الصناعة الحديثية عند ابن العربي من خلال كتابه أحكام القرآن – نماذج من سورة النساء

محمد البوركي1

1 كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة محمد الخامس، الرباط، المغرب.

بريد الكتروني: mouhamed.elbourki7410@gmail.com

HNSJ, 2024, 5(12); https://doi.org/10.53796/hnsj512/4

تحميل الملف

تاريخ النشر: 01/12/2024م تاريخ القبول: 05/11/2024م

Citation Method


المستخلص

يعد اهتمام العلماء بالسنة النبوية والحفاظ عليها والاعتناء بها من حفظ القرآن الكريم ومن العلماء الذين اعتنوا بالسنة النبوية والقرآن الكريم حفظا وتدوينا وشرحا وتفسيرا الإمام أبو بكر بن العربي (ت543ه) الذي يعد من علماء القرن السادس الهجري، برع في شتى العلوم من حديث وتفسير وغيرها من العلوم، فكانت له مصنفات شهيرة، من أهمها كتابه: “أحكام القرآن”، والذي كتب الله له القبول عند أهل العلم من طلاب وعلماء وتداولته الأيدي، وتناقلته الألسنة.

ويتناول البحث موضوع الصناعة الحديثية عند ابن العربي من خلال كتابه أحكام القرآن، مبرزا منهجه في تفسيره أحكام القرآن، وجهوده في علم الحديث ونقده، مع ذكر نماذج تطبيقية من سورة النساء وأثر النقد الحديثي في ذلك.

الكلمات المفتاحية: الصناعة الحديثية- ابن العربي.

Research title

The modern industry of Ibn al-Arabi Through his book The Provisions of the Qur’an

Examples of Surat An-Nisa

Mouhamed elbourki1

1 Faculty of Arts and Humanities, Mohammed V University, Rabat, Morocco.

Email: mouhamed.elbourki7410@gmail.com

HNSJ, 2024, 5(12); https://doi.org/10.53796/hnsj512/4

Published at 01/12/2024 Accepted at 05/11/2024

Abstract

The interest of scientists in the Sunnah of the Prophet and the preservation and care of the preservation of the Holy Qur’an and scientists who took care of the Sunnah of the Prophet and the Holy Qur’an memorization،codification،explanation and interpretation of Imam Abu Bakr bin Al-Arabi،who is one of the scholars of the sixth century AH،excelled in various sciences of hadith،interpretation and other sciences،so he had famous works،the most important of which is his book: “The provisions of the Qur’an”،which God wrote for him acceptance among the people of knowledge from students and scientists and circulated by hands،and transmitted by tongues.

The research deals with the subject of the modern industry of Ibn al-Arabi through his book Provisions of the Qur’an،highlighting his approach to interpreting the provisions of the Qur’an،and his efforts in the science of hadith and criticism،with the mention of applied models of Surat An-Nisa and the impact of modern criticism on that.

Key Words: Modern industry – Ibn al-Arabi

مقدمة:

الحمد لله رب العلمين الهادي إلى سواء السبيل والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد الرسول الأمين وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحابته الغر الميامين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

أولا: موضوع البحث:

يتناول هذا البحث قضية موضوعية في الجانب العقدي من الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم في اهتمامه ورعايته بالوحي قراءة وكتابة وحفظا وتفسيرا. والسنة النبوية تمثل المصدر الثاني للوحي، والاهتمام بها وفقهها ورعايتها بمنزلة حفظ القرآن الكريم. ويأتي موضوع الصناعة الحديثية عند ابن العربي في كتابه: أحكام القرآن، ضمن الاعتناء بالسنة النبوية، وإثراء جوانب البحث في موضوعاتها.

ثانيا: أهمية الموضوع:

تتمثل أهمية الموضوع من حيث الوقوف على منهج ابن العربي في تفسيره للقرآن الكريم، وجهوده في خدمة السنة النبوية وعلوم الحديث، وتظهر هذه الأهمية أيضا، في كونه يبرز ابن العربي العالم الفقيه محدثا ناقدا.

ثالثا: أسباب اختيار الموضوع:

يمكن إرجاع أسباب اختيار الموضوع إلى الأمور الآتية: أولها: مكانة الإمام الحافظ العلمية ودوره في خدمة القرآن والسنة عموما، وعلوم الحديث ومصطلحه على وجه الخصوص، حيث شهد له كبار العلماء بعلو مكانته وفضله. وثانيا: تبين أثر ابن العربي في فهمه ونقده للحديث، ومواقفه التي تفرد بها. وثالثا: القيمة العلمية لكتاب ” أحكام القرآن” لما يجمع بين ثناياه من آراء ومواقف لابن العربي ونقده للحديث.

رابعا: إشكالية الموضوع:

هذا البحث يحاول الإجابة على التساؤل الآتي: ما هو منهج الحافظ ابن العربي وما هي آراءه الحديثية، التي اعتمدها في نقد الحديث والحكم عليه.

خامسا: الدراسات السابقة في الموضوع:

عنيت بعض الدراسات والمؤلفات ببعض الجوانب العلمية للحافظ ابن العربي في شتى العلوم سواء منها ما تعلق بالقرآن أو السنة، ومنها:

  • القاضي أبو بكر بن العربي واختياراته الفقهية من خلال عارضة الأحوذي بشرح صحيح الترمذي، فقه الطهارة والصلاة نموذجا، للدكتور: وثيق بن مولود (أطروحة دكتوراه من جامعة الجزائر، كلية العلوم الإسلامية، 1428ه).
  • ابن العربي المالكي الإشبيلي وتفسيره أحكام القرآن، دراسة وتحليل: مصطفى إبراهيم المشني، دار الجيل- بيروت، (ط) الأولى 1411ه.
  • آراء ابن العربي واختياراته في علم الحديث وأثرها الفقهي من خلال كتابه” المسالك في شرح موطأ الإمام مالك”، بوفاتح الطيب، (ماجستير كلية العلوم الإنسانية والحضارة الإسلامية- الجزائر، 1435ه).

سادسا: منهج البحث:

بالنسبة للمنهج المعتمد في البحث فهناك عدة مناهج قد وظفت، منها: المنهج الاستقرائي الجزئي في جمع الآراء والمواقف في موضوع البحث. والمنهج التاريخي في التعريف بابن العربي ونشأته العلمية وأهم المراحل المهمة في حياته. والمنهج الوصفي من خلال وصف أعمال ابن العربي ومنهجه في نقد الحديث وموقفه منه.

سابعا: خطة البحث:

قسمت العمل في هذا الموضوع إلى تمهيد ومطلبين وخاتمة؛ حيث تناولت في التمهيد: التعريف بالصناعة الحديثية، والتعريف بابن العربي ومنهجه في تفسيره حكام القرآن، وفي المطلب الأول: تناولت جهوده في علم الحديث ونقده، وفي المطلب الثاني: نماذج تطبيقية من سورة النساء وأثر النقد الحديثي في منهجه. وخاتمة ضمنتها أهم ما سجلته من خلاصات ونتائج.

تمهيد

أولا: تعريف الصناعة لغةً واصطلاحاً:

الصناعة في اللغة: تأتي كلمة الصناعة من الفعل صنع، والتي تفيد الإبداع أو الابتكار أو الإنتاج.

