السلطة الرمزية للزوايا وسؤال التنمية – دراسة سوسيولوجية لتأثير الزاوية الوزانية على التنمية بوزان –

كريم الديبوش1

1 باحث بسلك الدكتوراه” علم الاجتماع: مختبر البيئة والتنمية والتراب”، المغرب.

بريد الكتروني: karim.dibouch@uit.ac.ma

HNSJ, 2023, 4(4); https://doi.org/10.53796/hnsj4416

Download

تاريخ النشر: 01/04/2023م تاريخ القبول: 11/03/2023م

المستخلص

بما أن البحث السوسيولوجي يهدف لمعالجة القضايا الهامة المتعلقة بالكيان الاجتماعي في حالة سيرورة المجتمع وسكونه وما ينتج عن ذلك من مشاكل اجتماعية عديدة تقف عائقا أمام مسيرته التنموية، فإننا سنحاول من خلال هذه الدراسة أن نقف على مدى تأثير الزاوية الوزانية على التنمية بإقليم وزان باعتبار أن ظاهرة الزوايا بالمجتمع المغربي، هي ظاهرة لها أهميتها وأصالتها والمستمدة من عمق تجذرها في بنيات هذا المجتمع، وذلك من خلال إلقاء الضوء على مكانتها داخل المجال الذي تتواجد فيه، ثم البحث عن الثابت والمتحول فيما يخص تلك المكانة، خاصة من ناحية الأدوار والوظائف، دون إغفال هاجس معرفة العلاقة التي تربط الزاوية الوزانية بجهاز الدولة، بالنظر أيضا إلى ما اضطلع به هذا التنظيم الديني-السياسي من أدوار اجتماعية واقتصادية وسياسية وتنموية حاسمة، كل هذه الأمور وغيرها، جعلتنا محط طرح مجموعة من التساؤلات والاستفسارات التي سنحاول مقاربتها في هذه الدراسة.

Research title

The symbolic power of angles and the question of development

-A sociological study of the impact of the Ouezzane angle on the development of Ouezzane –

KARIM DIBOUCH1

1 PhD researcher in “Sociology: Environment, Development and Soil Laboratory”, Morocco.

Email: karim.dibouch@uit.ac.ma

HNSJ, 2023, 4(4); https://doi.org/10.53796/hnsj4416

Published at 01/04/2023 Accepted at 11/03/2023

Abstract

Since sociological research aims to address important issues related to the social entity in the case of the process of society and its dormancy and the resulting many social problems that stand in the way of its development, we will try through this study to determine the impact of the Zawiya angle on the development in the region of wazan, considering that the phenomenon of Zawiya in omitting the obsession with knowing the relationship that connects the weighting angle to a device The state, also considering the crucial social, economic and political roles played by this religious-political organization, all these and other things, made us the focus of asking a set of questions and inquiries that we will try to approach in this study.

إشكـــــالية الدراسة:

بما أن المعرفة الإنسانية ليست جاهزة، بل هي بناء، فمن الضروري الوقوف على أسس هذا البناء. وبما أن كل معرفة تبدأ بالتساؤل فقد اعتبر الابستيمولوجي الفرنسي غاستون باشلار “أن معنى المشكلة هوما يمنح العلامة الدالة على التفكير العلمي الصحيح”، وأضاف “بالنسبة للفكر العلمي تعتبر كل معرفة جوابا عن سؤال وإن لم يكن ثمة سؤال فمن غير الممكن قيام أية معرفة علمية”[1]، وما ينطبق على المعرفة في العلوم الحقة ينطبق على المعرفة في العلوم الاجتماعية باعتبارها معرفة موضوعية. لذلك لا يمكن أن يستقيم بحثنا دون تحديد التساؤلات التي توجهه والتي تمثل الإشكالية التي نستهدف الإجابة عنها.

وعليه، فالحديث عن مدينة وزان، وعن مراحل نشأتها وتطورها، يستدعي التطرق إلى الآلية المهمة التي كانت وراء ظهورها. ويتعلق الأمر بتوافد الولي المولى عبد الله الشريف وتأسيسه للزاوية الوزانية التي لعبت دورا حاسما في بروز الحياة الحضرية، وقد كانت هاته المؤسسة وراء استقطاب السكان من مناطق مختلفة خصوصا أنها عملت على تثبيت الأمن الذي يعتبر عامل استقرار مهم، مما ساعد على ظهور أنشطة اقتصادية واجتماعية مختلفة. ارتبطت زاوية وزان، التي أسسها الشريف الإدريسي منذ بدايتها، بمولاي عبد السلام بن مشيش، وكان مؤسسها من نسل كبير أولياء الريف الصالحين. ولم يكن النشاط السياسي لوزان ليوجه نحو الريف فقط، بل وجه كذلك نحو فاس وواحات الجنوب الجزائري وتوات حيث يعيش العديد من المريدين. وتم إحداث زاوية جديدة في فاس، فغدت وزان مركزا دينيا وسياسيا وتجاريا، سمح لليهود فيه بتطوير التجارة. واشترى وئام تام مع المخزن[2].

وقد ازداد ذلك الاستقطاب مع تزايد النفوذ الديني والعقاري للزاوية خاصة في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، وإذا كان مؤسس الزاوية يتصف عادة بقوة إيمانية وتفرغه التام لما هو روحي، فإن المرحلة الثانية بعد التأسيس تتسم أساسا بتعزيز وتدعيم الهياكل التنظيمية للزاوية، في حين يلاحظ في المرحلة الثانية طغيان الاهتمامات السياسية والاقتصادية على حساب الجانب الديني والروحي…، فقد انصب اهتمام أبناء وأحفاد المولى عبد الله الشريف على تقوية وترسيخ نفوذ الزاوية الوزانية موظفين الرأسمال الرمزي لمؤسسها.

وبالتالي، ستتبلور إشكاليتنا بشكل أساسي حول الوقوف على التأثير المزدوج للزاوية الوزانية على التنمية بإقليم وزان، فاليوم ورغم اتساع تـأثير المعلومات الذي فرضه عصر التكنولوجيا وعولمة الاقتصاد والثقافة وطرق العيش، لازالت هذه الزوايا تشكل تأثيرا كبيرا سواء من خلال حماية الأمن الروحي للمغاربة، أو من خلال التأثير على القرار السياسي والدبلوماسي، فالزوايا والأضرحة تلعب العديد من الأدوار السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وقد سبق لها أن تمكنت من تعويض السلطة المركزية في لحظات الضعف التي عرفتها البلاد سابقا، محافظة بذلك على استقرار البلد من خلال جمع الناس من حولها وتعبئتهم حيال قضية ما. وبما أن ظاهرة الزوايا بالمجتمع المغربي، هي ظاهرة لها أهميتها وأصالتها التي تستمدها من عمق تجذرها في بنيات هذا المجتمع فإنه سيتم إلقاء الضوء على مكانتها داخل المجال الذي تتواجد فيه، ثم البحث عن الثابت والمتحول فيما يخص تلك المكانة، خاصة من ناحية الأدوار والوظائف، دون إغفال هاجس معرفة العلاقة التي تربط الزاوية الوزانية بجهاز الدولة، بالنظر أيضا إلى ما اضطلع به هذا التنظيم الديني-السياسي من أدوار اجتماعية واقتصادية وسياسية حاسمة، كل هذه الأمور وغيرها، جعلتنا محط طرح مجموعة من التساؤلات والاستفسارات التي سنحاول مقاربتها في هذه الدراسة.

ولضبط هاته الإشكالية وتفكيك عناصرها ومعالجة المشكلة المطروحة في سؤال الانطلاق. وهي طريقة أيضا لمساءلة الظواهر المدروسة التي تشكل مرحلة أساسية في البحث بين القطيعة والبناء[3]، فقد تم بسطها كالآتي:

  • ما مدى فعالية سلطة الزاوية الوزانية، وما نوع هاته السلطة وحدودها؟
  • ما طبيعة العلاقة بين الزاوية الوزانية وأفراد المجتمع الوزاني؟
  • ما هي المكانة الاجتماعية للزاوية الوزانية وأوليائها بوزان، وما الثابت والمتحول في تلك المكانة بالمجتمع الوزاني؟
  • في ظل التحولات التي شهدها المجتمع المغربي عموما وبوزان خصوصا؛ ألم يتغير إشعاع الزاوية وكذلك نمط العلاقة بينها وبين أفراد المجتمع الوزاني؟
  • ما هي العوامل المساهمة في استمرار كينونة الزاوية الوزانية كمؤسسة تفرض ذاتها في ظل التحولات الاجتماعية والسياسية التي يمر منها المجتمع المغربي عموما وبوزان خصوصا؟

أدوات الدراســــة:

  • الملاحظة الميدانية:

تعتبر الملاحظة من أقدم الوسائل التي لجئ إليها الإنسان، باعتبارها نمط يرتكز على الوصف والملاحظة السطحية دون الارتقاء إلى التحليل. على الرغم من ذلك، تعتبر الملاحظة من أهم الوسائل لفهم واقع المجال حتى ينصب التحليل في الاتجاه الصحيح.

