قياس أثر استدانة الحكومة المركزية من النظام المصرفي وانعكساتها على التضخم في السودان خلال الفترة 2000 – 2022م.

د. يوسف الحاج هارون يوسف1

1 أستاذ مشارك بقسم الاقتصاد – كلية الاقتصاد والدراسات الاجتماعية – جامعة الجنينة – السودان.

بريد الالكتروني: yousifelhaj50@gmail.com

HNSJ, 2024, 5(10); https://doi.org/10.53796/hnsj510/10

تحميل الملف

تاريخ النشر: 01/10/2024م تاريخ القبول: 20/09/2024م

Citation Method


المستخلص

هدفت الدراسة إلى قياس أثر الاستدانة من النظام المصرفي على التضخم باستخدام بيانات سنوية للفترة 2000 – 2022م. ولتحقيق اهداف الدراسة فقد تم استخدام نموذج الانحدار الذاتي عوضاً عن نموذج التكامل المشترك لعدم توفر الشرط الضروري وهو استقرار البيانات عند نفس المستوى، وأظهرت نتائج الدراسة وجود علاقة سببية ذات اتجاه واحد من عجز الموازنة إلى التضخم واوصت الدراسة إلى أنه يمكن تخفيض معدلات التضخم من خلال سياسات اقتصادية تركز على تخفيض عجز الموازنة منها تطوير وتنويع القاعدة الانتاجية وتخفيض الانفاق الحكومي.

الكلمات المفتاحية: الاستدانة من النظام المصرفي، التضخم، نموذج الانحدار الذاتي.

Research title

Measuring the impact of central government borrowing from the banking system and its repercussions on inflation in Sudan during the period 2000-2022

Dr. Yousif ELhaj Haroun Yousif1

1 Associate Professor – Department of Economics – Faculty of Economics and Social Studies – University of El-Geneina – Sudan

Email: yousifelhaj50@gmail.com

HNSJ, 2024, 5(10); https://doi.org/10.53796/hnsj510/10

Published at 01/10/2024 Accepted at 20/09/2024

Abstract

This study aimed to measure the impact of borrowing from the banking system on inflation using annual data for the period 2000-2022. To achieve the objectives of the study, the autoregressive model was used instead of the joint integration model due to the lack of the necessary condition, which is the stability of the data at the same level. The results of the study showed the existence of a one-way causal relationship from the budget deficit to inflation. The study recommended that inflation rates can be reduced through economic policies that focus on reducing the budget deficit, including developing and diversifying the production base and reducing government spending.

Key Words: Borrowing from the banking system, inflation, autoregressive model.

المقدمة:

زيادة النفقات العامة عن الايرادات أدى إلى زاد عجز الموازنة بشكل كبير وخاصة في التسعينيات بعد انتهاج الحكومة لسياسة التحرير الاقتصادي وتصاعد الصراع فى جنوب السودان مما أدى إلى زيادة فى الانفاق العام الذي انعكس على الاداء المالي عجزاً فى الموازنة مما أدى إلى لجوء الدولة إلى الاستدانة من النظام المصرفي واصدارات نقدية جديدة مما أدى إلى زيادة فى عرض النقود مقارنة بكمية السلع المعروضة وقد انعكس ذلك متسبباً ارتفاعاً في الاسعار ومعدلات التضخم إلى أعلى معدلاتها 68,9، 130,44، 47,19 في الاعوام 1995، 1996، 1997م على التوالي مما اثر على اداء الاقتصاد السوداني ودعا لدراسة العلاقة السببية بين عجز الموازنة من جانب ومعدلات التضخم من الجانب الاخر.

مشكلة الدراسة:

السودان شأنه شأن العديد من الدول النامية التي تعاني عجزاً في الموازنة العامة وذلك نتيجةيعاني السودان من ارتفاع مستمر في معدلات التضخم وأيضاً نقص في الايرادات العامة مع زيادة في الانفاق العام مما أدى إلى عجز هيكلي فى الموازنة العامة ظل متلازماً للاقتصاد طوال فترة الدراسة ويتبين من خلال التتبع لتطورات عجز الموازنة أنها ترتبط بمشكلة أخرى لا تقل خطورة عنها وهى مشكلة تزايد معدلات التضخم نتيجة لتوجه الدولة إلى عدة وسائل لتمويل العجز، ويمثل الاستدانة من النظام المصرفي أو الاقتراض او الاصدار النقدي احد المصادر الرئيسة التي تعتمد عليها الدولة لتغطية العجز وما ينعكس على ذلك من ازدياد فى عرض النقود متسبباً الارتفاع في معدلات التضخم، وقد عانى السودان كغيره من الدول من مشكلة عجز الموازنة وما صاحبها من تذبذب فى معدلات التضخم، لذا تتمثل مشكلة الدراسة فى الإجابة على السؤال التالي: هل هناك علاقة سببية بين عجز الموازنة ومعدلات التضخم في السودان خلال فترة الدراسة؟ وما هو اتجاه هذه العلاقة؟

فرضيات الدراسة:

يسعى البحث إلى اختبار فرضية ان هناك علاقة سببية توازنية طويلة الاجل بين عجز الموازنة ومعدلات التضخم في السودان وهذه العلاقة السببية في اتجاه واحد من عجز الموازنة إلى التضخم.

أهمية الدراسة:

ترجع أهمية الورقة إلى أهمية الموضوع الذي تتناوله وانعكاساته على المستوى الاقتصادي في السودان في ظل التطورات الاقتصادية لما لعجز الموازنة من اثار في معدلات النمو والتشغيل ومستويات الاسعار ومعدلات التضخم.

أهداف الدراسة:

تهدف الورقة إلى إلقاء الضوء على جانبي الموازنة العامة في السودان، وعرض تطور معدلات التضخم في السودان خلال فترة الدراسة، وتحليل وقياس العلاقة بين عجز الموازنة ومعدلات التضخم في السودان خلال الفترة 1990 – 2022م.

