تسوية المنازعات الناجمة عن القوة القاهرة في العقود الدولية

حسن علي سلمان1

1 قسم القانون الخاص، كلية الحقوق والعلوم السياسية، الجامعة الإسلامية في لبنان.

اشراف الأستاذ الدكتور/ محمد دغمان

HNSJ, 2024, 5(9); https://doi.org/10.53796/hnsj59/35

Download

تاريخ النشر: 01/09/2024م تاريخ القبول: 15/08/2024م

Citation Method


المستخلص

هدف هذا البحث الى دراسة الآليات القانونية التي يمكن من خلالها تسوية المنازعات الناجمة عن القوة القاهرة في العقود الدولية. اتبع البحث المنهجي الوصفي التحليلي. توصل البحث الى عدة نتائج أهمها أن تنفيذ العقد التجاري الدولي يتوقف على الوفاء بالالتزامات المترتبة عليه من قبل الأطراف بشكل كامل . كما توصل البحث الى انه لا يترتب على وقف تنفيذ الالتزامات الأساسية في العقد بشكل عام وعقود التجارية الدولية بشكل خاص – تأجيل تنفيذ الالتزامات الخاصة بالمدين الذي تم تأثره بعائق التنفيذ بل يتم أيضا وقف تنفيذ الالتزامات الخاصة بالطرف الآخر. خرج البحث بعدة توصيات أهمها أن النص الصريح في العقد أو الاتفاق الذي تم بين أطراف العقد يجب أن يكون ملزما للأطراف بدلا من البحث عن توافر شروة القوة القاهرة. كذلك أوصى البحث بضرورة أن يحتوي العقد التجاري الدولي على شرط إعادة النظر في شروط فسخ العقد وتوقف تنفيذه بشكل واسع حتى لا يقف فسخ العقد وتوقف تنفيذه عائقا أمام التجارة الدولية.

الكلمات المفتاحية: المنازعات، القوة القاهرة، العقود الدولية.

Research title

Settlement of disputes arising from force majeure in international contracts

Published at 01/09/2024 Accepted at 15/08/2024

Abstract

This research aims to study the legal mechanisms through which disputes arising from force majeure in international contracts can be settled. The research followed a descriptive and analytical methodology. The research reached several results, the most important of which is that the implementation of an international commercial contract depends on the full fulfillment of the obligations imposed by the parties. The research also concluded that the suspension of the implementation of the basic obligations in the contract in general and international commercial contracts in particular does not result in postponing the implementation of the obligations of the debtor who was affected by the implementation obstacle, but rather the implementation of the obligations of the other party is also suspended. The research came out with several recommendations, the most important of which is that the explicit text in the contract or agreement concluded between the parties to the contract must be binding on the parties instead of searching for the availability of the force majeure clause. The research also recommended that the international commercial contract should contain a condition to review the terms of the termination of the contract and the suspension of its implementation on a large scale so that the termination of the contract and the suspension of its implementation do not constitute an obstacle to international trade.

Key Words: Disputes, force majeure, international contracts.

المقدمة:

تعتبر القوة القاهرة من المصطلحات التي تحتل أهمية كبيرة في العقود خاصة منها تلك العقود ذات القيمة المالية الكبيرة وذات النطاق الواسع، فهي قوة تظهر في حالة وجود حادث، يخرج عن سيطرة المدين، ومن الصعب توقعه على نحو معقول، وذلك في الوقت الذي تم فيه عملية إبرام العقد أو كتابته، ومن هنا من الصعب تجنب أو مقاومة النتائج والآثار المترتبة عليه، وذلك عن طريق القيام بعدد من التدابير أو الأمور الاحترازية التي تتأقلم مع هذا الحادث بشكل معقول، الأمر الذي يترتب عليه صعوبة، بل واستحالة أن يقوم المدين بعملية تنفيذ الالتزامات المطلوبة منه بناء على العقد المبرم ([1]).

وأمام ما يبرز من إشكاليات في متابعة تنفيذ العقود الدولية أمام وجود حالة القوة القاهرة فإن العقود الدولية تحتوي على شرط من شأنه أن يتم اللجوء إلى التحكيم حتى يتم القضاء على أي نزاع يتعلق بعملية تنفيذ العقد. فأوجد الواقع الخاص بالعقود المرتبطة بالتجارة الدولية حلولا عن طريقها يستطيع الأطراف أيجاد حلولا أخرى للاستمرار في العقد.

أهمية الدراسة:

إن أهمية الدراسة تظهر من خلال التعرف على الأمور التالية : ماهية القوة القاهرة وشروطها، بيان الفرق بين المفهوم التقليدي للقوة القاهرة والمفهوم الحديث ، الهدف من التوسع في مفهوم القوة القاهرة وأسباب ذلك، معرفة ما يترتب على القوة القاهرة من آثار على عمليتي تنفيذ العقد الدولي وانفساخه، ما يترتب على ذلك من مسؤولية ، تعريف العقد التجاري بصفة عامة والعقد التجاري الدولي بصفة خاصة، ما يترتب على العقد الدولي من آثار في ظل القوة القاهرة، التسوية القانونية للمنازعات الناجمة عن القوة القاهرة، فكرة إعادة التفاوض والأفكار المشابهة لها، بيان أوجه الخلاف بين القوة القاهرة وإعادة التفاوض، بيان التحكيم في منازعات القوة القاهرة وتسوية الخلافات المتصلة بالتجارة الدولية في إطار منظمة التجارة العالمية ومبدأ سلطان الإرادة في التحكيم .

إشكالية الدراسة:

تبرز إشكالية هذا البحث من خلال التالي: ما هي الآليات القانونية التي يمكن من خلالها تسوية المنازعات الناجمة عن القوة القاهرة في العقود الدولية؟

منهج البحث:

نتبع في هذا البحث المنهجي الوصفي التحليلي الذي يقوم بدراسة الظاهرة كما هي في الواقع فيقوم بوصفها وصفا دقيقاً معبراً عنها على المستوى الكيفي والكمي، فعلى المستوى الكيف يبين وصف الظاهرة وخصائصها، في حين على مستوى الكم فيعطي الظاهرة وصف رقمي يوضح مقدارها.

تقسيم البحث:

نقسم هذا البحث إلى مطلبين:

المطلب الأول: إعادة التفاوض في العقود

المطلب الثاني: التحكيم في منازعات القوة القاهرة

المطلب الأول: إعادة التفاوض في العقود

إن عقود التجارة الدولية مما يميزها طول المدة المرتبطة بها، على خلاف العقود الوطنية ، وفكرة طول مدة العقد تجعل العقد يتعرض لكثير من الظروف والعوامل التي هي من شأنها التأثير في المقدرة التي يمتلكها الأطراف في تنفيذ التزامات المطلوبة منهم ؛ حيث إن العقود الدولية تشتمل على شرط اللجوء إلى التحكيم حتى يتم الانتهاء من أي نزاع يتعلق بعملية تنفيذ العقد، الواقع الخاص بعقود التجارة الدولية أوجد حلولا عن طريقها يستطيع الأطراف – وهم في حريتهم – القيام بعملية تنظيم العقود المرتبطة بهم من خلال أمرين الأول: شروط التعديل التلقائي للعقد والثاني: شروط مراجعة العقد، ويتم ذلك عن طريقة عملية إعادة التفاوض بين الأطراف، وسوف يتم تقسيم هذا المطلب إلى فروع الأول: تعريف شرط إعادة التفاوض ونطاقه والثاني: مقدار تأثير الحدث المسبب لتطبيق شرط إعادة التفاوض على توازن العقد، الثالث: فكرة إعادة التفاوض والأفكار المشابهة لها، والرابع: آثار إعادة التفاوض، وذلك على هذا النحو:

الفرع الأول: تعريف شرط إعادة التفاوض ونطاقه

ظهر أكثر من أمر في التجارة الدولية يتم من خلاله مواجهة العقد بسبب تغير الظروف المرتبطة بتنفيذه، ومن أكثر هذه الأمر الشرط المرتبط بإعادة التفاوض والذي سوف يتم تناوله من خلال أمرين: الأول: تعريفه ، والثاني: نطاقه، على هذا النحو:

أولا: تعريف شرط إعادة التفاوض

إن شرط إعادة التفاوض: هو شرط يضعه الأطراف في العقد بحيث يتم الاتفاق فيه على إعادة التفاوض بينهم بغرض المقدرة على تعديل الأحكام الخاصة بالعقد، وذلك في الحالة التي تحدث فيها أمور معينة يقوم الأطراف بتعينها، ويكون من أثرها إحداث إخلال في توازن العقد وإصابة أحد الأطراف بضرر كبير([2]).

