جريمة خيانة الائتمان علي الورقة الموقعة علي بياض

دراسة تحليلية تأصيلية

د. محمد جبريل إبراهيم حسن1

1 دكتوراة القانون الجنائي كلية الحقوق –جامعة القاهرة

بريد الكتروني: gebrelmohamed865@gmail.com

HNSJ, 2024, 5(9); https://doi.org/10.53796/hnsj59/29

Download

تاريخ النشر: 01/09/2024م تاريخ القبول: 17/08/2024م

Citation Method


المستخلص

يثير التوقيع أو الختم علي بياض الكثير من المشكلات القانونية ، وهو ما دفع المشرع لأن يفرد له نصاً خاصاً في المادة 340 من قانون العقوبات ، حيث يمثل التوقيع علي بياض خطورة علي صاحب التوقيع أو الختم بما يجعله تحت رحمة من يمسك الورقة الممضاة علي بياض أو يتحصل عليها بأي طريقة كانت.

ومن جهة آخري فإن التوقيع علي بياض يمثل خطورة علي من يمسك بالورقة الممضاة علي بياض ذاته متي استخدمها بالمخالفة لما هو متفق عليه مع صاحب التوقيع ، مما يضعه تحت خطر الاتهام بخيانة الائتمان علي التوقيع فيعاقب بالحبس والغرامة.

ولقد أظهر الواقع العملي استخدام فكرة التوقيع علي بياض كنوع من الضمانة لتنفيذ عمل معين ، فيفوض بموجبه المدين ، حائز الورقة بملئها بمعرفته عند الاخلال بتنفيذ الالتزام المتفق عليه ، وهو ما لم يكن مقصد المشرع عند وضع نص المادة 340 من قانون العقوبات.

الكلمات المفتاحية: التوقيع علي بياض ، خيانة الائتمان ، الورقة الممضاة

Research title

The crime of breach of credit on the signed paper is blank

An original analytical study

HNSJ, 2024, 5(9); https://doi.org/10.53796/hnsj59/29

Published at 01/09/2024 Accepted at 17/08/2024

Abstract

A blank signature or seal raises many legal problems, which prompted the legislator to devote a special provision to it in Article 340 of the Penal Code, as a blank signature represents a danger to the person who bears the signature or seal, making him at the mercy of whoever holds the blank signed paper or obtains it. On her in any way.

On the other hand, signing in blank represents a danger to the person who holds the signed paper in his own blank if he uses it in violation of what was agreed upon with the person who signed the signature, which puts him at risk of being accused of betrayal of trust over the signature, and he is punished with imprisonment and a fine.

Practical reality has shown the use of the idea of ​​a blank signature as a kind of guarantee for the implementation of a specific act, whereby the debtor, in possession of the paper, is authorized to fill it out with his knowledge in the event of failure to implement the agreed-upon obligation, which was not the intention of the legislator when drafting the text of Article 340 of the Penal Code.

Key Words: blank signature, betrayal of credit, signed paper.

مقدمـــــــــة :

خيانة الأمانة في الورقة الموقعة علي بياض تُعد جريمة متميزة مستقلة عن جرائم الأموال الأخرى ، حيث تسلم الورقة من المجني عليه إلي الجاني علي سبيل الحيازة المادية الناقصة ، مع التفويض في التصرف في الورقة في حدود معينة ، ولكن الجاني يتجاوز ما يفوضه فيه المجني عليه ، ويظهر في حيازته علي الورقة بمظهر المالك .

وقد يتشابه هذا السلوك المكون لجريمة خيانة الأمانة في الورقة الموقعة علي بياض مع السلوك المادي للسلوك المكون لجريمة النصب ، ففي كل منهما يسلم المجني عليه الشيء إلي الجاني تسليماً قانونياً ، ولكن التسليم وأثره يختلف في كل الجريمتين ، فهو في جريمة خيانة الأمانة في الورقة الموقعة علي بياض تسليم ناشئ عن إرادة حرة ولكنه لا يؤدي إلي غير نقل الحيازة الناقصة ، أما في جريمة النصب فهو تسليم ناشئ عن إرادة معيبة تحت تأثير الغلط ويؤدي إلي نقل الحيازة الكاملة للشيء .

وإذا كان تسليم الورقة الموقعة علي بياض من المجني عليه إلي الجاني ينضوي تحت التصرف المدني الذي تحكمه العلاقات القانونية الخاصة ، إذ أنه قد يكون علي سبيل الوديعة أو الرهن أو الوكالة أو غيرها من عقود الأمانة ، إلا أن المشرع حينما رأي أن الجزاء المدني لم يكن كافياً لمواجهة هذه السلوكيات فقد تدخل بالجزاء الجنائي لردع هذا السلوك .

ولقد كان تدخل المشرع الجنائي يهدف إلي حماية المصلحة الاجتماعية المتمثلة في حماية الائتمان والثقة بين الناس ، فلا شك أن العبث بالائتمان الخاص أمر يهدد وبلا شك العلاقات الخاصة ويقضي علي روح التعاون بين الناس ، وينتقص من الثقة والاطمئنان في تعاملاتهم .

ولا ينكر أحد ذيوع وانتشار بعض السلوكيات في المجتمع والتي هي من قبيل التوقيع علي الأوراق علي بياض كنوع من توفير الضمانات في سبيل إتمام بعض التصرفات أو التعاملات أو الصفقات ، مما سهل إهدار الأمانات وخيانة الثقة الممنوحة لصنف من الناس ممن لديهم خطورة إجرامية من شأنها أن تهدد استقرار التعاملات بين الناس عن طريق خيانتهم للثقة الممنوحة لهم .

ولعل ذلك ما حدا بالمشرع إلي النص علي هذه الجريمة في الكتاب الثالث من قانون العقوبات المعنون بالجنايات والجنح التي تحصل لآحاد الناس ، في الباب العاشر منه تحت عنوان النصب وخيانة الأمانة في المادة 340 منه التي تنص علي أن كل من ائتمن على ورقة ممضاة أو مختومة على بياض فخان الأمانة وكتب في البياض الذي فوق الختم أو الإمضاء سند دين أو مخالصة أو غير ذلك من السندات والتمسكات التي يترتب عليها حصول ضرر لنفس صاحب الإمضاء أو الختم أو لماله عوقب بالحبس ويمكن أن يزاد عليه غرامة لا تتجاوز خمسين جنيها مصريا ،وفي حالة ما إذا لم تكن الورقة الممضاة أو المختومة على بياض مسلمة إلى الخائن وإنما استحصل عليها بأي طريقة كانت فإنه يعد مزورا ويعاقب بعقوبة التزوير.

والورقة الممضاة هي التي تزيل بعلامة مميزة كالتوقيع أو الختم أو البصمة التي تحدد وتدل علي محررها ، وهي تفيد الموافقة علي مضمونها ، والإقرار بما فيها .

والإمضاء هو التوقيع الذي يوضع في الورقة للموافقة علي أمر ، أو لإلحاق شيء بما قبله أو بما بعده ، وفي خصوص موضوعنا فالإمضاء هو وضع توقيع الشخص أو ختمه أو بصمته علي ورقة بيضاء تاركاً مسافة خالية لاستخدامها في أمر معين بالاتفاق مع شخص آخر .

وهو أيضاً توقيع شخص علي ورقة بيضاء وتسليمها لأخر ليملأ ما بها من فراغ يكون فوق التوقيع بما يريده صاحب التوقيع في إقرار أو تعاقد .

ويجب أن تكون الاضافات التي تملأ الفراغ الذي يكون فوق التوقيع مشتملة علي التزام أو إبراء أو تحمل لمسئولية ، ومن ثم يخرج عن نطاق هذه الجريمة الكلمات والعبارات التي لا تعبر عن تحميل مسئولية أو إعفاء منها أو إلزام بشيء أو إبراء منه .

كما يخرج عن نطاق هذه الجريمة ما يشهده الواقع من التوقيعات والإمضاءات التي يقوم بها بعض المشاهير علي الأوراق الخاصة بمعجبيهم ، والتي تتضمن التحيات والتهاني والمجاملات .

إشكالية الدراسة :

تبدو إشكالية الدراسة في أن المشرع حينما وضع النص التجريمي لخيانة التوقيع علي بياض الوارد في المادة 340 من قانون العقوبات لم يكن في ذهنه أن استخدام التوقيع علي بياض سيستخدم بين أوساط العامة كأداة ضمان في التعاملات فيما بينهم ، فيستغل الدائن هذا التوقيع إمعانا في ضمان ماله الذي لدي الموقع ، ويقوم بعد ذلك بملأ بيانات الورقة بمعرفته فى وقت لاحق على توقيع المدين على الورقة مما يعرضه للمساءلة القانونية بجريمة خيانة الائتمان طبقا للمادة 340 من قانون العقوبات، وبدلاَ من أن يكون صاحب حق يصبح متهم فى قضية.

في حين أن النص الخاص بتجريم خيانة أمانة التوقيع سالف الذكر يعالج حالة خيانة الأمانة التي تتعلق بتسليم المجني عليه ورقة عليها توقيعه لشخص آخر ، فيستغل هذا الأخير التوقيع بإضافة عبارات وجمل لإثبات دين أو مخالصة أو غير ذلك من التمسكات التي يترتب عليها ضرر للمجني عليه في نفسه وماله .

التساؤلات التي تثيرها الدراسة :

تثير الدراسة العديد من التساؤلات فيما يتعلق ببعض المفاهيم المتعلقة بالإمضاء علي بياض ، والأوراق محل الإمضاء ، ومضمون الإضافات فوق الإمضاء علي بياض .

كما تثير الدراسة التساؤل حول طبيعة التوقيع علي بياض ، ومدي اعتباره تفوض أو توكيل صادر من المجني عليه إلي الجاني ؟ وهنا يثور التساؤل حول كيفية إثبات أن المّوقع علي الورقة قاصداً الارتباط بالبيانات التي سترد بالورقة ؟

كما تثير الدراسة التساؤل حول مدي اعتبار الورقة الممضاة والتي تم تسليمها للجاني وديعه لديه ، ويرغب في استردادها كما هي عند طلبها ؟

وأخيراً هل يمكن اعتبار التوقيع علي بياض نوع من التفويض الذي يقوم به الموقع لمن يستلم الورقة ، ويكون بذلك حراً فيما يضيفه من عبارات أعلي التوقيع ؟

أهمية الدراسة :

تظهر أهمية الدراسة من خلال تعلقها بموضوع حيوي شائع الحدوث في الواقع العملي ، وهو موضوع الاخلال بالتوقيعات علي بياض والتي تستخدم كنوع من الضمانات لتسوية بعض التعاملات الخاصة .

كما تظهر أهمية الموضوع في تدخل القانون الجنائي بالعقاب في مجال العلاقات الشخصية الخاصة بالتعاملات الائتمانية ، لحماية وتأكيد بعض القيم الاجتماعية التي يتعين أن تكون سائدة بين الأفراد ، ولم تتمكن الحماية الواردة في القانون المدني من كفالتها بصورة فعالة .

وذلك ما يظهر المساعدة الفعالة التي يقدمها القانون الجنائي في المجال المدني عند عدم تنفيذ الالتزامات الخاصة التي تنجم عن الثقة التي اودعها المجني عليه في الجاني .

الهدف من الدراسة :

تهدف هذه الدراسة إلي مواجهة بعض السلوكيات الخطيرة التي تتمثل في تسليم الشخص لرقبته لشخص آخر من خلال توقيعه علي بياض علي ورقة فارغة تسمح للشخص الأخير باستغلال هذا التوقيع في إرغامه علي تصرفات لا يريدها ولا يرضي عنها مما يتسبب في الإضرار به في ماله ونفسه .

ثم تهدف الدراسة كذلك إلي تحذير المستلم للورقة الممضاة علي بياض من استخدامها وإضافة بيانات غير صحيحة أعلي التوقيع مما يعرضه للعقوبة الجنائية لارتكابه خيانة الائتمان علي التوقيع علي بياض .

منهج الدراسة :

انتهجنا في هذه الدراسة المنهج التحليلي التأصيلي ، وهو ما يتناسب مع طبيعة الدراسة التي تتطلب استجلاء الغموض وإزالته عن إشكالية التوقيع علي بياض واستغلالها في الضغط علي المّوقع من جهة ، وخطورتها علي الفاعل وتحوله من صاحب حق في بعض الأحيان إلي متهم ، وهو يتطلب استدعاء القواعد الأصولية في مجال العلاقات الائتمانية وإنزالها علي مشكلة خيانة الائتمان في التوقيع علي بياض .

خطة الدراسة :

عرضنا هذه الدراسة في أربعة مطالب تناولنا من خلالها أركان جريمة خيانة الائتمان علي الورقة الموقعة علي بياض ، وذلك علي النحو الآتي :-

المطلب الأول : الركن الشرعي لجريمة خيانة التوقيع علي بياض .

المطلب الثاني : الركن المادي لجريمة خيانة ائتمان التوقيع علي بياض .

المطلب الثالث : الركن المعنوي لجريمة خيانة الائتمان علي التوقيع علي بياض .

المطلب الرابع : الجوانب الإجرائية للجريمة والعقوبة المقررة لها .

وعلي الله قصد السبيل ،،،

المطلب الأول

الركن الشرعي لجريمة خيانة التوقيع علي بياض

من غير النص الوارد في المادة 340 من قانون العقوبات ، لكانت جريمة خيانة الأمانة في الورقة الممضاة أو المختومة علي بياض يرجع في حكمها لقواعد القانون المدني المتعلقة بعقود الأمانة ، وهي الوديعة والإيجار، والرهن ، وعارية الاستعمال ، والوكالة ، وذلك لأنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص يجرم السلوك –إيجاباً أو سلباً – ويضع عقاباً يلزم به كل من وقع منه هذا السلوك المجرم سواء عن طريق الإيجاب أو السلب .

وعلي هذا فإنه إذا لم يرد نص يجرم السلوك فهو سلوك مباح طالما لم يترتب عليه ضرر؛ لأن الأصل في الأشياء الإباحة ، ونعرض فيما يلي للنص القانوني الذي يجرم خيانة الائتمان علي الورقة الممضاة أو المختومة علي بياض ، ثم نعرض للنصوص المشابهة له علي النحو الآتي :

الفرع الأول : النص القانوني الذي يجرم خيانة الائتمان علي الورقة الممضاة علي بياض .

الفرع الثاني : النصوص القانونية المشابهة للنص الخاص بجريمة خيانة التوقيع علي بياض .

الفرع الأول

النص القانوني الذي يجرم خيانة الائتمان علي الورقة الممضاة علي بياض

أولاً : النص القانوني وموضعه في قانون العقوبات :-

تنص المادة 340 من قانون العقوبات على أنه :

” كل من ائتمن على ورقة ممضاة أو مختومة على بياض فخان الأمانة وكتب في البياض الذي فوق الختم أو الإمضاء سند دين أو مخالصة أو غير ذلك من السندات والتمسكات التي يترتب عليها حصول ضرر لنفس صاحب الإمضاء أو الختم أو لماله عوقب بالحبس ويمكن أن يزاد عليه غرامة لا تتجاوز خمسين جنيها مصريا.

وفي حالة ما إذا لم تكن الورقة الممضاة أو المختومة على بياض مسلمة إلى الخائن وإنما استحصل عليها بأي طريقة كانت فإنه يعد مزورا ويعاقب بعقوبة التزوير “

ولقد ورد هذا النص في الباب العاشر من الكتاب الثالث من قانون العقوبات الخاص بالجنايات والجنح التي تحصل لأحاد الناس ، ولقد ورد النص في الباب العاشر تحت عنوان النصب وخيانة الأمانة ([1]) .

