الإطار القانوني لمكافحة جريمة التعذيب في القانون الوطني العراقي

شيماء علوان حسن1

1 الجامعة الإسلامية في لبنان- كلية الحقوق

إشراف الأستاذ الدكتور/ محمد عبده

HNSJ, 2024, 5(9); https://doi.org/10.53796/hnsj59/26

Download

تاريخ النشر: 01/09/2024م تاريخ القبول: 17/08/2024م

Citation Method


المستخلص

اهتمت غالبية التشريعات الوضعية بمكافحة جريمة التعذيب، نظراً لخطورتها من جهة، ومدى اتشارها من جهة أخرى، من هنا تأتي إشكالية البحث، في تسليط الضوء على معالجة المشرع العراقي لجريمة التعذيب ومدى توافق هذه الأحكام مع التشريعات الدولية ذات الشأن وتتجلى إشكالية البحث في تساؤل رئيسي ما مدى قدرة التشريع العراقي على حماية الموقوفين من التعذيب الذي يمارس عليهم بما يتوافق مع نصوص التشريع الداخلي والاتفاقيات الدولية. نظراً لتشعب المسائل التي يتطرق لها موضوع البحث، فقد اعتمدت على عدة مناهج علمية تتكامل في ما بينها بقصد إغنـاء موضوع البحث، فقد اتبعت المنهجية التحليلية والمنهجية التاريخية ومنهجية المقارنة. توصل البحث الى عدة نتائج أهمها أن القوانين العقابية أشارت إلى أن التعذيب كجريمة لها أركانها العامة والخاصة والتي نصت عليها المادة 333 من قانون العقوبات العراقي النافذ ولكن القانون المذكور لم يعط تعريفاً محدداً للموظف العام الذي يمثل صفة الجاني في هذه الجريمة. أوصى البحث بضرورة العمل على تطوير المناهج المتعلقة بحقوق الإنسان وخاصة الاتفاقيات المناهضة للتعذيب لتدريسها على طلبة المعاهد والكليات وخاصةً معاهد وكليات الأجهزة الأمنية على اختلاف مسمياتها كونها الأجهزة التي تقوم بتنفيذ القوانين، وعلى احتكاك دائم مع أفراد الشعب وبشكل خاص المتهمين والشهود والخبراء.

الكلمات المفتاحية: جريمة التعذيب، القانون الوطني العراقي.

المقدمة

تنبه المشرع العراقي لخطورة جريمة التعذيب، فلم تكن مواجهته لهذه الجريمة حديثة العهد، على اعتبار أنها تمس الإنسان في سلامة جسده، لذلك أحاطه بحماية دستورية فعالة ضد أي اعتداء أو مساس به، ولاسيما من التعذيب كونه يمثل أقسى درجات المساس بحق الإنسان المقدس في السلامة.

لذلك نص الدستور العراقي السابق لعام 1970 في المادة 22 منه على ” إن كرامة الإنسان مصونة وتحرم ممارسة أي نوع من أنواع التعذيب الجسمي والنفسي … ” . وكذلك دستور العراق الحالي لعام 2005 في باب الحقوق والحريات الفصل الثاني في المادة 37 منه التي نصت على ( يحرم جميع أنواع التعذيب النفسي والجسدي والمعاملة غير الانسانية، ولاعبرة باي اعتراف انتزع بالإكراه أو التهديد أو التعذيب، وللمتضرر المطالبة بالتعويض عن الضرر المادي والمعنوي الذي أصابه وفقاً للقانون)([1]). لكن ما يؤخذ على المشرع العراقي أنه لم يعرف جرم التعذيب في قانون العقوبات رقم (111) لسنة 1969، تاركاً هذه المهمة للفقه والاجتهاد، والسبب في ذلك تجنباً للتقيّد بتعريف محدد قد لا يكون جامعاً مانعاً مع مرور الزمن وتقدم التحقيق والاستجواب، ولكنه عاد وعرفه بأن التعذيب يعني: التعمد في تسبيب الآلام الشديد والمعاناة، سواء أكان مادياً أو فكرياً على شخص قيد الاحتجاز أو تحت سيطرة الجاني على أن التعذيب لا يشمل الآلام والمعاناة الناجمة عن العقوبات القانونية أو ذات علاقة بها”. نلاحظ من خلال التعريف أن المشرع تبتى الاتجاهات العقابية الحديثة، كتبنيه لفكرة وقوع العذاب بصورته المادية والمعنوية والتي توسع من نطاق المسؤولية الجزائية، إلا أنه عاد وضيق من نطاقها حين أشترط أن يكون المجنى عليه محتجزاً أو تحت سيطرة الجاني، وبالتالي فإذا ما كان المحنى عليه غير محتجزاً وليس تحت سيطرة الجاني لا يمكن تطبيق هذا النص عليه([2]).

كما أن التعذيب بكافة أنواعه يعتبر منافياً للمبادئ العامة لحقوق الإنسان التي تم الإعلان عنها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948 وكذلك معاهدة جنيف الثالثة لعام 1949 والتي تم التوقيع عليها من قبل العديد من الدول والمتعلقة بمعاملة أسرى الحرب ومعاهدة جنيف الرابعة لعام 1949 المتعلقة بحماية المدنيين أثناء الحرب، وكذلك اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهنية لعام 1984 والتي على أثرها تم تشكيل لجنة مراقبة ومنع التعذيب التابعة للأمم المتحدة في عام 1987 والتي تضم في عضويتها 141 دولة وبالرغم من توقيع العديد من الدول على هذه الاتفاقيات إلا أن توقعات منظمة العفو الدولية تشير إلى أن معظم الدول لا تلتزم بتطبيق البنود الواردة فيما سبق ذكره من معاهدات.

أهمية البحث: لما كانت جريمة التعذيب هي من أكثر الجرائم انتهاكاً للمبادئ والحقوق الإنسانية والدستورية، فضلاً عن تفشيها من الناحية العملية في معظم البلدان، هذا يجعل التعذيب من أجدر مواضيع البحث القانوني وأخطرها على نفسية الإنسان، ومن المواضيع الواسعة التي يمكن التعمق فيه من عدة جوانب فهو يمثل مشكلة اجتماعية ونفسية.

أسباب اختيار الموضوع: الرغبة في تسليط الضوء على موقف المشرع العراقي من جريمة التعذيب ومدى توافق ذلك مع التشريع الدولي، ومن أجل رفد المكتبة العربية بمرجع عن جريمة التعذيب، نظراً لندرة المراجع ذات الشأن.

إشكالية البحث: اهتمت غالبية التشريعات الوضعية بمكافحة جريمة التعذيب، نظراً لخطورتها من جهة، ومدى اتشارها من جهة أخرى، من هنا تأتي إشكالية البحث، في تسليط الضوء على معالجة المشرع العراقي لجريمة التعذيب ومدى توافق هذه الأحكام مع التشريعات الدولية ذات الشأن وتتجلى إشكالية البحث في تساؤل رئيسي ما مدى قدرة التشريع العراقي على حماية الموقوفين من التعذيب الذي يمارس عليهم بما يتوافق مع نصوص التشريع الداخلي والاتفاقيات الدولية.

منهجية البحث: نظراً لتشعب المسائل التي يتطرق لها موضوع البحث، فقد اعتمدت على عدة مناهج علمية تتكامل في ما بينها بقصد إغنـاء موضوع البحث، فقد اتبعت المنهجية التحليلية والمنهجية التاريخية ومنهجية المقارنة.

المنهج التحليلية: اعتمدت على هذا المنهج من أجل استعراض القواعد القانونية ذات الصلة بموضوع البحث والآراء المتعلقة به وتحليلها ووصفها لبيان ماهيتها وتفاصيلها.

المنهج المقارن: من أجل المقارنة بين القواعد الوطنية لمكافحة جريمة التعذيب والقواعد الدولية، اتبعت في هذا البحث المنهج المقارن، وذلك من أجل بيان مدى توافق التشريع العراقي مع التشريع الدولي في إطار مكافحة جريمة التعذيب.

المبحث الأول

جرائم التعذيب في قانون العقوبات العراقي رقم 111 لعام 1969

لما كانت جريمة التعذيب هي أكثر الجرائم انتهاكاً للمبادئ والحقوق الإنسانية والدستورية، ونظراً لتفشيها من الناحية العملية منذ أقدم العصور، كان من الضروري تصدي التشريعات الوطنية لهذه الجريمة الخطرة، وكان للمشرع العراقي هذا التوجه من خلال النص على منع وتحريم وحظر التعذيب بكافة أشكاله.

لكن وبالرغم من ذلك، هناك الكثير من علامات التعجب والاستفهام حول المواد التي عالج المشرع الجنائي العراقي فيها هذه الجريمة، فضلاً عن النص المباشر عليها وحظرها في الدستور الجديد وكذلك صدور قوانين جديدة طالتها بالتعديل ولم تبحث بعد، لذا سنخصص هذا المبحث لدراسة في جريمة التعذيب في قانون العقوبات العراقي، وذلك من خلال المطلبين التاليين: المطلب الأول سنخصصه للبحث في طبيعة النشاط الجرمي لجريمة التعذيب وأثرها في الدعوى الجزائية، أما المطلب الثاني سيكون للبحث في الأساس القانوني في قيام دعوى جريمة التعذيب.