قال ابن فارس رحمه الله (ت1395ه): ” الصَّادُ وَالنُّونُ وَالْعَيْنُ أَصْلٌ صَحِيحٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ عَمَلُ الشَّيْءِ صُنْعًا. وَامْرَأَةٌ صَنَاعٌ وَرَجُلٌ صَنَع، إِذَا كَانَا حَاذِقَيْنِ فِيمَا يَصْنَعَانِه” [1]، وقال محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الحنفي الرازي رحمه الله (المتوفى: 666هـ):” (الصُّنْعُ) بِالضَّمِّ مَصْدَرُ قَوْلِكَ: (صَنَعَ) إِلَيْهِ مَعْرُوفًا. وَصَنَعَ بِهِ (صَنِيعًا) قَبِيحًا أَيْ فَعَلَ. وَ (الصِّنَاعَةُ) بِالْكَسْرِ حِرْفَةُ الصَّانِعِ وَعَمَلُهُ (الصَّنْعَةُ). وَ (اصْطَنَعَ) عِنْدَهُ (صَنِيعَةً). وَ (اصْطَنَعَهُ) لِنَفْسِهِ فَهُوَ (صَنِيعَتُهُ) إِذَا اصْطَنَعَهُ وَخَرَّجَهُ. وَ (التَّصَنُّعُ) تَكَلُّفُ حُسْنِ السَّمْتِ…”[2]

الصناعة في الاصطلاح: – قال علي بن محمد بن علي الزين الشريف الجرجاني رحمه الله (المتوفى: 816هـ):” الصناعة: ملكة نفسانية تصدر عنها الأفعال الاختيارية من غير روية ” [3]

وقال الكفوي، أبو البقاء الحنفي رحمه الله (المتوفى: 1094هـ): ” كل علم مارسه الرجل سواء كان استدلاليا أو غيره حتى صار كالحرفة له فإنه يسمى صناعة، وقيل: كل عمل لا يسمى صناعة حتى يتمكن فيه ويتدرب وينسب إليه، وقيل: الصنعة (بالفتح) العمل، والصناعة قد تطلق على ملكة يقتدر بها على استعمال المصنوعات على وجه البصيرة لتحصيل غرض من الأغراض بحسب الإمكان،”[4]

وقد استخدم العلماء لفظ الصناعة كثيرا للدلالة على العلوم المختلفة، والتي منها علم الحديث، ومنها قول الإمام النووي رحمه الله (ت 676ه) في الثناء على الإمام مسلم رحمه الله (ت261ه) حيث قال: ” سلك مسلم رحمه الله في صحيحه طرقا بالغة في الاحتياط والاتقان والورع والمعرفة وذلك مصرح بكمال ورعة وتمام معرفته وغزارة علومه وشدة تحقيقه بحفظه وتقعيده في هذا الشأن وتمكنه من أنواع معارفه وتبريزه في صناعته[5]

ثانيا: التعريف بابن العربي ومنهجه في تفسيره أحكام القرآن.

التعريف بابن العربي المالكي:

هو محمد بن عبد الله بن أحمد بن العربي، يكنى أبو بكر الأشبيلي، ويشترك ابن العربي ـ صاحب الترجمة ـ مع ابن عربي الصوفي، صاحب كتاب: “الفتوحات المكية”، في الكنية واللقب، فكل منهما يكنى أبو بكر، كما يلقب كل منهما بابن العربي. ويفرَّق بينهما بـ “أل” التعريف، فيقال للفقيه المالكي: ابن العربي، ويقال للصوفي: ابن عربي.

ولادته

وُلِدَ ابن العربي ـ رحمه الله تعالى ـ عام ثمان وستين وأربعمائة من الهجرة ببلده إشبيلية، وقرأ القراءات، ثم رحل إلى مصر والشام وبغداد ومكة، وكان يأخذ من علماء كل بلد يرحل إليه، حتى أتقن الفقه والأصول وقيَّد الحديث واتسع في الرواية.

رحلته إلى المشرق: وأبرز شيوخه

رحل القاضي أبو بكر مع والده سنة 485هـ في مستهل جمادى الأولى، وقصد الشام، وقصد أبا بكر محمد بن الوليد الطرطوني وتفقَّه عنده، وقد لَقِيَ بالشام كثيراً من العلماء وأهل الحديث.

ولما كانت بغداد ـ حماها الله وأقال عثرتها ـ حينذاك تعج بالعلماء والمحدثين الذين طار ذكرهم في البلاد، فقد ودَّع القاضي أبو بكر الشام بعد أنْ قضى إربه منها، وقصد بغداد ودخلها، وسمع بها من أبي الحسين المبارك عبد الجبار الصيرفي، كما سمع من غيره من الشيوخ.

ثم بعد ذلك رحل للحج في سنة تسع وثمانين وأربعمائة فحجَّ ولَقِيَ كثيراً من العلماء في موسم الحج، ثم عاد إلى بغداد مواصلاً أخذه من الشيوخ بجد لا يعرف الفتر، فأخذ عن الأئمة وعلى رأسهم حُجَّة الإسلام أبو حامد الغزالي، وقيَّد الحديث واتسع في الرواية، وأتقن مسائل الخلاف والأصول والأحكام على أئمة العلم في بغداد.

وبعد هذا رحل القاضي قاصداً وطنه الأندلس، وفي طريقه دخل مصر وأقام بالإسكندرية عند شيخه الطوسي وكتب عنه، كما لَقِيَ علماء آخرين من المحدثين، فكتب عنهم وكتبوا عنه، فأفادهم واستفاد منهم ” [6].

علم ابن العربي وخُلُقه:

يذكر ابن الزبير في كتابه: “الصلة” فيقول: “إنَّ القاضي ابن العربي كان في مقامه بأشبيلية ملتزماً للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حتى أصيب من جراء ذلك بذهاب كتبه وماله، فاحتمل ذلك وأحسن الصبر.

وزيادة على مكانته العلمية اتصف ابن العربي بصفات كثيرة كلها خير وبركة. فقد كان من أهل التفنن في العلوم والاستبحار فيها والجمع لها، متقدماً في المعارف كلها متكلماً في أنواعها، نافذاً في جمها حريصاً على أدائها ونشرها، ثاقب الذهن في تميز الصواب منها، يجمع إلى ذلك كله آداب الأخلاق مع حسن المعاشرة، وكثرة الاحتمال، وكرم النفس، وحسن العهد، وثبات الود”([7]).

مؤلَّفاته:

هذا التكوين العلمي لعالِمنا ابن العربي، والذي أبرزنا بعضاً منه، أثمر ثماراً طيبة ظهر بعض منها في كتبه التي خلفها من بعده، والتي منها على سبيل المثال لا الحصر، حيث إنَّ طبيعة هذا البحث لا تسمح بسرد كل ما ألَّفه ابن العربي:

[1] كتابه: “أحكام القرآن”، الذي هو موضوع البحث. [2] المسالك في شرح موطأ مالك. [3] عارضة الأحوذي على كتاب الترمذي. [4] العواصم من القواصم. [5] الناسخ والمنسوخ. [6] القانون في تفسير القرآن.

وهذه المؤلفات على سبيل التمثيل لا الحصر، وقد كانت وفاته – رحمه الله – سنة: (543 هـ) منصرفه من مراكش، وحُمِل ميتاً إلى مدينة فاس ودُفِن بها. فرضى الله عنه وأرضاه.

