مطيعة بنت محمد بن شويط الحربي1
1 أستاذ مساعد النحو والصرف، قسم اللغة العربية، جامعة طيبة، المملكة العربية السعودية.
بريد الكتروني: mlikaa666@hotmail.com
HNSJ, 2023, 4(4); https://doi.org/10.53796/hnsj444
تاريخ النشر: 01/04/2023م تاريخ القبول: 11/03/2023م
المستخلص
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا الهادي الأمين، وبعد
فهذه دراسة بعنوان :الجملة الطلبية في ديوان الشاعرة (أماني بسيسو )دراسةً نحويةً تركيبيةً ؛تبحث في ديوان إحدى شواعر العصر الحديث، وهي بدورها تبيّن معنى الجملة الطلبية في الدرس اللغوي، وتدرس أنماطها المستخدمة في اللغة، وذلك بدراسة أنواع الجملة الطلبية دراسةً نحوية، وبيان آراء العلماء القدامى والمحدثين في إعراب المشكل منها، وهي تقوم على تطبيق ذلك على ديوان الشاعرة، وكيفية بناء هذه الجمل، ثم إتباع ذلك بدراسة إحصائية، لتوضيح دلالات النسب المئوية لاستخدام الشاعرة للجمل الطلبية في ديوانها .وقد حصرت الدراسة أنواع الجملة الطلبية التي وردت في الديوان فكانت أربعةَ أنماطٍ، وهي : جملة الأمر، وجملة النهي، وجملة الاستفهام، وجملة النداء.
الكلمات المفتاحية: طلب، أماني بسيسو، نحوية، تركيبية
The demand sentence in a collection: (O bird of the ike) by the poet Amani Bseiso
Syntactic study
Muti’a bint Mohammed bin Shuwait Al-Harbi1
1 Assistant Professor of Grammar and Morphology, Department of Arabic Language, Taibah University, Saudi Arabia.
Email: mlikaa666@hotmail.com
HNSJ, 2023, 4(4); https://doi.org/10.53796/hnsj444
Published at 01/04/2023 Accepted at 11/03/2023
Abstract
Praise be to God, Lord of the Worlds, and prayers and peace be upon our faithful and guiding Prophet
This is a study entitled: The imperative sentence in the poetry of the poet (Amani Bseisu), a synthetic grammatical study. The views of ancient and modern scholars in expressing the problem, and it is based on applying this to the poet’s office, and how to construct these sentences, and then following that with a statistical study, to clarify the indications of percentages of the poet’s use of the imperative sentences in her office. There were four forms: the command sentence, the prohibition sentence, the interrogative sentence, and the call sentence.
Key Words: Request, Amani Bseisu, Grammar, Syntax
المقدمة
الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه، وعظيم سلطانه، والحمد لله الذي جعل الحمد مفتتح قرآنه، وآخر دعوى أهل جنانه، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين محمد طه الأمين، وعلى آله وأصحابه الغر الميامين..، أما بعد :
فإن الأسلوب الخبري يمتاز بثبات الدلالة وجمودها، و الأسلوب الإنشائي يُعدُّ أبرزَ مظاهر اللغة التي تعرب عن حيويتها وانطلاقها، من خلال ما يمتلكه من خصائص صوتية ونحوية وبلاغية، تتجلى فاعليتها فيما يصنعه من تنامٍ لحركة الخطاب الأدبي، وتنشيط لدلالته، وذلك لما يؤديه من دور مهم، يظهر في تحويل المتلقي من طرف مستقبل للإبداع إلى طرف مشارك فيه ؛لذلك عقدتً العزم على دراسة هذا الأسلوب دراسة نحوية تركيبية، مع ربطه بالجانب الإحصائي، بما يضيف جانبا حيويا للدراسة خاصة، وأن دراسة الجملة الطلبية أخذت نصيبها الأوفر في الدراسات البلاغية، أما دراستها كاملة تامّة من الناحية النحوية التركيبية الإحصائية، وتطبيقها على ديوان شاعر فهي من الدراسات الفريدة لهذا النوع من المواضيع.
ووقع اختياري على ديوان الشاعرة :(أماني بسيسو)، وذلك لما أثاره الديوان في داخلي من مشاعر، فمن القراءة الأولى فيه نجد أننا أمام شاعرة تملك أداةً فنية طيعة، وأسلوبا غنيا مرهفا، وقدرةً لغوية واضحة، استطاعت بها أن تظهر مدى تعلق إحساسها بالوطن، والتضحية من أجله، وما تحمله من مشاعر تجاه أفراد أسرتها،
يضاف إلى ذلك قيمة الشعر العربي المعاصر، وما فيه من جدةٍ، وأهمية أن يربط ذلك بالدراسات النحوية، خاصة وأن الشعر العربي القديم قد بحث فيه باتجاهات نحوية مختلفة يفتقر إلى مثلها الشعر العربي المعاصر.
وقد هدفت الدراسة إلى:
– التعريف بالأسلوب الطلبي في الدرس اللغوي.
-دراسة أنماط الجملة الإنشائية، كما وردت لدى الشاعرة، وتحديد ما يطرأ على هذه الأنماط من تغيير؛ لإيضاح آليات استخدام الشاعرة لها، والكشف عن فاعليتها، وتأثيرها، ومن ثم دلالاتها في هذا الديوان.
-إثبات أوجه الاتفاق والاختلاف بين أنماط الشاعرة والصور لديها، وما أقره النحاة في بعض أبواب النحو.
-حصر الأنماط الطلبية المختلفة بجداول احصائية، تبين التفاوت في استخدام الشاعرة لأساليب الجملة الطلبية في ديوانها.
-بيان بعض الدلالات التي تولدت من الأنماط الطلبية التي اعتمدت عليها الشاعرة في ديوانها.
جاءت هذه الدراسة في: تمهيد، ومبحثين وخاتمة.
-أولا: التمهيد التعريف بالشاعرة، اسمها ونشأتها، والتعريف بديوان (يا طائر الأيك)
المبحث الأول: الطلب في الدرس اللغوي، تعريف الطلب والإنشاء.
المبحث الثاني :أنماط الجملة الطلبية الإنشائية في الديوان، وفيه عدة مطالب:
-المطلب الأول: جملة الأمر في الديوان.
-المطلب الثاني: جملة النهي في الديوان.
-المطلب الثالث: جملة الاستفهام في الديوان.
-المطلب الرابع: جملة النداء في الديوان .
الخاتمة: وفيها عرض لأهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة
وقد اعتمد البحث على المنهج الوصفي في تتبع جمل شعر الشاعرة، والمنهج الإحصائي في اكتشاف الأنماط الطلبية المختلفة واستخراجها، بعد تحليلها وربطها بسياقها الذي قيلت فيه.
التمهيد
أولا: لمحة يسيرة عن الشاعرة:
صاحبة الديوان إحدى شواعر العصر الحديث، لذلك فالترجمة لحياتها كانت وفق ما أدرجته مواقع الشبكة ( الانترنت)، وما ذكرته الشاعرة في خاتمة ديوانها. (بسيسو، 2019، ص97)
-اسمها ومولدها: أماني حاتم مجدي بسيسو ،شاعرة أردنية، ولدت في مدينة جدة، في عام 1979م.
الشهادات التي حصلت عليها الشاعرة، هي:
-شهادة البكالوريوس في اللغة العربية من جامعة مؤتة، بتقدير ممتاز، عام2000
-شهادة الماجستير من الجامعة الأردنية،
-شهادة الدكتوراه من الجامعة الأردنية، عام2010م
-الجوائز التي حصلت عليها الشاعرة:
-حازت على لقب شاعرة الجامعة عام 2000م
-فازت بالجائزة الثالثة في مسابقة رابطة الأدب الإسلامي العالمية من خلال ديوانها :”يا طائر الأيك”.
-لها عدد من المؤلفات أبرزها، كتاب (آفاق، قراءات نقديه ودراسات أدبية)و(أموت وكفى ممسك قلمي)و( يا طائر الأيك).