منـهجية الدراسة:

تعتمد الدراسة على المنهج الوصفي التحليلي لعرض تطور كل من عجز الموازنة ومعدلات التضخم والمنهج الاحصائي الذي يتضمن الاسلوب القياسي لتقدير العلاقة بين عجز الموازنة والتضخم في السودان من خلال نموذج قياسي لاختبار طبيعة واتجاه العلاقة بينهما باستخدام اختبار جرانجر للسببية خلال الفترة 1990 – 2022م.

مصادر جمع البيانات:

تم جمع البيانات من المصادر الثانوية المتمثلة في المراجع والكتب والدراسات السابقة والتقارير الشهرية والاحصاءات السنوية من وزارة المالية وبنك السودان المركزي والجهاز المركزي للإحصاء.

الحدود الزمانية: 1990 – 2022م.

الحدود المكانية: السودان.

الدراسات السابقة:

1. دراسة هدى محمد سليمان (2003م): تتمثل مشكلة الدراسة في أنه إذا لجأت الدولة لسياسة التمويل بالعجز والذي يعني الاستدانة من البنك المركزي دون تغطية ايرادات حقيقية واذا لم تستخدم هذه الاموال في التنمية سوف تؤدى إلى زيادة معدلات التضخم، وتوصلت الدراسة إلى أن هنالك ارتباط قوي بين استدانة الحكومة لتمويل العجز والتضخم، وأوصت الدراسة إلى عدم اللجوء إلى التمويل بالعجز إلا فى حالة الضرورة ووجود حاجة حقيقيه للدولة كما للدولة تفعيل ادوات مثل شهادة المشاركة الحكومية (شهامة) وشهادات مشاركة البنك المركزي (شمم) وابتكار آليات جديده تتيح الاستفادة من مدخرات الأفراد والشركات لتمويل الانفاق الحكومي.

2. دراسة هويدا محجوب ابراهيم (2016): توصلت الدراسة إلى أن معدل التضخم المنخفض باستمرار يؤدى إلى انخفاض سعر الصرف وأرتفاع في قيمة العملة الوطنية للدولة وزيادة قوتها الشرائية وزيادة معدل نمو عرض النقود والتغيرات التي تحدث فيه تؤدي إلى ارتفاع معدل التضخم فى ظل ثبات نمو الدخل الحقيقي للدولة وكمية السلع والخدمات المنتجة، وأوصت الدراسة بالحد من التضخم الناشئ عن ارتفاع تكاليف الانتاج.

3. كمال محمد عيسى (2013): وتوصلت إلى أهم النتائج متمثلة في أنه توجد علاقة بين الايرادات العامة وعجز الموازنة وأيضاً بين الانفاق العام وعجز الموازنة وذلك فى الاجلين الطويل والقصير.

الفرق بين الدراسة الحالية والدراسات السابقة:

اتفقت الدراسة مع الدراسات السابقة في استخدام منهجية التكامل المشترك بينما اختلفت في استخدام منهجية جرانجر للسببية بالاضافة إلى تحديد الفجوات الزمنية وقياس اثر التوازن في الاجل الطويل والقصير باستخدام منهجية الانحدار الذاتي ونموذج تصحيح الخطأ، كما ان الدراسة شملت سلسلة زمنية طويلة غطت تطورات عجز الموازنة والتضخم.

الإطار النظري:

مفهوم عجز الموازنة:

هو انعكاس لعدم قدرة الايرادات على تغطية النفقات، بمعنى زيادة النفقات العامة عن الايرادات العامة فى الدولة، بمعنى اخر هو قصور الايرادات العامة المقدرة للدولة عن سداد النفقات المقدرة، فهو عبارة عن رصيد موازي سالب تكون فيه نفقات الدولة أعلى من إيراداتها. (رمزي زكى، 2000م).

انواع العجز فى الموازنة العامة:

لعجز الموازنة العامة للدولة عدة انواع نذكر منها ما يلي:

1. العجز الجاري: يعبر العجز الجاري عن صافي مطالب القطاع الحكومي من الموارد والذي يجب تمويله بالاقتراض، أي هو الفرق بين الانفاق العام الجاري والايرادات العامة الجارية، ويهدف هذا المقياس إلى التعرف إلى احتياجات القطاع الحكومي من الموارد التي يجب تمويلها بالاقتراض.

2. العجز الشامل: هو عبارة عن توسيع مفهوم العجز العام وذلك بإدخال جميع الكيانات الحكومية والمؤسسات والهيئات والمشروعات المملوكة للدولة بعين الاعتبار.

3. العجز الأساسي: يستند هذا العجز على استبعاد الفوائد المستحقة على الديون، فهذه الفوائد هي نتيجة لعجز سابق وليس نتيجة لنشاط المالي الحالي، ويهدف هذا المقياس لمعرفة مدى التحسن او التدهور الذى مرت على المديونية الحكومية نتيجة لسياسة الميزانية الجارية، ولكن يؤخذ عليه استبعاده لعنصر هام من عناصر العجز في الدول النامية وهو الفوائد المستحقة على الديون الخارجية.

4. العجز التشغيلي: هو العجز الذي يحاول ان يقيس العجز في ظروف التضخم.

5. العجز الهيكلي: يظهر العجز الهيكلي نتيجة عيب في الهيكل الاقتصادي بسبب ظروف غير مواتية تحيط بهذا الاقتصاد، وهو يظهر في شكل عجوزات مالية ضخمة متتالية لا تعالجها الحلول التي تتبناها الدولة لإقامة التوازن وهذا النوع اكثر خطورة لعمق جزوره في مالية الدولة. )منال عبدالله، 2000م).

تطور مفهوم عجز الموازنة في المدارس الاقتصادية:

المدرسة الكلاسيكية: اعتبرت المدرسة الكلاسيكية مبدأ توازن الموازنة السنوي الكلي هدفاً يجب تحقيقه في جميع الظروف أي تساوي النفقات العامة مع الايرادات العامة، اما الاقتراض فهو مرفوض الا في الحالات الاستثنائية.

