توظيف الأساليب البلاغية في تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها
ولاء الباش1
1 جامعة آيدن، إسطنبول، تركيا.
بريد الكتروني: veleelbas@gmail.com
HNSJ, 2024, 5(12); https://doi.org/10.53796/hnsj512/5
تاريخ النشر: 01/12/2024م تاريخ القبول: 05/11/2024م
Citation Method
المستخلص
تتسم اللغة العربية بتعدد فروعها وفنونها، مما يجعلها من اللغات الأكثر غنى وثراءً في العالم. ومن بين هذه الفروع، تُعد البلاغة أحد أهم فنون اللغة العربية، إذ لا تُعنى فقط بالمعنى فقط، بل تعكس عمقًا جماليًا وفكريًا يُبرز قدرة اللغة على إيصال الأفكار والمشاعر بأساليب مؤثرة ومعبرة. يُعتبر تعليم البلاغة لمتعلمي اللغة العربية من غير الناطقين بها تحديًا يتطلب أدوات ومناهج دقيقة، وذلك لما تحمله من أساليب تتطلب تذوقًا دقيقًا وإلمامًا بالسياق الثقافي الذي نشأت فيه.
ينطلق هذا البحث من الحاجة إلى تقديم البلاغة العربية بطريقة تجعلها قابلة للفهم والتطبيق بالنسبة لمتعلميها من غير الناطقين بها، حيث يسعى إلى استكشاف أهمية تدريس البلاغة، والتحديات التي يواجهها كل من المعلم والمتعلم في هذا السياق. كما يقدم البحث توصيات منهجية تهدف إلى تحسين تدريس البلاغة عبر نصوص أدبية أصيلة، واستخدام أساليب تدريس تكاملية، تأخذ بعين الاعتبار الخلفيات الثقافية للمتعلمين وتساعدهم على تذوق جمالية اللغة العربية وفهم أسرارها.
الكلمات المفتاحية: البلاغة، تعليم الناطقين بلغات أخرى، السياق الثقافي، النص الأدبي.
Employing Rhetorical Techniques in Teaching Arabic to Non-Native Speakers
Published at 01/12/2024 Accepted at 05/11/2024
Abstract
The Arabic language is characterized by its diverse branches and arts, making it one of the richest and most abundant languages in the world. Among these branches, rhetoric stands as one of the most important arts of the Arabic language. It is not merely concerned with meaning but rather reflects an aesthetic and intellectual depth that highlights the language’s ability to convey ideas and emotions in impactful and expressive ways. Teaching rhetoric to non-native Arabic speakers is a challenge that requires precise tools and methodologies, as it involves techniques that demand a keen appreciation and an understanding of the cultural context in which it originated.
This research stems from the need to present Arabic rhetoric in a way that makes it understandable and applicable for non-native learners. It aims to explore the significance of teaching rhetoric and the challenges faced by both teachers and learners in this field. The study also offers methodological recommendations to enhance the teaching of rhetoric through authentic literary texts and the use of integrative teaching approaches that consider learners’ cultural backgrounds, enabling them to appreciate the beauty of the Arabic language and understand its intricacies.
Key Words: Rhetoric، Teaching Non-Native Speakers، Cultural Context, Literary Text
المقدمة :
تُعدّ اللغة العربية واحدةً من اللغات الحية التي تشكل استثناءً كبيراً في ضخامة مفرداتها وتنوع تراكيبها واتساع علومها. هذا الاستثناء الذي يميز اللغة العربية يجعل تدريسها لغير الناطقين بها مهمةً تتطلب الكثير من الدقة والتركيز. وبالنظر إلى علم البلاغة كأحد علوم اللغة العربية، يُعتبر من أهم العلوم التي تضفي على اللغة العربية جمالاً وتبرز عمقها وإعجازها. فالبلاغة ليست مجرد أداة لنقل المعاني، بل هي وسيلة تُظهر عمق اللغة العربية وإعجازها، وتتمثل في قدرتها على إيصال المعاني بأسلوبٍ يعكس العاطفة ويبرز تأثير هذه اللغة في النفوس، مما يجعلها من أهم العلوم اللغوية التي تعزز قوة التواصل
ويأتي هذا البحث نتيجةً للاحتكاك المباشر مع الطلاب غير الناطقين باللغة العربية وتجربة ميدانية طويلة، ليقدم رؤيةً حول أهمية تدريس البلاغة لغير الناطقين بها. فالبلاغة ليست علماً نظرياً فحسب، بل هي فن تطبيقي يُسهم في تعزيز مهارات الفهم والتذوق والتعبير لدى المتعلمين، ويعزز الاطلاع الثقافي والاجتماعي على خلفية اللغة العربية لدى متعلميها.