قال عنها الدكتور مأمون فريز جرار: “إن هذا الديوان بشارةُ خير بميلاد شاعرة مبدعة، نرجو أن نرى لها المزيد من الشعر المتميز، الذي يكون إضافة متميزة إلى الأدب الإسلامي المعاصر”. (بسيسو، 2019، ص1).
-ثانيا: ديوان يا طائر الأيك:
هو الديوان الأول للشاعرة، جاء في (97)صفحة، وضم اثنتين وثلاثين قصيدة، تدور في معظمها حول الذات وما يرتبط بها من علاقات بقضايا مجتمعيه، وعلاقات أسرية، تقول :” الشعر ليس غاية في حدّ ذاته، إنما هو وسيلة للتفاهم بين الانسان والكون والحياة، لغة الخطاب فيها ليست الكلمات، وإنما شيء أبعد من الكلمات وأسمى منها”. (بسيسو، 2011، ص1).
المبحث الأول: الأسلوب الطلبي في الدرس اللغوي:
تمثل الأساليب الإنشائية القسم الثاني من عموم الكلام في العربية، عند البلاغيين القدامى فالكلام إما خبر أو إنشاء، والخبرُ كلُّ كلام يحتمل الصدقَ أو الكذب، وأما الإنشاءً فهو كل كلام لا يحتمل شيئا من ذلك.
الإنشاء لغةً: أنشأ يفعل، أي ابتدأ …وأنشأت السحابة: ارتفعت، وهو الخلق، والشروع، والارتفاع والوضع. (ابن منظور،1/164).يقول ابن فارس :” نشأ، النون والشين والهمزة أصل صحيح، يدل على ارتفاع في شيء وسمو”. (ابن فارس، 1/428).
وأما في الاصطلاح فالإنشاء :هو اقتران معنى الكلام بلفظه، ولا يقبل التصديق والتكذيب، إنه الكلام الذي لا يتطلب صدقًا أو كذبًا؛ لأنه ليس لمعناه قبل التلفظ به وجود خارجي يطابقه أو لا يطابقه. (الدراويش، ص93) فطلب الفعل في (افعل)، وطلب الكف في: (لا تفعل)، وطلب المحبوب في (التمني)، وطلب الفهم في الاستفهام، وطلب الاقبال في النداء، كل ذلك ماحصل إلا بنفس الصيغ المتلفظ بها.
يقول ابن فارس:” ومن الباب :النشيء والنشأ: أحداث الناس، ونشأ فلان في بني فلان، والناشيء الذي نشأ وارتفع وعلا…ومن الباب: استنشأت الريح: تشممتها، وذلك لأنك كأنك ترفعها إلى أنفك”. (ابن فارس،1970، ص428)
الطلب لغة: يقول عنه ابن فارس في حديثه عن مادة (ط ل ب): “الطاء واللام والباء، أصل واحد، ويدل على ابتغاء الشيء، ويقال طلبتُ الشيَء طلبًا، وهذا مطلبي وهذه طًلبتي، أطلب فلان بما ابتغاه أي أسعفته به، وربما قالوا: أطلبته إذا أحوجته إلى الطلب، وأطلب الكلأ، تباعد عن الماء حتى طلبه القوم، وهو ماء مطلب (ابن فارس،1970م، ص428)
الطلب اصطلاحا: يعرفه السكاكي فيقول: “وأما في الطلب فلأن كل أحد يتمنى ويستفهم ويأمر، وينهى، يوجد كل من ذلك في موضع نفسه عن علم، وكل واحد من ذلك طلب مخصوص، والعلم بالطلب المخصوص مسبوق بالعلم بنفس الطلب، ثم أن الخبر والطلب بعد افتراقهما بحقيقتهما يفترقان باللازم المشهور، وهو احتمال الصدق والكذب”. (السكاكي، 1983، ص165)
وقد قسم العلماء الإنشاء الطلبي إلى نوعين (هارون، 1990، ص13).
الإنشاء الطلبي: وهو ما يستدعي مطلوبًا غير حاصل وقت الطلب، ويقع هذا الإنشاء في خمسة أنواع رئيسة، وهي الاستفهام الأمر، التمني، النهي، النداء.
الإنشاء غير طلبي: وهو مالا يستلزم مطلوبا ليس حاصلا وقت الطلب، ويشمل أفعال التعجب، المدح والذم، القسم، صيغ العود…….ونحو ذلك
المبحث الثاني: أنماط الجمل الطلبية الإنشائية في الديوان:
وردت الجملة الطلبية بعد عملية الإحصاء في ديوان الشاعرة في (239)موضعًا، وقد وزعت وفق ترتيب على النحو التالي: جملة الأمر، جملة النهي، جملة الاستفهام، جملة النداء. أمّا جملة التمني فلم يكن لها ورود في ديوان الشاعرة.
المطلب الأول: جملة الأمر، وأنماطها في الديوان:
الأمر لغة: أَمرَهُ يأمُرهُ أمرًا وأمارًا فأتمرَ أي: قبل أمره، يقال: أمْرُ فلانٍ مستقيمٌ، وأموره مستقيمه، والأمرُ الحادثة.(ابن منظور، د، ت) وهو نقيض النهي، وقيل: هو الحال والشأن والطلب أو المأمور به.
الأمر اصطلاحا: طلب الفعل على وجه الاستعلاء واللزوم، إذا كان الأمر حقيقيا. (مطلوب،1987،ص313)، وهو لازم الاستقبال؛ لأنه يطلب ما لم يكن حاصلا ويراد حصوله. (السيوطي، 1418، ص1/16)
وللأمر صيغ أربع:
أ/صيغة فعل الأمر الصريح : وهذه الصيغة جاءت عند العرب بهيئتها المعروفة (افعل)، وتعرف بعلامتين ذكرهما ابن هشام، هما : الدلالة على الطلب، وقبول ياء المخاطبة. (ابن هشام، د، ط، 26). وفي إعرابه خلاف بين النحويين، فعند البصريين مبني على السكون لأنه الأصل، أما الكوفيون فقد ذهبوا إلى أنه معرب، وإعرابه الجزم، واستدلوا على ذلك من ثلاثة وجوه . (خليل، 2004، ص97)
ب/صيغة المضارع المقرون بلام الأمر: و تسمى :لام الطلب والجزم، ويسميها سيبويه لام الأمر، (سيبويه،1991، ص3/7). وله حرف واحد وهو اللام الجازم في قولك :”ليفعل”، والمشهور في حركة لام الامر الكسر، وذلك إذا ابتدأت بها حتى لو سبقت بواو، أو فاء فتبقى على حالها في الكسر. (المبرد، 1420، 2/132) وهذه اللام جازمة للفعل المضارع وذلك بشرط ألاّ يفصل بينهما بفاصل.
ج/ المصدر النائب عن فعل الأمر: وهو الاسم الدال على الفعل، كالضرب والاٌكرام، ويعمل بشروط عند النحاة، يقول ابن هشام : “الاسم الدال على الحدث الجاري على الفعل…وإنما يعمل بشروط ثمانية”. (ابن هشام، د، ت، ص261)
يقول سيبويه: “فإنما جاء تحذيري زيدًا؛ لأن المصدر يتصرف مع الفعل، فيصير حذرك في موضع احذر”. (سيبويه، 1991، ص1/252)
د/صيغة اسم فعل الأمر: عقد لها سيبويه بابًا في كتابه أطلق عليه: “باب من الفعل سمي الفعل فيه بأسماء لم تؤخذ من أمثلة الفعل الحادث”. وذكر فيه أن مواضعها من الكلام الأمر والنهي، وعدد منها صَهْ ، ومَهْ، وهلّم ورويدًا وسَراع وحَراك. (سيبويه، 1991، 1/241). وقال المبرد: “هذا باب ماجرى مجرى الفعل، وليس بفعل ولا مصدر……..ولكنها أسماء وُضِعت للفعل الذي تدل عليه فأجريت مجراه”. (المبرد، 1420،3/202)
وعدّها الفراء أصواتًا حيث قال: “ذهبوا إلى أنها أصوات، لا يعرف معناها إلا بالنطق بها”. (الفراء،1980،2/121).
