حماية المقدسات – دراسة تطبيقية بين الشرائع السماوية
محمد علي صالح جمعه1
1 الجامعة الأسمرية الإسلامية، كلية الدراسات الإسلامية، سبها، ليبيا.
Email: ly78373@gmail.com
HNSJ, 2024, 5(12); https://doi.org/10.53796/hnsj512/27
تاريخ النشر: 01/12/2024م تاريخ القبول: 15/11/2024م
Citation Method
المستخلص
من المعلوم أن أصول الأديان السماوية تدعوا إلى تنزيه الله سبحانه وتقديسيه وإفراده بالعبادة، فالله نفسه سمَّى نفسه القدوس ومعناه المنزّه عمّا لا يليق به، والطّاهر من كلّ عيب ونقص، كما نصَّت الأديان السماوية على أن للأنبياء والمرسلين قدستهم في كونهم معصومين من الخطأ وارتكاب المحرمات، وأيضاً الكتب التي نزلت من عند الله تعالى تعتبر من المقدسات التي يجب الحفاظ عليها وعدم المساس بجوهرها، غير أن الناظر إلى هذه الأديان السماوية يجد أن هناك اختلاف واضح وجلي بين أتباعها في النظر للمقدسات فمنهم من قابل هذه المقدسات بالإيمان والإذعان، ومنهم من تعدّى على تلك المقدسات.
وتكمن إشكالية الدراسة في التالي:
- ما هو مفهوم المقدسات بين الأديان السماوية؟
- ما هو منهج الأديان السماوية في حماية المقدسات؟
- هل الأديان السماوية رتبت عقوبات وحدود في حرمة التعدي على المقدسات؟
ويتطلع الباحث من خلال هذا البحث إلى تحقيق جملة من الأهداف وهي:
- بيان أن هناك تفاوت في مفهوم القدسية بين أتباع الأديان السماوية.
- الوقوف على النصوص المقدسة من التوراة والإنجيل والقرآن والتي تحرم المساس بالمقدسات.
- بيان أن الأديان السماوية حرمة التعدي على المقدسات.
أما عن منهج الدراسة فإن الباحث سيستخدم منهجين وهما: المنهج الوصفي التحليلي، والمنهج الاستدلالي، بغية الوصول إلى تحقيق أهداف البحث.
وجاءت الدراسة مشتملة على ثلاثة مباحث ومطالب، والخاتمة بها أهم النتائج والتوصيات التي توصل إليها الباحث.
Protection of the Holy Places – An Applied Study between Heavenly Laws
Published at 01/12/2024 Accepted at 15/11/2024
Abstract
It is known that the origins of the heavenly religions calls for God’s honor and appreciation.
And his members worship, God Himself called Himself the holy which means exalted. Refrain from what does not befit Him.
The one who is pure from every defect and deficiency, as the heavenly religions stated that the prophets and the messengers were infallible
From mistakes and committing forbidden things. The books revealed from God Almighty are considered sacred and must be preserved.
And their essence must not be violated, but who looks at these heavenly religions finds a clear difference among its followers some of them met these sacred things with supplication, and some of them are ungrateful to those sacred things.
The problem of the study lies in the following:
1- What is the concept of sacred things among heavenly religions?
2- What is the curriculum of the heavenly religions in protecting the sacred?
3-Do the heavenly religions arranged punishments and limits regarding the prohibition of violating the sacred things?
Through this study, the researcher seeks to achieve a number of goals, which are:
1- Explaining that there is a difference in the concept of sanctity among followers of heavenly religions.
2- Identify the sacred texts of the Torah, the Bible, and the Qur’an that are forbidden
Violating the sacred.
3- A clear statement show that the religions was forbidden to violate sacred things.
As for the study methodology, the researcher will use two approaches: the descriptive approach
Analytical and deductive approaches, in order to achieve the research objectives.
The study included:- three chapters and demands, and the conclusion contains the most important results and the recommendations reached by the researcher.
المقدمة
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي المصطفى وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.
أما بعد:
فتنزيه الله وإفراده بالعبادة، وعصمة الأنبياء والرسل وطهارتهم، والعمل بما جاء في الكتب السماوية يعتبر كل من المقدسات التي يجب حمايتها والدفاع عنها.
غير أن تلك المقدسات في بعض الأديان اعتراها التبديل والتحريف، وذلك بسبب أن هناك فريق اعتنق تلك الأديان السماوية تقيةً من غير إيمان كامل ولا اقتناع، فعملوا على الهدم والتخريب فيها، فأحلوا الحرام، وحرموا الحلال، وافتروا على الله الكذب، واعتدوا على الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام، فنفوا عنهم العصمة، ونصبوا أنفسهم أرباباً من دون الله، ونسبوا لله صفات لا تليق بجلاله سبحانه، وظنوا أن المنهج الإلهي لا يتلاءم مع البشر ولا يحفظ كرامة الإنسان، ولهذا رفضوا كل الأديان السماوية، وراحوا يبحثون عن تشريعات من صنع الفكر الإنساني، وطبقوها على أنها نصوص مقدسة.
أهمية البحث:
تكمن أهمية البحث في كونه يستمد أهميته من أهمية موضوعه، والزمان الذي يكتب فيه، فموضوع البحث متعلق بحماية المقدسات التي هي الأساس لقبول الأعمال، وفي هذا الزمان تتعرض فيه المقدسات الإسلامية إلى السخرية والاستهزاء، فتارةً بالقدح في شخص النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- من قبل بعض الجرائد العالمية بدعوى حرية الفكر والمعتقد كما تعرض الأنبياء والمرسلين لمثل ذلك من قبل، وتارةً أخرى بإحراق المصحف والتعدي عليه.
إشكالية البحث:
تبرز إشكالية البحث في التالي:
- ما هو مفهوم المقدسات بين الأديان السماوية؟
- ما هو منهج الأديان السماوية في حماية المقدسات؟
- هل الأديان السماوية رتبت عقوبات وحدود في حرمة التعدي على المقدسات؟
الهدف من اختيار هذه البحث:
- بيان أن هناك تفاوت في مفهوم القدسية بين أتباع الأديان السماوية.
- الوقوف على النصوص المقدسة من التوراة والإنجيل والقرآن والتي تحرم المساس بالمقدسات.
- بيان أن الأديان السماوية حرمة التعدي على المقدسات.
منهج البحث:
فإن الباحث سيستخدم منهجين وهما: المنهج الوصفي التحليلي، والمنهج الاستدلالي، بغية الوصول إلى تحقيق أهداف البحث.
هيكلية البحث:
يتضمن البحث ثلاثة مباحث ومطالب وهي على النحو التالي:
المبحث الأول: مفهوم القدسية بين أتباع الأديان السماوية.
المطلب الأول: مفهوم المقدسات عند اليهود.
المطلب الثاني: مفهوم المقدسات في الديانة المسيحية.
المطلب الثالث: مفهوم المقدسات في الإسلام.
المبحث الثاني: منهج الأديان السماوية في حماية المقدسات.
المطلب الأول: منهج الديانة اليهودية في حماية المقدسات.
المطلب الثاني: منهج الديانة المسيحية في حماية المقدسات.
المطلب الثالث: منهج الدين الإسلامي في حماية المقدسات.
المبحث الثالث: حرمة التعدي على المقدسات في الأديان السماوية.
المطلب الأول: حرمة التعدي على المقدسات في التوراة.
المطلب الثاني: حرمة التعدي على المقدسات في الإنجيل.
المطلب الثالث: حرمة التعدي على المقدسات في القرآن الكريم.
وختمته بخاتمة بها أهم النتائج والتوصيات التي توصل إليها الباحث.
والله وليُّ التوفيق.
المبحث الأول: مفهوم المقدسات بين الأديان السماوية.
يتغاير ويختلف مفهوم القُدسية بين أتباع الأديان السماوية، فكل أتباع ديانة له منظوره الخاص لمفهوم القُدسية والمقدسات، وهذا ما سنبينه في هذا البحث.
المطلب الأول: مفهوم المقدسات عند اليهود.
يتمحور مفهوم المقدسات عند اليهود في التوراة وأيضاً مجموعة من المصادر الأخرى التي أضفى عليها اليهود طابع القداسة، ويستمدون منها التوجيه في الأحكام والتشريعات والعبادات، وهذه المصادر المقدسة هي:
أولاً : التشريع السماوي.
