توظيف النظرية الاعتمادية في إعادة توصيف الجملة الفعلية

محمد سليمان حسن1

1 وزارة التربية والتعليم – جمهورية مصر العربية

بريد الكتروني: mo.elkinany@yahoo.com

HNSJ, 2023, 4(8); https://doi.org/10.53796/hnsj4820

Download

تاريخ النشر: 01/08/2023م تاريخ القبول: 21/07/2023م

المستخلص

تهدف الدراسة إلى الوصول إلى إعادة وصف قواعد التركيب النحوي للجملة الفعلية في ضوء نظرية النحو الاعتمادي التي أرساها لوسيان تسنيير التي تقوم على رصد العلاقات الثنائية بين مفردات الجملة، مع اعتبار الفعل هو محرك كل أجزاء الجملة، وتعتمد نظرية النحو الاعتمادي على وصف العلاقات غير المتماثلة بين أجزاء المركب في الجملة، فكل مركب يشتمل – على الأقل- على جزئين، يمثل الجزء الأول )الرأس( ويمثل الجزء الثاني )الذيل(، الكلمة الرأس لها الدور الأكبر في التحليل التركيبي، وهي – في الأغلب- تعد مكونا رئيسا في الجملة الفعلية . ومن خلال دراسة قرائن التآلف بين المفردات نستطيع أن نعيد توصيف المركبات اللغوية وفق منطق حاسوبي، يهيئ المادة اللغوية للمعالجة الآلية للمركب، وهي خطوة أولى في التحليل الآلي للجملة نحويا، بحيث تمثل الكلمات الرأس المكونات الأساسية في تركيب الجملة والذيول ما اصطلح عليه النحاة بتسميته الفضلات، وبتنحية هذه الفضلات نستطيع أن نصل إلى إدراك آلي لمكونات الجملة وصولا لبناء محلل نحوي للجملة العربية.

الكلمات المفتاحية: النحو – الاعتمادية – الجملة الفعلية

Research title

Employing dependency theory in re-characterizing the Verbal sentence

Mohamed Suleiman Hassan1

1 Ministry of Education – Arab Republic of Egypt

Email: Mo.elkinany@yahoo.com

HNSJ, 2023, 4(8); https://doi.org/10.53796/hnsj4820

Published at 01/08/2023 Accepted at 21/07/2023

Abstract

The study aims to re-describe the rules of grammatical structure in the light of the theory of dependency grammar established by Lucien Tesnière , which is based on identifying the bilateral relationships between the vocabulary of the sentence, with the verb being the head of all parts of the sentence. The researcher has seen the use of verbal clues in describing the asymmetric relationships between the parts of the constituent in the form of dependence, each constituent includes – at least – two parts, represents the first part of the (head) and represents the second part (dependent), the word head has the largest role in the synthetic analysis, which is – mostly – is a major component in the sentence.

Through the study of the evidence of harmony between the vocabulary, we can recharacterize the linguistic constituents according to a computational logic that prepares the linguistic material for the automatic processing of the constituent, which is a first step in the automatic analysis of the sentence grammatically, so that the words represent the head of the basic components in the structure of the sentence and the tails of what grammarians called waste, and by setting aside these wastes, we can reach an automatic perception of the components of the sentence to build a grammatical analyzer for the Arabic sentence.

Key Words: Dependency- Grammar -verbal sentence

مقدمة

الوصف النحوي التقليدي للجمل، وإن بدا متسقا والإدراك البشري للجملة ومكوناتها بما يمثله هذا الوصف التقليدي للقواعد من أسس منطقية ومناهج لسانية رصينة، وبالرغم من ظني بأن هذا الوصف ربما يكون حجر أساس في التناول الحاسوبي للجملة ، فإن طرح طرائق أخرى لوصف مكونات الجملة يعد ضرورة ملحة؛ لذا يجب إعادة توصيف المكونات النحوية وفق طرائق جديدة، تضع في اعتبارها الإدراك الآلي للقواعد اللغوية حيث التعامل مع الحاسوب وليس العقل البشري، وهو أمر يستوجب تبني طرق تكون أكثر قابلية للتناول الحاسوبي تتأسس على وعي بطبيعة التركيب اللغوي وفهم لنسيجه البنائي.

مشكلة البحث

التركيب النحوي تركيب متناسق ومتزن، يقوم على تناغم وحدات لغوية صغرى تمثل كل منها لبنة في بناء الجملة بحيث تتراس هذه اللبنات فيما بينها بشكل متماسك لتكوِّن شبكة من العلاقات، تمثل مركبات تتشكل من جملتها الجملة. ومن هنا انطلقت الأفكار التحليلية لبناء المركبات داخل الجملة وتشعبت اتجاهات مختلفة، أهمها اتجاهان رئيسان: اتجاه تبناه تشومسكي نادى فيه بتحليل الجملة وفق بنية العبارة phrase structure والاتجاه الثاني: اتجاه التمثيل الاعتمادي Dependency representation، وهو موضوع الدرس ههنا، هذا اتجاه ينظر إلى العلاقات القائمة بين الكلمات باعتبارها علاقات ثنائية بين مكون رأس (head) ومكونات أخرى أقل محورية تسمى ذيولا (dependents)، تمثل كل كلمة فيه بخط إسقاط يرتبط بالمكون الأصل، وهو من وجهة نظر تسنيير الفعل، الذي يمثل الرأس (head) في جل العلاقات الثنائية بين المكونات. وبالتالي فهو اتجاه تحليلي يمتلك قدرة كبيرة على تمثيل المركبات في اللغة العربية قادر على معالجة تنوعاتها المختلفة.

أهمية الموضوع وسبب اختياره

الوصف التقليدي للغة يتناسب كما سبقت الإشارة مع العقل البشرية، ويتسق وعلاقات منطقية بين الكلمات أكثر من كونها علاقات شكلية تجمعها، وهو أمر ذو أهمية كبيرة في تاريخ البحث اللغوي، لا نكاد نجد له مثيلا في الدراسات اللسانية حول العالم تكاملا وانسجاما، ولكن حاجة اللغة العربية هذه الأيام إلى دخول حقول التكنولوجيا الحديثة؛ لتتخذ موقعها الذي يتناسب ومكانتها المرموقة بين اللغات، أوجد ضرورة للبحث عن طرق تحول الفهم بشري للغة إلى فهم آلي، يتمكن في ضوئه الحاسوب من معالجة اللغة في كافة مستوياتها، وخصوصا المستوى التركيبي، وهذا لا يتفق والوصف التقليدي للقواعد النحوية، ومن هنا ارتأى الباحث اختيار نظرية التمثيل الاعتمادي عند تسنيير لإعادة توصيف قواعد التركيب النحوي بين المفردات.

التمثيل الاعتمادي – بهذا الطرح – يمثل إعادة توصيف للعلاقات الثنائية بين مكونات الجملة على نحو يطوع القواعد اللغوية للمعالجة الآلية، مستفيدا من ثراء قواعد التركيب النحوي في توصيف، يتماشى والمنطق الرياضي الحاسوبي، ومن هنا كان اختيار الباحث لهذا الموضوع.

