دور الحيازة في الرهن الحيازي (دراسة مقارنه)

حسين عبد الوهاب نوري احمد1

1 الجامعة الإسلامية في لبنان

البريد الإلكتروني: com. Huseenalaloane273@gmail

المشرف: الأستاذ الدكتور علي عصام غصن

HNSJ, 2024, 5(10); https://doi.org/10.53796/hnsj510/16

تحميل الملف

تاريخ النشر: 01/10/2024م تاريخ القبول: 20/09/2024م

Citation Method


المستخلص

يُعد تسليم الشيء المرهون ونقل حيازته من الراهن إلى الدائن المرتهن في الرهن الحيازي من أهم موضوعات الرهن الحيازي، وتم تناولها في هذا البحث من خلال أجراء المقارنة بين القانون المدني العراقي واللبناني المصري، فإستلام الدائن المرتهن للشيء المرهون هو الذي يميز الرهن الحيازي عن غيره من التأمينات العينية، وتسليم الشيء المرهون من جهة المدين الراهن أياً كان نوعه يمثل التزام يقع على عاتقه، يجب عليه تنفيذه وفي حال خلاف ذلك لا ينشئ الرهن الحيازي.

ومن جانب الدائن المرتهن يولد تسلم الشيء المرهون التزامات تقع على عاتقه، من خلال تنفيذ جميع الالتزامات التي نص عليها القانون، أذ إن عقد الرهن الحيازي يجد إساسه في انتقال حيازة الشيء المرهون أليه، ولا يمكن للدائن المرتهن مباشرة الالتزامات المفروضة عليه ألا بعد انتقال الحيازة أليه، وبعد انتقال الحيازة يجب أن تستمر لحين انتهاء مدة عقد الرهن الحيازي.

الكلمات المفتاحية: الرهن الحيازي، الدائن المرتهن، المدين الراهن، الشيء المرهون، نقل الحيازة .

Research title

The role of possession in the possessory mortgage (comparative study)

Published at 01/10/2024 Accepted at 20/09/2024

Abstract

The delivery of the mortgaged item and the transfer of its possession from the mortgagor to the mortgagee in the possessory mortgage is one of the most important topics of the possessory mortgage, and it was addressed in this research by making a comparison between the Iraqi, Lebanese and Egyptian civil law. The mortgagee’s receipt of the mortgaged item is what distinguishes the possessory mortgage from other In-kind Insurances, and the delivery of the mortgaged item by the mortgagor debtor, whatever its type, represents an obligation upon him, which he must implement, and otherwise, the possessory mortgage does not arise.

From the side of the mortgagee, the receipt of the mortgaged item creates obligations upon him, through the implementation of all the obligations stipulated by the law. Therefore, the possessory mortgage contract finds its basis in the transfer of possession of the mortgaged item to him.

Key Words: Possessory mortgage, mortgagee, mortgagor, mortgaged item, transfer of possession.

المقدمة:

أن الرهن الحيازي يولد أثار ما بين عاقديه تتمثل بموجبات متبادلة فيما بينهما، تتمحور جميعها حول فكره انتقال حيازة الشيء المرهون من الراهن إلى المرتهن، فالرهن الحيازي نوع من أنواع التأمينات العينية أساسه نقل حيازة الشيء المرهون من يد الراهن إلى يد الدائن المرتهن، والراهن يلتزم بثلاث أمور فيه، وهي موجب تسليم الشيء المرهون إلى المرتهن، وموجب ضمان سلامه الرهن، والتزامه بنفاده، وبالمقابل يلتزم الدائن المرتهن في الرهن الحيازي بأربعة موجبات، وهي المحافظة على الشيء المرهون وصيانته، وأدارته، واستثماره، وأعادته إلى راهنة بعد استيفائه كامل حقوقه .

لذا لا يمكن تحقيق الغاية المرجوة من البحث في التزام الدائن المرتهن بتنفيذ الموجبات في عقد الرهن الحيازي، من دون الولوج في معرفة ماهية الحيازة وشروطها وأركانها ووقت تحققها والغاية من انتقال الحيازة وكيفية انتقالها، وهذا ما سنبحثه من خلال تقسيم المبحث إلى مطلبين، المطلب الأول نبين فيه نقل حيازة الشيء المرهون من الراهن إلى الدائن المرتهن، والمطلب الثاني استمرار الحيازة في الرهن الحيازي .

المطلب الأول: نقل الحيازة من الراهن إلى المرتهن

المطلب الثاني: استمرار حيازة المرهون بيد الدائن المرتهن

المطلب الأول

نقل الحيازة من الراهن إلى المرتهن

ان انتقال حيازة الشيء المرهون من الراهن إلى الدائن المرتهن في الرهن الحيازي هو حق للمرتهن من جهة وهو واجب يقع على الراهن يجب علية الإيفاء به من جهة أخرى، لضرورات تطلبها طبيعة الرهن الحيازي ذاته، إذ فرض المُشرّع في القوانين محل المقارنة على الدائن المرتهن رهناً حيازياً عدة التزامات، لا يمكن القيام بها من دون انتقال الحيازة أليه، فانتقال الحيازة إلى الدائن المرتهن أو إلى العدل يرتضيانه، هو شرط أساسي ومشترك، ولا يمكن تصور نفاذ أحكام الرهن الحيازي من دونة، فمسؤولية الدائن المرتهن لا تتحقق في القيام بتنفيذ التزامات، إلا اذا توافرت مقومات هذا التزام، وهيه انتقال حيازة الشيء المرهون من الراهن إلى الدائن المرتهن، فانتقال حيازة الشيء المرهون من الراهن إلى الدائن المرتهن تمثل نقطة المباشرة لتنفيذ هذا الالتزام، لذا يجب علينا تقسم هذا المطلب إلى فرعين، في الفرع الأول نبين كيفية انتقال المرهون، أما الفرع الثاني سنخصصه لمعرفة الغاية من انتقال حيازة المرهون .

الفرع الأول: انتقال الحيازة في الرهن الحيازي

الفرع الثاني: الغاية من انتقال الحيازة

الفرع الأول

انتقال الحيازة في الرهن الحيازي

لا ينعقد عقد الرهن الحيازي ألا بإخراج الشيء المرهون من حيازة المدين الراهن وتسليمة إلى الدائن المرتهن أو العدل، وهذه الصفة المتميزة التي ينفرد بها الرهن الحيازي عن سائر الحقوق العينية، تجعل من هذا الحق لا يقوم ألا بالتسليم، اذاً للحيازة دوراً مهم في نشوء الرهن الحيازي .

قبل الولوج في تبيان موضوع انتقال حيازة الشيء المرهون من الراهن إلى الدائن المرتهن سنعرف عقد الرهن الحيازي، الذي يعتبر احد أنواع العقود العينية التي تعرف بانها، (( العقد الذي لا يكفي تراضي المتعاقدين لانعقاده، بل يجب فوق ذلك تسليم العين محل العقد من احد المتعاقدين إلى الأخر، فالتسليم ركن من أركان هذا العقد))، وتعد القواعد المنظمة للعقود العينية والشكلية من القواعد الأمرة، التي لا يجوز للأفراد الاتفاق على مخالفتها، ألا في حالة وجود نص يجيز ذلك([1]).

وقد عرف المُشرّع العراقي الرهن الحيازي بانة ((الرهن الحيازي عقد به يجعل الراهن مالاً محبوساً في يد المرتهن أو في يد عدل يمكن للمرتهن استيفاؤه منه كلاً أو بعضاً متقدماً على الدائنين العاديين والدائنين التالين له في المرتبة في أي يد كان هذا المال ))([2]) .

أما المُشرّع اللبناني فلم يعرف الرهن الحيازي بمفهومة العام كما فعل المُشرّع المصري والعراقي، بل وضع تعرفين له([3])، فقد عرف الرهن الحيازي العقاري بانه (( الرهن عقد يوضع بموجبه المديون عقارا في يد دائنة، أو في يد عدل ويخوله الدائن حق حبس العقار إلى أن يدفع له دينه تمام، واذا لم يدفع الدين، فله الحق بملاحقة نزع ملكية مديونية بالطرق القانونيّة ))([4])، وهو بهذا ميز الرهن الحيازي الذي يرد على عقار عن الرهن الحيازي الذي يرد على منقول([5])، والذي عرفه بانه (( رهن المنقول عقد بمقتضاه يخصص شيء منقول مادي أو غير مادي بتأمين موجب ما ))([6]) .

وقد عرفة المُشرّع المصري بانة (( الرهن الحيازي عقد به يلتزم شخص، ضمانا الدين عليه أو على غيره، أن يسلم إلى الدائن أو إلى أجنبي يعينه المتعاقدان، شيئا يرتب عليه للدائن حقا عينيا يخوله حبس الشيء لحين استيفاء الدين، وأن يتقدم الدائنين العاديين والدائنين التالين له في المرتبة في اقتضاء حقه من ثمن هذا الشيء في أي يد يكون))([7]) .

ونلاحظ وجود فرق بين التعريفات التي أشارت أليها القوانين محل المقارنة، سنجملها بالنقاط الأتية وكما يلي :

أولا: حيث لم يشر القانون اللبناني([8]) في تعريفة رهن المنقول إلى افضليه الدائن المرتهن على غيرة من الدائنين العادين والدائنين التالين له في المرتبة، وهذا الأمر في غايه الأهمية، فتقدم الدائن المرتهن هو الغاية المبتغاة من الرهن، وكذلك لم يشر إلى حق الدائن المرتهن في التنفيذ على الشيء المرهون من خلال بيعة بالطرق التي نص عليها القانون عند عدم تنفيذ الراهن لالتزامه المضمون بالرهن، لم يشر إلى إمكانية اتفاق طرفي عقد الرهن على وضع الشيء المرهون تحت يد العدل، أما في تعريفة للرهن العقاري فلم يشر الحق الدائن المرتهن في التقدم على غيرة من الدائنين العادين والدائنين المرتهنين التالية له في المرتبة عند استيفاء الحقوق من ثمن الشيء المرهون وحسنًا فعل المُشرّع المصري والعراقي حينما ثبتا هذا الحق للدائن المرتهن في صلب التعريف .

ثانيًا: كان المُشرّع اللبناني والعراقي اكثر صواباً في استخدام مفرده ( العدل ) كشخص يمكن أن تنتقل أليه حيازة المرهون، بينما استخدم المُشرّع المصري مفردة ( اجنبي )، فما استخدمه المُشرّع اللبناني والعراقي من تعبير اشمل و أوسع مما استخدمه المُشرّع المصري، لأنه في بعض الحالات تتم حيازة الشيء المرهون من قبل الدائن المرتهن أصالة عن نفسة ونيابة عن غيرة من الدائنين بصفتهِ عدل، وهو بذلك ليس شخصاً أجنبيا عن عقد الرهن .

ثالثاً: أن جميع تعريفات الرهن الحيازي في التشريعات أعلاه قد اعتبرت الرهن الحيازي عقداً، من خلال تقديم عقد الرهن الحيازي على حق الرهن الناتج من العقد، وبذلك تم تقديم وسيلة نشوء الرهن الحيازي على حق الرهن ذاته، وكان الأجدر أن يتم صياغة تلك التعريفات بتقديم حق الرهن على وسيلة نشوئه، أذ أن حق الرهن هو الغاية الأساسية التي يسعى اليها الدائن المرتهن والمدين الراهن([9]) .

