المنعطف التاريخي للبيئة – المخاطر البيئية وانعكاساتها على قضايا السلام في الزمن الراهن

بلال الخروبي1

1 باحث متخصص في التاريخ المعاصر بجامعة عبد المالك السعدي، المغرب

بريد الكتروني: bek.histoire@gmail.com

HNSJ, 2023, 4(5); https://doi.org/10.53796/hnsj4517

Download

تاريخ النشر: 01/05/2023م تاريخ القبول: 18/04/2023م

المستخلص

منذ النصف الثاني من القرن العشرين، برزت الحاجة إلى الاهتمام أكثر بقضايا وإشكالاتٍ جوهرية في عالم اليوم، كقضايا الأمن الإنساني، وصراعات الأقليات الدينية والعرقية، وقضايا البيئة والمياه وحقوق الإنسان… وتعززت خلال هذه الفترة دراسات الإنذار المبكر، والمنع الوقائي للصراعات، وصدحت الأصوات بالحاجة إلى الانتباه للأسباب الجذرية للحروب وانعدام الأمن.

تهدف الدراسة إلى طرح إبدال “السلام البيئي” ووضعه صلب اهتمامات الباحثين والفاعلين وصناع القرار، وتنطلق من فرضية مفادها أن هناك علاقاتِ تأثير وتأثر بين البيئة والاضطرابات العنيفة والنزاعات المسلحة، ومن أجل معالجة هذه العلاقة المعقدة يجب علينا تحديد الأسباب الجذرية والهيكلية، ودراسة العوامل الداخلية والخارجية، والتاريخية والمعاصرة التي شكلتها، وبهذا الاتجاه سنطرح نهجاً لدراسة العلاقة بين الثنائيتين “البيئة والسلام” أو “البيئة والنزاع” من أجل فهم وتطوير حلول للنزاعات أو المشاكل المتعلقة بالأرض، أو التي أسهمت بشكل كبير في اندلاعها أو مفاقمتها، وسنطرح مجموعة من الحالات عسانا نخرج بتحليل يعكس واقع المناطق التي ترزح تحت وطأة النزاعات.

ومن نواتج الدراسة، أن “السلام البيئي” بوصفه إمكاناً لما يعيشه العالم من مخاطر مستجدة، مقرون بتحقق عدة شروط منها: “السعي نحو الاستدامة، الاستثمار في البحث العلمي، نهج مقاربات تشاركية، امتلاك التكنولوجيا الحديثة، الاهتمام بالتخطيط الاستراتيجي وتقنيات إدارة الأزمات، وتنمية الإنسان نفسه…”.

الكلمات المفتاحية: السلام الإيكولوجي، إدارة الأزمات، دراسات السلام، المخاطر العابرة للحدود، التخطيط الاستراتيجي.

Research title

Environmental History – Environmental risks and their repercussions on peace issues in the present time

El KHARROUBI Bilal1

1 Researcher specializing in contemporary history at Abdelmalek Saadi University, Morocco

Email: bek.histoire@gmail.com

HNSJ, 2023, 4(5); https://doi.org/10.53796/hnsj4517

Published at 01/05/2023 Accepted at 18/04/2023

Abstract

Since the second half of the twentieth century, there has been a need to pay more attention to the fundamental issues and problems in today’s world, such as human security, conflicts of religious and ethnic minorities, environment, water, and human rights… Early warning studies and preventive prevention of conflicts were strengthened during this period, and voices were heard loud which says to pay attention to the root causes of war and insecurity.

The study proceeds from the hypothesis that there are relations of influence and vulnerability between the environment and violent unrest and armed conflicts. To process this complex relationship, we must identify the root and structural causes, and study the internal and external, historical and contemporary factors that shaped it. In this direction, we will present an approach to study the relationship between the two binaries “Peace and environment” or “the environment and conflict” in order to understand and develop solutions to conflicts or problems related to the land, or that have contributed significantly to their outbreak or exacerbation, and we will present a set of cases in order to come up with an analysis that reflects the reality of the areas that suffer under the burden of conflicts.

Among the results of the study is that “Eco Peace” as the potential required for the emerging risks in the world, coupled with the fulfillment of several conditions, including: “the pursuit of sustainability, investment in scientific research, participatory approaches, ownership of modern technology, interest in strategic planning and crisis management techniques, development of human itself…”.

المقدمة:

يحمل مفهوم المخاطر في طياته تهديدا ومخاوف من أن تؤدي إلى حدوث نتائج قد يصحبها دمار أو حروب أو كوارث. ومع دخولنا في القرن الحادي والعشرين طرأت تغيرات على طبيعة وأنماط المخاطر والتهديدات، بحيث لم تعد تنزل بإشكالاتها وثقلها على دولة واحدة، وإنما على دول العالم قاطبة بوصفها أزماتٍ عابرة للحدود[1]، ذاتِ مسببات مختلفة أو جديدة، تأخذ مجراها بطريقة مغايرة، وترسم ردود فعل متباينة، وتؤثر في المجتمعات بطرق مختلفة عما سبقها من أخطار.

سنحاول من خلال هذه الدراسة، استعراض الجهود المبذولة في الأدبيات العلمية لربط مجالي البيئة بقضايا السلام، كما سنرصد التطور الذي عرفه مفهوم السلام منذ الثمانينيات والنقلة التي عرفها مفهوم البيئة من العلوم الطبيعية إلى العلوم الاجتماعية، ثم سنناقش جدلية العلاقة بين السلام والنهج الإيكولوجية المختلفة لعلم البيئة في عمقها الجيولوجي والإنساني والاجتماعي والجغرافي والسياسي، وندرس تأثيرات البيئة على قضايا الأمن، النزاع، الاستدامة والسلام.