أهداف الدراسة

تضع الدراسة عدة أهداف بغية الوصول إليها من خلل البحث والتمحيص، هذه الأهداف أجملها فيما يلي:

1- تقديم محاولة لإعادة وصف القواعد النحوية التي تتصل بالمركب بما يتفق والطبيعة الحاسوبية .

2- إلقاء الضوء على النحو الاعتمادي وقابليته للوصف النحوي للمركبات والجمل العربية

3- إبراز دور قرائن الربط في تحديد نوعية التركيب النحوي بين المفردات.

4- الإسهام في رفع اللبس الذي يكتنف الوصف الحاسوبي للمركبات اللغوية.

5- تقليل نسب اللبس التي تكتنف التحليل الصرفي من خلال تحديد دور كل كلمة داخل المركب وهو ما يعين في تقليل عدد الاحتمالات التي تعتور المحللات الحاسوبية صرفيا.

حدود الدراسة

يتضح من عنوان الدراسة الحدود التي اختطها الباحث لهذه الدراسة، فالدراسة تلقي الضوء على النظرية الاعتمادية بوصفها إحدى النظريات التي تعين في إعادة تقديم القواعد النحوية المتعلقة بالمركب بحيث تتناسب والمعالجة الآلية للغات الطبيعية (Natural language processing) بما يسهم في مواكبة التطور المذهل في مجالات علم اللغة التطبيقي، ودمج التكنولوجيا في الدراسات اللغوية، فضلا عن تنامي الذكاء الاصطناعي في معالجة العلوم المختلفة، ومنها علوم اللغة.

الدراسات السابقة

تحفل اللغات المختلفة بمعالجات للقواعد النحوية فيها مستفيدة من النحو الاعتمادي، ومن ثم فهناك كم هائل من الدراسات التي تقوم بتوظيف الاعتمادية في وصف العلاقات النحوية آليا في اللغات المختلفة، وهو ما تفتقر إليه العربية، فليس هناك في مجال معالجة اللغة العربية آليا دراسة –في حدود علم الباحث- تهتم بدراسة دور النحو الاعتمادي في معالجة المركبات العربية آليا، غاية ما قدم في هذا الإطار توظيف نظرية تشومسكي عن بنية العبارة في المعالجة الآلية، أو معالجة المركبات النحوية بشكل يتسق وطبيعة الإدراك البشري وفق منطق القواعد التقليدي، ومن ثم تأتي أصالة هذه الدراسة في هذا الإطار.

منهج البحث

اتبع الباحث في هذا البحث المنهج الوصفي، بما يتصف به هذا المنهج من واقعية في تناول مشكلة البحث، واستكناه طبيعة موضوع الدراسة، وتحليل أفكاره وظواهره في محاولة للوصول إلى الوصف الكيفي للظاهرة لمعرفة أسبابها ومقتضياتها، وما يتصل بها من تطبيقات إن وجدت.

خطة البحث: ينقسم البحث إلى خمسة مباحث رئيسة هي:

المبحث الأول: الإرهاصات التاريخية للاعتمادية

المبحث الثاني: مفهوم مصطلح الاعتمادية

المبحث الثالث: الأسس النظرية للنظرية الاعتمادية

المبحث الرابع: تحليل الجملة بين الاعتمادية وبنية العبارة

المبحث الخامس: النتائج والتوصيات

المبحث الأول: الإرهاصات التاريخية للاعتمادية

الاعتمادية تمثل النظرة التحليلية الموازية لتحليل بنية العبارة phrase structure، وقد يبدو للوهلة الأولى أن مفهوم بنية العبارة أسبق تاريخيا من مفهوم الاعتمادية اتساقا مع الفرضية التي تنطلق من أن «أول عمل رئيسي لنعوم تشومسكي في بناء الجملة (التراكيب النحوية) Syntactic Structures صدر في عام 1957م قبل عامين فقط من أعمال تسنيير»([1])، أعني كتابه »عناصر النحو التركيبي» (Éléments de syntaxe Structurale) باعتبار أن نشر تشومسكي لأطروحته سبق نشر أعمال تسنيير يعد معيارا فاصلا للاسبقية، فإن تدقيق النظر في الإرهاصات الأولى للمفهومين كليهما يشي بشيء مختلف، ويقودنا الفحص والتمحيص إلى أول عمل تبنى صاحبه مفهوم الاعتمادية إلى حد كبير، أعني بانيني Panini الذي تعد أعماله باكورة الأعمال التحليلية التي قدمها للغة السنسكريتية([2])، أعماله التي ارتكزت على مفهوم يتماس بشكل كبير مع مفهوم الاعتمادية، كما ارتآها تسنيير([3])، «وما نظرية العامل النحوية التي طورها النحاة العرب في سياق تبرير ظواهر التأثير والتأثر القائمة بين الكلمات إلا شاهد على رسوخ هذا المنهج في توصيف العلاقات بين الوحدات لدى علماء العرب»([4]). وبالتالي يمكن القول إن مفهوم الاعتمادية يسبق مفهوم بنية العبارة بقرون عديدة([5]).

الاعتمادية إذن مفهوم راسخ وقديم قدم المحاولات الأولى لبناء منظومة القواعد لأي لغة، فلا مندوحة عن وصف التماسك اللفظي بين كلمات الجملة الفعلية دون أن يفرض مفهوم الاعتمادية نفسه على عملية التماسك ويصير أكثر الوسائل المستخدمة لربط جزئياتها.

المبحث الثاني: مفهوم مصطلح الاعتمادية

التماسك اللفظي يتضمن مجموعة من العناصر تنضوي كلها تحت مفهوم الاعتمادية بمعناه الشامل، وهي عناصر تم التعبير عنها من خلال مجموعة من المصطلحات التي يعالج كل منها علاقة ثنائية، فنجد مصطلحات كالتعلق ، والتضام والمطابقة والمماثلة، وغيرها من المصطلحات التي تشير إلى عملية التماسك بين أي مكونين – على الأقل- من مكونات الجملة، فإن المفهوم إذا ترسخ فلا مشاحة في المصطلح.

يبدو مفهوم الاعتمادية لصيق الصلة بالوصف العربي التقليدي للغة حيث تم التعبير عنه بأكثر من مصطلح لكل منها مدلول، منها مصطلح التعلق، ويشير هذا المصطلح إلى العلاقة التلازمية بين الفعل أو ما ينوب منابه، وحرف الجر أو الفعل والظرف، بحيث إذا ذكر الفعل استلزم لإتمام معناه ذكر حرف جر أو ظرف معين، ومن خلال هذا التماسك بين حرف الجر والفعل أو الظرف والفعل، يكتسب الحرف معناه ويكتسب الظرف إطاره المعنوي.

