استثمار عوائد الوقف الصحي بنظام B.O.T

دانية خليل حجيج1

1 باحثة دكتوراه في الاقتصاد الإسلامي والفقه

بريد الكتروني: danyah@gmail.com

HNSJ, 2023, 4(4); https://doi.org/10.53796/hnsj4425

Download

تاريخ النشر: 01/04/2023م تاريخ القبول: 15/03/2023م

المستخلص

هدفت الدراسة التعرف الى استثمار عوائد الوقف الصحي بنظام B.O.T، حيث أبرزت الدراسة إشكالية الدراسة والتي تتمثل في التعرف على الصيغ الحديثة لتمويل الأوقاف بشكل عام، والتعرف على صيغة البناء والتشغيل والتحويل (B.O.T) بشكل خاص، فالوقف الصحي يحتاج الى ادوات تمويلية جديدة تساعد في تطويره والعمل على استمراريته، وحشد الموارد هي أحد اهم القضايا الأساسية لدوام واستمرار الوقف الصحي. وتنوع الصيغ واستحداثها يساعد في استمرارية دعم حشد الموارد لتمويل الوقف الصحي، وتظل صحة الفرد من اهم القضايا المتعلقة في التنمية، فتوفير التغطية الصحية لجميع الافراد والمجتمعات هي مطلب أساسي،

اعتمدت الدراسة على المنهج الاستقرائي وذلك باستقراء المادة الأدبية المكتوبة عن الوقف الصحي بالعموم وعن استثمار عوائده على وجه الخصوص. اعتمدت الدراسة على المنهج الوصفي التحليلي الذي يقوم على دراسة ووصف الظاهرة موضوع الدراسة في واقعها. تتمثل أهداف البحث في محاولة الاجابة عن التساؤلات المحورية الآتية: ما ماهية تمويل واستثمار الوقف الصحي؟، وما هو دور نظام الـ B.O.T في استثمار عوائد الوقف الصحي؟، ما مدى إمكانية استخدام عوائد الأوقاف الصحية لتطوير وتحسين الخدمات المقدمة.

الكلمات المفتاحية: الاستثمار، العوائد، الوقف الصحي، نظام B.O.T

Research title

Investing the returns of the health WAQF’s in the B.O.T system.

Dania Khalil Hujeij1

1 PhD researcher in Islamic economics and jurisprudence.

Email: danyah@gmail.com

HNSJ, 2023, 4(4); https://doi.org/10.53796/hnsj4425

Published at 01/04/2023 Accepted at 15/03/2023

Abstract

The problem of the study focused on trying to identify modern formulas for financing endowments in general,and identifying the build-operate-transfer (B.O.T) formula in particular health services. The diversity of formulas and their development helps in the continuity of supporting the mobilization of resources to finance the health endowment, and the health of the individual remains one of the most important issues related to development, providing health coverage for all individuals and societies is a basic requirement. In particular.

The study relied on the analytical descriptive approach, which is based on the study and description of the phenomenon under study in its reality. The objectives of the research are to try to answer the following pivotal questions: What is the funding and investment of the health endowment?, And what is the role of the B.O.T system in investing the health endowment revenues? To what extent can the proceeds of health endowments be used to improve and develop the services provided?

Key Words: Investment, Returns, Health Endowment, System, B.O.T

المقدمة:

لا أحد ينكر التطورات التي طرأت على صيغ تمويل الأوقاف في السنوات الأخيرة، الأمر الذي يدعنا نتساءل عن أهمية حشد الموارد وتوفير التمويل الدائم لبقاء عين الوقف والمحافظة عليه وضمان استمراريته، لذلك سنتناول في هذا البحث صيغ تمويل الأوقاف ونحاول أن نعزز من استفادة الوقف الصحي من هذه الصيغ لضمان استمرارية بقائه وتقديمه للخدمات الصحية، وسينصب اهتمامنا في هذه الدراسة على صيغة البناء والتشغيل والتحويل (B.O.T)، كصيغة تمويلية مبتكرة لتمويل الوقف الصحي واستثمار عوائده، فلا يخفى على الجميع الأثر العظيم الذي يقدمه الوقف الصحي في رعاية حياة الفرد والمجتمع، ونظرا لما يقوم به الوقف الصحي من إسهام تنموي للمجتمع المسلم، من تفريج للكربات وتخفيف على المرضى، من هذا المنطلق تم اختيار موضوع البحث: استثمار عوائد الوقف الصحي بنظام B.O.T.

مشكلة البحث:

تتركز مشكلة الدراسة في محاولة التعرف على الصيغ الحديثة لتمويل الأوقاف بشكل عام، والتعرف على صيغة البناء والتشغيل والتحويل (B.O.T) بشكل خاص، فالوقف الصحي يحتاج الى ادوات تمويلية جديدة تساعده في التطوير وتنمية موارده والعمل على استمراريته، فحشد الموارد هي أحد اهم القضايا الأساسية لدوام واستمرار الوقف الصحي. وتنوع الصيغ واستحداثها يساعد في استمرارية حشد الموارد لتمويل الوقف الصحي، وتظل صحة الفرد من اهم القضايا المتعلقة في التنمية فتوفير التغطية الصحية لجميع الافراد والمجتمعات التي تحتاج لهذه الخدمات كمطلب اساسي.

وانطلاقا من الدور الذي تلعبه صيغة البناء والتشغيل والتحويل (B.O.T) في التمويل وحشد الموارد، فضلا عن قلة الدراسات التي تتناول تمويل الوقف الصحي بنظام الـ B.O.T، كان لزام التعرف على واقع الصيغة ومدى فاعليتها في استثمار عوائد الوقف الصحي، ولتحقيق ذلك تنطلق هذه الدراسة من التساؤل الرئيس التالي: ما هو دور نظام الـ B.O.T في استثمار عوائد الوقف الصحي؟

أهداف البحث:

تتمثل أهداف البحث في للتعرف على الأهداف الاتية المحورية الآتية:

  1. بيان مفهوم تمويل واستثمار الوقف الصحي؟
  2. التعرف على دور نظام الـ B.O.T في استثمار عوائد الوقف الصحي؟
  3. بيان إمكانية استخدام عوائد الأوقاف الصحية لتطوير وتحسين الخدمات المقدمة.

أسئلة البحث : تتمثل أسئلة البحث في محاولة الإجابة عن التساؤلات المحورية الآتية:

  1. ما ماهية تمويل واستثمار الوقف الصحي؟
  2. ما هو دور نظام الـ B.O.T في استثمار عوائد الوقف الصحي؟
  3. ما مدى إمكانية استخدام عوائد الأوقاف الصحية لتطوير وتحسين الخدمات المقدمة.

منهجية البحث:

باعتبار أن المنهج عبارة عن الطريقة التي يتبعها الباحث في دراسته للمشكلة لاستكشاف الحقيقة، والإجابة عن الأسئلة، وبالنظر إلى تنوع وتعدد المناهج التي يمكن الاعتماد عليها، الأمر الذي يستوجب تحديد طبيعة الموضوع، واختيار المنهج المناسب، وحسب الأهداف المسطرة للدراسة، والتساؤلات التي ترمي للإجابة عليها، تم اعتماد منهجين وهي المنهج الوصفي التحليلي والمنهج الاستقرائي.