ومن خلال هذه التعريف يتضح أن الشرط المرتبط بإعادة التفاوض هو شرط اتفاقي، أي أنه يتوقف على ما يتفق عليه الأطراف في العقد، ومن هنا يتم ترتيب العقد بشكل تفصيلي بمعنى أن يقوم الأطراف بتوضيح ما هو الشرط، والأحداث التي يتم مواجهتها من قبله، وأثر العقد، والحلول التي من الممكن أن نلجأ إليها في الحالة التي تحدث فيها هذه الأحداث، ولهذا هناك من يرى أن شرط إعادة التفاوض ليس له تعريف معين يتم أخذه من قانون محدد، لكنه يتم تعريفه وتطبيقه بناء على ما تم الاتفاق عليه بين أطراف في العقد. ([3])

ثانيا : نطاق شرط إعادة التفاوض

ونطاق شرط إعادة التفاوض: هو الأحداث التي يحتوي عليها هذا الشرط بحيث يتم مواجهة ما ينتج عنها من تأثير على العقد، فينبغي أن يكون هناك عدة شروط تكون موجودة في الحدث حتى يتم تطبيق شرط إعادة التفاوض، وهذه الشروط هي:

  1. أن يكون الحدث مستقلا عن إرادة الشخص المدين

بمعنى أن يكون الحدث خارجا عن إرادته الخاصة ([4]) ، فالمدين غير مستفيد من تغير ظروف العقد حتى يكون له الحق في أن يطلب بتطبيق شرط إعادة التفاوض بغرض أن يتم تعديل العقد، بحيث يكون السبب في هذا التغيير المدين ذاته. فهذا الشرط من شأنه توفير حماية للمتعاقد من المتعاقد الذي يتمتع بسوء النية في عملية إحداث تغيير على المستوى المباشر أو غير المباشر([5]).

وشرط إعادة التفاوض رغم أهميته الكبيرة إلا أن الفقه نظر إليه نظرة منكرة على أساس استبعاده وأن يتم الاعتماد على شرط استحالة دفعه وعدم توقعه([6]).

بالإضافة إلى أنه شرط يفتقد التحديد الدقيق والمنضبط، وينبغي الربط بينه وبين الاستحالة وعدم إمكانية التوقع ، فعلى سبيل المثال المدين الذي يبزل كل جهد حتى يتم له دفع الحدث بحيث يصل من الحذر والحيطة مبلغا ، فالحدث خارج عن إرادته([7]).

ورغم كل هذه العيوب التي وجهت لهذا الشرط فهو شرط ضروري وأساسي في الحدث، وله أهمية كبيرة في عقود التجارة الدولية، فالتغيير الحادث بخصوص البيئة المتعلقة بالعقد ينبغي ألا يرجع إلى إرادة المدين، بل ويكون بعيدا كل البعد عن هذه الإرادة([8]).

وطريقة التعبير عن شرط إعادة التفاوض في عقود التجارة الدولية متنوعة فعلى سبيل المثال هذا طريقة من طرق التعبير:

في حالة إبرام عقد بين شركتين: واحدة عراقية والأخرى كويتية قام الأطراف في العقد بالتعبير عن شرط استقلالية الحدث عن الإرادة المرتبطة بالمدين وذلك من خلال قولهم : هذا الأمر تم حدوثه بصورة مستقلة عن الإرادة الخاصة بالشركة المدينة.

  1. عدم مقدرة توقع الحدث ودفعه وما يترتب عليه من نتائج مضرة

إن الاعتماد على توقع الحدث أو عدم توقعه لتحديد مقدرة أطراف العقد على تحاشي أن يقع الحدث باشتماله على الاستعداد قبل ذلك على مواجهة الحدث في حالة التوقع والمقدرة، وسوف يتم في ذلك معالجة أمرين عدم المقدرة على توقع الحدث ، عدم المقدرة على دفع الحدث وتجنب النتائج الخاصة به على هذا النحو

أ- عدم المقدرة على توقع الحدث

إن توقع الحدث أو عدم المقدرة على توقعه هي المعيار الذي يتم من خلاله بيان قدرة الطرف المتعاقد في تحاشي وقوع الحدث من خلال استعداده قبل ذلك لمواجهة مثل هذه الحوادث.

ومن مبادئ عقود التجارية الدولية التي تتولى تنظيم شرط إعادة التفاوض ألا يكون المدين لديه المقدرة على توقع الحدوث([9])، حتى القضاء المرتبط بالتحكيم فهو يعتمد في القرارات المتعلقة به على ألا يتوقع الحدوث الذي يتم مواجهته من قبل شرط إعادة التفاوض فعلى سبيل المثال:

القرار الذي صدر من هيئة التحكيم في الغرفة التجارية في باريس وذلك في القضية رقم 2708 في سنة 1976، حيث جاء في حكمها عندما رفضت طلب البائع بأن يقوم بزيادة الثمن أو ألا يستطيع الوفاء بالتوريد بسبب وجود ظروف قوية من خلالها يمكن للأشخاص توقع زيادة الأسعار([10]).

ففي وقت إبرام العقد وتوقع حدوث صعوبة ، يستطيع المدين أن يتأخذ جميع الإجراءات والاحتياطات حتى يمكن التحكم في هذه الصعوبة والتغلب عليها والتقليل من الأثر المترتب عليها وعدم توقف العقد وإيجاد حل لها([11]).

ومقدرة المدين أن يتوقع الحدث يتم بشكل مرتبط بالواقع المعيش والظروف الخاصة بكل حالة بصفة خاصة([12])، وعملية توقع الحدث تتأثر في مثل هذه الأيام بالتقدم التكنولوجي والتطور الكبير في الاتصالات ومجال الشبكة العنكبوتية ، الأمر الذي جعل الاعتماد على توقع الحدث في نطاق ضيق جدا.

بل وهناك من يعد عدم التوقع متوقف على الاحتمال الجاد في وقوع الحدث على اعتبار أن الاحتمال الجاد هو الاحتمال بتوافر مقدرة متاحة يتوقعها العقل يتم من خلالها استشفاف أن الحدث وقع، ويتضح من ذلك أنه حتى يتم عدم بعد فكرة عدم التوقع ينبغي الاعتماد في ذلك على وجود درجة كبيرة من الوقوع المحتمل يؤكد وقوع الحدث، فيرفض الاحتمال الغامض أو غير الواضح في حدوث الحدث([13]).

إن قضاء التحكيم يعتمد على الاحتمال الجاد في التعرف على شرط عدم التوقع الذي هو في وقت وقوع الحدث لا يوجد أي ظروف معينة تدل على أنه سوف يتم حدوثه وأن موضوع عدم التوقع المفروض أن يتعلق بالحدث في حد ذاته والنتائج التي تترتب عليه- ليس من المنطق الاعتماد على شرط عدم التوقع في الحالة التي تتعلق بتوقع الحدث دون توقع النتائج والعكس بنسبة لهما.

وتقدير شرط عدم التوقع يحدث في الفترة التي يتم فيها إبرام العقد؛ فيتم توقع أن أطراف العقد عرفوا كل الظروف القائمة التي من شأنها إحداث خلال على المستوى الاقتصادي لما يترتب على العقد، وعليه أن يبزل الاهتمام المنوط بالشخص المعتاد فعدم توقع الحدث، أي لا يكون في مقدرة الشخص العادي أن يتوقع الحدث حتى لو كان في الظروف نفسها الخاصة بالمدين وذاك وقت التعاقد([14]).

ب- عدم المقدرة على دفع الحدث وتجنب النتائج الخاصة به

حتى يتم الأخذ بشرط إعادة التفاوض يكون ذلك في الحالة التي لا يكون في مقدرة المدين دفع حدوث الحدث وتلافيه والتغلب على آثاره السلبية مع تكلف الكثير من الخسائر والتضحيات الجسيمة لكن إذا كان في مقدرة المدين دفع الحدث أو تجنب الآثار المترتبة عليه ولم يقم بذلك بغرض اللجوء إلى شرط إعادة التفاوض حتى يتاح له تغيير بعض بنود وشروط العقد يتحقق في جانبه الإخلال بحسن النية في تنفيذ العقد، ولا يخفى ما يحصل عليه هذا المبدأ من أهمية في مجال التجارة الدولية وغيرها، وعدم توقع الحدث يرتبط ارتباطا كبيرا بإرادة الإنسان، فهذا الشرط له علاقة قوية بالإرادة، فوجود هذا الشرط يقصد به انعدام توقع الحدث ووانعدام مقدرته في التصرف ومقدرته في مواجهة الحدث وآثاره([15]) . وبخصوص القدرة التي تتعلق بالمدين في دفع الحدث وتجنب الآثار المترتبة عليه – بشكل عملي – لها عدة أشكال([16]) على هذا النحو:

1- قدرة المدين على التغلب على الحدث وآثاره ، وهنا لا يمكن التمسك بالشرط.

2- قدرة المدين على التقليل من الحدث وآثاره ، وهنا لا يتحقق الشرط أصلا.

3- قدرة المدين على إجراء تصرف وقائي لتقليل آثار الحدث.

ومما سبق يتضح أن الشرط المتعلق بعدم القدرة على الدفع له أهمية معينة على المستوى العملي والقانوني فيعني أن المدين يكون في حالة حادث من الصعب التغلب عليه وتعديه([17]).

