كليات التربية بين رصد الواقع والمأمول ومهننة التعليم في السودان من وجهة نظر الموجهين الفنيين بمراحل التعليم العام(دراسة نوعية)

د. إبراهيم محمد علي حسبو1

1 أستاذ المناهج وطرق التدريس المشارك، كلية التربية جامعة النيل الأزرق، السودان.

بريد الكتروني: alihasabo090277@gmail.com

HNSJ, 2023, 4(4); https://doi.org/10.53796/hnsj4412

Download

تاريخ النشر: 01/04/2023م تاريخ القبول: 19/03/2023م

المستخلص

تتناول الدراسة موضوع: كليات التربية بين رصد الواقع والمأمول ومهننة التعليم في السودان من وجهة نظر الموجهين الفنيين بمراحل التعليم العام(دراسة نوعية). هدفت التعرف إلى واقع كليات التربية السودانية في إعداد المعلمين القادرين على القيام بمهنة التعليم، وتتلخص أهميتها في أن نتائجها توضح دواعي اختبار المعلمون خريجوا كليات التربية للحصول على الرخصة المهنية. واستخدم الباحث المنهج الوصفي والاستقرائي، وتكونت العينة من(6) مفحوصاً، واستخدم المقابلة والمصادر والوثائق المكتوبة لجمع البيانات، وتوصلت الدراسة إلى نتائج أهمها: أن كليات التربية السودانية في ظل النظام التتابعي لا يمكن أن تخرج معلمين قادرين على القيام بمهنة التعليم، وأن المنهج الأكاديمي التخصصي الذي يدرسه الطالب المعلم بكليات التربية السودانية لا يرتبط بمنهج المرحلة التي يعد الطالب للعمل فيها. وعلى ضوء النتائج قدم الباحث توصية إلى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وإدارات الجامعات السودانية وعمداء كليات التربية بتلك الجامعات العمل على دراسة كيفية معالجة سلبيات النظام التتابعي. وتطوير مناهجها التخصصية العلمية والأدبية بحيث تتوافق مع مقررات المرحلة التعليمية التي سيدرس لها الطالب المعلم بعد التخرج.

الكلمات المفتاحية: رخصة مزاولة مهنة التعليم. الموجهين الفنيين. شروط رخصة مهنة التعليم.

Research title

Faculties of Education between monitoring reality and expectations and the teaching profession in Sudan from technical mentors’ point of view in general education stages (a qualitative study)

Ibrahim Mohammed Ali Hasabo1

1 Associate Professor of Curriculum and Teaching Methods, Faculty of Education, Blue Nile University, Sudan.

Email: alihasabo090277@gmail.com

HNSJ, 2023, 4(4); https://doi.org/10.53796/hnsj4412

Published at 01/04/2023 Accepted at 19/03/2023

Abstract

The study dealt with the above title, aiming to identify the reality of the faculties of education in preparing teachers able to carry out the teaching profession. Its results explain the reasons for testing graduate teachers to obtain a professional license. The researcher used the descriptive and inductive method. The sample consisted of 6 respondents. The researcher used interview, sources and written documents to collect data. The Sudanese faculties under the sequential system cannot graduate teachers able to carry out the teaching profession, because the specialized academic curriculum currently taught to the student teacher is not linked to the curriculum of the future stage of the student. So, the researcher recommends to the Ministry of Higher Education and Scientific Research, the Sudanese universities’ administrations, and the deans of the faculties to address the disadvantages of the sequential system and develop their specialized scientific and academic curricula to be compatible with the student teacher in future.

Key Words: License to practice the teaching profession. Technical mentors. Conditions for licensing the teaching profession.

خطة الدراسة:

مقدمة:

إن إصلاح نظام التعليم رهين بمدى صلاحية المعلم وقدرته على الأداء، إذ لا معنى لجودة المناهج أو الإدارة أو التوجيه والإشراف دون أن يكون هنالك معلم أحسن اختياره وإعداده وتأهيله… ومن الاتجاهات الحديثة فى مجال تطوير أداء المعلم هو الاتجاه نحو تطبيق نظام الترخيص للمعلم لمزاولة المهنة، إذ يعد الترخيص لمزاولة المهنة بمثابة الآلية التى يضمن بمقتضاها النظام التعليمي امتلاك المعلم للقدر المناسب من المعارف والمهارات الفنية المطلوبة لتحقيق أهداف العملية التعليمية، وفي ذات الوقت يضمن بمقتضاها الجمهور حماية مهنة التعليم من العناصر الدخيلة متدنية الكفاءة.(شرير، ورندة2017، ص323)، ولو دققنا أكثر في معنى كلمة مهنة التعليم نجدها تتكون من مقطعين: أولهما المهنة والتي تشير إلى مجموعة من السلوكيات التى يتضمنها القيام بعمل ما للفرد مثل المهن الأخرى كالطب، والتجارة والمحاماة وغيرها، ولكن عندما يرتبط مصطلح المهنة بمصطلح تعليم يكون أكبر وأشمل من مجرد مجموع سلوكيات تتضمنها أي مهنة بل تتعداها؛ لأن الخطأ فى أى مهنة أخرى يسهل احتواءه والسيطرة عليه، أما في مهنة التعليم فالخطأ أكبر؛ لأنه خطأً جماعياً قبل أن يكون فردياً يصعب السيطرة عليه، كما أنه يؤثر على المجتمع ككل.(دشاش،2014، ص222-223)، وبالتالي فالترخيص لمزاولة مهنة التعليم هو بمثابة سند قانوني للمعلم بالأهلية والكفاءة لمزاولة المهنة.(شرير، ورندة،2017، ص323) لكل ذلك اتجهت وزارة التربية والتعليم في السودان في الآونة الأخيرة إلى مهننة التعليم وتمليك رخصته لمن أراد أن يمتهن هذه المهنة، وتبعاً لذلك تم إنشاء مجلس المهن التربوية والتعليمية ليقوم بإجراءات تمليك رخصة مزاولة مهنة التعليم، وبما أن هذا التوجه ما زال فى طور الجدة والابتكار؛ يقوم الباحث بإجراء هذه الدراسة للوقوف على واقع كليات التربية، ومدى أهمية مهننة التعليم ودواعيها التربوية. لتزويد المعلمين وطلاب كليات التربية الراغبين في الحصول على رخصة مزاولة مهنة التعليم بأفكار ومفاهيم عن مهننة التعليم وكيفية الحصول على رخصتها. وتجيء هذه الدراسة في أربعة مباحث كما يلي:

  1. المبحث الأول: كليات التربية بين رصد الواقع والمأمول.
  2. المبحث الثاني: دواعي اختبار خريجوا كليات التربية للرخصة المهنية.
  3. المبحث الثالث: أهمية الترخيص لمزاولة مهنة التعليم.
  4. المبحث الرابع: شروط الرخصة المهنة.
  5. الخاتمة: خلاصة بأهم النتائج، والتوصيات.

مشكلة الدراسة:

إن مهنة التعليم في السودان من المهن القديمة في نشأتها ومتجددة فى جوانبها الفنية وفي تطور أساليبها، وفي كل الأحوال كان المعلم هو حجر الزاوية في هذا البناء الشامخ. “ونتيجة للتحديات التي تفرضها التطورات العلمية والتكنولوجية التي يموج بها العالم المعاصر، أضحى التعليم أولوية وطنية تتسابق الدول المتقدمة والنامية على حد سواء إلى الاهتمام به ومراجعته بهدف إصلاحهَ وتطويره، لتمكينه من مواجهة متطلبات العصر وتحدياته، وقد تعددت الاتجاهات والفلسفات والمشاريع الإصلاحية والتطويرية للتعليم، ولعل أبرزها الدعوة إلى المهنية أو تمهين التعليم والترخيص المهني للمعلم كركائز أساسية لعمليات الإصلاح والتطوير التعليمي.(شرير، ورندة، 2017، ص327) ونتيجة لذلك اتجه الفكر التربوي السوداني في الآونة الأخيرة إلى مهننة التعليم، باخضاع كل من يرغب في العمل بالتعليم أن يجتاز الاختبارات المهنية ومن ثم يتحصل على الرخصة؛ وعلى ذلك أصبحت رخصـة مـزاولة مهنة التدريس هـي الشـرط الأساس للحصول على وظيفة التعليم؛ الأمر الذي أخضع الكثير من المعلمين للجلوس للاختبار بغية الحصول على هذه الرخصة، ومن خلال متابعة الباحث لحركة مهننة التعليم في السودان يشعر أن هنالك عدم وضوح متطلبات هذه الرخصة للكثير من المعلمين القدام والجدد، وكذلك يشعر أن هنالك عدم رضا من المعلمين خريجي كليات التربية عن الجلوس لاختبارات الرخصة المهنية، وعليه يقوم الباحث بإجراء هذه الدراسة للوقوف على واقع كليات التربية من خلال آراء الموجهين الفنيين، ودواعي جلوس خريجوا كليات التربية لاختبارات مزاولة مهنة التعليم، والتعرف إلى أهمية رخصة مهنة التعليم في السودان، وأهم شروط لاختبارات رخصة مهنة التعليم.