وعليه لقد قمنا بالعديد من الزيارات لضريح مولاي عبد الله الشريف ومقر الزاوية الوزانية في فترات متباينة من هاته السنة خصوصا أيام الجمعة وبالأعياد الدينية وببعض المناسبات التي كانت الزاوية شريكا فيها، وبالتالي تم تسجيل مجموعة من الملاحظات التي ساهمت بشكل كبير في تشكيل عناصر هذه الدراسة.

  • الاستمارات والمقابلات:

تعتبر الاستمارة والمقابلة أحد أهم وسائل البحث الامبريقي، حيث تسمح لنا بالتعرف على معطيات تفوق مستوى الفرد وتشكل مؤشرات على الأوضاع السائدة في الجماعة أو الطبقة أو المجال الذي تشمله البيوغرافيا [4]، وبالنسبة للأماكن المستجوبة، فقد تم اختيار خمس عينات مختلفة من حيث الخصائص الطبيعية والبشرية والعمرانية والسكنية والاقتصادية وغيرها، بغية إسقاط النتائج المتوصل إليها على باقي مجالات المدينة ككل، ومن بين هذه الأماكن حي لعدير باعتباره مجالا يمثل الطبقة البورجوازية بمدينة وزان، فيما همّ المجال الثاني المدينة القديمة نظرا لتواجد مقر الزاوية الوزانية بهاته المنطقة، أما المجال الثالث فقد خصّ تجزئة النهضة بسبب وجود فئة كبيرة من المهاجرين القرويين والذين استقروا بهذا الفضاء الكبير على مستوى المساحة وأيضا من جانب الحداثة على مستوى التعمير، والمجال الرابع فيتعلق بحي القشريين الذي يعرف تكتلا وتضخما لا على المستوى السكاني أو المجالي، أما الحي الأخير فقد خصص لتجزئة المنظر الجميل نظرا لوجود فئة عريضة من الموظفين والتي استقرت بهذا المجال نظرا لحداثته أيضا بمجال التعمير.

وقد توزعت الاستمارات الموجهة للساكنة بهذه المجالات والتي بلغ عددها 102 استمارة لم يسترجع منها إلا 94 استمارة.

أما بخصوص المقابلات فقد استخرجنا الأسئلة من مجموع الفرضيات الفرعية، حيث سنحاول من خلال هذه التقنية من وسائل البحث الاجتماعي، استكشاف مواقف وآراء بعض ممثلي الزاوية الوزانية ومجموعة من مريدي الزاوية بمختلف فئاتهم العمرية وتصورهم للأشياء[5]، كما قسمناها إلى مجموعة من الأسئلة راعينا فيها الاستجابة لقوانين التصنيف المنطقية المعروفة.

ونظرا لأن الخطاب الذي سنحصل عليه من خلال هذه التقنية ستعتريه العديد من السلبيات خاصة تمجيد الذات أو قلب الحقائق…مما سيجعل موضوعيته حتما غير مضمونة [6]. فبوعي أو بدونه فإن المبحوث لن يقول إلا ما له مصلحة في قوله، وخطابه سيبقيه سجين تمثله لسياق المقابلة والأهداف التي يطمح إليها والتي غالبا م قد لا تساير انتظاراتنا [7]. ولتجاوز كل ذلك سنحاول معارضة روايات هؤلاء فيما بينها، والارتكاز على الروايات التي يمكن التحقق من معطياتها من خلال وثائق مصادفات تاريخية محسومة سلفا [8].

دلالات مفاهيمية ذات الارتباط بالدراسة

يمثل تحديد المفاهيم وشرح المصطلحات المستخدمة في أي بحث أو دراسة، أمرا أساسيا وذلك لضرورته في تحديد الموضوع والمتطلبات النظرية والمنهجية التي يستخدمها الباحث، وتزداد هذه الأهمية لتحديد المفاهيم، في الدراسات السوسيولوجية التي مازال جزء كبير من مفاهيمها يكتنفه اللبس والغموض وعدم التحديد. فعملية تحديد المفاهيم تساعد على الفهم الأمثل للموضوع وأبعاده ومنه فهي تشكل إطارا تصوريا أو شبكة مفاهيمية لتحليل وتقصي واقع الظاهرة المدروسة وذلك تساعد الباحث على إيجاد مفاتيح لفهم الموضوع والتوصل إلى معالجة الظاهرة المدروسة بطريقة سليمة وموضوعية، وتتضمن الدراسة الراهنة عدة مفاهيم مركزية تم تعريفها ومناقشتها على عدة مستويات، وتم حصرها في ثلاث مفاهيم رئيسية وهي:

الزاويــــة على المستوى الاصطلاحي واللغوي

إن الزوايا جمع زاوية، وهي مأخوذة من الجذر اللغوي (ز و ى) الذي من معانيه الانضمام والتجمع[9]، ومن معانيه أيضا الابتعاد والانعزال [10]و الركن و الانزواء والانطواء والبعد عن حياة العامة والسوق[11]، أما الزاوية في الاصطلاح فهي اسم لمكان منعزل عن الناس، يكون خاصا بالمتصوفة[12]، ينقطعون فيها للعبادة، وهي مكان لإيواء الواردين والمحتاجين وإطعامهم، وقد كان يطلق على الزاوية قديما اسم الرباط والرابطة، ويطلق عليها في المشرق اسم خانقاه[13][14].ومن خلال هذه التعريفات وتعريفات أخرى مشابهة لها من حيث الدلالة،  يتبين لنا أن الزاوية سواءً على مستواها اللفظي أو المفهومي، تنحو نحوا انعزاليا عن الآخر المتمثل في الناس، وفي ملذات الحياة، وكما هو معلوم فإن ثنائية الأنا و الآخر إذا طبقناها على مصطلح الزاوية في مستوى اللغة، يُظهر أن الزاوية والفكر الصوفي على العموم يجعل من هذه الثنائية أساسا لتضخيم الذات وتحقير الآخر المتمثل أساسا في الإنسان المنغمس في ملذات الحياة، وفي تحقير الملذات نفسها، وتوحي مصطلحات الزاوية/الركن/ البعد/الابتعاد/الانعزال/الانزواء/الانطواء… ومصطلحات أخری لها الدلالة نفسها في حدود مستوى اللغة عن ابتعادها عن المركز الذي يمثل قطب الحركة ومحور النشاط، وأساس التفكير وتفضيلها للهامش الذي يظل أبدا خارج المحور، وكما هو معلوم فتاريخ الزوايا في المغرب السمة الغالية عليه هو الاضطراب مع أن المفترض أن يكون العكس أي الثباتُ، وهذا يجعلنا نساءل التاريخ ما معنى أن تسعى الزاوية / الهامش إلى احتلال موقع المركز التي انعزلت عنه بمحض إرادتها.[14]

وقيل في تعريف الزاوية المغربية: إنها مدرسة دينية ودار مجانية للضيافة. ولم تعرف الزاوية في المغرب إلا بعد القرن الخامس الهجري وهو مصطلح حصري خاص بالمغاربة، وسميت في بادئ الأمر “دار الكرامة” التي بناها يعقوب المنصور الموحدي في مراكش…ثم أطلق اسم “دار الضيوف” على ما بناه المرينيون من الزوايا. كالزاوية العظمى التي أسسها أبو عنان المريني في خارج فاس. وفي القرن الثامن الهجري، تكاثرت الزوايا في المغرب ونمت حولها مدارس استقر فيها طلبة العلم مما حدا بملوك بني مرين أن يشيدوا كذلك مدارس بجانب المراكز التعليمية الكبرى خصوصا جامع القرويين بفاس.

