دور الوكالات الإشهارية في ازدهار سوق الإشهار بالمغرب

خولة لحبوبي1

1 باحثة في درجة الدكتوراه، كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية – جامعة إبن طفيل – القنيطرة (المغرب)

بريد إلكتروني: lahboubikhawla@gmail.com

HNSJ, 2023, 4(8); https://doi.org/10.53796/hnsj482

Download

تاريخ النشر: 01/08/2023م تاريخ القبول: 10/07/2023م

المستخلص

تسلط هذه الدراسة الضوء على أهمية الوكالات الإشهارية ودورها في انتشار الإشهار بالمغرب باعتباره فنا تواصليا يهتم بالجانب الترويجي للسلع والخدمات والمنتجات ، أنعش الحياة الاقتصادية بالمغرب . ذلك البلد الذي اعتمد فيه الإشهار بداية على الوسائل التقليدية والتي لم تكن تحتوي على أي تفاعل أو تحاور مع الفرد المتلقي لاكتفائها بالإعلان عن السلعة أو الخدمة دون تقديم معلومات تفصيلية وأهم تلك الوسائل : البراح والدلال والعطار ، إلا أنه وعلى الرغم من بساطتها ، استطاعت أن ترسم بداية للظاهرة الإشهارية وتحقق الهدف وتحتل مساحة من التراث المغربي وتشكل قوة إنتاجية كبيرة . إلى أن هبت بعد ذلك رياح التغيير وخلقت من المجتمع المغربي مجتمعا استهلاكيا يقبل على استهلاك السلع الجديدة والترفيهية وخاصة تلك التي أدخلها الأوروبيون إلى المغرب أثناء فترة الحماية . وقد كان لتلك الشركات المستقلة والتي عرفت بوكالات الإشهار الفضل في الوصول إلى المستهلك بما قدمته من أفكار ودلالات فنية بواسطة فنيين ومبدعين متخصصين في عالم الإشهار.

الكلمات المفتاحية: الوكالات الإشهارية ، الظاهرة الإشهارية ، القوة الإنتاجية ، المجتمع الاستهلاكي ، الدلالات الفنية.

Research title

The role of advertising agencies in the prosperity of the advertising market in Morocco

Khawla Lahboubi1

1 PhD researcher, Faculty of Humanities and Social Sciences – Ibn Tofail University – Kenitra (Morocco)

Email : lahboubikhawla@gmail.com

HNSJ, 2023, 4(8); https://doi.org/10.53796/hnsj482

Published at 01/08/2023 Accepted at 10/07/2023

Abstract

This study highlights the importance of advertising agencies and their role in the spread of advertising in Morocco as an art of communication concerned with the promotional aspect of goods, services and products, having flourished economic life in Morocco, where advertising initially relied on traditional means, which did not include any interaction or dialogue with the individual recipient as it sufficed to advertise the good or service without providing detailed information. Among these traditional means, we can quote the town crier, the druggist and the auctioneer. Such means, in spite of their simplicity, were able to draw the beginning of the advertising phenomenon, to achieve their objective, to make a place for itself in the Moroccan heritage and to constitute a great productive force. From there until a wind of change has blown and made Moroccan society a consumer society that devotes itself to the consumption of new and leisure goods, in particular those introduced by Europeans in Morocco during the period of the protectorate. These independent companies, known as advertising agencies, had the merit of reaching the consumer with the ideas and artistic meanings they provided through artists and creators specializing in the world of advertising.

Key Words: advertising agencies, advertising phenomenon, productive force, consumer society, artistic meanings.

المقدمة

إن البحث في تاريخ الإشهار بالمغرب يشكل أهمية كبرى ، باعتباره المورد الأول للمعلومات المستخدمة للتعريف بالسلع والخدمات ، ونمطا من أنماط التواصل ، شكل جزءا من حياة الإنسان داخل المجتمع ، كما استطاع أن يفرض نفسه على جميع الأصعدة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ، فلا نجاح اقتصادي بدون إشهار ، إنه المحرك الأساسي للحركة الاقتصادية . كما أن الوكالات الإشهارية أو الدعائية تعتبر الداعم الأساسي للظاهرة الإشهارية وذلك بخلق نسق تواصلي يجمع بين المشهرين والمستهلك أي الجمهور المتلقي فهي المنتج للومضات الإشهارية لكل المؤسسات الاقتصادية تعرف بمنتوجاتها عند إطلاق الحملات الدعائية من طرف خبرائها ومهنيها في صناعة الإشهار ، وهنا يكمن دورها كشركات مستقلة ذات ملكية خاصة شكلت ارتباطا وثيقا بحقل الإشهار فاعتبرت بذلك طرفا هاما في العملية الإشهارية .