أسئلة الدراسة:

يمكن أن تظهر مشكلة الدراسة بشكل أوضح من خلال السؤال الرئيس التالي: ما واقع كليات التربية السودانية في إعداد المعلمين القادرين على القيام بمهنة التعليم؟ ومن السؤال الرئيس تتفرع الأسئلة التالية:

  1. ما دواعي اختبار خريجوا كليات التربية السودانية للحصول على الرخصة المهنية؟
  2. ما أهمية الترخيص لمزاولة مهنة التعليم؟
  3. ما شروط رخصة مزاولة مهنة التعليم؟

أهداف الدراسة:

  1. الوقوف على واقع كليات التربية السودانية في إعداد المعلمين القادرين على القيام بمهنة التعليم.
  2. التعرف إلى دواعي اختبار خريجوا كليات التربية السودانية للحصول على الرخصة المهنية.
  3. التعرف إلى أهمية الترخيص لمزاولة مهنة التعليم.
  4. التعرف إلى شروط رخصة مزاولة مهنة التعليم.

أهمية الدراسة:

  1. يمكن أن توضح نتائج الدراسة لإدارة التعليم العالي والبحث العلمي ومديروا الجامعات السودانية واقع كليات التربية في إعداد المعلمين القادرين على القيام بمهنة التعليم.
  2. يمكن أن تبين نتائج الدراسة للمشتغلين بالتعليم العام وأصحاب المصلحة دواعي اختبار خريجوا كليات التربية السودانية للحصول على الرخصة المهنية.
  3. يمكن أن توضح نتائج الدراسة للمعلمين وأولياء الأمور أهمية الترخيص لمزاولة مهنة التعليم.
  4. يمكن أن تعرف نتائج الدراسة الراغبين في الالتحاق بمهنة التعليم، شروط رخصة مزاولة مهنة التعليم.

حدود الدراسة:

  1. الحدود الموضوعية: إن موضوع الدراسة هو: كليات التربية بين رصد الواقع ومهننة التعليم في السودان من وجهة نظر الموجهبن الفنيين بالتعليم العام(دراسة نوعية).
  2. الحدود المكانية: تجرى هذه الدراسة بجامعة النيل الأزرق – كلية التربية بإقليم النيل الأزرق.
  3. الحدود الزمانية: تجرى هذه الدراسة في العام الدراسي(2023- 2024).

مصطلحات الدراسة:

  1. مهننة التعليم: لغة جاء في المصباح المنير:(مهن) تهمل في الأمر تمكث ولم يعجل، ومَهنَ مَهْناً من بابي قتل ونفع أي خدم غيره، وأمهنته استخدمته، وهو فى مهنة أهله أي في خدمتهم، وخرج في ثياب مهنته أي ثياب خدمته التي يلبسها في اشتغاله وتصرفاته.(الفيومي،1998، ص800)، واصطلاحاً: يقصد بتمهين التعليم كل الجهود التنظيرية والإدارية والإجرائية والتشريعية والتدريبية الفردية منها والمؤسساتية التى تبذل من أجل جعل التعليم مهنة ذات مواصفات عملية، وذات قانون أخلاقى، وتقوم على نهج مضبوط يمكن قياسه وتعلمه والتدريب عليه حتى يكون المعلم تماماً مثل الطبيب أو المهندس عارفاً ومحترفاً لمهنة التعليم على أسس علمية موضوعية قابلة للقياس والملاحظة والتقويم.(شرير، ورندة2017، ص322). أما إجرائياً يعرف الباحث فى هذا الإطار مهننة التعليم بأنها إجراءات تقييمية مهنية مقننة تمنح المعلم رخصة الإعتماد المهنى لمزاولة التعليم.
  2. الترخيص لمزاولة المهنة، لغة جاء فى المصباح المنير: الجمع رخص ورخصات مثل غرف وغرفات، والرخصة التسهيل في الأمر والتيسير، يقال رخص الشرع لنا في كذا ترخيصاً وارخص ارخاصاً اذا يسره وسهله.(الفيومي،1998، ص304). واصطلاحاً عرف الترخيص لمزاولة مهنة بأنه: العملية التى تمنح من خلالها هيئة ما الرخصة أو الإذن لفرد قام بالوفاء بمتطلبات محددة، وعادة ما تمثل هذه المتطلبات الحد الأدنى ، وترمي إلى إقناع الجماهير بأن الفرد الذي يمنح له الترخيص ذو كفاءة وحيوية.(شرير، ورندة،2017، ص327) وفي إطار مصطلح الترخيص لمزاولة المهنة طبقاً لموضوع الدراسة وأهدافها فإن الباحث يعرف مفهوم الترخيص لمزاولة مهنة التعليم إجرائياً بأنه: إذن من مؤسسة معترف بها قانونياً بأهلية وكفاءة حامله لمزاولة مهنة التعليم.
  3. الموجه الفني هو: الموجه والناصح والمرشد الذي يستهدف مساعدة المعلم على تطوير نفسه وتطوير مستوى أدائه، وبالتالي الارتفاع بمستوى العملية التربوية ككل.(زايد، ورمان، 2015، ص120)، وإجرائياً يعرفه الباحث بأنه تربوي بدرجة وظيفية أكبر من درجة مدير المدرسة الذي يعرف بالموجه المقيم، ويقيم بمكتاب التعليم بمحلية من المحليات في أي ولاية أو إقليم بالسودان، ويقوم بعملية التوجيه والإشراف الفني للمعلمين والمدارس بالتعليم العام بهدف إصلاح التعليم والسعي نحو تحقيق أهدافه المرسومة.

الدراسات السابقة:

  1. دراسة حلمي(2023) هدفت إلى وضع مقترح لمعايير منح الترخيص لمزاولة مهنة التعليم بالتعليم الثانوي العام في مصر، واستخدم المنهج الوصفي، وتكونت عينة الدراسة من(428) موجهاً ومعلماً، واستخدم الاستبيان لجمع المعلومات، وتوصل إلى نتائج أهمها: أن معايير منح الترخيص المهني لمزاولة مهنة التعليم لمعلمي المرحلة الثانوي العام مهمة جداً، ويجب أن تتوافر فيمن يقبل على الإلتحاق بمزاولة مهنة التعليم الثانوي العام في مصر.
  2. دراسة الجميل(2017) هدفت إلى تعرف المعايير الواجب توافرها فيمن يرغب في مزوالة مهنة التعليم، وتحديد أهمية تلك المعايير، واستخدم المنهج الوصفي الوثائقي التحليلي، واستبيان لجمع المعلومات، وعينة قدرها(315) أكاديمياً، وتوصلت إلى نتائج أهمها: أن يكون المتقدم حاصلاً على بكالوريوس مع التأهيل التربوي على الأقل من إحدى الجامعات المحلية أو الخارجية، أن يجتاز المتقدم الاختبارات الوطنية التي يقدمها مركز القياس بنسبة(أكثر من 55%) التي تتضمن تمكنه من القدرات العقلية والكفايات التدريسية والتربوية التي تمكن المتقدم من المعرفة النظرية والتطبيقية في التدريس.
  3. دراسة شرير، والمصري(2017) هدفت تقديم مقترح لتطوير عملية الترخيص لمزاولة مهنة التعليم بفلسطين، واستخدمت الدراسة المنهج الوصفي، وتكون مجتمع الدراسة من الأدبيات المتصلة بموضوع الترخيص لمزاولة مهنة التعليم، وتوصلت إلى نتائج أهمها: أن المكانة المهنية لأي مهنة تتحدد بما تمتلكه هذه المهنة وما تلتزم به من معايير أو خصائص، والتعليم مهنة ذات أصول وقواعد، ولا ينبغي أن يشغلها إلا من تتوافر فيه الشروط والمواصفات اللازمة. لا يمكن إحداث أي إصلاح أو تغيير في منظومة التعليم إلا من خلال المعلم، وعليه لزم الأمر وضع معايير موضوعية لاختيار المعلم على أسس علمية مقننة تضمن القدرة والكفاءة على تحقيق الأهداف المرجوة. ضمان جودة التعليم تتطلب انتقاء أفضل العناصر للعمل في التعليم، وعدم السماح بمزاولة هذه المهنة إلا لمن أعد لها إعداداً جيداً، وثبتت كفاءته وقدرته على القيام بأعبائها، والترخيص لمزاولة مهنة التعليم يعتبر من الآليات الرئيسة للتحكم في جودة المهنة.
  4. دراسة ليلى، والكيلاني(2017) هدفت التعرف إلى القواعد التربوية المناسبة للتنمية المهنية اللازمة لدى معلمي الصفوف الثلاثة الأولى في المدارس الحكومية التابعة لمديرية تربية عمان الأولى، واستخدم الباحثان المنهج المسحي التطوري، وتكون العينة من(346) معلماً ومديراً، واستخدما الاستبيان لجمع المعلومات، وتوصلت إلى نتائج أهمها: أن واقع التنمية المهنية لدى معلمي الصفوف الثلاث الأولى لمجالات الدراسة الخمسة: أخلاقيات مهنة التعليم لدى معلمي الصفوف الثلاث الأولى: كفايات المعرفة الأكاديمية الخاصة بالمادة الدراسية، والكفايات الكفايات المهنية الخاصة بالمادة الدراسية، والكفايات المهنية الشخصية الخاصة بالمادة الدراسية، جاء بتقدير متوسط.
  5. دراسة حامد، حسان، وصالح(2014) هدفت إلى وضع مقترح للأسس التربوية في منح الترخيص للعمل بمهنة التعليم، واستخدم الباحثون المنهج الوصفي، والاستبيان لجمع المعلومات، وتكونت عينة الدراسة من(500) معلماً، وتوصلت إلى نتائج أهمها: الأهمية القصوى لتطبيق نظام الترخيص لممارسة مهنة التعليم لما يمثله من نظام مقنن يخضع الخريجين الجدد لعمليات فرز وانتقاء دقيقة للغاية تؤدي بالتأكيد إلى تجويد العملية التعليمية بأكملها. يمثل وجود نظام للترخيص للعمل بمهنة التعليم حافظاً على هبية ومكانة مهنة التعليم؛ لأنها تضمن انتقاء عناصر مؤهلة تنال ثقة الجميع.

