دور التشريعات الإسلامية في تحقيق التنمية المستدامة

إيمان القادري1

1 طالبة دكتوراه، جامعة اسطنبول صباح الدين زعيم، تركيا.

بريد الكتروني: emanbadran1988@hotmail.com

HNSJ, 2023, 4(7); https://doi.org/10.53796/hnsj4724

Download

تاريخ النشر: 01/07/2023م تاريخ القبول: 15/06/2023م

المستخلص

هدفت هذه الدراسة إلى التعريف بالتنمية المستدامة ، وبيان أهميتها والدوافع التي أدت إلى استحداثها بالفكر الغربي الحديث، واستعرضت الدراسة لمفهوم التمنية المستدامة من المنظور الإسلامي، وعلاقتها بالفكر الإسلامي، وهذا بالإستناد إلى ما جاء به القرآن الكريم والسنة النبوية، والتشريعات الإسلامية، بالإضافة إلى ذكر أبعاد وأهداف التنمية المستدامة من المنظور الإسلامي، اعتمدت هذه الدراسة على المنهج الاستقرائي من خلال استقراء الأدبيات التي تناولت التنمية بشكل عام، والتنمية المستدامة، واستخدمت المنهج الوصفي القائم على التعريف بالتنمية المستدامة، والتنمية المستدامة في الإسلام، والمنهج التحليلي لتحليل دور التشريعات الإسلامية في الاهتمام والدعوة لتحقيق التنمية المستدامة.

وتوصلت الدراسة إلى أسبقية الإسلام في الدعوة إلى التنمية المستدامة وحماية البيئة والإبقاء على التوازن البيئي، والاهتمام بحق الأجيال القادمة بالبيئة ومقدراتها.

الكلمات المفتاحية: التنمية، التنمية المستدامة، التنمية المستدامة من منظور الإسلامي.

Research title

The role of Islamic legislation in achieving sustainable development

Iman Qadri1

1 PhD student, Istanbul Sabahattin Zaim University, Türkiye.

Email: emanbadran1988@hotmail.com

HNSJ, 2023, 4(7); https://doi.org/10.53796/hnsj4724

Published at 01/07/2023 Accepted at 15/06/2023

Abstract

This study aimed to define sustainable development, highlight its importance and examine the motivations behind its emergence in modern Western thought. The study also explored the concept of sustainable development from an Islamic perspective and its relationship with Islamic thought. This was done by referring to the teachings of the Holy Quran, the Prophetic tradition (Sunnah), and Islamic legislation. Additionally, the study mentioned the dimensions and objectives of sustainable development from an Islamic viewpoint. The study utilized the inductive method by reviewing the literature that addresses development in general and sustainable development specifically. It employed a descriptive approach to define sustainable development and sustainable development in Islam. Furthermore, an analytical method was used to analyze the role of Islamic legislation in advocating and promoting sustainable development.

The study concluded that Islam has prioritized the call for sustainable development, environmental protection, and maintaining ecological balance. It emphasizes the importance of considering the rights of future generations towards the environment and its resources, as evident in Quran texts, Prophetic traditions, and Islamic legislation.

Key Words: development, sustainable development, sustainable development from an Islamic perspective.

المقدمة

استهدفت الدراسة قضية معاصرة من القضايا الهامة؛ وهي التنمية المستدامة وأبعادها وأهدافها من المنظور الغربي الحديثي في محاولة لتصحيح مسار أنشطة الإنسان تجاه البيئة التي يعيش فيها، ومع حداثة المناداة بقضية التنمية المستدامة في الفكر الغربي الحديث إلا أن المتتبع والباحث في الشريعة الإسلامية، يكتشف أن الإسلام قد حث على المناداة بفکرة التنمية المستدامة منذ نزول الوحي على رسولنا الكريم؛ وذلك من خلال ما جاءت به الشريعة الإسلامية في أحکامها ومقاصدها، من هذا المنطلق تأتي هذه الدراسة لتتقصى وتبين فکرة دور التشريعات الإسلامية في تحقيق التنمية المستدامة، التي شرعها الإسلام لتحقيق مصالح العباد في أمور المعاش والحياة، و لإصلاح حياتهم.

وتوصلت الدراسة إلى اهتمام الشريعة الإسلامية بالبيئة، وتشريع التشريعات التي تحرم التعدي علي البيئة ومقدراتها، بالإضافة إلى وجوب الاهتمام والحفاظ على البيئة ومصادرها، كما دعوت منذ بدأ الدعوة الإسلامية لما يسمى اليوم بالتنمية المستدامة؛ فبقدر حرص الإسلام على تحقيق النفع للأجيال الحالية فإنه يضع نصب عينيه منافع الأجيال القادمة، فتكون الأمة على مر العصور حلقات متماسكة يعمل أولها لخير آخرها، ويغرس سلفها ليجني خلفها، ويعمل خلفها على نهج سلفها.

موضوع البحث:

تناولت الدراسة ماهية التنمية؛ وشروطها، وماهية التنيمة المستدامة مفهوها وأبعادها وأهمتها؛ وتناولت أيضاً مفهوم التنمية المستدامة، وأبعادها وأهميتها من المنظور الإسلامي وكيف اهتم الإسلام بالتنمية والمستدامة منذ ظهور الإسلام.

مشكلة البحث:

تتمثل في السؤال الرئيسي التالي:

ما دور التشريعات الإسلامية في تحقيق التنمية المستدامة

وينبثق منه عدة أسئلة فرعية وهي:

1: ما تعريف التنمية المستدامة؟

2:ما هي أبعاد و أهداف التنمية المستدامة؟

3: ماهو دور التشريعات الإسلامية في تحقيق التنمية المستدامة؟

حدود البحث:

دور التشريعات الإسلامية في تحقيق التنمية المستدامة، وتمت الدراسة في الفصل الثاني 2023م.