رابعًا: أشار المشرع المصري في تعريفة إلى مصطلح التسليم بعبارة (( … أن يسلم إلى الدائن أو إلى أجنبي يعينه المتعاقدان …))، وهذا ما لم نجدة في التشريع العراقي واللبناني، واستخدام هذا المصطلح يتناسب مع المجرى العادي لأمور، فالأصل في الرهن الحيازي أن يتم تسليمة للدائن المرتهن من ثم يتم حبسه أو قبضة من قبل الأخير .

أن انتقال حيازة الشيء المرهون من الراهن إلى الدائن المرتهن من أوضح الحقوق الناشئة عن الرهن الحيازي، لأنه من خلال حيازة الشيء المرهون يتمكن الدائن المرتهن من مباشرة سلطته الفعلية، فمن المستحيل أن يقوم الدائن المرتهن بممارسة الموجبات الموكلة به والمتمثلة في إدارة واستغلال واستعمال وحفظ واستثمار الشيء المرهون من دون استئثاره بالشيء المرهون، فحيازة الشيء المرهون من قبل الدائن المرتهن تمثل اهم مقومات تنفيذ الموجبات، وتعتبر الحيازة هي المصدر الحقيقي والمباشر للرهن الحيازي الوارد على المنقول، أما بالنسبة للمرهون الذي محلة عقار فواقعة القيد التي تتم في السجلات الخاصة في دائرة التسجيل العقاري([10]).

فالرهن العقاري يخضع للتسجيل في السجل العقاري منذ نشوئه وانتقاله وزواله للقيد في السجل العقاري، وقد أشارت إلى وجوب هذا القيد المادة (116) من القرار الرقم 3339 إذ نصت (( … لا يكون لزوال الرهن مفعول قضائي إلا بعد ترقين القيد في السجل العقاري))، ويترتب على تسجيل الرهن في السجل العقاري، أن يجعل من الدين المضمون به خارجاً عن نطاق مرور الزمن([11])، فاذا لم يتم التسليم أو لم يتم إتمام إجراءات القيد فلا نكون أمام رهن حيازي([12])، فأحدى شروط المرهون أن يكون موجوداً وقت أبرام عقد الرهن الحيازي من اجل إتمام انتقال حيازته من الراهن وقبضة من قبل الدائن المرتهن، ويشترط لانتقال حيازة المرهون من المدين الراهن إلى الدائن المرتهن أن يكون المرهون قابلاً للحيازة، فاذا كان من الأشياء التي لا يمكن حيازتها، فعندها يستحيل أن يكون محلاً للرهن الحيازي، ومن تطبيقات ذلك رهن الأشياء المستقبلية، بسبب عدم إمكانية حيازتها عند انعقاد عقد الرهن الحيازي، فهي لم توجد بعد([13]) .

وهذا ما أكده القضاء العراقي في احد قراراته، حيث نص على مبدأ تميزي مضمونة ( ان تسجيل عقد الرهن الحيازي للعقار في دائرة التسجيل العقاري المختصة والمتضمن حق المرتهن بإشغاله للعقار يلزم المالك بتسليم العقار له )، فقد وجد لدى التدقيق والمداولة أن الطعن التمييزي مقدم ضمن المدة القانونيّة قرر قبوله شكلاً ولدى عطف النظر على الحكم المميز وجد انه صحيح وموافق للقانون ذلك ان عقد الرهن الحيازي المبرم بين الطرفين قد تم تسجيله في السجل العقاري فاكتسب شكله النهائي فيلزم على المميزة تسليم العقار للمرتهن عملاً بأحكام المادة (1322) من القانون المدني وبذا فمن حق المميز عليه إقامة دعوى منع المعارضة على المميزة ومطالبتها بتسليم العقار المرهون وهذا ما قضى به الحكم المميز قرر تصديقه وردّ اللائحة التمييزية وتحميل المميزة رسم التمييز وصدر القرار بالاتفاق في 14/صفر/1430 هـ الموافق 9/2/2009 م([14]). وفي قرار آخر صادر من محكمة التمييز الاتحادية (( تسجيل عقد الرهن الحيازي يجب أن يسجل في الدائرة المختصة وهي دائرة التسجيل العقاري، والتي تتضمن حق المرتهن بالزام الراهن بتسليم العقار إلى المرتهن))([15]) .

وحالة الشيء المرهون التي يلتزم الراهن بتسليمها إلى الدائن المرتهن، هي ذات حالة الشيء المرهون في وقت إبرام عقد الرهن الحيازي، ويشمل انتقال حيازة الشيء المرهون من الراهن إلى الدائن المرتهن ذات الشيء المرهون وجميع ملحقاته، و ملحقات الشيء هي جميع ما أعد بصفة دائمه لاستعماله، ويتم تحديدها طبقاً لمعيار طبيعة الشيء المرهون و وقصد طرفي عقد الرهن والعرف السائد([16]) .

وبمقتضى عقد الرهن الحيازي يلتزم الدائن المرتهن بأربعه موجبات، المحافظة على الشيء المرهون وأدارته واستثماره لحساب الراهن وأخيرا ردة إلى الراهن عند انقضاء الرهن، وهذه الموجبات وأن كانت التزامات بطبيعتها تعاقدية، تنشأ عن عقد الرهن الحيازي ذاته، إلا أنها معلقة على تسلم الشي المرهون من الراهن ونقل حيازته للدائن المرتهن([17])، فالقانون عندما أوجب على الراهن التخلي عن حيازة الشيء المرهن لصالح الدائن المرتهن، فقد فرض علية واجب تنفيذ الموجبات أعلاه، وهو بذلك يكون قد أقام نوعاً من التوازن بين مصلحة الراهن ومصلحة الدائن المرتهن .

أن التزام الراهن بتسليم المرهون إلى الدائن المرتهن يحتل مكان الصدارة بين التزامات الراهن في القوانين التي تعتبر عقد الرهن الحيازي عقد رضائي، وان انتقال حيازة الشيء المرهون من يد المدين الراهن إلى يد الدائن المرتهن يحدث بمجرد انعقاد الرهن الحيازي، فتبدأ حيازة المرهون عند تسليمة إلى الدائن المرتهن بمقتضى عقد الرهن، وقد نصت المادة (1099/2) من القانون المدني المصري على سريان أحكام تسليم المبيع على تسليم الشيء المرهون، وذلك بقولها (( ويسري على الالتزام بتسليم الشيء المرهون أحكام الالتزام بتسليم الشيء المبيع ))، وحيازة المرهون تحقق فائدة من ناحيتين، الأولى هي أن الحيازة شرط لنفاذ حق الرهن في مواجهة الغير، وهذا الشرط مشترك لجميع أنواع الرهون الحيازيه، أما الفائدة الثانية فتتمثل في استطاعة الدائن المرتهن من إدارة الشيء المرهون واستثماره، ومن ثم خصم ما ينتج من هذا الاستثمار من الدين المستحق له([18]).

وأساس هذا الالتزام هو القانون فقد أوجب القانون المدني المصري على الرهن تسليم المرهون إلى الدائن المرتهن بموجب نص المادة (1099) منه بقولها (( 1- على الراهن تسليم الشيء المرهون إلى الدائن أو إلى الشخص الذي عينة المتعاقدان لتسلمه )) .

وقد اشترطت المادة (1322/1) من القانون المدني العراقي على قبض الدائن المرتهن للشيء المرهون بقولها (( يشترط لتمام الرهن الحيازي ولزومه على الراهن أن يقبض المرتهن المرهون ))، وبتحقق شرط القبض يتم الرهن الحيازي ويكون لازماً على أطرافه، لذا ينبغي التمييز ما بين انعقاد الرهن الحيازي وما بين نفاذة، فعقد الرهن الحيازي ينعقد صحيحاً بمجرد ارتباط الإيجاب بالقبول ما بين طرفية، أما لنفاذة فلا يتم ألا عند قيام الدائن المرتهن بقبض الشيء المرهون، وانتقاله إلى حيازته، وبذلك يعتبر عقد الرهن الحيازي عقداً عينياً وحيازة الشيء المرهون ركناً فيه .

واختلف شُرَّاح القانون المدني العراقي حول تفسير النصّوص المشار أليها بالفقرة أعلاه، أي حول طبيعة قبض الشيء المرهون هل هو ركن في العقد، بحيث لا يقوم عقد الرهن الحيازي من دونه، أم هو التزام ينشئ بسبب أبرام عقد الرهن، فمنهم من يرى في قبض الشيء المرهون هو ركن من أركان عقد الرهن الحيازي بوجوده ينشأ الرهن وبخلافة فلا نكون أمام رهن حيازي، فالرهن الحيازي عبارة عن عقد عيني لا يلزم ولا يتم ولا أي اثر ألا بوجود القبض، اذا فالقبض هو ركن وليس مجرد التزام ينشأ عن عقد الرهن الحيازي بعد تمامة([19])، وهنالك من يرى أن عقد الرهن الحيازي هو عقد رضائي يكتفي وجود إيجاب صادر من احد عاقديه وقبول الأخر علية، ألا انه لا يتم ولا يكون لازما ألا بتسليم المرهون بعد انعقاد العقد، الذي يكون بمحض إرادة الراهن، وعلية واستنادا لذلك يجور للراهن الرجوع عن الرهن قبل قبض المرهون، حتى لو لم يوافق الدائن المرتهن على ذلك([20])، وبصدد هذا الاختلاف نؤيد ما ذهب أليه أستاذنا الدكتور ( درع حماد عبد ) بضرورة التفرقة ما بين ما اذا كان الشيء المرهون من المقولات أو من العقارات، حيث لا يُعد كل عقد منشئ للرهن الحيازي هو عقد عيني، فعند ورود الرهن الحيازي على المنقولات، فان الرهن الحيازي لا ينعقد إلا بالقبض، وبذلك يكون عقد الرهن الحيازي عقد عيني، أما اذا وردّ الرهن الحيازي على العقارات فسيكون عقد شكلي، والتسليم مجرد التزام يقع على عاتق الدائن المرتهن وليس ركن فيه([21]) .

وأما موقف القانون اللبناني من ذلك، فإن التسليم يعتبر ركن من أركان عقد الرهن الحيازي، وليس مجرد التزام يقع على عاتق الراهن يتولد من عقد الرهن الحيازي، أو عنصراً لازماً لنفاذ عقد الرهن الحيازي، وهذا ما نصت علية المادة (101) من القرار 3339 المشار أليها سابقاً، وكذلك ما وردّ في نص المادة (3) من المرسوم الاشتراعي رقم 46 بقولها (( يتم رهن الشيء المادي بأن يسلم المديون أو شخص ثالث بالنيابة عنه هذا الشيء إلى الدائن تأميناً لدين ما . ويجوز أن يسلم الشيء إلى شخص ثالث يختاره الفريقان، أو أن يوضع قيد الحراسة المشتركة على وجه لا يمكن معهُ الراهن أن يتصرف فيه بمعزل عن الدائن . ويجوز أن يتم التسليم بأداء سند يحصر في مستلمة حق التصرف في ذلك الشيء … ))، فالرهن الحيازي بموجب هذين النصّين لا يكتمل إلا عند نقل حيازة الشيء المرهون من الراهن إلى الدائن المرتهن ووضعه تحت يدية، وبالتالي فإن عقد الرهن الحيازي على وفق ما وردّ هو عقد عيني، والتسليم الشيء المرهون يكون ركن فيه .