التعليق على الدراسات السابقة:

بالعودة إلى الدراسات السابقة أنها من الناحية التاريخية أن بعضها حديثة تماماً، فقد أجريت فى العام(2023). ومن حيـث الأهداف التي سعت إلى تحقيقها، أغلبها أجريت لتعزيز فكرة مهننة التعليم وضرورة الرخصة المهنية لمزاولته، باستثناء دراسة رضا، والكيلاني التي هدفت التعرف إلى القواعد التربوية المناسبة للتنمية المهنية، ومن حيث المنهج فجميعها استخدمت المنهج الوصفي، إلا دراسة واحدة استخدمت المنهج المسحي التطوري أيضاً هي دراسة ليلى، والكيلاني، ومن حيث أدوات جمع المعلومات، فكلها استخدمت الاستبيان، إلا دراسة شرير والمصري استخدمت الأدب المكتوب في جمع العملومات، أما بالـنسبة للدراسات الميدانية فهنالك تفاوت في العـينات، فقد بلغ أعلاها(500) معلماً كـما فـي دراسة حامد، حسان، وصالح ، وأدناها(315) كما في دراسة الجميل. ومن حيث النتائج التي توصلت إليها تلك الدراسات، جميعها تتفق على أن لرخصة مزاولة مهنة التعليم دور كبير وفاعل في اختيار المعلمين القادرين على القيام بمهنة التعليم.

إجراءات الدراسة:

اتبع الباحث في هذه الدراسة إجراءات منهج البحث النوعي، و”يعرف البحث النوعي بأنه منهجية بحث … تركز على وصف الظاهرة وصفاً دقيقاً، وعلى الفهم الأعمق لها … وأنه يهتم بدراسة الظواهر في سياقها الطبيعي، وأنه لا يكتفي بالوصف فقط؛ بل يتعدى ذلك للتحليل والتفسير … فالبحث النوعي لا يكتفي بوصف الأشياء كما هي، بل يسعى للحصول على فهم أعمق للصورة الكبرى التي يكون فيها ذلك الشيء، ويبحث عن معرفة كيف وصلت الأمور إلى ما وصلت إليه، وكيف يشعر الناس المحيطون بها، وما آراؤهم حولها، وما المعاني التي يحملونها عنها(غباري،2015، ص33، 34). ووفقاً للمنهج النوعي، يقوم الباحث بهذه الدراسة للوصول إلى فهم أعمق لواقع كليات التربية وعملية مهننة التعليم في السودان، ومعرفة أسبابها، وما رأي الموجهبن الفنيين بالتعليم العام حول واقع كليات التربية، وكيف يمكن الارتقاء بمهنة التعليم؟ وتبعاً لذلك قام الباحث بجمع المعلومات من المراجع المتخصصة في تربية المعلم، ومن الأشخاص المرتبطين بموضوع الدراسة.

منهج الدراسة:

تبعاً لمنهجية الدراسات النوعية، وبالاطلاع على الدراسات السابقة، اختار الباحث منهجاً وأدةً مناسبة لإجراء دراسته، حيث اتبع المنهج الوصفي التحليلي في وصف الظاهرة موضوع الدراسة وتحليل البيانات كما هي على أرض الواقع. ويعرف المنهج الوصفي بأنه”مجموعة الإجراءات البحثية التي تتكامل لوصف الظاهرة أو الموضوع اعتماداً على جمع الحقائق والبيانات، وتصنيفها ومعالجتها وتحليلها تحليلاً كافياً ودقيقاً لاستخلاص دلالاتها والوصول إلى نتائج أو تعميمات عن الظاهرة أو الوضوع محل البحث”.(الدليمي، 1016، ص98)، وبجانب المنهج الوصفي استخدم الباحث المنهج الاستقرائي في تتبع واقع كليات التربية، وإجراءات مهننة التعليم في السودان. أما الاستقراء في اللغة “هو مصدر الفعل المزيد استقرى يستقري استقراء، وهو مشتق من الفعل الثلاثي المجرد قري يقرو قرواً، والذي يعني التتبع لمعرفة حالة الشئ المقصود … وواضح من النص أن الاستقراء هو دلالة التفحص والملاحظة لتحديد خصائص الشيء… وهكذا تشير اللفظة في مدلولها اللغوي إلى أن الاستقراء هو تتبع الشيء لتحديد خواصه ضمن مفهوم أعمال الحس والحواس في هذا التتبع. وفي الاصطلاح “هو استدلال على حكم كلي من خلال تفحص معظم جزئيات ذلك الكل(البندر،1992، ص37،36)، قال الجرجاني في (التعريفات) الاستقراء هو الحكم على كلي لوجوده في أكثر جزئياته، وإنما قال في أكثر جزئياته لأن الحكم إن كان في جميع جزئياته لم يكن استقراء، بل قياس مقسم وسمي هذا استقراء؛ لأن مقدماته لا تحصل إلا بتتبع الجزئيات”(الجرجاني،1985، ص18).

عينة الدراسة:

أجرى الباحث مقابلة مع عدد(6) من الموجهين الفنيين من أقاليم وولايات السودان المختلفة شملت: إقليم النيل الأزرق محافظة الدمازين، ولاية الجزيرة محلية المناقل، ولاية الخرطوم محلية كرري، ولاية جنوب دارفور محلية قريضة، وقد تم اختيارهم عشوائياً، وكانت المقابلة بواسطة الهاتف الجوال. والموجه الفني هو:”كل من يساعد المدرسين على تطوير المناهج وتحسين التعليم موجهاً فنياً”.(الكيلاني، وملحم، 1986، ص25). وقد عرف زايد، ورمان(2015، ص113) التوجيه الفني بأنه:”العملية التي يتم فيها تقويم وتطوير العملية التعليمية ومتابعة تنفيذ كل ما يتعلق بها لتحقيق الأهداف التربوية، وهو يشمل الإشراف على جميع العمليات التي تجرى في المدرسة تدريبية كانت أم إدارية أم تتعلق بأي نوع من أنواع النشاط التربوي في المدرسة أو خارجها، والعلاقات والتفاعلات الموجودة بينها”.

أداة الدراسة:

المقابلة: تعد المقابلة استبيان شفوي يتم فيه التبادل اللفظي بين القائم بالمقابلة وبين فرد أو عدة أفراد للحصول على معلومات ترتبط بآراء أو اتجاهات أو مشاعر أو سلوك(عسكر،1998، ص197)، وتعد المقابلة من الطرق الرئيسة لجمع المعلومات في البحث النوعي، فعن طريق المقابلة يستطيع الباحث أن يتعرف على أفكار ومشاعر ووجهات نظر الآخرين(غباري،2015، ص39)، وعلى هذا الأساس استخدم الباحث المقابلة كأدة في جمع المعلومات.