السلطة الرمزية من منظـــور سوسيـــولوجي

لقد ارتبط مفهوم السلطة منذ القدم بالتصور السياسي-القانوني، ومن ثم بمختلف أجهزة الدولة ومؤسساتها، ولكن نتيجة لتضافر مجموعة من العوامل السوسيولوجية والاقتصادية والسياسية والثقافية والحضارية، والتي أدت إلى تطور الفكر الغربي في مختلف المجالات، مما أدى إلى إنتاج مفهوم جديد للسلطة[15]، إذ يمكن اعتبار الفيلسوف الفرنسي “ميشيل فوكو” من أهم مؤسسي المفهوم الجديد للسلطة، إلى جانب كل من ماكس فيبر وبيير بورديو، وذلك في مجال الدراسات السوسيولوجية إذ يقول بورديو في هذا الشأن، في حوار أجرته معه مجلة الفكر العربي المعاصر، ع 37، دجنبر 1985: (إن السلطة ليست شيئا متموضعا في مكان ما، وإنما هي عبارة عن نظام من العلاقات المتشابكة، ونجد أن كل بنية العالم الاجتماعي، ينبغي أن تؤخذ بعين الاعتبار، من أجل فهم آليات الهيمنة والسيطرة). إن السلطة إذن، حسب بورديو، بمثابة نظام معقد، يخترق كل العلاقات والترابطات، التي تشتغل داخليا، بواسطة آليات دقيقة وجد فعالة، تتحكم في البنية العامة لذلك النظام.

إن مفهوم (السلطة الرمزية Pouvoir Symbolique) تم طرحه والغوص في معانيه المتعددة في الكثير من الدراسات النظرية والبحوث الميدانية، والتي أفضت إلى أن السلطة الرمزية تقوم دائما على الاختفاء، فهي سلطة لا مرئية ولا يمكن أن تمارس إلا بتواطؤ أولئك الذين يأبون الاعتراف، بأنهم يخضعون لها، بل ويمارسونها[16]، فتأثيرها أعمق وأخطر، لكونها تستهدف أسس البنية النفسية والذهنية للمتلقين لها، ومن جهة أخرى، هي لا تمارس إلا بقابلية أولئك الذين يأبون الاعتراف بأنهم خاضعون لها، وإقرار رؤيا عن العالم أو تحويله، ومن ثم القدرة على تحويل التأثير بالعالم، وتحويل العالم ذاته بقدرة شبه سحرية تمكن من بلوغ ما يعادل ما تتمكن منه القوتان (الطبيعية والاقتصادية) بفعل قدرتها على التعبئة[17]، ويقول بورديو بهذا الصدد، في حوار أجرته معه مجلة الفكر العربي المعاصر، ع 37، دجنبر 1985: (إن السلطة ليست شيئا متموضعا في مكان ما، وإنما هي عبارة عن نظام من العلاقات المتشابكة، ونجد أن كل بنية العالم الاجتماعي، ينبغي أن تؤخذ بعين الاعتبار، من أجل فهم آليات الهيمنة والسيطرة). إن السلطة إذن، حسب بورديو، بمثابة نظام معقد، يخترق كل العلاقات والترابطات، التي تشتغل داخليا، بواسطة آليات دقيقة وجد فعالة، تتحكم في البنية العامة ذلك النظام.

التنـمـية بلمحـــــــة سوسيولوجيــــــة

لقد حظي مفهوم التنمية المستدامة بانتشار واسع في تراث العلوم الاجتماعية، وبخاصة فيما يتعلق بدراسة العلاقة بين الإنسان والبيئة، وعمليات البناء المجتمعي ورسم السياسات التنموية، وبالرغم من الصعوبات الكثيرة التي ينطوي عليها فيما يتصل بتحديد المفهوم و الأطر الفكرية التي تناولته والمداخل النظرية المفسرة له، إلا أنه اكتسب أهميته العلمية والعملية ليرتبط بغايات وأهداف متنوعة تعكس عند تحققها دينامية تدفع المجتمع في اتجاه تجسيد مبدأي “التحول” و”التغير” الذي يسمح بتكوين تصور تنموي شامل يعمد إلى تقوية مختلف المجالات الحياة الاجتماعية وفقا للمعايير والمستويات والصيغ المعاصرة، لقد حظي مفهوم التنمية المستدامة بانتشار واسع في تراث العلوم الاجتماعية، فتعددت تعريفات ومفاهيم التنمية باختلاف وتعدّد المدارس والمقاربات. وتباينت التصورات انطلاقا من المفهوم والممارسة فهي قضية معقدة وشائكة في نفس الوقت. ويختلف هذا المفهوم من إطار نظري إلى آخر ومن تخصص إلى آخر على اعتبار تعدد التخصصات العلمية المهتمة بالتنمية.

ويمكن القول في هذا السياق إن نشأة المفهوم ترجع أساسا إلى عمق الفجوة بين الدول الغربية المستعمِرة والدول النامية المستعمَرة، فقد تبلور هذا المفهوم بأكثر وضوح عند حصول بعض الدول على استقلالها ووقوفها على مشاكلها المتراكمة الناتجة عن الاستعمار، ولذلك نشأ مفهوم التخلف للتدليل على الانحطاط والركود، وهو المقابل لمفهوم التنمية الذي يدل على الحركية والتطور والتقدم والنهوض والنمو… ولقد ظهر مفهوم التنمية لأول مرة في بريطانيا سنة 1944، وذلك في تقرير اللجنة الاستشارية للتعليم، وصدر أول تعريف منظم لتنمية المجتمع خلال مؤتمر “كامبردج” الصيفي حول الإدارة الإفريقية سنة 1948، وفي سنة 1954 عرف مؤتمر “استردج” التّنمية بأنها “حركة مصححة لتحقيق حياة أحسن للمجتمع ككل عن طريق المشاركة الفعالة [18].

ويرى عالم الاجتماع “إيف كوسو” أن سوسيولوجيا التنمية هي سوسيولوجية التناقضات الكبرى والصراعات الحادة، المرتبطة بشكل لصيق بالحركات الاجتماعية.[19]

إن سوسيولوجيا التنمية بالتالي هي سوسيولوجيا التدخل، فهي بالأساس مرتبطة بالتغيرات المجتمعية الناتجة عن تدخلات الرأسمال والدول في مختلف القطاعات الاجتماعية كالبنيات الشمولية للمجتمع، بهذا المعنى هناك سوسيولوجيا الاستراتيجيات والتدخلات لا يمكن فصلها عن الحركات والصراعات التي تعززها أو التي تستجيب لها. إن هذا المفهوم لسوسيولوجيا التنمية يضيء بعض الملاحظات عن أهمية النشاطات المطبقة (من خلال مواكبة المشاريع)[20].

ويرى من جهة أخرى عالم الاجتماع والإثنولوجيا الفرنسي “روجيه باستيد” أن سوسيولوجيا التنمية تركز على التغيرات الاقتصادية التي ينبغي أن تفرز تغيرات البنية الاجتماعية ثم وعبرها تغيرات العقليات، وقد أعطى لهذه السوسيولوجيا وظيفة تحديد معايير التخلف والتي قد تكون اقتصادية وديموغرافية واجتماعية.[21]

أما “جاك لومبار ” فيرى بأن سوسيولوجيا التنمية تقترح على نفسها تحليل المعايير وشروط التغير الاجتماعي الناتج بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر عن مبادرة الفاعل الاجتماعي.[22]

وبالنسبة إلى عالم الاجتماع المغربي الفرنسي بول باسكون تعد التنمية مستوى شاملا للوعي بالتغير المجتمعي، وعيا يختلف لدى القروي عنه لدى الحضري، ويتخذ صيغا متغيرة ومتباينة عند الطبقات والفئات والنخب الاجتماعية، بحيث تتجاذبه تقابلات تجعله متراوحا بين الاستلاب والتحرر، الوهم والواقع، الأصالة والمعاصرة، التقليد والتحديث، الاطمئنان والقلق، الفعل ورد الفعل[23]. وفي هذا الصدد، يعتبر بول باسكون أن تساؤل سوسيولوجية التنمية في الأمم الفتية عن كيف يدرك التغير الاجتماعي، وكيف يمكن التأثير في التغير الاجتماعي، يلتبس مع التساؤل الراهن للمجتمع وهو يبحث عن معرفة ذاته، وضرورة التحليل النقدي للوعي بالتغير الاجتماعي كشرط لمباشرة العمل التنموي، قد يعطي كل دلالته لتعبير جاك بيرك الذي يبدو متناقضا لأول وهلة، إذ يؤكد أن ليس هناك مجتمعات متخلفة، ولكن مجتمعات لم تحلل تحليلا كافيا[24].

بينما عرفها الباحث المغربي عبد العزيز بلال بأنها عبارة عن عملية تغيير اجتماعي وبالتالي هي عملية صراع طبقي بين طبقات تستفيد من الوضع القائم وأخرى تطمح للتّغيير: إنها عملية سياسية في نهاية التحليل[25].