أهمية البحث :
تأتي أهمية البحث من حيث تركيزه على قيمة الدرس البلاغي لمتعلمي اللغة العربية وتسليط الضوء على هذا الجانب في تحسين جودة تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها وتطوير البرامج التعليمية الموجهة للمتعلمين
كما يسهم في تطوير إطار مرجعي لتطوير سلاسل تعليم اللغة والاستراتيجيات المبتكرة التي تعزز مهارات التواصل والتفاعل وبالتالي تؤدي إلى تحسين مستوى التعليم لديهم كما تتجلى أهمية البحث في الكشف عن جوانب ضعف الدرس البلاغي الموجود في سلاسل تعليم اللغة العربية والصعوبات التي تواجه المعلمين والمتعلمين في هذا المجال لعدم وجود منهجية واضحة في الدرس وتسعى لتقديم الاقتراحات والاستراتيجيات التي تذلل صعوبات الدرس البلاغي أمام متعلم اللغة العربية
مشكلة البحث :
اللغة العربية لغة غنية بمفرداتها وتراكيبها ورصيدها الثقافي والديني الذي حفظ وجودها حتى يومنا هذا وبالتالي لابد للمقبل على تعلم اللغة العربية أن يفهم ثقافة هذه اللغة من جميع جوانبها، وعلم البلاغة من العلوم التي تقوم على تذوق الطالب للغة العربية وفهم دقيق المعاني، وهذا الفهم لا يتأتى إلا من فهم عميق للثقافة العربية والإسلامية يساعده على الاطلاع على النصوص الأدبية وفهمها وتذوق نواحي الجمال الموجود فيها فإذا لم يدرس المتعلم ثقافة العربي ويفهم نمط حياته لن يستطيع تذوق الجمال الموجود في الشعر العربي أو النصوص الأدبية ولن يستطيع فهم المعنى الصحيح الموجود خلف الاستعارة والتشبيه خصوصا أن فهم المعاني والمفردات وتركيب الجمل ومن ثم فهم الدلالة المجازية التي يراد بها تركيب الجمل أمر يشق على أبناء اللغة العربية فكيف بمتعلميها إلا أن اللغة العربية هي لغة القرآن الكريم وهناك نسبة كبيرة يتعلمون هذه اللغة لأسباب دينية تنبع من حاجتهم لفهم آي القرآن والوقوف على دلائل إعجازه وفهم مجازه بالإضافة إلى أنها لغة الأدب والشعر وكل هذه الفنون تعتمد على البلاغة العربية
أهداف البحث :
– تحديد الأساليب البلاغية الأكثر أهمية في دراسة اللغة العربية
– تقديم إطار مرجعي لتطوير سلاسل تعليم اللغة والاستراتيجيات المبتكرة التي تعزز مهارات الاتصال والتفاعل
– تدريس البلاغة العربية من خلال النص الأدبي
– التدرج في تعليم البلاغة العربية للناطقين بغيرها من السهل إلى الصعب
– تقديم أسس نظرية للمعلمين تساعدهم على تصميم أساليب تدريس فعالة تعتمد على البلاغة مما يعزز فهم اللغة العربية
أسئلة البحث :
ما الأساليب البلاغية الأكثر أهمية في تدريس اللغة العربية ما المشاكل التي تعترض متعلم اللغة العربية في فهم الأساليب البلاغية كيف يمكن تحسين جودة السلاسل والبرامج التعليمية الموجهة لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها من خلال توظيف الأساليب البلاغية فيها ما الأثر المتوقع لتوظيف الأساليب البلاغية في تعليم اللغة العربية ما الدور الذي تؤديه الثقافة العربية والإسلامية في فهم وتذوق البلاغة لدى متعلمي اللغة العربية
مصطلحات البحث :
البلاغة العربية: دراسة البلاغة كعلم يركز على فهم وتذوق النصوص اللغوية الثقافة العربية والإسلامية: تأثير البعد الثقافي والديني في تعلم وتعليم اللغة العربية مهارات الفهم والتذوق الأدبي: التركيز على كيفية تطوير القدرة على فهم النصوص وتذوق الجماليات فيها.
لابد هنا من الإشارة إلى الصعوبات التي تواجه هذا البحث ولكنها لاتحول دون إتمامه بإذن الله :
– تشابك الموضوعات البلاغية واتساعها.
– نقص الاهتمام بهذا الجانب من الدراسات البلاغية.
منهج البحث :
المنهج الوصفي :الذي يتناول وصف الظاهرة المدروسة كما هي والمنهج التحليلي : من خلال التركيز على فهم آلية التعلم ومدى تأثيرها على تعليم البلاغة العربية.
الدراسات السابقة :
تناولت دراسة الدكتور تيسير محمد الزيادات بعنوان “صعوبات تعليم البلاغة العربية للناطقين بغيرها: جامعة شرناق تركيا نموذجًا” التحديات التي يواجهها متعلمو اللغة العربية، حيث عرضتها بشكل واضح ومفصل يسهم في الوصول إلى آليات تساعد في تحسين فهم الدرس البلاغي. ومع ذلك، يُلاحظ افتقار الدراسة إلى نموذج تطبيقي للدرس البلاغي وفق الآلية المقترحة، مما يتيح مجالًا واسعًا للتطوير في المستقبل
أما دراسة الدكتور عبدالله بن أحمد العطاس بعنوان “دراسة البلاغة العربية في ضوء النص الأدبي للناطقين بغير اللغة العربية”، فقد تناولت التقسيمات الكلاسيكية لعلوم البلاغة، مستشهدةً بالقرآن الكريم والحديث النبوي الشريف والنصوص الأدبية، لتوضيح أن البلاغة جزء لا يتجزأ من النص الأدبي. قدم الباحث نموذجًا مفيدًا لتدريس البلاغة العربية للناطقين بغيرها، مستندًا إلى شروحات قديمة لابن جني وعبد القاهر الجرجاني، مما يبرز تأثره بفكر القدماء.
