الصراعات الاثنية في افريقيا: سيراليون انموذجاً
Ethnic Conflicts in Africa: Sierra Leone as a Model
م.م بدر داخل بديوي1، م.م صلاح كريم فقير2
1 جامعة الكوفة، مركز دراسات الكوفة، العراق. بريد الكتروني:baderd.alabdeli@uokufa.edu.iq
2 جامعة الكوفة/ كلية الآداب، العراق. بريد الكتروني: salahk.mashhadi@uokufa.edu.iq
DOI: https://doi.org/10.53796/hnsj62/24
المعرف العلمي العربي للأبحاث: https://arsri.org/10000/62/24
الصفحات: 313 - 334
تاريخ الاستقبال: 2025-01-04 | تاريخ القبول: 2025-01-15 | تاريخ النشر: 2025-02-01
المستخلص: يعد الصراع في سيراليون واحداً من أكثر النزاعات الأهلية دموية وتعقيداً في القارة الإفريقية خلال العقود الأخيرة، هذا الصراع لم يكن مجرد حرب داخلية بين أطراف متصارعة، بل كان انعكاساً لتشابك عوامل محلية وإقليمية ودولية، أسهمت جميعها في خلق بيئة من عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي، وقد تميز الصراع بوحشيته وآثاره الكارثية على المدنيين، مما جعله محور اهتمام الباحثين لفهم أسبابه ودوافعه وآثاره الممتدة. ارتبط هذا النزاع بشكل وثيق بثروات سيراليون الطبيعية، وخاصة تجارة الألماس، التي تحولت من مصدر لتعزيز الاقتصاد إلى أداة لتمويل الحرب واستدامة العنف، ومع ذلك فإن الألماس لم يكن العامل الوحيد في الصراع، فقد لعبت قضايا الفقر المزمن، والفساد المؤسسي، وغياب العدالة الاجتماعية، دوراً أساسياً في إذكاء جذوة الحرب وتأجيجها. يسعى هذا البحث إلى تقديم تحليل شامل للصراع في سيراليون، من خلال دراسة جذوره التاريخية وأبعاده الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، كما يركز على دور الأطراف الفاعلة المختلفة، سواء كانت داخلية مثل الحركات المتمردة والحكومة، أو خارجية مثل الأمم المتحدة والقوى الإقليمية، بالإضافة إلى ذلك، يناقش البحث تأثير الحرب على المجتمع الداخلي، مع إيلاء اهتمام خاص لآليات المصالحة وإعادة الإعمار بعد انتهاء الصراع.
الكلمات المفتاحية: مفهوم الصراع، القارة الافريقية، سيراليون.
Abstract: The conflict in Sierra Leone is one of the bloodiest and most complex civil conflicts in the African continent in recent decades. This conflict was not just an internal war between conflicting parties, but rather a reflection of the intertwining of local, regional and international factors, all of which contributed to creating an environment of political and social instability. The conflict was characterized by its brutality and disastrous effects on civilians, which made it the focus of researchers to understand its causes, motives and extended effects. This conflict was closely linked to Sierra Leone’s natural resources, especially the diamond trade, which transformed from a source of economic support to a tool for financing war and sustaining violence. However, diamonds were not the only factor in the conflict, as issues of chronic poverty, institutional corruption and the absence of social justice played a fundamental role in fueling and escalating the war. This research seeks to provide a comprehensive analysis of the conflict in Sierra Leone, by examining its historical roots and its economic, political and social dimensions. It also focuses on the role of different actors, whether internal such as rebel movements and the government, or external such as the United Nations and regional powers. In addition, the research discusses the impact of the war on the internal society, with special attention to the mechanisms of reconciliation and reconstruction.
Keywords: The concept of conflict, the African continent, Sierra Leone.
مقدمة البحث:ــ
تتميز إفريقيا بأنها قارة فريدة مليئة بالمفارقات المتناقضة، حيث تعرف بقارة التنوع والتعددية سواء على المستوى البشري أو الطبيعة والموارد، على الرغم من أنها قارة مليئة بالثروات غير المستغلة، إلا أنها تشهد أعلى معدلات فقر في العالم، وعلى الرغم من أن التنوع والتعددية هي ما ميزها بين قارات العالم الأخرى، إلا أنها أصبحت ذات السبب لاندلاع الصراعات والاضطرابات فيها بسبب عجز الحكومات عن إدارته وتباين وجهة نظر الدول الأفريقية حول الواقع التعددي من حيث قبولها إياه وإضفاء الشرعية عليه، أو من حيث رفضه وعدم الاعتراف به كحقيقة يتميز بها المجتمع ومحاولتها تجاوزه وبسط هيمنتها عليه .