وعموما، فإن مفهوم التنمية مفهوم شاسع يختلف الباحثون في تعريفه، ولكن ما لا يمكن نفيه هو أن التنمية عملية شمولية لا تقبل الاختزال الذي غالبا ما رجحته النظريات السائدة في مرحلة الستينات بوجه خاص، كما أن التنمية لا يمكن اختزالها في مجرد اقتباس نموذج رأسمالي أو غيره باعتباره الوصفة الطبية الجاهزة لمرض التخلف المزمن”.[26] فالتنمية عملية شمولية تتداخل فيها مجموعة من الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية؛ إذ هي تنطلق من الإنسان لتوجه إلى الإنسان ثم تخدم الإنسان.

النفــــوذ الديـــــني والسياسي للزاوية الوزانيــــة

“… إذا كان مؤسس الزاوية الوزانية يتصف عادة بقوة إيمانية وتفرغه التام لما هو روحي، فإن المرحلة الثانية بعد التأسيس تتسم أساسا بتعزيز وتدعيم الهياكل التنظيمية للزاوية، في حين يلاحظ في المرحلة الثالثة طغيان الاهتمامات السياسية والاقتصادية على حساب الجانب الديني …” [27]، وقد انصب اهتمام أبناء وأحفاد المولى عبد الله الشريف على تقوية وترسيخ نفوذ الزاوية الوزانية موظفين الرأسمال الرمزي لمؤسسها. وقد اهتموا بثلاث وظائف أساسية: الوظيفة التعليمية (تلقين القرآن…)، الوظيفة العلاجية (العلاج عن طريق” البركة “) ثم الوظيفة الترفيهية (ظاهرة المواسم الدينية).

كل هذه الوظائف جعلت الزاوية الوزانية مركزا هاما يقصده الناس من مناطق متعددة لدرجة أنها استرعت انتباه المولى إسماعيل، إذ أصبح لها نفوذا كبيرا شمل مجمل الشمال المغربي، بل تعداه إلى الجزائر وتونس وحتى الحجاز حيث أصبح لها مراكز دينية هناك [28] . وهو الأمر الذي أكده السيد حمزة الطيبي منسق الزاوية الوزانية[29] من خلال تبيان أن الزوايا شكلت لعدة قرون ظاهرة مميزة للنسيج الثقافي المغربي، ولا يمكن بأي حال من الأحوال الاستهانة بتأثيراتها في شتى المجالات، لإنها تعتبر من المؤسسات الاجتماعية المغربية العريقة ذات الأدوار والاختصاصات المتعددة والمتكاملة. فالزاوية مركز تواصلي إشعاعي يؤدي وظائف دينية روحانية وأخرى تربوية تأطيرية، بالإضافة إلى كونها تشكل نواة لحركة اقتصادية موسمية (أعطى مثالا لموسم مولاي عبد الله الشريف الذي يقام كل سنة، وطلب التجار بإقامة هذا الموسم حتى يحرك الاقتصاد) أو مصدرا لسلطة سياسية (قدم مثالا آخر يخص زيارة وفد من الشرفاء لجلالة الملك بشفشاون حتى يطلبوا منه إحداث عمالة بوزان سنة 2007)، أو حتى محركا لتغيير ثقافي شامل وعميق، وأكد أيضا السيد الطيبي على أن هناك حربا خفية بين الزاوية الوزانية والتنظيمات السياسية، وعلى أن هاته الأخيرة تعد سببا مباشرا في الحالة المزرية التي يعيشها الوزانيون، كما عبر المتحدث باسم الزاوية على حزنه الشديد بخصوص تقلص الموارد المالية بسبب وضع يد الأحباس على مجموعة من الأملاك الخاصة بالزاوية، مما أثر بشكل كبير في مكانتها ووضعها الراهن.

وسيزداد اهتمام المخزن بالزاوية الوزانية بفعل الموقع الجغرافي الذي جعل منها نقطة وصل ما بين “بلاد المخزن” و”بلاد السيبة”.

الموقع الجغرافي للزاوية الوزانية وأثره على التنمية

إن “موقع الزاوية الوزانية بين قبيلة مصمودة وبلاد الغرب، وبين المخزن وقبائل الجبل هو الذي يفسر اهتمام المخزن بها، حيث ستمثل أداة مهمة يمكن توظيفها من أجل بسط النفوذ على قبائل جبالة وعزلها عن تلك المراكز والزوايا الدينية الموجودة في الجبل والتي عادة ما كانت تشكل مواقع سياسية يصعب التحكم فيها” [30] . فموقع وزان الجغرافي عند ملتقى الجبل والسهل أضفى عليها أهمية خاصة، ذلك أن امتداد نفوذ الشرفاء الوزانيين إلى المناطق الجبلية المجاورة كان من شأنه أن يسهل إخضاع قبائل هذه المنطقة. فوزان، كما يتبين ذلك من خلال تاريخ الدولة العلوية، أصبحت مركزا دينيا وإداريا واقتصاديا بالنسبة لمحيطها، وبذلك ساهمت في تعزيز سلطة “الدولة” في منطقة جبلية وعرة كان سيتطلب إخضاعها اللجوء المستمر للقوة العسكرية [31].

وعليه، فقد تضافر عامل الشرف وآلية الموقع الجغرافي ليعطي للزاوية الوزانية أهمية خاصة جعلت السلاطين العلويين يتقربون للشرفاء الوزانيين. وقد كان ذلك التقارب يخدم أغراض المخزن في اتجاهين:

أولا: كانت الزاوية الوزانية تمثل بالنسبة للمخزن “خزانا ” للنسب الإدريسي. فقد ارتبطت الزاوية، التي أسسها الشريف الإدريسي منذ بدايتها، بمولاي عبد السلام بن مشيش، وكان مؤسسها من نسل كبير أولياء الريف الصالحين. ولم يكن النشاط السياسي لوزان ليوجه نحو الريف فقط، بل وجه كذلك نحو فاس وواحات الجنوب الجزائري وتوات حيث يعيش العديد من المريدين. وتم إحداث زاوية جديدة في فاس، فغدت وزان مركزا دينيا وسياسيا وتجاريا، سمح لليهود فيه بتطوير التجارة. واشترى وئام تام مع المخزن[32]،من هذا المنطلق، كان يتخذها المخزن كإحدى مصادر شرعيته خاصة أن الشرفاء الوزانيين هم الذين كانوا يشرفون على “ولاية العهد” ويباركون بيعة السلاطين المعنيين من الأسرة العلوية [33]،

ثانيا: إن موقع وزان بين الجبل والسهل جعلها ” مركزا متقدما للاستعلام والعمل السياسي لفائدة الأمراء الحاكمين. لقد شكلت وزان ” دولة “- حاجزا بين قبائل جبالة وسهول الغرب، وزاد من أهمية “الوزانية” كونها متغلغلة في المناطق الشرقية التي كان المخزن يطمح لضمها إليه [34].

إن هذه العوامل مجتمعة جعلت الزاوية الوزانية تحظى بدعم خاص من طرف المخزن، ذلك الدعم الذي اتخذ أشكالا متعددة وفر للزاوية موارد اقتصادية مهمة.

إن عملية استقراء تاريخية لتطور المجال الهجري لمدينة وزان تفصح على أن هذا المجال عرف مرحلتين أساسيتين:

المرحلة الأولى: امتدت من ظهور الزاوية الوزانية إلى بداية القرن الحالي (1920-1670)، وتميزت هذه الفترة بامتداد المجال الهجري للمدينة ليشمل مجالات متعددة ومتباعدة. وارتبط ذلك بالإشعاع الروحي والاقتصادي للزاوية، وبالدينامية الداخلية للمدينة، مما جعل وزان تستقطب تيارات هجرية مهمة، وأثبتت الممارسة أن الزاوية الوزانية، وبالخصوص ضريح وليها مولاي عبد الله الشريف ظل مجالا حرما وملاذا لكل معتصم مهما كانت دواعي التجائه أو اعتصامه حتى وإن كان جانيا أو مجنيا عليه[35]. كما آوت الزاوية بحرمها أمن الناس “تجاه كل صروف الخطر أو الخوف أو الجور، مهما كانت مصادرها: تجاه الطبيعة والجارح من الحيوان أو البشر. لكن أكثر أنواع الحماية وأشدها أثرا في الناس هي تلك التي تضع بين الفرد وبين السلطة حجابا”[36].

