فاعلية برنامج إرشادي ديني لتنمية مستوى الذكاء الروحي لدى طالبات المرحلة الثانوية

ايمان علي عبدالله الشرمان 1نور أذان محمد نوريان2
1 باحثة، ماليزيا: البريد الالكتروني ((corresponding author :kamlehshorman864@gmail.com
2 باحثة، ماليزيا.
HNSJ, 2024, 5(1); https://doi.org/10.53796/hnsj51/41
Download
تاريخ النشر: 01/01/2024م تاريخ القبول: 15/12/2023م

المستخلص

هدفت الدراسة الحالية إلى الكشف عن فاعلية برنامج الإرشاد الديني لدى طالبات المرحلة الثانوية. تكونت عينة الدراسة من (40) طالبة من المدارس الثانوية في منطقة المزار الشمالي محافظة اربد الأردن. وقد تم اختيارهم عمدا وتقسيمهم إلى مجموعتين: التجريبية والضابطة. وتم استخدام مقياس الذكاء الروحي من إعداد الشاوي (2012)، كما صممت الباحثتان برنامج إرشاد ديني. حيث تتكون من (12) جلسة، بواقع جلستين أسبوعياً، ويتراوح زمن كل جلسة بين (60-75) دقيقة. وأظهرت النتائج وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين الوسيلتين الحسابيتين لقياس الذكاء الروحي البعدي لصالح المجموعة التجريبية التي تم تدريبها على برنامج الإرشاد النفسي الديني. لا يوجد فرق ذو دلالة إحصائية بين متوسط درجات أفراد عينة الدراسة على مقياس الذكاء الروحي مع دلالته العامة في القياس البعدي، ومتوسط درجاتهم في قياس المتابعة بعد شهر من انتهاء البرنامج.

الكلمات المفتاحية: ارشاد ديني، الذكاء الروحي.

Research title

The effectiveness of a religious counseling program to develop the level of spiritual intelligence among female secondary school students

Iman Ali Abdullah Al-Sharman1 Nour Azan Mohammad Nouryan2

1 Researcher, Malaysia: Email (corresponding author: kamlehshorman864@gmail.com

2 Researcher, Malaysia.

HNSJ, 2024, 5(1); https://doi.org/10.53796/hnsj51/42

Published at 01/01/2024 Accepted at 15/12/2023

Abstract

The current study aimed to reveal the effectiveness of the religious guidance program among female secondary school students. The study sample consisted of (40) female students from secondary schools in the Northern Mazar area/Jordan. They were deliberately selected and divided into two groups: experimental and control. The spiritual intelligence scale prepared by Al-Shawi (2012) was used, and the researcher also designed a religious guidance program. It consists of (12) sessions, two sessions per week, and the time of each session ranges between (60-75) minutes. The results showed that there were statistically significant differences between the two arithmetic means for measuring dimensional spiritual intelligence in favor of the experimental group that was trained in the religious psychological counseling program. There is no statistically significant difference between the average scores of the study sample members on the spiritual intelligence scale with its general significance in the post-measurement, and their average scores in the follow-up measurement one month after the end of the program.

Key Words: spiritual intelligence, religious program.

المقدمة

خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان وهو يعلم من خلق ويعرف كيف يكون الإنسان سويا ويعرف ماذا يفسد الإنسان وكل ذلك وفق قوانين سماوية ويعرف الله سبحانه وتعالى طريقة علاج الإنسان وإصلاحه فالقرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة سبقت العلم والعلماء الذين حاولوا البحث والاستقصاء في أعماق النفس البشرية، والخروج بوجهات نظر ونظريات في النفس البشرية سواء الشخصية السوية واللاسوية.

فمن أهم الوظائف التي يؤديها الدين للجماعة والأفراد هي تحقيق الاستقرار النفسي، فعندما يتعرض الأفراد لصراعات نفسية فسوف يحقق لهم الدين توازناً نفسياً عن طريق ما يقدمه من إرشاد وعلاج نفسي، وتوجيه إلهي، لقوله تعالى “وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَآءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا” (سورة الإسراء: 82(،  ففي حمى الدين تخف وطأة الحياة، وتهون أمور الدنيا، وتصبح هذه المظاهر أمراً ثانوياً وبعيداً عن المألوف. وقد يؤدي الشعور الديني إلى الإحساس بالسعادة والرضا والقناعة والإيمان بالقضاء والقدر خيره وشره، وهو  الذي يعين الفرد على مواجهة الضغوط، ويمنح الفرد القوة لمواجهة الأزمات والتحديات التي تعترض مجرى حياته، فاليقين بالله تعالى يكون له الملاذ في ذلك الوقت الذي يشعره بالأمان وعدم الخوف، لثقته بأن الله – تعالى – بيده التدخل، بأي حدث من أجل اختيار الأفضل دائما، ويتحقق هذا الأمر للفرد من خلال الصلاة، والشكر، والدعاء؛ لما يوفر له أقصى وأسمى صور الدعم والطمأنينة، ومع هذا الدعم أيضا تتناقض مشاعر القلق والخوف، وبالتحديد القلق من المستقبل، فالاطمئنان عن المستقبل يساعد في بناء الشخصية السوية.

مشكلة الدراسة

ظهرت مشكلة هذه الدراسة لدى الباحثة من خلال العلم الحديث عن الذكاء الروحي وتنميته من خلال الإرشاد النفسي الديني لدى الطلبة وهم اللبنة الأساسية في المجتمعات التي تسعى المؤسسات التعليمية لتحسين ورفع دافعية الإنجاز الأكاديمي ليتمكنوا من أداء دورهم في المجتمع بشكل فعال ، ولا يتم ذلك إلا من خلال تنمية دافعية التعلم وتطوير قدراتهم العلمية. وبدأ علماء النفس يلتفتون إلى أهمية الذكاء الروحي وأثره في مستوى الأداء حيث يرى كوفي (2006) أن الذكاء الروحي هو الذكاء المركزي والمهم من بين الذكاءات المختلفة لأنه يتضمن صفات حيوية موجودة في الأفراد مثل الحماس والطاقة وتنمية الهوية الأخلاقية بوزان (2005) لأنها تعد هذه الأمور متطلبات تربوية تسعى المؤسسات التعليمية إلى تحقيقها.