ويترتب على ذلك أن هناك تشابها بين العناصر التي تتعلق بالقوة القاهرة وشرط وإعادة التفاوض ، الأمر الذي يترتب عليه نوع من التشابه بين الشرطين : إعادة التفاوض والقوة القاهرة ، فينبغي التوفيق بين الشرطين: شرط إعاد اتفاوض وشرط القوة القاهرة على هذا النحو:

فبخصوص القوة القاهرة في تعريفه الحديثه يترتب عليه وجود حل لمشكلة العقد، وذلك اعتمادا على شرط إعادة التفاوض بين أطراف العقد الدولي، فالاختلال الحادث في توازن العقد الاقتصادي لما حدث من قوة قاهرة بعد إبرام العقد نتيجة الـأحداث الخاصة بالقوة القاهرة يتم التغلب عليه وذلك عن طريق الاتفاق بين أطراف العقد من خلال شرط إعادة التفاوض. الأمر الذي يترتب عليه دقة الحد الفاصل بين شرط القوة القاهرة وشرط إعادة التفاوض مما يحتاج الكثير من التوضيح: فالغرض الأصلي من الشرطين هو محاولة التقليل من الأضرار التي تقع على المدين في تنفيذ العقد، وذلك بسبب الظروف التي ألمت به وتسببت في حدوث إخلال في توازن العقد، ففي حالة المقاربة بين الشرطين يتضح أن شرط القوة القاهرة وإعادة التفاوض لا يدلان أنهما في حالة تساوي، ولكن في حالة الواقع العقدي من شأنه أن يفرض وجود علاقة قوية بين إعادة التفاوض وشرط القوة القاهرة.

فعلى سبيل المثال:

بخصوص شرط إعادة التفاوض الذي ظهر للوجود بسبب حدوث القوة القاهرة التي شكلت الأساس الذي بني عليه شرط إعادة التفاوض، وذلك تبعا لإرادة أطراف العقد في الاستمرار في العقد، وهذه الإرادة اتضحت في الشروط الخاصة بالتعاقد في العقد الدولي، ومن ذلك النص الذي ينص على أن : في الحالة التي تستمر فيها القوة القاهرة على أكثر من 120 يوما على الطرفين أن يقوما بعملية تسوية تنفيذ العقد، وذلك بناء على مفاوضات ودية وعمل اتفاق في أقرب وقت مستطاع.

الفرع الثاني: أثر الحدث المسبب لإعمال شرط إعادة التفاوض على توازن العقد

يلجأ المتعاقدون إلى شرط إعادة التفاوض في ميدان التجارة الدولية، وذلك بهدف توفير الحماية اللازمة في مقابل الأوضاع التي توجد نتيجة ظروف خاصة يترتب عليه إخلال بتوازن العقد الاقتصادي ، ينجم عنه ضرر يتمتع بالخطورة وعدم توافر العدالة العقدية بين الطرفين أو بصدد أحدهما تجاه الآخر، وسوف نتناول الاختلال من حيث تعريفه وطرق التعبير عن فكرة الاختلال في توازن العقد ومعياره على هذا النحو:

أولا : تعريف الاختلال

الاختلال هو مرحلة وسطى بين الاستحالة المطلقة في تنفيذ العقد – والتي تحدث بفعل القوة القاهرة – وبين التغيير البسيط الذي ربما يظهر على اقتصاديات العقد، ولا يجعل التنفيذ مستحيلا أو مرهقا للمدين. وفي ظل التجارة الدولية يشترط أن يكون هناك مستوى معين من الخطورة تتعلق باقتصاديات العقد مرتبطة بالبنود الخاصة بشرط إعادة التفاوض ، فالتغيير الذي يترتب على الحدث حتى يعطي الحق في اللجوء إلى شرط إعادة التفاوض ينبغي أن يكون جوهريا، وأن يحدث معه خلال واضح في اقتصاديات العقد يترتب عليه ضرر ليس من المنطقي تحمله من قبل الأطراف.

ففي التجارة الدولية الحدث الذي يتم مواجهته بشرط إعادة التفاوض ينبغي أن يترتب عليه حدوث ما يخل بتوازن العقد بصورة يترتب عليها وجود صعوبة أمام المتعاقد في تنفيذ العقد([18]).

وفكرة اختلال توازن العقد لا تعد فكرة غريبة عن النظم الوطنية بحيث تتعلق فحسب بالنظم الدولية، وخاصة النظم القانونية التي من شأنها الاعتراف بفكرة الظروف الطارئة في التعامل فهي فكرة موجودة بشكل عام فالقانون العراقي في عملية تنفيذ العقد إذا ظهرت ظروف عامة على سبيل الاستثناء بحيث لا يتوقع المتعاقدون حدوثها على نحو صار تنفيذ الالتزامات الخاصة بأحد الطرفين أو كل منهما يشكل إرهاقا للمدين يلحق به خسارة كبيرة – يحق للقاضي التقليل من هذا الالتزام المرهق إلى درجة المعقول، وهذا أمر تفرضه العدالة ذلك بعد تسوية الأمر بين الطرفين([19]).

وليس جميع الاختلالات في العقد تعتبر من قبيل الاختلال، وبالتالي تعد سببا كافيا لإعادة شرط التفاوض، فهناك مقدار من الاختلال الذي ينجم عن المخاطر العادية التي ينبغي أن يتوقعها كل متعاقد في تقديره وقت إبرام العقد، فعلى سبيل المثال:

تغير السعر أو القيمة الخاصة بالتكلف أو السعر الخاص بالمواد الأولية – لا يعد شرطا كافيا لاقول بوجود اختلال في توازن العقد([20]).

بل وينبغي عدم الخلط بين الاختلال في عملية توازن العقد والتغيير البسيط أو الطفيف في التوازن المرتبط بالأداءات العقلية، فهذا التغيير لا يتعدى المخاطر العادية المألوفة بين الناس فهو من قبيل الاختلال الطفيف.

ثانياً: معيار تقدير الاختلال

عند تقدير الاختلال ربما يتبنى الأطراف في ذلك معيارين : إما المعيار الموضوعي، وإما المعيار الشخصي على هذا النحو:

أ- الاعتماد على المعيار الموضوعي

يقوم المتعاقدون من خلال هذا المعيار – في حالة اتفاقهم على تقدير الاختلال – بتقديرهم الخاص فيقاس الاختلال وفقا لمعيار الشخص المعتاد، وهو شخص يتمتع بالتوسط في الصفات في كل شيء، وتم وضعه في ظروف المدين نفسه. ولهذا يتوقف دور القاضي أو المحكم على دراسة الظروف الخاصة بالعقد والظروف الطارئة وقت التنفيذ والاختلال المترتب بحسب الشخص المعتاد في ظروف المدين نفسه([21]).

والكثير من قرارات التحكيم التجاري الدولي تأخذ بالمعيار الموضوعي في عملية تقدير الاختلال فقد يؤخذ بالشروط الجوهرية للعقد والعدالة في عملية التنفيذ حسب المعتاد ولم يعتد بالظروف الشخصية للاختلال([22]).

ب- الاعتماد على المعيار الشخصي

يتم الاعتماد في هذا المعيار لتقدير الاختلال بحسب التغيير الحادث الذي يتم في الظروف الشخصية للمتعاقدين خاصة المدين المضرور فيبرر الاختلال الأخذ بشرط إعادة التفاوض في الحالة التي أصبح فيها غير عادل بخصوص المدين، فيترتب عليه ضرر كبير بسبب فقدان العقد للتوازن الخاص به، ويبدو عدم العدالة فيما يترتب على الضرر من أثر سلبي واضح ف مقدرة المدين على تنفيذ العقد حتى إذا لم يتصور ذلك بخصوص مدين آخر حتى إذا وقع في نفس الظروف. وفي الحالات التي تكون فيها المواقف المالية والاقتصادية قوية يكون الاختلال كافيا حتى يتم عمل شرط إعادة التفاوض في حالة إصابة المتعاقد بضرر كبير بالنسبة إليه حتى في حالة عدم كون هذا الضرر من الناحية الموضوعية أو لغيره([23]).

ومما سبق يتضح أن المتعاقدين يأخذون بالمعيار الشخصي في حالة صياغة شرط إعادة التفاوض بحيث يقومون بإدخال الشروط الخاصة في عقودهم وذلك عن طريق بنود تفيد أن نسبة معينة من الاختلال تعطي الحق في التعديل بناء على تقدير الظروف الشخصية المرتبطة به بل وقضاء التحكيم نفسه يتوجه إلى العمل بالمعيار الشخصي عند عدم الاتفاق على معيار معين.

ويرى الباحث أن الفقه يأخذ بالمعيار الشخصي ويتفق معه في ذلك فهو أكثر عدالة لاعتماده على مبدأ الأخذ بالخسارة التي يعاني منها المدين والمكاسب التي يحققها الطرف الآخر بسبب الحدث الذي من أجله تم اللجوء إلى شرط إعادة التفاوض، بل ووضع الظروف المالية والاقتصادية المتعلقة بالمدين في الاعتبار عند تقدير الاختلال، فهو يعد الأحس دقة والأقرب للهدف المرجو من إعادة شرط التفاوض وهو الاستمرار في العقد والحفاظ على تنفيذ العقد بالرغم من الظروف وتغيرها دون القيام بتحمل نتائج الضرر الجسيم([24]).

الفرع الثالث: فكرة إعادة التفاوض والأفكار المشابهة لها

إن المفهوم التقليدي للقوة القاهرة في عقود التجارة الدولية وفي التشريعات الوطنية يبنى على أساس أن المدين من الاستحالة أن يتحمل الآثار والتبعات الخاصة بالحدث المفاجئ على العقد([25]).