وقد تطورت وتزايدت نشاطات الوكالات الإشهارية عبر دول العالم ومنها المغرب ، الذي عرف نشأة هذه الشركات مع بداية القرن العشرين على يد الفرنسيين واكتسحت مجالات الإشهار ليتم بعدها إنشاء وكالات إشهارية لمهتمين ومختصين مغاربة في عالم المال والاقتصاد .

أهمية البحث :

تسليط الضوء على ظهور وسائل ذات أهمية بالغة تعرف بالوكالات الإشهارية أو الإعلانية ، ودراستها من منظور تاريخي ونشأتها وتطورها إلى أن تفجرت من خلالها طاقة تواصلية في عالم الإشهار عملت على تحفيز الجمهور المستهلك ، كما أبرزت الدراسة مدى أهمية الوكالات الإشهارية ودورها في انتشار الإشهار بالمغرب .

أهداف البحث :

يتوخى هذا العمل تحقيق جملة من الأهداف أهمها :

– التعرف على دور الوكالات الإشهارية في انتشار الظاهرة الإشهارية بالمغرب

– القيام بدراسة تاريخية للوكالات الإشهارية وتعريف القارئ بالمراحل التي قطعتها كوسائط تهدف إلى إقناع الجمهور على استهلاك سلعة أو الاستفادة من خدمة .

– إبراز العلاقة الارتباطية بين الوكالة الإشهارية والإشهار كفن تواصلي من أجل خلق نشاط إقناعي ناتج عن هذا الترابط لتحقيق الغاية الربحية بكفاءة عالية وقدرة فنية على الإقناع .

إشكالية البحث :

الإشهار ظاهرة تواصلية عبرت العديد من المسافات وقطعت الكثير من الأشواط ، فمنذ أن عرف الإشهار وهو مالئ الدنيا وشاغل الناس وسيد الاقتصاد والترويج والتسويق لكل شيء ، إلى أن أصبح جزءا من حياة الناس بل هو حياتهم برمتها . ولكي ينجح المشهر في الترويج لمنتجاته وإقبال الناس عليها عليه أن يعتمد على أداة توصله بالمستهلك فكان للوكالة الإشهارية التسيد في هذا المجال ، ولدراسة هذه الوسيلة الاتصالية تطرح إشكالية تتلخص في التساؤلات التالية :

1 – إلى أي حد استطاع أباطرة الصحافة والإشهار الأجانب الانخراط في عالم الإشهار والتمكن من نشره بالمغرب عبر وسائلهم المعروفة آنذاك ؟

2 – ما هي حدود هذه الوسيلة الاتصالية (الوكالات الإشهارية) في التعريف بمجال الإشهار الخصب ، والوسائل التي وظفت للوصول إلى الأهداف المتوخاة ؟

3 – كيف تمكنت الوكالات الإشهارية الأجنبية من اكتساح مجال الإشهار باستقطاب منتجين في عالم المال والأعمال من مغاربة وأوروبيين ؟

1 – مفهوم الإشهار

وضعت عدة تعريفات للإشهار باعتباره قوة فعالة لها تأثيرها في الحياة اليومية للأفراد ، ويرجع الاختلاف أساسا إلى كون موضوع الإشهار متعدد الأبعاد والتطبيقات ، ولدراسة هذه الظاهرة والوقوف على دورها منذ القدم لابد من وضع تعريف يحدد المعنى الاصطلاحي للإشهار ، هذا الفن الذي يحمل ” نسقا من القيم والمواقف الأخلاقية والاقتصادية والجمالية التي تميز نموذج حضارتنا (1) .