بينما ركزت دراسة الدكتور عبد الحليم محمد عبد الله بعنوان “تعليم البلاغة العربية للناطقين بغيرها: معالم للتأليف البلاغي للناطقين بغير اللغة العربية”، على عدة جوانب أساسية تتعلق بتأليف المناهج البلاغية لغير الناطقين، مقترحًا آليات لتغنيم الدروس البلاغية بهيكل واضح.
نلاحظ أن جميع الدراسات السابقة التي تمت مناقشتها تناولت مشكلة تعليم البلاغة والصعوبات التي يواجهها كل من المتعلم والمعلم، وقدمت رؤى متعددة من زوايا مختلفة. وهذا كله يسهم في تمهيد الطريق للوصول إلى نموذج واضح وميسر لتدريس البلاغة.
أهمية تدريس البلاغة :
تعتز كل أمة بلغتها وتعتبرها جزءًا من حضارتها وإرثها الثقافي، وبالتالي تشكل عنصرًا مهمًا في تحديد معالم مستقبلها. وهذا الحال بالنسبة للغة العربية، فهي الرابط المشترك الذي يوحد أبنائها تحت لوائها والهوية التي تجمع العرب والمسلمين تحت رايتها، كونها لغة الدين الإسلامي. وبالتالي فهي البوابة الأولى لفهم معاني القرآن الكريم والتشريعات والإعجاز الموجود فيه. فالبلاغة هي ميزان الكلام، سواء كان هذا الكلام شعرًا أو نثرًا، وهي الفن الذي به يُعرف إعجاز القرآن الكريم
وقد أكد عبد القاهر الجرجاني على أهمية البلاغة بقوله:”ثم إنك لترى علمًا هو أرسخ أصلًا وأيسق فرعًا وأحلى جنيًا وأعظم وردًا وأكرم نتاجًا وأنور سراجًا من علم البيان، الذي لولا هو لم ترَ لسانًا يحوك الوشي، ويصوغ الحلي، ويلفظ الدر، وينفث السحر، والذي لولا تحفيه بالعموم وعنايته بها وتصويره إياها لبقيت كاملة مستورة” (الجرجاني، 1992)
فالبلاغة ليست مقتصرة على فهم الإعجاز البلاغي فحسب، بل هي أداة معرفية تفتح آفاقًا واسعة للفهم والتفكر، مما يجعل تدريسها لغير الناطقين ضرورة لاستيعاب الإعجاز والجمال والثقافة الموجودة في اللغة العربية. وفي هذا السياق يقول الدكتور أبو موسى: “البلاغة ليست مقتصرة على فهم الإعجاز البلاغي فحسب، بل هي بوابة لدخول مجالات المعرفة الأخرى التي تعتمد عليها (العطاس، 1424)“
وبغض النظر عن الأهداف التي يرجوها متعلم اللغة، تظل البلاغة تحتل مكانة متميزة باعتبارها فنًا من فنون اللغة العربية، يطرزها ويظهر جمالها وإعجازها ويعبر عن ثقافتها. ومن هنا تأتي أهمية تدريس الأساليب البلاغية للناطقين بغير اللغة العربية.
أهمية السياق الثقافي في تدريس البلاغة للناطقين بغيرها:
لا يمكن أن تُدرَّس اللغة بمعزل عن الثقافة التي نشأت فيها وأحاطت بها، وخصوصًا اللغة العربية. فتعلم هذه اللغة دون فهم ثقافة مجتمعها وقيمه واتجاهاته يعدّ تعلمًا ناقصًا لا يؤدي إلى الفائدة الكاملة، لأن اللغة كائن حيّ، وهي ليست مجرد قواعد لضبط الكلام، بل نتاج لمجموعة من العادات والتقاليد والأفكار التي صاغت ثقافة المجتمع. فهي تحمل بين مفرداتها هذه القيم والمعتقدات، ولهذا تعتبر اللغة على مر العصور موضع اهتمام كبير
أما إذا جئنا للبلاغة، نجد أنها تتطلب الخيال والتفكير، وتتطلب من المتعلمين فكرًا متقدمًا وثقافة واسعة حتى يستوعبوا جمال المعاني القريبة والبعيدة الموجودة في النص، وتتطلب مخزونًا لغويًا وثقافة كبيرة. الأمر هنا لا يتعلق فقط باللغة والمفردات وقواعد النحو، بل يتطلب فهم الموروث الثقافي الذي جاءت منه هذه البلاغة.