التعريف بمصادر ابن العربي:

يُعَدُّ هذا الكتاب من أهم كتب التفسير الفقهي، خاصة عند المالكية، ويقع في أربعة أجزاء، وقد طبع محققاً، حقَّقه علي محمد البيجاوي، حيث يقول في مقدمته: “وها أنا ذا أقدِّم هذه الطبعة الجديدة، وأبذل فيها جهداً جديداً في الضبط والشرح والتحقيق، راجياً أنْ يكون ذلك كفاءً لما لقيه الكتاب من تقدير الباحثين وإقبالهم”([8]).

أهم مصادر ابن العربي المالكي لكتابه: “أحكام القرآن”:

تنوعت المصادر التي رجع إليها ابن العربي في إعداد هذا الكتاب، فقد رجع إلى كتب التفسير بالرواية، وعلى رأسهم

  1. محمد بن جرير الطبري “ت 310هـ” في كتابه: “جامع البيان في تفسير القرآن.
  2. “شفاء الصدور” للنقاش (ت361ه)، وهو مخطوط بدار الكتب المصرية، إلا أنه لا ينقل عن النقاش نقل المسلّم له، بل ينقده ويصوِّب ما يراها خطأً.
  3. تفسير الجصاص القاضي أبو بكر الرازي الحنفي (ت 370هـ)، وتفسيره أحكام القرآن.
  4. الكيا الهراسي هو علي بن محمد الطبري (ت 504ه).

وقد نقل ابن العربي عن مفسرين آخرين لم يسمهم، وأشار في مناقشته إلى علماء من المالكية ولم يسمهم أيضاً، رد عليهم آراءهم مستنداً إلى صحيح المروي والتاريخ.

رجوع ابن العربي إلى أمهات كتب المالكية:

إضافة إلى ما أوردته من مصادر ابن العربي فإنَّه قد رجع إلى كثير من كتب المالكية، وفي مقدمتها:

(1)الموطأ، لإمام المذهب الإمام مالك بن أنس (ت 179ه). (2) المختصر”، لعبد الله بن الحكم (ت 214هـ)

(3) الواضحة” لعبد الملك بن حبيب الأندلسي (ت 238هـ). (4) المدونة” لعبد السلام بن سعيد المعروف بـ: “سحنون” (ت 240هـ). (5) العتبية” لمحمد بن أحمد بن عبد العزيز العتبي (ت 254هـ).

وغير ذلك كثير يصعب استقصاؤهم في هذه الورقة البحثية، ولكنني أردت أنْ أشير إشارة سريعة إلى المصادر التي استقى منها الفقيه المالكي ابن العربي مادة كتابه: “أحكام القرآن”، وهي مصادر أصيلة، غنية، دسمة، متنوعة. فجاءت ثمراتها في هذا الكتاب المبارك القيم الذي يتداوله العلماء وطلاب العلم، فيفيدون منه فوائد جمة.

منهج ابن العربي في تفسيره:

خير من بيَّن منهج ابن العربي المالكي في تفسيره هو ابن العربي نفسه، حيث قال في مقدمته التي صدر بها كتابهـ: “… ولما مَنَّ الله سبحانه وتعالى بالاستبصار في استثارة العلوم من الكتاب العزيز، حسبما مهدته لنا المشيخة الذين لقينا، نظرناها من ذلك المطرح، ثم عرضناه على ما جلبه العلماء، وسبرناه بعيار الأشياخ، فما اتفق عليه النظر أثبتناه، وما تعارض فيه شجرناه وشحذناه، حتى خلص نضاره ورق عراره، فنذكر الآية ثم نعطف على كلماتها بل حروفها، فنأخذ بمعرفتها مفردة ثم نركبها على أخواتها مضافة، ونحفظ في ذلك قسم البلاغة، ونحترز عن المناقضة في الأحكام والمعارضة، ونحتاط على جانب اللُّغة، ونقابلها في القرآن بما جاء في السُّـنَّة الصحيحة، ونتحرى وجه الجميع إذ الكل من عند الله، وإنَّما بُعث محمد صلى الله عليه وسلم ليبيِّن للناس ما نزل إليهم، ونعقب على ذلك بتوابع لا بُدَّ من تحصيل العلم بها منها حرصاً على أنْ يأتي القول مستقلاً بنفسه، إلاَّ أنْ يخرج عن الباب فنحيل عليه في موضعه، مجانبين للتقصير والإكثار، وبمشيئة الله نهتدي فمن يهده الله فهو المهتدي لا رب غيره”[9].

قال الدكتور محمد السيد حسين الذهبي (المتوفى: 1398هـ): ” إنَّ ابن العربي ـ رحمه الله تعالى ـ يتناول تفسير القرآن من الفاتحة إلى سورة الناس، سورة سورة، ولكنه يقف مع آيات الأحكام التي في السورة، وهو في عمله هذا يبدأ ببيان معنى المفردة القرآنية إنْ كانت مما يحتاج إلى بيان، ثم يبيّنها مركبة ولا يتجاوز النكات البلاغية إن ظهرت في النص القرآني، ويستفيد من اللُّغة العربية ويناقش في بعض الأحيان القراءات…. إلخ.

والذي يتصفح هذا التفسير يلمس منه روح الإنصاف لمخالفيه أحياناً، كما يلمس منه روح التعصُّب المذهبي التي تستولي على صاحبها، فتجعله أحياناً كثيرة يرمي مخالفه وإنْ كان إماماً له قيمته بالكلمات المقذعة اللاذعة تارة بالتصريح وأخرى بالتلميح ([10]).

المطلب الأول: جهود ابن العربي في علم الحديث ونقده.

سأتناول في هذا المطلب آراء القاضي أبي بكر بن العربي ومنهجه في نقد الحديث على شكل محاور معتمدا في ذلك على الاستقراء الجزئي لما جاء في كتبه ومؤلفاته التي تناولت آراءه الحديثية، مع التركيز على المصادر الآتية:

  1. عارضة الأحوذي بشرح صحيح الترمذي للإمام أبي بكر بن العربي.2- المسالك في شرح موطأ مالك للإمام أبي بكر بن العربي.3- كتاب القبس في شرح موطأ مالك بن أنس لأبي بكر بن العربي.

المحور الأول: المتـواتر والآحــــــــاد

وتجدر الإشارة هنا، أنّ جمهور المحدثين يذهبون إلى التقسيم الثنائي للأخبار بمعنى أنّ الخبر عندهم إما متواتر وإما آحاد.

