د. أسماء بنت داود بن أحمد العلواني1
1 الأستاذ المشارك في العقيدة والمذاهب الفكرية المعاصرة، قسم الدراسات الإسلامية – كلية القرآن الكريم والدراسات الإسلامية –
جامعة جدة -جدة- المملكة العربية السعودية. بريد الكتروني: adalalwani@uj.edu.sa
HNSJ, 2023, 4(3); https://doi.org/10.53796/hnsj4377
تاريخ النشر: 22/03/2023م تاريخ القبول: 15/02/2023م
المستخلص
هدف هذا البحث الى بيان الأحوال والصور التي يكون تارك الدعاء فيها مخالفاً للشرع، وأدلة ذلك. والرد على من يدعي أن ترك الدعاء مقام أرفع من الدعاء، وكشف الشبهات في هذا الباب. وقد قامت الباحثة بدراسة ما ما لدى بعض الفرق من انحراف، ودفعه لما يتوهمه بعض الناس من وجود تعارضٍ بين الدعاء وبين مقام الرضا، والتسليم، والحياء، والأدب مع الله، يوجبُ ترجيح تلك المقامات عليه، خاصةً وأن تلك الانحرافات والتوهمات قد تُصاغ في بعض الكتب وفيما يلقيه بعض الوعاظ في بعض المجامع والقنوات صياغةً منمقة محسنة تزين الخطأ وتصوره بصورة المقام الأرفع.
واستعرض هذا البحث التمييز بين الصحيح والضعيف من الأحاديث والآثار الواردة في موضوع البحث، بما يصحح التصورات المغلوطة، ولا سيما أن من الآثار الباطلة في موضوع البحث ما هو فاشٍ بين الناس، بل بين بعض من يُنسب إلى العلم.
الحمد لله سميع الدعاء، واسع العطاء، لا يعجزه شيءٌ في الأرض ولا في السماء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، السميع القريب، الكريم المجيب، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وصفيه وخليله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديهم إلى يوم الدين
أما بعد:
فإن الدعاء عبادةٌ من أجل العبادات، وأكرم الطاعات، جعله الله تعالى بمنه وكرمه مفتاحاً للخيرات، وسبيلاً لنيل المكرمات، وقام به أشرف الخلق الأنبياءُ والمرسلون، وعرف قدره وعظيم مكانته الصالحون المقربون.
ولما كان الدعاء بهذه المكانة العظيمة كثرت فيه كتابات العلماء، في فضله وأحواله وشروطه وموانعه وغير ذلك، وقد كنتُ منذ مدة أتأمل وأتدبر في كتاب الله تعالى وفي أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي كلام أهل العلم حول هذا الموضوع، وكان مما نتج لي من ذلك أن الدعاء في الأصل مأمور به، وأن ترك الدعاء كلياً أو جزئياً له صور شتى، وأحوال متباينة، واجتمع لي من تلك الصور والأحوال عددٌ ليس بالقليل، فأما ترك الدعاء جملةً فلا يكون إلا مذموماً، وأما الترك الجزئي للدعاء، وهو ترك صور منه، فمنه تركٌ مذموم منهي عنه، ومنه صورٌ يكون ترك الدعاء فيها مطلوباً، إما على سبيل الوجوب، أو الاستحباب، ومن أمثلة صور الترك المطلوب: ترك الدعاء على النفس عامة، وترك الدعاء عليها بالموت، أو تعجيل العقوبة في الدنيا قبل الآخرة، وترك الدعاء على الولد، والمال، وترك الدعاء بما فيه قطيعة رحم، وترك اللعن، ولا سيما لعن المعين، وترك الدعاء على المؤمن بسلب الإيمان، وترك الدعاء على من لا يستحق، وترك الدعاء على ولاة الأمور إلى الدعاء لهم، وترك الدعاء على من ظلمك أو سرق منك في بعض أحواله، وترك الدعاء على أصحاب المعاصي إلى الدعاء لهم، وترك الدعاء على الشيطان بنحو تعس الشيطان عند إعثار الدابة ونحوه، وترك دعاءٍ إلى ما هو أجمع منه، وترك الإمام في قنوت الصلاة الدعاء الذي يخص به نفسه دون المأمومين، وترك الدعاء الذي يقرن فيه اسم الله بما يعظم اسم الله أن يذكر معه، وترك الدعاء إذا شغل عن فريضة حاضرة، وترك الدعاء في الركوع في الجملة، وترك الاستغفار للمشركين، وترك الدعاء على وجه التجربة والاختبار، وترك الدعاء المعلق بالمشيئة، وترك الدعاء الذي فيه إغراقٌ في التفاصيل وبعدٌ عن الجوامع، وترك الدعاء بما لا يفهمه الداعي ولا يعرف معناه، وترك الدعاء المسجوع سجعاً متكلفاً، وترك الدعاء الذي فيه اعتداءٌ، وهو بابٌ واسع، كسؤال المحالات، وكسؤال الله تعالى بعض مسائل الأنبياء عليهم السلام التي خصهم الله بها، كأن يقول الداعي: رب أرني كيف تحيي الموتى، أو: ربنا أنزل علينا مائدة من السماء، أو يسأل الله حبس الشمس له، أو يسأله ما أخبر سبحانه أنه لا يكون، أو عُلم من سنة الله وتقديره أنه لا يكون، كالدعاء بإحياء الموتى، وبقاء الدنيا، وعدم الموت، وإهلاك جميع الكافرين، وعدم قيام الساعة، ومنه أيضاً الدعاء بتحجير رحمة الله وفضله ونحوهما عليه، والدعاء بتيسير الإثم الذي حرمه الله تعالى عليه، وقريبٌ منه طلب الحلال ليستعين به على ما لا يحبه الله، فهذه أكثر من عشرين صورةً من صور الترك المطلوب، لو أفردت بالبحث والاستدلال لخرج منها سِفر قيِّم.
ولما كان الجانب الآخر -وهو الترك المذموم لعبادة الدعاء كلياً أو جزئياً- لما كان في غالبه ناشئاً عن خللٍ في الاعتقاد واضطرابٍ في التصور رأيت من المناسب أن يكون بحثي هذا عن الصور والأحوال المذمومة من ترك الدعاء؛ لتجليتها، والرد على الشبهات التي ترتكز عليها، وسميته: الأحوال المذمومة من ترك الدعاء دراسة نقدية في ضوء العقيدة الإسلامية.
أهمية البحث:
تكمن أهمية هذا البحث فيما يأتي:
- تعلق موضوعه بعبادة من أجل العبادات، وأكرمها على الله تعالى، وهي عبادة الدعاء.
- انتشار ترك الدعاء أو التكاسل عنه أو عدم اليقين بجدواه بين عدد غير قليل من المسلمين.
- محاولة البحث تفنيدَ الشبهاتِ الاعتقادية التي يقوم عليها ذلك الترك، ويعود إليها ذلك التكاسل.
- تبيينه ما لدى بعض الفرق من انحراف، ودفعه لما يتوهمه بعض الناس من وجود تعارضٍ بين الدعاء وبين مقام الرضا، والتسليم، والحياء، والأدب مع الله، يوجبُ ترجيح تلك المقامات عليه، خاصةً وأن تلك الانحرافات والتوهمات قد تُصاغ في بعض الكتب وفيما يلقيه بعض الوعاظ في بعض المجامع والقنوات صياغةً منمقة محسنة تزين الخطأ وتصوره بصورة المقام الأرفع.
- تمييزه بين الصحيح والضعيف من الأحاديث والآثار الواردة في موضوع البحث، بما يصحح التصورات المغلوطة، ولا سيما أن من الآثار الباطلة في موضوع البحث ما هو فاشٍ بين الناس، بل بين بعض من يُنسب إلى العلم.
مشكلة البحث:
سؤال هذا البحث الرئيس هو: ما هي الأحوال التي يذم فيها ترك دعاء الله تعالى ومسألته، ويتفرع عن هذا السؤال الأسئلة التالية:
- ما الأسباب والمنطلقات العقدية لترك الدعاء كلياً أو جزئياً تركاً مذموماً؟.
- ما هي الأدلة على ذم تلك الأحوال؟.
- ما هي الردود على احتجاجات من يُخرج بعض تلك الأحوال من دائرة الذم؟.
أهداف البحث:
- تعظيم قدر الدعاء، وبيان مكانته من الدين.
- تنبيه الغافلين والمتكاسلين إلى عبادةٍ من أيسرِ العبادات وأحسنها عائدةً على العبد في دنياه وأخراه.
- بيان الأحوال والصور التي يكون تارك الدعاء فيها مخالفاً للشرع، وأدلة ذلك.
- الرد على من يدعي أن ترك الدعاء مقام أرفع من الدعاء، وكشف الشبهات في هذا الباب.
الدراسات السابقة:
موضوع الدعاء كما تقدم موضوع نال حظوة عظيمةً في كتب أهل العلم، تجد الحديث عنه مضمناً في كتب العقائد، والتفسير، والحديث، والفقه، والفتاوى، والأذكار، والآداب والسلوك، وأُفرد أيضاً بأبوابٍ أو كتب ضمن كتب رواية الحديث النبوي، وأفرد كذلك بالتأليف الخاص قديماً وحديثاً، فمن ذلك كتاب الدعاء لمحمد بن فضيل الضبي، والدعاء للحسين بن إسماعيل الضبي المحاملي، والدعاء للطبراني، وشأن الدعاء للخطابي، والترغيب في الدعاء والحث عليه للحافظ عبد الغني المقدسي، وللمعاصرين كتاب تحفة الأخيار للشيخ عبد العزيز ابن باز، والذكر والدعاء لسعيد القحطاني، وتصحيح الدعاء لبكر أبو زيد، والذكر والدعاء في ضوء الكتاب والسنة لعبد الرزاق البدر، وفقه الأدعية والأذكار له، والدعاء وأحكامه الفقهية لخلود المهيزع، والدعاء مفهومه أحكامه أخطاء تقع فيه لمحمد الحمد، واستقصاء هذا يطول، وأُفردت المخالفات في الدعاء بالتصنيف، كما في رسالة الماجستير: الاعتداء في الدعاء لسعود العقيلي.
لكني لم أقف على مؤلف خاص يجمع أحوال الترك المذمومة معاً، ويبين مرتكزاتها العقدية، ووجه ذمها ودليله، ويرد على شبه التاركين، على النحو الوارد في هذا البحث، وإنما وقفت على أن بعض الكتب آنفة الذكر أشارت إلى بعض صور الترك المذموم، كترك الدعاء الذي سببه تعجل الإجابة، ونحو ذلك، ووقفت أيضاً على رسالة شيخ الإسلام ابن تيمية في الرد على الشاذلي في حزبيه، التي تكلم فيها عن بعض أحوال الترك المذموم، ووقفت على بعض المقالات والبحوث التي خُصصت للحديث عن بعض أحوال الترك المذموم، وهي:
- الدعاء بين رافضيه ومؤيديه لأحمد بن محمد الحوفي([1])، وهو مقال من ثلاث صفحات تناول فيه كاتبه على وجه الاختصار حجج من يرفض الدعاء احتجاجاً بالقدر، أو بزعم الأدب.
- حديث: “لا يرد القدر إلا الدعاء” دراسة عقدية، للشيماء بنت محمد الحوتي([2]).
- الأحاديث الواردة في رد القضاء بالدعاء جمعاً ودراسة، لعبد الله بن غالي السهلي([3]).
- علاقة الدعاء بالقضاء، لهويدا فؤاد الطويل([4]).
- فائدة الدعاء مع القضاء والقدر لأسماء حسن أبو عوف([5]).
وهذه الأبحاث على فائدتها إنما تناولت جانباً واحداً من جوانب عديدة يتعرض لها بحثي، وهو جانب الترك المذموم للدعاء، الذي مرتكزه الاحتجاج بالقدر.
منهج البحث وخطته:
يجمع هذا البحث بين المنهج الاستقرائي الوصفي، فيما يتعلق بجمع النصوص المتعلقة بمسائل البحث ودلالاتها، والمنهج التحليلي للنصوص وللكتابات المتعلقة بالموضوع لاستخراج أهم البواعث والأفكار والمرتكزات التي يقوم عليها ترك الدعاء، والمنهج النقدي الذي يعرض تلك الأفكار على ثوابت العقيدة الإسلامية، ويسلط الضوء على مكامن ضعفها وتهافتها.
ويشتمل البحث على مقدمة وتمهيد وتسعة مباحث وخاتمة.
المقدمة وفيها بعد الاستهلال بيان أهمية البحث ومشكلته وأهدافه والدراسات السابقة فيه ومنهج البحث وخطته.
التمهيد، وفيه التعريف بالدعاء وأنواعه.
المبحث الأول: ترك الدعاء استكباراً.
المبحث الثاني: ترك الدعاء نسياناً وغفلةً بعد زوال الشدة.
المبحث الثالث: ترك الدعاء احتجاجاً بأن المقدر كائن.
المبحث الرابع: ترك الدعاء اعتماداً على علم الله بالحال.
المبحث الخامس: ترك الدعاء بدعوى بلوغ العبد كمالاتٍ يستغني بها عنه.
المبحث السادس: ترك الدعاء بالمأثور اعتقاداً أن غير المأثور أفضل.
المبحث السابع: ترك الدعاء استعظاماً أو حياءً.
المبحث الثامن: ترك الدعاء استعجالاً ويأساً من حصول المطلوب.
المبحث التاسع: ترك الدعاء عجزاً وكسلاً.
الخاتمة، وفيها أهم نتائج البحث.
وأسأل الله جل وعلا أن يجعل هذا البحث خالصاً لوجهه الكريم، مقبولاً عنده، وأن ينفع به المسلمين، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان.
تمهيد
الدعاء في اللغة: هو طلب الطالب من غيره([6])، والسؤال والاستغاثة([7])، والنداء([8])، والاستدعاء([9])، ودعاء الله تعالى: الطلب منه مع التذلل والاستكانة والخضوع([10])، وهو مصدر دعا يدعو دعاءً، فهو فعل الداعي، ويطلق أيضاً على المدعو به، وهي صيغة الدعاء، من باب إقامة المصدر مقام الاسم، فتقول: سمعتُ دعاءً، كما تقول: سمعتُ صوتاً([11]).
والدعاء في الشرع يأتي بمعانٍ:
- الدعاء بمعناه الواسع، وهو العبادة كلها([12])، ومنه قوله تعالى: {فادعوا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون}، أي: اعبدوه، وقوله تعالى: {ومن يدع مع الله إلهاً آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون}، وقوله سبحانه: {إن الذين تدعون من دون الله عبادٌ أمثالكم}، وقوله سبحانه: {إن يدعون من دونه إلا إناثاً وإن يدعون إلا شيطانا مريداً}.
- والدعاء بمعنى الثناء على الله تعالى، وذكره سبحانه([13])، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: «خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيءٍ قدير»([14])، وقوله صلى الله عليه وسلم: «دعوة ذي النون إذ هو في بطن الحوت: {لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين}؛ فإنه لم يدع بها مسلمٌ ربه في شيء قط إلا استجاب له»([15])، وقوله عليه الصلاة والسلام: «أفضل الدعاء الحمد لله»([16])، “فسمى الحمد لله دعاءً، وهو ثناء محض”([17]).
- والدعاء بمعنى المسألة والطلب من الله تعالى([18])، “وحقيقته: إظهار الافتقار إليه، والتبرؤ من الحول والقوة، وهو سمة العبودية، واستشعار الذلة البشرية، وفيه معنى الثناء على الله عز وجل، وإضافة الجود، والكرم إليه”([19])، وعُرِّف الدعاء بهذا المعنى بتعريفات منها:
- “استدعاء العبد ربه عز وجل العناية، واستمداده إياه المعونة”([20]).
- “طلب ما ينفع الداعي، وطلب كشف ما يضره، ودفعه”([21]).
- “لسان الافتقار لشرح الاضطرار”([22]).
والدعاء في قول الله تعالى: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين} من العلماء من حمله على معنى العبادة، فقال: {ادعوني}، أي: اعبدوني ووحدوني، بدلالة قوله في بقية الآية: {إن الذين يستكبرون عن عبادتي}([23])، ومنهم من قال: هو دعاء المسألة والطلب؛ لأنه ظاهر الآية، وبدليل وعده سبحانه: {أستجب لكم}([24])، وقولُه بعد ذلك: {إن الذين يستكبرون عن عبادتي} أي: عن دعائي، وإنما سمي الدعاء في الآية عبادةً لأنه من أعظم العبادات، ولأنه حقيقة التوحيد والإخلاص؛ لأن العبد يدعو ربه عند انقطاع أمله مما سواه، فيظهر ذل العبودية وعظمة الربوبية([25])، وهذا القول يدل عليه الأثر الذي رواه نافع مولى ابن عمر رضي الله عنهما “أنه سمع ابن عمر وهو على الصفا يدعو، يقول: اللهم إنك قلت: {ادعوني أستجب لكم}، وإنك لا تخلف الميعاد، وإني أسألك كما هديتني للإسلام أن لا تنزعه مني حتى تتوفاني وأنا مسلم”([26]).
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الدعاء هو العبادة»([27]) استدلَّ به من يرى أن الدعاء في الآية بمعنى العبادة، لا بمعنى المسألة والطلب؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك ثم قرأ الآية الكريمة([28])، والآخرون يقولون: لما كان الداعي مقبلاً بوجهه وقلبه على ربه، متذللاً له، معرضاً عما سواه، لا يرجو إلا إياه، ولا يخاف إلا منه حسُن أن يُجعل هو العبادة، ويستدل عليه بالآية([29])، ولما كان دعاء العبد ربه من أعظم العبادات أتى النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الصيغة: «الدعاء هو العبادة»، وذلك مثل قوله عليه الصلاة والسلام: «الحج عرفة»([30])، فالحديث دليل على عظيم فضل الدعاء وكونه من أعظم العبادات وأعلاها مرتبة([31]).
وقال شيخُ الإسلام ابن تيمية: “وقال النبي صلى الله عليه وسلم … : «الدعاء هو العبادة» ، ثم قرأ قوله تعالى: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم} [غافر: 60]، وقد فُسر هذا الحديث مع القرآن بكلا النوعين: {ادعوني} أي: اعبدوني وأطيعوا أمري؛ أستجيب دعاءكم، وقيل: سلوني أعطكم، وكلا المعنيين حق”([32]).