المتلقي العربي قادر على فهم نسبة لا بأس بها من الصور والتراكيب البلاغية الموجودة في أي نص أدبي. لكن دارس البلاغة من الناطقين بغيرها يجد صعوبة، لأنه يحتاج أن يكون موجودًا في الإطار الثقافي الموجود. وكما يقول الدكتور عبد الله العطاس: “أما دارس البلاغة من الناطقين بغير العربية فيواجه مشكلة أخرى خاصة به، وهي جهله بما يحتوي وراء اللغة العربية من رموز ومضامين ثقافية” (العطاس، 1424)
(العسكري، 1989) ذلك أن أي محاولة لفهم النص الأدبي وإدراك بلاغته دون الوقوف على الثقافة العربية الإسلامية هي محاولة فاشلة مثال على ذلك: نحن لا نستطيع أن نقدّم نصًّا بلاغيًا مستمدًا من الشعر دون أن نقدم للطالب السياق الثقافي الذي كتب فيه هذا النص، مثل أشعار الفخر والحماسة دون توضيح قيمة الفخر والحماسة في العصر الجاهلي، وشرح القيمة الاجتماعية الموجودة لدى العرب، والتي قد تختلف عن القيم الموجودة لدى ثقافة الطالب.
المتعلم يحتاج أن يلمّ بالإطار التاريخي والثقافي لكل نص. فمثلًا، عندما يقول أبو فراس الحمداني:
سيذكرني قومي إذا جد جدهم وفي ليلة الظلماء يفتقد البدر
يحتاج المتعلم أن يعرف أن الشاعر كان أسيرًا لدى الروم لمدة أربع سنوات، وكان فارسًا ومغوارًا، وبالتالي هو بعيد عن قومه ويشعر بالأسى لعدم وجوده معهم ويعتقد أنهم سيحتاجون إليه
مشاكل تدريس البلاغة العربية للناطقين بغيرها:
عند تدريس البلاغة للناطقين بغيرها، تواجهنا عدة مشكلات يمكن تقسيمها إلى ثلاثة أقسام تتعلق بكل من المعلم، والمتعلم، والمنهج.
أولاً: مشاكل على صعيد المعلم:
يتوفر المنهج والدرس البلاغي في الكتب كوسيلة لإيصال المعنى، لكن الأدوات التي يستخدمها المعلم هي التي تبرز هنا لإيصال هذا المحتوى إلى الطلاب. لذا يحتاج المعلم إلى مهارة كبيرة في استخدام هذه الأدوات التي تلهم وتعزز الشغف بالدرس البلاغي لدى الطلاب. بالإضافة إلى ذلك، يختلف المعلمون في مهاراتهم وامتلاكهم للذوق البلاغي وقدرتهم على تذوق الجمال؛ وهذا قد يؤثر سلبًا على تعليم الطلاب في حال كان المعلم يفتقر لهذه المهارات.
ثانياً: المشاكل على صعيد المتعلم:
يأتي المتعلمون من خلفيات لغوية وثقافية مختلفة، مما يؤدي إلى فروق فردية واضحة بينهم وتفاوت في قدرتهم على استيعاب الأساليب البلاغية. بعضهم قد يجد صعوبة في فهم المعاني بسبب ضعفهم في اللغة أو نقص رصيدهم اللغوي، خاصةً في نصوص القرآن الكريم. كما أن الأساليب البلاغية تختلف بين اللغات، حيث لكل لغة طريقتها الخاصة في التعبير الفني وإيصال المعنى، مما قد يؤدي إلى ارتباك لدى بعض المتعلمين.
ثالثاً: المشاكل المتعلقة بالمناهج
بعض المناهج لا تلبي تطلعات الطلاب ورغباتهم، إذ تركز على النصوص والجوانب النظرية من تعريفات ومصطلحات دون التركيز على الجانب التطبيقي. كما أن طريقة طرح الدرس البلاغي أحيانًا تكون بمعزل عن النص الأدبي، مما يجعل الطلاب يرون البلاغة علمًا مستقلاً عن التطبيق العملي، ويبتعدون عن التذوق الفني والجمالي
دوافع تعلم البلاغة العربية:
تتعدد دوافع تعلم اللغة العربية بشكل عام والبلاغة بشكل خاص ولكل منها دور مهم في تعزيز فهم اللغة واستخدامها بطرق أعمق وأكثر تأثيرًا. من بين هذه الدوافع:
1. الدافع الديني:
أحد أهم الدوافع لتعلم البلاغة هو الحاجة إلى فهم النصوص القرآنية التي تتميز ببلاغة فائقة أدهشت الكثير من العرب عند نزول القرآن الكريم وكما يقول أبوهلال العسكري في مقدمة كتاب الصناعتين “إن أحق العلوم بالتعلم، وأولاها بالتحفظ، بعد المعرفة بالله جل ثناؤه علم البلاغة، ومعرفة الفصاحة، الذي به يعرف إعجاز كتاب الله تعالى” (العسكري، 1989)
لقد تلقى العرب القرآن الكريم وهم مسحورون بإعجازه وفصاحته وبلاغته ولكن وقفوا منه موقفين مختلفين تماما فهذا سحر به فآمن به واتبع وبإعجازه واتبع النبي المرسل وهذا شعر بسطوة استحر فيه فخشي فغلبته أناه وخشي على ملكه وخشي على ماله فكفر به فكفر به و عارض عنه ودعا إلى تركه كل هذا هو يعني هذا سمعنا وقريش قالت في أكثر من في معرض الإنكار أساطير الأولين وقالت عنه سحر وقالت عنه كلام محمد هذا كله كان يقال لا توجد فيه بشكل عام هذه هي مرحلة التذوق الفطري لإعجاز القرآن الكريم وجماله