ثانياً : مؤدي النص الخاص بجريمة خيانة الائتمان :

مؤدي هذا النص أن هذه الجريمة هي جريمة خيانة الائتمان على التوقيع وهذه الجريمة تقوم على فرض أن شخص سلم إلى آخر ورقة تحمل توقيعه أو خاتمه أو بصمته على بياض بغرض تدوين بيانات بها للقيام بعمل معين قانوني، ثم قام هذا الشخص بخيانة هذه الأمانة بتدوين بيانات مخالفة لما وقعت أو ختمت من أجله الورقة وترتب على ذلك ضرراً في نفس المّوقع أو في ماله ([2]).

يرجع البعض هذا النص إلي قانون العقوبات الفرنسي وأنه مقتبس من نص المادة 407 من قانون العقوبات الفرنسي ، ولما كان التزوير في المحررات في هذا القانون معاقب عليه باعتباره جناية بالأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة فقد رأي المشرع في خصوص جريمة التزوير التي تقع ممن عهد إليه بالورقة الممضاة علي بياض أن يهبط بها درجة في تدريج الجرائم وأن يهون عقوبتها فاعتبرها جنحة وعاقب عليها بعقوبة الحبس والغرامة المقررتين لجريمة النص المنصوص عليها في المادة 405 من قانون العقوبات الفرنسي وذلك لعلة لاحظها وهو أن صاحب التوقيع مفرط في حق نفسه بإلقائه زمام أمره في يد من لا يصلح لحمل الأمانة ([3]) .

ويلاحظ أن خروج المشرع المصري عن تقرير عقوبة التزوير المشددة لجريمة خيانة ائتمان الإمضاء ليس من شأنه أن يقطع النسبة بين التزوير وبين إنشاء محرر كاذب فو الإمضاء أو تغيير شيء من البيانات المتفق عليها ، ففعله الأمين عندئذ هي تزوير في اصله ومبناه وما استغلال الإمضاء في اصطناع محرر أو تغييره سوي التزوير بعينه ([4]) .

والعلة التي قدرها المشرع الفرنسي لاستثناء الصورة الواردة بالمادة 407 من قانون العقوبات الفرنسي من أحكام لتزوير منتقيه بالنسبة لأحكام قانون العقوبات المصري التي تفرق بين التزوير في محرر رسمي وهو جناية وبين التزوير في محرر عرفي وهو جنحة ([5]) .

ولذلك رد المشرع المصري في القفرة الأخيرة من المادة 340 من قانون العقوبات والمشرع الفرنسي في المادة 407 الفعل إلي تكييفه الصحيح ، فنصت المادتان المذكورتان علي أن الفعل يكون تزويراً إذا وقع من غير الامين ، وهذه العلة المتقدمة لو تنبه لها المشرع المصري لما كان في حاجة إلي إضافة نص الفقرة الاولي من المادة 340 إلي قانون العقوبات اجتزاء بكفاية تطبيق الأحكام التي نص عليها في باب التزوير ([6]) .

و الملاحظ أن النص قد تضمن حالتين لاستحواذ الجاني علي الورقة الممضاة علي بياض ، وهما :

حالة ما إذا كان صاحب الإمضاء أو الختم قد سلم برضائه الحر الورقة الممضاة أو المختومة منه علي بياض -علي سبيل الأمانة – إلي من حرر عليها فيما بعد كتابة ضارة بشخص أو بمال صاحب التوقيع ، وفي هذه الحالة لا يعد الفعل تزويراً وإنما جريمة قائمة بذاتها من نوع جرائم خيانة الأمانة ([7]) .

ويعني التسليم في هذه الحالة أن صاحب الإمضاء أو الختم علي بياض قد فوض أو وكّل متسلم الورقة المختومة أو الممضاة علي بياض في ملء فراغها بأمور معينة متفق عليها ، غير أن متسلم الورقة دّون فيها أموراً تخالف حدود ما تم الاتفاق عليه ، متجاوزاً في ذلك نطاق الأمانة ، وخائناً موجبات الثقة التي وضعت فيه ومتعدياً لحدود الوكالة التي وكل بها.

أما الحالة الثانية ، وهي حالة ما إذا كان الشخص الذي ملأ الورقة الممضاة أو المختومة علي بياض لم يتسلمها علي سبيل الأمانة من صاحب الإمضاء أو الختم ، وإنما حصل عليها بأية طريقة أخري وفي هذه الحالة يعد مالئ الورقة مزوراً.

وفي هذه الحالة الأخيرة تتعدد الجرائم بتعدد سلوكه الإجرامي فتقع جريمتان مرتبطان بوحدة الغاية وعدم القابلية للتجزئة وتوقع علي الجاني عقوبة الجريمة الأشد ([8]) .

فاختطاف ورقة ممضاة علي بياض وملؤها بسند دين أو مخالصة أو بغير ذلك من الالتزامات التي يترتب عليها ضرر لصاحب الإمضاء يعد بحكم المادة 340 تزويراً مما يعاقب عليه قانون العقوبات .

وتشترك صورتا الجريمة في ركن مادي بينهما وهو ملء الفراغ الكائن فوق الختم أو التوقيع بما لا تنصرف إليه إرادة صاحب التوقيع ، ويشترط النص أن يكون التوقيع أو الإمضاء أو البصمة أو الختم قد وضع قبل ملأ الفراغ ، ثم جاءت الإضافة بعد ذلك بالمخالفة لما هو متفق عليه ([9]) .

الفرع الثاني

النصوص القانونية المشابهة للنص الخاص بجريمة خيانة التوقيع علي بياض

يوجد قاسم مشترك بين عدة سلوكيات متشابهة تظهر فيها جرائم الاختلاس أو التبديد أو استعمال مبالغ أو كتابات مستعملة في مخالصات أو إبراءات أو مداينات أو غير ذلك ، وكانت قد سلمت علي وجه الوديعة أو الإجارة أو علي سبيل الرهن أو سلمت للجاني بصفته وكيلاً بأجر أو مجاناً بقصد عرضها للبيع أو بيعها أو استعمالها في أمر معين لمنفعة المالك لها أو غيره ، فيقوم الجاني بخيانة الأمانة المسلمة إليه أو التحصل علي الورقة خفية أو جبراً وتغيير مضمونها وتزويرها ، أو القيام بالتحايل للحصول علي الورقة وتغيير مضمونها ، ونعرض ما تقدم فيما يلي :

أولاً :- جريمة خيانة الائتمان في التوقيع وجريمة خيانة الأمانة :

هذه الجرائم لا تقتصر علي تبديد المال وإتلافه فقط، بل تمتد لتشمل استخدام الشيء المؤتمن عليه في غير الهدف منه لخدمة أغراض معينة، وبما يوقع ضرراَ علي المالك كتسليم الوديعة أو العين المستأجرة لشخص بصفته وكيلاَ بأجرة أو مجاناَ بقصد عرضها للبيع أو استخدامها في غرض معين لمنفعة المالك، ويقوم الوكيل باستخدامها في غير ما خصصت له أو يبددها أو يتلفها ([10]).

وتتشابه جريمة خيانة الائتمان مع جريمة خيانة الأمانة في كون الشخص قد أودع ثقته في آخر فأتمنه على ورقة بيضاء موقع عليها منه ليتولى ملئ الفراغ الذي فوق التوقيع بأمر اتفق معه عليه كالطلب أو شكوى أو تعاقد فخان متسلم هذه الورقة الأمانة ، وملأ الفراغ بأمر آخر غير المتفق عليه ينال صاحب التوقيع بضرر مادي كإثبات دين أو مخالصة .

وفي تأصيل جريمة خيانة الأمانة تنص المادة ٣٤١ من قانون العقوبات علي أن : كل من اختلس أو استعمل أو بدد مبالغ أو أمتعة أو بضائع أو نقود أو تذاكر أو كتابات أخري مشتملة علي تمسك أو مخالصة أو غير ذلك أضرارا بمالكيها أو أصحابها أو واضعي اليد عليها وكانت الأشياء المذكورة لم تسلم له إلا علي وجه الوديعة أو الإجارة أو علي سبيل عارية الاستعمال أو الرهن أو كانت سلمت له بصفه كونه وكيلا بأجره أو مجانا بقصد عرضها للبيع أو استعمالها في أمر معين لمنفعة المالك لها أو غيره يحكم عليه بالحبس ويجوز أن يزداد عليه غرامه لا تتجاوز مائه جنية مصري([11]).

فجريمة خيانة الأمانة من جرائم الاعتداء علي الأموال المنقولة ويمكن تعريفها بأنها استيلاء الجاني علي مال منقول مملوك للغير في حوزته بمقتضي عقد من العقود الواردة بالنص وذلك بخيانة ثقة المجني عليه في الجاني الذي سلمه هذا المال علي سبيل الوديعة فخان ثقته فيه واستولي عليه بنية تملكه ، وتتمثل عقود الأمانة فيما يلي :

1- الوديعة.            2- الإجارة.              3- عارية الاستعمال 4- الرهن 5- الوكالة . 6- القيام بعمل مادي ، ومن ثم فإن هناك من العقود ما يخرج عن نطاق تطبيق المادة ٣٤١عقوبات مثل عقود المعاوضة والبيع و عارية الاستهلاك .

ويتمثل الركن المادي في جريمة خيانة الأمانة في الاختلاس والتبديد والاستعمال، وينطوي حتماً علي الاحتفاظ بالشيء مع نية تملكه ، مع تحقق نتيجة معينة تتمثل في الإضرار بالمجني عليه وهي أن توقع الجريمة ” أضراراً بمالكيها أو أصحابها أو واضعي اليد عليها “، ولا يشترط تحقيق الضرر فعلاً بل يكفي أن يكون وقوعه محتملاً، ولا يشترط أن يكون الضرر مادياً، بل تقع الجريمة ولو كان الضرر أدبياً كما في تبديد أوراق شخصية أو أشياء ليس لها إلا قيمة تذكارية .

و لا تصح إدانة متهم بجريمة خيانة الأمانة إلا إذا أقتنع القاضي بأنه تسلم المال بعقد من عقود الائتمان الواردة علي سبيل الحصر في المادة ٣٤١ عقوبات، وكانت العبرة في القول بثبوت قيام عقد من هذه العقود في صدد توقيع العقاب، أنما هي بحقيقة الواقع، بحيث لا يصح تأثيم إنسان ولو بناء علي اعترافه بلسانه أو بكتابته متي كان ذلك مخالفاً للحقيقة([12]).

و من المقرر قانوناً أنه إذا كانت هناك منازعة في واقعة التسليم، يتعين علي المحكمة حسمها قبل أن تقضي بالإدانة، فإذا لم يثبت تسلم المال بناء علي أحد عقود الأمانة فقدت الجريمة أحد أركانها وتعين الحكم بالبراءة، فمثلا يقوم شخص بتوقيع إيصال أمانة ضمانا لتأجيره شقه أو ضمانا لأي علاقة تجاريه فهنا ينتفي ركن التسليم لعدم استلام الشخص أموال من المجني عليه.

أما لو قام الشخص المؤتمن علي الورقة الممضاة علي بياض وكَتب في البياض الذي فَوق الختم أو الإمضاء سند دين أو مخالصة، فذلك يمثل جريمة خيانة الائتمان حيث نصت المادَة ٣٤٠ من قانون العقوبات علي : – “كل من أؤتمن علي ورقة ممضاة أو مختومة علي بياض فخان الأمانة وكتب في البياض الذي فوق الختم أو الإمضاء سند دين أو مخالصة أو غير ذلك من السندات التي يترتب عليها حصول ضرر لنفس صاحب الإمضاء أو الختم أو لماله عوقب بالحبس ويمكن أن يزاد عليه غرامة لا تتجاوز خمسين جنيها مصريا، وفي حالة ما إذا لم تكن الورقة الممضاة أو المختومة علي بياض مسلمة إلي الخائن وإنما استحصل عليها بأي طريقة كانت فانه يعد مزورا ويعاقب بعقوبة التزوير ” ([13]) .

****

والأصل في الأوراق الموقعة على بياض أن تغيير الحقيقة فيها ممن استؤمن عليها هو نوع من خيانة الأمانة , ويخرج عن هذا الأصل حالة تسليم الورقة بأية طريقة خلاف التسليم الاختياري .

وحيث استقرت أحكام محكمة النقض علي أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله أنها ” تخلص في أن المتهمة – الطاعنة – كانت قد أبلغت وقررت ضد المجنى عليه بأنه استلم منها مبلغ أربعة آلاف جنيه بصفة أمانة لتوصيله لأبنها ولكنه لم يوصل المبلغ إليه , وتدليلاً على ذلك قدمت إيصال أمانة بالمبلغ المذكور منسوب صدوره إلى المجنى عليه وقرر الأخير بأنه والمتهمة يعملان سويا في أعمال السمسرة وأن المتهمة استوقعته على بياض ثم قامت بكتابة صلب الإيصال محل الواقعة بعد ذلك وإذ طعن المذكور على الإيصال أودع خبير قسم أبحاث التزييف والتزوير بوزارة العدل تقريره المؤرخ 13/2/1979 والذى خلص فيه إلى أن توقيع وبصمة إبهام المجنى عليه على ورقة الإيصال المؤرخ 15/11/1975 قبل إثبات عبارات صلب الإيصال أي أن التوقيع وبصمة الإبهام على بياض , وبعد أن أشار الحكم إلى إنكار الطاعنة للتهمة المسندة إليها خلص إلى إدانتها في قوله ” وحيث أنه لما كان ما تقدم وكانت التهمة ثابتة في حق المتهمة ثبوتا كافيا لإدانتها وثابت ذلك من أقوال المجنى عليه المؤيدة بتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير ومن عدم دفع المتهمة لها بدفاع مقبول ومن ثم يتعين معاقبتها طبقا لمادة الاتهام عملا بالمادة 304 / 2 أ – ج. ” لما كان ذلك , وكان الأصل في الأوراق الموقعة على بياض أن تغيير الحقيقة ممن استؤمن عليها هو نوع من خيانة الأمانة معاقب عليه بالمادة 340 من قانون العقوبات ويخرج عن هذا الأصل حالة ما إذا كان من استولى على الورقة قد حصل عليها خلسة أم نتيجة غش أو طرق احتيالية أو بأية طريقة أخرى خلاف التسليم الاختياري فعندئذ يعد تغيير الحقيقة فيها تزويرا ([14]) .

لما كان ذلك وكان يبين مما سطره الحكم فيما تقدم أنه استدل على ما أسنده إلى الطاعنة بمجرد القول أنها استوقعت المجنى عليه على بياض دون أن يبين ما إذا كانت الورقة الممضاة على بياض قد سلمت إلى الطاعنة على سبيل الأمانة أم أنها تحصلت عليها بطريق آخر رغم ما في ذلك من أثر على صحة التكييف القانوني للواقعة , ومن ثم فإنه يكون معيبا بالقصور في التسبيب الأمر الذى يعجز محكمة النقض عن إعمال رقابتها على تطبيق القانون تطبيقا صحيحا على واقعة الدعوى كما صار إثباتها بالحكم ، لما كان ما تقدم , فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن ([15]).