المرحلة الثانية: ابتدأت مع التدخل الاستعماري بالمغرب والذي أثر على الهياكل المادية للزاوية الوزانية حيث فقدت من جراء ذلك مواردها الاقتصادية المتمثلة في العقار واستقلالها وخضعت لحماية السلطان والمخزن، فصار شيوخ الزوايا والطرق يعينون بظهير ملكي، وبسطت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية نفوذها على ميراث الزوايا بحيث لا يتصرف فيه أحد إلا بإذنها، وذلك وفق ظهير ملكي يعود إلى سنة 1913، وقد انعكس ذلك على دينامية المدينة الداخلية. وشكلت نهاية القرن التاسع عشر المرحلة الأخيرة من مسلسل الإقطاع الكامل لجل الزوايا والطرق الدينية، وخصوصا منها ذات النفوذ الواسع، وذلك بتبني المخزن لسلسة من التدابير الهادفة إلى احتواء هذه الزوايا، عبر الحد من نفوذها الديني والسياسي وإدماجها ضمن النسق المخزني، فأصبحت عبارة عن مؤسسات مخزنية مهمتها الأولى تمثيل المخزن في مناطق نفوذها وحماية مصالحه والدفاع عنها مقابل تمتعها بامتيازات متنوعة (عقارات، هبات، إعفاءات ضريبية…)، فتحول زعماؤها من رجالات علم وتصوف إلى إقطاعيين همهم الأساسي هو الحفاظ على امتيازاتهم وجمع الأموال ومراكمة الثروات[37].

كما أدت التغيرات التي أحدثها الاستعمار على التنظيم المجالي للمغرب ككل إلى تراجع دور المدن المتوسطة والتقليدية والتي أصبحت تعيش على هامش الاقتصاد العصري، وسيتم تكريس هذا في فترة الاستقلال مما أدى إلى انكماش المجالات المحيطة بها.

ومنذ سنة 1984 ومع ظهور الحركات الإسلامية الحديثة وطموحاتها السياسية، شرعت الدولة في انتهاج سياسة دينية شاملة وجديدة تميزت ببسط اليد على المجال الديني ومخارجه ومفاتيحه، فضبط المجال الترابي ومراقبة سكانه كانتا في المغرب، عبر مختلف مراحل تطوره، قاعدة السياسة العامة، ولا سيما منذ قرن. إذ كانت هذه الفكرة هاجسا يؤرق أنظمة الحكم التي تعاقبت عليه، لدرجة أصبحت معها المسألة الترابية حجر الزاوية في كل من تدخلاتها؛ إلى حد أن العامل السياسي هو الذي تحكم في إدارة المجال الترابي، لأسباب متناقضة أحيانا، وعلى حساب تنمية البلاد، وتجديد بنياتها بعمق، وإصلاحها[38].

معيار الشرف كإيديولوجية لتحديد النخب الحضرية المحلية

انتهت الزاوية المغربية عبر تطور وظائفها المختلفة، إلى أن تصبح مكونا ضروريا في توازن المجتمع المغربي. فقد جمعت بين ما كان ينشده الناس من أمان وحاجيات العيش، وما تنشده السلطة من استقرار سياسي واجتماعي. وإذا كان شيوخ الزاوية الوزانية قد شكلوا أحد دواليب السلطة المخزنية[39]، التي لا يمكن الاستغناء عنها لتثبيت سلطتها في جهات نائية بحيث لا يمكن للمخزن أن يكون حاضرا فيها بقوة، فإنهم مقابل ذلك استفادوا كثيرا من التحالف الضمني، فتمكنوا بفضل الامتيازات المادية والمعنوية التي كسبوها من نشر طريقتهم بسرعة داخل المغرب وخارجه وراكموا ثروات مادية كبيرة[40]، مما جعلهم يشكلون خاصة المجتمع[41].

تكبر أدوار الزاوية لتنازع السلطة وتجد لتفي بالأقل في حدود الجماعة، تنطلق كمركز للإرشاد العلمي والصوفي لتنتهي إلى دائرة السياسة تظل مطلوبة، لتبدو وكأنها مجرد أداة سياسية تعززها مبررات التقديس المؤدية إلى تزكية رمزية للأدوار الجديدة(السياسية). فيبدو الباعث الصوفي في نهاية الأمر مجرد ذكرى في معمعان السياسة[42].

فرغم “الكسر الذي أحدثه المستعمر في المنظومة المرجعية للشرف، من خلال إزاحة الشرفاء الوزانيين عن الحقل السياسي المحلي، بتنصيب “على ذ. قاسم” باشا على مدينة وزان سنة 1937، والذي ينتمي إلى قبيلة بني مسارة والتي كانت من ألد أعداء الزاوية الوزانية، فقد حافظ الشرفاء على مكانتهم السياسية وسط المجتمع المحلي بعد الاستقلال”[43]، وتجسد ذلك من خلال احتلال البعض منهم لمواقع قيادية داخل الأحزاب السياسية، خاصة حزب الاستقلال الذي شكل القوة السياسية الوحيدة آنذاك.

لقد تم تعيين الشريف (الشاهد الحسني الوزاني) كاتبا لفرع حزب الاستقلال بوزان سنة 1958، بفضل توفره على رأسمال الشرف ورأسمال رمزي تمثل في كونه مهندسا زراعيا[44].

وستتضح “هيمنة الشرفاء على الحقل السياسي بوزان فجر الاستقلال، خاصة مع ترأس الحسني للمجلس البلدي سنة 1960، وستمثل الانتخابات البرلمانية لسنة 1963 مناسبة أخرى لتأكيد هيمنة الشرفاء على المجال السياسي المحلي، حيث سيفوز هذا الأخير بتمثيل وزان داخل البرلمان؛ غير أن هذا النجاح لن يستمر بالانتخابات الجماعية لسنة 1969، إذ ستسند رئاسة المجلس لأحد أعيان وزان والذي لا ينتمي إلى الشرفاء”[45]، وسيكون هذا الفشل بداية نهاية ايديولوجية الشرف كقاعدة لتحديد النخب الحضرية بوزان، وذلك نتيجة تسارع التغيرات السياسية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي عرفها المجتمع المحلي الوزاني بفعل هيمنة الدولة بالمدينة وضبطها الشديد لكل المجالات، فرغم وجود بعض الشرفاء (بألوان سياسية مختلفة) بالولايتين الأخيرتين لمجلس الجماعة الترابية وزان إلا أن هاته التمثيلية تبقى ضعيفة جدا مقارنة بالماضي، وسيطر فيها الجانب السياسي واعتبارات أخرى على ما هو أيديولوجي(الشرف).

الجـــــانب الميداني للدراســــــة

مكّنت مقاربة علاقة الزاوية الوزانية بالتنمية بمدينة وزان من خلال العينات الميدانية لهذه الدراسة، من التوصل على نتائج عامة تنطبق على الجماعة الترابية وزان، كما قد تكون قابلة لتعميمها، وإن بشكل متفاوت، على باقي الزوايا خصوصا بالمدن المتوسطة والتقليدية التي تنطبق عليها نفس العوامل، وفيما جرد لأهم مخرجات الدراسة:

الجدول رقم 1: الأعضاء المبحوثين ونوع العلاقة مع الزاوية الوزانية

العلاقة بالزاوية التكرار النسبة المئوية
من شرفاء وزان 5 5.3
مريد (ة) 3 3.2
شريك تجاري 1 1.1
شريك ديني 1 1.1
لا علاقة 84 89.4
المجموع 94 100.0

المصدر: نتائج التشخيص الميداني للدراسة

يبين الجدول والمبيان المرافق له المتعلقان بالمبحوثين في علاقتهم بالزاوية الوزانية أن نسبة شرفاء وزان تمثل 5.3% والمريدين نسبة 3.2%، ثم الشركاء التجاريين بنسبة 1.1% والشركاء الدينين يمثلون نسبة 1.1%، بينما تبقى نسبة 89.4% لا علاقة لهم بالزاوية الوزانية؛ وهي نتائج ستعطي صورة واضحة عن مكانة الزاوية حاليا وما مدى علاقة الأخيرة بميكانزمات التنمية.