فيتم استخدام الكثير من المفاهيم لنعبر عن معنى القوة القاهرة فبالنظر إلى اتفاقية فيينا التي تخص البيع الدولي للبضائع لعام 1980م ، واتفاقية لاهاي لعام 1964م بشأن القانون الدولي الموحد للبيع الدولي – سوف نجد أن من المفاهيم التي اعتمدوا عليها مفهوم الإعفاء – في حين اعتمدت غرفة التجارة الدولية في الشرط النموذجي الخاصة بها لعام 2003م على مفهوم القوة القاهرة وأيضا تم اعتماده من قبل مبادئ القانون الموحد وأشارت إليه بالقوة القاهرة. والتي بينت في نصها : أن المدين يعفى من أثر عدم التنفيذ في الحالة التي يستطيع فيها إثبات أن هذا الأمر حدث خارج عن نطاق توقعه والذي ليس من المعقول اعتماده بعين الاعتبار عند إبرام العقد فيتوقعه أو يتجاوزه أو يتوقع آثاره أو يستطيع تجاوزها.

وأوضحت هذه المبادئ أن الاعتماد من قبلها على مصطلح القوة القاهرة يعود إلى أن هذا المصطلح يرجع إلى انتشار استعماله في ممارسات التجارة الدولية.

وليس الأمر على هذا النحو بل أصبح هذا المصطلح التقليدي للقوة القاهرة معمولا به في الكثير من الشروط العقدية فعلى سبيل المثال: الشرط الذي يقول : تعتبر قوة قاهرة أو حدثا مفاجئا أي حدث لا يمكن توقعه ويستقل عن خطأ المتعاقد ويستطيع جعل تنفيذ الالتزامات الخاصة بالعقد مستحيلة مع استبعاد الأحداث التي من شأنها جعل تنفيذ العقد أمرا صعبا أو أكثر تعبا وإرهاقا.

ومما سبق يتضح أن القوة القاهرة في مفهومها التقليدي تختلف عن فكرة إعادة التفاوض وذلك على أساس:

– أنها تفرض أمور صعبة بخصوص القدرة المتعلقة بالمتعاقد في تحمل الآثار الخاصة بهذا الأثر الذي يترتب عليها لاكتسابها صفة التجريد على العكس من فكرة إعادة التفاوض التي أساسها اختلال توازن العقد الذي لا يصل إلى مفهوم الاستحالة في التنفيذ .

– أن المفهوم التقليدي للقوة القاهرة يختلف في الأساس القانوني الذي يقوم عليه عن الأساس القانوني لفكرة إعادة التفاوض فالأساس الذي تقوم عليه فكرة إعادة التفاوض يتمثل في الإرادة الخاصة بالأطراف باعتبارها تم تجسيدها في شروط عقدية.

في حين أن المفهوم التقليدي للقوة القاهرة يقوم على أساس النصوص القانونية على المستوى الوطني أو الدولي أو الاتفاقات الدولية علاوة على القرارات التحكيمية.

فالتفرقة بين القوة القاهرة وشرط إعادة التفاوض لا تعتمد فحسب على بيان الفرق في مفهوم كل واحد منهما ، بل هذه التفرقة تمتد إلى الآثار التي تترتب على كل واحد منهما، فبخصوص الأثر الذي يترتب على إعمال المفهوم التقليدي للقوة القاهرة فيظهر في انتفاء المسؤولية الخاصة بالمدين الأمر الذي يترتب عليها إنهاء العقد، في حين أن الأثر الذي يترتب على شرط إعادة التفاوض هو تقوية سعي المتعاقدين للحفاظ على العلاقة التعاقدية بينهما من خلا تعديل العقد .

وقد فرضت ظروف التجارة الدولية على المتعاقدين وجود مبدأ المرونة في مفهوم القوة القاهرة بهدف المحافظة على استمرار العلاقة العقدية، حتى أن فكرة الاستحالة المطلقة للتنفيذ في مجال التجارة الدولية لم يعد لها وجود نتيجة على صعوبات من الاستحالة بمكان توافر المقدرة على تحملها.

هذا المبدأ أعطى مجالا يتضح فيه الدور الذي تقوم به الممارسات العقدية في الحكم القانوني الذي يطبق على العقد التجاري الدولي بنفس الطريقة في فكرة إعادة التفاوض على أساس أنه لا يستطيع أحد المتعاقدين تحمل الآثار الاقتصادية للقوة القاهرة . مما جعل أطراف العقد يتعاونان للحفاظ على العقد نظرا لما يمثله من أهمية تجاه كل واحد منهما.

على اعتبار أن هذا التضامن ما هو إلا تعاون بين أطراف العقد حتى يتم تجاوز القوة القاهرة عن طريق النظر إلى الظروف الخاصة بالمتعاقد المضرور ([26]).

فسعى وبقوة أطراف التجارة الدولية إلى تحقيق نوع من المرونة من سيطرة القوة القاهرة والتقليل من الآثار المترتبة عليها في نطاق من التعاون بين أطراف العقد.

فأضف معنى جديدا على القوة القاهرة من شأنه ليس عدم تحمل الآثار المتعلقة بالحدث ، بل ليس ما يترتب عليها القضاء على العقد، بل إن العمل بها يعطي الحق في تعديل العقد.

وترتب على هذا المعنى الجديد للقوة القاهرة أن مفهوم القوة القاهرة بمعناها الجديد يقترب أكثر من فكرة إعادة التفاوض وذلك على مستوى الهدف من كل منهما، فكل فكرة منهما تسعي إلى الحفاظ على العقد حتى نتج عن مفهوم القوة القاهرة بالمعنى الجديد أمران: إما وقف تنفيذ العقد أو إما إعادة التفاوض بخصوصه

الفرع الرابع: آثار إعادة التفاوض

ينتج من الدخول في إعادة التفاوض وقف تنفيذ العقد التجاري الدولي، وإعادة النظر في الالتزامات التعاقدية التي تأثرت بنتائج القوة القاهرة على هذا النحو :

أولا : وقف تنفيذ العقد التجاري الدولي

إن العمل بشرط إعادة التفاوض ينتج عنه وقف تنفيذ العقد ووقف تنفيذ العقد يؤثر على الالتزامات الأساسية التي يفرضها العقد ، ولهذا لا يتحمل الأطراف المسؤولية التي يوجبها العقد . وليس وقف تنفيذ العقد يعني إلغاء صلاحية العقد بل يقصد به تأجيل الالتزامات التي تتأثر بفعل القوة القاهرة خلال مدة الوقف([27]) .

ولا يترتب على وقف تنفيذ العقد وقف تنفيذ الالتزامات الأصلية التي تأثرت بفعل القوة القاهرة التي كانت من الاستحالة القيام بتنفيذها نتيجة القوة القاهرة وما يتعلق بها من إجراءات احترازية قامت الدول بفرضها، بل لا تتوقف الالتزامات التي لم تتأثر بفعل القوة القاهرة فتستمر هذه الالتزامات في التنفيذ ويلتزم بها المتعاقدون، وفي حالة عدم القيام بتنفيذها تترتب على ذلك المسؤولية الخاصة بالعقد([28]).

وبالإضافة إلى إرادة الأطراف في عملية وقف التنفيذ تذهب بعض اتفاقات التجارة الدولية في الشروط الخاصة بها النموذجية بنظام وقف التنفيذ بحيث يتضح لنا أن اتفاقية الأمم للبيع التجاري الدولي تنص بأن يتم الإعفاء الذي تقوم عليه هذه المادة في غضون المدة التي يستمر فيها العائق موجودا وهو الأمر نفس التي قامت غرفة التجارة الدولية بالاشتمال عليه من خلال الشرط الخاص بها الذي قامت بإعداده بخصوص القوة القاهرة ؛ فقد قامت بالنص على أن التوقف في فترة التنفيذ أثناء مدة معقولة يستبعد بذلك في الوقت ذاته حق الطرف الآخر بأن يقوم بالإلغاء أو فسخ العقد. ومن هنا فوقف التنفيذ في إعمال شرطي القوة القاهرة وإعادة التفاوض يقوم بوقاية المتعاقد المدين من االسلوك الذي يقوم به الدائن الذي يكون لدية الرغبة في فسخ العقد([29]).

ثانيا : إعادة النظر في الالتزامات التعاقدية

إن الهدف من إعمال شرط إعادة التفاوض هو القيام بإعادة النظر في الالتزامات التعاقدية التي تم تأثيرها بحادث القوة القاهرة، ولهذا فإن إعادة النظر في العقد الذي تأثر بالقوة القاهرة تمثل الأساس في إعادة التفاوض فينتج عن إعادة النظر في الالتزامات المتصلة بالعقد أمرين:

أ – الوصول إلى اتفاق جديد بشأن العقد.

ب- عدم الوصول إلى اتفاق جديد بشأن العقد.

ففي حالة الوصول إلى اتفاق جديد يتم إبرام اتفاق جديد لكن هذا الأمر يطرح موضوعا يتعلق بالعقد هل هو يعد عقدا جديدا، أو هو مجرد استمرار للعقد الأصلي ، وهنا ذهب جانب من الفقه إلى أنه في حالة اتفاق الأطراف على طبيعة الاتفاق الجديد فلا يوجد إشكالية بأي نوع من الأنواع ، ولكن لمشكلة تظهر في حالة عدم اتفاق الأطراف على طبيعة الاتفاق الجديد.