وإذا كانت تتصف بشيء من الأفعال فإن لها من الأسماء أكثرَ مما لها من الأفعال ،فأغلبها يقبل التنوين كالأسماء، ولا تتصرف ،ولا يُشتقّ منها.
والأصل في صيغ الأمر أن تستعمل في طلب حصول الفعل ،على سبيل التكليف والإلزام، من الأعلى إلى الأدنى، لأن هذا هو المتبادر إلى الذهن عند سماعها ،وقد تستعمل في غير هذا الأصل الذي وضعت له، فتفيد معانيَ بلاغيةً كثيرة، يرشدنا إليها سياق الكلام وقرائن الأحوال.
لقد جاءت جملة الأمر الأكثر ورودًا في ديوان الشاعرة مقارنةً مع بقية أنواع الجملة الطلبية، حيث وردت (109) جملِ أمر، في اثتنين وثلاثين قصيدةً، ولعل ذلك يتفق ورغبة الشاعرة في التعبير عن مشاعرها الفياضة تجاه ماحولها، فكان المُتكأ على فعل الأمر للمفرد المذكر السبيلَ إلى ذلك. وكان هذا الورود بأنماط مختلفة، جاءت على النحو التالي:
أولا-الأمر بصيغة فعل الأمر:
إن الأمر بصيغة فعل الأمر كان أكثر ورودًا في ديوان الشاعرة، حيث ورد (تسعاً وتسعين) مرة فكان له النصيب الأوفر من بقية أنماط الأمر الأخرى، وهذا من باب رغبة الشاعرة في الوصول المباشر إلى ماتريده، ذلك أن صيغة فعل الأمر هي أُمُّ باب الأمر، ،والقصد هنا هو تبيان الأنماط التي ورد بها فعل الأمر، وذلك من حيث بناء فعل الأمر من جهة، ومن جهة أخرى بيان نوع الفعل الذي ورد الأمر به، من حيث الناحية التركيبية، وبيان ذلك حسب الأنماط التالية.
النمط الأول: فعل أمر مبني على السكون: وقد كان أكثر الأنماط ورودا حيث ورد( ثلاثاً وستين) مرة، كانت كلها أفعال صحيحة باستثناء عشرين موضعًا كانت أفعالاً معتلة، فتقسم على صورتين:
أ/الصورة الأولى: فعل أمر صحيح، وقد جاء ثلاثاً وأربعين مرة، وقعت أفعال الأمر الصحيحة في ديوان الشاعرة ، أحيانا في أول البيت، و أحيانا أخرى في منتصفه، وكانت موجهة بلفظ المذكر، منها قولها (يا طائرَ الأيك استرح) (يا طائرَ الأيك اقترب) (يا طائرَ الأيك انتزع) (افرح ولا تيأس) (أنصتْ لإنشادِ الطيور) وتأتي أحيانا معطوفة على بعضها، (وانظرْ لأشواقِ النجوم) (وافرحْ بدفءِ الشمس)، وتأتي أحيانا جوابًا لشرط: (إذا لم يحيي ذاك فؤادك الباكي السقيم فاطرحه)
وقد وردت على تركيب فعلي، هو : فعل الأمر+ الفاعل المستتر وجوبًا تقديره :أنت
استرح +أنت -اقترب+أنت – انتزع+ أنت……..
ولعل في جعل الشاعرة الفاعل ضميرًا مستترًا، وبلفظ التذكير ما يوحي بتوسعة الخطاب لمن يقرأ البيت، ويكون بنقس المعاناة، ليشعر أن الأمر موجه إليه. من ذلك قولها:
يا طائرَ الأيك انتزعْ من قلبكَ الباكي الشجون
افرحْ ولا تيأسْ، فإن اليأسَ يُفْضِي للجنون
فالشاعرة هنا استخدمت فعلي أمر، دون العطف بينهما، وقد وجهتْ هذا الأمر لكل من تعتريه لحظات من الحزن أو اليأس، بنزع ذلك واستبداله الفرح به، لأن استرسال الشخص بأحزانه يفضي إلى فقدان العقل .
وضرورة الموقف توحي إليها بأن تستخدم فعلي أمر تباعًا، دون أن يكون بينهما أي فاصل من ذلك قولها:
أو قفْ تمهلْ إنه لا ليس يُدرَكُ بالحدق
وقوة الأمر يحتم على الشاعرة ضرورة تكرار صيغة فعل الأمر، لكن بينهما مسافة فاصلة، من ذلك قولها:
حَدّقْ مليًا بالأفقِ يا قلبُ قد طالَ الأَرَق
حَدّقْ هُنالكَ قد ترى طَيفًا تبدّى أو مَرَق
إصرار الشاعرة على دعوة قلبها، وقلب المتلقي إلى ضرورة التأمل، أملى عليها ضرورةُ التكرار لفعل الأمر كضربٍ من التوكيد لأهمية القيام بهذا الفعل .
وتربطه أحيانًا بالشرط، ليكون فعل الأمر جوابًا لهذا الشرط، من ذلك قولها:
لكن إذا حَنّ الفؤادُ لفيضِ إحساسِ الحرق
فاذكرْ بأنّ هناكَ قلــــبًا واحدًا لكَ قدْ صَدق
ب/الصورة الثانية: فعل أمر معتل، وقد ورد عشرين مرة في ديوان الشاعرة، وجاء فيها جميعا على صورة المعتل الأجوف، وفي أول البيت من ذلك قولها:
عُدْ حيثُ تضطرمُ الحياةُ، وتلتقِي كلُّ الجهود
فعل الأمر “عد” مبني على السكون من الفعل عاد يعود.
فالشاعرة هنا توجه الأمر بالعودة إلى ممارسة الحياة، والسير فيها .
وجاء فيها كلها وفق تركيب فعلي هو : فعل الأمر+ الفاعل ضمير مستتر وجوبا
عد + أنت
وورد مرتين على صورة المعتل المثال من ذلك قولها:
أو قِفْ تمهلْ إنّه لا ليسَ يُدركُ بالحدق
فعل الأمر قف مبني على السكون، من الفعل وقف يقف.
وقولها:
فأجابت عن سؤالي بالسؤال صفْهُ يا صاحِ فإنّا قد نَراه
فعل الأمر (صف) مبني على السكون، من الفعل وصفَ يصفُ.
وقد ورد هنا على تركيب قعلي هو : فعل الأمر+ الفاعل المسستر وجوبا +المفعول به
صف +أنت + الهاء المفعول به
ولضرب من التأكيد تكرر الشاعرة فعل الأمر بالصيغة نفسِها.
وإذا احتواك الليل في أحضانه نَمْ في سكون
نمْ كي ترى في النومِ حلمًا رائقًا عذبًا حنون
نمْ لا تفكرْ أنّ أهلَ التعسِ قدْ لايحلَمـــــــون
نمْ فعل أمر مبني على السكون، من الفعل نام ينام.
وهذا الفعل دعوة من الشاعرة إلى إراحة التفكير، والتخلص من معاناة الحزن وأَرقِه.
النمط الثاني: فعل أمر مبني على حذف النون:
يبنى فعل الأمر على حذف النون إذا كان مضارعه من الأفعال الخمسة، وهي كل فعل مضارع اتصلت به ألف الاثنين، أو واو الجماعة، أو ياء المخاطبة.
وقد ورد هذا النمط (أربعًا وثلاثين) مرة، وكان ذلك حسب الصور التالية:
-الصورة الأولى: فعل أمر متصل بواو الجماعة: وكان وروده سبع مرات، في ثلاث قصائد من الديوان، ثلاث منها في قصيدة واحدة، وكل فعلين في قصيدة أخرى على حدة، وكلها جاءت في أبيات متتالية دون عطف، إلا في موضع واحد جاءت معطوفة
وذلك في قول الشاعرة:
سَوُّوا الصفوفَ، ولا تَرَاخُوا في كَسَل
وتقدمُوا، لنعيدَ مجدًا قدْ أَفَل
وجاءت كلها على تركيب فعلي هو : فعل أمر+ فاعل ظاهر واو الجماعة
تقدم + واو الجماعة
خطاب الشاعرة موجّهٌ إلى الجماعة، وذلك لتتفق وطبيعة القصيدة، التي انتظمت فيها. وهي دعوة الشاعرة إلى الاتحاد، والتعاضد، وهذا يتطلب الجماعة، ولا يكون إلا بها.
