جهود صلاح الدين الأيوبي في تحرير بيت المقدس بين عامي1174-1187م

عبد الله شيخ أوغلو1

1 طالب دكتوراه في التاريخ في جامعة ماردين أرتقلو في تركيا

Email: Abdallah.sh1985@gmail.com

HNSJ, 2024, 5(11); https://doi.org/10.53796/hnsj511/9

تحميل الملف

تاريخ النشر: 01/11/2024م تاريخ القبول: 12/10/2024م

Citation Method


المستخلص

يهدف البحث إلى التعريف بالقائد صلاح الدين الأيوبي كونه يُعتبر نموذجاً للقائد المسلم الذي يهتم بأمور المسلمين وعن شخصيته وصفاته القيادية ونجاحه بالقضاء على الدولة الفاطمية وتأسيس الدولة الأيوبية وتحريره لبيت المقدس، ويتكون هذا البحث من مقدمة وتمهيد وثلاثة مباحث وخاتمة وفهارس، أما المقدمة فتشمل موضوع البحث وأهميته وأسباب اختيار الموضوع، وإجراءات البحث وهيكله، وأما التمهيد فيشتمل على التعريف بشخصية القائد صلاح الدين الأيوبي وبروز نجمه وتأسيسه للدولة الأيوبية، وأما المبحث الأول فيشتمل على التعريف ببيت المقدس والقيمة الروحية له والمقومات الروحية التي اعتمدها صلاح الدين الأيوبي تمهيداً لتحريره من الصليبيين، وأما المبحث الثاني فيتناول تحضيرات صلاح الدين الأيوبي لتحرير بيت المقدس من ضم دمشق وحلب والجزيرة وإصلاحه للأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والإدارية والعسكرية في دولته، وأما المبحث الأخير فيتحدث عن جهود صلاح الدين الأيوبي في مواجهة الصليبيين حيث تحدث عن وضع بيت المقدس في ظل الاحتلال الصليبي، والاستراتيجية التي اتبعها صلاح الدين في سبيل ذلك، وتطرق أيضاً إلى معركة حطين وتحرير بيت المقدس والتسامح الديني عند صلاح الدين في معاملته للصليبيين بعد التحرير.

الكلمات المفتاحية: بيت المقدس، معركة حطين، الدولة الزنكية، الدولة الأيوبية، الصليبيين.

Research title

Salah al-Din al-Ayyubi’s efforts to liberate Jerusalem, 1174-1187

ABDULLAH ŞEYHOĞLU1

1 MARDİN ARTUKLU ÜNİVERSİTESİ

Email: Abdallah.sh1985@gmail.com

HNSJ, 2024, 5(11); https://doi.org/10.53796/hnsj511/9

Published at 01/11/2024 Accepted at 12/10/2024

Abstract

The research aims to introduce the leader Salah al-Din al-Ayyubi, as he is considered a model for a Muslim leader who cares about the affairs of Muslims, his personality, his leadership qualities, and his success in eliminating the Fatimid state, in addition to establishing the Ayyubid state, and liberating Jerusalem. This research consists of an introduction, a preface, three chapters, a conclusion, and indexes. As for the introduction, it includes the topic of the research, its importance, the reasons for choosing the topic, the research procedures and its structure. As for the preface, it includes an introduction to the personality of the leader, Salah al-Din al-Ayyubi, the emergence of his star, and his founding of the Ayyubid state. As for the first topic, it includes the definition of Jerusalem, its spiritual value, and the spiritual components that Salah al-Din al-Ayyubi adopted in preparation for its liberation from the Crusaders. As for the second topic, it deals with the preparations of Salah al-Din al-Ayyubi to liberate Jerusalem from the annexation of Damascus, Aleppo and al-Jazirah and to reform the social, economic, administrative and military conditions in his state. As for the last topic, it talks about the efforts of Salah al-Din al-Ayyubi in confrontation of the Crusaders, where he talked about the situation of Jerusalem under the Crusader occupation, and the strategy that Salah al-Din followed in this regard. He also touched on the Battle of Hattin and the liberation of Jerusalem and the religious tolerance of Salah al-Din in his treatment of the Crusaders after liberation. In the conclusion, I mentioned the most important results that I reached.

Key Words: Jerusalem, the Battle of Hattin, the Zangid state, the Ayyubid state, the Crusaders.

مقدمة:

إن تاريخنا الإسلامي مليء بالشخصيات التي تركت أثراً بارزاً في تاريخ الأمة؛ حيث إنه في كل قرن من القرون نجد قادة لمع اسمهم وتركوا بصمةً في صفحات التاريخ المجيد ومن هذه الشخصيات شخصية القائد صلاح الدين الأيوبي الذي نشأ في رعاية عمه أسد الدين شيركوه الذي أحس بقدراته ومهاراته، كما أن السلطان نور الدين محمود قربه منه لما علم ما فيه من صفات قيادية، هذا ولم يدَّخر صلاح الدين الأيوبي جهداً في خدمة الأمة الإسلامية والمسلمين.

ظهر صلاح الدين الأيوبي في إحدى الفترات الزمنية العصيبة من تاريخ الأمة الإسلامية حيث إن الصليبيين جندوا الجنود لغزو المشرق الإسلامي بعد معركة ملاذ كرد وهزيمتهم فيها، فاحتلوا بيت المقدس وانتهكوا الأعراض ودمروا المنشآت الدينية للمسلمين، وكانت الخلافة العباسية ضعيفة لا يمكنها القيام بأي دور لإنقاذ المسلمين، وكان الفاطميون يسيطرون على مصر، وأحوال المسلمين في تراجع كبير.

لم يهدأ صلاح الدين الأيوبي أبداً حيث إن عمل على إصلاح أوضاع المسلمين من كافة الجوانب سواء الاجتماعية أو السياسية أو الاقتصادية أو العسكرية، واستطاع تقريب المسلمين منه بفضل سياسته الحكيمة وإدراكهم بأن هذا الرجل سيكون المخلص الحقيقي لنقل حال الأمة الإسلامية إلى أفضل حال.

وكان له دور بارز في إعادة الهيبة للخلافة الإسلامية واستعادة بيت المقدس من أيدي الصليبيين؛ نتيجة جهود جبارة وسياسة حكيمة من قبل هذا القائد وتحقيقاً لحلم القائد نور الدين محمود الذي كان يحلم بتحرير بيت المقدس لكنه توفي قبل أن يحقق هذا الحلم.

مشكلة البحث:

كانت شخصية القائد صلاح الدين الأيوبي شخصية فريدة ومميزة وهي نتاج جهود جبارة أسهم بتكوينها كل من حوله، وكان حلمه تحرير بيت المقدس ونجح بتحقيق هذا الحلم، ومشكلة البحث هي: هل كان لجهود صلاح الدين واستعداداته العسكرية والسياسية والاقتصادية دوراً كبيراً في تحرير بيت المقدس؟

أهداف البحث:

يهدف البحث إلى التعريف بشخصية القائد صلاح الدين الأيوبي، والتعريف ببيت المقدس وبقيمته الدينية والروحية له، والوقوف على السياسة التي اتبعها القائد صلاح الدين لتحرير بيت المقدس، تحليل انتصارات صلاح الدين ونجاحه بتحرير بيت المقدس وطرد الصليبيين.

أهمية البحث:

تظهر أهمية البحث من خلال التعرف على شخصية القائد صلاح الدين الأيوبي وعن العوامل التي ساعدت بتكوين شخصيته ومن ثم التعرف على الأهمية الروحية لبيت المقدس وكيف نجح القائد صلاح الدين بتحقيق الحلم الذي رسمه القائد نور الدين محمود بتحرير بيت المقدس.

منهج البحث:

من أجل تحقيق أهداف البحث والإجابة عن سؤاله فإن المنهج الأكثر ملائمةً لذلك هو المنهج الوصفي التحليلي والتاريخي من خلال القيام بالوصف بطريقة علمية للأحداث التاريخية من أجل الوصول إلى التفاسير المنطقية التي تتوفر فيها الأدلة والبراهين والقيام بتحليل ما تناولته في بحثي وفق أسس علمية للوصول إلى النتائج المرجوة من البحث.

تمهيد: التعريف بشخصية القائد صلاح الدين الأيوبي وبروز نجمه

المطلب الأول: التعريف بشخصية صلاح الدين الأيوبي

نحن ندرس تاريخنا حتى نستلهم من سيرة الأبطال الذين تركوا بصمةً لهم، كما أننا نستكشف ما هي عوامل النصر حتى نستخدمها في صراعنا مع أعداء أمتنا وديننا، وكذلك ما هي عوامل الهزيمة كي نتجنبها.