وبالتأمل فإن الدعاء بمعنى الثناء قد يتضمن المسألة والطلب أيضاً، ودعاء المسألة والطلب هو من العبادة، فتبين ما في معاني الدعاء الشرعية من التداخل، والتكامل، وعدم الانفكاك.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “… وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الترمذي وغيره: «دعوة أخي ذي النون: {لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين} [الأنبياء: 87] ما دعا بها مكروب إلا فرج الله كربته»([33]) سماها دعوةً؛ لأنها تتضمن نوعي الدعاء، فقوله: {لا إله إلا أنت} اعترافٌ بتوحيد الإلهية، وتوحيد الإلهية يتضمن أحد نوعي الدعاء، فإن الإله هو المستحق لأن يدعى دعاء عبادة ودعاء مسألة، وهو الله لا إله إلا هو، وقوله: {إني كنت من الظالمين} اعترافٌ بالذنب، وهو يتضمن طلب المغفرة، فإن الطالب السائل تارة يسأل بصيغة الطلب، وتارة يسأل بصيغة الخبر، إما بوصف حاله، وإما بوصف حال المسئول، وإما بوصف الحالين، كقول نوح عليه السلام: {وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين} [هود: 47] فهذا ليس صيغة طلب، وإنما هو إخبار عن الله أنه إن لم يغفر له ويرحمه خسر، ولكن هذا الخبر يتضمن سؤال المغفرة، وكذلك قول آدم عليه السلام: {ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين} [الأعراف: 23] هو من هذا الباب، ومن ذلك قول موسى عليه السلام: {رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير} [القصص: 24] فإنَّ هذا وصف لحاله بأنه فقير إلى ما أنزل الله إليه من الخير، وهو متضمن لسؤال الله إنزال الخير إليه”([34]).
المبحث الأول
ترك الدعاء استكباراً
ترك دعاء الله استكباراً عن الخضوع له، واغتراراً من الإنسان بما أوتي من النعم، هو فعل الكافرين الذين ذمهم الله تعالى، وأعقبهم باستكبارهم ذلاً وصغاراً يلحقهم وهم يدخلون دار الهوان، جزاءً وفاقاً([35]).
قال الله جل شأنه: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين}، أي: أذلاء صاغرين([36])، “وهذا وعيدٌ شديد”([37])، فـ”الآية الكريمة قد دلت على أن الدعاء من العبادة؛ فإنه سبحانه وتعالى أمر عباده أن يدعوه، ثم قال: {إن الذين يستكبرون عن عبادتي} فأفاد ذلك أن الدعاء عبادة، وأن ترك دعاء الربِّ سبحانه استكبارٌ، ولا أقبح من هذا الاستكبار، وكيف يستكبر العبد عن دعاء من هو خالقٌ له ورازقه وموجده من العدم، وخالق العالم كله ورازقه ومحييه ومميته ومثيبه ومعاقبه، فلا شك أن هذا الاستكبار طرفٌ من الجنون وشعبةٌ من كفران النعم”([38])، ومن استكبر عن دعاء الله فهو كافر من أهل النار([39]).
وذكر الله تعالى عتاة أهل الكفر الذين تركوا دعاءه جملةً، فهم في الرخاء فرحون بما أوتوا، وهم عند البلاء قساةُ قلوبٍ مستكبرون، لا يتضرعون إلى ربهم ولا يرجعون، فهم أعظم كفراً وعتواً من الذين يشركون في الرخاء ويخلصون في الشدة، وهم حقيقون بعذاب الله في الدنيا والآخرة، قال الله تعالى: {فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعلمون}، “وهذا عتابٌ على ترك الدعاء، وإخبار عنهم أنهم لم يتضرعوا حين نزول العذاب”([40])، و”ذم الله قوما لا يتألمون ولا يجدون للبأساء وقعاً، فذمهم بقوله تعالى: {ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون} [المؤمنون: 76]، فمن لم يستكن ولم يذل للمؤلمات … ويسأل ربه إقالة العثرة منها فهو جبار عنيد بعيد عن طرق الخير”([41]).
قال ابن القيم رحمه الله: “والله تعالى يبتلي عبده ليسمع شكواه وتضرعه ودعاءه، وقد ذم سبحانه من لم يتضرع إليه ولم يستكن له وقت البلاء، كما قال تعالى: {ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون}، والعبد أضعف من أن يتجلد على ربه، والرب تعالى لم يُرد من عبده أن يتجلد عليه، بل أراد منه أن يستكين له ويتضرع إليه، وهو تعالى يمقت من يشكوه إلى خلقه، ويحب من يشكو ما به إليه”([42]).
وذكر سبحانه المشركين الذين استكبروا عن السجود للرحمن، وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول لهم: {قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم فقد كذبتم فسوف يكون لزاماً}، أي: “لا يعتد بمن لا يدعوه، فمن ترك دعاءه فليرتقب العذاب الدائم”([43])، وعلى القول الآخر للمفسرين أن المراد بالدعاء في الآية العبادة، “أي: ما يعبأ بكم لولا أنكم ترجونه، وعبادته تستلزم مسألته، فالنوعان داخلان فيه”([44]).
وقد كان الكبرُ باعثَ المشركين من قوم نوح عليه السلام على أن يأبوا دعوة نبيهم لهم إلى عبادة الله وسؤاله المغفرة، كما قال عنهم: {وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا}، وهو ذات السبب الذي منع المنافقين على عهد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أن يقبلوا دعوة الناصحين لهم بالذهاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدعو الله لهم بالمغفرة، كما قال الله تعالى عنهم: {وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رؤوسهم ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون}، “أي: صدوا وأعرضوا عما قيل لهم؛ استكباراً عن ذلك واحتقاراً لما قيل لهم”([45])، واستكباراً عن دعاء المؤمنين([46]).
وقد كان من استكبار الكفرة سخريتُهم واستهزاؤهم بالمؤمنين الذين يدعون ربهم ويسألونه رحمته ومغفرته ويعبدونه، وهؤلاء الكفرة المستكبرون إذا عاينوا الحقيقة يوم القيامة ودخلوا جهنم داخرين زال عنهم كبرهم ودعوا ربهم وتضرعوا إليه أن يخرجهم منها، فيكون الجواب: {اخسئوا فيها ولا تكلمون إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين فاتخذتموهم سخرياً حتى أنسوكم ذكري وكنتم منهم تضحكون إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون}، أي: انشغلتم بالسخرية عن عبادتي وذكري ودعائي وخوف عقابي، فأضعتم أوقات الدعاء وأسباب الإجابة([47])، وإذا قالوا: {فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل}، كان الجواب: {ذلكم بأنه إذا دُعي الله وحده كفرتم}.
وكيف يستكبر عن دعاء الله وسؤاله من لا يستغني عنه طرفة عين؟! {يسأله من في السماوات والأرض كل يوم هو في شأن}، فالخلق كلهم محتاجون إليه([48])، “وما زال الأنبياء وأتباعهم يسألون الله مصالح دينهم ودنياهم وآخرتهم، فمن هو الذي استغنى عن سؤال الله تعالى؟!”([49])، وعبادة الإنسان ربه ودعاؤه إياه إنما يعود نفعها إليه، فمن عمل صالحاً فلنفسه، ومن استكبر واستغنى بظنه وزعمه فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً، كما قال عز وجل في الحديث القدسي: «يا عبادي: إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرما، فلا تظالموا، يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته، فاستهدوني أهدكم، يا عبادي كلكم جائع، إلا من أطعمته، فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي كلكم عار، إلا من كسوته، فاستكسوني أكسكم، يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعا، فاستغفروني أغفر لكم، يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي، فتنفعوني، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم، ما زاد ذلك في ملكي شيئا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد، ما نقص ذلك من ملكي شيئا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه»([50]).
والمؤمنون على عكس الكافرين والمنافقين لا يستكبرون عن دعاء ربهم وعبادته والثناء عليه ومسألته والخضوع له والتضرع إليه، وقد وصفهم الله بذلك فقال: {إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجداً وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً}.
والمسلم منهي أن يتشبه بالكافرين والمنافقين فيتكبرَ عن بعض أنواع الأدعية، وإذا دُعي له بالهداية أو الرحمة أو المغفرة فلا يستكبرْ عن ذلك؛ فإنه لا يستغني عن هداية الله ورحمته ومغفرته أحد، و”العبد وإن جلَّ قدره لا يستغني عن الدعاء، ألا تروا أنهم صلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم”([51]) لما مات، “ومن ظنَّ أنه يستغني عن سؤال ربه دعاه ذلك إلى الاستنكاف والاستكبار”([52]).
قال ابن دقيق العيد رحمه الله في حديثه عن تشميت العاطس: “فيه … التأديب للعاطس بكسرِ النفس عن طُغيان الكِبْر، وحملِها على التواضع، وتقريره عندها، وذلك لِمَا في الدُّعاء بالرحمة من الإشعار بالذَّنب الذي يُحتاج فيه إلى الدعاء بالرحمة، ولهذا يُرى بعضُ المتخلفين يُعرِضُ عن الدعاء بالرَّحمة إلى الدعاء بالعيش، فيقول: عِشْتَ، أو غير ذلك، وزاد الملوك – أو من شاء الله تعالى منهم – فترفعوا عن التشميت بالكليَّة، وجعله حاضروهم من الآدابِ مع الملوك، والأدبُ أدبُ اللهِ ورسوله، والكبرياءُ رداءُ الحقِّ فمن نازَعَه قَصَمَه”([53]).
المبحث الثاني
ترك الدعاء نسياناً وغفلةً بعد زوال الشدة
ذمَّ الله تعالى في مواضع من كتابه الإنسان الذي إذا مسه الضرُّ ونزلت به الشدائد دعا ربه مخلصاً منيباً، وتضرع إليه في زوال ضره وشدته، فإذا نال مطلوبه وكشف الله عنه ما أصابه نسي الدعاء والطاعة، ومن ذلك قول الله تعالى: {وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعداً أو قائماً فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون}، وقال جلَّ شأنه: {وإذا مس الإنسان ضرٌّ دعا ربه منيباً إليه ثم إذا خوله نعمةً منه نسي ما كان يدعو إليه من قبل وجعل لله أنداداً ليضل عن سبيله قل تمتع بكفرك قليلاً إنك من أصحاب النار}، وقال تبارك وتعالى: {فإذا مسَّ الإنسان ضر دعانا ثم إذا خولناه نعمةً منا قال إنما أوتيته على علم بل هي فتنة ولكن أكثرهم لا يعلمون قد قالها الذين من قبلهم فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون فأصابهم سيئات ما كسبوا والذين ظلموا من هؤلاء سيصيبهم سيئات ما كسبوا وما هم بمعجزين}، وقال سبحانه: {وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونآ بجانبه وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض}، وقال تعالى: {وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين فلما أنجاهم إذا هم يبغون في الأرض بغير الحق}، وقال تعالى: {وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه فلما نجاكم إلى البر أعرضتم وكان الإنسان كفوراً}.
فذمَّ الله تعالى في هذه الآيات الكريمة الإنسان الذي إذا أصابته الكربة والشدة، ومنها ركوب البحر، وسائر أنواع الضر، والمرض والفقر، دعا ربه دعاءً عريضاً كثيراً، وألح في الدعاء مخلصاً لله، فإذا أنعم الله عليه، وكشف ضره نسي و”أعرض عن الدعاء والابتهال الذي كان يفعله في حال البلوى والمحنة”([54]).
“وإنما ذكر الله تعالى ذلك تنبيهاً على أن هذه الطريقة مذمومة، بل الواجب على الإنسان العاقل أن يكون صابراً عند نزول البلاء، شاكراً عند الفوز بالنعماء، ومن شأنه أن يكون كثير الدعاء والتضرع في أوقات الراحة والرفاهية حتى يكون مجاب الدعوة في وقت المحنة”([55]).
وهذا الوصف الذي ذمه الله تعالى في هذه الآيات، وهو “الدعاء عند الشدة، وترك الدعاء عند الرخاء”([56]) وإن كان دون وصف الاستكبار عن الدعاء في الحالين، الذي سبق ذكره في المبحث السابق، إلا أنه وصفٌ مذمومٌ، من أوصاف المشركين، وقد يقع نوعٌ منه لبعض المسلمين كما سيأتي، وقد يكون النسيان والإعراض عن الله تعالى بعد زوال الشدة بترك العبادة والطاعة والإخلاص والتوحيد، أو بدعاء غير الله، وقد يكون بنسبة الإنسان الفضلَ إلى نفسه وعدم شكر من أنعم عليه فخلصه من شدته وكربه، فالآيات تشمل ذلك كله.
وقد كان الحريّ بالإنسان بعد نجاته وحصول النعمة له أن يكون شاكراً لربه بقلبه ولسانه وجوارحه، يلهج لسانه بدعاء الثناء والشكر والاعتراف بالمنن، ودعاء المسألة أن يحفظ الله عليه نعمته ويتمها ولا يزيلها، لا أن ينسى ويعرض ويجحد([57])؛ فإن من تعرَّف على الله في الرخاء تعرف الله عليه في الشدة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما: «احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده أمامك، تعرف إليه في الرخاء، يعرفك في الشدة»([58])، وقد ذكر الله لنا قصة نبيه يونس عليه السلام وما وقع له من الشدة العظيمة من التقام الحوت له، وتضرعه إلى ربه وندائه وهو في الظلمات: {أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين}، قال الله تعالى: {فلولا أنه كان من المسبحين} أي: “كان من الذاكرين الله قبل البلاء”([59])، {للبث في بطنه إلى يوم يبعثون}، ولكن الله ذكره “في حال البلاء فأنقذه ونجاه”([60])، كما قال سبحانه: {فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين}، قال قتادة رحمه الله في تفسير الآية: {فلولا أنه كان من المسبحين}: “كان طويل الصلاة في الرخاء، قال: وإن العمل الصالح يرفع صاحبه إذا عثر، وإذا صُرع وجد مُتَّكأً”([61])، وصارت دعوة يونس عليه السلام سنةً للمؤمنين إلى يوم القيامة إذا نزل بهم الكرب، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «دعوة ذي النون إذ هو في بطن الحوت: {لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين}؛ فإنه لم يدع بها مسلم ربه في شيء قط إلا استجاب له»([62]).
وما الذي يؤمِّن الإنسانَ الذي إذا زالت شدته نسي وأعرض- ما الذي يؤمنه أن لا يعود إليه البلاء مرةً أخرى؛ عقوبة من الله على جحوده وإعراضه ونسيانه، كما قال تعالى: {أم أمنتم أن يعيدكم فيه تارةً أخرى فيرسل عليكم قاصفاً من الريح فيغرقكم بما كفرتم ثم لا تجدوا لكم علينا به تبيعاً}.
والذم الوارد في الآيات الكريمة على من يدعو حال الشدة والضر، ثم يغفل أو ينسى أو يعرض حال الرخاء هو وصفٌ لحال المشركين، وهو تحذيرٌ للمؤمنين من مشابهتهم في ذلك؛ إذ قد يقع بعض ذلك من بعض المسلمين غفلةً والتهاء.
قال شيخُ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “… وقال تعالى: {ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل} فطائفةٌ من المفسرين تقول في هذه الآيات وما أشبهها كقوله: {وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعداً أو قائماً فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه} وأمثالها مما ذكر الله في عيوبِ الإنسان وذمها، فيقول هؤلاء: هذه الآية في الكفار، والمراد بالإنسان هنا الكافر، فيبقى من يسمع ذلك يظن أنه ليس لمن يُظهر الإسلام في هذا الذم والوعيد نصيب، بل يذهب وهمه إلى من كان مُظهراً للشرك من العرب أو إلى من يعرفهم من مظهري الكفر، كاليهود والنصارى ومشركي الترك والهند ونحو ذلك، فلا ينتفع بهذه الآيات التي أنزلها الله ليهتدي بها عباده، فيُقال أولاً: المظهرون للإسلام فيهم مؤمن ومنافق، والمنافقون كثيرون في كل زمان، والمنافقون في الدرك الأسفل من النار، ويقال ثانياً: الإنسان قد يكون عنده شعبةٌ من نفاق وكفر وإن كان معه إيمان، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: «أربعٌ من كُنَّ فيه كان منافقاً خالصاً، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب، وإذا اؤتمن خان، وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر»([63])، فأخبر أنه مَن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق … وإذا عُرف هذا عُلم أن كل عبد ينتفع بما ذكر الله في القرآن من مدح شعب الايمان وذم شعب الكفر”([64]).
وقال ابن عطية رحمه الله في تفسير قوله تعالى: {وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعداً أو قائماً فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا}: “هذه الآية أيضاً عتابٌ على سوء الخلق من بعض الناس، ومُضمَّنه النهيُ عن مثل هذا، والأمرُ بالتسليم إلى الله تعالى والضراعة إليه في كل حال، والعلم بأن الخير والشر منه لا رب غيره … وقوله: {مرَّ} يقتضي أن نزولها في الكفار، ثم هي بعدُ تتناول كل من دخل تحت معناها من كافرٍ أو عاصٍ”([65]).
وقال الشوكاني رحمه الله في تفسيرها: “وهذه الحال التي ذكرها الله سبحانه للداعي لا تختص بأهل الكفر، بل تتفق لكثيرٍ من المسلمين: تلين ألسنتهم بالدعاء، وقلوبهم بالخشوع والتذلل عند نزول ما يكرهون بهم، فإذا كشفه الله عنهم غفلوا عن الدعاء والتضرع، وذهلوا عما يجب عليهم من شكر النعمة التي أنعم الله بها عليهم من إجابة دعائهم، ورفع ما نزل بهم من الضر، ودفع ما أصابهم من المكروه، وهذا مما يدل على أن الآية تعم المسلم والكافر كما يشعر به لفظ {الناس}، ولفظ {الإنسان}، اللهم أوزعنا شكر نعمك، وذكِّرنا الأحوال التي مننت علينا فيها بإجابة الدعاء، حتى نستكثر من الشكر الذي لا نطيق سواه، ولا نقدر على غيره، وما أغناك عنه، وأحوجنا إليه”([66]).
والحاصل أن المؤمن يحافظ “على الدعاء في الرخاء، دون تخصيص حال الشدة والبلاء”([67])، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سرَّه أن يستجيب الله له عند الشدائد والكُرَب فليكثر الدعاء في الرخاء»([68])، أي: فليكثر “في حال الصحة والرفاهية والأمن من المخاوف والسلامة من المحن”([69])، من دعاء الشكر والاعتراف بالمنن وسؤال التوفيق والمعونة والتأييد والاستغفار([70]).
وقد جاء في حديث عائشة رضي الله عنها قالت: ما رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه إلى السماء إلا قال: «يا مصرف القلوب ثبت قلبي على دينك»([71])، “تعليماً للأمة وإظهاراً لحاجة العبد لربه في كل حين، وأنه لا ينبغي له الاعتماد على حُسن حاله، ولا يستغني به عن الدعاء والتضرع”([72]).
وإذا كان مبنى هذه الصورة من صور ترك الدعاء على الانشغال بالنعمة عن دعاء المنعم وشكره فقد يقال: إنه يلحق بها -لا من كل وجهٍ- صورةٌ من صور الترك، لا تصل إلى حد التحريم، بل هي تركٌ للمستحب، وهي الغفلة عن الدعاء في أوقات الإجابة انشغالاً، كالانشغال عند نزول الغيث به عن الدعاء، وانشغال الصائم بطعامه عند فطره عن الدعاء، والله تعالى أعلم.