تُعد التوراة الكتاب السماوي المقدس الذي جاء به موسى عليه السلام لبني إسرائيل، والذي ينص على تنزيه الله، وإفراده بالعبادة، جاء في القرآن الكريم قوله تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ﴾[1]1.
وقال عزوجل: ﴿وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾[2]2.
وبين المولى سبحانه أن أهل الكتاب -اليهود والنصارى- ليس لهم حظ في التشريع السماوي إذا لم يُقيموا التوراة والإنجيل، ويعملوا بما جاء فيهما، قال تعالى: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ﴾[3]3.
وفي القرآن الكريم هناك آيات كثيرة تدل دلالة واضحة على أن اليهود لو تمسكوا بالتوراة لَصَلُح حالهم ومعادهم، ومن تلك الآيات قوله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ﴾.[4]4
وأيضاً ذكر المولى عزو جل في القرآن بعضاً مما فرضه على بني إسرائيل من أحكام، ومن ذلك قوله تعالى:
﴿وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾.[5]5
وقال تعالى مخاطباً نبيه موسى -عليه السلام-: ﴿وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ﴾[6]1.
وغيرها من الدلائل التي تشير إلى أن اليهود ليس لهم كتاب سماوي أعظم قداسة من التوراة التي جاء بها موسى عليه السلام، غير أن اليهود لم يهتدوا بالتوراة المنزلة إليهم، واعتدوا على قدسيتها وأخرجوها من مضمونها الإلهي.
فأحبار اليهود حرفوا التوراة تحريفاً لفظياً، وزالوا عنها القدسية السماوية، وذلك بالزيادة في مواضع، والحذف والنقص في مواضع أخرى تبعاً لأهوائهم ومصالحهم ورفعاً لشأنهم بين الأمم[7]2.
وفي المقابل وضع اليهود كتاب توراة جديد يحتوي علي تسعة وثلاثون سفراً، أُطلق عليها في العصور المسيحية اسم (العهد القديم)، للتفرقة بينها وبين ما اعتمده المسيحيون من أسفارهم التي أطلق عليها اسم ( العهد الجديد)، واعتبروا هذه الأسفار التسعة والثلاثون أسفاراً مقدسة أي موحى بها[8]3.
ويطلقون على خمسة منها إطلاقاً حقيقاً اسم التوراة، أو كتب موسى لأنها – في زعمهم – أنزلها الله على موسى – عليه السلام – وكتبها بنفسه[9]4.
وهذه الأسفار الخمسة هي: سفر التكوين، وسفر الخروج، وسفر اللاويين، وسفر العدد، وسفر التثنية [10]5.
ثانياً: التشريع الوضعي.
فلمّا حرف الأحبار والرهبان التوراة ونصبوا أنفسهم أربابا من دون الله، وجعلوا الناس يقتدون بهم، ويأتمرون بأمرهم، ويأخذون منهم الأحكام التشريعية، تطاولت أيدهم مرة أخرى على القدسية الإلهية، ونسجوا كتباً على أهوائهم وأضفوا عليها طابع القدسية، وأوهموا أتباعهم بأنها منزلة من عند الله، ولا تقل شأناً وقداسةً عن التوراة، وهذه الكتب التي وضعها كبار الحاخامات هي:
- التلمود.
تعني كلمة تلمود: الكتاب الذي يحتوي على التعاليم اليهودية الشفوية، أو بعبارة أكثر تحديداً: هو الكتاب العقائدي الذي يفسر ويبسط كل معارف الشعب الإسرائيلي وتعاليمه وقوانينه الأخلاقية وآدابه[11]6.
يقول الدكتور أوجست روهلينج: ( أن اليهود يعتبرون أن التلمود أعظم قداسة من التوراة)[12]1.
ويرى بعض اليهود أنه لا خلاص لمن ترك التلمود واشتغل بالتوراة، وأن أقوال علماء التلمود أفضل من شريعة التوراة، وقد بلغ بهم الكفر إلى أن قالوا: إن الله يستشير – عياذاً بالله- الحاخامات عندما توجد مسألة لا يمكن حلها في السماء، ومن يخالف أقوال الحاخامات يعاقب بالقتل، أما من يخالف شريعة التوراة فإنه قد تغفر خطيئته[13]2.
- بروتوكولات حكماء صهيون[14]3.
بروتوكولات معناها محاضر جلسات، ويسميها بعض الباحثين قرارات، وعددها أربعة وعشرون، وتهدف إلى تثبيت الاعتقاد أن اليهود هم شعب الله المختار، وضرورة إقامة وحدة عالمية تخضع لسلطان اليهود وتريدها حكومة يهودية[15]4.
فهده الفكرة – شعب الله المختار- مع ما تحمل من مس لكرامة الشعوب الأخرى فإنها تشجع معتنقيها على العدوان واستغلال الغير والاستهانة بالمعاصي والآثام اتكالاً على هذا التفضيل[16]5.
يقول الدكتور عبدالرحمن الدوسري: (أنه على مر التاريخ كان زعماء اليهود يدفعون بقرارتهم لتصير جزءً من الأسفار المقدسة)[17]6.
فهده المصادر باختصار مع التوراة المحرفة تُعد من المقدسات في المفهوم اليهودي، ويستمدون منها تشريعاتهم، مع علمهم أنها ليست لها قُدسية إلهية، ولم يأتي بها موسى عليه السلام، وإنما هي من صنع الفكر الإنساني.
المطلب الثاني: مفهوم المقدسات عند النصارى.
أولاً: التشريع السماوي.
يُعد الإنجيل الكتاب السماوي المقدس الذي أنزله المولى سبحانه على نبيه عيسى عليه السلام لإرشاد بني إسرائيل إلى طريق الحق بعد انحرافهم وضلالهم عن تعاليم موسى عليه السلام، قال تعالى:﴿ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ﴾[18]1.
وقال سبحانه في آية أخرى:﴿وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ﴾[19]2.
كما ذكر القرآن أن المسيح عليه السلام صدّق برسالة موسى، واعترف بالتوراة، ولكنه جاء ليبين لهم بعض الذي حُرِّم عليه، وما أحله الله لهم بما يوافق زمانهم وحياتهم[20]3، قال تعالى: ﴿وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ﴾[21]4.
وفي القرآن الكريم ذكر المولى عوجل أنه أرسل نبيه عيسى بالبينات الواضحات من الأدلة بُغية الامتثال لأوامر الله واجتناب نواهيه، قال تعالى في القرآن الكريم: ﴿وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ﴾[22]5.
وأمر المولى سبحانه بني إسرائيل بالعمل بما جاء في الإنجيل، قال عز وجل:﴿وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾[23]6.
فمن هذه الآيات الباهرات وغيرها، يتبين لنا جوهر الإنجيل الحقيقي الذي أنزل من عند الله سبحانه، فليس فيه تعقيدٌ في المعاني ولا ركاكةٌ في الأسلوب كما هو موجود اليوم.
ومن المتفق عليه أن الإنجيل الذي جاء به المسيح عيسى عليه السلام، كان يحوي على التعاليم التي تشير إلى حقائق البُشرى، وتم نقل تلك البُشرى مشافهتاً بين تلاميذه، فلم يكتب إنجيلاً في حياته، ولم يطلب من أتباعه أن يكتبوا[24]7.
وما حدث بعد رفعه – عليه السلام- من خروج أربعة أناجيل وهي: متى، ويوحنا، ومرقص، ولوقا، والادعاء على أنها منزلة من عند الله تعالى، هو نتاج التحريف والتبديل الذي هو ديدن اليهود على مر العصور والأزمان.
يقول نبيل بو خاروف: (أن هذه الكتب الأربعة لم تنزل على المسيح عليه السلام، ولم يكتب شيء منها في حياته، كما لم يصدر عنه إقرار لها أو يبدي ملاحظاته عليها، كما هي لا تحمل اسمه، وفيها اختلافات في الروايات بعضها عن بعض في حوادث الزمان والمكان)[25]1.
ثانياً: التشريع الوضعي.