المدرسة الكينزية: ويرى كينز انه ليس من الضروري توازن الموازنة العامة سنوياً ولكن المهم توازنها خلال الدورة الاقتصادية (8 – 10سنوات)، وانطلاقاً من هذه النظرية قدم وليم بيفرج نظرية حول العجز المقصود، والتي تقول بانه يمكن للدولة ان تحدث عجزاً مقصوداً في الموازنة العامة لتحقيق بعض الاهداف كالتشغيل الكامل لعوامل الانتاج مع خفض ذلك عندما يصل الاقتصاد القومي إلى مرحلة التوظف الكامل.

المدرسة النقدية: مع بداية الثمانينات من القرن العشرين، ازدادت حدة الصراع الفكري بين الاقتصاديين حول السياسات الواجب اتباعها لتمويل العجز وعلاجه، وظهرت النظرية النقدية الحديثة على يد الاقتصادي فريد مان وتقوم على تحجيم دور الدولة في النشاط الاقتصادي، وترى ان السبب الرئيسي لعجز الموازنة العامة هو تدخل الدولة من خلال سياستها المالية في النشاط الاقتصادي والذى سبب ازمة كساد وتدهور فى النمو الاقتصادي مصحوباً بالتضخم. )ايمان غسان شحرور، 2013م).

اسباب العجز في الموازنة العامة ويشمل الآتي:

  • إتباع بعض الدول سياسة التمويل بالعجز كوسيلة لتمويل التنمية الاقتصادية عن طريق الائتمان وزيادة الاصدارات النقدية.
  • الانفاق الحكومي الضخم وخاصة في المجالات العسكرية إضافة إلى بعض السلع.
  • تدهور القوة الشرائية للنقود.
  • الزيادات فيما يخص الرواتب والاجور.
  • زيادة خدمة (فوائد) الديون العامة.
  • زيادة الانفاق الحكومي بشكل عام (مباني، سيارات، مكاتب).

اثار عجز الموازنة العامة:

أولاً. أثر التمويل بالتضخم: إن الآثار الناتجة عن التمويل بالتضخم تحدث عندما تلجأ الدولة إلى تمويل عجز الموازنة العامة عن طريق الإصدار النقدي وذلك يؤدي إلى زيادة العرض النقدي وعلى هذا الأساس توجد علاقة واضحة بين زيادة عجز الموازنة العامة وزيادة العرض النقدي، لان تمويل عجز الموازنة بواسطة إصدار النقود يؤدي إلى زيادة الأسعار وارتفاع التضخم يؤدي إلى زيادة الإنفاق الحكومي، ولكن بدون زيادة مماثلة في الإيرادات، وهذا ينجم عنه عجز في الموازنة وتمويله بإصدار جديد مما يؤدي إلى زيادة أكبر في الأسعار، وعليه فأن تمويل عجز الموازنة عن طريق الإصدار النقدي يؤدي إلى النمو الكبير في العرض النقدي على نحو يزيد من الفجوة التضخمية.

ثانياً: اثر القروض الخارجية: عندما تلجأ الدولة إلى الاقتراض من الخارج تنخفض أسعار الفائدة المحلية، ومما يؤدي إلى عجز في حساب رأس المال نظراً لتدفق رؤوس الأموال إلى خارج البلد، حيث أسعار الفائدة مرتفعة. ولان المتغيرات الاقتصادية الكلية متبادلة التأثير تجاه بعضها البعض، يمكن القول بأن التغيرات الثلاث السابقة تنعكس على تدهور سعر الصرف من جهه أخرى كما يلي:

  • انخفاض قيمة العملة نتيجة انخفاض قوتها الشرائية بتأثير كمية النقود الزائدة.
  • انخفاض احتياطيات البلد من العملات الأجنبية نتيجة تسرب النقد الأجنبي إلى خارج البلد في ظل تزايد الواردات.
  • انخفاض أسعار الفائدة يترتب عنه ارتفاع الطلب على العملة المحلية لإتمام المعاملات وارتفاع الطلب على العملات الأجنبية لغرض المضاربة، اما عن اثر القروض الخارجية في مشكلة عجزاً لموازنة وعلاقتها بعجز ميزان المدفوعات.

وتوضيح العلاقة التي تنشأ في عجز الموازنة وعجز ميزان المدفوعات ينبغي التفريق بين مشتريات الحكومة من السلع والخدمات المنتجة محلياً وبين إنفاق الحكومة على السلع والخدمات الأجنبية، لان السلع والخدمات التي تنتج في الخارج فإن الدولة تقوم بشرائها بعملة أجنبية لان عملتها غير قابلة للتحويل. نفترض إن لدينا عجز في الموازنة العامة للدولة وهذا العجز يمكن تمويله من خلال مصادر محلية أو من خلال مصادر خارجية، نستنتج ما يلي:

  • إن العجز الذي يحدث في الموازنة العامة للدولة والناتج عن تخلف الحصيلة الضريبية المستمرة وزيادة الإنفاق العام يمكن تسويته من خلال موارد محلية مثل زيادة الإصدار النقدي، أو زيادة حصيلة الضرائب.
  • إما العجز في ميزان المدفوعات الناتج عن عدم كفاية العملات الأجنبية، فإن تسوية هذا العجز لابد وأن تتم من خلال الحصول على أموال خارجية إما استثمارات أو قروض أو إعانات.

طرق علاج عجز الموازنة:

توجد رؤيتان يمكن للدولة ان تتبعها لمواجهة العجز حسب الحالة الاقتصادية للبلاد وهما:

1. المنهج الانكماشي: يقوم هذا المنهج على رؤية صندوق النقد الدولي التي استمدها من الافكار النيوكلاسيكية التي ترى ان اختلال التوازن الداخلي (عجز الموازنة) والخارجي (عجز ميزان المدفوعات) التي تعانيه الدول النامية انما يرجع فى النهاية لوجود فائض طلب فى الاقتصاد يفوق المقدرة الحقيقية للعرض الكلى، وبهذا فإن استعادة التوازن الاقتصادي تتطلب القضاء على هذا الفائض من خلال حزمة جاهزة من السياسات المالية وتشمل خفض الانفاق العام الجاري والاستثماري وإضافة لزيادة الموارد المالية للدولة.

