشكل صحيح على إحداث التنمية المحلية.

مصطلحات الدراسة:

استعمالات الأراضي: هي التوزيع المكاني للوظائف المتعددة التي تقدمها البلدية لسكانها وسكان المناطق المحيطة بها متمثلة بالوظيفة السكنية ،التجارية ، الصناعية، الخدمية والترفيهية، والزراعية والوظائف الخاصة.(2)

وقد عرفها الباحث هي تحديد مناطق توزيع الأراضي من أجل تحقيق التنمية المحلية.

حدود الدراسة:

تتحدد الدراسة بما يلي:

  • الحدود الموضوعية:
  • الحدود المكانية: تحدد في بلديات المملكة الأردنية الهاشمية والمناطق التابعة لها.
  • الحدود الزمنية:في الفترة التي قام بها الباحث بإجراء الدراسة بداية عام (2023).
  • الحدود البشرية: جميع العاملين في مديرية التنظيم في بلديات المملكة الأردنية الهاشمية.

منهج الدراسة:

بناء على المعطيات وأسئلة الدراسة استخدم الباحث المنهج الوصفي لملائمتها مع أهداف الدراسة حيث اعتمدت الباحث على المصادر المكتبية المتنوعة؛ من كتب ودوريات ومراجع ودراسات سابقة، وكذلك المصادر الرسمية من تقارير وإحصائيات وخرائط، وكذلك من خبرة الباحث كرئيس لقسم التسمية والترقيم وقائم بأعمال مدير منطقة الكفير في بلدية جرش الكبرى.

الدراسات السابقة

سيتم عرض الدراسات ذات العلاقة بموضوع الدراسة مرتبة من الأحدث على الأقدم:

قامت الخوالدة(2023) بدراسة هدفت إلى التعرف على واقع استعمالات الأراضي الحضرية داخل حدود بلدية جرش الكبرى، وكذلك هدفت التعرف على أهداف ومبررات استعمالات الأراضي، ومن أجل تحقيق أهداف الدراسة تم استخدام المنهج الوصفي، وأبرز نتائج الدراسة إن معظم استعمالات الأراضي داخل منطقة جرش تعود لاستعمال السكني، فيما الاستعمال الزراعي يطغى على استعمال الأراضي في منطقة سوف والكفير، وأوصت الدراسة بضرورة: على صانعي القرار في البلديات ووزارة الإدارة المحلية بضرورة تقسيم الأراضي وتوزيع الخدمات بطريقة عادلة للجميع(3).

وفي دراسة قام بها عليوي و جمعة (2020) هدفت التعرف على مستوى القصور في توزيع الأراضي في مدينة الخالدية في العراق، وكذلك رفع الكفاءة الوظيفية للعاملين في بلدية الخالدية، ومن أجل تحقيق أهداف الدراسة تم استخدام المنهج الوصفي، وأبرز ما توصلت اليها الدراسة من نتائج: عدم استخدام المعايير الدولية في توزيع الأراضي، وكذلك سوء توزيع استعمالات الأرضي نتيجة لعشوائية التوسع العمراني، وكذلك إعتماد على معلومات قديمة لتوزيع الأراضي في منطقة الخالدية في العراق. وأوصت الدراسة بضرورة تحسين واقع استعمال الأراضي في مدينة الخالدية(4).