مؤدي ذلك أن هناك اختلاف بين جريمة خيانة الائتمان وبين جريمة خيانة الأمانة يتمثل في أن الأخيرة تستلزم وجود علاقة تعاقدية من قبيل عقود الأمانة ، كالوديعة أو الإجارة أو الوكالة أو الرهن بين الطرفين ، بينما جريمة خيانة ائتمان التوقيع لا تستلزم ذلك ويكفي فيها تسليم الورقة الممضاة علي بياض تسليماً ناقلاً للحيازة الناقصة للقيام بعمل معين علي الورقة ، وهذا العمل هو تكملة الفراغ علي نحو متفق عليه وفق نطاق سبق الاتفاق عليه بين الطرفين وهو ما اعتبرته محكمة النقض بمثابة تفويض بملأ الفراغ ويكون الموقع قاصداً هذه البيانات والارتباط بها ([16]) .

ثانياً :- جريمة خيانة الائتمان في التوقيع وجريمة التزوير :

أورد المشرع المصري جريمة تزوير المحررات العرفية الخاصة بأحد الاشخاص في المادة 215من قانون العقوبات التي نصت علي أن كل شخص ارتكب تزويرا في محررات أحد الناس بواسطة إحدى الطرق السابق بيانها أو استعمل ورقة مزورة وهو عالم بتزويرها يعاقب بالحبس مع الشغل .

وحيث أنه من المقرر أن تغيير الحقيقة في محرر عرفي بإحدى الطرق المنصوص عليها في القانون يكفى لتوافر جريمة التزوير متى كان من الممكن أن يترتب عليه في الوقت الذى وقع فيه تغيير الحقيقة ضرر للغير سواء أكان المزور عليه أم أي شخص آخر ولو كان هذا الضرر محتملاً ([17]) .

ولقد اعتبر المشرع جريمة خيانة الأمانة في الورقة الموقعة علي بياض ما هي إلا تزوير إذا ما كانت هذه الورقة وصلت إلي الجاني من غير إرادة المجني عليه ، ولكنها وصلت إليه عن طريق الاختلاس أو الغش أو بالطرق الاحتيالية أو بأية طريقة أخرى خلاف التسليم الإرادي للمجني عليه ، حيث أنه من المقرر أن الأصل في الأوراق الموقعة على بياض أن تغيير الحقيقة فيها ممن استؤمن عليها هو نوع من خيانة الأمانة معاقب عليها بالمادة 340 من قانون العقوبات ، ولكن لا يسري ذلك علي الحالة التي يكون فيها من استولى على الورقة قد حصل عليها خلسة أو نتيجة غش أو طرق احتيالية أو بأية طريقة أخرى خلاف التسليم الاختياري ، فعندئذ يعد تغيير الحقيقة فيها تزويراً؛ إذ أنه من المقرر أن تغيير الحقيقة في محرر عرفي بإحدى الطرق المنصوص عليها في القانون يكفى لتوافر جريمة التزوير متى كان من الممكن أن يترتب عليه في الوقت الذى وقع فيه تغيير الحقيقة ضرر للغير سواء أكان المزور عليه أم أي شخص آخر ولو كان هذا الضرر محتملاً ([18] ).

ومما تقدم تكون جريمة خيانة ائتمان الورقة الموقعة علي بياض متطابقة مع جريمة التزوير في حالة ما إذا كانت الورقة الممضاة علي بياض قد وصلت لحيازة الجاني عن طريق الاختلاس أو الاحتيال أو الغش وليس عن طريق التسليم الاختياري من المجني عليه ، مما يتيح فرصة تعدد الجرائم علي حسب السلوك الإجرامي الذي ارتكبه الجاني ، فتقع جرائم متعددة مرتبطة ارتباطاً غير قابل للتجزئة ، ويعاقب فيها الجاني بعقوبة الجريمة الاشد ([19]) .

ففي فرضية من اغتصب بالقوة أو التهديد ورقة ممضاة وملؤها بسند دين أو مخالصة أو بغير ذلك من الالتزامات التي يترتب عليها ضرر لصاحب الإمضاء ، مما يوفر حالة تعدد الجرائم المنصوص عليها في المادة 32 من قانون العقوبات ([20]) ، والجريمة الأولي تتمثل في اغتصاب بالقوة لسند مثبت أو موجد للدين وفقاً للمادة 325 من قانون العقوبات ، والجريمة الثانية هي جريمة تزوير بإضافة عبارات لإثبات دين أو براءة منه وفقاً للفقرة الثانية من المادة 340 من قانون العقوبات ، وفي هذه الحالة يعاقب الجاني بعقوبة اغتصاب السند بالقوة بحسبانها لعقوبة الاشد وهو السجن المشدد ([21]) .

وبطريق المخالفة فإن جريمة خيانة الائتمان في الورقة الممضاة علي بياض تختلف عن جريمة التزوير في حالة ما إذا كانت الورقة مسلمة للجاني بصفة وديعة أو أمانة لديه ، ففي هذه الحالة تكون الجريمة هي جريمة ذات وصف خاص وهو خيانة ائتمان التوقيع علي بياض .

فإذا كُنا قد عرضنا عالية أوجه الاختلاف بينَ الجريمتين في ضوء المادة 340 عقوبات وفي أحكام محكمة النقض إلا أننا نَجد أنهما اشتركا واجتمعا في هذا الركن وهو أنه لابد من حدث ضرر في جريمة خيانة الأمانة وكذلكَ أيضا في جريمة التزوير في محرر غير رسمي ، ولكن يختلفا في نوعية الضرر المُصاحب للجريمتين:-

– ففي خيانة الأمانة : الضرر يتحقق بكل أنواعه وسواء كان علي شخص المجني عليهِ أو غيره الذي لحِقهُ ضرر من الجريمة بنتيجة تنعكس علي الشخص الموقع .

  • وفي التزوير : الضرر لابد أن ينال من شخص المجني عليه ذاته لا غيره ([22]) .

ثالثاً :- جريمة خيانة الائتمان في التوقيع وجريمة النصب :

وردت جريمة النصب في نص المادة 336 من قانون العقوبات التي تنص علي أنه :- ” يعاقب بالحبس كل من توصل إلى الاستيلاء على نقود أو عروض أو سندات دين أو سندات مخالصة أو أي متاع منقول وكان ذلك بالاحتيال لسلب كل ثروة الغير أو بعضها إما باستعمال طرق احتيالية من شأنها إيهام الناس بوجود مشروع كاذب أو واقعة مزورة أو إحداث الأمل بحصول ربح وهمي أو تسديد المبلغ الذي أخذ بطريق الاحتيال أو إيهامهم بوجود سند دين غير صحيح أو سند مخالصة مزور وإما بالتصرف في مال ثابت أو منقول ليس ملكاً له ولا له حق التصرف فيه وإما باتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة، أما من شرع في النصب ولم يتممه فيعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنة ، ويجوز جعل الجاني في حالة العود تحت ملاحظة البوليس مدة سنة على الأقل وسنتين على الأكثر ([23]) .

ونلاحظ أن هناك بعض التشابه بين جريمة خيانة الائتمان في التوقيع ، وبين جريمة النصب يتمثل هذا التشابه في أنهما من جرائم الاعتداء علي المال ، كما يلاحظ التشابه بين جريمة خيانة الائتمان في التوقيع ، وبين جريمة النصب يتمثل هذا التشابه في أن الجريمتين تنهضان علي خيانة الثقة التي يمنحها المجني عليه للجاني ، ولكنها ثقة في غير محلها حيث يستغلها الجاني في التصرف تجاه المجني عليه علي غير إرادته .

وتتشابه الجريمتين كذلك في محل الجريمتين الذي قد يكون سندات دين أو سندات مخالصة أو أي متاع منقول من الأوراق أو الأموال أو العروض .

كما يتمثل التشابه بين الجريمتين في واقعة تسليم الشيء محل النصب في أن الجاني يتسلم المال برضاء المجني عليه تسليماً صحيحاً ، إلا أن التسليم في الحالتين يتميز عن الآخر بما يلي :

التسليم في جريمة خيانة الأمانة يعتمد علي الإرادة الحرة للمجني عليه والتي لا يشوبها أي عيب ، بخلاف الحال في جريمة النصب فإن إرادة المجني عليه مشوبة بعيب الغلط .

التسليم في جريمة خيانة الأمانة يهدف إلي نقل الحيازة الناقصة للشيء إلي الجاني لكي يقف عليه لصالح المالك ، بخلاف جريمة النصب فإن المجني عليه يسلم الشيء إلي الجاني تسليماً ناقلاً للحيازة الكاملة .

ونضيف أيضاً أن التسليم في جريمة النصب يحصل تحت تأثير ما يرتكبه الجاني من طرق احتيالية ، أما في جريمة خيانة الأمانة فإن المال يكون مسلماً إلي الجاني علي سبيل الأمانة كالوديعة أو الوكالة أو غيرها من عقود الأمانة ([24]) .

المطلب الثاني

الركن المادي لجريمة خيانة ائتمان التوقيع علي بياض

يتميز الركن المادي في جريمة خيانة الائتمان علي التوقيع علي بياض بأنه يتكون من عدة عناصر ، أهمها تسلم الجاني للورقة الممضاة علي بياض ، ثم فعل الخيانة المتمثل في ملأ الفراغ أو البياض الذي يعلو التوقيع السابق علي الورقة علي غير رضاء الموقع ، وهو ما عبر عنه المشرع في نص المادة 340 عقوبات بعبارة : “وكتب في البياض الذي فوق الختم أو الامضاء ، سند دين أو مخالصة أو غير ذلك من السندات والتمسكات التي يترتب عليها حصول ضرر لنفس صاحب الامضاء أو الختم أو لماله ” ، فأشترط المشرع حصول الضرر علي المجني عليه في نفسه وماله ، سواء كان هذا الضرر مادياً أو أدبياً ، محققاً أو محتملاً ، ونعرض ذلك فيما يلي :

الفرع الأول : وجود ورقة ممضاة أو مختومة علي بياض .

الفرع الثاني : تسلم الجاني للورقة الممضاة علي بياض وملأ ما بها من فراغ .

الفرع الثالث : حدوث الضرر علي المجني عليه في نفسه أو ماله .

الفرع الأول

وجود ورقة ممضاة أو مختومة علي بياض

أولاً : صفة الورقة محل الجريمة :

يُعد وجود الورقة الموقعة علي بياض شرطاً مفترضاً لقيام جريمة خيانة الائتمان علي التوقيع ، فلا تقوم هذه الجريمة إلا في ظل تحققه ، حيث يلزم وجود ورقة موقعة أو مختومة على بياض من شخص ، ثم يتسلمها شخص آخر ليرتكب سلوكه الإجرامي ([25]) .

ويلاحظ أنه لا يلزم لتحقيق جريمة خيانة الائتمان بالنسبة للورقة الممضاة على بياض أن تكون الورقة خالية بالمرة من كل كتابة فوق للتوقيع، بل تتحقق جريمة خيانة الائتمان أيضا بملء بعض الفراغ – الذى ترك قصداً لملئه فيما بعد – بكتابة يترتب عليها حصول ضرر لصاحب التوقيع فاذا تسلم شخص سند دين بمبلغ معين ترك فيه أسم الدائن على بياض للبحث عمن يقرض الموقعين عليه المبلغ الوارد به لسداده لبنك معين حتى إذا وجد من يقبل الإقراض وضع أسمه في الفراغ المتروك بالسند، فبدلا من أن يفعل الأمين ذلك وضع أسمه هو في الفراغ مع أنه لم يسدد الدين للبنك تنفيذا للاتفاق، ثم طالب الموقعين بقيمة السند، فهذه الواقعة تتحقق فيها جريمة خيانة الائتمان علي الورقة الممضاة ، ومن ثم فلا تعني عبارة علي بياض أن تكون الورقة كلها بيضاء لا تتضمن سوي التوقيع أو الختم أو البصمة إذ يكون هناك محل لانطباق المادة ولو تضمنت بعض البيانات ما دام هناك مكان لتدوين بعض البيانات الأخرى ([26]) .

ثانياً : صفة الإمضاء أو التوقيع أو الختم :

وفي صفة الإمضاء أو التوقيع أو الختم : فإن النص في المادتين ١٤، ٤٥ من قانون الإثبات يدل على أنه ولئن كان التوقيع بالإمضاء أو بصمة الختم أو بصمة الإصبع هو المصدر القانوني لإضفاء الحجية على الأوراق العرفية ، ولكن يشترط مع ذلك أن يكون المحرر العرفي الذي يصلح أن يكون دليلا كتابيا أن يحوي كتابة مثبته لعمل قانوني وموقع عليه من الشخص المنسوب إليه فيستمد المحرر قيمته وحجيته في الإثبات من ارتباط التوقيع بما ورد بصلب المحرر من بيانات تتصل به وتتعلق بالعمل القانوني.

ولا يشترط شكل معين للتوقيع أو الإمضاء ، بل أن المشرع قد اعتبر بصمة الأصبع كالإمضاء في تطبيق أحكام هذا الباب ، فيصح أن يكون علي الورقة بصمة المجني عليه وليس توقيعه أو ختمه ، إذ يستوي في نظر المشرع البصمة والتوقيع ([27]).

وتفترض جريمة خيانة الائتمان على التوقيع على بياض أن المتهم ملأ فراعاً في الورقة على غير ما اتفق عليه دون أن يجاوز ذلك إلى محو بيان كان مثبتا في الورقة إذ لو محا بيانا ووضع آخر مكانه أو أقتصر على مجرد المحو فالواقعة تزويراً .

وعلى ذلك فقد قضت محكمة النقض بأنه :- ” إذا كانت الواقعة الثابتة بالحكم هي أن المجني عليه سلم المتهم أوراقاً من تذاكره الطبية تحوي بأعلاها كلمة ” إنذار ” وترك الفراغ بينها وبين توقيعه بأسفلها على بياض ،

ليملأه المتهم بإنذار يوجهه إلى بعض مستأجري أرضه وأن المتهم أزال الجزء العلوى لإحدى هذه الأوراق بما فيه كلمة إنذار ثم ملا البياض بسند مديونيته حوله إلى شقيقته ، فإن ما أثبته الحكم وانتهى إليه من اعتبار ما وقع من الطاعن يكون جريمتي تزوير في محرر عرفي واستعماله مع العلم بتزويره تكييف صحيح لما وقع منه، ذلك بأن إزالة البيان الذي كان مكتوبا بصدر الورقة للدلالة على حقيقة الاتفاق هو تغيير للحقيقة بالحذف، وقد صاحب هذا الحذف إنشاء السند المزور الذى كتب فوق الإمضاء، فأصبح الفعلان تزويراً أجتمع فيه طريقتان من طرق التزوير المادي إحداهما حذف بيان من المحرر وثانيتهما اصطناع سند الدين، هذا فضلا عن أن المجنى عليه بوضعه كلمة إنذار في صدر الورقة قد حدد موضوعها على نحو ما الأمر الذي يتعذر معه القول بوجود فكرة ائتمان المجنى عليه للمتهم ([28]) .