وقد تبين بما ذكرته في هذا المبحث والمبحث الذي سبقه صنفان مذمومان ذكرهما القرآن الكريم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “ذم الله سبحانه حزبين: حزباً لا يدعونه في الضراء، ولا يتوبون إليه، وحزباً يدعونه ويتضرعون إليه ويتوبون إليه، فإذا كشف الضر عنهم أعرضوا عنه وأشركوا به … والممدوح: هو القسم الثالث، وهم الذين يدعونه ويتوبون إليه، ويثبتون على عبادته والتوبة إليه في حال السراء، فيعبدونه ويطيعونه في السراء والضراء، وهم أهل الصبر والشكر”([73]).
وسيأتي إن شاء الله في المبحث الثامن صنف ملحق بالصنفين المذمومين، وهو القنوط اليئوس.
المبحث الثالث
ترك الدعاء احتجاجاً بأن المقدر كائن
“قال قومٌ: لا معنى للدعاء ولا طائل له؛ لأن الأقدار سابقة، والأقضية متقدمة، والدعاءُ لا يزيد فيها، وتركُه لا ينقص شيئاً منها، ولا فائدة في الدعاء والمسألة“([74]).
وهذه المقالة يقول بها طوائف ممن وقعت له شبهةٌ في فهم بعض النصوص من الصوفية وغيرهم، ويقول بها بعض العوام ولا سيما إذا تأخر عليه إجابة دعائه، ويقول بها بعض من في قلبه مرضٌ ممن يتبجح وينكر على من يدعو للمظلومين من المسلمين بمثل قوله: كم لكم تدعون لأهل فلسطين، ولم يُنصروا؟ وما الذي استفدناه من قنوت المصلين في رمضان؟. ودعائهم بتحرير المسجد الأقصى؟. وغير ذلك مما يشيع في بعض مواقع التواصل، ويُلبس لبوس الشرع بالاحتجاج بنصوص القدر، وقائل هذا ممن يزدري شأن الدعاء ويعتبره لا أثر له، مختلفٌ عن من يقول إن على المسلمين أن لا يكتفوا بالدعاء دون القيام بأسباب النصر، بل الواجب عليهم الجمع بين كل أسباب النصر، ومنها الدعاء.
وترك الدعاء احتجاجاً بالقدر على ضربين:
الأول: ترك الدعاء والاحتجاج بالقدر على إثبات عدم فائدته؛ لأنه لا يغير من قدر الله شيئاً، فلم يُعَنِّي الإنسان نفسه بما لا فائدة ترجى من ورائه؟.
الثاني: ترك الدعاء استسلاماً للقدر، ورضا بحكم الربِّ عز وجل، واعتبار الدعاء نوعاً من الاعتراض على الله تعالى وعدم التسليم لقضائه.
الضرب الأول:
فأما الضرب الأول فإن أصحابه يقولون: قد قال الله تعالى: {إنا كل شيء خلقناه بقدر}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «جفَّ القلم بما هو كائن»([75])، وقال لأبي هريرة رضي الله عنه: «جف القلم بما أنت لاقٍ»([76])، وقال عليه الصلاة والسلام: «كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة»([77])، فدلت هذه النصوص على أن كل شيء مقدر، مكتوب، ولا محيص عن قدر الله تعالى، قالوا: فلو دعا الإنسان عمره كله أن يُرزق ما لم يكتبه الله له لم يُرزقْه، ولو دعا عمره كله أن يُصرف عنه بلاءٌ مكتوب عليه لم يُصرف؛ لأن أقدار الله تعالى ثابتةٌ لا تتغير، لا بالدعاء ولا بغيره([78]).
ونحن نسلم بهذه النصوص الدالة على تقدير الله العليم الحكيم مقادير الأشياء، ونقول كذلك إن احتجاجهم بها وبالقدر على إبطال الدعاء ونفي فائدته هو احتجاجٌ باطل، وهو من الإيمان ببعض الكتاب والكفر ببعض، الذي عابه الله تعالى على أهل الكتاب بقوله: {أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض}، وهو من ضرب كتاب الله بعضه ببعض، الذي عابه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خرج ذات يوم على الناس، وهم يتكلمون في القدر، فكأنما تفقأ في وجهه حب الرمان من الغضب، فقال لهم: «مالكم تضربون كتابَ الله بعضه ببعض، بهذا هلك من كان قبلكم»([79]).
والدليل على ذلك الوجوه التالية:
- أن الله تبارك وتعالى أمر بالدعاء وحثَّ عليه، في آيات عديدة، كما في قوله تعالى: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين}، وقال سبحانه: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريبٌ أجيب دعوة الداع إذا دعان}، وقال جلَّ وعلا: {ادعو ربكم تضرعاً وخفية}، وقال: {وادعوه خوفاً وطمعاً}، فإن قالوا -وقد قالوا([80])-: إنما المراد بهذه الآيات الدعاء بمعنى العبادة، لا بمعنى السؤال والطلب، قيل لهم: فأين تذهبون من قول الله تعالى: {أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء}، وأمره عباده بسؤاله، والاستعاذة به، كما في قوله: {واسألوا الله من فضله}، وقوله تعالى: {وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون}، وقوله: {قل أعوذ برب الفلق}، وقوله: {قل أعوذ برب الناس}، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من لم يسأل الله يغضب عليه»([81])، هذا على أنا لا نسلم أن الدعاء في الآيات الكريمة واردٌ في خصوص معنى العبادة، كما تقدم.
وإذا كان الله تعالى الذي قدر المقادير أمر بالدعاء، ووعد بالإجابة، وبيَّن رسوله صلى الله عليه وسلم فضل الدعاء وفائدته، علمنا أنه لا تنافي بين الأمرين.
- أن الله تبارك وتعالى ذكر في كتابه استجابته لدعاء أوليائه في مواطن كثيرة، وترتب على دعائهم تحقيق الله تعالى لمطلوبهم، كما قال تعالى: {ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون}، وقال تعالى: {وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين فاستجبنا فكشفنا ما به من ضر}، وقال سبحانه: {وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فاستجبنا له ونجيناه من الغم} ودعا زكريا ربه وقد بلغ من الكبر عتياً: {رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين} قال الله: {فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه}.
- أن الله تعالى قدر مقادير الخلائق، وجعل لتلك المقادير أسباباً، فلا يجوز شرعاً ولا عقلاً ترك العمل بالأسباب، والاعتماد على أن المقدر كائن:
فأما في الشرع فلو ترك مسلمٌ العمل الصالح، وقال: إن كان الله كتبني من أهل الجنة كنت من أهلها، لكان مذموماً.
وأما في العقل فإن قول القائل من غير أن يتزوج: إن كان الله كتب لي الولد فسيولد لي، يعده الناس حمقاً وبعداً عما يقتضيه العقل، وكذا لو ترك الاكتساب أو ترك أكل الطعام اعتماداً على أن المقدر كائن، وأنه لن يموت قبل أجله المقدر له طعم أو لم يطعم([82]).
وإذا تبين هذا فإن “الدعاء في اقتضائه الإجابة كسائر الأعمال الصالحة في اقتضائها الإثابة، وكسائر الأسباب في اقتضائها المسببات”([83])، فكما لا يصح ترك الأعمال احتجاجاً بأن المقدر كائن، ولا ترك سائر الأسباب احتجاجاً بذلك، فكذلك لا يصح ترك الدعاء احتجاجاً بأن المقدر كائن، ولهذا لما سأل الصحابة رضي الله عنهم رسولَ الله صلى الله عليه وسلم: “أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل؟ قال لهم: «اعملوا فكل ميسر لما خلق له»([84]) ، وكذلك الدعاء هو سببٌ مأمور به، وهو سببٌ له أثرٌ في حصول المقصود من جلب النفع ودفع المكروه؛ لأن الله جعله سبباً، وربط الدعاء بالإجابة ربط السبب بالمسبب، فإذا دعوت فأُجبت يكون الله جل وعلا قد قدر أن تدعو فيحصل لك ما دعوت به بسبب دعائك([85]).
قال العز بن عبد السلام رحمه الله: “من زعم أنا لا نحتاج إلى الدعاء فقد كذب وعصى، ويلزم أن يقول: لا حاجة بنا إلى الطاعة والإيمان؛ لأن ما قضاه الله من الثواب والعقاب لا بد منه، وما يدري الأخرق الأحمق أن الله قد رتب مصالح الدنيا والآخرة على الأسباب، فإن بناه على أن ما سبق به القضاء لا يغيره الدعاء لزمه أن لا يأكل إذا جاع، ولا يشرب إذا عطش، ولا يلبس إذا برد، ولا يتداوى إذا مرض، وأن يلقى الكفار بغير سلاح، ويقول في ذلك كله: ما قضاه الله تعالى لا يُرد، وهذا ما لا يقوله مسلم ولا عاقل، وما أجرأ هذا الجنس على الله بإنكار الشرع، وما ركزه الله في الطبع، ولقد قال بعض مشايخ الضلال منهم: لا يجوز التداوي؛ لأنه شركٌ واعتماد على الأسباب، فكان جوابه: لا يأكل، ولا يشرب، ولا يلبس، ولا يركب، ولا يدفع عن نفسه من أراد قتله، ولا عن أهله من قصدهم بالزنا والفواحش، فبهت الذي فجر”([86]).
وقال ابن عثيمين رحمه الله: “إنكار أن يكون الدعاء سبباً إنكار أمور بديهيات؛ لأننا نعلم علم اليقين فيما أُخبرنا به، وفيما شاهدناه، وفيما جرى علينا أن الله يقدِّر الأشياء بالدعاء؛ فالله تعالى قص علينا في القرآن قصصاً كثيرة فيها إجابة للدعاء؛ كذلك يجري للإنسان نفسه أشياء يدعو الله بها فيشاهدها رأي العين أنها جاءت نتيجة لدعائه؛ فإذاً الشرع، والواقع كلاهما يبطل دعوى من أنكر تأثير الدعاء”([87]).
ومن ترك العمل بالأسباب توكلاً بزعمه، أو اعتماداً على القدر فهو “جاهلٌ ظالمٌ عاصٍ لله”([88])، وهو ومن فعل الأسباب واعتمد عليها وترك التوكل “كلاهما مخل ببعض ما وجب عليه”([89])، وفي هذا الباب غلطت طوائف: “طائفة تضعف أمر السبب المأمور به فتعده نقصاً وقدحا في التوحيد والتوكل، وأن تركه من كمال التوكل والتوحيد، وهم في ذلك ملبوس عليهم، وقد يقترن بالغلط اتباع الهوى في إخلاد النفس إلى البطالة؛ ولهذا تجد عامة هذا الضرب التاركين لما أمروا به من الأسباب يتعلقون بأسباب دون ذلك، فإما أن يعلقوا قلوبهم بالخلق رغبة ورهبة، وإما أن يتركوا … واجباتٍ أو مستحبات أنفع لهم من ذلك … وفوق هؤلاء من يجعل التوكل والدعاء أيضاً نقصاً وانقطاعاً عن الخاصة، ظناً أن ملاحظة ما فُرغ منه في القدر هو حال الخاصة”([90])، “وإنما غلطوا من حيث ظنوا سبق التقدير يمنع أن يكون بالسبب المأمور به، كمن يتزندق فيترك الأعمال الواجبة بناءً على أن القدر قد سبق بأهل السعادة وأهل الشقاوة، ولم يعلم: أن القدر سبق بالأمور على ما هي عليه، فمن قدره الله من أهل السعادة كان مما قدره الله أن يتيسر لعمل أهل السعادة، ومن قدره من أهل الشقاء كان مما قدره أنه ييسره لعمل أهل الشقاء، كما قد أجاب النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا السؤال([91])“([92])، فهكذا الدعاء، من قدَّر الله له حصول مقصوده بالدعاء كان دعاؤه مما قدره الله، وفي الحديث القدسي: «كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم»، وفيه: «كلكم عارٍ إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم»([93])، وقد جاء هذا المعنى مصرحاً به في قول النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل: “أرأيت أدوية نتداوى بها، ورقى نسترقي بها، وتقاة نتقيها، ترد من قدر الله شيئا؟. فقال: «هي من قدر الله»([94])، فدل هذا بأوضح دلالة على أنه لا تنافي بين الدعاء وبين قدر الله، بل الدعاء من تقديره سبحانه.
وهذا الرد على المحتجين بالقدر على ترك الدعاء وعدم جدواه، ببيان أن الدعاء هو من أنجع الأسباب في حصول المقصود، وهو من قدر الله تعالى، ولا ينافيه، هو جوابٌ أصح وأسدُّ وأولى ممن يرد عليهم بأن الدعاء عبادةٌ تُعبدنا بها، فنحن نفعلها امتثالاً للأمر فحسب، وليس لها أثر في حصول مطلوب الداعي([95])، وكذلك من يقول: إن الإجابة تحصل عند الدعاء لا به، فالدعاء علامة لا سبب.
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى “ما تقول السادة العلماء أئمة الدين رضي الله عنهم أجمعين … فيما ورد من الأخبار والآيات بالرضاء بقضاء الله تعالى وفي قوله صلى الله عليه وسلم: «جف القلم بما هو كائن»([96])، وفي معنى قوله تعالى: {ادعوني أستجب لكم} فإنْ كان الدعاء أيضا مما هو كائن فما فائدة الأمر به ولا بد من وقوعه؟”([97]).
فأجاب رحمه الله: “… الدعاء في اقتضائه الإجابة كسائر الأعمال الصالحة في اقتضائها الإثابة، وكسائر الأسباب في اقتضائها المسببات، ومن قال: إن الدعاء علامة ودلالة محضة على حصول المطلوب المسئول، ليس بسبب، أو هو عبادة محضة لا أثر له في حصول المطلوب وجوداً ولا عدماً، بل ما يحصل بالدعاء يحصل بدونه فهما قولان ضعيفان؛ فإن الله علق الإجابة به تعليق المسبب بالسبب كقوله: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم}، وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما من مسلم يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه بها إحدى خصال ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخر له من الخير مثلها، وإما أن يصرف عنه من الشر مثلها، قالوا: يا رسول الله إذاً نكثر، قال الله أكثر»([98])، فعلق العطايا بالدعاء تعليق الوعد والجزاء بالعمل المأمور به …
وأيضاً فالواقع المشهود يدل على ذلك ويبينه كما يدل على ذلك مثله في سائر الأسباب، وقد أخبر سبحانه من ذلك ما أخبر به في مثل قوله: {ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون}، وقوله تعالى: {وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين} وقوله: {أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء} …”([99]).
ومثل ذلك في تعليق الإجابة بالدعاء ما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ينزِل ربُّنا تبارك وتعالى كلَّ ليلةٍ إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلثُ الليل الآخرُ فيقول: من يدعوني فأستجيبَ له، من يسألني فأُعْطيه، من يستغفرني فأغفرَ له»([100])، وقوله عليه الصلاة والسلام: «إن في الليل لساعةً لا يوافقها رجلٌ مسلمٌ يسألُ اللَّهَ خيراً من أمر الدُّنيا والآخرة إلا أعطاه إيَّاهُ، وذلك في كلِّ ليلة»([101]).
“والمقصود … أن يعلم أن الدعاء والسؤال هو سبب لنيل المطلوب المسئول، ليس وجوده كعدمه في ذلك، ولا هو علامة محضة، كما دل عليه الكتاب والسنة، وإن كان قد نازع في ذلك طوائف من أهل القبلة وغيرهم مع أن ذلك يقر به جماهير بني آدم من المسلمين واليهود والنصارى والصابئين والمجوس والمشركين، لكن طوائف من المشركين والصابئين من المتفلسفة … يزعمون أن تأثير الدعاء في نيل المطلوب كما يزعمونه في تأثير سائر الممكنات المخلوقات من القوى الفلكية والطبيعية والقوى النفسانية والعقلية فيجعلون ما يترتب على الدعاء هو من تأثير النفوس البشرية من غير أن يثبتوا للخالق سبحانه بذلك علماً مفصلاً أو قدرة على تغيير العالم، أو أن يثبتوا أنه لو شاء أن يفعل غير ما فعل لأمكنه ذلك، فليس هو عندهم قادراً …
وأما قول السائل: وإن كان الدعاء مما هو كائن فما فائدة الأمر به ولا بد من وقوعه؟ فيقال: الدعاء المأمور به لا يجب كوناً، بل إذا أمر الله العباد بالدعاء فمنهم من يطيعه فيستجاب له دعاؤه، وينال طلبته، ويدل ذلك على أن المعلوم المقدور هو الدعاء والإجابة، ومنهم من يعصيه فلا يدعو، فلا يحصل ما علق بالدعاء، فيدل ذلك على أنه ليس في المعلوم المقدور الدعاء ولا الإجابة، فالدعاء الكائن هو الذي تقدم العلم بأنه كائن، والدعاء الذي لا يكون هو الذي تقدم العلم بأنه لا يكون.
فإن قيل: فما فائدة الأمر فيما علم أنه يكون من الدعاء؟ قيل الأمر هو سبب أيضا في امتثال المأمور به، كسائر الأسباب، فالدعاء سبب يدفع البلاء، فإذا كان أقوى منه دفعه، وإن كان سبب البلاء أقوى لم يدفعه، لكن يخففه ويضعفه”([102]).
وقال ابن القيم رحمه الله: “… فاعلم أن نفاة الأسباب لا يستقيم لهم توكل البتة؛ لأن التوكل من أقوى الأسباب في حصول المتوكل فيه، فهو كالدعاء الذي جعله الله سببا في حصول المدعو به، فإذا اعتقد العبد أن توكله لم ينصبه الله سبباً، ولا جعل دعاءه سبباً لنيل شيء، فإن المتوكَّل فيه المدعوَّ بحصوله إن كان قد قُدِّر حصل، توكل أو لم يتوكل، دعا أو لم يدع، وإن لم يقدر لم يحصل، توكل أيضا أو ترك التوكل، وصرح هؤلاء أن التوكل والدعاء عبودية محضة، لا فائدة لهما إلا ذلك، ولو ترك العبد التوكل والدعاء ما فاته شيء مما قدر له، ومن غلاتهم من يجعل الدعاء بعدم المؤاخذة على الخطأ والنسيان عديمَ الفائدة؛ إذ هو مضمون الحصول، ورأيت بعض متعمقي هؤلاء – في كتاب له – لا يجوِّز الدعاء بهذا، وإنما يجوزه تلاوة لا دعاء، قال: لأن الدعاء به يتضمن الشك في وقوعه؛ لأن الداعي بين الخوف والرجاء، والشك في وقوع ذلك شك في خبر الله.
فانظر إلى ما قاد إنكار الأسباب من العظائم وتحريمِ الدعاء بما أثنى الله على عباده وأوليائه بالدعاء به وبطلبه، ولم يزل المسلمون من عهد نبيهم صلى الله عليه وسلم وإلى الآن يدعون به في مقامات الدعاء، وهو من أفضل الدعوات.