وفي دراسة قام بها الرقيبي(2016) هدفت الدراسة إلى تسليط الضوء على استعمالات الأراضي بمدينة تاجوراء بين المفهوم النظري والمخطط الحضري. وتحدثت الدراسة عن تطور استعمالات الأراضي بمدينة تاجوراء ما هو إلا نتاج لتاريخ طويل مرت به المدينة، فكانت انعكاس منطقي للدور الوظيفي الحرفي الذي مارسته أو تمارسه المدينة، كما تظهر الأنشطة التي تمارسها مدينة تاجوراء وكغيرها من المدن من خلال استعمالات الأراضي بأنماط ومساحات مختلفة، والتي قد تتعارض أو تتماثل في متطلباتها فإن التشابك والتداخل يكون سمة ظاهرة أحياناً في مخططات استعمال الأراضي. كما أشارت الدراسة إلى أن امتداد شبكة الشوارع نحو أطرافها والطرق إلى خارجها فقد أدي إلى بعثرة وانتشار العمران والمباني، والتجمعات السكنية في المزارع المحيطة بوسط المدينة، كما تبدو ظاهرة الامتداد أو الانتشار العمراني للكتل السكنية والمحلات التجارية واضحة مع امتداد الطرق المتجهة غرباً وشرقاً وخارج حدود مخططها من الجهة الجنوبية. وأوضحت الدراسة أن مدينة تاجوراء بدأت نموها العمراني كمدينة صغيرة قريبة من شاطئ البحر، ثم تطورت حضرياً وأخذت نمط ونسيج بنائها مما فرضته عليها الظروف الطبيعية والبيئية المحيطة والسكان. واستعرضت الدراسة النمو الحضري من واقع مخططات استعمالات الأراضي بحيث تعد استعمالات الأرض داخل المدينة إحدى أسس وجودها واستمرارية ديمومتها في الحياة، ومن هذه المخططات: استعمالات الأراضي لعام 1966، واستعمالات الأراضي بالمدينة لعام 1980، بالإضافة إلى مخطط استعمالات الأراضي الحضرية لعام 2000، واستعمالات الأرض لمدينة تاجوراء لعام 2006.واشارت نتائج الدراسة إلى أن النظريات القديمة خاصة نظرية الدوائر المتراكزة والقطاعات أصبحت غير قادرة على تفسير التركيب الداخلي للمدن المعاصرة ومن بينها تاجوراء. كما أوصت الدراسة بضرورة الاهتمام باستكمال مشاريع استعمالات الأراضي بمخطط المدينة لعام 2000 م في أسرع وقت ممكن، لما له من أهمية في قيام هذه المدينة بوظائفها على أكمل وجه ونشاط سكانها في أفضل حالة(5).

وفي دراسة طبقت على جرش قام العياصرة(2013) بدراسة هدفت إلى التعرف على مدى التطور العمراني الذي شهدتهُ مدينة جرش وهل له علاقة بتوزيع وتنظيم الأراضي، ومن أجل تحقيق أهداف الدراسة تم استخدام المنهج الاستقرائي التحليلي، وأبرز نتائج الدراسة إن النمو ذو اتجاهين أبرز أنواع التمدد، وكذلك عن المناطق الزراعية هي أقل المناطق جذب للسكان(6).

وفي دراسة أخرى قامت أبو حجير(2013) بدراسة هدفت إلى معرفة العوامل التي أثرت على استعمال الأراضي في مدينة جنين في فلسطين، ومن أجل تحقيق أهداف الدراسة استخدمت الباحثة المنهج الوصفي، وتوصلت الدراسة إلى إن أبرز العوامل التي توثر على نمط توزيع الأراضي في منطقة جنين هو العامل السياسي كون جنين تحت سلطة الاحتلال الصهيوني(7).

التعقيب على الدراسات السابقة:

تتشابه الدراسات السابقة مع الدراسة الحالية في بعض الجوانب منها:

  • عشوائية استخدام توزيع الأراضي، ودور توزيع الأراضي في تحقيق التنمية في حدود البلديات .
  • تم استخدام المنهج الوصفي والمنهج الاستقرائي التحليلي في معظم الدراسات، وهذا ما دفع الباحث لاستخدام المنهج الوصفي.
  • جاءت الدراسة الحالية مختلفة عن ما تم عرضة من دراسات سابقة في جوانب مختلفة منها؛ اختلفت في البيئة التي طبقت عليها الدراسة كون لا يجود دراسات بنفس الموضوع طبقت على بلديات المملكة الأردنية الهاشمية، وكذلك الاختلاف في هدف الدراسة إذا لا يوجد أي دراسة تحدثت عن أثر عشوائية التوزيع في تحقيق التنمية.

واستفادت الدراسة الحالية من عرض الدراسات السابقة في عدة جوانب من أهمها:

  1. تحديد مشكلة الدراسة.
  2. وأسئلة الدراسة وأهميتها.
  3. واختيار المنهج العلمي الملائم.
  4. وكذلك تكوين خلفية فكرية عن الموضوع.
  5. والاستفادة من كتابة الأدب النظري.
  6. والعمل على الاستفادة من المراجع والإنتاج العلمي.
  7. الاستفادة من النتائج والتوصيات التي توصلت اليها معظم الدراسات والتي تدعم أو تختلف مع نتائج الدراسة الحالية.

وتميزت هذه الدراسة من خلال:

  • وتعتبر على حد علم الباحثة أول دراسة تطبق على بلديات المملكة الأردنية الهاشمية.