أسئلة الدراسة

تتحدد مشكلة الدراسة في الأسئلة الأتية:

  1. هل هناك فروق ذات دلالة إحصائية بين القياس البعدي للمجموعة التجريبية والقياس البعدي للمجموعة الضابطة في تنمية الذكاء الروحي بعد تطبيق البرنامج الإرشادي النفسي الديني على أفراد المجموعة التجريبية؟
  2. هل هناك فروق ذات دلالة إحصائية بين القياس القبلي والقياس البعدي للمجموعة التجريبية بعد تطبيق البرنامج الإرشادي النفسي الديني؟

أهداف الدراسة

تهدف الدراسة الحالية إلى توظيف الإرشاد النفسي الديني في تنمية الذكاء الروحي لدى طلبة المرحلة الثانوية في الأردن من خلال تحقيق الأهداف التالية:

  1. الكشف عن فاعلية البرنامج الإرشادي النفسي الذي يركز على الجانب الديني في تنمية الذكاء الروحي.

أهمية الدراسة

الأهمية النظرية: تكتسب هذه الدراسة أهميتها في تسليط الضوء على موضوع مهم ويتطلب المزيد من التفعيل وهو دور الإرشاد النفسي الديني عند طلاب المرحلة الثانوية في الأردن والعناية بجميع الجوانب الشخصية لديهم سواء العلمية، الجسمية، الأخلاقية، النفسية، ومساعدتهم لتحقيق احتياجاتهم ورغباتهم واستعداداتهم ليكونوا أفرادا صالحين في مجتمعهم وأسرهم. ويعد هذا البحث إضافة معرفية للدراسات التي تتناول الإرشاد النفسي الديني، نظرًا لكونه يوفر للطلبة في هذه المرحلة العمرية القدرة على تحقيق التوازن الانفعالي والروحي.

الأهمية العملية: يمكن أن يحقق هذا البحث الاستفادة للمعنيين وللمعلمين، من خلال الكشف عن فاعلية البرنامج الإرشادي الديني ودوره في تنمية الذكاء لدى الطلبة، ومن المؤمل أن تساعد نتائج هذا البحث أصحاب القرار في المؤسسات التربوية على تصميم البرامج الإرشادية، ويكون نقطة انطلاق للعديد من الدراسات المستقبلية.

مصطلحات الدراسة

1. الإرشاد النفسي الديني اصطلاحاً: هو إرشاد روحي بمعناه الغيبي غير المحسوس بالإضافة إلى الاهتمام الملحوظ بالعلاج النفسي الذي أخضع للدراسة على صعيد العلم والتجربة أحياناً, وبذلك يجمع بين الأخذ بالأسباب واللجوء إلى خالقها(إسماعيل، 2020). التعريف الإجرائي: هو خطة مرسومة وواضحة ومحددة يتم وضعها اعتمادًا على الدين الإسلامي لمساعدة الأفراد الذين لديهم مشكلة ما.

2. الذكاء الروحي: هو حالة روحية يتدفق فيها إبداع المرء ويصبح مرحًا ومتسامحًا ومثابرًا ويكرس نفسه لمساعدة الآخرين للوصول لهذه الحالة من الحكمة والسعادة وكل هذا يتحقق في بيئة تمتلئ بالتعاطف والحب (بوزان, 2005). التعريف الإجرائي: هو الدرجة التي يحصل عليها الطالب على مقياس الذكاء الروحي المستخدم في هذه الدراسة.

الإطار النظري والدراسات السابقة

الإرشاد النفسي الديني

يعد الإرشاد الديني من أهم طرق الإرشاد النفسي لأن العقيدة الدينية السليمة تعتبر أساس قوي ومتين للسلوك السوي والصحة النفسية والتوافق وبالتالي لقد أجمع المرشدون على اختلاف دياناتهم على أن الإرشاد الديني طريقة تقوم على أساس ومفاهيم ومبادئ وأساليب روحية وأخلاقية وعقلانية يؤدي الإرشاد النفسي إلى تحرير الشخص المضطرب من مشاعر الخطيئة والإثم التي قد تهدد أمنه النفسي ويساعده على إشباع الحاجة إلى الأمن والسلام النفسي وتقبل ذاته، فيعتبر الإرشاد النفسي الديني عملية مشاركة بين المرشد والمسترشد يناقش خلالها العديد من الأمور والإجراءات مثل الاستبصار والتعلم والاعتراف والتوبة إلى الله،ويلجأ المسترشد إلى الله تعالى بالدعاء مبتغيا رحمته ذاكرًا، صابرًا، متوكلا على الله مستغفرًا إياه. ويساعد الإرشاد النفسي الديني الفرد على فهم واقعه وتفكيره وتصرفاته وظروفه ومشاعره وتنمية طاقاته بما يتفق مع المجتمع المسلم وتصبح عقيدته على ضوء عقيدة التوحيد مما يساعد ذلك على تحقيق الأمن والطمأنينة وتعلم كيفية مواجهة المشكلات على أسلوب المنهج الإسلامي وتعلم كيفية اتخاذ القرار (يحيى، 2019).

وتناول الباحثون الكثير من تعريفات للإرشاد النفسي الديني في البيئة العربية بعد توجه عدد كبير من العلماء والباحثين في مجال الصحة النفسية والإرشاد والعلاج النفسيين نحو القران الكريم والسنه النبوية الشريفة وكتابات علماء المسلمين، فعرفه كوري (Corey, 2005) على أنه مجموعة من الخدمات التخصصية التي يقدمها اختصاصيون في علم النفس الإرشادي لأشخاص يعانون من سوء توافق نفسي أو شخصي أو اجتماعي ويهدف إلى مساعدتهم على تجنب الوقوع في مشكلات أو محن نفسية أو اجتماعية أو أسرية وتقليل آثارها اذا وقعت استرشادًا بالعبادات والقيم الدينية مثل الصبر, والدعاء, والإيمان. أماحمدانوآخرون (2010) فيعرفه على أنه أسلوب وقائي، ويهدف إلى الاستبصار، وهو إرشاد وعلاج وتربيه وتعليم يقوم على استخدام القيم والمفاهيم الدينية. كما يعرفه إبراهيم (2018) على انه أداة للتغلب على العقبات التي تقف في سبيل التوافق النفسي وتحقيق الحاجات النفسية والفسيولوجية لدى الأفراد بصفه عامه عن طريق الرجوع إلى القران الكريم والسنه النبوية الشريفة.