الجدول رقم 2: مدى علاقة الزاوية الوزانية بتأسيس مدينة وزان

الزاوية وتأسيس وزان التكرار النسبة المئوية
نعم 55 58.5
لا 25 26.6
لا أدري 14 14.9
المجموع 94 100.0

المصدر: نتائج التشخيص الميداني للدراسة

يوضح الجدول أعلاه من خلال أجوبة المبحوثين لعلاقة الزاوية الوزانية بتأسيس مدينة وزان، إذ نجد نسبة 58.5% أجابت بنعم، ونسبة 26.6% أجابت بلا، بينما نسبة 14.9% أجابت بلا أدري، وهي نتائج تدل على أن فئة مهمة من المبحوثين واعون بالدور الذي لعبته الزاوية في تأسيس مدينة وزان، وبينت أيضا الإحصائيات أن فئة أخرى أعربت عن رفضها لهاته العلاقة وبعثت بالتالي إشارات قوية على أن الزاوية لم يكن لها أي دور في تأسيس “دار الضمانة”.

الزاوية والتنمية التكرار النسبة المئوية
نعم 27 28.7
لا 53 56.4
لا أدري 14 14.9
المجموع 94 100.0

الجدول رقم 3: الزاوية الوزانية باعتبارها شريكا حقيقيا في التنمية

المصدر: نتائج التشخيص الميداني للدراسة

يتضح من خلال النتائج المحصل عليها على أن 56,4% من المبحوثين صرحوا على أن الزاوية لا تعتبر شريكا حقيقيا في التنمية، بينما أكد 28,5% عكس ذلك، فيما عبر 14,9% عن عدم درايتهم بخصوص هذا الموضوع، الأمر الذي يؤكد من خلال هاته النتائج أن الزاوية الوزانية لم تعد تتمتع بذلك الدور الريادي والتنموي، بل أصبح الأمر كما صرح أغلب المبحوثين لا يتعدى تمثيلا شكليا في تدشين المشاريع التنموية بمعية ممثلي السلطة، ليتأكد لنا بالتالي أن السلطة الرمزية غدت سلطة صورية لا أقل ولا أكثر.

الجدول رقم 4: الزاوية الوزانية ودورها في إشعاع المدينة

الزاوية واشعاع المدينة التكرار النسبة المئوية
نعم 46 48.9
لا 37 39.4
لا أدري 11 11.7
المجموع 94 100.0

المصدر: نتائج التشخيص الميداني للدراسة

يظهر لنا من خلال أجوبة المبحوثين أن 48,9% أكدت على أن الزاوية الوزانية تلعب دورا كبيرا في إشعاع المدينة، بينما صرحت 39,4% على أن الزاوية لا تلعب أي دور، ويتضح من خلال هاته النتائج تقارب النسب مما نتج عنه تضارب واختلاف الآراء ووجهات النظر بخصوص هاته القضية، ويمكن تفسير ذلك بمدى علاقة كل مبحوث(ة) بالزاوية مما يؤثر في النهاية على موقفه اتجاه الشراكة بين الزاوية والاشعاع بمدينة وزان.

الجدول رقم 5: الزاوية الوزانية وتقدير الساكنة

الزاوية وتقدير الساكنة التكرار النسبة المئوية
نعم 50 53.2
لا 33 35.1
لا أدري 11 11.7
المجموع 94 100.0

المصدر: نتائج التشخيص الميداني للدراسة

يلاحظ من خلال معطيات الجدول أن 53.2% من المبحوثين أكدوا على أن الزاوية تحظى بتقدير كبير من الساكنة، فيما عبرت 35.1% من المستجوبين على أن الزاوية لا تحظى بأي تقدير من الساكنة، بينما لم تعلق 11.7 % على هذا الموضوع. ومن خلال هاته المعطيات يتبين دائما تقارب على مستوى النسب، ويؤكد أيضا انخفاض وتقهقر على مستوى التقدير الذي كانت تتمتع به الزاوية الوزانية سابقا.

معامل الارتباط بين الزاوية الوزانية وفشل التنمية

معامل الارتباط المتغير
0.17 فشل التنمية الزاوية والتنمية
0.17 الزاوية والتنمية فشل التنمية

وضح معامل الارتباط الموجود بين المتغيرين (الزاوية والتنمية، فشل التنمية) بأن هناك علاقة طردية أقل من المتوسط بين المتغيرين (0.17) ، فرغم أن العلاقة أقل من المتوسط لكن تبقى هاته الأخيرة موجودة بين المتغيرين، وبالتالي فمسألة استشارة الزاوية الوزانية خصوصا بالنسبة للمشاريع ذات الطابع الديني والروحي والثقافي يبقى مهما نظرا لمعرفة الزاوية الوزانية بكل ما هو ثقافي وديني بالمدينة، وتبقى أيضا مسألة تأهيل المدينة العتيقة مهمة عند استشارتها نظرا لمعرفتها الكبيرة للمآثر العمرانية والتاريخية بالمدينة التي تحتاج إلى إعادة تأهيل، وبالتالي يمكن القول بأن هناك علاقة استشارية لمشاريع ذات نوع خاص أي ذات الارتباط بما هو ديني وروحاني، أما باقي المجالات والمشاريع ذات الصلة بما هو اقتصادي واجتماعي فلم يعد للزاوية الوزانية أي حضور ما عدا الحضور الكاريزمي لشريف الزاوية أثناء تدشين هاته المشاريع.

نتـــــــــائج الدراســــــة

بينت النتائج المحصل عليها لا على المستوى النظري أو الميداني على أن وجود الزاوية الوزانية وضريح مولاي عبد الله الشريف بهاته المدينة، والحضور الكاريزمي لهذه الشخصية الدينية والتاريخية، ذات النسب الشريف، في المخيال الجمعي لسكان وزان ونخبها المحلية، جعلا من هذه المدينة سابقا زاوية موسعة[46]، ومجالا محليا مقدسا ذا مرجعيات ميتافيزيقة وميتا-اجتماعية. هذا الارتباط بين المجال والمقدس تدخل إلى حد كبير في السابق في توجيه أعمال ووظائف المجالس المحلية المنتخبة، وفي العلاقات السوسيو-سياسية القائمة داخلها، وفي نوعية ديناميتها ووتيرة تغيراتها الاجتماعية، لكن بفعل الركود والتقهقر الذي تعيشه الزاوية الوزانية لا على المستوى المادي أو الرمزي، فقد تم التخلي عن الدور الذي كانت تلعبه في مسألة التوجيه والتدخل باستثناء حالات نادرة[47]، وعليه نجد أن رغم الإشعاع الكبير الذي لعبته الزاوية الوزانية بخصوص التعريف بمدينة وزان خصوصا على المستوى الديني، إلا أن الزاوية الوزانية لم تعد تلعب ذلك الدور التنموي الذي لعبته بالسابق نظرا لتقلص مواردها المالية ومكانتها الاجتماعية لا من داخل الزاوية نفسها ولا من طرف المسؤولين الترابيين أو حتى من الساكنة، مما يؤكد في النهاية على أن السلطة الرمزية للزاوية لم تعد تؤثر بأي شكل من الأشكال في التصورات والسياسات العامة التي لها علاقة بالتنمية بمدينة وزان.

على سبيــــــل الخــــــــــتم

ختاما، إن الزاوية عموما مهما بلغت من القوة والنفوذ، لا يمكنها أن تمثل سلطة فعلية دون إرادة السلطة السياسية المركزية، كما أن إدراك هاته الأخيرة لأداء الزاوية جعلها تستثمر نفوذها داخل القبائل لتثبيت سلطتها وخلق توازن سياسي داخلي، وبالتالي أضحت الوظيفة السياسية للزاوية هي الآلية الوظيفية التي نجحت فيها وفاقت بها كل الوظائف الأصلية والمتعارف عليها (تعليم/تصوف)، بل أصبحت المبادئ الرمزية المؤسسة للعديد من الزوايا مجرد ذكرى تحفظها ذاكرة المحبين وأبناء الشيخ المفترضين.

إن سلطة الزاوية إذن -وعلى مستوى محلي- تبدأ عند حدود سلطة الـ (الشريف)؛ فهي سلطة تختلف عن باقي السلط من حيث مرجعياتها وأسس مشروعيتها، وطرق وأشكال تسريبها وممارستها. فسلطة الشريف (شيخ الزاوية)، كما توصلنا لذلك من خلال النتائج، لا يستمدها من الأعراف القبلية أو القانون العرفي. وبالمقابل، فإن أساس سلطة الشريف ليس هو المخزن كما يوحي بذلك الطرح الوطني، إذ لم يكن شيخ الزاوية موظفا مخزنيا (قائدا أو عاملا)، وإلا لاستغنى به المخزن عن كليهما. فصحيح أن شيخ الزاوية كان يحصل هو الآخر على ظهائر سلطانية (ظهائر التوقير والاحترام)، لكن ذلك لا ينبغي أن يذهب بنا الى اعتبار الظهير هو مصدر سلطة هذا الأخير وأساس شرعيتها ومشروعيتها. وانتهينا إلى أن سلطة هذا الأخير لا يمكن فهمها إلا بالرجوع الى الحقل الصوفي ذاته، كحقل ممارسة تاريخية؛ وما يكثفه هذا الأخير من مرجعيات ومن أنماط سوسيو-تاريخية يتقاطع من داخلها الديني بالميثولوجي والقداسي بالسياسي. فالزاوية بالتالي تتوفر على رأسمال رمزي مهم، استمدته من ارتكانها إلى المقدس الديني، وهو المدخل الذي جعل من الدولة تعيد بعث الزوايا والاهتمام بها، فالدولة بنهجها هذا الفعل تريد أن توظف وتستثمر المقدس الزاوياتي، مما يؤكد أن الزاوية فقد تلك السلطة الرمزية التي كانت تتمتع بها في السابق.