وينضوي تحت الاعتمادية أيضا مصطلحا آخر استخدمه علماء النحو للتعبير عن التماسك في الجملة، وهو مصطلح التوابع وأشاروا به إلى النعت والتوكيد والعطف والبدل، يقول ابن مالك:

يتبع في الإعراب الأسماء الأول نعت وتوكيد وعطف وبدل([6])

والتبعية التي أقرها ابن مالك هنا، وصرح بها هي تبعية إعراب، والإعراب عندهم فرع المعنى، فتبعية المعنى عندهم تظل ماثلة في الذهن في أثناء معالجة التوابع، فالنعت تابع «يكمل متبوعه بدلالته على معنى فيه أو فيما يعلق به»([7])، وعلى ذلك فإن النعت يجب أن يكون تابعا لمنعوته؛ إذ كان في معناه يقول المرادي: «يجب تبعية النعت للمنعوت في الإعراب والتعريف والتنكير»([8])، وأخرج بذلك العدد والنوع، فإنهما يُختلَف فيهما بحسب نوع النعت حقيقيا كان أو سببيا، وقيدوا النعت بكونه مشتقا أو ما كان في تأويل المشتق، يقول أبو حيان «النعت تابع مقصود بالاشتقاق وصفا أو تأويلا»([9])، تقييد النعت هنا بالاشتقاق الصريح يعد قيدا مساعدا لعملية الأتمتة اللغوية، حيث إن المحللات الصرفية تمدنا بمعلومات عن المشتقات بشكل عالي الدقة. أما التأويل بالمشتق فهو داخل في الدلالات المجازية للجوامد، ولا يدخل هذا ضمن حدود الدراسة التي نتناولها هنا.

ويدخل في التوابع البدل، وهو «تابع مقصود بما نسب إلى المتبوع من غير توسط حرف العطف»([10])، فهو داخل في معنى متبوعه أو مساويا له، كما يدخل في التوابع التوكيد بنوعيه سواء اللفظي بما فيه من تكرار اللفظ، والمعنوي بألفاظه المخصوصة وكلاهما يتبع المؤكد في الإعراب ويطابقه في اللفظ أو في الضمير المتصل([11])، وكذا العطف بنوعيه سواء البيان أو النسق، كلامها يتبع ما قبله في الإعراب([12]) دون باقي عناصر المطابقة الأخرى.

ولا يبعد مصطلح المطابقة – أو على سبيل الدقة قرينة المطابقة- بوصفه قيدا لتوصيف علاقة كثير من التراكيب في اللغة العربية، فمطابقة الخبر للمبتدأ لا مجال للتقليل من شأنه في تحديد المسند والمسند إليه في الجملة الاسمية، كما أن تحديد الفاعل يعتمد بشكل لا ريب فيه على المطابقة الشكلية بين الفاعل وشكل الفعل وتكوينه الصرفي والتوابع السابق ذكرها تعتمد في أغلبها الأعم على قرينة المطابقة بشكل صارخ ، فالنعت يطابق منعوته حقيقيا، ويطابق فاعله سببيا، والتوكيد لابد من مطابقة الضمير للمؤكد، وكذلك بدل الاشتمال وبدل البعض من الكل، وحتى البدل المطابق، المطابقة العددية والجنسية بين البدل والمبدل منه ماثلة.

الاعتمادية مفهوم شامل ينضوي تحته عدد من المصطلحات والقرائن سابقة الذكر، ولا يقتصر الأمر عند هذا الحد بل تمتد الاعتمادية إلى كافة أشكال التآلف العباري والجملي. الاعتمادية بهذا الإدراك تُعنى بالعلاقات القائمة بين التجمعات اللفظية داخل أي جملة، بل يسعني القول داخل أي نص، فهي منظومة ذهن وإدراك العلاقات واستكناهها؛ فالاعتمادية أعم بكثير من التعلق والمطابقة والتوابع، فهي منظومة تكوين وشبكة علاقات تربط أجزاء اللغة.

المبحث الثالث: الأسس النظرية للنظرية الاعتمادية

بنى تسنيير نظريته في النحو الاعتمادي على مجموعة من الأسس النظرية التي دعمها بالأدلة التطبيقية التي تدعم نظرته إلى اللغة بوجه عام، والجملة بوجه خاص، هذه الأسس هي التي تحكم عملية التماسك العلائقي بين الكلمات داخل الجملة، ومن هنا سأتناول الأسس التي اعتمد عليها تسنيير فيما يلي:

  1. الصلات Connections

الجملة ليست نظاما تتراس فيه الكلمات بشكل اعتباطي، كما هي عليه في المعجم، بل لابد لها من تجانس بين الكلمات فيما بينها وفق قواعد معينة ومعايير لفظية وغير لفظية، تقوم بعملية تركيب الكلمات وبناء منظومة الجملة، هذه الروابط هي التي يعنيها تسنيير بمصطلح الصلات Connections ، ويشير بها إلى العلاقات التي تكتنف الكلمات في تركبها مع غيرها، وهي المسئولة عن بناء التراكيب المختلفة وصولا إلى الجملة؛ حيث إن «كل كلمة ليست معزولة كما هي مكتوبة في القاموس، بل يدرك العقل الروابط بين الكلمات وما يجاورها، وتشكل هذه الروابط دعامة الجملة… ، ولا يتم التصريح بهذه الروابط في الجملة»([13]).

طرح تسنيير مفهوم الصلات ليصف الروابط غير المتماثلة بين الكلمات التي تندمج فيما بينها لتكوّن الجمل، وتسمى هذه الصلات قواعد الاعتمادية، فجملة مثل (نام أحمد) لا تتكون من مكونين فقط، هما: (نام) و(أحمد) بل تتكون من ثلاثة عناصر: العنصر الأول: (نام) العنصر الثاني : (أحمد) العنصر الثالث: الرابطة التي تربط بين (نام) و(أحمد) وهذه الرابطة تعد قاعدة تبعية([14]).

شكل: (1)

وتقوم قواعد الاعتمادية – كما سبقت الإشارة- على الروابط غير المتماثلة بين الكلمات في الجملة، فالكلمات – معنويا ووظيفيا- ليست متماثلة المكانة في تكوين الجملة؛ «فهناك كلمات ذات مكانة أعلى، وأخرى مكانتها أدنى»([15])، تكون الكلمة الأدنى تابعة أو إن شئت قل: ذيل (dependent)، والكلمة الأعلى هي الكلمة المركزية أو على سبيل الدقة هي الكلمة الرأس (head)، وتتحكم الرءوس في المعنى بدرجة أعلى من الذيول (dependents)، فالجملة الفعلية السابقة نجد أن الفعل (نام) يمثل الكلمة الرأس في هذه الجملة، بينما الاسم (أحمد) هو الذيل في الجملة، وهو الفاعل، وإذا تأملنا الجملة الفعلية بهذا المنظور نجد أن الفعل (نام) له دور أكبر في تشكُّل الجملة من الاسم (أحمد).

لا ينظر تسنيير إلى الجملة وفقا للمكونات المكتوبة بل يرى أن «على المرء ألا يقتصر على فحص أشكال الكلمات الملموسة بل أن يفحص الصلات القائمة بين أشكال الكلمت ويستكشفها»([16])، ينطلق تسنيير هنا من مفهوم يتماس مع مفهوم همبولت «الشكل الداخلي للكلمات» أو الروابط ([17])sprachform، ورأى أن مفهوم الروابط أو الاعتماديات -كما ارتآها هو- تؤدي الدور المركزي في بناء الجملة، وبالتالي لايمكن النظر إلى بناء الجملة وفق الأشكال الملفوظة، بل من «منظور لساني يرى أن بناء الجملة مستقل إلى حد كبير عن التشكل»([18]).