الفرع الثاني

تسلم الجاني للورقة الممضاة علي بياض وملأ ما بها من فراغ

استلام الورقة الممضاة علي بياض في هذه الجريمة له خصوصية ، فهو تسليم ناقل للحيازة الناقصة ، لأنه تسليم لغرض معين لا يمتد إلي التنازل عن ملكية الورقة أو تفويض كامل بالتصرف الحر في شأنها ، ولكنه تسليم باعتباره تسليماً للقيام بعمل معين ومحدد علي الورقة وهو تكملة الفراغ علي نحو متفق عليه ، ونعرض فيما يلي لتسلم الجاني للورقة ، وملأ ما بها من فراغ أعلي التوقيع ، علي النحو الآتي :-

أولاً: تسُلم الجاني للورقة :

  1. تسلم الجاني للورقة علي سبيل الائتمان أو الاغتصاب :

سواء سلمت الورقة علي سبيل الائتمان أو علي سبيل الاغتصاب تقوم الجريمة إذا استغلها المستلم في الإضرار بالمجني عليه ، و تسليم الورقة الممضاة علي بياض هو العنصر المميز للركن المادي في جريمة خيانة الائتمان ، إذ يدل علي خيانة الائتمان وهي الصورة التي قصدها المشرع ، وإذا لم يكن هناك تسليم سابق كانت الواقعة تزويراً في محرر عرفي ، و في تسلم الورقة الممضاة علي بياض من قبل الجاني صورتين :

الأولي تسلمُها علي سبيل الائتمان ، والثانية بدون رغبة منه أو غصباً عنه ، ويتوقف علي كل نوع منهما جريمة معينة ، إما جريمة خيانة ائتمان ، أما جريمة تزوير ، فيكمن الفرق بين الجريمتين في أن جريمة خيانة الائتمان تكون الورقة الممضاة مُسلمه للجاني علي أي وجه من وجوه الائتمان ، أما في جريمة التزوير فيحوز الجاني الورقة بطريقه احتياليه أو اختطاف أو بالقوة أو التهديد ، فإذا كان الأمر كذلك و قد تحصل الجاني علي الورقة بطريقه احتياليه أو اختطاف قامت هنا جريمة التزوير وليسَ خيانة الأمانة ([29]) .

ويشترط لقيام جريمة خيانة الائتمان للتوقيع علي بياض أن يكون الجاني قد تسلم الورقة الممضاة أو المختومة علي بياض علي سبيل القيام بعمل معين ومحدد علي البياض الموجود في الورقة وهذا العمل ينحصر في ملأ الفراغ بما هو متفق عليه بين الطرفين ، فيكون التسليم للقيام بهذا العمل المتفق عليه وليس لأي نية أخري ، فإن كانت الورقة مسلمة للجاني باعتبارها ضمان لتعاملات ما ، أو مقابل لتصرف معين ، أو مسلمة علي سبيل الحيازة الكاملة الدائمة تنتفي وقتئذ الجريمة ، فلا تقوم الجريمة إلا إذا خالف الجاني ما هو متفق عليه أو تجاوز حدوده ، فتنشأ حينئذ جريمة خيانة الائتمان ([30]) .

أما إذا سُلمت الورقة الممضاة علي بياض إلي الجاني علي سبيل الاطلاع أو علي سبيل التذكر ، فاختطفها أو استلبها بالتهديد أو القوة ، ثم قام بملئها بدين معين أو مخالصه من شأنها الإضرار بالمجني عليهِ قامت هنا جريمة التزوير في محرر غير رسمي وليست جريمة خيانة الائتمان محل الدراسة ، وهنا نري أن نية التسليم غيرت من ماهية الجريمة ووصفها من جريمة لأخري وهنا يكمُن الفرق ([31]) .

وكذلك إذا كان التسليم علي سبيل اليد العارضة كما لو سلمه الورقة لكي يطلع علي إمضائه أو لكي يعاين مادة الورقة ، فيستغل الجاني ذلك فيضع بيانات معينة فوق الإمضاء فالواقعة هنا تعد تزويراً ، إذ أن التسليم كان علي سبيل اليد العارضة وهو ما ينفي فكرة الائتمان ([32]) .

فالأصل في الأوراق الموقعة على بياض أن تغيير الحقيقة فيها ممن استؤمن عليها هو نوع من جرائم خيانة الائتمان الذي يعاقب عليه المشرع بموجب المادة ٣٤٠ من قانون العقوبات ، إلا أنه يخرج عن هذا الأصل حالة ما إذا كان من استولى على الورقة قد حصل عليها خلسة أم نتيجة غش أو طرق احتيالية أو بأية طريقة أخرى خلاف التسليم الاختياري فعندئذ يعد تغيير الحقيقية فيها تزويرا.

ومن ثم فإن التسليم في جريمة خيانة الائتمان هو الركن الأساسي فبدونه لا تقوم جريمة خيانة الائتمان ، ويشترط أن تكون الورقة الممضاة أو المختومة على بياض قد سلمت إلى الجاني من صاحب التوقيع أو الإمضاء، وسواء سلمت يداً بيد أو بواسطة شخص آخر ، أما إذا كان الجاني قد تحصل على الورقة بطريق أخر فإن ملا البياض يعد تزويرا كما لو حصل عليها ممن ائتمن عليها بغير رضاء صاحب التوقيع .

وحكم بأن اختطاف ورقة ممضاة على بياض وملأها بسند دين أو مخالصة أو بغير ذلك الالتزامات التي يترتب عليها ضرر لصاحب الإمضاء بعد تزويرا في محرر عرفي ([33]) .

ويلزم أن يكون تسليم الورقة على سبيل الأمانة أما إذا كانت قد سلمت على سبيل الحيازة العارضة أو على سبيل الحيازة النهائية فإن المتسلم لا يرتكب هذه الجريمة، وإنما يرتكب بملئه الفراغ جريمة تزوير ولكن إذا روعي أن تسليم الوراقة كان على سبيل الأمانة فإنه لا يحول دون تطبيق المادة ٣٤٠ أن يكون الجاني قد تسلم الورقة بناء على طرق احتيالية ([34]).

ومن ثم فإنه يجب على المحكمة في حكمها بالإدانة في جريمة خيانة الائتمان أن تستظهر التسليم وأنه كان على سبيل الائتمان وليس علي سبيل أخر ، ولم يحصل الجاني على الورقة بطريق آخر غير التسليم ، ولا يهم بعد ذلك كيفية التسليم ومكانه وزمانه وصفة من سلم الجاني الورقة فالمهم في التسليم هو أن يكون تسليم وأن يكون سبباً ناقل للحيازة الناقصة ، ولقد استقرت أحكام محكمة النقض فى التفرقة بين نوعي تسلم الورقة الممضاة علي بياض في جريمة خيانة الائتمان ، أن الأصل في الأوراق الموقعة على بياض أن تغيير الحقيقة فيها ممن استؤمن عليها هو نوع من خيانة الأمانة معاقب عليها بالمادة ٣٤٠ من قانون العقوبات، ويخرج عن هذا الأصل ما إذا كان من استولى على الورقة قد حصل عليها خلسة، أو نتيجة غش أو طرق احتيالية، أو بأية طريقة أخرى خلاف التسليم الاختياري، فعندئذ يعد تغيير الحقيقة فيها تزويراً([35]).

  1. تسُلم الجاني للورقة من صاحبها علي سبيل التفويض :

هناك صورة من صور تسليم الورقة الممضاة علي بياض يقوم بمقتضاها الموقع بتسليم الورقة لشخص معين ويفوضه في إضافة ما يشاء من عبارات فوق بياض الورقة أعلي الإمضاء ، في الحقيقة فإننا نري أن الجريمة لا تقوم في هذه الحالة ، لعدم ذهاب قصد الجاني إلي ارتكاب جريمة ، وذهابه إلي استخدام حق مفوض له من صاحب الورقة ، فلا تقوم الجريمة حتي ولو تجاوز الجاني حدود التفويض .

فالتوقيع على بياض في هذه الحالة يكسب البيانات التي ستكتب بعد ذلك فوقه حجية الورقة العرفية، ويستوي أن تكون البيانات قد حررت قبل التوقيع أو بعده، أما شرط اعتباره بمثابة تفويض بملء بيانات المحرر أن يكون المّوقع قاصداً الارتباط بالبيانات التي سترد بالورقة وتسليمها اختياراً ولم يثبت أخذه منه خلسة أو نتيجة غش أو طرق احتيالية أو بأي طريقة أخرى خلاف التسليم الاختياري أو خيانة من أستؤمن عليها ([36]) .

وفي الحقيقة فإن فكرة التفويض جاءت بها محكمة النقض المدنية في دعوي مدنية أثيرت أمامها بخصوص دعوي أيصال أمانة موقع علي بياض مما لازمه ومقتضاه أن التسليم كان اختياريا، ويدل على قصد المطعون ضده الموقع على بياض الذي يذهب إلي الارتباط بالبيانات التي سترد فيه، هذا فضلا عن أن البين من مطالعة أوراق الدعوي أنه لا يوجد ما يفيد أن الإيصال موضوع الدعوى لم يُسلم من المطعون ضده طواعية واختيارا، ، لما كان ذلك، وكان المطعون ضده لم يدع طوال مراحل النزاع بأن الإيصال سند الدعوى أخذ منه خلسة أو نتيجة غش أو طرق احتيالية، وما تمسك به من توقيعه على بياض وأن السبب الحقيقي لتحريره هو ضمان لتنفيذ حكم اللجنة العرفية يدل – وعلى ما سلف بيانه – على قصد الارتباط بالبيانات التي سترد فيه، فإن هذا الإيصال تكون له حجية الورقة العرفية قبل المطعون ضده ولا تبرأ ذمته من قيمته إلا بإثبات الوفاء بالالتزام الذي ادعى تحرير الإيصال ضمانا للوفاء به، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون معيبا بالفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون، بما يوجب نقضه.

واستندت المحكمة في حكمها إلي صحة الإيصال الموقع علي بياض ؛ لأن تحريره كضمان يتوافر به السبب الصحيح للالتزام في وجوده ومشروعيته، ولا تبرأ ذمة المطعون ضده إلا بإثبات الوفاء بالالتزام الآخر المقابل الذي صدر سند الدين بسببه، ولا ينال من ذلك ما قرره الحكم من أن تسليم الإيصال سند الدعوى الموقع على بياض من المطعون ضده لم يكن تسليما اختيارا وما رتبه على ذلك من أن ملء بياناته يعد تزويرا وينطوي على غش استنادا إلى ما استخلصه من أقوال شاهدي المطعون ضده، وهو ما يتناقض مع ما استخلصه من ذات الأقوال من أن الإيصال المذكور سلم من المطعون ضده ضمانا لتنفيذ حكم اللجنة العرفية التي احتكم الطرفان إليه ([37]) .

ثانياً :- ملء الفراغ أو البياض علي غير إرادة صاحب التوقيع :

نتناول في هذا البند من يقوم بملء الفراغ ، ومضمون الكتابة التي تملأ الفراغ علي النحو الآتي :

  1. من يقوم بملء الفراغ :

الظاهر من صريح النص أن هذه الجريمة من الجرائم التي تشترط صفة معينة في الفاعل ، وفي هذه الجريمة يتطلب المشرع أن يكون الفاعل هو الشخص المؤتمن علي الورقة الممضاة ، وهو ما عبر عنه المشرع في نص المادة 241 من قانون العقوبات بقوله ” كل من أؤتمن علي ورقة ممضاة أو مختومة علي بياض ” فلا تقوم الجريمة إذا لم يكن فاعلها يحمل هذه الصفة .

ولقد ثار الجدل في شأن إذا ما قام بملء الفراغ شخص أجنبي غير من سلمت إليه الورقة الممضاة !!

فإذا قام بالكتابة شخص أجنبي غير من سلمت إليه الورقة بالتواطؤ مع الشخص الذي سلمت إليه .

ذهب رأي إلي أن المادة 340 من قانون العقوبات هي التي تطبق وحدها علي الشخصين ([38]) .

وذهب رأي آخر إلي أن الشخصين يعاقبان بعقوبة واحدة ولكنها عقوبة التزوير فيعتبر الشخص الأجنبي فاعلاً أصلياً والشخص الذي سلمت إليه الورقة شريكاً له ([39]) .

ويري رأي ثالث أن تطبيق عقوبة التزوير بما أن الورقة الممضاة أو المختومة علي بياض لم تسلم إليه شخصياً وتطبق المادة 340 عقوبات علي الشخص الذي سلمت إليه الورقة ([40]) .

أما الرأي السائد في الفقه فيري أن من ارتكب الفعل يعتبر فاعلاً لتزوير ، أما متسلم الورقة الذي اشترك معه في فعله فيسأل باعتباره شريكاً في هذا التزوير ويحتج هذا الرأي بأنه محض تطبيق للقواعد العامة في المساهمة الجنائية ([41]) .

ويري الدكتور محمود نجيب حسني أن من تسلم الورقة يعتبر فاعلاً لجريمة خيانة الائتمان علي التوقيع ، ويعتبر الشخص الذي دون البيانات فوق التوقيع شريكاً له في هذه الجريمة ؛ ذلك الا يتوافر لديه عنصر مطلوب في صفة الفاعل لهذه الجريمة ([42]) .

أما إذا سلمت الورقة الممضاة أو المختومة علي بياض إلي شخص ولكن شخصاً آخر حصل عليها كما لو سرقها وملأ البياض الذي يعلو الإمضاء فلا يرتكب خيانة ائتمان علي توقيع وإنما يسأل عن تزوير ([43]) .

وإذا ارتكب الفعل من سلمت إليه الورقة بناء علي تحريض أو اتفاق أو مساعدة شخص آخر سئل متسلم الورقة عن جريمة المادة 340 من قانون العقوبات باعتباره فاعلاً لها وسئل الشخص الآخر عنها باعتباره شريكاً فيها .

  1. مضمون الكتابة التي تملأ الفراغ :

ملء الفراغ أعلي التوقع أو الختم أو البصمة من أهم عناصر الركن المادي لجريمة خيانة الائتمان علي التوقيع ، وملأ الفراغ بالكتابة عبرت عنه المادة 340 من قانون العقوبات بقولها ” كتب في البياض الذي فوق الختم أو الإمضاء ..”

فالركن المادي يتطلب كتابة بيانات في الفراغ الذي أعلي التوقيع مما نصت عليه المادة 340 من قانون العقوبات ، والبيانات هي سند دين أو مخالصة أو غير ذلك من السندات والتمسكات التي يترتب عليها حصول ضرر في نفس المجني عليه أو في ماله .

ومؤدي سند الدين هو تحميل صاحب الإمضاء أو صاحب الختم بالتزام دفع مبلغ من النقود ليس هناك سبب لإلزامه به ، وكتابة المخالصة معناها كتابة إقرار من صاحب الختم أو الإمضاء بأنه تسلم مبلغاً كان مستحقاً له في حين لم يتسلم هذا المبلغ ويعتبر إقرار الدين من السندات بينما تعتبر المخالصة من التمسكات وفي كلتا الحالتين يترتب علي الفعل ضرر لصاحب الختم أو البصمة أو الإمضاء في ماله ، أما سند الدين المترتب عليه إضرار بنفس صاحب الختم أو البصمة أو الإمضاء فمن قبيله كتابة إقرار بارتكاب قتل مثلاً يترتب عليه تعويض نفس صاحب الإمضاء أو الختم لقتل انتقامي أو رد فعل عدواني ومن قبيله كتابة إقرار بالطلاق بينما لا يكون صاحب الخيم أو الإمضاء قد طلق زوجته ([44]) .