تتميز الدراسة بطرحها لإبدال مفهوماتي، ويتعلق الأمر بمفهوم “السلام البيئي”، وهي محاولة تمثل امتدادا لحيث انتهت عنده الدراسات الحديثة التي نبهت للعلاقات المتبادلة بين البيئة والنزاع، أو البيئة والسلام، وسنبذل لأجل هذا الغرض جهدا حثيثا نستعرض من خلاله القرائن والبراهين التاريخية والمعاصرة التي تبرز الحاجة إلى تداول المفهوم وتعزيز الوعي بأبعاده وأهميته.

جوانب تمهيدية:

لم تنل موضوعة البيئة القدر الكافي من الاهتمام حتى تسعينيات القرن الماضي لعوامل متعددة، وقد ساهم التطور الذي لحق بعض الحقول المعرفية في وضع البيئة صلب اهتمام المجتمع العلمي، وفتح المجال أمام رؤية تهدف إلى إدخال الأبعاد البيولوجية والجغرافية والطبيعية بعد أن كانت هذه العناصر ضمن المنسيات في العلوم الإنسانية والاجتماعية. وبهذا ساهمت بعض الكتابات المبكرة في خلق وعي بأهمية البيئة والطبيعة[2]، وبالعلاقات والتأثيرات بين البشر وما يحيط بهم. ومنذ أواخر القرن العشرين، ظهر في دراسات الصراع منظور جديد عززه التحول الذي عرفته أنماط الحروب، بحيث لم تعد الحروب التقليدية _ بين الدول بعضها ببعض _ هي النمط السائد، بل هيمنت الحروب الأهلية على النزاعات المسلحة المشتعلة في العالم وخاصة في مناطق الجنوب. وتداخلت العوامل المحفزة لهذه الصراعات، بين عوامل مرتبطة بالدين والهوية، وبين عوامل أخرى اجتماعية واقتصادية وبيئية؛ وطُرحت تساؤلات مركزية حول الأسباب التي تطيل أمد هذه الحروب، واكتسبت القضايا البيئية الأهمية الكبرى في النقاشات الدائرة حول “الحروب الجديدة”، بوصفها عاملا مؤثرا في ديناميات الصراع في التاريخ الراهن. وتعاظمت المخاوف حول البيئة لأن ضحاياها لا تقتصر فقط على المقاتلين كما هو الشأن مع الحروب التقليدية، وإنما تنتقل إلى صفوف المدنيين، ورغم خطورتها وتأثيرها على بيئات الحرب تظل هي العامل الأقل وضوحا، ومن سمات تأثيراتها طول الأمد. فما هي أشكال التهديدات البيئية التي يطرحها الزمن الراهن؟ وما هي الوسائل والمسالك الكفيلة لوضع حد للانهيار البيئي المتسارع والجارف؟

إن التهديدات التي نحن بصدد الحديث عنها، هي تهديداتٌ تشمل التلوثَ والأمراض العابرة للحدودِ واستنزاف الموارد وغيرها مما نبهتنا منه الأوساط الأكاديمية والعلمية والمختبرات العالمية التي كانت سباقة لدق ناقوس الخطر من حجم التأثيرات الناجمة عن تحرك الإنسان وصناعاته المتطورة، واستغلاله غير العقلاني للثروات الطبيعية وما يلحق ذلك من تحطيم وتهديم وتهديد للكائنات ومقدراتها الطبيعية ومجالاتها الحيوية (طبقة الأوزون، الفرشات المائية…)، تهديد لم يسلم الإنسان نفسه منه، ما دفع العالم في بداية التسعينيات إلى تنظيم أحد أكبر الملتقيات والمؤتمرات الدولية، مؤتمر “ريو ديجانيرو”[3]، ومنذ ذلك الحين تصاعد الاهتمام بتهديدات البيئة، التي بالرغم من قساوتها، إلا أنها علمت العالم دروسا شتى، يمكن أن نستحضرها بالانطلاق من الفرد ذاته، إلى الأسرة والمجتمع، وإلى المجتمع الدولي برمته..

  • الشكل: من إعداد الباحث
  1. اتساع نطاق المفاهيم:
    1. في تطور مفهوم الإيكولوجيا:

يُعرِّف قاموس أوكسفورد الإنجليزي الإيكولوجيا بأنه: “فرع علم الأحياء الذي يتعامل مع علاقات الكائنات الحية ببعضها البعض وبالبيئة التي تعيش فيها[4]، وقد ترجمت كلمة Ecology إلى اللغة العربية ب:”علم البيئة” كما وضعها العالم الألماني إرنست هيكل Haeckel Ernest عام 1866 بعد دمجه لكلمتين يونانيتين هما: Oikes ومعناها مسكن، و Logos ومعناها علم وعرفها بأنها “العلم الذي يدرس علاقة الكائنات الحية بالوسط الذي تعيش فيه”[5] ويهتم هذا العلم بالكائنات الحية وتغذيتها، وطرق معيشتها في مجتمعات أو تجمعات، كما يتضمن أيضا دراسة العوامل غير الحية مثل خصائص المناخ (الحرارة، الرطوبة، الإشعاعات، غازات المياه والهواء) والخصائص الفيزيائية والكيميائية للأرض والماء والهواء. ويأخذ الإنسان – كأحد كائنات النظام البيئي – مكانة خاصة نظرا لتطوره الفكري والنفسي، فهو المسيطر- إلى حد ملموس – على النظام البيئي وعلى حسن تصرفه تتوقف المحافظة على النظام البيئي وعدم استنزافه.