وعليه فإن الحقبة الصليبية كانت بلاءً عظيماً حلت على الأمة الاسلامية، ففيها كانت الأمة مشرذمة مفككة تتلاعب بها الأهواء والأطماع، ولا يجمعها رأي ولا قائد، فكانت لقمة سائغة للأعداء، ونتيجة لذلك فقدوا قسماً من أرضهم وأموالهم، كما زهقت النفوس بالآلاف على أيدي الصليبيين وأصيبت الأمة بالذهول، واستغل الصليبيون حالة الانقسام الذي كان يعاني منه المسلمين في تلك الفترة، فصبوا ضرباتهم على المنطقة بأكملها لتعاني من جرائمهم التي لا ترحم.[1]

ولكن لم تطل غفوة الأمة حتى نهضت واستيقظت لتواجه هذا الأمر الجلل، وكان من أبرز رجالات الإسلام الذين حملوا راية الجهاد آنذاك هم عماد الدين زنكي[2] وابنه محمود نورالدين الزنكي[3]، ومن ثم خرج صلاح الدين الأيوبي من كنفهم ليكمل المسيرة ويحقق النصر في حطين ويستعيد بيت المقدس إلى ديار المسلمين.

لم يكن النصر الذي حققه الناصر صلاح الدين أمراً عادياً في التاريخ الإسلامي؛ وعليه لم يكن صلاح الدين شخصاً عادياً؛ لذلك احتل مساحة واسعة من الدارسات الإسلامية، والغربية على السواء، فإذا كان المنجز استثنائيا فلابد أن تكون هناك انجازات نوعية قام بها أشخاص استثنائيون.

ومن هنا يُعد القائد صلاح الدين الأيوبي من الشخصيات التي لمع اسمها بشكل بارز في التاريخ الإسلامي ولايزال اسمه يُذكر في صفحات التاريخ على أنه رجلٌ ذي عقلية سياسية وعسكرية قل مثيلها لما استطاع تحقيقه خلال فترة زمنية وجيزة.

هو صلاح الدين، أبو المظفر، يوسف بن الأمير نجم الدين أيوب بن شادي بن مروان بن يعقوب، الدويني، ثم التكريتي المولد. ولد في سنة 532م.[4]

هذا وينتمي القائد صلاح الدين الأيوبي إلى أسرة عريقة استطاعت أن تكون نفسها من خلال ما يمتلكونه من قوة وذكاء، فوالده الأمير نجم الدين أيوب الذي ولد بالموصل، كان هذا الأمير يمتلك شجاعةً كبيرةً، عمل مع الملك محمد بن ملك شاه فرأى فيه الصدق والإخلاص والوفاء، فعينه والياً على قلعة تكريت، فنشر العدل فيها.[5] كما تأثر القائد صلاح الدين الأيوبي بشكل كبير بعمه القائد أسد الدين شيركوه[6] الذي اعتبره قدوةً له وأخذ منه الكثير الكثير حيث إنه كان يعتبره القدوة له في كل أمر، وأخذ صلاح الدين من عمه أسد الدين شيركوه أساليب القيادة والتخطيط للمعارك وكان يده اليمنى في حربه في مصر وإسقاطه للخليفة الفاطمي.

المطلب الثاني: بروز نجم القائد صلاح الدين الأيوبي في زمن نور الدين محمود.

عاش القائد صلاح الدين الأيوبي في ظل الدولة الزنكية التي كانت تحكم الشام وكان محبوباً كثيراً من قبل السلطان نور الدين محمود الذي قربه منه لما رأى فيه من ملامح القيادة وحب الجهاد عنده، وقد كان صلاح الدين يتمتع بالكثير من الصفات القيادية وكان عند حُسن ظن السلطان نور الدين محمود به، وكان لكل منهما له تجربة في الحروب الصليبية. وكان مكان جهادهما في بلاد الشام ومصر، وبعد وفاة نور الدين أصبحت هذه المنطقة تابعة لنفوذ صلاح الدين الأيوبي، وأما آل زنكي في الموصل فقد تم القضاء عليهم من قبل المغول سنة 660 هـ/1261 م.[7]

وقد قام السلطان نور الدين محمود بإرسال صلاح الدين الأيوبي مع عمه أسد الدين شيركوه إلى مصر لمساعدة أهل مصر في حربهم ضد الصليبيين، وقد أقدم نور الدين محمود على هذا العمل من أجل أن يبقى صلاح الدين بالقرب من أسد الدين شيركوه ليكتسب منه فنون القيادة. ويوجد في المصادر التاريخية الكثير من الكتابات التي تدل على إعجاب نور الدين محمود بشخصية صلاح الدين الأيوبي وتقريبه منه وتكليفه بالمهام لكي يحصل على الخبرة، فلما دخل نور الدين محمود إلى دمشق قرب نجم الدين أيوب وولده صلاح الدين منه، وكانت مظاهر الفرح واضحة على صلاح الدين، ونور الدين يقدمه ويؤثره لما يعلم من صلاح الدين من حب الجهاد والذكاء والوفاء، حتى جهزه للمسير مع عمه أسد الدين شيركوه إلى مصر، وبعد ذلك أصبح أسد الدين شيركوه الوزير بعد قتل شاور[8]، ثم مات بعد ذلك أسد الدين بعد قتله لشاور بحوالي شهرين، واستلم الوزارة بعد وفاته صلاح الدين الذي استطاع توطيد الأوضاع في مصر.[9]

لم يكن إعجاب السلطان نور الدين محمود بالقائد صلاح الدين الأيوبي محض صدفة بل كان يدل على الفراسة التي يملكها هذا السلطان لدرايته التامة بأن صلاح الدين ليس بالفتى الطبيعي بل أنه يملك صفات قيادية تؤهله ليكون في هذا المكان الذي أراده السلطان نور الدين محمود، وهكذا نجد بأن للسلطان نور الدين محمود فضل كبير على الأمة باكتشافه قدرات صلاح الدين الأيوبي الذي قدم للأمة الإسلامية الخير الكثير فاستطاع فيما بعد من تأسيس الدولة الأيوبية وهزيمة الصليبيين وتحرير بيت المقدس منهم.

المطلب الثالث: تأسيسه للدولة الأيوبية

أصبح صلاح الدين الأيوبي بعد وفاة أسد الدين شيركوه وزيراً وصاحب القرار ونائباً عن السلطان نور الدين محمود في مصر وهذه ليست بالمسؤولية السهلة؛ حيث إن صلاح الدين كان أهلاً لها، وتواترت الأحداث بعد ذلك وحدث نوع من سوء العلاقات فيما بعد بين نور الدين محمود وصلاح الدين الأيوبي لأسباب عديدة. ولما توفي نور الدين في عام 1174م تولى ابنه الملك الصالح إسماعيل الملك من بعده حيث كان يبلغ من العمر 11 عاماً، وتم تقديم مراسم الطاعة له من قبل الجند وأقام بدمشق، وأطاعه صلاح الدين بمصر وخطب له بها وتم ضرب النقود باسمه، وكان الوصي على الملك الصالح الأمير شمس الدين[10] محمد المعروف بابن المقدم.[11]

كان صلاح الدين الأيوبي في هذه الفترة يعمل على تقوية الجيش ويسعى لإعادة القوة للدولة الإسلامية وعندما رأى أن الملك الصالح إسماعيل بن نور الدين غير قادر على القيام بالمهام الموكلة إليه كسلطان على الشام قرر التدخل وقام بإعلان قيام الدولة الأيوبية التي كان لها دوراً كبيراً في إعادة الهيبة للدولة الإسلامية فوحد مصر والشام واستطاع توحيد كلمة المسلمين وتوجيه قوتهم لتحقيق هدف نور الدين محمود بتحرير بيت المقدس من أيدي الصليبين ونجح بذلك بعد معركة حطين حيث دحر الصليبين.