عرض النتائج ومناقشتها

وللإجابة عن أسئلة الدراسة تم تقسيمها إلى أربعة مباحث، بحيث يجيب كل مبحث عن سؤال من تلك الأسئلة كما يلي:

المبحث الأول: إجابة السؤال الرئيس والذي نصه: ما واقع كليات التربية السودانية في إعداد المعلمين القادرين على القيام بمهنة التعليم؟

للإجابة عن هذا السؤال، قام الباحث بتتع الآراء المكتوبة حول مخرجات كليات التربية السودانية، ومن ثم استقراء واقعها كما يلي:

في إطار الإعداد المهني المأمول، “ينتظر الطالب المعلم في كليات التربية من معلميه: أساتذة المواد التخصصية التربوية وغيرها، وممن يقابلهم من مشرفين وموجهين في أثناء تدريبه الميداني، ينتظر منهم جميعاً قدوة في إيمانهم برسالة التربية والتعليم، وفهمهم لمهنة التدريس، ينتظر منهم أيضاً أداءً نموذجاً داخل قاعة الدرس وخارجها. ويجب أن يقترن هذا الفهم المتواصل والأداء الموصول بغرس أكيد، وتنمية مستدامة للاتجاهات نحو مهنة التدريس، ونحو العمل بالمدرسة، والتواصل مع المتعلمين. إن هذه القدوة، وذلك النموذج في الأداء، والاكتساب للاتجاهات، لا يتحقق من المعلمين للطلاب المعلمون دون حسن اختيار، وجودة إعداد، وحسن تدريب من أجل التمكن في المعارف والتميز في الأداء”.(فضل الله، 2012، ص7). وبمفهوم المخالفة يتضح للباحث أنه إذا ما توافر للطالب المعلم القدوة في جميع من يقومون بإعداده المهني من حيث الإيمان برسالة التربية والتعليم، ومن حيث الفهم العميق لمهنة التدريس، فلا حاجة لإخضاعه إلى اجراءات رخصة مزاولة مهنة التعليم بعد التخرج، وهذا هو الوضع المأمول الذي يجب أن يكون عليه المعلم خريج كليات التربية.

أما حول واقع كليات التربية في إعداد معلمين قادرين على القيام بمهنة التعليم، يرى أحد الأساتذة بكليات التربية السودانية، أن “تركيز برنامج الإعداد على جانب التدريب على التدريس بالمدارس في إطار تكاملي وتفاعلي مع المدارس، ومن خلالها مع الآباء والمجتمع طيلة فترة الإعداد وأقلها على مراحل ثلاث للتدريب على التدريس في سنوات ومستويات دراسية مختلفة، خاصة لبرنامج إعداد معلمي مرحلة التعليم الأساسي الذين يفترض فيهم أن يكونوا قادرين على التدريس في الحلقات الثلاث في مدرسة التعليم الأساسي. وبكل تأكيد فإن هذا الأمر لا يمكن أن يتحقق في ظل النظام التتابعي الذي لا يستطيع بكل تأكيد خلال عام دراسي واحد أن يحقق للطالب ثلاث فترات تدريبية على التدريس داخل المدارس. وهناك أمر آخر أكثر أهمية في برنامج تربية إعداد المعلمين هو أن المنهج الأكاديمي التخصصي الذي يدرسه الطالب/المعلم يجب أن يكون مرتبطاً بمنهج المرحلة التي يعد الطالب/المعلم للعمل فيها بعد أن يكمل برنامج الإعداد بشقيه النظري والتطبيقي، وكذلك معمقاً لذلك المنهج، ولا يكفي أن يدرس الطالب منهج الدرجة الجامعية الأكاديمية في مستوى البكالوريوس لكي يقال بأنه سيكون قادراً على التدريس بكفاءة في أي مرحلة من مراحل التعليم العام. كما وأن برامج إعداد الطالب/المعلم يقتضي أن يراعي في التدريب استيعاب الطالب/المعلم لمنهج المرحلة في تخصصه الأكاديمي، مراعياً في ذلك أسس تدريس ذلك المنهج وتقوميه ومحتوى كتبه ومواده وأنشطته المختلفة، وهذا لن يتحقق ما لم يتم إعداد هذا الطالب/المعلم ومنذ بداية إلتحاقه بالدراسة الجامعية لكي يكون معلماً يقوم بتدريس مادة(أو مواد) تخصصه عند تخرجه، وهو الأمر الذي يمكن أن يتحقق عبر النمط التكاملي في إعداد المعلم، ولا يمكن لنمط الإعداد التتابعي أن يكون قادراً على تحقيقه(علي،2010 جريدة الصحافة”).. أيضاً حول واقع كليات التربية السودانية، أقيمت ورشة موجهات تطوير منهج التعليم الأساسي بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي بتاريخ21/11/2022)، وجاء في ورقة “فلسفة منهج التعليم الأساسي المقدمة في هذه الورشة:”لا زلنا نلحظ هوة واسعة بين برامج تأهيل وإعداد معلم التعليم الأساسي بكليات التربية، ونظم التعليم العام في السودان.(قشي، ومختار،2022، ص2). وعن ضرورة الربط بين برامج إعداد المعلم في كليات التربية وبين احتياجات المدارس لخريجي تلك الكليات، جاء في توجيهات المؤتر الثامن لوزراء التربية والتعليم العرب تحت عنوان: “المعلم العربي بين التكوين الناجع والتمكن المهني” المنعقد في(الكويت) بوزارة التربية(2012): أهمية التنيسق بين مؤسسات إعداد المعلمين وتدربيهم ووزارات التعليم والتعليم العالي حول برامج ومناهج إعداد المعلمين وتدريبهم، بما يحقق الانسجام بين مخرجات هذه البرامج واحتياجات النظم التربوية والتعليمية من الأطر البشرية.

مما تقدم وباستقراء المؤشرات يرى الباحث أن واقع كليات التربية السودانية تتمثل في عدم قدرتها على تأهيل المعلمين القادرين على القيام بمهنة التعليم؛ ويعود ذلك إلى النظام التتابعي المعمول به في هذه الكليات، كذلك عدم ربط تخصص الطالب/المعلم بمناهج المرحلة التعليمية التي سيدرس لها بعد التخرج، والهوة الواسعة بين برامج تأهيل وإعداد معلم التعليم الأساسي بكليات التربية، ونظم التعليم العام في السودان؛ الأمر الذي يؤكد عدم التوافق بين الواقع المأمول في مخرجات كليات التربية السودانية. يضاف إلى ذلك ما جاء في تقرير المركز الإقليمي للجودة والتميز في التعليم عن واقع برامج إعداد المعلمين في العالم العربي(20017، ص7) “إن المتقدمين لبرنامج إعداد المعلمين هم من المستوى المتوسط والضعيف في معظم الأوقات وهذا يشير إلى أن برامج إعداد المعلم لا تستطيع جذب الطلبة المتميزين للالتحاق بها”. لذلك يرى بكار(2011، ص157)”إن من واجب كليات التربية ومعاهد المعلمين القيام بمقابلات واختبارات دقيقة وموزونة لاختيار منسوبيها، كما ينبغي تقديم تدريب مهني كاف لخريجي كليات الآداب قبل الموافقة على انخراطهم في سلك التعليم. وقد أشارت نتائج دراسة حامد، حسان، وصالح(2014) إلى الأهمية القصوى لتطبيق نظام الترخيص لممارسة مهنة التعليم لما يمثله من نظام مقنن يخضع الخريجين الجدد لعمليات فرز وانتقاء دقيقة للغاية تؤدي بالتأكيد إلى تجويد العملية التعليمية بأكملها. يمثل وجود نظام للترخيص للعمل بمهنة التعليم حافظاً على هبية ومكانة مهنة التعليم؛ لأنها تضمن انتقاء عناصر مؤهلة تنال ثقة الجميع.

المبحث الثاني: ما دواعي اختبار خريجوا كليات التربية السودانية للحصول على الرخصة المهنية؟

وللإجابة عن هذا السؤال، قام الباحث بإجراء مقابلة مفتوحة مع عدد(6) موجهين فنيين بمرحلة التعليم الابتدائي ببعض المحليات في ولايات السودان المختلفة شملت: محافظة الدمازين بإقليم النيل الأزرق، ومحلية المناقل بولاية الجزيرة، ومحلية كرري بولاية الخرطوم، ومحلية قريضة بولاية جنوب دارفور. وحصل على الإجابات التالية:

  1. إجابة الموجه الفني بوزارة التربية محافظة الدمازين إقليم النيل الأزرق: خريجي كليات التربية لا يحتاجون للاختبار للحصول على رخصة مهنة التعليم، لأنهم يدرسون المادة والطريقة ويتدربون في التربية العملية.
  2. إجابة كبير الموجهين الفنيين بالمرحلة الثانوية محافظة الدمازين، ومدير عام التعليم الأسبق بإقليم النيل الأزرق: تعاني كليات التربية من تدن في التأهيل، والتدريب العملي غير مؤهل.
  3. إجابة الموجه الفني بولاية الجزيرة محلية المناقل: خريج كلية التربية لا يحتاج إلى امتحان لمزاولة مهنة التعليم؛ لأنه أثناء الإعداد يختار مادة يتخصص فيها أو مادتان، ويزود بطرق تدريس واستخدام الوسائل، ويتاح له الفرصة للتدريب في التربية العملية.
  4. إجابة الموجه الفني بولاية الخرطوم محلية كرري: التأهيل ضعيف، والتربية العملية غير مجدية وفترتها قصيرة.
  5. إجابة كبير الموجهين بمكتب تعليم محلية قريضة ولاية جنوب دارفور: الخريجون صنفين: صنف يمتلك المادة والفكرة عن التدريس ولكن يحتاج إلى تدريب. وصنف آخر لا يمتلك المادة ولا الطريقة.
  6. إجابة موجه فني آخر بمكتب تعليم محلية قريضة: خريجي كليات التربية ضعيفين وما عندهم كفاءة، وما عندهم الطريقة، وما عندهم المادة، كان معاهد المعلمين يخرج أساتذة ممتازين، ولكن مع انتهاء المعاهد انتهت الطريقة والكفاءة.