عندما فُقد جوهر الإنجيل الذي جاء به عيسى عليه السلام، استوعب كبار رجال المسيحية حجم التلاشي الذي سيقع بين أتباع الديانة إذا لم يستدركوا الموقف، فعمدوا إلى عقد عدة اجتماعات دينية الهدف منها بلورت النصوص المتبقية على أنها وحي، ووضعها في قالب القدسية، وإخراجها للناس على أنها منزلة من عند الله تعالى.
يقول الدكتور عرفان عبدالحميد: ( إن المسيحية لم تعرف كتاباً مقدساً معترفاً به، مجمعاً عليه إلا بعد مضي قرنين من الزمن على ظهور المسيح عيسى علبه السلام، حيث انتهت الكنيسة إلى اختيار الأناجيل الأربعة المعتبرة، وحملت أتباعها على قبولها ورفضت غيره، فصارت هذه الأناجيل هي المقدسة)[26]2.
فليس للنصارى أي كتاب يعظمونه بعد التوراة المحرفة والأناجيل الأربعة الموضوعة والمنسوبة للمسيح، ويطلقون عليها اسم الكتاب المقدس[27]3.
وهذه الأناجيل الأربعة هي: إنجيل يوحنا، وإنجيل مرقص، وإنجيل متى، وإنجيل لوقا[28]4.
ومن الملاحظ أن هذه الأناجيل كتبت ثم نسبت إلى أشخاص ماتوا أو قتلوا قبل التواريخ المقررة لها بعشرات السنين، مثال ذلك ما ينسب من رسائل إلى بطرس وبولس، ورؤيا يوحنا، وهي الرؤى التي رآها يوحنا اللاهوتي في اليقظة[29]1، وأيضاً الأناجيل المنسوبة إلى متى، والاثني عشر، وبرنابا، ونيقوديموس، وغيرها كثير[30]2، وتسمى هذه الرسائل بمذكرات الرسل أو بأعمال الرسل[31]3.
كما يرى كبار رجال المسحية أن المشاورات التي جاءت في المجامع النصرانية تعتبر من المقدسات التي يُستند إليها، وجعلوها مصدراً من مصادر التشريع، وهذه المجامع عبارة عن هيئات شورية في الكنيسة كما يزعم النصارى، تبحث في الأمور المتعلقة بالديانة النصرانية وأحوال الكنائس، وهي نوعان من المجامع، مجامع محلية، ومجامع مسكونية بمعنى عالمي[32]4.
والخلاصة أنه بعد رفع المسيح عليه السلام، عَمِدَ كبار رجال الديانة المسيحية إلى التحريف والتبديل، فنسبوا إلى الإنجيل نصوصاً ليست من جوهره فقدموا وأخروا فيها، واعتمدوها على أنها مقدسة وموحى بها من عند الله، وأصبحت تلك الكتابات مقدسة وتشكل مصدراً مهماً من مصادر المسيحية.
المطلب الثالث: مفهوم المقدسات عند المسلمين.
إن مفهوم المقدسات عند المسلمون مغاير تماماً للمفهوم اليهودي والمسيحي، فالمسلمون في عقيدتهم يؤمنون بأن تقديس الله تعالى وتنزيهه وإفراده بالعبادة، وعصمة الأنبياء والمرسلين وما جاؤوا به من شرائع وكتب كل ذلك يعتبر من المقدسات التي يجب الإيمان بها والدفاع عنها وعدم المساس بها.
فالقرآن الكريم الذي جاء به النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- يعتبر عند المسلمين مقدس ويجب الحافظ عليه لعلهم أنه منزلٌ من عند الله تعالى، قال سبحانه: ﴿الم ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾[33]1، أي: ذلك القرآن هو الكتاب العظيم الذي لا شَكَّ أنه من عند الله، فلا يصح أن يرتاب فيه أحد لوضوحه، ينتفع به المتقون بالعلم النافع والعمل الصالح وهم الذين يخافون الله، ويتبعون أحكامه[34]2.
وقوله تعالى: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا﴾[35]3.
وقال سبحانه: ﴿طه مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى﴾[36]4.
كما أصّل المولى تبارك وتعالى لمبدأ الإيمان بالأنبياء والمرسلين والكتب التي نزلت من عنده، ورتب على ذلك الإيمان الفلاح والنجاة فقال سبحانه: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ﴾[37]5.
بل جعل المولى سبحانه ذلك من صميم عقيدة الإيمان به، فقال سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدً﴾[38]6.
فاليهود والنصارى الذين يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض إيمانهم لا يعتد به، إذ الكفر بكتاب أو برسول كفر بالكل؛ لأنه لو آمن إيمانا صحيحا بنبيه وكتابه لما كفر بمحمد المبشر به عندهم[39]7.
كما أرشد المولى سبحانه عباده إلى عدم التفريق بين رسل الله، فقال سبحانه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾[40]1.
فأساس التقديس عند المسلمين أنه يثبت وجود الله عز وجل، ويؤول الصفات التي توهم أعضاء لله عز وجل والمذكورة في القرآن الكريم، كاليد والرجل والعين والأذن، ويؤول الصفات التي توهم أفعالاً لله عز وجل تليق بغيره ولا تليق به، كالغضب والسخط والمكر والاستحياء[41]2، وكمال تقديسهم لذلك مبني على قاعدة وهي قوله تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾[42]3.
كما أن عصمة الأنبياء والرسل عليهم السلام من الخلل والزلل، ومن التبديل والتحريف، أو الزيادة والنقصان فيما أُوكل إليهم من ربهم يعتبر عند المسلمين من المقدسات، فليس هناك مسلم على وجه البسيطة يطعن في نبوة نبي، أو يقدح في سيرة رسول مرسل.
ففي القرآن الكريم تجد شهادة رب العزة لأنبيائه ورسله- عليهم الصلاة والسلام- بعصمتهم من الصغائر والكبائر في سلوكهم، قال تعالى: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾[43]4.
والخلاصة أن مفهوم المقدسات عند المسلمين قائمٌ على الاتباع والتسليم والإيمان بكل ما نزل من عند الله تعالى دون المساس بها، فالقرآن الكريم من المقدسات التي يجب المحافظة عليه من الزيادة والنقصان والتبديل والتحريف، وأيضاً عصمة الأنبياء والمرسلين من المقدسات التي تستوجب عدم الطعن في الأنبياء والمرسلين أو الخدش في كرامتهم، أو تجريحهم وإلصاق التهم بهم.
المبحث الثاني: لمحة تاريخية عن مناهج الأديان السماوية في حماية المقدسات.
المطلب الأول: منهج اليهود في حماية المقدسات.
تُعد الديانة اليهودية الديانة السماوية الأولى، حيث غرست في نفوس أتباعها منهج مفاده اعتبار المصلحة القومية، وقواعد العناية بالشعب ومصيره، ونادت بالجزاء على الفضيلة، والعقاب على الرذيلة، هذا كان في أصولها الأولى، لكن نظراً لما طالها من تحريف وتبديل في نصوصها، أصبح اليهود يفضلون أنفسهم على سائر الأمم الأخرى، ويعتبرون أنفسهم شعب الله المختار.
فالمتأمل في منهج اليهود في حماية المقدسات يجد أنه قائم على القومية[44]1 والرهبانية[45]2.
فقد وردت فقرات في الأسفار الخمسة المنسوبة لموسى عليه السلام وفي التلمود أيضاً نصوص كثيرة تبين المنهج المتبع عند اليهود في التعامل مع المقدسات كتزيه الله سبحانه، وكتبه المقدسة التي أنزلها، وأيضاً عصمة الأنبياء عليهم السلام.
أولاً: نصوص من التوراة في وصف الله والأنبياء.
يزعم اليهود أن الله تعب: جاء في سفر التكوين: (وأنه خلقها في ستة أيام واستراح في اليوم السابع (فأكملت السماوات والأرض وكل جندها، وفرغ الله في اليوم السابع من عمله الذي عمل، فاستراح في اليوم السابع من جميع عمله الذي عمل الله خالقا)[46]3.
يقول الدكتور فتحي الزغبي: (إن زعم كاتب هذه الرواية بأن الرب قد استراح لا يتفق مع تنزيه الله عز وجل وتقديسيه، وهذا مما تأثر به اليهود من الديانات القديمة من منطلق التصورات الوثنية للإله حيث يرونه يأكل ويشرب ويستريح ويتعب[47]4.