فيشترط لاكتمال الركن المادي للجريمة أن يكون ما سطره الجاني أعلي الإمضاء أو الختم مخالفاً لما تم الاتفاق عليه مع المجني عليه ، فلا وجود للجريمة إذا كان ما كتبه فيها مستلمها هو ما تم الاتفاق علي كتابته إذ لم يحدث هنا ضرر ولا تغيير للحقيقة

ولا يشترط أن يكون كل ما تمت كتابته مخالفاً بالكلية لما اتفق عليه وإنما يكفي بيان واحد مخالفاً لذلك ،

ويستوي الموضع الذي كتب فيه الجاني الكتابة فالمهم أن يكون ذلك فوق الإمضاء أو الختم .

وجريمة خيانة ائتمان التوقيع علي بياض بعد التسليم الاختياري للورقة المذيلة بهذا التوقيع وجريمة ملأ البياض بعد الحصول علي هذه الورقة بطريق غير مشروع تتم كلتاهم بمجرد ملأ البياض بكتابة أمور لم تنصرف إليها إرادة الموقع ولو لم تستعمل الورقة بعد ذلك فيما أعدت من أجله ([45]) .

فكل من يكتب فوق التوقيع كتابة يترتب عليها حصول ضرر لنفس صاحب التوقيع أو ماله أو أن يكون من شأنها الإضرار به يكون مرتكباً لجريمة خيانة الائتمان ، ولا يشترط أن يكون كل ما يثبته المتهم مخالفاً لما اتفق عليه وإنما يكفى أن يكون بيانا واحدا مخالفاً لذلك ، أو أن يتم تعديل الشروط المتفق عليها من قبل الجاني منفرداً علي وجه غير ما كُتبَ وأُتفقَ عليه .

ولا يهم بعد ذلك شكل الكتابة في قيام الجريمة ، أكانت مخطوطة أم مطبوعة ونستوى اللغة التي استعملت فيها ولو كانت حروفها مختلفة عن حروف لغة الإمضاء ، ولكن الذي يهم أن يكون التوقيع سابق علي الإضافات التي يقوم الجاني بإضافتها ،  وهنا نُفرق بين أمرين أو نوعين من الملأ والفراغ الذي يضيفه الجاني :-

  1. الفراغ الذي تُركَ قصدا ليُملأ فيما بعد وهنا تقوم به جريمة خيانة الأمانة .
  2. الفراغ بين السطور  في الورقة الممضاة أو المختومة  الذي لم يُترك َ قصدا ليُملأ فيما بعد ، ولكنَ الجاني أغتنمَ فرصة وجود فراغ بين السطور أو في آخر السطر  وقام بملئه إضراراً بالمجني عليهِ فهنا تقوم به جريمة التزوير وليسَ خيانة الأمانة ([46]( .

الفرع الثالث

حدوث الضرر علي المجني عليه في نفسه أو ماله

  1. المقصود بالضرر :

المقصود بالضرر هو الأذى الذي يصيب الشخص نتيجة المساس بمصلحة مشروعة له أو حق من حقوقه ، وقد يكون مادياً أو معنوياً ، وقد يصيب الشخص في ماله أو في نفسه أو في شخصه ([47]) .

ويلزم لقيام جريمة خيانة الائتمان حدوث ضرر لنفس صاحب الإمضاء أو الختم أو لماله، ولما كانت المادة ٣٤٠ عقوبات تتناول بالعقاب كل من يكتب فوق التوقيع كتابة يترتب عليها حصول ضرر لنفس صاحب التوقيع أو لماله أو يكون من شانها الاضرار به كائناً ما كان هذا الضرر ماديا أو أدبيا محققا أو محتملا فقط، كما هي الحال تماما بالنسبة إلى ركن الضرر في جريمة التزوير مع فارق واحد فقط وهو أن الضرر أو احتماله هنا يجب أن يكون واقعاً على صاحب التوقيع ذاته لا على غيره ، أما إذا لم يترتب على الفعل ضرر قط فلا تقوم جريمة خيانة الائتمان، ومثال ذلك أن يدون المتهم فوق الإمضاء أو الختم عملاً نافعاً نفعاً محضاً كقبول هبة أو وصية ([48]( .

وفيما يتعلق بالضرر الواقع علي النفس فهو الأذى الذي يلحق بالشخص في سمعته أو في شرفه ، كالإقرار بارتكاب جريمة سرقة أو قتل أو غير ذلك من الإقرارات التي تمس الشخص في نفسه ([49]) ، وهو ما يفهم من نص المادة 340 عقوبات إذ نصت على معاقبة كل من أؤتمن على ورقة ممضاة أو مختومة على بياض فخان الأمانة وكتب في البياض الذى فوق الختم أو الإمضاء سند دين أو مخالصة أو غير ذلك من السندات والتمسكات التي يترتب عليها حصول ضرر لنفس صاحب الإمضاء أو الختم أو لماله ، وقد دلت بوضوح على أنها تتناول بالعقاب كل من يكتب فوق التوقيع كتابة يترتب عليها حصول ضرر لنفس صاحب التوقيع أو لماله أو يكون من شأنها الإضرار به كائنا ما كان هذا الضرر ماديا أو أدبيا , محققا أو محتملا فقط , كما هي الحال تماما بالنسبة إلى ركن الضرر في جريمة التزوير , مع فارق واحد هو أن الضرر أو احتماله هنا يجب أن يكون واقعا على صاحب التوقيع ذاته لا على غيره([50]) .

  1. الشروع في الجريمة :

لا يتصور الشروع في هذه جريمة خيانة الائتمان علي التوقيع ، فهذه الجريمة تتطلب لإتمامها تحقق الضرر في نفس المجني عليه ، أو في ماله ، فإذا لم يتحقق الضرر انتفت الجريمة .

والشروع في الجريمة هو البدء في تنفيذ فعل بقصد ارتكاب جناية أو جنحة إذا أوقف أو خاب أثره لأسباب لا دخل لإرادة الفاعل فيها ،ولا يعتبر شروعا في الجناية أو الجنحة مجرد العزم على ارتكابها ولا الأعمال التحضيرية لذلك ([51]( .

ويتضح من ذلك أن أركان الشروع هي البدء في تنفيذ فعل ، بقصد ارتكاب جناية أو جنحة ، وإيقاف الفعل أو خيبته لسبب لا دخل لإرادة الفاعل فيه ([52]) .

ومؤدي ذلك أن من أهم أركان الشروع هو وقف الفعل أو خيبته ، وذلك لسبب خارج عن إرادة الفاعل ، ولا شك أن وقف الفعل أو خيبته يترتب عليه عن طريق اللزوم عدم تحقق النتيجة أو انتفاء الضرر ، والذي هو عنصر مهم وأساسي في اكتمال جريمة خيانة الائتمان علي التوقيع .

ومن جهة آخري فإنه لا شروع في الجنح إلا ما حدده القانون ، وحيث أن القانون وحده هو الذي يحدد الجنح التي يعاقب على الشروع فيها ، وكذلك عقوبة هذا الشروع ([53]) ، وحيث أن القانون لم ينص علي أن جنحة خيانة الائتمان من الجنح التي يعاقب علي الشروع فيها ، ومن ثم فلا يتصور الشروع في هذه الجريمة .

المطلب الثالث

الركن المعنوي لجريمة خيانة الائتمان علي التوقيع علي بياض

من المتفق عليه فقهاً وقضاءً ([54]) ، أن خيانة الائتمان علي التوقيع جريمة عمدية لا يتصور أن تقع عن غير عمد ، فيجب توافر القصد الجنائي بعنصرية العلم والإرادة لكي تقوم الجريمة ،ولا يشترط أن يكون القصد الجنائي مباشراً ، فيكفي القصد الجنائي الاحتمالي لقيام الجريمة ، ونعرض ذلك فيما يلي :

الفرع الأول : القصد الجنائي المباشر في جريمة خيانة الائتمان علي التوقيع علي بياض .

الفرع الثاني : القصد الجنائي الاحتمالي في جريمة خيانة الائتمان علي التوقيع علي بياض .

الفرع الأول

القصد الجنائي المباشر في جريمة خيانة الائتمان علي التوقيع علي بياض

يستلزم قيام جريمة خيانة الائتمان علي التوقيع العلم بكافة عناصر الجريمة ، مع اتجاه إرادة الجاني إلي تحقيق نتيجتها علي نحو يقيني ، أي إلي تحقيق العلم بالواقعة الاجرامية بكل عناصرها وتحقيق النتيجة التي تعتبر هدف مباشر كأثر حتمي لسلوكه ([55]) ، والقصد الجنائي كما يكون عاماً ، فإنه قد يكون قصداً جنائياً خاصاً تتجه فيه الإرادة إلي تحقيق نتيجة معينة خاصة ، وهو ما نعرضه فيما يلي :-

  • القصد الجنائي العام :

يقوم القصد الجنائي بوجه عام علي توافر العلم والإرادة ، فيجب توافر علم الجاني الذي كتب المحرر فوق الإمضاء أو الختم أنه يرتكب جريمة خيانة الائتمان علي التوقيع بالصورة التي حددها القانون ، أي أن ما أثبته فوق الإمضاء أو الختم مخالف لما اتفق عليه أو أن ما سطره هو غير الذي كان يجب تسطيره بحسب نية صاحب التوقيع ، وأن يعلم فوق ذلك أن ما فعله يمكن أن يترتب عليه حصول ضرر لنفس صاحب الإمضاء أو الختم أو لماله ، فإذا نسب المتهم إلي صاحب الإمضاء أو الختم علي بياض ما يعتقد أنه مطابق لإرادة الأخير تخلف لديه القصد الجنائي ([56]) .

وفي الصورة الثانية من جريمة خيانة الائتمان التي تقوم علي اختطاف الورقة الممضاة أو أخذها بالقوة أو التهديد ، فيجب أن يكون الجاني عالماً أنه يملأ الفراغ بغير حقيقة المراد ممن ذيلها بتوقيعه أو ختمه ، وأن تتجه إرادته بشكل مباشر إلي تحقيق النتيجة الإجرامية علي خلاف ما هو متفق عليه ([57]) .

ويثبت القصد الجنائي من أي طريق وبأي دليل طبقاً للقاعدة العامة للإثبات في المواد الجنائية، ولقاضي الموضوع القول الفصل في ذلك متي قرر أن القصد متوافر للأسباب التي بينها في حكمه، فلا رقابة لمحكمة النقض إلا إذا كان العقل لا يتصور إمكان دلالة هذه الأسباب عليها ([58]) .

ويتضح مما سبق أن  جريمة خيانة الائتمان علي التوقيع علي بياض جريمة عمدية ذات قصد جنائي عام ، و يشترط أن تتجه إرادة المتهم إلي إثبات البيانات التي وضعها فوق الامضاء أو الختم، وإلي حدوث الضرر ولو في صورته الاحتمالية ، كما يشترط أن يعلم الجاني أن ما كتبه فوق التوقيع و الإمضاء يخالف ما عهد إليه به، وأن هذه الكتابة تضر بصاحب التوقيع أو من شأنها الإضرار به ([59]) .

  • مدي تطلب القصد الجنائي الخاص في جريمة خيانة الائتمان علي التوقيع :

باستقراء نص المادة 340 من قانون العقوبات نجد أنها تشترط أن يترتب علي الكتابة علي بياض فوق الختم أو الإمضاء سند دين أو مخالصة أو غير ذلك من السندات والتمسكات حدوث ضرر علي نفس صاحب الإمضاء أو الختم أو علي ماله .

وهو ما يعين أن النص يشترط أن تتجه إرادة الجاني إلي إثبات البيانات التي يضيفها فوق الإمضاء أو الختم للإضرار بالمجني عليه ، حتي وإن كان الضرر ضرراً محتملاً ، وهو ما يعني أن الإرادة تتجه إلي غاية محددة أو نتيجة معينة .

وقد يتمثل القصد الجنائي الخاص في جريمة خيانة الائتمان علي التوقيع علي بياض في نية إضافة البيانات والعبارات في مكان البياض الذي هو أعلي التوقيع أو الختم ، وذلك بقصد الإضرار بالمجني عليه في نفسه كالتقليل من شأنه أو تشويه سمعته أو إلصاق نقيصه به ، و الإضرار بماله كسلب جزء من ماله أو إبراء الغير من الديون المستحقة لصالح المجني عليه .

وتجدر الإشارة إلي أنه لا قيام للقصد الجنائي العام بدون قيام القصد الجنائي الخاص ، فبدون تحقق الضرر في مال المجني عليه وفي نفسه لا تقوم الجريمة بالكلية ، فإذا لم يترتب ضرر نتيجة الكتابة علي البياض أعلي الإمضاء أو الختم غلا تقوم الجريمة ، مثال ذلك أن يكتب الجاني فوق الإمضاء أو الختم عملاً نافعاً نفعاً محضاً لصاحب التوقيع كقبول هبة أو وصية ([60]) .

وفي هذا الإطار يثار التساؤل عن الاتفاق الباطل الذي يقع أعلي التوقيع علي بياض ؟

فلو كان الاتفاق أو العقد الذي كتب أعلي الإمضاء أو الختم وقع باطلاً ، مما لا يتحقق عنه ضرر لصاحب التوقيع ، فهل تقع الجريمة بهذا الاتفاق أو هذا العقد ؟

يري اتجاه في الفقه أن الجريمة في حالة الاتفاق أو العقد الباطل الذي يكتب أعلي التوقيع علي بياض لا يكون له أثر قانوني ، ومن ثم فلا ينشأ عنه أي ضرر لأي طرف ، ومن ثم فلا تقوم الجريمة لانعدام الضرر ([61]) .

بينما يذهب اتجاه آخر أن هذا البطلان في الاتفاق أو في العقد الذي وضع أعلي التوقيع علي بياض لا دخل لإرادة الفاعل فيه لا يمكن أن يمحو الجريمة ، أو يعفي الجاني من فعله الذي ارتكبه بالفعل ، ولكن البطلان كان لسبب خارج عن إرادته ([62]) .

ونري أن الرأي الراجح في هذه المسألة أنه يشترط لقيام الجريمة حدوث الضرر الفعلي للمجني عليه ، وهذا الضرر هو معيار اكتمال الجريمة أو عدم اكتمالها ، وبالتالي إذا ترتب علي بطلان التصرف الوارد أعلي التوقيع علي بياض انعدام أثر هذا التصرف سواء بالضرر أو بالنفع ، مما يستحيل معه حصول ضرر علي المجني عليه فلا يكون في الأمر إلا شروع في الجريمة ، ومن العلوم أنه لا شروع في جنحة خيانة الائتمان علي التوقيع علي بياض ، ومن ثم تنعدم الجريمة بالكلية بسبب انعدام الضرر ([63]) .

الفرع الثاني

القصد الجنائي الاحتمالي في جريمة خيانة الائتمان علي التوقيع علي بياض

القصد الجنائي الاحتمالي هو نوع من القصد الجنائي الذي يتمثل في الحالة الذهنية للشخص الذي يتمثل في ذهنه النتائج المحتملة لسلوكه فيمضي في ارتكاب السلوك مستوياً لديه حصول ما يمكن أن ينجم عن نشاطه مع عدم حصوله ، فالقصد الاحتمالي هو توقع النتيجة الإجرامية كأثر ممكن الحدوث نتيجة الفعل ثم قبول هذه النتيجة ([64]) .

والقصد الجنائي الاحتمالي لجريمة خيانة الائتمان على التوقيع أو الإمضاء يتوافر بعلم الجاني بأن ما يكتبه فوق التوقيع أو الإمضاء يخالف ما عهد إليه به ، وأن هذه الكتابة تضر بصاحب التوقيع أو من شأنها الإضرار به ، ولا يشترط أن يكون العلم بالضرر واقعيا أو فعليا بل يكفى أن يكون علما فرضيا ، ويجب أن يكون القصد الجنائي متوافرا وقت التحرير ([65]) .