2- مركزية الفعل Verb centrality

ثار تسنيير على المبدأ التقليدي الذي ينطلق في تحليل الجملة من التقسيم الثنائي للجملة إلى مسند predicate ومسند إليه  subject، واستبدل هذا التقسيم بمركزية الفعل Verb centrality ، فقد جعل الفعل نواة لكل بنية تتمثل بها الجملة «حيث تعتمد جميع العناصر الأخرى في الجملة بشكل مباشر أو غير مباشر عليه»([19])، فالفعل يعد رأس المكونات الأخرى في الجملة بحيث تصير المكونات الأخرى ذيولا له .

ويتحكم شكل الفعل ودلالته في تحديد عدد الذيول التي ترتبط به؛ فإن «الفعل المتعدي (أحب) يتطلب مكملين (ذيلين) مكمل يكون مسندا [فاعلا]، ومكمل وظيفي متمم للمعنى [مفعولا]»([20])؛ فجملة مثل (أحب الطالب العلم) يمكن تمثيلها وفق رؤية تسنيير في الشكل البياني التالي:

شكل: (2)

يظهر الفعل في هذا التمثيل باعتباره رأسا لمركبين:

الأول: أحب الطالب

الثاني: أحب العلم

هذا التمثيل البياني يمثل شجرة اعتمادية لهذه الجملة ، ويطلق على هذه الشجرة مصطلح الجذع Stemma ، وهو ما سيتم تناوله فيما يلي:

3-الجذوع Stemmas

تمثل الجذوع Stemmas أساسا مهما من أسس النظرية الاعتمادية، فقد «اعتمد تسنيير بشكل كبير على الرسوم البيانية الشبيهة بالشجرة لتمثيل فهم بنية الجملة، وقد أطلق على هذه الرسوم اسم الجذوع، وقد وصل عدد مكونات هذه الجذوع لديه إلى 350 مكونا»([21]). تدخل هذه المكونات في صلات Connections؛ لتكون الجذوع، فالجذوع –إذن- تمثل التمثيل البياني للروابط التي تُدخِل الكلمات في علاقات مباشرة أو غير مباشرة مع بعضها البعض؛ لتربط كلمات الجملة بشكل هرميHierarchical ، أو إن شئت قل شجرة تمثل القواعد النحوية، كما يظهر من الشكل التالي:

شكل: (3)

يُظهر الشكل جذعا لجملة فعلية ترتبط فيها الكلمات بشكل هرمي، كما يتضح من الشكل بعض الملامح الرئيسة لنظرة تسنيير لتكوين الجملة البنائي حيث مركزية الفعل، فهو المكون الأعلى، وهو قمة الهرم التحليلي، ومن ثم تأتي تحته المكونات الرئيسة في الجملة التي ترتبط بالفعل باعتبارها ذيولا له، ثم تأتي الكلمات المرتبطة بهذه الذيول؛ لتكون هي بدورها ذيولا لها.

جذوع تسنيير لا تعكس الترتيب الفعلي للكلمات داخل الجملة، أعني ترتيب الكلمات بشكل خطي، فالاعتمادية أبعد ما تكون عن الخطية في التحليل، بل تهتم بترتيب الروابط التي تجمع الكلمات في شكل هيكل هرمي Hierarchical structure؛ فالترتيب الهرمي عند تسنيير مقدم على الترتيب الخطي Linear order ([22])، حيث إن الترتيب الخطي يختلف من لغة إلى لغة، ومن هنا فرق تسنيير بين نوعين من اللغات، لغات جاذبة للرؤوس  Centripetal languages، ولغات طاردة للرؤوس Centrifugal languages.

4- اللغات جاذبة الرؤوس واللغات طاردة الرؤوس

تختلف اللغات فيما بينها حول ترتيب الكلمات المكونة للجملة، فبعض اللغات يتقدم فيها رأس التركيب في أول الجملة بحيث يأتي المكون الرأس في بداية الجملة، ثم تأتي بعده الكلمات التابعة له، أما في لغات أخرى نجد أن الذيول تسبق الرؤوس، فمثلا تركيب مثل: (الأموال العامة)، وهو مركب وصفي تشغل فيه الكلمة الأولى الرأس والكلمة الثانية الذيل نجد أن تعامل اللغات مع هذا المركب، يختلف من لغة إلى أخرى، فبعض اللغات تلتزم بوضع الرأس في أول التركيب مثل اللغة العربية وبعضها تضعه في آخر التركيب مثل اللغة الكورية

شكل: (4)

يظهر الشكل السابق حالة الرأس وذيله بين لغتين مختلفتين، لغة يشغل رأس المركب المرتبة الأولى والذيل المرتبة الثانية، ولغة يشغل فيها ذيل المركب المرتبة المتقدمة والرأس المحوري نهاية التركيب، ولذا تعد اللغة الأولى مثالا للغات الطاردة للرأس Centrifugal languages، واللغة الثانية مثالا للغات الجاذبة للرأس Centripetal languages، وإذا قام المحلل بالتعامل مع الجمل الواردة في اللغتين كلتيهما بمنظور خطي، فإن نتائج التحليل تأتي مختلفة تماما، ولذك ميز تسنيير بين هذين النوعين من اللغات، ليدلل على صدق رؤيته في استبعاد الترتيب الخطي للكلمات داخل الجمل، بل التركيز على الصلات التي تحكم تكوين المركبات والجمل داخل اللغات حيث إن هذه الصلات، لا تتأثر كثيرا بقوانين الترتيب الخطي لكل لغة، ومن ثم فإن المركب الوارد في الشكل السابق، يبدو تحليليا متسقا مع نظرة تسنيير لمعايير شجرة الاعتمادية كما ارتآها.

وإذا قمنا بتعميق الفكرة السابقة، وتناولنا جملة بين هاتين اللغتين – فإننا سنصل إلى نتائج تحليل مختلفة على المستوى الخطي، ولكن وفقا لنظرية تسنيير الاعتمادية سنصل لنتيجة تحليل واحدة، ولنتخذ جملة لتأكيد ذلك، وهي جملة (دخل الأستاذ الفصل)

شكل: (5)

بالنظر إلى السيقان في الشكل السابق في كل جملة من الجملتين، نلاحظ أن لغة مثل اللغة الكورية، وهي من اللغات الجاذبة للرأس هيكل الجملة إلى الأسفل جهة اليسار وصولا إلى الرأس، وهو الفعل (دخل) ، بينما اللغة العربية وهي لغة من اللغات الطاردة للرأس نجدها هياكل الجذب فيها تمتد إلى أسفل جهة اليمين بما يعني أن الرأس المركزي في الجملة، وهو الفعل في الجملة (دخل) يأتي أولا ثم تأتي باقي المكونات.

