أمثال القاموس المحيط وصلتها بمكارم الأخلاق

سعد عزران حمود حمود1 معد كامل علوان الفراجي2

1 باحث في مرحلة دراسة الماجستير، جامعة يلوا، تركيا، كلية العلوم الإسلامية، تخصص اللغة العربية.

Email: saadtaher8192@gmail.com

2 باحث في مرحلة دراسة الدكتوراه، جامعة كارابوك، تركيا، كلية العلوم الإسلامية، تخصص الفقه وأصوله.

Email: maad85maad@gmail.com

HNSJ, 2023, 4(6); https://doi.org/10.53796/hnsj4621

Download

تاريخ النشر: 01/06/2023م تاريخ القبول: 15/05/2023م

المستخلص

تناول الباحثان في هذا المقال دراسة مبحثين، فقد بيّنا في المبحث الأول: أهمية الأمثال العربية الواردة في القاموس المحيط، فبيّنا أنّها خلاصة تجارب الناس في حياتهم اليومية، وأنها متغلغلةٌ في جميع جوانب الحياة، فقد تناقلها الناسُ جيلًا بعد جيل، سيّما وقد اختزلت لهم كثيرًا من التجارب في بِضعِ كلماتٍ، ولأهميتها الملّحةِ تبارى العلماءُ والباحثون في تدوين ما وقع تحت أيديهم من أمثالٍ، والجديرُ بالذكرِ أنّ كلَّ مثلٍ سبقتهُ حكايةٌ، كان المثلُ مسكَ ختامِها، كما بيّن الباحثانِ أنّ أمثالَ القاموس أربتْ على الأربعمئة مثلٍ، كلها فصيحٌ، وذكرا أهم ما تميّزت به.

وتناولا في المبحث الثاني مكارم الأخلاق، وأهميتها، وعلاقتها بأمثال القاموس، ودلّلا على ذلك بجملةٍ من الأمثال، وذكرا وجه الشبهِ بين أمثال القاموس ومكارم الأخلاق، فالمتتبّع لتراثنا العربي المتمثل بأخبار السالفين وما فيه من حِكمٍ وأمثال يُدركُ إدراكًا لا يتطرّقُ إليه الشكُّ أنّ الإسلام جاء ليتمّمَ مكارم الأخلاق.

الكلمات المفتاحية: الأمثال، الحكمة، الأخلاق، الفضائل، المحاسن.

Research title

PROVERBS AND THEIR CONNECTION WITH MORAL BEHAVIORS IN MUHIT DICTIONARY

SAAD AZRAN HUMOUD HUMOUD

MAAD KAMIL ALWAN ALWAN

1 MSc researcher, Yalova University, Turkey, Faculty of Islamic Sciences, majoring in the Arabic language.

Email: saadtaher8192@gmail.com

2 PhD researcher, Karabük University, Turkey, Faculty of Islamic Sciences, specializing in Jurisprudence and its Principles.

Email: maad85maad@gmail.com

HNSJ, 2023, 4(6); https://doi.org/10.53796/hnsj4621

Published at 01/06/2023 Accepted at 15/05/2023

Abstract

In this article, the researchers studied two topics, In the first study, we showed: The importance of Arabic proverbs contained in the surrounding dictionary. So we showed that it is a summary of people’s experiences in their daily lives, and that it is pervasive in all aspects of life, as people passed it on from generation to generation, especially since many experiences were reduced to them in a few words. Because of its urgent importance, scholars and researchers scrambled to write down the proverbs that fell under their hands, and it is worth noting that every proverb was preceded by a story, and the proverb caught its conclusion. The researchers also showed that the dictionary’s proverbs numbered four hundred proverbs, all of which are eloquent, and they mentioned the most important thing that distinguished them. In the second topic, they dealt with honorable morals, their importance, and their relationship to the proverbs of the dictionary, evidenced this with a number of proverbs, and mentioned the similarity between the proverbs of the dictionary and honorable morals. High morals.

Key Words: proverbs, wisdom, morals, virtues, virtues.

المقدمة

الحمد لله وبعد: يُعدُّ المثلُ عنصرًا مهمًا في كلّ اللغات والحضارات، حيثُ يمثلُّ خُلاصةَ تجاربها وخبراتها في الحياة اليومية، كما يُلخّص حكاياتٍ ذاتِ معنى بكلماتٍ يسيرةٍ، فتُشبعُ المعنى بلفظٍ موجزٍ، وتومئ فتوغلُ في التصريح والقصد، وتكونُ الأمثالُ نتيجةَ خبراتٍ حياتيةٍ متراكمةٍ تجلّت في نهايةِ المطافِ بصورةِ مثلٍ سائرٍ، إذا سمعه الناسُ طاروا به استئناسًا، فتداولته الألسنُ في مجالسِ السمرِ، وسارت به الرُّكبانُ، وسطّرته الأقلامُ في كتبِ التراثِ، فكانت بذلك موسوعةً تراثيةً كبيرةً سلطت الضوءَ على كل تفاصيل الحياة وتناولتها من ناحية الثقافة والاقتصاد والاجتماع، وسائر المجالات.

ومن المعلوم أن وراءَ كلِ مثلٍ قصةٌ، لخصت العبرةَ من الحكايةِ بلفظٍ موجز رشيق كثيف المعاني؛ فسار في الآفاق حتى قالت العرب: أسيَرُ من مثل.

و قد ضرب اللهُ المثلَ في القرآن الكريم في آيات كثيرة، فقال تعالى: مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ، [البقرة: 17]، وقال تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ، [ البقرة:23]، وقال تعالى إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ، [ البقرة: 26]، وهكذا نجدُ لفظةَ (مثل) وما اشتُقَّ منها تكررت مئةً وثلاثينَ مرةً في القرآن الكريم.

وفي السنة النبوية نجد اللفظةَ كثيرًا ما ترِدُ في قولِ النبي فقد صحّ عن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: « كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ “فَخَطَّ خَطًّا، وَخَطَّ خَطَّيْنِ عَنْ يَمِينِهِ، وَخَطَّ خَطَّيْنِ عَنْ يَسَارِهِ ، ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ فِي الْخَطِّ الْأَوْسَطِ فَقَالَ: هَذَا سَبِيلُ اللهِ مُسْتَقِيمًا ، ‌وَهَذِهِ ‌السُّبُلُ ، لَيْسَ مِنْهَا سَبِيلٌ إِلَّا عَلَيْهِ شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآية: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ[1]،[الانعام: 153] »

وقد وردت اللفظة في دواوينِ السُّنة كثيرًا مما يدل على شيوعها وأهميتها، كما ورد المثلُ في الشعر في مختلف عصوره، بل أفرد الصاحبُ بن عباد (ت 385ه) كتابًا مستقلًا في أمثال شعر أبي الطيب المتنبي، اشتمل على الأمثال السائرة في شعر أبي الطيب.

وفي أقوال الحكماء وغيرهم كان المثلُ حاضرًا، ولم تقتصر كتابةُ المثل على العلماء الأولين، بل نجدُ أنّ العلماءَ والكُتّابَ المعاصرين تبارَوا في تدوين الأمثال في اللهجات المحلية؛ فيكتب الشيخ جلال الحنفي “الأمثال البغدادية” في جزئين، ويكتب ضياء مبارك بورسلي “معجم الأمثال الكويتية”، ويكتب الشيخ عبد الله النوري من الكويت “الأمثال الدارجة”، ويكتب أنيس فريحة “معجم الأمثال اللبنانية الحديثة”، ونزار أباظة يكتب “الأمثال الشامية”، ولأحمد تيمور باشا من مصر “الأمثال العامية”، ويكتب إبراهيم شعبان “موسوعة الأمثال الشعبية المصرية”، وهكذا نسير مع الخريطة العربية لنصل إلى ليبيا فنجد “معجم الأمثال والتعابير الشعبية الليبية” لموسى محمد زنين وعبد المجيد الشتيوي، والأمثال الجزائرية يكتب بها رابح خدوسي كتابه “موسوعة الأمثال الجزائرية”، ويكتب الأستاذ إدريس دادون “الأمثال الشعبية المغربية”، ونختم بالأمثال الموريتانية، فيكتب محمد سعيد القشّاط “الأمثال الشعبية في الصحراء”.

ويختص المثلُ بطائفة من العناصر جعلته يحتل هذه المكانة المتميزة في ذائقة المتلقي من ناحية اختصار العبارة وجماليتها وكثافة المعاني ذات الظلال الحركية، يتلمسها السامع ويطرب لها المتلقي على حدٍّ سواء.