  1. اعتمدت الدراسة على المنهج الاستقرائي وذلك باستقراء المادة الأدبية المكتوبة عن تمويل واستثمار الوقف الصحي.
  2. كما اعتمدت الدراسة على المنهج الوصفي التحليلي الذي يقوم على دراسة ووصف الظاهرة موضوع الدراسة في واقعها؛ للإجابة عن تساؤلات الدراسة.

إجراءات البحث:

اعتمدت الباحثة على استقراء أدبيات الموضوع المتاحة لتكوين الجانب النظري عن نظام الـ B.O.T ودوره في استثمار عوائد الوقف الصحي، كما لم يعتمد الجانب النظري على القراءة والنقل فقط، ولكنه اعتمد في المقام الأول على المنهج التحليلي لأدب الموضوع؛ بهدف الوصول إلى ملاحظات، واستنباط نتائج، وإبراز وإضافة جوانب غير واضحة، أو غير مباشرة، أو غير مذكورة أساسا.

الدراسات السابقة:

يركز هذا البحث على معرفة دور نظام الـB.O.Tفي استثمار عوائد الوقف الصحي، وفي ظل قلة الدراسات التي ربطت بين نظام B.O.T والوقف الصحي وتوافر الدراسات عن الوقف الصحي بالعموم ودورها البارز في توفير حياة مزدهرة سواء للفرد أو المجتمع. والتي بدورها ستثري هذه الدراسات من خلال الجزء النظري من البحث، وسنستعرض فيما يلي أهم الدراسات المتاحة في هذا الصدد:

  1. سلطان، محمد صالح، الوقف الصحي رؤية مقاصدية تطبيقية، منتدى الفقه لاقتصادي الإسلامي. دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري، دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي. 2017م.

استعرضت الدراسة مفهوم الوقف الصحي وتعريفاته، كما استعرض مقاصد الشريعة في الوقف الصحي، ثم استعرضت أهمية وطرق الحث على الوقف الصحي. بالإضافة إلى صيغ تأسيس الوقف كما استعرضت أهم مصارف الوقف كما عالجت استثمار أموال الوقف وذلك في مجال اقتصاديات الصحية المزدهرة، واستنتجت الدراسة العديد من الاستنتاجات منها: إن الإسلام دين التكافل والتعاون ممثلا في تشريع والحث على الوقف، وقد تبارى المسلمون الامتثال لفضل الوقف والإسهام فيه. وإن أهمية توجيه الواقفين وفاعلي الخير إلى الوقف الصحي، وجعله أولوية على غيره من الأوقاف الاجتماعية والخيرية وذلك لعظيم أثره وكبير نفعه. وإن اشتمال الوقف الصحي على المحافظة ورعاية المقاصد والضروريات الخمس التي اتفقت الشرائع على رعايتها. وإن الإسهام والتنويع في الصيغ الوقفية الصحية، وإدماج الأموال بجميع أنواعها سواء كانت أصول ثابتة كالعقارات، أو منقولة كالأجهزة الطبية، أو حتى وقف للأوقات مثل الجهد الطبي والجهد الإداري. وتنوع المصارف الوقفية الصحية والتي تشمل كامل النشط الصحي، من مستشفيات ومستوصفات خيرية، أو كليات، أو أطباء، أو صيادلة، أو محتاجون. وإن التوجيه والتأكيد على تنويع استثمارات الأوقاف في مجال الاقتصاد الصحي، بصيغة المساهمة في تأسيس مستشفيات، أو مراكز أبحاث، أو مصانع، أو كليات صحية. وضرورة الالتزام بالضوابط الشرعية والإدارية والنظامية في إدارة الأوقاف الصحية والأخذ بالعرف الإداري الصحي.

  1. عبدالرحمن، أحمد عوف، أوقاف الرعاية الصحية في المجتمع الإسلامي، وهي سلسلة من كتاب الأمة التي تصدر عن وقفية الشيخ علي بن عبد الله آل ثاني للمعلومات والدارسات مركز البحوث والدارسات في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية سابقا بدولة قطر (ط: 1؛ قطر: دار الكتب القطرية، 1428 هـ / 2007 م).

هدفت الدراسة إلى استعادة دور مؤسسة الوقف في الحياة الإسلامية المعاصرة، بالإضافة إلى إحياء سنة الوقف بتجديد الدعوة إليه، من خلال مشروعات وقفية ذات أبعاد تنموية، تنشط الوعي، وتبعث الفكر المثمر، والحوار الجاد، بالإضافة إلى إلقاء الضوء على تراثنا الإسلامي العريق لمن يرغب في أن يخوض بحاره، ويحلق في سماوات دون تحيز، واستنهاض همم القادرين، أفرادا أو مؤسسات، للمشاركة في تحديد الدور التنموي للوقف في الحياة الصحية والتعليمية، وذلك من خلال الوقف» بأطره وآلياته في ضوء ما طرأ من تطورات في العصر الحديث. كما استنتجت الدراسة التالي: الإسلام دين التكافل والتعاون على البر والتقوى، كما ساهمت الأوقاف في صنع الحضارة الطبية الإسلامية، فقد كانت من وراء تنمية العلوم الطبية التي تجاوزت رسالتها العالم الإسلامي إلى غيرد، فضلا عن رسالتها السامية في مجال علاج الأمراض ومقاومة الأوبئة وحماية البيئة. لم يقتصر دور الوقف في صنع الحضارة الإسلامية وتنميتها على العالم الإسلامي، وإنما أسهم في صنع الحضارة الإنسانية وتقدم البشرية. كما أثبتت الدراسات التاريخية العلمية الموضوعية أن المسلمين الأوائل كانوا هم الرواد في مجال البحث والدراسة والتجربة والاكتشافات في المحال الطبي، كما استنتجت الدراسة أن زعزعة مكانة الوقف في القرنين التاسع عشر والعشرين الميلاديان، نتيجة لتدخل السلطة الحكومية في بعض الدول في إدارة الأوقاف، أدى إلى ضعف مكانة دور الوقف، وضالة آثاره على مستوى تحقيق التنمية الصحية، كما تزعزعت الثقة فيه وقل عدد الواقفين له. وإنهناك مؤسسات وقفية تعمل بنجاح حتى وقتنا الحاضر ، ولا تزال مستمرة، رغم تبدد الكثير مما وقف عليها، في دعم الصحة والتعليم والثقافة وسائر وجوه الخيرات. إن حركة الوعي الإسلامي، وجهت الأنظار، محليا وعالميا، نحو العمل الجاد لإحياء سنة الوقف وتطوير منابعه وأوجه استمارة ومجالات إنفاقه، واستحداث صيغ وآليات جديدة. وإن مستقبل الأوقاف، وعودتها لوظيفتها في صنع التقدم والرقي والحضارة سيكون – بمشيئة الله تعالى – قريبا طيبا ومشرفا إذا ما خلصت النيات الله عز وجل ، وصلحت الأعمال وتعاون الجميع وفق أسلوب علمي نحو العمل الجاد لتفعيل دور الموقف .