ومما جاء في التوراة تشنيع اليهود على الأنبياء والرسل ورميهم بأقبح الصفات حيث وصفت نبي الله داود بأنه (زني بزوجة قائد أوريا الحثي وحبلت منه…) [48]1 .
وتذكر التوراة أن نبي الله موسى قد أمر بني إسرائيل بالسرقة من المصريين، حيث جاء في سفر الخروج: (… فيكون حينما تمضون أنكم لا تمضون فارغين، بل تطلب كل امرأة من جارتها المصرية ومن نزيلة بيتها أمتعة فضة، وأمتعة ذهب، وثياباً، وتضعونها على بينكم وبناتكم فتسلبون المصريين)[49]2.
وتذكر التوراة أيضاً أن لوطاً شرب الخمر زنى بابنتيه، جاء في سفر التكوين: ( وصعد لوطاً من صوغر وسكن في الجبل وابنتاه معه، لأنه خاف أن يسكن في صوغر، فسكن في المغارة هو وابنتاه. وقالت البكر للصغيرة: أبونا قد شاخ، وليس في الأرض رجل ليدخل علينا كعادة كل الأرض، هلم نسقي أبانا خمراً ونضطجع معه، فنحي من أبينا نسلاً)[50]3.
وجاء في التوراة أيضاً أن يعقوب يصارع الله[51]4.
وما قامت وتقوم به صحيفة شارلي إيبدو[52]5، ومن قبلها الصحيفة الدنماركية من رسوم مسيئة وساخرة للنبي محمد صلى الله عليه، واستفزاز لأكثر من مليار مسلم حول العالم من غير أن يُرد لهم اعتبارهم، ما هو إلا تأكيد على أنه نهج متبع عند اليهود القادح في عصمة الأنبياء والمجرح لمكانة الرسل- عليهم السلام- على مر التاريخ، وما السماح للحكومات المعادية للإسلام للمتطرفين ديناً وأخلاقياً، بالعبث بالقرآن الكريم، والدوس عليه بالأقدام، وسكب الخمور عليه وإحراقه، لدليل على تاريخيهم الحافل على التحريف والتبديل والتجديف، ولكن كما قال تعالى: ﴿وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾[53]6.
ثانياً: نصوص من التلمود.
يعتبر التلمود كتاب يجسد العقلية اليهودية، ويبن المنهج المتبع لدى اليهود في مقابلة المقدسات، حيث جاء فيه: (أن الله يندم، ويحلف يميناً كاذبة، ويرقص مع حواء، ويبكي، ويخطئ، ويغضب، وغيرها من النقائص التي وصفوا بها الله، تعالى الله عن عدوانهم وظلمهم علواً كبيراً)[54]7.
فهذه هي آرائهم في المقدسات التي سجلها حاخاماتهم في التلمود، والذي يُعد أشد قداسة من التوراة نفسها عند اليهود[55]1.
فكل البراهين التي ذُكرت من التوراة والتلمود وغيرها الكثير، لا تدع مجالاً لشك بأن منهج اليهود في حماية المقدسات قائم على الأخذ بما يتماشى مع أهوائهم وأخلاقهم، حتى وإن كان على حساب تغير نص إلهي بنص وضعي، أو الطعن في عصمة الأنبياء والمرسلين.
المطلب الثاني: لمحة تاريخية عن منهج الدين المسيحي في حماية المقدسات.
بُعث المسيح عليه السلام وهو في الثلاثين من عمره، وكان منهج دعوته قائم على التبشير وتقديس الله وتنزيهه، وهجر المادة الضالة، وأيده الله بمعجزات خارقه هامه[56]1.
وكان المسيح عليه السلام، يدعوا إلى الله على أنه الكائن الأزلي غير المحدود، ولا يدرك من أعماله وإرادته وأقواله إلا ما سمح لنا أن ندركه لنؤمن به، وهو الذي كوّن الوجود بمجرد أن أراد فكان، فخلق ما نرى ومالم نر[57]2، جاء في إنجيل متي أن المسيح قال: (إن أباكم واحد الذي في السماوات)[58]3، وكذلك جاء في إنجيل مرقس قول عيسى: (الرب الهنا اله واحد وليس آخر سواه)[59]4.
كما أن المسيح عليه السلام علم الناس أن ملكوت الله قائم على ضمائرهم موجود في كل حقبة وكل مكان، وذكر الناس بأن الله الذي يرعاهم فوق رعاية الأب الرحيم لتذكرهم بشريعة موسى، حيث جاء في إنجيل متي (ما جئت لأنقض الناموس بل لأكمله)[60]5، ولم يأت بإلغاء الشريعة ولا بإسقاط الأجزاء، بل إنه نقل الإيمان بالله من الحرف إلى المعنى، ولم يذكر نفسه باسم المسيح ولكن أتباعه سموه بهذا الاسم[61]6.
فالمسيح عليه السلام لم يضع شريعة دنيوية، وكل ما اهتم به هو الوعظ والوصية والتسامح[62]7.
وظل منهج الحواريين من بعد المسيح قائم على مواجهة كل زمان بما يناسبه من الأحكام والشرائع دون تأويل[63]8.
وبعد فترة غير قصيرة من فترة المسيح، جاء (يهودي فريسي) روماني من طبقات اليهود العليا لم يرَ عيسى ولا سمعه يبشر الناس، لعب دوراً كبيراً قلب به المسيحية، وأدخل عليها الكثير من تعاليم اليهود، وغير المنهج الذي وضعه المسيح عليه السلام لأتباعه؛ ليجذب له أتباعه من اليهود، وأخذ يذيع أن عيسى منقذ ومخلص وسيد وعلى يديه الخلاص والنجاة[64]1.
فالأناجيل الحالية وما تضمنته، لم تكتب بعصره بل بعد عصره بجيلين[65]2.
فكل ما جاء في التوراة عن وحدانية الله قد تغير عند النصارى ليكون وحدانية على اعتبار اتحاد الأقانيم الثلاثة في الجوهر، وهي مستعارة من قبل بولس من اليونانية الوثنية، فبولس هو المؤسس الحقيقي للديانة المسيحية الحالية[66]3.
المطلب الثالث: لمحة تاريخية عن منهج الدين الإسلامي في حماية المقدسات.
إن منهج الإسلام في حماية المقدسات مستمدٌ من القرآن الكريم لما له من قُدسية عظيمة عند المسلمين ومن ذلك ما يلي:
أولاً: تنزيه الله جل وعلا، ونفي صفات الشبيه والمثيل عنه، قال تعالى: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾[67]1.
وقال سبحانه عن نفسه: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾[68]2.
ثانياً: الأمر بمقابلة كل ما أنزله الله سبحانه من شرائع بالطاعة والإيمان، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ﴾[69]3، والمعنى: يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله أطيعوا الله ورسوله فيما أمركم به ونهاكم عنه، ولا تتركوا طاعة الله وطاعة رسوله، وأنتم تسمعون ما يتلى عليكم في القرآن من الحجج والبراهين[70]4.
ثانياً: النهي عن التحريف والتبديل في كلام الله، وبيان ما آل إليه حال اليهود عندما بدلوا في التوراة فكانت سبباً في طردهم من رحمة الله، قال تعالى: ﴿فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ﴾.[71]5
ثالثاً: التسليم والانقياد لأوامر الله، وترك الحكم بغير ما أنزل الله، قال تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ﴾.[72]6
رابعاً: السماحة والاعتراف بكل الشرائع والكتب المنزلة من عند الله سبحانه، وذلك يُعتبر من تمام الإيمان به سبحانه، قال تعالى: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ﴾.[73]7
خامساً: التصديق بما أنزل الله سبحانه من الوحي على مر تاريخ الرسالات والنبوات، قال تعالى: ﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا﴾. [74]1
وفي هذا الوحي القرآني يصلي المسلمون ويسلمون على كل الأنبياء والمرسلين، ويعظمون الهدي والنور الذي أنزل الله على موسى في التوراة، وعلى عيسى في الإنجيل، ويؤكدون على الانتماء إلى ملة أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام.