وجواب هذا الوهم الباطل أن يقال: بقي قسم ثالث غير ما ذكرتم من القسمين لم تذكروه، وهو الواقع، وهو أن يكون قضى بحصول الشيء عند حصول سببه من التوكل والدعاء، فنصب الدعاء والتوكل سببين لحصول المطلوب، وقضى الله بحصوله إذا فعل العبد سببه، فإذا لم يأت بالسبب امتنع المسبب”([103]).
الضرب الثاني:
وأما أصحاب الضرب الثاني الذين يرون ترك الدعاء استسلاماً للقدر، ورضا بحكم الربِّ عز وجل، ويعتبرون الدعاء نوعاً من الاعتراض على الله تعالى وعدمِ التسليم لقضائه، كما يقوله طائفةٌ من المتصوفة، وما يُروى عن بعضهم من قوله: الرضا أن لا تسأل الله الجنة، ولا تستعيذ من النار([104])، فإن الرد عليهم بما يلي:
- أن الدعاء وسؤال الله الحوائج، وسؤاله الجنة والنار هو طريق أنبياء الله وأوليائه الصالحين، وهم الذين رضي الله عنه ورضوا عنه، وهذا معلوم بالاضطرار من دين الإسلام، فالزعم بأن الدعاء ينافي الرضا فيه مخالفةٌ لهؤلاء وإزراءٌ بهم، وكأن مدعيه يرى لنفسه مقاماً فوق مقامهم([105])، ولما قال رجلٌ للنبي صلى الله عليه وسلم: “أقول: اللهم إني أسألك الجنة، وأعوذ بك من النار، أما إني لا أحسن دندنتك ولا دندنة معاذ”، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: «حولها ندندن»([106])، “أفيكون قول أحد فوق قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعاذ ومن يصلي خلفهما من المهاجرين والأنصار؟!”([107])، وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن لله ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر، فإذا وجدوا قوماً يذكرون الله تنادوا: هلموا إلى حاجتكم»، قال: «فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا» قال: «فيسألهم ربهم، وهو أعلم منهم، ما يقول عبادي؟ قالوا: يقولون: يسبحونك ويكبرونك ويحمدونك ويمجدونك» قال: فيقول: «هل رأوني؟» قال: «فيقولون: لا والله ما رأوك». قال: «فيقول: وكيف لو رأوني؟» قال: «يقولون: لو رأوك كانوا أشد لك عبادة، وأشد لك تمجيدا وتحميدا، وأكثر لك تسبيحاً» قال: «يقول: فما يسألوني؟» قال: «يسألونك الجنة» قال: «يقول: وهل رأوها؟» قال: «يقولون: لا والله يا رب ما رأوها» قال: «يقول: فكيف لو أنهم رأوها؟» قال: «يقولون: لو أنهم رأوها كانوا أشد عليها حرصا، وأشد لها طلبا، وأعظم فيها رغبة، قال: فمم يتعوذون؟» قال: «يقولون: من النار» قال: «يقول: وهل رأوها؟» قال: «يقولون: لا والله يا رب ما رأوها» قال: «يقول: فكيف لو رأوها؟» قال: «يقولون: لو رأوها كانوا أشد منها فرارا، وأشد لها مخافة» قال: «فيقول: فأشهدكم أني قد غفرت لهم»، قال: «يقول ملك من الملائكة: فيهم فلان ليس منهم، إنما جاء لحاجة، قال: هم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم»([108])، “فهؤلاء الذين هم من أفضل أولياء الله كان مطلوبهم الجنة ومهربهم من النار”([109]).
- أن الساكت الممتنع عن الدعاء رضاءً بالقدر بزعمه لا يخلو: إما أن يكون ملتفتا بقلبه إلى الله تعالى في أن يؤتيه الخيرات، ويعيذه من الشرور، وإما أن يكون معرضا عن ذلك، فإن التفت بقلبه إلى الله فهو طالب مستعيذٌ بحاله، ولا فرق بين الطلب بالحال والطلب بالمقال، فكما أن الطلب بالحال لا ينافي الرضا، فكذلك الطلب بالمقال، والطلب بالحال والمقال كليهما أكمل وأتم، وهو سنة المرسلين فلا يعدل عنه، وإن كان معرضاً عن أن يطلب من الله تعالى جملةً، لا بحاله ولا بمقاله فمن المعلوم أنه لا يحيا ويبقى إلا بما يقيم حياته ويدفع مضاره، وإذا لم يطلب ذلك من الله فلا بد أن يطلبه ويريده من غير الله فيكون مشركاً مذموماً، لا محموداً، فإن قال: لا أحبه ولا أطلبه ولا أريده لا من الله ولا من خلقه، قيل: هذا ممتنع في الحي؛ فإن الحي يمتنع عليه ألا يحب ويريد ما به بقاؤه، وهذا أمر معلوم بالحس، وأيضاً فمن لا إرادة ولا محبة له لا يوصف بكونه راضياً، فعُلم أن مجرد تصور تلك المقالة يتبين به فسادها([110]).
- أن الراضي عن الله حقاً هو الذي يفعل ما يرضاه الله تعالى، ويترك ما يسخطه جل اسمه، “فلا تظنن أيها المسترشد أن معنى الرضا بالقضاء ترك الدعاء، فالعاقل لا يترك السهم المرسل إليه حتى يصيبه مع قدرته على المعالجة بالترس والحرز عنه بوجهٍ، فمن جملة الرضا بالقضاء أن يتوصل الى محبوبه بمباشرة ما جعله سبباً، بل لا تُترك الأسباب مخالفة لمحبوبه ومناقضة لرضاه، فليس من الرضا للعطشان أن لا يمد اليد إلى الماء البارد زاعماً أنه رضي بالعطش الذي هو من قضاء الله، بل من قضائه ومحبته أن يزيل العطش بالماء، فمعنى الرضا بالقضاء ترك الاعتراض، ولا يخالف قضية الدعاء”([111])، وكيف يكون راضياً عن الله من يفعل ما لا يرضاه، بل يفعل ما يغضب منه ويذم فاعله([112])، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من لم يسأل الله يغضب عليه»([113])، وسؤال الله تعالى الحوائج والجنة والنار هو من المأمور به، وما أمر الله تعالى به ففيه مرضاته، فكيف يكون من بلغ مقام خاصة الأولياء تاركاً للدعاء الذي فيه مرضاة الله تعالى؟ وكيف يسمى تارك مرضاة الله راضياً عن الله؟([114]).
- أنه لا يؤمر العباد بالرضا بكل مقضي، وليس الرضا بكل مقضي محموداً، فإن فيما قضاه الله وقدره على بعض خلقه الكفر والمعاصي، وهذه لا يُطلب بل لا يجوز الرضا بها، وإنما المطلوب الرضا بما يرضاه الله تعالى ويحبه، وهو ما أراده شرعاً، وأما ما أراده كوناً ولم يرده شرعاً فلسنا مأمورين بالرضا به([115])، ومن هنا يُعلم خطأ بعض المتصوفة الذين “رأوا أن الراضي بأمرٍ لا يطلب غير ذلك الأمر، فالعبد إذا كان في حالٍ من الأحوال فمن رضاه ألا يطلب غير تلك الحال، ثم إنهم رأوا أن أقصى المطالب الجنة، وأقصى المكاره النار، فقالوا: ينبغي ألا يطلب شيئاً ولو أنه الجنة، ولا يكره ما يناله ولو أنه النار”([116])، وظنوا “أن الرضا بكل ما يكون أمرٌ يحبه الله ويرضاه، وأن هذا من أعظم طرق أولياء الله، فجعلوا الرضا بكل حادث وكائن أو بكل حال يكون فيها العبد طريقاً إلى الله، فضلوا ضلالاً مبيناً، والطريق إلى الله إنما هي أن ترضيه بأن تفعل ما يحبه ويرضاه، ليس أن ترضى بكل ما يحدث ويكون؛ فإنه هو لم يأمرك بذلك ولا رضيه لك ولا أحبه”([117])، بل “ولاية الله موافقته، بأن تحب ما يحب، وتبغض ما يبغض … فإذا كنت تحب وترضى ما يكرهه ويسخطه كنت عدوَّه لا وليَّه، وكان كلُّ ذمٍّ نال من رضي ما أسخط اللهَ قد نالك، فتدبر هذا؛ فإنه ينبه على أصل عظيم ضل فيه من طوائف النساك والصوفية والعباد والعامة من لا يحصيهم إلا الله”([118]).
- أن الدعاء ثلاثة أنواع:
- دعاء أُمر العبد به أمر إيجاب، كقول العبد في صلاته: {اهدنا الصراط المستقيم}، أو أمر استحباب كالاستعاذة عند إرادة تلاوة القرآن الكريم، فالواجب والمستحب يحبهما الله ويرضاهما، ويرضى عن فاعلهما، وليس من الرضا عنه تركهما.
- ودعاء نهي عنه العبد، كالدعاء بما فيه اعتداء، والدعاء المعلق بالمشيئة، فرضا الله أن يُجتنب.
- ودعاءٌ مباح، كطلب ما لا إثم فيه ولا اعتداء.
فمن ترك الدعاء كله بدعوى الرضا عن الله وأقداره كان تركه متضمناً لترك الواجبات والمستحبات التي يحبها الله ويرضاها، ولم يكن هذا من الرضا عن الله، كما أن ترك سائر الواجبات والمستحبات ليس من الرضا عن الله([119]).
- أن ما أوقع هؤلاء في الغلط هو أنهم وجدوا كثيراً من الناس لا يدعون الله تعالى ويسألونه الحوائج إلا من جهة كون ما يسألونه ويطلبونه حظاً لنفوسهم، ولا يلتفتون إلى كون السؤال والدعاء عبادة، بل مجرد وسيلة لتحقيق مطلوبهم ومبتغاهم، فرأوا أن طريق الزهد والتصوف يقتضي ترك ما تطلبه النفس وتشتهيه وتختاره وتؤثره، وأن يكون مطلوبهم الجريان تحت القدر، وهذه الشبهة بعينها هي التي أدخلت على بعضهم الترهب والخروج عن الشريعة بتحريم ما أحل الله، وإيثار الجوع والسهر والخلوة، وترك النكاح وكثير من الطعام والشراب واللباس مما هم محتاجون إليه لا تتم مصالح دينهم إلا به، وأدى بهم إلى ترك كثير من الواجبات والمستحبات، ودين الله وسط بين الغالي والجافي، وإذا وُجد “من الناس من يسأل الله جلب المنفعة له ودفع المضرة عنه طبعاً وعادةً، لا شرعا وعبادة، فليس من المشروع أن أدع الدعاء مطلقاً لتقصير هذا وتفريطه، بل أفعله أنا شرعاً وعبادة، ثم … الذي يفعله شرعاً وعبادة إنما يسعى في مصلحة نفسه وطلب حظوظه المحمودة، فهو يطلب مصلحة دنياه وآخرته؛ بخلاف الذي يفعله طبعاً فإنه إنما يطلب مصلحة دنياه فقط، كما قال تعالى: {فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب}”([120]).
- “أنه يَرِدُ على قول هؤلاء أن العبد لا يفعل مأموراً ولا يترك محظوراً، فلا يصلي، ولا يصوم، ولا يتصدق، ولا يحج، ولا يجاهد، ولا يفعل شيئاً من القربات؛ فإن ذلك إنما فائدته حصول الثواب ودفع العقاب، فإذا كان هو لا يطلب حصول الثواب الذي هو الجنة، ولا دفع العقاب الذي هو النار، فلا يفعل مأموراً، ولا يترك محظوراً، ويقول: أنا راضٍ بكل ما يفعله بي، وإن كفرت وفسقت وعصيت؛ بل يقول: أنا أكفر وأفسق وأعصي حتى يعاقبني وأرضى بعقابه، فأنال درجة الرضا بقضائه، وهذا قول مَن هو من أجهل الخلق وأحمقهم وأضلهم وأكفرهم، أما جهله وحمقه فلأن الرضى بذلك ممتنع متعذر؛ لأن ذلك يستلزم الجمع بين النقيضين، وأما كفره فلأنه مستلزمٌ لتعطيل دين الله الذي بعث به رسله، وأنزل به كتبه، ولا ريب أن ملاحظة القضاء والقدر أوقعت كثيرا من أهل الإرادة من المتصوفة في أن تركوا من المأمور وفعلوا من المحظور ما صاروا به إما ناقصين محرومين، وإما عاصين فاسقين، وإما كافرين … ومن هذا الباب دخل قوم من أهل الإرادة في ترك الدعاء، وآخرون جعلوا التوكل والمحبة من مقامات العامة، وأمثال هذه الأغاليط”([121]).
المبحث الرابع
ترك الدعاء اعتماداً على علم الله بالحال
يردد كثيرٌ من الصوفية والعوام عبارةً يتكلمون فيها عن الله تعالى فيقولون: حسبي من سؤالي علمه بحالي، أو: علمه بحالي يغني عن سؤالي، أو: علمه حسبي.
وهذه العبارة تُنسب إلى خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام أنه قالها لما ألقي في النار، وأن جبريل عليه السلام قال له: سل ربك، فقال: حسبي من سؤالي علمه بحالي.
ويروى عن بعض شيوخهم أنه قال له إنسان: تنزل بي الفاقة فأسأل؟ يعني: فهل أدعو الله؟ قال: تذكر ناسياً؟ أو تعلم جاهلاً؟ قال: فأجلس وأنتظر؟ قال: التجربة عندنا شك، قال: فما الحيلة؟ قال: ترك الحيلة([122]).
ويُذكر في هذا السياق خبرٌ عن أحد الصوفية أنه سئل أن يدعو، فقال: أخشى إن دعوت أن يقال لي: إن سألْتنا ما لَكَ عندنا فقد اتَّهمْتنا، وإن سألتنا ما ليس لك عندنا فقد اجترأتَ علينا، أو: فقد أسأت الثناء علينا، وإن رضيت أجرينا لك من الأمور ما قضينا لك في الدهور([123]).
وترك الدعاء الذي أمر الله تعالى به، ولزوم السكوت دائماً؛ اعتماداً على علم الله تعالى بالحال، هو أمر مخالفٌ للشريعة، والاستدلال عليه بما يحكى عن إبراهيم عليه السلام هو استدلالٌ باطل، للوجوه التالية:
- أن عبارة: حسبي من سؤالي علمه بحالي وإن اشتهرت بين الناس إلا أنها عبارةٌ لا تثبت ولا تصح، لا عن إبراهيم الخليل عليه السلام، ولا عن غيره من الأنبياء والمرسلين، وليس للحكاية إسنادٌ معروف، بل هو أثر إسرائيلي لا أصل له، وحكم جماعة من العلماء بكونه موضوعاً لا أصل له، وما يُنقل عن الأنبياء المتقدمين من غير طريق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لا تقوم به الحجة باتفاق العلماء؛ فإنه إذا كانت الأخبار المنقولة عن نبينا صلى الله عليه وسلم لا تقوم بها الحجة إذا كانت أسانيدها منقطعة، مع قرب عهده، وحفظ ملته، فكيف بأخبار منقطعة لا يعرف رواتها، ينقلها أهل الكتاب عن الأنبياء مع بعد الزمان، وفشو الكذب والبهتان؟([124]).
- أن الثابت في الصحيح خلاف ذلك، وأنه عليه السلام لم يسكت اعتماداً على علم الله بالحال، بل دعا ربه سبحانه وتعالى لما ألقي في النار فقال: حسبي الله ونعم الوكيل([125])، وهذا دعاءٌ من أعظم الأدعية، ولذلك لما قاله النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم في غزوة أحد قال الله تعالى عنهم: {الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء}([126])، فهذه سنة الخليلين، أن يقال: حسبي الله ونعم الوكيل، لا حسبي علمه([127])، والله تعالى كافٍ عبده، فمن استعاذ به أعاذه وكفاه، ومن توكل عليه فهو حسبه، كما قال تعالى: {أليس الله بكاف عبده}، وقال: {ومن يتوكل على الله فهو حسبه}، “وأما مجرَّد العلم فليس بكافٍ للعباد؛ فإن الله يعلم الأشياء على ما هي عليه، يعلم المؤمن مؤمناً، والكافر كافراً، والغنيّ غنيّاً، والفقير فقيراً، فمجرد علمه إن لم يقترن به إرادته للإحسان إلى عبده ليفعل ذلك بقدرته لم يحصل للعبد نعمة، ولم يندفع عنه نقمة، فهو سبحانه يمنُّ بحصول النعم واندفاع النِّقَم بعلمه وقدرته ورحمته”([128]).
- أن الثابت في القرآن الكريم عن إبراهيم عليه السلام أنه لم يكن يترك سؤال الله تعالى اكتفاءً بعلم الرب جل وعلا بحاله، بل أدعيته في القرآن كثيرة([129])، منها ما ذكره الله تعالى في سورة إبراهيم: {وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا واجنبني وبني أن نعبد الأصنام} الآيات، إلى قوله تعالى: {فاجعل أفئدةً من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون}، إلى قوله: {رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب}.
- أن “أشرف العباد مقاما، وأعرفهم بالله إجلالا وإعظاماً هو خاتم رسله صلى الله عليه وسلم، وقد كان أكثر الناس فزعا إلى الله، وأوسعهم دعاءً لمولاه في كل حالة من أحواله، كما لا يحصى ذلك من أقواله، والله أمر عباده بدعائه، ومدح الداعين له، وذكر دعوات رسله عند الشدائد وغيرها، قال الكليم: {إني لما أنزلت إلي من خير فقير}، وقال أيوب: {أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين}، وقال أبو البشر آدم: {ربنا ظلمنا أنفسنا}، ودعوات رسل الله قد ملئت بها كتب الله”([130]).
- أن الحكاية عن بعضهم التي فيها قوله: تذكر ناسياً أو تعلم جاهلاً؟، هي “إما كذبٌ من الناقل، أو خطأ من القائل”([131])، وهي مخالفةٌ للنصوص الصريحة من الكتاب والسنة، كقول الله تعالى: {ادعوني أستجب لكم}، وقوله: {واسألوا الله من فضله}، وقوله: {ادعوا ربكم تضرعاً وخفية}، وقال جل وعلا: {فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «سلوا الله العافية»([132])، وقال: «من لم يسأل الله يغضب عليه»([133])، فإن هذه النصوص تأمر بالدعاء، فلو كان فيه قدح في صفات الرب لما أمرت به، فدل على عدم جواز ترك الدعاء اكتفاء بعلمه([134]).
- أنَّ المسلم يدعو لا ليعلم جاهلاً، ولا ليذكر ناسياً، {لا يضل ربي ولا ينسى}، وإنما يدعو إخلاصاً لربه وذلاً، وخضوعاً وخشوعاً، وافتقاراً وانكساراً، وإيماناً بقدرة الرب جل وعلا ورحمته وغناه وعجز العبد وفقره، وهذا هو تحقيق التوحيد([135])، فالدعاء مطلوب بالقول، مع التوجه إلى الله بالقلب، فالقلب يفزع إلى مولاه، واللسان يبين عن ذلك بالدعاء، وذلك من أعظم مظاهر الإيمان([136]).