ومن المعلوم أنّ الأخلاقَ جانبٌ مهمٌ من جوانبِ الحياةِ، فطرَ اللهُ النفوسَ عليها، وقرّرتها الرسالاتُ، كما تُعدُّ معيارًا مهمًا تُقاسُ به مكانةُ الأممِ العظيمة، وقد كان العربُ قبل الإسلامِ يتحلّون بجُملةٍ كبيرةٍ من الأخلاقِ الحسنةِ، أقرّها الإسلامُ بل وزادها حُسنًا، قال: «إنّما بُعثتُ لأتممَ مكارمَ الأخلاقَ»[2]، والمُطلّع على تاريخ الأُمم السالفةِ يرى أنّ الأمة التي اطّرحت الفضيلةَ، وسارتْ في سُبُلِ الانحلالَ اضمحلّت، وكانت عاقبة أمرها الزوال، كيف لا وقد خرجت من فطرتها وعاشت حياةَ الغاب؟ ولله درُّ الشاعر حيثُ يقول:

إنّما الأُممُ الأخلاقُ ما بقِيَتْ فإنْ هُمُ ذهبتَ أخلاقُهُم ذهبوا

ومن هذا المنطلق تتّبعنا أمثال القاموس التي أربتَ على الأربعمئةِ مثلٍ، باحثين عن الأمثال التي تناولت بالذكر الخُلُقَ النبيل، فاصطفينا بعضَها، وذكرنا جُملةً من الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة وأقوال العلماء، قصدًا منا لبيان أهمية المثل وعلاقته بنصوص الوحيين، والله وليُّ التوفيق.

أهمية الموضوع:

يلاحظ القارئ العربي كثرة المؤلفات التي تناولت الأمثال العربية القديمة، جمعًا وشرحًا وتبويبًا، وما في هذه الأمثال من عِبرٍ وعِظاتٍ في طائفةٍ منها، وقصصٍ لم تخلُ من الطرافة والدعابة، وكذلك الحال في أيامنا هذه حيث تناول الباحثون الأمثال المعاصرة من اللهجات العربية، بمؤلفات عديدة ومتنوعة؛ نظرًا لتنوع اللهجات العربية وكثرتها، من هنا جاءت أهمية ربط أمثال القاموس المحيط بمكارم الأخلاق.

مشكلة البحث:

الذي حملني على الكتابة في هذا الموضوع هو أنني لم أعثر على مؤلفات جمعت بين دفتيها القديم والحديث وأبرزت وجه الشبه بينها، خصوصًا أن أمثال القاموس المحيط ذات قيمة تراثية عالية؛ فالمؤلف هو إمامٌ متففنٌ في كثير من العلوم.

أهداف الموضوع:

تسليط الضوء على عدد من أمثال القاموس المحيط، وذكر مجموعة من النصوص الشرعية التي تناولت مكارم الأخلاق، وإبراز وجه الشبه بينها.

أسباب اختيار الموضوع:

  1. بيان رونق وجماليات الأمثال العربية الفصيحة.
  2. بيان مكانة الأمثال العربية الفصيحة عند العرب من حيث اختصارها لمعانٍ كثيفة بألفاظ وجيزة.
  3. ربط الأمثال الفصيحة بمكارم الأخلاق؛ فالأمثال العربية انبثقت من فِطرٍ سليمة أقرّها الشرع، بل وزاد في محاسنها.

دراسات سابقة:

لم أعثر فيما بين يدي ّمن مصادر على مؤلفات مستقلّة جمعت بين أمثال القاموس ومكارم الأخلاق بالدرس والتحليل.

حدود الموضوع:

بحثنا في ماهية الأمثال وأهميتها، ثم أخذنا نموذجًا منها ربطناه بنصوص شرعية تناولت مكارم الأخلاق، ولا نتعدى هذا المضمار

خطة البحث:

المبحث الأول: مفهوم أمثال القاموس وعلاقتها بمكارم الاخلاق، وفيه مطالب:

المطلب الأول: مفهوم الأمثال ومكارم الأخلاق.

المسألة الأولى: معنى الأمثال في اللغة والاصطلاح

المسألة الثاني: ومعنى مكارم الاخلاق في اللغة والاصطلاح

المطلب الثاني: علاقة الأمثال بمكارم الأخلاق، مع أهم مميزاتها.

المسألة الأولى: علاقة الأمثال بمكارم الأخلاق

المسألة الثانية: أهم مميزات أمثال القاموس

المبحث الثاني: أمثال القاموس وعلاقتها بمكارم الأخلاق، وفيه مطالب:

المطلب الأول: أهمية مكارم الأخلاق.

المطلب الثاني: مختارات من أبواب أمثال القاموس، وعلاقتها بمكارم الأخلاق.

المبحث الأول: مفهوم أمثال القاموس وعلاقتها بمكارم الاخلاق، وفيه مطالب:

المطلب الأول: مفهوم الأمثال ومكارم الأخلاق، وهذا يُدرس في مسائل:

المسألة الأولى: مفهوم الأمثال: تميزت اللغة العربية بثرائها المعرفي في مختلف فنونها وعلومها نثرًا وشعرًا، لكن المستقرئ لآداب العربية يرى أنّ عناية الماضين بالشعر أربَتْ على عنايتهم بالنثر، مع عدم إغفالهم فنون النثر والبلاغة، فأثْرَوا المكتبة العربية بمؤلفات قيمة في هذا الباب، ومن المؤلفات التي أوْلاها العربُ عنايتهم في القديم والحديث هي كتب الأمثال، فقد رحلوا للبوادي يبحثون عن مُفردةٍ لم تطرقْ أسماعهم من قبلُ كي يُدوّنوها، ناهيكَ عن المثل، كما كتبَ المعاصرون كثيرًا من الكتب تناولت الأمثال في اللهجات المحليّة، فلا تكاد تجد لهجةً دراجةً من لهجات العرب من الخليج إلى المحيط إلا وكتبوا فيها كتبًا قيّمةً خلّدت كثيرًا من الذكريات، وحملت في طيّاتها طرفًا حسنًا من الحكايات.

المثل في اللغة: يورد ابن فارس في مقاييس اللغة: أنّ الميم والثاء واللام أصلٌ واحدٌ يفيد مناظرة الشيء للشيء، وهذا مِثْلُ هذا بمعنى نظيره، والمثالُ والمثلُ بمعنى واحدٍ[3].

الجذر اللغوي للفظة ” المثل ” يعني: النظير والشبيه، والمثل كلمةٌ للتسوية بين شيئين، فيقال: هذا مِثْلُ هذا ومَثَلُهُ، وشَبَهُهُ وشِبْهُهُ، بمعنى واحد، والمثلُ: الشيء الذي يُضربُ لشيء آخر فيكونُ مثلًا له، والمثلُ من الأمثالِ ما يُضربُ به[4].

والمثلُ هو الشيء الذي يُضربُ لشيٍ آخر، فيصيرُ مثلًا له، ويكونُ مُتعلقًا بما يُضرب به الشيءُ من أمثالٍ، كما يرد المثلُ بمعنى الصفة، فيقالُ مثلُهُ ويُرادُ صفتُهُ، ويدلُّ المثلُ أيضًا على معنى النظير[5].

يظهر ممّا سبق أنّ المثل يتضمّنُ قاسمًا مشتركًا بين شيئين، وهو التشابهُ بينهما، فالمثلُ يُضربُ ويكونُ أصلًا يُقاسُ عليه، فيورَدُ في قضيةٍ مُشابهةٍ استدعت حضور المثل الأول في الذهن.

المثل في الاصطلاح: يكونُ مختصًا بمنحى شيوع استعماله بين أفراد الطائفة اللغوية الاجتماعية، فيُضربُ إذا استفاض في حالاتٍ مشابهةٍ، إذًا هو قولٌ مستفيضٌ ممثّلٌ مَضْرِبُهُ بِمَوْرِدِهِ[6].

ونعني بإيراد المثلِ هو سَوْقُهُ؛ كي يظهرَ أثرُه في حادثٍ آخرَ، ولا بدّ فيه من المماثلة، وسُمّيَ مثلًا؛ لأن مَضْرِبَهُ مِثْلٌ لموْرِدِهِ، والمقصودُ بمَضْرِبِ المثلِ: الواقعةُ التي استدعت المثل، والمَوْردُ: هو حالُ حدوثِ المثلِ بادئ الأمر. ثم استُعير لكلّ حادثةٍ شابهت الحادثةَ الأولى في الطرّافةِ والنُّكتةِ[7].

ويعرفُّهُ بعضُ العلماء بأنّه: لفظٌ يخالف لفظَ ما ضُرِبَ له ويوافقه في المعنى، ولا بد أن يشتمل على أربعة أمور تميزه عن غيره من ضروبِ القول، الإيجاز في اللفظ، وموافقة المعنى، وجمال التشبيه، البلاغة في الكناية، فهو منتهى البلاغة[8].

يذهب بعض المعاصرين إلى أنّ الأمثال: جُمَلٌ وجيزةٌ كانت نتاجَ خبراتٍ طويلةٍ، قيلت في بادئ الأمر بعفويةٍ، وشيوعُها أكسبَها وصفَ المثلِ، وغالبُ الأمثالِ تستمرُ ويُنسى قائلوها، والمثلُ لا يتطلب منا خيالًا جامحًا ولا إحاطةً بشؤون العالم ولا بحثًا دقيقًا، وإنما يتطلب تجربةً محليةً في جانبٍ من جوانبِ الحياة[9].