وذهب البعض الآخر من الفقه إلى أن الاتفاق الجديد يعد عقدا جديدا ما دام أن إعادة التفاوض يشتمل على نية إنشاء عقد جديد غير العقد الأصلي وليس فقط تعديل العقد الأصلي مما يترتب عليه إحلال الالتزام الجديد محل التزام القديم، ومن هنا خلق التزام جديد متصل بانقضاء الالتزام القديم([30]) .

كل ذلك والعقد الأصلي لا يتوقف عن إنتاج آثاره في مدة التفاوض وبعدها ويكون مرجع الاتفاق الجديد العقد الأصلي إلا إذا اتجهت الإرادة الخاصة بالأطراف إلى اعتباره عقدا جديدا فالهدف من إعمال شرط إعادة التفاوض هو الإبقاء على استمرار العقد الأصلي.

وعند فشل المفاوضات بين الأطراف عند عدم الوصول إلى اتفاق بينهم بخصوص مراجعة شروط وبنود العقد وإنهائه يلجأ الأطراف إلى التحكيم باعتباره وسيلة تتمتع بالمرونة في الحكم على العقد الدولي بشكل يحافظ عليه ويبعده عن الفسخ.

والتحكيم لا يحاول الرجوع إلى فسخ العقد باعتباره جزاء صعبا يترتب عليه آثار صعبة بخصوص التجارة الدولية التي يترتب عليه تدمير العقد الدولي الذي حتى يتم إبرامه يستغرق عدد كبير من المفاوضات التي يغلب عليه المشقة والتكليف، ولهذا يحافظ التحكيم على العقد الدولي لمصلحة الأشخاص التي تقتضي المحافظة على العقد والاستمرار في تنفيذه حتى لو في حالة وجود خلل يتم جبره عن طريق التعويض([31]).

المطلب الثاني: التحكيم في منازعات القوة القاهرة

الأصل في العقود الدولية الاستمرار في تنفيذ العقد، رغم تغير الظروف التي تتعلق بالعقد نتيجة حدوث قوة قاهرة ، وهذه القوة فرضت على الدول الكثير من الظروف التي من شأنها التأثير على تطبيق العقد الدولي، فكان على هذه الدول أن تجد حلولا للاستمرار في تنفيذ العقد ، وذلك اعتمادا على شرط إعادة التفاوض، والتحكيم التجاري الدولي وذلك لإيجاد حل للنزاعات التي تترتب على العقد المتأثر بالقوة القاهرة، وسوف يتم تقسيم هذا المطلب إلى فرعين: الأول: تعريف التحكيم والثاني مميزاته وأهميته،

الفرع الأول : تعريف التحكيم .

للحديث عن التحكيم في منازعات القوة القاهرة علينا الحديث عن تسوية نزاعات التجارة الدولية على هذا النحو

فالمنازعات الخاصة بالتجارة الدولية تحدث في الحالة التي يتم فيها تعمد دولة معينة القيام بتصرف تجاري معين من شأنه أن يعد من قبل دولة أخرى – بل وربما عدد من الدول الأخرى – أن هذا التصرف التي قامت به هذه الدول يشكل مساسا ببعض الحقوق الخاصة بها ، فيعد التحكيم التجاري الدولي واحدا من الاختيارات التي يتم قبولها للقيام بتقديم الحل للعديد من الخلافات التي تنشأ بين الأفراد في مجالات متنوعة، بل وفي ميدان التجارة الدولية بصفة خاصة يتصف بالسرعة والعدل ، بل ومن خلاله يعطى أطراف الخلاف قدرا من المرونة والحرية التي لا يمكن الحصول عليها من خلال المحاكم المحلية ، بل واتسع الأمر وزاد في مجال التحكيم الدولي بعدما تم إنشاء منظمة التجارة العالمية، فقد طرحت هذه المنظمة المتعلقة بالتجارة الدولية نظاما جديدا لإنهاء الخلافات التي تحدث بين الأعضاء – التي هي في الأصل أعضاء في المنظمة – يقوم هذا النظام على أساس هو في حد ذاته تكوين لنظام جديد من جهاز تسوية المنازعات يتمتع بكونه محكمة اقتصادية تتميز بالطابع القانوني، بل وهي محكمة آلية تلزم وتأمر ويكون الهدف منها حل المنازعات المرتبطة بالتجارة الدولية .ويتم ذلك على هذا الأساس:

أولا : التحكيم التجاري الدولي باعتباره أداة لتسوية نزاعات التجارة الدولية

يعتبر التحكيم أداة من الأدوات التي يتم على أساسها تسوية الخلافات المتعلقة بالتجارة عامة والتجارة الدولية خاصة ، وهذا إذ إنه يتوافر من خلال التحكيم الكثير من الأمور التي لا توجد في وسائل تسوية الخلافات الأخرى من مثل القضاء وغيره من الوسائل على اعتبار أن الأساس الذي يقوم عليه التحكيم هو الإرادة الخاصة بأطراف النزاع . أي أن الأطراف يلجؤوا إلى التحكيم باختيارهم، وفي الوقت الرهن أصبح التحكيم من الأهمية بمكان بحيث تجعل الأطراف ينبغي اللجوء إليه في أي خلاف بينهم حتى وضل الأمر إلى اعتباره الأداة المفضلة عند الكثير من الشركات الكبرى، بل وكل المتعاملين في مجال التجارة الدولية. ويتم معالجته من خلال الآتي

– تعريف التحكيم التجاري الدولي

لقد جاء بصدد تعريف التحكيم التجاري الدولي عدد كثير من التعاريف التي قال بها بعض الفقهاء والقوانين الوطنية على هذا النحو

أ- التحكيم في الفقه

حيث ورد الكثير من التعاريف التي منها

إن التحكيم هو حل للخلاف من طرف فرد أو عدة أفراد تم اختيارهم بالإرادة الخاصة حتى يتم الرجوع إليهم في حل النزاع الذي قد يحدث بسبب إبرام وتنفيذ العقود الخاصة بالتجارة الدولية([32]).

– وهناك من الفقه الأجنبي من يعرف التحكيم على أنه

أداة من خلالها يتم تسوية المسألة محل الخلاف ، وهذه المسألة تتصل بالمصالح الخاصة بشخصين أو أكثر فيتم التعهد بحل هذه المسألة إلى شخص أم أكثر فيتم تسمية هذا الشخص أو هؤلاء الأشخاص بالمحكم أو المحكمين، ويستمد هؤلاء المحكمون السلطة الخاصة بهم من اتفاق خاص وليس الدولة فيقوم هذا المحكم أو هؤلاء المحكمون بإنهاء الخلاف المعروض أمامهم بناء على الاتفاق المبرم بين المحتكمين([33]).

وعرف التحكيم على أنه نظام خاص بعملية التقاضي يتم إنشاؤه بناء على اتفاق بين الأطراف التي يخصها الأمر على التعهد إلى شخص أو عدة أشخاص من الغير بعمل الفصل في المنازعات التي تقوم بينهم بحكم هذا الحكم له حجة الأمر المقضي([34]).

ب – التحكيم في القانون

إن القوانين الوطنية الحديثة التي نظمت التحكيم لم يرد فيها تعريف صريح للتحكيم ، وذلك لأن أغلب هذه القوانين أخذت من القانون النموذجي للتحكيم التي استرشدت به اللجنة الخاصة بالأونسيترال وهي بصدد وضع قوانين التحكيم الدولي باعتبار أن هذا القانون هو نموذج اعتمدت عليه معظم الدول([35]) .

فالتحكيم التجاري الدولي هو التحكيم الذي يقوم أطراف العقد التجاري بتسوية الخلافات التي سوف تقوم أو التي قامت بينهم بخصوص هذا العقد عن طريق اللجوء إلى التحكيم ، فالتحكيم يقوم على اتفاق يحدث بين جهتين أو أكثر على إنهاء خلافاتهم عن طريق اللجوء إلى التحكيم، فهو أداة من الأدوات التي يتم اللجوء إليها لإنهاء خلافات التجارة الدولية , وهو يحتل أهمية كبيرة في القيام بحل المشاكل المتصلة بعقود التجارة الدولية؛ ولهذا تمت معالجة التحكيم التجاري الدولي من خلال الاتفاقات والالتزامات الدولية والتي منها على سبيل المثال اتفاقية نيويورك لسنة 1985م ، والتي تتعلق بتنفيذ أحكام التحكيم الدولي والقانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي الذي قامت الأونسيترال بالاعتماد عليه في سنة 1985([36]).

الفرع الثاني: أهمية وميزات التحكيم في العقود الدولية

أولاً: الأهمية الخاصة بالتحكيم التجاري الدولي

يعد التحكيم الدولي أهم أداة للمتعاملين في التجارة الدولية يلتجؤون إليها للقيام بحل الخلافات المتصلة بهم والتي تترتب على المعاملات الخاصة بهم والأنشطة التجارية المتعلقة بهم، وذلك الأمر يتعلق بالأهمية التي يحتلها التحكيم لما فيه من المزايا الكثيرة والتي هي

أ- الإجراء السريع في الإنهاء على الخلافات

لقد بات التحكيم الدولي وسيلة سريعة بل ومألوفة في القيام بعملية إنهاء الخلافات التي تترتب على التجارة الدولية، وذلك بديل عن القضاء الرسمي فقد يترتب علي التحكيم التقليل من الوقت بل والجهد والنفقات عن الخصوم في الخلاف الدولي بل والوكيل عنهم، وذلك عن طريق القضاء على الدعوى الخاصة بهم في بدايتها الأولى فيعتبر التوصل إلى حل خارج دائرة القضاء من شأنه توفير الكثير من السرعة والتوفير بالنسبة للوقت بحيث تمتع هذا التحكيم بالسرعة في القضاء على الخلاف([37]).