أما ابن العربي فله رأيان في هذه المسألة، ففي الأول يعتبر الخبر ثلاثة أقسام كما هو رأي الحنفية، وهو ما تؤكّده عبارته حيث يقول رحمه الله:” والأخبار على ثلاثة أقسام، متواتر وهو قليل بل عزيز، ومستفيض وهو كثير، وآحاد وهو جملة أخبار الشرع” [11] وفي موضع آخر ينص على أنّ الخبر قسمان فقط كما هو رأي الجمهور مثلما هو الحال في عبارته في المحصول حيث يقول: ” وهو على قسمين أيضا: متواتر وخبر واحد “[12]

المتواتر عند ابن العربي: “هو كلّ خبر جاء على لسان جماعة يستحيل عليهم التواطؤ والتعمد للكذب ولا خلاف في ذلك فلا معنى للإطناب فيه”. [13] وقال أيضا: “المتواتر ما يقع العلم بعقبه ضرورة، وما لم يقع العلم بعقبه فليس بمتواتر ” [14]

يقول العلامة طاهر الجزائري رحمه الله: “والمتواتر ليس من مباحث علم الإسناد؛ لأنّ علم الإسناد يبحث فيه عن صحة الحديث أو ضعفه، من حيث صفات رواته وصيغ أدائهم ليعمل به أو يترك” [15]

الآحاد: عند ابن العربي، هو: كل خبر لم يبلغ درجة التواتر ولا الاستفاضة، وهذا ما نفهمه من قوله: “والأخبار على ثلاثة أقسام: متواتر وقليل بل عزيز، ومستفيض وهو كثير، وآحاد، وهو جملة أخبار الشرع “[16]

أما ما يفيده خبر الواحد – عند ابن العربي – فعبر عنه بقوله: “أما الثاني: الذي يوجب العمل دون العلم فهو خبر الواحد المطلق عما ينفرد بعلمه ” [17]

المحور الثاني: الحدیث الحسن

ذكر ابن العربي تعريف الحسن عندما تعرض لشرح عبارة الترمذي: (حسن صحيح)، فقال:” وأما قوله:(حسن) فإنّ بعض أهل العلم قال: الحسن ما عرِف مخرجه واشتهر رجاله كحديث البصريين يخرج عن قَتادة والكوفيين عن أبي إسحاق السبيعي، والمدنيين عن ابن شهاب والمكيين عن عطاء وعليه مدار الحديث وقد أكثر منه أبو داود وأبو عيسى (يعني الترمذي). “[18] .

وابن العربي، يستعمل مدلول (الحسن) بمعناه الاصطلاحي، ويفرق بينه وبين الصحيح، وهو ما يظهر بوضوح من خلال المثال التالي عند تعليقه على حديث أم سلمة قالت: يا رسول الله يغزو الرجال ولا يغزو النساء فأنزل الله تعالى: ﴿وَلَا تَتَمَنَّوۡاْ مَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بِهِۦ بَعۡضَكُمۡ عَلَىٰ بَعۡض﴾ [سورة النساء، الآية: 32]، قال ابن العربي في عارضة الأحوذي:”…وهي أحاديث حسان لم تبلغ درجة الصحة ” [19]

المحور الثالث: الحدیث الضعیف وحكمه

قال الإمام السيوطي رحمه الله (ت 911ه):” وقيل لا يجوز العمل به مطلقا قاله أبو بكر بن العربي” [20]

وقال الإمام السخاوي رحمه الله (ت643ه):” وضعف ابن العربي المالكي العمل بالضعيف مطلقا …”[21]

وما حكي عن ابن العربي من عدم العمل بالضعيف مطلقا يعارضه ما في شرحه على الترمذي (باب العطاس وتشميت العاطس بعد الثالثة) حيث قال: ” روى أبو عيسى حديثا مجهولا إن شئت شمته وإن شئت فلا. قال ابن العربي: وهو وإن كان مجهولا فإنه يستحب العمل به لأنه دعاء بخير وصلة للجليس وتودد له ” [22]

المحور الرابع: الحدیث الموضوع ودلائل الحكم عليه

إن لظهور الوضع في الحديث واختلاطه بالصحاح والسنن، الأثر بالغ في دفع أهل الحديث لبدل أعظم الجهود في مقاومته ودفعه وكشف زيفه وحفظ حياض السنة منه، وعلى ضوء تلك المعرفة هبوا لوضع علامات يعرف بها الموضوع، ويميز بها عن الصحيح وغيره، منها:

  1. مخالفة المروي لصريح القرآن: وفي هذا المجال ذكر ابن العربي حديث (إنّ الله خلق الخلق من ظلمة، ثم رش عليهم من نوره …)، ثم حكم عليه بالوضع، وأنه لا أصل له بقوله: ” فاسد المعنى، لا أثر له في الشريعة، ولا مبنى، إنما خلق الإنسان من طين ثم نفخ فيه من روحه والذي يعقل هو الطين باقتران الروح ” [23]
  2. ورود الحديث بدون إسناد: وقد نبه ابن العربي على ذلك بقوله: “وروى المفسرون عن قتادة أنه قال: ذكر لنا أنّ النبي قال:( إنّ الله يحب الحليم الحيي الغني النفس المتعفِّف، ويبغض الغني الفاحش البذيء السائل الملحف). ولم يصح لهذا الحديث أصل، ولا عرف له سند”[24]
  3. اشتمال الحديث على تحقير الصحابة أو الطعن فيهم واستنقاصهم:

وفي هذا يقول ابن العربي:” فاقبلوا الوصية ولا تلتفتوا إلاّ إلى ما صح من الأخبار، واجتنبوا أهل التواريخ، فإنهم ذكروا عن السلف أخبارا صحيحة يسيرة، ليتوسلوا بذلك لرواية الأباطيل، فيقذفوا في قلوب الناس ما لا يرضاه الله تعالى وليحقّروا السلف ويهونوا الدين، وهو أعز من ذلك وهم أكرم منا رضي الله عنهم جميعهم “[25]

المحور الخامس : الحدیث المعنــعن

قال ابن عبد البر:” اعلم وفّقك الله– أني تأملت أقاويل أهل الحديث، ونظرت في كتب من شرط الصحيح في النقل عنهم، ومن لم يشترطه، فوجدتهم أجمعوا على قبول الإسناد المعنعن، لا خلاف بينهم في ذلك، إذا جمع شروطا ثلاثة: عدالة المحدثين في أحوالهم، ولقاء بعضهم بعضا مجالسة ومشاهدة، وأن يكونوا برآء من التدليس “[26]

أما ابن العربي فيفرق بين (أنّ) و(عن) ولا يسوي بينهما، فيمكن في نظره أن تستعمل(أنّ) مع عدم السماع، بينما لا تستعمل (عن) إلاّ عند ثبوت السماع، ولا يصح استعمالها عند عدم ثبوته، ومثاله ما ذكره في سياق شرحه لحديث مالك بن شهاب (أنّ عمر بن عبد العزيز أخر الصلاة يوما…) [27] فقال: “هكذا رواه مالك فيما بلغني، وظاهر مساقه في رواية مالك يدلّ على الانقطاع، لقوله: أنّ عمر بن عبد العزيز أخر الصلاة يوما فدخل عليه عروة بن الزبير، ولم يذكر فيه سماعا – أي سماع ابن شهاب–لا من عروة ولا سماعا من ابن أبي مسعود وهذه اللفظة أعني (أنّ) عند جماعة المحدثين محمولة على الانقطاع حتى يتبين السماع واللّقاء…و(أنّ) في هذا الموضع محمولة على الاتصال حتى يتبين الانقطاع”[28]

المحور السادس: حكم المنقطع

أجمع المحدثون أنّ الحديث المنقطع ضعيف، لا تقوم به الحجة منفردا؛ إلاّ إن تبين اتصاله من وجه آخر، أو جاء من المتابعات والشواهد ما يعضده دون أن يعارضه ما هو أقوى منه ” [29]

أما بالنسبة لابن العربي، فحكم المنقطع عنده على قولين:

القول الأول: أن يكون الانقطاع في الحديث بسبب كونه لا أصل له، وحينئذ يعتبر مطروحا.