وجاءت الأمثال كثيرًا في القرآن العظيم، فوردت في باب الترغيبِ في ثوابٍ، أو الترهيب من عقابٍ، كما ساقها اللهُ في بابِ الاعتبارِ والعِظَةِ، فيمثُلُ في النفس حتى كأنّها تتلّمسُهُ أو تنظرُ إليه.

والمثلُ نصٌّ بليغٌ شاع بين الناس، وقعَ في النفسِ موقعًا حسنًا، ولا يصدُقُ عليه مسمى المثل مالم يشتهر بين الناس، وهنا يظهر المفهوم اللغوي للمثل؛ فإنّنا لا نستطيع التشبيهَ إن لم يكن لدينا تصورٌ سالفٌ للمثل، ففي قولنا: فلانةٌ كالقمرِ، معنى لما استقرّ في نفس المخاطب من أنّ القمرَ جميلٌ، وكي نصفَ فلانةً بالجمالِ الباهر فلابُدّ من تشبيهها بوصفٍ جميلٍ استقرّ في الأذهان ورسخ فيها، فلا يملكُ أحدٌ إنكارَهُ، فيُؤتى به كي يستطيعَ المخاطبُ من تمثُّلِ المعنى الأول بالمعنى الآخر، من هنا نخلص للمعنى الاصطلاحي، فلا بُدّ من سيرورة المثل بين أفراد المجتمع اللغوي الواحد، فيصدُقُ عليه وصفُ المثل، فنقيسُ غيرَهُ عليه، كوصفنا فلانةً بالقمرِ.

مما سبق نحلُضُ إلى أنّ لفظة ” مثل ” عبارةٌ عن تشبيهٍ لشيءٍ حصل آنيًّا بشيءٍ حصلَ في زمنٍ ماضٍ، إئتلفا في المعنى واختلفا في ظاهر اللفظ[10].

يتضّح مما سبق أنّ المثل: هو قولٌ وجيزٌ يفيضُ حكمةً وذكاءً، وربما كان حكايةً عاشها الأنسانُ تمثّل من خلالها قصةً رمزيّةً، وأنّ المعنى اللغوي للمثل متعلقٌ بالوصف التشابهي بين الشيئين، بينما المعنى الاصطلاحي متعلقٌ بحالة المثل الأولى التي تُعدُّ أصلًا للحالة اللاحقة ومشابهةً لها.

المسألة الثانية: مفهوم مكارم الأخلاق في اللغة والاصطلاح.

الأخلاق في اللغة: مفردها خُلُقٌ، وهو اسم لطبع الإنسان وسجيته وحالته التي خلقه الله عليها، وقيل: هي تقدير الشيء، بمعنى أنّ الإنسانَ قادرٌ على الخُلُقِ الفلاني كأن يُقال: زيدٌ خليقٌ بالصدقِ، أي: هو صدوقٌ، والصدقُ صفةٌ ملاصقةٌ له، ومثلُهُ الخَلاقُ أي: النصيب الذي قدره الله للخلائق[11]. وحقيقة الخلق أنها صورة الإنسان الباطنية، وقد تحمل هذه الصورة أوصافًا مستحبةً وحسنةً، وقد تكون قبيحةً، والأوصافُ والمعاني المختصةُ بهذه الصورة هي بمنزلة الخلق لصورتِهِ الظاهرةِ[12]. فالخُلُقُ هو أمرٌ وجدانيٌّ مُخْتَصٌ بالقوى والسجايا المدرَكَة بالبصيرة[13].

الأخلاق اصطلاحًا: عرّف العلماءُ الأخلاقَ بتعريفاتٍ مختلفةٍ لفظًا متفقةً معنى، إلا فرقًا يسيرًا في اختلاف المعنى، ولا نُريد الإسهاب بها لكن نُجْمِلُ أهمَّها، وهي كما يلي:

هي الهيئةُ الراسخةُ في النفس والتي تَصْدُرُ الأفعالُ عنها من دون الحاجة إلى التأمل والتفكير، أو الرؤيةِ في مآلات الأمور، فربما تكون هذه الأفعال الصادرة عن ما في الداخل من أفعالٍ محمودةٍ، وحينها تُسمى خُلقًا حسنًا، وقد تكون الأفعال قبيحة وعندها تُسمى خُلقًا سيئًا، كمن اتصف بالجودِ وضدّهِ المتصفِ بالبُخْلِ، فهذه الصفات عندما تستقر في النفوس تكون خُلقًا ظاهرًا على صاحبه ملازمًا له[14].

وقيل: الأخلاق: هي الصفاتُ المستقرة في النفوس، والتي تظهر على فعل الإنسان من دون شعور، واستقرار هذه الأخلاق والصفات في النفوس تجعل منها سجيةً لدى الانسان، فيفعلُها ويتصفُ بها بلا اختيارٍ منه، وربما تكون بعضُ الصفاتِ والأخلاقِ في النفوس طبعًا وغريزةً وصفةً ملازمةً للإنسانِ، وبعضها يكون بالترويض والمعاوَدَةِ والمدوامَةِ حتى يستقرَّ ويكونَ ملازمًا، كالحلم والعفة والعدل وغيرها من مكارم الأخلاق الأُخرى[15].

يتبين لنا أنّ الخُلُقَ: هو سَّجيَّةٌ وطبعٌ ودينٌ، وهذه الصفات الثلاثة هي الصورة الداخلية للإنسان، وأما ظاهره فهو التخلق بهذه الصفات الثلاثة، فالظاهر خُلق والباطن سجيَّةٌ.

مكارم الأخلاق كمُرَكّبٍ لفظيٌّ: هي امتثال العبد لأوامر الله سبحانه وتعالى، ومن ثم معاملة الآخرين بما أقرّهُ الإسلامُ، فالعربُ قديمًا كان عندهم بقايا من شريعة إبراهيم ، ثمّ أشرق نورُ الإسلام وأقرّ جميع الصفات الحسنة والتي تُعَدُّ من مكارم الأخلاق، كالصلاح والخير والدين والمروءة والفضل والعدل والإحسان، فالذي يتصف بهذه الصفات يكونُ حائزًا لَخيْرَي الدنيا والآخرة[16].

المطلب الثاني: علاقة الأمثال بمكارم الأخلاق، مع أهم مميزاتها، وهذا فيه مسائل:

المسألة الأولى: علاقة الأمثال بمكارم الأخلاق.

يُعدُّ المثلُ باعتباره نتاجٌ مجتمعيٌّ خلاصةَ التجاربِ المتراكمةِ في العلاقاتِ الإنسانيةِ، وتفاعلاتهم في حياتهم اليومية بكل ما تحمل من مواقفَ وتوجهاتٍ، والغايةُ الأسمى من المثل هي الاستفادةُ من خبرةِ الماضينَ وتجنّبُ الوقوع في أخطاءِ السابقين، وإرشادُ المرءِ إلى فعل ما يزين وتركِ ما يشين، والعملُ بما ترتضيه الأخلاقُ الفاضلةُ التي تخرجُ من مِشكاةِ الدين.

ورد المثل في مناسباتٍ مختلفةٍ ليضعَ في ذهن المتلقي خُلاصةَ ما يعيشُهُ من وقائعَ وأحداثٍ، الغايةُ منها أخذُ العبرة،

والعبرةُ تتلخصُ في عبارةٍ يسيرةٍ تختصرُ الأحداث، تتجلّى بصورةِ المثل، فتترسخ هذه العبرةُ في أذهانِ الناسِ ويتناقلونها جيلًا بعد جيلٍ، فتظلُّ حيّةً في الذاكرة يستدعيها الإنسانُ في الوقت المناسب فإذا بها ماثلةً تفيضُ حكمةً أو طرافةً؛ ذلك أن المثلَ يفعلُ في النفسِ ما يعجزُ عنهُ غيرهُ في الغالب، ويتزايدُ تأثيرُهُ بقدرِ ما يتعرضُ له المرءُ من تجاربٍ، وما تتراكم لديه من خبرات في مدرسة الحياة، ويزداد فعله في النفس بوتيرةٍ متصاعدةٍ ومؤتلفةٍ ومطّرِدِةٍ مع الزيادةِ في سنين العمر؛ لذلك يتوجّبُ علينا الاهتمام بما في تراثنا من أمثال.

وعليه يمكننا القولُ أنّ المثلَ قيمةٌ ثقافيةٌ ذاتُ أهميةٍ، يستفيد منها الكبيرُ والصغيرُ، كما يُرسّخُ المبادئَ في أفهام العامة؛ باعتبارِهِ خلاصَةَ التجربةِ الإنسانيةِ الطويلةِ.

ويتميز المثل بأنّه ذو وظائفَ متعددةٍ، فبعضها يدخل في صميم النفس الإنسانية فيمُدّها بالغذاء؛ لتكونَ متوازنةً في علاقتها مع الجسد، وعونًا له ليكون قادرًا على التعايش مع الآخرين؛ حيث يمنحه الوعْيَ والثقةَ اللّازمَيْنِ في هذا الباب.