أهداف البحث:

1.التعريف بالتنمية المستدامة.

2. بيان أبعاد وأهداف التنمية المستدامة.

3.تحديد دور التشريعات الإسلامية في تحقيق التنمية المستدامة.

منهج البحث:

اعتمدت الدراسة على مجموعة من المنهجيات البحثية، تمثلت في المنهج الاستقرائي من خلال استقراء الأدبيات التي تناولت التنمية المستدامة والتنمية المستدامة من المنظور الاسلامي، واستخدمت المنهج الوصفي القائم على التعريف بالتنمية المستدامة، والتنمية المستدامة من المنظور الاسلامي، وأبعادها و أهدافها، والمنهج التحليلي لتحليل دور التشريعات الإسلامية في الاهتمام والدعوة لتحقيق التنمية المستدامة.

الدراسات السابقة:

  1. عامر خضير الكبيسي وآخرون، دراسات حول التنمية المستدامة، الرياض، (2015)م.

يركز هذا الكتاب على التعريف بالتنمية المستدامة، ونشأتها، وبعض الجهود الدولية التي بذلت خلال النصف الأخير من القرن العشرين لبلورة منطلقاتها ومبادئها، إلى أن أصبحت نهجاً فكرياً عالمياً بديلاً للمناهج التنموية التقليدية التي تكشفت آثارها السلبية، ومخاطرها الجسيمة المتجاوزة لكل ما ادعته من مكاسب وإنجازات كانت الدول المتقدمة تفتخر بها.

  1. حسام نجاتي، الاقتصاد الأخضر ودوره في التنمية المستدامة، معهد التخطيط القومي، سلسلة قضايا التخطيط والتنمية رقم (25)، القاهرة، (2014)م.

خلص البحث إلى دور الاقتصاد الأخضر كأداة لتحقيق التنمية المستدامة، وتقديم شرح لفكرة الاقتصاد الاخضر والتنمية المستدامة وما يرتبط به من قضايا، كما عمل على إيجاز اللقاءات والدراسات والمؤتمرات والمناقشات التي تمت حول الاقتصاد الاخضر والنتائج المهمة التي سيحققها الاقتصاد في حالة التحول إلى الاقتصاد الأخضر. فيبرز الاختلاف في أن البحث ركز على أهمية الاقتصاد الاخضر والتنمية المستدامة أما في الرسالة فسيكون هذا محور أحد أبواب الرسالة وسيكون التركيز على الصيرفة الإسلامية الخضراء.

  1. عبد الرحمن جيرة، الإسلام والبيئة، القاهرة (2000)م.

جاء الكتاب في محاولة لإضافة معايير وقيم ذات أبعاد عقائدية إلى الواقع البيئي، وهدف إلى التأكيد على ارتباط الإسلام بحياة الناس بكل تفاصيلها، فهو سلوك وطريقة عملية لتعامل الإنسان مع بني جنسه والمشاركين له في الحياة، وسلط الضوء على الطريقة التي قدمها الإسلام كمنهج واضح يحدد سلوك الإنسان تجاه البيئة بعناصرها المختلفة، وأجاب الكتاب على بعض الأسئلة التي تتعلق بالبيئة وبمشاكلها من ضوء الكتاب والسنة.

ركز الكتاب على أهمية البيئة في نظر الإسلام والأبعاد العقائدية التي أعطاها الإسلام لاهتمام بالبيئة والحفاظ عليها.

محاور البحث:

المحور الأول: تعريف التنمية المستدامة

أولاً: تعريف التنمية

ثانياً: تعريف التنمية المستدامة:

مالفرق بين التنمية التقلدية والمستدامة:

المحور الثاني: أبعاد و أهداف التنمية المستدامة:

1- البعد الإقتصادي

2- البعد الإنساني الاجتماعي

ثانياً: أهداف التنمية المستدامة:

• القضاء على الفقر.

• القضاء التام على الجوع.

• الصحة الجيدة والرفاه.

• التعليم الجيد.

• المساواة بين الجسنين.

• الحياة النظيفة، والنظافة الصحية.

• طاقة نظيفة، وأسعار معقولة.

• العمل اللائق والنمو الاقتصادي.

• الصناعة والابتكار، والهياكل الأساسية.

• الحد من أوجه عدم المساوة.

• مدن ومجتمعات مستدامة.

• العمل المناخي.

• الحياة تحت الماء.

• الحياة في البر.

• السلام والعدل والمؤسسات القوية.

• عقد الشراكات لتحقيق الأهداف.

ثالثاً: المعوقات التي تقف أمام تحقيق التنمية المستدامة.

1العوائق البيئية:

2العوائق الاجتماعية

3العوائق الاقتصادية

المحور الثالث: دور التشريعات الاسلامية في تحقيق التنمية المستدامة  

أولاً: التنمية من المنظور الإسلامي.

فتعريف التنمية المستدامة وفق الرؤية الإسلامية:

1: التنمية في الإسلام ضرب من ضروب التعبد لله تعالى في الأرض يثمر لصاحبه خير الدنيا والآخرة.

2:التنمية في الإسلام تشمل الجوانب المادية والروحية معًا.

3:وجود مرجعية شرعية منضبطة تعلو على الأهواء، وهي هنا القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وهما زاخران بالتوجيهات والتكليفات التي تضبط عملية التنمية وتُرَشِّدها وتنأى بها عن عبث العابثين

4:التنمية في الإسلام لا تعرف التفرقة بسبب الجنس أو اللون أوالمعتقد أو العرق، فالجميع شركاء وكلهم مكلفون.

5:التنمية في الإسلام تكليف شرعي تصل مرتبته إلى درجة الفرض، وليست خيارًا للأفراد أو للأمم إن شاءوا قاموا به أو لم يقوموا، ويأثم كل مقصر في ذلك بحسب مرتبته ومنزلته.