-الصورة الثانية: فعل أمر متصل بياء المخاطبة، وقد ورد سبعًا وعشرين مرة،
جاءت أفعال الأمر فيها مفردةً في أغلبها كقولها، وقد اختارت الشبلَ “فارس” ليكون لسان حالها:
و تألقي يا شمسُ إنّي قادمٌ لأحطمَ الصّمتَ الكئيبَ، وذي يدي
وجاءت معطوفة في بعضها الآخر، منها قول الشاعرة، وهي تصور مشاعرها الفياضة إلى ابنة اختها”رمز”
خَبريني، واسْكبي فيّ الرجاءَ إنّ في قلبي ضروبًا من شَجن
وقد عطفت على فعلي أمر، وجهتهما إلى الطيور، تطلب منها الإخبار ببعض الأمور من جهة، وملء قلبها بالأمل والرجاء من جهة أخرى.
ومكررة في بعضها الآخر، حيث تعمد الشاعرة إلى التكرار حينما تريد تأكيد الأمر، وقد اعتمدت الشاعرة ليس على تكرار فعل الأمر فقط وإنما العبارة كاملة، وهذا التكرار دون تتالٍ، حيث جاء فعل الأمر مكررًا، لكن بفواصل زمنية، بأبيات أخرى من ذلك قولها :
اذرفي ياعينُ إنّ الدمعَ في هذي المآقي
ثم قولها:
اذرفي ياعينُ إنّ الدمعَ وعدٌ بالتلاقي
ثم قولها:
اذرفي ياعينُ إنّ الدمعَ وعدٌ بالتداني
وجهت الشاعرة الأمر إلى العين، تأمرها بالبكاء والدمع، متفائلة بهذا الدمع حيث جعلته علامة للاجتماع بالأحبة والتلاقي.
جاءت أفعال الأمر في هذا النمط على صورتين
-الصورة الأولى : فعل الأمر+ الفاعل الظاهر
كقولها :اسكبي اسكب + ياء المخاطبة
-الصورة الثانية: فعل الأمر + الفاعل الظاهر + المفعول به
كقولها: خبريني خبر + ياء المخاطبة + ياء المتكلم
ثانيا: الأمر بصيغة المضارع المقرون بلام الطلب :
جاء الأمر بهذه الصيغة في ديوان الشاعرة ست مرات، واتخذ في ذلك صورتين
الصورة الأولى: فعل مضارع مجزوم، وعلامة جزمه السكون، وذلك في قول الشاعرة:
دُنياكَ، فلتفرحْ بِها من قَبلِ أنْ تلقَى المنونَ
وتأتي به الشاعرة في موضع آخر جوابًا لشرط:
إنْ لمْ يكنْ لحنُ الحياةِ مًحببًا لك، فَلتجِدْ في الموتِ لحنًا يَستقيم
توجه الشاعرة بفعل الأمر باختيار الموت بديلاً إذا لم تكن الحياة بمثل ما يرجوها.
-الصورة الثانية :فعل مضارع مجزوم بحذف النون، وذلك في قول الشاعرة:
قفي ولتعزفي لحنًا أخيرًا ولتدفنِ الماضي السنونُ
حيث وجهت الشاعرة الأمر إلى نفسها بعزف لحن أخير إذا لم يكن في الحياة عزُّ مأمول.
وجاءت صورة الفعل المضارع وفق تركيبين:
الأول: فعل مضارع +فاعل+ مفعول به
تعزف + ياء المخاطبة +لحنا
الثاني: فعل مضارع +فاعل مستتر
تفرح + ضمير مستتر تقديره أنت
ثالثا: الأمر بصيغة اسم فعل الأمر :
جاء في موضعين، وذلك في قول الشاعرة:
هَاكَ شعري إنّه وحيُّ ضميري إنّه نفسي وفي جسمي وريد
جاءت صورة الأمر باسم فعل أمر مبني على الفتح.
وقولها :نحوي هَلُمّي أسرِعي، وتَسَمَّعي لَهفَ الخطا فوجيبُ قلبي والهٌ، والجوفُ أحرقَه الظما
جاءت صورة الأمر اسم فعل أمر مسند إلى ياء المخاطبة.
رابعا: الأمر بصيغة المصدر النائب عن فعله:
جاء ذلك في موضعين، من ذلك في قول الشاعرة:
أَخي صَبرًا، فروحُ الحرّ نورٌ خالدٌ مطلق
أي: اصبر صبرًا، فصبرًا مفعول مطلق منصوب ناب عن فعله المحذوف، والشاعرة تأمر بالصبر والتجلد فعبّرت عن ذلك بالاسم دون الفعل، ليكون هذا الصبر ثابتًا ملازمًا مستمرًا، وهذا مايتميز به الاسم عن الفعل.
-الجدول الإحصائي لأنماط جدول جملة الأمر في الديوان:
الصيغة | الشكل | عدد المرات | النسبة |
فعل الأمر | 99 | 90,80 من مجموع صيغ الأمر | |
-فعل أمر مبني على السكون | 63 | 63,63 | |
-فعل أمر مبني على حذف النون
–متصل بواو الجماعة -متصل بياء المخاطبة |
-34
-27 -7 |
34,34 | |
-فعل أمر مبني على حذف حرف العلة | 2 | 2,0 | |
فعل مضارع مقرون بلام الأمر | 6 | 5,50 من مجموع صيغ الأمر | |
مصدر ناب عن فعله | 2 | 1,83 من مجموع صيغ الأمر | |
اسم فعل أمر | 2 | 1,83 من مجموع صيغ الأمر |
المطلب الثاني: جملة النهي في الديوان:
النّهيُّ لغةً: المنعُ، يقال نَهاهُ عن كذا أي: مَنعَه، يقول الفيروزآبادي:” يَنْهاهُ نًهْيًا، ضد أمره ،فانتَهَى وتَنَاهَى، وهو نَهُوٌ عن المنكر أُمورٌ بالمعروف، وانْتَهى الشيء، وتَنَاهى ونَهّي تَنْهيةً، بلغ نهايته.” (الفيروزأبادي، 2007، ص1322)
النّهيُ اصطلاحًا: طلبُ الكفّ عن الفعل على وجه الاستعلاء والوجوب. (السكاكي، 1983، ص344)، والنهي هو النفي، يقول سيبويه: “لا تضرب نفي لقوله اضرب”. (سيبويه،1991، 1/136) ويقول ابن السراج:” فإذا نهيت فقلت: لا تقم فقد أردت نفي ذلك، فكما أن الأمر يراد به الإيجاب فكذلك النهي يراد به النفي”. (ابن السراج، 1988، 2/163)
وله صيغة واحدة، هي المضارع المقرون بلا الناهية. وهي صيغة ليست مرتجلة، وإنما تستفاد من المضارع المجزوم الذي دخلت عليه، لا الطلب، وإنما كان كذلك لأن النهي ينزل من الأمر منزلة النفي من الإيجاب، أي أن الأمر هو الإيجاب، وأما السلب أو النفي فهو النهي، إلا أن له أسلوبه الخاص وهو دخول لا الناهية، الموضوعة لطلب الترك، وذلك يعني أن صيغة النهي (لا تفعل). (السيوطي، 1984، 2/304)
ولا الناهية يطلب بها الكفُّ عن فعل شيء ما، ويختلف معناها حسب ما توجه إليه، فإن كان الطلب موجهًا ممن هو أعلى درجة إلى من هو أدنى سميت الناهية، وإن كانت من الأدنى إلى الأعلى سميت دعائية. (حسن، د، ت، 4/408)وهي جازمة للمضارع بشرطين، أولهما: عدم وجود فاصل بينها وبين الفعل، ثانيهما: ألا تسبقها “إن “الشرطية” أو إحدى أخواتها من أدوات الشرط. (حسن، د، ت، 4/408).