تختلف أشكال الصراع وأسبابه من بلد لآخر، ولكن في العديد من البلدان التي شهدت صراعات لعبت الموارد دورًا مهمًا في تأجيج الصراع وإثارته. فسيراليون من الدول التي تنعم بالموارد الطبيعية وخاصة الماس في الجنوب والشرق، ولكن للأسف كانت هذه الثروة سببًا في نشوب الصراعات والنزاعات الداخلية من جهة والأطماع الخارجية من جهة أخرى، وفي هذه الحالات، ليس من غير المألوف بالنسبة للنخب أو تكتلات القوى المتنافسة ان تختلف فيما بينها على السيطرة على الموارد الثمينة، ما يؤدي غالبا إلى نزاعات وصراعات أهلية مطولة ودموية، وفي الواقع توصل الباحثون في البنك الدولي أن الدول ذات الموارد الهامة والقابلة للنهب كالماس الخشب، والنحاس ….الخ، يزيد من احتمال ان تشهد صراعات أربعة اضعاف الدول التي ليس فيها سلع أولية، وفي هذا البحث نتعرف على الصراعات الداخلية في سيراليون من حيث أسبابها وطرق تسويتها.
أهمية البحث:ــ
يكتسب موضوع الصراعات الاثنية في افريقيا أهمية بالغة على المستويين العملي والعلمي، وذلك بسبب تزايد اعداد النزاعات الاثنية بعد نهاية الحرب الباردة بشكل لافت للنظر داخل عدد كبير من الدول الافريقية ذات التعددية الاثنية، ومالها من تأثير كبير على وحدة الدول الافريقية وعلى امنها الداخلي والإقليمي والدولي، إضافة الى صعوبة إيجاد حل لهذه النزاعات بالطرق السلمية .
إشكالية البحث:ــ
تكمن الإشكالية في السؤال التالي: ما طبيعة الصراعات الأهلية في سيراليون؟ ويتفرع هذا السؤال الى عدة فروع منها:
1ـ ما هو مفهوم الصراع وعلاقته بالمفاهيم الأخرى؟
2ـ ما عوامل نشوء الصراعات الداخلية في سيراليون؟
3ـ ما الجهات المؤثرة في الصراعات الداخلية في سيراليون؟
4ـ ما الجهود المحلية والإقليمية والدولية المبذولة لتسويتها؟
فرضية البحث:ــ
بني هذا البحث على فرضية مفادها: ان الحرب الاهلية في سيراليون تعد نموذجاً معقداً للصراعات الداخلية في افريقيا لكونها ترتبط بأزمات لها علاقة بالأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي أصابها العجز والخلل في أدائها الوظيفي ومالها من تأثير في علاقات سيراليون الخارجية.
المنهج المتبع في البحث:ــ
لتغطية البحث بصورة كاملة تم الاعتماد على:
1ـ المنهج التاريخي: لمعرفة الجذور التاريخية للصراعات الاثنية في سيراليون.
2ـ المنهج الوصفي التحليلي: لوصف احداث الصراع ومجرياته ثم تحليلها لمعرفة طرق تسويتها.
هيكلية البحث:ــ
تنقسم هيكلية البحث الى ثلاثة فصول رئيسية، الفصل الأول يتناول ماهية الصراعات الاثنية وينقسم الى مبحثين، ويهتم الفصل الثاني بمعرفة الواقع الجغرافي لدولة سيراليون ومعرفة الجذور التاريخية للأزمات الداخلية في البلاد، ويهتم الأخير بمعرفة طبيعة الصراعات الداخلية ومعرفة أسبابها ومجرياتها وطرق تسويتها.