أما على مستوى جذوع الاعتمادية نجد أنه لا خلاف بين الجملتين في التعاطي مع مكونات الجملة من حيث الرؤوس أو الذيول؛ حيث إن الفعل -وهو الرأس المركزي في الجملة- دائما يشغل قمة الشجرة، بينما الذيول تخرج منه، كأنها فروع له، كما يظهر في الشكل التالي:

شكل: (6)

فهذا التحليل الوارد في الشكل السابق لا يرى أي فارق بين اللغات الجاذبة للرؤوس واللغات الطاردة لها، فرأس الجملة دائما في قمة الشجرة تتفرع عنه الذيول، وبالتالي فلا عبرة بالترتيب الخطي، وإنما العبرة عنده بالتمثيل الهرمي لهيكل العبارة، غير أن قوانين التحليل عنده يجب أن تراعي هذا التقسيم أثناء التعاطي مع الجملة، ولاسيما إذا كنا بصدد الاستفادة من نظريته في مجال حوسبة القواعد النحوية، حيث إن تقسيم اللغات بهذا المعيار له دلالة كبيرة وأهمية عظمى، ولذا جاء تقسيم تسنيير للغات اتساقا مع فكرة الرأس المركزي، ولذا رأى اللغات العربية والعبرية وغيرهما من اللغات السامية تنتمي للغات الطاردة للرأس المركزي، بينما بعض لغات شرق آسيا مثل الكورية واليابانية لغات جاذبة للرأس المركزي([23]).

5- التكافؤ valancy([24])

يشير مصطلح التكافؤ valancy عند تسنيير إلى العلاقة بين الفعل وباقي المكونات الأساسية الأخرى في الجملة، فالأفعال هي التي تجذب إليها مكافئاتها داخل الجملة([25]). فكرة تسنيير عن التكافؤ قريبة الشبه من فكرة اللزوم والتعدي في اللغة العربية؛ حيث إن تقسيم الأفعال لديه من حيث التكافؤ يشبه إلى حد كبير تقسيم اللازم والمتعدي في اللغة العربية مع وجود اختلاف وحيد، حيث قسم الأفعال إلى :

1- أفعال بدون مكافئ(Avalent verbs) مثل الفعل (مات) فلا يعلم من شكل الفعل فاعله على سبيل الدقة، وهذا النوع من الأفعال يمثل الفارق بين طرح تسنيير وبين تقسيم الأفعال في اللغة العربية من حيث اللزوم والتعدي.

2- أفعال أحادية المكافئ (Monovalent verbs) مثل الفعل نام ومثل عليها بقوله (نام سام)، فـ(سام) في الجملة هو المكافئ الوحيد للفعل (نام)، ويقابل هذا النوع من الأفعال في اللغة العربية الفعل اللازم.

3- أفعال ثنائية المكافئ (Divalent verbs): هذه الأفعال التي تستلزم مكافئين: المكافئ الأول: هو الفاعل والمكافئ الثاني: هو المفعول به، وهذا النوع من الأفعال يدخل اللغة العربية في إطار المتعدي لمفعول واحد، مثل الفعل (يعرف) الذي يجذب إليه مكافئين مثل (يعرف أحمد الحقيقة).

4- أفعال ثلاثية المكافئات (Trivalent verbs): هي أفعال تجذب إليها فاعل ومفعولين، وهذه الأفعال تتماس مع الأفعال المتعدية لمفعولين، مثل الفعل (أعطى) الذي يجذب إليه ثلاثة مكافئات (أعطى المعلم الطالب هدية).

ومما سبق نستبين حقيقة مهمة هي أن «خصائص التكافؤ تلعب دورا مهما في استكشاف آليات بناء الجملة»([26])؛ حيث إن نوعية الفعل هي التي تفرض عدد الذيول التي يمكن أن تأتي بعده.

6- الفاعلون في مقابل الظروف Actants vs. circumstants

يشير تسنيير بمصطلح الفاعلون Actants إلى المعمولات المكملة لمعنى الفعل المعجمي سواء كانت تلك المعمولات فاعلا أو مفعولا([27])، ولكنه يشير بمصطلح الظروف Circumstants إلى المعنى الواسع للظروف، ويعني كل معنى اختياري، يمكن أن يُستغنى عنه أو يتغير بحسب سياق الجملة وعلاقة التركيب فيها([28])، ولنوضح ذلك نذكر المثال التالي (بدأ العرب نهضة في علم الفلك منذ القرن الثاني) الفعل في الجملة السابقة بدأ هو الرأس المركزي له (فاعلين) بمفهوم تستنير، وإن شئت قل مكافئين: الأول: العرب والثاني: نهضة، كما تضمن ظرفين الأول (في الفلك) والثاني (منذ القرن الثاني)، ويمكن تجذيع الجملة السابقة من وجهة نظر الاعتمادية على النحو التالي:

شكل: (7)

يتضح من الشكل السابق أن الظروف هنا تؤدي معاني ثانوية داخل الجملة من حيث إضافة الظرف المكاني أو الزماني للفعل داخل الجملة، كما يظهر من الشكل أيضا أن عدد الفاعلين الذين يرتبطون بالمكون الرأس أعني الفعل عدد محدود. أما عدد الظروف التي قد ترد متعلقة بالفعل نظريا غير محدود؛ نظرا لأن الظروف غير مقيدة بتكافؤ الفعل([29]).

7- التحويل Transfer

مصطلح التحويل (Transfer) يشير إلى أحد مكونات نظرية تسنيير الأساسية، وقد أولاه عناية فائقة، فقد شغل حيزا كبيرا في كتابه يصل إلى ثلث حجم الكتاب حوالي (270 صفحة)([30]) حيث يتناول هذا المصطلح الفئات النحوية التي تنبني عليها النظرية الاعتمادية، وقد حرص تسنيير في توصيفه للفئات النحوية تقديم أقل عدد من الفئات النحوية؛ لذا قسم الفئات النحوية إلى أربع فئات فقط هي :

1- الأسماء 2- الأفعال 3- الصفات 4- الظروف

وأضاف إلى هذه الفئات النحوية الأربعة نوعين من الكلمات الوظيفية:المؤشرات والمحولات([31])، فاعتبر الأدوات والضمائر المتصلة – على سبيل المثال- من المؤشرات، وجعل المهمة الأساسية للمحولات نقل المفردات من فئة نحوية إلى فئة نحوية أخرى، فعلى سبيل المثال تقوم حروف الجر بتحويل الكلمة من فئة الأسماء إلى فئة الصفات أولى فئة الظروف وهكذا([32])، وقد مثّل على ذلك بجملة (le livre de Pierre) التي معناها (كتاب بيير)، فعلى الرغم من أن الاسم (Pierre) ليس صفة في حقيقة الأمر، فإن دخول الحرف (de) عليه جعله يحل محل الصفة، وهذه الأداة تقوم بدور المحول.

إن القدرة التي تتيح تحويل فئة نحوية إلى فئة نحوية أخرى حسب رغبة منشئ اللغة هي التي تجعل الكلام منتجا([33])؛ حيث إن الفئات النحوية غير قادرة على تلبية الاحتياجات الكلامية المختلفة بأصل وضعها في المعجم اللغوي، بل لابد من حدوث مثل هذه التحويلات التي تتيح استخدام عدد محدود من الكلمات لتلبية حاجات المستخدمين في مختلف ميادين الحياة.