المطلب الأول

طبيعة النشاط الجرمي لجريمة التعذيب وأثرها في الدعوى الجزائية

لقد عالج المشرع العراقي جريمة التعذيب في قانون العقوبات كغيره من التشريعات العربية والدولية هذه الجري الجرائم الماسة بكرامة الإنسان وأدميته والتي نصت عليها كل الاعراف والمواثيق الدولية ومنها الاعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية واتفاقية مناهضة التعذيب. ولم ينفرد قانون العقوبات العراقي بتجريم عقوبة التعذيب بل شاركه في ذلك باقي القوانين والدساتير التي صدرت منذ تأسيس الدولة العراقية([3])، حيث نصت المادة (333) (يعاقب بالسجن أو الحبس كل موظف أو مكلف بخدمة عامة عذب أو أمر بتعذيب منهم أو شاهد أو خبير لحمله على الاعتراف بجريمة أو الإدلاء بأقوال أو معلومات بشأنها أو لكتمان أمر من الأمور أو لإعطاء رأي بشأنها، ويكون بحكم التعذيب استعمال القوة أو التهديد)([4])

أن جريمة التعذيب تعد في حقيقة الأمر من جرائم الاعتداء على الأشخاص شأنها في ذلك شأن جرائم القتل والجرح والضرب والقبض على الأشخاص وحبسهم دون وجه حق ولكون جريمة التعذيب من جرائم الاعتداء على الأشخاص لها حجتان رئيسيتان:

الحجة الأولى: إن المصلحة المحمية التي تشترك فيها جميع جرائم الأشخاص في الاعتداء عليها هي حق الإنسان في السلامة العامة لجسمه وعقله([5]).

لذلك فأن جرائم الاعتداء على الأشخاص تمثل عدوانا على المصلحة والحقوق اللصيقة بالإنسان سواء من الجانب العضوي أو الجانب المعنوي، وتتمثل تلك الحقوق في الحق الحياة وفي سلامة الجسم من ناحية، والمحافظة على شرفه، واعتباره من ناحية أخرى، وعليه فأن الجرائم التي توقع أضرارا بتلك الحقوق هي التي تشكل مجموعة من الاعتداء على الأشخاص وفقا لقانون العقوبات.

الحجة الثانية: إن جريمة التعذيب من الجرائم الواقعة على الأشخاص وأن جرائم الأشخاص من الجرائم المادية، ذلك أن الحدث المكون للجريمة حدث ضار بطبيعته، وبالتالي ليس لازماً تحقق النتيجة لوقوع الجريمة، أي ليس بالضرورة أن يصحب فعل الاعتداء ألم لتجريمه.

أي أن النشاط المادي للجاني يكتمل مجرد حدوث فعل الاعتداء الذي يتمثل هذا في فعل تعذيب المتهم أو تهديده أو الأمر بذلك، حتى وإن لم يؤدي هذا الفعل إلى إيذاء المجني عليه وبالتالي حمله على الاعتراف اي ان عدم الإيذاء لا يحول دون اكتمال جريمة التعذيب، وسواء أتم أم لم يتم الاعتراف فأن الجريمة متحققة وذلك متی ما ثبت قيام القصد الجنائي إلى جانب الفعل المادي([6]).

وعلى ما تقدم نخلص بأن جريمة التعذيب هي من جرائم الأشخاص، وبالتالي فأن إطار النشاط الإجرامي فيها يكون في إطار النشاطات الجرمية لهذه الجرائم.

إن جريمة التعذيب وفق أحكام قانون العقوبات العراقي تعرف بأنها كل اعتداء مادي أو معنوي يقع من موظف أو مكلف بخدمة عامة على متهم أو شاهد أو خبير على الاعتراف أو الإدلاء بأقوال أو معلومات بشأن جريمة ما أو لكتمان أمر من الأمور أو اعطاء رأي معين بشأنها([7]).

وقد ورد نص للتعذيب في قانون المحكمة الجنائية العراقية العليا، حيث تبنت فكرة التعذيب البدني والفكري، وهو نفس الاتجاه الذي تبناه الدستور العراقي المؤقت وقانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية([8]) فان التعذيب المعنوي ينطوي على الضغط وإيلام للمجنى عليه أكبر بكثير مما ينطوي عليه التعذيب المادي فأن الاعتداء على زوجة المجنى عليه أو أحد محارمه امامه أشد بكثير من مجرد تقيده لقوة.

أو قد يكون الفعل المكون لجريمة التعذيب معنوياً، يتحقق بالاعتداء على المجنى عليه بقصد إيلامه نفسياً، بالاعتداء المعنوي والتهديد، هو ترويع المجني عليه وإلقاء الرعب في قلبه، والتوعد بإنزال شر معین به سواء أكان بشخصه أو ماله، والتهديد بشكل عام تعبير عن إرادة الجاني بإيقاع الأذى بالمجنى عليه أو بشخص يهمه أمره على نحو يؤثر في نفسيته أو حريته أو أرادتها، وهذا التهديد يحدث في نفسه ذات الأثر الذي يحدثه الاعتداء المادي، وقد يأخذ الاعتداء المعنوي أيضاً صورة الذم والقدح والتحقير، والذم هو اسناد فعل غير معين ولو في معرض الشك من شأنه النيل من كرامة المجني عليه وسمعته وشرفه بوسيلة من الوسائل التي حددها القانون وهي الأعمال والحركات والصراخ والرسوم والكتابة والصور، أما القدح، فيعني الاعتداء على كرامة الغير وشهرته أو اعتباره من دون بيان فعل معين، كما لو أن أطلق أحدهم على امرأة كلمة زانية، وأما التحقير فهو كل فعل يخرج عن حكم الذم أو القدح ويحط من قدر الإنسان وكرامته، كان يقول شخص لأخر يا أبلة أو يا خنزیر وغيرها من الألفاظ النابية([9]).

وبما أن الإنسان الذي نزعت إرادته يصبح غير متحكم بسلوكه، فإنه يعد غير أهلاً للمسؤولية التي يتصرف بها تحت تأثير التعذيب، والمعذب يقوم بتنفيذ ما يطلب اليه دون إرادته أو رغماً عنه، دون الاكتراث بطبيعة الأفعال التي يقوم بها والسؤال الذي يطرح نفسه، هل يشترط في فعل التعذيب درجة معينة من الجسامة لتحقيق الجريمة ([10]).

في هذه المسألة رأيان، الرأي الأول: لا يدخل عند أنصار هذا الرأي في مضمون التعذيب إلا إيذاء الجسم أو التصرف العنيف أو الوحشي.

أما الرأي الثاني: وهو الأرجح، يذهب إلى اعتبار قيام جريمة التعذيب أيا كانت درجة جسامة التعذيب أو بساطته، وذلك لأن اشتراط أن يكون التعذيب جسيماً أو عنيفاً أو وحشياً ليس له سند

قانوني([11]).

ومن الناحية القانونية فإن الفرق بين الايذاء الجسم والايذاء غير الجسيم هو قيام الجريمة في الحالة الأولى دون الثانية، ويعيد إلى الأذهان فكرة التفرقة بين الخطأ الجسيم والخطأ اليسير، والقول بعدم صلاحية الأخير لقيام الجريمة وهي تفرقة مهجورة فقهاً وقضاءً فضلاً عن افتقارها إلى الاساس القانوني([12]).

أما عن أثر فعل التعذيب على الدعوى، فإن هناك جانباً كبيراً من الفقه القانوني يذهب الى أن الإكراه بالتعذيب يبطل الاعتراف أو الشهادة أو الخبرة، إذ أنها يجب أن تصدر بإرادة حرة خالية من أي تأثير ناتج عن وعد أو وعيد، إذن لا يجوز الاستناد الى الاعتراف أو القول أو الرأي الذي يصدر من صاحبه في حالة فقدان الإرادة كما لو كان تحت تأثير أي نوع من أنواع الإكراه ماديا كان أو معنوية، وعليه فأن التعذيب يشوب الاعتراف أو الشهادة أو الخبرة بشائبة الإكراه متى كانت هناك علاقة سببية بين التعذيب بحيث يكون الاعتراف أو الشهادة أو الخبرة ناشئة عن التعذيب وبسببه وهذا أتجاه سليم تبناه المشرع العراقي (يشترط في الاقرار أن لا يكون قد صدر نتيجة إكراه”)([13]).

مع ذلك إذا أنتفت الرابطة السببية بينهما وبين الإقرار أو كان الإقرار قد أيد بأدلة أخرى تقتنع معها المحكمة بصحة مطابقتها للواقع أو ادى الى اكتشاف حقيقة ما جاز للمحكمة أن تأخذ به ومن خلال هذا فقد تبنى المشرع العراقي اشتراط لقبول الاقرار ان ينجم عن وسيلة مشروعة وبالتالي يرفض الاقرار الصادر عن إرادة غير الحرة المشوية بالإكراه المادي أو المعنوي. وبالتالي يعتبر إقرارا باطلا لا يحق للمحكمة الاستناد عليه.

وحسناً فعل المشرع ذلك إذ أن رفض الإقرار المشوب بالتعذيب فيه كفالة لضمانات المتهم واحتراما لحقوق الإنسان وتحقيقا للعدالة التي تقتضي أن لا يفلت منه مجرم من العقاب على أن يعاقب بريئة واحدة. ولكننا نلاحظ أن المقطع الأخير من المادة أعلاه أقرت انتفاء العلاقة السببية بين التعذيب والاقرار مما ينفي بطلانه وهذا اتجاه صائب ايضا إذ أنه يعني أن المتهم لم يكن مجبراً على إقراره، لان الاقرار لم يكن وليد التعذيب بل أنه صدر عن المتهم باختياره ولم يكن للتعذيب أي دور في صدوره مطلقاً.