الفصل الأول
ماهيــــــــة الصراعات الأثنيــــــــة
تم تقسيم الفصل الى مبحثين، اهتم المبحث الأول بتوضيح مفهوم الصراع بصورة عامة وعلاقته بالمفاهيم المشابهة، واهتم الثاني بتوضيح مفهوم الاثنية والجماعات والاثنية والصراعات الاثنية وكما يأتي:
المبحث الأول
مفهوم الصراع وعلاقته بالمفاهيم الأخرى
يعتبر مفهوم الصراع من أهم المفاهيم التي دار حولها قدر كبير من الجدل، ومن أهم ما تناوله العلماء والمفكرون والباحثون في هذا المجال هو المفهوم الذي تبناه العالم يوهان غالنونغ والذي عرف الصراع بأنه “حالة من التناقض بين أهداف الدول أو بين قيم الفاعلين في النظام الاجتماعي ويتم ذلك في إطار مفاهيم ومعتقدات كل طرف” ([1])، في حين يذهب كوينسي رايت إلى أن الصراع يشير أحيانًا إلى التضارب أو التناقض في المبادئ أو المفاهيم أو العواطف أو الأهداف أو المطالبات بالكيانات أو الهوية، ويشير أحيانًا إلى عملية تسوية هذه التناقضات، أما عالم الاجتماع الأمريكي لويس كوزر فقد عرف الصراع كظاهرة اجتماعية على أنه “حالة من المجابهة ترتبط بالقيم والسعي وراء المطالب النادرة والمميزة مثل القوة والموارد، وتتحد أهداف أطراف النزاع إما في تحييد الخصم أو إيذائه أو القضاء عليه “، والملاحظ ان الادبيات الغربية تذهب الى ان مفهوم الصراع هو “عملية تفاعل بین طرفین او اكثر، للتحكم والسيطرة او توجيه نتائج عملية التفاعل بما يحقق المصالح أو الاهداف المرجوة لأطراف الصراع او على الاقل حجم الاضرار او الخسائر التي تنجم عن عملية التفاعل (الصراع) بين الاطراف المتنازعة” ([2]).
ان الصراع بهذا المعنى يتكون من ثلاثة عناصر وهي: التحرك والخلافات والمحركين، فاذا تم دمج هذه العناصر الثلاثة فسيعرف الصراع على انه: “وضع اجتماعي يكافح فيه مالا يقل عن اثنين من المحركين او الاطراف للحصول على مجموعة متوفرة من الموارد المحدودة في اللحظة نفسها في فترة زمنية معينة”، اذا ظاهرة الصراع الدولي تعكس حالة من تعارض المصالح أو اختلاف القيم بين مجموعة بشرية وأخرى، فالصراع هو نمط من أنماط العلاقات الدولية، وان الصراع الدولي هو الصراع الذي يتعدى حدود الدولة، ويعرفه الدكتور اسماعيل صبري مقلد بأنه ” تنازع الإرادات الوطنية، وهو التنازع الناتج عن الاختلاف في دوافع الدول وفي تصوراتها وأهدافها وتطلعاتها وفي مواردها وإمكاناتها، مما يؤدي في التحليل الأخير إلى اتخاذ قرارات أو انتهاج سياسات خارجية تختلف أكثر مما تتفق، ولكن برغم ذلك يظل الصراع بكل توتراته وضغوطه دون نقطة الحرب المسلحة” ([3]).
ومن الملاحظ ان هناك خلط كبير بين مفهوم الصراع وغيره من المفاهيم الأخرى، لذا من الأهمية بمكان توضيح هذه المفاهيم لكي نميزها عن مفهوم الصراع ومن أهم هذه المفاهيم ما يأتي ([4]):ــ
1ـ النزاع:ــ يقصد بالنزاع “خلاف بين دولتين على مسألة قانونية او حادث معين او بسبب تعارض وجهات نظرهما القانونية أو مصالحهما”، كما عرفته محكمة العدل الدولية بأنه “خلافات وادعاءات بين دولتين او اكثر بشأن مسألة قانونية تعكس وتعارض وجهات النظر او تناقض المصالح والمنافع”، ومن الجدير بالذكر ان الفقه القانوني يميز بين فئتين أساسيتين من النزاعات وهي النزاعات ذات الطابع القانوني وهي التي يكون فيها الطرفان على خلاف حول تطبيق الأوضاع القائمة أو تفسير احكامها والتي يمكن حلها بالاستناد الى القواعد القانونية المعروفة، اما القسم الثاني فهي النزاعات ذات الطابع السياسي والناشئة عن طلب احد الطرفين تعديل الأوضاع القائمة مثل النزاع الألماني البولوني عام 1939 حول دانتزيغ، وعليه فأن النزاعات يتم تسويتها بالطرق القانونية، اما اذا لم يستجب اطراف النزاع للطرق القانونية عندها يتحول الامر الى صراع، وهذا يعني ان النزاع هو مرحلة سابقة للصراع .