المبحث الأول: التعريف ببيت المقدس وبالقيمة الروحية له

المطلب الأول: التعريف ببيت المقدس

تقع مدينة القدس وسط دولة فلسطين شرق البحر المتوسط وهي اليوم محتلة من قبل الكيان الصهيوني، ويبلغ ارتفاعها عن سطح البحر (750) مترًا، وللقدس موقع جغرافي هام. وقد نالت مدينة القدس عبر العصور المختلفة أهمية كبيرة بسبب موقعها الجغرافي الهام، ويرجع تاريخ بناء مدينة القدس إلى ما يقارب 5000 سنة، ولها موقع جغرافي مميز جعلها هدفاً للاستعمار عبر العصور المختلفة ويوجد فيها المسجد الأقصى الذي له مكانة دينية وروحية مميزة عند المسلمين ، والقدس مدينة عربية قديمة أسسها اليبوسيون[12] الكنعانيون، وسموها أورشليم نسبة إلى شالم، وهو معبود كنعاني معناه السلام، كان اسمها في القديم أورشليم، وهي كلمة كنعانية الأصل، كما أُطلقَ عليها يبوس نسبة إلى اليبوسيين، وهم من العرب في الجزيرة العربية، وهم سكان القدس الأصليون وقد نزحوا في عام 2500ق. م تقريباً.

تأتي أهمية مدينة بيت المقدس من كونها تندرج ضمن قائمة المدن التي لها شأن كبير في التاريخ لأهميتها الدينية وموقعها الاستراتيجي، واستطاعت هذه المدينة أن تصل إلى أوج عظمتها في العصور الإسلامية.[13]

وفي ظِل الحكم الإسلامي للمدينة كثُرت زيارات النصارى لها، حيث إنها شهدت العديد من الزيارات المتكررة من قبل الرحَّالة الأوروبيين، وكانت دوافعهم المعلنة كثيرة منها الحج إلى الأماكن المقدسة، وكذلك الأمر السياحة إلى المواقع الأثرية والتي ترتبط بسيرة السيد المسيح عليه السلام، وترك هؤلاء الرحَّالة الكثير من المؤلفات والتي تُحاكي تصوراتهم المختلفة لهذه المنطقة.[14]

وللقدس مكانة عظيمة في نفوس المسلمين، فهي أولى القبلتين، والمكان الذي أسرى منه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، مما يجعلها ضمن دائرة الميراث الإسلامي الذي يجب حمايته والمحافظة عليه. واستطاع اليهود الدخول إلى مدينة القدس في عهد نبي الله داوود، عليه السلام،[15] وسكنها العديد من الأقوام الذين أقاموا فيها فترات زمنية طويلة ومنهم الكنعانيون والفراعنة واليهود والبابليون واليونانيون وغيرهم من الأقوام الأخرى مكونين حضاراتهم.

المطلب الثاني: القيمة الدينية الروحية لبيت المقدس

للقدس مكانة هامة عند المسلمين، فهي أولى القبلتين، وثالث المسجدين الشريفين، ومرت رحلة الإسراء والمعراج بها، وفيها صلى بالملائكة. ووردت العديد من الآيات القرآنية التي تؤكد بركتها، فقال الله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}[16].

كما أن الرسول الكريم حث المسلمين على زيارتها فقال: “لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى”[17] ومعنى هذا الحديث أنه لا يسافر أحد للصلاة إلا لهذه المساجد الثلاثة، وقد بُني المسجد الأقصى بعد بناء المسجد الحرام بنحو أربعين سنة، وللمسجد الأقصى مكانة عظيمة في نفوس المسلمين لأنه أولى القبلتين وثالث الحرمين وكان المسلمون يصلون نحو بيت المقدس قبل أن تتحول قبلتهم، ومن الأهمية الروحية لبيت المقدس دفن العديد من الصحابة هناك، بالإضافة إلى العديد من الأحاديث التي أوردتها كتب الحديث، والعديد من الكتب المتعلقة بأهمية القدس وفضلها وفضل الصلاة في مسجدها.[18]

المطلب الثالث: المقومات الروحية التي اعتمدها صلاح الدين الأيوبي

يمكن تعريف القيم الروحية في الإسلام أنها الغذاء اللازم للروح والتوجيهات التي يتضمنها لتنمية هذا الجانب، حيث خلق الله الإنسان من جانبين لا يفترقان عن بعضهما وهما المادة والروح، وينظر الإسلام إلى القيم الروحية بأنها ليست بعيده عن الحياة التي نعيش فيها وأيضا تستقر فى النفس حتى يكون لها طابع داخل الإنسان ورسولنا الكريم يحظرنا من هذه الطباع، هذا وقد ركزت الشريعة على القيم الروحية كمطلب أساسي لأن الناس يحتاجون القيم الروحية لضبط السلوك الإنساني، فالقيم الروحية فى الإسلام هي تلك القيم التي تحدث عنها القرآن الكريم والسنة النبوية وتتعلق بنموذج ومثال السلوك الإنساني الذى يجب الاقتداء به ومعيار يحدد الصواب والخطأ من الأفعال والأقوال ومن تلك القيم التي حرص عليها الإسلام التسامح والعفو والصدق والعدل، وقد عرف صلاح الدين الأيوبي قيمة التحلي بالمقومات الروحية عند القائد المسلم فالتزم بها واعتمد على القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة فكان من أحب الأعمال إليه هو سماع القرآن الكريم.

وكان صلاح الدين إذا سمع القرآن يبدأ بالبكاء من شدة خشوعه، كما أنه كان يحب كثراً سماع الحديث الشريف، ودائماً ما كان يقرب منه مشايخ الحديث ليسمع منهم هو ومن في مجلسه. ولشدة احترامه للحديث الشريف كان يأمر الرعية بالجلوس في أماكنهم،[19]

هذا وقد اهتم صلاح الدين الأيوبي بالعلماء والفقهاء وقربهم منه لأنه كان مدركاً تماماً أن لهم دوراً كبيراً في تحريض المسلمين على الجهاد ولدورهم في توحيد كلمة المسلمين، ولقد ورد عن صلاح الدين أنه في كل المعارك كان يصطحب العلماء معه ليستفيد من مشورتهم وخطبهم، فضلاً عن أن وجودهم يعتبر حافزاً قوياً للمريدين على القتال بكل ما يملكون من قوة، وكان لهؤلاء العلماء دوراً في تحقيق الانتصارات لأنه كلما طال حصار مدينة ما أو موقع ما يبدأ بعض الجنود بالتذمر فيبرز دور العلماء الذين يجمعون الجند ويخطبون بهم ويذكروهم بأهمية هذا العمل وبقيمته الكبيرة عند الله سبحانه وتعالى، ويذكروهم بتضحيات الصحابة الكرام الذين بذلوا الغالي والنفيس في سبيل نشر هذه الدعوة.[20]

وقد استطاع صلاح الدين الأيوبي من خلال ذلك تحشيد الجيوش وتقريب الناس منه في تحقيق أهدافه التي كان في ريادتها استعادة بيت المقدس ولم شمل المسلمين وإعادة الهيبة للدولة الإسلامية.

المبحث الثاني: استراتيجية صلاح الدين الأيوبي لتحرير بيت المقدس

المطلب الأول: ضم دمشق وحلب والجزيرة

أدرك صلاح الدين الأيوبي أن توحيد كلمة المسلمين ولم شملهم والسعي لتحرير بيت المقدس وإعادة الهيبة للدولة الإسلامية لا يتم إلا بتوحيد مصر والشام تحت راية واحدة وبالفعل بدأ يعمل على هذا الأمر، وقد أدرك صلاح الدين بعد أن توفي نور الدين أنّ ابنه الملك الصالح صغير السن ولا يمكنه قيادة الأمة، والنهوض بأعباء الملك، وبدأت الأمور في الشام بالسوء نتيجة ضعف الملك الجديد. وكاتب ابن المقدّم صلاح الدين، فجهز جيشاً كبيراً، وترك بالقاهرة[21] جيشاً خوفاً من هجوم مباغت من أعداءه، واتجه نحو دمشق[22] مظهرا أنّه سيرعى أمور الملك الصالح؛ ونجح بدخولها بدون حرب في عام 570م، ودخل إلى القلعة واجتمع بسكان الشام الذين فرحوا ورحبوا به وقدموا فروض الطاعة له لأنهم أدركوا أنه المخلص الوحيد لهم في ظل الظروف الصعبة التي يمرون بها.[23]

وفي سنة 579 استطاع صلاح الدين ضم حصن آمد بعد قتال وحصار ثم توجه إلى الشام، وقصد تلَّ خالد التابعة لمدينة حلب[24]، واستطاع الدخول إليها، ثم توجه إلى عينتاب[25]، ودخلها بتسليم صاحبها ثم سار إلى حلب، وحاصرها، وبها صاحبها عمادُ الدين زنكي بن مودود بن عماد الدين زنكي بن أَقْسنقر، فرضخ للسلطانَ صلاح الدين بأمر تسليم حلب، على أن يأخذ مقابل ذلك سنجار[26]، ونصيبين[27]، والخابور[28]، والرقة[29]، وسروج[30]، وتم الاتفاق على ذلك، وتم تسليم حلب إلى السلطان في عام 579ه.[31]