القول الثاني: أن يثبت اتصال المنقطع من طريق آخر ثابت، فيحكم له بالصحة. ومثال ذلك: تعليقه على حديث عائشة، أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الآية: ﴿ وَٱلَّذِينَ يُؤۡتُونَ مَآ ءَاتَواْ وَّقُلُوبُهُمۡ وَجِلَةٌ أَنَّهُمۡ إِلَىٰ رَبِّهِمۡ رَٰجِعُونَ ﴾ [سورة المؤمنون، الآية: 61]، قال ابن العربي: “هذا الحديث كما ذكر أبو عيسى مقطوع من طريق موصول من آخر، ولكنه صحيح والله أعلم ” [30]

المحور السابع: الحدیث المرسل وحكمه

عرف ابن العربي المرسل فقال:” هو حديث أسقط فيه التابعي ذكر الصحابي”[31] وهذا التعريف موافق لجمهور المحدثين.

أما فيما يخص حكمه فقال ابن العربي: ” الصاحب إذا قال قولا لا يقتضيه القياس فإنه محمول على المسند إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهي مسألة خلاف كبيرة، ومذهب مالك رضي الله عنه، ومذهب أبي حنيفة فيها أنه كالمسند ” [32]

أما الحكم بالنسبة لمرسل التابعي عند مالك فأشار له ابن العربي في عارضة الأحوذي نقلا عن مالك أن مذهبه قبول مراسيل أهل المدينة دون غيرهم، قال: “وتحقيق مذهب مالك أنه لا يقبل إلا مراسيل أهل المدينة “[33] .

المحور الثامن: حكم موقوف الصحابي عند ابن العربي

الأصل في الموقوف الاحتجاج به عند ابن العربي لأنه مذهب مالك بشرط أن يكون منتشرا، ولم يظهر له مخالف، ومما لا مجال فيه للقياس، وهذا إذا لم يكن له حكم الرفع، أما إذا كان له حكم الرفع فهو حجة كالمرفوع.[34]

المحور التاسع: طرق التحمل عند ابن العربي

ابن العربي في كلامه عنها، قد اعتبرها خمسة مراتب، كما ذكر ذلك في كتابه المسالك، ولم يذكر الأوجه الأخرى، وكأنه لا يرى الأخذ بها، مع أنّ الأئمة قبله لم يكونوا يرون لصحة التحمل؛ إلا تلك الطرق، مثلما هو صنيع البخاري في صحيحه. “[35] قال ابن العربي: “وأعلى الروايات السماع منه وثانيها العرض والقراءة وثالثها المناولة ورابعها الإجازة”.[36]

رأي ابن العربي وإفادته في تحمل وأداء الصغير والكافر

ذهب ابن العربي رحمه الله في هذه المسألة إلى جواز قبول سماع الصغير إذا أداها كبيرا، ومثله تحمل الكافر إذا أداها مسلما، حيث قال معلقا على حديث “(مالك عن نافع أنه رأى صفية بنت أبي عبيد امرأة عبد الله بن عمر تنزع خمارها وتمسح على رأسها) ونافع يومئذ صغير.

الفائدة الأولى: قوله:” (ونافع يومئذ صغير) ففي هذا الحديث جواز شهادة الصغير إذا أداها كبيرا، وفي قياسها شهادة الفاسق إذا أداها تائبا صالحا، وشهادة الكافر إذا أداها وهو مسلم ” [37]

المحور العاشر: حكم المعلل

عرف النووي العلة بقوله: ” العلة عبارة عن سبب غامض خفي قادح، مع أنَّ الظاهر السلامة منه” [38].

وهو فن صعب نظرا لأن إطار البحث فيه هو أحاديث الثقات وهي عادة محل القبول والاحتجاج إلا أن يطرأ عليها ما يدل على وهم الثقة أو خطئه. ومثاله في الحديث المعلول من جهة السند:

حديث أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا صلّى أحدكم ركعتي الفجر فليضطجِع على يمينِه)[39] علّق عليه ابن العربي بقوله: “وحديث أبي هريرة المتقدم في الأمر بالاضطجاع معلول لم يسمعه أبو صالح عن أبي هريرة “. [40]

ومثاله في العلة الواقعة في المتن: حديث عائشة: (قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام وهو جنب لا يمس ماء) [41] علّق عليه ابن العربي: “خرج أبو عيسى هذا الحديث من رواية الأعمش عن أبي الأسود، ثمّ قال: الصحيح عن عائشة أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ قبل أن ينام وقد غلط فيه أبو إسحاق فيما رواه العلماء، قال القاضي أبو بكر بن العربي رضي الله عنه تفسير غلط أبو إسحاق هو أنّ الحديث الذي رواه أو إسحاق هاهنا مختصرا اقتطعه من حديث طويل فأخطأ في اختصاره ” [42]

المطلب الثاني: المبحث الثاني: نماذج تطبيقية من سورة النساء ومعايير التصحيح في منهجه

المحور الأول: ذكر الأحاديث الكثيرة بدون إسناد

الإسناد هو الطريق الموصل إلى المتن، و على الرغم من ذلك فابن العربي لم يلتزم بذكر أسانيد الأحاديث النبوية التي استشهد بها في تفسيره إلا في مواضع يسيرة، ويكتفي بعزوها إلى مصادرها سواء ( الصحيحين ) أو ( السنن) أو ( الموطأ) إلا في مواضع قليلة، والسبب في ذلك يعود إلى ما أشار إليه بقوله: قد أشار رحمه الله إلى السبب في عدم ذكره للأسانيد و روايات الأحاديث المختلفة بقوله: “وفيه روايات مختلفة من طرق كثيرة لو سردناها بطرقها، وسطرناها بنصوصها، وكشفنا عن أحوال رواتها بالتجريح والتعديل لاتسع الشرح، وطال على القارئ البرح، فلذا نذكر لكم من ذلك أيسره وورد في الكتاب الكبير أكثره”[43]

مثال حديث بإسناد القاضي أبو بكر: ولم أرو في التحكيم حديثا حضرني ذكره الآن إلا ما أخبرني به القاضي العراقي، أخبرنا الجوني، أخبرنا النيسابوري، أخبرنا النسائي، أخبرنا قتيبة بن سعيد، حدثنا يزيد يعني ابن المقدام بن شريح عن أبيه شريح، عن أبيه هانئ «قال: لما وفد إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – مع قومه سمعهم وهم يكنونه أبا الحكم …»

المحور الثاني: يحكم ابن العربي بصحة الحديث إذا اتفق الأئمة على ذلك

ومن أمثلته قوله تعالى: ﴿ يَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلۡخَمۡرِ وَٱلۡمَيۡسِرِۖ قُلۡ فِيهِمَآ إِثۡم كَبِير وَمَنَٰفِعُ لِلنَّاسِ وَإِثۡمُهُمَآ أَكۡبَرُ مِن نَّفۡعِهِمَاۗ

[سورة البقرة، الآية: 217]، قال ابن العربي:” والصحيح ما روى الأئمة أن أنسا قال: ” حرمت الخمر يوم حرمت وما بالمدينة خمر الأعناب إلا قليل، وعامة خمرها البسر والتمر “. خرجه البخاري[44]