  • تطور مفهوم البيئة (الشكل من إعداد الباحث)

يتضح من خلال ما سبق، أن مفهوم البيئة اقترن تاريخيًا وبشكل أساسي بـالعلوم الفيزيائية الحيوية، ومع حلول الحرب العالمية الثانية غدا المفهوم أكثر اندماجا بالعلوم الاجتماعية والإنسانية حين بدأ يَدرُس الإيكولوجيا السياسيةَ وكل ما له علاقة بما هو إنساني واجتماعي، بل وحتى بموضوعة السلام. ويرجع هذا الأمر لتأثر الدراسات العلمية في هذا الحقل بفكر اللاعنف عند الماهاتما غاندي[6] ، كما هو الشأن مع فيلسوف البيئة النرويجي Arne Naess حين طرح مفهوم “البيئة العميقة ” وحاجج فيه على أن المجتمع الرأسمالي يمارس عنفا هيكليا تجاه البيئة. بالإضافة إلى الألماني Ernst Friedrich Schumacher (1999) في عمله ‘small is beautiful’[7] الذي رأى من خلاله أن أساليب الإنتاج وما فتحته من أسواق كبرى وكيانات سياسية أكبر، أدت إلى نزع الإنسانية عن النظام الاقتصادي، لأنه كان لها انعكاسات على الإنسان وعلى البيئة، وطرح مشكل استدامة الموارد.

2-1 في تطور مفهوم السلام:

عرف مفهوم السلام هو الآخر تطورا واتساعا منذ بزوغه في القرن السابع عشر مع ظهور فلسفة العدل والسلم كنقيض للحرب والعنف خلال عصر النهضة، وظل هذا الفهم لمفهوم السلام قاصرا على هذا التعريف، بوصفه غيابا للحرب حتى نهاية الحربين العالميتين. وفي أواخر عام 1960 تحول الانتباه من العنف المباشر إلى العنف غير المباشر أو العنف الهيكلي الذي يتمثل في النظم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وبرزت وجهة نظر بديلة لتعريف السلام بوصفه لا يعدو مجرد غياب للحرب وإنما يتجلى من خلال القضاء على أوجه الظلم كالتمييز والفقر وانتهاكات حقوق الانسان وما إلى ذلك…

.

  • مراحل تطور مفهوم السلام (الشكل من إعداد الباحث)

في حقل دراسات السلام نجد عددا قليلا من الباحثين الذين تعرضوا في دراساتهم لتحديات البيئة، ومن بينهم كينيث بولدينج في مقالة بعنوان: اقتصاديات سفينة الفضاء القادمة The Economics of the Coming Spaceship Earth (1966)، وصفت فيه إقبال العالم على حقبة جديدة أسمتها بحقبة “رعاة البقر” في إحالة إلى أن عالم الموارد غير المحدودة يقترب من نهايته، وقدمت مراجعة نقدية للحجج المؤيدة والمعارضة للتفاعلات البيئية والبشرية، أي تأثير البيئة على النظم الاجتماعية[8]. أما عالمة الاجتماع إليز بولدينج Elizabeth G. Boulding من جهة أخرى ربطت السلام بالإيكولوجيا من تجربة عملية يومية، بحيث كانت تؤمن في حقل اشتغالها (peace education التربية على السلام) أن احترام البيئة وزرع الوعي بأهمية الحفاظ عليها يجب أن ينطلق من الأسفل، بمشاركة الأهالي، فقدمت جلسات للنقاش في مختلف ربوع الدولة من أجل إيصال رسالة مفادها أن هناك علاقات مترابطة بين البيئة والنزاع، وأن السلام المستدام لا يمكن أن يتحقق دون القضاء على مسببات الصراع، ومن بينها الأخطار المرتبطة بالبيئة لتماسها بشكل كبير مع احتياجات البشر[9]. هاتشينسون Hutchinson (2009) أيضا من حيث مجال اشتغاله بالتربية على السلام، اعتمد مقاربة عابرة للثقافات والحضارات، فكان يبحث في عمق التقاليد الإسلامية والكونفوشيوسية والطاوية والبوذية حول أخلاقيات التعامل مع البيئة، محاججا أن التعامل مع هذه الإشكالية من بوابة الاقتصاد والسياسة غير كافي لحل التحديات التي ترفعها[10].

إن المتمعن في الأدبيات العلمية بكل من حقلي دراسات السلام والدراسات الإيكولوجية، يجد أن موضوعة السلام لم يتم ربطها على المستوى المنهجي بموضوعة البيئة. ومع ذلك فقد انبثق وعي في المجتمع الدولي بجدلية العلاقة بينهما؛ فأعيد صياغةُ مفهوم الأمن ليشمل البعد البيئي، وطُرِح مفهوم الأمن البيئي أو الأمن الأخضر بعد الحرب الباردة، وهي مفاهيم اهتمت بالتأثير البيئي على الحرب أو بتأثير الحرب على البيئة.

بعد هذا المخاض انبثق مفهوم “السلم البيئي” كبديل لمفهوم “الأمن البيئي”، بعد أن أُدرج هذا الأخير ضمن السلام السلبي، الذي لا يعدو أن يكون سوى إيقافٍ للانتهاكات تجاه البيئة، وتَولَّدَ نقاشٌ حول الاستدامة من خلال وضع حد للعنف الهيكلي تجاهها، واستحداثِ آليات مستدامة لتدبير الموارد الطبيعية، وهو ما عُرف ب: “إيكولوجيا السلام” كنقيض لإيكولوجيا العنف، في دلالة للضرر الذي أُلحق بالبيئة من خلال التلوث والاستغلال المفرط.