وعرف الإشهار من الناحية الاصطلاحية بأنه : ” وسيلة غير شخصية لتقديم الأفكار والمنتجات والخدمات وترويجها بواسطة جهة معلومة مقابل أجر مدفوع ” (2) .

ومن التعريفات المشهورة للإشهار ما ذكره “أوكسنفيلد” «Oxenfeld» بأنه : ” عملية اتصالية تهدف إلى التأثير على المشتري من خلال إجراءات ووسائل غير شخصية يقوم بها البائع ، حيث يفصح المعلن عن شخصيته ويتم الاتصال من خلال الوسائل العامة ” (3) .

وجاء في تعريف “أرموند دايان” «Armand Dayan» : ” بأنه تواصل مؤدى عنه يعتمد خطاطة تواصلية وحيدة الاتجاه ، تتحقق من خلال وسائط وأسناد متنوعة وذلك من أجل الترويج لمنتج أو ماركة أو شركة أو مرشح ، يمكن التعرف عليه من خلال الإرسالية ” (4) .

ويعرف الإشهار بأنه مجموعة الوسائل المستعملة لممارسة تأثير سيكولوجي على الجمهور وتعريفه بمنتوج معين ، أو مقاولة صناعية أو تجارية معينة ، وعند الاقتضاء التعريف بشخص يمكن له أن يجني منفعة من هذه الشهرة (5) .

ويمثل الإشهار أحد الأنماط التواصلية الأساسية لترويج البضائع والسلع عبر الوسائط الإعلامية الشفوية أو المكتوبة أو المرئية الثابتة أو المتحركة بأسلوب مباشر (6) .

وفي المغرب عرف القانون 03/77 المتعلق بالاتصال السمعي البصري في مادته الثانية الإشهار بأنه : ” كل شكل من أشكال الاتصال الإذاعي أو التلفزي خاصة عن طريق الصور والرسوم والأشكال والخطابات المكتوبة أو الشفوية موجهة من أجل إعلام الجمهور ، أو لفت انتباهه بهدف تشجيع استهلاك منتجات أو خدمات وذلك في إطار نشاط تجاري أو صناعي أو مهني أو حرفي أو زراعي أو أي مهن أخرى أو التعريف بمؤسسة عامة أو خاصة ” (7) .

وخلاصة القول فالإشهار يحمل مفاهيم شتى تختلف باختلاف ميادين العلم والمعرفة ، فإذا كان بمفهومه الشاسع يدل عن الإخبار عن الشيء والتعريف به ، وإيصاله إلى جمهور المستهلكين فإنه يبقى عصب التجارة وصوت الاقتصاد .

ومن الجدير بالذكر أن للإشهار ثلاثة أطراف : المشهر وإدارة الإشهار ووكالة الإشهار التي نحن بصدد الحديث عنها في هذا الموضوع نظرا لما تشكله من دور هام في العملية الإشهارية ولكونها حلقة هامة في النشاط الإشهاري .

2 – الوكالات الإشهارية

تعرف الوكالة الإشهارية بأنها : ” مجموعة من الكفاءات البشرية المتميزة التي تمتلك مواهب خاصة تعمل وفق قواعد اقتصادية لتقوم نيابة عن العميل بتوصيل أهدافه الاتصالية التي تسهم في تحقيق أهدافه التسويقية بأنسب الوسائل وأكثرها فعالية (8) .

ويطلق في الغالب على الوكالة الإشهارية إسم الوكالة الإبداعية ، فهي شركة مخصصة لإنشاء الإشهارات والتخطيط لها والتعامل معها واعتماد الأشكال العديدة للترويج والتسويق لعملائها ، وتشير الدراسات إلى أن وكالات الإشهار الناجحة يكون لديها شعور مشترك مع عملائها بملكية العملية الإستراتيجية وبناء علاقات جيدة معهم ومعرفة أهدافهم وكسب ثقتهم ، وقد أسس “فرانسيس أيير” وكالة إشهارية سنة 1884 تخصصت في مجال الإشهارات وعرفت بأنها أقدم شركة إشهارية في الولايات المتحدة ، وهي وكالة ذات خدمات متكاملة يقوم صاحبها بإنجاز العمليات الإبداعية وإعداد الإشهارات فنيا وكتابتها وإخراجها وتخطيطها لصالحه ، أما الوكالات الأخرى فلم يكن لديها هذه الخدمات ، بمعنى أنه لم يكن يبيع المساحات الإشهارية نيابة عن الصحيفة وإنما يشتري مساحات إعلانية نيابة عن المعلن ، فضلا على أنه كان يعد المادة الإشهارية أي العمل الفني ، كما أجرى أول دراسة سوق في التاريخ (9) .