كما يلجأ الفرد إلى المثل؛ ليخفّف من وطأةِ الحياة فيما يتعرض له من عذابٍ ويأسٍ وخوفٍ من المجهولِ، فيستعين به؛ لأنّ «كل حال يزول»، و«الدهر دولاب»، ويعمل على تهيئة النفس لتلقّي المصاب والتعاطي معه بأقل ما يمكن من مشاعر الحزن أو الشعور بالخسارة؛ لأن «اللي كاتبو ربك بْدّو يصير»، و«الصبر مفتاح الفرج»، وبالأناة والصبر يمكن الوصول إلى الغاية؛ لأن المثل يقول: من صبر نال ومن لجّ كفر».

أما الوظيفة الأخلاقية للمثل فهي تلك التي تبيّن للناس أهمية التحلّي بالأخلاق الحميدة والتواضع، والبذْلِ والإيثار والتعاون بين الناس، والسعي على تحسين الحياة الاجتماعية دون الإضرار بالآخرين؛ ذلك أن الأخلاق الكريمة هي أساس التعامل بين الناس، باعتماد القيم الفاضلة في التعامل، ونبذ القيم الذميمة، من هنا كانت الأمثال الشعبية تركّز على كل ما يدعم طرق التعامل بين الناس، بنشرها الإحسانَ والقيمَ التي تحثُّ على الوئام والتسامح والتعاون، وتبنّي الصدق، والحثّ على انتهاج سُبُل المروءة والشجاعة، ومدح الكرم، وغير ذلك من القيم الإنسانية النبيلة، دون أن يعني ذلك تجاهل التحذير من قيم الفساد كالكذب والغشّ والخداع والأثَرَةِ والبخل، فعندما يقال: «حبل الكذب قصير»، ندرك حينها مغبّة الكذب الذي لا بد أن ينكشف ولو بعد حينٍ، وإذا كان الموقف يستدعي الصبر والأناة، فنقول عندئذ: «الشجاعة صبر ساعة»، وعندما كان الطمع آفةً اجتماعية، فلا بد من بيان ذلك بالمثل القائل : «الطمع ضر ما نفع»، و«الطمع طاعون»، وإذا سألتَ صديقكَ شيئًا فلا تطمع بالمزيد، لأن «حبيبك إذا كان عسل لا تلحسه كُلّه»، والمثل يوغلُ في وصف اللّص مُبرزًا سوءَ عمله على سبيل التهكُّم فيقول: «بيسرق الكحل من العين»، لسرعته وخفّته، أما الذين لا حياء لهم فيقرّعهم بالقول: «اللي اختشوا ماتوا».

ما سبقَ قليلٌ من كثير فيما يخص وظيفة المثل الأخلاقية، وما يتعلق بالكرم والبخل والرذائل، وغيرها.

وللمثل وظيفته الدينية أيضًا، وذلك من خلال تأكيد فكرة الإيمان بالله، والعمل بما يرتضيه الشرع الحنيف، وذلك بالتشجيع على ممارسة الشعائر الدينية، أو بكيفية التعامل مع الوالدين، ومع بقية الناس، والعمل قدر الإمكان على مباشرة الحياة اليومية بما ينسجم مع مبادئ الإيمان؛ لذلك اعتمدت الأديان على سرد الأمثال في التذكير والوعظ لترسيخ عُرى الإيمان في النفوس، ولتقريب ما يرتضيه الدين إلى أذهان الناس بالصيغة الملائمة لكل العقول؛ ذلك أنّ الدين جاء لجميع الناس، وعليهم أن يستوعبوه على قدر عقولهم، وتأتي الأمثال الدينية لتؤدي وظيفة الحث على التمسك بتعاليمه وتطبيق وظائفه العملية الدالّة على الإيمان والتقوى، بالإضافة إلى إسداء النُّصح فيما ينبغي فعله، وفيما يجب الانتهاء عنه.

وقد جاء المثَل الديني تابعًا للقرآن الكريم والسنة المطهرة وأقوال السلف الصالح، دالًّا على أهمية الإيمان والتمسك بالفضيلة والعمل بما يُرضي الله تعالى، وقد أورد القرآن الكريمُ المثلَ، فقال تعالى: إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا، [ البقرة: 26 ]، ولأن الإسلام جاء متمّمًا لمكارِمِ الأخلاقِ وبرّ الوالدين والإحسان في التعامل بين الناس، فقد جاءت أقوالٌ كثيرةٌ تأمر باتبّاع تعاليم الدين، وقد اشتملت هذه الأمثال على ألوانٍ من البلاغة وحُسن الصياغة، شأنها في ذلك شأن الكثير من الأمثال، فإذا سمعنا المثل القائل «أفضل الزاد ما تزوّد للمعاد»، فهذا يعني أننا أخذنا بتعاليم آيةٍ قرآنيةٍ تقول: وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى، [ البقرة: 197 ]، والمثل: «كنْ مع الله ولا تبالي» مُستوحى من قول الله تعالى: إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ، [ آل عمران: 160 ]، وكذلك الحال في كل مسائل التوكل والإيمان بالقضاء والقدر التي ذهبت بين الناسِ أمثالًا فهي توافق القرآن الكريم كقول الله تعالى: «وعلى الله فليتوكّل المتوكلون، [ إبراهيم: 12 ]، و مثلها المثل العامي: «الشكوى لغير الله مذلة»، يوافق قول الله : وإياك نستعين، [ الفاتحة: 5 ]، فمن استعان بالله لم يشكُ للخلقِ ضيْمًا مسّه.

وفي الأحاديث النبوية حِكمٌ ووصايا كثيرةٌ ذهبت أمثالًا، فمنها ما جاء للدلالة على أهمية الترويح عن النفس، فلا تكلَّ، كقول النبي : «إن القلوب تملّ كما تملّ الأجسام، فاهدوا إليها طرائف الحكمة»، ومنها ما يدل على أهمية الأخذ بالأسباب: «أعقل وتوكّل»، وكذلك القول: «الساعي بالخير كفاعله».

ومن الأمثال طائفةٌ مأخوذةٌ من التراث الأدبي الإسلامي ليدلّ على قناعةٍ ما؛ فالمتحدث بكلام لا يربطه أساس يقال له: «عم تخلط شعبان برمضان»، ومن لا يعجبه شيء من أمور الحياة الدنيا، يقال له: «ما بيعجبو العجب ولا الصيام في رجب»، أما من يدّعي العلم وهو جاهل فيقال له: «من معرفتو بالصحابة بيصلّي على عنتر»!

ولم تقتصر الأمثال على التراث الإسلامي، بل نجد في المسيحية حضورٌ للأمثال بشكلٍ مُلفتٍ؛ لتساهم في نشر تعاليم السيد المسيح في الإيمان والأخلاق، والتحلي بالصفات المحمودة واستشعار القناعة والبساطة منهجًا في الحياة، ففي القول الإنجيلي الذي ذهب مثلاً: «خبزَنا كفافَنا، أعطنا اليوم»[17] دعوةٌ للرضا بالقليل والبساطة، و:«كما تزرع تحصد» صارت مثلاً يدل على حتمية نتيجة الفعل الإنساني، إن كان خيرًا فخيرٌ، وإن كان شرًا فشرّ، كما يحذّر المثل الديني من الوقوع في المبالغات الإيمانية كما في القول: «الدير القريب ما بيشفي»، ويُلحظ أيضًا عدم اهتمام المجتمعات برجالاتها كما في القول الإنجيلي: «لا كرامةَ لنبيٍ في وطنه»[18].

ومما سبق يتضحُ جليًا أن الأمثالَ مرتبطةٌ بمكارم الأخلاق، وفيها ما يدفع لتزكية النفوس وتنقيتها من الشوائب؛ لأن أغلب الأمثال مستقاةٌ من القرآن والسنة والطِباع السليمة، وعليه يمكن القول: إنّ المثلَ حاضرٌ في تفاصيلِ حياتنا العملية، ويشكل درسًا لصغار السن، وعبرةً للشُّبان، وترسيخًا لفهم الكبار، وتثبيتًا للإيمان باعتباره حصيلةَ التجربة الإنسانية.

المسألة الثاني: أهم مميزات أمثال القاموس.