– الركائز المرتبطة بالسلام الإيكولوجي[11]

  1. البيئة والنزاع؛ أية علاقة؟

بالعودة إلى المجتمعات المبكرة، نجد أن مسببات الحروب اقترنت في غالب الأحيان بعواملَ سياسيةٍ واقتصاديةٍ واجتماعيةٍ كعوامل الانتقام، والدفاع عن المقاطعات أمام التهديدات الخارجية، محاولة حيازة الأرض والغنائم والعبيد، اختطاف النساء، تحقيق رؤى شخصية أو ذاتية، أو محاولة الحفاظ على الهيبة… كما يظهر ذلك من خلال البحث الذي أجراه البروفيسور في جامعة أوكسفورد دومينيك جونسوك Dominic Johnson [12]، وذلك منذ العصر المشاعي إلى الثورة الصناعية. ومع التحولات التي شهدها العالم بعد هذا العصر، بدأت أنماط الحروب ومسبباتها ودوافعها تتسع شيئا فشيئا، بعد أن تصاعدت تحديات جديدة، وهي تحديات نصطلح عليها ب “مفارقة الوفرة”، وتتمثل في:

  • زيادة عدد السكان (إفريقيا مع حلول سنة 2050 ستدخل عتبة المليار نسمة)
  • نقص في الموارد (النفط، الغذاء، الأرض أو المجال)

  • الشكل من إعداد: Dominic Johnson, Ibid

ومن أجل رصدٍ أدق للعلاقة بين ثنائية البيئة والنزاع، نستحضر التقرير الذي نشره معهد الاقتصاد والسلام Institute for Economics and Peace حول التهديد الإيكولوجي[13] في أكتوبر من سنة 2021، وهو تقرير تناول بالتحليل 178دولة ومنطقة مستقلة، ويستهدف تقييم التهديدات المتعلقة بمخاطر الغذاء، والمياه، والنمو السكاني المتسارع، فضلاً عن التقلبات في درجات الحرارة، والكوارث الطبيعية. ما يميز هذا التقرير وضعه لمؤشرات تأخذ بعين الاعتبار المرونة الاجتماعية والاقتصادية لكل منطقة، كما يقيس التهديدات وخطورتها بالموازاة مع قدرة هذه المناطق على مواجهتها. ويطرح نظرة ارتيادية واستشرافية بشأن مسارات هذه التهديدات في أفق سنة 2050.

إن النمو السكاني المتصاعد، وانعدام الأمن الغذائي خلال الخمسين سنة الماضية في بعض مناطق إفريقيا جنوب الصحراء، وبعض مناطق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا _بحسب نواتج التقرير_ كان محدداً رئيسياً في تغذية حالة من عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي. كما أن ندرة المياه في الشرق الأوسط قد أفرزت حالة من عدم الاستقرار بين بعض الفواعل، ولعل المثال الأبرز في هذا الشأن يتمثل في التوترات المتعلقة بمياه دجلة والفرات بين تركيا وكل من سوريا والعراق، فضلاً عن التوترات الراهنة المتعلقة بمياه نهر النيل. بتعبير آخر، فإن تصاعد نسبة السكان وما سيترتب عنه من زيادة في معدلات الاستهلاك تزامنا مع تفاقم أزمة الغذاء بسبب نقص المياه والمشاكل المرتبطة بالمناخ سيدفع إلى تأجيج مزيد من الصراعات والتوترات في البدان ذات الموارد المنخفضة. وهذه التهديدات أيضا لها مضاعفات تتجسد بوضوح في معدلات الهجرة الجماعية القسرية؛ ففي عام 2020 نزح بحسب التقرير ما يقارب الثلاثين مليون شخص[14]. ليس هذا فحسب، بل إن 13 دولة ستواجه تهديدات كبيرة، وهذه المناطق أيضا تعتبر من أقل المناطق استقرارا وسلما وفقا لمؤشر السلام العالمي، بمعنى أن ما مجموعه 3.3 مليار نسمة سيواجهون تهديدات بيئية شديدة أو شديدة الخطورة[15]، وهو ما يمثل 42 في المئة من إجمالي السكان.

ومن بين الملاحظات التي يمكن أن نطرحها في سياق استقراءنا لنتائج التقرير، كونه يطرح قضية البنية التحتية المادية والأطر التنظيمية والقوة الاقتصادية وأنظمة الاستجابة المؤسساتية، بوصفها الإمكان الذي من شأنه أن يحد من هذه المخاطر، وهذا هو النقد الذي طال مفهوم السلام الإيجابي عند يوهان غالتونغ كونه يربط قضية السلام بالتنمية وبدور المؤسسات، ويكفي أن نلاحظ تصنيف رواندا في مؤشر التهديدات[16] لنلحظ جوانب من الخلل الذي يعتري أنظمة الإنذار المبكر، فرغم توفرها على بنية تحتية أفضل من معظم الدول الإفريقية، وتحقيقها لنسبة عالية من المرونة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، إلا أنها تصدرت المراتب الأولى في نسبة التهديدات.

  1. تحديات الزمن الراهن: جيوبوليتيكا المناخ، أمراض عابرة للحدود، وحروبُ ندرة:

ترتبط النزاعات ارتباطا وثيقا بالبيئة والنظم الإيكولوجية والموارد، وعلى الرغم من أن اضطراب المناخ والتدهور البيئي أو حتى “الجائحة” لا تشكل السبب المباشر للنزاعات، إلا أنها قد تكون عاملا يمكن أن يزيد من احتمالات نشوب النزاعات أو مفاقمتها. من خلال تقويض سبل العيش وتهديد الأمن الغذائي وفقدان الثقة في الحكومات من حيث قدرتها على توفير الصحة وتحقيق المساواة الاجتماعية. ويزيد التدهور البيئي من شدة التحديات التي تواجهها المجتمعات المحلية المعرضة بالفعل للخطر على المدى القصير والطويل.