سادساً: عصمة الأنبياء والمرسلين والنهي عن القدح في عصمتهم، أو الخدش من كرامتهم، أو اتهامهم بالباطل، قال تعالى: ﴿مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾.[75]2
وقال سبحانه: ﴿مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ﴾.[76]3
فقد عصم الله عز وجل أنبياءه ورسله من الوقوع في محظور حتى أدوا رسالتهم ولحقوا ببارئهم عز وجل،
وعصمة الأنبياء – عليهم الصلاة والسلام – ثابتة لهم قبل النبوة وبعدها في الكبائر والصغائر، في ظاهرهم وباطنهم، ورضاهم وغضبهم، لأن حال الأنبياء قبل النبوة يؤثر على مستقبل دعوتهم بعد النبوة سلباً وإيجاباً، فهذا النبي محمد صلى الله عليه وسلم يُقيم الحجة على قومه، قال تعالى: ﴿قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾[77]4.
وفي أول لقاء بين الإسلام والنصرانية، عندما استقبل النبي صلى الله عليه وسلم وفد نصارى نجران بالمدينة المنورة سنة 10 هجرية- 631، كان احترام الإسلام لمقدسات الآخرين الدينية معلماً من المعالم التي أرسى قواعدها الإسلام، في النظر وفي التعامل مع هؤلاء الآخرين[78]5.
لقد بلغ احترام الإسلام وتقديسه للخصوصيات الدينية لغير المسلمين الحد الذي تجاوزه السماحة بإقامة هذه الخصوصيات في الدولة الإسلامية إلى الأمر بإقامة هذه الخصوصيات بكل حرية، فالمولى سبحان أصَّل هذا المبدأ في القرآن الكريم بقوله: ﴿وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ﴾[79]1، وقال سبحانه: ﴿وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ﴾[80]2.
حتى لقد شهد رجل الدين القبطي ميخائيل السرياني بعد قرون من الفتح الإسلامي على منهج الإسلام في السماحة وحماية مقدسات الغير فقال: ( لقد نهب الرومان الأشرار كنائسنا وأديرتنا بقسوة بالغة، واتهمونا دون شفقة، ولهذا جاء إلينا من الجنوب أبناء إسماعيل لينقذونا من أيدي الرومان، وتركنا العرب نمارس عقائدنا بحرية، وعشنا في سلام)[81]3.
فالدين الإسلامي أسس منهجاً يدعو المسلمين لاحترام كل المقدسات الدينية منذ اللحظة الأولى للقاء الإسلام بأهل الكتاب- من اليهود والنصارى- وطوال تاريخ الإسلام.
المبحث الثالث: حرمة التعدي على المقدسات في الأديان السماوية.
إن المتتبع للنصوص الموجودة في التوراة والإنجيل والقرآن يجد أن هناك نصوص تحرم التعدي على المقدسات وفي المقابل رتبت تلك النصوص عقوبات وزواجر على كل من خالف الأوامر.
المطلب الأول: حرمة التعدي على المقدسات عند اليهود من خلال التوراة.
لقد حَفل العهد القديم بكثير من النصوص الدالة على حرمة التعدي على المقدسات، ووضعت لها عقوبات وزواجر، وفي بعض الأحيان تجد مخالفات في تطبيق هذه الأدلة، فمن هذه النصوص:
أولاً: التجديف كفر: جاء في سفر الاويين: ( من جدف على اسم الرب يقتل قتلاً)[82]1.
وأيضاً جاء في حرمة السب والتجديف: ( فكلم الرب موسى قائلاً: أخرج الذي يسب إلى خارج المحلة، فيضع جميع السامعين أيديهم على رأسه، ويرجمه كل الجماعة، وكلم – موسى- بني إسرائيل قائلاً: كل من سب إليهه يحمل خطيئة ومن جدف على اسم الرب فإنه يقتل يرجمه كل الجماعة رجماً)[83]2.
ثانياً: تحريم عبادة الأوثان: جاء في سفر التثنية ( من أغراك في الخفاء، أخوك ابن أمك، أو أبيك… فقال: تعال نعبد آلهة أخرى… لا تلتفت إليه… بل أقتله قتلاً… ترجمه بالحجارة حتى يموت)[84]3.
ثالثاً: الوصايا العشر، وما فيه من التشديد على تنزيه الله: جاء في سفر الخروج: ( ثم تكلم الله بحميع الكلمات قائلاً: أنا الرب إلهك الذي أخرجك من أرض مصر بيت العبودية لا يكن لك آلهة أخرى أمامي لا تصنع لك تمثالاً منحوتاً، ولا صورة ما مما في السماء من فوق، وما في الأرض من تحت، وما في الماء من تحت الأرض لا تسجد لهن ولا تعبدهن لأني أنا الرب إلهك إله غيور…)[85]4.
رابعاً: الأمر بالطاعة والدعوة إلى حماية المقدسات: جاء في سفر التثنية: ( فالآن يا إسرائيل، أسمع الفرائض والأحكام التي أنا أعلمكم لتعملوها، لكي تحيوا وتدخلوا وتمتلكوا الأرض التي الرب إله آبائك يعطيكم لا تزيدوا على الكلام الذي أنا أوصيكم به ولا تنقصوا منه، لكي تحفظوا وصايا الرب إلهكم التي أنا أوصيكم بها)[86]1.
خامساً: النهي عن التحريف والتبديل: جاء أيضاً في سفر الخروج: (لا تتبع الكثيرين إلى فعل الشر ولا تجب في دعوى مائلا وراء الكثيرين للتحريف)[87]2.
فهذه الأدلة تدل على حرمة التعدي على المقدسات في الديانة اليهودية، غير أننا نجد أن اليهود لم تقيد هذه النصوص أخلاقهم وأهوائهم من اضفاء صفات النقائص على المولى سبحانه، والتعديِّ على ما أنزله من كتب وشرائع، ووصف الأنبياء والمرسلين بأبشع الأوصاف.
وهذه النصوص أيضاً من أسفار اليهود تدل صراحةً على أن الله قد علم ما في نفوس أهل الكتاب من حبهم للتحريف ومخالفتهم لأوامر ربهم, فلذلك خاطبهم بمثل هذا الخطاب, ولم يخاطب الله المسلمين بذلك لعلمه أنهم لن يقوموا بمثل هذا الفعل القبيح من التحريف.
وقد علَّق عبد الأحد داود القسيس الذي هداه الله للإسلام على هذه النصوص بقوله: ولم ينه القرآن المسلمين عن التحريف؛ لأنه تعالى قد ضمن عصمة كتابه عن التحريف والتبديل والضياع[88]3.
المطلب الثاني: حرمة التعدي على المقدسات عند النصارى، في ضوء الأناجيل.
هناك نصوص كثيرة في الأناجيل الأربعة والمنسوبة للمسيح عليه السلام والتي تحرم التعدي على المقدسات، فمن هذه النصوص الآتي:
أولاً: التأكيد على توحيد الله وهي دعوة جميع الرسل، (اسمع يا إسرائيل الرب إلهنا رب واحد)[89]1.
وجاء أيضاً في التأكيد على توحيد الله، ( و لاتدعوا لكم أباً على الأرض، فأن أباكم واحد وهو الذي في السماوات)[90]2.
ثانياً: التأكيد على العمل بشريعة التوراة، ( لا تظنوا إني جئت لأبطل الناموس وتعاليم الأنبياء ما جئت لأبطل بل لأكمل)[91]3.
ثالثاً: ترسيخ الاعتقاد بأنه عبد مرسل، (ما جئت من نفسي لكن هو أرسلني لماذا لا تفهمون) (كلامي؟ لأنكم لا تقدرون أن تسمعوا قولي)[92]4.
وجاء أيضاً في التأكيد على بشريته: (أنا إنسان قد كلمكم بالحق الذي سمعه من الله)[93]5.
رابعاً: الدعوة إلى حماية المقدسات، وعدم التحريف والتبديل فيها، (الحق أقول لكم إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الشريعة حتى يكمل الكل)[94]6.
خامساً: الدفاع عن الناموس- الشريعة- والدعوة على الاشتغال بها، ( ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون لأنكم تعشرون النعنع والشبث والكمون وتركتم أثقل الناموس: الحق والرحمة والإيمان)[95]7.