تتميز ُأمثالُ القاموس المحيط بمجموعةٍ من الخصائص أضافت لها قيمةً معرفيةً، وتتلخص هذه الخصائص بالنقاط الآتية:

  1. وضوح العبارة: فتجد أنّ غالبَ الأمثال لا تحتاج إلى جهد في فهم المقصود سوى بعض الأمثال التي اشتملت على معانٍ مُغلقة.
  2. قصر العبارة: فالملاحَظُ أن كثيرًا من الأمثال لم تتّسمْ بالطول كقول القائل: “أَطرِقْ كرا”، و”أطوعُ من ثواب”، و”افْتَدِ مخنوقُ”، و”بَرَحَ الخفاءُ”، و”أمْرَعْتَ فانزِلْ”، و”أكسْفًا وإمساكًا؟”، و”أقودُ من ظُلمة!”.
  3. ذات قيمة معرفية مُستفادة من حكاياتٍ واقعيةٍ ذات عُمقٍ اجتماعي مفيدٍ في الحياة العملية، مثالُهُ: “الصيفَ ضيّعتِ اللبنَ”، نستقي منه معنى عدم التفريط بالشيء، فربما دعتنا الحاجةُ إليه بعد حين، و”ضِغْثٌ على إبّالةٍ”: نستفيد منه معنى الهوان ورداءة الشيء فلا نجتهد في السعي وراءَه وحالُه هذه، و”على أهلها تجني براقش”: نستفيد منه أنّ الشرَ ربما أتانا من القريب، وأنّ البلاءَ قد يأتي من حيث لا نحتسب، و”عنبريُّ البلد”: فيه قيمةُ الهدايةِ ومعرفةِ الديارِ، نسبةً لبني العنبر؛ وهم قومٌ اشتهروا بمعرفة البقاع، ونستفيد من هذا المثل أنّ صاحبَ المعلومةِ هو الأقوى؛ حيث إنّهُ الدليلُ الذي يتقدمُ الركبَ والناسُ من خلفِهِ سائرون.
  4. أنّ أمثالَ القاموس أربت على 400 مثلٍ تضمّنت أبوابًا شتّى منها: الدعاء، والصدق، والكذب، والحرمان، وإخلاف الوعد، وانقلاب الحال، والبعد والاغتراب، والمدح، والذم، والأجل والقدر، والسياسة وحسن التصرف، والقِدَم وبُعد العهد، والفتنة، والهداية والاسترشاد، وغيرها الكثير.
  5. يغلب على جملةٍ من أمثال القاموس طابعُ الطرافةِ والفُكاهة، مثل: “أبطأُ من فِنْدَ”، وهو رجل أمَرَتْهُ مولاتُهُ أن يأتيها بقبسٍ من نار، فذهب وفي طريقِه رآى أُناسًا ذاهبون إلى مصرَ فصحبَهُم، وقضى عامًا ثم عاد وجلب معه قبسًا وجاء يهرول فسقط القبس منه فقال: تَعِسَت العجلةُ!

وقولهم “أجبنُ من المنزوفِ ضَرِطًا”، وهو رجلٌ جبان يتظاهرُ بالشجاعة، فقيل له يومًا: إنّ العدو قادمٌ، فأخذ يضرطُ حتى فاضتْ روحُهُ!

وقولهم: ” أجوعُ من كلبةِ حوْمل ” وهي كلبةٌ لامرأةٍ يقال لها حومل، كانت تحرسها في الليل، والمرأةُ تُجيعها في النهار حتى أكلت ذنبها من الجوع!

وقولهم: “أشأمُ من طُوَيْس”، وهو رجلٌ وُلِد ليلةَ قُبض النبي ، وفُطم في اليوم الذي توفي فيه الصدّيق ، وبلغ يوم وفاة عمر ، وتزوج في اليوم الذي مات فيه عثمان ، ووُلد له يوم مقتل علي !

وقولهم: ” أقودُ من ظُلمة”، وهي امرأةٌ زنت أربعين عامًا فلما عجزت عن الزنا قادت أربعين عامًا أُخرى!

  1. كما نلمسُ وقارَ الحكمة غالبًا على طائفةٍ من أمثالِ القاموس، مثل قولهم: ” القريبُ من تقرّب لا من تنسّب” وقولهم: ” مع الخواطئ سهمٌ صائبٌ”.
  2. كما نلحظُ أنّ بعضَ الأمثالِ تَصِفُ الأماكنَ وأهمَّ مزاياها؛ مما كان له أبلغُ الأثرِ في حياةِ العربِ الذين يتْبعون الغيثَ ويرعوْنَ الأنعامَ في الأزمنةِ السالفةِ، كقولهم: ” من تَرَبَّعَ الحَزَنَ وتَشَتّى الصَمّان وتقيّظَ الشَرَفَ فقد أخْصَبَ”.

المبحث الثاني: أمثال القاموس وعلاقتها بمكارم الأخلاق، وفيه مطالب:

المطلب الأول: أهمية مكارم الأخلاق.

يهتم الإسلام بجميع جوانب الحياة ومنها اهتمامه بحياة الأفراد، كما لم يهمل الجماعات والأمم، ومن اهتمامه بالأمم والأفراد والجماعات أن قرر لهم صفاتٍ وسجايا تنبثقُ منها مكارم الأخلاق، وتقوم عليها الأواصر والروابط المجتمعية، وبدونها تتفكك المجتمعات والأفراد وتسودهم الفوضى؛ ولهذا اعتنى القرآن الكريم بهذا المنحى، كما قال تعالى: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِين [ الجمعة: 2 ]، وجه الدلالة من الآية: أن الله بعث النبي إلى الناس ليُخرجهم من الظلمات إلى النور ومن الضلال إلى الهدى، وهذا يتحقق بمكارم الأخلاق المشتملة على العقائد والعبادات وغيرها[19].

إنّ أعظم ما يتميز به المسلم بعد استقرار الإيمان بالله تعالى في قلبه هو التحلي بالأخلاق الفاضلة والتعلق بآدابها وإلتزاماتها السلوكية، فهي تزيينٌ وتجميل لكل ما يتعلق بالعقائد والعبادات والمعاملات، بحيث يشملُ الخُلُقُ كلَّ جوانبِ السلوكِ الإنسانيّ، وهو من أعظم ما أُعْطِيَ العبدُ من النّعَمِ، يقول الرسول لما سئل عن أكثر ما يُدخل الناسَ الجنة ؟ قال: «حسن الخلق»[20]؛ وذلك لأنه يجمّلُ الإنسان ويضفي عليه قدرًا من الفضيلة والبهاء، ولاريب أن مرتبة الأخلاق تأتي بعد الشهادتين والصلاة، والدين عبادات ومعاملات، فالمعاملات كلها قائمة علي الأخلاق بعد تقوى الله ، يقول الرافعي في كتابه وحي القلم: لو أنني سئلت أنْ أُجمِلَ فلسفة الدين الإسلامي كلها في لفظين لقلت: إنها ثبات الأخلاق[21]. وتتجلّى أهميةُ الأخلاق حيثُ أنّ القرآن قدّمَ التزكية التي هي الأخلاق على العلم: قال تعالى: كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم مالم تكونوا تعلمون، [البقرة: 151]، ولقد صدق الشاعر لما ربط بقاء الأمم ببقاء الأخلاق فقال:

وإنما الأُمَمُ الأخلاق ما بقيتْ فإن هُمُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا[22]

قال أحد الحكماء: “ليس هناك حِمْلٌ أثقلُ من البّرِ، مَن بَرَّك فقد أوثقك ومن جفاك فقد أطلقك”، وجه الدلالة: أنّ البرَّ هو أسم جامع لكثير من مكارم الأخلاق، فشبّهوه بالحمل الثقيل لأهميته ولارتباط هذه المكارم بواقع الناس، وقال الآخر: “بالخلق تملك العالم”، وجه الدلالة: أنّ الإنسان بخُلُقه ينالُ ثقةِ الناسِ، ومَن نال ثِقَتُهم نالَ ما أرادَهُ، ومَلَكَ ما يملكون وتذلّلَت له الصِّعاب[23].

المطلب الثاني: مختارات من أبواب أمثال القاموس وعلاقتها بمكارم الأخلاق.

باب ما قيل في مَن يُحسن للآخرين ويُقابَلُ بالإساءة: “أحُشُّكَ وتروثُني”، (حشش/365)، يُضْرَبُ مثَلًا لِكُلِّ مَنِ بُذِلَ له معروفٌ فكافَأَ بضِدِّه أَوْ لَمْ يَشْكُرْ صاحبَ المعروفِ، قَالَ الأَزهري: يُضْرب مثَلًا لِمَنْ يُسِيء إِليك وأَنت تُحْسن إِليه.

وكلمة أحُشُّكَ: مأخوذةٌ من الحَشِّ، والحَشُّ: قَطْعُ الحشيش اليابس، وأَحُشُّك: أَعْلِفُك الْحَشِيشَ، وأَحَشَّه: أَعانَه عَلَى جَمْع الْحَشِيشِ، وحَشَّت اليَدُ وأَحَشَّت.

وَتَرُوثُنِي: مأخوذ من الرَّوث، وهو: رجيعُ الخَيْل والبغال والحمير، وكل ذي حافر[24].

ومعنى المثل: أقطع لك الحشيشَ، وتُلقي بروثكَ عليَّ؟! وأصل المثل: أنَّ رجلاً كان له فرسٌ، وكان ذاتَ يوم يجُزُّ له الحشيش، فألقى الفرسُ بروثَه عليه، فقال له: أحشُّك، وتروثني؟! فذهبتْ مَثَلاً لِمَن يقابل الإحسان بالإساءة.