    1. جيوبوليتيكا المناخ:

تنال الكوارث الطبيعية من الدول في اقتصاداتها وعيش سكانها، وتجعلها عرضة لتبدل أحوال السياسة والحكم، وهناك العديد من الشواهد عبر التاريخ حيث أثرت عوامل المناخ والأوبئة وغيرها من الأزمات الطبيعية على استقرار الامبراطوريات. وتؤدي حالة الفراغ السياسي الذي يصحب انهيار أنظمة الحكم، إلى تنامي ظواهر العنف والجريمة، بل وتؤذن بحروب أهلية طاحنة. وقد وُضعت نظريات عديدة عن تأثير المناخ في الشؤون الاجتماعية والسياسية منذ الفلاسفة الإغريق إلى ابن خلدون وأرنست رينان وغيرهم… ولن يتسع المجال لاستعراض كافة الأمثلة، غير أن الرغبة تحذونا لتسليط الضوء على صراع ما لبث يتجدد بين الصين وروسيا حول الأراضي المحيطة بنهر “الأَمور” الذي يفصل بينهما، وهو نهر يتعدى طوله أربعة آلاف كيلومتر، يقع في إقليم يتسبب مناخه بفيضانات تساهم بين الفينة والأخرى في تغيير مجرى النهر، الأمر الذي يتسبب في خلافات مستفحلة على هوية الأراضي في ضفتي النهر، خلافاتٌ أفضت فيما مضى إلى مواجهات عسكرية[17]. وفي سوريا أدى الجفاف في منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين إلى النَّيلِ من المحاصيل الزراعية، ما أثر على معيشة الأهالي، ليكون ذلك من بين العوامل التي أدت فيما بعد إلى الحراك الاجتماعي عام 2011.

    1. الأمراض عابرة للحدود:

ننتقل من تأثيرات المناخ، إلى تأثيرات الأوبئة، والتي عادة ما تكشف المشاكل الهيكلية وتُفاقمها، ونادرا ما تنتج تغييرا بناءً. أعرب العالم الفيزيائي الأمريكي في القرن الثامن عشر صمويل كوهن Samuel Cohen عن أسفه لأن “أوقات الطاعون هي دائمًا تلك التي يكتسب فيها الجانب الوحشي والشيطاني من الطبيعة البشرية اليد العليا”[18]. تثير الأوبئة دافعًا وحشيًا للبحث عن كبش فداء. أثناء الإنفلونزا الإسبانية، تعرض اليهود لهجومٍ ممنهج من قبل الأحزاب اليمينية في ألمانيا، وفي جائحة كورونا كان الآسيويون هدفًا مشتركًا، ومرة أخرى كانت النتائج عنيفة على المستوى الفيلولوجي عموما من خلال وسائل الإعلام، وفي بعض الأحيان امتد الأمر للعنف المباشر، وهي مظاهر من شأنها أن تحفز على استمرار آثار الكراهية حتى بعد انتهاء الأزمة.

تشل الأمراض العابرة للحدود الحركة على الصعيد الدولي بمستويات لم يشهدها العالم حتى في ذروة الحروب الخطيرة[19]، وهي خطر حقيقي يتهدد الإنسان في جوانبه الصحية والاجتماعية والأمنية والاقتصادية… وهو ما يتوجب إعادة النظر في السبل التقليدية لإدارة الأزمات، خاصة وأن الدول الأكثر تضررا من الجوائح كانت من بين صفوة الدول المتقدمة عسكريا وإداريا واقتصاديا، وذلك راجع لاستثمار مقدراتها لمواجهة التهديدات العسكرية (الأسلحة النووية، الصواريخ العابرة للقارات، الصواريخ المحملة برؤوس نووية، ومجال الاستخبارات) في الوقت الذي يتم فيه إغفال التحولات والتطورات الاجتماعية والبيئية التي تنجم عنها مخاطر لا يمكن مواجهتها بالآليات التقليدية.

    1. حروبُ الندرة:

عبر التاريخ، كانت جذور الهيمنة والعنف، والعنف المضاد، تُحرَّكُ اقتصاديا عبر تكديس المواد الأولية، ومصادر الطاقة، والسيطرة على الموانئ وشبكات المواصلات في البحار والمحيطات. وتكفينا العودة إلى معطيات جاك آتالي، لنأخذ لمحة عن مسارات الصراع في المستقبل، وليس الحديث هنا عن الصراعات الإيديولوجية أو السياسية التي ظلت النمط السائد منذ غابر العصور، بل عن حروب الندرة؛ ف”كما تحاربنا من أجل الفحم والحديد، سوف نتصارع من أجل البترول والمياه والمواد النادرة”[20]. يعدد جاك آتالي المراكز التي قد تكون بؤرة للصراع المستقبلي؛ فإغلاق مضيق هرمز، قد يحرم العالم من خمس الإنتاج العالمي، ويرفع الأسعار حتى 250 دولار أمريكي للبرميل، وقد تقوم حروب أهلية حيث يوجد العديد من خطوط الأنابيب بتخريب مناطق مرورها بدون هوادة، وهي حروب ممولة عادة من شركات بترول متنافسة، وستتحول المناطق البحرية التي تتوفر على الآبار الرئيسة لتصبح أماكن صراعات محتملة[21].