وفي قصة الوليد بن المغيرة خير دليل على إدراك العرب لإعجاز القرآن الكريم رغم إنكارهم له سألهم الوليد: “ماذا أقول فيه؟ فوالله ما منكم رجل أعلم مني بالشعر، ولا برجزه ولا بقصيده، ولا بأشعار الجن. والله ما يشبه الذي يقوله شيئًا من هذا”. وتابع قائلًا: “والله إن لقوله لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإنه ليعلو ولا يُعلى عليه”. ورغم ذلك، أصرَّ أبو جهل وقال: “والله لا ترضى عنك قريش حتى تقول فيه قولًا آخر”. فأجاب الوليد بعد أن فكر قائلًا: “إن هذا إلا سحر يؤثر. أما رأيتموه يفرق بين الرجل وأهله ومواليه”. (قطب، 2017)
وقد وصف القرآن الكريم حال الوليد بن المغيرة في قوله تعالى:
“إنه فكر وقدر. فقتل كيف قدر، ثم قتل كيف قدر. ثم نظر، ثم عبس وبسر. ثم أدبر واستكبر، فقال إن هذا إلا سحر يؤثر” (سورة المدثر، 18-24)
هذه القصة تعكس الصراع الداخلي الذي واجهه الوليد وإدراكه لمدى إعجاز القرآن الكريم لكن تعصبه جعله يقف موقف المنكر لهذا الدين. (قطب، 2017)
وعلى الصعيد الآخر نجد من آمن به واتبعه لإعجازه حيث يروى ان عمر بن الخطاب كان متوشحاً بسيفه إلى رسول الله وصحبه فلقيه في الطريق، التقى عمر بنعيم بن عبد الله، فسأله عن وجهته، فأجابه بغرضه، وأخبره نعيم أن أخته فاطمة بنت الخطاب وزوجها سعيد بن زيد قد أسلما. بعد ذلك توجه عمر إلى بيت أخته، وهناك سمع خباب بن الأرت يتلو عليهما آيات من القرآن. اقتحم عمر البيت، وعندما حاول زوج أخته منعه، بطش به عمر، كما شجّ رأس أخته فاطمة، التي رفضت أن تخفي إيمانها.
بعد أن هدأ قليلاً، طلب عمر أن يقرأ ما كان بين أيديهم من صحائف، وكانت تحتوي على سورة طه، فقرأ منها ما استطاع، وقال: “ما أحسن هذا الكلام وأكرمه!”. بعد ذلك ذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، حيث أعلن إسلامه. فكبر النبي تكبيرة عظيمة، عرف منها أهل البيت أن عمر قد أسلم. (قطب، 2017) (عمار، 2003)
هذا الإعجاز الذي أدركته العرب قديماً لمجرد سماع القرآن الكريم، يقتضي معرفة دقيقة بالأساليب البلاغية والمفردات ومدلولاتها والتراكيب التي تميز القرآن وتمنحه إعجازه اللغوي والبلاغي، لذلك لابد لمتعلم اللغة العربية أن يلم بهذه الأساليب لفهم إعجاز القرآن الكريم وتشريعه .
الدافع الفني :
“إن تدريس البلاغة ليس مقصودًا لذاته، إنما هو وسيلة لغاية أسمى. هي تربية ملكة الذوق لدى الطلاب، وتنميتها وتطويرها لتعينهم على تذوق الأدب، والاستمتاع به، وتمييز غثه من ثمينه، وتوسيع أفقهم الفني وخيالهم الأدبي، فيستشعر الجمال ويدرك مواطن الإبداع” (عمار، 2003)
البلاغة تزين النصوص بلطائف المعاني ومن خلالها يستطيع المتعلم تقدير الجمال الكامن في الصور والأساليب فعلى سبيل المثال : المقابلة التي تعتبر من المحسنات البديعية ذات الدلالة العميقة في اللغة العربية، حيث تقدم جماليات لغوية وفكرية تبرز القيمة المعنوية للنص. في القرآن الكريم، وتؤدي دورا مهما في أظهار دور التذوق الفني في توضيح الفكرة والمعنى
أشار الشيخ محمد أبو زهرة إلى أن المقابلة في القرآن تعد وسيلة استدلالية هامة ، إذ تعزز القدرة على التفضيل بين الحق والباطل من خلال عرض الأمور المتناقضة بأسلوب يتذوقه القارئ ومن ثم يعزز الفهم لديه ويؤكد الحق. (الغوثاني، 2012)
تتجلى المقابلة في القرآن بأشكال متعددة بناءً على عدد العناصر المقابلة:
• مقابلة اثنين باثنين، مثل قوله تعالى: “فليضحكوا قليلاً وليبكوا كثيراً” (سورة التوبة- 82)
• مقابلة ثلاثة بثلاثة، كما في قوله تعالى: “ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث” (سورة الأعراف-157)
• مقابلة أربعة بأربعة، في قوله تعالى: “فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى” (سورة الليل- 5-10)
تظهر هذه المقابلات في القرآن الكريم لتعزز من القيمة الفكرية والتربوية، حيث تبين التفوق المعنوي لقيمة الحق والخير على الباطل. تساعد هذه المقابلة المتعلم على فهم أعمق للتراكيب البلاغية والرسائل التربوية التي يحملها القرآن الكريم، وتثري كذلك تذوقهم لجماليات اللغة.