وفي سنة 1900 تمكن “جورج رويل”«George Rowell»  من التوصل إلى فكرة ذكية حيث كان يشتري المساحات الإعلانية من الصحف بالجملة وبكميات كبيرة ويدفع فيها ثمنا قليلا ثم يعيد بيعها للمعلنين ويحقق من ذلك أرباحا طائلة .

الإطار التاريخي للوكالات الإشهارية

يوصل تتبع الحركية التاريخية لعملية النقل الاشهاري إلى التطرق للبعد التاريخي للوكالات الإشهارية والتي بدأت بالتكاثر بدءا من نهاية القرن التاسع عشر ، فقد سعت منذ قيامها إلى اقتحام مناطق جديدة ، كما أنها عملت منذ نشأتها على مصاحبة عملية التبادل التجاري والاقتصادي ويتجلى أول نشاط لهذه الوكالات المختصة في ولوج عالم الصحافة الأجنبية من خلال عملية الوساطة التي كانت تضطلع بها بين المعلنين ومسيري الصحف وذلك عن طريق شراء مساحات إعلانية خصوصا في البلدان التي كانت تعرف رقيا اقتصاديا مثل بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية ، وتطور مع الأيام دور الوكالات الإشهارية إذ تكلفت مع نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين بتقديم النصائح للمشهرين ، وأصبحت تساهم في تصميم الرسائل الإشهارية ، والأهم من ذلك كله المساهمة في ترجمة النصوص التي تتخذ من الصحافة الأجنبية قنوات لتمرير رسائلها (10) .

وكالة هافاس الفرنسية للإعلان والإشهار

عند الحديث عن أوروبا وإنشاء الوكالات التجارية للإعلان والإشهار يتبادر إلى الذهن الوكالة الفرنسية هافاس ، أقدم الوكالات الأوروبية والعالمية على الإطلاق فقد بدأ تاريخ هذه الوكالة كوكالة ترجمة متواضعة للصحف الأجنبية أسسها “تشارل لويس هافاس”«Charles louis havas» سنة 1835 وهو تاجر سابق تحول إلى صحفي بعد إفلاسه عام 1825 ، ويتمثل النشاط الأصلي لهاته الشركة الباريسية الصغيرة في ترجمة البيانات والأخبار التي تنشرها الصحف الجديدة وتجميعها ونشرها في الصحف الفرنسية (11) .

ويعتبر شارل هافاس اليهودي الفرنسي ، أول من أطلق اسم وكالة الأنباء على الوكالة التي حملت اسمه ، وكانت أول وكالة تمارس تجارة الأخبار والإشهار في العالم ، وقد استفاد هافاس من الخبرة التي تكونت منذ القرن 16 لدى الصرافين في مراسلاتهم ، واستفاد خاصة من الحادثة التي سمحت لأسرة روتشلد التي كانت تمارس المراسلة مع الصرافين أن تصبح من الأسر الثرية بعد انتصار إنجلترا في معركة واترلو ، واستفاد هافاس كذلك من الموقع الهام لمكتبه الذي افتتحه عام 1832 وسط العاصمة الفرنسية باريس بالقرب من مركز البريد وبورصة باريس التجارية ، والمحكمة ، ومقرات الصحف الباريسية (12) .

وأمام تزايد إنشاء الوكالات الإشهارية ، أصبح المعلنون في جميع أنحاء العالم يعتمدون على وكالات الإشهار بصفة أساسية في إعداد حملاتهم الإشهارية ، والإشراف عليها بما في ذلك البحوث واختيار الرسائل وتخطيط الحملات الإشهارية ، وكتابة الاستراتيجيات وما إلى ذلك من وظائف وأدوار تقوم بها وتلعبها وكالات الإشهار(13).