وعلاقة هذا المثل بمكارم الأخلاق أنّ مكارم الأخلاق تنهى عن سوء الخلق، ومنه مقابلة الإحسان بالإساءة أو نكران الجميل؛ فقد أمرنا الله تعالى في القرآن الكريم بألّا ننسى الفضل فيما بيننا، بل نشكر الفضل وننسبه لمصطنِعِهِ؛ لأنّ الناس في هذه الحياة لا يستغنون عن بعضهم، فلا يستطيع الإنسانُ العيشَ بعيدًا عن أبناء جنسه، وذلك أنّ المرءَ لابُدّ أنْ يبذل للآخرين مثلما يبذلون له، ولما كان الله- عزّ وجلّ- هو صاحب الفضل في الأولى والآخرة، فقد أثنى في الذّكر الحكيم على من يعرف له فضلَهُ، كما نعى على الكفّار جحودَهم ونكرانَهم لفضله عزّ وجلّ، وفضلِ أنبيائه، قال الطّبريّ عند تفسير وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ، [البقرة: 237]، وجه الدلالة أي: ولا تُغفلوا أيّها النّاس الأخذَ بالفضل فيما بينكم فتتركوه. كما أنّ لهذه الصّفة_ الإحسان_ منزلةً جليلةً لما يعود منها من خير على المجتمع بأسره، حيث يؤدّي ذلك إلى استقرار هذا المجتمع وتآلف أفراده وتشجيع ذوي الفضل أن يستمرّوا في تفضّلهم الّذي يلقى الاحترامَ من الآخرين، ولما كان من طبع الإنسان أنه يأنس إذا نُسِبَ إليه الخير، كان الاعتراف بالفضل باعثًا على ارتياحه، بعد مرضاة الله تعالى؛ لأنّ من يشكر النّاس فإنّما هو في الحقيقة يشكر المولى الّذي أجرى الخيرَ علي أيديهم، وقد جاء في الحديث: «من لا يشكر النّاسَ لا يشكرُ الله»، ويُفهم من ذلك أنّ من يشكر النّاسَ فإنّما يشكر اللهَ- عزّ وجلّ- ربَّ الناسِ ، والشّكرُ لله يزيد في النّعمة ويورث الرّضا، وقد قيل:

الشّكرُ للهِ كنزٌ لا نفادَ لهُ من يلزم الشّكرَ لم يكسبْ بِهِ نَدَما

وقال الآخر:

ومنْ يَشْكُر المخلوقَ يشكرْ لِرَبّه … ومن يكفر المخلوقَ فهو كفورُ[25].

أما إنْ أحسنَ الآخرون إلى أحدٍ ما ثم لم يجدوا منه إلا نكرانًا، فهذا لعمرُ اللهِ دليلٌ على خِسَّة النفس وضَعَتِها؛ إذ النفوس الكريمة لا تعرف الجحودَ ولا النكرانَ، بل إنها على الدوام وفيةٌ معترفة بالفضل لذويه، وقد قيل:

ولقد دعتني للخلافِ عشيرتي.. … ..فعددتُ قولَهُمُ من الإضلالِ

إني امرؤٌ فيَّ الوفـــــاءُ سَجِيّـةٌ.. … .وفعــالُ كلّ مهـذبٍ مِفضـالِ

أما اللئيم فإنه لا يزيده الإحسان والمعروف إلا تمردًا:

إذا أنت أكرمتَ الكريمَ ملكته.. … ..وإن أنت أكرمتَ اللئيمَ تمرَّدا

فحين لا يعترفُ الإنسان بلسانه بما يعتقدهُ قلبُهُ من المعروف والصنائع الجميلة التي أُسْدِيَتْ إليه سواءٌ من الله أو من المخلوقين، فهو مُنكرٌ للجميلِ جاحدٌ للنعمة.[26]

باب ما قيل في الشجاعة: “إنّ دونَ الظُّلْمة خَرْطُ قَتادِ هَوْبَر”، (هبر/1670)، والمراد بهذا المثل أن دون هذا الأمر ركوب الصعب والذلول، فلا يباشره إلا الشجعان من القوم[27].

فالشجاعة من الصفات الممدوحة والأخلاق النبيلة في جميع الأمم فقد جاء في الخبر: “إنّ الله يحب الشجاعة ولو على قتل حية أو عقرب”. وكتب أنوشروان إلى وكلائه: عليكم بأهل الشجاعة والسخاء، وكان يقال: الشجاع مُوقى، والجبان مُلقى، ويقال: الشجاعُ مُحَبّبٌ حتى إلى عدوه، والجبان مُبَّغَضٌ حتى إلى أُمّهِ، وقال بعض الحكماء: قوة النفس أبلغ من قوة الجسد، قال الشاعر:

يفرّ الجبان من أبيه وأمّه … ويحمي شجاعُ القومِ من لا يناسِبُهْ

وقال أبو الطيب المتنبي:

يرى الجبناءُ أنّ العجزَ حزمٌ … وتلك خديعةُ الطبعِ اللئيمِ

وكلُّ شجاعةٍ في المرءِ تُغني … ولا مثلَ الشجاعةِ في الحكيمِ

فقيل له: أنّى يكون الشجاعُ حكيمًا وهما على طرفي نقيض؟

فقال: هذا علي بن أبي طالب وكان يقول: خيفةُ العاقبة تورثُ جُبْنًا والشجاعةُ حسنُ الظنّ، وكان خالد بن الوليد يقول: ما ليلةٌ أقرُّ لعيني من ليلةٍ يُهدى إليّ فيها عروسٌ إلا ليلةٌ أغدو فيها لقتالِ العدو[28]!، وهذا يدلُ على الشجاعة والإقدام، وكان حصين بن المنذر صاحب راية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وجهه يقول: ابتذالُ الأنفسِ في الحرب أبقى لها إذا أُخّرَ في الآجال.

وقيل لعبّاد بن الحصين: في أي جنّة تحب أن تلقى عدوك؟ قال: في أجل مستأخر، وكان يقال: إن بني هاشم شجعان قريش وأسخياء قريش، كما أجمع أهل الإسلام على أنّه لم يكن فارسٌ في زمن رسول الله أشجعَ من عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، وقيل:

لا يصدق في القتال إلا ثلاثة، مستنصرٌ في دين، أو غيران على النساء، أو ممتهن من ذل[29].

باب ما جاء في الصبر: “من قرع بابًا ولجَّ وَلَجَ”، (قرع/1309)، أي من يُديم قَرْعَ البابِ ويصبر فإنه سيُفتح له لا محالةَ، والمراد من هذا المثل أنّ من صبر على المداومة على شيء ناله ولو بعد حين، كما قيل:

أَخْلِقْ بِذِي الصَّبرِ أَن يَحْظَى بحاجَتِهِ … ومُدْمِنِ القَرْعِ للأبْوابِ أَن يَلِجَا[30].

والصبر من مكارم الأخلاق الفاضلة، قال النبي : «لم يؤتَ الناسُ خيرًا من الصبرِ والمعافاة»، وقال أيضًا : «لم نزل نستزيد للصابرين حتى نزلت: إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ، [ الزمر: 10 ]، وقال : «عليكم بالصبر، فإنه لا إيمان لمن لا صبر له»[31]، قال القائل:

إني وجدتُ وخيرُ القولِ أصدقُهُ … للصبرِ عاقبةٌ محمودةُ الأثرِ

وقلَّ مَنْ جَدَّ في أمرٍ يحاولُهُ … فاستصحبَ الصّبرَ إلّا فازَ بالظّفرِ

وقال آخر:

عليك بالصبرِ فيما قد مُنيتَ بِهِ … فالصبرُ يُذهبُ ما في الصّدر من حَرَجِ

كم ليلةٍ من غمومِ الدهرِ مُظْلِمَةٌ … قد ضاءَ مِنْ بَعدِها صُبْحٌ من الفَرَجِ

وقال آخر:

إذا المرءُ لم يأخذْ من الصبرِ حَظّهُ … تَقَطّعَ من أسبابِهِ كلُّ مُبرِمِ

ويقال: أوكدُ الأسبابِ للظفرِ الصبرُ، وقال بعض العلماء: الصبرُ جُنّةُ المؤمن، وعزيمة المتوكل، وسبب درك النُّجْحِ في الحوائج، ويقال: من وَطَّنَ نفسه على الصبر لم يجد للأذى مَسًّا، وقال النبي : «من استعفَّ بالله عفَّ، ومن استعان به أعانه، ولن تجدوا حظًا خيرًا من الصبر» .

وقال الشاعر:

قرينُ الصّبرِ يظفرُ بعدَ حينٍ … بحاجته فيوجدُ قد قضاها

وقال المهلب: يا بَنيَّ إن غُلِبْتُم على الظفر، فلا تُغلبوا على الصبر.

وقال آخر:

من يمتطِ الصبرَ يضعْ رَحْلَهُ … بساحةِ الرّاحةِ واليُسْرِ

وقال الله تعالى: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ، [البقرة: 45]، وقال: وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً، [الانسان: 12]، وقال: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ، [البقرة: 155].