أما موقف شُرَّاح القانون الموجبات والعقود اللبناني فقد اختلفوا حول ذلك فمنهم من يذهب إلى اعتبار تسليم الشيء المرهون من الراهن إلى الدائن المرتهن ركن من أركان عقد الرهن الحيازي، لان عقد الرهن الحيازي عقد عيني، وهو عقد يجب لإتمامه بالإضافة إلى التراضي تسليم الشيء محل عقد الرهن الحيازي، فالرهن لا يكتمل إلا بالتسليم، وعند تخلف هذا الركن، أي امتناع الراهن عن الشيء المرهون إلى المرتهن ويبقى تحت يده، يصبح عقد الرهن الحيازي باطلاً بطلاناً مطلقاً، وعلى أثر ذلك يجوز لكل ذي مصلحة التمسك بهذا البطلان، سواء كانوا من الأغيار أو اطراف عقد الرهن الحيازي ذاته([22])، وبذلك فإن تسليم الشيء المرهون شرط من شروط انعقاد الرهن([23]) .

وهنالك رأي أخر يذهب إلى اعتبار عقد الرهن الحيازي عقد رضائي، وتسليم الشيء المرهون هو التزام ناتج عن أبرام عقد الرهن، وبالتالي فإن تسليم الشيء المرهون من الراهن إلى الدائن المرتهن ليس ركن من أركان العقد، يقع في ذمة المدين، ويحق للدائن اللجوء إلى اتباع الطرق القانونيّة في الزام الراهن بتسليم الشيء المرهون([24]) .

أما المُشرّع المصري فقد اتخذ موقف مغاير لما ذهب أليه القانون المدني العراقي واللبناني، بأن حيازة الشيء المرهون من قبل الدائن المرتهن في الرهن الحيازي ليس ركناً فيه، بل شرطاً لنفاذ العقد، وبذلك جعل من عقد الرهن الحيازي عقداً رضائياً، ينعقد عند وقوع الإيجاب والقبول علية، فيكفي فيه مجرد إرادة الراهن والمرتهن، وبذبلك فهو يختلف عن الرهن الرسمي، الذي يجب أن يكون وفق صيغة رسمية، وبالمقابل لم يستلزم القانون هذه الرسمية في الرهن الحيازي، من دون حاجه إلى تسليم الشيء المرهون، فالتسليم ليس له علاقة بانعقاد عقد الرهن الحيازي، وبالتالي فالتسليم يُعد التزاماً وليس ركناً فيه، ومن خلاله يصبح العقد نافذً في حق الغير، وهذا ما نصت علية المادة (1069) من القانون المدني المصري .

ويُضاف إلى شرط نقل حيازة المرهون لكي ينفذ، وجوب توثيق عقد الرهن الحيازي عندما يكون محلة عقاراً([25])، فالرهن الحيازي العقاري يخضع للشهر، من خلال قيد التصرف المنشئ لحق الرهن في دفتر الشهر، ويسري على شهر الرهن الحيازي الوارد على عقار جميع الأحكام الخاصة بقيد الرهن الرسمي، من شروط القيد، وأثارة، وتجديده، ومحوه، وبذلك لا يوجد فرق ما بين الإجراءات، ألا في بعض التفاصيل([26]) .

متى تم أبرام عقد الرهن الحيازي وانعقاده صحيحا، وتم وفق شروطه، انشأ التزامات على كل من الراهن والمرتهن، ورتب أيضًا حقوقاً لكل منهما على محل الرهن، فان أول التزام يقع على عاتق المدين الراهن هو تسليم المرهون إلى الدائن المرتهن أو إلى عدل يعينه طرفي عقد الرهن الحيازي، ويعتبر تسليم المرهون عبارة عن التزام من جانب المدين الراهن، وهو بالمقابل حق للدائن المرتهن في الرهن الحيازي، ولا تعتبر الحيازة ركن في العقد، وأما العدل هو شخص ثالث محايد مؤتمن على حيازة الرهن، وللتسليم فائدة كبيرة في الرهن الحيازي، ففيه تتحقق انتقال حيازة المرهون إلى الدائن المرتهن، و كذلك يعتبر أجراء لازم لنفاذ الرهن الحيازي في مواجهة الكافة من الغير .

ولعل اجدر ما يجب معرفته هو إلى من تنتقل الحيازة؟ في الأصل تنتقل حيازة المرهون من المدين الراهن إلى الدائن المرتهن بمجرد إتمام أبرام عقد الرهن الحيازي بصورته الصحيحة، وتنتقل حيازة المرهون أيضًا إلى شخص ثالث يتفق علية طرفي عقد الرهن وهو العدل([27])، الذي سنشرح أحكام حيازته للشيء المرهون فيما بعد، أو وضع المرهون قيد الحراسة المشتركة بحيث لا يمكن للراهن التصرف في المرهون بمعزل عن الدائن المرتهن([28]) .

ويتم اتباع الأحكام الخاصة في انتقال المبيع من البائع إلى المشتري عند نقل الشيء المرهون من الراهن إلى الدائن المرتهن، وهذا ما نصت علية المادة (1099) من القانون المدني المصري على (( 2- ويسري على الالتزام بتسلم الشيء المرهون أحكام الالتزام بتسلم الشيء المبيع ))، من خلال نقل حيازة المرهون بالطريقة التي تتفق مع طبيعتها فإذا كان المرهون من الأشياء المادي فتنتقل حيازته بالتسليم المادي للدائن المرتهن، واذا كان عقاراً فتتم نقل حيازته بتخليته لكي يستطيع الدائن المرتهن من قبضة دون حائل، وقد يكون المرهون موجود قبل انعقاد عقد الرهن الحيازي في يد الدائن ففي هذه الحالة تنتقل الحيازة يكون بتغيير الحيازة، وقد يكون المرهون عبارة عن ديون ففي هذه الحالة تنتقل حيازتها بتسليم سنداتها([29]) .

وبالرجوع إلى أحكام تسليم الشيء المبيع نجد أنه يجب على الرهن أن يلتزم بعدة أمور، ففيما يتعلق بمحل التسليم، يلتزم الراهن بتسليم الشيء المرهون وملحقاته بذات الحالة التي هو عليها وقت أبرام عقد الرهن، وفيما يتعلق بوقت ومكان التسليم، فيجب أن يكون التسليم في الوقت والمكان المتفق عليه فيما بين الراهن والمرتهن، فإن لم يتم الاتفاق، فيكون التسليم واجبا فور التعاقد وفي مكان وجود الشيء إن كان معينا بالذات وفي موطن الراهن وقت الوفاء إن كان معينا بالنوع، وفيما يتعلق بالكيفية التي يتم فيها التسليم، فيكون بوضع محل المرهون تحت تصرف المرتهن أو العدل بالشكل الذي يتمكن من حيازته والانتفاع به دون خلل، ولو لم يتم الاستيلاء عليه استيلاء ماديا، مادام الراهن قد أعلمه بذلك .

وما تم ذكره أنفا يمثل التسليم القانوني الذي يبرئ ذمة الراهن من التزامه بتسليم الشيء المرهون إلى الدائن المرتهن، مع ملاحظة أن عدم استيلاء الدائن المرتهن أو العدل للشيء المرهون استيلاء ماديا يحول دون تحقق شرط الحيازة اللازم لنفاذ الرهن في حق الغير، ولكن نجد أن التسليم الذي يبرئ ذمة البائع في عقد البيع يمكن أن يكون تسليماً ماديا أو رمزيا أو حكميا([30]) .

أما طرق انتقال حيازة الشيء المرهون من الراهن إلى الدائن المرتهن، فيتم بطريقين الأول هو التسليم المادي من خلال نقل الشيء المرهون من الراهن إلى الدائن المرتهن أو العدل نقلاً حقيقيا بوضعه تحت تصرفه، وفقاً للطريقة التي تناسب طبيعته، وبالتالي تمكينه من السيطرة عليه سيطرة فعلية تمكنه من القيام بكافة التزاماته من حفظ للمرهون وأدارته واستثماره من ثم أعادته إلى الراهن بعد استيفاء كافة حقوقه، فتسليم العقار بهذه الطريقة يتم من خلال التخلي عن حيازته، ليتمكن الدائن المرتهن من وضع يده علية، وليتم ذلك يجب على الراهن القيام بأخلاء العقار من الأثاث والأمتعة الموجودة داخله، وتسليمه مفتاح العقار خالي من الشواغل، أما اذا كان المرهون منقولاً فيكون تسليمة بالمناولة اليدوية([31])، وفي حال الشيء المرهون يتمثل بحق شخصي كالدين، فيتم تسليمه من خلال تسليم السندات المثبتة للحق([32]) .

أما الطريقة الثانية فتتم بالتسليم الرمزي أو ما يسمى بالحكمي، فيما يخص التسليم الرمزي فيتم بتسليم ما يمكن الدائن المرتهن من حيازة الشيء المرهون كتسليمه إيصال باستلامه إذا كان الشيء المرهون ليس تحت حيازة الراهن، فهذا النوع من التسليم وإن امكن اعتباره صحيح لتبرئة ذمة المدين الراهن إلا أنه لا يكفي لنفاذ الرهن في حق الغير، لعدم وجود التسلط الفعلي على الشيء المرهون بصورة علنية وظاهرة للغير([33])، أما التسليم حكميا فيتم بصيغة الاتفاق على اعتباره حاصلا، من دون الحاجة إلى أي أجراء آخر، وذلك متى كان الشيء المرهون في حيازة المرتهن قبل أبرام عقد الرهن وذلك لأي سبب آخر كالإيجار أو الوديعة، وفي هذه الحالة يتم تغيير سبب الحيازة .

ولكن لا يوجد ما يمنع من اتفاق الدائن المرتهن مع المدين الراهن على وضع المرهون تحت حيازة شخص ثالث، من خلال تسليمة له نيابة عن الدائن المرتهن ويسمى العدل، ولا يكفي وضع الشيء المرهون تحت تصرف المرتهن أو العدل، بل يجب أيضًا أن يكون الراهن قد أعلمه بذلك بأي وسيلة كانت ولو مشافه.

ولكن يحدث وأن تخرج حيازة المرهون من الدائن المرتهن أو العدل الذي ارتضياه طرفي عقد الرهن لحيازة المرهون، بعد أن كان حائزاً له، دون موافقة أي منهما، فهل يمكن لهما المطالبة باستعادة حيازة الشيء المرهون؟ يحق للدائن المرتهن أو العدل الذي نزعت حيازة المرهون من حيازته دون علمة أو أرادته بالمطالبة باسترداد حيازة المرهون من المدين الراهن أو الغير الذي قام بانتزاع المرهون([34])، ويحق له أيضًا تتبع المرهون الذي اخرج من حيازته دون رضاة وأرادته سواء كان ذلك باستخدام أسلوب خفي أم بالعنف والقوة، فخروج الشيء المرهون من حيازة الدائن المرتهن من دون رضاه وبطريق الغصب لا يمنعه من حقة في الحبس، ويستطيع استرداد الشيء المرهونة وفقاً للأحكام استرداد الحيازة، ولا ينقضي هذا الحق إلا بعد مرور عام من تاريخ علمة بخروجه من يده، وقد نص القانون اللبناني على الألية التي من خلالها يتم استرداد المرهون المسلوبة حيازتها من المرتهن، بتقديم طلب خلال ثلاثون يوم من تاريخ علمة بوقوع الانتزاع([35]) .