إلا أنه كان من الأفضل لو تم النص صراحة في المادة أعلاه على بطلان الاعتراف الناجم عن الإكراه، لان ذلك ضمانة هامة للمتهم من التعذيب كما فعل المشرع الجزائي في نص المادة (333) والذي لم يقتصر الحماية على المتهم بل شمل معه الشاهد والخبير لان كلاهما معرض للتعذيب وكما اشار اليه المشرع في الدستور (يحرم جميع انواع التعذيب النفسي والجسدي والمعاملة غير الإنسانية ولا عبرة بأي اعتراف انتزع بالإكراه أو التهديد أو التعذيب، وللمتضرر المطالبة بالتعويض عن الضرر المادي والمعنوي الذي اصابه، وفقا للقانون)([14]).

المطلب الثاني

الأساس القانوني في قيام دعوى جريمة التعذيب

تمثل الدعوى الجزائية الوسيلة التي ينهجها المجتمع المحاسبة فاعل الجريمة الذي أخل بنظامه وعرض حياة الناس للخطر فهي تبدأ بإجراءات حددها القانون غرضها تنظيم مراحل الخصومة الجنائية بين الدولة من أتهم بارتكابهم للجريمة سنبحث هذا الموضوع وبشكل موجز.

أولاً: الطرق والسبل القانونية المتبعة لتحريك الدعوى الجزائية:

لقد نصت المادة الأولى من قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي على كيفية تحريك الدعوى الجزائية حيث نصت على([15]): (تحرك الدعوى الجزائية بشكوى شفوية أو تحريرية تقدم الى قاضي التحقيق أو المحقق أو أي مسؤول في مركز الشرطة أو أي من أعضاء الضبط القضائي من المتضرر من الجريمة أو من يقوم مقامه قانونا أو أي شخص علم بوقوعها أو بإخبار يقدم الى أي منهم من الادعاء العام ما لم ينص القانون على خلاف ذلك ويجوز تقديم الشكوى في حالة الجرم المشهود الى من يكون حاضرة من ضباط الشرطة ومفوضيها (من هذه الوسائل هي الشكوى، والإخبار، والطرق الأخرى التي يحددها القانون:

أ) الشكوى: إن الشكوى حسب ما جاءت في المادة الأولى من قانون أصول المحاكمات الجزائية هي الشكوى العامة والتي تعد أجراء يجوز لكل مواطن أن يلجأ اليه سواء كان مجني عليه، أو متضرر من الجريمة، وتعد الشكوى من الوسائل الأساسية لتحريك الدعوى في النظام الأنكلوسكسوني والتشريعات التي أخذت به([16]).

ب- الإخبار: ويقصد بالإخبار هو إبلاغ السلطات المختصة بوقوع الجريمة، وهو قد يصدر من عضو الادعاء العام كما بينت المادة الأولى من أصول المحاكمات الجزائية والمادة 1/2 من قانون الادعاء العام، أو من قبل الأشخاص الذين حددتهم المادتين 47-48، فالدعوى الجزائية تحرك إذا بلغ الادعاء العام الجهات المشار إليها في المادة الأولى من الأصول الجزائية بوقوع الجريمة، وذلك عن طريق ما يتيسر له من معلومات عن ارتكاب الجرائم أثناء قيامه بواجبه بالأشراف على اعضاء الضبط القضائية([17])، أو عندما يقوم بتفتيش المواقف والسجون، والتي نصت في قانون الادعاء العام حق الاشراف وتفتيش المواقف واقسام دائرة اصلاح الكبار ودائرة اصلاح الاحداث وتقديم التقارير الشهرية عنها إلى الجهات المعنية.

أما الإخبار فهو على نوعين حسب نص المادتين 47_48 من قانون اصول المحاكمات الجزائية:

1 _الإخبار جوازي: وهو ما أشارت إليه المادة 47 من الأصول الجزائية محددة بهؤلاء الأشخاص، كل من وقعت عليه الجريمة، أو من علم بوقوع جريمة تحريك الدعوى الجزائية فيها بلا شكوى، أو من علم بوقت موت مشتبه به، فلا يترتب على عدم تبليغ هؤلاء للجهات المختصة بوقوع الجريمة أية مسؤولية قانونية لان القانون لا يلزمهم بذلك.

ويبدو أن المشرع العراقي قد خلط بين الشكوى والاخبار فنجده يشير في المادة الأولى من قانون الأصول الجزائية الى أن من حق المتضرر والمجني عليه وكل من علم بوقوع الجريمة بتقديم شكوى، كما تشير المادة (47) من الأصول الجزائية إلى إنه بإمكان نفس هؤلاء الأشخاص أن يقدموا إخبار بذلك الى الجهات التي حددها هذه المادة، والذي نراه انها شكوى اذا قدمت من المجني عليه أو المتضرر من الجريمة أو ممن يمثلهم قانونا وهي اخبار اذا ما قدمت من غيرهم([18]).

_ 2الإخبار الوجوبي: وهو الأخبار الذي يكون وجوبية على الأشخاص الذين حددتهم المادة 48 من الأصول الجزائية وهم كل من المكلف بخدمة عامة علم أثناء قيامه بعمله أو بسبب ذلك بوقوع جريمة أو شبه بوقوع جريمة تحريك الدعوى فيها بلا شكوى([19]).

وعليه يكون على كل من قاضي التحقيق والإداء العام والمحققين وغيرهم واجب الابلاغ بوقوع جريمة التعذيب عند قيامهم باستجواب المتهم والشاهد والخبير وملاحظتهم آثار التعذيب عليهم، أو كل من قدم مساعدة بحكم مهنته الطبية، فيشمل الأطباء والصيادلة والممرضات… الخ عند تقديمهم المساعدة أو المعالجة في حالة يشتبه أنها ناشئة عن جريمة، أو من كان حاضراً عند ارتكاب الجريمة.

فهنا كل شخص مهما كانت صفته سواء أكان مكلفا بخدمة عامة أم فردا عاديا فهو مسؤول عن الأخبار مادامت الجريمة المرتكبة أمامه من نوع الجنايات وكما نص على الأخبار قانون أصول المحاكمات العسكرية بأنه (كل شخص خاضع لأحكام هذا القانون أن يخير آمره عن كل جريمة اطلع عليها، أو موت فجائي أو وفاة مشتبه بها وعلى هذا الأمر تقديم أخبار الی آمره أو وحدة المضنون، أو كل من يدعي بضرر من وقوع جريمة أن يرفع قضيته الى أمره وعلى هذا الأمر إجراء ما يقتضي، أو على كل سلطة غير عسكرية لحق عملها بوقوع جريمة يعود النظر فيها إلى المحاكم العسكرية ان تخبر فورة أقرب سلطة عسكرية عنها(([20])

إن الأشخاص السابقين يكونون مسؤولين أمام القانون في حالة عدم قيامهم بواجب الاخبار استنادا الى المادة 247 من قانون العقوبات العراقي إلا ما استثني منهم بموجب هذه المادة.([21]) ومما يدل على أن القانون لم يشترط شكلاً معيناً للأخبار فيجوز أن يكون شفوية أو تحريرية أو هاتفية أو بالبريد أو بأي وسيلة أخرى من شأنها الشعار الجهة المختصة بوقوع الجريمة.

ج- الجهات الأخرى التي تحرك الدعوى :لقد أشارت الفقرة الأخيرة من المادة الأولى من قانون الاصول الجزائية التي تكون عن طريق طلب يقدم الى جهات التحقيق المختصة يرد من قبل جهات حددتها بعض القوانين الخاصة ببعض الفئات.

وكما هو الحال في الطلب الذي تقدمه لجنة انضباط موظفي الدولة في حالة اذا ما وجدت أن الفعل المرتكب من قبل الموظف يعد من قبيل الجرائم التي يحكمها قانون العقوبات([22]) والمجالس التحقيقية بالنسبة للجرائم التي يرتكبها أفراد القوات المسلحة والشرطة والأمن والجنسية وقوات الحدود” والمحاكم الجزائية فيما يتعلق بجرائم الجلسات.

ثانياً: موقف القضاء العراقي من إقامة الدعوى:

أن السلطة التقديرية المعطاة للمحكمة لها الدور الفعال في اثبات هذه الجريمة مادامت المحكمة في استخدامها لصلاحيتها هذه قد أخذت بالأدلة التي اطمأنت الى اتفاقها مع الحقيقة وتعبيرها عنها، فمثلا تحكم بإدانة المتهمين مع عدم ورود شهادة الشهود على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفصيلاتها، بل تكتفي آن يكون من شأن هذه الشهادة أن تؤدي إلى تلك الحقيقة باستنتاج سائغ تحريه المحكمة بما يتلاءم مع ما قاله الشاهد، وهذا ما ذهبت اليه محكمة جنايات الرصافة عن إدانتها للمتهم بناء على شهادة الشهود الذين يرون المجني عليه يخرج وهو بحالة سيئة من الغرفة التي كان يجري الجاني التحقيق معه فيها.

من تعذيب في اللجنة التحقيقية الخاصة وما وصل اليهم من اصوات استغاثة المجني عليه والتي اعتادوا سماعها وان التعذيب كان يقع بصورة عادية وهو ما ذكره أحد الشهود الذي كان يعمل سائق في اللجنة الخاصة والذي كان يساعد المجني عليه من أن يتوكأ عليه لإيصاله إلى الموقف لسوء حالته الصحية، وهذا الأدلة والقرائن تبعث على القناعة والاطمئنان على قيام المتهم بتعذيب المجني عليه وبصورة عمدية على الرغم من سوء حالته الصحية ولم يتم ارساله الى المستشفى لعلاجه([23]).