3- الدافع الثقافي :
يقول الأستاذ صالح بالعيد: “تعلُّم اللغة العربية للناطقين بغيرها يتم لغرضين: معنوي أو مادي. فالجانب المعنوي هو التعريف بعالمية اللغة العربية التي أضفى القرآن الكريم عليها صفة العالمية بعد أن كانت محصورة في الجزيرة العربية، فتحررت بذلك من الطوق الجغرافي والبشري، مما جعلها لغة إنسانية عالمية. أما الجانب المادي فيرتبط بالفوائد المكتسبة من تعلم لغة جديدة، بما في ذلك الفوائد العملية في مجالات مختلفة” (بلعيد، 1999)
يقول الأستاذ صالح بالعيد: “تعلُّم اللغة العربية للناطقين بغيرها يتم لغرضين: معنوي أو مادي. فالجانب المعنوي هو التعريف بعالمية اللغة العربية التي أضفى القرآن الكريم عليها صفة العالمية بعد أن كانت محصورة في الجزيرة العربية، فتحررت بذلك من الطوق الجغرافي والبشري، مما جعلها لغة إنسانية عالمية. أما الجانب المادي فيرتبط بالفوائد المكتسبة من تعلم لغة جديدة، بما في ذلك الفوائد العملية في مجالات مختلفة” (بلعيد، 1999)
فالبلاغة هي إحدى صور الثقافة التي تعكس الخلفية الثقافية والعادات والقيم الخاصة بكل أمة. فهي تعبر عن السياق الثقافي والتاريخي الذي ساهم في تشكيل النصوص الأدبية. ومن هنا، فإن فهم البلاغة يؤدي إلى فهم أعمق للثقافة العربية والتراث العربي، مما يوسّع مدارك المتعلم ويعزز قدرته على استيعاب اللغة العربية وتعلمها بعمق. ورغم تعدد الدوافع لتعلم البلاغة، يبرز الدافع الديني كأحد الدوافع الأساسية والأكثر أهمية بالنسبة للعديد من المتعلمين، إذ يرتبط هذا الدافع برغبة المتعلم في فهم النصوص الدينية بصورة أعمق، واستيعاب بلاغتها التي تعكس جمال اللغة العربية وتفرّدها.
معايير اختيار الأساليب البلاغية :
معايير اختيار الأساليب البلاغية عند تدريس البلاغة العربية للناطقين بغيرها يجب أن تراعي عدة عوامل أساسية، من أهمها:
1. السهولة في الفهم: ينبغي البدء بالأساليب البسيطة، مثل التشبيه، التي تكون مناسبة للمراحل الأولى من التعلم. يعتمد التشبيه على مقارنة واضحة بين عنصرين، مما يسهل على المتعلمين استيعاب الفكرة. يمكن تقديم نماذج بسيطة للتشبيه، مثل “زينب جميلة كالقمر”، حيث يكون المعنى واضحًا ومباشرًا دون الحاجة إلى تحليل عميق، مع فهم المتعلم أن وجه الشبه بين زينب والقمر هو الجمال.
2. التدرج من البساطة نحو التعقيد: من الضروري أن يتدرج المعلم في تقديم الأساليب البلاغية بدءًا من الأساليب التي لا تتطلب مجهودًا كبيرًا في الفهم، ثم الانتقال تدريجيًا إلى أساليب أكثر تعقيدًا. الهدف هو أن يتمكن الطالب من تطوير مهارته تدريجيًا دون الشعور بالإحباط من صعوبة المادة.
3. الخلفية الثقافية للطلاب: تؤثر الخلفية الثقافية بشكل كبير في اختيار الأساليب المناسبة للطلاب. فبعض الأساليب قد تكون أسهل وأقرب إلى فهم الطالب بناءً على لغته الأم وثقافته، فمثلًا، يمكن أن تكون الكناية واضحة وسهلة في الثقافات التي تعتاد على التلميح والتعبير غير المباشر.
4. القدرة على التطبيق العملي: من المهم أن يكون الأسلوب البلاغي قابلًا للتطبيق بشكل مباشر داخل الدرس، لأن التكرار والممارسة يجعلان الأسلوب أكثر ترسيخًا في ذهن الطالب، مما يساعده على استخدامه بشكل طبيعي وسلس.
5. السياق اللغوي للنصوص المدروسة: يجب أن يتناسب الأسلوب البلاغي مع طبيعة النص المدروس وعصره. فمثلًا، تختلف الأساليب البلاغية المستخدمة في النصوص القديمة، مثل الشعر الجاهلي أو الخطب القديمة، عن الأساليب المستخدمة في النصوص الحديثة.