أما اذا امتنع الراهن وتعند عن تسليم الشيء المرهون ونقل حيازته إلى الدائن المرتهن، فالأخير الحق في إجبار الراهن على التسليم من خلال اللجوء إلى القضاء، وهنالك حالتان يبطل فيهما الرهن الحيازي تتعلق بتسليم الشيء المرهون من الراهن إلى المرتهن، الأولى إذا بقى الشيء المرهون باختيار الدائن المرتهن في حيازة الراهن، والثانية إذا أرجعه إلى الراهن باختياره، وفي كلتا الحالتين اذا أقام الدائن المرتهن دعوى أمام القضاء طالباً فيها وضع الشيء المرهون تحت حيازته، فالمحكمة رفض طلب حبس الشيء المرهون، على أساس ما استبانته من وقائع الدعوى، من خلال عدم وضع الدائن المرتهن يده على الشيء المرهون الواجب حبسة لدية، وتركه إياه لدى الراهن وبرضاه، وقضاء المحكمة في مثل هذه الدعوى رفض طلب المدعي سليم، ولا رقابة لمحكمة النقض علية، بشأن ما نسبته بمسألة وضع اليد على الشيء المرهون، أما في غير تلك الحالتين مثالة أذا اثبت الدائن المرتهن أن عدم وضع يده على الشيء المرهون كان غصباً ونتيجة ظروف قاهرة، فلا يتم أبطال عقد الرهن الحيازي، ويبقى صحيحاً، ويكون للمرتهن الحق في المطالبة بحبس الشيء المرهون([36]) .

ويجب أن يكون المرهون محل الرهن الحيازي من الأموال التي يمكن حيازتها سواء كان المرهون من العقارات أو المنقولات أو دينا، لان الحيازة شرط لا ينشأ الرهن الحيازي بدونة، سواء الذي انتقلت أليه حيازة المرهون هو الدائن المرتهن أم العدل، وعلية اذا كان الشيء المرهون غير قابل لنقل الحيازة، سواء حصل ذلك حقيقة أم حكما مثالة الدين غير الثابت بالكتابة، فلا يمكن رهنه رهناً حيازياً؛ لعجز المدين الراهن من نقل حيازته المرهون للدائن المرتهن قانونًا .

هذا وأن التزام المدين الراهن بتسليم المرهون محل الرهن الحيازي إلى الدائن المرتهن أو إلى العدل لا ينفي ملكية المرهون له، وذلك لان نقل حيازة المرهون من يد المدين الراهن إلى الدائن المرتهن أو العدل تنقلها على سبيل الحيازة لإتمام تنفيذ عقد الرهن الحيازي، فهي حيازة على سبيل الرهن، أي انه تنتقل حيازة المرهون المادية إلى الدائن المرتهن أو للعدل فيما تبقى الحيازة القانونيّة للمدين الراهن([37]) .

والقاعدة أن التسليم جميع الأشياء يحصل على نحو الذي يتفق مع طبيعة تلك الأشياء، فكونه من الأشياء المادية فلا صعوبة تثار في ذلك إذا تم التسليم بنقل حيازته فعلا، أما في حالة التسليم الحكمي وهو الشيء الذي يتم بمجرد التراضي بين الطرفي العقد من دون نقل الحيازة المادية، فهنا يجب أن نفرق بين صورتين، الصورة الأولى تتمثل في بقاء الشيء المرهون في يد الراهن ولكن بسند آخر فالأصل في ذلك لا تبرئ ذمة الراهن، ويحق للمرتهن المطالبة بالتسليم الفعلي، حتى يكون الرهن الحيازي نافذا في حق الغير، ويستثنى من هذا الأصل حالة ما إذا كان المرهون عقارا واستبقى الراهن حيازته على سبيل الإيجار بشرط شهر الإيجار، والذي سوف تناول أحكامه بالمواضيع القادمة، أما الصورة الثانية فهي أن يكون الشيء المرهون في حيازة الدائن المرتهن أو العدل قبل رهنه، لسبب آخر كالإيجار أو العارية ويتم الاتفاق على أن تستمر لدية الحيازة ولكن على سبيل الرهن، وفي هذا الحالة يكفي هذا التسليم لبراءة ذمة الراهن ونفاذ الرهن الحيازي في حق الغير، وعندما يكون الشيء المرهون دينا فيكون تسليمة إلى المرتهن بنقل حيازة السند المثبت لهذا الدين، وفي حاله أخلال الراهن بالتزاماته بالتسليم، فإنه يمكن جبره على التنفيذ إن كان ذلك ممكنا وفقا إلى القواعد العامة، فإذا تعذر التنفيذ العيني فإنه يتم فسخ عقد الرهن، والتمسك بسقوط أجل الدين المضمون بالرهن، مع حقة في المطالبة بالتعويض إن كان له مقتضى([38]).

وبذلك فإن الكيفية التي تنتقل بيها الحيازة تتم من خلال تسلم الشيء المرهون للدائن المرتهن أو العدل بما يتفق مع طبيعته، ويتم ذلك من خلال جعل المرهون تحت رهن تصرف الدائن المرتهن، بحيث يتمكن من قبضة وحيازته والانتفاع به من دون أي عائق، فيتم تسليم العقارات المرهونة كما تسلم عند بيعها، واذا كان المرهون عبارة عن منقول مادي فيتم التسليم حقيقة أو حكماً، ومثال التسليم الحكمي هو وضع علامات المرتهن عليها، أو توضع هذه العلامات على الأمكنة التي توجد فيها، أو قد يكون المرهون تحت حيازة الدائن المرتهن لسبب أخر فيقوم تغير العقد مقام تسليم المنقول المادي، أما بالنسبة لتسلم الديون المرهونة فيتم تسلمها بتسلم سنداتها، وتسلم حقوق الملكية الأدبية أو الصناعية أو الفنية من خلال الشهادة التي تمثلها، ويتم تسليم السند الذي يمثل المنقول مقام تسليم المنقول نفسه([39])، كما يمكن أن يكون التسليم بأداء سند يحصر في مستلمة حق التصرف في الشي المرهون([40]) .

ويتم التساؤل عن الأثار المترتبة في حال أخلال المدين الراهن عن تنفيذ التزامه بنقل حيازة المرهون منه إلى الدائن المرتهن؟ ففي حال تحقق ذلك فأن عقد الرهن الحيازي لا ينعقد، فعقد الرهن الحيازي من العقود التي لا يترتب عليها أي اثر، ألا في حال حصول قبض المرهون من خلال نقل الحيازة، لسبب أن عقد الرهن الحيازي من العقود العينية، وقبض المرهون فيه من قبل الدائن المرتهن هو ركن فيه([41])، وإذا لم يلتزم المدين الراهن بتسليم الشيء المرهون إلى الدائن المرتهن، جاز للأخير أن أمكن أن يتسلم الشيء المرهون جبراً على المدين الراهن، فإذا تعذر التنفيذ العيني، جاز للدائن المرتهن أن يطلب فسخ العقد، والتمسك بسقوط أجل دينه المضمون بالرهن الحيازي .

الفرع الثاني

الغاية من انتقل الحيازة

للرهن الحيازي مزية تتمثل بمنح الدائن المرتهن ضماناً قوياً أذ يمكنه حبس المرهون، ويتم ذلك لحين الوفاء بالدين المضمون بالرهن، فإذا استوفى دينة كان علية أن يرد الشيء المرهون إلى الراهن، مع ملاحظه أن أعادته تتم بالحالة التي تسلمه عليها، وفي حالة المرهون من المنقولات تكون الحيازة واجبة للدائن المرتهن، لأنه يؤمنه مما يقوم به المدين الراهن من تصرفات ضارة به، كما في حالة إخفاء المرهون أو التصرف فيه للغير الذين يمكنهم التمسك بقاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية، كما أن الحيازة في المنقول تعتبر بمثابة وسيلة الإشهار الوحيدة لأعلام الغير بأن المرهون لم يعد من أموال المدين الحرة التي يمكنه التصرف بها([42])، فأن اشتراط انتقال حيازة المرهون من المنقولات إلى الدائن المرتهن، هو لنفاذ حق الرهن في مواجهة حق الغير، كونها الوسيلة التي من خلالها يتم شهر الرهن الحيازي وأعلام الغير بوجوده، مع ملاحظة أن بقاء الشيء المرهون تحت حيازة المدين الراهن من شأنه أن يؤدي إلى خداع المتعاملين معهُ، وأيضًا للمدين الراهن التصرف في الشيء المرهون وتسليمه لشخص أخر حسن النية، الذي له حق التمسك ضد الدائن المرتهن بقاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية، وبالتالي الأضرار بالدائن أو تعريضه للخطر([43]) .

أن طبيعة الرهن الحيازي تتمحور في جانبين الأول منهما جانب إيجابي يتمثل بانتقال حيازة الشيء المرهون من الراهن إلى الدائن المرتهن، ومن خلال هذا الحيازة يستطيع الأخير القيام بتنفيذ الموجبات، وهذا يمثل الركن المادي للحيازة، أما الركن المعنوي لها فيتمثل بنية تملك الشيء المرهون، وهذا لا يتحقق فلا تنتقل ملكيته أليه بل تبقى للراهن، وما حيازة الدائن المرتهن للشيء المرهون إلا ضماناً لاستيفاء حقوقه، أما الجانب الأخر وهو السلبي الذي يتمثل بخروج الشيء المرهون من حيازة الراهن، فيحظر على الراهن القيام باي تصرف من شئنه الأضرار بمصالح الدائن المرتهن([44])، وبذلك فأن للحيازة في الرهن الحيازي ركنان معنويان، وهما مختلفين في المضمون، فالركن المعنوي بالنسبة إلى الدائن المرتهن يتمثل في نية ترتيب حق عيني تبعي على الشيء المرهون، يضمن له استيفاء حقوقه، وبالنسبة إلى الراهن فيتمثل في احتفاظه بنية تملك الشيء المرهون كونه المالك له بالرغم من فقدانه الحيازة المادية له.

وان الغاية من انتقال حيازة المرهون في الرهن الحيازي من الراهن إلى الدائن المرتهن ينحصر حول تأكيد سيطرة الدائن المرتهن على المرهون فقط، وأعلام الغير بالحق العيني التبعي الذي يثقل المرهون، لذا على الغير أن يتحرى من هذا الحق الذي يثقل به الشيء، وعندها فلا يطمئن إلى التعامل مع الراهن حول ذات العين المرهونة بسبب خروجها من حيازته ووجود حق للدائن المرتهن عليها، أي أن ينفذ الرهن في حق الغير، كونه الوسيلة الوحيدة الممكنة لشهر الرهن الحيازي وأعلام الجميع بوجوده، وبذلك فلم يُعد المرهون من أملاك الراهن الحرة الخالية من حقوق الغير عليها، حيث يشترط لنفاذ الرهن الحيازي في حق الغير تسليم المرهون للمرتهن، فبقاء المرهون تحت حيازة الراهن دون انتقاله إلى الدائن المرتهن يؤدي إلى خداع من يتعامل مع الراهن ظنناً منهم بعدم أثقاله باي حق للغير، وبالتالي لا توجد وسيلة أخرى لتبيان وجود الرهن سوى انتقال حيازته([45])، فالقانون عندما اشترط انتقال حيازة الشيء المرهون من الراهن إلى الدائن المرتهن حقق نوعاً من الشهر يحول دون أيهام الغير بتقدير يسار الراهن وملاءته، وتقيهم مغبة قيامهم بإقراضه قروضاً جديدة، إذا كان على هوة الإعسار([46])، هذا وأن ما تم ذكرة يخص الشيء المرهون من نوع المنقولات فقط ولا يشمل العقارات لما لها من الألية خاصة للإشهار، بل لها فائدة أخرى لانتقال الحيازة للدائن المرتهن وهي تمكينه من الحصول على حقوقه من ثمار المرهون أو الإيرادات التي ينتجها، من خلال خصمها من حقوقه المترتبة بذمة المدين الراهن، ولكي يتمكن الدائن المرتهن من ذلك يترتب عليه التزام منطقي وهو أن يقوم بإدارة المرهون واستثماره .