ثانياً: أسس التنمية المستدامة من المنظور الإسلامي.

1- الشمول.

2- التوازن.

3- العدالة.

4- الكفاية.

5- الإنسانية.

ثالثاً: أبعاد التنمية المستدامة من المنظور الإسلامي.

رابعاً: أهداف التنمية المستدامة من المنظور الإسلامي

1- القضاء على الفقر

2- القضاء على الجوع وتوفير الأمن الغذائي والتغذية المحسنة وتعزيز الزراعة المحسنة المستدامة

3- الصحة الجيدة والرفاه

4- التعليم الجيد

5- العمل اللائق ونمو الاقتصاد

المحور الأول: تعريف التنمية المستدامة

قبل التطرق لتعريف التنمية المستدامة، يجب تعريف كلمة “التنمية” و تعريف معنى كلمة “المستدامة”؛ قبل تعريفها كمصطلح كامل.

أولاً: تعريف التنمية

جاء في لسان العرب: النماء الزيادة، نمى ينمي نميا ونماءً أي زاد وكثر، وربما قالوا: ينمو ناميا، وأنميت الشيء ونميته جعلته نامياً، ونما الخضاب ازداد حمرة وسواداً، ونمى الإنسان سمن، ويقال نمت الناقة إذا سمنت، ونميته جعلته نامياً([1]).

للتنمية العديد من التعاريف، لكنها اجمعت على أن التنمية تشمل النمو وتتضمنه وتمس الهياكل الاجتماعية والمؤسسات والعادات، ويشار إليها على أنها عكس التخلف([2]).

ولم ترد لفظة التنمية أو مشتقاتها في القرآن الكريم، غير أننا يمكننا التعرف على جذر لغوي في القرآن الكريم تتضمن الألفاظ المشتقة منه معنى “التنمية” اللغوي، وينسجم مع ما هو سائد في المقصود بالتنمية في الدراسات المعاصرة، وهو الجذر “زكى”([3])، ولفظة “تزكيهم”([4]) و “يزكيهم”([5])، حيث تكرر في تعابير المفسرين على مختلف مشاربهم، ما يؤدي إلى ذات المعنى المقصود بالتنمية، وإن لم يركزوا على معنى التنمية كمصطلح كماهو سائد اليوم، لعدم بلورة معنى التنمية الحالي في العصور السابقة، لكن لفظة تنمية كأي لفظة أخرى لها سياقات تاريخية معينة يمكن تتبعها لدى أهل اللغة والاختصاص)[6](.

وعليه فالتنمية تعني الزيادة والارتفاع، سواء أكانت هذه الزيادة والارتفاع في أمر مادي قابل للقياس أم معنوي ممكن ملاحظته بالتأمل والمقايسة، وهي تفيد معنى تفعيل النماء بمعنى التدخل لتحقيق النمو، وهذا يفيد في فهم التنمية كحالة تستلزم التدخل البشري، بخالف النمو الذي قد يكون تلقائياً([7]).

وتعريف التنمية يظل مرتبطاً دوماً بالخلفية العلمية والنظرية السياسية والاقتصادية التي يقتنع بها صاحب التعريف، فعلى سبيل المثال فإن علماء الاقتصاد مثلاً يعرفون التنمية بأنها الزيادة السريعة في مستوى الإنتاج الاقتصادي، والدخل القومي والأسري.في حين يرى علماء علم الإجتماع على أن التنمية هي تغيير اجتماعي مقصود ومخطط يستهدف تغيير السلوكيات والثقافات حتى تكون ايجابية ومنفتحة ومرنة ومنتجة…

فيقصد بالتنمية الارتفاع والنمو والزيادة، وهي عنصر أساسي للاستقرار والتطور الإنساني والاجتماعي. وهي عملية تطور شامل أو جزئي مستمر وتتخذ أشكالاً مختلفة تهدف إلى الرقي بالوضع الإنساني إلى الرفاه والاستقرار والتطور بما يتوافق مع احتياجاته وإمكانياته الإقتصادية والإجتماعية والفكرية، وتكون هذه الزيادة أو )النمو( تسير وفق خطة شاملة أو تسير بصورة تلقائية من غير خطة أو منهج؛ ففي هذه الحالة لا تعدوا أن تكون هذه الزيادة نمواً فقط ول اتساهم في ارتقاء المجتمعات، أما عندما تسير وفق خطة شاملة مع دراسة كافة الجوانب والأبعاد؛ فعندها تنتج صورة حضارية للمجتمع الذي يرومها، وهي التنمية التي نجد دعماً لها في القرآن الكريم.

فالتنمية عموماً: هي عملية تفاعلية تهدف إلى توفير أحسن الظروف الاقتصادية والاجتماعية الممكنة للأفراد من خلال الاستغلال المنضبط للموارد المتاحة.

ولفظ الاستدامة: لا يخرج في الاستعمالات اللغوية عن معنى الاستمرار والمواظبة والسكون([8]).

وأما “التنمية المستدامة” كمصطلح فيعود ظهوره إلى بداية السبعينات تحديداً عام 1972م، وذلك إثر انعقاد مؤتمر ستوكهولم “السويد” الذي شاركت فيه 113 دولة بقصد الخروج بحلول عملية لمجابهة المشاكل البيئية التي تهدد البشرية جراء النظر إلى الجانب الاقتصادي البحت في عملية التنمية، فانبثق عن هذا المؤتمر التصورات المستقبلية للتنمية كأداة للاستدامة حفظ الإنسان، واصطلح على هذا النوع من التنمية بالتنمية المستدامة، ثم تتالت الدراسات والتقارير والأنشطة التي تبحث في هذا الموضوع ([9]).أأا

ثانياً: تعريف التنمية المستدامة:

لقد تعدت أنواع أو أشكال التنمية، ومن تلك الأنواع أو الأشكال الحديثة نسبياً: التنمية المستدامة، أو ما يطلق عليها أحيانا التنمية المستمرة، أو التنمية المتواصلة، هناك تعريفات كثيرة لتنمية المستدامة نذكرمنها:

  • التنمية المستدامة هي التنمية المستمرة، والعادلة، والمتوازنة، والمتكاملة، والتي تراعي البعد البيئي في جميع مشروعاتها، والتي لا تجني الثمار على حساب الأجيال القادمة([10]).
  • عرفها مؤتمر ريودي جانيرو بالبرازيل عام 1992الذي عرف “بمؤتمر قمة الأرض”: التنمية المستدامة: هي تلك التنمية التي تلبي حاجات الحاضر دون أن تخل بقدرة المحيط الطبيعي حتى لا تعرض قدرة أجيال المستقبل لعدم تلبية حاجاته.