والشواهد كثيرة ومتنوعة، وقد ذكرنا هذه الأمثلة للدلالة على حرمة التعدي على المقدسات، والموجود في الأناجيل الأربعة المنسوبة للمسيح عليه السلام، والتي فيما لو عُمل بها ستُسهم في حماية المقدسات عند المسيحيين.
المطلب الثالث: حرمة التعدي على المقدسات عند المسلمين في ضوء القرآن الكريم.
لقد أولى الإسلام عناية كبرى بالمقدسات، فالمسلمون يستمدون تلك القُدسية من منطلق التأصيل الإلهي، حيث أشار المولى سبحانه وتعالى إلى ذلك، ابتدأً من وجوب الطهارة عند مسِّ القرآن الكريم، قال تعالى: ﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾[96]1.
وأيضاً جاء في القرآن الكريم النهى عن سب معتقدات الذين يدعون من دون الله، قال تعالى: ﴿ وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾[97]2.
جاء في تفسير هذه الآية ولا تسبوا أيها المسلمون آلهتهم التي يدعونها من دون الله إذ ربما نشأ عن ذلك أنهم يسبون الله- عزّ وجل- عدوانا وتجاوزا للحد في السباب ليغيظوا بذلك المؤمنين[98]3.
كما أن منهج الإسلام في حماية المقدسات قائم أيضاً على رفض فكرة أن الله تجسد في أحد، سواء قبل الإسلام أو بعده، ويرفض أن يكون المسيح إلهاً تجسد، ويكرر في القرآن إدانته لعقيدة التجسيد، وأن المسيح نبي رسول ليس أكثر[99]4.
قال تعالى يصف وحدانيته وربوبيته: ﴿الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا﴾[100]5.
كما حذر المولى سبحانه عباده المؤمنين من الاختلاف على ما جاءهم من بيناتٍ من عند ربهم، حتى لا يكون مصيرهم كأهل الكتاب، الذين أوقعوا أنفسهم في العداوة والبغضاء فتفرَّقوا من بعد ما جاءهم الهدى، واختلفوا في أصول دينهم من بعد ما تبين لهم الحق، وأولئك مستحقون لعذابٍ عظيم، قال تعالى: ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾[101]6.
كما أن الفكر الإسلامي خاضع إلى الدين، فالمسلم لديه واعز إيماني يمنعه من القدح والتحريف والتبديل للمقدسات، ومنطلق ذلك من قوله تعالى: ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾[102]1، وقوله عز وجل، وهو ينعى أقوام غامروا بعقولهم في متاهات من الأوهام والظنون، التي من شأنها أن تُغشِّي على الحقائق ولا تكشف عنها[103]2: ﴿وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ﴾[104]3.
ويتضح هذا جلياً في أمر المولى – سبحانه وتعالى- عباده المؤمنين، بعدم الاعتداء على عقائد الغير بالسب والقذف، قال تعالى: ﴿وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾.[105]4
والمعنى ولا تسبوا -أيها المسلمون- الأوثان التي يعبدها المشركون -سدًّا للذريعة- حتى لا يتسبب ذلك في سبهم الله جهلا واعتداءً بغير علم.[106]5
والخلاصة فيما سبق أن المولى سبحانه وتعالى أنزل أحكاماً تحرم على المسلمين التعدي على المقدسات سواءً أكان ذلك بالتنقيص من ذاته سبحانه، أو الطعن في عصمة أنبيائه ورسله، أو التبديل والتحريف في كتابه، أو التعدي على مقدسات الغير بالسب والقذف، فهذه الأفعال عقابها كبير عند الله سبحانه، ومن خلال ذلك لا تجد مسلماً يهاجم اليهودية أو المسيحية؛ لأنهما شرائع سماوية مقدسة بنص القرآن والسنة، فيُدين المسلم باحترامهما.
الخاتمة
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي المصطفى.
أما بعد:
أولاً: النتائج:
- إن مفهوم المقدسات بين الأديان السماوية متفاوت فيما بينها نتيجةً لانحراف بعضها عن الأصل السماوي.
- تختلف مناهج أتباع الأديان السماوية في حماية المقدسات، فبعضهم جدف في الذات الإلهية، وحرف وبدّل في شريعته، وبعضهم قابل المقدسات بالإيمان والإذعان والتسليم.
- توجد نصوص تحرم التعدي على المقدسات عند أتباع الأديان السماوية، وهذه النصوص فيما لو طُبقت لحققت نتائج باهرة في ترسيخ مبدأ الاحترام وتقبل الآخر.
- إن الفكر الإسلامي، طبيعته تختلف تماماً عن الطبيعة الفكرية لدى الشرائع السماوية الأخرى، فالفكر الإسلامي منطلقه الدين، وليس كأتباع الشرائع السماوية الأخرى، ممن حكموا العقل، ووازنوا المقدسات السماوية بعقولهم، فتاهوا في أوهام الشكوك والظنون.
ثانياً: التوصيات:
- إن التسامح المنشود بين أتباع الأديان السماوية لا تضع أساساته الدول ولا المعاهدات، وإنما يجب أن يُبنى على أساس متين ينطلق من النصوص الموجودة عند كل ديانة والتي تحرم التعدي على المقدسات.
- ضرورة استخدام مبدأ الانكار والعقاب، واستخدام سياسة رد الاعتبار، وذلك عن طريق علماء كبار الأديان السماوية سواءً أكانوا حاخامات يهود، أو قساوسة مسيحيين، أو فقهاء مسلمين، وذلك فيما لو تعدى شخص على مقدسات شخصٍ آخر.
- ضرورة نشر مبدأ السلام بين أتباع الأديان السماوية، والسلام المنشود هو ضرورة الإيمان بحدود الشرائع السماوية وعدم تجاوزها، والابتعاد عن مظاهر الاستهانة بدين الآخر، أو السخرية من شعائره ومقدساته بأي وسيلةٍ كانت، والتي لا يتولد منها إلا الكراهية والتطرف والإرهاب، وبذلك تعمق البغضاء في القلوب بين أتباع الأديان.
قائمة المصادر والمراجع:
- القرآن الكريم برواية حفص عن عاصم.
اختلافات في تراجم الكتاب المقدس، أحمد عبدالوهاب، مكتبة وهبة- القاهرة، الطبعة: الأولى، 1407هـ، 1987م.
أساس التقديس، فخر الدين الرازي، تحقيق: الدكتور أحمد حجازي السقا، مكتبة الكليات الأزهرية للنشر، القاهرة.
الأسفار المقدسة في الأديان السابقة للإسلام، علي عبدالواحد وافي، مكتبة نهضة مصر- القاهرة، الطبعة: الأولى، 1384هـ-1964م.
أصول المسيحية كما يصورها القرآن الكريم، داود على الفاضلي، دار زهران للنشر والتويع- عمان، 2008م.
الأناجيل الأربعة لماذا لا يعول عليها؟، نبيل بو خاروف، بدون دار النشر، بدون رقم الطبعة، سنة النشر 2008م.
بروتوكولات حكماء صهيون، راجعه وقدم له أحمد جاد، دار الغد الجديد المنصورة – مصر، الطبعة: الأولى، 2002م.
- تأثر اليهودية بالأديان الوثنية، فتحي محمد الزغبي، دار البشير للثقافة والعلوم الإسلامية- مصر، الطبعة: الأولى، 1414هـ- 1994م.
تاريخ الحضارات، شارل سنيويوس، ترجمه: محمد كرد علي، مطبعة القاهرة- مصر، بدون رقم الطبعة، 1908م.
التاريخ اليهودي. الديانة اليهودية وطأة ثلاثة آلاف سنة، إسرائيل شاحاك، ترجمه: صالح على سوداح، دار بيان للنشر والتوزيع- بيروت لبنان، الطبعة: الأولى، 1995م.
تاريخ مصر في العصر البيزنطي، صبري أبو الخير سليم، طبعة القاهرة، سنة 2001م.
- تفسير القرآن العظيم، أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي، دار الغد الجديد- القاهرة، الطبعة: الأولى، 1428هـ-2007م.
- التفسير الميسر، نخبة من أساتذة التفسير، نخبة من أساتذة التفسير، الطبعة: الثانية، 1430هـ – 2009م.