وهنالك غاية أخرى من انتقال حيازة الشيء المرهون من يد الراهن إلى الدائن المرتهن وهي جعل المرهون بمنأى عن التصرفات التي يجريها الراهن عليه والتي تضر بمصلحة المرتهن، مثالة قيامة بنقل ملكية الشيء المرهون إلى شخص أخر حسن النية لا يعلم بوجود حق للمرتهن على ذات الشيء، وبالتالي سوف يستفاد من قاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية في مواجهة المرتهن([47])، وتهدف حيازة الشيء المرهون من قبل الدائن المرتهن إجبار الراهن على تعجيل دفع حقوق الدائن المرتهن المضمونة بالرهن، حيث يتمكن الدائن المرتهن من حبس الشيء المرهون لدية لحين استيفائه لحقوقه.

وينتج عن انتقال حيازة المرهون من المدين الراهن إلى الدائن المرتهن، تمكين الدائن المرتهن من استغلال الشيء المرهون وأدارته واستعماله واستثماره، وتنفيذ هذه الموجبات يؤدي إلى الحصول على غله الشيء المرهون، ويتم خصمها من حقوقه المضمونة بالرهن، فيحق للدائن المرتهن تبعاً للحيازة الشيء المرهون جني ثماره على أن يتم تنزيل قيمتها الصافية من فوائد الدين والنفقات الواجبة له ثم من رأس المال .

وأن كان تسلم الشيء المرهون يحقق فائدة للدائن المرتهن، فإنه بالمقابل أن كان يحقق للراهن الائتمان الذي من خلاله يحصل على القروض، إلا أنه يعود بالضرر عليه، لأنه يحرم الراهن الاستفادة من منافع الشيء المرهون، فبمجرد تسليمة الشيء المرهون لا يمكن له الاستفادة منه مجدداً كإعادة رهنه مجدداً لدين أخر، خاصة لو كانت قيمة الشيء المرهون تزيد عن قيمة الدين المضمون بالرهن، فتنفذ بذلك جميع المنافع المرجوة منه([48]) .

المطلب الثاني: استمرار حيازة المرهون بيد الدائن المرتهن

أن الموجبات المفروضة على الدائن المرتهن في الرهن الحيازي أوسع من الموجبات المفروضة على الدائن المرتهن في الرهن الرسمي في القانون المصري ويسمى التأميني في القانون العراقي والتأمين العقاري في القانون اللبناني، والسبب في ذلك هو نقل حيازة الشيء المرهون من الراهن إلى الدائن المرتهن، واستمرار حيازته له طيلة مدة عقد الرهن الحيازي، أذاً أن لاستمرارية حيازة الشيء المرهون ارتباط بتنفيذ الموجبات، لذا يتعين علينا بحث هذا الموضوع من خلال تقسيم المطلب إلى فرعين، في الفرع الأول شروط الحيازة، وفي الفرع الثاني خروج حيازة المرهون من الدائن المرتهن .

الفرع الأول: شروط الحيازة

الفرع الثاني: خروج حيازة المرهون من الدائن المرتهن

الفرع الأول

شروط الحيازة

لما لانتقال حيازة الشيء المرهون أمراً ضرورياً لنفاذ الرهن الحيازي بحق الراهن والدائن المرتهن، ومن اجل إنتاج الحيازة أثارها بحق الغير، بأعلامهم أن الشيء المرهون ليس خالياً من الشواغل، يجب أن تتوفر شروط معينة في الحيازة، نوجزها كما يلي:

أولا: العلانية

أن شرط العلانية أو ما يسمى بالظهور، يمثل شرط أساسي لا استغناء عنه في حيازة الأشياء المرهونة بالرهن الحيازي، فمن خلال هذا الشرط يتم أعلام الغير أن الشيء المرهون تعلق به حق الدائن المرتهن، من خلال خروج هذه الحيازة من يد الراهن وانتقالها إلى يد الدائن المرتهن، ومباشرة الأخير سلطة الاستحواذ علية، والمقصود في شرط العلانية عند حيازة الشيء المرهون أن تكون ظاهره وواضحة من قبل الدائن المرتهن، أي يجب أن يكون هنالك علامات أو دلائل يستدل منها حيازة الدائن المرتهن للشيء المرهون بشكل لا يثير البس والغموض، بحيث يتبيَّن للغير من الأشخاص أن الشيء المرهون لم يبقى جزء من مال الراهن الخالي من الحقوق، مثال ذلك تسليم مفتاح المحل التجاري الذي تقع بداخلة البضاعة المرهونة للدائن المرتهن، بشرط أن يضع الدائن المرتهن علامات صريحة تدل على أن الشيء المرهون اصبح من الموجودات المرهونة لديه، وكذلك حالة تسليم سندات الشحن أو سندات الإيداع، فلا يلزم أن تكون الحيازة حقيقية أي أن يحوز الدائن المرتهن الشيء المرهون بذاته، فتكفي الحيازة الرمزية طالما أنها ظاهرة للكافة، فالقانون أجاز رهن الديون من خلال الحيازة الرمزية بالاكتفاء بتسلم الدائن المرتهن لسندات الدين، لان الدين شيء معنوي لا يتصور حيازته بشكل مادي([49])، وبذلك فالحيازة الظاهرة تتحقق حتى في التسليم الرمزي للشيء المرهون، طالما أن الشيء المرهون تحت الحيازة الفعلية للدائن المرتهن، ويُعد مباشرة الدائن المرتهن لتنفيذ التزامه في مباشرة الموجبات الشيء المرهون .

ثانيًا: أن تكون الحيازة حقيقية

والشرط الأخر لحيازة الشيء المرهون هو أن تكون الحيازة حقيقية وليست حيازة صورية، فحيازة الراهن للشيء المرهون بدلا من الدائن المرتهن على سبيل الوديعة مثلًا، لا يكون كافياً لتحقيق الحيازة الحقيقية، لذا يجب أن يكون هنالك تخلي عن المرهون بشكل تام، بحيث لا يبقى أي شك في انتقال حيازة الشيء المرهون من الراهن إلى الدائن المرتهن([50]) .

وحتى تكون الحيازة حقيقية، أن يكون الشيء المرهون قابلاً للحيازة، وإلا عقد الرهن الحيازي لا ينعقد، سواء كانت هذه الحيازة حقيقية أم رمزيه، ولهذا أجازت التشريعات رهن الأموال المعنوية، التي يكتفى بحيازة سنداتها مع تسجيلها في السجلات الخاصة .

ثالثًا: استمرار الحيازة

أن لحق الرهن الحيازي عدة خصائص يتصف بها، ومن خصائصه انه يخول الدائن المرتهن سلطة حبس الشيء المرهون اتجاه الكافة، أي للدائن المرتهن سلطه بموجبها يحوز الشيء المرهون، ولا يردة إلى الراهن، لحين استيفاء كامل حقوقه المضمونة بالرهن، فيبقى للدائن المرتهن الحق في حبس الشيء المرهون طالما بقى الرهن قائماً، وبذلك فان الرهن الحيازي يتميز عن باقي التأمينات العينية الأخرى، التي لا تخول صاحبها سلطة حيازة الشيء المرهون لحين الحصول على حقوقه([51])، هذا وتعتبر حيازة الدائن المرتهن للشيء المرهون امتداد لحيازة الراهن، ففي حال وضع شخص يده على احد الأشياء بنية تملكه، ولم تتم ملكيته بعد، وقام بالتصرف به من خلال رهنه إلى دائنة، ففي هذه الحالة تعتبر حيازة الشيء المرهون من قبل الدائن المرتهن امتداد لفترة حيازة الراهن السابقة وهي حيازة عرضية تتم لمصلحة الراهن([52])، ويترتب على صفة الحيازة العرضية للدائن المرتهن على الشيء المرهون، انه لا يستطيع تملكه من خلال الحيازة أو التقادم مهما طالت مدته، لان حيازته للشيء المرهون لا تقوم على أساس نية التملك، وعلية في حال تغير سبب حيازته له، يمكن له تملك الشيء المرهون([53]) .

أن الموجبات المفروضة على الدائن المرتهن في الرهن الحيازي، تتطلب انتقال حيازة الشيء المرهون من الراهن أليه، فهي مرتبطة بالتسليم، فالرهن الحيازي ينشأ موجبات في جانب الدائن المرتهن تتمثل بحفظ الشيء المرهون وأدارته واستثماره واستعماله واستغلاله وردّة إلى الراهن، ولا تقوم هذه الموجبات في حقه إلا بعد حدوث التسليم، واستمرار هذه الحيازة من قبلة شريطة أساسية لاستمرار تنفيذ الموجبات، فإذا لم يتم التسليم فلا يكلف بها، فقد تخرج حيازة المرهون من يد الدائن المرتهن وتنتقل إلى يد المدين الراهن، ويتم ذلك أما بإرادة الدائن المرتهن أو قسراً عنة .

أن استمرار حيازة المرهون في الرهن الحيازي شرط لديمومة عقد الرهن وعدم انقضائه، ويمثل استمرار حيازة الشيء الرهون حق من حقوق الدائن المرتهن وهذا ما نصت علية المادة (1342) من القانون المدني العراقي بقولها (( للمرتهن حبس المرهون دون أخلال بما للغير من حقوق تم كسبها وفقاً للقانون، واذا خرج المرهون من يده دون أرادته أو دون علمة، كان له استرداد حيازته من الغير وفقاً لأحكام الحيازة )). واستمرار حيازة الشيء المرهون في الرهن الحيازي ليس حقاً للدائن المرتهن فحسب، بل هو التزام على الراهن يستمر لحين وفاء الدين المضمون بالرهن وجميع فوائده ونفقاته، وهذا ما نصت علية المادة (4) من المرسوم الاشتراعي الرقم 46 (( أن رهن المنقول يخول الدائن حق حبس المرهون إلى أن يوفى الدين … ))، كما نصت (15) من ذات المرسوم الاشتراعي بقولها (( لا يحق لراهن، فيما خلا الأحوال المنصوص عليها في المواد السابقة أن يطالب برد الشيء ألا بعد إيفاء الدين كله أصلا وفائدة وبعد دفع النفقات المختصة بالدين وبالرهن عند الاقتضاء … ))، وكما نصت المادة (106) من القرار 3339 على ذلك أيضًا بقولها (( يضمن العقار المرهون كل جزء من الدين، لذلك لا يحق للمديون أن يطالب التمتع بعقارة قبل وفاء الدين ))، إلا أنه هنالك حالات يتخلى فيها الدائن المرتهن عن حيازة الشيء المرهون لغير الراهن، وبالرغم من ذلك لا ينقضي عقد الرهن ويبقى صحيحاً منتجاً لأثاره، وذلك من خلال تأجيره أو أعارته أو إيداعه وبهذا يبقى الرهن قائماً لوضع المستأجر أو المستعير أو المودع عنده يده على الشيء المرهون نيابة عن الدائن المرتهن .