مالفرق بين التنمية التقلدية والمستدامة:

اعتبرت التنميـة التقليدية منذ بدايـة القرن المنصرم النمـو الاقتصادي دليًلا على تقـدم المجتمعـات والأمـم، وأخـذت في منتصـف القـرن البعد البشري بالاعتبـار؛ لتظهـر على شـكل تنميـة اقتصاديـة وبشريـة لكنهـا أدت إلى زيـادة الفجـوة بين الفقـراء والأثريـاء، وبـرز الظلـم الإجتماعـي وعـدم عدالـة توزيـع الثروة؛ مما أدى إلى تضرر و تدهور البيئة وصـارت المعاجلـة إمـا مسـتحيلة وإمـا باهظـة التكاليـف وفي نهايـة القرن أخذت البيئة بعداً رئيساً للتنمية وأصبحت عنصراً جوهرياً يتكامـل معـه الاقتصـاد والمجتمـع لتكـون التنميـة مسـتدامة، وهي محصلة للتفاعل بين العناصر الثلاثة (الاقتصاد والبيئة والمجتمع)[11].

المحور الثاني: أبعاد و أهداف التنمية المستدامة:

أ(العسل 2006م)ولاً: ترتكز التنمية المستدامة على عدة عناصر أساسية تشكل أبعادها الثلاث:

البعد الاقتصادي والبعد الانساني الاجتماعي، والبعد البيئي([12]):

  1. البعد الإقتصادي: يعني هذا البعد زيادة رفاه المجتمع والقضاء على الفقر من خلال التقليل المتواصل في استهلاك دول الشمال المتقدمة من الطاقة والموارد الطبيعية، وتوظيف الموارد من أجل رفع مستوى المعيشة للسكان في الدول الفقيرة التي تقع في الجنوب.
  2. البعد الإنساني الاجتماعي: تسعى التنمية المستدامة إلى تحقيق الاستقرار في النمو السكاني ورفاه الناس من خلال تحسين مستوى الخدمات الصحية والتعليمية الأساسية، خاصة في المناطق الريفية وتحقيق الأمن الغذائي، وتحقيق أكبر قدر من المشاركة الشعبية والقوى في التنمية وتطوير الانتاج وتعزيز التضامن الاجتماعي، واحترام حقوق الانسان وتوفير الأمن وتنمية الثقافات المختلفة للمجتمعات.
  3. البعد البيئي: تعد مشكلة تغير المناخ من التحديات الكبرى لدول العالم وعليه فإن هذا البعد للتنمية المستدامة يتعلق بالحفاظ على البيئة والموارد المادية بها، والنهوض بها. ومن هنا فالتنمية المستدامة هي الاستخدام الأمثل للأراضي والموارد المائية والمحافظة على المساحات الخضراء. وهو ما أدى إلى ظهور ما يعرف بالاقتصاد (الأخضر).

وتعكس تلك الأبعاد جملة من الخصائص نلخصها فيمايلي:

  • مراعاة حق الأجيال القادمة في الموارد الطبيعية.
  • المحافظة على البيئة والمحيط الطبيعي بكل محتوياته .
  • الاهتمام بالجانب البشري كمحور أساسي في العملية التنموية وتلبية احتياجاته الأساسية بما يحفظ له كرامته وعيشته خاصة الفقراء.
  • إعطاء الحق لكل أفراد المجتمع في المساهمة في التنمية، واشراك الجميع في اتخاذ القرار وفقاً لتنوع خصوصية المجتمعات من الناحية الثقافية والدينية والحضارية ([13]( .

ثانياً: أهداف التنمية المستدامة:

كما سبق من التعريفات السابقة يتبن أن التنمية المستدامة تسعى عموماً إلى تحقيق العيش الكريم للإنسان، عن طريق الاهتمام بالموارد المالية والاقتصادية، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وضمان وجود المحيط المناسب لذلك، وتم الاتفاق بين الدول المشاركة على جملة من الأهداف التفصيلية التي ستعمل المجموعة الدولية على تحقيقها، وهي سبعة عشر هدفاً:

  • القضاء على الفقر.
  • القضاء التام على الجوع.
  • الصحة الجيدة والرفاه.
  • التعليم الجيد.
  • المساواة بين الجنسين.
  • الحياة النظيفة، والنظافة الصحية.
  • طاقة نظيفة، وأسعار معقولة.
  • العمل اللائق والنمو الاقتصادي.
  • الصناعة والابتكار، والهياكل الأساسية.
  • الحد من أوجه عدم المساوة.
  • مدن ومجتمعات مستدامة.
  • العمل المناخي.
  • الحياة تحت الماء.
  • الحياة في البر.
  • السلام والعدل والمؤسسات القوية.
  • عقد الشراكات لتحقيق الأهداف ([14]).

ثالثاً: المعوقات التي تقف أمام تحقيق التنمية المستدامة.