كما تراها تأخذ بالشهادة السمعية المنقولة عن شخص أخر والتي رأت أنها صدرت حقيقة عمن رواها وكانت تمثل الواقع في الدعوى. أيضا نجدها تفاضل في تقارير الخبراء عند تناقضها وتأخذ منها ما يطمئن إليه يقينها وتستبعد ما عداه وهذا ما أخذت به محكمة جنايات الرصافة والذي ذكر فيه أن المحكمة لم تجد أن هناك شهادة عيانية تشير إلى قيام المتهمين بتعذيب المجني عليه، كما لم تجد في التقرير الطبي أن هناك علاقة مما ورد في التقرير العدلي

لتشريح جثة المجني عليه بحالته الصحية والبدنية خلال توقيفه في دائرة المتهمين إلا أن ما تحصل من أدلة وقرائن وردت في اقوال الشهود والتي أيدها التقرير الطبي الصادر من مستشفى الكندي العام بحق المجنى عليه بعدد 24 في 1997/1/13 من وجود جروح ملتئمة وكدمات في يديه وعضده لا يتلاءم مع ما ورد على لسان المتهمين من أنها حصلت بشكل اعتيادي من القيود الحديدية، ونتيجة شجار المجني عليه في الموقف، فقد تولدت قناعة لدى هذه المحكمة أن المجني عليه قد تعرض للإكراه البدني من قبل المتهمين أثناء قيامهم بالتحقيق معه ولكفاية الأدلة ضدهم قررت ادانتهم وفق المادة 333 بدلالة المواد 47-48-49 من قانون العقوبات وتم تحديد العقوبة بمقتضاها.([24])

وفي بعض القرارات نراها تجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره مادام أن جزمها لم يجاف الفعل والمنطق السليم([25]) كما نجد بأن المحكمة في قرارات متعددة اخرى تأخذ بالاعتراف الذي أدلى به المتهمون كما في اعتراف المتهم بقيامه بإحراج المجني عليه والتحقيق معه أو اعتراف الذي يؤيده قيامه باقتياد المجني عليه الى دائرة الشعبة الاقتصادية وبعد انتهاء الدوام الرسمي ليوم الحادث.

ثالثاً: وجهة نظر المحكمة وموقفها من الاقناع:

إن للمحكمة الحرية في تقدير قيمة وأهمية الأدلة المقدمة لها في الدعوى وما تقتنع به فلا تلتزم باعتراف صادر من المتهم أو برأي يقدمه خبير أو شهادة قدمت ضد المتهم، فالقاضي الجزائي ودوره الإيجابي الذي قوامه البحث والتحري عن الحقيقة خلال التحليل والتثبيت للوصول الى الاقناع الحر، فهو ملزم باستنفار نشاطه الفعلي في الاستنتاج ليستخرج الحقيقة من الأدلة التي تجري تقديرها ليصل إلى النتيجة التي تمثل حكمه النهائي في الدعوى.

إلا أن هذه القناعة لا تعني بأي حال من الاحوال الانطباعات العابرة المجردة أو الحرص الفطري لنابع من الضمير، وانما المقصود بها هنا القناعة على انها امر ثابت مبني على اسس عقلية ومنطقية رصينة في تقدير قيمة الدليل واستخلاص النتائج المستساغة من مقدمتها، فهي قناعة تستند إلى المنطق السليم والدقة المتناهية والإحاطة الكاملة بمفردات الدليل محل التقدير بعيدة الانطباعات العابرة أو الشخصية.

ومن مظاهر حرية القاضي الجنائي في تكوين عقيدته، أن له أن يستفيد في بناء قناعته للحكم في الدعوى من الأدلة المتحصلة وفي أي مرحلة من مراحل الدعوى الجزائية شرط أن تكون قد تحصلت وفقا لإجراءات مشروعة قانونا، كما أن القاضي الجزائي غير مقيد بدليل معين فهو متى ما يطمئن إلى دليلة فله أن يطرحا ويأخذ بالدليل الذي يرتاح إليه، ومن ثم يجري التنسيق بين الأدلة مجتمعة ومتساندة ويقرر على ضوئها براءة المتهم أو ادانته، فضلا عن أن المحكمة الأخذ بالدليل كله أو تجزئته والأخذ ما تراه صحيحا و طرح ما عداه([26]).

المبحث الثاني

الأركان العامة لجريمة التعذيب في القانون العراقي

جرائم التعذيب كغيرها من الجرائم لا تقوم ما لم يتحقق ركناها العامان وهما الركن المادي المتمثل بالفعل الذي يبرز الجريمة إلى الوجود، الذي يكون له طبيعة مادية تلمسه الحواس، والركن المعنوي الذي يعني توجه إرادة الجاني إلى القيام بفعل الجريمة من أجل تحقيق نتيجتها([27]). وبالتالي إن أهمية أركان جريمة التعذيب تتمثل في تحديد العوامل التي تخلق هذه الجريمة وتميزها عن غيرها من صور السلوك الإنساني المباح.

للتوسع في دراسة هذه الأركان، سنقسم هذا المبحث إلى المطلبين الآتيين: المطلب الأول: سنخصصه للبحث في الركن المادي لجريمة التعذيب، أما المطلب الثاني: الركن المعنوي لجريمة التعذيب.

 

المطلب الأول

الركن المادي لجريمة التعذيب

يعتبر الركن المادي أحد الأركان الأساسية التي تتحقق معها الجريمة، وهو النشاط المادي المجسد للفعل الإجرامي وهو يتحقق بارتكاب الجريمة تامة أو على الأقل تجري محاولة ارتكابها وهو السلوك المادي الخارجي الذي ينص القانون على تجريمه فلا وجود للجريمة دون هذا الركن ويتحقق الركن المادي في الجريمة لتامة بتوافر ثلاثة عناصر أساسية:

أولاً: نشاط إجرامي: هو عبارة عن فعل مادي يصدر من الشخص يتم بواسطة اليد كالضرب في جرائم القتل والإيذاء عموما، أو الاختلاس في السرقة أو كتابة عبارات القذف والسب في جرائم القذف([28]).

ثانياً: نتيجة جرمية: هي ذلك الأثر المترتب عن نشاط الجاني ايجابيا كان أو سلبيا الذي يظهر في التغير الذي يحدث في العالم الخارجي، كّأثر ملازم لهذا النشاط، ففي جريمة القتل بنوعيه تكون النتيجة هي إزهاق روح الضحية، وفي جرائم الإيذاء بنوعيها عمديه وغير عمديه، تكون النتيجة هي ما أصاب المجني عليه من جراح أو كسور أو مرض، وفي جرائم الاعتداء على الأموال (سرقة-النصب-خيانة الأمانة) والنتيجة هي فقدان حق الملكية.

3 وجود علاقة سببية بين هذا النشاط والنتيجة: أي أن يكون النشاط الإجرامي الفعل أو الامتناع هو السبب المباشر لصول النتيجة فإذا انتقلت العلاقة السببية وانعدمت الجريمة ويطرح هذا العنصر أشكالا كبيرا عندما تتضافر عدة أسباب أو تتابع فيما بينها، لكي تِؤدي إلى حصول نتيجة معينة هذا من ناحية أولى، أما من جهة أخرى هناك بعض النصوص القانونية لم تشترط درجة معينة من التعذيب كما أنه في كثير من الأحيان وصف سلوك ما بأنه تصرف وحشي أو قاسي أو عنيف أو جسيم ولا مجال للنقاش بشأن أثر مثل هذه التصرفات على من تقع عليه والتي تفوق في كثير من الأحيان الالام البدنية التي قد يعني منها في حالة وقوع بعض التصرفات العنيفة عليه.

ويثار التساؤل بالنسبة لمشروعية الوسائل الحديثة في الأثبات الجنائي وهل يعتقد من قبل وسائل التعذيب المادي أو المعنوي والتي منها التنويم المغناطيسي وأجهزة كشف الكذب والعقاقير المخدرة وعليه لابد لنا وقبل اعطاء رأينا حول امكانية اعتبارها من وسائل التعذيب أم عدمه من إعطاء نظرة بسيطة على هذه الوسائل نذكر منها:

-التنويم المغناطيسي: ويقصد به حالة نوم صناعي لبعض ملكات العقل الظاهر عن طريق الإيحاء بفكرة النوم بحيث تحجب فيها الذات الشعورية للنائم وتبقى ذاته الغريزية أو قواه اللاشعورية تحت سيطرة ذات أجنبية عنها هي ذات المنوم المغناطيسي الإرادة الواعية للشخص وتسلبه حرية التصرف، وتنطوي على اعتداء على شعور المتهم وانتهاك لخصوصياته التي يجب احترامها فضلا عما يقع من اعتداء على جسم الخاضع لها شخصية([29]). لذلك يذهب أغلب الكتاب إلى عدم جواز إخضاع الشاهد أو المتهم لمثل هذا الإجراء للحصول على المعلومات([30]).

هذا وقد ذهبت قسم من التشريعات العقابية إلى تجريم هذا الفعل وعدته من قبيل العنف المعاقب عليه، كما نصت الكثير من قوانين الإجراءات الجزائية على عدم الاعتداد بالاعتراف الذي يكون نتيجة لمثل هذا النوع من الإجراءات لما يشكله من قيد على إرادة الشخص التي يجب أن تكون حرة عند أدلائه بالاعتراف.