فلا تنقطع الحيازة في حالة اذا كان المرهون عقار وقام الدائن المرتهن بإعادته إلى المدين الراهن على سبيل الإيجار أو الإعارة، والفارق بينهما أن عقد الإيجار من عقد المعارضة التي لا تتم إلا بمقابل، أما العارية فتعد من عقود التبرع، وفي هذه الحالة يستمر عقد الرهن من ناحية وجودة ونتاج أثارة، وهذا ما نصت علية المادة (115) من القرار 3339 والتي نصت (( العقار المرهون الذي يعيره الدائن المرتهن إلى المديون أو يؤجره منه، يبقى مخصصاً لضمان وفاء الدين ))([54])، وبذلك كان المُشرّع اللبناني موفقاً في منح هذه الإجازة، من خلال إعادة العقار المرهون من الدائن المرتهن إلى المدين الراهن، وذلك لان توثيق الرهن في السجلات الخاصة بالسجل العقاري يكفي لقيام الرهن ووجوده، كونه يعتبر بمثابة تسليم حكمي للعقار المرهون للدائن المرتهن ولو لم يتسلمه فعلا([55]).

وقد أوجب المُشرّع العراقي استمرار حيازة المرهون من قبل الدائن المرتهن في الرهن الحيازي بنص المادة (1337/1) من القانون المدني بقولها (( يستبقي المرتهن في الرهن الحيازي حيازة المرهون حتى انقضاء الرهن . واذا عاد المرهون إلى حيازة الراهن لأي سبب كان للمرتهن أن يسترده مادام عقد الرهن قائماً دون إخلال بما قد يكون للغير من حقوق ))، وبالمقابل نجد المُشرّع المصري خول أيضًا للدائن المرتهن الحق في حبس الشيء المرهون، في نص المادة (1110) من القانون المدني المصري (( 1- يخول الرهن الدائن المرتهن الحق في حبس الشيء المرهون عن الناس كافة دون أخلال بما للغير من حقوق ثم حفظها وفقا للقانون . 2- وإذا خرج الشيء من يد الدائن دون إرادته أو دون علمه كان له الحق في استرداد حيازته من الغير وفقا لأحكام الحيازة ))، ونجد نظير لهذا النصّ في المرسوم الاشتراعي 46 حيث نصت المادة (7) منه (( أن الدائن الذي نزعت يده عن المرهون يحق له أن يطالب به في الأحوال التي يحق فيها للمالك أن يقيم دعوى الاستحقاق بناء على القواعد المبنية في قانون أصول المحاكمات المدنية )) .

أن استمرار حيازة المرهون لا يشمل المدة الزمنية لبقاء المرهون تحت حيازة الدائن المرتهن فقط، بل يشمل استمرار الحيازة إلى ملحقات المرهون، وبذلك فأن حق الدائن المرتهن في الرهن الحيازي يسري على الشيء المرهون ذاته وعلى ملحقاته أيضًا ، ويتم تحديد هذه الملحقات من قبل طرفي عقد الرهن، وفي حاله عدم التحديد من قبلهم، أعتبر من ملحقات المرهون كل ما أعد بصفة دائمة لاستعماله، وذلك طبقاً لما تقتضيه طبيعة الأشياء، وما جرى علية العرف([56]) .

ويلتزم الراهن مديناً كان أم كفيلاً عينياً نحو الدائن المرتهن بضمان استلام الدائن للشيء المرهون، وترك حيازة المرهون في يد الدائن المرتهن، وعدم استرداد الشيء المرهون إلى حين وفاء الدين كاملًا من قبلة، أو تنازل الدائن المرتهن عن حقة في الرهن، فحق الحبس يثبت للدائن المرتهن حتى يستوفي جميع حقوقه التي يضمنها عقد الرهن الحيازي، وهي اصل الدين ومحلقاته التي تتمثل بالمصروفات والفوائد والتعويضات، فاذا تمت حيازة الدائن المرتهن للمرهون تحقق له ممارسه حقه في حبسة، ويمتنع علية التخلي عنة([57])، وكذلك يقع لزاماً على عاتق المدين الراهن في ترك الشيء المرهون تحت حيازة الدائن المرتهن، وعدم استرداده قبل انقضاء الرهن([58])، ويستمر هذا الحال إلى حين قيام المدين الراهن بوفاء اصل الدين مع فوائده، أو تنازل الدائن المرتهن عن حقة في الرهن، فلا يحق للمدين الراهن القيام بأي عمل من شأنه سلب حيازة المرهون من الدائن المرتهن بغير حق، وفي حال حدوث ذلك تحققت مسؤولية المدين الراهن، وبالتالي للدائن المطالبة باسترداد المرهون، أو وفي حال امتناعه عن الرد فيجب الوفاء بالدين المضمون بالرهن فوراً، مع تحمله مصاريف تلك المطالبة، والغاية من ذلك هو ضمان حقوق الدائن المرتهن([59]) .

هذا وأن حق الدائن المرتهن في حبس الشيء المرهون يستمر لحين استيفاء كافة حقوقه من الراهن، من خلال حصوله على الدين المضمون بالرهن، وبذلك لا يمكن إرغام الدائن المرتهن على أعادة الشيء المرهون للراهن في حال عدم حصوله على كافه حقوقه وأن تم الوفاء بجزء من الدين، وأساس ذلك هو قاعدة عدم تجزئة الرهن، فحق الرهن غير قابل للتجزئة([60])، والقسمة بالنسبة إلى الشيء المرهون والدين المضمون، بمعنى أن كل جزء من الشيء المرهون ضامن لكل الدين، وكل جزء من الدين مضمون بكل الشيء المرهون، ففي حال قيام الراهن ببيع كل الشيء المرهون أو جزء منه فالدائن المرتهن مطالبة الراهن بكل الدين سواء كانت قيمة المبيع تساوي قيمة الدين أم أقل منه([61]) .

ومن الأحوال الطارئة على الرهن الحيازي والتي تطرأ على الشيء المرهون، هو خروجه من حيازة الدائن المرتهن، فحبس الشيء المرهون من قبل الدائن المرتهن ما هو إلا ضمان للدين المتعلق بذمة الراهن، فخروج الشيء المرهون من حيازته يمثل خروج لهذا الضمان، وبالتالي يصبح الدائن المرتهن دائن عادي، يفقد جميع المميزات التي يتمتع بها كمرتهن، من الأولوية في استيفاء الدين، من خلال التقدم على غيرة من الدائنين المرتهنين التالين له في المرتبة وجميع الدائنين العادين، كذلك يفقده الحق في استعمال الشيء المرهون واستغلاله واستثماره، التي من خلالها يحصل على منفعة، ويستوفي دينة قبل حلول أجلة .

لذا يحرص الدائن المرتهن على الاحتفاظ بحيازة الشيء المرهون خلال فترة نفاذ عقد الرهن الحيازي، وفي حال فقدان الحيازة، فلة استردادها، وهذا ما نصت علية المادة (1110/2) من القانون المدني المصري بقولها (( وإذا خرج الشيء من يد الدائن دون أرادته أو دون علمة كان له الحق في استرداد حيازته من الغير وفقاً لأحكام الحيازة ))، وتقابلها في التشريع العراقي المادة (1342) من القانون المدني والتي نصت (( للمرتهن حبس المرهون دون أخلال بما للغير من حقوق تم كسبها وفقاً للقانون، واذا خرج المرهون من يده دون أرادته أو دون علمة، كان له استرداد حيازته من الغير وفقاً لأحكام الحيازة )) .

وقد صدرت أحكام قضائية حول ذلك فقد قضت محكمة النقض المصريَّة في احدى قرارتها
(( في عقد الرهن الحيازي اذا امتنع الراهن عن تسليم الرهن، أمكن للمرتهن أن يجبره على ذلك قضاء، ويبطل الرهن اذا بقي المرهون باختيار المرتهن في حيازة الراهن، أو رجع اليه باختياره أيضًا، فاذا رفضت المحكمة طلب حبس العين على أساس ما استبانته من وقائع الدعوى من عدم وضع يد المرتهن على العين المطلوب حبسها وتركها باختياره تحت يد الراهن فقضاؤها بذلك سليم، ولا رقابة عليها لمحكمة النقض فيما تثبته بشأن مسألة وضع اليد، أما اذا ثبت أن عدم وضع يد المرتهن على العين المطلوب حبسها قد كان غصباً فلا يبطل الرهن بل يبقى صحيحاً، ويكون للمرتهن حق المطالبة بالحبس ))([62]) .

وهنالك حالة يخرج الشيء المرهون من حيازة الدائن المرتهن، إلا أن ضمانة يبقى لا يزال متوفراً، وهو عند انتقالها إلى العدل، سواء حصل انتقال الحيازة إلى العدل بناء على اتفاق الطرفين، أو بناء على حكم المحكمة، وتتجسد سيطرة يد العدل على الشيء المرهون بعنصرها المادي فقط من خلال قيامة بكافة الموجبات التي يلتزم بها الدائن المرتهن، أما بالنسبة إلى العنصر المعنوي فهو فاقدها ولا يمتلك أي منها لعدم وجود النية في تملك الشيء المرهون لأنها للراهن، ولا أنشاء حق عيني علية لأنها للدائن المرتهن .

ومن الجدير بالذكر أن استمرار حيازة الشيء المرهون خلال فترة عقد الرهن الحيازي، يستتبعها استمرار تنفيذ الموجبات على الشيء المرهون، فأن وجود الشيء المرهون تحت حيازة الدائن المرتهن طيلة فترة الرهن الحيازي، لكون حرية المدين الراهن خلال فتره حيازة الشيء المرهون من قبل الدائن المرتهن تكون مقيدة بحيث لا يمكن له حفظ وإدارة أمواله المرهونة واستثماره واستغلالها بنفسه .

الفرع الثاني

أثار انتقال الحيازة إلى الدائن المرتهن

يتولد عن انتقال حيازة الشيء المرهون من الراهن إلى الدائن المرتهن أثار يمكن أجمالها بما يلي:

أولا: حرمان الراهن من سلطاته على الشيء المرهون

أن انتقال حيازة الشيء المرهون من الراهن إلى الدائن المرتهن نتاج أبرام عقد الرهن الحيازي له إثار فيما يخص تقييد سلطات المالك، فكما هو معلوم أن مالك الشيء يستثار بسلطات الاستعمال والاستغلال والإدارة والاستثمار والتصرف، ولكن للغير الاستئثار ببعض هذه السلطات استنادًا أما للقانون أو للاتفاق، وهذا ما يحصل لاستئثار الدائن المرتهن ببعض سلطات الراهن .

أن انتقال حيازة الشيء المرهون من حيازة الراهن إلى حيازة الدائن المرتهن ليس له أي مساس بملكية الشيء المرهون، فملكية الشيء المرهون باقية للراهن، إلا أنه يؤدي إلى الحد من السلطات الممنوحة له كمالك، فلا يستطيع استعماله أو استغلاله أو أدارته أو استثماره، ونتاج انتقال حيازة الشيء المرهون للدائن المرتهن الزم المشرع علية القيام بتنفيذ جميع ما تم ذكره من سلطات ولكن المشرع في القوانين المدنية نص عليها بصيغة موجبات يجبر الدائن المرتهن على تنفيذها .