رغم الجهود العالمية والمحاولات الجادة لتحقيق مطلب التنمية المستدامة في جميع دولومجتمعات العالم، إلا أنه لا تزال تلك المحاولات قاصرة إلى حد كبير، وذلك لكثير من الأسباب من أهمها وأبرزها ([15]):

  1. العوائق البيئية:
  • التلوث البيئي: وهو من أبرز العوائق المؤثرة على تحقيق التنمية المستدامة، لأنه يؤثر على الوسط الحاضن لآلية للتنمية، والحيلولة دون استمرار الاستفادة من الوسط الطبيعي من خلال الإضرار بمقوماته.
  • استنزاف الثروات: وذلك من خلال الاستخدام غير الرشيد والجائر للموارد الطبيعية.
  1. العوائق الاجتماعية: ومن أهم صورها:
  • الفقر: وهو يساهم في ظهور الطبقية في المجتمع، وتعطيل النمو بصورة تجعل ضروريات استدامة الحياة حكر على طائفة دون طائفة، وهو يؤثر سلباً على فاعلية الأفراد وتأثريهم.
  • البطالة: وهي من أسباب الفقر ولها تأثير سلبي على تطور النمو واستمراريته.
  • النمو السكاني المتسارع.
  • الإرهاب وانعدام الأمن.
  1. العوائق الاقتصادية: ومن أهم صورها:
  • سوء توظيف الموارد المالية.
  • المديونية والفساد الإداري.

ومما سبق: يتضح أن الإنسان هو المتسبب الأبرز لوجود تلك العوائق، لذلك فمن شأن الإنسان أن يذل كثيرا من تلك العوائق ويسعى ويعمل لتحقيق الإستمرارية، ذلك لأنه يعد مدار العملية التنموية وهدفها، وهو أيضاً وسيلة تحقيقها، وينبغي مواجهة هذه العوائق بتغير سلوك الأفراد وعاداتهم وثقافتهم.

المحور الثالث: التنمية المستدامة من المنظور الإسلامي

أولاً: التنمية من المنظور الإسلامي.

يقوم التصور الإسلامي للتنمية في الاقتصاد الإسلامي من أن الله سبحانه وتعالى خلق الكون واستخلف الإنسان فيه ليعمره؛ قال تعالى: “هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا([16])“، أي خلق لكم الأرض لتقوموا بعمارتها وإعمارها وتزرعوها، وتستخرجوا معادنها، ومن هنا فإن هذا التصور هو شمولي يربط بين الكون والانسان بحيث لم يكتف الدين الاسلامي بالحث على التنمية بل جعلها مرتبطة بالجانب الأخروي؛ قال تعالى: “ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلائِفَ فِي الأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ([17])([18])، فهي تنمية أخلاقية روحية تعبدية تهدف إلى تنمية الإنسان وتكوينه كنواة الأساسس لمجتمع يركز على الرقي الحضاري والمادي من منطلق الإستخلاف والعمارة .

فتعريف التنمية المستدامة وفق الرؤية الإسلامية:

بعد الوقوف على ملامح الحياة التي ينشدها الإسلام للبشرية، يمكننا الوقوف على تعريفٍ للتنمية وفق المنظور الإسلامي يظهر منه سمات وطبيعة الحياة التي أراد الله تعالى للإنسان أن يحياها، ويسعى للوصول إليها بعمله واجتهاده، وهو:

“السعي للارتقاء بحياة الناس ماديًّا وروحيًّا بما يسعدهم في دنياهم وأخراهم، وفق السنن التي وضعها الله سبحانه وتعالى في الحياة، من غير إفساد أو إضرار أو إهدار للموارد، وبما يضمن حظوظ الأجيال كلها حاضرها ومستقبلها؛ حتى يتحقق لهم التكريم اللائق بهم”.

فيظهر مما تقدم أن التنمية: سعي وعمل دؤوب للوصول إلى حالة الإشباع المُحَقِّقة لسعادتهم، وفق سنن كونية وضعها الله سبحانه وتعالى، تنمية متوزانة وشاملة لا يطغى فيها جانب على آخر، فهي تنمية اقتصادية واجتماعية وإنسانية وبيئية وتقنية وإدارية، وهي تنمية مادية وروحية، تنمية تشاركية لا يقصى فيها أحد، ولا يحرم من ثمارها أحد، تنمية تحافظ على البيئة من التلوث والعبث والهدر، تنمية تعطي للأجيال الحاضرة حقها من غير إجحاف بحقوق الأجيال القادمة، تستخدم فيها أفضل الوسائل والسبل لتحقيق الاستثمار الأمثل للموارد المادية والبشرية في العمليات التنموية، ولاعتماد مبادئ العدالة في الإنتاج والتوزيع والعوائد، تنمية غايتها القصوى هي الإنسان كل الإنسان، فهي تسعى إلى الارتقاء المستمر به، حيث تقوم بتأهيله وإعداده ليقوم بعملية التنمية المنشودة من أجل تحقيق الرفاهية له في حياته، والوصول به إلى التكريم الذي أرداه الله له في هذه الحياة مُصْطَلِحًا فيها مع الله تعالى مُجْتَنِبًا لما حرمه الله تعالى ونهى عنه([19]).

قد لا يظهر كبير فرق بين مفهوم التنمية المستدامة حسب الرؤية الإسلامية وفق ما قدمناه وبين مفهومها في الاصطلاح المعاصر الذي تعارفت عليه البشرية من خلال المؤسسات الدولية ذات الصلة؛ إلا إننا يمكننا الوقوف على شيء من التفرد والتميز للتنمية في مفهومها الإسلامي، وتختلف فيه عن الرؤية المعاصرة للتنمية، ويظهر ذلك فيما يلي:

أولًا: التنمية في الإسلام ضرب من ضروب التعبد لله تعالى في الأرض يثمر لصاحبه خير الدنيا والآخرة.

ثانيًا: التنمية في الإسلام تشمل الجوانب المادية والروحية معًا.