-العقاقير المخدرة: يقصد بها المواد يتعاطاها الشخص فتؤدي إلى حالة نوم عميق تستمر فترة معينة يعقبها يقظه ويظل الجانب الادراكي سليم خلال هذه الفترة القصيرة بينما يفقد الشخص الواقع تحت تأثيرها القدرة على التحكم الإرادي أو الاختيار مما يجعله أكثر رغبة للمصارحة والتعبير عن مشاعره الداخلية([31]) .

فهذه الطريقة تعتمد على استخلاص المعلومات من اللاشعور من خلال ما يدلي الشخص وهو تحت تأثير هذه المواد والتي تعمل على التأثير على مراكز معينة في المخ بحيث تبقى قدراته على الذاكرة والسمع والنطق مما يتيح استجوابه والرد على الأسئلة بصورة غير إرادية ودون تحكم من جانبه في إجاباته، لذلك يعدها الجانب الأكبر من الفقه وسيلة من وسائل الإكراه المادي الذي يفسد الإرادة ويتعارض مع ما تستوجبه حماية الحريات الفردية من ضمانات، ولقد ذهب بعض فقهاء القانون إلى القول بأن في استعمال هذه الطرق ما يعتبر رجوعاً الى لوسائل البربرية للقرون الوسطى فهي تعد نوعاً من وسائل التعذيب ([32]).

فامتناع الرئيس عن الأمر بالكف عن التعذيب يعد مساوية لأمره بإيقاع التعذيب غير أنهم يشترطون لتحقق هذه الصورة شرطين هما ([33]):

وجود واجب قانوني: ويقصد به الالتزام بالقيام بعمل ما سواء أكان مصدر هذا الالتزام القانون أم العقد، فالواجب هو الذي يفرض على الممتنع أن يتدخل لمنع النتيجة المعاقب عليها.

فالواجب هنا هو الذي يفرض على رئيس الجهاز أن يحافظ على سلامة المجني عليه وهو واجب فرضه عليه الدستور والقانون.

استطاعة القيام بالواجب: وهو أن يكون من عليه الواجب قادر بتصرفه الإرادي أن يتدخل بالتسلسل السببي المؤدي إلى حدوث النتيجة، أي أن تكون لديه القدرة والاستطاعة على إيقاف التعذيب بماله من سلطة أدبية على القائم بالتعذيب وهذه السلطة تتوافر لدى كل مسؤول عن مركز، أو حجز، أو جهاز مسؤول عن المتهمين والمحتجزين والمعتقلين.

فيعد كل واحد من هؤلاء مسؤولاً عن جريمة أمر بالتعذيب عن طريق الامتناع فيما لو امتنع إرادياً عن إصدار أمره إلى مرؤوسيه بالكف عن التعذيب، فالموقف الإيجابي والسلبي حينما يوجب القانون التدخل يستويان متى توافرت علاقة السببية بين أي منها والنتيجة المتحققة، إن هذا الاتجاه وإن كان له ما يبرره فيما ذهب إليه من تشديد المسؤولية الرئيس الذي يرى تعذيب الأشخاص أمامه أو يسمع صراخهم أو استغاثتهم ولا يحرك ساكناً ويمتنع عن إصدار أمره بالكف عن تعذيبهم، إلا أن رأيهم هذا يعوزه الدقة حيث لا يمكن اعتبار محض سكوت الرئيس وامتناعه عن إصدار أمره بالكف عن التعذيب محققة لجريمة التعذيب بصورة الأمر به، فالأمر في حقيقته عبارة عن طلب حصول فعل وأن سكوت الرئيس في هذه الحالة لا يعد طلباً، فالطلب يحتاج لوسائل للتعبير عنه مهما كان نوع هذه الوسيلة كتابة أو شفاهه أو بالإشارة إلا أنه لا يمكننا أن نعد السكوت وسيلة من وسائل التعبير عن الأمر([34]).

فضلاً عن ذلك فإن المشرع العراقي عندما ساوى في المادة 19\4 من قانون العقوبات بين السلوك الإيجابي والسلوك السلبي في ارتكاب الجريمة، وعاد في المادة 34 إلى اشتراط أن يكون امتناع الشخص هو السبب المباشر في وقوع الجريمة وفي فرضنا هذا لم يكن سكوت الرئيس هو السبب المباشر في وقوع فعل التعذيب فالجريمة قد تحققت بسلوك إيجابي صادر من شخص آخر([35]).

إن قولنا هذا لا يعني أننا نعد الرئيس في هذه الحالة غير مسؤول عن الجريمة الواقعة فهو مسؤول عنها إلا أن مسؤوليته تقوم هنا لا على أساس ارتكاب جريمة التعذيب بصورة الأمر به وإنما على أساس المساهمة التبعية عن طريق المساعدة في ارتكاب جريمة التعذيب بصورتها

الأولى وهي ممارسة التعذيب بالفعل([36]).

لذا فإذا ما ريد مساءلة الجاني بصفته فاعلا لهذه الجريمة فيجب أن يشير النص الجرمي وبصورة واضحة على هذه الصورة كما ذهبت الى ذلك المادة الثالثة لمشروع الاتفاقية العربية لمنع التعذيب.

أما بالنسبة لموقف القضاء العراقي فهو لم يذهب الى اعتبار الامتناع في هذه الحالة لا من قبيل الأمر بالتعذيب، ولا حتى من قبيل المساهمة التبعية مع أن الرئيس المباشر للمتهم كان قد شاهد تعذيب المتهم للمجني عليه وسمع صراخه إلا أنه تغاضى عن ذلك، أما بشأن قضاة التحقيق أو أعضاء الادعاء العام الذين يلاحظون آثار التعذيب على المجني عليهم ويتغاضون عن ذلك، فلا يمكن القول أن سكوتهم هذا يعد أمرة بالتعذيب عن طريق الامتناع ولا حتى مساهمة تبعية في ارتكاب الجريمة، فالجريمة تكون قد وقعت وبالتالي فلا مجال لمساءلتهم وفقا للمادة 333 من قانون العقوبات العراقي.

وأن كان يقع عليهم واجب قانوني آخر هو الإبلاغ عن مثل هذه الجرائم وبعكسه تترتب مسؤوليتهم استناداً للمادة 247 من قانون العقوبات المذكور.

وبالتالي فلا يسأل الفاعل في هذه الحالة إلا عن الفعل الذي ارتكبه وهذا ما نصت عليه م 29 من قانون العقوبات العراقي والتي أخذ بها المشرع بنظرية تعادل الأسباب والتي ذكرت “1- لا يسأل شخص عن جريمة لم تكن نتيجة لسلوكه الإجرامي لكنه يسأل عن الجريمة ولو كان قد ساهم مع سلوكه الإجرامي في إحداثها سبب آخر سابق أو معاصر أو لاحق ولو كان يجهله. أما إذا كان السبب ذلك وحده كافية لإحداث نتيجة الجريمة فلا يسأل الفاعل في هذه الحالة إلا عن الفعل الذي ارتكبه .

أما فيما يتعلق بموقف القضاء العراقي من العلاقة السببية في حالة حدوث الوفاة بسبب التعذيب، فإن الملاحظ على قضاء محكمة التمييز والمحاكم العراقية أنها تتمسك بالعنصر المادي لمعيار علاقة السببية طبقاً لنظرية تعادل الأسباب.

فيذهب القضاء للاعتراف بوجود هذه العلاقة ما دام الفعل هو أحد عوامل النتيجة. وأن النتيجة (الوفاة) ما كانت لتقع لو أن الجاني لم يرتكب فعله، كما ذهبت أيضا الى الاكتفاء بأن فعل الجاني قد يكون له أثر في تعجيل الوفاة مع أن السبب الحقيقي للوفاة كان إصابة المجني عليه بذات الرئة أو التهاب القصبات، أو توقف القلب المفاجئ([37])

ففي الحالات السابقة نجد أن القضاء قد أخذ بمسؤولية الجاني عن جريمة الضرب المفضي إلى الموت وعن النتيجة هي وفاة الجاني مع أن سبب الوفاة وكما ورد في التقارير الطبية كان للأسباب المذكورة أعلاه ضيق على الجناة في مثل هذه الجريمة مجال الإفلات من المسؤولية المترتبة على فعلهم هذا([38]).

ولنا فيما ذهبت إليه محكمة التمييز في قرارها المرقم 88/87/ هيئة جزائية / 1993 في 1993/4/13 والذي نقضت فيه قرار محكمة جنايات بابل ذي الرقم 157/ج/91 في 1992/12/14 التي ذهبت الى إدانة المتهم استنادا للمادة 413 من قانون العقوبات والحكم عليه بغرامة قدرها خمسون دينار على اعتدائه على المجني عليه مما سبب وفاته على أساس انتفاء العلاقة السببية بين فعل المتهم وهو التعذيب والنتيجة الجرمية التي هي وفاة المجني عليه بذات الرئة وعدم أخذها بما ورد في الاستمارة التشريحية من وجود شدة خارجية وكدمات على جسم المجني عليه قد تكون قد عجلت في حصول وفاته.

مما أدى الى نقض القرار والذي ورد فيه: “… إن ما قام به المتهم من تعذيب للمجني عليه قد أفضى إلى موته لذلك فإن فعل المتهم المذكور يكيف وفقا للمادة 410 من قانون العقوبات العراقي؛ لأن الرابطة السببية متوفرة بين الفعل وهو التعذيب والضرب وبين النتيجة وهي الوفاة بآفة ذات الرئة الحاد الناتج عن الحالة الصحية التي وصل إليها المجني عليه والتي عجلت في حصول وفاته باعتبار أن الضرب والتعذيب الذي وقع من المتهم على المجني عليه كان قد ساعد على النتيجة النهائية وهي الوفاة… لذا قرر نقض القرارات الصادرة من الدعوى، إعادة الأوراق إلى محكمتها لإجراء محاكمة المتهم وفقا للمادة 410 وإصدار القرارات الفاصلة في الدعوى إدانة وعقوبة وسائر القرارات الأخرى([39]).