أما بالنسبة لضم الجزيرة فقد كتب صلاح الدين إلى عز الدين أتابك[32] يطلب منه التوجه نحو الجزيرة، ومحاصرتها، وأنه يرسل إلى طريق سنجر شاه[33] لإلقاء القبض عليه في حال العودة فخاف عز الدين أن يكون القائد صلاح الدين قام بذلك للاقتصاص منه وينقض الاتفاق، فلم يقم بفعل ذلك بل أرسل إليه طالباً منه رسالة بخط يده، فترددت الرسل في ذلك إلى أن انتهت سنة 586 ودخلت هذه السنة فاستقرت القاعدة بينهما، فسار عز الدين إلى الجزيرة، فحاصرها أربعة أشهر وأياما آخر شهر شعبان، ولم يملكها بل استقرت القاعدة بينه وبين سنجر شاه على يد رسول صلاح الدين، فإنه كان قد أرسله بعد قصدها يقول: إن حاكم سنجار، وحاكم إربيل[34] وغيرهما قد شفعا في سنجر شاه، فاستقر الصلح بينهما على أن لعز الدين نصف أعمال الجزيرة.[35]

وبضم دمشق وحلب والجزيرة استطاع صلاح الدين الأيوبي توحيد الجبهة الإسلامية وبدأ يفكر بتحقيق الهدف الأسمى عنده وعند قائده نور الدين محمود وهو التجهيز لتحرير بيت المقدس من الصليبيين.

المطلب الثاني: إصلاح الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للدولة الإسلامية

بعد نجاح صلاح الدين الأيوبي بضم دمشق وحلب والجزيرة وجه جهوده نحو إصلاح الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للمسلمين، وقد بذل جهوداً كبيرة في هذا المجال؛ حيث إن الحياة الاجتماعية اتسمت بالجدية ومحاربة العدو وعدم التهاون معهم، ولم يكن فيه أي مظهر من مظاهر التفاخر والتعالي، وكان رحمه الله يعتبر قدوة لرعيته في اللباس العادي البعيد عن التصنع والتفاخر، والطعام البسيط الذي يأكله الفقراء، والمجالسة المتواضعة حيث إنه لا يتعالى على أحد من الرعية، يقول العماد الأصفهاني[36]: “كان لا يلبس إلا ما يحل لبسه كالكتان والقطن والصوف، وكان من جالسه لا يعلم أنه جالس سلطاناً لتواضعه”.[37]

هذا وقد سعى صلاح الدين للتخلص من الشوائب وكل ما يؤدي إلى البغيضة وأبطل الكثير من العادات السيئة ومن هذه العادات البدع المتبعة في يوم عاشوراء حيث إن هذا اليوم كان أسوداً عند الفاطميين يكثر النحيب والبكاء، ولا يكون هناك بيع وشراء في الأسواق، والناس لا يدركون ماذا يفعلون، فاستطاع أن يقضي على هذه العادات التي لا معنى لها والبدع القبيحة.[38]

وقد كان صلاح الدين كريماً مع الرعية، فكان يتبرع للفقراء ويعطيهم عطاء من لا يخاف الفقر لأنه لم يكن المال عنده ذو قيمة أبداً، وعندما توفي لم يترك ميراثاً من الذهب والفضة إلا 47 درهماً ناصرياً ومن الذهب جراماً واحداً فقط، ودفع الكثير من المال في سبيل إصلاح الأوضاع في دولته، ووزع المال على السكان دون تمييز بين أحد منهم.[39]

كما اهتم صلاح الدين الأيوبي بالجانب الاقتصادي اهتماماً كبيراً، وكما هو معروف أن الدولة كانت تعيش في حالة حروب دائمة، فأراد ألا تتأثر البلاد بالمجاعة فاهتم بالزراعة وطرق الري الحديثة التي كانت موجودة في زمنه اهتماماً كبيراً، لتنبت الأرض أطيب الثمرات وتنتج من كل أنواع الثمار، واعتمد صلاح الدين الأيوبي على تبادل المحاصيل الزراعية بين مصر والشام ليقوم بتحقيق الاكتفاء الذاتي من المواد الغذائية الأساسية، وتأمين الجيش بالثروات التي يحتاجها.[40]

واهتم صلاح الدين بصناعة السلاح بمختلف أنواعه والمنسوجات والأقمشة سواءً من القطن أو الصوف، والملابس الحريرية المناسبة للظروف الجوية، هذا وقد انتشرت في عهده الكثير من الصناعات لأن دولته تقع على البحر المتوسط والبحر الأحمر، فكان جُلَّ هدفه هو تحسين الأوضاع الاقتصادية للمسلمين عن طريق مضاعفة الإنتاج، ولقد كان أصحاب المهن ملتزمين بالقوانين التي تقرها الدولة، وكان الصناع والتجار والمزارعين يتبعون لنقابات تقوم بتنظيم أعمالهم وحماية حقوقهم وتجبرهم على أداء واجباتهم، وكان لهذه النقابات القواعد والنظم التي يحترمها الجميع وتؤيدها الدولة.[41]

ومن خلال ذلك الاهتمام البالغ الذي وجهه صلاح الدين الأيوبي للأوضاع الاجتماعية والاقتصادية استطاع تقريب المسلمين منه أكثر فأكثر وهذا الأمر ساعده كثيراً في الانتقال لتحقيق أهدافه.

المطلب الثالث: إصلاح الأوضاع الإدارية والعسكرية للدولة الإسلامية

عندما تقوم أي دولة وترغب بأن تستمر بعصر الازدهار لفترة زمنية طويلة لابد لها من الاهتمام بأمور عديدة ومن أهم هذه الأمور الجانب الإداري والجانب العسكري، حيث قام صلاح الدين باتباع نظام تقسيم الدولة إلى العديد من الأقاليم لكل منها طابعه الخاص وإمكانياته التي تؤهله للقيام بأعماله على أكمل وجه، مثل مصر والشام وشمالي العراق. وكان صلاح الدين يقضي أغلب أوقاته في جبهات الحرب ومع الجيوش ليشرف على أعمالهم ويرسم لهم الخطط العسكرية، ويترك بعد ذلك الأمور التنفيذية بأيدي الولاة الذين يحكمون الأقاليم، وهو ما يعادل في أيامنا هذه طريقة اللامركزية في الحكم، ولم يرغب صلاح الدين بيوم من الأيام بوضع كل السلطات بيده بل كان يعمل عن طريق توزيع الأدوار، لأنه كان يدرك أن توزيع السلطات يجعل القائمين عليها حريصين على خدمة المسلمين، كما أن تقسيم العمل بين الأفراد الذين يمتلكون الكفاءة من شأنه أن يحقق عدة مزايا تتعلق بزيادة جودة العمل وسرعة إنجازه.[42]

وأما من الناحية العسكرية فقد بدأ صلاح الدين بتحصين المدن وبناء القلاع وتنظيم الجيش ليتمكن من مواجهة هجمات الأعداء حال حدوثها، ووجه جهوده إلى تقوية الجبهة البحرية لأنه يعرف أن أعداءه أقوياء من الناحية البحرية وضعفاء في الجانب البري، فأدرك ضرورة القيام بالاهتمام ببناء الأسطول، وقد كان شائعاً في ذلك العصر ما يسمى بنظام الاقطاعات الحربية حيث إنه يقوم بتوزيع هذه الإقطاعات على الأشخاص الذين يقدمون الكثير من الخدمات للمسلمين.[43]

إن من أهم خصائص الإقطاع الأيوبي أنه يجيز أن تنتقل مثل هذه الإقطاعات من شخص لآخر بحسب الخدمات المقدمة ولم يسمح إلا في حالات نادرة بانتقالها وراثياً.[44]

هذا وكان يضم الجيش الأيوبي الكثير من المتطوعين الذين كانوا يحبذون الجهاد في أوقات الحروب؛ مما زاد في قوة الجيش وعدده وكان هؤلاء المتطوعون ينتمون إلى مختلف فئات الشعب.