المبحث الرابع: تحليل الجملة بين الاعتمادية وبنية العبارة

استقر في أذهان الحاسوبيين طرائق متعددة لوصف الجملة حاسوبيا بما يتفق وطبيعة اللغة الحاسوبية وبما يتفق مع قيود الوضوح وأمن اللبس، ومن أهم هذه الطرق «طريقتان متعارضتان تماما لوصف البنية النحوية للجمل الطبيعية: شجرة الاعتمادية dependency Treebank ، وشجرة بنية العبارةPhrase structure Treebank »([34])، وتعد هاتان الطريقتان من أكثر الطرق التي نالت شهرة واسعة عند كثير من الباحثين وأكثرها دقة في وصف الجملة، ويرى مالكوك Mel’čuk أن هاتين الطريقتين «متعارضتان كليا لوصف البنية النحوية»([35])، فمالكوك Mel’čuk يرى ضرورة الفصل بين كل طريقة في المعالجة، ولا ينبغي الخلط بينهما في أثناء المعالجة النحوية، بينما يرى أوزبورن T. Osborne أن الجمع بين الطريقتين ممكن، فالطريقتان وإن بدتا متعارضتين من وجهة نظر مالكوك فإن الجمع بينهما والاستفادة من مزايا كل منهما ممكن، يقول أوزبورن «تعتمد نظريات النحو والقواعد – بشكل عام – على إحدى هاتين الطريقتين لتحليل البنى النحوية وتمثيلها أي: أنها تستخدم الطريقتين كلتيهما في الوقت نفسه دون قصد»([36]).

إذًا فإن الطريقتين وإن بدتا متعارضتين من وجهة نظر ملكوك فإن الجمع بينهما والاستفادة من مزايا كل طريقة أمر ممكن بل يلجأ إليه كثير من الباحثين من وجهة نظر أوزبورن T. Osborne .

وإذا كانت الطريقتان متعارضتين ومتكاملتين في الوقت نفسه، فإن كل طريقة تعد ذات طبيعة مختلفة في التعاطي مع الجملة الواحدة، حيث توجد نقاط اختلاف وخلاف متعددة بينهما، وتكمن نقطة الخلاف الأساسية بينهما تتمثل في أن طريقة الاعتمادية ترتكز على «مبدأ يفترض وجود روابط مباشرة بين عناصر بنية الجملة أي بين الكلمات بعضها البعض»([37]). بمعنى أن كل كلمة في الجملة «تعتمد على كلمة أخرى مكملة لها أو مقيدة لوظيفتها ومعناها»([38])، فلا تظهر الكلمات في شكل عشوائي بل «يتم تجميع الكلمات التي تتماشى معى بعضها البعض لغويا ووظيفيا»([39]) وترتكز طريقة الاعتمادية على العلاقات الثنائية بين الكلمات بحيث تعتبر إحدى هذه الكلمات رأس، وما يرتبط بها من الكلمات مكملة أو مقيدة ذيول. وإذا ما انتقلنا إلى الطريقة الأخرى نجد أن التناول يختلف.

تبدو شجرة بنية العبارة Phrase structure Treebank على النقيض مما تفرضه الاعتمادية حيث إن بنية العبارة تعتمد على مبدأ يرى «أن الروابط بين وحدات بنية العبارة على أنها غير مباشرة، ويتم التوسط في الروابط بواسطة مجموعات إضافية تمثل عقد إضافية في المخططة الشجري»([40])، فشجرة بنية العبارة تتعامل مع الكلمات داخل الجملة باعتبارها «مكونات أصغر تتحد فيما بينهما لتكوين مكونات أكبر»([41])، وتلك المكونات الأكبر هي التي يمكن أن نطلق عليها مصطلح عبارات أو مركبات، ويتم التعامل مع كل مكون أكبر على اعتباره فرعا رئيسا من الشجرة الكبرى، ويتم التعامل مع المكونات الأكبر باعتبارها شجرة فرعية لشجرة بنية العبارة.

شجرة بنية العبارة بهذا التناول تتعامل مع الكلمات باعتبارها أجزاء تجتمع مع بعضها البعض لتكون مركبا لغويا يمثل هذا المركب وحدة أكبر؛ فمثلا إذا تناولنا مركبا لغويا مثل: «الحدود الخارجية» نجد أن بنية العبارة تتعامل مع هذا المركب على النحو التالي:

شكل: (8)

فبنية العبارة هنا افترضت مركبا اسميا أو إن شئت قل: عبارة اسمية، تتكون من المكون (N)«الحدود» والمكون (A) «الخارجية» في حين أن الاعتمادية تتعامل مع هذا المركب اللغوي بتصور مختلف يتبلور في المخطط مختلف حيث إن المركب يتم التعاطي مع على النحو التالي:

شكل (9)

ترى الاعتمادية الكلمتين مرتبطتين ببعضهما البعض ارتباطا مباشرا، ينظر إلى المكون الأول، وهو (الحدود) باعتباره (رأسا)، والمكون الثاني، وهو (الخارجية) باعتباره (ذيلا). وهو أمر ذو مدلول كبير في المعالجة الحاسوبية للجملة؛ حيث إن اعتبار أي مركب عبارة عن رأس (head) وذيل، يؤدي إلى إمكانية تنحية الذيول والإبقاء على الرءوس في تحليل الجملة ككل حيث يؤدي ذلك إلى تبسيط تكوين الجملة والاقتصار على أركانها الأساسية، وخصوصا إذا ما تم التعاطي مع الجملة وفق المنظور الذي أشار إليه د.نبيل على، أقصد تحليل الجملة النحوية من آخرها إلى أولها([42])، وهذا أمر يمثل نقطة خلاف رئيسة بين بنية العبارة(Phrase structure tree) وتمثيل الاعتماديةDependency representation يؤPENDECY REPRESNTSTIONف رئيسة بين بنية العبارة وين الجملة والاقتصار على أركانها الأساسية، وخصوصا إذا ما تم التعاطي مع الجملة وف حيث إن الجملة في بنية العبارة ستكون أكثر تعقيدا وتفريعا، وستتم معالجة كل تفريع أو قل كل وحدة أكبر على أنها مكون أكبر تُقسم إلى مكونات أصغر والمكونات الصغرى على أنها وحدات ينضوي تحتها وحدات أصغر .. وهكذا.

وتكمن المشكلة هنا في التشابك الخطي الذي ينتجه تداخل المركبات؛ حيث تكون كلمة واحدة مشتركة بين أكثر من مركب، فعندها ستتشابك المخططات، على سبيل المثال العبارة التالية «رجل دولة عظيم»، فنجد عند تمثيلها أن كلمة (رجل) مشتركة بين مركبين: الأول: (رجل + دولة)، والثاني (رجل + عظيم) بينما في تمثيل الاعتمادية نجد أن الشأن يختلف حيث سيتم التعاطي مع التشابك التركيبي على النحو التالي:

شكل: (11)

فنجد هذا المركب عبارة عن رأس واحد وذيلين، وإذا نحونا تجاه تبسيط الجملة، وحذف الذيول سنجد أن هناك مكونا واحدا رئيسا، وهو (رجل) مما سيعين في تحديد أركان الجملة الأساسية في المستوى الأعلى في التحليل. وهو أمر يبدو بعيد المنال إذا ما تطرقنا إلى هذه العبارة من وجهة نظر شجرة بنية العبارة.