ذلك أن الوقت له من الأهمية والأثر الكبير بخصوص الحق الذي تم التنازع عليه بين الأطراف المتخاصمة لاسيما بخصوص التجارة الدولية التي يكون الزمن له من الأهمية بمكان فيشكل أهمية كبيرة ، فيستطيع المحكمون القيام بتحديد المدة التي من شأنها حل النزاع والقضاء عليها وهي ملازمة لحل النزاع بحسب ما جاء في القانون يلتزم المحكم بتلك المدة التي تم تحديدها ويترتب على البطء في اتخاذ القرار اللازم بخصوص الدعاوى الخاصة بذلك شدة الإضرار مما يجعل المشكلة شديدة الحل([38]).

ولهذا يلجأ الأطراف المتصلون بالتحكيم في العقود التجارية للقضاء على النزاعات الخاصة بهم فيعطي لهم الفرصة للتفرغ لأعمالهم التجارية بديلا عن ضياع الوقت أمام القضاء فالشركات الكبرى من الأهمية بالنسبة لها اللجوء إلى التحكيم في الخلافات المتصلة بالمشاريع الخاصة بها بعيدا عن أي تأخير يلحق بها بحيث يترتب عليه التعارض لخسائر كبيرة من شأنها تعطيل المشاريع الخاصة بها مما يعرضها للإفلاس، فمن أهم المميزات التي يتمتع بها التحكيم هو السرعة في إنهاء الخلاف([39]) .

ب- الاعتماد على السرية في فض الخلافات

إن التحكيم من شأنه حصول المتنازعين – من تجار ورجال أعمال ومستثمرين – على السرية التي من شأنها ألا يتاح لأحد الاطلاع على الخلافات الخاصة بهم إلا المحكمون الذين تم اختيارهم حتى يقومون بالنظر في القضية موضوع الخلاف ، وأيضا المحامون الذين من شأنهم النظر في القضية فيقومون بالدفاع عن الطرفين وحتى هؤلاء منوط بهم الحفاظ على سر المهنة التي يمتهنون بها ، فلا يحق لهم نشر الموضوع الخاص بالقضية وكل ما يتعلق بها من تفاصيل من شأنها تضر بأي طرف بها ، وهذا الأمر يفرض نفسه بحكم السرية الخاصة بإجراءات التحكيم ، وهذا الأمر على عكس ما يتم في القضاء العادي داخل الدولة فتتصف الإجراءات بصفة العلنية فيتعذر إخفاء النوع الخاص بالمعاملات والحجم الخاص بالخلاف أو المقدار المتعلق بالأموال التي تم التعلق بها، وهذه الأمور كشفها ينتج عنه الكثير من الأضرار على واحد من الأطراف أو الطرفين معا بل وكل الأطراف([40]).

وهذه الأمور من شأنها أن تجعل التحكيم هو الأداة التي يتم تفضيلها لدى التجار، فهو يحافظ على الأسرار الخاصة بهم بدلا من نشرها وتعرضها للمعرفة من قبل الآخرين. الأمر الذي يترتب عليه المحافظة على أهم شيء في العمل التجاري وهو السرية في التعاملات والسمعة التجارية ؛ ولهذا يتم الاعتماد على التحكيم لمحافظته على السرية الخاصة بالإجراءات المرتبطة بالمعاملات للدرجة التي يبقى فيها الملف الخاص بالخصومة – بشكل حصري –

على عكس الوضع في جلسات المحاكم تكون بشكل علني ويقوم القضاء بدور المساعد لخصوم التحكيم فتدخل قضاء الدولة عن طريق السلطة العامة التي من شأنها إلزام الخصوم بتنفيذ القرارات والأحكام التي تتصل بالمحكمين والأحكام الخاصة بهم([41]).

ج- الإجراءات البسيطة التي يعتمد عليها

من السمات التي يتمتع به التحكيم أنه بعيد كل البعد عن الصعوبة في الإجراءات بحيث يبعد عن الإجراءات الشكلية في التواصل فمن خلاله يتمتع الأطراف بالحرية التامة في عملية اختيار المحكمين ، حتى المحكم نفسه ليس من شأنه التقيد بأي نوع من الإجراءات التي من شأنها الاعتماد عليها إلا ما تم الاتفاق عليها بين الأطراف بشرط ألا يترتب عليها أن تخالف النظام العام في المعاملات فكل ما كان المحكم يتمتع بالحرية الخالية من القيود والإجراءات التي تتمتع بقدر كبير في الشكلية والتعقيد – يكون لديه المقدرة على أن يصل إلى عدد كبير من الحلول التفصيلية التي تطرح على الجانب الرضائي من قبل الأطراف([42]).

د- عدم المغالاة في المصروفات والنفقات

يتمتع التحكيم بقدرته على التقليل من النفقات، وذلك بخالف القضاء الرسمي الذي يتمتع بكثرة الرسوم والنفقات التي ترهق كاهل الطرفين في صورة رسوم وأتعاب متعلقة بالمحامين، بل والمترجمين والخبراء بل وتحتاج الأمور التي توجد في هذا القطاع من القوى البشرية والتجهيزات والتكاليف المالية بشكل كافٍ بالنظر إلى التحكيم الذي لا يحتاج إلى هذه المصاريف الكثيرة ، في حين أن هناك من له وجهة نظر في تكلفة التحكيم على أن مصاريفه أكثر مقارنة بالقضاء لا سيما إذا تعلق الأمر بخصوص التجارة الدولية والتي تكون بين جنسيات متنوعة ومختلفة يتم إقامتها في جهات ودول مختلفة، الأمر الذي يترتب عليه زيادة الأعباء الخاصة بمصاريف التحكيم بخصوص التنقلات والاجتماعات المتعلقة بهم وذلك في مكان محدد للقيام بالتواصل بينهم([43]) .

ثانياً: مميزات التحكيم التجاري الدولي

يعد التحكيم التجاري الدولي من الأدوات العملية الخاصة بحل خلافات التجارة الدولية، ومن خلال ما تم استعراضه من التعريفات الفقهية والقانونية السابقة يتضح أن التحكيم التجاري الدولي يتمتع بعدد من المميزات على هذا النحو :

أ- عنصر الدولية للتحكيم التجاري الدولي

للتفرقة بين التحكيم الدولي والتحكيم الداخلي اختلف الفقه فذهب البعض إلى أنه يتم الأخذ بفكرة القانون الواجب التطبيق على الإجراءات الخاصة بالتحكيم، بحيث إذا كان التحكيم داخليا يعتبر التحكيم وطنيا ، وإذا كان خارجيا يعتبر التحكيم دوليا.

وذهب البعض الآخر إلى أنه لكي نفرق بينهما يجب الأخذ بالمكان الخاص الذي يتم فيه التحكيم .

والغالب في الفقه هو الذي يعتمد على نوعية الخلاف وطبيعته، فيعد التحكيم دوليا في الحالة التي يتصل الخلاف فيها بالتحكيم في التجارة الدولية دونما أي اهتمام بالمكان الخاص بالتحكيم أو القانون الذي ينبغي تطبيقه على موضوع الخلاف أو حتى القانون الذي ينبغي تطبيقه على الإجراءات أو الجنسية التي تتصل بالأطراف أو المحكمين فيطلق على هذا المعيار بالمعيار الاقتصادي الذي يعني المعيار الذي يهتم بالمصالح المتعلقة بالتجارة الدولية([44]).

ب – عنصر الرضا للتحكيم التجاري الدولي

يتصف التحكيم التجاري الدولي بالصفة الرضائية ، فالأطراف الخاصة بالخلاف يتم من طرفهم التوجه للتحكيم بالإرادة الخاصة بهم باختيارهم الحر بدون ضغط أو إجبار ، ومن هنا فالتحكيم يقوم بالمحافظة على العلاقة بين الأطراف، فهو نظام يقوم على الإرادة الحرة بالأطراف ، بحيث يعتمدون في إنهاء المنازعات الخاصة بهم على عدد من القضاة بحريتهم معتمدين على الإرادة الخاصة بهم ، ومن هنا يتم سلب اختصاص القضاء الوطني للدول والقيام بربطه بجهات أخرى يقوم الأفراد المتعلقة بالنزاع باختيارها، فيكون لها – بناء على الاتفاق التحكيمي الذي تم إبرامه بين أطراف الخصومة – أن تنهي الخلاف بناء على القواعد الموضوعية والإجرائية التي يتم الاتفاق عليها فيكون الحكم النهائي الذي تم صدوره من الهيئة المتعلقة بالتحكيم بنفس القوة التي يحصل عليها المحكم القضائي، ويحصل على الحجية الخاصة بالشيء المقضي به فيلزم الأطراف المتعلقة بالخلاف([45]).