المبحث الثالث: جهود صلاح الدين الأيوبي في مواجهة الصليبيين وتحرير بيت المقدس

المطلب الأول: وضع بيت المقدس في ظل الاحتلال الصليبي

استطاع الصليبيون احتلال بيت المقدس في سنة 492 هـ/ 1099م، وكان هذا الأمر حدثاً خطيراً وله آثاراً سلبية على المسلمين، وكان سيطرة الصليبيين على القدس، دليلاً كافياً على التفوق الغربي الصليبي ضد المسلمين في الشرق. وكان هذا العدوان متستراً بلباس الدين من أجل تحريض الشعوب الصليبية، لأن الدافع الديني هو أقوى الدوافع، فقد أوهموا شعوبهم بأن هذه الحملة من أجل حماية المسيحيين من بطش المسلمين الذين اغتصبوا أماكنهم المقدسة، وكان إقامة الإمارات الصليبية في منطقة الشرق أقوى دليل على أنَّ الغايات الدنيوية التي أرادها حكام الغرب ورجال الدين، من خلال احتلال الأراضي والغنائم والثروات؛ التي كانت هي الهدف الأساسي الذي كان يسعى الفرنج لتحقيقه.[45]

وقد كانت مدينة بيت المقدس تنعم بالازدهار والتطور العمراني إلى أن وقعت تحت الاحتلال الصليبي، فبدأ الصليبيون بإفراغ المدينة المقدسة ومحيطها من القرى والبلدات من أهلها وسكّانها الأصليين، لأنهم أدركوا أنهم لا يستطيعون الاستقرار في هذه البلاد إلا من خلال التغيير الديموغرافي. واتبعوا لتحقيق هذا الهدف العديد من الطرق القذرة لعل أبرزها القيام بالمجازر الجماعية والمذابح التي طالت الصغير قبل الكبير في كل المدن والقرى التي احتلوها، فأفرغوها من أهلها بقتلهم وأفرغوا ما تلاها بالتخويف من أن يصيبهم ما أصاب إخوانهم، وبعد هذه المجازر أقاموا المستوطنات الصليبية وجلبوا المهاجرين الأوروبيين الصليبيين ليحلوا محل المسلمين.[46]

وعمل الصليبيون على استقطاب المستوطنين من أوروبا من خلال تقديم الحجج والأكاذيب التي ألبسوها الطابع الديني، ولم يكتفوا بمن هاجر من أوروبا، لأن عدداً كبيراً منهم رغب بالعودة إلى بلدانهم الأساسية، فاستعانوا بأبناء دينهم من السكان الأصليين ممن استمالوهم إلى جانبهم. وبالتزامن مع حركة الاستيطان الصليبي كان سكان الأرض المقدسة على موعد مع رحلة التهجير القسري التي أطلقها المحتل الصليبي، ليلجأ أهلها بانتماءاتهم المختلفة مسلمون ونصارى ويهود إلى البلدان المسلمة المجاورة ولينقلوا معهم علومهم وفنونهم، ويجعلوا منها قيمة مضافة لإخوانهم الذين استقبلوهم بالود والترحاب. ومما يجدر بنا الإشارة إليه هو أن معظم النصارى من سكان بيت المقدس كانوا قد هاجروا فيمن هُجّر عن أرضه، ليكذّب فعلهم ادعاءات الصليبيين بحماية أبناء دينهم والمقدسات الدينية التي دمّروا معظمها بحملاتهم تلك.[47]

وهكذا نرى أن المسيحيين الموجودين في الشرق لم يسلموا من سياسة القتل والتهجير القسري؛ حيث تم معاملتهم بقسوة كبيرة لأنهم يعتبرونهم أنهم من سكان الشرق وأنهم كانوا متعايشين مع المسلمين، فمارسوا عليهم الضغوط النفسية وأبشع أنواع القهر.

المطلب الثاني: استراتيجية صلاح الدين الأيوبي في تحرير بيت المقدس

بعد أن نجح القائد صلاح الدين الأيوبي بإنهاء الدولة الفاطمية وإعادة الهيبة لدولة الخلافة العباسية والقضاء على التمردات التي جرت في مصر والشام وتوحيدهما، قرر تهيئة البلاد لتحرير بيت المقدس من الصليبيين الذين عاثوا فساداً في البلاد وقتلوا المسلمين وهجَّروهم من أراضيهم ونهبوا خيراتهم ومنعوا من بقي من المسلمين في بيت المقدس من ممارسة طقوسهم الدينية، فعمل صلاح الدين على توحيد الجهود من خلال توحيد البلاد بعد أن ذاق المسلمون الأمرين نتيجة التشتت.[48]، وبعد تشكيل هذه الجبهة الموحدة توجه صلاح الدين للاهتمام بالجوانب الاجتماعية والاقتصادية والعسكرية فأصلح أمور البلاد والعباد وتقرب من أمراء المسلمين وأقام علاقات طيبة معهم ليستفيد من الوحدة ومن الإمكانيات المادية والمعنوية المتوفرة لديهم كما عمل صلاح الدين على توفير الأمن والاستقرار وحماية البلاد من أي اعتداء خارجي[49].

هذا وقد ركَّز صلاح الدين في استراتيجيته على دعم الجوانب الروحانية وتطبيق الشريعة الإسلامية، وجعلها نقطة ارتكاز أساسية لتشجيع المسلمين على الاقتداء به، فكان دائمًا ما يكون على رأس الجيوش، وكان ملتزماً بواجباته الدينية، ومُعظِّماً لشعائر الإسلام، حيث إنَّه كان لا يتوانى عن صلاة الجماعة في المسجد مع العامة.[50] وكان يُقرب العلماء منه ويحضهم على نشر فكرة الجهاد بين الجنود والعامة، لأنه أدرك أنه لا يستطيع تحقيق النصر إلَّا بهمة هؤلاء.

وبناءً على هذه الاستراتيجية استطاع القائد صلاح الدين أن يشكل النواة الأساسية لتجهيز دولته وشعبه لتحرير بيت المقدس من أيدي الصليبيين، لأنه استطاع أن يجمع بين جميع النواحي التي تخص الإسلام من جهة، والنواحي التي تخص المسلمين أنفسهم من جهة أخرى، والذين دوماً ما كانوا يحلمون بتحرير بيت المقدس، وهي الاستراتيجية الأفضل لنجاح أي عمل بقيمة عمل تحرير بيت المقدس، وإذا ما قرأنا في سير القادة الذين نجحوا في خططهم سنجد أنهم استبعوا استراتيجية أقرب ما تكون لاستراتيجية صلاح الدين الأيوبي، أمَّا الذين اعتمدوا على جوانب محددة وأهملوا باقي الجواني كثيراً ما نجد أن مصير خططهم الفشل.

المطلب الثالث: معركة حطين وتحرير بيت المقدس

بعد أن قام صلاح الدين الأيوبي بتهيئة البلاد لتحرير بيت المقدس، بدأ يجهز الجيش الإسلامي معنوياً وروحانياً ليبدأ بعملية التحرير فكانت معركة حطين التي تعد من أهم معارك المسلمين في التاريخ، ويبدو أن صلاح الدين أدرك أنه لابد من إنهاء قوة الصليبيين وجعل الخوف يتسلل إلى نفوسهم بكافة الطرق، ولم يعتمد صلاح الدين على المواجهة العسكرية فقط، بل كان يلجأ الحرب النفسية التي لها دور سلبي في نفوس العدو،[51] حيث إنه كان يعتمد مبدأ الكر والفر، ودائماً ما كان هو يحدد أماكن المعارك بنفسه بما يخدم مصلحة جيوش المسلمين وهذا ما حدث في معركة حطين عندما حرم الصليبيين من الاستفادة من المياه.