نشأة الوكالات الإشهارية بالمغرب

بدأت وكالة هافاس الإعلامية والإشهارية في المغرب سنة 1904م، وذلك بعد أن أسسها الإعلامي الفرنسي “شارل هافاس”«Charles havas» بفرنسا في القرن التاسع عشر ، كما سبق ذكره ، وقد استمر نشاط هذه الوكالة التجارية ما يقرب من أربعين سنة في المغرب لتتحول إلى وكالة الأنباء الفرنسية سنة 1944 ، وتصبح وكالة “فرانس بريس” (AFP) (Agence France Presse) (14) .

أ – الوكالة المغربية للإشهار والأخبار

سيطرت مجموعة “ماص” في ظرف وجيز على ثلاث جرائد يومية كبرى كان مفروضا عليها أن تنخرط في خدمات وكالة “هافاس” التي كانت تهيمن آنذاك على قطاع الأخبار والإشهار ، وقد اشتهرت هذه الوكالة باسم “أمبي”«A.M.P.I»  (L’agence marocaine de publicité et d’informations) ، وقد ازدهرت مجموعة ماص أكثر فأكثر بعد استحواذها على “لافيجي ماروكين” «La vigie marocaine» وإنشائها لوكالة الدعاية والإعلان المغربية في 5 دجنبر 1923 برأس مال بلغ 100.000 فرنك مقسمة إلى 1000 سهم (15) .

والجدول التالي يوضح وضعية المساهمين في هذه العملية :

المشاركون عدد الأسهم المبلغ الإجمالي
La S.G.R.M. 499 49.900 Frs.
La Société Anonyme

La Vigie Marocaine

492 49.200 Frs.
Pierre Mas 5 500 Frs.
Antoine Mas 1 100 Frs.
Alexandre Gerbaud

(Administrateur de La Vigie Marocaine)

1 100 Frs.
Charles Grimaud 1 100 Frs.
Louis Grimaud

(Administrateur du Petit Marocain)

1 100 Frs.
1.000 100.000 Frs.

(16)

ب – الشركة المغربية للملصق والإشهار والطباعة

أعلن عن تأسيس الشركة المشهورة باسم (Maroc-affiche) يوم 15 مارس 1938 من قبل “شارل كريمو” «Charles Grimaud» و “أوجين تيسو”«Eugène Tissot»  ، وتقوم هذه الشركة بكل أعمال الإلصاق والإشهار والطباعة بالمغرب وفرنسا ومستعمراتها ومحمياتها . واتخذت مقرها بالدار البيضاء ، ويبلغ رأسمالها 220 فرنك موزعة على 2200 سهم من فئة 100 فرنك للواحد ، وقد تضمن الأصل التجاري لهذه الشركة الزبائن الدائمين والمؤقتين وعقود الإشهار المبرمة والمدخرات والألواح الإشهارية والواجهات الجدارية وكل ما يتعلق بالإشهار والإلصاق . وقد تزايدت بعد ذلك الوكالات الإشهارية مما أتاح الفرصة للمنافسة والابتكار ورفع مستوى الجودة في مجال الإشهار وظهور أساليب جديدة . ولم تكن إشهارات هذه الشركة تغطي صفحات الجرائد والدوريات والفهارس فقط بل كانت تشمل أيضا مجموعة من الجدران واللافتات والألواح الإشهارية ، فمن المعلوم أنها كانت قوية في ميدان الملصقات الجدارية وتملك أهم أماكن الإلصاق وأحسنها بالدار البيضاء وغيرها من مدن المغرب (17) .

وتجدر الإشارة إلى أن الوكالة المغربية للإشهار والإلصاق تمكنت من اكتساح 90% من مجال الإشهار فقد تحقق لها ذلك بفضل استقطاب مختلف المنتجين بالمغرب وفرنسا من صناع وتجار محليين وحرفيين ورجال أعمال مما وفر لها دخلا ماليا متزايدا مكنها من تجهيز فروعها بأطر متنوعة الخبرات ، إلى جانب ذلك شغلت الشركة المئات من المتعاونين وسماسرة الإشهار ، وهذا ما جعل وكالات الإشهار الميتروبولية تقتصر في التعامل معها دون غيرها من وكالات الإشهار بالمغرب وذلك من خلال مكاتبها القارة بباريس . وقد سمحت تجهيزات الشركة بتحقيق رقما قياسيا في شمال إفريقيا رتبت على إثره في مصاف شركات الإشهار الميتروبولية الكبرى (18).