ج – عنصر التجارة للتحكيم التجاري الدولي

يعتبر التحكيم التجاري الدولي ما هو إلا نظام قانوني يهتم بالقضاء على الخلافات المتصلة بمصالح التجارة الدولية، ويكون الاعتماد على اتفاقية التحكيم التي يتم توقيعها بين أطراف الخلاف المتعلق بعقود التجارة الدولية التي تم عقدها بينهم ، وهذه المزية من شأنها التضييق من الميدان الخاص به أي من ميدان التحكيم ، ومن هنا ينتج عن ذلك استبعاد الخلافات المدنية والعمالية من ميدان التحكيم التجاري الدولي، فعلى سبيل المثال :

فإذا شب خلاف حول علاقة قانونية تتصف بالطابع الاقتصادية ولاسيما إذا ارتبط بمصالح التجارة الدولية فيشتمل هذا الخلاف على توريد سلع أو خدمات أو على وكالات تجارية أو على استثمار وغير ذلك من أمور التجارة فيدخل تحت دائرة التحكيم ([46]) .

أولا : النتائج

  1. إن تنفيذ العقد التجاري الدولي يتوقف على الوفاء بالالتزامات المترتبة عليه من قبل الأطراف بشكل كامل .
  2. لا يترتب على وقف تنفيذ الالتزامات الأساسية في العقد بشكل عام وعقود التجارية الدولية بشكل خاص – تأجيل تنفيذ الالتزامات الخاصة بالمدين الذي تم تأثره بعائق التنفيذ بل يتم أيضا وقف تنفيذ الالتزامات الخاصة بالطرف الآخر.
  3. إنه يتم الأخذ بمبدأ سلطان الإرادة من خلال الاتفاقات الدولية التي تنظم العلاقات الدولية صراحة أو ضمنا.
  4. أن القوة القاهرة ما هي إلا حدث ينبغي أن تتوفر فيه مجموعة من الشروط التي ينتج عنها استحالة مطلقة في التنفيذ، وهذا ما يسمى بالمفهوم التقليدي للقوة القاهرة.
  5. إن طبيعة العقود الدولية جعلتها تتمتع بخصوصية في التوسع في مفهوم القوة القاهرة.
  6. يتأثر العقد بالأوضاع التي تحيط به؛ فمن الممكن أن يطرأ ظروف بعد إبرام العقد تمنع من تنفيذ هذا العقد.
  7. النطاق الخاص بعملية إعادة التفويض هو الأحداث التي يحتوي عليها هذا الشرط ، فيتم مواجهة ما ينتج عنها من تأثير على العقد.
  8. إذا كان الغرض من اتفاق التحكيم هو الالتجاء إلى التحكيم لتسوية النزاع كله وليس تعليق نظر القضاء للخصومة حتى تقوم الهيئة الخاصة بالتحكيم بالفصل في النزاع – فالفترة المقررة لعدم سماع الدعوى تنقطع من خلال قيام الدائن بأي عمل يعمله حتى يتمسك بالحق الخاص به.

ثانياً: المقترحات

  1. نقترح أن النص الصريح في العقد أو الاتفاق الذي تم بين أطراف العقد يكون ملزما للأطراف بدلا من البحث عن توافر شروة القوة القاهرة.
  2. نقترح أن يحتوي العقد التجاري الدولي على شرط إعادة النظر في شروط فسخ العقد وتوقف تنفيذه بشكل واسع حتى لا يقف فسخ العقد وتوقف تنفيذه عائقا أمام التجارة الدولية.

قائمة المراجع:

. رمضان أبو السعود، مصادر الالتزام ، ط1، دار الجامعة الجديدة، مصر ، 2007م

بلال عبد المطلب بدوي ، مبدأ حسن النية في مرحلة المفاوضات قبل العقدية في عقود التجارة الدولية، رسالة دكتوراه ، كلية الحقوق ، جامعة عين شمس، مصر ، 2001

جاد الله عبد الحفيظ عوض ، مجموعة قرارات غرفة التجارة الدولية ، باريس ، المجموعة الأولى ، بنغازي ، ليبيا ، 1998

جمال محمود عبد العزيز ، الالتزام بالمطابقة في عقد البيع الدولي ، رسالة دكتوراه ، كلية الحقوق ، جامعة القاهرة ، مصر، 1996

جميل الشرقاوي ، صعوبات تنفيذ العقود الدولية ، بحث مقدم إلى مؤتمر الأنظمة التعاقدية للقانون المدني ومقتضيات التجارة الدولية ، معهد قانون الأعمال الدولي ، القاهرة ، 1993

حسام الدين عبد الغني الصغير ، تفسير اتفاقية الأمم المتحدة بشأن عقود البيع الدولي للبضائع ، ط1، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2001

حسب الرسول الشيخ الفزاري ، أثر الظروف الطارئة على الالتزام العقدي ، أطروحة دكتوراه ، كلية الحقوق ، جامعة القاهرة ، مصر، 1979

حفيظة السيد حداد ، الموجز في النظرية العامة في التحكيم التجاري الدولي ، ط1 ، منشورات الحلبي الحقوقية ، لبنان ، 2004م

حمد لبيب شنب ، المسؤولية عن الاشياء ، دراسة في القانون المدني المصري مقارناً بالقانون المدني الفرنسي ، ط1 ، القاهرة ، 1957،

حمد محمد شريف ، مصادر الالتزام في القانون المدني، بدون طبعة ، دار الثقافة للنشر ، الأردن، 1999م

سلامة فارس عرب ، وسائل معالجة اختلال توازن العلاقات العقدية في قانون التجارة الدولية ، أطروحة دكتوراه ، كلية الحقوق ، جامعة القاهرة ، مصر ، 1988.

شريف محمد غنام ، أثر تغير الظروف في عقود التجارة الدولية ، أطروحة دكتوراه ، كلية الحقوق ، جامعة القاهرة، مصر، 2002

عادل جبري محمد حبيب ، المفهوم القانوني لرابطة السببية وانعكاساته في توزيع عبء المسؤولية المدنية ، دراسة مقارنة ، ط1، دار الفكر الجامعي ، الإسكندرية ، 2003،

عبد الحكم فودة ، آثار القوة القاهرة على الأعمال القانونية ، ط1، منشأة المعارف ، الإسكندرية ، 1990م

عبد الحكم فودة ، أثر الظروف الطارئة والقوة القاهرة على الأعمال القانونية ، ط1 ، منشأة المعارف ، الإسكندرية ، 1998

عبد الحليم عبد اللطيف القوني ، مبدأ حسن النية وأثره في التصرفات القانونية ، دراسة مقارنة ، ط1، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1997،

عبد الوهاب على بن سعد الرومي ، الاستحالة وأثرها على الالتزام العقدي، رسالة دكتوراه، جامعة القاهره، مصر ،1994

عدنان بن صالح العمر، عماريين، الأصول القانونية للتجارة الدولية ، ط1 ، دار الثقافة ، عمان، 2017م

علاء أباريان، الوسائل البديلة لحل المنازعات التجارية، ط1، منشورات الحلبي الحقوقية، لبنان، 2008

علي فيلالي ، الالتزامات النظرية العامة للعقد ، بدون طبعة ، موقم للنشر ، الجزائر، 2008م

محسن شفيق ، عقد تسليم مفتاح ، نموذج من عقود التنمية، ط1 ، محاضرات ألقيت على طلبة الدراسات العليا ، كلية الحقوق ، جامعة القاهرة ، مصر ، 1982-1983،

محمد شتا أبو السعد ، مفهوم القوة القاهرة ، مجلة مصر المعاصرة ، العددان 393-394، القاهرة ، 1983،

موكة عبد الكريم، تأثير الظروف على استقرار الثمن في عقود التجارة الدولية، أطروحة لنيل درجة دكتوراه في العلوم تخصص القانون، كلية الحقوق والعلوم السياسية، 2016م،

ناجي عبد المؤمن، عقود التجارة الدولية طويلة المدة ، حدود مبدأ القوة الملزمة للعقد ، ط1، دروس ألقيت على طلبة الدراسات العليا ، كلية الحقوق ، جامعة عين شمس ، مصر ، 1994

نرمين محمد محمود الصبح ، مبدأ العقد شريعة المتعاقدين والقيود التي ترد عليه في قانون التجارة الدولية ، ط1 ، أطروحة دكتوراه ، كلية الحقوق ، مصر ، 2003

نرمين محمد محمود الصبح ، مبدأ العقد شريعة المتعاقدين والقيود التي ترد عليه في قانون التجارة الدولية ، ط1 ، أطروحة دكتوراه ، كلية الحقوق ، مصر ، 2003

هشام، خالد، أوليات التحكيم التجاري الدولي، ط1، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2004

Margins:

  1. () الفقرة الأولى من المادة 1218 من القانون المدني المعدل بموجب المرسوم بقانون رقم 131 / 2016م من القانون الفرنسي.

  2. ()ناجي عبد المؤمن، عقود التجارة الدولية طويلة المدة ، حدود مبدأ القوة الملزمة للعقد ، ط1، دروس ألقيت على طلبة الدراسات العليا ، كلية الحقوق ، جامعة عين شمس ، مصر ، 1994، ص97.

  3. ()سلامة فارس عرب ، وسائل معالجة اختلال توازن العلاقات العقدية في قانون التجارة الدولية ، أطروحة دكتوراه ، كلية الحقوق ، جامعة القاهرة ، مصر ، 1988. ، ص405.