المحور الثالث: يحكم ابن العربي بصحة الحديث إذا اتفق البخاري ومسلم على تصحيحه

ومن أمثلته، قوله تعالى: ﴿وَإِن كَانَ رَجُل يُورَثُ كَلَٰلَةً أَوِ ٱمۡرَأَة وَلَهُۥٓ أَخٌ أَوۡ أُخۡت فَلِكُلِّ وَٰحِد مِّنۡهُمَا ٱلسُّدُسُ ﴾ [سورة النساء، الآية: 12] قال ابن العربي: ثبت في الصحيح المتفق عليه أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم».[45]

المحور الرابع: صحح ابن العربي أحاديث استدركها على أصحاب السنن

ومثال ذلك ما جاء عند تفسير قوله تعالى: ﴿فَٱنكِحُوهُنَّ بِإِذۡنِ أَهۡلِهِنَّ وَءَاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِ مُحۡصَنَٰتٍ غَيۡرَ مُسَٰفِحَٰت وَلَا مُتَّخِذَٰتِ أَخۡدَان﴾ [سورة النساء، الآية: 25]. حديث: “أيما عبد تزوج بغير إذن مواليه فهو عاهر” خرجه الترمذي. وقال: هو حسن. حيث علق عليه ابن العربي بقوله: وحديث يرويه ابن جريج عن ابن عقيل عن جابر ينبغي أن يكون صحيحا.[46]

المحور الخامس: قد يصحح ابن العربي الحديث بناء على تصحيح غيره

ومثاله: ما جاء في تفسير قوله تعالى: ﴿ِنَّ ٱلَّذِينَ يَكۡتُمُونَ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلۡكِتَٰبِ وَيَشۡتَرُونَ بِهِۦ ثَمَنا قَلِيلًا﴾ [سورة البقرة، الآية: 173]، قال ابن العربي: ودليلنا ما روي عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: «إن الله كتب عليكم السعي فاسعوا». صححه الدارقطني ويعضده المعنى …[47]

المحور السادس: نقد سند الحديث على سبيل التفصيل- تضعيفا –

ومثاله ما جاء عند تفسير قوله تعالى: ﴿حُرِّمَتۡ عَلَيۡكُمۡ أُمَّهَٰتُكُمۡ﴾ [سورة النساء، الآية: 23]، روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أيما رجل نكح امرأة فدخل بها أو لم يدخل فلا يحل له نكاح أمها. قال ابن العربي معلقا على الحديث: وهذا إن صح حجة ظاهرة، لكن رواية المثنى بن الصباح تضعف. [48]

وقوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤۡمِنٍ أَن يَقۡتُلَ مُؤۡمِنًا إِلَّا خَطَـٔاۚ ﴾ [سورة النساء، الآية: 91]، جاء في الحديث؛ فروى عبد الله بن عمر «أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال في خطبته: ألا إن في قتيل عمد الخطأ قتيل السوط والعصا مائة من الإبل منها أربعون خلفة في بطونها أولادها» رواه أبو داود والترمذي. قال ابن العربي: هذا حديث لم يصح.[49]

المحور السابع: نقد سند الحديث على سبيل التفصيل من حيث الانقطاع والاتصال

ومثاله ما أورده ابن العربي عند تفسيره لقوله تعالى: ﴿وَٱبۡتَلُواْ ٱلۡيَتَٰمَىٰ حَتَّىٰٓ إِذَا بَلَغُواْ ٱلنِّكَاحَ فَإِنۡ ءَانَسۡتُم مِّنۡهُمۡ رُشۡدا فَٱدۡفَعُوٓاْ إِلَيۡهِمۡ أَمۡوَٰلَهُمۡۖ﴾ [سورة النساء، الآية: 6]، وروي «أن رجلا قال للنبي – صلى الله عليه وسلم -: إن في حجري يتيما أآكل من ماله؟ …” قال ابن العربي: ” وهذا وإن لم يثبت مسندا فليس يجد عنه أحد ملتحدا؛ لأن المقصود الإصلاح.[50]

المحور الثامن: نقد سند الحديث على سبيل التفصيل من حيث الجرح والتعديل

تارة يستعمل الألفاظ التي تدل على مراتب الجرح، وأدناها مرتبة لفظة (مقارب الحديث)، وهي كلمة تدل على أن الراوي يكتب حديثه ولا يحتمل تفرده، وحديثه ليس بشاذ ولا منكر. ومثاله ما جاء في تفسير قوله تعالى: ﴿يُوصِيكُمُ ٱللَّهُ فِيٓ أَوۡلَٰدِكُمۡۖ لِلذَّكَرِ مِثۡلُ حَظِّ ٱلۡأُنثَيَيۡنِۚ﴾ [سورة النساء، الآية: 11]، قال الإمام ابن العربي: (عبد الله بن محمد بن عقيل، وهو مقارب الحديث عندهم)، هو مقبول لهذا الإسناد.[51]

المحور التاسع: تقديم ابن العربي تعديل الإمام مالك على جرح البخاري

ومثاله: ما جاء في تفسير قوله تعالى: ﴿حُرِّمَتۡ عَلَيۡكُمۡ أُمَّهَٰتُكُمۡ﴾ [سورة النساء، الآية: 23]، قال أبو حنيفة والبخاري وجماعة: نكاح المحرم جائز بالعقد دون الوطء. وقال مالك والشافعي: لا يجوز، ولا عمدة لهما فيه إلا حديث نبيه بن وهب، خرجه مالك: «لا ينكح المحرم، ولا ينكح». قال ابن العربي: وضعف البخاري نبيه بن وهب، وتعديل مالك وعلمه به أقوى من علم كل بخاري وحجازي، فلا يلتفت لغيره … فعجبا للبخاري يدخله مع عظيم الخلاف فيه ويترك أمثاله، ولا يعارض حديث نبيه المتفق عليه بحديث ميمونة المختلف فيه[52]

المحور العاشر: منهج ابن العربي في الجمع والتوفيق بين الأحاديث

ومثاله ما جاء في تفسير قوله تعالى: ﴿حُرِّمَتۡ عَلَيۡكُمۡ أُمَّهَٰتُكُمۡ﴾ [سورة النساء، الآية: 23]، حديث عائشة: «لا يحرم من الرضاعة إلا ما فتق الأمعاء من الثدي، وكان قبل الفطام» وقوله صلى الله عليه وسلم: «يحرم من الرضاع ما يحرم من الولادة». قال ابن العربي: وهذا ظاهر، وحديث عائشة نص، فقد تعاضدا فوجب القضاء به.

المحور الحادي عشر: بعض الألفاظ ذات الدلالة عل نقد الحديث

استعمال الإمام ابن العربي للفظة (ثبت) دون إصدار حكم صريح عليه تعبير منه على صحة الحديث وقد تبين لي بالتتبع أنه يستعملها – في الكثير الغالب – في الحديث الذي خرج في (الصحيحين) أو أحدهما، ومثال ذلك ما جاء عند تفسير قوله تعالى: ﴿وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِۦ وَٱلۡأَرۡحَامَۚ ﴾ [سورة النساء، الآية: 1] …وثبت «أن أسماء بنت أبي بكر قالت: إن أمي قدمت علي راغبة وهي مشركة أفَأصِلُها؟ قال: نعم، صِلِي أمك وعضد ذلك بما رواه أبو هريرة وغيره أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «من ملك ذا رحم محرم فهو حر».[53]

وكلمة (عضد) تعبير منه على أن الحديث لا يوجد في الصحيحين أو في أحدهما، ويوجد في غيرهما من السنن والمسانيد. وقد تتبعت حديث أبي هريرة فوجدته في سنن: (أبي داود، والترمذي، وابن ماجه) ومسند الإمام أحمد.