والجدول رقم(1) يوضح تكرارت إجابات أفراد المقابلة ونسبها المئوية وترتيبها حول جلوس المعلمون خريجوا كليات التربية لاختبارات الرخصة المهنية.

والجدول رقم(1) يوضح تكرارات إجابات أفراد المقابلة ونسبها المئوية وترتيبها حول جلوس المعلمون خريجوا كليات التربية لاختبارات الرخصة المهنية.

الأسباب التي تدع خريجي كليات التربية للاختبار لمزاولة مهنة التعليم، والتي تبرر عدم الحوجة لها. العدد النسبة المئوية الترتيب
الأسباب التي تدع لاختبار مزاولة مهنة التعليم 9 56.2 1
الأسباب التي تبرر عدم الحوجة لاختبار مزاولة مهنة التعليم. 7 43.8 2
مجموع الإجابات 16 100%

باستقراء الجدول رقم(1) يلاحظ أن الأسباب التي تدع خريجوا كليات التربية السودانية للجلوس لاختبار مزاولة مهنة التعليم أكثر من الأسباب التي تبرر عدم حوجتهم لهذا الاختبار بنسبة المئوية(56.2)، وقد تمثلت أهم الأسباب الداعية للجلوس لهذا الاختبار كما يراها الموجهون الفنييون في أن: (كليات التربية تعاني من تدن في التأهيل، والتدريب العملي غير مؤهل، خريجي كليات التربية ضعيفين وليس لديهم كفاءة، وليس لديهم طريقة ولا مادة). بينما يرى موجهون آخرون بنسبة(43.8)، أن خريجي كليات التربية لا يحتاجون لاختبارات للحصول على رخصة مزاولة مهنة التعليم؛ وقد تمثلت مبرراتهم في أن (خريج كلية التربية قد درس الكفايات الشخصية والمهنية للمعلم أثناء الإعداد المهني وتخصص في مادة أو مادتان، وزود بطرائق التدريس واستخدام الوسائل، وأتيحت له الفرصة للتدريب في التربية العملية. ويعزو الباحث هذا الاختلاف إلى أن الموجهين الفنيين خريجي معاهد إعداد المعلمين يقومون بمقارنة بين المعلمين خريجي كليات التربية وبين المعلمين خريجي معاهد إعداد المعلمين السابقة، ويرون أن المعلمين خريجي المعاهد أكثر كفاءة من المعلمين خريجي كليات التربية، وقد يتفق معهم الكثيرون، وربما يعود ذلك إلى نظام الإعداد المتبع في المعاهد وكليات التربية؛ وذلك فقد ذكر أحد الأساتذة بكليات التربية السودانية أن الكفاءة “هو الأمر الذي يمكن أن يتحقق عبر النمط التكاملي في إعداد المعلم، ولا يمكن لنمط الإعداد التتابعي أن يكون قادراً على تحقيقه”. وكما تقدم في تقرير المركز الإقليمي للجودة والتميز في التعليم “إن المتقدمين لبرنامج إعداد المعلمين هم من المستوى المتوسط والضعيف في معظم الأوقات، وهذا يشير إلى أن برامج إعداد المعلم لا تستطيع جذب الطلبة المتميزين للالتحاق بها”. وهنالك دراسات أجريت في مجال رخصة مهنة التعليم منها: دراسة حلمي(2023) التي أشارت نتائجها إلى أن معايير منح الترخيص المهني لمزاولة مهنة التعليم لمعلمي المرحلة الثانوي العام مهمة جداً، ويجب أن تتوافر فيمن يقبل على الالتحاق بمزاولة مهنة التعليم الثانوي العام في مصر. ويرى المطيري(2016، ص226) أن “الرخصة عبارة عن إجراء تنظيمى لضمان أن المعلم قادر على التدريس ويمتلك الحد الأندى من المقومات، أي أن الرخصة عبارة عن أداء للفصل بين المعلم المسموح له بالتدريس والمعلم الذي لا يمكن أن يمتهن التدريس من خلال تعرف معارفهم ومهاراتهم، وبالتالي تتنبأ بنجاح المعلم في هذه المهنة. وبحسب الكردي(موقع كنانة أونلاين، تاريخ آخر زيارة للموقع 5 مارس 2023) هناك مجموعة من الدواعي التي دعت إلى ضرورة استحداث الرخصة المهنية والعمل بها، من هذه الدواعي:

  1. الحرص على ألا يلتحق بمهنة التعليم إلا المعلمين الأكفاء القادرين على الممارسة المهنية الفعالة.
  2. تحفيز المعلمين الملتحقين بالمهنة على النمو المهني الذاتي والمستمر.
  3. ترسيخ مكانة مهنة التعليم والتأكيد على أنها ليست مهنة من لا مهنة له، أو أنها مهنة يسيرة يمكن القيام بها دون دراسة مسبقة، مما يزيد من دافعية العناصر الجيدة للالتحاق بها والحرص على الاستمرار فيها والتمسك بأخلاقياتها.
  4. إن التعليم أصبح مهنة بالمعنى الكامل للكلمة كالطب والهندسة، والمهنة تعني الفرد المتخصص والعمل المتخصص بوجه عام، وتنطوي المهنة على أربعة أبعاد منها: تحصيل المعارف المتخصصة، مهارات استخدام هذه المعارف في أداء يستند على معايير الجودة، مسؤولية والتزام خلقي يتمتع به المتخصص، وتلقى على عاتقه في شكل تقبله المحاسبة والمساءلة امام أعضاء المهنة والمجتمع بأسره، وكلما ارتفعت هذه الابعاد كلما ارتفعت المكانة المهنية لهذه المهنة مما يؤدي إلى ارتفاع المكانة الاجتماعية لأفرادها.
  5. التنافس العالمي بين الدول: فكان الميدان الأول الذي يحقق للدول التميز هو التعليم، ومن ثم ضرورة أن يكون القائمون عليه على درجة عالية من الكفاءة والجودة.
  6. النمو المعرفي المتسارع، مما يتطلب معه مواكبة المعلم لهذا النمو المعرفي وما يرتبط به من مهارات، ومن ثم إن لم يحصلها فلن يرخص له بمزاولة المهنة.

المبحث الثالث: ما أهمية الترخيص لمزاولة مهنة التعليم؟

للإجابة عن هذا السؤال استخدم الباحث منهج الاستقراء وذلك بتتبع الأدب النظري الخاص بموضوع دراسته ونتائج الدراسات السابقة في التعرف إلى أهميته في مزاولة مهنة التعليم كما يلي:

مفهوم المهنة في التعليم: يرى الكثير من الناس أن التعليم مهنة من لا مهنة له، لذلك يرى الباحث يجب أولاً قبل الإجابة عن السؤال المطروح في هذا المبحث، الإجابة عن السؤال التالي: ما مفهوم المهنة؟، ولعل من خلال الإجابة عن هذا السؤال سيتضح مهنية التعليم.المهنة هي: وظيفة مبنية على أساس من العلم والخبرة اختيرت اختياراً مناسباً حسب مجال العمل الخاص بها وهي تتطلب مهارات وتخصصات معينة ويحكمها قوانين وآداب لتنظيم العمل به.(الموسوعة الحرة. مهنة)، ويعرف مهنة التعليم(التدريس) هو: نشط مهني يتم إنجازه من خلال ثلاث عمليات رئيسة: هي: التخطيط والتنفيذ والتقويم، ويستهدف مساعدة الطلاب على التعلم، وهذا النشاط قابل للتحليل والملاحظة والحكم على جودته، ومن ثم تحسينه(زيتون،2006، ص8)، ويرى فريق من علماء الاجتماع أن معنى المهنة يتحدد من خلال مجموعة من الشروط وعندما تنطبق كل أو أغلب هذه الشروط على نشاط معين يقوم به جماعة من الناس ينظر إلى هذا النشاط على أنه مهنة، ومن أهم تلك الشروط ما يلي(الإدارة العامة للإشراف التربوى ـ دليل المعلم(1418ه ص45):

1) وجود كفايات مهنية محددة ينبغى توافره لدى أعضاء المهنة.

2) وجود مؤسسات تعنى بالتأهيل المهنى وإكساب الأعضاء الكفايات المهنية المطلوبة.