وبعد أن نجح صلاح الدين بحربه النفسية ضد الصليبيين واستيلائه على بعض حصونهم بدأت الحرب الفعلية ضد الجيش الصليبي وأظهر المسلمون قوة كبيرة مدعومة بحالة نفسية رائعة،[52] وبعد هجمات جيش المسلمين شعر الجيش الصليبي أن نهايتهم ستكون حتمية على يد هذا الجيش، وأنه لا يمكنهم أن يتخلصوا من هذا الوضع المأساوي إلا بالفرار أو بالاستسلام، ولم يتمكن من الهرب إلا ريموند أمير طرابلس.[53] وقد نشبت المعركة الفاصلة بين الجيش الإسلامي والجيش الصليبي عند حطين بالقرب من طبرية في 14 يوليه من عام 1187. وكان صلاح الدين على درايةً كاملة بموقع المعركة فاختار لجيوشه الأماكن المشرفة على آبار الماء من أجل حرمان الصليبيين من الاستفادة من الماء في ظل الحر الشديد؛ ودخل جيش العدو إلى ساحة القتال وهم في حالة نفسية سيئة للغاية حيث إن العطش قد فعل فعلته بهم. واستغل الجيش الإسلامي فرصة هبوب الرياح باتجاه معسكر الصليبيين، فقاموا بإشعال النار في السهل، واتجه الدخان نحو المعسكر الفرنجي؛ وبعد أن بقي جنود العدو يقاتلون قتال من يعرف أنه مهزوم، سقطوا ضعفاء ليس بيدهم حيلة، فنجح المسلمون بقتل الكثير من جنودهم وقاموا بأسر البقية.[54]

وفي هذا الوقت طلب صلاح الدين من جنوده أن يقيموا له خيمة، فنزل وصلى بها شكراً لله على هذا النصر الذي لطالما رغب الكثير من أمراء المسلمين وملوكهم بتحقيقه، وماتوا بحسرته.[55]

وهكذا استطاع القائد صلاح الدين بفضل ذكائه وخبرته السياسية والعسكرية تحقيق الانتصار بمعركة حطين على الصليبيين وقرر بعدها متابعة المسير من أجل تحقيق الهدف المنشود وهو تحرير بيت المقدس من أيدي الصليبيين، وكان يحاصر المدن الساحلية ويدخلها خوفاً من تجمع الصليبيين في بيت المقدس، وبعد نجاح صلاح الدين بمحاصرة بيت المقدس فترة من الزمن بدأ الصليبيون يفاوضون صلاح الدين بعدما أنهكهم صلاح الدين بالهجمات المتوالية عليهم، وبالفعل تم الاتفاق بين صلاح الدين وباليان على تسليم المدينة ودخل صلاح الدين إلى المدينة يوم الجمعة في 27 رجب 583 هـ وذلك بعد أن أعطى باليان قراراً لحاميتها بإلقاء السلاح والاستسلام.[56]

وهكذا يكون القائد صلاح الدين قد حقق حلم ملهمه نور الدين محمود الذي كان يعمل على فتح القدس لكنه توفي قبل أن يحقق هدفه.

وبعد تحقيق هذا النصر العظيم بدأ مدحه من قبل الشعراء وغيرهم، وكان الحكيم أبو الفضل الأندلسي الجيلاني قد كتب قصيدة في هذه المناسبة، نختار منها:

“لكن بأس صلاح الدين أذهلهم بوقعة التل واستشرى بسَوْرته”

“تعيا الجوارح والفرسان وهو على بدء النشاط عشياً مثل بكرته”

“يا فاتح المسجد الأقصى على بُهَمٍ وقانص الجيش لا يحصى بقفزته”

“أبشر بملك كظهر الشمس مطّلع على البسيطة فتّاحٌ بنشرته”.[57]

المطلب الرابع: التسامح الديني عند صلاح الدين الأيوبي ومعاملته للصليبيين بعد تحرير بيت المقدس

كعادة الفاتحين المسلمين كان القائد صلاح الدين الأيوبي متسامحاً عطوفاً رحيماً مع الصليبيين بعد تحرير بيت المقدس ولم يعاملهم مثلما عاملوا المسلمين في كل المناطق التي احتلوها عندما كانوا الطرف الأقوى، فقد أمَّنَهم الإسلام على أنفسهم على الرغم من أنهم لا يملكون شيئاً من التسامح، حيث إنهم ارتكبوا أبشع أنواع المجازر بحق المسلمين من قتل وتهجير بحق جميع السكان، وهنا تظهر مبادئ الإسلام ورحمته حتى مع هؤلاء القتلة المحتلين، فلم يقم صلاح الدين أو المجاهدون بأي عمل انتقامي، بل إن أعمال المسلمين المنتصرين اتسمت بالاستقامة والإنسانية والتسامح. فبينما كان الصليبيون منذ 88 سنة يقومون بالمجازر والتهجير القسري لم تتعرض البيوت في المدينة للنهب على أيدي المسلمين لأن هدفهم كان نصرة الشعوب المظلومة وإعادة الحق لأصحابه، فكان العسكر يتجولون في المدينة في الليل والنهار لكي يمنعوا حدوث أي تجاوز على الممتلكات، وقام صلاح الدين بإطلاق سراح بعض الأسرى الذين ظهرت عليهم مظاهر الشقاء، وأعلن أنه سوف يطلق سراح كل الشيوخ والعجزة. وجاءت نساء الصليبيين إلى صلاح الدين ليسألنه عن مصيرهن ومصير أبناءهم بعد أن قُتل أو أُسر أزواجهن ولم يبق لهن أي معيل أو سند، فكان رد القائد صلاح الدين انه سيطلق سراح أزواجهن وقدم للأرامل والأيتام المساعدات المالية من بيت مال المسلمين، فكان كل ما قام به من تسامح ورحمة وعطف عكس أفعال الصليبيين المحتلين.

أما بالنسبة لرجال الكنيسة أنفسهم وعلى رأسهم بطريرك بيت المقدس، فإن همهم الوحيد كان النجاة بأنفسهم غير مبالين ببقية جنودهم، وقد دُهش المسلمون حينما رأوا البطريرك هرقل وهو يؤدي الفدية عن نفسه ويغادر المدينة على الرغم من أنه يملك اموالاً كثيرة يستطيع أن يفتدي بها مئات الجنود.[58]

الخاتمة

مما تقدم يتبين لنا الدور الكبير الذي لعبه القائد صلاح الدين الأيوبي في توحيد صفوف الأمة الإسلامية نوعاً ما، واستطاع بفضل استراتيجيته أن ينجح بتحقيق أغلب الأهداف التي كانت بمخيلته، وسأستعرض أبرز النتائج التي توصلتُ إليها:

1 – توفر كل صفات القيادة السياسية والعسكرية في شخصية القائد صلاح الدين الأيوبي، حيث كان سياسياً بارعاً، وعالماً زاهداً معظماً لشعائر الدين الإسلامي، محباً للجهاد، حليماً صبوراً.

2 – ملازمة صلاح الدين لعمه أسد الدين شيركوه الذي كان بمثابة المعلم له، وأخذ كثيراً من صفاته التي ساعدته على القيام بشتى الأعمال.

3 – استراتيجية السلطان نور الدين محمود وبُعد نظره حيث رأى بصلاح الدين القائد الفذ الذي لا يُشق له غبار والمخلص للأمة لما يتمتع به من صفات.

4 – تنقل صلاح الدين بين مصر والشام واعتلاءه منصب الوزارة في الدولة الفاطمية أكسبه الخبرة اللازمة في شتى المجالات السياسية والعسكرية.

5 – معرفة صلاح الدين الأيوبي أنه لابد من توحيد مصر والشام من أجل إعادة الهيبة للدولة الإسلامية المتشتتة بعد وفاة السلطان نور الدين محمود.

6 – اهتمام صلاح الدين قبل التفكير بتحرير بيت المقدس بإصلاح الشؤون الداخلية لدولته من جميع النواحي السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية.

7 – إدراك صلاح الدين الدور الكبير لرجال الدين في تحريض المسلمين على الجهاد فتقرب منهم وأعطاهم دوراً كبيراً.

8 – قدرة صلاح الدين على تحقيق حلم السلطان نور الدين محمود بتحرير بيت المقدس من رجس الصليبيين الذين عاثوا فساداً وظلماً.

9 – أبرزت معركة حطين أهمية الوعي الكامل لدى صلاح الدين بتوظيف الموقع الجغرافي لمصلحته حيث كان له دوراً كبيراً في الانتصار في هذه المعركة.

10 – التسامح الكبير عند صلاح الدين كسائر القادة المسلمين الفاتحين في التعامل مع الصليبيين بعد نجاحه بتحرير بيت المقدس.

المصادر والمراجع

1 – القرآن الكريم.

2 – السنة النبوية.

3 – ابن الأثير؛ أبو الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجزري عز الدين، الكامل في التاريخ، تحقيق عمر عبد السلام تدمري، ط1، دار الكتاب العربي، بيروت، 1997م.

4 – ابن خلكان البرمكي؛ أبو العباس شمس الدين أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر، وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، ط1، تح إحسان عباس، دار صادر، بيروت، 1994.

5 – ابن كثير؛ أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي، البداية والنهاية، دار الفكر، لبنان، 1986م.

6 – أحمد ميرزا ميرزا، استراتيجية صلاح الدين في تحقيق انتصاراته، مجلة جامعة تكريت للعلوم الإنسانية، المجلد23، العدد 7، 2016م.