2ـ الأزمة:ــ عرف ماكيلاند الازمات الدولية بانها “عبارة عن تفجيرات قصيرة تتميز بكثرة وكثافة الاحداث فيها”، ويذهب نورث الى ان “الازمة الدولية هي عبارة عن تصعيد حاد للفعل ورد الفعل، أي هي عملية انشقاق تحدث تغييرات في مستوى الفعالية بين الدول وتؤدي إلى إذكاء درجة التهديد والإكراه”، ويشير نورث الى ان الازمات غالبا ما تسبق الحروب ولكن لا تؤدي كلها الى الحروب اذ تسوى سلميا او تجمد او تهدا، ومن الملاحظ أن مفهوم الازمة يقترب من مفهوم الصراع باعتبار أن بعض الازمات تعبر عن تصارع ارادتين وتضاد مصالحهما، الا ان الصراع قد يكون معروف ابعاده واتجاهاته واطرافه واهدافه في حين تكون مثل هذه المعلومات مجهولة في حالة الازمة، ومن سمات الصراع استمرارية تواجد العلاقة الصراعية وهو أمر يختلف عن الأزمة في انتهائها بإفراز نتائجها أو الحيلولة بينها وبين نتائجها وذلك بانتهائها، لذا الإنهاء صفة ملاصقة للأزمة .
3ـ الحرب:ــ تعرف الحرب بأنها “أعمال عنف مسلح بين دولتين أو أكثر من الدول ذات السيادة، وتعرف بأنها أكثر أشكال النزاع عنفًا وأكثرها وضوحًا وسفورا”، توصف الحرب بأنها حالة قانونية مما يعني أن القانون يقر عند اندلاع الحرب أن هناك أنواعًا معينة من السلوك تصبح مقبولة، كما يقع على الأطراف المتحاربة الالتزام باحترام قواعد القانون الدولي التي تنظم العلاقات بين الدول في حالة الحرب، وبعد اندلاع الحرب بين طرفي النزاع يعد مؤشرًا واضحًا على فشل جميع الوسائل الأخرى في التوصل الى حل الصراع، من الملاحظ أن مفهوم الصراع الدولي هو أكثر شمولية من مفهوم الحرب من حيث النطاق وأكثر تعقيدًا من حيث الطبيعة والأبعاد، فالحرب عندما تبدأ تصبح خيارات أطرافها محدودة اما النصر او الهزيمة، اما في حالة الصراع التي تسبق الحرب تكون هناك خيارات أوسع لإدارة الصراع واحتفاظ اطراف الصراع بالمقدرة النسبية على الاختيار بين البدائل المتاحة امامها، ومع ذلك من المهم معرفة أن الصراع لا يعني دائمًا الحرب في حين أن جميع الحروب هي حالة صراع .
المبحث الثاني
مفهوم الصراعات الاثنية
الاثنية هي كلمة مشتقة من الأصل اليوناني Ethnos))، في العصور الوسطى، كان المصطلح يُستخدم في اللغات الأوروبية للإشارة إلى الأشخاص الذين لم يكونوا مسيحيين ولا يهودًا، ولكن في العصر الحديث أصبح يُستخدم في العلوم الاجتماعية للإشارة إلى مجموعة من الأشخاص الذين يشتركون في جميع الخصائص، بما في ذلك العادات والتقاليد واللغة والدين وغيرها من الأصول والخصائص الفيزيائية والجسمانية ([5]).
تشير الكثير من الدراسات الى أن جورج مونتوندون هو أول مـن اسـتعمل مصطلح الاثنيـة، واعتبرها تجمعـا طبيعيا يتضمن كل الخصائص الإنسانية وقد ميز بيها وبين القوميـة ليأتي بعده ليـود واغنير الذي عمل على تطوير المصطلح عام ١٩٤١، ووفقا للموسوعة الأمريكية فتعرف الاثنية وفقًا لهذا المفهوم، لا يشترط أن تكون الإثنية أقلية أو أغلبية، بل تتميز بخصائص محددة. من جهة أخرى، يرى شيرميرهورن أن العرق هو “مجموعة من الأفراد الذين يعيشون ضمن مجتمع أكبر، ويشتركون في أصل مشترك (نسب واحد)، وتاريخ وذاكرة وثقافة متقاربة، ويتركزون حول عنصر أو أكثر من العناصر الرمزية للثقافة التي تعزز شعورهم بالانتماء، مثل القرابة، الجوار، اللغة، اللهجات المختلفة، الانتماء القبلي أو الديني، أو مزيج من هذه العناصر”، في حين تحدث البريطاني أنتوني سميث في كتابه “الصحوة الاثنية”، على أن الاثنية المسيسة ظاهرة وطنية مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بقبول الأيديولوجيات القومية في العالم الحديث، ومرتبطة بنمو الحركات القومية الواعية لذاتها، فهذا النوع من الاثنية يهدف اما الى الانفصال أو الحكم الذاتي أو المطالبة بتحسين أوضاعها العامة في إطار الدولة وشرعيتها، فكثير من الوحدات الاثنية القائمة على العرق والدين والانتماء القبلي بدأت في تقوية علاقاتها الداخلية لتأكيد وجودها، بما يؤثر على قرارات الحكومات في حالات معينة ([6]).