المطلب الثاني

الركن المعنوي لجريمة التعذيب

إن توافر الركن المادي لجريمة التعذيب بعناصره السابقة لا يعد كافية لتحقق مسؤولية الشخص ولتوقيع العقوبة عليه، ففضلا عن العلاقة المادية بين الجاني والجريمة والتي تحققت بوقوع الركن المادي لابد من أن تتوافر علاقة أخرى ذات خصائص نفسية أو معنوية تربط بين الجاني وبين ماديات الجريمة، وهو ما يطلق عليه بالركن المعنوي للجريمة.

وجريمة التعذيب من الجرائم العمدية التي يتطلب لقيامها توافر القصد الجنائي بعنصرية الإرادة والعلم ذهب البعض إلى تعريف القصد الجنائي بأنه انصراف إرادة الجاني الى السلوك الإجرامي والى ما يترتب عليه من نتيجة ([40]).

إلا إن الرأي السائد في الفقه الجنائي يضيف للإرادة عنصر آخر وهو العلم معرفة القصد الجنائي بأنه علم بعناصر الجريمة وإرادة متجهة إلى تحقيق هذه العناصر، وعليه فالقصد الجنائي يقوم على عنصرين هما علم بعناصر الجريمة وإرادة متجهة لتحقيق هذه العناصر.

فالعلم هو المقدمة الضرورية لوجود إرادة واعية تحيط بما تريده، فالعلم هنا لا يطلب لذاته، وإنما

بوصفه مرحلة في تكوين الإرادة وشرطة أساسية لتصوراتها([41]).

ويتوافر القصد الجنائي في جريمة التعذيب عندما تنصرف إرادة الجاني الى إتيان فعل التعذيب وهو عالم بأن فعله هذا من شأنه المساس بسلامة المجني عليه البدنية او النفسية ومهما كان قدر هذا المساس، سواء أكان جسيمة أم بسيطة والإرادة هنا يجب أن تنصرف إلى الفعل والى النتيجة الإجرامية وهي إيذاء المجني عليه بأي قدر إيذاء بدنية أو معنوية.

أما العلم فيجب أن يتحقق بالنسبة لجميع أركان الجريمة أي أن يكون الجاني عالما بأنه يوجه فعله الى جسم إنسان حي، وكذلك علمه بخطورة فعله على حق المجني عليه في سلامة جسمه وكذلك أن يكون متوقع إلحاق الأذى به ([42]).

كما يجب أن ينصرف علمه الى صفة المجني عليه ذلك أن هذه الصفة تعد ركناً خاصاً في هذه الجريمة وعليه فإذا تحقق هذان العنصران توافر القصد الجنائي العام المتطلب لهذه الجريمة

هذا بالإضافة إلى عنصر مضاف بنص القانون الا وهو الغرض من التعذيب والمتمثل بحمل المجني عليه على الاعتراف او الإدلاء بمعلومات او كتمان بعض الأمور لذلك فسنحاول في الفقرات التالية بيان المقصود بهذه العناصر إن المشرع الجنائي في بعض الأحيان وخلافا للأصل قد لا يكتفي بتوافر العنصرين السابقين القصد الجنائي وانما يتطلب ان يكون مرتكبها قد أتاه مدفوعة الباعث خاص أو بنية تحقيق غاية او غرض معين([43]).

وبذلك يدخل هذا الغرض أو الباعث كعنصر في تكوين القصد وهو ما يطلق عليه بالقصد الجنائي الخاص. وجريمة التعذيب من الجرائم التي أعتد فيها المشروع بالغرض الذي يهدف الجاني الوصول إليه والمتمثل بحمل المجني عليه باستخدام هذه الوسائل على الاعتراف أو الإدلاء بمعلومات، أو كتمان أمر من الأمور او إعطاء رأي بشأنها، وهو أمر نصت عليه غالبية القوانين والمواثيق الدولية المحرمة للتعذيب وإن كان هناك من توسع في بيان هذه الأغراض كما هو الحال في قانون العقوبات العراقي والأردني والألماني والسوري واللبناني والقطري.

ومما تجدر الإشارة إليه أن هناك بعض القوانين ومنها قانون العقوبات الليبي في المادة 435 التي لم تشترط وجود مثل هذا الغرض، وبذلك يكون قد اكتفى بوجود القصد الجنائي العام لهذه الجريمة هادفة بذلك حماية المتهم لذاته من اعتداءات رجال السلطة العامة الماسة بحريته، وكرامته وسلامته البدنية والنفسية([44]).

ومنطلقه من أن وجود غرض معين للتعذيب يضيق من نطاق الحماية المرجوة من هذا النص وعليه فلا فرق في هذا القانون بين تعذيب يقع على المتهم بقصد حمله على الاعتراف وبين أن يكون القصد من وراء ذلك إذلاله، او الانتقام منه، أو لمجرد إشباع رغبة سادية لدى الجاني وإن كنا نرى إن هذا الاتجاه لم يسلم كلية من الانتقاد إذ إن المساواة المطلقة بين تعذيب يقع لتحقيق أحد الأغراض التي درجت القوانين السابقة على ذكرها وبين التعذيب المجرد من الغرض يكون مجافية للعدالة.

وللتوسع أكثر نتحدث عن ماهية الركن المعنوي في حالة حدوث الوفاة جراء التعذيب قد ذكرنا عند كلامنا عن النتيجة في جريمة التعذيب إنه في أغلب الحالات قد لا يقتصر الاعتداء على المساس بحق الإنسان في سلامة جسيمة فتحدث نتيجة أشد من الإيذاء وهي الوفاة أي أن الحق المعتدى عليه في هذه الحالة يتمثل بحق الإنسان في الحياة.

وعليه فقد ذهب قسم من القوانين العقابية إلى اعتبار تحقق مثل هذه النتيجة الجسيمة ظرف يشدد من مسؤولية الفاعل ويرتفع بالعقوبة الى العقوبة المقررة للقتل العمد إن تقرير المشرع لعقوبة القتل العمد في حالة وفاة المجني عليه نتيجة للتعذيب جعل الفقه يختلف في بيان الأساس الذي تستند عليه مسؤولية الجاني في هذه الحالة، فذهب قسم منهم إلى إقامتها على أساس القصد المتعدي وهناك من أقامها على أساس المسؤولية الموضوعية، وذهب آخرون إلى إقامتها على أساس القصد الاحتمالي، بينما اتجه فريق أخير إلى إقامتها على أساس العمد المفترض من قبل المشرع. وفيما يلي سنتناول هذه الآراء والاتجاهات الفقهية:

أولاً: المسؤولية على أساس القصد المتعدي: لقد ذهب جانب من الفقه إلى إن الأساس الذي يستند إليه في تفسير مسؤولية الجاني عن وفاة المجني عليه بسبب التعذيب هو فكرة القصد المتعدي أو ما أطلق عليه بجرائم ما وراء العمد، وهي التي يبغي فيها الجاني تحقيق نتيجة جرمية بسيطة ولكن الأمر يتعدى ذلك فتتحقق نتيجة أشد، وأساس المسائلة الجنائية هنا لما أراد تحقيقه والخطأ المفترض غير القابل لإثبات العكس لما تحقق([45]).

فهذا الجاني قد اتجهت إرادته أصلا إلى إيذاء المجني عليه عن طريق تعذيبه وكان عليه أن يتوقع أن فعله هذا قد يؤدي إلى وفاته فإن لم يتوقع فهو بذلك يكون مخطأ ([46]).

وبذلك يكون، القانون في مثل هذه الجرائم لم يعاقب على أساس المسؤولية المادية أو الموضوعية أي أنه لم يقرر مسؤولية الجاني لمجرد وقوع النتيجة الأشد كأثر النتيجة المقصودة وإنما تطلب علاقة نفسية تربط بين الجاني وبينها والتي تمثلت هنا بصورة الخطأ أو التقصير

أما السبب الذي يرون أنه قد دفع المشرع الى فرض عقوبة القتل العمد في حالة حدوث الوفاة نتيجة التعذيب ولم يلحقها بعقوبة الضرب المفضي الى الموت.

ذلك لأن المشرع في تقريره لهذه العقوبة المشددة قد قدر ما تشكله هذه الجريمة من حقوق الأفراد ومصالحه بدءا من مصادرة حق الفرد في سلامة جسمه، وحقه في الحياة، كما يمس حق المتهم في الدفاع وصولا الى تضليل العدالة باعتراف كاذب مما يؤثر في حيدة الإدارة ونزاهتها

ثانياً المسؤولية الموضوعية: هناك اتجاه أقامها على أساس المسؤولية الموضوعية عن نتيجة محددة استنادا الى توافر الركن المعنوي للفعل المادي الذي أفضى إليها.

فهي ليست مسؤولية مفترضة وإنما أقرب إلى المفهوم المادي منها الى المفهوم القانوني لأنها تستند إلى رابطة سببية مادية طبيعية بين الفعل والنتيجة بانتفائها تنتفي مسؤولية الجاني عن النتيجة الأشد، التي تكون بمثابة المخاطر التي ترتبط بسلوكه الإرادي الذي باشره، وهو ما يطلق عليه بنظرية تحمل التبعة المعروفة في القانون المدني والإداري.