وكان الحسن البصري يقول: إني لأعجب ممن خَفَّ كيف خَفَّ بعد هذه الآية: وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ بِما صَبَرُوا، [الانعام: 115]، وقال عمر بن عبد العزيز (ت 720مـ): ما أنعم الله على عبد نعمة فنزعها عنه فصبر، إلا كان ما أعاضه أفضل مما انتزعه عنه، ثم قرأ: إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ، [الانسان: 12]

وقال بعض الحكماء:

الصبر صبران: صبرٌ عن ما تحب، وصبرٌ على ما تكره، والرجلُ من جمع بينهما، وقال حكيمٌ: تابعُ الصبرِ متبوعُ النصرِ. وقال الشاعر:

ما أحسنَ الصبرُ في مواطنِهِ … والصبرُ في كلّ موطنٍ حَسَنُ[32].

باب ما جاء في الوفاء: “أنجزَ حرٌّ ما وعد”، (نجز/ 1584)، ومعنى المثل: أنّ الحرَّ إذا وعد وعدًا أمضاه، والوفاء بالعهود من شِيَمِ الرجال، وأصل المثل: أن الحارث قال لصخر: هل أدلك على غنيمة على أنَّ لي خُمسَها؟ فقال له صخر: نعم، فدله على ناس من أهل اليمن، فأغار عليهم بقومه فظفروا وغنموا وملأ يديه وأيدي أصحابه من الغنائم، فلما انصرف قال له الحارث: أنجز حرٌ ما وعد، فأرسلها مثلاً[33].

والوفاء خُلُقٌ اجتماعيٌّ يتمثل في التفاني من أجل قضيةٍ ما أو شيء ما بصدق خالص، والوفاء أصل الصدق، وقيل في الفرق بين الوفاء والصدق: هما أعمُّ وأخصُّ، فكلُّ وفاءٍ صدقٌ، وليسَ كلُّ صدقٍ وفاءً، فإنَّ الوفاءَ قد يكون بالفعل دون القول، ولا يكون الصدق إلا في القول؛ لأنَّه نوع من أنواع الخبر، والخبر قول[34].

وقد جعل الله الوفاء أساسًا لصلاح أمور الناس، قال الله عز وجل: وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا،[ الاسراء: 34 ]. وقال تعالى: وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ، [البقرة: 40].

والوفاء هي تلك الصفة التي يتمتع بها أهل الذوق السليم والطبع الكريم، وهي صفة يشعر بها المرء دون أن يدركها إدراكًا ماديًّا.

وكما قيل في المثل “أوفى من السموأل بن عاديا”، والسموأل من الرجال الأوفياء، وكان يهوديًا، ومن خبر وفائه أنّ امرأ القيس بن حجر لما أراد الخروج إلى قيصر استودع السموألَ دروعًا له، فلما مات امرؤ القيس غزاه ملكٌ من ملوك الشام فتحرز منه السموأل، فأخذ الملك ابنًا للسمؤال خارج الحصن وصاح: يا سموألُ، هذا ابنك في يدي وقد علمتَ أنّ امرأ القيس ابن عمي وأنا أحقُّ بميراثه، فإنْ دفعت إليّ الدروعَ وإلا ذبحتُ ابنَك، فقال: أنظرني فأنظره، فجمع أهل بيته فشاورهم فكلهم أشاروا عليه بدفع الدروع وأن يستنقذ ابنه، فلما أصبح أشرف عليه وقال: ليس إلى دفعِ الدروعِ سبيلٌ، فاصنع ما أنت صانعٌ، فذبح الملكُ ابنه وهو ينظر إليه، وانصرف الملكُ، ووافى السموألُ بالدروع في الموسم فدفعها إلى ورثة أمرىء القيس: وقال في ذلك:

وفيت بأدْرُعِ الكِنْدِيّ إنّي … إذا ما خانَ أقوامٌ وَفَيْتُ

وقالوا عنده كنزٌ رهيبٌ … فلا وأبيك أغدرُ ما مشيتُ

بنى لي عاديًا حصنًا حصينًا … وبئرًا كلما شئتُ استقيتُ

وفي ذلك يقول الأعشى:

كُنْ كالسّمَوْألِ إذ طافَ الهُمامُ بِهِ … في جَحْفَلٍ كسوادِ اللّيلِ جرّارِ

بالأبلقِ الفَرْدِ من تيماءَ منزلُهُ … حصنٌ حصينٌ وجارٌ غير غدارِ

خبره خطتيْ خسفٍ فقال له … مهما تقول فإني سامع حارِ

فقال ثُكْلٌ وغدرٌ أنت بينهما … فاختر فما فيهما حظ لمختارِ

فشكَّ غيرَ طويلٍ ثم قال له … اقتل أسيرَكَ إنّي مانعٌ جاري[35].

الخاتمة وفيها النتائج والتوصيات

ونختم بحثنا بالثناء على الله تعالى وحده، “فله الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه تُرجعون”، ونخلص من بحثنا هذا إلى نتائج وتوصيات، فكانت النتائج على النحو الآتي:

  1. إنّ أمثال القاموس المحيط تناولت جوانبًا كثيرةً مختلفةً من أخلاق العرب، في حياتهم اليومية.
  2. أهمية القاموس المحيط في كثيرٍ من مناحي الحياة، ومنها ما ورد بصورة الأمثال التي زادت على الأربعمئة مثل.
  3. ضرورة الرجوع إلى الشرع في معرفة ما هو حسنٌ وما هو قبيح، وأنّه القسطاس المستقيم في كل جوانب الحياة، ومنها الأمثال.
  4. إنّ كثيرًا من طبائع العرب وفطرها وسجاياها توافق تعاليم الدين الإسلامي الحنيف.

التوصيات:

  1. تشجيع الباحثين على الخوض في هذا الباب الجميل، وهو باب الأمثال، وضرورة ربطها بأدلة الشرع الحنيف.
  2. الاهتمام بالقاموس المحيط، ففيه الكثير من الجوانب الاجتماعية والثقافية من حياة العرب.
  3. تناولنا بعض مكارم الأخلاق، وبقي الكثير الذي يصلح للمادة والدرس.

المصادر والمراجع

  1. الأمثال العربية، ناهض قديح، دراستها ومصادرها، الفكر العربي، ال عدد49، كانون الأول 1987، معهد الإنماء العربي، بيروت.
  2. إنجيل متّى، موقع الأنبا تكلا هيمانوت، الكنيسة القبطية الأرثذوكسية، مصر.
  3. تاج العروس من جواهر القاموس، الزبيدي، محمّد بن محمّد بن عبد الرزّاق الحسيني، أبو الفيض، الملقّب بمرتضى، الزَّبيدي (المتوفى: 1205هـ)، المحقق: مجموعة من المحققين، دار الهداية.
  4. تهذيب الأخلاق، الجاحظ، عمرو بن بحر بن محبوب الكناني بالولاء، الليثي، أبو عثمان، الشهير بالجاحظ (المتوفى: 255هـ)، دار الصحابة للتراث، ط1، 1410ه، 1989م.
  5. الجامع الصحيح للسنن والمسانيد، صهيب عبد الجبار، عدد الأجزاء: 38، تاريخ النشر: 15 – 8 – 2014، الكتاب غير مطبوع.
  6. شرح الزرقاني على موطأ مالك، الزرقاني، محمد بن عبد الباقي الزرقاني، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، دار الحديث، القاهرة، 1427ه/ 2006م.
  7. شعر شوقي في ميزان النقد، محمد مصطفى المجذوب، الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، الطبعة: السنة السابعة، العدد الرابع، ربيع الآخر 1395 هـ ابريل 1975 م.
  8. الفاخر، أبو طالب، المفضل بن سلمة بن عاصم، أبو طالب (المتوفى: نحو 290هـ)، تحقيق: عبد العليم الطحاوي، دار إحياء الكتب العربية، عيسى البابي الحلبي، ط1، 1380هـ.
  9. فجر الإسلام، أحمد أمين، دار الكتاب العربي، الطبعة الحادية عشرة، 1979، بيروت.
  10. الفروق اللغوية، أبو هلال العسكري، الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران العسكري (المتوفى: نحو 395هـ)، حققه وعلق عليه: محمد إبراهيم سليم، دار العلم والثقافة للنشر والتوزيع، القاهرة، مصر.
  11. كتاب الجهاد، ابن المبارك، أبو عبد الرحمن عبد الله بن المبارك بن واضح الحنظلي، التركي ثم المرْوزي (ت 181هـ)، حققه وقدم له وعلق عليه: د. نزيه حماد، الدار التونسية، تونس، تاريخ النشر: 1972م، عدد الصفحات: 185 [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع].
  12. الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية، عبد الله خضر حمد، دار القلم، بيروت – لبنان، ط1، 1438 هـ -2017 م.
  13. الكليات معجم في المصطلحات والفروق اللغوية، الكفوي، أبو البقاء أيوب بن موسى الحسيني (ت 1094ه)، تحقيق: عدنان درويش، ومحمد المصري، مؤسسة الرسالة، بيروت، لبنان.
  14. اللطائف والظرائف، الثعالبي، عبد الملك بن محمد بن إسماعيل أبو منصور الثعالبي (المتوفى: 429هـ)، دار المناهل، بيروت.
  15. المَثَل الشعبي العربي المصدر والمآل، عاطف عطية، مجلة الثقافة الشعبية، العدد 53 آفاق.
  16. المحاسن والأضداد، الجاحظ، عمرو بن بحر بن محبوب الكناني بالولاء، الليثي، أبو عثمان، الشهير بالجاحظ (المتوفى: 255هـ)، دار ومكتبة الهلال، بيروت، عام النشر: 1423 ه.
  17. مساوئ الأخلاق، نكران الجميل من شيم اللئام، إسلام ويب، تاريخ النشر:26/10/2004، التصنيف.
  18. مسند الإمام أحمد بن حنبل، ابن حنبل، أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني (المتوفى: 241هـ)، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، عادل مرشد، وآخرون، إشراف: د عبد الله بن عبد المحسن التركي، مؤسسة الرسالة، ط1، 1421 هـ -2001 م،
  19. معجم مقاليد العلوم في الحدود والرسوم، السيوطي، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر (ت 911ه)، تحقيق: محمد إبراهيم عبادة، مكتبة الآداب، القاهرة_ مصر، الطبعة الأولى.
  20. معجم مقاييس اللغة، ابن فارس، أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا الرازي(ت395ه)، تحقيق: عبد السلام هارون، دار الفكر، بيروت_ لبنان، الطبعة الأولى.
  21. المفردات في غريب القرآن، الأصفهان*ي، أبو القاسم الحسين بن محمد المعروف بالراغب الأصفهانى (المتوفى: 502هـ)، المكتبة التوفيقية.
  22. مكارم الأخلاق لمن أراد الخلاق، أنور بن أهل الله بن أنوار الله، الجامعة المدنية فيني بنغلاديش، دار القرآن والسنة، قريش منشي.
  23. نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم، عدد من المختصين بإشراف الشيخ/ صالح بن عبد الله بن حميد إمام وخطيب الحرم المكي، دار الوسيلة للنشر والتوزيع، جدة.
  24. وحي القلم، الرافعي، مصطفى صادق بن عبد الرزاق بن سعيد بن أحمد بن عبد القادر الرافعي (المتوفى: 1356هـدار الكتب العلمية، ط1، 1421هـ-2000م.