وردت جملة النهي في ديوان الشاعرة إحدى وعشرين مرة، وقد كانت أقل بكثير من نمط الأمر، وربما يرتبط ذلك بنفسية الشاعرة، وكأنها ترى-بحسب المقصود بالأمر والنهي لغويًا ونحويًا- أن الأمور التي تريدها أن تحصل أهم بكثير من الأمور التي يجب الحد منها، أو الابتعاد عنها.
للنهي أسلوب واحد وهو “لا “الناهية متبوعة بالفعل المضارع، ولذلك يمكن تقسيم جملة النهي في الديوان–بحسب العلامة الإعرابية- على النحو التالي:
-النمط الأول: فعل مضارع مجزوم، وعلامة جزمه السكون:
وقد ورد هذا النمط (ثلاث عشرة مرة)في ديوان الشاعرة، وهي في ذلك كله لنهي المخاطب المفرد، من ذلك قولها:
يا أيها الساري بدرب التيه، لا تُوغلْ ببيد
حيث جاء الصوت يهتف للملاح من بعيد، ينهاه فيه عن الذهاب بعيدًا، والاسترسال في الدروب المظلمة.
وقولها: أنورَ الفجرِ لا تُقبلْ فقلبي قتومٌ، في الثّرى ألمً دَفينً
فالشاعرة تنهى نور الصباح عن الظهور، والإشراق ؛لأن قلبها مازال مظلمًا حزينًا.
-النمط الثاني :فعل مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه حذف النون:
ورد هذا النمط في ديوان الشاعرة أربعَ مراتٍ، وفق صورتين هما:
-الصورة الأولى الفعل المضارع المتصل بواو الجماعة، وهما موضعان جاءا في بيت واحد، وهو قول الشاعرة:
فلَقد سَئمنَا قولَكم، بلْ نُصحَكُم لا تُفصِحوا، لا تَذكُروا الأسماء
وقد وجهت الشاعرة على لسان المدافعين عن الوطن، ومدى تذمرهم مما يوجه لهم من نهي بأن يحافظوا على الكتمان، وألا يصرحوا بأسماء من يشارك في هذا الدفاع.
-الصورة الثانية :الفعل المضارع المتصل بياء المخاطبة، وهما موضعان، منهما موضع جعلته الشاعرة على لسان والدها، والذي رمزت له بالديمة، وكأن هذه الديمة تخاطب من جعلته ابنًا لها، يأن يسير في الطريق الصحيح، مع أصحاب العقول الراجحة، وتنهاه عن أن يكون سببًا لشقائها فقالت:
قمْ والتحقْ عَجِلًا بركبِ أُولي النَّهى كنْ عاقلًا ولدي، ولا تشقيني
-النمط الثالث: الفعل المضارع المجزوم بحذف حرف العلة، جاء في موضع واحد، وهو قول الشاعرة:
لا تبكِ يا طربَ الفؤادِ إذا بكاني النائحون
فالنهي موجه لطائرِ الإيكِ والذي اتخذته الشاعرةُ رمزًا في قصائدها، وتنهاه عن البكاء.
-النمط الثالث: الفعل المضارع المبني في محل جزم:
ورد هذا النمط (ثلاث مرات )في ديوان الشاعرة، منها قولها:
آذنْ بفجرٍ قريبٍ لافواتَ له لا تَطلبنّ لوعدِ اللهِ إِثبَاتا
الشاعرة هنا تأمر باليقين الصادق بفرج الله، ونصره، وتنهى عن طلب إثبات ذلك، فالله – جل ثناؤه – كان وعده مفعولاً، لذلك اعتمدت على الفعل المضارع المؤكد بالنون لتحقيق هذا التأكيد.
-الجدول الإحصائي لنمط جملة النهي في الديوان:
الصيغة | الشكل | عدد المرات | النسبة |
جملة النهي | 21 | 21 | |
فعل مضارع مجزوم وعلامة جزمه السكون | 13 | 61,90 | |
فعل مضارع مجزوم وعلامة جزمه حذف النون | 4 | 19,04 | |
فعل مضارع مجزوم بحذف حرف العلة | 1 | 4,76 | |
فعل مضارع مبني في محل جزم | 3 | 14,28 |
المطلب الثالث / جملة الاستفهام وأدواتها في الديوان:
الاستفهامُ لغةً: جاء في اللسان: الفِهمُ: مَعرفتُكَ الشّيء بِالقلبِ، وفَهِمَه فَهْمًا وفَهَامةً، عَلِمَه، وفهمتُ الشيءَ :عقلته وعرفته، وأفهمه الأمر وفهمه إياه: جعله يفهمه، و استفهمه: سأله أن يفهمه، وقد استفهمني الشيء فاهمته وفهمته تفهيما. (ابن منظور، د، ت،10/381)
واصطلاحًا: هو طلب الفهم وطلب العلم بشيء، لم يكن معلومًا من قبل، وهو الاستخبار الذي قالوا :إنه طلب خبر ما ليس عندك . (ابن يعيش، د، ت، 8/150)
والاستفهام هو المطلوب حصوله في الذهن كما ذكره السكاكيّ إذ قال: “والاستفهام لطلب حصول في الذهن، والمطلوب حصوله في الذهن إما أن يكون حكما بشيء على شيء، أو لا يكون، والأول هو التصديق ويمتنع انفكاكه من تصور الطرفين، والثاني هو التصور ولا يمتنع انفكاكه من التصديق”. (السكاكي1983، ص146).
وتصنف أدوات الاستفهام إلى نوعين، فهي: إما حرف أو اسم يتضمن معناه، والحروف الهمزة وهل، ولا معنى لهما إلا مع غيرهما، كما جاء عن علماء العربية، في حدهم للحرف بأنه مادل على معنى في غيره، والأسماء هي (من -ما-كم-كيف-أين –متى –أنى ، إيان -أي)، ولكل منها معنى خاص، يستقيم به عن ذلك الشيء. (أبو حيان، د، ت، 3/258)
اعتمدت الشاعرة على جملة الاستفهام في ديوانها في (ثمانية وثلاثين)موضعًا، كانت معتمدة في أغلبها على حرف الاستفهام هل، حيث وردت في (تسعة عشر) موضعًا، وباقي المواضع كانت موزعة بين بقية أدوات الاستفهام (أين –من-أي-أ-كيف-ماذا بم-من)، واعتماد الشاعرة على جملة الاستفهام بسبب مايثيره هذا الأسلوب في النفس من الحركة التي تدعو المخاطب أن يشارك السائل فيما يحس ويشعر.
ويمكن تقسيم جملة الاستفهام بناء على تقسيمها إلى حروف وأسماء، إلى ثلاثة أنماط:
-النمط الأول: حروف الاستفهام:
ورد هذا النمط وفق حرفي الاستفهام الهمزة وهل.
أولا: الهمزة وهي الأصل في هذه الأدوات، ولها الصدارة في الكلام، فهي الوحيدة التي تأتي قبل حروف العطف ( الواو والفاء وثم) لغلبتها وقوتها وعموم تصرفها. (ابن يعيش، د، ت، 8/150)ورد الاستفهام بالهمزة في ثلاثة مواضع، جاءت وفق نمط واحد، حيث تقدمت فيها الهمزة على الفعل المضارع المثبت فكان التركيب الاستفهامي : همزة الاستفهام + فعل مضارع +فاعل مستتر+ مفعول به
من ذلك قولها:
ما حيلة الكلمات لو تغدو لنا هدفا، أتسمع أمة صماء
تتساءل الشاعرة- وهي ترمي بذلك إلى الاستنكار-عن مدى وصول الصوت إلى الأمة التي أصابها الصمم.