وقد ترد لفظة (ثبت) عنده مقرونة ببيان صحة الحديث كقوله عند شرح قوله تعالى: ﴿وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِۦ وَٱلۡأَرۡحَامَۚ﴾ [سورة النساء، الآية: 3] المسألة الأولى: في سبب نزولها: ثبت في الصحيح أن عروة سأل عائشة عن هذه الآية، فقالت: ” هي اليتيمة تكون في حجر الرجل تشركه في ماله …[54]

خاتمة

في نهاية هذا العمل، ونهاية دراستي لآراء ابن العربي واختياراته وأثرها في تفسيره الفقهي وجولتي التي أعتبرها محطة انطلاق فقط أجد نفسي ملزما بتسجيل بعض النتائج والخلاصات التي أسفرت عنها هذه الإحاطة القصيرة.

  • أن ابن العربي رحمه الله كان واحدا من أولئك الأعلام الذين شمروا سواعدهم للدفاع عن الحق وإحياء السنة وقمع البدعة.
  • أن ابن العربي قد برز وتفوق في علوم شتى بشهادة أقرانه الذين عاصروه، مما جعله يتصدر المشهد العلمي لسنوات طويلة
  • . فيما يتعلق بالصناعة الحديثية تبين لي أنه جمع بين جزئي علم الحديث (علم الحديث رواية)، و(علم الحديث دراية) وتميز في نقد رواة الأحاديث والكلام على الرجال جرحا وتعديلا، وتميز بمعرفة تامة بأقوال الأئمة في هذا الشأن، مرجحا بين مختلفها.
  • وأخيرا تأكيدا للجانب العملي التطبيقي في إبراز جهود ابن العربي في خدمة السنة النبوية وعلومها انطلاقا من تفسيره (أحكام القرآن) فقد تناول هذا البحث مجموعة من الأحاديث التي حكم عليها ابن العربي بتصحيح أو تضعيف أو غير ذلك، وقد أصاب رحمه الله في الحكم على أكثرها ولم يصب في بعضها من غير أن يقلل ذلك من مكانته العلمية التي فاقت الآفاق.
  • والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما وعلى التابعين وتابع التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

قائمة ببعض المصادر والمراجع

القرآن الكريم

  • ابن فارس: أحمد بن فارس بن زكرياء القزويني الرازي، أبو الحسين (ت 395هـ)، معجم مقاييس اللغة، المحقق: عبد السلام محمد هارون، الناشر: دار الفكر، عام النشر: 1399هـ.
  • الجرجاني: علي بن محمد بن علي الزين الشريف الجرجاني (ت 816هـ)، التعريفات، المحقق: ضبطه وصححه جماعة من العلماء بإشراف الناشر، الناشر: دار الكتب العلمية بيروت –لبنان، الطبعة: الأولى 1403هـ.
  • النووي: أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (ت 676هـ)، المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، الناشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت، الطبعة: الثانية:1392ه.
  • ابن العربي: القاضي محمد بن عبد الله أبو بكر بن العربي المعافري الاشبيلي المالكي (ت: 543هـ)، أحكام القرآن، راجع أصوله وخرج أحاديثه وعلَّق عليه: محمد عبد القادر عطا، الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، الطبعة: الثالثة، 1424 هـ.
  • السيوطي: عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (المتوفى: 911هـ)، تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي حققه: أبو قتيبة نظر محمد الفاريابي، الناشر: دار طيبة.
  • ابن عبد البر: أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر بن عاصم النمري القرطبي (ت 463هـ)، التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، تحقيق: مصطفى بن أحمد العلوي، محمد عبد الكبير البكري، الناشر: وزارة عموم الأوقاف والشؤون الإسلامية – المغرب، عام النشر: 1387 ه.
  • مالك: ابن أنس بن مالك بن عامر الأصبحي المدني (المتوفى: 179هـ)، موطأ الإمام مالك، المحقق: بشار عواد معروف – محمود خليل، الناشر: مؤسسة الرسالة، سنة النشر: 1412 هـ، كتاب وقوت الصلاة، باب وقوت الصلاة / دار إحياء التراث العربي.
  • ابن العربي: القاضي محمد بن عبد الله أبو بكر بن العربي المعافري الاشبيلي المالكي (ت 543هـ)، القبس في شرح موطأ مالك بن أنس، المحقق: الدكتور محمد عبد الله ولد كريم، الناشر: دار الغرب الإسلامي، الطبعة: الأولى، 1992 م.
  • النووي: أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (ت 676هـ)، التقريب والتيسير لمعرفة سنن البشير النذير في أصول الحديث، تقديم وتحقيق وتعليق: محمد عثمان الخشت، الناشر: دار الكتاب العربي، بيروت، الطبعة: الأولى، 1405 هـ.

Margins:

  1. ابن فارس: أحمد بن فارس بن زكرياء القزويني الرازي، أبو الحسين (ت 395هـ)، معجم مقاييس اللغة، المحقق: عبد السلام محمد هارون، الناشر: دار الفكر، عام النشر: 1399هـ، مادة صنع.

  2. الرازي: زين الدين أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الحنفي الرازي (ت 666هـ)، مختار الصحاح، المحقق: يوسف الشيخ محمد، الناشر: المكتبة العصرية – الدار النموذجية، بيروت – صيدا، الطبعة: الخامسة، 1420هـ، مادة صنع.

  3. الجرجاني: علي بن محمد بن علي الزين الشريف الجرجاني (ت 816هـ)، التعريفات، المحقق: ضبطه وصححه جماعة من العلماء بإشراف الناشر، الناشر: دار الكتب العلمية بيروت –لبنان، الطبعة: الأولى 1403هـ -1983م، ص: 134.

  4. الكفوي: أيوب بن موسى الحسيني القريمي الكفوي، أبو البقاء الحنفي (ت 1094هـ)، الكليات معجم في المصطلحات والفروق اللغوية، المحقق: عدنان درويش – محمد المصري، الناشر: مؤسسة الرسالة – بيروت، ص: 544.

  5. النووي: أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (ت 676هـ)، المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، الناشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت، الطبعة: الثانية:1392ه، ج:1، 21.

  6. ابن بشكوال: أبو القاسم خلف بن عبد الملك بن بشكوال (ت 578 هـ)، الصلة في تاريخ أئمة الأندلس، عني بنشره وصححه وراجع أصله: السيد عزت العطار الحسيني، الناشر: مكتبة الخانجي، الطبعة: الثانية، 1374 هـ،ص: 558.

  7. ()الصلة، ص : 558-559.

  8. ()مقدمة محقق أحكام القرآن لأبي بكر محمد بن عبدالله المعروف بابن العربي المعافري الإشبيلي المالكي (ت 543هـ) ، المحقق: علي محمد البجاوي، الناشر: مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه ، ص:12 .

  9. ابن العربي: القاضي محمد بن عبد الله أبو بكر بن العربي المعافري الاشبيلي المالكي (ت: 543هـ)، أحكام القرآن، راجع أصوله وخرج أحاديثه وعلَّق عليه: محمد عبد القادر عطا، الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، الطبعة: الثالثة، 1424 هـ، ص:3- 4.