2. المنهج التوسعي: يقوم هذا المنهج على رؤية منظور التنمية المستقلة، حيث يرى مؤيدو هذا المنهج ان تحقيق التنمية الوطنية بالاعتماد على الذات يتطلب إعطاء الدول النامية دوراً هاماً في تحقيق التنمية دون استبعاد القطاع الخاص المنتج واعادة توجيه هيكل الانتاج ومسار التصنيع في اتجاه اشباع الحاجات الاساسية من خلال الاعتماد على الذات وتحرير الاقتصاد من التبعية والسيطرة. (حسن الحاج، 2007م).

مفهوم التضخم: التضخم ظاهرة معقدة ومركبة ومتعددة الابعاد ناتجة عن اختلال العلاقات بين اسعار السلع والخدمات من ناحية واسعار عناصر الانتاج من جهة اخرى، وهي ظاهرة عالمية وتمثل مصدراً للاضطرابات الاجتماعية والسياسية، وتتفاوت معدلات التضخم بين الارتفاع والانخفاض وتختلف المسببات وطرق العلاج ما بين النظم الاقتصادية. (ايدجمان، 1988).

تعريف التضخم: يعرف التضخم بأنه الارتفاع المستمر للمستوى العام للأسعار، ويشمل ذلك أسعار السلع والخدمات والاصول نتيجة للطلب الزائد على قدرة العرض. (ايدجمان، 1988).

انواع التضخم:

1. يصنف التضخم من حيث الاشراف على الاسعار إلى:

  • التضخم الطليق: او المفتوح لا يقابل الارتفاع المستمر فى الاسعار تدخلاً حكومياً.
  • التضخم المكبوت: لا يستمر ارتفاع الاسعار بسبب وجود رقابة من الدولة على الاسعار.

2. من حيث حدة التضخم:

  • التضخم الجامح: يظهر بوضوح فى البلدان التي تتسم باختلال في هياكلها الانتاجية فيحدث ارتفاع كبير فى الاسعار تصاحبه زيادة مماثلة في الاجور.
  • التضخم الزاحف: يظهر هذا النوع في البلدان الصناعية المتقدمة ويتميز بارتفاع طفيف في الاسعار نتيجة لقدرة الجهاز الانتاجي على الاستجابة لمتطلبات الطلب الكلي للسوق.
  • التضخم المستورد: ويحدث بسبب ارتفاع اسعار الواردات من الدول التي تعاني من ارتفاع معدلات التضخم.

3. من حيث مصدر الضغوط التضخمية:

  • تضخم جذب الطلب: ويحدث نتيجة لوجود زيادة في الطلب لا يقابله انتاج حقيقي.
  • تضخم دفع التكلفة: ينشأ بسبب ارتفاع كلفة المعروض من السلع بسبب ارتفاع تكاليف عناصر الانتاج وخاصة المستلزمات الداخلة في العملية الانتاجية.

الاسباب التي تؤدي إلى نشوء التضخم:

1. تضخم ناشئ عن التكاليف: يواجه المنتجون احياناً تزايداً مفاجئاً في تكاليف عناصر الإنتاج وفى بعض المواد الاولية مع رفع مستوى الاجور دون ان يقابل ذلك ارتفاع في مستوى الإنتاجية.

2. تضخم ناشئ عن الطلب: يحدث عند زيادة حجم النقود عن طريق الاصدار ويصاحبه عرض ثابت من السلع والخدمات، أي لا يقابله زيادة في الإنتاج مما يؤدي إلى ارتفاع الاسعار.

3. تضخم ناشئ عن ممارسة الحصار الاقتصادي: نتيجة لممارسة الحصار الاقتصادي من قبل قوى خارجية ينخفض الاستيراد والتصدير للسلع مما يؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم.

4. تضخم ناشئ عن زيادة الفوائد النقدية: من احد اكبر اسباب التضخم وينتج عن إضافة الفائدة إلى رأس المال المستثمر.

5. التضخم المستورد: ناشئ عن السلع والخدمات المستوردة، الزيادة المتسارعة فى اسعار هذه السلع والتي تأتي من الخارج ويتم استخدامها مباشرة من قبل المستهلك. (ايدجمان، 1988).

عوامل اخرى تؤدي لارتفاع معدل التضخم:

الحروب أو الاحداث السياسية وارتفاع تكاليف الشحن والنقل وارتفاع اسعار النفط وزيادة الطلب العالمي والمحلي على السلع اضافة إلى الاحوال المناخية وتأثيرها على المنتجات الزراعية وارتفاع الدين الخارجي والالتزامات المترتبة على سداد الاصل والفوائد وزيادة السكان وما يترتب عليه من زيادة الاستهلاك والقروض الخارجية التي تخضع فيها الدولة المقترضة لشروط البنك الدولي أو للدولة المقرضة واحتكار السلع وتخزينها لغرض ارتفاع اثمانها.

اثار التضخم:

التضخم ظاهرة اقتصادية تنعكس اثارها مباشرة على المجتمع وهذه الاثار تتمثل في الآتي:

1. التضخم يتسبب في إعادة توزيع الدخل بين طبقات المجتمع: القدرة الشرائية لذوى الدخول الثابتة ينعكس التضخم سلبياً عليها، فكلما ارتفعت الاسعار مع بقاء دخولهم على حالها كلما نقص استهلاكهم وتنازلهم عن الطلب على بعض السلع.

2. زيادة البطالة يزيد عدد العاطلين عن العمل فى المجتمعات الفقيرة، فالمجتمع الذى يعيش ظاهرة التضخم يعد مجتمعاً فقيراً.

3. انخفاض الاستثمار: التضخم المستمر يخلق بيئة غير مناسبة للاستثمار.