-أخذت جانب التنمية لتوزيع الأراضي وهذه التي لم تتطرق له جميع الدراسات.

الأدب النظري

ولا شك أن التخطيط السليم لاستعمالات الأراضي يصل بالنهاية إلى مرحلة ترفع من الكفاءة العمرانية والاقتصادية وتحقيق التنمية المحلية،بينما تتسبب عشوائية التعامل مع استعمالات الأراضي إلى هدر الموارد والإضرار بالبيئة العمرانية والقدرات الاقتصادية، ولعل من أبرز مظاهر ذلك وجود التداخل والتضارب بين بعض الاستعمالات المختلفة لاستعمالات الأراضي وحدوث العشوائية في التوزيع.

ويمثل تخطط استعمالات الأراضي الذي وضعته البلديات ضمن توزيع الأراضي ، حيث تعتبر مرجعية لخطط التطوير والتنمية المستقبلية للبلديات، فمن خلال مقترحات توزيع الأنشطة والاستعمالات الرئيسة، يمكن تنظيم عمليات التطوير والتنمية للقطاعات الاقتصادية والخدمية الرئيسة، سواء المطور منها، أو المخطط، أو الأراضي التابعة للدولة لاستيعاب النمو السكاني والاقتصادي في المدينة(8).

مبررات إجراء استخدام الأراضي في البلديات

ظهر الاهتمام بتخطيط استخدام الأرض نظراً لأهمية هذا الموضوع وحاجة الإنسان لمثل هـذا لتخطيط. زادت حاجة الإنسان وتطورت استخداماته للأرض وتنوعت خدماته. ونتيجـة لـذلك كان هناك مبررات لهذا الاستخدام في البلديات نذكر منها:

– الزيادة الطبيعية والهجرة ضمن حدود مناطق البلديات.

– يساعد تخطيط استخدام الأرض في إعادة ميزان الخدمة لوضعه الصحيح والتغلـب علـى المشاكل الناجمة عن سوء توزيع الخدمات.

– يساعد في تحقيق التنمية المحلية.

– تقدير الحاجات الحالية والمستقبلية للسكان وتقييم قدرة الأرض على توفير تلـك الحاجـات ضمن مناطق البلديات بالمملكة الأردنية الهاشمية.

– الاستفادة من التجارب التي مرت بها البلديات الأخرى. الدافع الأساسـي لتخطـيط اسـتخدام الأرض هو تغيير الوضع الحالي والقائمة عليه البلديات بتطوير إدارة الأرض والقضاء على العشوائية من خلال أنماط استخدام تعمل على تحقيق التنمية من خلال تغيير الظروف الاقتصادية والاجتماعية والطبيعية ومنع حدوث تغييرات غير مرغوب فيها(9).

أهمية توزيع الأراضي على التنمية داخل حدود البلديات

يؤثر استعمالات الأراضي على تحقيق التنمية من جوانب متعددة تشمل ما يلي:

  1. يوضح المخطط المكاني لاستخدامات الأراضي المقترحة في البلديات خلال فترة المخطط، وبالتالي نوع الاستعمالات المطلوب توفيرها خلال تلك الفترة.
  2. يحدد مخطط استعمالات الأراضي توزيع الكثافات السكنية وغير السكنية والمناطق المقترح رفع مستوى التطوير فيها لتحقيق أهداف التنمية المحلية ضمن حدود البلديات.
  3. يتم ضمن مخطط استعمالات الأراضي، تقييم العلاقة بين الاستخدامات المختلفة في البلدية ومستوى توفرها، وبالتالي زيادة مستوى الارتباط أو الفصل بين تلك الاستعمالات من خلال وسائل التحكم في التنمية الحضرية.

4- يحدد المخطط المواقع المقترحة لشبكات الخدمات والمرافق العامة والأماكن المقترح تخصيصها في الوقت الراهن أو حجزها في خطط التنمية المستقبلية للتأكد من عدم استيعابها ضمن أنشطة التطوير خلال فترة المخطط.

5-يحدد مخطط استعمالات الأراضي العلاقة بين شبكات النقل والمواصلات ومحطات النقل والاستعمالات الحالية والمقترحة للمناطق المحيطة بها.

6-كما يحدد المخطط أنواع وتصنيف شبكات الطرق والنقل الأخرى الحالية والمستقبلية في المدينة كعناصر رئيسة ومؤثرة على أنظمة التحكم في التنمية(10).