ويُنظر للإرشاد النفسي الديني أحد الأساليب التي تستخدم كأداة للتغلب على العقبات التي تقف في سبيل التوافق النفسي وتحقيق الحاجات النفسية والفسيولوجية لدى الأفراد وتنمية الذكاء الروحي الذي يرتبط بشكل إيجابيا بكل من السعادة النفسية, العلاقات الإيجابية, جودة الحياة, القدرة على التكيف ومواجهة المرض ويرتبط أيضاً ارتباطاً سلبيًا بالعديد من المتغيرات السيكولوجية السلبية مثل الإدمان, والاكتئاب, والعدوان, والانتحار, والتطرف (عامر, 2018).

يوجد العديد من الأساليب والفنيات التي يستخدمها المرشد في الإرشاد النفسي الديني، منها: قراءة القرآن الكريم وتدبره، قال تعالى : {كِتَٰبٌأَنزَلۡنَٰهُإِلَيۡكَمُبَٰرَكٞلِّيَدَّبَّرُوٓاْءَايَٰتِهِۦوَلِيَتَذَكَّرَأُوْلُواْٱلۡأَلۡبَٰبِ{(29))سورة ص، آية (29. والدعاء: لقوله تعالى: «قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة أغير الله أتدعون إن كنتم صادقين* بل إياه تدعون إليه إن شاء وتنسون ما تشركون» (سورة الأنعام، 40 -41)؛ والطلب والسؤال من الله لقوله تعالى: «وقال ربكم أدعوني أستجب لكم» (سورة غافر، آية 60)؛ والنداء: لقوله تعالى: «يوم يدعو لكم فتستجيبون بحمده» (سورة الإسراء، آية52 )؛ والاستبصار: يعتبر من فنيات الإرشاد النفسي الديني المهمة، يهدف إلى معرفة الفرد أسباب مشكلته التي يعاني منها.

ومن الأهداف الرئيسة لعلم النفس الديني هي توعية الفرد بإمكاناته وقدراته ومعرفة نقاط الضعف والقوة لديه والحصول على التغذية الراجعة والنقد الصريح الواقعي، وتوظيف المعلومات المرتبطة بالذات لتحقيق النمو والفهم الأفضل للذات، وكشف الثغرات في السلوك والشخصية ومعرفة مدى التقدم في تحقيق الأهداف (البسطامي, 2015).

تقنيات الإرشاد النفسي الديني

  1. الإيمان بالله تعالى من الأسباب الرئيسة والشعور بالسعادة وانشراح الصدر وذهاب الغم والحزن, لقوله تعالى: (فَمَن يُرِدِ ٱللَّهُ أَن يَهۡدِيَهُ ۥيَشۡرَحۡ صَدۡرَهُۥ لِلۡإِسۡلَٰمِۖ وَمَن يُرِدۡ أَن يُضِلَّهُۥ يَجۡعَلۡ صَدۡرَهُۥ ضَيِّقًا حَرَجا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي ٱلسَّمَآءِۚ كَذَٰلِكَ يَجۡعَلُ ٱللَّهُ ٱلرِّجۡسَ عَلَى ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ) (125)(سورة الأنعام، آية (125.
  2. الإيمان بالقضاء والقدر: كل شيء يقدر الله سبحانه وتعالى، فالإيمان بقضاء الله وقدره يعلم المرء إن ما أصابه لم يكن ليخطئه وليس منه بر، وما أخطاه لم يكن ليصيبه مهما حاول أن يجلبه إليه. فقال الله تعالى: )إِنَّا كُلَّ شَيۡءٍ خَلَقۡنَٰهُ بِقَدَر( (سورة القمر،آية(49 ،
  3. التقوى والعمل الصالح: من اتقى الله جعل له مخرجاً ولا يخذله الله عز وجل، فالمعاصي توّرث الوحشة، والتقوى والعمل الصالح يوّرثان الطمأنينة والسكينة وتبصره بالحق (إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ إِذَا مَسَّهُمۡ طَٰٓئِف ٞمِّنَ ٱلشَّيۡطَٰنِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبۡصِرُونَ) (سورة الاعراف، آية (201.
  4. الصلاة وقراءة القرآن وكثرة الذكر من أهم ما يشرح الصدر هي الصلاة وهي صلة بين العبد.

ويشكل الدين اللبنة الأساسية في حياة المجتمعات والأفراد؛ لأنه يتضمن جوانب روحانية وأخلاقية تخص الإنسان، وتلامس جميع حياته على الصعيد النفسي الذاتي والاجتماعي والاقتصادي، ويشكل قاعدة إيمانية يبنى عليها الإرشاد الديني برمته؛ لذلك يجب قراءة الآيات التي توضح وتبين للفرد الله تعالى من خلال تأمله في ما حوله من موجودات، وذلك لحكمة يعلمها الله عز وجل وليمهد بها للإنسان حتى تكون طريقه للهداية، ومن ثم العلاج والإصلاح والتغيير، وبلوغ الصحتين النفسية والجسمية، وتعميق إيمان الفرد بالله عز وجل احد أهداف علم النفس الديني وزيادة الاعتقاد فيه وصدق وعود الله تعالى لعباده.

الذكاء الروحي

بدأت الدراسات العلمية الحديثة للقدرات العقلية والذكاء وامتدت في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين على فرانسيس غالتون(Francis Galton)، وألفرد بينيه (Alfred pinet)، حيث كان غالتون أحد رواد علم الإحصاء وكان يؤمن بان كل شيء يمكن قياسه، والقياس الكمي هو المحك الأول لأي دراسة علمية بينما يعتبر بينيه هو المؤسس الأول لاختبار الذكاء الذي عرف بعد ذلك بالمدخل السيكومتري للذكاء والقائم على قياس المستوى العقلي عند الأفراد (طه، 2006).

أوضح بوزان (Buzan, 2001) بان القرن الحادي والعشرون هو بداية العصر الذي انتقل فيه العالم من حالة الظلمة الروحانية إلى عصر من الوعي والتطور والتنوير الروحي، فهناك اهتمام عالمي بالذكاء الروحي،كما أن هناك علاقة ارتباطية موجبة وقوية بين الذكاء الروحي والشخصية وسماته التي يتصف بها الفرد، والجانب الروحي له أهمية كبيرة وتأثير قوي على الفرد ودرجة ذكائه.