كما يلزم أن تتجه إرادة الجاني إلي إثبات البيانات التي وضعها فوق الإمضاء أو الختم وإلي الضرر ولو كان ضرراً محتملاً ومع ذلك يمضي الفاعل في فعله بالرغم من احتمال حصول الضرر .

و يتعين توافر القصد الجنائي الاحتمالي لحظة ارتكاب الجاني للفعل أي وقت إثبات البيانات فوق الإمضاء أو الختم ، وفي هذه اللحظة يتوقع الجاني حدوث الضرر علي نفس المجني عليه أو علي ماله ومع ذلك يقوم الجاني بإتمام الجريمة .

ويتضح مما تقدم أن القصد الاحتمالي في جريمة خيانة الائتمان علي التوقيع علي بياض يقوم علي عنصرين متلازمين هما :-

العنصر الأول : وهو توقع النتيجة الإجرامية المتمثلة في حدوث الضرر في نفس أو مال صاحب التوقيع علي بياض ، دون أن تكون هذه النتيجة داخلة في هدف الجاني من وراء إضافة عبارات وكلمات أعلي توقيع المجني عليه .

وهذا التوقع يتوقف علي قدر العلم بعناصر جريمة خيانة الائتمان في التوقيع ، فكلما ازداد علم الجاني بعناصر جريمته كلما ازداد توقعه للنتيجة المترتبة عليها ، و ذلك لكونها أثر حتمي ولازم لها ، أما إذا كان علمه بعناصر الجريمة علماً محدوداً ، فإن توقعه للنتيجة يكون توقعاً احتمالياً أي أن النتيجة تكون في ذهنه كأثر محتمل الحدوث ، ومن جهة آخري فإنه كلما تعددت احتمالات حدوث الجريمة في ذهن الجاني ، كلما كان القصد الجنائي احتمالياً ، أما إذا كانت النتيجة واحدة في ذهن الجاني كان القصد الجنائي مباشراً ([66]) .

العنصر الثاني : قبول النتيجة الضارة كأثر للفعل الإجرامي، ويستوي حصول النتيجة في ذهن الجاني مع عدم حصولها ، والقبول هو الرضا بوقوع الجريمة أو الرغبة في حدوثها ، فإذا توقع الجاني حدوث النتيجة كأثر محتمل للسلوك الاجرامي المتمثل في إضافة بيانات أعلي التوقيع علي بياض فهو ملزم بأن يحدد موقفه منها ، وفي هذه الحالة يجب علي الجاني أن يرحب بالنتيجة التي تّوقع احتمال حدوثها وأبصر فيها غرضاً آخر يستهدفه بفعله ويسعي بهذا الفعل إلي محاولة تحقيقه([67]).

المطلب الرابع

الجوانب الإجرائية للجريمة والعقوبة المقررة لها

نعرض في هذا المطلب بعض الجوانب الإجرائية لجريمة خيانة الائتمان علي التوقيع ، ومن هذه الجوانب الاختصاص بنظر الدعوي الجنائية المتعلقة بخيانة الائتمان علي التوقيع ، و قواعد الإثبات في هذه الجريمة ، ثم التصالح في الجريمة ، وأخيراً العقوبة المقررة لهذه الجريمة ، ونعرض ذلك فيما يلي :-

الفرع الأول : المحكمة المختصة بنظر جريمة خيانة ائتمان التوقيع .

الفرع الثاني : قواعد الإثبات في جريمة خيانة ائتمان التوقيع .

الفرع الثالث : التصالح في جريمة خيانة الائتمان علي التوقيع .

الفرع الرابع : العقوبة المقررة لجريمة خيانة الائتمان علي التوقيع .

الفرع الأول

المحكمة المختصة بنظر جريمة خيانة ائتمان التوقيع

  المحكمة المختصة بنظر الدعوي الجنائية المتعلقة بجنحة خيانة الائتمان علي التوقيع علي بياض هي  محكمة الجنح التي وقعت في دائرتها الجريمة أو الدائرة التي يسكن فيها المتهم ، أو يقبض عليه فيه ([68]) .

ومن البديهي أن يكون الاختصاص من النظام العام بمعني أنه لا يجوز الاتفاق علي مخالفته ، ويقصد باختصاص المحكمة مدي سلطتها في الفصل في الدعوي الجنائية ، وحتي ينعقد الاختصاص للمحكمة لا بد من توافر عدة أوجه وهي الاختصاص من حيث الشخص ، والاختصاص من حيث النوع ، والاختصاص من حيث المكان ([69]) .

وإذا انعدم أو انتفي اختصاص المحكمة من حيث أحد هذه الأوجه لا ينعقد اختصاصها بنظر الدعوي ولا يكون لها سلطة الفصل فيها ، وإذا فصلت فيها رغم عدم انعقاد الاختصاص لها كان حكمها باطلاً ([70]) .

ووفقاً لما اسلفنا فإن جريمة خيانة الائتمان علي التوقيع هي من الجنح التي تختص بنظرها المحكمة الجزئية التي تقع في دائرتها الجريمة أو يقطن في دائرتها المتهم ، ولقد بينت المادة التاسعة من قانون العقوبات تبني المشرع المصري للتقسيم الثلاثي لأنواع الجرائم فقد قسمها إلي جنايات وجنح ومخالفات ، وتختص محكمة الجنح بنظر الجرائم التي تعد جنح وفقاً لقانون العقوبات ، وهي الجرائم التي عرفتها المادة 11 من قانون العقوبات بأنها المعاقب عليها بالجبس أو الغرامة التي يزيد مقدارها علي مائة جنيه ([71]) .

والعبرة بتحديد نوع الجريمة هو مقدار العقوبة المقررة لها وفقاً للقانون لا بمقدار العقوبة التي يقضي بها القاضي ، ومن ثم فإن الاختصاص الأصلي والأساسي لمحكمة الجنح هو الجرائم التي تعد في حكم القانون من قبيل الجنح والتي يقرر لها عقوبة الحبس أو الغرامة التي يزيد أقصي مقدار لها علي مائة جنيه ([72]) .

ومؤدي ما سبق أن الضابط في تحديد الاختصاص النوعي هو بالوصف القانوني للواقعة كما رفعت بها الدعوي وليس بنوع العقوبة التي يوقعها القاضي بعد الانتهاء من سماع الدعوي ([73]) .

أما تحديد الاختصاص المحلي لأحدي المحاكم الجزئية التي تختص بنظر جريمة خيانة الائتمان علي التوقيع فيتم تحديده وفقاً لمكان وقوع الجريمة ، أو محل إقامة المتهم ، أو محل القبض عليه ([74]) .

ويثير الاختصاص المحلي العديد من المشكلات بالنسبة لجريمة خيانة الائتمان علي التويع ، حيث يوجد هناك محل لتحرير التوقيع علي بياض ، ومحل لإضافة العبارات أعلي التوقيع ، ومحل لتسليم الورقة الممضاة علي بياض ، ومحل لاستخدام هذه الورقة الممضاة علي بياض للإضرار بالمجني عليه ، إلا أن الرأي استقر علي أن الاختصاص ينعقد للمحكمة الجزئية التي يقع في دائرتها فعل تسليم الورقة الموقعة علي بياض ([75]) .

ونري أن مكان تسليم الورقة الممضاة علي بياض من المجني عليه إلي الجاني يمثل عنصر أساسي في الركن المادي للجريمة ، إلا أن ذلك لا يمنع من انعقاد الاختصاص للمحكمة الجزئية التي يقع في دائرتها محل إقامة الجاني وفقاً للقواعد العامة في هذا الشأن ([76]) .

وحتي تدخل الدعوي في حوزة المحكمة المختصة في الجنح والمخالفات فقد اشترط المشرع وجودب تكليف المتهم بالحضور ، حيث نصت المادة 232 /1، 2 من قانون الإجراءات الجنائية علي أنه تحال الدعوي إلي محكمة الجنح والمخالفات بناء علي أمر يصدر من قاضي التحقيق أو محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة أو بناء علي تكليف المتهم مباشرة بالحضور من قبل أحد أعضاء النيابة العامة أو من المدعي بالحقوق المدنية ، ويجوز الاستغناء عن تكليف المتهم بالحضور إذا حضر بالجلسة ووجهت إليه التهمة من النيابة العامة وقبل المحاكمة .

ومؤدي ذلك أن التكليف بالحضور هو الإجراء الذي تدخل الدعوي الجنائية بموجبه في حوزة المحكمة ، بيد أنه يجوز الاستغناء عن التكليف بالحضور إذا حضر المتهم بالجلسة والنيابة العامة وجهت له الاتهام ، وقبل المحاكمة علي هذا الأساس ([77]) .

الفرع الثاني

قواعد الإثبات في جريمة خيانة ائتمان التوقيع

بادئ ذي بدء فإن تغيير الحقيقة في الأوراق الموقعة علي بياض ممن استؤمن عليها هو نوع من خيانة الأمانة ، ويرجع في إثباته للقواعد العامة ، ومن مقتضي ذلك أنه لا يجوز إثبات عكس ما ورد في الورقة الموقعة علي بياض إلا أن يكون هناك كتابة ، أو مبدأ ثبوت بالكتابة يستكمل بشهادة الشهود أو القرائن ولا يخرج عن الأصل سوي حالة ما إذا كان من استولي علي الورقة قد حصل عليها خلسة أو نتيجة غش أو طرق احتيالية أو بأي طريقة آخري خلاف التسليم الاختياري فعندئذ يعد تغيير الحقيقة فيها تزويراً يجوز إثباته بكافة الطرق ([78]) .

فإذا كان تسليم الورقة الممضاة على بياض يمثل واقعة مادية لا تتقيد المحكمة في إثباتها بقواعد الإثبات في المواد المدنية وأن تغيير الحقيقة في تلك الورقة ممن استؤمن عليها هو نوع من خيانة الأمانة معاقب عليه بالمادة ٣٤٠ من قانون العقوبات ومن ثم يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات ([79]) .

وعلي ذلك فقد قضت محكمة النقض بأنه لا تتقيد المحكمة وهي تفصل في الدعوى الجنائية بقواعد الإثبات المقررة في القانون المدني إلا إذا كان قضاؤها في الدعوى يتوقف على وجوب الفصل في مسألة مدنية هي عنصر من عناصر جريمة خيانة الائتمان المطروحة للفصل فيها ([80]) .

فإذا كانت المحكمة ليست في مقام إثبات عقد مدنى بين المتهم وصاحب الإمضاء – كما هو الشأن في الدعوى المطروحة – وإنما هي تواجه واقعة مادية هي مجرد تسليم الورقة و اتصال المتهم بها عن طريق تغيير الحقيقة فيها افتاتا على ما اجتمع اتفاقهما عليه، فلا يقبل من المتهم أن يطالب صاحب الإمضاء بأن يثبت بالكتابة ما يخالف ما دونه هو زوراً قولاً منه بأن المستند المدعى بتزويره تزيد قيمته على عشرة جنيهات، إذ أن مثل هذا الطلب وما يتصل به من دفاع لا يكون مقبولاً إذ لازمه أن يترك الأمر في الإثبات لمشيئة مرتكب التزوير وهو لا يقصد إلا نفى التهمة عن نفسه الأمر الممتنع قانونا لما فيه من خروج بقواعد الإثبات عن وضعها ([81]) .

ولا يجوز توجيه اليمين الحاسمة في اثبات جريمة خيانة الائتمان علي التوقيع علي بياض ، فقد استقرت أحكام محكمة النقض عدم جواز توجيه اليمين الحاسمة على واقعة مخالفة للنظام العام وفقاً للمادة 115 إثبات ، و عدم جواز الحلف على واقعة تكون جريمة جنائية ، و علي أساس ذلك أخذ المشرع في جريمة اختلاس التوقيع على بياض بعقوبة التزوير في الأوراق العرفية وهى الحبس مع الشغل طبقا للمادتين 215 ، 340 عقوبات ([82]).

ولقد استند المشرع في قاعدة عدم توجيه اليمين الحاسمة في جريمة خيانة الائتمان علي التوقيع علي نص الفقرة الأولى من المادة 115 من قانون الإثبات التي تنص على أنه :- “لا يجوز توجيه اليمين الحاسمة على واقعة مخالفة للنظام العام – وهو نص منقول من القانون المدني الملغي ضمن الباب السادس من الكتاب الأول من القسم الأول من هذا القانون ـ بما نص عليه في المادة الأولى من القانون رقم 25 لسنة1968 بإصدار قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية ولم يكن له مقابل في القانون القديم ـ أن المشرع ـ وعلى ما يؤخذ من مذكرة المشروع التمهيدي للقانون المدني ـ ولقد أقر الفقه والقضاء على نطاق تطبيق اليمين الحاسمة ومنه ما رجح فى القضاء المصري منه عدم جواز التحليف على واقعة تكون جريمة جنائية تأسيسا على أنه لا يصح أن يكون النكول عن اليمين دليلا على ارتكاب الجريمة، وكان اختلاس التوقيع على بياض جريمة مأخوذة بعقوبة التزوير في الأوراق العرفية وهى عقوبة الحبس مع الشغل طبقا للمادتين 215، 340 من قانون العقوبات ومن ثم فإنه لا يجوز توجيه اليمين الحاسمة فيها وإذ أطرح الحكم المطعون فيه طلب الطاعن فى هذا الشأن يكون قد أصاب صحيح القانون «المادة 115 من قانون الاثبات والمادتان 340،215 من قانون العقوبات ([83]) .

الفرع الثالث

التصالح في جريمة خيانة الائتمان علي التوقيع

فيما يتعلق بالتصالح في جريمة خيانة الائتمان علي التوقيع ، فإنه وفقا لنص المادة ۱۸ مكررا (أ) من قانون الإجراءات الجنائية المضافة بالقانون رقم ١٧٤ لسنة ۱۹۹۸ ، فإنه يجوز للمتهم التصالح مع المجني عليه أو وكيله الخاص في جريمة خيانة الائتمان ، وله أن يطلب إلى النيابة العامة أو المحكمة بحسب الأحوال إثبات صلحه مع المتهم ويترتب على الصلح انقضاء الدعوى الجنائية ولو كانت مرفوعة بطريق الادعاء المباشر ولا أثر للصلح على حقوق المضرور من الجريمة ([84]) .

ونشير إلي أن جريمة خيانة الائتمان علي التوقيع من الجرائم التي يجوز فيها التصالح ، وذلك بخلاف ما نص عليه القانون من أن هناك جرائم لا يسمح بالتصالح فيها، باعتبار أنها جرائم لا تنتهك حق الشخص الواقع عليه الضرر فقط، بل إنها تتعدى ذلك بوصفها جرائم تنتهك حقوق المجتمع ككل ([85]) .

ومن الجرائم التي لا يجوز فيها التصالح جرائم القتل، والتعذيب، والسرقة، والسرقة بالإكراه، والبلطجة، وفرض السيطرة، وترويع المواطنين، فكلها جرائم لا يجوز التصالح فيها، لأنها تضر المجتمع بأسره، والقانون يمنع الصلح فى تلك الجرائم حتى لو تنازل المجنى عليه وعفا عن الجاني، لان الجريمة في تلك الحالة وظروف ارتكابها لا يمكن معها اعفاء الجاني من العقاب، بل يجب ردعه ومحاسبته خصوصاً اذا تميز أسلوبه في اثناء ارتكاب الجريمة بالعنف، والوحشية، وانعدام الوازع الأخلاقي ، وهو ما لا يتوافر في مرتكب جريمة خيانة الائتمان علي التوقيع ومن ثم يجوز فيها التصالح ([86]) .