الإضافة المتوقعة من الباحث:

على الرغم من الاهتمام الكبير الذي بيديه الباحثون بالقطاع الصحي وكثرة الدراسات في هذا المجال، إلا أن الدراسات التي تركز على صيغ استثمار الوقف الصحي بنظام البناء والتشغيل والتحويل (B.O.T)، بقيت في منأى إلى حد ما عن البحث والدراسة، وعليه تندرج هذه الدراسة ضمن الدراسات القليلة في هذا المجال، ومن هذا المنطلق نأمل أن تسهم هذه الدراسة في إثراء المكتبة العربية، وأن تكون منطلقا لأبحاث ودراسات جديدة، كما نأمل أن تكون هذه الدراسة إسهاما متواضعا في هذا المجال لأنها تكشف عن الإطار النظري لـ صيغة البناء والتشغيل والتحويل (B.O.T) في مجال تمويل وحشد الموارد للوقف الصحي بطرح التعريفات والمصطلحات المتداولة في هذا السياق، وتستعرض الإنتاج الفكري السابق للموضوع، وتعرض لبعض التجارب نظام البناء والتشغيل والتحويل (B.O.T)، التي نفذت في برامج مشابهة كالتعليم ويمكن تطبيقها على الوقف الصحي.

هيكل الدراسة:

يتكون البحث من مدخل ومبحثين، المبحث الأول: تناول تمويل واستثمار الوقف الصحي واشتمل على مطلبين: المطلب الأول: مفهوم تمويل واستثمار الوقف الصحي، والمطلب الثاني: صيغ تمويل واستثمار الوقف الصحي.

وأما المبحث الثاني فقد تناول: استثمار عوائد الوقف الصحي بنظام B.O.T. واشتمل على مطلبين: المطلب الأول: مفهوم نظام الـ B.O.T، والمطلب الثاني: كيفية استخدام نظام الـ B.O.T في الأوقاف الصحية.

وانتهى البحث بالخاتمة: متضمنة النتائج التي توصل إليها البحث وتوصياته.

المبحث الأول: تمويل واستثمار الوقف الصحي

للإجابة على السؤال الأول للبحث [ما ماهية تمويل واستثمار الوقف الصحي؟]

سنعرض مفهوم تمويل واستثمار الوقف الصحي، ثم سنعرض صيغ تمويل واستثمار الوقف الصحي.

    1. مفهوم تمويل واستثمار الوقف الصحي:

تعريف الوقف الصحي:

    1. تعريف الوقف:

“حبس مال يمكن الانتفاع به، مع بقاء عينه، بقطع التصرف في رقبته من الواقف وغيره، على مصرف مباح موجود ـ أو بصرف ريعه على جهة بر وخير ـ تقرب إلى الله تعالى”.(الزحيلي، د.ت، :10/7601)

    1. تعريف الصحة:

عرفت منظمة الصحة العالمية الصحة بأنها “حالة من اكتمال السلامة بدنيا وعقليا واجتماعيا، لا مجرد انعدام المرض أو العجز”.(World Health Organization، 2020)

    1. مفهوم تمويل الوقف الصحي:

يمكن اشتقاق تعريف الوقف الصحي من تعريف منظمة الصحة العالمية لتمويل الرعاية الصحية، “استدرار الموارد المالية وتخصيصها واستخدامها في إطار النظم الصحية”.(سلطان، 2017، :00)(موقع منظمة الصحة العالمية، 2023)

    1. التمويل:

يعرف التمويل على أنه “البحث عن الطرائق المناسبة للحصول على الأموال واختيار وتقسيم تلك الطرائق والحصول على المزيج الأفضل بينهما بشكل يناسب كمية ونوعية احتياجات المؤسسة”. (ركيبي، 2011، :35)

    1. تمويل الوقف:

إن معنى تمويل الوقف هو كيفية الحصول على الموارد المالية على اختلاف أنواعها إما بتوظيف المصادر المالية التي يمتلكها الوقف أو بالبحث عن مصادر خارجية تمول العملية التنموية للمشاريع الوقفية وفق أحكام ومقاصد الشريعة الإسلامية (يماني، 2013 :2)

    1. تعريف تمويل الوقف الصحي:

يمكن أن نشتق معنى تمويل الوقف الصحي من معنى تمويل الوقف فهو التفكير علميا وعمليا في الحصول على رأس مال مطابق لخصائص المال في الفقه الإسلامي لتغطية احتياجات الوقف الصحي والعناية به وتنميته وزيادة نشاطه بزيادة رأس المال أو بالبحث عمن يشاركه في الأموال التي قد لا تكون متاحة له. (يماني، 2013).

    1. مفهوم استثمار أموال الوقف الصحي:
    2. الاستثمار في الاقتصاد:

وقد شاع مصطلح الاستثمار في أوساط الاقتصاديين المعاصرين فعرف بأنه: “جهد واع، رشيد، يبذل في الموارد المالية والقدرات البشرية بهدف تكثيرها، وتنميتها والحصول على منافعها وثمارها (شوقي، 1984 :76)

    1. استثمار أموال الوقف الصحي:

يمكن اشتقاق المعنى من تعريف استثمار الأموال، بأنه الإنفاق على أصوله الثابتة من ممتلكات بقصد تحقيق أعلى قدرا من الربحية والعوائد المالية لصالح الوقف الصحي وذلك على مدد وفترات محددة سلفا، لضمان استمراريته وبقائه. (عبد القادر، 1425هـ :78).

    1. صيغ تمويل واستثمار الوقف الصحي:

يمكن اقتباس صيغ تمويل واستثمار الوقف الصحي، من خلال ما جاء في قرارات وفتاوى منتدى قضايا الوقف الفقهية الأول، (منتدى قضايا الوقف الفقهية الأول، 2004 :414) وما جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي، (مجلة مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، 2006 :525)، ويمكن تفصيل ذلك بعدة طرق، منها:

الاستثمار عن طريق تأجير الوقف الصحي:

  • الاستثمار عن طريق تأجير الوقف الصحي. (أبو غدة، 2009 :231-232)، صورته: وجود أو شراء مستشفى وتأجير عيادات المستشفى على الدكاترة والإخصائيين كل حسب اختصاصه، والعائد من التأجير يعود على الوقف الصحي بالمنفعة.
  • الاستثمار عن طريق البيع التأجير المنتهي بالتمليك (السعد و العمري، 2000 :51-53)، “وهو تطبيق خاص لعقد الإجارة يتميز بأنه ينتهي بانتقال ملكية المال المأجور إلى المستأجر فيصبح مالكاً له في مقابل مبالغ الإيجار التي قام بسدادها للمؤجر، والتي تعادل – عادة- قيمة المأجور، فإذا لم تعادلها قام المستأجر بتكملتها”(عوجان، :277). وبذلك تكون العيادة ملك للإخصائي بعد انتهاء قيمة المأجور.