ثانيا: (هل) وهو حرف استفهام يدخل على الأسماء والأفعال لطلب التصديق الموجب لا غير، وقد عدّ سيبويه “هل “من الحروف التي لايليها إلا الفعل حيث قال: “واعلم أنه إذا اجتمع بعد حروف الاستفهام نحو :هل وكيف ومن اسم وفعل، كان الفعل بأن يلي حرف الاستفهام أولى”. (سيبويه، 1991 3/115)وقد وردت في الديوان في (تسعة وعشرين) موضعًا فكان ورودها أعلى من بقية الحروف والاسماء، وقد وردت وفق صورتين : الأول : تركيب استفهامي هل +فعل (ماض أو مضارع)+ فاعل
هل تُرى حُقّ لقلبٍ هدّه طولُ النحيب أن يَرى شدوَ هزارٍ، مثلَ أصواتٍ النعيب؟
وقد يتكرر الاستفهام أكثر من مرة في البيت نفسه، من ذلك قولها:
هلْ يَرتَوي الظّمآنُ ؟ أمْ هَلْ يَنجَلِي ليلُ الضّريرُ؟
الصورة الثانية: تركيب استفهامي : هل +جار ومجرور+ ظرف زمان
ولكنْ هَلْ لِسربِك حِينَ يُمسِي هُنالكَ أنْ يَجودَ بِدمعِ عَيني ؟
توجه الشاعرة تساؤلها لسرب الطيور، وهل بإمكانها أن توصل مدى حنينها لأختها، وأصدق تعبير عن هذا الحنين هو أن تجود بدمع العين وقت وصول السرب إلى هناك.
النمط الثاني : ظروف الاستفهام :وهي الظروف التي يسأل بها عن زمن الحدث أو مكانه، نحو (أين- متى— أيان)، ورد منها في ديوان الشاعرة: (أين) فقط، وذلك في موضعين، وفي كلا الموضعين كان المراد بالاستفهام هو السؤال حقيقة، وكانت في محل نصب ظرف مكان، جاء التركيب الاستفهامي: أين+ اسم اشارة +بدل من ذلك قولها :
ومضوا يريدون الدخول، فصدهم قوم ، وقالوا: أين ذا الإقبال؟
أرادت الشاعرة الاستفهام الحقيقي هنا، فأصحاب المعرض الدولي، قد ردوهم، وتساءلوا إلى أين هذا الإقبال والتوجه.
النمط الثالث: أسماء الاستفهام: ومما ورد منها في الديوان (ما-أي- من- كيف –ماذا-بم).
ف “ما” وهي للسؤال عن ذوات مالا يعقل وصفاته وأجناسه وصفات ما يعقل نحو قول” من عندك؟ فيقول: زيد، فتقول ما زيد؟ فيقول: جواد أو بخيل، أو نحو ذلك. (المبرد،1420، 2/62)
من ورود “ما” في ديوان الشاعرة قولها:
مَالِي أراكَ مُعذّبا-يَاقلبُ- تَحتضنُ الهمومَ؟
فِي كلّ صُبحٍ تَشتَكي والشّمسُ تَحجُبها الغيومُ
الشاعرة هنا تورد الاستفهام لقلبها، وتتعجب من امتلائه بالهموم، وتدعوه إلى النظر إلى الجانب المشرق في الحياة. فالاستفهام هنا لم يكن على حقيقته، وإنما خرج للتعجب.
ومن أسماء الاستفهام التي وردت في الديوان (كيف )، وهي اسم استفهام بمعنى (على أي حال)، (سيبويه، 1991، 1/216).ونفى ابن يعيش أن تكون ظرفا (ابن يعيش، د، ت، 4/109)، وهي للحال سواء وقعت استفهامًا أو خبرًا نحو قول: اذهب كيف شئت.
وقد وردت عند الشاعرة متبوعة بالفعل المضارع المثبت (كيف تمضي) ، (كيف تكون) ، فجاء التركيب الاستفهامي: كيف+ الفعل المضارع المثبت، منها قولها:
مَاذا تُريدُ ؟وكَيفَ تَمضِي لا تُبالِي بِالشّرورِ
فأجَابَني: إنّي سّمعتُ اليومَ صَوتًا للنّفيرِ
الشاعرة توجّه سؤالها لذلك الفؤاد، وتتعجب من حاله وقوته وكيف أنه يمضي بقوة وعزم لا يخاف ولا يأبه.
–الجدول الإحصائي لنمط جملة الاستفهام في الديوان:
الصيغة | الشكل | عدد المرات | النسبة |
جملة الاستفهام | 38 | ||
هل- الهمزة | 19 | 50 | |
ظروف الاستفهام | 2 | 5,26 | |
أسماء الاستفهام | 17 | 44,7 |
ولا شكّ في أنّ كلّ هذه التراكيب الاستفهامية جاءت معبرة عن كل تساؤل حيّر الشاعرة، وأرهقها.
المطلب الرابع: جملة النداء في الديوان :
النّداءُ لغةً: الصوتُ، والنَّدى بُعْدُ الصّوت، ورجلٌ نَديّ الصّوتِ أي بعيدُه، (ابن منظور، د، ت، 14/103)وأصل النداء من الندى أي الرطوبة، يقال: صوت ندي رفيع. واستعار النداء للصوت من حيث أن من تكثر رطوبة فمه حسن كلامه.
النداءُ في الاصطلاح::طلبُ الإقبالِ بحرف نائب عن كلمة :”أدعو”. (الصبان، 3/134، الخضري، 1419، 2/71)، يقول الخضري: “إن النداء هو طلب الإقبال بـ “يا” أو إحدى أخواتها “. (الخضري، 1419، 2/71) وقد يراد به التنبيه، ذكره سيبويه تحت باب سماه الحروف التي ينبه بها المدعو، (سيبويه، 1991م، 2/229) وقال ابن السراج النداء: “تنبيه المدعو ليقبل عليك”. (ابن السراج، 1988، 1/41).
وقد كثر استعمال العرب لأسلوب النداء في كلامهم ؛لأنه أول كل كلام، وقد ذكر سيبويه أنهم فعلوا هذا فقال: “وإنما فعلوا هذا بالنداء لكثرته في كلامهم؛ ولأن أولَ الكلام أبدًا النداء، إلا أن تدعه استغناء بإقبال المخاطب عليك، فهو أول كل كلام لك به تعطف المخاطب عليه”(سيبويه، 1991، 2/208)
تقسم أدوات النداء إلى أقسام بحسب قرب المنادى ف :وأيا و هيا لنداء البعيد، و”أي” و”الهمزة” لنداء القريب، و” وا” للنداء المندوب، (ابن يعيش،د، ت، 8/168والأزهري، د، ت، 1/17)و “يا” للبعيد والقريب.
وردت جملة النداء في ديوان الشاعرة إحدى وثمانين مرة ، وهي بذلك تأتي في المرتبة الثانية بعد جملة الأمر، خصت فيها الشاعرة حرف النداء :(الياء) بالاستخدام، حيث ورد في كل المواضع باستثناء تسعة مواضع، ولعل اعتماد الشاعرة على حرف النداء ياء لأنها تريد أن تكون رسالتها وندائها موجهة للبعيد والقريب، ولكل من يقرأ أبياتها أن يلمس هذه الروح الأبية القوية من جهة، والحانية الهادئة من جهة أخرى، ويلمس القيم التي تدعو إليها .فجملة النداء في أغلب قصائدها لم يكن مقصود به النداء حقيقة، وانما كانت موظفة لغايات من بث الحنين والمواجع والتغني بالإباء والتحدي .