لائـــحة بأهم المراجـــع المعتمدة بالدراســــة

أولا: المراجع باللغة العربية

  • قضايا منهجية في السوسيولوجي-محمد جسوس-، تنسيق نجيب الخدي، مطبعة دار المناهل، البحث 2019.
  • محمد الزمزمي، الزاوية وما فيها من البدع والأعمال المنكرة، مطبعة أسبارطيل، 1999.
  • السيد محمد الحسيني، التنمية والتخلف، دراسة تاريخية بنائية، دار الكتاب للتوزيع، القاهرة، مصر، ط1، 1980.
  • إحسان محمد حسن، الأسس العلمية لمناهج البحث الاجتماعي، دار الطليعة، بيروت، مارس 1986.
  • لحسن أمزيان، السلطان المحلي بين القبيلة والحزب – دراسة سوسيولوجية للسلوك السياسي لدى النخبة المحلية المغربية – منشورات دار الأمان، الطبعة الأولى، 2013..
  • بيير بورديو، الرمز والسلطة، ترجمة: عبد السلام بن عبيد البني، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء، المغرب، 2007.
  • مؤلف جماعي، تاريخ المغرب، مطبعة الرباط نت، الطبعة الأولى، 2018.
  • ضريف محمد، مؤسسة الزوايا بالمغرب، منشورات المجلة المغربية لعلم الاجتماع السياسي
    الطبعة الأولى، 1992.
  • بول باسكون: “سوسيولوجية التنمية” (2)، ترجمة زبيدة بورحيل، في المجلة المغربية للاقتصاد والاجتماع العدد الثاني، دار النشر المغربيّة 1975.
  • أحمد التوفيق، مساهمة في دراسة المجتمع المغربي في القرن التاسع عشر (إينولتان 1850-1912)، البيضاء، منشورات كلية الآداب بالرباط، جزآن، ج2.
  • عبد اللطيف الشاذلي، التصوف والمجتمع، نماذج من القرن العاشر الهجري، سلا، 1989.
  • عبد الملك المقرمي، الاتجاهات النظرية لتراث التنمية والتخلف في نهاية القرن العشرين، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، ط،1، 1991.
  • حمد حجي، الزاوية الدلالية ودورها الديني والعلمي والسياسي، مطبعة النجاح الجديدة، طبعة ثانية موسعة ومنقحة، 1988.
  • معجم مقایيس اللغة، لأحمد بین فارسی، تحقيق وضبط عبد السلام محمد هارون، دار الفکر للطباعة النشر التوزيع، دمشق 1979.
  • عبد الكريم بوفرة، حرب القيم: قراءة في الخطاب الإعلامي الغربي، بعد أحداث 11 شتنبر، منشورات المجلس العلمي بوجدة، العمدة في الطبع، ط 1، 2003.
  • لسان العرب لابن منظور، دار صادر، بيروت، لبنان، 1955-1956.
  • الطاهر القوس علي، السلطة الرمزية عند بيير بورديو، جامعة محمد بن أحمد، الأكاديمية للدراسات الاجتماعية والإنسانية، العدد 16، وهران، 2016.
  • السباني(سعيد)، “موقع المنتخب الحضري في التسيير المحلي حالة وزان”، في: “المدينة المغربية بين التدبير المجالي والتنظيم الجهوي”، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، سلسلة ندوات ومناظرات رقم 85، الطبعة الأولى، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، المغرب، 2000.
  • دراك جمال، “مجمل التاريخ الديني بالمغرب”، تعريب وتلخيص ضريف محمد: مؤسسة الزوايا بالمغرب، المجلة المغربية لعلم الاجتماع السياسي، مطبعة المعارف الجديدة، 1986.
  • عبد السلام فراعي: “التنمية المحلية، دوافعها وأقطابها”، في مجلة القانون والاقتصاد، العدد التاسع، 1993.
  • محمد الناصري، مراقبة المجال الترابي أو تنميته؟ مأزق السلطة منذ قرن، مؤلف جماعي، التحولات الاجتماعية بالمغرب، مركز طارق بن زياد للدراسات والأبحاث، الطبعة الأولى، 2000.
  • محمد المازوني، وظائف الزاوية المغربية: مدخل تاريخي، مجلة فكر ونقد، دار النشر المغربية، العدد العاشر، يناير 2008.
  • أوجست مولييراس، المغرب المجهول اكتشاف جبالة، الجزء الثاني، ترجمة وتقديم عز الدين الخطابي، منشورات تيفرازناريف، مطبعة النجاح الجديدة، 2007.
  • نصر الدين العياضي، دراسة مواقع الشبكات الاجتماعية العربية بين الابستيمولوجيا والإيديولوجيا، من أشغال الملتقى الدولي: شبكات التواصل الاجتماعي في بيئة إعلامية متغيرة دروس من العالم العربي، منسق الملتقى د. معز بن مسعود، مطبعة سانباكت، تونس، 2016.
  • العمراني محمد، الزاوية الوزانية والمخزن العلوي من مرحلة التأسيس إلى أواخر القرن الثامن عشر، مجلة المناهل، عدد 80-81، مطبعة دار المناهل، فبراير 2007.
  • قاسم الحادك، الزوايا والطرق الصوفية في المغرب: من خدمة المخزن وتكريس شرعيته إلى مسالمة المستعمر ومهادنته، مجلة الدراسات والبحوث الاجتماعية، جامعة الوادي، العدد الأول، سبتمبر 2019.

ثانيا: باللغات الأجنبية

  • Villes et tribus au Maroc : Rabat et sa région, Affaires Indigènes et service des renseignements, Paris, Ed, Ernest Leroux. 1918.
  • Bachelard Gaston, la formation de l’esprit scientifique, Vrin, 1980.
  • Luc Bonneville, Sylvie Grosjean et Martine Lagacé, Introduction aux méthodes de recherche en communication, les Editions de la Chancelière Inc. 2007.
  • RODOLPHE GHIGLIONE et BENJAMIN MATALON, Les Enquêtes sociologique théories et pratiques. Armond colin – Paris 1970.
  • Luc Bonneville, Sylvie Grosjean et Martine Lagacé, Introduction aux méthodes de recherche en communication, les Editions de la Chancelière Inc. 2007.
  • Abdel Aziz Bilal, Développement et facteurs non économiques, SMER, Rabat, 1980.
  • Drague Gorges, Esquisse d’histoire religieuse du Maroc, pyronnet, Paris, 1951.

Margins:

  1. Bachelard Gaston, la formation de l’esprit scientifique, Vrin, 1980, p14
  2. مؤلف جماعي، تاريخ المغرب، مطبعة الرباط نت، الطبعة الأولى، 2018، ص 346.
  3. Luc Bonneville, Sylvie Grosjean et Martine Lagacé, Introduction aux méthodes de recherche en communication, les Editions de la Chancelière Inc. 2007, p 40
  4. قضايا منهجية في السوسيولوجي-محمد جسوس-، تنسيق نجيب الخدي، مطبعة دار المناهل، 2019، ص109.
  5. إحسان محمد حسن، الأسس العلمية لمناهج البحث الاجتماعي، دار الطليعة، بيروت، مارس 1986، ص93.
  6. RODOLPHE GHIGLIONE et BENJAMIN MATALON, Les Enquêtes sociologique théories et pratiques. Armond colin – Paris 1970 – p 6.
  7. IDEM – p 8.
  8. لحسن أمزيان، السلطان المحلي بين القبيلة والحزب – دراسة سوسيولوجية للسلوك السياسي لدى النخبة المحلية المغربية – منشورات دار الأمان، الطبعة الأولى، 2013، ص 27.
  9. معجم مقایيس اللغة، لأحمد بین فارسی، تحقيق وضبط عبد السلام محمد هارون، دار الفکر للطباعة النشر التوزيع، دمشق 1979 مادة (ز و ی) ج 3، ص 34.
  10. لسان العرب لابن منظور، دار صادر، بيروت، لبنان، 1955-1956، ص 363.
  11. المرجع نفسه ص 363.
  12. محمد الزمزمي، الزاوية وما فيها من البدع والأعمال المنكرة، مطبعة أسبارطيل، 1999، ص 12.
  13. حمد حجي، الزاوية الدلالية ودورها الديني والعلمي والسياسي، مطبعة النجاح الجديدة، طبعة ثانية موسعة ومنقحة 1988، ص 23.