Margins:

  1. أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني (المتوفى: 241هـ)، مسند الإمام أحمد بن حنبل، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، عادل مرشد، وآخرون، إشراف: د عبد الله بن عبد المحسن التركي، (مؤسسة الرسالة الطبعة: الأولى، 1421 هـ -2001 م)، 23/ 417/ 15277.
  2. صهيب عبد الجبار، الجامع الصحيح للسنن والمسانيد، عدد الأجزاء: 38، تاريخ النشر: 15 -8 – 2014، الكتاب غير مطبوع، 15/149
  3. ابن فارس، أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا الرازي(ت395ه)، معجم مقاييس اللغة، تحقيق: عبد السلام هارون، دار الفكر، بيروت_ لبنان، الطبعة الأولى، (5/296).
  4. ابن منظور، لسان العرب، مادة مثل، دار المعارف بمصر، 1981، القاهرة، ص4132 -4133.
  5. ابن منظور، أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم بن علي الأفريقي (ت 630ه)، لسان العرب، دار صادر، بيروت _ لبنان، الطبعة الثالثة، (11/611).
  6. السيوطي، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر (ت 911ه)، معجم مقاليد العلوم في الحدود والرسوم، تحقيق: محمد إبراهيم عبادة، مكتبة الآداب، القاهرة_ مصر، الطبعة الأولى، (ص: 99).
  7. الكفوي، أبو البقاء أيوب بن موسى الحسيني (ت 1094ه)، الكليات معجم في المصطلحات والفروق اللغوية، تحقيق: عدنان درويش، ومحمد المصري، مؤسسة الرسالة، بيروت_ لبنان، (ص572).
  8. ابن منظور، لسان العرب، ص6.
  9. أحمد أمين، فجر الإسلام، دار الكتاب العربي، الطبعة الحادية عشرة، 1979، بيروت، ص62، 64.
  10. ناهض قديح، الأمثال العربية، دراستها ومصادرها، الفكر العربي، ال عدد49، كانون الأول 1987، معهد الإنماء العربي، بيروت، ص 18 – 49.
  11. أحمد بن فارس، معجم مقاييس اللغة، دار الجيل، بيروت، ط١، بدون تاريخ، 2/ 214.
  12. محمد بن مكرم بن منظور، لسان العرب، دار صادر، بيروت، 2/ 244.
  13. الراغب الاصفهاني، المفردات في غريب القرآن، المكتبة التوفيقية، ص164.
  14. ابن منظور، التعريفات، ص104.
  15. الجاحظ، تهذيب الأخلاق، دار الصحابة للتراث، ط1، 1410ه، 1989م، ص12.
  16. محمد بن عبد الباقي الزرقاني، شرح الزرقاني على موطأ مالك، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، دار الحديث، القاهرة، 1427ه/ 2006م، 4/ 339.
  17. إنجيل متّى6/11، موقع الأنبا تكلا هيمانوت، الكنيسة القبطية الأرثذوكسية، مصر.
  18. عاطف عطية، المَثَل الشعبي العربي المصدر والمآل، مجلة الثقافة الشعبية، العدد 53 آفاق.
  19. عبد الله خضر حمد، الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية، دار القلم، بيروت – لبنان، ط1، 1438 هـ -2017 م، 2/413.
  20. أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني (المتوفى: 241هـ)، مسند الإمام أحمد بن حنبل، تحقيق: شعيب الأرنؤوط/ عادل مرشد، وآخرون، إشراف: د عبد الله بن عبد المحسن التركي، مؤسسة الرسالة، ط1، 1421 هـ -2001 م، 13/287، برقم: 7907.
  21. مصطفى صادق بن عبد الرزاق بن سعيد بن أحمد بن عبد القادر الرافعي (المتوفى: 1356هـ)، وحي القلم، دار الكتب العلمية، ط1، 1421هـ-2000م، 2/62.
  22. محمد مصطفى المجذوب، شعر شوقي في ميزان النقد، الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، الطبعة: السنة السابعة، العدد الرابع، ربيع الآخر 1395 هـ ابريل 1975 م، ص85.
  23. أنور بن أهل الله بن أنوار الله، مكارم الأخلاق لمن أراد الخلاق، الجامعة المدنية فيني بنغلاديش، دار القرآن والسنة، قريش منشي، ص7.
  24. محمد بن مكرم بن على، أبو الفضل، جمال الدين ابن منظور الأنصاري (المتوفى: 711هـ)، لسان العرب، دار صادر – بيروت، ط3، 1414هـ، 2/156، 6/283.
  25. عدد من المختصين بإشراف الشيخ/ صالح بن عبد الله بن حميد إمام وخطيب الحرم المكي، نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم ، دار الوسيلة للنشر والتوزيع، جدة، 2/398.
  26. نكران الجميل من شيم اللئام، اسم الكاتب: إسلام ويب، تاريخ النشر:26/10/2004، التصنيف: مساوئ الأخلاق.
  27. ابن منظور، لسان العرب، 5/248.
  28. ابن المبارك، أبو عبد الرحمن عبد الله بن المبارك بن واضح الحنظلي، التركي ثم المرْوزي (ت 181هـ)، كتاب الجهاد، حققه وقدم له وعلق عليه: د. نزيه حماد الناشر: الدار التونسية، تونس تاريخ النشر: 1972م عدد الصفحات: 185[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]، ص91، رقم الحديث: 107.
  29. عبد الملك بن محمد بن إسماعيل أبو منصور الثعالبي (المتوفى: 429هـ)، اللطائف والظرائف، دار المناهل، بيروت، ص128 ـ 129.
  30. حمّد بن محمّد بن عبد الرزّاق الحسيني، أبو الفيض، الملقّب بمرتضى، الزَّبيدي (المتوفى: 1205هـ)، تاج العروس من جواهر القاموس، المحقق: مجموعة من المحققين، دار الهداية، 21/533.
  31. ولم نعثر فيما بين أيدينا من المصادر على هذه الرواية إلا في كتاب اللطائف والظرائف للثعالبي وهو ليس من كتب الحديث
  32. الثعالبي، اللطائف والظرائف، 110 ـ 113.
  33. المفضل بن سلمة بن عاصم، أبو طالب (المتوفى: نحو 290هـ)، الفاخر، تحقيق: عبد العليم الطحاوي، دار إحياء الكتب العربية، عيسى البابي الحلبي، ط1، 1380هـ، 61.
  34. أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران العسكري (المتوفى: نحو 395هـ)، الفروق اللغوية، حققه وعلق عليه: محمد إبراهيم سليم، دار العلم والثقافة للنشر والتوزيع، القاهرة – مصر، 1/57.
  35. عمرو بن بحر بن محبوب الكناني بالولاء، الليثي، أبو عثمان، الشهير بالجاحظ (المتوفى: 255هـ)، المحاسن والأضداد، دار ومكتبة الهلال، بيروت، عام النشر: 1423 هـ، 84.