كما استخدام مصطلح الجماعة الاثنية يشير إلى مجموعة اجتماعية أو فئة من الأفراد ضمن مجتمع أكبر، حيث يجمعهم روابط مشتركة تتعلق بالعرق واللغة والروابط القومية والثقافية ما يؤدي إلى الشعور بالولاء والانتماء لهذه الجماعة للحفاظ على حياتهم وهويتهم من جيل إلى اخر، وتطرح هذه الجماعات عادة مطالب تتعلق بقضايا وأبعاد النظام السياسي والمجتمع الذي يعمل فيه بدءاً من هوية الدولة ووحدتها إلى القرارات ذات الصلة بالحياة اليومية لأفراد المجتمع مرورا بالمؤسسات القائمة والسياسات المتبعة، إذ غالبا ما تكون هذه الجماعات اكثر تعايشاً رغم اختلاف اللغة والدين والعادات والمقدسات، وقد أكدت الأمم المتحدة على الحاجة إلى تعزيز وحماية حقوق الأشخاص المنتمين إلى أقليات قومية أو اثنية، أو إلى أقليات دينية ولغويـة بما يسهم في الاستقرار السياسي والاجتماعي للدول التي يعيشون فيها، الا أن حـالات الإنكـار وعـدم الاعتراف بهذه الجماعات وتجاهـل مطالبهـا والتضييق عليها من قبل الأنظمة السياسية، دفعتها إلى المطالبة بتشكيل كيان مستقل سياسيا في صورة دولة مستقلة، أو السعي للانفصال والانضمام لدولة أخرى، ترى فيها الجماعة الاثنيـة أنها الأقـدر في التعبير عن هويتها وتحقيق مصالحها وأكثر انصافا لها على الصعيد المادي، وهي الحالة التي تعتمد فيها المجموعة الاثنية على المظاهرات والاضطرابات وصـولا للعنف المسلح والوسائل غيـر المشـروعة، فتتحول إلى نزاع اثني يأخذ منحى عنيف سواء بين جماعة وأخرى، أو بين الجماعة الاثنيـة والنظـام لـغـرض الاعتراف بـهـا وبحقوقها، على نحـو يـؤدي فـي النهـايـة إلـى انفراط عقد وحدة البلاد وأمنها المجتمعي ([7]).
بناءً على ذلك يمكن تعريف الصراعات الاثنية بأنها عبارة عن تصادم بين الجماعات الاثنية او بين الجماعة والنظام حول قضية او هي القضايا التي تسعى فيها كل قسم الى تبديل الوضع الحالي، يعتبر جيمس فيرون وديفيد رابت، في دراستهما حول الصراع الأفريقي عام 1979، أن الصراع العرقي يتمثل في النزاع بين مجموعات معينة، وغالبًا ما يكون مرتبطًا بقضايا توزيع الثروة والمشاركة في السلطة. تسعى هذه المجموعات من خلال هذا الصراع إلى تغيير الوضع القائم. يُعرف المأزق الأمني بأنه حالة من الحرب تنشأ نتيجة وجود تهديدات أمنية والخوف من نوايا المجموعات العرقية الأخرى. بينما يعرّف “جون أنجسترن” الصراع العرقي بأنه رغبة مجموعة ما في الانفصال، إلا أن ليس جميع المجموعات تسعى إلى ذلك. من هنا، يمكن استنتاج أن مفهوم الصراع العرقي هو نزاع بين مجموعتين أو أكثر حول مجموعة من الأسباب بهدف تغيير الوضع الراهن، وهو صراع يصعب حله نظرًا لطبيعته الثقافية السائدة. ([8]).