ثالثًا: وجود مرجعية شرعية منضبطة تعلو على الأهواء، وهي هنا القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وهما زاخران بالتوجيهات والتكليفات التي تضبط عملية التنمية وتُرَشِّدها وتنأى بها عن عبث العابثين.

رابعًا: التنمية في الإسلام لا تعرف التفرقة بسبب الجنس أو اللون أو المعتقد أو العرق، فالجميع شركاء وكلهم مكلفون.

خامسًا: التنمية في الإسلام تكليف شرعي تصل مرتبته إلى درجة الفرض، وليست خيارًا للأفراد أو للأمم إن شاءوا قاموا به أو لم يقوموا، ويأثم كل مقصر في ذلك بحسب مرتبته ومنزلته[20].

ثانياً: أسس التنمية المستدامة من المنظور الإسلامي.

تتميز التنمية من المنظور الاسلامي بعدة خصائص أهمها([21]):

  1. الشمول:

إن المنظور الاسلامي لا يعرف الفصل بين ما هو مادي وما هو روحي؛ إذ لا يمكن معالجة قضايا التنمية بعيداً عن التوجهات العقائدية، فلا يعقل أن تحدث تنمية تضمن حرية التعبير ولا تضمن لقمة العيش للفقراء ( النظام الرأسمالي)، ولا تنمية تضمن الخبز للفقراء والمعوزين ولا تضمن حرية التفكير والمبادرة ( النظام الاشتراكي)؛ بل إن مبدأ الشمول يضمن تحقيق الحاجات الضرورية المادية من مأكل وملبس ومسكن وصحة وترفيه والعمل وحرية التعبير وكذا ممارسة الشعائر الدينية؛ وبالتالي فإن منطلقات التنمية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالمنطلقات العقائدية([22]).

  1. التوازن:

إن التنمية من المنظور الاسلامي تحقق التوازن بين الجوانب المادية الاقتصادية وبين الجوانب الروحية العقائدية والأخلاقية من جهة، والتوازن في المتطلبات بين القطاعات الاقتصادية نفسها فلا يمكن أن ننمي قطاع على حساب قطاع آخر، أو ننمي المدن على حساب القرى والأرياف، إذ يعطي الاستثمار كافة الأنشطة الضرورية للمجتمع، أو نقدم الكماليات أو التحسينات على الضروريات أو الحاجيات[23].

  1. العدالة:

ترتكز التنمية على مبدأ تحقيق العدالة والحرية والمساواة والتكافل الاجتماعي.فهي تضمن حد الكفاية لكل فرد من المجتمع حسب حاجاته إلا في الظروف الاستثنائية، كما تحرص على تحقيق العدالة في التوزيع وفق آليات تضمن حقوق الفقير والغني على حد سواء؛ من خلال آلية الزكاة والخراج والعشر والجزية مما يعني لا وجود في المجتمع جائع وإن وجد يتم التكفل به بشكل ملائم.

  1. الكفاية:

على عكس النظريات الاقتصادية للأنظمة الاقتصادي الوضعية التي تنطلق من أن المشكلة الاقتصادية تتمثل في ندرة الموارد المحدودة وعدم كفايتها لتلبية حاجيات الانسان اللامتناهية للوصول إلى كيفية ترشيد هذه الموارد لتلبية تلك الحاجات، يرى الاقتصاد الاسلامي أنه لا يوجد تناقض بين الموارد وكفاية الحاجيات، قال تعالى: “وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ ۖ وَسَخَّرَ لَكُمُ الليْلَ وَالنَّهَارَ وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ”([24])، وإنما المشكلة تكمن في انحراف سلوك الانسان نفسه وتصرفاته وانعدام ارادته الحضارية وفساد نظامه سواء من حيث ضعف الإنتاج أو سوء التوزيع؛ ولذا جاءت ضرورة تنمية الانتاج مع عدالة التوزيع([25]).

  1. الإنسانية:

تسعى التنمية من المنظور الاسلامي إلى رفاهية المجتمع وإسعاد الناس وتحريره من الاستغلال وتكريمه. فالإنسان لم يخلق ليكون همه الأكل والشرب والربح…. . مثلما تتضمنه ايدولوجيات الانظمة الاقتصادية الأخرى إنما خلق لتأدية رسالة ربانية يقوم بها في هذا الكون، ويكون بحق خليفة االله في أرضه([26]).

ثالثاً: أبعاد التنمية المستدامة من المنظور الإسلامي.

إن الأبعاد التي التنمية المستدامة تجسدت في توجهات الاقتصاد الاسلامي؛ ففي الاقتصاد الإسلامي لا مجال للفصل بين البعد المادي والروحي للإنسان، ويتجلى ذلك من خلال العلاقة الثلاثية التي يكون الإنسان السبب الأول والأساس في تحقيق التنمية المستدامة من المنظور الاسلامي، فالتنمية تنبع من الإنسان نفسه، ومن خلال تعامله مع محيطه، وليس مجرد تنمية الموارد الاقتصادية المتاحة لإشباع حاجياته، وهي([27]):

  • علاقة الإنسان بخالقه: يجسد البعد الإيماني التعبدي، فلا يمكن أن تكون بين الإنسان وربه علاقة مادية بحتة.
  • علاقة الإنسان بالطبيعة:وهو يجسد البعد البيئي؛ الذي لا يبتعد عن البعد الإيماني، فالإنسان بحاجة للطبيعة لتلبية حاجياته، والطبيعة بحاجة للإنسان لأنها تحتاج إلى من ينظفها ويزرها ولا يتلف خيراتها لتحافظ على توازنها.
  • علاقة الإنسان بالإنسان:وهو يجسد البعد التعاملي الأخلاقي. فالإنسان لا يستطيع إشباع حاجاته إلا من خلال أعمال الآخرين ومن هنا فإن الكل مكمل، وبالتالي فالإنتاج هو عملية اجتماعية بين الفرد والمجتمع أي ينتج الفرد له ولغيره ليحافظ من خلالها على التماسك الاجتماعي والعدالة الاجتماعية.