أن المقصود بالتصرف هو استخدام الشيء بشكل يستنفذ السلطات المقررة علية بشكل كلي أو جزئي، وهو يشمل التصرف المادي والقانوني على حداً سواء، وكل تصرف يجريه الراهن على الشيء المرهون بعد أبرام عقد الرهن الحيازي لا يسري في حق الدائن المرتهن، لان حق الدائن المرتهن سابق للتصرفات التي يجريها الراهن([63]) .

ثانيًا: حماية حق الدائن المرتهن

عندما نص المُشرّع على نقل حيازة الشيء المرهون من الراهن إلى الدائن المرتهن ضمن القواعد الموضوعية المنصوص عليها في القوانين، فإنه يضمن بذلك حماية للدائن المرتهن، فحماية حق الدائن المرتهن في الرهن الحيازي تجد أساسها في انتقال الشيء المرهون إلى المرتهن، والتي تعد من أهم الضمانات له والتي تميزه عن غيرة من التأمينات العينية، ويمثل ذلك الأثر الرئيسي من أبرام عقد الرهن الحيازي ونقل حيازة الشيء المرهون لدى المرتهن وهي حماية حقوق الاخير .

ثالثاً: حبس المرهون

للدائن المرتهن الحق في حبس الشيء المرهون الذي تحت حيازته، وحق الدائن المرتهن في حبس الشيء المرهون مستمد من حق الرهن الحيازي ذاته، وهذا ما يميز الرهن الحيازي عن غيرة من الحقوق العينية التبعية، فهو يتميز بحبس أو قبض الشيء المرهون بيد الدائن المرتهن، ويرتبط حق الدائن المرتهن بحبس الشيء المرهون بحق الرهن الحيازي فإذا انقضى حق الرهن انقضى تبعاً له حق الحبس، وقد أشارت المادة (1343) من القانون المدني العراقي عبلى حق حبس الشيء المرهون بقولها (( للمرتهن حبس المرهون، دون إخلال بما للغير من حقوق تم كسبها وفقاً للقانون . واذا خرج المرهون من يده دون أرادته أو دون علمه، كان له استرداد حيازته من الغير وفقاً لأحكام الحيازة )) .

ومثلما حق الرهن لا يتجزأ فحق الحبس الناشئ عنه أيضًا لا يتجزأ، فعند سداد قسم من مبلغ الدين المضمون بالرهن الحيازي ولو كان الجزء الأكبر منة، والمبلغ المتبقي هو القليل، فإن حق الدائن المرتهن في حبس الشيء المرهون باقياً، فحق الدائن المرتهن في الحبس يسري على الشيء المرهون كلة، حتى يستوفي تمام دينه، ويكون ذلك سواء كان المرهون واحد أو متعدد وسواء كان قابلاً للقسمة من عدمه، وبذلك ليس للراهن استرداد أي جزء من المرهون مقابل ما سددة من الدين، هذا كله مالم يتم الاتفاق على غير ذلك([64]) .

ولكن الأمر مختلف اذا كان المرهون شيئان أو اكثر، وتم تعيين لكل واحد منهما مقدار من الدين المضمون بالرهن، وقام الراهن بتسديد المقدار المحدد لأحدهما من الدين، كان له أن يستخلصه وحدة من الرهن ويأخذه من الدائن المرتهن .

رابعًا: تحمل الراهن نفقات أبرام عقد الرهن الحيازي

من أثار أبرام عقد الرهن الحيازي ونقل حيازة الشيء المرهون إلى الدائن المرتهن انفاق مبالغ مالية تطلبها عملية النقل، وتكون نفقات عقد الرهن الحيازي على الراهن، إلا إذا تم الاتفاق على غير ذلك([65])، وهذه النفقات تشمل كل ما تفتضيه الإجراءات الرسمية، وأي نفقات أخرى، مثالها أتعاب المحاماة، واستخراج الشهادات العقارية، وفي حال كان الراهن كفيل عيني وقام بدفع هذه المصروفات، كان له الحق في الرجوع على المدين المكفول بالرهن، مالم تكن غايته التبرع بها لصالح المدين([66]) .

في نهاية هذا المبحث التمهيدي نتواصل إلى نتيجة جوهرية مفادها، أن جميع الالتزامات المفروضة على الدائن المرتهن والراهن وجميع الحقوق التي لهم بعد أبرام عقد الرهن الحيازي بينهما، تدور حول فكرة انتقال حيازة الشيء المرهون من الراهن إلى الدائن المرتهن .

الخاتمة:

من خلال البحث في هذا الموضوع توصلنا إلى نتائج و مقترحات نوجزها كما يلي :

أولا: أن قيام الدائن المرتهن بتنفيذ جميع الالتزامات المحددة قانوناً، يرتبط بتسلمه للشيء المرهون، واستمرار حيازته له، فإذا لم يقم الراهن بتسليمه الشيء المرهون، امتنع عليه أن يطالبه بتنفيذ أي نوع من أنواع الالتزامات لاستحالة ذلك، فأحدى خصائص عقد الرهن الحيازي أنه من العقود الملزمة لجانبين، وقد حمل ذلك المشرع على المساواة بين المصالح المتعارضة لطرفي عقد الرهن الحيازي، من غير تفضيل منه بين مصالح راجحة وأخرى مرجوحةٍ، ما يمكن اعتباره حقا للمرتهن يكون التزاماً في ذمة الراهن والعكس صحيح، فتنفيذ جميع الالتزامات يتأسس على استحواذ الدائن المرتهن على الشيء المرهون حتى يستوفي جميع حقوقه، فمثلما يعد تسلم الدائن المرتهن للشيء المرهون حقًا له وواجبًا على الراهن، يعد تنفيذ الالتزامات واجب على الدائن المرتهن وحقًا للراهن .

ثانياً: لم يعالج المشرع اللبناني الرهن الحيازي كموضوع واحد تنظمه فكرة متماسكة لها أحكامه العامة، وله قواعد مشتركة بين جميع أنواع الرهن، كما فعل المشرع المصري والمشرع العراقي، بل قام بمعالجة بعض أنواع الرهن من خلال تشريع قانونين منفصلين، وهما رهن المنقول في المرسوم الاشتراعي رقم 46والصادر في 20 تشرين الأول 1932 الملحق بقانون الموجبات والعقود، والقانون الثاني هو قانون الرهن العقاري المنصوص علية في الباب الرابع من قانون الملكية العقارية الصادر بالقرار رقم 3339 الصادر بتاريخ 12 تشرين الثاني 1930 .

ثالثاً: هنالك شروط يجب توفرها في الحيازة، بتوفرها تتم الحيازة بالشكل الذي نص عليها القانون، لأن انتقال حيازة الشيء المرهون أمراً ضرورياً لنفاذ الرهن الحيازي بحق الراهن والدائن المرتهن، ومن اجل إنتاج الحيازة أثارها بحق الغير .

رابعاً: اختلف شُرَّاح القانون المدني العراقي وشُرَّاح القانون الموجبات والعقود اللبناني وشراح القانون المدني المصري حول طبيعة قبض الشيء المرهون هل هو ركن في العقد، بحيث لا يقوم عقد الرهن الحيازي من دونه، أم هو التزام ينشئ بسبب أبرام عقد الرهن .

خامساً: لم يشر القانون اللبناني في تعريفة رهن المنقول إلى افضليه الدائن المرتهن على غيرة من الدائنين العادين والدائنين التالين له في المرتبة، وهذا الأمر في غايه الأهمية، فتقدم الدائن المرتهن هو الغاية المبتغاة من الرهن، وكذلك لم يشر إلى حق الدائن المرتهن في التنفيذ على الشيء المرهون من خلال بيعة بالطرق التي نص عليها القانون عند عدم تنفيذ الراهن لالتزامه المضمون بالرهن، ولم يشر إلى إمكانية اتفاق طرفي عقد الرهن على وضع الشيء المرهون تحت يد العدل، أما في تعريفة للرهن العقاري فلم يشر إلى حق الدائن المرتهن في التقدم على غيرة من الدائنين العادين والدائنين المرتهنين التالية حقوقهم له في المرتبة عند استيفاء الحقوق من ثمن الشيء المرهون وحسنًا فعل المُشرّع المصري والعراقي حينما ثبتا هذا الحق للدائن المرتهن في صلب التعريف .

سادساً: نقترح على المشرع المصري استخدام مصطلح العدل بدلاً من مصطلح الاجنبي، حيث كان المُشرّع اللبناني والعراقي اكثر صواباً في استخدام مفرده ( العدل ) كشخص يمكن أن تنتقل أليه حيازة المرهون، بينما استخدم المُشرّع المصري مفردة ( اجنبي )، فما استخدمه المُشرّع اللبناني والعراقي من تعبير اشمل و أوسع مما استخدمه المُشرّع المصري، لأنه في بعض الحالات تتم حيازة الشيء المرهون من قبل الدائن المرتهن أصالة عن نفسة ونيابة عن غيرة من الدائنين بصفتهِ عدل، وهو بذلك ليس شخصاً أجنبيا عن عقد الرهن، لذا نقترح على المشرع المصري تعديل ذلك من خلال استخدام مصطلح العدل بدلاً من الاجنبي .

Margins:

. د. ايمن سعد سليم: مصادر الالتزام، الطبعة الثانية، دار النهضة العربية، مصر، القاهرة، 2017، ص 33- 34 .

  1. . المادة ( 1321) من القانون المدني العراقي الرقم (40) لسنه 1951 .

  2. . هذا ما نص على المشرع السوري أيضًا .

  3. . المادة (101 ) من قانون الملكية العقارية اللبناني، رقم 3339 لسنة 1930.

  4. . صدر في لبنان مرسوم اشتراعي الرقم (46/ل) بتاريخ 20/10/1932 وهو مرسوم ملحق بقانون الموجبات والعقود اللبناني، ويضم (28) مادة ويختص هذا المرسوم برهن المنقولات فقط .

  5. . المادة (1) من المرسوم الاشتراعي المتعلق برهن المنقولات رقم 46 لسنة 1932 .

  6. . المادة (1096) من القانون المدني المصري 131 لسنة 1948 .

  7. . لم يعالج المشرع اللبناني الرهن الحيازي كموضوع واحد تنظمه فكرة متماسكة لها أحكامه العامة، وله قواعد مشتركة بين جميع أنواع الرهن، كما فعل المشرع المصري والمشرع العراقي، بل قام بمعالجة بعض أنواع الرهن من خلال تشريع قانونين منفصلين، وهما رهن المنقول في المرسوم الاشتراعي رقم 46والصادر في 20 تشرين الأول 1932 الملحق بقانون الموجبات والعقود، والقانون الثاني هو قانون الرهن العقاري المنصوص علية في الباب الرابع من قانون الملكية العقارية الصادر بالقرار رقم 3339 الصادر بتاريخ 12 تشرين الثاني 1930، للمزيد ينظر إلى . د. حسين عبد اللطيف حمدان: الوسيط في التأمينات العينية، الدار الجامعية للطباعة والنشر، لبنان، بيروت، 2001، ص 49 . إلا أن المشرع المصري قام في الفصل الرابع من الباب الثالث الخاص بالرهن الحيازي في القانون المدني بإدراج بعض أنواع الرهن الحيازي ( الرهن العقاري، رهن المنقول، رهن الدين ) وبين الأحكام الخاصة بكل منها، بينما قام المشرع العراقي بتخصيص الفصل الرابع من الباب الثاني الخاص بالرهن الحيازي في القانون المدني لرهن الدين، ولم يتطرق لأنواع الرهن الحيازي الأخرى لانطباق القواعد العامة الخاصة بالرهن الحيازي عليها .