- التفسير الواضح، محمد محمود الحجازي، دار الجيل الجديد- بيروت، الطبعة: العاشرة – 1413هـ.
- جامع البيان في تأويل آي القرآن، تفسير الطبري، لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري، تحقيق أحمد عبدالرزاق البكري ومحمد عادل محمد ومحمد عبداللطيف خلف ومحمود مرسي عبدالحميد، دار السلام- القاهرة، الطبعة: الثالثة 1429هـ-2002م.
- حقوق الإنسان بين مفاهيم الإسلام وإعلان الأمم المتحدة، محمد الغزالي، مكتبة نهضة مصر- القاهرة، الطبعة: السادسة، مصر 2009م.
حقوق الإنسان في الأديان السماوية، عبدالرزاق رحيم صلال الموحي، دار المناهج للنشر، بدون طبعة، بدون سنة النشر.
الدين والسياسة بين الأساطير الصهيونية والشرائع اليهودية، يونس هاشم، دار الكتاب العربي- سوريا، الطبعة: الأولى، 2010م.
رسالتي إلى اليهود، سالم الرياشي، بلا مطبعة، 1966م.
- شهود يهوه والأسرار، أنطوان سعادة، المطبعة البوليسية- لبنان، بدون رقم الطبعة، 1985م.
- الصهيونية والماسونية، عبدالرحمن محمد الدوسري، دار إشبيليا للنشر والتوزيع- الرياض، الطبعة: الثانية، 1422هـ- 2001م.
الفصل في الملل والأهواء والنحل، أبي محمد علي بن أحمد المعروف بابن حزم الظاهري، تحقيق: محمد إبراهيم نصر ومن معه، دار الجبل- بيروت، الطبعة: الثانية، 1416هـ- 1996م.
- في مقارنة الأديان بحوث ودراسات، محمد عبدالله الشرقاوي، دار الجبل بيروت، الطبعة: الثانية، 1410هـ 1990م.
كبرى اليقينيات الكونية، وجود الخالق ووظيفة المخلوق، محمد سعيد رمضان البوطي، دار الفكر – دمشق، الطبعة: الثامنة والعشرون، 1429هـ، 2008م.
- كتاب الإنجيل والصليب، عبد الأحد داود، بدون مطبعة، بدون رقم الطبعة، بدون سنة النشر.
- الكتاب المقدس، دار الكتاب المقدس في الشرق الأوسط، الطبعة: الخامسة، 2006م.
الكتب المقدسة بين الصحة والتحريف، يحي محمد علي ربيع، دار الوفاء- المنصورة، الطبعة: الأولى 1415هـ،1994م.
الكنز المرصود في فضائح التلمود، محمد عبدالله الشرقاوي، دار الفكر العربي- القاهرة، بدون رقم الطبعة، 1422هـ- 2001م.
الكنز المرصود في قواعد التلمود، ترجمه يوسف حنا نصر الله، دار المعارف- مصر، الطبعة: الأولى، 2005م.
- الله والعالم والانسان في الفكر الإسلامي، محمد جلال شرف، دار المعارف-مصر، بدون رقم الطبعة، 1971م.
مثل الذين حملوا التوراة، ليلي حسن سعد الدين، دار الفكر- الأردن، الطبعة: الأولى، 1405هـ- 1984م.
- المسيح في مصادر العقائد المسيحية، أحمد عبدالوهاب، مكتبة وهبة- القاهرة، الطبعة: الثانية 1408هـ- 1988م.
مفصل العرب واليهود في التاريخ، أحمد سوسه، منشورات وزارة الثقافة والإعلام- دار الحرة للطباعة- العراق، الطبعة: الخامسة، 1981م.
- مقارنة الأديان- المسيحية، أحمد شلبي، مكتبة النهضة المصرية- القاهرة، الطبعة: العاشرة، 1998م.
- مقارنة الأديان- اليهودية- أحمد شلبي، مكتبة النهضة المصرية- القاهرة، الطبعة: الثامنة 1988م.
مقارنة الأديان، سعدون محمود الساموك، دار وائل للنشر- الأردن، الطبعة: الأولى 2004م.
نشأة العقيدة الإلهية، عباس محمود العقاد، دار المعارف- القاهرة، بدون رقم الطبعة، 1960م.
النصرانية، عرفان عبدالحميد، دار عمار للنشر- الأردن، بدون رقم الطبعة، 1420هـ- 2000م.
- نظرة في كتب العهد الجديد وعقائد النصرانية، خالد محمد عبده، مكتبة النافذة- مصر، الطبعة: الأولى 2006م.
- هذا هو الإسلام، محمد عماره، مكتبة الشروق الدولية- القاهرة، الطبعة: الأولى 1426هـ- 2005م.
- يسوع المسيح. شخصيته- تعاليمه، الأب بولس الياس اليسوعي، المطبعة الكاثوليكية- بيروت، الطبعة: الثانية، بدون سنة النشر.
- اليهود في القرآن، عفيف عبدالفتاح طباره، دار العلم للملايين- بيروت، الطبعة: العاشرة، 1984م.
Margins:
-
1 – سورة المائدة، من الآية (44). ↑
-
2 – سورة البقرة، من الآية )53). ↑
-
3 – سورة المائدة، من الآية(68). ↑
-
4 – سورة المائدة، الآية (66). ↑
-
5 – سورة المائدة، الآية (45). ↑
-
1 – سورة الأعراف، الآية (145). ↑
-
2 – ينظر: حقوق الإنسان في الأديان السماوية، عبدالرزاق رحيم صلال الموحي، ص (77). ↑
-
3 – ينظر: الأسفار المقدسة في الأديان السابقة للإسلام، علي عبدالواحد وافي، ص (13). ↑
-
4 – ينظر: المصدر السابق، ص (13). ↑
-
5 – ينظر: في مقارنة الأديان بحوث ودراسات ، محمد عبدالله الشرقاوي، ص (120). ↑
-
6 – الكنز المرصود في فضائح التلمود، محمد عبدالله الشرقاوي، ص (13). ↑
-
1 – ينظر: الكنز المرصود في قواعد التلمود، ترجمه يوسف حنا نصر الله، ص (15). ↑
-
2 – ينظر: مقارنة الأديان- اليهودية، أحمد شلبي، ص (274)، ومثل الذين حملوا التوراة، ليلي حسين، ص (176)، والتاريخ اليهودي، إسرائيل شاحاك، ص (66). ↑
-
3 – ينظر: مقارنة الأديان- اليهودية-، أحمد شلبي، ص (237). ↑
-
4 – ينظر: بروتوكولات حكماء صهيون، راجعه وقدم له أحمد جاد، ص (13). ↑
-
5 – اليهود في القرآن، عفيف عبدالفتاح طباره، ص (42). ↑
-
6 – ينظر: الصهيونية والماسونية، عبدالرحمن الدوسري، ص (61). ↑
-
1 – سورة الحديد، من الآية (27). ↑
-
2 – سورة المائدة من الآية (46). ↑
-
3 – ينظر: أصول المسيحية كما يصورها القرآن الكريم، داود على الفاضلي، ص (71). ↑
-
4 – سورة آل عمران، الآية (50). ↑
-
5 – سورة الزخرف، الآية (63). ↑
-
6 – سورة المائدة الآية (47). ↑
-
7 – ينظر: الكتب المقدسة بين الصحة والتحريف، يحي محمد علي ربيع، ص (26). ↑
-
1 – ينظر: الأناجيل الأربعة لماذا لا يعول عليها؟، ص (9- 11). ↑
-
2 – النصرانية، ص (35). ↑
-
3 – ينظر: الفصل في الملل والأهواء والنحل، لابن حزم الظاهري، ج (ـ2)، ص(2). ↑
-
4 – ينظر: مقارنة الأديان- المسيحية، أحمد شلبي، ص (220-226). ↑
-
1 – ينظر: المسيح في مصادر العقائد المسيحية، أحمد عبدالوهاب، ص(31). ↑
-
2 – ينظر: نظرة في كتب العهد الجديد وعقائد النصرانية، خالد محمد عبده، ص(44). ↑
-