وإذا تجاوزنا مسألة معالجة المركب إلى تخطيط هذا المركب سنجد ملمحا آخر من ملامح التمييز بين الطريقتين «يظهر التمييز بشكل أكثر وضوحا فيما يتعلق بنسبة الكلمات إلى نقاط التقاطع، حيث تحتوي شجرة الاعتمادية على نقاط تقاطع مطابقة تماما لعدد الكلمات، بينما في شجر بنية العبارة يوجد عدد من نقاط التقاطع أكثر من عدد الكلمات»([43]). فإذا نظرنا إلى المخطط الأسبق (الحدود الخارجية) نجد أن تمثيل المركب تم التعامل معه وفق نقطتي تقاطع فقط، وهو ما يطابق عدد الكلمات في هذا المركب، بينما شجرة بنية العبارة تناولت المركب من خلال ثلاث نقاط تقاطع، وبالمثل نجد أن شجرة الاعتمادية تعاملت مع المركب المتداخل (رجل دولة عظيم) وفق ثلاث نقاط تقاطع بينما شجرة بنية العبارة كانت نقاط التقاطع أكثر من عدد الكلمات.

يتضح من تناول المركب بين شجرة الاعتمادية وتمثيل العبارة تباينا في عدد نقاط التقاطع وتسمى في اصطلاح تسنيير عقد (Nodes)، ويتجلى هذا التباين ويتعاظم إذا ما تطرقنا إلى تخطيط جملة من وجهة نظر الاعتمادية وبنية العبارة، ولنتخذ مثالا على ذلك تخطيط الجملة التالية: (حصد الفلاح حقله)، فمن وجهة نظر الاعتمادية يمكن تحليل الجملة عبر هذا المخطط.

شكل: (12)

يتضح من المخطط أن تمثيل الاعتمادية ترصد العلاقات الثنائية بين مكونات الجملة بحيث يتكون المخطط من أربع عقد(nodes)، وهو ما يتطابق مع عدد كلمات الجملة حيث تمثل (n1)[44] الفعل (n2) الفاعل (n3) المفعول به (n4) المضاف إليه. فنجد خطوط التشجير تعبر عن العلاقات القائمة بين وحدات الجملة، فالخط الأول (n1) إلى (n2) يمثل مركب الفاعلية، والخط الثاني من (n1) إلى (n3) يمثل علاقة مركب المفعولية، والخط الثالث من (n3) إلى (n4) مركب الإضافة، وبالتالي تتكون الجملة نحويا من ثلاثة مركبات: مركب الفاعلية – مركب المفعول – مركب الإضافة.

وإذا نظرنا إلى الجهلة المقابلة نجد أن بنية العبارة ستعالج الجملة بشكل يزيد من نقاط التقاطع:

شكل: (13)

نجد من خلال مخطط بنية العبارة أن عدد العقد زاد إلى ست عقد خلافا لمخطط الاعتمادية الذي عبر عن الجملة ومركباته الداخلية وفق أربع عقد فقط.

يظهر من خلال المخططين السابقين أن الفعل في الجملتين له مكانة مختلفة بين الطريقتين ففي حين تعالج بنية العبارة الفعل بوصفه أحد الوحدات المكونة للجملة بحيث تكون له نفس وظيفة الوحدات الأخرى، نجد أن مخطط الاعتمادية يتعاطى مع الفعل بوصفه هو المتحكم في أجزاء الجملة، فشجرة الاعتمادية «تظهر الفعل بأنه المكون الذي تسقطع العقد الجذرية إلى البنية كلها»([45])، وهو أمر يبدو أكثر اتساقا وطبيعة اللغة العربية التي يشغل فيها الفعل حيزا كبيرا ومكانة مهمة في تشكيل الجملة وتحديد وظائف مكوناتها.

المبحث الخامس النتائج والتوصيات

التحليل النحوي على مستوى المركب والجملة في اللغة العربية يحتاج إلى إعادة وصف بما يتسق وطبيعة اللغة العربية ونظام القواعد فيها، كما يحقق القدر نفسه من الاتساق مع الطبيعة الحاسوبية التي يهدف الباحثون الحاسوبيون إلى تطويع اللغة العربية لها، حتى يتسنى لنا دخول عصر الانفجار المعرفة والتكنولوجي، ومن هنا وبعد العرض السابق، يجمل الباحث ما توصل إليه من نتائج فيما يلي:

أولا: مرونة اللغة العربية وطواعيتها للتحليل الحاسوبي، وذلك لثراء معطيات قواعدها وثراء معجمها.

ثانيا: توافق منظومة اللغة العربية التركيبية والنحوية ونظرية النحو الاعتمادي في توصيف الجملة والنظر إلى إجزائها من حيث علاقات التركيب وبناء الجملة.

ثالثا: النظرية الاعتمادية قادرة على تحديد أدوار كل مكون داخل الجملة عموما والجملة الفعلية خصوصا بما يتفق وأهميته في بناء الجملة، فالمفردات ليست كلها متساوية في الأهمية داخل الجملة حيث إن بعضها يشغل مركزا رئيسا وبعضها يشغل مركزا أقل أهمية.

رابعا: أن النظرية الاعتمادية أكثر مرونة في التعامل مع النص العربي حاسوبيا من نظرية بنية العبارة.

ومما تقدم يقترح الباحث أن يولي اللغويون العرب مزيدا من الاهتمام بتطويع اللغة العربية للمعالجة الحاسوبية التي نحن في حاجة ماسة إليها، وخصوصا لحاجة اللغة العربية لعديد البرامج الحاسوبية لمعالجة كافة مستوياتها، ويرى الباحث أن تطويع القواعد العربية يجب أن يتم في ضوء نظرية علمية تتسق ومرونة القواعد اللغة العربية وتنوعها، وتتسم النظرية أيضا بالقدرة الاستيعابية لتحولات الدلالة والتركيب والسعة التي تتسم به العربية.

قائمة المراجع

أولا المراجع العربية

ابن القاسم المرادي، بدر الدين حسن بن قاسم (2008)- توضيح المقاصد والمسالك- تحقيق د. عبد الرحمن علي سليمان –دار الفكر العربي – ط1.

  1. ابن مالك، محمد بن عبد الله (1431ه)- صـ 44- دار التعاون- مكة المكرمة – د.ط.

ابن هشام (1431هـ)– أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك- تحقيق يوسف البقاعي- دار الفكر للطباعة والنشر – د.ط

أبو الفداء، إسماعيل بن علي الملك المؤيد (2000) – الكناش في فني النحو والصرف– تحقيق د. رياض بن الحسن الخوام- 1/235- المكتبة العصرية – بيروت – د.ط.

أبو حيان الغرناطي (1998)– ارتشاف الضرب- تحقيق رجب عثمان محمح –مكتبة الخانجي – القاهرة – ط1 .

  1. أبو حيان الغرناطي(٢٠١٣)- التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل- تحقيق د. حسن هنداوي- دار القلم دمشق و دار كنوز إشبيليا الرياض- ط 1 .