أثر تدريس الأساليب البلاغية لدى متعلمي اللغة العربية :
تطوير الذوق من خلال تعليم البلاغة:
لتعلم البلاغة دورًا أساسيًا في تطوير الذوق الفني ، وذلك لأنه يجعلهم قادرين على فهم الأساليب البلاغية وما تحتويه من فن وجمال. هذا الفهم يمكنهم لاحقًا من إدراك الفروقات بين النصوص الجيدة والضعيفة، “فالبلاغة وسيلة للتعبير الجميل عما في القلب من عاطفة وعما في القلب من فكر، وعما في النصوص الأدبية من جمال” (بولوط، 2023)
تعزيز مهارات التفكير :
البلاغة تمكن المتعلم من التفكير المنطقي لأنها تتطلب منه ترتيب الأفكار وتسلسلها بطريقة منطقية وتنمي لديه مهارات التفكير لفهم الأسباب والدوافع والمعاني القريبة والبعيدة ومراعاة الكلام للمقام والسياق. على سبيل المثال، أسلوبا الإيجاز والإطناب يُستخدمان وفقًا للسياق، ويحتاج المتعلم إلى معرفة متى يكون الإيجاز مطلبًا لتحقيق الوضوح والسرعة في الفهم، ومتى يكون الإطناب مناسبًا لتوضيح فكرة معينة أو تعزيز التأثير العاطفي، وفي ذلك يقول ابن قتيبة: ” ليس يجوز لمن قام مقاماً في تحضيض على حرب، أو حمالة بدم، أو صلح بين العشائر، أن يقلل الكلام ويختصره، ولامن كتب إلى عامة كتاباً في فتح أو استصلاحٍ أن يوجز” (قصاب، 2016)
تعزيز العلاقات الاجتماعية :
” إن البلاغة العربية قد توصلت إلى ماتوصل إليه علم الأسلوب الحديث من أن اللغة التي يتشكل منها الأسلوب، هي من جملة مظاهرها ظاهرة اجتماعية، وهي مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بثقافة الناس الذين يتكلمونها” (قصاب، 2016)
من خلال تعلم البلاغة، يستطيع المتعلم أن يعبر عن مشاعره بطريقة أكثر تأثيرًا وعمقًا، عندا نقول: زينب كالزهرة بدل أن نقول زينب لطيفة هنا يتعلم الطالب كيفية التعبير عن نفسه وأفكاره بأسلوب أكثر تأثيرًا في السياقات الاجتماعية، مما يقرب المسافات ويعزز التفاعل بينه وبين أبناء اللغة.
فهم مواطن الإعجاز في الفرآن الكريم :
“علم البلاغة من العلوم التي لا غنى عن دراستها وإتقانها لفهم القرآن الكريم والسنة النبوية خاصة والعلوم الإسلامية عامة. ومن أجل ذلك اشتغل علماء العربية على مر العصور قديمًا وحديثًا بتأليف الكتب في هذا الفن” (بولوط، 2023)
كل تعبير قرآني يحمل في طياته إعجازًا لغويًا لا يمكن استبدال كلمة فيه بأخرى، ولا يمكن تقديم كلمة كان يجب تأخيرها أو تأخير كلمة كان يجب تقديمها، دون أن يتغير المعنى والدلالة بشكل جذري. بالإضافة إلى أن الكثير من التشريعات والأحكام تعتمد على الفهم الكامل والواضح للنص القرآني وفهم الأساليب البلاغية.
آلية مقترحة لتدريس الأساليب البلاغية:
1. تقديم الإطار الثقافي والتاريخي:
يبدأ المعلم بتقديم خلفية ثقافية وتاريخية شاملة عن النص البلاغي الذي ستتم دراسته، وذلك من خلال الإجابة على مجموعة من الأسئلة الأساسية التي توضح سياق النص للطلاب وتساعدهم في فهم البيئة الثقافية المحيطة بالنص. تتضمن هذه الأسئلة: من قال النص؟ متى قاله؟ ما الزمن ونوع النص ومناسبته؟ ما أثر النص في الثقافة العربية ومدلولاته؟ هذه الأسئلة تتيح للطلاب فهمًا أعمق للسياق التاريخي والثقافي للنص.
2. فهم وقراءة النص:
في هذه المرحلة، يقرأ المعلم النص قراءة معبرة وواضحة باستخدام لغة الجسد والنبرات الصوتية، مع شرح الكلمات والمفردات الجديدة. الهدف هو مساعدة الطلاب على استيعاب الفكرة الكلية للنص وفهم الأساس الذي يقوم عليه.
3. تقديم الأسلوب البلاغي:
يقدم المعلم الأسلوب البلاغي المراد تدريسه، ويوضح للطلاب أهميته وجمالياته، وكيف يمكن توظيفه في النصوص الأدبية. كما يوضح القيم والمفاهيم التي قد يكتسبها الطالب من هذا الأسلوب وكيفية تأثيره على المعنى والتعبير.
4. تحليل النص وتحديد مواضع الأسلوب البلاغي:
بعد تهيئة الطالب وفهمه للأسلوب البلاغي، يُقرأ النص مجددًا بهدف التحليل. يقوم المعلم بتحديد مواضع الأسلوب البلاغي في النص، وشرح أدواته ودوره في إثراء النص. يمكن أيضًا تشجيع الطلاب على تقديم آرائهم واقتراحاتهم، ومناقشة ما إذا كان بالإمكان استخدام صور أكثر جمالًا أو تعبيرًا.