يحتاج استعمالات الأراضي في البلديات إلى تطوير نظم واضحة لمتابعة ومراجعة وتحديث المخطط لفترات زمنية متفاوتة، للتأكد من تحقيق أهداف خطط التنمية والسياسات الحضرية الموضحة في استعمالات الأراضي وأنظمة تقسيم المناطق في البلديات، وربط هذه التغيرات بالمخطط. ومن هنا وضعت البلديات خطة واضحة لتسجيل وتوثيق خطط التطوير من خلال تطوير نظام مكاني لتسجيل وتحديد الأنشطة المطورة حديثا لكل منطقة حضرية، ابتداء من مستوى القطعة السكنية وغير السكنية وحتى مستوى القطاع الحضري والبلدية ككل.

ومن المؤسف حقاً تشويه المدن ونسيجها العمراني وهدر اقتصادها بكثرة التعدي والتعديل على استعمالات الأراضي، والصحيح أن يعتني بإعداد مخططات استعمالات الأراضي بحيث تبنى على أساس يستند للميزة النسبية لكل بلدية والقدرة على المنافسة والمفاضلة بين الأنشطة والاستعمالات المختلفة والفعالية في تحقيق التنمية وتوليد الوظائف المختلفة، ولا شك أن وجود إجراءات سهلة لإجراء التعديلات على استعمالات الأراضي المعتمدة يفقد المخطط الهيكلي للبلديات قوته وصلابته، وهناك بلديات ودول عديدة تعتبر مخطط استعمالات الأراضي بمثابة القانون الذي لا يمكن تغييره أو تعديله إلا بإجراءات معقدة وفي نطاق محدود، وأي تعديل لاستعمالات الأراضي يتم التعامل معه وفق منظور يحقق عائد اقتصادي ومالي للبلدية(11).

وفيما يلي خريطة توضيحية لاستعمال الأراضي ضمن حدود بلديات محافظة جرش:

المصدر: مديرية التنظيم في بلدية جرش الكبرى

وقدر نظمت البلديات في المملكة الأردنية الهاشمية ضمن قانون البلديات وأفردت نظام خاص يسمى” نظام تنظيم استعمال الأراضي الأردنية، وقد صنف النظام توزيع الأراضي حسب الأنظمة الاقتصادية وهو كما يلي:

أولاً: تصنف الأراضي الزراعية.

ثانياً: الاستعمالات السكنية:- حيث قسمت إلى تصنيفات (أ، ب، ج، د).

ثالثاً: استعمالات الخدمات العامة: وهي الأراضي المستغلة للخدمات من شوارع وحدائق….الخ.

رابعاً: الاستعمالات التجارية.

خامساً: الاستعمالات الصناعية.

سادساً: لاستخدامات الترفيهية والترويحية.

سابعاً: الأراضي غير المستغلة(12).

العوامل المؤثرة في استخدام الأرض

– العوامل التنموية(الاقتصادية).

– عوامل سياسية( مثل وجود مواقع أثرية، وكذلك قرب المواقع الأمنية والمطارات.

– عوامل اجتماعية.

– العوامل الإدارية والتخطيطية: وهذا يقع على عاتق البلديات(13).

مخاطر عشوائية استخدام الأرض

تؤدي العشوائية في استخدام الأرض إلى العديد مـن المشـاكل الاقتصـادية والاجتماعيـة والبيئية والتخطيطية، كما أنها تعمل على شيخوخة المدن والأحياء وتـدهورها وطـرد بعـض الاستخدام الأقل جودة ومنافسة مقابل الاستخدام الآخر كتراجـع الاسـتخدام السـكني مقابـل الاستخدام مقابل الاستخدام التجاري والأنشطة الإدارية وبخاصة في البلديات الكبرى. فالمفروض أن المخططات التي وضعتها البلديات وضعت من أجل خدمة المواطن والأجيال القادمة مع الاسـتخدام الأمثل من أجل تحقيق التنمية في جميع المجالات.

هناك عدد من المخاطر في عشوائية توزيع الأراضي ضمن حدود البلديات نذكر منها:

– عدم تحقيق التنمية البيئية والصحية: إن عدم التخطيط الجيد والأمثل للأرض يؤدي إلى إلحاق أضرار كثيرة في البيئـة التـي يعيش فيها الإنسان، ففي المجال الصناعي يجب اختيار المواقع البعيدة عن المناطق السكنية.