    وللتفصيل أكثر فـــ”الخانقاه” هو المكان الذي ينقطع فيه المتصوف للعبادة، اقتضت وظيفتها أن يكون لها تخطيط خاص، فهي تجمع بين تخطيط المسجد والمدرسة ويضاف إلى هذين التخطيطين الغرف التي يختلي أو ينقطع بها المتصوف للعبادة والتي عرفت في العمارة الإسلامية باسم الخلاوي. في العصر المملوكي أطلقت كلمة خانقاه على المجموعات الدينية الكاملة للسلاطين مثل خانقاه السلطان بيبرس الجاشنكير ومسجد الأشرف برسباي وضريحه بقرافة المماليك.

  14. عبد الكريم بوفرة، حرب القيم: قراءة في الخطاب الإعلامي الغربي، بعد أحداث 11 شتنبر، منشورات المجلس العلمي بوجدة، العمدة في الطبع، ط 1، 2003، ص 6.
  15. الطاهر القوس علي، السلطة الرمزية عند بيير بورديو، جامعة محمد بن أحمد، الأكاديمية للدراسات الاجتماعية والإنسانية، العدد 16، وهران، 2016، ص ص 36-39.
  16. بيير بورديو، الرمز والسلطة، ترجمة: عبد السلام بن عبيد البني، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء، المغرب، 2007، ص 56.
  17. المرجع السابق نفسه، ص 56.
  18. امحمد عليلوش، التربية والتعليم من أجل التنمية، ط1، منشورات مجلة علوم التربية، العدد 10، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 2007، ص 105.
  19. السيد محمد الحسيني، التنمية والتخلف، دراسة تاريخية بنائية، دار الكتاب للتوزيع، القاهرة، مصر، ط1، 1980، ص:11-14-15.
  20. محمد عبد المولى: العالم الثالث ونمو التخلف الدار العربية للكتاب، دار المعارف بمصر، ط3 ،1977، ص،82.
  21. نيقولا تيماشيف، نظرية علم الاجتماع، طبيعتها تطورها، ترجمة محمود عودة وآخرون، دار المعارف بمصر، ص 155.
  22. عبد الملك المقرمي، الاتجاهات النظرية لتراث التنمية والتخلف في نهاية القرن العشرين، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، ط،1، 1991، ص،36-37.
  23. بول باسكون: “سوسيولوجية التنمية” (2)، ترجمة زبيدة بورحيل، في المجلّة المغربيّة للاقتصاد والاجتماع العدد الثاني، دار النّشر المغربيّة 1975، ص79-96.
  24. المرجع نفسه، ص89.
  25. Abdel Aziz Bilal, Développement et facteurs non économiques, SMER, Rabat, 1980, Pp.1-6.
  26. عبد السلام فراعي: “التنمية المحلية، دوافعها وأقطابها”، في مجلة القانون والاقتصاد، العدد التاسع، 1993، ص49.
  27. Laroui (A) : Les origines sociales et culturelles du nationalisme marocain 1830-1912, F. Maspéro, Paris, 1977, P.P. 137-138.
  28. الخالدي عمر، من تاريخ المغرب المعاصر، نموذج عن الاقطاع الجهوي، مجلة ” دراسات عربية “، عدد 8، يونيو 1980، ص.ص. 67-77.
  29. مقابلة تم إجراؤها مع السيد محمد الطيبي منسق الزاوية الوزنية بمقر الزاوية بحضور مولاي أحمد علي حيدرة الحسني الوزاني، شيخ الزاوية الوزانية.
  30. Villes et tribus au Maroc : Rabat et sa région, Affaires Indigènes et service des renseignements, Paris, Ed, Ernest Leroux. 1918, p.p. 237-238.
  31. ضريف محمد، مؤسسة الزوايا بالمغرب، منشورات المجلة المغربية لعلم الاجتماع السياسي الطبعة الأولى، 1992، ص، 92.
  32. مؤلف جماعي، تاريخ المغرب، مطبعة الرباط نت، الطبعة الأولى، 2018، ص 346.
  33. ضريف محمد، مؤسسة الزوايا بالمغرب، مرجع سبق ذكره، ص 92.
  34. دراك جمال، “مجمل التاريخ الديني بالمغرب”، تعريب وتلخيص ضريف محمد: مؤسسة الزوايا بالمغرب، المجلة المغربية لعلم الاجتماع السياسي، مطبعة المعارف الجديدة، 1986، ص.116.
  35. أحمد التوفيق، مساهمة في دراسة المجتمع المغربي في القرن التاسع عشر (إينولتان 1850-1912)، البيضاء، منشورات كلية الآداب بالرباط، جزآن، ج2، ص 94.
  36. عبد اللطيف الشاذلي، التصوف والمجتمع، نماذج من القرن العاشر الهجري، سلا، 1989، ص 125.
  37. قاسم الحادك، الزوايا والطرق الصوفية في المغرب: من خدمة المخزن وتكريس شرعيته إلى مسالمة المستعمر ومهادنته، مجلة الدراسات والبحوث الاجتماعية، جامعة الوادي، العدد الأول، سبتمبر 2019، ص66.
  38. محمد الناصري، مراقبة المجال الترابي أو تنميته؟ مأزق السلطة منذ قرن، مؤلف جماعي، التحولات الاجتماعية بالمغرب، مركز طارق بن زياد للدراسات والأبحاث، الطبعة الأولى 2000، ص15.
  39. العمراني محمد، الزاوية الوزانية والمخزن العلوي من مرحلة التأسيس إلى أواخر القرن الثامن عشر، مجلة المناهل، عدد 80-81، مطبعة دار المناهل، فبراير 2007، ص145.
  40. Drague Gorges, Esquisse d’histoire religieuse du Maroc, pyronnet, Paris, 1951, op. cit. p.52
  41. العمراني محمد، م,س، ص 145.
  42. محمد المازوني، وظائف الزاوية المغربية: مدخل تاريخي، مجلة فكر ونقد، دار النشر المغربية، العدد العاشر، يناير 2008، ص 58.
  43. السباني سعيد، 2000، “موقع المنتخب الحضري في التسيير المحلي حالة وزان”، في: “المدينة المغربية بين التدبير المجالي والتنظيم الجهوي”، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، سلسلة ندوات ومناظرات رقم 85، الطبعة الأولى، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، المغرب، ص92.
  44. محمد عياش، الماستر المتخصص “هندسة التنمية الترابية والحكامة المجالية”، تدبير المجال الحضري بمدينة وزان بين أسئلة التنمية الترابية ومطلب الحكامة المحلية (عمالة إقليم وزان)، 2015، ص248.
  45. السباني سعيد، 2000، مرجع سابق، ص 92.
  46. نظرا للإشعاع الروحي الذي ميز الزاوية الوزانية فقد وصفها الرحالة والمستكشفون الأجانب الذين وظفتهم الدول الأوربية الطامعة في احتلال المغرب منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر بــ” المدينة المقدسة” وبمدينة الشرفاء بأحايين أخرى، أنظر في هذا السياق ما ورد عند أوجست مولييراس المغرب المجهول اكتشاف جبالة الجزء الثاني ترجمة وتقديم عز الدين الخطابي… ص 419.
  47. تم توجيه رسالة استياء واستنكار من طرف مولاي أحمد علي حيدرة الحسني الوزاني شيخ الزاوية الوزانية لرئيس المجلس البلدي السابق ع.الع. بخصوص الترخيص لمشروع لإحداث مدار للسيارات على جزء من بقعة أرضية من جملة أملاك الزاوية، وذلك في إطار اتفاقية تهيئة بعض شوارع المدينة دون استيفاء الشروط القانونية المعمول بها في مثل هذه الحالات، مشيرا إلى كون “تلك الأرض تشكل موضوع إنجاز مركب ديني بمباركة مولية سامية”، وفق تعبير الرسالة.