7 – الذهبي؛ شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز، سير أعلام النبلاء، دار الحديث، القاهرة،1427هـ-2006م.

8 – الزركلي؛ خير الدين بن محمود بن محمد بن علي بن فارس الدمشقي، الأعلام، ط15، دار العلم للملايين، لبنان، 2002 م.

9 – الصفدي؛ صلاح الدين خليل بن أيبك بن عبد الله، الوافي بالوفيات، تح أحمد الأرناؤوط وتركي مصطفى، دار إحياء التراث، بيروت، 2000م.

10 – أبو محمد الطيب بن عبد الله بن أحمد بن علي بامخرمة الهِجراني الحضرمي الشافعي، قلادة النحر في وفيات أعيان الدهر، ط1. دار المنهاج، جدة، 2008م

11 – أحمد بن سليمان أيوب ونخبة من الباحثين، موسوعة محاسن الإسلام ورد شبهات اللئام، ط1، دار إيلاف، الكويت، 2015م.

12 – أحمد معمور العسيري، موجز التاريخ الإسلامي منذ عهد آدم عليه السلام (تاريخ ما قبل الإسلام) إلى عصرنا الحاضر، ط1، مكتبة الملك فهد الوطنية، الرياض، 1996م.

13 – بن تغري بردي؛ يوسف بن عبد الله الظاهري الحنفي أبو المحاسن جمال الدين، النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، دار الكتب، مصر، د-ت

14 – جمال الدين محمد بن سالم بن واصل، مفرج الكروب في أخبار بني أيوب، دار الكتب والوثائق القومية، مصر، 1957م.

15 – دريد عبد القادر نوري، سياسة صلاح الدين الأيوبي في بلاد مصر والشام والجزيرة، مطبعة الإرشاد، بغداد، 1976م.

16 – رفيق جاسر أحمد محمود، الفتح العمري للقدس نموذج للدعوة بالعمل والقدوة، الجامعة الإسلامية، المدينة المنورة، 1404هـ.

17 – عبد الوهاب المسيري، موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية، دار الشروق، 2020م.

18 – عبد العزيز صلاح الدين سالم، الفنون الإسلامية في العصر الأيوبي، مركز الكتاب للنشر، 2000م.

19 – عبد الله سعيد محمد الغامدي، صلاح الدين والصليبيون واسترداد بيت المقدس، دار الفضيلة، بيروت، 1985م.

20 – عبد الله ناصح علوان، صلاح الدين الأيوبي بطل حطين ومحرر القدس من الصليبيين، دار السلام، القاهرة، د.ت.

21 – عبد الله نجيب سالم: المجد المنيف للقدس الشريف، منبر الدعوة والجهاد.

22 – علي محمد الصلابي، صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس، دار المعرفة، بيروت، 2008م.

23 – مجموعة من المؤلفين، موسوعة سفير للتاريخ الإسلامي، المكتبة الشاملة.

24 – مجير الدين العليمي عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن المقدسي الحنبلي، التاريخ المعتبر في أنباء من غبر، ط1، دار النوادر، سورية، 2011م

25 – محمد سهيل طقوش، تاريخ الأيوبيين في مصر وبلاد الشام والجزيرة، ط1، دار النفائس، لبنان، 1999م.

26 – محمود شيت خطابْ، بين العقيدة والقيادة، ط1، دار القلم، دمشق، 1998م.

27 – مصطفى قداد، الاستيطان الصليبي لبيت المقدس وتهجير المقدسيين، مجلة دراسات بيت المقدس، العدد 3/2020.

28 – نرجس كدرو، الرمزية الدينية للمسجد الأقصى ودوره في تحفيز المسلمين على تحرير بيت المقدس من الصليبيين عام 583ه/1187م، مجلة دراسات بيت المقدس، العدد 21/3.

29 – نرجس كدرو، العلاقات الأرتقية الزنكية في عهد نور الدين ودورهم في التصدي للهجمات الصليبية، المؤتمر العلمي الرابع (الدولة النورية بين التكوين والنهوض)، مركز دراسات الموصل، الموصل، 2021م.

30 – وِل ديورَانت، قصة الحضارة، ترجمة الدكتور زكي نجيب محمود وآخرين، دار الجيل، بيروت، 1988م.

31 – ياقوت الحموي؛ شهاب الدين أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله، معجم البلدان، ط2، دار صادر، بيروت، 1995م.

32 – يوسف بن رافع بن تميم بن عتبة الأسدي الموصلي أبو المحاسن بهاء الدين ابن شداد، النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية (سيرة صلاح الدين الأيوبي)، تحقيق جمال الدين الشيال، ط2، مكتبة الخانجي، القاهرة، 1994م.

Margins:

  1. – نرجس كدرو، العلاقات الأرتقية الزنكية في عهد نور الدين ودورهم في التصدي للهجمات الصليبية، المؤتمر العلمي الرابع (الدولة النورية بين التكوين والنهوض)، مركز دراسات الموصل، الموصل، 2021، 288.

  2. – هو عماد الدين زنكي بن آق سنقر بن عبد الله الملقب بالملك المنصور المعروف والده بالحاجب؛ صاحب الموصل وكان من الأمراء المقدمين، وفوض إليه السلطان محمود بن محمد بن ملكشاه السلجوقي ولاية بغداد في سنة إحدى وعشرين وخمسمائة. ابن خلكان البرمكي؛ أبو العباس شمس الدين أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر، وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، ط1، تح إحسان عباس، دار صادر، بيروت، 1994، 2/327.

  3. – هو أبو القاسم محمود بن عماد الدين زنكي بن آق سنقر، الملقب الملك العادل نور الدين، المصدر السابق، 5/184.

  4. – شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي، سير أعلام النبلاء، دار الحديث، القاهرة،1427هـ-2006م، 15/411؛ يوسف بن تغري بردي بن عبد الله الظاهري الحنفي أبو المحاسن جمال الدين، النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، دار الكتب، مصر، د-ت، 6/3، بتصرف؛ خير الدين بن محمود بن محمد بن علي بن فارس، الزركلي الدمشقي، الأعلام، ط15، دار العلم للملايين، لبنان، 2002 م، 8/220، بتصرف.

  5. – أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي، البداية والنهاية، دار الفكر، لبنان، 1986م، 12/271.

  6. – هو صاحب حمص أسد الدين أبو الحارث شيركوه بن ناصر الدين محمد الملك، المجاهد، أسد الدين، أبو الحارث شيركوه ابن صاحب حمص ناصر الدين محمد ابن الملك أسد الدين شيركوه بن شاذي ولد: سنة تسع وستين، بمصر، الذهبي، سير أعلام النبلاء، 23/39.

  7. – أحمد معمور العسيري، موجز التاريخ الإسلامي منذ عهد آدم عليه السلام (تاريخ ما قبل الإسلام) إلى عصرنا الحاضر، ط1، مكتبة الملك فهد الوطنية، الرياض، 1996م، 1/253.

  8. – هو شاور بن مجير الوزير المصري، وزير العاضد صاحب مصر. ابن خلكان البرمكي، وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، 2/443.

  9. – أبو محمد الطيب بن عبد الله بن أحمد بن علي بامخرمة الهِجراني الحضرمي الشافعي، قلادة النحر في وفيات أعيان الدهر، ط1. دار المنهاج، جدة، 2008م، 4/ 343.

  10. – هو محمد بن عبد الملك بن المقدم الأمير شمس الدين من كبار أمراء الدولتين نور الدين وصلاح الدين وهو الذي سلم سنجار إلى نور الدين وسكن دمشق ولما توفي نور الدين كان أحد من قام بسلطنة ولده ثم إن صلاح الدين أعطاه بعلبك. صلاح الدين خليل بن أيبك بن عبد الله الصفدي، الوافي بالوفيات، تح أحمد الأرناؤوط وتركي مصطفى، دار إحياء التراث، بيروت، 2000م، 4/31.

  11. – يوسف بن رافع بن تميم بن عتبة الأسدي الموصلي أبو المحاسن بهاء الدين ابن شداد، النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية (سيرة صلاح الدين الأيوبي)، تح جمال الدين الشيال، ط2، مكتبة الخانجي، القاهرة، 1994م، 1/1.

  12. – هم أحد الأقوام الكنعانية السبعة. عاشوا في المناطق المرتفعة المتاخمة للقدس، وقد عرف اليبوسيون بشدة مقاومتهم للعبرانيين. عبد الوهاب المسيري، موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية، دار الشروق، 2020م، 10/278.