ويمكن تقسيم أنماط جملة النداء في الديوان وفق الحالات الإعرابية للمنادى، وبحسب أنواع المنادى، لتكون وفق التقسيم التالي:
النمط الأول: المنادى المبني في محل نصب، وهذا يكون في نوعين من المنادى هما المفرد: المقصود به ألا يكون مضافا، ولا شبيها بالمضاف، وفي النكرة المقصودة وهي أن تقصد إنسانًا، أو شيئًا معينًا في النّداء ،وتناديه بصيغة النكرة، يبنى على ما يرفع به ،ويكون في محل نصب على المفعولية، باعتبار المنادى مفعولاً به في المعنى، وناصبه فعل مضمر وجوبًا تقديره :أنادي أو أدعو. (ابن عقيل،1417،3/253)
يقول ابن يعيش: “وأما انتصابه محلا، فإذا كان المنادى مفردَا معرفةً فإنه يبنى على الضم، ويكون موضعه نصبًا وذلك على ضربين ،أحدهما ما كان معرفة قبل النداء، والثاني: ما كان متعرفًا في النداء ولم يكن قبل كذلك، وذلك نحو: يا زيد، و يا رجل فـ”رجل” نكرة في الأصل وإنما صار معرفة في النداء”. (ابن يعيش،د،ت،1/121)
ورد المنادى المبني في ديوان الشاعرة (أربعا وثلاثين)مرة، أربع عشرة منها كانت علمًا مفردًا، وعشرين منها كانت نكرة مقصودة،
جاءت صورة المفرد في قصائدها ،على صورة الاسم المبني (اسم إشارة، أو اسم موصول )، وجاءت وفق تركيبين الأول ” حرف النداء+ الاسم الموصول +الجملة الفعلية
منها قولها: يامَن سكبتِ في فؤادِي كلَّ أشواقِي
فـ”من” مبنية في محل نصب منادى
الثاني: حرف النداء+ اسم الاشارة +اسم معرف بأل
يا سهولَ الأرضِ يا تلكَ القفارِ هلْ رعى تربك خطوات القدم
فـ”تلك” اسم إشارة مبني في محل نصب منادى.
وجاء المنادى النكرة المقصودة في أغلب قصائد الشاعرة في نداء مكونات الطبيعة من حولها( (يا روض) (يا بلابل) (يا أرض) (يا شمس) أوفيما يخص الجسد(يا قلب) (يا عين) (يا نفس) (يا دمع)
طلعَ الصباح ُفيا بلابلُ غرّدي للزهرِ لليومِ الجديدِ لمولدي
وقد جاءت وفق التركيب التالي: حرف نداء+ منادى نكرة مقصودة+ فعل أمر
جاء المنادى نكرة مقصودة، فهي تنادي البلابل وكأنها معلومة لديها، وتأمرها بأن تغرّد مجددًا لتوحي ببداية يوم جديد .جاءت جملة النداء فيها متبوعة بفعل أمر، وهو ما ينطبق عليه قول سيبويه: “إن المنادى مختص من بين أمته، لأمرك أو نهيك أو خبرك”. (سيبويه، 1991، 2/231)
النمط الثاني: المنادى المنصوب، وهذا يكون في ثلاثة أنواع من المنادى، في المنادى المضاف سواء أكانت الاضافة محضة نحو: يا عبدالله، أم غير محضة نحو :يا حسن الوجه، والمنادى شبيه المضاف، وهو المطول، وسمي مطولًا لأنه قد طال بمعموله، نحو :يا ضاربا زيدًا، (الأشبيلي، 1419، 2/82)والمنادى النكرة غير المقصودة وهي الباقية على إبهامها وشيوعها، كما كانت قبل النداء، ولا تدل معه على فرد معين مقصود بالمناداة، ولهذا لا تستفيد منها تعريفًا. (حسن، د، ت، 4/31)
ورد هذا النمط في ديوان الشاعرة(سبعًا وأربعين)مرة، منها (ثمان وثلاثون)كان المنادى فيها مضافًا أو شبيهًا بالمضاف، و (تسع)منها كان المنادى نكرة غير مقصودة.
أقوى هذه المواضع هو ما كان عنوانًا لديوان الشاعرة (يا طائر الأيك)لتجعله رمزًا لرغبة الشاعرة في الانطلاق في هذا الكون، ورمزًا للبراءة والطهر والولاء، فطائر الأيك في حقيقته نوع من الطيور، يتصف بحنيته لدرجة أنه إذا مات أحد الزوجين يمتنع الاخر عن الأكل والشرب حتى يموت.
تقول: يا طائرَ الأيكِ انتزعْ من قلبِكَ الباكي الشجون
جاء المنادى شبيهًا بالمضاف، فهو اسم فاعل، منادى منصوب وعلامة نصبه الفتحة، وعمدت إلى تكرار جملة النداء ذاتها:(يا طائر الأيك)في أربعة مواضع من القصيدة ذاتها، وجاءت على الصورة التالية:
حرف نداء+ المنادى الشبيه بالمضاف+ فعل أمر
يا + طائرَ الأيك +انتزعْ
فأرادَت بهذا النداء لفْتَ الانتباه، لتلقي فعل الأمر، الذي أتى بعد أسلوب النداء.
ومن المنادى المضاف قولُها: يا سحابَ البشْرِ يا رَيّ العليل يا حياةَ الأرضِ مِنْ بعدِ الوَهن
كررّت الشاعرةُ جملةَ النّداء في البيت الواحد، وكلها وفق تركيب واحد ( يا+ منادى مضاف)يعرب منادى منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
ويكثر عند الشاعرة من أنواع المنادى المضاف المضاف إلى ياء المتكلم (يا إخوتي) يا (أبي) يا (أمي) يا(ابني) يا(ولدي) يا (صاحبي)، ولعلّ ذلك يظهر مدى التحام الشاعرة بمن حولها، وأنهم كالجزء منها نظرًا لما تحمله “ياء” المتكلم من دلالة على الملكية. تقول :
يا صَاحبي مالِي اصطبارٌ بُلغتِي، زادي: الجوى
وقولها:
فيا نفسي سأكْسرُ عنك قيدًا وأغلالًا قَسَت قدْ لا تَلين
وقد جاء المنادى فيها وفق لغة ثبوت الياء، وكسر ما قبلها، وهو منصوب بالفتح المقدر.
وجاء المنادى النكرة غير المقصودة في ديوان الشاعرة في مناداة أمورٍ معنوية بثّتِ الشاعرة من خلالها آهاتها والآمها وأحلامها، ( يا أملاً) (يا خفقةً) (يا فكرةً) .
منها مناداتها ومخاطبتها لذلك الأمل الذي أنار لها، وأوضح حلمها فتقول:
أوّاه يا أملاً أنارَ للحظةٍ حُلُمي القَصير
وقولها: يا خَفقةً زَرعَت في القلب ذكراها
وقد جاءت هذه الجمل وفق التركيب التالي: حرف نداء+ نكرة غير مقصودة + فعل ماض
الجدول الإحصائي لنمط جملة النداء في الديوان:
الصيغة | الشكل | عدد المرات | النسبة |
جملة النداء | 81 | ||
المنادى المبني
-علم مفرد -نكرة مقصودة |
34
14 20 |
41,97 | |
المنادى المنصوب
-مضاف وشبيه بالمضاف -نكرة غير مقصودة |
47
-38 9 |
58,02 |
اعتمدت الشاعرة على الأسلوب الطلبي في ديوانها، في (239) موضعا، مع التفاوت بين الأنماط المختلفة للجمل الطلبية . فجاءت هذه الجمل الطلبية وفق الجدول التالي:
الصيغة | عدد المرات | النسبة |
جملة الأمر | 99 | 41,42 |
جملة النهي | 21 | 8,78 |
جملة الاستفهام | 38 | 15,89 |
جملة النداء | 81 | 33,89 |
الـخـــــاتـــــمـــة
الحمد لله في المبتدأ وفي المنتهى، فبعد هذه الجولة في ديوان (يا طائرَ الأيك) للشاعرة (أماني بسيسو)، ودراسة الأساليب الطلبية فيه، دراسة نحوية تركيبية فقد خرجت الدراسة بعدد من النتائج:
أن ديوان الشاعرة أماني بسيسو يمثل الأنموذج الجيد والأمثل لتطبيق الدراسة المُعنْونة بالجملة الطلبية في ديوان (يا طائر الأيك) دراسة نحوية تركيبية، حيث كان زاخرًا بأنواع الجملة الطلبية من: أمر ونهي ونداء واستفهام، وفق أنماطٍ مختلفة تبين من خلالها رائعة استخدام الشاعرة للجملة الطلبية في ديوانها.