والملاحظ أن هذه الشركة اعتمدت الإشهار نشاطا لها بصورة أساسية كما استغلت الإشهار بجميع أشكاله .

وفي سنة 1940 ابتلعت مجموعة “ماص” شركة “لاديبيش ماروكين” التي تحولت إلى شركة مجهولة الاسم إلا أن هيمنة المجموعة على الشركة وجريدتها لم تستمر إلا فترة قصيرة امتدت من فاتح سبتمبر 1940 إلى 17 يناير 1946 (19) .

وقد عرف يوم 24 أكتوبر 1947 انعقاد الجمع العام الاستثنائي ، والذي كان من ضمن مقرراته الاستغناء عن مصلحة الأخبار ، وإلغاء استقبالها وتوزيعها ، وتوسيع محطة الإشهار والإعلان والإلصاق وذلك ضمن البند الثاني للقانون الأساسي للشركة ، والذي تمكنت بموجبه من الترامي على شركات أخرى تمارس نفس النشاط ، ونتيجة لذلك قرر الجمع العام تعديل الإسم التجاري للوكالة والذي أصبح (الوكالة المغربية للإشهار) (L’agence Marocaine de Publicité) (20) .

تطور قيمة أرباح أسهم الوكالة المغربية للإشهاريين 1948 – 1956

السنة المالية القيمة بالفرنك
1948 40
1949 60
1950 80
1951 100
1953 150
1954 50
1955 50
1956 40

(21)

وبالنظر إلى الأهمية الكبرى للوكالات الإشهارية باعتبارها مؤسسة متخصصة تعمل في خدمة النشاط الإشهاري للمعلنين ، وتقوم بعملية التخطيط والتنفيذ للإشهار ، وتتوفر على مجموعة من المتخصصين في إدارة الإشهار (22) ، فقد عرفت السنوات الموالية إنشاء وكالات إشهارية من طرف مهتمين ومتخصصين مغاربة في عالم الإشهار ، وذلك قصد إدخال المغرب إلى هذا القطاع الذي كان يسيطر عليه الفرنسيون من قبل .

فقد عرفت ستينيات القرن الماضي تأسيس أول وكالة إشهارية مغربية وهي وكالة “سينما بريس” والتي انطلقت سنة 1969 وتخصصت في إنتاج الأفلام الإشهارية ، وكانت الأولى التي أطلقت فكرة سينما القرية وهي عبارة عن قافلة سينمائية للإشهار ، مكونة من سيارتين للتجول في الأسواق لعرض الأفلام الإشهارية بالليل وعبر المكبرات الصوتية بالنهار .

ومع بداية السبعينيات ازدان المشهد الإعلاني بالمغرب بميلاد ثلاث وكالات إشهارية : “شمس النهار” التي أسسها “نور الدين عيوش” سنة 1972 ، و “طوب إشهار” التي أطلقتها سنة 1974 “كوليت عمرام” ، ثم “كليم” التي جاءت سنة 1976 حاملة توقيع “حميد قادري” وشريكتين له سينسحبان لاحقا .

وقد مر أصحاب هذه الوكالات وتمرنوا على يد “هافاس” ، فكانوا فرسان الإشهار بامتياز في المغرب ، وقد اتسم هؤلاء بالتجديد والجرأة والسير بالإشهار في الاتجاه المعاكس تماما لما رسمه سابقوهم ممن ظلوا محكومين بالإرث الثقيل لأسلوب الإشهار الفرنسي . فاستطاعوا أن يرسموا ويعبدوا طريقا يقوم على القرب من الجمهور المستهدف (23) .