  13. نرجس كدرو، الرمزية الدينية للمسجد الأقصى ودوره في تحفيز المسلمين على تحرير بيت المقدس من الصليبيين عام 583ه/1187م، مجلة دراسات بيت المقدس، العدد 21/3، ص394.

  14. – نرجس كدرو، المرجع السابق، ص397.

  15. – مجموعة من المؤلفين، موسوعة سفير للتاريخ الإسلامي، المكتبة الشاملة، 11/ 373.

  16. – سورة الإسراء، الآية رقم 1.

  17. – أخرجه احمد 5/356؛ والنسائي 1/268؛ والبخاري 1/299؛ ومسلم 4/126.

  18. – شفيق جاسر أحمد محمود، الفتح العمري للقدس نموذج للدعوة بالعمل والقدوة، الجامعة الإسلامية، المدينة المنورة، 1404هـ، 186.

  19. – بهاء الدين ابن شداد، النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية (سيرة صلاح الدين الأيوبي)، 36-37.

  20. – دريد عبد القادر نوري، سياسة صلاح الدين الأيوبي في بلاد مصر والشام والجزيرة، مطبعة الإرشاد، بغداد، 1976م، 338-339.

  21. – مدينة بجنب الفسطاط يجمعها سور واحد وهي اليوم المدينة العظمى وبها دار الملك ومسكن الجند، ياقوت الحموي، معجم البلدان، 4/301.

  22. – البلدة المشهورة بقصبة الشام، وهي جنة الأرض بلا خلاف لحسن عمارة ونضارة بقعة وكثرة فاكهة ونزاهة رقعة وكثرة مياه ووجود مآرب، قيل: سميت بذلك لأنهم دمشقوا في بنائها أي أسرعوا، وناقة دمشق، بفتح الدال وسكون الميم: سريعة، وناقة دمشقة اللحم: خفيفة. المصدر السابق، 2/463.

  23. – ابن تغري بردي، النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة، 6/25.

  24. – موجودة في سورية، مدينة عظيمة واسعة كثيرة الخيرات طيبة الهواء صحيحة الأديم والماء. ياقوت الحموي؛ شهاب الدين أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله، معجم البلدان، ط2، دار صادر، بيروت، 1995م، 2/282.

  25. – مدينة في تركية، وترسم أيضاً عينتاب وعنتاب، وكانت تعرف بدلوك، وهي إلى الشمال من مدينة حلب السورية. ياقوت الحموي، معجم البلدان، 4/176.

  26. – مدينة مشهورة من نواحي الجزيرة، بينها وبين الموصل ثلاثة أيام، وهي في لحف جبل عال، ويقولون: إن سفينة نوح، عليه السلام، لما مرت به نطحته فقال نوح: هذا سن جبل جار علينا، فسميت سنجار. ياقوت الحموي، معجم البلدان، 3/262.

  27. – هي مدينة على شاطئ الفرات كبيرة تعرف بنصيبين الروم، بينها وبين آمد أربعة أيام أو ثلاثة ومثلها بينها وبين حران، ومن قصد بلاد الروم من حران مر بها. المصدر السابق، 5/289.

  28. – هو اسم لنهر كبير بين رأس عين والفرات من أرض الجزيرة ولاية واسعة وبلدان جمة. المصدر السابق، 2/334.

  29. – هي مدينة مشهورة على الفرات، بينها وبين حران ثلاثة أيام، معدودة في بلاد الجزيرة لأنها من جانب الفرات الشرقي، طول الرقة أربع وستون درجة، وعرضها ست وثلاثون درجة، في الإقليم الرابع، ويقال لها الرقة البيضاء. المصدر السابق، 3/59.

  30. – هي بلدة قريبة من حران من ديار مضر، قالوا: طول سروج اثنتان وستون درجة ونصف وثلث، وعرضها ست وثلاثون درجة. المصدر السابق، 3/216.

  31. – مجير الدين العليمي عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن المقدسي الحنبلي، التاريخ المعتبر في أنباء من غبر، ط1، دار النوادر، سورية، 2011م، 2/90.

  32. – هو عماد الدين، الأتابك زنكي ابن الحاجب قسيم الدولة آقسنقر بن عبد الله التركي، صاحب حلب. الذهبي، سير أعلام النبلاء، 20/ 190.

  33. – هو السلطان، ملك خراسان، معز الدين سنجر ابن السلطان ملكشاه بن ألب أرسلان بن جغر يبك بن ميكائيل بن سلجوق الغزي، التركي، السلجوقي، صاحب خراسان. المصدر السابق، 20/362.

  34. – قلعة حصينة، ومدينة كبيرة، في فضاء من الأرض واسع بسيط، ولقلعتها خندق عميق، وهي في طرف من المدينة، وسور المدينة ينقطع في نصفها، وهي على تل عال من التراب، عظيم واسع الرأس، وفي هذه القلعة أسواق ومنازل للرعية، وجامع للصلاة، وهي شبيهة بقلعة حلب، إلا أنها أكبر وأوسع رقعة. وطول إربيل تسع وستون درجة ونصف، وعرضها خمس وثلاثون درجة ونصف وثلث، تعد من أعمال الموصل، وبينهما مسيرة يومين. المصدر السابق، 1/138.

  35. – أبو الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجزري عز الدين ابن الأثير، الكامل في التاريخ، تح عمر عبد السلام تدمري، ط1، دار الكتاب العربي، بيروت، 1997م، 10/92.

  36. – هو أبو عبد الله محمد بن صفي الدين أبي الفرج محمد بن نفيس الدين أبي الرجا حامد بن محمد بن عبد الله بن علي بن محمود بن هبة الله الملقب عماد الدين، الكاتب الأصبهاني. ابن خلكان، وفيات الأعيان، 5/147.

  37. – عبد الله ناصح علوان، صلاح الدين الأيوبي بطل حطين ومحرر القدس من الصليبيين، دار السلام، القاهرة، د.ت، 178.

  38. – علوان، المرجع نفسه، 179.

  39. – علي محمد الصلابي، صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس، دار المعرفة، بيروت، 2008م، 356.

  40. – الصلابي، المرجع نفسه، 341.

  41. – عبد العزيز صلاح الدين سالم، الفنون الإسلامية في العصر الأيوبي، مركز الكتاب للنشر، 2000م،1/54.

  42. – محمد سهيل طقوش، تاريخ الأيوبيين في مصر وبلاد الشام والجزيرة، ط1، دار النفائس، لبنان، 1999م، 211.

  43. – ابن تغري بردي، النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، 6/94.

  44. – عبد الله سعيد محمد الغامدي، صلاح الدين والصليبيون واسترداد بيت المقدس، دار الفضيلة، بيروت، 1985م، 103.

  45. – محمود شيت خطابْ، بين العقيدة والقيادة، ط1، دار القلم، دمشق، 1998م، 327.

  46. – مصطفى قداد، الاستيطان الصليبي لبيت المقدس وتهجير المقدسيين، مجلة دراسات بيت المقدس، العدد 20/3، ص369.

  47. – مصطفى قداد، المرجع السابق، ص369.

  48. – أحمد معمور العسيري، موجز التاريخ الإسلامي من عهد آدم إلى عصرنا الحاضر، 256.

  49. – أحمد ميرزا ميرزا، استراتيجية صلاح الدين في تحقيق انتصاراته، مجلة جامعة تكريت للعلوم الإنسانية، المجلد23، العدد 7، 2016م، 473، بتصرف.

  50. – ابن شدَّاد، النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية (سيرة صلاح الدين الأيوبي)، ص10.

  51. – علي الصلابي، صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس، 503.

  52. – ابن شداد، النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية (سيرة صلاح الدين الأيوبي)، 186.

  53. – ابن الأثير، الكامل في التاريخ، 11/535.

  54. –  وِل ديورَانت، قصة الحضارة، ترجمة الدكتور زكي نجيب محمود وآخرين، دار الجيل، بيروت، 1988م، 15/36.

  55. – جمال الدين محمد بن سالم بن واصل، مفرج الكروب في أخبار بني أيوب، دار الكتب والوثائق القومية، مصر، 1957م، 2/194.

  56. – علي الصلابي، صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس، 537-538.

  57. – عبد الله نجيب سالم: المجد المنيف للقدس الشريف، منبر الدعوة والجهاد، 114.

  58. – أحمد بن سليمان أيوب، ونخبة من الباحثين، موسوعة محاسن الإسلام ورد شبهات اللئام، ط1، دار إيلاف، الكويت، 2015م، 10/ 202.