الشاطبي ، أبو إسحاق إبراهيم بن موسى(2007)- المقاصد الشافية في شرح الخلاصة الكافية- مجموعة محققين- معهد البحوث العلمية وإحياء التراث الإسلامي- جامعة أم القرى- مكة المكرمة – ط1 .

  1. علي، نبيل(1988)– اللغة العربية والحاسوب- دار تعريب للنشر -دط.
  2. المالكي، طارق( 2015م) – أنطلوجيا حاسوبية للنحو العربي نحو توصيف منطقي ولساني حديث للغة العربية– دار النابغة – ط1

ثانيا المراجع الاجنبية

  1. Igor A. Mel’čuk (1988)- A Dependency Syntax : Theory and Practice SUNY Series in Linguistics- State University of New York Press-

Joakim Nivre- Dependency Grammar and Dependency Parsing-https://cl.lingfil.uu.se/~nivre/docs/05133.pdf

Kruijff, G.-J. M. (2002). Formal and computational aspects of dependency grammar: History and development of DG, Technical report, ESSLLI.

  1. Ralph Debusmann (2000) -An Introduction to Dependency Grammar -Universit¨ at des Saarlandes Computerlinguistik rade@coli.uni-sb.de January .

Tesnière, Lucien (2015). Elements of Structural Syntax. Translated by Timothy Osborne and Sylvain Kahane (PDF). John Benjamins. ISBN 978-90-272-6999-7. @

  1. Timothy Osborne (2019) -A Dependency Grammar of English – An introduction and beyond- Zhejiang University- John Benjamins Publishing Company Amsterdam / Philadelphia-

ثالثا: المواقع الإلكترونية

https://e3arabi.com/literature/%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%BA%D9%88%D9%8A-%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A%D9%86%D9%8A-pa%E1%B9%87ini

https://en.wikipedia.org/wiki/Lucien_Tesni%C3%A8re#cite_note-19

Margins:

  1. () Timothy Osborne (2019) -A Dependency Grammar of English – An introduction and beyond- Zhejiang University- John Benjamins Publishing Company Amsterdam / Philadelphia- P33
  2. () Kruijff, G.-J. M. (2002). Formal and computational aspects of dependency grammar: History and development of DG, Technical report, ESSLLI-2002.
  3. () انظر:

    https://e3arabi.com/literature/%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%BA%D9%88%D9%8A-%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A%D9%86%D9%8A-pa%E1%B9%87ini

  4. () د. المالكي، طارق( 2015م) – أنطلوجيا حاسوبية للنحو العربي نحو توصيف منطقي ولساني حديث للغة العربية – صـ 73 – دار النابغة – ط1
  5. () انظر:

    https://hmn.wiki/ar/Dependent_%28grammar%29

  6. () ابن مالك، محمد بن عبد الله (1431ه)- صـ 44- دار التعاون- مكة المكرمة – د.ط–
  7. () ابن هشام، عبد الله بن يوسف (1431هـ)– أوضح المسالك – تحقيق يوسف البقاعي- 3/270-دار الفكر للطباعة والنشر – د.ط
  8. () المرادي، بدر الدين حسن بن قاسم (2008)- توضيح المقاصد والمسالك- تحقيق د. عبد الرحمن علي سليمان – 2/947 دار الفكر العربي – ط1.
  9. () أبو حيان الغرناطي، محمد بن يوسف (1998)– ارتشاف الضرب- تحقيق رجب عثمان محمح – 4/1907- مكتبة الخانجي – القاهرة – ط1 .
  10. () أبو الفداء، إسماعيل بن علي الملك المؤيد (2000) – الكناش في فني النحو والصرف– تحقيق د. رياض بن الحسن الخوام- 1/235- المكتبة العصرية – بيروت – د.ط.
  11. () انظر: الشاطبي ، أبو إسحاق إبراهيم بن موسى(2007)- المقاصد الشافية في شرح الخلاصة الكافية- مجموعة محققين- معهد البحوث العلمية وإحياء التراث الإسلامي- جامعة أم القرى- مكة المكرمة – ط1 – 5/2
  12. () أبو حيان الغرناطي، محمد بن يوسف (٢٠١٣)- التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل- تحقيق د. حسن هنداوي- دار القلم دمشق و دار كنوز إشبيليا الرياض- ط:1 – 6/346
  13. () Tesnière, Lucien (2015). Elements of Structural Syntax. Translated by Timothy Osborne and Sylvain Kahane (PDF). John Benjamins. ISBN 978-90-272-6999-7.p.1 @
  14. () انظر:

    https://en.wikipedia.org/wiki/Lucien_Tesni%C3%A8re#cite_ref-27

  15. () انظر: المصدر السابق
  16. () انظر: المصدر السابق.
  17. () Tesnière (1966(:p.34
  18. () انظر:

    https://en.wikipedia.org/wiki/Lucien_Tesni%C3%A8re#cite_ref-27

  19. () انظر: المصدر السابق.
  20. () Tesnière (2015). P 48-49
  21. () انظر

    https://en.wikipedia.org/wiki/Lucien_Tesni%C3%A8re#cite_ref-27

  22. () Tesnière (1966(p.19.
  23. ()  Tesnière (1966)p.33
  24. () ناقش تسنيير مبدأ التكافؤ بتفصيلاته في الفصول من (97) إلى (119 ) انظر: 238- 280Tesnière (1966)p.
  25. () https://en.wikipedia.org/wiki/Lucien_Tesni%C3%A8re#cite_note-19
  26. () انظر:

    https://en.wikipedia.org/wiki/Lucien_Tesni%C3%A8re#cite_note-19

  27. () Tesnière (1966)p.120
  28. () انظر:

    https://en.wikipedia.org/wiki/Lucien_Tesni%C3%A8re#cite_note-19

  29. () انظر:

    https://en.wikipedia.org/wiki/Lucien_Tesni%C3%A8re#cite_note-19

  30. () Timothy Osborne. P100
  31. () انظر:

    https://en.wikipedia.org/wiki/Lucien_Tesni%C3%A8re#cite_note-19

  32. () Joakim Nivre- Dependency Grammar and Dependency Parsing- P.7
  33. () انظر:

    https://en.wikipedia.org/wiki/Lucien_Tesni%C3%A8re#cite_note-19

  34. () Igor A. Mel’čuk – Dependency Syntax : Theory and Practice SUNY Series in Linguistics- 1988 – State University of New York Press- p13
  35. () المصدر السابق نفسه
  36. () Timothy Osborne. P33
  37. () المصدر السابق
  38. () Ralph Debusmann (2000) -An Introduction to Dependency Grammar -Universit¨ at des Saarlandes Computerlinguistik rade@coli.uni-sb.de January – p3
  39. () Timothy Osborne .P2
  40. () المصدر السابق صـ 33
  41. () Timothy Osborne. P33
  42. () انظر: د. علي، نبيل(1988)– اللغة العربية والحاسوب- د.ط- صـ414- 415.
  43. () Timothy Osborne. P34
  44. يشير الرمز (n) إلى العقدة بين المكون وذيله وهي اختصار للمصطلح (Node).
  45. () Timothy Osborne.P41-40