  10. حسين الذهبي (ت: 1398هـ)، التفسير والمفسرون، الناشر: مكتبة وهبة، القاهرة، ج: 2، 331.

  11. ابن العربي: القاضي محمد بن عبد الله أبو بكر بن العربي المعافري الإشبيلي المالكي (ت 543 هـ)، العواصم من القواصم في تحقيق مواقف الصحابة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، المحقق: محب الدين الخطيب [ت 1389 هـ]، محمود مهدي الاستانبولي [ت 1420 هـ]، الناشر: دار الجيل بيروت – لبنان، الطبعة: الثانية، 1407 هـ – 1987 م، ج: 2، 311. وابن العربي: القاضي محمد بن عبد الله أبو بكر بن العربي المعافري الاشبيلي المالكي (ت 543هـ)، المسالِك في شرح مُوَطَّأ مالك، قرأه وعلّق عليه: محمد بن الحسين السُّليماني وعائشة بنت الحسين السُّليماني، قدَّم له: يوسف القَرَضَاوي، الناشر: دَار الغَرب الإسلامي، الطبعة: الأولى، 1428 هـ، ج: 1، 349.

  12. ابن العربي: القاضي محمد بن عبد الله أبو بكر بن العربي المعافري الاشبيلي المالكي (ت 543هـ)، المحصول في أصول الفقه، المحقق: حسين علي اليدري – سعيد فودة، الناشر: دار البيارق – عمان، الطبعة: الأولى، 1420ه، ـص: 113

  13. المحصول، ص: 113.

  14. المسالك، ج:1، 349.

  15. طاهر الجزائري: طاهر بن صالح (أو محمد صالح) ابن أحمد بن موهب، السمعوني الجزائري، ثم الدمشقيّ (ت 1338هـ)، توجيه النظر إلى أصول الأثر، المحقق: عبد الفتاح أبو غدة، الناشر: مكتبة المطبوعات الإسلامية – حلب، الطبعة: الأولى، 1416هـ، ج:1، 139- 489

  16. العواصم من القواسم/ ج:2، 311.

  17. المحصول لابن العربي، ص: 115

  18. ابن العربي: القاضي محمد بن عبد الله أبو بكر بن العربي المعافري الاشبيلي المالكي (ت 543هـ)، عارضة الأحوذي بشرح صحيح الترمذي، دار الكتب العلمية / بيروت الطبعة الأولى 1418ه، ج: 1/14-15.

  19. العارضة/ج: 7/ 17.

  20. السيوطي: عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (المتوفى: 911هـ)، تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي حققه: أبو قتيبة نظر محمد الفاريابي، الناشر: دار طيبة ج:1/ 298.

  21. السخاوي: شمس الدين أبو الخير محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر بن عثمان بن محمد السخاوي (ت 902هـ)، فتح المغيث بشرح الفية الحديث، المحقق: علي حسين علي، الناشر: مكتبة السنة – مصر، الطبعة: الأولى، 1424هـ، ج: 1/ 287.

  22. العارضة، ج: 10/ 205.

  23. العواصم من القواصم / ج: 2/ 24.

  24. أحكام القرآن / ج:1/239.

  25. العواصم من القواصم / ج: 2/ 470.

  26. ابن عبد البر: أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر بن عاصم النمري القرطبي (ت 463هـ)، التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، تحقيق: مصطفى بن أحمد العلوي، محمد عبد الكبير البكري، الناشر: وزارة عموم الأوقاف والشؤون الإسلامية – المغرب، عام النشر: 1387 هـ/ج: 1/ 12.

  27. مالك: ابن أنس بن مالك بن عامر الأصبحي المدني (المتوفى: 179هـ)، موطأ الإمام مالك، المحقق: بشار عواد معروف – محمود خليل، الناشر: مؤسسة الرسالة، سنة النشر: 1412 هـ، كتاب وقوت الصلاة، باب وقوت الصلاة / دار إحياء التراث العربي/ ج: 1/3.

  28. المسالك، ج: 1/ 361-362.

  29. ابن الصلاح: عثمان بن عبد الرحمن، أبو عمرو، تقي الدين المعروف بابن الصلاح (ت 643هـ)، معرفة أنواع علوم الحديث، ويُعرف بمقدمة ابن الصلاح، المحقق: نور الدين عتر، الناشر: دار الفكر- سوريا، دار الفكر المعاصر – بيروت، سنة النشر: 1406هـ، ص: 34- 53 – 54.

  30. العارضة / ج:12/39.

  31. نفس المصدر / ج: 13/ 344.

  32. ابن العربي: القاضي محمد بن عبد الله أبو بكر بن العربي المعافري الاشبيلي المالكي (ت 543هـ)، القبس في شرح موطأ مالك بن أنس، المحقق: الدكتور محمد عبد الله ولد كريم، الناشر: دار الغرب الإسلامي، الطبعة: الأولى، 1992 م، ص: 207.

  33. العارضة / ج:1/ 246.

  34. ينظر تفصيل ذلك في المسالك، ج: 5/258.

  35. ابن حجر: أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (773 – 852 هـ)، فتح الباري بشرح البخاري، رقم كتبه وأبوابه وأحاديثه: محمد فؤاد عبد الباقي [ت 1388 هـ]، قام بإخراجه وتصحيح تجاربه: محب الدين الخطيب [ت 1389 هـ]، الناشر: المكتبة السلفية – مصر، الطبعة: «السلفية الأولى»، 1380 – 1390 هـ، ج: 1/ 187.

  36. العارضة / ج: 3 / 100.

  37. المسالك / ج: 2/ 133- 134.

  38. النووي: أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (ت 676هـ)، التقريب والتيسير لمعرفة سنن البشير النذير في أصول الحديث، تقديم وتحقيق وتعليق: محمد عثمان الخشت، الناشر: دار الكتاب العربي، بيروت، الطبعة: الأولى، 1405 هـ، ص: 20.

  39. الترمذي: أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي (ت 279 هـ)، الجامع الكبير (سنن الترمذي)، حققه وخرج أحاديثه وعلق عليه: بشار عواد معروف، الناشر: دار الغرب الإسلامي – بيروت، الطبعة: الأولى، 1996 م باب ما جاء في الاضطجاع بعد ركعتي الفجر، ج: 2/ 282.

  40. العارضة / ج: 2/ 216- 217

  41. سنن الترمذي / باب ما جاء في الجنب ينام قبل أن يغتسل / ج: 1/ 220.

  42. العارضة / ج:1/ 181-182.

  43. أحكام القرآن لابن العربي ج: 2/231.

  44. نفس المصدر ج: 1/ 209.

  45. نفس المصدر، ج: 1/455.

  46. نفس المصدر، ج: 1/ 512.

  47. نفس المصدر، ج: 1/ 72.

  48. نفس المصدر، ج: 1/ 485

  49. نفس المصدر، ج: 1/ 605.

  50. نفس المصدر، ج: 1/ 425.

  51. نفس المصدر، ج: 1/ 432.

  52. نفس المصدر، ج: 1/ 496.

  53. نفس المصدر، ج: 1/ 401

  54. نفس المصدر، ج: 1/ 404.