الصبر وآثاره في استقامة الامة – دراسة تفسيرية موضوعية
م.م. احمد صاحب مهدي1
1 مديرية تربية كربلاء، العراق.
بريد الكتروني: alsahraljebory@gmail.com
HNSJ, 2024, 5(12); https://doi.org/10.53796/hnsj512/12
تاريخ النشر: 01/12/2024م تاريخ القبول: 11/11/2024م
Citation Method
المستخلص
نشأة فكرة البحث في هذا الموضوع لما للصبر من أهمية كبيرة في استقامة الفرد والامة أجمع ، نعم الصبر هو عبارة عن مفردة واحدة ولكن له الكثير من الجوانب والحيثيات التي لا يوجد أمر في حياتنا هذه الا وكان الصبر هو العنصر الاساسي في تحقيق هذا الامر ، ونستنتج من ذلك أن لا تطور بدون صبر ، ولا نجاح بدون صبر ، لذلك كان من اللازم أن نتطرق في البحث الى أكثر من موضوع للصبر ، فهناك صبر على العبادة ، وهناك صبر على المرض ، وهناك صبر على الفاقة ، وهناك صبر على الظلم ، والصبر على الظلم هو أكثر ما شجع الباحث على الكتابة في هذا الموضوع لما يعانيه اخواننا في فلسطين منذ عقود وبالاخص في ايامنا هذه فهم خيرُ مثالٍ للصبر ، وذكرهم في هذا البحث كنورٍ يستضاءُ به في عتمة الطريق ، فكل ما نراه من يأس لدى الناس بسبب ابسط الامور وأقلها شدة يجعلنا نشير الى اخواننا في فلسطين بالبنان نتيجة صبرهم واحتسابهم ويقينهم أن النصر آتٍ لا محال ، وبالاضافة الى ذلك فيعتبر ذكرهم في هذا البحث هو شيء بسيط جداً من الوقوف بجانبهم من خلال القلم واظهار مظلوميتهم التي تخلى عنها للأسف الشديد الكثيرُ من الناس ، والمستخلص من هذا البحث اذا ما أردنا أن نخرج بخلاصةٍ حقيقية فهي التعلم من الشهب الفلسطيني المظلوم حقيقة الصبر وكيفية ممارسته وتطبيقه وهذا سيؤدي الى تقوية اليقين بالله عز وجل في كل الابتلاءات التي تمر علينا ، وفي نهاية الملخص هذا نسأل الله تعالى أن يُفَرج عليهم بحق محمد وآل محمد .
الكلمات المفتاحية: الصبر ، الاثر ، الاستقامة ، الامَّة
Patience and its effects on the righteousness of the nation – an objective interpretive study
Ahmed Sahib Mahdi1
1 Directorate of Education Karbala, Iraq.
Email: alsahraljebory@gmail.com
HNSJ, 2024, 5(12); https://doi.org/10.53796/hnsj512/12
Published at 01/12/2024 Accepted at 11/11/2024
Abstract
The main topic of this study is stemmed from the significant importance of patience in the steadfastness of both the individual and the entire nation. Indeed, patience is a single term, yet it encompasses numerous facets and intricacies that make it the fundamental element in achieving various goals. It can be deduced that progress and success are unattainable without patience. Hence, it was necessary to delve into multiple aspects of patience in the research, such as patience in worship, illness, poverty, and in the face of injustice. Specifically, the patience in enduring injustice motivated the researcher to write about this topic, considering the enduring plight of our brethren in Palestine for decades, especially in current times. They serve as prime examples of patience. Mentioning them in this research is akin to a guiding light in the darkness, as every instance of despair among people due to trivial matters directs our attention to the steadfastness of our brothers in Palestine, thanks to their patience, forbearance, and conviction that victory is inevitable. Furthermore, mentioning them in this study is a simple way of standing by them through the pen and highlighting their oppression, which sadly many people have abandoned. The conclusion drawn from this research, if we truly seek a genuine summary, is learning from the oppressed Palestinian stars the reality of patience. This will lead to strengthening our faith in God Almighty amidst all the trials we face. In conclusion, in this summary, we pray to the Almighty to alleviate their suffering for the sake of Muhammad and his family.
Key Words: Patience, impact, steadfastness, nation.
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الخلق والمرسلين وعلى آله الطيبين الطاهرين ، يُعد الصبر من أهم المواضيع التي تكون ملازمة للإنسان عموماً والمسلم خصوصا في هذه الحياة لذى مهما كُتب في هذا الموضوع فسيظل هناك أمور مستجدة لأن الصبر فيه الكثير من الحيثيات والجوانب وكما اسلفت هو ملازمٌ للإنسان ، أما أهمية البحث فما عدا جوانب الصبر المتعددة فإن الصبر بنفسه يتجدد مع الامم حسب الاختبار الذي تتعرض اليه الامة ويتعرض له الفرد وأكثرُ مصداق لما ذكرته هو القضية الفلسطينية حيث أن هذه القضية بالذات هناك ملازمة بينها وبين الصبر ، وهنا يتضح لنا كيف أن الصبر ملازمٌ لهذه القضية فمنذ عام 1948 تاريخ بدء الاحتلال من قبل الصهاينة والى يومنا هذا والفلسطينيون تحت وطأة الاحتلال ، فلولا الصبر في كل هذه العقود التي مضت لإستسلم الفلسطينيون امام المحتل ولكن الصبر هو العامل الاول لديمومة مقاومة هذا الشعب للكيان الصهيوني الغاصب وهذه من الامور التي امتاز بها الاسلام فدائماً ما يُعرف المسلمون بعدم استسلامهم وطول صبرهم لأنهم على يقين بأن النصر آتٍ من الله ، وقد قمتُ بتقسيم هذا البحث المتواضع الى ثلاثة مباحث ، المبحث الاول : مفهوم الكلمات المفتاحية للبحث في اللغة والاصطلاح و أهمية الصبر ، والمبحث الثاني : آثار الصبر الدنيوية والاخروية ، والمبحث الثالث : مصاديق الصابرين في القرآن الكريم ، واعتمدت في البحث على المنهج العلمي القائم على الاخذ من المصادر والمراجع ومناقشة الآراء ، وقد احتوى البحث علمياً على الصبر وفوائده بشكل عام وتسليط الضوء على الصبر وما يعانيه اخواننا في فلسطين حالياً وفوائد الصبر لهم بشكل خاص ، واسأل الله تعالى أن أكون قد وُفقت في هذا البحث ولو بالشيء القليل لإضافة ما هو جديد بالنسبة للصبر والحمد لله رب العالمين .
المبحث الاول :
مفهوم الكلمات المفتاحية للبحث في اللغة والاصطلاح
المطلب الاول : مفهوم الكلمات المفتاحية في اللغة
توطئة :
في بداية البحث لابد من التعرف على معاني مفردات عنوان البحث المفتاحية في اللغة والاصطلاح .
أولا : لغةً
- الصبر :
قال الزبيدي في تاج العروس : “. وصَبَرَ الرَّجُلَ يَصبره : لَزِمَه . والمَصْبُورةُ : اليَمينُ ، قيل لها : مصْبُورةٌ ، وإن كان صاحبُها في الحقيقة هو المصْبُورُ ، لأنّه إنّما صُبِرَ من أجْلِها ، أي حُبِس ، فوُصِفَتْ بالصَّبْرِ ، وأضِيفتْ إليه مَجازاً . والصَّبْرُ : نَقِيضُ الجزَعِ .
يقال : صَبَرَ الرَّجلُ يصْبِرُ صبْراً فهو صابرٌ وصَبَّارٌ وصَبيرٌ ، كأمِيرٍ ، وصَبُورٌ ، والأنْثَى صَبورٌ أيضاً ، بغير هاءٍ ، والجمع صُبُرٌ”([1])
وقال الفراهيدي في كتابه العين : “صبر : الصبر : نقيض الجزع . و الصبر : نصب الإنسان للقتل ، فهو مصبور ، و صبروه أي نصبوه للقتل . و الصبر أخذ يمين إنسان ، تقول : صبرت يمينه أي حلفته بالله جهد القسم . والصبر في الأيمان لا يكون إلا عند الحكام و الصبر ، بكسر الباء ، عصارة شجرة ورقها كقرب السكاكين ، طوال غلاظ ، في خضرتها غبرة وكمدة. قشعرة المنظر ، يخرج من وسطها ساق عليه نور أصفر تمه الريح كريهه”([2])
وقال ابن منظور في لسان العرب : “الصَّبْرِ ، وهو أَن يحبِسَه السلطان على اليمين حتى يحلِف بها ، فلو حلَف إِنسان من غيرِ إِحلاف ما قيل : حلَف صَبْراً . … تقول : صَبَرْتُ يَمِينه أَي لَّفته . وكلُّ من حَبَسْتَه لقَتلٍ أَو يَمِين ، فهو قتلُ صَبْرٍ . والصَّبْرُ : الإِكراه . يقال : صَبَرَ الحاكم فُلاناً على يَمين صَبْراً أَي أَكرهه . وصَبَرْت الرَّجل إِذا حَلَّفته صَبْراً أَو قتلتَه صَبْراً .
يقال : قُتِل فلانٌ صَبْراً وحُلِّف صَبْراً إِذا حُبِس . وصَبَرَه : أَحْلَفه يَمِين صَبْرٍ يَصْبِرُه .
ابن سيده : ويَمِين الصَّبْرِ التي يُمْسِكُكَ الحَكَم عليها حتى تَحْلِف ؛ وقد حَلَف صَبْراً ؛ …
والصَّبْرُ : نقِيض الجَزَع ، صَبَرَ يَصْبِرُ صَبْراً ، فهو صابِرٌ وصَبَّار وصَبِيرٌ وصَبُور ، والأُنثى صَبُور أَيضاً ، بغير هاء ، وجمعه صُبُرٌ”([3])
وقال ابن فارس في معجم مقاييس اللغة : “الصبر وهو الحبس يقال صبرت نفسي على ذلك الأمر أي حبستها قال : فصبرت عارفة لذلك حرة * ترسو إذا نفس الجبان تطلع والمصبورة المحبوسة على الموت ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل شيء من الدواب صبرا
ومن الباب الصبير هو الكفيل وإنما سمي بذلك لأنه يصبر على الغرم يقال صبرت نفسي به أصبر صبرا إذا كفلت به فأنا به صبير وصبرت الإنسان إذا حلفته بالله جهد القسم
وأما الثاني فقالوا صبر كل شيء أعلاه قالوا وأصبار الإناء نواحيه والواحد صبر”([4])
- الأثر
قال الفراهيدي في كتابه العين : “أثر : الأثر : بقية ما ترى من كل شيء وما لا يرى بعد ما يبقي علقة . و الإثر : خلاص السمن . و أثر السيف : ضربته . وذهبت في إثر فلان ، أي : استقفيته ، لا يشتق منه فعل هاهنا ، قال : بانت سعاد فقلبي اليوم متبول متيم إثر من لم يجز ، مكبول فألقى الصفة .