ومما سبق تبين أن أبعاد التنمية المستدامة تم تجسيدها منذ أربعة عشر قرناً مضت في اطار منظم وحضاري يكفل للجميع حقه في العيش والكرامة والحرية والعدالة والنظافة، ويضمن حقوق الأجيال المقبلة بأحداث تنمية والمحافظة على الطبيعة دون إفساد أو تبذير للموارد الطبيعية والبيئية، ويتحقق ذلك من خلال تفعيل آليات لتحقيق التنمية المستدامة من منظور إسلامي مثل: العمل المصرفي الإسلامي، ومؤسسة الوقف والزكاة ([28])… وغيرها من الآليات في التشريع الإسلامي تهدف إلى تحقيق تنمية مستدامة.

رابعاً: أهداف التنمية المستدامة من المنظور الإسلامي

ومن خلال التتبع لنصوص القرآنية والأحاديث الشريفة، فنلاحظ أن الإسلام يهدف من خلال هذه النصوص إلى تحقيق تنمية حقيقة مستدامة؛ أبرز أهدافها:

  1. القضاء على الفقر:

قال تعالى: “إنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ “.

  1. القضاء على الجوع وتوفير الأمن الغذائي والتغذية المحسنة وتعزيز الزراعة المحسنة المستدامة:

قال تعالى: “كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى”.

  1. الصحة الجيدة والرفاه:

قال تعالى: “يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ”.

  1. التعليم الجيد:

قال تعالى: “قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ”.

  1. العمل اللائق ونمو الاقتصاد:

قال صلى الله عليه وسلم: “عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ، خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ”[29].

وغيرها الكثير من الأهداف.

الخاتمة والنتائج والتوصيات:

أولاً: الخاتمة

وفي ختام هذا الدراسة عن التنمية الإسلامية من المنظور الإسلامي؛ المتمثلة في الإيجابة عن أسئلة البحث.

وقد حاولت الباحثة تسليط الضوء على ماهية التنمية بشكل عام، وتعريف التنمية المستدامة وأبعادها، ووأهميتها وأبعادها، من منظور الفكر الغربي الحديث، وتعريف التنمية المستدامة من المنظور الإسلامي، وذكر الأبعاد التنمية المستدامة من المنظور الإسلامي والأسس القائمة عليه نظرية التنمية المستدامة الإسلامية، والفروق بين التنمية المستدامة من المنظور الغربي والتنمية المستدامة الإسلامية.

وقد خلصت الدراسة إلى سبق الشريعة الإسلامية إلى تعريف وتطبيق التنمية المستدامة قبل أن يعرفها الغرب بعشرات القرون، فالأجيال القادمة في المنهج الإسلامي لها حق في ثروات الأجيال الحاضرة، فالإسلام يسعى من خلال عملية التنمية توفير الحياة الطيبة الكريمة لكل إنسان؛ حياة تسمو بالروح والجسد، يسود فيها الأمن والعدل والحرية والمساواة، وتخلو من شبح الجوع والخوف والطبقية المقيتة، وتراعي العدالة في توزيع الدخول والثروة حتى لا يكون المال دولة بين الأغنياء وحدهم، حياة توازن بين منافع الأجيال الحالية والأجيال المستقبلية، وهذه نظرة الإسلام لتنمية المستدامة..والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات…..

ثانياً : نتائج الدراسة

  1. إن من أهم أهداف التنمية المستدامة هي الحفاظ على البيئة ومواردها الطبيعية والتقليل من التلوث؛ وحماية البيئة للأجيال القادمة.
  2. أن التنمية في الإسلام هي تنمية مادية وروحية مبنية على استخلاف الله لإنسان في الأرض لعمارته، وفلسفته في العلاقة بين الإنسان والكون ومالكهما رب العالمين. من خلال هذه المفاهيم تجمع التنمية في الإسلام بين التنمية الروحية والمادية ويُعلي من شأن النفس الإنسانية، والذي يُمَكِّنها من أداء دورها في تعمير الكون وتحقيق العبودية الخالصة لخالق هذا الكون وحده؛ من خلال ربط عمارة الأرض والاستخلاف بإرضاء الله عز وجل.
  3. توصلت الدراسة إلى سبق الإسلام لتعريف وتطبيق التنمية المستدامة قبل أن يعرفها الغرب بعشرات القرون، وسن التشريعات لحماية البيئة ولتحريم الإعداء على مقدراتها؛ وفرض من التشريعات ما يضمن حقوق الأجيال القادمة وحرمة التعدي على مقدرات البيئة لحمايتها لأجيال القادمة، وبقدر حرص الإسلام على تحقيق النفع للأجيال الحالية فإنه يضع نصب عينيه منافع الأجيال القادمة، فهو يجعل من تطبيق التنمية المستدامة واقعاً ملموساً.
  4. أهداف التنمية المستدامة من المنظور الإسلامي هي أهداف شاملة، ومتنوعة، شملت جميع نواحي الحياة، وهي من مستلزمات العيش الكريم والإزدهار وعدالة التوزيع، وتكوين حضارة عريقة وعظيمة، طابعها العدل والإنصاف، مع ضمان حقوق الأجيال القادمة.

ثالثاً: التوصيات

  1. تبنى برامج حقيقية لتشجيع القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني للانخراط في البرامج التنموية والمستدامة.
  2. الدعوة لقيام المؤسسات والهيئات البيئية برفع مستوى الوعي البيئي والتطوعي لدى المواطنين، ونشر الوعي لخطورة الدهور البيئي من الممارسات والأنشطة الخاطئة، وذلك عن طريق استخدام وسائل الإعلام المختلفة لنشر الوعي بالقضايا البيئية ومشكلاتها.
  3. الاستفادة وتطوير من صيغ التمويل الإسلامي التي تعمل على تحقيق تنمية حقيقة ومستدامة من خلال الاقتصاد الذي هو أهم أبعاد التنمية المستدامة؛ فالشريعة الإسلامية مليئة بصيغ التمويل الخيري والتجاري التي تعمل على تحقيق الاستدامة والربحية.