  8. . د. رمضان أبو السعود: التأمينات الشخصية والعينية، الدار الجامعة الجديد، مصر، الإسكندرية، 2007، ص 192 .

  9. . هذا ما نصت علية المادة (10) من القرار 188 لعام 1936 قانون السجل العقاري اللبناني بقولها (( … كل حدث يرمي إلى إنشاء حق عيني أو نقل ذلك الحق أو إعلانه أو تعديله، أو أسقاطه، يجب الإعلان عنه بقيده في دفاتر الملكية)) .

  10. . د. جورج ن. شرراوي: التأمين العقاري، المؤسسة الحديثة للكتاب، لبنان، طرابلس، 2013، ص 332 .

  11. . د. شمس الدين الوكيل: نظرية التأمينات في القانون المدني الجديد، الطبعة الأولى، دار المعرف، مصر، 1956، ص 429 .

  12. . د. محمد طه البشير و د . غني حسون طه : الحقوق العينية، الحقوق العينية التبعية، الجزء الثاني، المكتبة القانونية، بغداد، 2018، ص 194 .

  13. . قرار لمحكمة التمييز الاتحادية : تاريخ القرار 9/2/2009، رقم القرار 433/ رهن حيازي /2009 ، جهة الإصدار محكمة التمييز الاتحادية، نوع الحكم مدني، منشور في موقع مجلس القضاء الأعلى، قرارات محكمة التمييز الاتحادية، https://www.hjc.iq/qview.977/ تاريخ الزيارة 10/9/2022 .

  14. . محكمة التمييز الاتحادية، مدني، رقم 433، هيئة استئنافية عقار، بتاريخ 9/2/2009. (قرار غير منشور).

  15. . د. محمد لبيب شنب و .د. محمد محمد أبو زيد: الوجيز في التأمينات الشخصية والعينية مطبعه الأيمان، القاهرة، 2006، ص 276.

  16. . د. شفيق شحاتة: النظرية العامة للتأمين العيني، الجزء الأول، الطبعة الثالثة، المطبعة العالمية، القاهرة، 1955، رقم 151، ص134. ينظر إلى د. سليمان مرقص: التأمينات العينية، الطبعة الثانية، مصر، القاهرة، 1951، رقم 287، ص441.

  17. . د. حسين عبد اللطيف حمدان: الوسيط في التأمينات العينية، مصدر سابق، ص 153 .

  18. . د. محمد طه البشير و . د . غني حسون طه : الحقوق العينية، الحقوق العينية التبعية، الجزء الثاني، مصدر سابق، ص 204 .

  19. . د. صلاح الدين الناهي: الوجيز في التأمينات الشخصية والعينية، مطبعة دار المعرفة، بغداد، 1953، ص 104

  20. . د. درع حماد عبد: الحقوق العينية التبعية، الطبعة الأولى، دار السنهوري، بيروت، 2019، ص 228- 229 .

  21. . د. حسين عبد اللطيف حمدان: الوسيط في التأمينات العينية، مصدر سابق، ص 153 .

  22. . أ. اميل تيان: القانون المدني اللبناني، النظام العقاري في لبنان، دار المعرفة، بيروت، 1954، ص 57 .

  23. . د. عفيف شمس الدين: التأمين والرهن العقاري، لبنان ، بيروت، 1987، ص 145 .

  24. . هذا ما نصت علية المادة (1114) من القانون المدني المصري .

  25. . د. محمد طلعت يدك: الأثار القانونية لشهر الحقوق العينية والشخصية، دار الوفاء للطباعة والنشر، مصر، الإسكندرية، 2019، ص 353 .

  26. . وهذا ما نصت علية المادة (1099/1) من القانون المدني المصري، والمادة (101) من القرار رقم 3339 والمادة (3) من المرسوم الاشتراعي رقم 46 اللبناني، والمادة (1323) من القانون المدني العراقي .

  27. . د. مصطفى العوجي: القانون المدني – الموجبات المدنية، منشورات الحلبي الحقوقية، لبنان، بيروت، 2022، ص269 .

  28. . د. محمد طه البشير و د . غني حسون طه: الحقوق العينية، الحقوق العينية التبعية، الجزء الثاني، مصدر سابق، ص 208- 209 .

  29. . د . حسام الدين الأهواني: التأمينات العينية في القانون المدني المصري، الطبعة الثالثة، دار النهضة العربية، مصر،2000، ص6 .

  30. . د . سعدون العامري: الوجيز في شرح العقود المسماة، الجزء الأول، البيع والإيجار، مطبعة العاني، العراق، بغداد، 1974، ص112 .

  31. . د . جعفر الفضلي: الوجيز في العقود المدنية، دار الثقافة للنشر والتوزيع، الأردن، عمان، 1997، ص 120 .

  32. . د . عبد المنعم البدراوي: التأمينات العينية، الطبعة الثانية، دار النهضة العربية، مصر، القاهرة، 1979، ص339 .

  33. . د. عبد الفتاح عبد الباقي: التأمينات الشخصية والعينية، مطبعة دار النشر والثقافة، الإسكندرية، 1950 ،ص 250.

  34. . هذا ما نصت علي المادة ( 273) من قانون الموجبات والعقود اللبناني .

  35. . د. بكير علي محمد ابو بكر: قاعدة عدم تجزئة الرهن، دار الجامعة الجديدة، مصر، الإسكندرية، 2017، ص502.

  36. . د. طلبة وهبة خطاب: النظم القانونية للتأمينات المدنية، دار أبو المجد للطباعة، مصر، القاهرة، 2007، ص321 .

  37. . د. نبيل إبراهيم سعد: التأمينات العينية والشخصية، منشأة المعارف بالإسكندرية، مصر، الإسكندرية، 1982، ص 240 .

  38. . د. صلاح الدين الناهي: الوجيز في التأمينات الشخصية والعينية، مصدر سابق، ص142 .

  39. . هذا ما أشارت الية المادة (3) من المرسوم الاشتراعي الرقم (46) لسنة 1932 . للمزيد ينظر إلى . د. مصطفى العوجي: القانون المدني – الموجبات المدنية، مصدر سابق، ص269 .

  40. . د. محمد طه البشير و د . غني حسون طه: الحقوق العينية، الحقوق العينية التبعية، الجزء الثاني، مصدر سابق، ص 204 .

  41. . المحامي جمال شاهين: الحق الشخصي والاعتباري والعيني، الطبعة الأولى، مكتبة الوفاء القانونية، الإسكندرية، 2018، ص 513.

  42. . د. نبيل إبراهيم سعد: التأمينات العينية، الطبعة الأولى، دار الجامعة الجديدة للنشر، مصر، الإسكندرية، 2005، ص212.

  43. . د. سهام عبد الرزاق مجلي السعيدي: فكرة رهن المنقول دون حيازة والحماية القانونية له، الطبعة المولى، المركز العربي للنشر والتوزيع، جمهورية مصر العربية، 2018، ص29.

  44. . د. نبيل إبراهيم سعد: التأمينات العينية والشخصية، مصدر سابق، ص 190 .

  45. . د. حسين عبد اللطيف حمدان: الوسيط في التأمينات العينية، مصدر سابق، ص 100 .

  46. . د. عبد الرزاق احمد السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، في التأمينات الشخصية والعينية، الجزء العاشر، الطبعة الثالثة الجديدة، منشورات الحلبي الحقوقية، الطبعة الثالثة الجديدة، بيروت، لبنان، 2015، ص 789.

  47. . أ. اميل تيان: القانون المدني اللبناني، النظام العقاري في لبنان، مصدر سابق، ص 58 .

  48. . د. محمد طه البشير و د . غني حسون طه: الحقوق العينية، الحقوق العينية التبعية، الجزء الثاني، مصدر سابق، ص 208 .

  49. . د. محمد كامل مرسي باشا: شرح القانون المدني، التأمينات الشخصية والعينية، منشأة المعارف، الإسكندرية، 2005، ص 316.

  50. . د. محمد لبيب شنب و .د. محمد محمد أبو زيد: الوجيز في التأمينات الشخصية والعينية، مصدر سابق، ص 262.

  51. . د. عبد الفتاح عبد الباقي: الوسيط في التأمينات العينية، مطبعة دار النشر للجامعات العربية، مصر، الإسكندرية، بلا سنة طبع ،ص 195.

  52. . د جميل الشرقاوي: دروس في التأمينات الشخصية والعينية في القانون المدني المصري، دار النهضة العربية القاهرة ، 1976، ص 344 .

  53. . اقتبس المشرع اللبناني هذا الحكم من مجلة الأحكام العدلية حيث نصت المادة (749) منه على (( للمرتهن أن يعير الرهن للراهن، وفي هذه الصورة إذا توفي الراهن يصير المرتهن أحق من سائر غرماء الراهن في الرهن )) .

  54. . د. حسين عبد اللطيف حمدان: الوسيط في التأمينات العينية، مصدر سابق، ص 105 .

  55. . د. محمد لبيب شنب: دروس في التأمينات العينية والشخصية، دار النهضة العربية، القاهرة، 1974، ص 166.

  56. . د. مصطفى العوجي: القانون المدني – الموجبات المدنية، مصدر سابق، ص269 .

  57. . هذا ما نصت علية المادة (115) من المرسوم الاشتراعي الصادر بتاريخ 20 تشرين الأول 1932 المتعلق
    برهن المنقولات .

  58. . د. حسين عبد اللطيف حمدان: الوسيط في التأمينات العينية، مصدر سابق، ص 115 .

  59. . هذا ما نصت علية المادة (106) و المادة (113) من القرار من قانون الملكية العقارية اللبناني .

  60. . د. شاكر ناصر حيدر: شرح القانون المدني الجديد، الحقوق العينية العقارية، الجزء الثاني، الطبعة الأولى، مطبعة المعارف، العراق، بغداد، 1953، ص 106 .

  61. . ( الطعن رقم 3 في 31/5/1934، مجموعة القواعد القانونية، ص393)، نقلاً عن د. معوض عبد التواب: المرجع في التعليق على نصوص القانون المدني، المجلد العاشر، الطبعة السابعة، 2004، المركز القومي للإصدارات القانونية، مصر، القاهرة، ص 473 .

  62. . وهذا ما نستنتجه من نص المادة (1334) من القانون المدني العراقي بقولها ((يجوز للراهن أن يتصرف بالبيع وغيره في الشيء المرهون رهنا حيازيا واي تصرف يصدر لا يخل بحق المرتهن )) .

  63. . د. شاكر ناصر حيدر: شرح القانون المدني الجديد، الحقوق العينية العقارية، الجزء الثاني، مصدر سابق، ص 209.

  64. .هذا ما نصت علية المادة ( 1031/2) من القانون المدني المصري، وبذات المضمون نصت المادة (1322/2) من القانون المدني العراقي، ولا يوجد نص مماثل لهما في التشريع اللبناني .

  65. . د . جميل الشرقاوي: دروس في التأمينات الشخصية والعينية في القانون المدني المصري، مصدر سابق، ص 180.