وتقضي المحكمة بانقضاء الدعوى الجنائية بالصلح ، ومثالا فقد قضت محكمة النقض بأنه ومن حيث إن الثابت من محضر جلسة الإشكال في التنفيذ أن وكيل المحلى عليه أقر بالتصالح مع الطاعن ، ومن ثم تكون الدعوى الجنائية قبل الطاعن عن جنحة التبديد التي دانه الحكم المطعون فيه عنها قد انقضت عملا بنص المادة ١٨ مكررا (أ) من قانون الإجراءات الجنائية، الأمر الذى يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه وانقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح ([87]) .

ويجوز للمتهم أو وكيله إثبات الصلح المشار إليه فى الفقرة السابقة ، ويجوز الصلح فى أية حالة كانت عليها الدعوى، أو بعد صيرورة الحكم باتًا، ويترتب على الصلح انقضاء الدعوى الجنائية ولو كانت مرفوعة بطريق الادعاء المباشر، وتأمر النيابة العامة بوقف تنفيذ العقوبة إذا حصل الصلح أثناء تنفيذها ولا أثر للصلح على حقوق المضرور من الجريمة([88]).

الفرع الرابع

العقوبة المقررة لجريمة خيانة الائتمان علي التوقيع

كل من ائتمن على ورقة ممضاة أو مختومة على بياض فخان الأمانة وكتب في البياض الذي فوق الختم أو الإمضاء سند دين أو مخالصة أو غير ذلك من السندات والتمسكات التي يترتب عليها حصول ضرر لنفس صاحب الإمضاء أو الختم أو لماله عوقب بالحبس ويمكن أن يزاد عليه غرامة لا تتجاوز خمسين جنيها مصريا.

وفي حالة ما إذا لم تكن الورقة الممضاة أو المختومة على بياض مسلمة إلى الخائن وإنما استحصل عليها بأي طريقة كانت فإنه يعد مزورا ويعاقب بعقوبة التزوير.

وباستقراء هذا النص نجد أنه يشتمل علي عقوبتين ، في كل فقرة عقوبة معينة ، ففي الفقرة الأولي نجد عقوبة الحبس التي يمكن أن يزاد عليها الغرامة التي لا تتجاوز خمسين جنيهاً مصرياً .

وفي الفقرة الثانية نجد عقوبة التزوير التي فرضها النص علي من يستحصل علي الورقة الممضاة أو المختومة علي بياض بأي طريقة من طرق الخطف أو السرقة أو التهديد .

وعقوبة التزوير هنا هي التي تتعلق بمحرر يخص أحد الناس وليس التزوير الذي يخص الأوراق الحكومية أو ما يرتبط بها مما هو منصوص عليه في المواد من 206 حتي 214 من قانون العقوبات ، ولكن المقصود هنا هي العقوبة الواردة في نص المادة 215 من قانون العقوبات التي تنص علي أنه كل شخص ارتكب تزويراً في محررات أحد الناس بواسطة احدي الطرق السابق بيانها أو استعمل ورقة مزورة وهو عالم بتزويرها يعاقب بالحبس مع الشغل ([89]) .

ويلاحظ أن الصورة الثانية من جريمة خيانة الائتمان علي التوقيع التي يتحصل فيها الجاني علي الورقة الممضاة علي بياض خلسة أو بدون إرادة المجني عليه يعاقب عليها المشرع بعقوبة أشد من الصورة الأولي التي تسلم فيها الورقة الممضاة علي بياض بإرادة المجني عليه باعتبار أن الجريمة تعامل كجريمة التزوير في أوراق عرفية ([90]) .

ففي الصورة الأولي تكون العقوبة هي الحبس البسيط الذي يمكن أن يزاد عليه غرامة لا تتجاوز خمسين جنيها مصريا ، في حين أن العقوبة في الصورة الثانية هي الحبس مع الشغل .

والحبس هو عقوبة الحبس هي وضع المحكوم عليه في أحد السجون المركزية أو العمومية المدة المحكوم بها عليه ولا يجوز أن تنقص هذه المدة عن أربع وعشرين ساعة ولا أن تزيد على ثلاث سنين إلا في الأحوال الخصوصية المنصوص عليها قانونا ([91]) .

أما الحبس مع الشغل فهو الحبس المقرون بتشغيل المحبوس في أعمال معينة داخل أو خارج الحبس ، فالمحكوم عليهم بالحبس مع الشغل يشتغلون داخل السجون أو خارجها في الأعمال التي تعينها الحكومة ([92]( .

****

خاتمة الدراسة :

تناولنا في هذه الدراسة لمشكلة تحدث كثيراً في الواقع العملي وهي مشكلة الورقة الممضاة أو المختومة علي بياض واستخدامها كضمان لتصرفات معينة أو لتنفيذ التزامات محددة .

ولقد تناولنا الظاهرة من خلال عناصرها القانونية ، فقمنا في المطلب الأول من الدراسة بتعريف الجريمة من حيث ركنها الشرعي فتناولنا نص المادة 340 من قانون العقوبات ، وما يؤدي إليه هذا النص ، ثم عرضنا للنصوص القانونية المشابهة لنص جريمة خيانة الائتمان علي التوقيع فعرضنا لجريمة خيانة الأمانة ، ثم جريمة التزوير ، ثم جريمة النصب.

وعرضنا بعد ذلك المطلب الثاني الذي تناولنا فيه الركن المادي لجريمة خيانة الائتمان علي التوقيع فتناولنا الورقة الممضاة علي بياض ومضمونها ، ثم تسليمها للجاني ، ثم العبث بها من قبل الجاني أو من غيره ، وأخيراً الضرر الذي يلحق بالمجني عليه ، والشروع في جريمة خيانة الائتمان علي التوقيع ومدي تصوره .

وفي المطلب الثالث تناولنا الركن المعنوي لجريمة خيانة الائتمان فتناولنا القصد الجنائي المباشر للجريمة بعنصرية العلم والإرادة ، ثم تناولنا القصد الاحتمالي بعنصرية أيضاً وهما التوقع والقبول للنتيجة .

وأخيراً تناولنا في المطلب الرابع الجوانب الإجرائية للجريمة ومن ذلك المحكمة المختصة بنظر الدعوي الجنائية المتعلقة بالجريمة ، ثم إثبات الجريمة ، والتصالح فيها ، ثم والعقوبة المقررة لها .

نتائج الدراسة :

استخلصنا من خلال الدراسة عدة نتائج علي النحو الآتي :

  1. أن جريمة خيانة الائتمان هي جريمة خاصة تقع علي الأموال وينظمها نص خاص في قانون العقوبات ، وهو نص المادة 340 من قانون العقوبات الواردة في الباب العاشر من الكتاب الثالث من قانون العقوبات .
  2. تقع هذه الجريمة علي ورقة ممضاة أو مختومة علي بياض ، بها فراغات ، ولا يشترط أن تكون كلها بيضاء ، بل يكفي وجود مساحات فارغة بين السطور تسمح بإضافة عبارات ، كما يكفي في الإمضاء أن يكون بأي صورة ويكفي الختم أو البصمة لتقوم الجريمة .
  3. تسلم الورقة في جريمة خيانة الائتمان علي التوقيع في صورتين ، إما برضاء صاحب التوقيع في هذه الحالة تقوم جريمة خيانة الائتمان علي التوقيع إذا قام الجاني بإضافة بيانات غير صحيحة وليست علي رغبة المجني عليه ، وإما تسلم الورقة بطرق جبرية أو احتيالية ، وهنا تقوم جريمة التزوير إذا ما قام الجاني بالتلاعب في الورقة .
  4. المستقر عليه أن من يقوم بملأ الفراغ أعلي التوقيع هو المستلم ذاته ، إلا أنه قد يقوم غيره بملأ الفراغ ، وفي هذه الحالة تثور فكرة المساهمة الجنائية ، فيكون المستلم هو الفاعل الأصلي ، ويكون من ملأ البيانات شريكاً في الجريمة .
  5. البيانات المضافة أعلي التوقيع علي بياض لا تمثل جريمة إلا إذا كانت تتسبب في الضرر لصاحب التوقيع ، ومن ثم إذا كانت تمثل اتفاقات باطلة فلا تقوم بها الجريمة ، حيث لا يترتب عليها أي أثر قانوني .
  6. أن جريمة خيانة الائتمان هي جريمة عمدية ، ولا يتصور وقوعها عن طريق الخطأ ، ويلزم أن يتوافر القصد الجنائي فيها بعنصرية العلم والإرادة ، ولا يكفي القصد الجنائي العام ، ولكن يلزم توافر القصد الجنائي الخاص المتمثل في الإضرار بالمجني عليه في نفسه أو ماله .
  7. اعتبر المشرع جريمة خيانة الائتمان علي التوقيع من الجنح ، وبالتالي كانت العقوبة المقررة لها هي عقوبة الحبس الذي يمكن أن يزاد عليه بالغرامة ، وإذا اعتبرت تزويراً كانت عقوبتها الحبس مع الشغل .
  8. المحكمة المختصة بنظر الدعوي الجنائية المتعلقة بجريمة خيانة الائتمان علي التوقيع هي محكمة الجنح الجزئية التي تقع في دائرتها الجريمة ، أو يقيم في دائرتها الجاني ، أو يقبض عليه في دائرتها .
  9. جريمة خيانة الائتمان علي التوقيع من الجرائم التي يمكن التصالح فيها في أي مرحلة تكون عليها الدعوي مما يترتب عليه انقضائها .
  10. لم يكن في ذهن المشرع عند وضع نص المادة 340 من قانون العقوبات أن الورقة الممضاة أو المختومة علي بياض ستستخدم كوسيلة ضمان لتنفيذ إجراء ما ، فيسلمها صاحب الإمضاء لصاحب الدين ضمان لتنفيذ التزام معين.

توصيات الدراسة :

انتهينا من خلال الدراسة عدة نتائج علي النحو الآتي :

  1. يجب التفرقة بين التوقيع علي بياض كنوع من التفويض للغير في التصرف في نطاق حدود معينة ، وبين التوقع علي بياض كنوع من الائتمان المودع لدي شخص معين للقيام بمهمة محددة ، ومن ثم فيجب وضع حدود فاصلة بين التفويض في التصرف عن طريق التوقيع علي بياض ، وبين خيانة الائتمان علي التوقيع علي بياض.
  2. يجب الأخذ في الاعتبار أن التوقيع علي بياض قد يكون بمثابة تفويض من صاحب التوقيع إلي الشخص المسلمة له الورقة وذلك لضمان تنفيذ التزام معين ، وهو ما أخذت به محكمة النقض المدني في بعض أحكامها .
  3. يجب الأخذ في الاعتبار أن الاضافات التي قد يضيفها الجاني فوق الإمضاء علي بياض ، ليست في كل حالة جريمة ، فقد تكون نفاذاً لحق لصالح المضيف في ذمة الشخص الموقع علي بياض ، ومن ثم فقد لا يكون صاحب الإضافات في كل الحالات خائناً للأمانة أو مزوراً .
  4. خيانة الأمانة ومنها صورة خيانة الائتمان علي التوقيع جريمة خطيرة إذا ما توافرت كل أركانها ، ومن ثم يجب وضع التشريع الذي يحدد الخيوط الفاصلة بين خيانة الائتمان علي التوقيع علي بياض ، وبين التفويض في التصرف بالتوقيع علي بياض .
  5. يلزم تشديد العقاب علي جريمة خيانة الائتمان علي التوقيع علي بياض ، ويجب إحالة واقعة التفويض في التصرف بالتوقيع علي بياض للمحكمة المدنية المختصة التي تملك مراقبة حدود التفويض .

***

قائمة المراجع :

  1. د/ أبو المجد علي عيسي : القصد الجنائي الاحتمالي –دراسة تحليلية تأصيلية مقارنة رسالة دكتوراة –كلية الحقوق جامعة القاهرة 1980 .
  2. د/ أحمد فتحي سرور : الوسيط في قانون العقوبات –القسم الخاص – دار النهضة العربية 2013 .
  3. د/ أحمد فتحي سرور : الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية –دار النهضة العربية 1993 .
  4. د/ أسامة حسنين عبيد : محكمة الجنايات المستأنفة –دراسة تحليلية تطبيقية –دار النهضة العربية 2009
  5. مستشار / بهاء المري : شرح قانون العقوبات معلقاً عليه بالفقه وأحكام النقض القسم الخاص الجزء الرابع -دار الأهرام للنشر والتوزيع والإصدارات القانونية 2024 .
  6. مستشار / بهاء المري : جرائم الأموال –الاعتداء علي أموال الأشخاص – العربية للنشر والتوزيع 2018 .
  7. د/ رمسيس بهنام : النظرية العامة للقانون الجنائي – منشأة المعارف الإسكندرية –الطبعة الثالثة – 1997 .
  8. القاضي / سيد حسن البغال : جريمة إساءة الائتمان في تشريعات الدول العربية –دراسة مقارنة – دار الفكر العربي 1964.
  9. القاضي / سيد حسن البغال : موسوعة التعليقات علي قانون العقوبات والقوانين المكملة له – دراسة عربية مقارنة – دار الفكر العربي 1965.
  10. د/طارق سرور : شرح قانون العقوبات –جرائم الأشخاص والأموال –دار النهضة العربية 2010 .
  11. د/ طارق سرور : المحاكمة الغيابية في مواد الجنايات –دار النهضة العربية 2007 .
  12. د/ عبد المهيمن بكر سالم : القصد الجنائي في القانون المصري والمقارن – رسالة دكتوراه كلية الحقوق جامعة القاهرة 1959.
  13. د / عمر السعيد رمضان –شرح قانون العقوبات –القسم الخاص –دار النهضة العربية 1986 .
  14. د/ عمر السعيد رمضان : مبادئ قانون الإجراءات الجنائية – دار النهضة العربية 1984.
  15. د/ محمد جبريل إبراهيم : التعويض عن الضرر المتغير الناشئ عن الاصابة بالعدوي- دراسة تأصيلية –دار الأهرام 2022 .
  16. د/ محمد عليوي ناصر : خيانة الأمانة وأثرها في العقود المالية في الشريعة الإسلامية –دراسة مقارنة –المكتبة القانونية الطبعة الأولي 2001 .
  17. د/ مصطفي مجدي هرجة : جرائم النصب وخيانة الأمانة والجرائم المرتبطة بها –دار محمود للنشر والتوزيع –ط 7 القاهرة 2002 .
  18. د/ محمود نجيب حسني : شرح قانون العقوبات – القسم الخاص – دار النهضة العربية2024 .
  19. د/ محمود نجيب حسني : النظرية العامة للقصد الجنائي –دراسة تأصيلية مقارنة للركن المعنوي في الجرائم العمدية –دار النهضة العربية 1988 .
  20. د/ محمود نجيب حسني : شرح قانون الإجراءات الجنائية وفقاً لأحدث التعديلات التشريعية –دار النهضة العربية القاهرة 2011 – ص 814 .