أولا: المصادر:

  1. سورة آل عمران،الآية: 164
  2. سورة النور، الآية: 21.

سورة التوبة، الآية: 102.

سورة يونس، الآية: 14.

سورة ابراهيم، الآية: 33، 34.

 محمد بن إسماعيل البخاري، صحيح البخاري، بيروت، 2018م، طبعة: دار الرسالة.

ثانياً المراجع:

Bibliography

., أهداف التنمية المستدامة في القرآن والسنة،. n.d. https://islamicreporting.org.

،, عوف محمود الكفراوي. 2000م . التوسع في آليات الاقتصاد الاسلامي لتحقيق التنمية المستدامة، بحوث في الاقتصاد الإسلامي.القاهرة : مؤسسة الثقافة الجامعية .

1993م،, ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب، باب نمى، دار الصادر بيروت،. 1993م. لسان العرب .بيروت : دار الصادر.

2003, عبد القادر، محمد عطية، اتجاھات حديثة في التنمية، الدار الجامعية، اسكندرية،. 2003م . اتجاهات حديثة في التنمة .اسكندرية : الدار الجامعية.

التنمية, مجيد محسن محمد العصفور، دور الإسلام في دعم قضايا. 2004م . دور اف.كوبنهاجن : كلية التجارة والاقتصاد بالأكاديمية العربية في الدنمارك .

n.d. الرؤية الإسلامية للتنمية المستدامة، https://www.alshareyah.com. .

العسل, ابراھيم حسين. 2006م. الفكر الإسلامي: مفاهيم_مقومات_ أساليب.بيروت : المؤسسة الجامعية .

الفنجري, محمد شوقي. 1981م. المذهب الاقتصادي في الإسلام .جدة : شركة عكاظ لنشر والتزيع .

الكبيسي, عامر. 2019م. دراسات حول التنمية المستدامة.الرياض : جامعة نايف للنشر.

بوقرة, خبابة عبد الله، رابح. 2009م . الوقائع الاقتصادية، العولمة، التنمية المستدامة.اسكندرية : مؤسسة شباب مصر .

ساسي, فراس بن. 2018م. التنمية المستدامة في السنة النبوية .تونس : جامعة زيتونة.

غانم, سمر خيري مرسي. n.d. معوقات التنمية المستدامة في الدول الإسلامية .على النت .

محمد., مدحت أبو النصر/ ياسمين. 2017م . التنمية المستدامة،مفهومها، أبعادها .القاهرة: المجموعة العربية للنشر .

Margins:

  1. : ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب، باب نمى، دار الصادر بيروت، 1993م، ج15، ص341.
  2. : عبد القادر، محمد عطية، اتجاھات حديثة في التنمية، الدار الجامعية، اسكندرية، 2003 ،ص 11.
  3. : سورة النور، الآية: 21.
  4. : سورة التوبة، الآية: 102.
  5. : سورة آل عمران، الآية 164.
  6. : مجيد محسن محمد العصفور،دور الإسلام في دعم قضايا التنمية، رسالة قدمت لنيل درجة الدكتوراه، كوبنهاجن، كلية التجارة والاقتصاد بالأكاديمية العربية في الدنمدرك، 2004م، ص31.
  7. : المرجع السابق.
  8. : بتصرف: ابن منظور، أبو الفضل، لسان العرب، ج5، 329،323.
  9. : فراس بن ساسي، التنمية المستدامة في السنة النبوية، رسالة مقدمة لنيل درجة الماجستيرفالحديث النيوي، جامعة الزيتونة، تونس، 2018م.
  10. : مدحت أبو النصر/ ياسمين محمد، التنمية المستدامة،مفهومها، أبعادها، مؤشراتها،المجموعة العربية للنشر، القاهرة، 2017م، 82.
  11. : عامر الكبيسي، دراسات حول التنمية المستدامة، جامعة نايف للنشر، الرياض، 2019م، 171،172.
  12. : خبابة عبد الله، رابح بوقرة، الوقائع اقتصادية، العولمة ، التنمية المستدامة، مؤسسة شباب مصر، اسكندرية، 2009، 324.
  13. : المرجع السابق.
  14. :التنمية المستدامة في السيرة النبوية، ص11، مرجع سابق.
  15. : بتصرف: سمر خيري مرسي غانم، معوقات التنمية المستدامة في الدول الإسلامية، ص 5-15، منشور على النت .
  16. : سورة هود، الآية 61.
  17. : سورة يونس، الآية: 14.
  18. : الرؤية الإسلامية للتنمية المستدامة، https://www.alshareyah.com.
  19. : المرجع السابق.
  20. : ابراھيم حسين العسل، التنمية في الفكر الإسلامي: مفاهيم_ عطاءات_مقومات_أساليب، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، 2006، ص101.
  21. : المرجع السابق.
  22. :محمد شوقي الفنجري، المذھب الاقتصادي في الإسلام، شركة عكاظ لنشر والتوزيع، جدة، 1981، ص99.
  23. : سورة ابراهيم، الآية: 33، 34.
  24. :الفنجري، نحو اقتصاد إسلامي، ص65.
  25. : ابراهيم العسل، التنمية في الفكر الإسلامي،ص101.
  26. : ابراھيم حسين العسل، مرجع سابق ، ص105.،
  27. :التوسع في آليات الاقتصاد الاسلامي لتحقيق التنمية المستدامة، ص90
  28. : الإمام البخاري، صحيح البخاري، ج2، ص123، طبعة الرسالة.