أن الشاعرة نجحت في توظيف التراكيب النحوية التي اعتمدت عليها في الجمل الطلبية التي زخر بها ديوانها، فالنداء عندها ظاهرة نحوية، لكنه مشحون بظلال من المعاني نجد أغْلبَها موظفًا لغايات من الحزن والمواجع، والتحدي والإصرار. والاستفهامُ ظاهرةٌ نحويّة لم ينحصر في ديوانها عند الحد النحوي، ولكنه خرج لمعان مختلفة تفهم من السياق، كالنفي وإظهار التحسر، والتعجب. وجملة الأمر اعتمدت في أغلبها على صيغة (افعلْ) للمفرد المذكر، لتؤدي به الشاعرة المعاني التي تعتلج في نفسها.
أن الشاعرة كانت أكثر استخداما لجملة الأمر حيث وظّفتها في القصيدة بنسبة(41,42)، من المجموع الكلي لاستخدام الجمل الطلبية، وكانت صيغة فعل الأمر أكثر ورودًا في ديوان الشاعرة من الأنماط الأخرى، مع التنويع بين الأنماط الأخرى من الاعتماد على المصدر النائب عن فعله، واسم المصدر، والفعل المضارع المقترن بلام الأمر.
جملة النداء تأتي في المرتبة الثانية بعد الأمر حيث جاءت بنسبة (33,89)، نوعت الشاعرة في أنماطها، وفي الحروف المنادى بها، وكان أكثر الحروف ورودًا هو حرف النداء الياء. حققت الشاعرة بجملة النداء ما تصبو إليه من بث الآهات والمشاعر .وقد سطرت بهذا الأسلوب عنوان ديوانها. وهي بذلك لفتت انتباه السامع منذ اللحظة الأولى في ديوانها.
أن جملة الاستفهام تأتي في المرتبة الثالثة، حيث شغلت نسبة(15,89)، وقد خرجت عن الاستفهام الحقيقي، لتدل على معانٍ متعددة؛ كالنفي، والتمني والتعليل، وغير ذلك، وقد حققت الشاعرة مبتغاها في اعتمادها على هذه الجملة الطلبية، حيث جعلت المخاطب والمستمع شريكا لها في البحث والتساؤل، ومحاولة الوصول للإجابة التي تسعى لها.
أن جملة النهي كانت أقل الأنماط ورودا في ديوان الشاعرة، وردت بنسبة(8,78).ربما لأنها اعتمدت على جملة الأمر في أغلب جملها الطلبية، فكأن المقابل لهذه الأفعال المأمورة بها، منهي عنها.
أن هذا التفاوت في أنماط الجملة الطلبية- بلا شك -مرتبط بطبيعة المواضيع التي تناولتها الشاعرة، وما يرتبط فيها من مواقف، فديوان الشاعرة مبني على مشاعرها تجاه الوطن، وتجاه من حولها من أفراد أسرتها الأب، والأم والأخت وبنات الأخت.
أن ديوان الشاعرة يعدّ ميدانا جيدًا لدراسات أخرى، فيما يتعلق باللغة والأدب، والصرف.
وأسأل الله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
قائمة المصادر والمراجع:
-الأزهري، خالد بن عبدالله، (1421ه)، شرح التصريح على التوضيح، ط، الأولى، بيروت: دار الكتب العربية.
-الأستر أبادي، رضي الدين محمد(1980م)، شرح الرضي على الكافية، بيروت: دار الكتب العلمية.
– الأشبيلي، ابن عصفور، (1982م)شرح جمل الزجاجي، تحقيق: د.صاحب أبوجناح، جامعة الموصل، دار الكتب للطباعة والنشر.
– الأشموني، أبو الحسن علي نورالدين بن محمد، شرح الأشموني على ألفية بن مالك، ط الثالثة، دار الاّتحاد لعربي للطباعة.
-الأندلسي، جمال الدين ابن مالك، (1967م)، تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد، تحقيق محمد كامل بركات، دار الكتاب العربي للطباعة والنشر.
-الأندلسي، أبو حيان، أثير الدين محمد بن يوسف، (1989م)، ارتشاف الضرب من لسان العرب تحقيق: د. مصطفى أحمد النحاس، ط الأولى، مصر: مطبعة المدني
– الأندلسي، ابن مالك جمال الدين محمد بن عبدالله الطائي، (1410ه)، شرح التسهيل، تحقيق د.عبدالرحمن السيد ود. محمد بدوي المختون، القاهرة: هجر للطباعة.
–الأنصاري، عبدالله بن يوسف بن هشام، (1410ه)، شرح شذور الذهب في معرفة كلام العرب ، تحقيق محمد محيي الدين عبدالحميد، دار الهجرة، مطبعة سلمان الفارسي.
-الأنصاري، عبدالله بن يوسف بن هشام، (1961م)شرح قطر الندى وبل الصدى، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، بيروت: دار إحياء التراث.
-بسيسو، أماني حاتم، (1432ه)، يا طائر الأيك، ط الأولى، مكتبة العبيكان.
– ابن الحاجب، أبو عمرو عثمان، الإيضاح في شرح المفصّل، تحقيق موسى بناي العليلي د. ط، د.ت، بغداد: مطبعة العاني.
–حسن، عباس، (1974م)، النحو الوافي، مصر: دار المعارف.
-الخضري، محمد، (1419ه)، حاشية الخضري على شرح ابن عقيل، الخضري، تحقيق: د. تركي فرحان المصطفى، بيروت: دار الكتب العلمية.
خليل، عاطف فضل، (2004م)، تركيب الجملة الإنشائية في غريب الحديث، ط الأولى، الأردن: عالم الكتب الحديثة.
– الدراويش، حسين أحمد، (2004م)، البنية التأسيسية لأساليب البيان في اللغة العربية، ط الأولى، عمان: دار البشير.
-ابن السراج، أبو بكر محمد بن سهل النحوي، (1988م)، الأصول في النحو، تحقيق: د. عبدالحسين الفتلي، ط الثالثة بيروت: مؤسسة الرسالة.
-السكاكي، أبو يعقوب يوسف بن أبي بكر، (1987م)، مفتاح العلوم، ضبطه، نعيم زرزور، ط الثانية، بيروت: دار الكتب العلمية.
– سيبويه، أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر، (1991م)، الكتاب، ط الأولى، تحقيق: عبدالسلام محمد هارون، بيروت :دار الجيل.
-السيوطي، جلال الدين،(1418ه)،همع الهوامع في شرح جمع الجوامع ،السيوطي، تحقيق :أحمد شمس الدين ،ط الأولى، بيروت: دار الكتب العلمية.
– ابن عقيل، بهاء الدين عبد الله الهمداني،(1417ه)، شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك: مراجعة د. محمد أسعد النادري، ط الأولى، بيروت: المكتبة العصرية.
– الفراء، أبو زكريا يحي بن زياد، (1980م)، معاني القرآن، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، ط الثانية، بيروت: عالم الكتب.
–ابن فارس، أحمد(1970م) ، مقاييس اللغة، تحقيق: عبدالسلام هارون، ط الثانية، دار الفكر العربي.
– الفيروزآبادي، (2007م)، القاموس المحيط، ترتيب، خليل شيحا، ط الثانية، بيروت: دار المعرفة.
-المبرد، أبو العباس، محمد بن يزيد (1420ه)، المقتضب، تحقيق: حسن حمد، ط الأولى بيروت: دار الكنب العلمية.
–مطلب، أحمد، (1987م)، معجم المصطلحات البلاغية، مطبعة المجمع العلمي العراقي.
-ابن منظور، أبو الفضل، جمال الدين محمد بن مكرم، لسان العرب، تحقيق: ياسر سليمان، مجدي فتحي السيد، د، ط القاهرة: المكتبة التوفيقية .
-هارون، عبد السلام، (1990م)، الأساليب الإنشائية في النحو العربي، د، ط، بيروت: دار الجليل.
– ابن يعيش، موفق الدين أبو البلقاء يعيش بن علي، شرح المفصل، د، ط بيروت: عالم الكتب.