ويزداد الصراع حول المياه، لينذر بإمكانية نشوب حروب كثيرة، وفي الخمسين سنة الماضية، نشب ما يقارب السبع وثلاثين معركة من أجلها وتظل إمكانية عودة تلك الصراعات قائمة، فهناك 145 بلدا يقع جزء من أراضيه على أحواض متعددة الحدود؛ وحوالي 87 حوضاً تتقاسمه أكثر من دولتين، و19 حوضاً تشترك فيها على الأقل خمسة بلدان. كما تتنازع البرازيل والأرجنتين والباراجواي والأوروغواي على ثالث مخزون للمياه العذبة تحت الأرض، وتجد أزمات البلقان جذورها في حوض الدانوب المقسم بين 18 دولة. ليس هذا فحسب، بل سيؤدي اختلال المناخ إلى صراعات حول أراضي ما تزال قابلة للتنفس والزراعة، كسيبيريا والمغرب والجزائر وجنوب إسبانيا[22]. تشير هذه النتائج إلى أن الحفاظ على الموارد الطبيعية والإدارة الرشيدة لها يمكن أن يساعد في تقليل إمكانية نشوب النزاعات، ومن هذه التدابير، اللجوء إلى تحلية المياه، وهي الاستراتيجية التي عمدت مصر على نهجها خلال تدبيرها لأزمة سد النهضة، بالإضافة إلى التخطيط للبنيات التحتية والطبيعية. وفي ضوء هذه التحديات أيضاً تظهر الحاجة ماسة إلى نظام عالمي جديد يستند إلى قوانين دولية مستحدثة، لها القدرة على كبح طموحات القوى العظمى، التي قد تعاني في المستقبل من عوزٍ في الموارد، خاصة بين أطراف الصراع الرئيسة، والتي يتوقع أن يزداد حجم وجودها في آسيا الصغرى لتفادي أن تضع إحداها يدها على خيرات المنطقة.

  1. البحث عن إمكان:

إن التهديدات التي أسلفنا ذكرها، تجعل العالم بحاجة إلى إرساء سبل وتدابير حديثة متطورة تسمح بالتعاطي معها بقدر من الاستدامة والفعالية، نظراً لأن هذه المخاطر تتجاوز حدود الدول، ولا يمكن للحدود السياسية والجغرافية أن تحول دون تمددها، وقد أطلق العلماء على أزمات اليوم وصف “أزمة الأزمات”[23] نظرا لما رفعته من تحديات قاسية، ومن ثم ينبغي أن تكون هناك مقاربة تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات الأزمات الراهنة، وتستحدث آليات في مستوى هذه التهديدات، تجمع بين آليات محلية، وآليات دولية وعابرة للحدود؛ فتنامي تلوث البيئة والتهديدات المتصلة بالأوبئة العابرة للحدود، جعلتنا أمام ضرورة إعادة النظر في النظام الدولي لتدبير الأزمات، خاصة بعد أن ظلت الأمم المتحدة مكتوفة الأيدي إلى حد كبير، وفي أقل الأحوال قامت بتدابير رمزية لم تكن في مستوى هذه الإشكالات والخطر الناجم عن تمدد الظاهرة.

وقد يكون من الضروري إن أردنا كسب الرهان أمام التهديدات الجديدة التي تطال العالم، اتخاذ إجراءات من بينها:

  • السعي نحو الاستدامة: اقترح علماء ومن بينهم المستقبلية وخبيرة الاقتصاد هايزل هندرسون Hazel Handerson[24] أن انتقال العالم من العصر الصناعي إلى العصر الشمسي من شأنه أن يحل مشكل الاستدامة، بعد أن أصبحنا نرى عواقب التفكير الاقتصادي قصير المدى. في هذا السياق، يطرح البروفيسور جاك أتالي إمكانا من أجل حل مشكلة الندرة، يتمثل في اعتماد الاقتصاد العلائقي[25] كبديل لاقتصاد السوق، وهو اقتصاد يسمح للآخر، بأن ينتج أكثر من احتياجاته من أجل تلبية احتياجات الغير، وبالتالي فإن الحفاظ على بقاء الإنسانية مرهون بالإبقاء على هذا النوع من العلاقات؛ فالاقتصاد العلائقي لن يخضع لقوانين الندرة، أي أنه سيسمح بإنتاج وتبادل خدمات مجانية مع الآخر، في إطار عالمٍ تُكمِّل فيه البلدان بعضها البعض، وتلبي كل منها احتياجات الآخر؛ فمن يتوفر على حصة كافية من المياه، قد تعوزه عناصر أخرى كالغاز أو النفط أو الليثيوم، ومن يمتلك اقتصاداً بشريا كاليابان، تعوزه الأراضي الفلاحية والزراعية.
  • الاستثمار في البحث العلمي، فضلا عن الاستثمار في الجوانب الاقتصادية والإدارية والاجتماعية بدل الاستثمار في التسلح. وقد شهد التاريخ الإنساني محطات قاسية على مستوى التهديدات البيئية، إلا أن الإنسان استطاع بالعلم والاجتهاد أن يحولها في كثير من المرات إلى فرص للتقدم والنضج الحضاري. وقد أصبح الاستثمار في البحث العلمي يستقطب الانتباه بشكل كبير زمن الأزمات، وقد لاحظنا في عز أزمة الجائحة أن الناس أصبحوا ينتظرون مراكز الأبحاث، لعلها تفيد بلقاح أو بدواء أو بنصائح، فالجائحة أبانت عن أهمية توظيف البحث العلمي والعلم في تجاوز المخاطر؛ فالعلم يعتبر أحد أهم الآليات، وتاريخيا ثبت أن الحلول دائما تأتي من المختبرات ومن المفكرين والباحثين، لأن الاستناد على البحث العلمي أساسي من أجل مواجهة المخاطر العابرة للحدود.
  • التخطيط الاستراتيجي، وهو يحيل للتفكير في المستقبل، بعدم الاكتفاء بتدبير القضايا اليومية والمشاكل والحاجات الراهنة، وبدلا من ذلك، الالتفات إلى المستقبل والنظر بعين مستشرفة، وهذا لا يمكن أن يتأتى إلا من خلال مخططاتٍ وسياسات تستحضر ضمن أولوياتها إمكانية حدوث الأزمات.
  • إدارة الأزمات، وهي التقنيات والآليات والجهود الرامية إلى احتواء الوضع، ومنع خروجه عن السيطرة والتحكم. لا يركز علم إدارة الأزمات على حدوث الأزمة فقط، بل يتصل بعلوم المستقبل والاستشراف والتخطيط الاستراتيجي، لأن هناك مرحلة أساسية وهي ما قبل حدوث الأزمة، بتعبير آخر عدم تدبير الأزمة حال وقوعها، وإنما توقعها وإعداد العدة لها من خلال تدابير وقائية، وهي مرحلة تمكننا من الجاهزية وتمنحنا القدرة على اليقظة عندما تحدث الأزمة، ولعل معظم الخسائر الناجمة عن هذه الأزمات لا تقع بسبب الكارثة بحد ذاتها، وإنما تقع نتيجة الارتباكات التي ترافقها. ويفترض ألا تتوقف إدارة الأزمة عند وقوع الأزمة، بل حتى بعدها، من أجل الوقوف على الدروس والعبر[26].
  • تنمية الإنسان نفسه، بعد أن ساهم خلال فترة الأزمات في الترويج للأخبار الزائفة والخطابات الشعبوية التي تفاعل معها الكثير من الناس بالتهويل، ما أثر بشكل كبير على الجهود المبذولة على المستوى المحلي والدولي، ولذلك فإن الاستثمار في الإنسان بالعلم والتربية والتنشئة[27]، يجعله مستعدا لمواجهة الأزمات والكوارث.
  • مساعدة الدول النامية على الإقلاع الحضاري وتحقيق الاستدامة من خلال إرساء الاستثمارات، ومساعدة البلدان الهشة على تطوير اقتصاداتها وتمكينها من التكنولوجيا، بالصورة التي تجعلها تحقق التنمية وتواجه المخاطر العابرة للحدود، بدل تقديم مساعدات وفق منطق إحساني وخيري، لأن هناك علاقات سببية وتأثيرات متبادلة؛ فنهج هذه المقاربة سيحل مشكل الهجرة الذي تعاني منه بلدان الشمال، فضلا عن تحدياتٍ أخرى من قبيل الإرهاب وغيره…
  • امتلاك التكنولوجيا الحديثة[28]: تعد التكنولوجيا اليوم أحد مقومات القوة والحضور الوازن للدولة في العلاقات الدولية إلى جانب المقومات العسكرية والاقتصادية والدبلوماسية.. فهي تسهل امتلاك المعلومات، وتسمح باتخاذ القرارات المناسبة، ولم تعد الأقمار الاصطناعية اليوم تقتصر وظائفها على الجوانب الاستخباراتية والأمنية، بل تعدت ذلك إلى القيام بما يسمى الاستشعار عن بعد، والذي يفيد في مجالات البيئة، كقياس التصحر، ندرة المياه، الفيضانات والأعاصير، وتمدد الأمراض وانقراض الكائنات وغيرها…
  • تقنية الإنذار المبكر، وهي عبارة عن دق ناقوس الخطر قبيل حدوث الأزمة لكي تتخذ التدابير والإجراءات اللازمة بقدر من السرعة لتلافي خروج الأمور عن نطاق السيطرة..
  • نهج مقاربة تشاركية لا تكتفي بالدولة باعتبارها الطرف الوحيد في مواجهة الأزمات؛ بل تعمل بالتعاون مع فاعلين آخرين، يسهمون بتدخلاتهم وجهودهم في الحد في مجال التحسيس والتوعية والتقليل من المخاوف ومحاربة خطابات الكراهية وطمأنة الناس، ومنها المنظمات والشركات والإعلام وهيئات المجتمع المدني…

خاتمة:

يعكس التطور الذي لحق مفهومي الإيكولوجيا والسلام، الوعي المتزايد بالعلاقات المتبادلةِ وأبعادِ التأثير والتأثر بين الطبيعة والإنسان، وهو وعي انبرى من جهة بالثورة التي شهدتها المدارس العلمية خلال القرن العشرين، و بالتسارع الذي شهده التاريخ البشري خلال الحقبة المعاصرة من جهة أخرى، بعد أن استطاع الإنسان أن يذلل لنفسه إمكانات هائلة منذ الثورة الصناعية، بشكل لم يعد معه موئل الإنسان (الأرض) قادرا على مواكبه هذا التسارع، الأمر الذي أيقظ مدارك العارفين والمفكرين والدارسين بضرورة نهج طريق مغاير يحفظ التوازن، ويحمي مستقبل الأجيال القادمة.

قائمة الببليوغرافيا:

  • إدريس الكريني، إدارة الأزمات العابرة للحدود، مدخل استراتيجية لتحويل المخاطر إلى فرص، (تريندز للبحوث والاستشارات، 2021، أبو ظبي).
  • جاك آتالي، قصة موجزة عن المستقبل، (المركز القومي للترجمة، 2013، القاهرة).
  • جينيفر غيدلي، المستقبل مقدمة وجيزة، ترجمة رندة بعث، (هيئة البحرين للثقافة والآثار، 2018).
  • وجيه كوثراني، تاريخ التأريخ، (المركز العربي للأبحاث والدراسات، 2012، بيروت)

Cohn, Samuel Kline, The Black Death Transformed: Disease and Culture in Early Renaissance Europe. (London: Bloomsbury Academic, 2010).