– عدم تحقيق التنمية الاقتصادية: عندما تقوم البلدية بإعداد المخططات الهيكلية، وعندما تقوم أيضاً بتطبيق الأنظمة والقـوانين التابعة لها، يكون الهدف الأساسي هو تحقيق التطور الاقتصادي.

– مشكلات اجتماعية: تنبع المخاطر الاجتماعية من عدم التزام المواطنين بقوانين البناء والتنظيم وبخاصـة فيمـا يتعلق بالارتدادات والبعد والحد بين كل قطعة أرض وأخرى.

– المخاطر العمرانية وتشويه النسيج العمراني: في حالة عدم التزام المواطن بقوانين البناء والأنظمة الصـادرة والبنـاء دون تـرخيص والمخالفة بالاستخدام وزيادة مساحة البناء عن المساحة الصادرة في الرخصة والسـماح ببنـاء طابق حديث فوق طابق قديم أي تداخل في سنوات البناء.

– تناقض وتصارع استخدامات الأرض: تظهر تناقضات بين استعمالات الأراضـي الريفيـة والحضرية داخل كل منهما، والمثال الأكثر وضوحاً على ذلـك هـو اعتـداء اسـتعمالات حضرية على الحزام الأخضر المحيط بالمدن الكبرى التابعة للبلديات، وتغيير صورة المنظر الطبيعي لـه، وذلـك بسبب زحف العمران والمنشآت الحضرية(14).

واقع توزيع استعمال الأراضي في البلديات

تعتبر مخططات استعمالات الأراضي من المخططات الأساسية والمهمة التي تحدد وتنظم عملية تخطيط وعمران المدن ومستقبل نموها وتوسعها. وتعتبر استعمالات الأراضي أحد أهم الموارد والمصادر المهمة لاقتصاد البلديات، لم يحظَ هذا الجانب باهتمام كبير من إدارات البلديات، فهناك بلديات ما زالت عملية تخطيط استعمالات الأراضي تتم فيها بعشوائية ودون مخطط توجيهي لها، وأما بعض البلديات التي قامت بإعداد مخطط لاستعمالات الأراضي فإن عملية الالتزام بهذه المخططات على أرض الواقع يعتريها التعدي والتناقض بينما هو مخطط له وما هو مبني على أرض الواقع، مما يؤدي إلى عدم تحقيق متطلبات التنمية المستدامة(15).

الخلاصة

ولا شك أن التخطيط السليم لاستعمالات الأراضي يصل بالنهاية إلى مرحلة ترفع من الكفاءة العمرانية والاقتصادية بينما تتسبب عشوائية التعامل مع استعمالات الأراضي إلى هدر الموارد والإضرار بالبيئة العمرانية والقدرات الاقتصادية وتحقيق التنمية، ولعل من أبرز مظاهر ذلك وجود التداخل والتضارب بين بعض الاستعمالات المختلفة كوجود المناطق الصناعية بالقرب من المناطق السكنية وما ينتج عن ذلك من مظاهر للتلوث وخلافه، وكذلك انخفاض مساحة الأراضي والمنتجات الزراعية نتيجة التعدي السلبي على استخدامات الأراضي المخصصة للاستخدام الزراعي، لذلك يجب على البلديات تفعيل الرقابة على استعمال البلديات في الأردن.

أخيراً نتطلع لأن يتم الاهتمام والتركيز على إعادة ضبط مشهد البلديات الإبداعي لفهم تركيب البلديات والتفكير في إعادة تنشيطها باستعمالات وأنشطة وسياسات محددة لتقسيم الأراضي وتوزيع الكثافات العمرانية والسكانية وفق منظور يراعي جوانب القوة العمرانية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية والصحية من أجل الوصول إلى التنمية، والخروج بمخططات استعمالات أراضي شاملة تكون مرجع أساس لضبط عملية التنمية في البلديات.

التوصيات

-على البلديات وقف النمو السكني العشوائي الذي يخلق مناطق متدهورة عمرانياً داخل حدود البلدية.

– على صانعي القرار في البلديات ووزارة الإدارة المحلية إصدار التشريعات والقوانين والقيود التي تستطيع من خلالها الأجهزة المسؤولة تحديد اتجاهات النمو بما يحقق التنمية المحلية.

– يجب على البلديات التعاون والتأكد على دور المشاركة الشعبية في عمليات التخطيط لأنه من غير المعقول أن يتم بنـاء الخطط في غياب مشاركة الناس وتفهم ميولهم ورغباتهم باتجاه ما يجري من تغير وتطوير في العمل البلدي.