و أثر الحديث : أن يأثره قوم عن قوم ، أي : يحدث به في آثارهم ، أي : بعدهم ، والمصدر : الأثارة . و المأثرة : المكرمة ، وإنما أخذت من هذا ، لأنها يأثرها قرن عن قرن ، يتحدثون بها . و مآثر كل قوم : مساعي آبائهم . و الأثير الكريم ، تؤثره بفضلك على غيره ، والمصدر : الإثرة”([5])
وقال الزبيدي في تاج العروس : ” الأَثَرُ ، محرَّكَةً : بَقِيَّةُ الشيءِ . ج آثَارٌ وأُثُورٌ ، الأَخيرُ بالضَّمِّ . وقال بعضُهم : الأثَرُ ما بَقِيَ مِنْ رَسْمِ الشَّيْءِ . والأََثَرُ : الخَبَرُ ، وجَمْعُه الآثارُ .
وفلانٌ من حَمَلَةِ الآثارِ . وقد فَرقَ بينهما أئمَّةُ الحديثِ ، فقالوا : الخَبَرُ : ما كان عن النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، والأثَرُ : ما يُرْوَى عن الصَّحَابَة . وهو الذي نَقَلَه ابنُ الصَّلاحِ وغيرُه عن فُقَهاء خُراسانَ ، كما قاله شيخُنا”([6])
وقال ابن منظور في لسان العرب : “أثر : الأَثر : بقية الشيء ، والجمع آثار وأُثور . وخرجت في إِثْره وفي أَثَره أَي بعده . وأْتَثَرْتُه وتَأَثَّرْته : تتبعت أَثره ؛ عن الفارسي . ويقال : آثَرَ كذا وكذا بكذا وكذا أَي أَتْبَعه إِياه ؛ ومنه قول متمم بن نويرة يصف الغيث :
فَآثَرَ سَيْلَ الوادِيَّيْنِ بِدِيمَةٍ ، تُرَشِّحُ وَسْمِيّاً ، من النَّبْتِ ، خِرْوعا
أَي أَتبع مطراً تقدم بديمة بعده . والأَثر ، بالتحريك : ما بقي من رسم الشيء . والتأْثير : إِبْقاءُ الأَثر في الشيء . وأَثَّرَ في الشيء : ترك فيه أَثراً . والآثارُ : الأَعْلام . والأَثِيرَةُ من الدوابّ : العظيمة”([7])
وقال الرازي في كتابه مختار الصحاح : “أ ث ر الأثر بوزن الامر فرند السيف
والمأثور السيف الذي يقال إنه من عمل الجن قال الأصمعي وليس من ( الأثر ) الذي هو الفرند وأثر الحديث ذكره عن غيره فهو آثر بالمد وبابه نصر ومنه حديث مأثور أي ينقله خلف عن سلف”([8])
- الاستقامة
قال ابن منظور في لسان العرب : “والاسْتِقامةُ : الاعْتدالُ ، يقال : اسْتَقامَ له الأَمر .
وقوله تعالى : فاسْتَقِيمُوا إليه أي في التَّوَجُّه إليه دون الآلهةِ . وقامَ الشيءُ واسْتقامَ : اعْتدَل واستوى . وقوله تعالى : إن الذين قالوا ربُّنا الله ثم اسْتَقاموا ؛ معنى قوله اسْتَقامُوا عملوا بطاعته ولَزِموا سُنة نبيه ، صلى الله عليه وسلم . وقال الأَسود بن مالك : ثم استقاموا لم يشركوا به شيئاً ، وقال قتادة : استقاموا على طاعة الله …أَقمْتُ الشيء وقَوَّمْته فَقامَ بمعنى اسْتقام ، قال : والاسْتِقامة اعتدال الشيء واسْتِواؤه . واسْتَقامَ فلان بفلان أي مدَحه وأَثنى عليه”([9])
وقال الرازي في كتابه الصحاح : “والاستقامة الاعتدال يقال استقام له الامر وقوله تعالى :
( فاستقيموا إليه ) ( أي في التوجه إليه دون الآلهة وقوم الشئ تقويما فهو قويم أي
مستقيم وقولهم ما أقومه شاذ وقوله تعالى (وذلك دين القيمة) ( إنما أنثه لأنه أراد الملة
الحنيفية”([10])
وقال الزبيدي في تاج العروس : “قال أبو زَيْدٍ : أَقمتُ الشَّيْءَ وقَوَّمْتُه فَقَامَ بِمَعْنَى اسْتَقَامَ . قال والاسْتِقَامَةُ : اعتِدالُ الشّيءِ واسْتِواؤُهُ . وقَامَ في هَكَذا في النُّسَخِ والصَّواب : قَامَ بِي ظَهْرِي أَي : أَوْجَعَنِي ، كذا نَصُّ أَبِي زَيْدٍ في نَوادِرِهِ ، وكذا قَامَتْ بِي عَيْنَايَ ، وكُلُّ ما أَوْجَعَكَ مِنْ جَسَدِكَ فَقَدْ قَامَ بك . ومن المَجَازِ : قَامَ الرَّجلُ المَرْأَةَ ، وقام عَلَيْهَا : مَانَهَا وقَامَ بِشَاْنِهَا مُتَكَفِّلاً بِأَمْرِهَا ، فهو قَوَّامٌ عَلَيْها مائِنٌ لَهَا”([11])
- الامة
قال الفراهيدي في كتابه العين : ” الأمة : كل قوم في دينهم من أمتهم ، وكذلك تفسير هذه الآية : ( إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون) ، وكذلك قوله تعالى : ( إن هذه أمتكم أمة واحدة) ، أي : دين واحد وكل من كان على دين واحد مخالفا لسائر الأديان فهو أمة على حدة”([12])
وقال ابن منظور في لسان العرب : ” الأُمَّةُ : الطريقة والدين . يقال : فلان لا أُمَّةَ له أَي لا دِينَ له ولا نِحْلة له ؛ قال الشاعر :
وهَلْ يَسْتَوي ذو أُمَّةٍ وكَفُورُ ؟
وقوله تعالى : كُنْتُمْ خير أُمَّةٍ ؛ قال الأَخفش : يريد أَهْل أُمّةٍ أَي خير أَهْلِ دينٍ ؛ وأَنشد للنابغة :
حَلَفْتُ فلم أَتْرُكْ لِنَفْسِك رِيبةً ، وهل يأْثَمَنْ ذو أُمَّةٍ وهو طائعُ ؟ والإِمَّةُ : لغة في الأُمَّةِ ، وهي الطريقة والدينُ . والإِمَّة : النِّعْمة ؛ قال الأَعشى : ولقد جَرَرْتُ لك الغِنى ذا فاقَةٍ ، وأَصاب غَزْوُك إِمَّةً فأَزالَها والإِمَّةُ : الهَيْئة ؛ عن اللحياني . والإِمَّةُ أَيضاً : الحالُ والشأْن”([13])
المطلب الثاني : مفهوم الكلمات المفتاحية في الاصطلاح
- الصبر
قال المجلسي في بحار الانوار : ” الصبر هو أن لا يقول ولا يفعل شيئا أصلا ، والحلم أن
يقول أو يفعل شيئا يوجب رفع الفتنة وتسكين الغضب ، فيكون الحلم بمعنى العقل واستعماله”([14])
وقال حبيب الله الخوئي في كتابه منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة : ” الصّبر ، هو المقاومة تجاه المكاره والبلايا قولا وعملا ، فالصّابر يستقبل المصيبة مع طمأنينة ووقار ولا يجرى على لسانه الشكوى من الله ولا يرتكب عملا يدلّ على الجزع ، وقد نهى عن أعمال مخزية جرت العادة بها عند المصيبة ، كخمش الوجوه وجزّ الشعور ، والويل والثبور ، لأنّ الله تعالى من فضله أعطى قوّة الاصطبار لعباده وينزل البلاء على مقدار ما أعطاه من الصّبر”([15])
وقال محمد جواد مغنية في كتابه في ظلال نهج البلاغة : ” ان الصبر هو الأساس والركن الركين لكل خير وفضيلة لا للدين والإيمان فقط ، ومن الصبر ترك الشكوى وإخفاء الضر والبلوى ، وأية جدوى من الجزع والقلق إلا مضاعفة المصاب وتراكمه . وبالصبر خرج يوسف من البئر وصار عزيز مصر ، وبترك الصبر وعدم العزم خرج آدم من الجنة ولاقى هو وذريته من العذاب والأوصاب في الحياة الدنيا ما يفوق التصور”([16])
وقال علي الشاهرودي في كتابه مستدرك سفينة البحار : ” الصبر هو حبس النفس عن اظهار الجزع ، وعن بعض الأعلام :
الصبر حبس النفس على المكروه امتثالا لأمر الله ، ويؤيده قوله تعالى : ( ولربك فاصبر ) وهو من أفضل الأعمال حتى قال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : الإيمان شطران : شطر صبر
وشطر شكر . إنتهى”([17])
- الاثر
هناك الكثير من مفردات اللغة العربية التي شترك معناها اللغوي بنسبة كبيرة مع معناها الاصطلاحي ومنها (الاثر) فإذا دققنا في التعارف اللغوية التي اوردناها لهذه المفردة نجد أن المعنى لغوي وفي نفس الوقت اصطلاحي فقد اتفقوا أكثر اهل اللغة بأن الاثر هو : بقية الشيء أو بقية رسم الشيء ولكن هناك فرق عند علماء علم الحديث والفقه والاصول حيث يذكر
الفيروز آبادي في القاموس المحيط : ” ومعنى ( الأثر ) علم الحديث فهو من عطف الخاص على العام وفى بعض النسخ وطلاب الأدب والولي هي الثابتة في النسخ الصحيحة
واختلف في معنى الأثر فقيل هو المرفوع والموقوف وقيل الأثر هو الموقوف والخبر هو المرفوع كما حققه أهل الأصول”([18])
- الاستقامة
قال بدر الدين العيني في كتابه عمدة القاري : ” 7282 حدّثنا أبُو نُعَيْمٍ ، حدّثنا سُفيْانُ عن الأعْمشِ عنْ إبْراهِيمَ ، عنْ هَمَّامٍ عنْ حُذَيْفَةَ قال : يا مَعْشَرَ القُرَّاءِ اسْتَقِيمُوا فَقَدْ سَبِقْتُمْ سَبْقاً بَعِيداً ، فإنْ أخَذْتُمْ يَمِيناً وشِمالاً لَقَدْ ضَلَلْتُمْ ضَلالاً بَعِيداً . مطابقته للترجمة في قوله : استقيموا لأن الاستقامة هي الاقتداء بسنن الرسول”([19])
وقال السمعاني في تفسيره : ” الاستقامة [ هي ] طاعة الله ، وأداء فرائضه ، واتباع سنة نبيه محمد”([20])
- الامَّة
قال الطباطبائي في تفسيره الميزان : ” الأمة هي الجماعة من الناس”([21])
وقال الشريف الرضي في حقائق التأويل : ” الأمة هي الجماعة”([22])
ونلاحظ اذا ما رجعنا الى التعريفات اللغوية لمفردة الامَّة أن تعريفها في اللغة هو الاقرب للإصطلاح حيث أن اللغويين قد اعتمدوا على القرآن الكريم في اظهار معنى الامة .