4. إضعاف ثقة الافراد في العملة: يترتب على ارتفاع معدلات التضخم اضعاف الحافز على الادخار، لانخفاض قيمة النقود والذي يؤدي إلى فقدان وظيفتها كمستودع للقيمة. (هويدا محجوب ابراهيم، 2016).

ادوات وطرق معالجة ارتفاع معدلات التضخم:

يمكن للدولة ان تعالج التضخم باستخدام السياسة المالية او النقدية او كلاهما للتحكم في خفض معدلات التضخم.

السياسة المالية: المطلوب هو تخفيض للطلب الكلي من السلع والخدمات ليتساوى مع العرض الكلي فعندما تقلل الحكومة من انفاقها في الميزانية فهى تخفض الانفاق الكلي، واذا صاحب ذلك زيادة الضريبة فإن اثر الضريبة يقع على الافراد، حيث تسحب الحكومة جزءاً من النقود التي فى ايديهم فيقل طلب الافراد على السلع ويقل الطلب الكلي مما يؤدى إلى تقليل حجم السيولة المتاحة وبالتالي إلى انخفاض معدل التضخم، تقوم الحكومة احياناً بطرح سندات الدين العام ليقوم الافراد بشرائها وبالتالي امتصاص الفائض النقدي المتوفر فى السوق ويقلل النقد المعروض، كما يمكن زيادة الضرائب على السلع الكمالية.

السياسة النقدية: تؤثر السياسة النقدية على عرض النقود، ففى حالة التضخم تقوم بتقليص كمية النقود المعروضة فى الاقتصاد عن طريق رفع نسبة الاحتياطي القانوني مما يقلل السيولة في ايدي الافراد والبنوك والمؤسسات او بزيادة النقود في حالة الانكماش، باعتماد الادوات الكمية والنوعية التالية:

  • زيادة نسبة الاحتياطي القانوني: هو نسبة قانونية من كل وديعة تحتفظ بها البنوك التجارية لدي البنك المركزي.
  • سعر او معدل الفائدة: هو السعر الذي تتعامل فيه البنوك التجارية مع الافراد أي هو ما يحصل عليه الافراد مقابل مدخراتهم لدي البنوك التجارية.
  • رفع سعر اعادة الخصم: هو سعر الفائدة الذي يتقاضاه البنك المركزي من البنوك التجارية مقابل تقديم القروض.
  • عملية السوق المفتوحة: يقوم المصرف المركزي بشراء الاوراق المالية من البنوك التجارية والمؤسسات المالية في حالة الحوجة إلى ضخ النقود بهدف الرفع من احتياطاتها النقدية لتمكينها من الاقراض، وعند ظهور التضخم يقوم المركزي ببيع الاوراق المالية للمصارف التجارية لسحب النقود.
  • الودائع الخاصة: تتمثل فى تجميد البنوك التجارية لجزء من ودائعها وارصدتها النقدية بالاضافة إلى نسبة الاحتياطي القانوني بطلب من البنك المركزي بغية تغيير نسب الائتمان والقروض الممنوحة لزيادة الانفاق الكلي فى فترات الكساد وتخفيضه في فترات التضخم. (ايدجمان، 1988).

العلاقة بين عجز الموازنة والتضخم:

أكد الاقتصادي الأمريكي (ميلتون فريدمان) مؤسس المدرسة النقدية على ان التضخم اينما كان وفي أي وقت هو ظاهرة نقدية إلا ان هنالك اشارات واضحة في الادبيات الاقتصادية إلى ان العجوزات المالية المتزايدة يمكن ان تكون مصدراً للسياسة النقدية التضخمية فعندما تعانى الحكومة من العجز المالي وتلجأ إلى تمويله بإصدار النقود الجديد هو ما يسمى بالنقود عالية القدرة فإن ذلك سيعمل على خلق الضغوط التضخمية وذلك من خلال زيادة المعروض النقدي في حالة استمرار العجز المالي لفترات طويلة من الوقت.

الشكل رقم (1)

تطور عجز الموازنة والتضخم في السودان فى الفترة من 1990- 2015م.

المصدر: إعداد الباحث باستخدام برنامج (Excel).

من خلال الشكل (1) ان الاتجاه العام لعجز الموازنة والتضخم كان التزايد باستمرار في بداية فترة الدراسة، حيث بلغ معدل التضخم في عام 1990 إلى 67.3 وظل مرتفعاً إلى ان وصل أعلى مستوى له خلال فترة الدراسة عام 1996م حيث بلغ 130% وصاحب هذا الارتفاع عجزاً في الموازنة العامة وذلك لارتفاع الانفاق الحكومي في بداية التسعينيات لارتفاع تكلفة الحرب الاهلية في جنوب السودان، وانخفاض في معدلات الايرادات العامة، وانتهاج الحكومة سياسة التحرير الاقتصادي، حيث بلغ عجز الموازنة في بداية الدراسة خلال الاعوام (1990- 1996)، 2814، 1.97، 33.7، 30، 13.7، 30.6، 210 مليون ج، على التوالي. وبعد استخدام الحكومة لسياسات اصلاحية لتخفيض الانفاق الحكومي وزيادة المعروض من السلع والخدمات انخفضت معدلات التضخم في السنوات خلال الفترة (1997 – 2000م) حيث بلغ معدل التضخم 47% عام 1997م بينما كان في عام 1996م 130%، بينما سجلت الاعوام 1998، 1999، 2000م حيث بلغت انخفاضاً ملحوظاً في معدلات التضخم (17%، 16%، 8%) على التوالي، ويحقق التضخم لأول مرة رقم احادي طوال فترة التسعينيات. وبعد استخراج البترول ومساهمته في الصادر انخفضت معدلات التضخم إلى أدنى مستوياتها خلال فترة الدراسة في عام 2001م حيث بلغ معدل التضخم 4.9%، ونسبة إلى الارتفاع المستمر في الانفاق العام والتركيز على البترول كمصدر اساسي للإيرادات ظل العجز في الموازنة مستمرا خلال الاعوام (2001م – 2005م)، حيث بلغ العجز في الموازنة على التوالي 250، 456، 326، 799، 1663 مليون جنية، بينما انخفضت معدلات التضخم خلال الاعوام (2001- 2005م) وحققت ارقام احادية كالاتي 4.9، 8,3، 7,7، 8,4%.