3 – ينظر: اختلافات في تراجم الكتاب المقدس، أحمد عبدالوهاب، ص (88). ↑
-
4 – ينظر: مقارنة الأديان، سعدون محمود الساموك، ص (129). ↑
-
1 – سورة البقرة، الآية (1-2). ↑
-
2 – التفسير الميسر، نخبة من أساتذة التفسير، نخبة من أساتذة التفسير، ص (2). ↑
-
3 – سورة الكهف، الآية (1-2). ↑
-
4 – سورة طه، الآية (1-4). ↑
-
5 – سورة البقرة، الآية (285). ↑
-
6 – سورة النساء، الآية (136). ↑
-
7 – التفسير الواضح، الحجازي، محمد محمود، جـ (1)، ص (441). ↑
-
1 – سورة النساء، الآية (150-152). ↑
-
2 – أساس التقديس، فخر الدين الرازي، جـ (1)، ص (7). ↑
-
3 – سورة الشورى، من الآية (11). ↑
-
4 – سورة الأنعام، من الآية (90). ↑
-
1 – ينظر: مفصل العرب واليهود في التاريخ، أحمد سوسه، ص(447). والقومية تعني: أنها مالت لصالح اليهود. ↑
-
2 – شريعة رهبانية: يعني أن كهنة اليهود قاموا بوضعها، وليست هي الشريعة المنزلة على موسى عليه السلام؛ لأن اليهود حاولوا التخلص من قيود التشريعات والتحايل عليها بأي وسيلة، لتعطيل الشرائع وتفريغها من محتواها التربوي والإنساني، وهو الأمر الذي أكدته نصوص التوراة من أن اليهود لم يقبلوا شرائع موسى، وقالوا له – كما يذكر ذلك الطبري وابن كثير في تفسيرهما: – لن نقبل حتى نعلم ما جاء فيها من فرائض وحدود، فإن كانت يسيرة قبلناها، فراجعوه مراراً، فأوحى الله إلى الجبل فانقلع فارتفع إلى السماء، فقال لهم موسى يقول الرب: إن لم تقبلوا التوراة بما فيها، لأرمينكم بهذا الجبل، فسجد اليهود على حاجبهم الأيسر، ونظروا إلى الجبل بالعين اليمنى، ولذلك فليس في الأرض يهودي إلا ويسجد على حاجبه الأيسر، وهي سجدة اليهود إلى اليوم، ويقولون: هذه السجدة هي التي رفعت عنا بها العقوبة، ينظر: جامع البيان، الطبري جـ (13)، ص (219)، وتفسير ابن كثير جـ (3)، ص(500). ↑
-
3 – سفر التكوين (2:1- 4). ↑
-
4 – ينظر: تأثر اليهودية بالأديان الوثنية، فتحي محمد الزغبي ص (542). ↑
-
1 – سفر صموئيل الثاني (1:11- 27). ↑
-
2 – سفر الخروج(3: 21-22). ↑
-
3 – سفر التكوين (19: 30-38) . ↑
-
4 – سفر التكوين، (32-33). ↑
-
5 – مجلة شارلي إيبدو: وتعنى: شارلي الأسبوعية، وهي صحيفة سياسية هزلية أسبوعية فرنسية، شغلت الرسوم الهزلية والكاريكاتير مساحة كبيرة منها، ففي عام 2006 نشرت رسوم مسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم مما أثار ردود أفعال قوية ضد الصحيفة، كما أعادت نشر تلك الرسوم المسيئة عام 2020م بالتزامن مع محاكمة منفذي الهجوم على الصحيفة عام 2015م.المصدر: ويكيبيديا. ↑
-
6 – سورة الأنفال، من الآية (30). ↑
-
7 – ينظر: الكنز المرصود في فضائح التلمود، محمد عبدالله الشرقاوي، ص(13). ↑
-
1 – ينظر: الدين والسياسة بين الأساطير الصهيونية والشرائع اليهودية، يونس هاشم، ص(75). ↑
-
1 – ينظر: مقارنة الأديان – المسيحية-، أحمد شلبي، ص(39). ↑
-
2 – ينظر: رسالتي إلى اليهود، سالم الرياشي، ص(7). ↑
-
3 – إنجيل متى (23:8). ↑
-
4 – إنجيل مرقص (13:30-31). ↑
-
5 – إنجيل متى (12-20). ↑
-
6 – ينظر: تاريخ الحضارات، شارل سنيويوس، ص (205). ↑
-
7 – يعلل المسيحون عدم إتيانه بتشريع جديد؛ لأنه أراد الشريعة روحاً محيياً، لا حرفاً ميتاً، وأنه أراد تجنب هذه الشريعة لما تفرضه أحوال الزمان والمكان من تحوير، وأنه أراد احترام حرية الإنسان، فلا يسوقه مكرهاً إلى الخضوع للشريعة، فيحرمه جزاء عمله، ينظر يسوع المسيح، الأب بولس الياس، ص (192-193)، إلا أن هذا التعليل غير مقبول؛ لأن المسيح لم يتحرر من شريعة التوراة، بل ألزم أتباعه بطاعة ما شرعه العهد القديم، ومن ثم فإن التشريع ليس حرفاً ميتاً، ولا يحرم أتباعه نتيجة الطاعة والامتثال. ينظر: مقارنة الأديان- المسيحية، أحمد شلبي، ص(230). ↑
-
8 – ينظر: حقوق الإنسان، محمد الغزالي، ص(38). ↑
-
1 – ينظر: نشأة العقيدة الإلهية، عباس محمود العقاد، ص (147). ↑
-
2 – ينظر: شهود يهوه والأسرار، أنطوان سعادة، ص (50). ↑
-
3 – ينظر: مقارنة الأديان- المسيحية، أحمد شلبي، ص (84). ↑
-
1 – سورة الإخلاص، الآية (1-4). ↑
-
2 – سورة الشورى، من الآية (11). ↑
-
3 – سورة الأنفال، الآية (20). ↑
-
4 – التفسير الميسر، نخبة من المفسرين، جـ، (1)، ص(179). ↑
-
5 – سورة المائدة، من الآية (13). ↑
-
6 – سورة المائدة، الآية (48). ↑
-
7 – سورة البقرة، الآية (285). ↑
-
1 – سورة النساء، الآية (163-164). ↑
-
2 – سورة آل عمران، الآية (67). ↑
-
3 – سورة آل عمران، الآية (79). ↑
-
4 – سورة يونس، الآية (16). ↑
-
5 – ينظر: هذا هو الإسلام، محمد عماره، ص (1). ↑
-
1 – سورة المائدة، من الآية (47). ↑
-
2 – سورة المائدة، من الآية (43). ↑
-
3 – ينظر: تاريخ مصر في العصر البيزنطي، صبري أبو الخير سليم، ص 62. ↑
-
1 – سفر الاويين (16:24). ↑
-
2 – سفر الاويين (18:17-19). ↑
-
3 – سفر التثنية (13: 7-12). ↑
-
4 – سفر الخروج (19- 20). ↑
-
1 – سفر التثنية (3-4). ↑
-
2 – سفر الخروج، (2: 23). ↑
-
3 – ينطر: كتاب الإنجيل والصليب، ص (39). ↑
-
1 – انجيل مرقص (29:12). ↑
-
2 – انجيل متى (23:9). ↑
-
3 – انجيل متى (17:5- 18). ↑
-
4 – انجيل يوحنا (8 : 42-43). ↑
-
5 – انجيل يوحنا (8 – 40). ↑
-
6 – انجيل متى (5: 17- 18). ↑
-
7 – انجيل متى (23- 23). ↑
-
1 – سورة الواقعة، من الآية (77-79). ↑
-
2 – سورة الأنعام، الآية (108). ↑
-
3 – التفسير الواضح، محمد محمود الحجازي، جـ (1)، ص (649). ↑
-
4 – محمد جلال شرف، الله والعالم والانسان في الفكر الإسلامي، ص (18). ↑
-
5 – سورة الفرقان، الآية (2-3). ↑
-
6 – سورة آل عمران، من الآية (105). ↑
-
1 – سورة الإسراء، الآية (36). ↑
-
2 – ينظر: كبرى اليقينيات الكونية، محمد سعيد رمضان البوطي، ص (32). ↑
-
3 – سورة يونس، الآية (36). ↑
-
4 – سورة الأنعام، الآية (108). ↑
-
5 – التفسير الميسر، جـ(1)، ص(141). ↑