إلا هذا الرأي لا يمكن التسليم به لأنه يتأسس على الأخذ بفكرة المسؤولية المادية أو الموضوعية البحتة التي هجرتها مبادئ التشريع العقابي الحديث أذ لا مسؤولية دون ركن معنوي لها.

ثالثاً: المسؤولية على أساس القصد الاحتمالي: ذهب قسم من الفقهاء إلى أن المشرع المصري قد أقام المسؤولية في هذه الحالة على أساس العمد المتمثل بالقصد الاحتمالي فهم يرون أن الجاني قد توقع عندما ارتكب سلوكه الإرادي أن تقع النتيجة ولو كأثر بعيد ومع ذلك قبلها أو أنه لم يبال بحدوثها([47]).

فتوقع الجاني النتيجة ولو كان كأثر بعيد يمثل عنصر العلم المتطلب في القصد الجنائي وقبوله أو حتى عدو مبالاته أحيانا يمثل هذا عنصر الإرادة المتطلب في القصد. ذلك أن الإرادة في كلا الحالتين تتجه لإشباع حاجتها

إلا أن هناك من انتقد هذا الاتجاه على أساس أن المشرع المصري في المادة 126 لم يشترط مثل هذا التوقع من الجاني القول بمسؤوليته عن هذه النتيجة، وبذلك فإن عدم الاشتراط هذا يعدم صلاحية نظرية القصد الاحتمالي لتفسير اعتبار الجريمة عمدية في هذه الحالة ([48])

رابعاً: على أساس العمد المفترض: لقد ذهب قسم من الكتاب إلى أن المشرع قد أقام مسؤولية الجاني هنا على أساس العمد المفترض، وهو افتراض المشرع في حالات معينة ركن العمد افتراضاً بالنمية النتيجة التي أدي إليها النشاط الإجرامي للجاني، وهو افتراض يقوم ولو لم يكن الجاني قد توقع فعلا النتيجة الإجرامية التي أدى إليها نشاطه الجرمي فهذه الصورة من العمد لا تتطلب سوى أن تكون النتيجة الجديدة الجسيمة متوقعة بحسب المجرى العادي للأمور، سواء أتوقعها الجاني أم لا، وهذا الافتراض يعد بمثابة قرينة قانونية لا تقبل إثبات العكس.

والذي نراه بعد استعراضنا للآراء والاتجاهات السابقة أن العمد المفترض من جانب المشرع هو الأقرب للأخذ به، ذلك أنه وبالنظر للفقرة الأخيرة من المادة 126 من ق. ع. المصري نجد أن المشرع قد افترض وجود العمد المباشر لدى الجاني والذي أدي فعله الى وفاة المجني عليه وهو ما دفعه إلى أن يرتب بحقه عقوبة القتل العمد وأن المشرع المصري بهذا النص يكون قد أراد بذلك أن لا يترك الأمر لاجتهاد القضاء وتطبيق القواعد العامة التي تفضي به إلى اعتبار فعل المتهم مما يدخل في جريمة الضرب المفضي إلى الموت.

وبما أن المشرع العراقي قد غفل عن إدراج حكم هذه الحالة أي أنه ترك للقضاء مهمة تكييف الفعل المرتكب فنجد أن اتجاه القضاء العراقي ومن خلال القرارات أصدرتها محاكمنا والتي صدقتها محكمة التمييز أنها تذهب الى تكييف الفعل على أساس أنه جريمة ضرب مفضي إلى الموت التي تحكمها المادة 410 من قانون العقوبات([49]).

مع ما لاحظناه على الأفعال التي ارتكبها الجناة في تلك الوقائع والتي كانت على درجة من الشدة والجسامة يصعب معها القول أن الجاني لم يكن يتوقع فيها حدوث مثل هذه النتيجة والتي منها ضرب المجني عليه بالكيبل الكهربائي الغليظ إلى درجة تحطيم الكيبل على جسم المجني عليه مما سبب له نزيف سحائي أدى الى وفاته والضرب الشديد مع الصعق بالتيار الكهربائي الذي نتج عنه نهي عصبي توفي على أثره.

الخاتمة

إن التعذيب من الممارسات التي انتشرت منذ ولادة البشرية فبدأت منذ العصور القديمة مروراً بالعصور الوسطى التي شهدت أبشع أنواع التعذيب والتي لم يكن لها أي رادع أو مانع لها إلى أن جاءت التشريعات السماوية وفي مقدمتها الشريعة الإسلامية والديانة المسيحية والتي حرصت على احترام حقوق الإنسان وتكريمه وتجريم وتحريم تعذيبه وقد تكرس هذا التجريم أيضاً من خلال جملة من الصكوك الدولية من اتفاقيات ومعاهدات وغيرها والتي قاربت موضوع التعذيب ونصت على حظر استخدامه مهما كانت الغاية المتوخاة من ورائه، كما ساير التشريع العراقي هذه المواثيق وعمل على صون واحترام حقوق الإنسان بالشكل الذي يضمن تحقيق الحماية الكاملة له في نهاية هذا البحث توصلنا إلى جملة من النتائج والتوصيات والتي يمكن إيرادها كما يلي:

أولاً: النتائج:

  1. إن القوانين العقابية أشارت إلى أن التعذيب كجريمة لها أركانها العامة والخاصة والتي نصت عليها المادة 333 من قانون العقوبات العراقي النافذ ولكن القانون المذكور لم يعط تعريفاً محدداً للموظف العام الذي يمثل صفة الجاني في هذه الجريمة.
  2. لا يمكن الدفع بحالة أداء الواجب لإباحة الفعل المرتكب لعدم تحقق شروط هذه الحالة وفقاً لما نص عليه قانون العقوبات العراقي النافذ، وإن العقوبة المقررة على مرتكب هذه الجريمة تشمل العقوبة الأصلية والتبعية والتكميلية، أما الجزاء المترتب على هذه الجريمة فهو الجزاء الإجرائي الذي يتمثل ببطلان الإجراء وعدم الأخذ بالاعتراف أو الشهادة أو الخبرة التي يدلي بها من تعرض للتعذيب.

ثانياً: التوصيات:

  1. العمل على تطوير المناهج المتعلقة بحقوق الإنسان وخاصة الاتفاقيات المناهضة للتعذيب لتدريسها على طلبة المعاهد والكليات وخاصةً معاهد وكليات الأجهزة الأمنية على اختلاف مسمياتها كونها الأجهزة التي تقوم بتنفيذ القوانين، وعلى احتكاك دائم مع أفراد الشعب وبشكل خاص المتهمين والشهود والخبراء.
  2. تعديل قانون العقوبات العراقي الحالي فيما يتعلق بجريمة التعذيب من خلال النص على العقوبة المقررة في حالة وفاة المجني عليه جراء التعذيب.

قائمة المصادر والمراجع

أولاً: الكتب:

  1. أحمد فتحي سرور، الوسيط في الإجراءات الجنائية، دار النهضة العربية، القاهرة، 2020.
  2. جبار كاظم الصجيري، جريمة التعذيب في قانون العقوبات، الطبعة الأولى، منشورات زين الحقوقية، بيروت، 2015. مأمون محمد سلامة، قانون العقوبات، القسم الخاص، دار الفكر العربي، القاهرة، 2002.
  3. جلال حماد عرميط الدليمي، ضمانات المتهم في إجراءات التحقيق الابتدائي المقيدة لحريته والماسة بشخصه- دراسة مقارنة، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2015.
  4. حسين عبد الصاحب عبد الكريم، وتميم طاهر أحمد، شرح قانون أُصول المحاكمات الجزائية، شركة العاتك لصناعة الكتاب، بيروت، 2018.
  5. رؤوف عبيد، شرح قانون العقوبات التكميلي، الطبعة الخامسة، دار الفكر العربي، القاهرة، ، 2015.
  6. سردار علي عزيز، ضمانات المتهم أثناء الاستجواب، الطبعة الأولى، المركز القومي للإصدارات القانونية، القاهرة- مصر، 2014.
  7. سمير عالية، الوسيط في شرح قانون العلويات القسم العام، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، لبنان، 2020.
  8. عبد الأمير العكيلي، أصول الإجراءات الجنائية في قانون أصول المحاكمات الجزائية، الجزء الأول، الطبعة الأولى، مطبعة المعارف، بغداد، 2004.
  9. عبد الحميد الشواريبي، جرائم الإيذاء في ضوء القضاء والفقه، دار المطبوعات الجديدة، 1998.
  10. عبود السراج، علم الاجرام وعلم العقاب-دراسة تحليلية في أسباب الجريمة وعلاج السلوك الاجرامي، الطبعة الثالثة، منشورات جامعة حلب، سوريا، 2015.
  11. علي حسين الخلف وآخرون، المبادئ العامة في قانون العقوبات، الطبعة الأولى، دار السنهوري، بغداد، 2015.
  12. علي محمد جعفر، شرح قانون اصول المحاكمات الجزائية، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر، بيروت، 2004.
  13. عمر الشريف، درجات القصد الجنائي، الطبعة الأولى، دار النهضة العربية، القاهرة، 2003.
  14. فخري عبد الرزاق الحديثي، خالد حميدي الزعبي، شرح قانون العقوبات- القسم الخاص، الجرائم الواقعة على الأشخاص، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 2010.
  15. فخري عبد الرزاق صلبي الحديثي، شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية، الطبعة الأولى، دار السنهوري القانونية والعلوم السياسية، بغداد، العراق، 2017.
  16. فهد يوسف الكساسبة، وظيفة العقوبة ودورها في الإصلاح والتأهيل، _دراسة مقارنة_، ط1، دار وائل للنشر والتوزيع، عمان، 2010.
  17. محمد زكي أبو عامر، الإجراءات الجنائية، منشورات الحلبي، بيروت، 2010.
  18. محمد زكي أبو عامر، دراسة في علم الإجرام والعقاب، الدار الجامعية للطباعة والنشر، بيروت، 2012.
  19. محمد صبحي نجم، الجرائم الواقعة على الأشخاص، الطبعة الأولى، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان- الاردن، 2002.
  20. محمد عبد اللطيف فرج، شرح قانون الإجراءات الجنائية في جمع الاستدلالات والتحقيق الابتدائي، الطبعة الثالثة، منشأة المعارف، الإسكندرية- مصر، 2011.
  21. محمد محمد مصباح القاضي، الحماية الجنائية للحرية الشخصية في مرحلة ما قبل المحاكمة الجنائية، الطبعة الأولى، دار النهضة العربية، القاهرة- مصر، 2008.
  22. محمد محمود الشركسي، ضمانات المتهم خلال مرحلة التحقيق الابتدائي والمحاكمة، دار النهضة العربية، القاهرة، 2011.
  23. محمود نجيب حسني، العلاقة السببية في قانون العقوبات، مطبعة جامعة القاهرة والكتاب الجامعي، 2007.
  24. محمود نجيب حسني، النظرية العامة للقصد الجنائي، دار المطبوعات الجامعية، الاسكندرية، 2019.
  25. مهند إياد فرج الله، ضمانات المشتبه فيه أثناء الاستيقاف، الطبعة الأولى، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2015.
  26. نوري خلف فرحان، ضمانات المتهم في مرحلة المحاكمة، الطبعة الأولى، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت- لبنان، 2018.