- “أن الدعاء من أعظم الأسباب في حصول المطلوب ودفع المرهوب، وقد جرَّب الناسُ أنَّ من لم يكن سائلاً لله سألَ خلقَه؛ فإن النفسَ مضطرة إلى من يُحَصِّل لها ما ينفعها، ويدفع عنها ما يضرها، فإن لم تطلب ذلك من الله طلبته من غيره؛ ولهذا يُوجد من يحض على ترك دعاء الله ويمدح من يفعله سائلاً للخلق، فيرغبون عن دعاء الخالق، ويدعون المخلوقين، وهذه حال المشركين”([137]).
- وأما قول القائل: “إن سألْتنا ما لَكَ عندنا فقد اتَّهمْتنا، وإن سألتنا ما ليس لك عندنا فقد اجترأتَ علينا”، ففيه اجتراء على الله، وهو مناقض للكتاب والسنة، ومعارض بفعل خيرة خلق الله([138]).
إذا تبين هذا فقد ينشغل الإنسان في بعض أوقاته لا كلها بالذكر والثناء عن دعاء المسألة، ويكون له حكم الداعي؛ لأنه داعٍ بحاله، وذكرُه وثناؤه متضمن لمسألته، كما تقدم ذكره عن موسى عليه السلام في قوله: {رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير}، أي: فارزقني وأغنني، وعن يونس عليه السلام في قوله: {لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين}، أي: فاغفر لي ونجني، فهذا من عمل الأنبياء ليس كعمل المتصوفة القائلين بترك الدعاء جملةً اكتفاء بعلم الله تعالى بالحال، وقد ذكر بعض العلماء أن ما يُروى عن إبراهيم عليه السلام أنه قال: حسبي من سؤالي علمه بحالي، لو صح لكان محمولاً على أنه دعاء وسؤال بالحال، كمثل فعل موسى ويونس عليهما السلام، وليس هو طريقةً دائمة لإبراهيم بدليل أدعيته الكثيرة الواردة في القرآن العظيم([139])، غير أنا قدمنا أن الحكاية لم تثبت.
المبحث الخامس
ترك الدعاء بدعوى بلوغ العبد كمالات يستغني بها عنه
يعتقد بعض أهل الضلال من غلاة المتصوفة والباطنية أن التكاليف الشرعية تسقط عمن يسمونهم بخواص الأولياء، الذين وصلوا بزعمهم إلى الحقيقة، ويستدلون على ذلك بقول الله تعالى: {واعبد ربك حتى يأتيك اليقين}، فيتأولون الآية الكريمة على معنى أن اليقين هو أمر يحصل للعابد بعد مدة من العبادة والمجاهدة، فإذا وصل إلى ذلك اليقين سقطت العبادة، وكذلك يقول بعض المتفلسفة المنتسبين إلى الإسلام إن العبادات رياضات توصل إلى المعرفة، فإذا وصل إلى المعرفة سقطت([140]).
والواصل عندهم إلى الحقيقة أو اليقين أو المعرفة وصل إلى كمال يستغني به عن السؤال، فلذلك كان من قول بعضهم: السعيد حقاً من أغنيته عن السؤال منك فأغننا بفضلك عن سؤالنا منك([141])، وهذا منتشر بين بعض العوام، يدعون به ولا يعرفون ما فيه من خطأ.
وقولهم هذا في أصله وفرعه مخالفٌ لدين الإسلام، فلا التكاليف تسقط جملةً عن أحد من المكلفين العقلاء قبل الموت، ولا يستغني أحدٌ عن سؤال الله تعالى.
وقول الله تعالى: {واعبد ربك حتى يأتيك اليقين} معناه: الزم عبادة ربك حتى يأتيك الموت([142])، هذا تفسيره باتفاق السلف([143])، فاليقين هنا هو الموت وما بعده، لا الحقيقة والمعرفة المسقطة للعبادة، ومما يبين فساد قولهم من القرآن الكريم ما ذكره الله تعالى عن أهل النار أنهم يسألون: {ما سلككم في سقر}، فيجيبون: {لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين وكنا نكذب بيوم الدين حتى أتانا اليقين} فاليقين الذي أتاهم هو الموت وما بعده من البعث والحساب والجزاء([144])، ورسول الله صلى الله عليه وسلم أكمل الأمة وأتقاهم وأعلمهم بالله تعالى، الذي قال له ربه: {واعبد ربك حتى يأتيك اليقين} عبد الله تعالى حتى وفاته، ولم يكن هناك فترةٌ في آخر حياته ترك فيها الصلاة أو استغنى عن الدعاء، بل ثبت عنه أنه دعا وهو على فراش الموت، كما في الحديث المتفق عليه عن عائشة رضي الله عنها أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت، وهو مسنَدٌ إلى صدرها، وأصغت إليه وهو يقول: «اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق»([145]).
فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك الأنبياء قبله ذكر الله تعالى لنا من أدعيتهم ما يبطل قول القائل: السعيد من أغنيته عن السؤال منك، فهل هناك من هو أسعد من أنبياء الله ورسله؟!
وكيف يستغني مسلم عن سؤال الله تعالى ومن الفرض عليه أن يدعو في كل ركعةٍ من صلاته: {اهدنا الصراط المستقيم}، “والصلاة عمود الدين، لا تسقط لا عن الأنبياء، ولا عن الأولياء، ولا عن غيرهم، ومن اعتقد سقوطها عن خواص الأولياء فإنه يستتاب، فإن تاب وإلا قتل”([146]).
فإن قيل: المراد بدعاء الصوفية: أغننا بفضلك عن سؤالنا منك، هو حوائجُ الدنيا، أي: اقض لنا حوائجنا دون سؤال وطلب، فهذا مخالفٌ لهدي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فقد كان أكثر دعائه صلى الله عليه وسلم: {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار}([147])، وكان من دعائه عليه الصلاة والسلام: «اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر»([148])، وكان من دعائه: «اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والبخل والجبن، وضلع الدين، وغلبة الرجال»([149])، وكان من دعائه: «اللهم رب السماوات ورب الأرض ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شيء، فالق الحب والنوى، ومنزل التوراة والإنجيل والفرقان، أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته، اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عنا الدين، وأغننا من الفقر»([150]).
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من لم يسأل الله يغضب عليه»([151])، وهذا عام لكل أحد، ويدخل فيه من ادعى أنه وصل إلى كمال يستغني به عن سؤال الله تعالى([152]).
فإن قيل: إنما مراد الصوفية بقولهم: أغننا بفضلك عن السؤال منك، أي: أعطنا مطالبنا دون سؤال، فلا تحوجنا إلى الدعاء والسؤال فالجواب: أن هذا خلاف هدي النبيين، ولم يحصل لأكمل الخلق عليهم الصلاة والسلام؛ فكيف يحصل لغيرهم؟! فإنهم عليهم الصلاة والسلام كانوا من أكثر الخلق تضرعاً والتجاءً إلى الله تعالى وسؤالاً له، وأدعية الأنبياء في القرآن كثيرة، وأدعية نبينا محمد صلى الله عليه وسلم التي كان يدعو بها ويعلمها أصحابه كثيرةٌ معلومة، بل أعظم مقامات نبينا محمد عليه الصلاة والسلام وهو المقام المحمود الذي يغبطه به الأولون والآخرون هو الشفاعة يوم القيامة، وهي سؤال ودعاء وثناء، “فإذا كان في أفضل مقاماته داعياً لربه فكيف يكون غيره مستغنياً عن السؤال؟!”([153]).
المبحث السادس
ترك الدعاء بالمأثور اعتقاداً أن غير المأثور أفضل
المشروع للمسلم أن يحرص على الأدعية المأثورة التي جاءت في القرآن الكريم، والسنة النبوية، اهتداءً بهدي القرآن، واقتداء بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وليس ذلك واجباً إلا في المواضع التي يكون فيها الدعاء واجباً بألفاظه كما في قول المصلي: {اهدنا الصراط المستقيم}، وفيما عدا مواضع الوجوب يكون الدعاء بالمأثور أفضل وأكمل من غيره؛ لما فيه من اتباع السنة، ولأنه أبعد عن الخطأ والاعتداء في الدعاء، ولأن الدعاء بالمأثور دعاء بجوامع الدعاء التي تجمع خيري الدنيا والآخرة([154])، هذا مع أهمية أن يكون الداعي فاهماً لمعنى ما يدعو به، حاضر القلب، فأما إن كان عامياً لا يفهم معنى بعض الأدعية المأثورة فدعاؤه بألفاظ يفهمها ويحضر قلبه فيها، وليس فيها محذورٌ أفضل له، سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله “عن رجل دعا دعاء ملحوناً، فقال له رجل: ما يقبل الله دعاءً ملحوناً”، فأجاب: “من دعا الله مخلصا له الدين بدعاء جائز سمعه الله وأجاب دعاه، سواء كان معرباً أو ملحوناً، والكلام المذكور لا أصل له، بل ينبغي للداعي إذا لم يكن عادته الإعراب أن لا يتكلف الإعراب، قال بعض السلف: إذا جاء الإعراب ذهب الخشوع، وهذا كما يُكره تكلف السجع في الدعاء، فإذا وقع بغير تكلف فلا بأس به، فإن أصل الدعاء من القلب، واللسان تابع للقلب، ومن جعل همته في الدعاء تقويم لسانه أضعف توجه قلبه؛ ولهذا يدعو المضطر بقلبه دعاء يفتح عليه، لا يحضره قبل ذلك، وهذا أمر يجده كل مؤمن في قلبه، والدعاء يجوز بالعربية وبغير العربية، والله سبحانه يعلم قصد الداعي ومراده وإن لم يقوم لسانه؛ فإنه يعلم ضجيج الأصوات باختلاف اللغات على تنوع الحاجات”([155]).
فإذا تبين أن الدعاء بغير المأثور يجوز بشرطه وفي مواضعه فإن موضع الذم الذي أوجب دخول هذه المسألة في هذا البحث هو ما يوجد من بعض الناس من هجران الدعاء بالمأثور، والتزام أدعية غير مأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم اخترعها لهم مشايخهم، يعتقدون أنها أفضل من المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم وأنجع وأحرى بالإجابة، كما يوجد عند بعض المتصوفة الذين يلتزمون أحزاباً ورثوها عن مشايخ طرقهم، ويقدمونها على أدعية القرآن وأدعية النبي صلى الله عليه وسلم، وهم أشبه بمن إذا حُلف له بالله لم يصدق، حتى يُحلف له بمقام السيد فلان أو الولي فلان.
وقد لا يصرح بعض الناس باعتقاده أفضلية أوراد مشايخه على أدعية النبي صلى الله عليه وسلم وأوراده، لكن حاله وفعله واعتناءه بأحزاب مشايخه، وعدم رفعه بالأدعية النبوية رأساً، يدل على ما قام بقلبه من تفضيلها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: “والذي يعدل عن الدعاء المشروع إلى غيره -وإن كان من أحزاب بعض المشايخ- الأحسن له أن لا يفوته الأكمل الأفضل، وهي الأدعية النبوية؛ فإنها أفضل وأكمل باتفاق المسلمين من الأدعية التي ليست كذلك وإن قالها بعض الشيوخ، فقد يكون في عين الأدعية ما هو خطأ أو إثم أو غير ذلك، ومن أشد الناس عيباً من يتخذ حزباً ليس بمأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان حزباً لبعض المشايخ ويدع الأحزاب النبوية التي كان يقولها سيد بني آدم وإمام الخلق وحجة الله على عباده”([156]).
المبحث السابع
ترك الدعاء استعظاماً أو حياءً
يترك بعض الناس سؤال الله تعال حاجته التي في نفسه استعظاماً لها، واستبعاداً لحصولها، مع أنها ليست من مسائل الاعتداء في الدعاء، فيقنع من غنيمته بالإياب، ويظن أن هذا الأمر يستحيل حصوله أو يستبعد جداً، ومن أمثلة ذلك ما يقع لبعض من أيسهم الأطباء من الشفاء أو من الحمل، أو لبعض المحبوسين المحكوم عليهم بقتل أو حبس طويل، فيتركون باباً عظيماً من أبواب الخير والأجر وتحصيل المطلوب، ودفع المكروه، وهو باب الدعاء.
وقد يكون استعظام المسألة ناشئاً عن حياء العبد من ربه؛ لعظم ذنبه مثلاً، فيرى أنه ليس أهلاً أن يُستجاب له، فيدع الدعاء.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا دعا أحدكم فلا يقل: اللهم اغفر لي إن شئت، ولكن ليعزم المسألة، وليعظم الرغبة؛ فإن الله تعالى لا يتعاظمه شيء أعطاه»([157])، أي: ليسأل الله كل مطلوبه، من قليل وكثير، ولا يقل: هذا كثير أو عظيم لا أسأله الله، فمن عظمت حاجته فلا يمنعه عظمها عنده من أن يسألها الله جل ثناؤه؛ فإنها وإن تعاظمت عنده فلا يتعاظم الله ولا يكبر عليه شيء، ولا يكون شيءٌ عظيماً عنده حتى يمسكه ولا يعطيه عبده الذي يدعوه، والعظيم والصغير في نفوس العباد سواءٌ في اتساع قدرته لقضائه؛ فإنه الغني الكريم الذي لا تنفد خزائنه([158])، كما قال جل وعلا في الحديث القدسي: «يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر»([159])، فـ”ملكه وخزائنه لا تنفد، ولا تنقص بالعطاء، ولو أعطى الأولين والآخرين من الجن والإنس جميع ما سألوه في مقام واحد، وفي ذلك حث للخلق على سؤاله وإنزال حوائجهم به”([160])؛ ولهذا فإن العبد إذا سأل ربه يسأله وهو موقن أنه جل وعلا على كل شيء قدير، وأن مسألته على الله هينة، ما يراه الإنسان صغيراً وما يراه عظيماً عنده سبحانه سواء([161])، وهكذا كانت وصية أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: “إذا سألتم الله فارفعوا في المسألة؛ فإن ما عند الله لستم منفديه”، وقالت عائشة رضي الله عنها: “إذا تمنى أحدكم فليكثر؛ فإنما يسأل ربه”، وليس معنى هذا أن لا يسأل الإنسان ربه إلا ما يكون عظيماً عند الداعي، فالحاجات صغيرها وكبيرها عند الناس متفقان في أن سبيلهما أن يرفعا إلى القريب الكريم المجيب([162]).
ولا يمتنع عن الدعاء بالمغفرة لعظم الذنب، أو حياءً من الرب؛ فإن الله تعالى يقول: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم}، وقال سبحانه في الحديث القدسي: «يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعا، فاستغفروني أغفر لكم»([163])، وقال سفيان بن عيينة رحمه الله: “لا تتركوا الدعاء، ولا يمنعْكم منه ما تعلمون من أنفسكم، فقد استجاب الله تعالى لإبليس وهو شر الخلق، قال: {فأنظرني إلى يوم يبعثون} {قال فإنك من المنظرين}”([164]).
قال الإمام محمد بن نصر المروزي رحمه الله: “… وأما ما يهيج من الحياء عند ذكر دوام النعم وكثرة الإحسان، وتضييع الشكر، -وذلك موجودٌ في الفطر أن من دام إحسانه إليك وكثرت أياديه عندك وقلت مكافأتك له غضضت طرفك إذا رأيته حياء منه- فكيف بمن خلقك ولم تك شيئاً، ولم يزل محسناً إليك منذ خلقك، يتبغض إليه العبد، ويتهتك فيما بينه وبينه، وهو يستر عليه حتى كأنه لا ذنب له لم يتهاون بنظره، وإن تغير العبد أو لم يتغير فنعم الله تعالى عليه دائمة، وإحسانه إليه متواصل، وذلك كله مع تضييع الشكر، بل ما رضي بالتقصير عن الشكر حتى نال معاصي ربه بنعمه، واستعان على مخالفته بأياديه، فإذا ذكر المستحي دوام النعم، وتضييع الشكر، وكثرة الإساءة، مع فقره إلى الله تعالى، وإحسان الله تعالى إليه هاج منه الحياء والحصر من ربه عز وجل حتى كاد أن يذوب حياء منه، فإذا هاج ذلك منه استعظم كل نعمة وإن صغرت؛ إذ عرف تضييعه للشكر، فيستكثر ويستعظم أقل النعم له؛ إذ علم أنه أهل أن يزال عنه النعم، فكيف بأن تدام عليه، ويزداد فيها … فإن سأل الله تعالى دوام النعم والزيادة فيها سأله بحياء وانكسار قلب، لولا معرفته بجوده وكرمه وتفضله ما سأله، فيكاد أن ينقطع عن الدعاء حياءً من الله تعالى، ثم يذكر تفضله وجوده وكرمه، فيدعوه بقلب منكسر من الحياء؛ خوفاً أن لا يجاب …” ([165]).
المبحث الثامن
ترك الدعاء استعجالاً ويأساً من حصول المطلوب
من الأحوال التي ورد ذمها في النصوص الشرعية ترك الدعاء يأساً وقنوطاً من رحمة الله ومن الإجابة، وقد يحصل هذا لبعض الناس عندما يستعجل الإجابة ويترقبها سريعاً، فإذا لم يحصل له مطلوبه استيأس واستحسر، أي: انقطع عن الدعاء.
قال الله تعالى: {ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون}، وقال سبحانه: {إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون}، وبالتأمل في هاتين الآيتين الكريمتين نجد أن العبارتين ذكرهما القرآن من مقول النبيين الكريمين إبراهيم ويعقوب عليهما السلام، فإبراهيم عليه السلام ظل عمره لا يولد له، ومع ذلك لم يقنط من رحمة ربه، حتى منَّ الله عليه بالولد بعدما صار شيخاً، وصارت زوجه عجوزاً، وكذلك يعقوب عليه السلام لم ييأس من روح الله مع طول مدة فقده ابنه وقرة عينه، بل ظل يدعو ربه ويسأله، حتى جمع الله بينهما.
فالمؤمن لا ينقطع في الله رجاؤه، ولا يستعجل إجابة دعائه، و”لا يستشعر اليأس إذا دعا فلم تظهر الإجابة، ولكنه يدعو ما دامت الحاجة قائمة”([166])، ولا يدفعه استعجاله إلى ترك الدعاء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يزال يستجاب للعبد، ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل» قيل: يا رسول الله ما الاستعجال؟ قال: يقول: «قد دعوت وقد دعوت، فلم أر يستجيب لي، فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء»([167])، والاستحسار الإعياء والكلال والملل والانقطاع([168])، وفي رواية: «يُستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوت فلم يستجب لي»([169])، فعُلم أن من موانع الإجابة الاستعجال المفضي إلى السآمة والضجر من دعاء الله تعالى والقنوط، وإنما ذلك فعل المحروم؛ فإن الدعاء عبادةٌ تقرب العبد من ربه، واستكانة وتذلل له سبحانه، والاستعجال والضجر بضد ذلك؛ إذ المستعجل المتبرم كأنما يبخل ربه الكريم، ويظهر التسخط عليه، أو يستوفيه حقاً له أخره عن وقته، والله تعالى منزهٌ عن ذلك([170])، متفضل على عباده، ليس لهم عليه حق واجب عليه، بل يكتب على نفسه ما شاء، وقد وعد عباده بالاستجابة لدعائهم، لكنه لم يعدهم أن تكون إجابتهم فوراً، وهذه الاستجابة قد تكون بتعجيل ما سألوا، وقد تكون بدفع البلاء عنهم بقدر ما دعوا، وقد يدخر لهم دعوتهم لتكون أحظ لهم في الآخرة([171])، “فما دام العبد يلح في الدعاء، ويطمع في الإجابة، من غير قطع الرجاء، فهو قريبٌ من الإجابة، ومن أدمن قرع الباب يوشك أن يُفتح له”([172])، قال الله تعالى: {وادعوه خوفاً وطمعاً إن رحمت الله قريب من المحسنين}.