يعد الذكاء الروحي بمثابة أساس موجه للذكاءات الأخرى وهو وسيلة مهمه في فهم المبادئ الرئيسية لضمير الإنسان فهو يساعد الفرد في فهم قدراته ويساعده على التصرف بحكمة في المواقف المختلفة ويساعده في المحافظة على اتزانه وسلامته الداخلية والخارجية في كل الأحوال, فالطالب الذكي روحيًا هو القادر على التعامل مع الآخرين والحكمة والقدرة على النجاح والتألق في حياته الشخصية(Wigglesworth, 2006).

ويرى رحمان وشاه (Rahman& Shah, 2015) بأن الذكاء الروحي يقصد به من وجهة نظر المنظور الإسلامي هو قدرة الفرد على امتلاك مجموعة من الفضائل الأخلاقية التي تتضمن المسؤولية، والصدق والحكمة، وهو عبارة عن توجهات دينية روحية يمكن أن تستخدم بصورة قوية في التنبؤ بالطمأنينة النفسية، ويعد من المؤشرات القوية الدالة على الصحة النفسية الإيجابية للفرد (Shojaei&Soleimani, 2015).فالذكاء الروحي هو قدرة الأنسان على أحداث التواصل بين العقل والروح ويمثل قدرته على الفهم العميق للأسئلة الوجودية وقدراته على استبصار المستويات المتعددة من الوعي التي تمثل قوة الحياة الإبداعية للتطور (Samul, 2020).

وينمو الذكاء الروحي ويزداد لدى الإنسان في عدة مراحل تبدأ المرحلة الأولى بتركيز انتباه الإنسان على الذات من خلال التوجه إلى الله تعالى، والتوسل إليه والصلاة، والشكر، من أجل الشعور بالأمان التي يمر بها الإنسان والشعور بالطمأنينة والتضامن مع الدين وامتداد اهتمام الفرد بذاته ليصل إلى الالتزام بالدين، فالانتقال إلى التوجه العام للوعي بالذات تأتي مجرد الالتزام بالمدركات الدينية وفهم الطرق والأساليب المختلفة للإدراك ومعايشة الواقع الحقيقي (Wilbur, 2001).

الدراسات السابقة

المحور الأول: الدراسات التي تناولت البرنامج الإرشادي الديني

أجرى يحيى وعيسى (2019) دراسة هدفت إلى التعرف على دور الإرشاد النفسي الديني في تحقيق التوافق النفسي لدى المراهقة المتمدرسة. تكوَّنت عينة الدراسة من (152) مراهقة متمدرسة بالمرحلة الثانوية (76 من المرتادات على المدارس القرآنية و76 من غير المرتادات عليها)، وقد تم اختيارهن بالطريقة العشوائية البسيطة. ولجمع المعلومات تم استخدام مقياس التوافق النفسي الاجتماعي. أشارت نتائج الدراسة إلى أن للإرشاد النفسي الديني دور في تحقيق التوافق النفسي لدى المراهقات المتمدرسات.

قام البيومي وآخرون (2021) بدراسة هدفت التحقق من مدى فعالية برنامج إرشادي في تحقيق الأمن الاجتماعي لدى طلاب جامعة الطائف من خلال التوعية بمخاطر السلوك الإجرامي، وذلك من منظور ديني. بلغت عينة الدراسة من (20) طالبًا بكلية الآداب بجامعة الطائف/ السعودية، تم تقسيمهم إلى مجموعة تجريبية ومجموعة ضابطة)، وتم إعداد برنامج إرشادي نفسي من منظور إسلامي. أظهرت النتائج تحسن مستوى الأمن الاجتماعي لدى طلاب المجموعة التجريبية، واستمرار التحسن خلال القياس التتبعي.

المحور الثاني: الدراسات التي تناولت الذكاء الروحي

هدفت دراسة ريجي وآخرون (Rigi et al., 2019) إلى معرفة الدور الوسيط لتحمل الضيق في علاقة الذكاء الروحي والنضج العاطفي بالتكيف الأكاديمي. تم اختيار (273) طالبًا وطالبة من جامعة شهيد جمران في مدينة الأهواز في إيران. تم استخدام مقياس النضج العاطفي، مقياس تحمل الضيق ، ومقياس الذكاء الروحي والتكيف الأكاديمي. أظهرت النتائج أن النضج العاطفي والذكاء الروحي وتحمل الضيق كان لها ارتباط إيجابي معنوي بالتكيف الأكاديمي.

وكان الغرض من دراسة بوسبيتا وآخرون (Puspita et al., 2023) هو تحسين الذكاء الروحي للأطفال ومعالجتهم من خلال قراءة القرآن وكتابته. تكوَّنت العينة من طلبة المرحلة الثانوية من مدرسة المجاهدة بورواكارتا/ اندونيسيا. وتم استخدام الملاحظات المباشرة والمسجلة والتقاط الصورة كاملة لهذا النشاط بشكل طبيعي. بينَّت نتائج الدراسة أن الذكاء الروحي هو ذكاء يتم الحصول عليه من خلال برنامج متكامل لتعليم قراءة القرآن والكتابة، ويمنح هذا التعلم مثل هذا لمسة روحية، وفوائد تعلم القرآن وتأثيره على الأطفال في الدنيا والآخرة. غالبًا ما يمنح المعلمون هذا الدافع أثناء التعلم للطلبة، والطلب من أولياء الأمور إقامة اتصالات جيدة لتنمية قدرات الأطفال بشكل مشترك، والقدرة على أداء الصلوات الخمس اليومية، وتلاوة القرآن في المنزل قدر الإمكان.

الطريقة والإجراءات

منهجية الدراسة

تم استخدام المنهجِ شبهِ التجريبي Quasi Experimental))؛ لمناسبته أهداف الدراسة.

أفراد الدراسة

تم اختيار أفراد الدراسة بالطريقة القصدية من طالبات الصف الأول الثانوي العلمي في مدرسة المزار الثانوية للبنات التابعة لمديرية التربية والتعليم للواء المزار الشمالي المنتظمات بالدراسة خلال الفصل الأول للعام الدراسي 2023/2024، والبالغ عددهن 012 طالبة موزعات على (3) شعب دراسية، واختيار(40) طالبة ممن حصلن على مستوى منخفض على مقياس الدراسة (الذكاء الروحي)، وتم تقسيم الطالبات المشاركات عشوائياً إلى مجموعتين: الأولى ضابطة بواقعِ (20) طالبة، والثانيةُ تجريبية بواقعِ (20) طالبة.