3) وجود دراسات وتدريبات بغرض النمو المهنى فى أثناء العمل.

4) وجود أخلاقيات مهنية تقيد الانتساب للمهنة أو الخروج منها.

وإذا استعرضنا هذه الشروط الأربعة السابقة، نجد أنها جميعاً تنطبق على مهنة التعليم، فهنالك كفايات تدريسية ينبغي على كل معلم إتقانها قبل أن ينخرط في مهنة التعليم، كما أن هنالك كليات أو معاهد متخصصة لإعداد المعلم، وهذه الكليات أوالمعاهد معنية بالدرجة الأولى بتأهيل المعلم، وإكسابه الكفايات التدريسية المطلوبة لمهنة التعليم. ولا يخفى على القارئ الكريم أن هناك برامج للتدريب أثناء الخدمة تعقد من آن لآخر لرفع كفاية المعلمين، واطلاعهم على كل جديد في الميدان، كما أن هناك بحوثاً ودراسات أكاديمية نظرية وميدانية تجرى لتطوير المهنة سواء في الجامعات ومراكز البحوث، أو في الوزارات والإدارات المعنية بهذه المهنة. ويبقى الشرط الأخير لاعتبار التعليم مهنة وهو “أخلاقيات المهنة” التى تقيد سلوك العاملين فيها وانضمامهم أو انسحابهم منها، وعلاقتهم ببعضهم وبالآخر من خارج المهنة .. وهكذا يستقر الرأي على أن التعليم مهنة رصينة لها كفاياتها ومؤسساتها التى تختص بإعداد منسوبيها.(الإدارة العامة للإشراف التربوي دليل المعلم،1418ه، 45-46).

أهمية الترخيص لمزاولة مهنة التعليم:

ترجع أهمية ترخيص التعليم إلى الضرورات القصوى التي تفرضها جودة قطاعي التربية والتعليم من أجل استثمار أفضل للطاقة البشرية، وتحقيق التنمية بمجالاتها كافة، كما تأتي أهمية عملية تمهين التعليم من أهمية الإجراءات التي تتطلبها وتسهم في الارتقاء بعملية التعليم؛ إذ أن العملية تبدأ بمعايير القبول في مؤسسات إعداد المعلمين واستقطاب المؤهلين منهم تربوياً وعلمياً وثقافياً واستبعاد غير المؤهلين، وكذلك هناك دور رئيس لمعايير برامج الإعداد لتكوين المعلم علمياً ومهنياً وتأهيله لرخصة مزاولة المهنة، من هنا فإن تمهين التعليم وإصدار رخص لممارسة المهنة يناسب مكانة هذه المهنة وسمو رسالتها ويضمن كفاية وفاعلية المعلمين، ويسهم في اختيار الأجود والأفضل لممارسة هذه المهنة الشريفة.(سلوم،206، ص6-7). ويرى بعض المربين أن الاعتماد المهني للمعلم واجتيازه ترخيص مزاولة المهنة يضمن جودة الأداء لكل من المعلم والطلاب، لهذا لابد لأي دولة من إقامة نظام محاسبة المعلم القائم على أدائه، ويمكن لهذا النظام أن ترعاه الدولة أو إتحاد المعلمين أو أي هيئة عامة موثوق بها.(البشير،2013، ص5). بينما يرى البعض الآخر أن الأنظمة الخاصة بمنح رخصة التعليم تهدف إلى التأكد على أن الأفراد الذين يمارسون المهنة يتمتعون بالمتطلبات الخاصة بها، ولديهم من المعرفة والمهارات ما يجعلهم يستحقون أن يمنحوا رخصة مزاولة المهنة، كما يحقق هذا النظام عنصر أمان للجميع يتمثل فى التأكيد على أن المؤهلين من المعلمين فقط هم الذين يسمح لهم بدخول المهنة ومزاولتها، إلى جانب ذلك فإن العصر الحالي يشهد تغيرات معرفية وثورة معلوماتية وتطورات تكنولوجية تتم في صورة موجات متتالية وبإيقاعات متسارعة، والنظم التعليمية لم تكن بمنأى عن تغيرات العصر وتداعياته، وقد بات لزاماً عليها التعامل مع التطبيقات العلمية والتكنولوجية والاستفادة منها كي تتمكن من أداء مهامها ومسؤولياتها على الوجه الأكمل؛ الأمر الذي يستوجب التدقيق فيمن يتم اختيارهم للعمل في مهنة التعليم.(شرير، ورندة،2017، ص335) وهنالك دراسات أجريت حول أهمية الترخيص لخريجي كليات التربية لمزاولة مهنة التعليم منها دراسة حامد، حسان، وصالح(2014)، وقد توصلت إلى نتائج أهمها: الأهمية القصوى لتطبيق نظام الترخيص لممارسة مهنة التعليم لما يمثله من نظام مقنن يخضع الخريجين الجدد لعمليات فرز وانتقاء دقيقة للغاية تؤدي بالتأكيد إلى تجويد العملية التعليمية بأكملها. ويمثل وجود نظام للترخيص للعمل بمهنة التعليم حافظاً على هبية ومكانة مهنة التعليم؛ لأنها تضمن انتقاء عناصر مؤهلة تنال ثقة الجميع.

قانونية رخصة مهنة التعليم:

أما بالنسبة لقانونية الترخيص لمزاولة المهن يقول عثمان في جريدة العرب الاقتصادية الدولية بتاريخ(3 أبريل 2010): تدفع المصلحة العامة المشرع أحياناً إلى تقييد حرية الفرد فلا يجيز ممارسة مهنة أو عمل أو نشاط اقتصادي إلا بعد الحصول على ترخيص من الجهة الحكومية المعنية بعد توافر الشروط المنصوص عليها في النظام أو القانون، فمثلاً في مجال المهن الحرة كالطب والمحاماة والمحاسبة والهندسة، لا يجوز ممارسة هذه المهن إلا بعد الحصول على الترخيص اللازم من قبل الجهة الرسمية المختصة، وفي مجال الملكية لا يجوز إقامة مبنى إلا بعد الحصول على ترخيص بالبناء من البلدية وبعد استيفاء الشروط المطلوبة نظاماً، كذلك لا يجوز قيادة السيارات إلا بعد الحصول على رخصة القيادة من إدارة المرور. وفي مجال ممارسة الأنشطة التجارية والاقتصادية فإن الأصل في ممارستها الإباحة إلا أنه لدواعي المصلحة العامة توجب بعض الأنظمة الحصول على تراخيص لممارسة بعض هذه الأنشطة، فمثلاً لا يجوز ممارسة أعمال النقل البري للركاب والبضائع إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من وزارة النقل، ولا يجوز ممارسة أعمال النشر والطباعة والدعاية والإعلان إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من وزارة الإعلام، ولا يجوز إقامة مشروع صناعي إلا بعد الحصول على ترخيص من وزارة التجارة والصناعة.

وحول قانونية الترخيص لمزاولة مهنة التعليم في السودان، فقد اهتم السودان مثل بقية الدول العربية بعملية التمهين وتم وضع مشروع لقانون مجلس المهن التربوية والتعليمية بالتعليم العام لسنة 2009م، اقترح فيه مجلس المهن التربوية والتعليمية بالتعليم العام له شخصية اعتبارية مستقلة وخاتم عام والحق في التقاضي باسمه، ومقر المجلس الخرطوم، والمجلس مسؤول مباشرة لدى مجلس الوزراء. ومن أهم اختصاصات المجلس الترخيص بمزاولة مهنة التدريس لجميع المعلمين في السودان لجميع المراحل، ووضع قواعد السلوك المهني الرفيع للمعلمين وأخلاقيات مهنة التدريس، وقواعد حماية المهنة بما يحافظ على شرف مهنة التعليم وكرامتها ومقامها واستقامة الأشخاص الذين يمارسونها، ومراجعتها من وقت لآخر، والعمل على أن تكون ممارسة المهنة وفقاً لتلك القواعد، ومن ضمن بنود اختصاصات المجلس تمثيله في مجلس كل واحدة من كليات التربية في السودان.(البشير،2013، ص7_8).