وليحذر المؤمن من الاتصاف بصفة من ذمهم الله تعالى بقوله: {وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونآ بجانبه وإذا مسه الشر كان يئوساً}، وقوله: {لا يسأم الإنسان من دعاء الخير وإن مسه الشر فيئوس قنوط}.
وقد تبين بما ذكرتُ في هذا المبحث، وما تقدم ذكره في المبحثين الأول والثاني أن القرآن الكريم ذكر ثلاثة أصناف من الناس متصفين بصفات مذمومة:
الصنف الأول: المستكبرون قساة القلوب الذين لا يزيدهم بأس الله إلا بعداً عنه وعن دعائه والتضرع إليه، الذين قال الله تعالى عنهم: {فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون}.
الصنف الثاني: المتلونون، المعرضون حال الرخاء، المتضرعون حال الشدة، الذين قال الله عنهم: {فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون}، وقال عنهم: {وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه}، وقال: {وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض}.
الصنف الثالث: الفرحون الفخورون عند النعمة، اليائسون القانطون عند المصيبة، فلا يلجؤون إلى ربهم ولا يتضرعون إليه إبلاساً وقنوطاً، الذين قال الله تعالى عنهم: {وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونآ بجانبه وإذا مسه الشر كان يئوساً}، قال الشوكاني رحمه الله في تفسيرها: “{وإذا أنعمنا على الإنسان} أي: على هذا الجنس، بالنعم التي توجب الشكر كالصحة والغنى أعرض عن الشكر لله والذكر له … ولا يبعد أن يراد بالإعراض هنا الإعراض عن الدعاء والابتهال الذي كان يفعله عند نزول البلوى والمحنة به … {وإذا مسه الشر} من مرض أو فقر {كان يئوساً} شديد اليأس من رحمة الله، والمعنى: أنه إن فاز بالمطلوب الدنيوي وظفر بالمقصود، نسي المعبود، وإن فاته شيء من ذلك استولى عليه الأسف، وغلب عليه القنوط، وكلتا الخصلتين قبيحةٌ مذمومة، ولا ينافي ما في هذه الآية قولَه تعالى: {وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض} ونظائره؛ فإن ذلك شأن بعضٍ آخر منهم غير البعض المذكور في هذه الآية”، ثم قال رحمه الله: “ولا يبعد أن يُقال: لا منافاة بين الآيتين، فقد يكون شدة يأسه وكثرة قنوطه كثير الدعاء بلسانه”([173]).
وقد تبين من كلامه رحمه الله توجيهان للآيتين الكريمتين، حمل كل وصفٍ على صنف من الناس مختلف، أو حمل الوصفين على صنف واحدٍ داع بلسانه يائس بقلبه، وفي الآيتين توجيه ثالث، هو أنه يكثر الدعاء عند توقع الشر وأول حلوله، ثم إذا تحقق الوقوع كان يئوساً، وانقطع عن دعائه العريض([174]).
المبحث التاسع
ترك الدعاء عجزاً وكسلاً
العجز والكسل صفتان مذمومتان، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو الله جل وعلا أن يعيذه منهما، ويقول: «اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل»([175]).
ومن المشاهد في أحوال الناس كثرة ما يضيعون من أوقات الإجابة تكاسلاً وتهاوناً، وقد ذم النبي صلى الله عليه وسلم من يبلغ به كسله أن يترك الدعاء الذي هو من أيسر العبادات وأفضلها، فقال عليه الصلاة والسلام: «أبخل الناس من بخل بالسلام، وأعجز الناس من عجز عن الدعاء»([176])،
وإنما وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بذلك لأن هذا المذموم من ضعف رأيه وعمى بصيرته يترك ما عظمت فائدته، وأمره الله به، ووعده بالإجابة، ويتعرض لما فيه ضرره، من غضب ربه، والتفريط في الحصول على مقصوده ومطلوبه، بتركه أمراً هو من أيسر الأشياء، لا كلفة ولا مشقة عليه فيه([177]).
الخاتمة
الحمد لله مجيب الداعين، والصلاة والسلام على إمام المرسلين، وقدوة المؤمنين.
أما بعد : فإنني في ختام هذا البحث أدون أبرز ما خرجت به في نقاط مختصرة لتجلية
- عظم قدر الدعاء، وتظافر الأدلة على الأمر به وأنه سنة المرسلين من أولهم حتى آخرهم.
- تنوعت الأحوال التي يكون فيها ترك الدعاء مخالفاً للشرع، وهي في غالبها ناشئة
- تضمن البحث جملة من الردود على طوائف من أهل البدع، ممن استدلوا بشبهات باطلة واهية لترك الدعاء ومنها:
ترك الدعاء مقام أرفع من الدعاء.
ترك الدعاء احتجاجاً بأن المقدر كائن.
ترك الدعاء اعتماداً على علم الله بالحال.
ترك الدعاء بدعوى بلوغ العبد كمالاتٍ يستغني بها عنه.
ترك الدعاء استعظاماً أو حياءً.
ترك الدعاء استعجالاً ويأساً من حصول المطلوب.
- أن ترك الدعاء كلياً لا يكون إلا مذموماً، ولا يمكن لمؤمن أن يصل إلى درجة يستغني فيها عنه.
- أن ترك الدعاء المذموم له أحكام متفاوتة بحسب الاعتقاد الذي انبنى عليه، فقد يكون كفراً، وقد يكون محرماً، وقد يكون مكروهاً.
- أن الشيطان الرجيم اجتال كثيراً من بني آدم وصرفهم عن الدعاء، فتركوه استكباراً، كاستكباره، أو يأساً كيأسه، أو كسلاً، أو زهداً فيه لظنهم عدم فائدته، أو توهماً لفضل السكوت عليه، والواجب على الدعاة والعلماء أن يبينوا للناس بالحجة والبرهان وهاء تلك الشبه والأسباب التي يُترك الدعاء لأجلها.
والحمد لله أولاً وآخراً، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان.
مراجع البحث
القرآن الكريم.
- أحكام الجنائز. أبو عبد الرحمن محمد ناصر الدين الألباني. ت: (1420هـ). الطبعة الرابعة. بيروت. المكتب الإسلامي. 1406هـ
- الأدب المفرد. محمد بن إسماعيل البخاري. ت: (256هـ). تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي. ت: (1388هـ). الطبعة الثالثة. بيروت. دار البشائر الإسلامية. 1409هـ.
- الأذكار. أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي. ت: (676هـ). تحقيق: عبد القادر الأرنؤوط. بيروت. دار الفكر. 1414ه.
- إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري. أحمد بن محمد القسطلاني. ت: (923هـ). الطبعة السادسة. بولاق. المطبعة الكبرى الأميرية. 1305هـ.
- إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم. أبو السعود محمد بن محمد العمادي. ت: (982هـ). بيروت. دار إحياء التراث العربي.
- إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل. محمد ناصر الدين الألباني. ت: 1420هـ. الطبعة الثانية. بيروت. المكتب الإسلامي. 1405هـ.
- الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار وعلماء الأقطار فيما تضمنه الموطأ من معاني الرأي والآثار وشرح ذلك كله بالإيجاز والاختصار. أبو عمر يوسف بن عمر ابن عبد البر. ت: (463هـ). توثيق: عبد المعطي أمين قلعجي. الطبعة الأولى. دمشق – بيروت. دار قتيبة. 1414هـ.
- الإعلام بفوائد عمدة الأحكام. سراج الدين عمر بن علي ابن الملقن. ت: (804هـ). تحقيق: عبد العزيز المشيقح. الطبعة الأولى. الرياض. دار العاصمة. 1417هـ.
- الإفهام في شرح عمدة الأحكام. عبد العزيز بن عبد الله ابن باز. ت: (1420هـ). تحقيق وتخريج: سعيد بن علي بن وهف القحطاني. مؤسسة الجريسي.
- اقتضاء الصراط المستقيم. شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية. ت: (728هـ). تحقيق وتعليق: ناصر عبد الكريم العقل. الطبعة السابعة. الرياض. وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد. 1419هـ
- أمثال الحديث. (الأمثال في الحديث النبوي). أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان الأنصاري المعروف بأبِي الشيخ الأصبهاني. ت: (369هـ) تحقيق: عبد العلي عبد الحميد حامد. الطبعة الثانية. بومباي. الدار السلفية. 1408ه.
- أمراض القلوب وشفاؤها. شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية. ت: (728هـ).الطبعة الثانية. القاهرة. المطبعة السلفية. 1399هـ.
- الانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار. أبو الحسين يحيى بن أبي الخير بن سالم العمراني اليمني الشافعي. ت: (558هـ). تحقيق: سعود بن عبد العزيز الخلف. الطبعة الأولى. الرياض. أضواء السلف. 1419هـ.
- البحر المحيط. أبو عبد الله محمد يوسف ابن حيان. ت: (754هـ). الطبعة الثانية. بيروت. دار إحياء التراث الإسلامي. 1411هـ.
- بدائع الفوائد. أبو عبد الله شمس الدين محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية. ت: (751هـ). تحقيق: علي محمد العمران. الطبعة الأولى. مكة المكرمة. دار عالم الفوائد. 1425هـ.
- البدر التمام شرح بلوغ المرام. الحسين بن محمد المغربي. ت: (1119ه). تحقيق: علي الزبن. الطبعة الأولى. دار هجر. 1428ه.
- البدر المنير في تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في الشرح الكبير. سراج الدين عمر بن علي ابن الملقن. ت: (804هـ). تحقيق: مصطفى أبو الغيط. وعبد الله بن سليمان. وياسر بن كمال. الطبعة الأولى. الرياض. دار الهجرة. 1425ه.
- تاريخ الإسلام وَوَفيات المشاهير والأعلام. شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي. ت: (748هـ). تحقيق: بشار عوّاد معروف. الطبعة الأولى. بيروت. دار الغرب الإسلامي. 2003م.
- تاريخ بغداد. أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد بن مهدي الخطيب البغدادي. ت: (463هـ). تحقيق: بشار عواد معروف. الطبعة الأولى. بيروت. دار الغرب الإسلامي. 1422هـ.
- تاريخ الخلفاء. جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي. ت: (911هـ). تحقيق: حمدي الدمرداش. الطبعة الأولى. مكة المكرمة. مكتبة نزار مصطفى الباز.1425هـ.
- التحبير لإيضاح معاني التيسير. محمد بن إسماعيل بن صلاح بن محمد الحسني الكحلاني الأمير الصنعاني. ت: (1182هـ).
- تحقيق: محمد صبحي حلاق. الطبعة الأولى. الرياض. مكتبة الرشد. 1433هـ.
- تحفة الأبرار شرح مصابيح السنة. ناصر الدين عبد الله بن عمر البيضاوي. (ت 685هـ). وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت. 1433هـ.
- تحفة الذاكرين بعدة الحصن الحصين من كلام سيد المرسلين. محمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني اليمني ت: (1250هـ). الطبعة الأولى. بيروت. دار القلم. 1984م.
- الترغيب في فضائل الأعمال وثواب ذلك. أبو حفص عمر بن أحمد بن عثمان البغدادي المعروف بـابن شاهين. ت: (385هـ). تحقيق: محمد حسن إسماعيل. الطبعة الأولى. بيروت. دار الكتب العلمية. 1424هـ.
- تصحيفات المحدثين. أبو أحمد الحسن بن عبد الله بن سعيد بن إسماعيل العسكري. ت: (382هـ). تحقيق: محمود أحمد ميرة. الطبعة الأولى. القاهرة. المطبعة العربية الحديثة. 1402ه.
- التصوف المنشأ والمصادر. إحسان إلهي ظهير الباكستاني. ت: (1407هـ). الطبعة الأولى. لاهور. إدارة ترجمان السنة. 1406هـ.
- تعظيم قدر الصلاة. أبو عبد الله محمد بن نصر بن الحجاج المروزي. ت: (294هـ). تحقيق: عبد الرحمن الفريوائي. الطبعة الأولى. المدينة المنورة. مكتبة الدار. 1406ه.
- التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان وتمييز سقيمه من صحيحه، وشاذه من محفوظه. أبو عبد الرحمن محمد ناصر الدين الألباني. ت: (1420هـ). الطبعة الأولى. جدة. دار با وزير. 1424هـ.
- التعيين في شرح الأربعين. نجم الدين سليمان بن عبد القوي الطوفي. ت: (716هـ). تحقيق: أحمد حَاج محمّد عثمان. الطبعة الأولى. مكة المكرمة. المكتبة المكية. 1419هـ.
- تفسير السمرقندي (بحر العلوم). أبو الليث نصر بن محمد السمرقندي. ت: (375ه). تحقيق: علي محمد معوض. وعادل عبد الموجود. الطبعة الأولى. بيروت. دار الكتب العلمية. 1413ه.
- تفسير العثيمين- الشعراء. محمد بن صالح بن محمد العثيمين. ت: (1421هـ). الطبعة الأولى. المملكة العربية السعودية. مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية. 1436هـ.
- تفسير العثيمين الفاتحة والبقرة. محمد بن صالح بن محمد العثيمين. ت: (1421هـ). الطبعة الأولى. المملكة العربية السعودية. دار ابن الجوزي. 1423ه.
- تفسير القرآن العظيم. أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي. ت: (774هـ). تحقيق: سامي بن محمد سلامة. الطبعة الثانية. دار طيبة. 1420ه.
- التفسير الكبير. فخر الدين محمد بن عمر بن حسين الرازي ت: (606هـ). الطبعة الثالثة. بيروت. دار إحياء التراث العربي.
- تفسير المنار. (تفسير القرآن الحكيم). محمد رشيد بن علي رضا بن محمد شمس الدين القلموني الحسيني. ت: (1354هـ). مصر. الهيئة المصرية العامة للكتاب. 1990م.
- تفسير النيسابوري (غرائب القرآن ورغائب الفرقان). الحسن بن محمد بن حسين النيسابوري. ت: (850هـ). تحقيق: زكريا عميرات. الطبعة الأولى. بيروت. دار الكتب العلمية. 1416ه.
- التفسير الوسيط. (الوسيط في تفسير القرآن المجيد). أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري. ت: (468هـ). تحقيق: عادل عبد الموجود. وعلي محمد معوض. وأحمد محمد صيرة. وأحمد عبد الغني الجمل. وعبد الرحمن عويس. الطبعة الأولى. بيروت. دار الكتب العلمية. 1415ه.
- تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة. نور الدين علي بن محمد بن علي بن عبد الرحمن ابن عراق الكناني. ت: (963هـ). تحقيق: عبد الوهاب عبد اللطيف. وعبد الله الغماري. الطبعة الأولى. بيروت. دار الكتب العلمية. 1399هـ.
- تهذيب اللغة. أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري. ت: (370هـ). تحقيق: رياض بن زكي قاسم. الطبعة الأولى. بيروت. دار المعرفة. 1422هـ.
- التوقيف على مهمات التعاريف. محمد عبد الرؤوف المناوي. ت: (1031ه). تحقيق: محمد رضوان الداية. الطبعة الأولى. بيروت. دار الفكر المعاصر. 1410هـ.
- جامع البيان عن تأويل آي القرآن. أبو جعفر محمد بن جرير الطبري. ت: (310هـ). تحقيق: أحمد محمد شاكر. بيروت. مؤسسة الرسالة. 1420ه.
- جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثاً من جوامع الكلم. زين الدين عبد الرحمن بن أحمد بن رجب بن الحسن السَلامي الحنبلي. ت: (795هـ). تحقيق: محمد الأحمدي أبو النور. الطبعة الثانية. دار السلام. 1424هـ.
- الجامع المختصر من السنن عن رسول الله r ومعرفة الصحيح والمعلول وما عليه العمل. أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي. ت: (279هـ). ضمن موسوعة الحديث الشريف. الطبعة الثالثة. الرياض. دار السلام. 1421هـ.
- الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله r وسننه وأيامه. أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري. ت: (259هـ). ضمن موسوعة الحديث الشريف. الطبعة الثالثة. الرياض. دار السلام. 1421هـ.
- جامع المسائل المجموعة الثامنة. شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية. تحقيق: محمد عزير شمس. الطبعة الأولى. مكة المكرمة. دار عالم الفوائد. 1432ه.
- الجامع لأحكام القرآن. أبو عبد الله محمد بن أحمد القرطبي. ت: (671هـ). تحقيق: عبد الرزاق المهدي. الطبعة الأولى. بيروت. دار الكتاب العربي. 1418هـ.
- جلاء الأفهام في فضل الصلاة على محمد خير الأنام. أبو عبد الله شمس الدين محمد بن أبي بكر، المعروف بابن القيم. ت: (751هـ). تحقيق: شعيب الأرناؤوط وعبد القادر الأرناؤوط. الطبعة الثانية. الكويت. دار العروبة. 1407هـ.
- الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي (الداء والدواء). أبو عبد الله شمس الدين محمد بن أبي بكر، المعروف بابن القيم. ت: (751هـ). بيروت. دار الكتب العلمية.
- حاشية السندي على مسند أحمد. أبو الحسن نور الدين محمد بن عبد الهادي السندي. ت: (1183ه). تحقيق: نور الدين طالب. الطبعة الأولى. قطر. وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية. 1428ه.
- الدعاء. أبو عبد الرحمن محمد بن فضيل بن غزوان بن جرير الضبي مولاهم الكوفي. ت: (195هـ). تحقيق: عبد العزيز البعيمي. الطبعة الأولى. الرياض. مكتبة الرشد. 1419هـ.
- الدعاء. سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الشامي، أبو القاسم الطبراني. ت: (360هـ). تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا. الطبعة الأولى. بيروت. دار الكتب العلمية. 1413ه.
- الرد على الشاذلي في حزبيه، وما صنفه في آداب الطريق. تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله ابن تيمية الحراني الحنبلي الدمشقي. ت: (728هـ). تحقيق: علي بن محمد العمران. الطبعة الأولى. مكة. دار عالم الفوائد 1429هـ.