وتعتبر وكالة المشتهر المغربي “نور الدين عيوش” التي أطلق عليها اسم وكالة “شمس للإشهار” في المغرب سنة 1972 ، من أكبر الوكالات الإشهارية بالمغرب (24) ، بين عتمة دهاليز الإشهار السرية ، أضاء نور الدين عيوش صاحب وكالة ” شمس “ المتخصصة في الإعلان والتسويق ، بعض زوايا الظل وبدد بعض اللبس والغموض حول الإشهار في المغرب كمجال محكم للاستثمار والإبداع والابتكار أيضا ، حيث شدد على أهمية الإشهار ودوره معتبرا إياه مماثلا لصناعة المنتوج نفسه ويرى رجل الإشهار عيوش

أن أهمية الوكالة الإشهارية ودورها الهام يتجلى في تنفيذ المرحلة الهامة والأخيرة في صناعة الإشهار وهي تسليم الوصلة الإشهارية إلى الوكالة المتخصصة من أجل إفشاء المساحة الإشهارية ، والبحث عن السبل والقنوات المناسبة لتمرير الخطاب الإشهاري عن طريق اختيار المحطة الإذاعية أو التلفزيونية المناسبة (25).

وقد ساهم ظهور الوكالات الجديدة خلال النصف الأول من عقد السبعينيات في تراجع نسبي لنشاط وكالة “هافاس” بالمغرب (26) .

C:\Users\user\AppData\Local\Microsoft\Windows\INetCache\Content.Word\IMG_20210418_162403_982.jpg C:\Users\user\AppData\Local\Microsoft\Windows\INetCache\Content.Word\IMG_20210418_162343_838.jpg

إشهار الطماطم عايشة إشهار البنك الشعبي

وقد اعتبرت هذه الحقبة ذات أهمية في تاريخ الإشهار بالمغرب ، حيث وضعت الإعلانات التي أنشئت مدونات اشهارية تميز تاريخ الإشهار في المغرب بعمق ، مع شخصيات “ابراهيم أوعلي” نيابة عن البنك الشعبي ، وهو عمل لأكبر دعاية ، ودمية “عايشة” التي تم إنشاؤها بواسطة استوديوهات Iderfix و Gosciny و Uderzo ، و برتقالة “سانسوس” التي صممتها “شمس” وحملات أحذية “باطا” التي أنجزتها “كليم” وسيعطي التلفزيون المغربي ، الذي يصبح بالألوان ، عام 1972 زخما إضافيا لنشاط الإشهار الإبداعي مع طباخ “لوسيور” بشكل خاص على موسيقى الروك على مدار الساعة (27) .

وخلاصة القول ، إن الفضل في وصول الإشهار إلى الزبون المستهلك يعود إلى الوكالات الإشهارية ، فهي التي تدفع بالمستهلك إلى الشراء ، ولتحقيق الهدف من الإشهار تقتضي الحاجة وجود الوكالات الإشهارية . والتي ظهرت مع الاشهاريين الجدد نظرا لأهميتها حيث ضمت هذه المؤسسات التجارية مبدعين وتقنيين لتتبع الظاهرة الإشهارية عبر وسائل الإعلام ، فأخذت على عاتقها إنجاز الحملات الإشهارية ، ودراسة الأسواق ، والاهتمام برفع قيمة المنتوجات وإعطائها قيمة إضافية مميزة .

فبالرغم من أنها شركات مستقلة ذات ملكية خاصة ، إلا أنها لا يمكن فصلها عن حقل الإشهار ، فهي من توفر الخبراء والفنيين في مجال التسويق لتساعد بذلك الجهة المعلنة على إعداد إشهاراتها باعتبارها طرفا هاما في العملية الإشهارية ، فخلقت بذلك تغييرا هاما وتحولا كبيرا في ميدان الإشهار ، نقله من أزمات كانت تعتري سوق الإعلان من قبل إلى عصر ذهبي بفضل أفكار ذات دلالات الفنية حببت الإشهار إلى الجمهور ونقلته إلى مرحلة الإقناع والاقتناع .

المراجع

1. جيلالي أحمد، الخطاب الإشهاري بالمغرب استراتيجية التواصل، منشورات القلم المغربي، دار القرويين، الدار البيضاء، ط، 1، 2017، ص، 111.