– يجب على البلديات فرض العقوبات على مخالفي استخدامات الأراضي لكي تكون عامل ردع ضد العشوائية وعدم إعطاء أذونات التراخيص التي لا تكون مصنفة ضـمن المنطقـة وعـدم السماح بالبناء العشوائي بعدم الانسجام والتناسق ما بين البناء الحديث والقديم.

– يجب على البلديات بالتعاون مع الجامعات ضمن حدود البلدية عمل مراكز أبحاث حضرية وإقليمية تكون مهمتها تدعيم الأجهـزة الإدارية والفنية بالأبحاث والدراسات وهذا يتطلب إنشاء بنك معلومات عن استخدامات الأرض والأنشطة القائمة عليها والوظائف المتصلة بها وكل من يكون له علاقة باحتياجـات التخطـيط والتطوير مستقبل وتحقيق التنمية.

– يجب على البلديات في المملكة الأردنية الهاشمية الاستفادة من تجارب دول العالم المتقدم في توزيع الأراضي وتأثيرها على التنمية المحلية.

– يجب على الباحثين إجراء المزيد من البحوث عن توزيع الأراضي في البلديات وبشكل أكثر تخصصية.

المراجع

سيتم ترتيب المراجع حسب ورودها في البحث.

1.غنيم, ع. م. (2008). تخطيط استخدام الأرض الريفي والحضري. In دار الصفا للنشر والتوزيع (الطبعة الثانية). دار الصفاء للطباعة والنشر والتوزيع.

2.الجوهري، يسري،(2009). جغرافية التنمية، مؤسسة شباب الجامعة للطباعة والنشر والتوزيع.

3.الخوالدة، إخلاص.(2023). المخططات التنظيمية وواقع استعمالات الأراضي في مناطق بلدية جرش الكبرى، مجلة العلوم الإنسانية والطبيعية، 2(3)، ص ص 451-463.

4.عليوة، يونس وجمعة، مازن.(2020). استراتيجة توزيع استعمالات الأراضي

في مدينة الخالدية، دراسات للعلوم الإنسانية والاجتماعية،47(2)، ص36-50.

5.الرقيبي، محمد.(2016). استعمالات الأراضي بمدينة تاجوراء بين المفهوم النظرى والمخطط الحضري، مجلة التريوي، 2(3)، ص ص 61-87.

6.العياصرة، ثائر، (2013). مدى التطور العمراني الذي شهدتهُ مدينة جرش وهل له علاقة بتوزيع وتنظيم الأراضي، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة آل البيت.

7. أبو حجير، كوثر.(2013). تطور أنماط استعمال الأراضي في مدينة جنين، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة النجاح: فلسطين.

8.السماك، محمد أزهر وآخرون. (2012 استخدامات الأرض بين النظرية والتطبيق – دراسة عـن مدينة الموصل – العراق.

9.Da Mata, D.; Deichmann, U.; Henderson, J.V.; Lall, S.V.; Wang, H.G..(2007) Determinants of city growth in Brazil, Journal of Urban Economics, Vol. 62 Issue 2, p252-272.

10.غنيم، محمد عثمان.(2012). تخطيط استخدام الأرض الريفي والحضري – إطار جغرافي عام – دائرة التخطيط المكاني.

11.Dilruba, Y.,(2011) A framework for evaluating and assessing the effects of urban growth on protected areas, Ph.D., The University of Arizona, 172 pages.

12.Huang; W.C.,(2004) Urban Evaluation of Development Strategies for Kaohsiung Port Using a Goals Achievement Method, Journal of Marine Science and Technology, Vol. 12, No. 4, pp. 334-342.

13. الأخرس، حسن.(2010). تخطيط استعمال الأراضي الحضرية في مدينة السلط، إطروحة دكتوراه غير منشورة الجامعة الأردنية، المملكة الأردنية الهاشمية.

14. أبو حسان، صالح.(2014) المخططات التنظيمية وواقع استخدام الأراضي في مدينة دورا( محافظة الخليل)، رسالة ماجستير غير منشورة جامعة النجاح الوطنية، فلسطين.

15. الجميلي، رياض والحنتوش، علياء.(2018). تحليل جغرافي لاستخدامات الأراضي في قصبة عون، مجلة كلية التربية الأساسية جامعة بابل، ع39، ص1289-1305.