  4. ()محمد لبيب شنب ، المسؤولية عن الاشياء ، دراسة في القانون المدني المصري مقارناً بالقانون المدني الفرنسي ، ط1 ، القاهرة ، 1957، ص175.

  5. () شريف محمد غنام ، أثر تغير الظروف في عقود التجارة الدولية ، أطروحة دكتوراه ، كلية الحقوق ، جامعة القاهرة، مصر، 2002 ، ص269 ، بدوي ، بلال عبد المطلب ، مبدأ حسن النية في مرحلة المفاوضات قبل العقدية في عقود التجارة الدولية، رسالة دكتوراه ، كلية الحقوق ، جامعة عين شمس، مصر ، 2001 ، ص97.

  6. () محمد شتا أبو السعد ، مفهوم القوة القاهرة ، مجلة مصر المعاصرة ، العددان 393-394، القاهرة ، 1983، ص191.

  7. () قرار التحكيم الصادر في القضية رقم 214 لسنة 1974 ، منشور في مجموعة أحكام مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي ، القاهرة ، 2002، ص122.

  8. ()محسن شفيق ، عقد تسليم مفتاح ، نموذج من عقود التنمية، ط1 ، محاضرات ألقيت على طلبة الدراسات العليا ، كلية الحقوق ، جامعة القاهرة ، مصر ، 1982-1983، ص89.

  9. () المادة (6-2-2) في الفقرة (ب) تنص على الآتي: في الحالة التي لم يستطع الطرف المضرور أن ياخذ في حسبانه مثل هذه الاحداث وقت إبرام العقد.

  10. ()جاد الله عبد الحفيظ عوض ، مجموعة قرارات غرفة التجارة الدولية ، باريس ، المجموعة الأولى ، بنغازي ، ليبيا ، 1998 ، ص 145.

  11. ()جاد الله عبد الحفيظ عوض ، مجموعة قرارات غرفة التجارة الدولية ، مرجع سابق ،ص 146.

  12. ()حمزة أحمد حداد ، العقود النموذجية في قانون التجارة الدولية ، مرجع سابق ، ص380 .

  13. ()عبد الحكم فودة ، أثر الظروف الطارئة والقوة القاهرة على الأعمال القانونية ، ط1 ، منشأة المعارف ، الإسكندرية ، 1998 ، ص256 ، عادل جبري محمد حبيب ، المفهوم القانوني لرابطة السببية وانعكاساته في توزيع عبء المسؤولية المدنية ، دراسة مقارنة ، ط1، دار الفكر الجامعي ، الإسكندرية ، 2003، ص397.

  14. ()حسب الرسول الشيخ الفزاري ، أثر الظروف الطارئة على الالتزام العقدي ، أطروحة دكتوراه ، كلية الحقوق ، جامعة القاهرة ، مصر، 1979 ، ص340 ، الرومي، عبد الوهاب على بن سعد ، الاستحالة وأثرها على الالتزام العقدي، رسالة دكتوراه، جامعة القاهره، مصر ،1994 ، ص327 .

  15. ()عبد الحليم عبد اللطيف القوني ، مبدأ حسن النية وأثره في التصرفات القانونية ، دراسة مقارنة ، ط1، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1997، ص198.

  16. ()جمال محمود عبد العزيز ، الالتزام بالمطابقة في عقد البيع الدولي ، رسالة دكتوراه ، كلية الحقوق ، جامعة القاهرة ، مصر، 1996 ، ص348.

  17. ()حسين عامر ، القوة الملزمة للعقد ، ط1 ، مطبعة مصر ، القاهرة ، 1949، 1/160 .

  18. () انظر: نرمين محمد محمود الصبح ، مبدأ العقد شريعة المتعاقدين والقيود التي ترد عليه في قانون التجارة الدولية ، ط1 ، أطروحة دكتوراه ، كلية الحقوق ، مصر ، 2003 ، ص268، ناجي عبد المؤمن ، عقود التجارة الدولية طويلة المدة ، مرجع سابق ، ص115، عادل محمد خير ، عقود البيع الدولي للبضائع من خلال اتفاقية فيينا ، مرجع سابق ، ص147.

  19. () المادة (146/2) من القانون المدني العراقي،

  20. () مبادئ العقود التجارية الدولية ، مكتب الشلقاني ، مرجع سابق ، ص165.

  21. ()حسام الدين عبد الغني الصغير ، تفسير اتفاقية الأمم المتحدة بشأن عقود البيع الدولي للبضائع ، ط1، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2001 ، ص125.

  22. ()شريف محمد غنام ، أثر تغير الظروف في عقود التجارة الدولية، مرجع سابق ، ص157.

  23. ()حسام الدين عبد الغني الصغير ، تفسير اتفاقية الأمم المتحدة بشأن عقود البيع الدولي للبضائع، مرجع سابق ، ص128 ، شريف محمد، مرجع سابق ، ص161.

  24. ()محمد شتا أبو السعد، المبادئ القضائية في التحكيم التجاري الدولي ، مرجع سابق ، ص64، عادل محمد خير ، عقود البيع الدولي للبضائع من خلال اتفاقية فيينا، مرجع سابق ، ص134.

  25. ()عبد الحكم فودة ، آثار القوة القاهرة على الأعمال القانونية ، ط1، منشأة المعارف ، الإسكندرية ، 1990م ، ص 169. علي فيلالي ، الالتزامات النظرية العامة للعقد ، بدون طبعة ، موقم للنشر ، الجزائر، 2008م ، ص 439. أحمد محمد شريف ، مصادر الالتزام في القانون المدني، بدون طبعة ، دار الثقافة للنشر ، الأردن، 1999م ، ص 170 ، ص 319. رمضان أبو السعود، مصادر الالتزام ، ط1، دار الجامعة الجديدة، مصر ، 2007م ، ص 300. المادة 79 من اتفاقية فيينا خاصة بالبيع الدولي للبضائع لسنة1980م ، والمادة 74 من اتفاقية لاهاي لعام 1964م

  26. () المادة 79 من اتفاقية فيينا 1980م

  27. () محمد غنام، أثر تغير الظروف في عقود التجارة الدولية مرجع سابق، ص 346 .

  28. () محمد غنام، أثر تغير الظروف في عقود التجارة الدولية مرجع سابق، ص 347 .

  29. () المادة 79 اتفاقية الأمم المتحدة للبيع الدولي لسنة 1980. والمادة 7 من غرفة التجارة الدولية.

  30. () موكة عبد الكريم، تأثير الظروف على استقرار الثمن في عقود التجارة الدولية، أطروحة لنيل درجة دكتوراه في العلوم تخصص القانون، كلية الحقوق والعلوم السياسية، 2016م، ص. 328 .

  31. ()نرمين محمد محمود الصبح ، مبدأ العقد شريعة المتعاقدين والقيود التي ترد عليه في قانون التجارة الدولية ، ط1 ، أطروحة دكتوراه ، كلية الحقوق ، مصر ، 2003 ، ص 553 .

  32. ()عدنان بن صالح العمر، عماريين، الأصول القانونية للتجارة الدولية ، ط1 ، دار الثقافة ، عمان، 2017م ، ص 169.

  33. ()هشام، خالد، أوليات التحكيم التجاري الدولي، ط1، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2004، ص 31.

  34. ()هشام خالد، أوليات التحكيم التجاري الدولي ، مرجع سابق، ص 44.

  35. ()حفيظة السيد حداد ، الموجز في النظرية العامة في التحكيم التجاري الدولي ، ط1 ، منشورات الحلبي الحقوقية ، لبنان ، 2004م ، ص 40.

  36. ()عمر سعد عبد الله ، قانون التجارة الدولية، ط3 ، دار هومة ، الجزائر، 2016م ، ص48.

  37. ()هشام البخفاوي ، الوسائل البديلة التقليدية والمستحدثة لحل النزاعات التجارية مرجع سابق، ص 378 .

  38. ()عدنان بن صالح العمر ، عماريين ، مرجع سابق، ص 171 .

  39. ()هشام البخفاوي ، الوسائل البديلة التقليدية والمستحدثة لحل النزاعات التجارية مرجع سابق، ص 379

  40. ()علاء أباريان، الوسائل البديلة لحل المنازعات التجارية، ط1، منشورات الحلبي الحقوقية، لبنان، 2008 ، ص 40.

  41. ()هشام البخفاوي ، الوسائل البديلة التقليدية والمستحدثة لحل النزاعات التجارية مرجع سابق، ص 379 ، 380 .

  42. ()هشام البخفاوي ، الوسائل البديلة التقليدية والمستحدثة لحل النزاعات التجارية مرجع سابق، ص 379.

  43. () المرجع أعلاه، ص 380.

  44. ()هشام البخفاوي ، الوسائل البديلة التقليدية والمستحدثة لحل النزاعات التجارية، مجلة صوت القانون، العدد: 8 ، جامعة ابن زهر أكادير، المملكة المغربية، 2017 ، ص 383 .

  45. ()عدنان بن صالح العمر ، ، عماريين ، الأصول القانونية للتجارة الدولية مرجع سابق، ص 177.

  46. ()عدنان بن صالح العمر ، عماريين ، الأصول القانونية للتجارة الدولية مرجع سابق ، ص 176 .