2. يخلف فايزة، مبادئ سيميولوجية الإشهار، طاكسيج كوم للدراسات والنشر والتوزيع، الجزائر، 2010، ص، 7.

3. الغالب طاهر محسن، العسكري أحمد شاكر، الإعلان مدخل تطبيقي، دار الفكر للنشر، الأردن، 2003، ط، 1، ص، 17. 4. Dayan Armand, La publicité, Ed.PUF Collection, que sais-je, 1985, P, 7.

5. Dictionnaire de la presse écrite et audio-visuelle, Union Latine, La Maison du Dictionnaire, Paris, 1981, P, 348.

6. بوقرة نعمان، آليات الخطاب الإشهاري ورهاناته، أعمال الندوة الدولية التي نظمت في رحاب كلية الآداب والعلوم الإنسانية عين الشق الدار البيضاء ، أيام 24 و25 و26 مارس 2009، دار التوحيدي للنشر والتوزيع، مطبعة البيضاوي، ج، 2، ط، 1، الرباط، 2001، ص، 35.

7. الجريدة الرسمية، العدد 5288، 3 فبراير 2005. ص، 17.

8. سامي عبد العزيز، إدارة الإعلان واقتصادياته، كلية الإعلام، القاهرة، 2009، ص، 32.

9. Encyclopaedia Britannica.

10. خاين محمد، الإشهار الدولي والترجمة إلى العربية، مرجع سابق، ص، 109 – 110.

11. Brot Isabelle, Les Archives de L’Agence Havas, In : La Gazette des archives, N° 56, 1967, P 12.

12. Ibid.

13. سامي عبد العزيز، إدارة الإعلان واقتصادياته، كلية الإعلام، القاهرة، 2009، ص، 35.

14. تقي نجيب، مجموعة ماص الإعلامية بالمغرب في فترة الحماية، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في التاريخ، نسخة مرقونة بخزانة كلية الآداب والعلوم الإنسانية، الرباط، تحت رقم 75969 / 75972، ص، 153 – 154.

15. Baida Jamaâ, La presse marocaine d’expression française des origines à 1956, Université Mohamed v, Publications de la faculté des lettres et des Sciences Humaines, série : Thèse et mémoires, № 31, Rabat, 1996, P, 127.

16. تقي نجيب، مجموعة ماص الإعلامية ..، مرجع سابق، ص، 174.

17. Baida Jamaâ, La presse marocaine d’expression française .., Op.cit, P, 127.

18. تقي نجيب، مجموعة ماص الإعلامية ..، مرجع سابق، ص، 175.

19. المرجع نفسه، ص، 229.

20. المرجع نفسه، ص، 156.11

21. المرجع نفسه، ص، 186.

22. Paulo Guimaraes, A simple Model of informative Advertising, Univ, Braga – Portugal, 2004.

23. الريسوني سفيان، تاريخ الإشهار بالمغرب ، حكايات طريفة عن أشهر الوصلات التي تربت عليها أجيال الأولى ، مقال بموقع www. Alaoula.com (موقع إلكتروني مغربي يقدم أخبار متنوعة ويعتمد قبل نشرها على الدقة والتحري لأخلاقيات مهنة الصحافة كما هو متعارف عليها دوليا(.

24. جريدة هسبريس المغربية الصادرة بتاريخ 7 فبراير 2008.

25. الخنوسي جمال، عالم الإشهار فن وإبداع وبزنس، جريدة الصباح المغربية الصادرة بتاريخ 29 غشت 2011.

26. مخون عثمان، الإشهار والمشتغلون به بالمغرب، بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا في الإعلام والاتصال، المعهد العالي للإعلام والاتصال، الرباط، ص، 14.

12. Musée les impérialistes, 100 ans D’histoire de la publicité marocaine, en partenariat avec le ministère de la culture et de la communication, Rabat, Maroc.

الملاحق

e7ae7003b5771ba5b43c28a1f5e4a30f

وكالة هافاس الإشهارية

12

C:\Users\user\AppData\Local\Microsoft\Windows\INetCache\Content.Word\72319_539263712763572_1637743284_n.jpg

إشهار لمنتجات غذائية مغربية

إشهار قديم لأحذية باطا