الاستثمار عن طريق عقد الاستصناع أو المشاركة، أو المشاركة المنتهية بالتمليك، أو الحكر، في بناء الوقف الصحي منها:

  • الاستثمار عن طريق عقد الاستصناع: (منتدى قضايا الوقف الفقهية الأول، 2004، :415).

الاستصناع:”هو أن يطلب إنسان ممن له صنعة أن يصنع له شيئاً مما له علاقة بصنعته على وجه مخصوص، وتكون العين والعمل من الصانع”. (حميش و شواط، 2013، :122).

صورته: الاستثمار عن طريق عقد الاستصناع لصنع الأجهزة الطبية، وصنع الأدوية، والعلاجات، والعقاقير، واللقاحات.. إلخ، وصنع الملابس والتجهيزات الطبية أيضا وبرمجيات الحاسب لإدارة المستشفيات.

  • الاستثمار عن طريق عقد المشاركة المتناقصة أو المنتهية بالتمليك:(مهدي، 1423هـ، :84-85). المشاركة المتناقصة: هي نوع من المشاركة حيث يحق للشريك استبدال المؤسسة بالملكية المشتركة للمشروع، إما فوراً أو بالتقسيط، وفقاً للشروط المتفق عليها وطبيعة العملية (عوجان :261). صورتها: اشتراك عدد كبير من الأطباء أو الإخصائيين في بناء المستشفى، إما دفعة واحدة أو على دفعات، وحسبما تقتضيه الشروط المتفق عليها وطبيعة العملية.
  • المضاربة بمال الوقف: فيما يقبل المضاربة من الأموال الموقوفة (مجلة مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، 2006 :525). والمضاربة: نوع من أنواع الشركة، وهي: دفع رجل ماله إلى آخر يتجر به، والربح بينهما. وتسمى قراضًا (بن قدامة، 388 هـ-1968 :261). صورته: تاجر يتشارك مع صيدلاني في بناء صيدلية بأن يعطيه ماله ويبني الصيدلاني الصيدلية ويديرها والربح بينه وبين التاجر.
  • إنشاء مبان على أراضي الوقف بنظام الاستصناع، أو المشاركة، أو المشاركة المنتهية بالتمليك، أو الحكر، أو أي صيغة من صيغ الاستثمار (حسين، 2004، :87).

والحكر: “أرض الوقف تؤجر، فيزرعها المستأجر بأشجار مستديمة، أو يبني فيها البناء المستقر لتبقى في يده أبداً”(قلعجي و قنيبي، 1988 :184). صورته: أرض كبيرة أجرت فبني عليها المستأجر مدينة صحية فبقيت في يده أبداً.

تمويل واستثمار الوقف الصحي من خلال البنوك والصناديق الإسلامية:

  • الإسهام في تأسيس بنوك إسلامية، وصناديق وقفية صحية، وإنشائها. (منتدى قضايا الوقف الفقهية الأول، 2004)
  • قيام البنوك الإسلامية بعملية استثمار الممتلكات الوقفية الصحية في الدول التي هي في حاجة إلى استثمار (مهدي، 1423هـ، :10-12). مثل استثمار في تجهيز عيادات وقفية في المدن العلاجية تحت مسمى العلاج الخيري.
  • وقف النقود للاستثمار إما بطريق مباشر، أو بمشاركة عدد من الواقفين في صندوق صحي واحد، أو عن طريق إصدار أسهم نقدية وقفية تشجيعًا على الوقف الصحي، وتحقيقًا للمشاركة الجماعية فيه (مجلة مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، 2006، :526).
  • استثمار المال النقدي الموقوف في أعيان كأن يشتري الناظر به عقاراً أو يستصنع به مصنوعاً. صورته: شراء أرض لبناء أو توسعة مستشفى قد تحقق عائد ريعي في المستقبل كذلك ارتفاع قيمة الأصول.
  • استثمار أموال الوقف الصحي في الأسهم والصكوك. السهم: “صك يمثل حصة في رأس مال شركة ما” (آل سليمان، 1425هـ، :1/114). أما الصك فهو: “الكتاب الذي يكتب فيه المعاملات والتقارير، ووقائع الدعوى. ويطلق الآن على وثيقة بمال أو نحوه”(عبد المنعم، 1999، :375/2)، وصورتهم: تملك حصص في شركات الصناعات الدوائية.
  • الاستثمار في صكوك صناديق الاستثمار الإسلامية المحلية والدولية. (عبد المنعم، 1999، :88): وصندوق الاستثمار هو برنامج استثمار مشترك يهدف إلى إتاحة الفرصة للمستثمرين فيه بالمشاركة جماعياً في أرباح البرنامج، ويديره مدير الصندوق مقابل رسوم محددة».(هيئة السوق المالية، 2023، :12).
  • الاستثمار في المؤسسات المالية الإسلامية من خلال الحسابات الاستثمارية لأجل (حسين، 2004، :88).

تمويل واستثمار الوقف الصحي من خلال المشروعات:

  • الاستثمار في إنشاء المشروعات الإنتاجية كمشاريع صناعة الأطراف الاصطناعية، ومعمل صناعة الأسنان؛
  • الاستثمار في المشروعات الخدمية التعليمية والتثقيفية الطبية والاجتماعية كالاستثمار في حملات التثقيف بضرورة الفحص قبل الزواج وحملات التثقيف من خلال المؤتمرات والندوات العلمية والتثقيفية.
  • القيام بمشروعات إنمائية متنوعة: كإنشاء محالّ خدمية مخصصة لخدمة زوار المستشفى مثل المقاهي والصيدليات الخارجية، ومحالّ الورد والهدايا (أبو غدة، 2009، :232-233).
  • المشاركة في تأسيس شركات مختلفة، كشركات الصناعات الدوائية وشركات المستلزمات الطبية للإسهام في تحقيق الأمن الصحي.

المبحث الثاني: استثمار عوائد الوقف الصحي بنظام B.O.T.

للإجابة على السؤال الثاني للبحث [ما هو دور نظام الـ B.O.T في استثمار عوائد الوقف الصحي؟]

سنعرض أولا مفهوم نظام الـ B.O.T، ثم سنعرض دور نظام الـ B.O.T في استثمار عوائد الوقف الصحي.

    1. مفهوم نظام الـ B.O.T
      1. ما هو نظام الـ B.O.T:

“نظام B.O.T هو اتفاق تعهد بمقتضاه الدولة أو أحد الأشخاص المعنوية العامة إلى أحد الأشخاص المعنوية الخاصة (وطنياً أو أجنبياً) أو مشتركاً بإنشاء مشروع لإشباع الحاجة العامة للأفراد وعلى نفقته، ويتولى إدارته لمدة معينة وبشروط معينة وتحت إشراف الدولة ورقابتها، ثم ينتقل المشروع بحالة جيدة عند نهاية المدة” (محمود،، العربيد، و كاسر، 2008، :180).

      1. مزايا أسلوب B.O.T.