المطلب الثالث : أهمية الصبر
في هذا المطلب سنقوم بتوضيح مدى أهمية الصبر وفائدته من خلال استعراض بعض الآيات والروايات .
قال تعالى في كتابه الكريم : ((وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ))([23])
قال فتح الله الكاشاني في زبدة التفاسير : “ولمّا أمر اللَّه اليهود بما يشقّ عليهم ، لما فيه من الكلفة وترك الرئاسة والإعراض عن المال ، أمرهم بعد ذلك بالاستعانة على حوائجهم بالصّبر والصلاة ، فقال : ( واسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ ) بحبس النفس على ما أنتم فيه من ضيق المعاش ، وانتظار النجح والفرج توكّلا على اللَّه ، أو بالصوم الذي هو صبر عن المفطرات ، لما فيه من كسر الشهوة وتصفية النفس ، وهذا مرويّ عن أئمّتنا عليهم السّلام”([24])
وقال محمد ابراهيم الاسترآبادي في كتابه آيات الاحكام : “واستعينوا أي على حوائجكم إلى اللَّه بالصبر والصلاة أي بالجمع بينهما ، بأن تصلَّوا صابرين على تكاليف الصلاة متحمّلين لمشاقّها ، وما يجب من إخلاص القلب وحفظ النيّات ، ودفع الوساوس ومراعاة الآداب ، والاحتراس من المكاره مع الخشية والخشوع ، واستحضار العلم بأنه انتصاب بين يدي جبّار السماوات والأرض”([25])
وقال هاشم البحراني في تفسيره البرهان : ” (واسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ والصَّلاةِ ) بالصبر عن الحرام ، وعلى تأدية الأمانات ، وبالصبر عن الرئاسات الباطلة ، وعلى الاعتراف لمحمد بنبوته ولعلي بوصيته . واستعينوا بالصبر على خدمتهما ، وخدمة من يأمرانكم بخدمته على استحقاق الرضوان والغفران ودائم نعيم الجنان في جوار الرحمن ، ومرافقة خيار المؤمنين ، والتمتع بالنظر إلى عترة محمد سيد الأولين والآخرين ، وعلي سيد الوصيين والسادة الأخيار المنتجبين . فإن ذلك أقر لعيونكم ، وأتم لسروركم ، وأكمل لهدايتكم من سائر نعيم الجنان ، واستعينوا أيضا بالصلوات الخمس ، وبالصلاة على محمد وآله الطيبين سادة الأخيار على قرب الوصول إلى جنات النعيم”([26])
قال تعالى في كتابه الكريم : () وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155)الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)))([27])
قال الحويزي في تفسير نور الثقلين : “وبشر الصابرين قال نبلونكم بشئ من الخوف من ملوك بنى فلان في آخر سلطانهم والجوع بغلاء أسعارهم ، ( ونقص من الأموال ) قال : كساد التجارات وقلة الفضل ( ونقص من الأنفس ) قال : موت ذريع ( ونقص من الثمرات ) لقلة ريع ما يزرع ( وبشر الصابرين ) عند ذلك بتعجيل الفرج”([28])
وقال محمد جواد مغنية في تفسيره المبين : ” وبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ) بأحسن العواقب ، قال سبحانه : (( ولَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ / 126 النحل )) . ( الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّه وإِنَّا إِلَيْه راجِعُونَ ) قال أمير المؤمنين ( ع ) : قولنا : إنّا للَّه إقرار على أنفسنا بالملك للَّه تعالى ، وقولنا : إنّا إليه راجعون إقرار على أنفسنا بالهلك . ( أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ ورَحْمَةٌ ) أي عليهم رأفة بعد رأفة ورحمة بعد رحمة ( وأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ) إلى طريق الحقّ والصواب([29])
وقال الطباطبائي في تفسيره الميزان : ” قوله تعالى : وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا انا لله وانا إليه راجعون ، أعاد ذكر الصابرين ليبشرهم اولا ، ويبين كيفية الصبر بتعليم ما هو الصبر الجميل ثانيا ، ويظهر به حق الامر الذي يقضي بوجوب الصبر وهو ملكه تعالى للانسان – ثالثا ، ويبين جزائه العام – وهو الصلاة والرحمة والاهتداء – رابعا ،
فأمر تعالى نبيه اولا بتبشيرهم ، ولم يذكر متعلق البشارة لتفخيم امره فإنها من الله سبحانه فلا تكون الا خيرا وجميلا ، وقد ضمنها رب العزة ، ثم بين ان الصابرين هم الذين يقولون : كذا وكذا عند إصابة المصيبة وهي الواقعة التي تصيب الانسان ، ولا يستعمل لفظ المصيبة الا في النازلة المكروهة ، ومن المعلوم ان ليس المراد بالقول مجرد التلفظ بالجملة من غير حضور معناها بالبال ، ولا مجرد الاخطار من غير تحقق بحقيقة معناها ، وهي أن الانسان مملوك لله بحقيقة الملك ، وان مرجعه إلى الله سبحانه وبه يتحقق أحسن الصبر الذي يقطع منابت الجزع والأسف ، ويغسل رين الغفلة”([30])
قال تعالى في كتابه الكريم : (( وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ))([31])
قال ناصر مكارم الشيرازي في تفسيره الامثل : ” العزم ” في الأصل يعني ( التصميم لإنجاز عمل معين ) ، ويطلق على الإرادة القوية ، وقد تكون عبارة ( عزم الأمور ) إشارة إلى أن هذا العمل من الأعمال التي أمر الله بها ولا يمكن أن تنسخ ، أو أنه من الأعمال التي يجب أن يشد الإنسان العزم لها ، وأيا كان من المعنيين فهو يدل على أهمية هذا العمل . والملفت للنظر ذكر ( الصبر ) قبل ( الغفران ) ، لأنه مع عدم وجود الصبر لا يمكن أن يحصل العفو والغفران ، حيث يفقد الإنسان السيطرة على نفسه ويحاول الانتقام مهما كان”([32])
وقال محمد بن جرير الطبري في تفسيره جامع البيان : ” ولمن صبر على إساءة إليه ، وغفر للمسئ إليه جرمه إليه ، فلم ينتصر منه ، وهو على الانتصار منه قادر ابتغاء وجه الله وجزيل ثوابه إن ذلك لمن عزم الأمور يقول : إن صبره ذلك وغفرانه ذنب المسئ إليه ، لمن عزم الأمور التي ندب إليها عباده ، وعزم عليهم العمل به ومن يضلل الله فما له من ولي من بعده”([33])
وقال السمرقندي في تفسيره : ” ( ولمن صبر وغفر ) يعني ( صبر ) عن مظلمته فلم يقتص من صاحبه ( وغفر ) يعني تجاوز عنه ( ان ذلك ) يعني الصبر والتجاوز ( لمن عزم الأمور ) يعني من أفضل الأمور وأصوب الأمور”([34])
مناقشة
نلاحظ في تفسير الآية الخامسة والاربعين من سورة البقرة أن الصبر المذكور فيها يختص بتحمل مشاق العبادات كالصوم والصلاة وكذلك جاء بمعنى الابتعاد عن المحرمات وقد أضاف هاشم البحراني رأي آخر وهو الاعتراف لمحمد (ص) بنبوته ولعلي (ع) بإمامته واتباع من أمرونا أن نتبعهم ، وفي الآيات (155-157) من سورة البقرة فقد ذُكرت كل انواع الابتلاءات من ناحية الاموال والطعام وحتى الانفس وقد ذكر المفسرون ان قوله تعالى (وبشر الصابرين) واضح لما لهم من أجر كبير على صبرهم اتجاه الابتلاءات وقد ذكر الطباطبائي أن عدم ذكر نوع البشرى هو لتفخيم الاجر وذلك كله لمن صَبَرَ وقال انا الله وانا اليه راجعون ، وفي تفسير الآية (43) من سورة الشورى نلاحظ أن الصبر قد جاء فيها بمعنى مختلف حيث ذكر ناصر مكارم الشيرازي بأن كلمة (عزم) قد تدل على وجوب الامر أي وجوب الصبر ، وأما المعنى الآخر فقد اتفقوا على غفران زلات الآخرين والصبر على إيذائهم هو من اسمى وافضل الامور التي يقوم بها العبد ، وهناك الكثير من الآيات الاخرى التي تحتوي على مفردة الصبر ولكني اكتفيت بهذه الآيات حتى لا أتعدى حدود البحث من الناحية المنهجية التي تخص عدد الصفحات .