- الرسالة القشيرية. عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك القشيري. ت: (465هـ). تحقيق: عبد الحليم محمود. ومحمود بن الشريف. القاهرة. دار المعارف.
- روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني. محمود الآلوسي. ت: (1270هـ). بيروت. دار إحياء التراث العربي.
- زاد المعاد في هدي خير العباد. محمد بن أبي بكر بن أيوب، شمس الدين المعروف بابن قيم الجوزية. ت: (751هـ). الطبعة السابعة والعشرون. بيروت. مؤسسة الرسالة. 1415هـ.
- الزهد. أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني. ت: (241هـ). وضع حواشيه: محمد عبد السلام شاهين. الطبعة الأولى. بيروت. دار الكتب العلمية. 1420هـ.
- سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها. محمد ناصر الدين الألباني. ت: (1420ه). الطبعة الأولى. الكويت. الدار السلفية. 1399هـ.
- سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة. محمد ناصر الدين الألباني. ت: (1420هـ). دار المعارف. الرياض. الطبعة الأولى. 1412هـ.
- السنن الكبرى. أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي الخراساني، النسائي. ت: (303هـ). تحقيق: حسن عبد المنعم شلبي. الطبعة الأولى. بيروت. مؤسسة الرسالة. 1421هـ.
- السنن. أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني. ت: (275ه). ضمن موسوعة الحديث الشريف. الطبعة الثالثة. الرياض. دار السلام. 1421هـ.
- السنن. أبو عبد الله محمد بن يزيد الربعي، المعروف بابن ماجه. ت: (273هـ). ضمن موسوعة الحديث الشريف. الطبعة الثالثة. الرياض. دار السلام. 1421هـ.
- السنن والأحكام عن المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام. ضياء الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد المقدسي. ت: (643هـ). تحقيق: حسين عكاشة. الطبعة الأولى. المملكة العربية السعودية. دار ماجد عسيري. 1425ه.
- شأن الدعاء. أبو سليمان حمْد بن محمد الخطابي. ت: (388هـ). تحقيق: أحمد يوسف الدقاق. الطبعة الأولى. بيروت-دمشق. دار المأمون للتراث. 1404هـ.
- شرح الإلمام بأحاديث الأحكام. تقي الدين أبو الفتح محمد بن علي بن وهب بن مطيع القشيري، المعروف بابن دقيق العيد. ت: (702 هـ). تحقيق: محمد خلوف العبد الله. الطبعة الثانية. سوريا. دار النوادر. 1430هـ.
- شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية. محمد بن عبد الباقي بن يوسف بن أحمد الزرقاني المالكي. ت: (1122هـ). بيروت. دار الكتب العلمية. 1417هـ.
- شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك. محمد بن عبد الباقي بن يوسف الزرقاني. تحقيق: طه عبد الرءوف سعد. الطبعة الأولى. القاهرة. مكتبة الثقافة الدينية. 1424هـ.
- شرح ثلاثة الأصول (شرح الأصول الثلاثة). صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان. الطبعة الأولى. بيروت. مؤسسة الرسالة. 1427هـ.
- شرح صحيح البخاري. علي بن خلف بن عبد الملك، ابن بطال. ت: (449هـ). تحقيق: ياسر بن إبراهيم. مكتبة الرشد. الرياض. الطبعة الثانية. 1423هـ.
- شرح صحيح مسلم. أبو زكريا يحيى بن شرف النووي. ت: (676هـ). الطبعة الأولى. القاهرة. مطبعة المدني. 1412هـ.
- شعب الإيمان. أحمد بن الحسين بن علي بن موسى، أبو بكر البيهقي. ت: (458هـ). تحقيق: عبد العلي عبد الحميد حامد. الطبعة الأولى. الرياض. مكتبة الرشد. 1423هـ.
- صحيح الأدب المفرد. محمد ناصر الدين الألباني. ت: (1420ه). الطبعة الرابعة. دار الصديق. 1418هـ.
- صحيح الترغيب والترهيب. محمد ناصر الدين الألباني. ت: (1420ه). الطبعة الأولى. الرياض. مكتبة المعارف. 1421هـ.
- صحيح الجامع الصغير وزيادته. محمد ناصر الدين الألباني. ت: (1420ه). الطبعة الأولى. بيروت. المكتب الإسلامي.
- صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان. محمد بن حبان البستي. ت: (354هـ). تحقيق: شعيب الأرنؤوط. مؤسسة الرسالة. بيروت. الطبعة الثانية. 1414هـ.
- طريق الهجرتين وباب السعادتين. أبو عبد الله شمس الدين محمد بن أبي بكر، ابن القيم.ت: (751هـ). تحقيق: عمر محمود أبو عمر. الطبعة الثانية. الدمام. دار ابن القيم. 1414هـ.
- عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين. أبو عبد الله شمس الدين محمد بن أبي بكر المعروف بابن القيم.ت: (751هـ). تحقيق: زكريا علي يوسف. بيروت. دار الكتب العلمية.
- العلل الواردة في الأحاديث النبوية. أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد البغدادي الدارقطني. ت: (385هـ). تحقيق: محفوظ الرحمن السلفي. الطبعة الأولى. الرياض. دار طيبة. 1405هـ.
- غريب الحديث. أبو عبيد القاسم بن سلام الهروي. ت: (224ه). تحقيق: حسين محمد محمد شرف. الطبعة الأولى. القاهرة. الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية. 1404هـ.
- فتاوى أركان الإسلام. محمد بن صالح بن محمد العثيمين. ت: (1421هـ). جمع وترتيب: فهد بن ناصر السليمان. الطبعة الأولى. الرياض. دار الثريا. 1424هـ.
- فتاوى العز بن عبد السلام السلمي. ت: (660ه). تخريج عبد الرحمن عبد الفتاح. الطبعة الأولى. بيروت. دار المعرفة. 1406ه.
- فتح الباري شرح صحيح البخاري. أحمد بن علي ابن حجر. ت: (852هـ). تحقيق: عبد العزيز ابن باز. ت: (1420هـ). وترقيم: محمد فؤاد عبد الباقي. ت: (1388هـ). الطبعة الأولى. بيروت. دار الكتب العلمية. 1410هـ
- فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير. محمد بن علي بن محمد الشوكاني. ت: (1250هـ). بيروت. عالم الكتب.
- الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية. محمد بن علان الصديقي الشافعي. ت: (1057هـ). جمعية النشر والتأليف الأزهرية.
- الفرق بين الفرق وبيان الفرقة الناجية. عبد القاهر بن طاهر بن محمد البغدادي. ت: (429هـ). الطبعة الثانية. بيروت. دار الآفاق الجديدة. 1977م.
- الفروق اللغوية. أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل العسكري. ت: (نحو 395هـ). تحقيق: محمد إبراهيم سليم. القاهرة. دار العلم والثقافة.
- الفروق (أنوار البروق في أنواء الفروق). أبو العباس شهاب الدين أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن المالكي الشهير بالقرافي. ت: (684هـ). عالم الكتب.
- فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير. محمد عبد الرؤوف المناوي. ت: (1031هـ). ضبط وتصحيح: أحمد عبد السلام. الطبعة الأولى. بيروت. دار الكتب العلمية. 1415هـ.
- القبس في شرح موطأ مالك بن أنس. أبو بكر محمد بن عبد الله ابن العربي المعافري المالكي. ت: (543هـ). تحقيق: محمد عبد الله ولد كريم. الطبعة الأولى. بيروت. دار الغرب الإسلامي. 1992م.
- القول المفيد على كتاب التوحيد. محمد بن صالح بن محمد العثيمين. ت: (1421هـ). الطبعة الثانية. المملكة العربية السعودية. دار ابن الجوزي. 1424هـ.
- الكلم الطيب. تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية الحراني. ت: (728هـ). تحقيق: محمد ناصر الدين الألباني. ت: (1420ه). الطبعة الثالثة. بيروت. المكتب الإسلامي. 1977م.
- لسان العرب. جمال الدين محمد بن مكرم ابن منظور. ت: (711هـ). تصحيح: أمين محمد عبد الوهاب. ومحمد الصادق العبيدي. الطبعة الأولى. بيروت. دار إحياء التراث العربي. ومؤسسة التاريخ العربي. 1416هـ.
- لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح. عبد الحق بن سيف الدين بن سعد اللَّه البخاري. ت: (1052هـ). تحقيق: تقي الدين الندوي. الطبعة الأولى. دمشق. دار النوادر. 1435هـ.
- لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية شرح الدرة المضية في عقيدة الفرقة المرضية. محمد بن أحمد السفاريني. ت: (1188هـ). الطبعة الثالثة. بيروت. المكتب الإسلامي. 1411هـ.
- المبسوط. محمد بن أحمد بن أبي سهل شمس الأئمة السرخسي. ت: (483هـ). بيروت. دار المعرفة.
- مجموع الفتاوى. شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية. ت: (728ه). جمع وترتيب: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم النجدي. ت: (1392هـ) وابنه محمد. الرياض. وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد. 1416هـ.
- مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين. محمد بن صالح بن محمد العثيمين. ت: (1421ه). جمع وترتيب: فهد السليمان. دار الوطن – دار الثريا. الطبعة الأخيرة. 1413هـ.
- المجموع شرح المهذب. أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي. ت: (676هـ). بيروت. دار الفكر.
- المحدث الفاصل بين الراوي والواعي. أبو محمد الحسن بن عبد الرحمن بن خلاد الرامهرمزي الفارسي. ت: (360هـ). تحقيق: محمد عجاج الخطيب. الطبعة الثالثة. بيروت. دار الفكر. 1404ه.
- المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز. أبو محمد عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي ابن عطية. ت: (546هـ). تحقيق: المجلس العلمي بمكناس. 1413هـ.
- المحكم والمحيط الأعظم. أبو الحسن علي بن إسماعيل بن سيده المرسي. ت: (458هـ). تحقيق: عبد الحميد هنداوي. الطبعة الأولى. بيروت. دار الكتب العلمية. 1421هـ.
- المخصص. أبو الحسن علي بن إسماعيل بن سيده المرسي. ت: (458هـ). تحقيق: خليل إبراهم جفال. الطبعة الأولى. بيروت. دار إحياء التراث العربي. 1417هـ.
- مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين. أبو عبد الله شمس الدين محمد بن أبي بكر المعروف بابن القيم. ت: (751هـ). تحقيق: محمد حامد الفقي. الطبعة الثانية. بيروت. دار الكتاب العربي. 1393هـ.
- المستدرك على الصحيحين. محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري. ت: (405هـ). تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا. الطبعة الأولى. بيروت. دار الكتب العلمية. 1411هـ.
- المسند. الإمام أحمد بن محمد بن حنبل. ت: (241هـ). تحقيق: شعيب الأرنؤوط. وعادل مرشد. ومحمد نعيم العرقسوسي. وإبراهيم الزيبق. وعامر غضبان. وهيثم عبد الغفور. الطبعة الأولى. بيروت. مؤسسة الرسالة. 1420هـ.
- مسند الشاميين. سليمان بن أحمد بن أيوب، أبو القاسم الطبراني. ت: (360هـ). تحقيق: حمدي بن عبد المجيد السلفي. الطبعة الأولى. بيروت. مؤسسة الرسالة. 1405ه.
- المسند الصحيح المختصر من السنن بنقل العدل عن العدل عن رسول الله r (صحيح مسلم). أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري. ت: (261هـ). ضمن موسوعة الحديث الشريف. الطبعة الثالثة. الرياض. دار السلام. 1421هـ.
- المسند. أبو يعلى أحمد بن علي بن المثُنى (ت: 307هـ). تحقيق: حسين أسد. دار المأمون للتراث. دمشق. الطبعة الأولى. 1404هـ.
- مسند عائشة رضي الله عنها. أبو بكر عبد الله بن سليمان بن الأشعث الأزدي السجستاني. ت: (316ه). تحقيق: عبدالغفور عبد الحق. الطبعة الأولى. الكويت. مكتبة الأقصى. 1405ه.
- مشارق الأنوار على صحاح الآثار. أبو الفضل عياض بن موسى بن عياض اليحصبي. ت: (544ه). تحقيق: البلعمشي أحمد يكن. الرباط. وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية. 1403هـ.
- المصنف في الأحاديث والآثار. أبو بكر عبد الله بن محمد ابن أبي شيبة. ت: (235ه). تحقيق: كمال يوسف الحوت. الطبعة الأولى. الرياض. مكتبة الرشد. 1409هـ.
- معالم التنـزيل . أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي. ت: (516هـ). تحقيق: خالد عبد الرحمن العك و مروان سوار. الطبعة الأولى. بيروت. دار المعرفة. 1406هـ.
- المعجم الأوسط. سليمان بن أحمد بن أيوب، أبو القاسم الطبراني ت: (360هـ). تحقيق: طارق بن عوض الله. وعبد المحسن بن إبراهيم الحسيني. القاهرة. دار الحرمين.
- المفردات في غريب القرآن. أبو القاسم الحسين بن محمد الراغب الأصفهاني. ت: (502هـ). تحقيق وضبط: محمد خليل عيتاني. الطبعة الأولى. بيروت. دار المعرفة. 1418هـ.
- مفيد العلوم ومبيد الهموم. يُنسب إلى أبي بكر محمد بن العباس الخوارزمي. ت: (383هـ). بيروت. المكتبة العصرية. 1418هـ.
- المنهاج في شعب الإيمان. الحسين بن الحسن بن محمد بن حليم البخاري الجرجاني، أبو عبد الله الحَلِيمي. ت: (403هـ). تحقيق: حلمي محمد فودة. الطبعة الأولى. دار الفكر. 1399هـ.
- المواهب اللدنية بالمنح المحمدية. أحمد بن محمد بن أبى بكر بن عبد الملك القسطلاني القتيبي المصري. ت: (923هـ). القاهرة. المكتبة التوفيقية.
- الموطأ. مالك بن أنس بن مالك بن عامر (ت: 179هـ). تحقيق: محمد الأعظمي. مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية. أبو ظبي. الطبعة الأولى. 1425هـ.
- نظم الدرر في تناسب الآيات والسور. أبو الحسن إبراهيم بن عمر البقاعي. ت: (885هـ). الطبعة الثانية. القاهرة. دار الكتاب الإسلامي. 1413هـ.