أدوات الدراسة

لتحقيق أهداف الدراسة استخدمت الباحثة الأدوات الآتية:

أولًا- مقياسُ الذكاء الروحي

استخدمت الباحثةُ مقياسِ الذكاء الروحي الذي قام الشاوي (2012) بترجمته إلى اللغة العربية، وقد تكون المقياس بصورته الأولية من (68) فقرة موزعة على (5) أبعاد هي:الوعي، والنعمة، والمعنى، والتفوّق، والحقيقة.

دلالات الصدق والثبات للمقياس بصورته الحالية

دلالات الصدق الظاهري

تم عرض المقياس بصورته الأولية على مجموعة من المحكمين من ذوي الاختصاص في مجالات علمِ النفسِ التربويِ والإرشاد النفسي في الجامعات الأردنية والبالغ عددهم (10) محكمين؛ بهدف إبداء آرائهم حول صحة محتوى المقياس، ومدى مناسبته للعينة المستهدفة،وأجريت التعديلات المقترحة على فقرات المقياس، والتي تتعلق بتعديل الصياغة اللغوية لبعض الفقرات لتصبح أكثر وضوحاً، وحذف (12) فقرة من المقياس، لعدم مناسبتها للبعد الذي تنتمي له، ولتشابه فكرتها مع فقرات أخرى داخل المقياس، ولعدم مناسبتها لأفراد الدراسة، ونقل الفقرة (16) من بعد النعمة إلى بعد الوعي، وكذلك الفقرة (46) من بعد التفوق إلى بعد الوعي.وبذلك أصبح المقياس بعد التحكّيم يتكون من (56) فقرةً موزعةً على خمسة أبعاد.

مؤشرات صدق البناء

تم تطبيق المقياس على عينة استطلاعية مكونة من (20) طالبة من مجتمع الدراسة ومن خارج عينتها، وتم حساب مؤشرات صدق البناء باستخدام معامل ارتباط بيرسون (Pearson)؛ لإيجاد قيم ارتباط الفقرة بالدرجة على البعد الذي تتبع له والدرجة الكلية على المقياس من جهة أخرى، كما هو مبين في الجدول (1).

جدول (1): قيم معاملات الارتباط بين فقرات مقياس الذكاء الروحي من جهة وبين الدرجة الكلية للمقياس والبعد الذي تتبع له من جهة أخرى.

الرقم الارتباط مع: الرقم الارتباط مع: الرقم الارتباط مع: الرقم الارتباط مع:
البعد الكلي البعد الكلي البعد الكلي البعد الكلي
1 0.74 0.54 15 0.57 0.54 29 0.61 0.56 43 0.62 0.50
2 0.47 0.42 16 0.59 0.51 30 0.55 0.36 44 0.58 0.57
3 0.50 0.43 17 0.62 0.48 31 0.63 0.60 45 0.62 0.50
4 0.60 0.44 18 0.78 0.66 32 0.61 0.46 46 0.57 0.48
5 0.68 0.67 19 0.79 0.70 33 0.64 0.45 47 0.75 0.70
6 0.66 0.54 20 0.60 0.51 34 0.73 0.72 48 0.53 0.49
7 0.57 0.49 21 0.70 0.64 35 0.47 0.44 49 0.67 0.57
8 0.67 0.61 22 0.72 0.60 36 0.58 0.50 50 0.76 0.69
9 0.76 0.69 23 0.62 0.48 37 0.72 0.67 51 0.44 0.39
10 0.62 0.55 24 0.61 0.49 38 0.49 0.41 52 0.66 0.54
11 0.75 0.68 25 0.71 0.54 39 0.56 0.43 53 0.74 0.67
12 0.77 0.70 26 0.48 0.38 40 0.65 0.46 54 0.78 0.69
13 0.71 0.57 27 0.65 0.54 41 0.66 0.50 55 0.57 0.46
14 0.69 0.59 28 0.66 0.60 42 0.63 0.57 56 0.67 0.56

يتضح من الجدول (4) أن قيم معاملات ارتباط فقرات المقياس قد تراوحت بين(0.79 – 0.44)مع أبعادها وبين (0.72 – 0.36)مع الدرجة الكلية للمقياس، وكانت جميع قيم معاملات الارتباط ذات دلالة إحصائية عند مستوى الدلالة (α=0.05)، وتعد هذه القيم مقبولة للإبقاء على الفقرات ضمن المقياس حسب معيار عودة (2010)، وبذلك قبلت جميع فقرات المقياس، وأصبح المقياس بصورته النهائية يتألف من (56) فقرة، موزعة على خمسة أبعاد.

ثبات مقياس الذكاء الروحي

لتقدير ثبات الاتساق الداخلي لمقياس الذكاء الروحي وأبعاده؛ تم استخدام معادلة كرونباخ ألفا ((Cronbach’s Alpha, على بيانات التطبيق الأول للعينة الاستطلاعية والبالغ عددها (20) طالبة، كما تم التحقق من ثبات الإعادة للمقياس؛ من خلال إعادة تطبيق المقياس على العينة الاستطلاعية السابقة، بفارق زمني مقداره أسبوعين بين التطبيقين الأول والثاني، ومن ثم حساب معامل ارتباط بيرسون بين التطبيقين الأول والثاني، حيث بلغت قيمة ثبات الإعادة للمقياس ككل بلغ (0.89)، تراوحت قيم ثبات الإعادة لأبعاده ما بين (0.76 – 0.85)، وبلغ ثبات الاتساق الداخلي للمقياس ككل (0.85)، تراوحت قيم ثبات الاتساق الداخلي لأبعاده ما بين (0.74 – 0.83). وتُعد هذه القيم مقبولة لأغراض الدراسة الحالية.

تصحيح مقياس الذكاء الروحي

تكون مقياس الذكاء الروحي بصورته النهائية من (56) فقرة موزعة على خمسة أبعاد، يُستجاب عليها وفق تدريج رباعي يشتمل البدائل التالية: (لا يحدث أبد، يحدث نادراً، يحدث كثيراً، يحدث دائماً)، وللوصول إلى حكم موضوعي على متوسطات استجابات أفراد عينة الدراسة، تم اعتماد التصنيف الآتي: منخفض (أقل من 2.34), متوسط (2.34 -3.67), مرتفع (أكثر من 3.67).