يحقق أسلوب الـB.O.T لتمويل مشاريع البنية التحتية مزايا متعددة لجميع الدول المتعاقدة والمؤسسات العامة ذات الصلة والقطاع الخاص. ومن أهم هذه المزايا (قاصدي و طفياني، 2021، :3).

  1. يمكن الدولة من تنفيذ العديد من مشاريع البنية التحتية وهو ما يعتبر شرطا أساسيا لتحقيق معدلات النمو الاقتصادي المستهدفة للدولة نظرا لوجود التمويل الكافي ووجود الضمانات الكافية من الشركات المنفذة للمشروع والتي تؤمن وتضمن إكمال المشروع، وفي حالة وجود أية قصور فإن الحكومة لن تتحمل مخاطر تأجيل أو فشل المشاريع الممولة (الساعاتي، عبد الرحيم، 1420هـ، :9).
  2. ستؤدي مشاركة القطاع الخاص في تصميم وبناء وتشغيل المرافق الأساسية إلى التنفيذ الفعال لهذه المرافق، والتي تعنى انخفاض التكلفة والجودة العالية ووقت التنفيذ الأقصر مقارنة بتمويل هذه المرافق من خلال القروض العامة.
  3. بما أن القطاع الخاص الذي يقوم بتمويل المشروع أو المشاريع بأسلوب B.O.T سيحصل على تكاليف المشروع وأرباحه من التدفق النقدي للمشروع، فلن تتحمل الدولة ودافعوا الضرائب العبء التمويلي لهذه المشاريع، وبالتالي فإن توزيع العبء المالي سيكون عادل، حيث إن المستفيد المباشر هو المشروع الذي يدفع رسوم الاستخدام وبالتالي يتحمل عبء المشروع.
  4. تساعد الدولة في توجيه مواردها العامة نحو القطاعات الاجتماعية والخدمية كالتعليم والصحة.
  5. تشجيع وتفعيل استثمارات القطاع الخاص المحلي والأجنبي وتوفير النقد الأجنبي من خلال مشاركة القطاع الخاص الأجنبي في تمويل وتنفيذ هذه المشاريع.
  6. توفير فرص عمل جديدة مع مراعاة مدة إنشاء هذه المشاريع ووقت تشغيلها.
  7. استقدام الخبرات الفنية والتقنية الحديثة التي تحرص شركة المشروع على استخدامها لتحقيق الكفاءة والسرعة اللازمتين لبناء المشروع.
  8. تحسين الكفاءة التشغيلية وتحسين مستويات خدمات البنية التحتية بسبب الإمكانات المالية والفنية والإدارية الحديثة المتاحة للقطاع الخاص.
  9. تقوم شركة المشروع بتنشيط سوق المال نتيجة لجوء شركة المشروع إلى قنوات التمويل المختلفة كإصدار الأسهم والصكوك.
      1. الأطراف الرئيسية في عمليات الـ B.O.T.

فيما يلي الأطراف الرئيسية المشاركة في البحث وإنشاء مشروعات الـ B.O.T:

        1. الحكومة:

تتمثل الحكومة فيما يلي (عبدالرحمن، عادل محمد، 2014، :342):

  1. الجهة المانحة للترخيص وهي الجهة التي يخولها الدستور أو القانون الحق في منح ترخيص أو التزام للقطاع الخاص ببناء مرفق من مرافق البنية الأساسية لفترة معينة أو تطويره أو تمويله.
  2. الجهة أو الهيئة العامة الطرف في اتفاق الترخيص وهي الجهة التي تقوم بإبرام العقد مع شركة المشروع، وعادة ما تكون هي الهيئة المعنية أصلا بتنظيم المرفق وتقديم خدمة البنية الأساسية المرتبطة بها.
  3. جهات حكومية أخرى: (مشتري الخدمة المنتجة، مورد الطاقة، جهة الضمان الحكومي… إلخ).
        1. متعهد المشروع:

“متعهد المشروع هي مجموعة من المقاولين والشركات الهندسية والقانونية وشركات التشغيل إذ تقوم بتقديم عرضها للحكومة وتستعين في ذلك بخدمات استشارية قانونية كما تستعين بخدمات بنوك الاستثمار والتي تقوم بتقديم استشارات حول الهيكل التمويلي المقترح للشركة كما تقوم بتسويق حصص الملكية على المؤسسات المالية الدولية كما تقوم بتقديم وتسعير هذه الحصص”(محي الدين، 2009، :4).

        1. شركة المشروع:

يشير اصطلاح شركة المشروع في الأعمال التجارية الدولية إلى الشركة التي تتولى تحويل وبناء وتشغيل المنشأة خلال فترة صلاحية الترخيص. تطلب تأسيس هذه الشركة مراحل عديدة. المرحلة الأولى هي اتفاق تعاقدي بين عدة شركات للمشاركة في العطاء وتقديم عرض مشترك. وتبدأ المرحلة الثانية بعد الفوز بالعطاء عليهم، فمتى أرسى العطاء على أصحاب العرض المشترك سيتم توقيع اتفاقية مفصلة لتحديد حقوق والتزامات المساهمين في شركة المشروع، وتأتي المرحلة الأخيرة الممثلة في تأسيس شركة المشروع والحصول على الشخصية الاعتبارية المستقلة. (سري الدين، 2001، :107).

        1. مراحل إنشاء مشروع الـ B.O.T.
      1. يمر إنشاء مشروع الـ B.O.T بعدة مراحل وهي: (سري الدين، 2001، :75-85).
  1. تحدد الدولة مشاريع البنية التحتية التي ترغب في بنائها أو تحديثها وتدعو الشركات المختلفة لتنفيذها بطريقة الـ B.O.T. لتشجيع المنافسة، يمكن للدولة إجراء دراسات الجدوى الاقتصادية لهذه المشاريع.
  2. تقوم مجموعة أو عدة مجموعات يقودها في الغالب المقاول الرئيسي وتضم شركات هندسية واستشارية وقانونية وشركات تشغيل بتقديم عرضها متضمناً التصاميم الهندسية للمشروع والدراسات المالية والخطة التشغيلية والتسهيلات المطلوبة من الحكومة والضمانات التي يجب أن تقدمها الحكومة وخاصة فيما يتعلق بتحويل إيرادات المشروع للخارج وحماية الشركات من المخاطر السياسية المختلفة كما يتضمن العرض مدة الامتياز المطلوب للمشروع.
  3. تقوم الحكومة بدراسة العرض المقدم ويتم تحليله من قبل مكاتب متخصصة ثم تقوم الدولة بتعيينهم وبعد ذلك يتم التفاوض بين الحكومة والمجموعات على الشروط والمواصفات المحددة للمشروع، وفي حالة الاتفاق يتم أخذ الموافقة الرسمية من قبل الجهات ذات الاختصاص في الدولة وبعدها يتم توقيع الاتفاق.
  4. ستشكل المجموعة الفائزة بالمشروع شركة تشمل المقاول الرئيسي والشركات الهندسية والاستشارية والقانونية وشركات التشغيل وقد تضم شريكا محلي وتكون الشركة المتعهدة والمالكة للمشروع عادة ما يمتلك الشركاء حوالي 10-30٪ من حقوق الملكية.
  5. تحصل الشركة على باقي التمويل اللازم للمشروع من خلال البنوك أو البنوك الاستثمارية على شكل أسهم ملكية أو صكوك أو قروض من المستثمرين، وعادة ما تكون من مؤسسات مالية دولية أو منظمات دولية. معظم هذه القروض عبارة عن قروض طويلة الأجل ويتم الحصول على قروض قصيرة الأجل من البنوك التجارية والأمثل التمويل الجماعي.
  6. بعد الانتهاء من إنشاء المشروع وتنفيذه تقوم الشركة المشغلة بإدارة المشروع وصيانته، وتقوم الشركة المشغلة بتحصيل دخل المشروع من مستخدميها، وخصم تكاليف الصيانة والإدارة، وتحويل الإيرادات المتبقية إلى الشركة التي تقوم بدفعها المالي. الالتزامات تجاه المُقرض، وتوزيع الباقي على مستثمري الشركة ومساهميها.
      1. التكييف الشرعي لعمليات نظام الـ B.O.T وفي تعمير الأوقاف.

“قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي رقم 182 (8/19) بشأن تطبيق نظام البناء والتشغيل والإعادة (B.O.T) في تعمير الأوقاف والمرافق العامة”(هيئة التحرير، 2009، :390).

“إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق من منظمة المؤتمر الإسلامي – منظمة التعاون الإسلامي حالياً – المنعقد في دورته التاسعة عشرة في إمارة الشارقة (دولة الإمارات العربية المتحدة) من 1 إلى 5 جمادى الأولى 1430هـ، الموافق 26 – 30 نيسان (إبريل) 2009م، بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع تطبيق نظام البناء والتشغيل والتحويل (B.O.T) في تعمير الأوقاف والمرافق العامة، وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله، قرر ما يأتي”:

    1. “يقصد بعقد البناء والتشغيل والإعادة: اتفاق مالك أو من يمثله مع ممول (شركة المشروع) على إقامة منشأة وإدارتها، وقبض العائد منها، كاملا أو حسب الاتفاق، خلال فترة متفق عليها بقصد استرداد رأس المال المستثمر مع تحقيق عائد معقول، ثم تسليم المنشأة صالحة للأداء المرجو منها”.
    2. “عقد البناء والتشغيل والإعادة عقد مستحدث، فهو وإن شابه في بعض صوره التعاقدات وأدوات الاستثمار المعهودة فقها، فإنه قد لا يتطابق مع أي منها”.
    3. “يجوز الأخذ بعقد البناء والتشغيل والإعادة في تعمير الأوقاف والمرافق العامة”.
    4. كيفية استخدام نظام الـ B.O.T في الأوقاف الصحية:

يعتبر هذا المطلب أساس البحث كونه يشرح كيفية استثمار عوائد الوقف الصحي بنظام الـ B.O.T وذلك لأن استخدام نظام B.O.T للاستثمار في الوقف الصحي يمكن أن يساعد في تحسين خدمات الرعاية الصحية وتوفير الرعاية الطبية للمجتمعات المحلية بطريقة مستدامة وفعالة من حيث التكلفة. كما يمكن أن يساعد في تعزيز التنمية الاقتصادية وخلق فرص عمل جديدة في قطاع الرعاية الصحية.

      1. المستفيدين من استثمار عوائد الوقف الصحي بنظام الـ B.O.T؟
  • المالكين للأوقاف الصحية: تكمن الاستفادة لمالك الوقف من الأجر والأصل الذي سيرد مع صلاحه للعمل وبقاء استمراره.
  • الممولين (شركة المشروع): تحقيق عائد معقول خلال الفترة المتفق عليها مع المالك.
  • الكادر الصحي: توظيف وتشغيل الكادر الصحي لتحقيق التغطية الصحية الشاملة.
  • الأفراد والجماعات المستفيدون (المرضى): الاستفادة من العلاج لجميع الفئات في أي مجتمع في أي مكان وسهولة توافر العلاجات والاستشارات لهم.
      1. الفوائد من استثمار عوائد الوقف الصحي بنظام الـ B.O.T؟

يمكن أن يكون استثمار عوائد الوقف الصحي بنظام الـ B.O.T مفيدًا للعديد من الأطراف، بما في ذلك المستثمرين والمؤسسات الصحية والمجتمعات المحلية. التوفير الرعاية الصحية المستدامة:

  1. يمكن لنظام B.O.T توفير الرعاية الصحية المستدامة للمجتمعات المحلية، حيث يتم تشغيل المشروع لفترة طويلة ويتم توفير الصيانة الدورية للمرافق الصحية.
  2. الاستثمار الفعال من حيث التكلفة: يمكن لنظام B.O.T تحقيق الاستثمار الفعال من حيث التكلفة، حيث يتم توزيع التكاليف على فترة طويلة، وتحسين الكفاءة والإنتاجية في تشغيل المشروع.
  3. خلق فرص عمل جديدة: يمكن أن يساعد الاستثمار بنظام B.O.T في خلق فرص عمل جديدة في قطاع الرعاية الصحية، وهذا يمكن أن يحافظ على النمو الاقتصادي وتحسين مستوى المعيشة للمجتمعات المحلية.
  4. تنمية البنية التحتية الصحية: يمكن للاستثمار بنظام B.O.T في تنمية البنية التحتية الصحية في المناطق التي تحتاج إلى رعاية صحية، وهذا يمكن أن يساعد في تحسين صحة السكان والوقاية من الأمراض المعدية.
  5. توفير الرعاية الصحية عالية الجودة بأسعار معقولة في الوقف الصحي بنظام B.O.T. حيث يتم توفير خدمات الرعاية الصحية للمرضى بطريقة مستدامة وفعالة من حيث التكلفة.
      1. تطبيق استثمار عوائد الوقف الصحي بنظام الـ B.O.T؟
        1. متى يمكننا استثمار عوائد الوقف الصحي بنظام الـ B.O.T؟

يمكننا استثمار عوائد الوقف الصحي بنظام الـ B.O.T متى توافرت كافة شروط وأطراف العقد وهم المالك والممول والعقد المتفق عليه من كلا الأطراف.

        1. أين يمكننا استثمار عوائد الوقف الصحي بنظام الـ B.O.T؟

يمكننا استثمار عوائد الوقف الصحي بنظام الـ B.O.T في أي مكان تتوفر فيه المقومات الأساسية لبناء وإدارة وتشغيل المستشفيات والمراكز الصحية خاصة في الأماكن التي تحتاجها وبشدة الأفراد والمجتمعات كي تفك كربهم وتعالج مرضاهم.

        1. كيف يمكننا تطبيق استثمار عوائد الوقف الصحي بنظام الـ B.O.T؟

يمكن تطبيق استثمار عوائد الوقف الصحي بنظام الـ B.O.T على مشاريع البنية التحتية الصحية مثل بناء وتشغيل المستشفيات والمراكز الصحية والمختبرات الطبية والصيدليات والمراكز الصحية الشاملة. ويمكن للشركات والمستثمرين تحمل تكاليف البناء والتشغيل والصيانة لفترة محددة، ومن ثم بعد انتهاء هذه الفترة يتم تحويل المشروع إلى المؤسسة الصحية المالكة الأصلية.