***

Margins:

  1. () مستشار / بهاء المري : جرائم الأموال –الاعتداء علي أموال الأشخاص – العربية للنشر والتوزيع 2018 – ص 241 .
  2. ()د/ مصطفي مجدي هرجة : جرائم النصب وخيانة الأمانة والجرائم المرتبطة بها –دار محمود للنشر والتوزيع –ط 7 القاهرة 2002 – ص 151 .
  3. () القاضي / سيد حسن البغال : جريمة إساءة الائتمان في تشريعات الدول العربية –دراسة مقارنة – دار الفكر العربي 1965 – ص 202 .
  4. () د/ رمسيس بهنام : النظرية العامة للقانون الجنائي – منشأة المعارف الإسكندرية –الطبعة الثالثة – 1997 – ص 276 .
  5. () مستشار / بهاء المري : جرائم الأموال – مرجع سابق – ص 241 .
  6. () نقض جنائي – الطعن رقم 1028 لسنة 28 ق – جلسة 3/2/1959 – س 10 – ص 143 .
  7. () مستشار / بهاء المري : شرح قانون العقوبات معلقاً عليه بالفقه وأحكام النقض القسم الخاص الجزء الرابع -دار الأهرام للنشر والتوزيع والإصدارات القانونية 2024– ص 349 .
  8. () تنص المادة 32 من قانون العقوبات علي أنه :- ” إذا كون الفعل الواحد جرائم متعددة وجب اعتبار الجريمة التي عقوبتها أشد والحكم بعقوبتها دون غيرها.
    وإذا وقعت عدة جرائم لغرض واحد وكانت مرتبطة ببعضها بحيث لا تقبل التجزئة وجب اعتبارها كلها جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لأشد تلك الجرائم ”
  9. () مستشار بهاء المري : جرائم الأموال – مرجع سابق – ص 165 .
  10. () مستشار / بهاء المري : جرائم الأموال – مرجع سابق – ص 241 .
  11. () القاضي / سيد حسن البغال : جريمة إساءة الائتمان في تشريعات الدول العربية –مرجع سابق – ص 202 .
  12. () د/ مصطفي مجدي هرجة : جرائم النصب وخيانة الأمانة والجرائم المرتبطة بها – مرجع سابق – ص 151 .
  13. () د/ مصطفي مجدي هرجة : جرائم النصب وخيانة الأمانة والجرائم المرتبطة بها – مرجع سابق – ص 160 .
  14. () نقض جنائي – الطعن رقم 2822 لسنة 56 ق – جلسة 9/10/1986 – س 37 – ص 728 . مشار إليه في مستشار / بهاء المري : جرائم الأموال – مرجع سابق – ص 241 .
  15. ()نقض جنائي – الطعن رقم 5370 لسنة 55 ق – جلسة 30/11/1987 .
  16. ()نقض جنائي – الطعن رقم 1567 لسنة 45 ق – جلسة 25/1/1976 – س 27 – ص 100 .
  17. ()نقض جنائي – الطعن رقم 10640 لسنة 6 ق – جلسة 2/7/2013 .
  18. ( ) نقض جنائي – الطعن رقم 10640 لسنة 6 ق – جلسة 2/7/2013 .
  19. () القاضي / سيد حسن البغال : جريمة إساءة الائتمان في تشريعات الدول العربية –مرجع سابق – ص 209 .
  20. ( ) تنص المادة 32 من قانون العقوبات علي أنه :- ” إذا كون الفعل الواحد جرائم متعددة وجب اعتبار الجريمة التي عقوبتها أشد والحكم بعقوبتها دون غيرها. وإذا وقعت عدة جرائم لغرض واحد وكانت مرتبطة ببعضها بحيث لا تقبل التجزئة وجب اعتبارها كلها جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لأشد تلك الجرائم”
  21. ()مستشار / بهاء المري : شرح قانون العقوبات معلقاً عليه بالفقه وأحكام النقض – مرجع سابق – ص 349 .
  22. () د/ مصطفي مجدي هرجة : جرائم النصب وخيانة الأمانة والجرائم المرتبطة بها – مرجع سابق – ص 167 .
  23. () مستشار / بهاء المري : جرائم الأموال – مرجع سابق – ص 241 .
  24. () القاضي / سيد حسن البغال : جريمة إساءة الائتمان في تشريعات الدول العربية –مرجع سابق – ص 219 .
  25. () المستشار / بهاء المري : شرح قانون العقوبات –مرجع سابق – ص 347 .
  26. () القاضي / سيد حسن البغال : موسوعة التعليقات علي قانون العقوبات والقوانين المكملة له – دراسة عربية مقارنة – دار الفكر العربي 1965 – -ص 850 .
  27. () تنص المادة 225 من قانون العقوبات علي أنه :- ” تعتبر بصمة الأصبع كالإمضاء في تطبيق أحكام هذا الباب ”
  28. () نقض جنائي – الطعن رقم 1028 لسنة 28 ق – جلسة 3/2/1959 – س 10- ص 143 .
  29. () انظر في ذلك في  حكم محكمة النقض المصرية في 25/1/1976 مجموعة أحكام النقض  س27 – ق  22 – ص  100 . 
  30. () القاضي / سيد حسن البغال : موسوعة التعليقات علي قانون العقوبات والقوانين المكملة له – مرجع سابق – -ص 850 .
  31. () مستشار / بهاء المري : جرائم الأموال – مرجع سابق – ص 241 .
  32. () انظر في ذلك حكم محكمة النقض بتاريخ 22/10/1979 مجموعة احكام النقض   س30 – ق  146 – ص  777 .
  33. () نقض جنائي – الطعن رقم 5370 لسنة 55 ق جلسة 1987/11/30 س 38 ص 1053 .
  34. () انظر د/ أحمد فتحي سرور : الوسيط في قانون العقوبات –القسم الخاص – دار النهضة العربية 2013 – ص 1290 .
  35. () نقض جنائي – الطعن رقم ١٠٦٤٠ لسنة ٦ ق جلسة ٢/٧/٢٠١٣س ٦٤ ص٦٩٢ .
  36. () انظر نص المادة 136 من التقنين المدني التي تنص على أنه: – “إذا لم يكن للالتزام سبب، أو كان سببه مخالفا للنظام العام أو الآداب كان العقد باطلا”.
  37. () نقض مدني – الطعن رقم 9869 لسنة 84 ق – جلسة 5/10/2020 .
  38. () القاضي / سيد حسن البغال : موسوعة التعليقات علي قانون العقوبات والقوانين المكملة له – مرجع سابق – -ص 850 .
  39. () المستشار / بهاء المري : شرح قانون العقوبات – مرجع سابق – ص 347 .
  40. () د/ أحمد فتحي سرور : الوسيط في قانون العقوبات –القسم الخاص – مرجع سابق – ص 1290 .
  41. () د/ مصطفي مجدي هرجة : جرائم النصب وخيانة الأمانة والجرائم المرتبطة بها – مرجع سابق – ص 160 .
  42. () د/ محمود نجيب حسني : شرح قانون العقوبات – القسم الخاص – دار النهضة العربية 2024 – ص 198 .
  43. () نقض جنائي – الطعن رقم 5370لسنة 55 ق – جلسة 1987/11/30 س 38
  44. () د / رمسيس بهنام : النظرية العامة للقانون الجنائي – مرجع سابق – ص 1337 .
  45. () نقض جنائي – الطعن رقم 5370لسنة 55 ق – جلسة 1987/11/30 س 38 .
  46. () انظر في ذلك حكم محكمة النقض المصرية في 1976/1/25 مجموعة أحكام النقض المصرية  س27ق  ص12  .تعليقا علي الفراغ الذي يُتركَ قصدا ليُملأ فيما بعد .
  47. () د/ محمد جبريل إبراهيم : التعويض عن الضرر المتغير الناشئ عن الإصابة بفيرس كورونا –دراسة تأصيلية –دار الأهرام للطباعة والنشر 2022 – ص56 .
  48. (( نقض جنائي – الطعن رقم 1476 لسنة 13 ق – جلسة 21/6/1943 – س 6 – ص 299 .
  49. () مستشار / بهاء المري – شرح قانون العقوبات –القسم الخاص – مرجع سابق – ص 354 .
  50. () نقض جنائي – الطعن رقم طعن رقم 1476 سنة 13 ق جلسة 21/6/1943 .
  51. (( انظر المادة 45 من قانون العقوبات المصري .
  52. () نقض جنائي – الطعن رقم 1611 لسنة 4 ق –جلسة 29/10/1934 – س 3 – ص 375 .
  53. () انظر المادة 47 من قانون العقوبات المصري .
  54. () د / عمر السعيد رمضان –شرح قانون العقوبات –القسم الخاص –دار النهضة العربية 1986 – ص 654 ، د/طارق سرور : شرح قانون العقوبات –جرائم الأشخاص والأموال –دار النهضة العربية 2010 – ص 1019 .
  55. () د/ عبد المهيمن بكر سالم : القصد الجنائي في القانون المصري والمقارن – رسالة دكتوراه كلية الحقوق جامعة القاهرة 1959 – ص 321 .
  56. () د/ محمود نجيب حسني : النظرية العامة للقصد الجنائي –دراسة تأصيلية مقارنة للركن المعنوي في الجرائم العمدية –دار النهضة العربية 1988 – ص 18 .
  57. () د/ محمد عليوي ناصر : خيانة الأمانة وأثرها في العقود المالية في الشريعة الإسلامية –دراسة مقارنة –المكتبة القانونية الطبعة الأولي 2001 – ص 24.
  58. () نقض جنائي الطعن رقم 13323 لسنة 59 ق جلسة 21/11/1991 س 43 رقم 168 – ص 1227 .
  59. () نقض جنائي – الطعن رقم 1652 لسنة 45 ق جلسة 25/1 / 1976 س 27 ص 97 .
  60. () المستشار بهاء المري : شرح قانون العقوبات – مرجع سابق – ص 355 .
  61. () د/ محمد عليوي ناصر : خيانة الأمانة وأثرها في العقود المالية في الشريعة الإسلامية – مرجع سابق – ص 24.
  62. () د / رمسيس بهنام : النظرية العامة للقانون الجنائي – مرجع سابق – ص 1337 .
  63. () المستشار بهاء المري : جرائم الأموال – مرجع سابق – ص 252 .
  64. () د/ أبو المجد علي عيسي : القصد الجنائي الاحتمالي –دراسة تحليلية تأصيلية مقارنة رسالة دكتوراة –كلية الحقوق جامعة القاهرة 1980 – ص 65 .
  65. ()  الطعن رقم 1652 لسنة 45 ق جلسة 1976/1/25 س 27 ص 97 .
  66. () د / رمسيس بهنام : النظرية العامة للقانون الجنائي – مرجع سابق – ص 1337 .
  67. () د/ محمد عليوي ناصر : خيانة الأمانة وأثرها في العقود المالية في الشريعة الإسلامية – مرجع سابق – ص 29.
  68. () انظر نص المادة 215 من قانون الإجراءات الجنائية التي تحدد قوعد الاختصاص ، ونشير إلي أن المحاكم الجنائية تنقسم في القضاء العادي ذات الولاية العامة إلي ثلاث أنواع وهي محاكم الجنح والمخالفات ، ومحاكم الجنايات ، ومحكمة النقض ، ومحاكم الجنح والمخالفات توجد في دائرة كل مركز أو قسم وتشكل من قاض واحد من قضاة المحكمة الابتدائية التابعة لها المحكمة الجزئية .
  69. () انظر في تفصيل ذلك د/ أحمد فتحي سرور : الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية –دار النهضة العربية 1993 – ص 676 .
  70. () د/ أسامة حسنين عبيد : محكمة الجنايات المستأنفة –دراسة تحليلية تطبيقية –دار النهضة العربية 2009 – ص 122 .
  71. () تنص المادة 11 من قانون العقوبات علي أنه :- الجنح هي الجرائم المعاقب عليها بالعقوبات الآتية:

    = الحبس.

    -الغرامة التي يزيد أقصى مقدارها على مائة جنيه.

  72. () د/ محمود نجيب حسني : شرح قانون الإجراءات الجنائية وفقاً لأحدث التعديلات التشريعية –دار النهضة العربية القاهرة 2011 – ص 814 .
  73. () نقض جنائي 10 أبريل سنة 1997 مجموعة أحكام محكمة النقض س48 – ص 449 .
  74. () انظر تفصيل المادة 217 من قانون الإجراءات الجنائية د/ أحمد فتحي سرور : الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية – مرجع سابق – ص 80 6 .
  75. () انظر في هذا النظر حكم محكمة النقض 17 نوفمبر سنة 1980 مجموعة الأحكام س 31 رم 196 – ص 1012 .
  76. () انظر المادة 215 من قانون الاجراءات الجنائية ، وكذلك المادة 217 من ذات القانون .
  77. () د/ طارق سرور : المحاكمة الغيابية في مواد الجنايات –دار النهضة العربية 2007 – ص 17 .
  78. () نقض جنائي – الطعن رقم 366 لسنة 58 ق – جلسة 30/1/1991 – س 42 ص 346 .
  79. () نقض جنائي – الطعن رقم 2822 لسنة 56 ق – جلسة 9/10/1986 – س 37 – ص 728 .
  80. () نقض جنائي – الطعن رقم 5881 لسنة 53 ق جلسة 1987/2/15 س 38 ص 287 .
  81. () نقض جنائي – الطعن رقم 1028 لسنة 28 ق – جلسة 3/2/1959 – س10 – ص 143 . مشار إليه في مستشار / بهاء المري : جرائم الأموال –مرجع سابق – ص 253 .
  82. () نقض جنائي – الطعن رقم 2822 لسنة 56 ق جلسة 1986/1/9 س 37 ص 728 .
  83. () نقض جنائي – الطعن رقم 3498 لسنة 61ق جلسة 1996/5/14 س 47 ص 632 .
  84. () د/ عمر السعيد رمضان : مبادئ قانون الإجراءات الجنائية – دار النهضة العربية 1984 – ص 33 .
  85. () د/ محمود نجيب حسني : شرح قانون الإجراءات الجنائية وفقاً لأحدث التعديلات التشريعية –مرجع سابق – ص 814 .
  86. () د/ أحمد فتحي سرور : الوجيز في شرح قانون الإجراءات الجنائية – مرجع سابق – ص 1134 .
  87. () نقض جنائي – الطعن رقم 540 لسنة 48 ق –جلسة 23/10/1978 –س 29 ص 754.
  88. () د/ عمر السعيد رمضان : مبادئ قانون الإجراءات الجنائية – مرجع سابق – ص 33 .
  89. () القاضي / سيد حسن البغال : جريمة إساءة الائتمان في تشريعات الدول العربية –مرجع سابق – ص 202 .
  90. () القاضي / سيد حسن البغال : موسوعة التعليق علي قانون العقوبات والقوانين المكملة له –مرجع سابق – ص 850 .
  91. (( انظر نص المادة 18 من قانون العقوبات .
  92. (( تنص المادة 19 من قانون العقوبات علي أنه :- ” عقوبة الحبس نوعان:

    الحبس البسيط.

    الحبس مع الشغل، والمحكوم عليهم بالحبس مع الشغل يشتغلون داخل السجون أو خارجها في الأعمال التي تعينها الحكومة.

    كما تنص المادة 20 من قانون العقوبات علي أنه :- ” يجب على القاضي أن يحكم بالحبس مع الشغل كلما كانت مدة العقوبة المحكوم بها سنة فأكثر وكذلك في الأحوال الأخرى المعينة قانوناً ، وفي كل الأحوال الأخرى يجوز الحكم بالحبس البسيط أو مع الشغل.