ثانياً: برنامج الإرشاد الديني النفسي

قامت الباحثة بتطوير برنامج تدريبي مستنداً إلى الإرشاد الديني النفسي لتنمية الذكاء الروحي ودافعية الإنجاز الأكاديمي، وهو خطة تدريبية ومجموعة من الإجراءات العلمية في ضوء أسسٍ تربوية ونفسية تحتويها جلسات منظمة. ويتكون البرنامج التدريبي من 12)) جلسة تدريبية ، مدة كلجلسة (45-60) دقيقة، بواقع جلستين في الأسبوع، ويحتوي البرنامج على مجموعة من الأنشطة والمواقف والمهمات المنظمة والمخططة من تصميم الباحثة.

الهدف العام من البرنامج التدريبي

يهدفُ تصميمُ البرنامجِ الإرشادي إلى مساعدةِ الطلبة مرحلة الثانوية في تحسينِ الذكاء الروحي وزيادة مستويات دافعية الإنجاز الأكاديمي، ويتمُّ من خلالِ عقدِ جلساتٍ تدريبيةٍ للطلبة.

الأهدافُ الخاصةُ للبرنامجِ

  • تعرفُ المهاراتِ اللازمةِ لإدارةِ المشاعرِ وتكوينِها.
  • التعرف وتحديدُ المشاعرِ، والقيمِ والأفكارِ المحركةِ للفردِ، وتحديدُ نقاطِ القوةِ والضعفِ والشعورِ بالقدرةِ.
  • التدريبُ على فهم وجهاتِ النظرِ المتعددةِ للأشخاصِ وتطوير مهارة التعاطفِ، وتقبل الرأيِ الآخر، واحترام الآخرين ووجهات نَظرهم وتقبل الاختلاف. والتدرب على مهارات الاتصالِ والتواصل مع الآخرين، وتنمية المهارات والكفاءة الاجتماعية وبناءُ علاقاتِ العملِ الجماعيِ
  • تطويرُ مهارة تحديدِ المشكلة، وإدراك التفسيراتِ المختلفةِ للمشكلة، واقتراح حلول للمشكلةِ، وتقييمُ الحل والقُدرَة على اتخاذ القرارات حِيالها.
  • زيادة الرضا عن الحياة لدى أفراد المجموعة باستخدام فنيات الإرشاد النفسي الديني وتعديل التشوهات من خلال تعديل بعض الأفكار والمعتقدات وفق الفلسفة الإسلامية. وتدريب أفراد المجموعة على مهارات إعادة البناء المعرفي، وزيادة الوعي الديني لدى أفراد المجموعة.
  • إكساب المشاركين رؤية إسلامية واضحة حول بعض المفاهيم مثل الصلاة، والصبر، والتوكل على الله، والثقة بالله.
  • مساعدة أفراد المجموعة على تطبيق ما تعلموه داخل الجلسات على أحداث الحياةاليومية.

صدق البرنامج التدريبي

تم التحقق من صدق البرنامج الإرشادي المستند إلى الإرشاد النفسي الديني من خلال عرضه بصورته الأولية على مجموعة من المحكمين من الأساتذة المختصين في علم النفس التربويِ والإرشادي ,وأصل الدين، وطلب منهم إبداء الرأي حول أهداف البرنامج، والمواقف التدريبية المكونة للبرنامج ومدى مناسبة الأنشطة والفترة الزمنية لكل جلسة تدريبية.

إجراءات الدراسة

لتحقيق أهداف الدراسة والإجابة على أسئلتها، قامت الباحثة بالخطوات الأتية:

  • مراجعة الأدب النظري والدراسات السابقة المتعلقة بأدوات الدراسة وبناءها بصورتها الأولية، والتحقق من الصدق الظاهري لها.
  • التحقق من دلالات الصدق والثبات لأداة الدراسة في صورتها النهائية، بعد تطبيقها على العينة الاستطلاعية.
  • إعداد برنامج الإرشاد الديني النفسي، والذي يتضمن : الهدف العام للبرنامج، والأهداف الفرعية، وعدد جلسات البرنامج والأنشطة المرافقة والزمن اللازم لكل جلسة.
  • التحققُ من صدقِ البرنامجِ الإرشادي من خلال عرضهِ بصورتِهِ الأولية على (10) محكمين من الأساتذة المختصين في علمِ النفسِ التربويِ والإرشاديِ ، وأصول الدين.

– اختيار طالبات الصف الأول الثانوي العلمي لتطبيق أدوات الدراسة عليهن، واختيار(40) طالبة ممن حصلن على مستوى أقل من المتوسط على مقياسي الدراسة (الذكاء الروحي، ودافعية الإنجاز الأكاديمي)، وكانت لديهن الرغبة في الاشتراك في البرنامج التدريبي، بعد الحصول على موافقة خطية من أولياء أمورهن.

  • تقسيم العينة عشوائيًا إلى مجموعتين: مجموعة تجريبية مكونة من (20) طالبة (مجموعة البرنامج التدريبي)، ومجموعة ضابطة مكونة من (20) طالبة (بدون أي تدخل إرشادي).
  • تطبيق أدوات الدراسة على مجموعات الدراسة قبل البدء بتطبيق جلسات برنامج الإرشاد الديني النفسي (القياس القبلي).
  • تطبيق جلسات برنامج الإرشاد الديني النفسي على المجموعة التجريبية.
  • تطبيق أدوات الدراسة على مجموعات الدراسة بعد الانتهاء من تنفيذ البرنامج التدريبي (القياس البعدي).
  • تطبيق القياس المتعلق بالمتابعة على المجموعة التجريبية بعد مرور شهر من التطبيق.
  • جمع الاستجابات على أدوات الدراسة وتفريغها وإدخالهاإلى الحاسوب؛ لإجراء المعالجات الإحصائية باستخدام برنامج(SPSS).