ويمكن تصويره بأن يتفق (مالك) لديه أرض موقوفة يريد بناء مستشفى عليها أو مبنى مستشفى موقوف جاهز أو مبنى موقوف يريد تحويله لمستشفى مع ممول (شركة المشروع) على إقامة المنشأة (المستشفى) وإدارتها وتشغيلها وقبض العائد منها حسب الاتفاق خلال فترة متفق عليها ولتكن (10 سنوات) بقصد استرداد رأس المال المستثمر مع تحقيق عائد معقول، ثم تسليم المنشأة لمالك الوقف صالحة للأداء المرجو منها.

وكآلية تمويلية مبتكرة يمكننا من خلال نظام الـ B.O.T استثمار عوائد الوقف من خلال بناء مستشفيات مجهزة ومقسمة لعيادات خاصة تؤجر على الأطباء وتوفر لهم الخدمات ذات الصلة وتشمل هذه العيادات تخصصات متعددة تسمح للمرضى والمراجعين الاستفادة من الاستشارات والعلاجات المقدمة من هذه العيادات. كما يمكن استنساخ هذه العيادات في العديد من المدن والدول حول العالم.

كما يمكن استثمار عوائد الوقف الصحي عن طريق إبرام اتفاقية مع شركة خاصة لبناء وتشغيل مشروع صحي، وتحويله إلى الجهة المسؤولة عن الصحة بعد انتهاء فترة التشغيل.

وفي هذا النظام، تقوم الشركة بتمويل وبناء المشروع، وإدارته وصيانته لفترة محددة، وتستحق الشركة عوائد المشروع أو جزء منها خلال فترة التشغيل. وبعد انتهاء فترة التشغيل، يستلم صاحب المشروع أو الجهات المسؤولة عن صحة المشروع بالكامل.

مع أخذ جميع الأطراف في الاعتبار قوانين وأنظمة التأسيس للوقف، وضرورات تطبيقها في كافة مراحل التطور. كذلك يجب دراسة جودة شركات B.O.T. قبل إبرام أي اتفاقية.

      1. تحديات الاستثمار بنظام B.O.T في الوقف الصحي

يأتي الاستثمار بنظام B.O.T في الوقف الصحي مع مجموعة من التحديات مثل أي استثمار آخر. ومن بين هذه التحديات:

1- التحديات التنظيمية: قد يخضع الاستثمار بنظام B.O.T في الوقف الصحي لإطارات تنظيمية معقدة على المستوى المحلي والإقليمي والوطني. من المهم على المستثمرين فهم هذه اللوائح والامتثال لها لتجنب المشاكل القانونية.

2- التحديات التمويلية: يتطلب الوقف الصحي بنظام B.O.T رأس مالًا كبيرًا مقدمًا لإقامة البنية التحتية والمرافق اللازمة. قد يكون تجميع التمويل اللازم تحديًا، خاصة في المناطق التي تعاني من صعوبة الوصول إلى رأس المال والموارد.

3- التحديات التشغيلية: بمجرد إقامة الوقف الصحي بنظام B.O.T، من المهم ضمان تشغيله بسلاسة وصيانته. هذا يتطلب الأشخاص المهرة والموارد الكافية لإدارة المرافق وتوفير خدمات الرعاية الصحية عالية الجودة للمجتمع.

4- التحديات السياسية والاجتماعية: قد يواجه الوقف الصحي بنظام B.O.T تحديات سياسية واجتماعية، خاصة في المناطق التي تعاني من الحساسيات الثقافية أو الدينية. من المهم على المستثمرين معرفة هذه التحديات واتخاذ خطوات لمعالجتها.

5- التنافس في السوق: قد يواجه الوقف الصحي بنظام B.O.T تنافسًا من مقدمي خدمات الرعاية الصحية الآخرين في السوق. يحتاج المستثمرون إلى ضمان تنافسية مرافقهم وخدماتهم لجذب المرضى وتوليد الإيرادات، إذ من الممكن النظر إلى الاستحواذ بالشراء على المنشآت القائمة وتحويلها إلى أوقاف.

بشكل عام، يمكن أن يكون الاستثمار بنظام B.O.T في الوقف الصحي عملية معقدة وتحديًا. ومع ذلك، بالتخطيط الدقيق والتنفيذ الجيد، يمكن أن يكون فرصة استثمارية مجزية تعود بالفائدة على المستثمرين والمجتمع.

      1. الخدمات التي يمكن أن توفر من خلال الاستثمار بنظام B.O.T للوقف الصحي:

يمكن توفير مجموعة واسعة من الخدمات الصحية في الوقف الصحي بنظام B.O.T، والتي تشمل ما يلي:

        1. الخدمات الأساسية: تشمل الفحوصات الطبية والعلاجات الأساسية مثل العلاجات الدوائية والحقن والتحاليل الطبية والفحوصات اللازمة والرعاية الصحية الأولية.
        2. الخدمات المتخصصة: تشمل خدمات الجراحة والعلاج الطبيعي والعلاج النفسي والعلاج الكيميائي والعلاج الإشعاعي وغيرها من الخدمات الطبية المتخصصة.
        3. الخدمات الوقائية: تشمل اللقاحات والفحوصات المبكرة والاستشارات الصحية والتوعية الصحية وغيرها من الخدمات التي تهدف إلى الوقاية من الأمراض.
        4. الرعاية الشاملة: تشمل الرعاية الصحية الشاملة للمرضى المزودة بمعدات طبية حديثة وتكنولوجيا متطورة، بما في ذلك الرعاية الحثيثة والرعاية النهارية والرعاية الطويلة الأمد.
        5. الخدمات الاستشارية: تشمل الخدمات الاستشارية والتوجيهية والدعم النفسي والتعليم الصحي وغيرها من الخدمات التي تساعد على تحسين صحة الفرد وجودة حياته.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن توفير خدمات الرعاية الصحية بأسعار معقولة للمجتمعات المحلية التي تعاني من صعوبة الوصول إلى الرعاية الصحية، وذلك بفضل الجهود المشتركة بين المستثمرين والجهات المعنية.

بشكل عام، يمكن توفير الخدمات الصحية المختلفة في الوقف الصحي بنظام B.O.T، والتي تمكن المرضى من الحصول على الرعاية اللازمة لتحسين صحتهم وجودة حياتهم، دون إغفال هدف تثمير أوقاف الرعاية الصحية.

خاتمة والنتائج:

توصلت الدراسة إلى مجموعة من النتائج:

يمكن للحكومات من تنفيذ العديد من مشاريع الرعاية الصحية وهو ما يعتبر شرطا أساسيا لتحقيق معدلات النمو الاقتصادي المستهدف للدولة.

عرفت منظمة الصحة العالمية الصحة: بأنها حالة من اكتمال السلامة بدنيا وعقليا واجتماعيا.