ونسبة إلى الازمة المالية العالمية في عام 2008م والقت بظلالها على الاقتصاد السوداني مما اثر على معدلات التضخم حيث ارتفع معدل التضخم إلى 14,3 بينما كان في عام 2007م 8.1 % وهي الاعوام الاولى التي تلت اتفاقية السلام الشامل حيث انخفضت معدلات التضخم إلى 7.2 و8.1%، فى عام 2006 و2007م على التوالي.

وبعد انفصال الجنوب وخروج نسبه مقدره من صادر النفط ارتفعت معدلات التضخم في عامي 2011م و2012م إلى 18,1 و35,1 على التوالي، وصاحبت ذلك ارتفاع في عجز الموازنة وبلغ أعلى مستوى خلال فترة الدراسة في عام 2011م مسجلا 9426.1 مليون ج، وبينما انخفض في عام 2012م إلى 7653.4 مليون جنيه بينما كان عجز الموازنة قبل الانفصال أي في الاعوام 2009م، 2010م، 4895.5، 7586.1 مليون ج.

وظل عجز الموازنة والتضخم متأرجحا بين الارتفاع والانخفاض إلى نهاية فترة الدراسة، حيث بلغ معدل التضخم عام 2015م 16,9%، بينما كان في عام 2014م 36,9%، بينما بلغ عجز الموازنة عام 2015م 6976 مليون جنية مسجلا انخفاضا عام 2014م حيث بلغ 4425.1 مليون ج.

الشكل رقم (2)

الاتجاه العام لمعدلات التضخم في السودان خلال الفترة (1990 – 2015م)

المصدر: إعداد الباحث باستخدام برنامج (Excel).

من خلال الشكل رقم (2) اعلاه الخاص بتطورات التضخم في السودان خلال الفترة 1990 – 2015م يتضح الارتفاع المستمر لمعدلات التضخم في بداية الدراسة إلى ان بلغ اقصاه فى عام 1996م ومن ثم بداء في التراجع متذبذبا بين الانخفاض والارتفاع.

الشكل رقم (3)

الاتجاه العام لعجز الموازنة فى السودان خلال الفترة (1990 – 2015م)

المصدر: إعداد الباحث باستخدام برنامج (Excel).

من خلال الشكل رقم (3) اعلاه والذي يوضح تطورات عجز الموازنة والذي كان مستقراً من خلال الاتجاه العام طوال فترة التسعينات بينما ارتفع في الاعوام التالية متذبذباً في الارتفاع والانخفاض حيث ارتفع في عام 2008م وذلك لتاثير الاقتصاد السوداني بالازمة العالمية وانخفض في عام 2010م ومن ثم ارتفع في الاعوام 2011م إلى 2013م وذلك لانفصال جنوب السودان وخروج نسبة مقدرة من صادر النفط من الميزانية والتي ادت إلى انخفاض الايرادات وارتفاع حجم الانفاق.

الدراسة التطبيقية:

بناء وتقدير نموذج العلاقة بين عجز الموازنة والتضخم:

تمهيد:

يعتبر بناء النماذج القياسية من أهم الوسائل لتحليل السياسات والتنبؤ بالمتغيرات الاقتصادية، باستخدام منهجية الاقتصاد القياسي عبر عدة قواعد واجراءات لبناء النموذج، ويتم بناء النماذج عبر عدة مراحل يمر بها البحث القياسي للوصول إلى نموذج قياسي جيد، تبدأ هذه المراحل من مرحلة تعيين وتوصيف النموذج أي صياغة العلاقات الاقتصادية محل الدراسة في صورة رياضية ومن ثم تحديد الشكل الرياضي للنموذج. (ميساء سعيد، 2016م).

أولاً. بناء وتوصيف النموذج:

توصيف النموذج: توصيف النموذج او تعيين النموذج هو تعريف متغيرات النموذج وصياغة العلاقات الاقتصادية في صورة رياضية حتى يمكن قياس معاملاتها باستخدام الطرق الاحصائية. (السيفو، 2010م).

خطوات توصيف النموذج:

1. تحديد متغيرات النموذج:

  • عجز الموازنة: والذي يرمز له في الدراسة بالرمز (BD).
  • التضخم : ويرمز له في الدراسة بالرمز (INF).

ثانياً. تحديد الشكل الرياضي للنموذج عدد المعادلات التي يحتوي عليها النموذج:

………………… (1)

……………… (2)

ثالثاً. تحديد القيم والاشارات المسبقة للمعالم: لمعرفة اتجاه العلاقة السببية من عجز الموازنة إلى التضخم يتوقع ان تكون اشارات المعادلة الاولى على النحو التالي:

α = يتوقع ان تكون اشارة الثابت في معادلة عجز الموازنة موجبة وذلك حسب النظرية الاقتصادية.

يتوقع ان تكون اشارة معلمة التضخم موجبة وذلك لطردية العلاقة بين عجز الموازنة والتضخ وذلك حسب النظرية.

المعادلة الثانية:

لمعرفة اتجاه العلاقة السببية من التضخم إلى عجز الموازنة، يتوقع ان تكون اشارات المعالم في المعادلة الثانية على النحو التالي:

= يتوقع ان تكون اشارة الثابت في معادلة التضخم موجبة وذلك حسب منطوق النظرية الاقتصادية.

= يتوقع ان تكون اشارة معلمة عجز الموازنة في معادلة التضخم موجبة وذلك حسب منطوق النظرية الاقتصادية.