عرض النتائج ومناقشتها

أولاً: النتائج المتعلقة بسؤال الدراسة الأول الذي نص على: هل هناك فروق ذات دلالة إحصائية بين القياس البعدي للمجموعة التجريبية والقياس البعدي للمجموعة الضابطة في تنمية الذكاء الروحي بعد تطبيق البرنامج الإرشادي النفسي الديني على أفراد المجموعة التجريبية؟”تم إيجاد قيم المتوسطات الحسابية والانحرافات المعيارية للقياسات القبلية والبعدية والمعدلة للذكاء الروحي (ككل)، لأعضاء المجموعتين التجريبية والضابطة، كما هو مبين في الجدول (5).

جدول (5): المتوسطات الحسابية والانحرافات المعيارية للقياسات القبلية والبعدية والمعدلة للذكاء الروحي (ككل) تبعاً لمتغير المجموعة

المجموعة العدد القبلي البعدي المعدل
المتوسط

الحسابي

الانحراف

المعياري

المتوسط

الحسابي

الانحراف

المعياري

المتوسط

المعدل

الخطأ

المعياري

تجريبية 20 2.18 0.47 3.30 0.39 3.30 0.12
ضابطة 20 2.20 0.48 2.41 0.65 2.41 0.12

يتضح من الجدول (5) وجود فروق ظاهرية بين المتوسطات الحسابية للقياس البعدي للذكاء الروحي (ككل) في المجموعتين التجريبية والضابطة ، وللتحقق من جوهرية الفروق الظاهرية تم استخدام تحليل التباين الأحادي المصاحب(One way ANCOVA) ،بعد الأخذ بعين الاعتبار درجات القياس القبلي للذكاء الروحي(ككل)،لكل من المجموعتين، وذلكَ كمتغير مصاحب،كما هو مبين في الجدول (6).

جدول(6): نتائج تحليل التباين الأحادي المصاحب(One way ANCOVA) للقياس البعدي للذكاء الروحي (ككل) لدى أفراد عينة الدراسة

مصدر التباين مجموع

المربعات

درجات

الحرية

متوسط

المربعات

قيمة

(F)

مستوى

الدلالة

مربع ايتا

()

المجموعة 8.037 1 8.037 27.331 *0.000 0.425
القياس القبلي 0.047 1 0.047 0.161 0.690
الخطأ 10.880 37 0.294
المجموع 18.947 39

*دالة إحصائيا ًعند مستوى(0.05)

يتضح من الجدول (6) وجود فروق دالة إحصائيًا عند مستوى الدلالة(α = 0.05)بين المتوسطين الحسابيين للقياس البعدي للذكاء الروحي (ككل) تعزى للمجموعة (تجريبية،ضابطة) لصالح المجموعة التجريبية التي تم تدريبها على البرنامج الإرشادي النفسي الديني؛ وبلغ حجم التأثير الناتج عن استخدام البرنامج الإرشادي في رفع مستوى الذكاء الروحي (ككل) والذي تدل عليه قيمة مربع ايتا () (42.50٪) وتُعدُّ هذه القيمة مرتفعة وفقا لما أشار له الكيلاني والشريفين (2014). وهذا يعني بوجه عام أن البرنامج الإرشادي قد ساهم بشكل كبير في رفع مستوى الذكاء الروحي لدى أفراد عينة الدراسة من طالبات الصف الأول الثانوي العلمي.

تعزو الباحثة هذه النتيجة إلى أن محتوى جلسات البرنامج الإرشادي مستوحاة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، فالمتتبع لأخلاق النبي صلي االله عليه وسلم والمتأمل لسلوكه يجد هدياً كاملاً وشاملاً يساهم في علو النفس وسمو الروح والخلق. فالبرنامج الإرشادي الديني في الدراسة الحالية استند إلى قيم ومبادئ دينية وروحية وأخلاقية. كما أن المتأمل لآيات القرآن الكريم والقيم والفضائل التي حثنا رسول االله صلىاالله عليه وسلم على التحلي بها يجد آداباً نبوية تدور كلها حول المعاني التالية: إخلاص التوحيد الله، وتفويض الأمر لله وحده، واللجوء إلى الله كمصدر للأمن والطمأنينة والراحة، وتحقيق التصالح مع االله ومع النفس والآخرين، وتوجيه التفكير والنفس والتدبر وجهة ربانية يلقى الفرد فيها أمنه واستقراره. إضافة إلى ذلك، أن البرنامج الإرشادي الديني يخاطب الشخصية الإنسانية بكافة جوانبها العقلية والنفسية والروحية والدينية، ويتعامل معها كوحدة كلية شاملة.

ثانياً: النتائج المتعلقة بسؤال الدراسة الثالث الذي نص على: “هل هناك فروق ذات دلالة إحصائية بين القياسين البعدي والتتبعي لدى أفراد المجموعة التجريبية؟”تم حساب المتوسطات الحسابية والانحرافات المعيارية للذكاء الروحي في القياسين البعدي والتتبعي لأفراد المجموعة التجريبية وتطبيق اختبار(T-Test) للعينات المرتبطة (T-Test for Paired Samples) للكشف عن الفروق بين القياسين البعدي والتتبعي للذكاء الروحي لدى أفراد عينة الدراسة،كماهومبين في الجدول (11).

جدول (11): نتائج اختبار (t-test for Paired Samples) للكشف عن الفروق في القياسين البعدي والتتبعي للذكاء الروحي لدى أفراد عينة الدراسة.

البُعد القياس المتوسط الحسابي الانحراف المعياري قيمة (t) درجات الحرية الدلالة الإحصائية
الوعي البعدي 3.36 0.55 1.436 19 0.167
المتابعة 3.31 0.49
النعمة البعدي 3.16 0.59 1.030 19 0.316
المتابعة 3.10 0.44
المعنى البعدي 3.40 0.42 1.400 19 0.178
المتابعة 3.35 0.41
التفوق البعدي 3.39 0.71 1.188 19 0.249
المتابعة 3.32 0.58
الحقيقة البعدي 3.20 0.78 1.022 19 0.320
المتابعة 3.12 0.61
الذكاء الروحي(ككل) البعدي 3.30 0.39 1.178 19 0.252
المتابعة 3.26 0.32

*دالة إحصائيا ًعند مستوى(0.05)

يتضح من الجدول (11) عدم وجود فرق دالّ إحصائياً عند مستوى الدلالة(α = 0.05)بين متوسطات درجات أفراد عينة الدراسة على مقياس الذكاء الروحي بدلالته الكلية وأبعاده الفرعية في القياس البعدي،وبين متوسطات درجاتهم في القياس التتبعي بعد مرور شهر من انتهاء البرنامج, ما يشير إلى احتفاظِ المشاركين بالمكاسب التدريبية للبرنامج الإرشادي في رفع مستوى الذكاء الروحي لدى أفراد عينة الدراسة من طالبات الصف الأول الثانوي العلمي.