Dominic Johnson, the ecology of war: an evolutionary perspective on conflict over resources and prospects for peace, a lecture published on Youtube, checked at 05-05-2022. Link: https://www.youtube.com/channel/UCmXB98lpzelFrlryV2llXUQ

Eliszabeth Watts, Georgy Levit and Uwe Hossfeld, Ecology and Evolution: Haeckel’s Darwinian Paradigm, (trends in ecology and evolution, published in ResearchGate, May 2019).

Ecological Threat Report 2021, Understanding Ecological Threats, Resilience and Peace, (Institute for Economic and Peace, Oct, 2021).

Eduard Suess, The face of the earth, (Oxford, clarendon press, 1908).

Jean-Baptiste, Description géographique, historique, chronologique, politique et physique de l’empire de la Chine et de la Tartarie chinoise, vol 6, (Paris : Lemercier, 1735).

Hazel Handerson, The politics of the solar age: alternatives to economics, (knowledge systems, 1988, New York)

Odum, Fundamentals of Ecology, (Saunders, London,1953).

Oxford University Press, Shorter Oxford English Dictionary on Historical Principles (New York: Oxford University Press. 2002).

Oswald Ursula and Hans Gunter, Decolonising conflicts, security, peace, Gender, Environment and development in the Anthropocene, (springer, Switzerland, 2021).

Swissinfo, Water will be the first cause of war in the twenty-first century, 2009, Link: https://2u.pw/cQS7q

Tansley, The classifi cation of vegetation and concept of development. (Journal of Ecology 8, 1920).

Ursula Oswald, Hans Gunter and Keith Tidball, Expanding Peace Ecology: Peace, Sustainability, Equity and Gender, (New York: Springet, 2014).

Vernadsky, Biosphere. (London: Synergetic Press, 1986).

Weber, Thomas, “Gandhi, Deep Ecology, Peace Research and Buddhist Economics”, (Journal of Peace Research, 36,3 May, 1999)

Margins:

  1. إدريس الكريني، إدارة الأزمات العابرة للحدود، مدخل استراتيجية لتحويل المخاطر إلى فرص، (أبو ظبي، تريندز للبحوث والاستشارات، 2021)، ص35.
  2. من بين هؤلاء جون مير Jhon Muir (1883-1914)، عالم التاريخ الطبيعي الأمريكي الذي أبرز من خلال كتاباته ورحلاته العلمية، القيمة الذاتية للطبيعة. من بين أعماله:

    Wilderness essays (1980), My First Summer in the Sierra (1911), the Yosemite (1912) …

  3. سمي بقمة الأرض، وهو مؤتمر عقدته الأمم المتحدة سنة 1992 بحضور 179 دولة، واهتم بقضايا البيئة والتنمية والبيئة البشرية…
  4. Oxford University Press, Shorter Oxford English Dictionaryon Historical Principles

    (New York: Oxford University Press. 2002) p789

  5. – Eliszabeth Watts, Georgy Levit and Uwe Hossfeld, Ecology and Evolution: Haeckel’s Darwinian Paradigm, trends in ecology and evolution, )May 2019, published in ResearchGate(, p681.
  6. مبدأ اللاعنف، استوحاه الماهاتما غاندي من التقاليد الهندوسية والبوذية ومن مفهوم “Jaina ahimsa” حول اللاعنف والبيئة،
  7. Weber, Thomas, “Gandhi, Deep Ecology, Peace Research and Buddhist Economics”,

    (Journal of Peace Research, 36,3 May, 1999), 349–361.

  8. Ursula Oswald, Hans Gunter and Keith Tidball, Expanding Peace Ecology: Peace, Sustainability, Equity and Gender, (New York: Springet, 2014). p8.
  9. – Ursula Oswald, Ibid.
  10. – Ibid.
  11. Oswald Ursula and Hans Gunter, Decolonising conflicts, security, peace, Gender, Environment and development in the Anthropocene, )springer, Switzerland, 2021(, P75.
  12. Dominic Johnson, the ecology of war: an evolutionary perspective on conflict over resources and prospects for peace, a lecture published on Youtube, checked at 05-05-2022. Link: https://www.youtube.com/channel/UCmXB98lpzelFrlryV2llXUQ
  13. Ecological Threat Report 2021, Understanding Ecological Threats, Resilience and Peace, )Institute for Economic and Peace, Oct 2021.(
  14. Ecological Threat…, ibid, p2.
  15. Ibid, p4.
  16. Ibid, p15.
  17. Jean-Baptiste, Description géographique, historique, chronologique, politique et physique de l’empire de la Chine et de la Tartarie chinoise, vol 6, (Paris: Lemercier, 1735).
  18. – Cohn, Samuel Kline. The Black Death Transformed: Disease and Culture in Early Renaissance Europe. )London : Bloomsbury Academic, 2010(.
  19. إدريس الكريني، مرجع سابق، ص41.
  20. جاك آتالي، قصة موجزة عن المستقبل، (المركز القومي للترجمة، 2013، القاهرة)، ص211.
  21. – نفسه.
  22. Swissinfo, Water will be the first cause of war in the twenty-first century, 2009, Link: https://2u.pw/cQS7q
  23. – جينيفر غيدلي، المستقبل مقدمة وجيزة، ترجمة رندة بعث، (البحرين: هيئة البحرين للثقافة والآثار، 2018)، ص171.
  24. Hazel Handerson, The politics of the solar age: alternatives to economics, (knowledge systems, 1988, New York) pp433.
  25. جاك آتالي، مرجع سابق، ص224.
  26. أنظر الكريني، إدارة الأزمات…، مرجع سابق، ص17.
  27. نفسه، ص31.
  28. الكريني، مرجع سابق، ص29.