تقدير النموذج:

الطريقة الرئيسة المستخدمة في هذه الدراسة لاختبار السببية بين متغيري الدراسة هي طريقة (Granger1987) والتي تعتمد بشكل اساسي على طريقة المربعات الصغرى العادية، مع تطبيق اختبار جرانجر للسببية والتي تتم عبر عدة مراحل تبدأ باختبار السكون والتكامل المشترك لمعرفة استقرارية البيانات ومن ثم مرحلة اختبار الفجوات الزمنية المناسبة عن طريق اختبار خطأ التوقع النهائي لـ (Akaike)، والتي تقتضي ان يكون خطأ التوقع النهائي عند اقل حد ممكن.

اختبار الاستقرار والسكون:

يتناول هذا الجزء اختبار استقرار بيانات النموذج من خلال اختبار جذر الوحدة (ديكي فوللر المركب) لاختبار صفة عدم السكون لبيانات متغيرات النموذج، مع الاخذ في الاعتبار امكانية وجود توازن طويل الاجل بين السلاسل الزمنية غير المستقرة في مستوياتها وهو ما يطلق عليه التكامل المشترك، وقد اوضحت العديد من الدراسات التطبيقية (Stock and wason 1989) ان اغلب السلاسل الزمنية غير مستقرة في مستوياتها (غير ساكنه)، أي انها تحتوي على جذر الوحدة ويؤدي وجود جذر الوحدة إلى وجود ارتباط زائف ومشاكل في التحليل والاستدلال القياسي، لذا لابد من اجراء اختبار استقرار البيانات او ما يسمى بسكون السلاسل الزمنية. ( طارق الرشيد، 2005م).

نتائج اختبار استقرار البيانات: فيما يلي نتائج التطبيق العلمي لاختبار الاستقرار من عدمه بالتطبيق على بيانات الدراسة (عجز الموازنة والتضحم) خلال الفترة (1990 – 2015).

جدول رقم (1) نتائج اختبار ديكي فوللر المعدل لمتغيري عجز الموازنة والتضخم

المتغيرات

القيم الاحصائية

القيم الجدولية عند مستوى 5%

مستوى المعنوية

مستوى الاستقرار

عجز الموازنة

-3.545041

-2.986225

 

المستوى

التضخم

-7.700513

-2.991878

 

الفرق الاول

المصدر: إعداد الباحث باستخدام برنامج (9 – Eviews).

ويوضح الجدول رقم (1) نتائج اختبار جذر الوحدة للمتغيرات محل الدراسة والتي تشمل عجز الموازنة (BD) ومعدلات التضخم (INF) ويتضح من الجدول ان السلاسل الزمنية لمتغير التضخم غير ساكنة في مستوياتها حيث ان جميع القيم المقدرة لقيم (T) باستخدام اختبار ADF)) اقل من القيم الجدولية مما يعني أنها غير معنوية احصائياً وعلية فأنه تم قبول فرضية العدم القائلة بعدم سكون متغير التضخم في المستوى. إلا انه عند احتساب الفروق الاولى لهذه المتغير تبين انها تصبح معنوية مما يعنى امكانية رفض فرضية العدم المتمثلة في عدم سكون المتغير في المستوى واحتوائه على جزر الوحدة.

اختبار التكامل المشترك :

عند استخدام سلاسل زمنية غير ساكنة في تقدير معادلة الانحدار فإن الانحدار يكون زائفا، الا ان ذلك لا يتحقق اذا كانت السلاسل الزمنية لها خاصية التكامل المشترك ويعرف التكامل المشترك بين سلسلتين زمنيتين بأن التقلبات في احدى هاتين السلسلتين يؤدي إلى إلغاء التقلبات في السلسلة الاخرى، بمعنى انه اذا تم اختبارهما كمجموعة نجد ان هنالك علاقة خطية بينهما يمكن ان تكون ساكنة ومستقرة، وهذا يعني ان السلاسل الزمنية موضوع الدراسة لها علاقة توازنيه في الاجل الطويل على الرغم من اختلالها في الاجل القصير، (طارق الرشيد، 2005م).

الجدول رقم (2)

نتائج اختبار (جوهانسون – جويللز) للتكامل المشترك

المتغيرات

القيمة الحرجة عند مستوى 5%

قيمة احصائية LR

التحليل

عجز الموازنة

 14.26460

19.54427

None *

التضخم

 3.841466

 6.201111

At most 1 *

المصدر: إعداد الباحث باستخدام برنامج (9 – Eviews).

وبتطبيق اختبار التكامل المشترك بين عجز الموازنة والتضخم كما هو موضح فى الجدول رقم (2) حيث تشير النتائج فى ظل الاثر (trace) والقيمة العظمى (maximal) عند مستوى 5% إلى رفض فرضية العدم والذى يعني بعدم وجود أي متجهة تكامل مشترك واحد، حيث ان القيم المحسوبة لنسبة الامكانيةLR تساوي (19.54427) تزيد عن القيمة الحرجة (14.26460) مما يعني قبول الفرض البديل بوجود متجهين للتكامل المشترك بين المتغيرات مما يعني ان النتائج التي سيتحصل عليها سوف تكون جيدة وغير متحيزة، مما يعني ان المتغيرات ينبغي ان تحظى بتمثيل نموذج تصحيح الخطأ لتقدير الاثار القصيرة وطويلة المدى بين عجز الموازنة والتضخم.

تحديد فترة الابطاء:

لاختبار العدد الامثل لفترات التباطؤ تم اللجوء لمعياري (AIC) و(FPE) حيث يلاحظ من خلال الجدول رقم (3) ان العدد الامثل لفترات التباطؤ الزمني فترتان زمنيتان.

الجدول رقم (3) اختبار الفجوة الزمنية المناسبة لمتغيرات الدراسة

VAR Lag Order Selection Criteria

       

Endogenous variables: BD INF 

       

Exogenous variables: C 

       

Date: 12/14/17 Time: 10:35

       

Sample: 1990 2015

         

Included observations: 24

       
             
             

 Lag

Log L

LR

FPE

AIC

SC

HQ

             
             

0

-347.2765

NA 

 1.50e+10

 29.10637

 29.20454

 29.13242

1

-328.4843

  32.88624*

 4.38e+09

 27.87369

  28.16821*

 27.95183

2

-323.1252

 8.485346

  3.95e+09*

  27.76043*

 28.25128

  27.89065*

             
             

المصدر: إعداد الباحث باستخدام برنامج (9 – Eviews).