إن معنى تمويل الوقف هو كيفية الحصول على الموارد المالية على اختلاف أنواعها إما بتوظيف المصادر المالية التي يمتلكها الوقف أو بالبحث عن مصادر خارجية.

يمكن أن يكون استثمار عوائد الوقف الصحي بنظام B.O.T مفيدًا للعديد من الأطراف، بما في ذلك المستثمرين والمؤسسات الصحية والمجتمعات المحلية.

استثمار عوائد الوقف الصحي بنظام B.O.T يساعد الدولة في توجيه مواردها العامة نحو القطاعات الاجتماعية والخدمية كالتعليم والصحة.

يمكن أن يساعد استثمار عوائد الوقف الصحي بنظام B.O.T في تعزيز التنمية الاقتصادية وخلق فرص عمل جديدة في قطاع الرعاية الصحية، وتحسين صحة الفرد وجودة حياته، بالإضافة إلى ذلك، يمكن توفير خدمات الرعاية الصحية بأسعار معقولة للمجتمعات المحلية التي تعانين من صعوبة الوصول إلى الرعاية الصحية.

قائمة المصادر والمراجع

منتدى قضايا الوقف الفقهية الأول( 2004). الكويت: الأمانة العامة للأوقاف. الكويت

آل سليمان، م. (1425هـ). أحكام التعامل في الأسواق المالية المعاصرة. الرياض: كنوز اشبيليا.

أبو غدة، ح. ع. (2009). دور الوقف في تعزيز التقدم المعرفي. المؤتمر الثالث للأوقاف.

البعلي، م. ب. (2003). المطلع على ألفاظ المقنع (1 ed.). مكتبة السوادي للتوزيع.

بن قدامة، ع. (388 هـ-1968 م). المغني لابن قدامة (1 ed.). مكتبة القاهرة.

البهوتي، م. (1968). كشاف القناع عن متن الإقناع. بيروت: دار الفكر.

حسين، ش. (2004). استثمار أموال الوقف. أوقاف. الامانة العامة للأوقاف – إدارة الدراسات والعلاقات الخارجية، 3(6)، 73 – 118.

حميش، شواط، ا. (2013). فقه العقود المالية. الاردن: دار الكتاب الثقافي.

ركيبي، ف. (2011). الوظيفة المالية ووسائل التمويل في مؤسسة اقتصادية دراسة حالة مؤسسة الإسمنت ومشتقاتها- سور الغزلان-. مذكرة مقدمة ضمن متطلبات نيل شهادة ليسانس في العلوم الاقتصادية.

الزحيلي، و. (د.ت). الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ (4 ed.). سوريا: دمشق: دار الفكر.

الساعاتي، عبد الرحيم. (1420هـ). خصخصة إدارة وبناء وتشغيل البنية التحتية في السعودية. ندوة التعاون بين الحكومة والقطاع الأهلي في تمويل المشروعات الأساسية. جدة: جامعة الملك عبد العزيز.

سري الدين، ه. ص. (2001). التنظيم القانوني والتعاقدي لمشروعات البنية الاساسية (1 ed.). دار النهضة العربية.

السعد، أ.، والعمري، م. (2000). الاتجاهات المعاصرة في تطوير الاستثمار الوقفي (1 ed.). الكويت: الأمانة العامة للأوقاف.

سلطان، م. ص. (2017). الوقف الصحي رؤية مقاصدية تطبيقية. منتدى فقه الاقتصاد الإسلامي.

شوقي، ا. (1404هـ،). تمويل التنمية في الاقتصاد الإسلامي. بيروت: مؤسسة الرسالة.

عبد الرحمن، عادل محمد. (2014). نظام البناء والتشغيل ونقل الملكية B المقاولات قطاع على ميدانية دراسة: العامة المشروعات في B.O.T (Vol. 61). المصري. مجلة البحوث والدراسات العربية.

عبد القادر، ع. (1425هـ). فقه استثمار الوقف وتمويله في الإسلام. رسالة دكتوراة من جامعة الجزائر.

عبد المنعم، م. ع. (1999). معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية. دار الفضيلة للنشر والتوزيع والتصدير.

عوجان، و. (n.d.). وقف النقود وصيغ الاستثمار فيه. جامعة عمان العربية للدراسات العليا كلية الدراسات القانونية العليا المملكة الأردنية الهاشمية.

قاصدي، ف.، وطفياني، م. (2021). دور عقد البناء والتشغيل والتحويل (B.O.T) في إنجاز مشاريع البنية التحتية للطاقات المتجددة. جامعة ابن خلدون تيارت، 24(1).

قلعجي، م.، وقنيبي، ح. (1988). معجم لغة الفقهاء. دار النفائس للطباعة والنشر والتوزيع.

مجلة مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي. (2006). 3. جدة: الامانة العامة.

محمود، ی. ع.، العربيد، ع. و.، وكاسر، ر. (2008). نظام البناء والتشغيل والتحويل.B.O.T. مجلة جامعة تشرين للبحوث والدراسات العلمية -سلسلة العلوم الاقتصادية والقانونية، 30(3)، 177 – 196.

محي الدين، ا. ا. (2009). تطبيق نظام البناء والتمليك B.O.T في تعمير المرافق العامة. الدورة التاسعة عشرة إمارة الشارقة دولة الإمارات العربية المتحدة. الامارات: الشارقة.

مرحبا، ا. غ. (2017). الوقف الطبي (الآثار التنموية والمجتمعية والآفاق الاستثمارية). اوقاف مجلة علمية نصف سنوية محكمة تعنى بشؤون الوقف والعمل الخيري.

المرداوي، ع. أ. (1955). الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف (1 ed.). بيروت: دار إحياء التراث العربي.

مهدي، م. (1423هـ). نظام الوقف في التطبيق المعاصر نماذج مختارة من تجارب الدول والمجتمعات الإسلامية). جدة: المعهد الاسلامي للبحوث والتدريب.

المواق المالكي، أ. (1994). التاج والإكليل لمختصر خليل. دار الكتب العلمية.

موقع منظمة الصحة العالمية. (2023). Retrieved 2023 from http: //www.who.int.

هيئة التحرير. (2009). الدورة التاسعة عشرة لمجمع الفقه الاسلامي الدولي بالشارقة. مجلة الاصول والنوازل، س 2، ع 3، 365 – 410.

هيئة السوق المالية. (2023). قائمة المصطلحات المستخدمة في لوائح هيئة السوق المالية وقواعدها. Fromهيئة السوق المالية: https://cma.org.sa/RulesRegulations/Regulations/Documents/Glossary_of_Defined_Terms_Used_in_the_Regulations_and_Rules_of_ar1.pdf

يماني، ل. (2013). مصادر تمويل الوقف وصيغه التقليدية والحديثة. مجلة دفاتر اقتصادية، 4(7)، 193 – 208.

World Health Organization. (2020). BASIC DOCUMENTS، forty-ninth edition، 6. Retrieved 2023 from

https://apps.who.int/gb/bd/pdf_files/BD_49th-en.pdf