ثانياً: القوانين:

  1. الدستور العراقي النافذ لعام 2005.
  2. القانون الأساسي العراقي لسنة 1925 (الملغي).
  3. قانون العقوبات العسكري رقم (13) لسنة 1940 (ملغى).
  4. قانون أصول المحاكمات الجزائية العسكرية رقم (44) لسنة 1941 الملغي.
  5. قانون العقوبات العراقي رقم 111 لعام 1969 وتعديلاته.
  6. قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي رقم 23 لعام 1971.
  7. قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية لسنة 2004.

ثالثاً: القرارات:

قرار محكمة الجنايات الكرخ المرقم 693، ج،1996، في1/8/1996، المصدق بالقرار التمييزي3339، هيئة ثانية، 1996.

قرار محكمة جنايات الرصافة المرقم (199) ج/1998.

قرار محكمة جنايات الرصافة المرقم 21/ج /1998.

قرار محكمة التمييز المرقم 88/87/ه. ج/1993.

Margins:

  1. () المادة 37 من الدستور العراقي النافذ لعام 2005، المنشور في مجلة الوقائع العراقية بالعدد 4012، بتاريخ 28\12\2005.
  2. () جبار كاظم الصجيري، جريمة التعذيب في قانون العقوبات، الطبعة الأولى، منشورات زين الحقوقية، بيروت، 2015، ص 43.
  3. () المادة السابعة من القانون الأساسي العراقي لسنة 1925 (الملغي).
  4. () المادة 107 قانون العقوبات العسكري رقم (13) لسنة 1940 (ملغى)
  5. () مأمون محمد سلامة، قانون العقوبات، القسم الخاص، دار الفكر العربي، القاهرة، 2002، ص 114.
  6. () فخري عبد الرزاق الحديثي، خالد حميدي الزعبي، شرح قانون العقوبات- القسم الخاص، الجرائم الواقعة على الأشخاص، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 2010، ص177
  7. () المادة (333) من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لعام 1969 وتعديلاته.
  8. () الفقرة (ي) من المادة (5) من قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية لسنة 2004 والفقرة (ج) من المادة (37) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005.
  9. () عبد الحميد الشواريبي، جرائم الإيذاء في ضوء القضاء والفقه، دار المطبوعات الجديدة، 1998، ص203
  10. () علي محمد جعفر، شرح قانون اصول المحاكمات الجزائية، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر، بيروت، 2004، ص168.
  11. () أحمد فتحي سرور، الوسيط في الإجراءات الجنائية، دار النهضة العربية، القاهرة، 2020، ص 699- 700.
  12. () محمد زكي أبو عامر، الإجراءات الجنائية، منشورات الحلبي، بيروت، 2010، ص58.
  13. () حسين عبد الصاحب عبد الكريم، وتميم طاهر أحمد، شرح قانون أُصول المحاكمات الجزائية، شركة العاتك لصناعة الكتاب، بيروت، 2018، ص 139.
  14. () محمد محمود الشركسي، ضمانات المتهم خلال مرحلة التحقيق الابتدائي والمحاكمة، دار النهضة العربية، القاهرة، 2011، ص99..
  15. () المادة الأولى من قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي رقم 23 لعام 1973.
  16. () عبد الأمير العكيلي، أصول الإجراءات الجنائية في قانون أصول المحاكمات الجزائية، الجزء الأول، الطبعة الأولى، مطبعة المعارف، بغداد، 2004، ص 115.
  17. () المادة (5) من قانون الادعاء العام العراقي.
  18. () المادة 47 من قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي رقم (23) لسنة 1971.
  19. () المادة 48 من قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي رقم (23) لسنة 1971.
  20. () المادة (20) من قانون أصول المحاكمات الجزائية العسكرية رقم (44) لسنة 1941 الملغي.
  21. () المادة 247 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لعام 1969.
  22. () الفقرة (2) من المادة (10) من قانون انضباط موظفي الدولة العراقي.
  23. () قرار محكمة جنايات الرصافة المرقم (199) ج/1998.
  24. () قرار محكمة جنايات الرصافة المرقم 21/ج /1998.
  25. () قرار محكمة التمييز المرقم 88/87/ه. ج/1993.
  26. () المادتان (215، 129)، من قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي المعدل.
  27. () جلال حماد عرميط الدليمي، ضمانات المتهم في إجراءات التحقيق الابتدائي المقيدة لحريته والماسة بشخصه- دراسة مقارنة، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2015، ص 130.
  28. () فخري عبد الرزاق صلبي الحديثي، شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية، الطبعة الأولى، دار السنهوري القانونية والعلوم السياسية، بغداد، العراق، 2017، ص112.
  29. () سردار علي عزيز، ضمانات المتهم أثناء الاستجواب، الطبعة الأولى، المركز القومي للإصدارات القانونية، القاهرة- مصر، 2014، ص74..
  30. () محمد صبحي نجم، الجرائم الواقعة على الأشخاص، الطبعة الأولى، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان- الاردن، 2002، ص242.
  31. () محمد عبد اللطيف فرج، شرح قانون الإجراءات الجنائية في جمع الاستدلالات والتحقيق الابتدائي، الطبعة الثالثة، منشأة المعارف، الإسكندرية- مصر، 2011، ص223.
  32. () محمد محمد مصباح القاضي، الحماية الجنائية للحرية الشخصية في مرحلة ما قبل المحاكمة الجنائية، الطبعة الأولى، دار النهضة العربية، القاهرة- مصر، 2008، ص153
  33. () نوري خلف فرحان، ضمانات المتهم في مرحلة المحاكمة، الطبعة الأولى، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت- لبنان، 2018، ص17..
  34. () محمود نجيب حسني، العلاقة السببية في قانون العقوبات، مطبعة جامعة القاهرة والكتاب الجامعي، 2007، ص374.
  35. () المادتين 19 و 34 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لعام 1969.
  36. () مهند إياد فرج الله، ضمانات المشتبه فيه أثناء الاستيقاف، الطبعة الأولى، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2015، ص 85.
  37. () قرار محكمة الجنايات الكرخ المرقم 693، ج،1996، في1/8/1996، المصدق بالقرار التمييزي3339، هيئة ثانية، 1996.
  38. () علي حسين الخلف وآخرون، المبادئ العامة في قانون العقوبات، الطبعة الأولى، دار السنهوري، بغداد، 2015، ص 131..
  39. () المادة 410 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لعام 1969.
  40. () محمد زكي أبو عامر، دراسة في علم الإجرام والعقاب، الدار الجامعية للطباعة والنشر، بيروت، 2012، ص280..
  41. () محمود نجيب حسني، النظرية العامة للقصد الجنائي، دار المطبوعات الجامعية، الاسكندرية، 2019، ص50.
  42. () سمير عالية، الوسيط في شرح قانون العلويات القسم العام، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، لبنان، 2020، ص 288_ 278..
  43. () محمود نجيب حسني، شرح قانون العقوبات اللبناني، المصدر السابق، ص411.
  44. () المادة 435 من قانون العقوبات الليبي.
  45. () عبود السراج، علم الاجرام وعلم العقاب-دراسة تحليلية في أسباب الجريمة وعلاج السلوك الاجرامي، الطبعة الثالثة، منشورات جامعة حلب، سوريا، 2015، ص 380.
  46. () عمر الشريف، درجات القصد الجنائي، الطبعة الأولى، دار النهضة العربية، القاهرة، 2003، ص241.
  47. () رؤوف عبيد، شرح قانون العقوبات التكميلي، الطبعة الخامسة، دار الفكر العربي، القاهرة، ، 2015، ص28..
  48. () فهد يوسف الكساسبة، وظيفة العقوبة ودورها في الإصلاح والتأهيل، _دراسة مقارنة_، الطبعة الأولى، دار وائل للنشر والتوزيع، عمان، 2010، ص68.
  49. () علي حسين الخلف وآخرون، المبادئ العامة في قانون العقوبات، ص30..