5. الأمثلة والتطبيق:
تهدف هذه المرحلة إلى ترسيخ فهم الطلاب للأسلوب البلاغي من خلال تدريبات متنوعة وتطبيقات عملية. يعتمد المعلم على استخدام الأسلوب البلاغي في سياقات متنوعة، بحيث يتمكن الطلاب من ممارسته وتوظيفه في جمل وتراكيب من اختيارهم، مما يعزز فهمهم العملي ويطور مهاراتهم البلاغية.
6. ختام الدرس والتقييم:
يختتم الدرس بتقييم مدى استيعاب الطلاب للأسلوب البلاغي والتأكد من قدرتهم على توظيفه بشكل صحيح. قد يتضمن التقييم اختبارًا قصيرًا أو واجبًا تفاعليًا ليعرضه الطلاب في الحصة القادمة، بما يسهم في ترسيخ المعرفة البلاغية لديهم وتعزيز استخدامهم لها في محادثاتهم.
التوصيات :
لتدريس البلاغة للناطقين بغير اللغة العربية، يتطلب استخدام منهجيات تطبيقية شاملة تركز على الأدوات والأمثلة العملية لتعزيز فهم الطلاب. وفيما يلي بعض التوصيات التي توصي بها الدراسة:
1- الاستناد إلى النصوص الأدبية: من الأفضل أن يتم تدريس الأساليب البلاغية عبر نصوص أدبية أصيلة، حيث يستطيع الطالب من خلالها التعرف على جماليات البلاغة في سياقها الطبيعي، مما يجعله يشعر بأهمية الدرس ويدرك معانيه العميقة، ويطلع على القيم الثقافية العربية، ويزيد من رصيده اللغوي.
2- دمج طرائق التدريس: يوصى باستخدام أسلوب التدريس التكاملي، بحيث يتم الاستعانة بأكثر من طريقة لتقديم الأسلوب البلاغي، وذلك بالاعتماد على خلفية الطلاب اللغوية والثقافية واحتياجاتهم التعليمية. يمكن، على سبيل المثال، الجمع بين الطريقة القياسية التي تعتمد على المقارنة بين الأمثلة، والطريقة الاستقرائية التي تشجع الطالب على استنتاج القواعد بنفسه.
3- التكامل بين البلاغة وفروع اللغة الأخرى: ينبغي على المتعلم إدراك أن البلاغة لا يمكن فصلها عن النحو والأدب، فهذه الفروع تكمل بعضها البعض في بناء فهم شامل للغة. لذلك من المهم أن يتداخل تدريس البلاغة مع دروس النحو لفهم تركيب الجمل وقواعدها، ومع الأدب لتعميق فهم الأساليب الفنية.
4- معرفة الفروق بين بناء الجمل في اللغة العربية ولغة المتعلم الأم: ينبغي على المعلم أن يكون على دراية بالفروق البنيوية بين اللغة العربية ولغة الطالب الأصلية. هذه المعرفة تمكنه من تقديم مقارنات بين أساليب اللغة العربية وأساليب لغة الطالب الأم، مما يساعد المتعلم على فهم الفروقات بشكل أعمق ويعزز استيعاب الأساليب البلاغية. يمكن للمعلم أن يطلب من الطلاب جمع الأساليب البلاغية المشتركة بين اللغة العربية ولغتهم الأم في دفتر أو معجم خاص، مما يتيح لهم مرجعًا يسهل عليهم التعرف على أوجه الشبه والاختلاف.
5-التطبيق العملي والتدريب المستمر: إن فهم البلاغة لا يتحقق فقط من خلال التعريفات والمصطلحات والدراسة النظرية؛ بل هي مهارة تحتاج إلى تطبيق عملي مستمر. فالبلاغة تحتاج إلى تدريب مستمر للأذن على سماع المصطلحات والأساليب البلاغية، وللعقل على فهم وتوظيف هذه الأساليب بفاعلية. يمكن تحقيق ذلك عبر أنشطة متعددة مثل الاستماع، والتحليل، وتقديم نماذج جديدة من الأساليب البلاغية، بحيث يتعود الطالب على التعامل مع البلاغة كممارسة عملية متكررة تتيح له التفاعل معها واكتسابها تدريجيًا.
المراجع
أبو هلال العسكري. (1989). الصناعتين . بيروت: دار الكتب العلمية.
د وليد إبراهيم قصاب. (2016). قضايا بلاغية ونقدية. دمشق: دار الفكر .
د يحيى الغوثاني. (2012). رشفات من رحيق البيان القرآني. قطر : وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.
سام عمار. (2003). اتجاهات حديثة في تدريس اللغة العربية . بيروت : مؤسسة الرسالة.
سيد قطب. (2017). التصوير الفني في القرآن الكريم. بيروت: دار ابن حزم.
صالح بلعيد. (1999). اللغة العربية خارج حدودها . الخرطوم: المجلة العربية للدراسات اللغوية.
عبدالقاهر الجرجاني. (1992). دلائل الإعجاز. القاهرة : مطبعة المدني.
عبدالله بن أحمد العطاس. (1424). دراسة البلاغة العربية في ضوء النص الادبي. مكة المكرمة: مجلة أم القرى.
علي بولوط. (2023). البلاغة الميسرة . اسطنبول: جامعة مرمرة/قسم الإلهيات.
محمد أبو موسى. (1999). خصائص التراكيب. مصر : مكتبة وهبة .