المبحث الرابع: ما شروط مهنة التعليم؟

يتحدث الكثير من الناس عن إصلاح التعليم وكيف يمكن أن تلبي مخرجاته حاجة سوق العمل، وكل شركاء المصلحة من طلاب وأولياء الأمور، والإدارات التعليمية. ويرى الباحث أن هذا الإصلاح المنشود لا يمكن أن يحدث بعيداً عن المعلم؛ فالمعلم هو أساس العملية التعليمية بمدخلاتها وعملياتها ومخرجاتها؛ وذلك أن المعلم هو المسؤول عن تنفيذ الأهداف التعليمية المرسومة، وهو الذي يكتشف الأخطاء الواردة في المحتوى التعليمي، وهو الذي يحدد مدى ملاءمة هذا المحتوى وأنشتطه للمتعلمين، هذا من جانب، ومن جانب آخر، أن التعليم في السابق هو عبارة نقل المعارف إلى أذهان التلاميذ؛ لذلك كان من السهل إنضمام الكثير من الخريجين إلى هذه المهنة؛ الأمر الذي جعل البعض يطلق عليها مهنة من لا مهنة له. ولكن التعليم بمفهومه عبارة نشاط مهني يتم من خلال مراحل هي: التخطيط، والتنفيذ، والتقويم، وبحسب خبراء التربية أن كل مرحلة لها كفايتها المهنية اللازمة للمعلم الإلمام بها لتنفيذ الدرس، وكما تقدم أن التعليم مهنة لها شروط مزاولة المهنة، مثلها ومثل مهنة الطب والمحاماة والهندسة، فما هي تلك الشروط؟

من خلال اطلاع الباحث على الأدب المتوافر حول شروط رخصة التعليم قد وجد أن هنالك شروط لمزاولتها، ولكن هنالك اختلافات في هذه شروط من دولة لأخرى، وتبعاً ذلك قد أورد حسان، وصالح، وحامد في دراستهم(2014، ص44-45) الشروط التالية:

1. تحديد الهيئة المانحة للترخيص والإعلان عنها والتعريف بها سواء على مستوى الجمهورية أو على مستوى المحافظات أو على مستوى التخصصات التعليمية.

2. أن تضع الهيئة دليل لتحديد المتطلبات اللازمة للتقدم للحصول على الترخيص للعمل بمهنة التعليم.

3. تحديد الوثائق الرسمية اللازمة لتقديمها والتي تتضمن شهادات التخرج من مؤسسات إعداد المعلم وملف السيرة الذاتية للمعلم.

4.المشارکة فى البرامج والدورات والاختبارات التي تحددها الهيئة المانحة للترخيص
واجتيازها بنجاح.

5. تحديد مدة صلاحية الترخيص وخلال صلاحيته يشترط أن يشارك في العمل والمشاريع البحثية وحلقات النقاش والدورات التدريبية التي يقييم من خلالها عند تجديد الترخيص.

6. الترخيص لممارسة مهنة التعليم هو أساس التعيين في العمل والاستمرار بحيث لا يتم تعيين أى فرد في مهنة التعليم إلا بعد الحصول على الإجازة الدالة على الترخيص له.

7. خلو السيرة الذاتية للمتقدم للالتحاق بمهنة التعليم من أي عقوبات جنائية سابقة أو انحرافات سلوکية لا تتفق مع أخلاقيات المهنة ومسؤولياتها.

8. يمنح المتقدم ترخيصاً مؤقتاً إذا کان حاصلاً على الدرجة الجامعية الأولى من کليات إعداد المعلمين(النظام التکاملي) أو حاصلاً على دبلوم التأهيل التربوي إن کان من خريجي الكليات الأخرى(النظام التتابعي) شريطة ألاّ يقل تقديره عن”جيد”.

9. شهادة الصلاحية محددة المدة، وعلى المعلم التقدم لتجديدها خلال العام الأخير من صلاحيتها.

وقد توصل الجميل في دراسته(2017، ص271) إلى الشروط التالية:

1. أن يكون المتقدم حاصلاً على بكالوريوس مع التأهيل التربوي على الأقل من إحدى الجامعات المحلية أو الجامعات الخارجية المعتمدة من وزارة التعليم.

2. ألا يقل تقدير المتقدم في مؤهل البكالوريوس عن(جيد جداً).

3. أن يحمل المتقدم الهوية الوطنية.

4. أن يحضر المتقد توصيتين أكاديميتين من أساتذة قاموا بتدريسه في الجامعة التي تخرج منها.

5. أن يجتاز المتقدم الاختبارات الوطنية التي قدمه مركز القياس الوطني بنسبة(أكثر من55%) التي تتضمن تمكنه القدرات العقلية والكفايات التدريسية والتربوية التي تمكن المتقدم من السيطرة على المعرفة النظرية والتطبيقية في التدريس.

6. أن يجتاز المتقدم المقابلة الشخصية التي تثبت خلوه من عيوب النطق، وسلامة التفكير، العيوب الجسمية الظاهرة التي تؤثر على أدائه في عملية التدريس.

7. أن يجتاز المتقدم الاختبار المعملي الذي يثبت أنه قادراً على التعامل مع التكنولوجيا الحديثة.

8. أن يرفق المتقدم تقريراً طبياً حديثاً من إحدى المستشفيات الحكومية المعتمدة التي تفيد خلوه من الأمراض المزمنة التي تؤثر في أدائه في عمله التدريسي.

9. ألا يكون قد صدر بحق المتقدم حكماً في قضية أخلاقية أو يكون طرفاً في قضية قائمة، ويثبت ذلك من خلال البصمات في إدارة الأدلة الجنائية.

10. ألا يكون قد قضى على حصوله على المؤهل التربوي أكثر من خمس سنوات بدون عمل تربوي، ويحضر الأوراق العلمية تثبت ذلك.

11. ألا يتجاوز عمر المتقدم ثلاثين عاماً، ويثبت ذلك من خلال الهوية الوطنية.

12. ألا يكون قد فصل من مهنة التعليم من قبل لأسباب تأديبية، ويثبت ذلك من خلال سجلات وزارة التربية والتعليم.

13. ألا يكون المتقدم قد استقال من مهنة التعليم سابقاً، يثبت ذلك من خلال سجلات وزارة التربية والتعليم.

أما عن شروط ومطلوبات التسجيل لنيل رخصة مهنة التعليم بوزراة التربية والتعليم جمهورية السودان بحسب ما هي في الصفحة المعتمدة لمجلس المهن التربوية والتعليمية،( Khartoum facebook) هي:

  1. أن يكون المتقدم سوداني الجنسية.
  2. أن يكون حاصل على الشهادة الجامعية بكالوريوس التربية أو بكالوريوس في تخصص يدرس في التعليم العام مثل(آداب جغرافيا، علوم، كيمياء) + مؤهل عالي في التربية(دبلوم عالي، أو ماجستير، أو دكتوراة).
  3. تخصصات الفنون، علم الاجتماع، علم النفس، التربية الخاصة، الحاسوب، وتخصصات التعليم الفني(كهرباء، ميكانيكا، زراعة، تجارة…إلخ) لا يشترط فيها المؤهل التربوي عند التقديم، ويشترط عند تجديد الرخصة.
  4. المؤهلات من الجامعات الأجنبية يتم اعتمادها من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي.
  5. يتم الرخيص للمرحلة الثانوية لحملة البكالوريوس من التربية العام.
  6. يتم الترخيص لمرحلة الأساس لحملة بكالوريوس تربية أساس.
  7. تيم الترخيص للتعليم قبل المدرسي لحملة بكالوريوس رياض الأطفال.
  8. يتم الترخيص لحملة بكالوريوس التربية من خريجي جامعة السودان المفتوحة لمرحلتي الأساس والثانوي حسب الرغبة.
  9. يتم الترخيص لخريجي كلية عبدالسلام الخبير جامعة الرباط تخصص الدراسات الإسلامية لمرحلتي الأساس أو الثانوي حسب الرغبة.
  10. يتم الترخيص لخريجي معهد الخرطوم الدولي للغة العربية لمرحلتي الأساس أو الثانوي حسب الرغبة.
  11. يتم الترخيص لخريجي جامعة أم درمان الإسلامية كلية اللغة العربية قسم الناطقين بغيرها لمرحلتي الأساس أو الثانوي حسب الرغبة.
  12. يسمح عند التعيين إذا كان هنالك نقص في المرخص لهم من مرحلة الأساس أن يكمل النقص من المرخص لهم من المرحلة الثانوية لا العكس.