وكذلك في بيان أهمية الصبر
قال أويس كريم في المعجم الموضوعي لنهج البلاغة : ” أهميّة الصّبر ومنزلة الصّبر من الايمان وأنه إحدى دعائم الايمان وأنه من علائم المؤمنين والمتّقين ، وبيان شعب الصّبر :
وعليكم بالصّبر ، فإنّ الصّبر من الايمان كالرّأس من الجسد ، ولا خير في جسد لا رأس معه ، ولا في إيمان لا صبر معه. ولا إيمان كالحياء والصّبر. الايمان على أربع دعائم : على الصّبر ، واليقين ، والعدل ، والجهاد ، والصّبر منها على أربع شعب : على الشّوق ، والشّفق ، والزّهد ، والترقّب : فمن اشتاق إلى الجنّة سلا عن الشّهوات ، ومن أشفق من النّار اجتنب المحرّمات ، ومن زهد في الدّنيا استهان بالمصيبات ، ومن ارتقب الموت سارع إلى الخيرات”([35])
وقال محمد باقر الحكيم في كتابه دور اهل البيت (ع) في بناء الجماعة الصالحة : ” ففي الكافي عن حفص بن غياث قال : « قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : يا حفص ، إن من صبر صبر قليلاً ، وإن من جزع جزع قليلاً . ثم قال : عليك بالصبر في جميع أمورك ؛ فإن الله عزّ وجلّ بعث محمداً ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فأمره بالصبر والرفق ، فقال : ( واصبر على ما يقولون واهجرهم هجراً جميلاً * وذرني والمكذبين أولي النَّعمة)”([36])
وقال كمال لحيدري في كتابه العرفان الشيعي : ” قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : « الصبر نصف الإيمان ». عن العلاء بن فضيل عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال :
« الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ، فإذا ذهب الرأس ذهب الجسد ، كذلك إذا ذهب الصبر ذهب الإيمان ». عن أبي سيّار عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال :
« إذا دخل المؤمن في قبره كانت الصلاة عن يمينه ، والزكاة عن يساره ، والبرّ مطلٌّ عليه ، ويتنحّى الصبر ناحية ، فإذا دخل عليه الملكان اللّذان يليان مساءلته ، قال الصبر للصلاة والزكاة والبرّ : ذلكم صاحبكم ، فإن عجزتم عنه فأنا دونه ».
عن حمزة بن حمران عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال : « الجنّة محفوفة بالمكاره والصبر ، فمن صبر على المكاره في الدُّنيا دخل الجنّة ، وجهنّم محفوفة باللذّات والشهوات ، فمن أعطى نفسه لذّتها وشهوتها دخل النار»”([37])
وقال عبد الكريم الخطيب في التفسير القرآني للقرآن : “والصبر والصلاة هما خير ما يتزود الإنسان به ، لكى يجد من نفسه القدرة على الوفاء ببعض حق الله عليه. والصبر قوة معنوية لا يحصل عليها الإنسان إلا بعد رياضة ومعاناة ، وتلك الرياضة وهذه المعاناة يحتاجان إلى الصبر ، والصبر يحتاج إليهما .. وإذن فالدعوة إلى الصبر دعوة إلى التمرس بالطاعات أولا ، والتعود على أداء الواجبات ، فذلك هو الذي يخلق في الإنسان خلق الصبر .. وفى هذا يقول الله سبحانه للنبي الكريم : (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها) .. فأداء الصلاة والمداومة عليها يحتاج إلى الصبر والمصابرة ، وبذلك توضع الخمائر الأولى للصبر في كيان الإنسان ، ومع الزمن ينمو الصبر ، ويصبح قوة عاملة في الإنسان.”([38])
وقال محمد هادي معرفة في التفسير الاثري الجامع : “وأنا أقول لكم : لا تقاوموا الشرّ بالشرّ ، بل من ضرب خدّك الأيمن فحوّل إليه الخدّ الأيسر ، ومن أخذ رداءك فأعطه إزارك ، ومن سخّرك لتسير معه ميلا فسر معه ميلين وكلّ ذلك أمر بالصبر على الأذى. فالصبر على أذى الناس من أعلى مراتب الصبر ، لأنّه يتعاون فيه باعث الدين وباعث الشهوة والغضب جميعا”([39])
قال محمد جواد مغني في كتابه في ظلال نهج البلاغة : ” ( والصبر شجاعة ) وجهاد . وحين يتحدث الإمام عن الصبر وفوائده فإنه يتحدث عن علم وتجربة ، فلقد رأى وشاهد صبر رسول اللَّه ( ص ) والصحابة على الأذى والتنكيل في سبيل الإسلام ، وثباتهم عليه مستهينين بكل شيء ، وهذا الصبر هو الأصل والأساس لحياة الإسلام وانتشاره ، وعلى صخرته تحطم الكفر والشرك ، ولولا هذا الصبر والثبات ما كانت الهجرة ولا بدر وأحد والأحزاب ، وبالتالي ما كان للإسلام عين ولا أثر”([40])
المبحث الثاني : آثار الصبر
المطلب الاول : آثار الصبر الدنيوية
قال تعالى في كتابه الكريم : ((وَلَنَبۡلُوَنَّكُمۡ حَتَّىٰ نَعۡلَمَ ٱلۡمُجَٰهِدِينَ مِنكُمۡ وَٱلصَّٰبِرِينَ وَنَبۡلُوَاْ أَخۡبَارَكُمۡ))([41])
قال الطبرسي في تفسيره مجمع البيان : ” أي حتى يتميز المجاهدون في سبيل الله من جملتكم ، والصابرون على الجهاد . وقيل : معناه حتى يعلم أولياؤنا المجاهدين منكم . وأضافه إلى نفسه تعظيما لهم وتشريفا كما قال : ( إن الذين يؤذون الله ورسوله ) أي يؤذون أولياء الله . وقيل : معناه حتى نعلم جهادكم موجودا ، لأن الغرض أن تفعلوا الجهاد ، فيثيبكم على ذلك . ( ونبلوا أخباركم ) أي نختبر أسراركم بما تستقبلونه من أفعالكم”([42])
وقال الفيض الكاشاني في تفسيره الصافي : “ولنبلونكم بالامر بالجهاد وسائر التكاليف الشاقة حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين على مشاقها ونبلوا أخباركم عن إيمانكم وموالاتكم المؤمنين في صدقها وكذبها وقرئت الافعال الثلاثة بالياء ليوافق ما قبلها . ونسبه في المجمع إلى الباقر ( عليه السلام ) أيضا وقرئ ونبلو بسكون الواو أي ونحن نبلو”([43])
وقال مير سيد علي الحائري في تفسيره مقتنيات الدرر : “ي نتميّز المجاهدين في سبيل اللَّه من جملتكم والصابرين على الجهاد وقيل : المعنى حتّى يعلم أولياؤنا المجاهدين منكم . وأضاف العلم إلى نفسه تعظيما لهم كما قال : « إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّه َ وَرَسُولَه ُ » أي يؤذون أولياء اللَّه وقيل : المعنى حتّى نعلم جهادكم موجودا لأنّ الغرض أن تفعلوا الجهاد فيثيبكم على ذلك (وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ) أي نختبر أسراركم بما يستقبلونه من أفعالكم”([44])
وقال الطباطبائي في تفسيره الميزان : “البلاء والابتلاء الامتحان والاختبار ، والآية بيان علة كتابة القتال على المؤمنين ، وهو الاختبار الإلهي ليمتاز به المجاهدون في سبيل الله الصابرون على مشاق التكاليف الإلهية . وقوله : ( ونبلوا أخباركم ) كأن المراد بالاخبار الأعمال من حيث إنها تصدر عن العاملين فيكون أخبارا لهم يخبر بها عنهم ، واختبار الأعمال يمتاز به صالحها من طالحها كما أن اختبار النفوس يمتاز به النفوس الصالحة الخيرة”([45])
مناقشة
كلنا نعلم أن من أصعب الامور (التضحية بالنفس) والذي يخرج الى الجهاد يكون على يقين بأن الاستشهاد أمر واردٌ جداً ولكن الجهاد له الفضل الاول في الدفاع عن الاسلام وبقائه وديمومته ابتداءً من معركة بدر والى يومنا هذا فلولا الجهاد لما بقيَ للإسلام ذكر لأن اعداء الاسلام كانوا وما زالوا يريدون القضاء عليه ، فلذلك يُعتبر الصبر على الجهاد من أعلى انواع الصبر ونَحنُ نرى ما يحدث منذ عقود مع شعبنا الفلسطيني الصابر الذي كُتِبَ عليه الجهاد ضِد الصهاينة المحتلين وبالاخص في أيامنا هذه ما يحدث مع شعبنا في قطاع غزة من اجرام صهيوني يُقابله صبر وثبات وجهاد بالنفس من قبل اخواننا في غزة ، نعم لقد طال الامر في فلسطين لعقود ولكن حاشا لله أن يخلف وعده وهو كما ذكرنا في المطلب الثاني قال جل وعلا : ((وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ))([46]) فقد ذكر نقص الانفس ووعد بالبُشرى (وبشر الصابرين) فمهما طال الوقت فإن الله سيجزي المجاهدين وتعود فلسطين حرة وهذا يَقينُ كل مسلم ، وهو وعدُ من الله عز وجل .
قال تعالى في كتابه الكريم : ((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ * الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ))([47])
قال محمد جواد مغنية في تفسيره الكاشف : ” يقول جل ثناؤه لنبيه : شجع يا محمد أصحابك على القتال ، وأخبرهم بأنهم كفء لأعداء اللَّه وأعدائهم ، حتى ولو زاد عددهم عشرة أضعاف ذلك بأن المؤمنين يفقهون أمر اللَّه ، ويعتقدون باليوم الآخر ، وان السعادة تنال بالجهاد والاستشهاد ، فيقدمون عليه بنية صادقة ، وعزم قوي ، أما الكافرون فإنهم لا يفقهون أمر اللَّه ، ولا يعتقدون بالمعاد ، ولهذا يحجمون شحّا بحياتهم وحرصا عليها من الفناء والحرمان”([48])
وقال الطباطبائي في تفسيره الميزان : “قوله : ( إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين ) أي من الذين كفروا كما قيد به الألف بعدا ، وكذلك قوله : ( وإن يكن منكم مائة ) أي مائة صابرة كما قيد بها ( عشرون ) قبلا . وقوله : ( بأنهم قوم لا يفقهون ) الباء للسببية أو الآلة ، والجملة تعليلية متعلقة بقوله : ( يغلبوا ) أي عشرون صابرون منكم يغلبون مائتين من الذين كفروا ، ومائة صابرة منكم يغلبون ألفا من الذين كفروا كل ذلك بسبب ان الكفار قوم لا يفقهون”([49])
المناقشة
وهذه الآية الكريمة ذات دلالة قوية على أن النصر حليف المجاهدين الصابرين من خلال قوله تعالى (يغلبوا) وهذا ما يؤكد وعد الله للصابرين بالبُشر كما اسلفنا في الآية التي سبقتها حيث أن من يستشهد فله الجنة وأما بالنسبة لمن يبقى على قيد الحياة فالأثر الدنيوي هو النصر والغَلَبة على الاعداء وهناك شواهد كثرة ولكن نكتفي بهاتين الآيتين الكريمتين .