يمكن إرجاع سبب هذه النتيجة إلى أن جلسات البرنامج ركزت على معارف وخبرات واتجاهات مرتبطة بقدرة القرد على ضبط النفس والسيطرة على الانفعالات، والنظرة إيجابية نحو الذات، والتفكير الإيجابي، وأهمية تنمية الصحة النفسية بشكل عام، ولكونها من أبرز الجوانب التي لها قدرة على تحقيق مستويات أفضل من الذكاء الروحي لدى الطلبة.وقد تعزو الباحثة هذه النتيجة إلى تسلسل جلسات البرنامج، وتنظيمها، وتقديمها بشكل يتناسب مع قدرات الطالبات ورغباتهن، وربطها بواقعهن وحياتهن الأكاديمية، كما أن طريقة الباحثة في تقديم الجلسات وعرضها بأسلوب جاذب ومشوق يساهم في جذب انتباههن، ويجعلهن أكثر تشوقًا لكسب المزيد من المعارف، وأكثر تقبلًا لتعليمات الباحثة، وأكثر تفاعلاً، وتضمن استمراريتهن وتركيزهن في المهمات المطروحة، والاستحواذ على انتباههن.

التوصيات

  1. تنظيم الورش التدريبية الخاصة بالمعلمين لتعريفهم بفنيات وتقنيات الإرشاد الديني، وبين مدى أهميته في تحقيق الرضا النفسي والأمن والطمأنينة، وانعكاساته الإيجابية على تعلم الطلبة والتمسك بالأخلاق الإسلامية الحميدة، والعادات الصحيحة.
  2. توعية المعلمين وأولياء الأمور بأهمية الذكاء الروحي، ومدى فاعليته وقدرته في تحسين مستويات الطلبة الأكاديمية، وحل المشكلات الدراسية، وتحقيق التفوق والنجاح.
  3. إجراء الدارسات المقارنة للكشف عن فاعلية البرنامج الإرشادي الديني في تنمية الذكاء الروحي بين الجنسين، أو مقارنتها مع مراحل أكاديمية مختلفة في ضوء المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.

قائمة المراجع

Al-Quran Al-kareem.

Al-Bayoumi, Saad, Al-Haj Tayfour, Muhammad and Al-Dalaa, Taghreed and Issa, Muhammad Bunyan, Abdullah. (2021). The effectiveness of a religious counseling program based on awareness of the dangers of criminal behavior in achieving social security among students at Taif University. Journal of Scientific Research in Education, 22(4), 186-216.

Al-Bistami, Muhammad. (2015). The concept of renewing the religion by preaching and defending Islam. Al-Aseel Center for Studies and Research.

Al-Shawi, Suleiman. (2012) Evaluating the spiritual intelligence scale on the Saudi environment, written by Christopher Darer, Yossi Amram, Journal of the Faculty of Education, Al-Azhar University, 150 (2), 13-36.

Amer, Nadia Fathy (2018). A counseling program to raise the level of psychological security for visually handicapped female students at Taif University. Ain Shams University Psychological Counseling Journal, 53, 139-185.

Buzan, T. (2001). The power of Spiritually intelligence. New YorK Harper Collins publishers.

Coffee. R. Stephen (2006). The eighth habit. 7th edition, Damascus, Dar Al-Fikr.

Corey, G. (2005). Theory and practice of counselling and psychotherapy (6th ed.). Belmont, CA: Thomson Brooks/Cole.

Hamdan, Fadda Al-Faqi, Amal and Rajab Suleiman. (2010). The effectiveness of religious psychotherapy in alleviating the symptoms of obsessive-compulsive disorder among a sample of female university students. Saudi Arabia: Higher Education Symposium for Girls at Taibah University, Taibah University.

Ibrahim, Abaker Adam (2018). Religious psychological counseling and its impact on changing values and social behavior: an analytical descriptive study. Generation Journal of Humanities and Social Sciences, 47, 9-19.

Ismail, Hanan (2020). The effectiveness of religious psychological counseling in developing spiritual intelligence and alleviating the severity of obsessive-compulsive disorder among a sample of female university students. Journal of Education, Al-Azhar University, 1(186), 365-202.

King, D. B., &DeCicco, T. L. (2009). A viable model and self-report measure of spiritual intelligence. International journal of transpersonal studies28(1), 68-85.

Puspita, R. ., Wahyuni Sari, & Imam, T. (2023). Learn To Read Write the Qur’an: Does It Really Improve Spiritual Intelligence. Kampret Journal2(2), 78–84. https://doi.org/10.35335/kampret.v2i2.10

Rahman, Z. A., & Shah, I. M. (2015). Measuring Islamic spiritual intelligence. Procedia Economics and Finance31, 134-139.

Rigi, A. S., Honarmand, M. M., Beshlideh, K., Sarparast, A., Khanali, S., &Nejad, Z. A. (2019). Mediating Role of distress tolerance in relationship of emotional maturity and spiritual intelligence with adjustment to university. Journal of Pizhūhishdardīnvasalāmat5(1), 87-100.

Samul, J. (2020). Emotional and spiritual intelligence of future leaders: Challenges for education. Education Sciences10(7), 178.

Shojaei, A., &Soleymani, E. (2015). The effectiveness of spiritual intelligence training on psychological well-being of students covered by the imam khomeini relief committee. Journal of school psychology4(1), 104-121.

Taha, Mohammed. (2006). Human intelligence. National Council for Culture, Arts and Letters.

Wigglesworth, C. (2006). Why spiritual intelligence is essential to mature leadership. Integral Leadership Review6(3), 1-17.

Wilbur, K. (2001). How straight is the spiritual path? The relation of psychological and spiritual growth. The eye of the spirit: An integral vision for a world gone slightly mad.

Yahya, Ahlam. (2019). The effectiveness of a program based on religious psychological counseling in alleviating future anxiety among students at Mohamed Boudiaf University, M’sila. Doctoral dissertation (unpublished). Mohamed Boudiaf University, M’sila, Algeria.