Margins:
- () وهو مقال منشور في مجلة الوعي الإسلامي، الصادرة عن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت، السنة الثانية عشرة، العدد (140)، 1976م. ↑
- () وهو بحث منشور في مجلة الدراسات العقدية، الصادرة عن الجمعية العلمية السعودية لعلوم العقيدة والأديان والفرق والمذاهب، المجلد الرابع عشر، العدد الثامن والعشرين، 2021م. ↑
- () وهو بحث منشور في مجلة البحوث الإسلامية، الصادرة في مصر، السنة الخامسة، العدد الثالث والثلاثين، 2019م. ↑
- () وهو بحث منشور في حولية كلية أصول الدين والدعوة الإسلامية بطنطا، التابعة لجامعة الأزهر، سنة 2015م، العدد السابع. ↑
- () وهو بحث منشور في مجلة كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين، بجامعة الأزهر، المجلد الثالث، العدد الرابع والثلاثين، 2017م. ↑
- () يُنظر: الفروق اللغوية 38؛ المخصص 4/57؛ فتح الباري 11/94. ↑
- () يُنظر: تهذيب اللغة 3/76؛ مشارق الأنوار 1/260؛ فتح الباري 11/94. ↑
- () يُنظر: المفردات 315؛ لسان العرب 14/258؛ فتح الباري 11/94. ↑
- () يُنظر: لسان العرب 14/258. ↑
- () يُنظر: الفروق اللغوية 37-38. ↑
- () يُنظر: شأن الدعاء 3. ↑
- () يُنظر: تهذيب اللغة 3/76؛ مجموع الفتاوى 10/237-238، 15/10-13؛ بدائع الفوائد 3/2؛ فتح الباري 11/94؛ إرشاد الساري 9/173؛ لوامع الأنوار 1/127. ↑
- () يُنظر: تهذيب اللغة 3/76؛ الجامع لأحكام القرآن 8/314؛ جامع المسائل المجموعة الثامنة 12؛ مجموع الفتاوى 15/19؛ بدائع الفوائد 1/164، 2/190؛ فتح الباري 11/94؛ لوامع الأنوار 1/127. ↑
- () حديث حسن بشواهده. أخرجه الإمام مالك في الموطأ (2/300ح726) مرسلاً، وأخرجه موصولاً الترمذي في الجامع (2021ح3585)؛ وأخرجه الطبراني في الدعاء (273ح874) من طريق آخر، وحسنه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (4/6-8ح1503). ↑
- () حديث صحيح. أخرجه الإمام أحمد في المسند (3/65-66ح1462)؛ والترمذي في الجامع (2012ح3505)؛ والنسائي في السنن الكبرى (9/243ح10417) وغيرهم، وصححه الألباني في تخريج الكلم الطيب (118ح123). ↑
- () حديث حسن. أخرجه الترمذي في الجامع (1999ح3383)؛ والنسائي في السنن الكبرى (9/306ح10599)؛ وابن ماجه في السنن (2703ح3800)؛ وابن حبان في صحيحه (3/126ح846)، وغيرهم، وحسنه الألباني في التعليقات الحسان (2/219ح846). ↑
- () بدائع الفوائد 3/848. ↑
- () يُنظر: تهذيب اللغة 3/76؛ مجموع الفتاوى 10/237-238، 15/10؛ بدائع الفوائد 1/164، 2/190، 3/2؛ فتح الباري 11/94؛ لوامع الأنوار 1/127. ↑
- () شأن الدعاء 4. ↑
- () المرجع نفسه. ↑
- () مجموع الفتاوى 15/10؛ بدائع الفوائد 3/2. ↑
- () التوقيف 166. ↑
- () يُنظر: جامع البيان 21/407-408؛ فتح الباري 11/94؛ إرشاد الساري 9/173؛ شرح الزرقاني على الموطأ 2/40. ↑
- () يُنظر: جامع البيان 21/408؛ الاستذكار 2/526؛ فتح الباري 11/94؛ إرشاد الساري 9/173؛ شرح الزرقاني على الموطأ 2/40، 471. ↑
- () يُنظر: المنهاج في شعب الإيمان 1/517، 541؛ التعيين 118؛ فتح الباري 11/94، 95؛ إرشاد الساري 9/173. ↑
- () أثر صحيح. أخرجه الإمام مالك في الموطأ (3/545ح1379)، وأخرجه الطبراني في المناسك كما في السنن والأحكام (4/182ح4342)، قال الضياء المقدسي: “إسناده إسناد جيد”، وصححه ابن تيمية في كتاب الحج من شرح العمدة 2/458. ↑
- () حديث صحيح. أخرجه الإمام أحمد في المسند (3/65-66ح1462)؛ والبخاري في الأدب المفرد (376ح714)؛ وأبو داود في السنن (1333ح1479)؛ والترمذي في الجامع (1983ح3247)؛ والنسائي في السنن الكبرى (9/243ح10417)؛ وابن ماجه في السنن (2705ح3828) وغيرهم، وصححه النووي في الأذكار 387؛ والألباني في صحيح الأدب المفرد (265ح714). ↑
- () يُنظر: فتح الباري 11/94. ↑
- () يُنظر: تحفة الأبرار 2/9؛ شرح الزرقاني على المواهب 12/6. ↑
- () حديث صحيح. أخرجه الإمام أحمد في المسند (31/63-66ح18773-18774)؛ والترمذي في الجامع (1735ح889)؛ وابن ماجه في السنن (2659ح3015)، وصححه النووي في المجموع 8/95؛ وابن الملقن في البدر المنير 6/230؛ والألباني في إرواء الغليل (4/256ح1064). ↑
- () يُنظر: شأن الدعاء 5-6؛ فتح الباري 11/94؛ فيض القدير 3/540؛ شرح ثلاثة الأصول للفوزان 132. ↑
- () اقتضاء الصراط المستقيم 2/313؛ ويُنظر: جلاء الأفهام 155. ↑
- () حديث صحيح. سبق تخريجه. ↑
- () يُنظر: الفتاوى الكبرى 5/223. ↑
- () يُنظر: فتح الباري 11/95. ↑
- () يُنظر: جامع البيان 21/408؛ معالم التنزيل 4/121. ↑
- () يُنظر: الجامع لأحكام القرآن 6/425. ↑
- () تحفة الذاكرين 33. ↑
- () يُنظر: فتح الباري 11/95؛ إرشاد الساري 9/173؛ البدر التمام 10/385؛ شرح الزرقاني على الموطأ 2/471. ↑
- () الجامع لأحكام القرآن 6/425. ↑
- () الفروق للقرافي 4/230. ↑
- () عدة الصابرين 36. ↑
- () نظم الدرر 13/437. ↑
- () مجموع الفتاوى 15/12؛ ويُنظر: بدائع الفوائد 3/3. ↑
- () تفسير القرآن العظيم لابن كثير 8/126. ↑
- () يُنظر: مجموع فتاوى ورسائل العثيمين 20/381. ↑
- () يُنظر: إرشاد العقل السليم 6/152، 7/280؛ روح المعاني 9/267. ↑
- () يُنظر: الرد على الشاذلي 55. ↑
- () الرد على الشاذلي 57؛ ويُنظر: تفسير العثيمين 2/54. ↑
- () أخرجه مسلم في المسند الصحيح (1129ح2577). ↑
- () بدائع الصنائع 1/325؛ ويُنظر: المبسوط 2/50. ↑
- () الرد على الشاذلي 59. ↑
- () شرح الإلمام 2/115؛ ويُنظر: تاريخ الإسلام 7/235؛ تاريخ الخلفاء 230. ↑
- () التفسير الوسيط 3/124؛ ويُنظر: التفسير الكبير 17/221؛ البحر المحيط 6/21؛ نظم الدرر 13/438؛ تحفة الذاكرين 38. ↑
- () التفسير الكبير 17/220؛ ويُنظر: لمعات التنقيح 5/17؛ فتح القدير 2/488، 3/301. ↑
- () تفسير السمرقندي 2/106، ويُنظر: 3/179؛ ويُنظر: التفسير الوسيط 4/40؛ تفسير النيسابوري 3/567؛ فتح القدير 2/488. ↑
- () يُنظر: المنهاج في شعب الإيمان 1/531. ↑
- () حديث صحيح. أخرجه الإمام أحمد في المسند (5/18-19ح2803)، وصححه محققو المسند، والألباني في صحيح الجامع (1/569ح2961). ↑
- () جامع البيان 21/108. ↑
- () المرجع نفسه. ↑
- () الزهد للإمام أحمد (31ح183). ↑
- () حديث صحيح. سبق تخريجه. ↑
- () أخرجه باختلاف يسير في اللفظ البخاري في الجامع الصحيح (5ح34)؛ ومسلم في المسند الصحيح (690ح58). ↑
- () أمراض القلوب وشفاؤها 10-11 بتصرف يسير؛ ويُنظر: التفسير الكبير 17/221؛ تفسير النيسابوري 3/567. ↑
- () المحرر الوجيز 3/109. ↑
- () فتح القدير 2/488. ↑
- () المنهاج في شعب الإيمان 1/523؛ ويُنظر: لمعات التنقيح 5/17. ↑
- () حديث حسن بالشواهد والمتابعات. أخرجه الترمذي في الجامع (1999ح3382)؛ وأبو يعلى في المسند (11/283ح6396، 6397)؛ والطبراني في الدعاء (34ح44، 45)؛ وفي مسند الشاميين (3/166ح2004)؛ والحاكم في المستدرك (1/729ح1997)، وقال: “صحيح الإسناد”، وكذلك قال الذهبي، وحسنه الألباني لغيره في صحيح الترغيب والترهيب (2/276ح1628). ↑
- () تحفة الذاكرين 38. ↑
- () يُنظر المرجع نفسه؛ ويُنظر: لمعات التنقيح 5/17. ↑
- () حديث حسن. أخرجه الإمام أحمد في المسند (15/245ح9420)؛ والنسائي في السنن الكبرى (9/121 ح10063)، وصححه لغيره محققو مسند أحمد. ↑
- () حاشية السندي على مسند أحمد 6/218. ↑
- () مجموع الفتاوى 14/370-373. ↑
- () شأن الدعاء 6. ↑
- () حديث صحيح، سبق تخريجه، وهو نفس حديث: «احفظ الله يحفظك». ↑
- () أخرجه البخاري في الجامع الصحيح (439ح5076). ↑
- () أخرجه مسلم في المسند الصحيح (1140ح2653). ↑
- () يُنظر: شأن الدعاء 6؛ فتاوى العز بن عبد السلام 98-99؛ الفتاوى الكبرى 1/109؛ مدارج السالكين 2/119. ↑
- () حديث صحيح. أخرجه الإمام أحمد في المسند (11/250ح6668). ↑
- () يُنظر: فتح الباري 11/94؛ إرشاد الساري 9/173؛ المواهب اللدنية 3/512؛ شرح الزرقاني على الموطأ 2/40. ↑
- () حديث حسن. أخرجه البخاري في الأدب المفرد (344ح658)؛ والترمذي في الجامع (1998ح3373)، وغيرهما، وحسنه الألباني في صحيح الأدب المفرد (246ح658). ↑
- () يُنظر: مفيد العلوم 167؛ الجواب الكافي 9؛ زاد المعاد 3/421-422؛ فتح الباري 11/95؛ تفسير العثيمين الفاتحة والبقرة 2/54-55. ↑
- () مجموع الفتاوى 8/192. ↑
- () أخرجه البخاري في الجامع الصحيح (428ح4949)؛ ومسلم في المسند الصحيح (1139ح2647). ↑
- () يُنظر: زاد المعاد 3/421-422؛ تفسير العثيمين الفاتحة والبقرة 2/54-55. ↑
- () فتاوى العز بن عبد السلام 98-99، وفي المطبوع تصحيف عدلته من الفتوحات الربانية 7/233. ↑
- () تفسير العثيمين الفاتحة والبقرة 2/55. ↑
- () الفتاوى الكبرى 1/108. ↑
- () المرجع نفسه. ↑
- () الفتاوى الكبرى 1/109-111. ↑
- () سبق تخريج حديث: «اعملوا فكل ميسر لما خلق له» وهو متفق عليه. ↑
- () الفتاوى الكبرى 1/111. ↑
- () حديث صحيح. سبق تخريجه. ↑
- () حديث حسن بشواهده. أخرجه الترمذي في الجامع (1858ح2065)، وقال: حديث حسن صحيح؛ وابن ماجه في السنن (2684ح3437) من حديث أبي خزامة رضي الله عنه؛ وأخرجه ابن حبان في صحيحه (13/465ح6100) من حديث كعب بن مالك رضي الله عنه مرفوعاً. ↑
- () يُنظر: الرسالة القشيرية 2/422؛ فتح الباري 11/95.قال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد 3/421-422: “… وهذا موضع يغلط فيه كثير من الناس، حتى آل ذلك ببعضهم إلى أن ترك الدعاء، وزعم أنه لا فائدة فيه؛ لأن المسئول إن كان قد قُدِّر ناله ولا بد، وإن لم يقدَّر لم ينله، فأي فائدة في الاشتغال بالدعاء؟ ثم تكايس في الجواب، بأن قال: الدعاء عبادة، فيقال لهذا الغالط: بقي عليك قسم آخر – وهو الحق – أنه قد قدر له مطلوبه بسبب إن تعاطاه حصل له المطلوب، وإن عطل السبب فاته المطلوب، والدعاء من أعظم الأسباب في حصول المطلوب”. ↑
- () حديث صحيح. سبق تخريجه. ↑
- () مجموع الفتاوى 8/181. ↑
- () حديث صحيح. أخرجه البخاري في الأدب المفرد (374ح710) وغيره، وصححه الألباني في صحيح الأدب المفرد (264ح710). ↑
- () مجموع الفتاوى 8/192-193 بتصرف يسير. ↑
- () أخرجه البخاري في الجامع الصحيح (89ح1145) ومسلم في المسند الصحيح (797ح758). ↑
- () أخرجه مسلم في المسند الصحيح (796-797ح757). ↑
- () مجموع الفتاوى 8/193-196 بتصرف يسير؛ ويُنظر: الرد على الشاذلي 11؛ مدارج السالكين 2/119-120؛ تحفة الذاكرين 35. ↑
- () مدارج السالكين 2/119؛ ويُنظر المرجع نفسه 3/104-105. ↑
- () يُنظر: الرسالة القشيرية 2/422؛ فتح الباري 11/94؛ المواهب اللدنية 3/512؛ مرقاة المفاتيح 2/768. ↑
- () يُنظر: مجموع الفتاوى 10/701، 714. ↑
- () حديث صحيح. أخرجه الإمام أحمد في المسند (25/234ح15898)؛ وأبو داود في السنن (1282ح792)؛ وابن ماجه في السنن (2530-2531ح910). ↑
- () مجموع الفتاوى 10/701. ↑
- () أخرجه البخاري في الجامع الصحيح (538-539ح6408). ↑
- () مجموع الفتاوى 10/703. ↑
- () يُنظر: مجموع الفتاوى 10/706-707. ↑
- () مفيد العلوم 167. ↑
- () يُنظر: مجموع الفتاوى 10/707. ↑
- () حديث حسن. سبق تخريجه. ↑
- () يُنظر: مجموع الفتاوى 10/709؛ المواهب اللدنية 3/512. ↑
- () يُنظر: مجموع الفتاوى 10/709-710، وذكر رحمه الله جواباً آخر لبعض أهل السنة، وهو أنا نرضى بالقضاء الذي هو صفة الله أو فعله، لا بالمقضي الذي هو مفعوله، قال: “وفي هذا الجواب ضعف”. ↑
- () مجموع الفتاوى 10/711. ↑
- () مجموع الفتاوى 10/711-712. ↑
- () مجموع الفتاوى 10/711-712. ↑
- () يُنظر: مجموع الفتاوى 10/712-714. ↑
- () مجموع الفتاوى 10/715-717. ↑
- () مجموع الفتاوى 10/717-719 بتصرف يسير. ↑
- () يُنظر: الرد على الشاذلي 8؛ وتُنظر حكاية قريبة في تاريخ بغداد 8/145؛ الرسالة القشيرية 1/305. ↑
- () يُنظر: الرسالة القشيرية 2/426. ↑
- () يُنظر: الرد على الشاذلي 4، 6-7؛ تنزيه الشريعة المرفوعة 1/250؛ التحبير لإيضاح معاني التيسير 4/47؛ سلسلة الأحاديث الضعيفة 1/74-76، وفيه: “فهذا الكلام المعزو لإبراهيم عليه الصلاة والسلام لا يصدر من مسلم يعرف منزلة الدعاء في الإسلام، فكيف يصدر ممن سمانا المسلمين؟!”؛ تفسير العثيمين الشعراء 268؛ معجم المناهي اللفظية 386. ↑
- () أخرج البخاري في الجامع الصحيح (375ح4563) عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: {حسبنا الله ونعم الوكيل} قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار، وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا: {إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم}، وفي (375ح4564) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: “كان آخر قول إبراهيم حين ألقي في النار: حسبي الله ونعم الوكيل”. ↑
- () يُنظر: الرد على الشاذلي 4، 6-7؛ تنزيه الشريعة المرفوعة 1/250؛ التحبير لإيضاح معاني التيسير 4/47؛ سلسلة الأحاديث الضعيفة 1/74-76، وفيه: “فهذا الكلام المعزو لإبراهيم عليه الصلاة والسلام لا يصدر من مسلم يعرف منزلة الدعاء في الإسلام، فكيف يصدر ممن سمانا المسلمين؟!”؛ تفسير العثيمين الشعراء 268؛ معجم المناهي اللفظية 386. ↑
- () يُنظر: الرد على الشاذلي 3. ↑
- () الرد على الشاذلي 4. ↑
- () يُنظر: الرد على الشاذلي 7. ↑
- () التحبير لإيضاح معاني التيسير 4/47. ↑
- () الرد على الشاذلي 7. ↑
- () أخرجه البخاري في الجامع الصحيح (603ح7237)؛ ومسلم في المسند الصحيح (986ح1742). ↑
- () حديث حسن. سبق تخريجه. ↑
- () يُنظر: شرح صحيح البخاري 8/297؛ الرد على الشاذلي 7؛ سلسلة الأحاديث الضعيفة 1/74-75. ↑
- () يُنظر: التفسير الكبير 22/35؛ الرد على الشاذلي 10. ↑
- () يُنظر: تفسير المنار 2/138. ↑
- () الرد على الشاذلي 11. ↑
- () يُنظر: الرد على الشاذلي 11؛ سلسلة الأحاديث الضعيفة 1/75. ↑
- () يُنظر: التحبير لإيضاح معاني التيسير 4/47. ↑
- () يُنظر: الفرق بين الفرق 280؛ الرد على الشاذلي 50-51؛ مدارج السالكين 1/182-184؛ التصوف المنشأ والمصادر 262. ↑
- () يُنظر: الرد على الشاذلي 50؛ لمعات التنقيح 5/112. ↑
- () يُنظر: جامع البيان 17/160؛ التفسير الوسيط 3/53-54؛ معالم التنزيل 3/69؛ الجامع لأحكام القرآن 10/64؛ تفسير القرآن العظيم لابن كثير 4/553. ↑
- () يُنظر: الرد على الشاذلي 51؛ طريق الهجرتين 224. ↑
- () يُنظر: الرد على الشاذلي 51-53؛ مدارج السالكين 1/184؛ تفسير القرآن العظيم لابن كثير 4/553. ↑
- () أخرجه البخاري في الجامع الصحيح (364ح4440)؛ ومسلم في المسند الصحيح (1106ح2444). ↑
- () الرد على الشاذلي 50. ↑
- () أخرجه البخاري في الجامع الصحيح (537ح6389). ↑
- () أخرجه مسلم في المسند الصحيح (1150ح2720). ↑
- () أخرجه البخاري في الجامع الصحيح (232ح2893). ↑
- () أخرجه مسلم في المسند الصحيح (1149ح2713). ↑
- () حديث حسن. سبق تخريجه. ↑
- () يُنظر: الرد على الشاذلي 52-57. ↑
- () الرد على الشاذلي 53. ↑
- () يُنظر: القبس 422؛ مجموع الفتاوى 22/525؛ الإعلام 3/511؛ فتح الباري 4/457. ↑
- () الفتاوى الكبرى 2/423-424. ↑
- () مجموع الفتاوى 22/525. ↑
- () أخرجه مسلم في المسند الصحيح (1149ح2713). ↑
- () يُنظر: المنهاج في شعب الإيمان 1/528؛ فتح الباري 11/140. ↑
- () أخرجه مسلم في المسند الصحيح (1129ح2577). ↑
- () جامع العلوم والحكم 2/673. ↑
- () يُنظر: المنهاج في شعب الإيمان 1/523. ↑
- () يُنظر: المنهاج في شعب الإيمان 1/528. ↑
- () أخرجه مسلم في المسند الصحيح (1129ح2577). ↑
- () أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (2/385ح1107). ↑
- () تعظيم قدر الصلاة 2/845. ↑
- () المنهاج في شعب الإيمان 1/532؛ ويُنظر: شرح صحيح مسلم 17/52؛ جامع العلوم والحكم 3/1158. ↑
- () أخرجه مسلم في المسند الصحيح (؟؟؟ح2735). ↑
- () يُنظر: تهذيب اللغة 4/169؛ المحكم 3/180؛ شرح صحيح مسلم 17/52. ↑
- () أخرجها البخاري في الجامع الصحيح (؟؟؟ح6340)؛ ومسلم في المسند الصحيح (؟؟؟ح2735). ↑
- () يُنظر: المنهاج في شعب الإيمان 1/530؛ شرح صحيح البخاري 10/100؛ الجامع لأحكام القرآن 2/311؛ فتاوى أركان الإسلام 55. ↑
- () يُنظر: الجواب الكافي 9-10. ↑
- () جامع العلوم والحكم 3/1158. ↑
- () فتح القدير 3/301. ↑
- () يُنظر: بدائع الفوائد 1/47-48. ↑
- () حديث صحيح، سبق تخريجه. ↑
- () حديث صحيح، رُوي مرفوعاً، ورُوي موقوفاً على أبي هريرة رضي الله عنه، والمرفوع صحيح بشواهده، والموقوف صحيح كذلك، ورجح الدارقطني في العلل 11/216 الموقوف على المرفوع، ورجح الألباني صحتهما. يُنظر: التعليقات الحسان (6/468ح4481)؛ سلسلة الأحاديث الصحيحة (2/150ح601)؛ صحيح الأدب المفرد (397ح1042).فأما المرفوع فأخرجه الرامهرمزي في المحدث الفاصل 337؛ والطبراني في الدعاء (39ح60)؛ وفي المعجم الأوسط (5/371ح5591)؛ وأبو الشيخ الأصبهاني في أمثال الحديث (289ح247)؛ وابن شاهين في الترغيب (141ح492)؛ والبيهقي في شعب الإيمان (11/193ح8392-8393) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وأخرجه الطبراني في الدعاء (39ح61)؛ وأبو أحمد العسكري في تصحيفات المحدثين (2/902-903) من حديث عبد الله بن مغفل رضي الله عنه مرفوعاً.
وأما الموقوف على أبي هريرة رضي الله عنه فأخرجه الضبي في الدعاء (220ح54)؛ والبخاري في الأدب المفرد (359ح1042)؛ وأبو يعلى في المسند (12/527ح6649)؛ وابن حبان في صحيحه (10/349-350ح4498)؛ والبيهقي في شعب الإيمان (11/194ح8394). ↑
-
() يُنظر: فيض القدير 1/556، 2/405؛ تحفة الذاكرين 37. ↑