كما ذكر محمد جواد مغني في تفسيره الكاشف : ” الصبر والثبات ، وهو توطين النفس على التضحية بكل عزيز لنصرة الحق على الباطل ، وكما ينتصر الحق بمحق الباطل وزواله ينتصر أيضا بالكشف عن الباطل ، وإظهاره للناس على حقيقته . والصبر ضروري لبلوغ أية غاية من الغايات ، فما من تلميذ أو أستاذ أو مخترع أو فنان ، أو تاجر ، أو أي كان ينال شيئا من النجاح إلا بالصبر والثبات ، وعلى مقدار صموده لتحمل المشاق والآلام يكون فوزه ونجاحه ، وبهذا نجد السر في قوله تعالى : « إِنَّ اللَّهً مَعَ الصَّابِرِينَ » . وقوله : وبَشِّرِ الصَّابِرِينَ . وقوله : ولا يُلَقَّاها إِلَّا الصَّابِرُونَ وقوله : ولَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ . إلى غير ذلك”([50])
ونستنتج من هذا الكلام أن الصبر لابُد منه في تحقيق المور الدنيا فكما ذكر محمد جواد مغنية أن الصبر ضروري (لبلوغ أية غاية من الغايات) فلا شيء يتحقق في الحياة إلا من خلال الصبر .
المطلب الثاني : آثار الصبر الأخروية
قال تعالى في كتابه الكريم : ((أُولَٰئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا))([51])
قال فخر الدين الطريحي في تفسيره غريب القرآن : ” ( يجزون الغرفة بما صبروا ) أي الغرفات وهي العلالي في الجنة فأخذ الواحد الدال على الجنس”([52])
وقال حسن مصطفوي في كتابه التحقيق في كلمات القرآن الكريم : “فهؤلاء المتّقون عن لذّات الحياة الدنيا والَّذين آمنوا وعملوا الصالحات وصبروا واستقاموا في سبيل الحقّ : لهم غرف في الجنّة ومساكن عالية مرتفعة تشرف على أكنافها ، وهي من أعلى منازل الجنّة ومن أسناها وأرفعها مقاما”([53])
وقال السمعاني في تفسيره : “قوله : ( أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ) قال عطاء ، عن ابن عباس : الغرفة من الدر والزبرجد والياقوت . ويقال : هي أعلى منازل الجنة . وقوله : ( بما صبروا ) عن الشهوات ، وقيل : صبروا عن الدنيا ، وقيل : صبروا على الطاعة . وقوله : ( ويلقون فيها ) وقرئ : ‘ ويلقون ‘ مخففا ، والمعنى والمعنى واحد . وقوله : ( تحية ) أي : ملكا ، وقيل : بقاء (دائما)”([54])
المناقشة
أهم هدف للإنسان في حياته هو الهدف الاخروي ألا وهو (الدخول الى الجنة) وهذا الهدف لا يتحقق الا بالعبادة كما قال تعالى: ((وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ))([55]) وهذه العبادة لا يمكن أن يقوم بها العبد الا بالصبر فإذا صبر العبد على العبادة وعلى الابتلاءات والقضاء والقدر صار جزائه الجنة وهل هناك أثر للصبر اسمى واعلى من الجنة ؟ والآية التي أوردناها بحسب التفاسير تُبين أن الجنة هي جزاء الصابرين .
قال تعالى في كتابه الكريم : ((قُلۡ يَٰعِبَادِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمۡۚ لِلَّذِينَ أَحۡسَنُواْ فِي هَٰذِهِ ٱلدُّنۡيَا حَسَنَةٞۗ وَأَرۡضُ ٱللَّهِ وَٰسِعَةٌۗ إِنَّمَا يُوَفَّى ٱلصَّٰبِرُونَ أَجۡرَهُم بِغَيۡرِ حِسَابٖ))([56])
قال محمد طنطاوي في التفسير الوسيط : ” أى : إنما يوفى الصابرون على مفارقة الأوطان ، وعلى تحمل الشدائد والمصائب في سبيل إعلاء كلمة اللَّه . . . يوفون أجرهم العظيم على كل ذلك بغير حساب من الحاسبين . لأنهم لا يستطيعون معرفة ما أعده – سبحانه – لهؤلاء الصابرين من عطاء جزيل ، ومن ثواب عظيم ، وإنما الذي يعرف ذلك هو اللَّه – تعالى – وحده . قال الإمام الشوكانى : أى : يوفيهم اللَّه أجرهم في مقابلة صبرهم بما لا يقدر على حصره حاصر ، ولا يستطيع حسبانه حاسب . والحاصل أن الآية تدل على أن ثواب الصابرين وأجرهم لا نهاية له ، لأن كل شيء يدخل تحت الحساب فهو متناه ، وما كان لا يدخل تحت الحساب فهو غير متناه . وهي فضيلة عظيمة ومثوبة جليلة”([57])
وقال عبد الرحمن السعدي في تفسيره تيسير الكريم : ” وهذا عام في جميع أنواع الصبر : الصبر على أقدار الله المؤلمة ، فلا يتسخطها . والصبر عن معاصيه ، فلا يرتكبها ، والصبر على طاعته ، حتى يؤديها . فوعد الله الصابرين أجرهم بغير حساب ، أي : بغير حد ، ولا عد ، ولا مقدار . وما ذاك إلا لفضيلة الصبر ومحله عند الله ، وأنه معين على كل الأمور”([58])
وقال محمد طنطاوي في تفسيره الوسيط : “نما يوفى الصابرون على مفارقة الأوطان ، وعلى تحمل الشدائد والمصائب في سبيل إعلاء كلمة اللَّه . . . يوفون أجرهم العظيم على كل ذلك بغير حساب من الحاسبين . لأنهم لا يستطيعون معرفة ما أعده – سبحانه – لهؤلاء الصابرين من عطاء جزيل ، ومن ثواب عظيم ، وإنما الذي يعرف ذلك هو اللَّه – تعالى – وحده . قال الإمام الشوكانى : أى : يوفيهم اللَّه أجرهم في مقابلة صبرهم بما لا يقدر على حصره حاصر ، ولا يستطيع حسبانه حاسب . والحاصل أن الآية تدل على أن ثواب الصابرين وأجرهم لا نهاية له ، لأن كل شيء يدخل تحت الحساب فهو متناه ، وما كان لا يدخل تحت الحساب فهو غير متناه . وهي فضيلة عظيمة ومثوبة جليلة”([59])
المناقشة
ذكرنا في الآية السابقة أن المؤمن عندما يَصبر على أمور الدنيا يكون جزائه الجنة ولكن في هذه الآية الكريمة يريد الله أن يبين للعبد أن الصبر جزائُه لا يُعد ولا يحصى وليس له إذ أن نص الآية الكريمة واضحٌ من خلال قوله (بغير حساب) أي لا يمكنه حصره ومن هنا نستنتج بأن الصبر لا يُعلا عليه في الأجر والثواب حيثُ تَرَكَ الرحمن موضوع الجزاء على الصبر لنفسه وَلَكَ أن تتخيل كيف يُعطي الكريم إذا استطعت أن تَصِلَ بخيالك الى عطائِه وهذا مُحال .
المبحث الثالث : مصاديق الصابرين في القرآن الكريم
المطلب الأول : الصابرون من الانبياء
توطئة
كُل مسلم يعلم بأن جميع الانبياء صبروا لأنهم عانو ما عانو لنشر رسالتهم أو لتصديق رسالة من قبلهم من الرُسُل ولكننا في هذا البحث سنسلط الضوء على ابرز الانبياء اللذين اشتهروا بطيلة صبرهم وكثرة تحملهم .
قال تعالى في كتابه الكريم : (( وَٱذۡكُرۡ عَبۡدَنَآ أَيُّوبَ إِذۡ نَادَىٰ رَبَّهُۥٓ أَنِّي مَسَّنِيَ ٱلشَّيۡطَٰنُ بِنُصۡبٖ وَعَذَابٍ (41) ٱرۡكُضۡ بِرِجۡلِكَۖ هَٰذَا مُغۡتَسَلُۢ بَارِدٞ وَشَرَابٞ (42) وَوَهَبۡنَا لَهُۥٓ أَهۡلَهُۥ وَمِثۡلَهُم مَّعَهُمۡ رَحۡمَةٗ مِّنَّا وَذِكۡرَىٰ لِأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِ (43) وَخُذۡ بِيَدِكَ ضِغۡثٗا فَٱضۡرِب بِّهِۦ وَلَا تَحۡنَثۡۗ إِنَّا وَجَدۡنَٰهُ صَابِرٗاۚ نِّعۡمَ ٱلۡعَبۡدُ إِنَّهُۥٓ أَوَّابٞ))([60])
قال الطباطبائي في تفسيره الميزان : “المعنى : ثم ذكر سبحانه قصة أيوب عليه السلام فقال : ( واذكر ) يا محمد ( عبدنا أيوب ) شرفه الله سبحانه بأنه أضافه إلى نفسه ، واقتد به في الصبر على الشدائد . وكان في زمان يعقوب ابن إسحاق ، وتزوج ليا بنت يعقوب . ( إذ نادى ربه ) أي : حين دعا ربه رافعا صوته ، يقول : يا رب لان النداء هو الدعاء بطريقة يا فلان . …
( أني مسني الشيطان بنصب وعذاب ) أي : بتعب ومكروه ومشقة . وقيل : بوسوسة فيقول له : طال مرضك ، ولا يرحمك ربك ، عن مقاتل . وقيل : بأن يذكره ما كان فيه من نعم الله تعالى ، من الأهل والولد والمال . وكيف زال ذلك كله ، وحصل فيما هو فيه من البلية ، طمعا أن يزله بذلك ، ويجد طريقا إلى تضجره ، وتبرمه ، فوجده صابرا مسلما لامر الله . وقيل : إنه اشتد مرضه حتى تجنبه الناس ، فوسوس الشيطان إلى الناس أن يستقذروه ، ويخرجوه من بينهم ، ولا يتركوا امرأته التي تخدمه أن تدخل عليهم ، فكان أيوب يتأذى بذلك ، ويتألم منه ، ولم يشك الألم الذي كان من أمر الله تعالى . قال قتادة : دام ذلك سبع سنين…”([61])
وقال محمد جواد مغنية في تفسيره المبين : ” (واذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ ) وما عاناه من الضر في جسمه وماله وأهله ( إِذْ نادى رَبَّه أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وعَذابٍ ) النصب : التعب والمشقة ، وأيا كان المراد من إسناد العذاب ظاهرا إلى الشيطان فإنه لا يسوغ بحال أن يراد منه المعنى الحقيقي للعذاب ، لقوله تعالى : ((إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ – 65 الإسراء )) ومن الجائز أن يكون الشيطان قد وسوس لأيوب بأن اللَّه قد فعل بك ما فعل وأنت على طاعته ، فتعوذ أيوب منه وشكاه إلى اللَّه ، وعلى هذا تكون نسبة العذاب إليه على المجاز .
… ( ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وشَرابٌ ) استجاب سبحانه لنداء أيوب ودعائه ، وأمره أن يضرب الأرض برجله ، فيخرج منها ماء يغتسل به ويشرب منه ، ففعل وذهب الداء عنه .
… ( ووَهَبْنا لَه أَهْلَه ومِثْلَهُمْ مَعَهُمْ ) منّ عليه سبحانه بالشفاء ، ورزقه من الأولاد والأحفاد ضعف ما فقد منهم ، وتقدمت الإشارة إلى قصة أيوب في الآية 83 – 84 من الأنبياء .
… ( وخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِه . . . ) الضغث : القبضة من العيدان ونحوها ، ويبدو أن أيوب كان قد حلف لسبب أو لآخر أن يضرب إنسانا بعض الضرب ، ثم ندم ، فأمره سبحانه أن يضربه بمجموعة من الأغصان وما أشبه فيتحلل من يمينه”([62])
المناقشة
من المسلمات أن نذكر النبي ايوب عليه السلام في بادئ الامر وذلك لأنه صبر على المرض وفقدان الاهل ونبذه من قبل المجتمع لسنوات طويلة وقد تحمل كل هذه الابتلاءات بالصبر كما ذكر تعالى : ((انا وجدناه صابرا)) ووصفه اجمل وصف حيث قال تعلى : ((نعم العبد)) فليس من السهل أن يتحمل الانسان كل هذه الابتلاءات وعلى مدى سنوات ووجدنا أيضا في هذه الآيات كيف أن الله جل وعلا استجاب لنبيه وشافاه من كل الامراض وهذا جزاء صبره في الدنيا بل عوضه خيرا مما فقده كما ذكر في آيات أخرى .
قال تعالى في كتابه الكريم : ((قَالُوٓاْ أَءِنَّكَ لَأَنتَ يُوسُفُۖ قَالَ أَنَا۠ يُوسُفُ وَهَٰذَآ أَخِيۖ قَدۡ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَيۡنَآۖ إِنَّهُۥ مَن يَتَّقِ وَيَصۡبِرۡ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجۡرَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ ))([63])
قال فتح الله الكاشاني في زبدة التفاسير : “( قالُوا أَإِنَّكَ لأَنْتَ يُوسُفُ ) استفهام تقرير ، ولذلك حقّق ب « إنّ » ودخول اللام عليه . وقرأ ابن كثير على الإيجاب. قيل : عرفوه بزيّه وشمائله حين كلَّمهم به وقيل : تبسّم فعرفوه بثناياه ، فإنّها كانت كاللؤلؤ المنظوم . وقيل : رفع التاج عن رأسه ، فرأوا علامة بناصيته تشبه الشامة البيضاء ، وكانت لسارة ويعقوب مثلها .
( قالَ أَنَا يُوسُفُ وهذا أَخِي ) من أبي وأمّي . ذكره تعريفا لنفسه به ، وتفخيما لشأنه ، وإدخالا له في قوله : ( قَدْ مَنَّ اللَّه عَلَيْنا ) بالسلامة والكرامة ، والاجتماع بعد طول الفرقة ( إِنَّه مَنْ يَتَّقِ ) يخف اللَّه ( ويَصْبِرْ ) على البليّات ، أو على الطاعات وعن المعاصي ( فَإِنَّ اللَّه لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ) وضع « المحسنين » موضع الضمير للتنبيه على أنّ المحسن من جمع بين التقوى والصبر”([64])
وقال الثعلبي في تفسيره الكشف والبيان : “( قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنَا )) بأن جمع بيننا بعدما فرّقتم (( إِنَّهُ مَنْ يَتَّق اللهِ )) بأداء فرائضه واجتناب معاصيه ، ويصبر عمّا حرّم الله عليه ، قال ابن عباس : يتّق الزنا ويصبر على العزوبة ، مجاهد : يتّق معصية الله ويصبر على السجن ( فَإِنَّ اللهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ )”([65])
وقال القرطبي في تفسيره الجامع لأحكام القرآن : “( قال أنا يوسف ) أي أنا المظلوم والمراد قتله ، ولم يقل أنا هو تعظيما للقصة . ( قد من الله علينا ) أي بالنجاة والملك . ( إنه من يتق ويصبر ) أي يتق الله ويصبر على المصائب ، وعن المعاصي . ( فإن الله لا يضيع أجر المحسنين ) أي الصابرين في بلائه ، القائمين بطاعته”([66])
المناقشة
لا تخفى على كل مسلم ومسلمة قصة نبي الله يوسف (عليه السلام) وما فيها من حِكم ومواعظ كثيرة توجت بالصبر فليس من السهل على الانسان أن يرى اخوته يتآمرون عل قتله ومن ثم يلقونه في البئر ومن ثم يبيعونه بثمن بخس ومن ثم يتعرض للإبتزاز فإما أن يرتكب الزنا واما أن يُسجن وقد إختار السجن على أن يعصي الله جل وعلا ولكن بعد كل هذه المعاناة التي ذكرتها بإختصار شديد عوضه الله على صبره في الدنيا حيث اصبح وزيرا على خزائن الارض فمن سجين الى وزير وجمعه الله بأخيه ومن ثم بأبيه فهذه هي نتائج التقوى والصبر .
وسأكتفي بذكر هذين النبيين عليهما وعلى نبينا وآله افضل الصلاة واتم السلام وذلك لأني وكما اسلفت في التوطئة أن جميع الانبياء صبروا ولا ننسى بالأخص أنبياء أولي العزم ونبينا الكريم محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم حيث ذُكِرَ في الحديث أنه قال : (ما أوذي نبي قط كما
أوذيت)([67]) حيثُ إنه قد عانا ما عاناه في نشر الدعوة الاسلامية وقد صبر كما صبروا انبياء أولي العزم .
المطلب الثاني : الصابرون من غير الانبياء
توطئة
كما ذكرنا في المطلب السابق خلال التوطئة أن جميع الانبياء قد صبروا ولكن القرآن لم يقتصر على ذكر الانبياء والرسل فقط ولكن قد ذكر شخصيات من غير الانبياء والرسل مثل ام موسى عليه السلام ومريم بنت عمران عليها السلام وآسيا بنت مزاحم ولا ننسى صبر اصحاب الرسول المنتجبين الذين سطروا اروع أمثلة الصبر ولولا صبرهم لما كان اليوم للإسلام وجود .
قال تعالى في كتابه الكريم : (( فَأَجَآءَهَا ٱلۡمَخَاضُ إِلَىٰ جِذۡعِ ٱلنَّخۡلَةِ قَالَتۡ يَٰلَيۡتَنِي مِتُّ قَبۡلَ هَٰذَا وَكُنتُ نَسۡيٗا مَّنسِيّٗا ))([68])
قال محمد الشيرازي في تقريب القرآن الى الاذهان : “( فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ ) * أي ألجأها الطلق ، وهو وجع الولادة * ( إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ ) * لتستند إليها ، والجذع ساق النخلة ، وحيث فكرت في حالتها أخذت الدهشة منها كل مأخذ ، ولذا * ( قالَتْ يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا ) * الحادث قالت ذلك حياء وخجلا وتحيرا ، و « مت » بكسر الميم من « مات يميت » على وزن « تعب » ومن أخذه من « مات يموت » احتاج إلى التكلف * ( وكُنْتُ نَسْياً ) * أي ما من شأنه أن ينسى * ( مَنْسِيًّا ) * ذكري عند الناس لا يذكرني أحد ، وهناك جاءت بعيسى عليه السّلام وليدا كاملا جميلا”([69])
وقال ابن زمنين في تفسيره : ” قال قتادة : تعني شيئا لا يعرف ، ولا يذكر ؛ قالت هذا مما خشيت من الفضيحة . قال محمد : النسي في كلام العرب أصله الشيء الحقير ؛ الذي إذا ألقي
نسي غفلة عنه”([70])
المناقشة
يتضح لنا من الآية الكريمة ومن تفسيرها أن السيدة مريم العذراء قد واجهت أصعب ما قد تواجهه المرأة ألا وهو الشرف ولا يخفى علينا أنها كانت من بيت عُرف بالتدين والالتزام ووالدها عمران كان امام قومه لذلك عندا جاءت بعيسى عليه السلام بعد أن ولدته قالو لها كما ذكر في القرآن الكريم : ((يَٰٓأُخۡتَ هَٰرُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ ٱمۡرَأَ سَوۡءٖ وَمَا كَانَتۡ أُمُّكِ بَغِيّٗا))([71])
ولكنها ولأنها مؤمنة صَبَرَت وأيقنت بأن الله معها وفعلا ما إن خاطبوها قومها بهذا الكلام الا وجاء النصر من الله كما ذُكر في كتابه الكريم : ((فَأَشَارَتۡ إِلَيۡهِۖ قَالُواْ كَيۡفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي ٱلۡمَهۡدِ صَبِيّٗا (29) قَالَ إِنِّي عَبۡدُ ٱللَّهِ ءَاتَىٰنِيَ ٱلۡكِتَٰبَ وَجَعَلَنِي نَبِيّٗا (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيۡنَ مَا كُنتُ وَأَوۡصَٰنِي بِٱلصَّلَوٰةِ وَٱلزَّكَوٰةِ مَا دُمۡتُ حَيّٗا (31) وَبَرَّۢا بِوَٰلِدَتِي وَلَمۡ يَجۡعَلۡنِي جَبَّارٗا شَقِيّٗا (32) وَٱلسَّلَٰمُ عَلَيَّ يَوۡمَ وُلِدتُّ وَيَوۡمَ أَمُوتُ وَيَوۡمَ أُبۡعَثُ حَيّٗا))([72])
وهنا نُلاحظ آثار الصبر حيث أتى الفرج من الله وأنقذها من الموقف الصعب الذي كانت فيه كما وعدها وأي مولودٍ ولدت فقد ولدت عيسى عليه السلام لذا يجب علينا أن نتخذها قدوةً لنا هي وكل من ذكره الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم .
قال تعالى في كتابه الكريم : ((وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ ۖ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي ۖ إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ))([73])
قال الطوسي في تفسيره التبيان : “قال الزجاج : معنى (أوحينا إلى أم موسى) أعلمناها ، وقوله (فالقيه في اليم ) أمر من الله تعالى لام موسى انها إذا خافت على موسى من فرعون أن ترضعه وتطرحه في اليم . واليم البحر ، ويعني به النيل (ولا تخافي ولا تحزني ) نهي من الله تعالى لها من الخوف والحزن ، فإنه تعالى أراد أن ينزيل خوف أم موسى بما وعدها الله
من سلامته على أعظم الأمور في القائه في البحر الذي هو سبب الهلاك في ظاهر التقدير ، لولا لطف الله تعالى بحفظه حتى يرده إلى أمه . ووعدها بأنه يرده عليها بقوله (انا رادوه إليك) ووعدها أيضا بان يجعله من جملة الأنبياء المرسلين بقوله (وجاعلوه من المرسلين)”([74])
المناقشة
ولنا ان نتصور من خلال ما ورد في الآية الكريمة وتفسيرها حجم الصعوبة التي مرت بها ام موسى عليه السلام حيث أُمرت أن ترمي ابنها في النيل وهو طفلٌ رضيع فبمجرد أن نتصور الامر نشعر بهول المصيبة وصعوبتها البالغة ولكنها آمنت بما أوحي اليها وصدقت وفعلاً كانت نتيجة صبرها على رميه في النيل وفراقه أن أنقذه الله من الموت (حيث كان فرعون يقتل جميع الاطفال الذكور) وأرجعه اليها وجعله رسولاً لله ، وتتكرر القصص التي يذكرها الله سبحانه وتعالى لنا في كتابه الكريم كي تكون لنا عِبرةً و عِظة.
قال تعالى في كتابه الكريم : ((إِذۡ جَآءُوكُم مِّن فَوۡقِكُمۡ وَمِنۡ أَسۡفَلَ مِنكُمۡ وَإِذۡ زَاغَتِ ٱلۡأَبۡصَٰرُ وَبَلَغَتِ ٱلۡقُلُوبُ ٱلۡحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِٱللَّهِ ٱلظُّنُونَا۠ (10) هُنَالِكَ ٱبۡتُلِيَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَزُلۡزِلُواْ زِلۡزَالٗا شَدِيدٗا (11) وَإِذۡ يَقُولُ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ مَّا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥٓ إِلَّا غُرُورٗا))([75])
قال الطباطبائي في تفسيره الميزان : “والوصفان أعني زيغ الابصار وبلوغ القلوب الحناجر كنايتان عن كمال غشيان الخوف لهم حتى حولهم إلى حال المحتضر الذي يزيغ بصره وتبلغ روحه الحلقوم . وقوله : ( وتظنون بالله الظنونا ) أي يظن المنافقون والذين في قلوبهم مرض الظنون فبعضهم يقول : ان الكفار سيغلبون ويستولون على المدينة ، وبعضهم يقول : ان الاسلام سينمحق والدين سيضيع ، وبعضهم يقول : ان الجاهلية ستعود كما كانت ، وبعضهم يقول : ان الله غرهم ورسوله إلى غير ذلك من الظنون . قوله تعالى : ( هنالك ابتلى المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا ) هنالك إشارة بعيدة إلى زمان أو مكان والمراد الإشارة إلى زمان مجئ الجنود وكان شديدا عليهم لغاية بعيدة ، والابتلاء الامتحان ، والزلزلة والزلزال الاضطراب”([76])
المناقشة
أجمع المسلمون على أن هذه الآية نزلت في معركة الخندق أو (الاحزاب) حين اشتد القتال بين المسلمين والاحزاب وظن المسلمون بأنهم سيخسروا وقال المنافقون أن الله قد أخلف وعده لنا ولكن المؤمنين حقا قالو : ((وَلَمَّا رَءَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلۡأَحۡزَابَ قَالُواْ هَٰذَا مَا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ وَصَدَقَ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥۚ وَمَا زَادَهُمۡ إِلَّآ إِيمَٰنٗا وَتَسۡلِيمٗا))([77]) لأنهم يعلمون أن الله لا يخلف وعده وحاشا لله أن يخذل من صبر على الجهاد فانتصر المسلمون رغم قلتهم ورجعوا الكفار خاسرين مدحورين . وبما أن القرآن الكريم هو كتاب الله القائم الى يوم الساعة فلذلك نجد أن التاريخ يُعيد نفسه دائماً حيثُ أن اخواننا اليوم في غزة يتعرضون الى القتل والابادة والفارق كبير بينهم وبين العدو الصهيوني ولكننا نرى مدى عزمهم وشجاعتهم وصبرهم على فقدهم للأحبة كونهم يوقنون بأن الله سينصرهم ولو بعد حين ولكن المشكلة بالمنافقين الذين يطلق عليهم تسمية المسلمين والذين هادنوا الصهاينة بل وتبنوا فكرهم حتى اصبحوا منهم واصبحوا يقولون أن تحرير القُدس من المستحيلات لأنهم كالمنافقين في معركة الاحزاب ونسوا الحديث الشريف عن رسول الله (ص) : (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الايمان)([78])
و أي منكرٍ اكبر من قتل المسلمين أمام أنظارهم ولكنهم وصلوا لمرحلة حتى باللسان لا ينصرونهم بل تعدوا هذا كما أسلفت ليكونوا حتى في قلوبهم مع الصهاينة المُحتلين والعياذ بالله.
الخاتمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين ، أما بعد فقد تم إكمال البحث بتوفيقٍ من الله وليس لي الا أن اشكر الله على هذا التوفيق ، وقد خرجتُ من هذا البحث بمجموعة من النتائج والتوصيات .
النتائج :
- على الانسان بشكل عام والمسلم بشكل خاص أن يصبر على جميع الامور كي يستطيع أن يحققها .
- على الفرد المسلم أن يصبر على الابتلاءات ولا ييأس لأن اليأس من اخطر الامور التي يصاب بها المسلم .
- للصبر آثارٌ دنيوية واخروية فمن يصبر يعوضه الله في الدنيا والآخرة .
- نلاحظ كيف اخواننا في فلسطين رسموا للأمة الاسلامية اروع لوحةٍ للصبر حيثُ أن صبرهم فاق كل الحدود فنرى من يدفن طفله الرضيع وهو يحتسبه بكل صبر شهيدا عند الله .
- قد يسمي بعض الناس السكوت عن الحق والذل والمهانة صبرا وهذا من اعظم الاخطاء واكبر دليل على هذا الكلام ما نراه من سكوتٍ مخزٍ من قبل اغلب المسلمين لما يحدث لإخوانهم المسلمين في فلسطين .
التوصيات :
- ليس على الانسان أن يمل من الاختبارات في الحياة الدنيا وعليه أن يرى ما يقاسيه غيره من صعاب ويصبر ويحمد االله على كل شيء .
- على الباحثين والنقاد والخطباء أن يحثو على نصرة اخواننا في فلسطين ولا تأخذهم في الله لومة لائم ولا يخشوا من سلطان فالله احق ان يخشوه .
- إن هذا البحث ليس منتهى موضوع الصبر فأوصي الزملاء الباحثين بالبدء من حيث انتهيت ، وتناول مواضيع اخرى ايضا.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الخلق والمرسلين محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين .
قائمة المصادر والمراجع
القرآن الكريم
ابن فارس ، احمد بن فارس ، معجم مقاييس اللغة ، (بلا مكان) ، مكتبة الاعلام الاسلامي ، 1404 هـ .
ابن منظور ، محمد بن مكرم ، لسان العرب ، (بلا مكان ) ، أدب الحوزة ، 1405هـ .
الاستر آبادي ، محمد ابراهيم ، آيات الاحكام ، (بلا مكان) ، مكتبة المعراجي ، (بلا تاريخ) .
أويس كريم محمد ، المعجم الموضوعي لنهج البلاغة ، ط1 ، مشهد : مجمع البحوث الاسلامية ، 1408 هـ .
البحراني ، هاشم بن سليمان ، البرهان في تفسير القرآن ، (بلا مكان) ، (بلا تاريخ) .
الثعلبي ، احمد بن محمد ، الكشف والبيان عن تفسير القرآن ، ط1 ، بيروت : دار احياء التراث العربي ، 1422 هـ.
الجوهري ، اسماعيل بن حماد ، الصحاح ، ط4 ، بيروت : دار العلم للملايين ، 1407 هـ .
الحائري الطهراني ، مير سيد علي ، تفسير مقتنيات الدرر ، طهران : دار الكتب الاسلامية ، (بلا تاريخ) .
الحكيم ، محمد باقر ، دور أهل البيت ( ع ) في بناء الجماعة الصالحة ، ط2 ، المجمع العالمي لأهل البيت (ع) ، 1425 هـ .
الحويزي ، عبد علي بن جمعة ، تفسير نور الثقلين ، ط4 ، قم : مؤسسة اسماعيليان ، 1412 هـ .
الحيدري ، كمال باقر حسن ، العرفان الشيعي ، ط1 ، قم : ستاره ، 1429 هـ .
الخطيب ، عبد الكريم ، التفسير القرآني للقرآن ، القاهرة : دار الفكر العربي ، (بلا تاريخ) .
الخليل ، احمد الفراهيدي ، العين ، ط2 ، مؤسسة دار الهجرة ، بلا مكان ، 1410هـ.
الرازي ، محمد بن ابي بكر ، مختار الصحاح ، ط1 ، بيروت : دار الكتب العلمية ، 1415 هـ .
الزبيدي ، محمد بن عبد الرزاق ، تاج العروس ، بيروت : دار الفكر ، 1414هـ .
زمنين ، محمد بن عبد الله ، تفسير ابن زمنين ، ط1 ، القاهرة : الفاروق الحديثة ، 1423 هـ .
السبحاني ، جعفر بن محمد حسين ، التوحيد والشرك في القرآن ، (بلا مكان) ، (بلا تاريخ) .
السعدي ، عبد الرحمن بن ناصر ، تيسير الكريم الرحمن في كلام المنان ، بيروت : مؤسسة الرسالة ، 1421هـ.
السمر قندي ، ابو الليث ، تفسير السمر قندي ، بيروت : دار الفكر ، (بلا تاريخ) .
السمعاني ، منصور بن محمد ، تفسير السمعاني ، ط1 ، الرياض : دار الوطن ، 1418 هـ .