الخاتمة: النتائج، والتوصيات، والمصادر والمراجع:

أهم النتائج:

  1. من خلال الدراسة النظرية توصل الباحث إلى النتائج التالية: أن واقع كليات التربية السودانية في ظل النظام التتباعي لا يمكن أن تخرج معلمين قادرين على القيام بمهنة التعليم. وأن المنهج الأكاديمي التخصصي الذي يدرسه الطالب المعلم بكليات التربية السودانية لا يرتبط بمنهج المرحلة التي يعد الطالب المعلم للعمل فيها. وأن هناك هوة واسعة بين برامج تأهيل وإعداد معلم الأساس بكليات التربية السودانية؛ ونظم التعليم القائم في السودان. وأن المتقدمين لبرنامج إعداد المعلمين هم من المستوى المتوسط والضعيف في معظم الأوقات؛ الأمر الذي يجعل كليات التربية لا تتمكن من جذب المتميزين للالتحاق بها.
  2. هنلك دواعي تجعل خريجيوا كليات التربية السودانية يجلسون لاختبار رخصة مزاولة مهنة التعليم أهمها: أن كليات التربية السودانية تعاني من تدن التأهيل، وأن التدريب العملي غير مؤهل، وأن خريجي كليات التربية ليس لديهم كفاءة. وأن الاختبار للحرص على ألا يلتحق بمهنة التعليم إلا المعلمون الأكفاء القادرون على الممارسة الفاعلة. ترسيخ مكانة مهنة التعليم والتأكيد على أنها ليست مهنة من لا مهنة له.
  3. هنالك عدة نقاط تشير إلى أهمية الترخيص لمزاولة مهنة التعليم، أهمها: الضرورة القصوى التي تفرضها جودة قطاعي التربية والتعليم من أجل استثمار أفضل للطاقة البشرية وتحقيق التنمية بمجالاتها كافة. وأن الاعتماد المهني للمعلم واجتيازه ترخيص مزاولة المهنة يضمن جودة الأداء لكل من المعلم والطلاب؛ لذا لابد لأي دولة أن تقيم نظام لمحاسبة المعلم وفقاً لأدائه. التأكيد على أن الأفراد الذين يمارسون مهنة التعليم يمتلكون المتطلبات الخاصة بها ولهم المعارف والمهارات التي تجعلهم يستحقون منح رخصة مزاولة مهنة التعليم. وأن نظام الترخيص يحقق عنصر الأمان للجميع وهو التأكيد على أن المؤهلين من المعلمين فقط هم الذين يسمح لهم بمزاولة مهنة التعليم. وأنه نظام مقنن يخضع الخريجون الجدد لعمليات فرز وانتقاء دقيق تؤدي إلى تجويد العملية التعليمية بأكملها.
  4. هنالك شروط لمزاولة مهنة التعليم، أهمها: اجتياز الاختبارات التي تحددها الهيئة المانحة للترخيص. تحديد مدة صلاحية الترخيص. الترخيص لممارسة مهنة التعليم هو أساس التعيين. أن يكون المتقدم لرخصة مهنة التعليم حاصل على بكالوريوس التربية، أو بكالوريوس في تخصصات تدرس في التعليم العام. يتم الترخيص للمرحلة الثانوية لحملة البكالوريوس من التربية عام. ويتم الترخيص لمرحلة الأساس لحملة بكاولوريوس التربية أساس.

التوصيات:

وفى ضوء ما توصلت إليه الدراسة من نتائج قدم الباحث توصيات أهمها ما يلى:

  1. توصية إلى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وإدارات الجامعات السودانية وعمداء كليات التربية بتلك الجامعات العمل على دراسة كيفية معالجة سلبيات النظام التتابعي في تربية المعلمين.
  2. على كليات التربية تطوير مناهجها التخصصية العلمية والأدبية بحيث تتوافق مع مقررات المرحلة التعليمية التي سيدرس لها الطالب المعلم بعد التخرج.
  3. نظراً لتعدد الفئات ذات الصلة بموضوع رخصة التعليم من: (معلمين قدامى على رأس العمل، ومعلمين جدد، وخريجى كليات التربية، وغير المؤهلين) فإن على مجلس المهن التربوية والتعليمية وضع اختبارات لكل فئة من هذه الفآت.
  4. على كليات التربية إعادة النظر فى معايير قبول المتقدين لها بدءً بالمحفزات التي تجذب الطلاب أصحاب المستوى الأكاديمي المتميز، وسلامة البدن، والمظهر العام والخلو من العاهات وعيوب اللسان، والثقافة العامة، والرغبة الأكيدة فى العمل بالتدريس.
  5. ونسبة لحوسبة الاختبارات الخاصة برخصة التعليم يجب على المتقدمين اكتساب مهارات الحاسوب فى التربية أولاً.

المصادر والمراجع :

  • بكار، عبدالكريم(2011) حول التربية والتعليم. دار المعلم. دمشق.
  • البندر، عبد الزهرة(1992) الاستقراء في الفكر الإسلامي أصوله وتطوره. دار الحكمة للطباعة والنشر ط1.
  • البشير، محمد المزمل(2013) تمهين مهنة التعليم الدواعى والمبررات، جامعة الخرطوم كلية التربية . http://khartoumspace.uofk.edu/handle.
  • الجميل، عبدالله محمود(2017) المعايير العلمية اللازمة لتمهين التعليم من وجهة نظر الأكاديميين في المملكة العربية السعودية. مجلة دراسات العلوم التربوية. عدد خاص من مؤتمر كلية العلوم التربوية بعنوان(مؤتمر التعليم العالي في الوطن العربي).
  • الدليمي، ناهدة عبد زيد(2016) أسس وقواعد البحث العلمي. ط1.
  • زايد، فهد خليل، وريان، صلاح محمد(2015) الإشراف والتوجيه الفني. الإعصار للنشر والتوزيع.
  • الأمم المتحدة. المركز الإقليمي للجودة والتميز في التعليم(2017) تقرير عن واقع برامج إعداد المعلمين في العالم العربي.
  • المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم(الكويت): المؤتمر الثامن لوزراء التربية والتعليم العرب.(2012) “المعلم العربي بين التكوين الناجع والتمكن المهني” التقرير النهائي.
  • الفيومي، أحمد بن محمد بن علي (1998) المصباح المنير في غريب الشرح الكبير. دار الكتب العالمية.
  • المطيرى، طلال سعيد(2017)آراء المعلمين تجاه رخصة مزاولة مهنة التدريس ، مجلة العلوم التربوية ج2 لاعدد (4).
  • الموسوعة الحرة ar.m.wikipedia.org
  • الجرجاني علي بن محمد الشريف(1985) التعريفات. مكتبة لبنان بيروت.
  • حامد، غادة صبري، وحسان، حسن محمد، وصالح، عادل منصور(2014) شروط ومتطلبات الترخيص للعمل بمهنة التعليم. مجلة بحوث التربية النوعية. العدد الثالث والسبعون.
  • حلمي، محمود عبدالكريم(2023) معايير الترخيص المهني لمزاولة مهنة التعليم بالتعليم الثانوي العام في مصر في ضوء خبرات بعض الدول.مجلة الحبث في التربية وعلم النفس. المجلد38 العدد الأول.
  • دشاش، نادية مهنة التعليم: أخلاقياتها وأدوار المعلم القدوة ، مجلة البحوث والدراسات الإنسانية ، جامعة 20 أوت العدد 8(2014م).
  • زيتون، حسن حسين(2006) مهارات التدريس رؤية في تنفيذ الدرس. عالم الكتب.
  • سلوم، طاهر عبدالكريم(2016)موقع مؤسساتنا التربوية من تمهين التعليم– دراسات اجتماعية وثقافية ، مركز دمشق للأبحاث (مداد) http://www.dcrs.sy8.
  • شرير، رندة، المصرى، مروان وليد (2017)تصور مقترح لتطوير عملية الترخيص لمزاولة مهنة التعليم بفلسطين فى ضوء بعض التجارب الإقليمية والعالمية المعاصرة ، مجلة جامعة الأقصى سلسلة العلوم الإنسانية ج 21 العدد الأول.
  • عثمان، خالد أحمد : الأهمية القانونية للتراخيص النظامية. شبكة الإنتر نت (2010م) http://www.aleqt.com/2010/04/03/article_373396.html
  • علي، حمود علي(2010) كليات التربية السودانية ودورها في تربية المعلم. موقع سودارس. الصحافة. يوم 6-7.
  • عسكر، علي، حسن جامع، وفاروق الفرا ووليد هوانة(1998) مقدمة في البحث العلمي. مكتبة الفلاح للنشر والتوزيع.
  • غباري، ثائر أحمد، ويوسف عبدالله أبو شندة، وخالد محمد أبوشعيرة(2015) مقدمة في البحث العلمي. مكتبة دار الفلاح.
  • فضل الله، محمد رجب(2012) معلم المعلم. أداؤه التدريسي، ورضاؤه الوظيفي، وتميزه الجامعي. عالم الكتب.
  • قشي، معاوية السر، و أحمد الشيخ(2022) وزارة التعليم العالي والبحث العلمي(السودان) فلسفة منهج التعليم الأساسي(ابتدائي، متوسط) في إطار السلم التعليمي الجديد.
  • الكيلاني، تيسير، وملحم، إياد(1986) التوجيه الفني في أصول التربية والتدريس. مكتبة لبنان. بيروت.
  • الكردي، أحمد السيد(2023)الترخيص لاختيار المعلم لمزاولة المهنة. https://kenanaonline>com/users/ahmeKordy/posts/663578تاريخ آخر زيارة 23/5/2023
  • ليلى، أحمد رضا، وعبدالهادي، أنمار أحمد الكيلاني(2017) قواعد تربوية مقترحة للتنمية المهنية لمعلمي الصفوف الثلاث الأولى في المدارس الحكومية لمديرية تربية عمان الأولى بناء على تقدير الحاجة لديهم. مجلة دراسات العلوم التربوية. المجلد44. العدد4 ملحق7.
  • وزارة المعارف (المملكة العربية السعودية) الإدارة العامة للإشراف التربوى : دليل المعلم(1418ه)