ويتضح من الجدول (3) ان الفجوة الزمنية المناسبة لمتغير عجز الموازنة هي الفجوة الثانية حيث هي اقل قيمة لمقياس (AIC) وتساوي (27.76043) واقل قيمة لخطأ التوقع النهائي.

اختبار العلاقة السببية: معادلة السببية التي تتجه من عجز الموازنة الى التضخم.

تقوم سببية جرانجر باختبار سببية العلاقات بين المتغيرات ولذلك تم اجراء متجهة الانحدار الذاتي (VAR) للتاكد من وجود اتجاه السببية في الاجل الطويل.

الجدول رقم (4) نتائج اختبار العلاقة السببية بين عجز الموازنة والتضخم

Pairwise Granger Causality Tests

Date: 12/14/17 Time: 10:47

Sample: 1990 2015

 

Lags: 2

   
       

Pairwise Granger Causality Tests

Date: 12/14/17 Time: 10:47

Sample: 1990 2015

 

Lags: 2

   
       
       

 Null Hypothesis:

Obs

F-Statistic

Prob. 

       
       

 BD does not Granger Cause INF

 24

 2.14335

0.1448

 INF does not Granger Cause BD

 4.58882

0.0237

       
       

 

     

 Null Hypothesis:

Obs

F-Statistic

Prob. 

       
       

 BD does not Granger Cause INF

 24

 2.14335

0.1448

 INF does not Granger Cause BD

 4.58882

0.0237

       
       


المصدر: اعداد الباحث باستخدام برنامج (9-Eviews).

يوضح الجدول رقم (4) نتائج السببية بين المتغيرين محل الدراسة وهما عجز الموازنة ومعدلات التضخم تشير نتائج التقدير للعلاقة السببية في الاجل الطويل والقصير فى الجدول إلى ان احصائية (f) بلغت (4.58882) باحتمال قدره (0.0237 ) فإننا نقبل فرضية أن التغير في التضخم يسبب حسب مفهوم جرانجر التغيرات الحاصلة في عجز الموازنة.

اما بالنسبة لنتيجة اختبار فرضية وجود علاقة سببية تتجه من عجز الموازنة إلى التضخم فيشير نتائج التقدير إلى ان التغير في عجز الموازنة لا يسبب التغيرات في التضخم حيث ان احصائية (f) بلغت (2.14335) باحتمال قدره (0.1448) لذا فإننا نرفض فرضية ان التغير في عجز الموازنة يسبب التغيرات في معدلات التضخم اى توجد علاقة سببية ذات اتجاه واحد تتجه من التضخم الى عجز الموازنة.

مناقشة الفرضية والنتائج:

1. نتائج اختبارات الاستقرار باستخدام اختبار جذر الوحدة ان متغير عجز الموازنة مستقر في المستوى بينما متغير التضخم مستقر في الفرق الاولى.

2. نتائج اختبار التكامل المشترك اثبتت بأن المتغيرات محل الدراسة متوازنة في الاجل الطويل.

3. توجد علاقة سببية ذات اتجاه واحد من التضخم إلى عجز الموازنة وهذا يؤكد ان التغيرات فى معدلات التضخم تسبب التغيرات في عجز الموازنة.

التوصـيات:

في ضوء ما اوضحه البحث من نتائج فأنه يوصي بالاتي:

1. العمل على زيادة الانتاج لزيادة المعروض من السلع لتخفيض معدلات التضخم وايجاد وسائل وادوات لتقليل اثر التضخم في المدى القصير والطويل.

2. البحث عن طرق بديله لتمويل عجز الموازنة بدلا من الاستدانة من البنك المركزي و النظام المصرفي.

3. العمل على تخفيض الانفاق الحكومي وزياة الايرادات لتخفيض عجز الموازنة.

المراجع:

1. ايمان غسان شحرور (2013م) عجز الموازنة العامة فى سورية واثارة الاقتصادية، بحوث اقتصادية عربية، سوريا، العدد 63 – 64.

2. حسن الحاج (2007م)، عجز الموازنة المشكلات والحلول، مجلة جسر التنمية، المعهد العربى للتخطيط، الكويت.

3. طارق محمد الرشيد وسامية حسن محمود (2012)، دور الفجوات الزمنية في تحديد العلاقة السببية بين عرض النقود وسعر الصرف، دراسة نشرت في مجلة الاقتصاد، جامعة ام درمان الاسلامية، العدد 12، السودان.

4. مايكل ايدجمان (1988)، الاقتصاد الكلي النظرية والسياسة تعريب محمد ابراهيم منصور (الرياض، دار المريخ للنشر)، السعودية.

5. منال عبد الله (2011م) العجز في الموازنة العامة واثرها، جامعة عدن، كلية الاقتصاد، اليمن.

6. ميساء سعيد (2016م)، اثر الفجوات الزمنية في تحديد العلاقة السببية بين عرض النقود وسعر الصرف في السودان، دراسة دكتوراة، جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا، السودان.

7. كمال محمد عيسى (2013)، محددات عجز الموازنة في السودان، جامعة ام درمان الاسلامية، مجلة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، السودان.

8. عبد الله عبد اللطيف عبد الله (2006)، تطور عجز الموازنة العامة، الادارة المركزية للبحوث المالية، جمهورية مصر العربية.

9. رمزى زكى (2000)، انفجار العجز، دار المدى للثقافة والنشر، دمشق.

10. هدى محمد سليمان (2003م)، التمويل بالعجز وأثره على التضخم في السودان، رسالة ماجستير غير منشوره، جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا.

11. هويدا محجوب ابراهيم (2016)، تطور أداء معدلات التضخم في السودان (2004 – 2014)، بنك السودان المركزي، مجلة المصرفي، العدد 80.