الشيرازي ، محمد الحسيني ، تقريب القرآن الى الاذهان ، ط1 ، بيروت : دار العلوم ، 1424 هـ .
الشيرازي ، ناصر مكارم ، الامثل في تفسير كتاب الله المنزل ، (بلا مكان ) ، (بلا تاريخ) .
الطباطبائي ، محمد حسين ، الميزان في تفسير القرآن ، قم : مؤسسة النشر الاسلامي ، (بلا تاريخ) .
الطبرسي ، الفضل بن الحسن ، تفسير مجمع البيان ، ط1 ، بيروت : مؤسسة الاعلمي للمطبوعات ، 1415 هـ.
الطبري ، محمد بن جرير ، جامع البيان عن تأويل آي القرآن ، بيروت : دار الفكر للطباعة والنشر ، 1415 هـ.
الطريحي ، فخر الدين ، تفسير غريب القرآن ، قم : انتشارات زاهادي ، (بدون تاريخ) .
طنطاوي ، محمد سيد عطية ، التفسير الوسيط للقرآن الكريم ، (بلا مكان) ، (بلا تاريخ) .
الطوسي ، محمد بن الحسن، التبيان في تفسير القرآن، ط1، (بلا مكان) ، مكتب الاعلام الاسلامي،1409هـ.
علي النمازي ، الشاهرودي ، مستدرك سفينة البحار ، قم : مؤسسة النشر الاسلامي ، 1419 هـ .
العيني ، بدر الدين ، عمدة القاري ، بيروت : دار احياء التراث العربي ، (بلا تاريخ) .
الفيروز آبادي ، محمد بن يعقوب ، القاموس المحيط ، (بلا مكان) ، (بلا تاريخ) .
الفيض الكاشاني ، محمد محسن ، التفسير الصافي ، ط2 ، قم : مؤسسة الهادي ، 1416 هـ .
القرطبي ، محمد بن احمد ، الجامع لأحكام القرآن ، بيروت : دار احياء التراث العربي ، 1405 هـ .
الكاشاني ، فتح الله ، زبدة التفاسير ، ط1 ، قم : مؤسسة المعارف الاسلامية ، 1423 هـ .
المجلسي ، محمد تقي ، بحار الانوار ، ط3 ، بيروت : دار احياء التراث العربي ، 1403 هـ .
المصطفوي ، حسن محمد ، التحقيق في كلمات القرآن الكريم ، ط1 ، (بلا مكان) ، 1417 هـ .
معرفة ، محمد هادي ، التفسير الاثري الجامع ، ط1 ، قم : مؤسسة التمهيد ، (بلا تاريخ) .
مغنية ، محمد جواد ، التفسير الكاشف ، ط3 ، بيروت : دار العلم للملايين ، 1400 هـ .
مغنية ، محمد جواد ، التفسير المبين ، ط2 ، (بلا مكان ) ، مؤسسة دار الكتاب الاسلامي ، 1403 هـ .
مغنية ، محمد جواد ، في ظلال نهج البلاغة ، ط1 ، (بدون مكان) ، كلمة الحق ، 1427 هـ .
النيسابوري ، مسلم بن الحجاج ، صحيح مسلم ، بيروت : دار الفكر ، (بلا سنة) .
الهاشمي ، حبيب الله ، منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة ، ط4 ، طهران : المطبعة الاسلامية ، (بلا تاريخ) .
Margins:
-
محمد بن عبد الرزاق الزبيدي ، تاج العروس ، ج7، ص70. ↑
-
الخليل بن احمد الفراهيدي ، العين ، ج7 ، ص115. ↑
-
محمد بن مكرم بن منظور ، لسان العرب ، ج4، ص438 ↑
-
احمد بن فارس بن زكريا ، معجم مقاييس اللغة ، ج3، ص329. ↑
-
الخليل بن احمد الفراهيدي ، المصدر السابق ، ج8 ، ص236-237. ↑
-
محمد بن عبد الرزاق الزبيدي ، المصدر السابق ، ج6، ص6. ↑
-
محمد بن مكرم بن منظور ، المصدر السابق ، ج4، ص5. ↑
-
محمد بن ابي بكر الرازي ، الصحاح ، ص11. ↑
-
محمد بن مكرم بن منظور ، المصدر السابق ، ج12، ص498. ↑
-
محمد بن ابي بكر الرازي، المصدر السابق ، ص286. ↑
-
محمد بن عبد الرزاق الزبيدي ، المصدر السابق ، ج17، ص592. ↑
-
الخليل بن احمد الفراهيدي ، المصدر السابق ، ج8، ص427. ↑
-
محمد بن مكرم بن منظور ، المصدر السابق ، ج12، ص24. ↑
-
محمد تقي المجلسي ،بحار الانوار ، ج68، ص413. ↑
-
حبيب الله الهاشمي الخوئي ، منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة ، ج21، ص213. ↑
-
محمد جواد مغنية ، في ظلال نهج البلاغة ، ج4، ص265. ↑
-
علي النمازي الشاهرودي ، مستدرك سفينة البحار ، ج6 ، ص149. ↑
-
محمد بن يعقوب الفيروز آبادي ، القاموس المحيط ، ج1 ، ص12. ↑
-
بدر الدين العيني ، عمدة القاري ، ج25 ، ص29. ↑
-
منصور بن محمد السمعاني ، تفسير السمعاني ، ج5 ، ص49. ↑
-
محمد حسين الطباطبائي ، الميزان في تفسير القرآن ، ج16 ، ص72. ↑
-
محمد بن الحسين الموسوي الشريف الرضي ، حقائق التأويل ، ص224. ↑
-
سورة البقرة ، الآية 45. ↑
-
غتح الله الكاشاني ، زبدة التفاسير ، ج1 ، ص140-141. ↑
-
محمد ابراهيم الاسترآبادي ، آيات الاحكام ، ص286. ↑
-
هاشم بن سليمان البحراني ، البرهان في تفسير القرآن ، ج1 ، ص208 . ↑
-
سورة البقرة ، الآية 155-157. ↑
-
عبد علي بن جمعة الحويزي ، تفسير نور الثقلين ، ج1 ، ص142. ↑
-
محمد جواد مغنية ، التفسير المبين ، ص30. ↑
-
محمد حسين الطباطبائي ، المصدر السابق ، ج1 ، ص353. ↑
-
سورة الشورى ، الآية 43. ↑
-
( الامثل في كتاب الله المنزل ، ج15 ، ص564-465. ) ناصر مكارم الشيرازي. ↑
-
محمد بن جرير الطبري ، جامع البيان عن تأويل آي القرآن ، ج25، ص52. ↑
-
ابو الليث السمر قندي ، تفسير السمر قندي ، ج3 ، ص235. ↑
-
اويس كريم محمد ، المعجم الموضوعي لنهج البلاغة ، ص309. ↑
-
محمد باقر الحكيم ، دور اهل البيت في بناء الجماعة الصالحة ، ج1، ص186 – 187. ↑
-
كمال باقر حسن الحيدري ، العرفان الشيعي ، ص266-267. ↑
-
عبد الكريم الخطيب ، االتفسير القرآني للقرآن ، ج1، ص174. ↑
-
محمد هادي معرفة ، التفسير الاثري الجامع ، ج4، ص222. ↑
-
محمد جواد مغنية ، في ظلال نهج البلاغة ، ج4، ص217. ↑
-
سورة محمد ، الآية31. ↑
-
الفضل بن الحسن الطبرسي ، مجمع البيان ، ج9، ص178. ↑
-
محمد محسن بن مرتضى الكاشاني ، التفسير الصافي ، ج5، ص30. ↑
-
مير سيد علي الحائري الطهراني ، تفسير مقتنيات الدرر ، ج10، ص155. ↑
-
محمد حسين الطباطبائي ، المصدر السابق ، ج18، ص243. ↑
-
سورة البقرة ، الآية 155. ↑
-
سورة الانفال ، الآية 65-66. ↑
-
() محمد جواد مغنية ، االتفسير الكاشف ، ج3، ص505. ↑
-
محمد حسين الطباطبائي ، المصدر السابق ، ج9، ص122. ↑
-
محمد جواد مغنية ، المصدر السابق، ج3، ص49. ↑
-
() سورة الفرقان ، الآية 75. ↑
-
فخر الدين الطريحي ، تفسير غريب القرآن ، ص401. ↑
-
حسن محمد المصطفوي ، التحقيق في كلمات القرآن الكريم ، ج7، ص210. ↑
-
() منصور بن محمد السمعاني ، المصدر السابق ، ج4 ، ص36. ↑
-
اسماعيل بن حماد الجوهري ، المصدر السابق ، ج2، ص781. ↑
-
سورة الزمر ، الآية 10. ↑
-
محمد سيد عطية طنطاوي ، التفسير الوسيط للقرآن الكريم ، ج12، ص204. ↑
-
عبد الرحمن بن ناصر السعدي ، تيسير الكريم الرحمن في كلام المنان ، ص721. ↑
-
محمد سيد محمد طنطاوي ، المصدر السابق ، ج12، ص204. ↑
-
سورة ص ، الآية 44. ↑
-
محمد حسين الطباطبائي ، المصدر السابق ، ج8، ص364. ↑
-
اسماعيل بن حماد الجوهري ، المصدر السابق ، ج2، ص781. ↑
-
سورة يوسف ، الآية 90. ↑
-
فتح الله الكاشاني ، المصدر السابق ، ج3، ص408-409. ↑
-
احمد بن محمد الثعلبي ، الكشف والبيان عن تفسير القرآن ، ج5، ص253. ↑
-
محمد بن احمد القرطبي ، الجامع لأحكام القرآن ، ج9، ص256. ↑
-
جعفر بن محمد حسين السبحاني ، التوحيد والشرك في القرآن ، ص220. ↑
-
سورة مريم ، الآية 23. ↑
-
محمد الحسيني الشيرازي ، ج3 ، ص436. ↑
-
محمد بن عبد الله بن ابي زمنين ، تفسير القرآن الكريم ، ج3، ص92. ↑
-
سورة مريم ، الآية 28. ↑
-
سورة مريم ، الآية 29-33. ↑
-
سورة القصص ، الآية 7. ↑
-
محمد بن الحسن الطوسي ، المصدر السابق ، ج8 ، ص131-132. ↑
-
سورة الحزاب ، الآية 10-12. ↑
-
محمد حسين الطباطبائي ، المصدر السابق ، ج16، ص285-286. ↑
-
سورة الاحزاب ، الآية 22. ↑
-
مسلم بن الحجاج النيسابوري ، صحيح مسلم ، ج1، ص50. ↑