الفصل الثاني
الجذور التاريخية للصراعات في سيراليون
تم تقسم هذا الفصل وفقاً لمبحثين، يبحث الأول في الواقع الجغرافي لدولة سيراليون من حيث الموقع والتضاريس والسكان ايضاً، ويبحث الاخر في معرفة الجذور التاريخية للصراع كما يأتي:
المبحث الأول
الواقع الجغرافي لدولة سيراليون
التسمية: تتألف كلمة ”سيراليون“ من مقطعين: ”سيرا“ وتعني القمة أو الذروة و”أسد“ وتعني الأسد. والاسم مشتق من التشابه بين صوت الرعد الذي يُسمع في قمة الجبل وزئير الأسد. كان الرحالة البرتغالي بيدرو سينترا أول من أطلق عليها هذا الاسم، لكن السكان المحليين يطلقون على منطقتهم اسم ”لومادون“ أي الجبل ([9]).
الموقع الجغرافي: تقع جمهورية سيراليون جنوب غرب افريقيا، تحدها من الشمال والشمال الشرقي جمهورية غينيا ومن الجنوب والجنوب الشرقي جمهورية ليبيريا، ويحيط بها من الغرب والجنوب الغربي المحيط الأطلسي، تبلغ مساحتها الكلية 71,740 كم2، ومن اشهر مدنها فريتاون وهي العاصمة الرسمية وكوادو، كينيما، وبو، ماكيني ([10]).
التضاريس: تتكون سيراليون من أراضٍ مستنقعية وسهول ساحلية مغطاة بغابات المانغروف. تم إزالة هذه الغابات واستبدال المستنقعات بزراعة الأرز. تمتد السهول في الداخل، حيث توجد سلسلة من الهضاب تفصل بينها أنهار صغيرة، وتغطي قمم الجبال الهضاب تقترب قمم بعضا من ألفي متر مثل جبل لوما، اما مناخها فيتميز بانه مداري رطب، ويميل لشبه الاستوائي .
السكان: ويبلغ عددهم نحو 8,692,606 ملبون نسمة حسب تقديرات 2022 ([11])، ويتكونون من (16) قبيلة، أبرزها قبيلة المندي في الجنوب وقبيلة التمني في الشمال وقبيلة الماندج والفولاني والليمبا، وفي القرن الثالث عشر الهجري جلب اليها العديد من الرقيق المحرر من أنحاء شتي، وهؤلاء هم عناصر (الكريول) وهم الذين قاموا بتأسيس العاصمة فريتاون ويشكلون حصة من سكان العاصمة، وتوزع القبائل كالتالي ([12]) :ــ
1ـ تيمني ونسبتهم 35.4%
2ـ ميندي ونسبتهم 30.8%
3ـ ليمبا ونسبتهم 8.8%
4ـ الفولاني ونسبتهم 3.8%
5ـ الماندج ونسبتهم 2.8%
6ـ الكريول 1.2%، حسب تقديرات عام 2019.
الدين واللغة: تعتنق الأغلبية الساحقة من السكان الديانة الإسلامية بنسبة 77.1٪، الى جانب الديانة المسيحية بنسبة22.9٪ حسب تقديرات 2019، من الناحية اللغوية، اللغة الإنجليزية هي اللغة الرسمية المستخدمة في المدارس والإدارة، في حين أن لغة الكريول هي اللغة الأكثر شيوعًا في جميع أنحاء سيراليون، ويستخدمها 97% من السكان ([13]).
الحكم: نظام الحكم في سيراليون جمهوري رئاسي وتتمثل السلطة التنفيذية برئيس الجمهورية الذي ينتخبه مجلس الممثلين لمدة سبع سنوات، ومعه نائبان للرئيس وتتمثل السلطة التشريعية بمجلس الممثلين والذين ينتخبون لمدة خمس سنوات بالاقتراع العام والمباشر، والدستور المعمول به يعود وضعه إلى 3 ايلول 1991، اما الأحزاب السياسية فيوجد فيها 3 أحزاب رئيسية هي (مؤتمر كل الشعب، حزب الشعب الديمقراطي، حزب شعب سيراليون) .
التقسيم الإداري: تنقسم سيراليون إلى 14 مقاطعة، وتتكون من ثلاث محافظات المحافظة الشمالية والمحافظة الجنوبية والمحافظة الشرقية ومنطقة أخرى تسمى بالمنطقة الغربية، والمحافظات تنقسم بدورها إلى 12 مقاطعة، والمقاطعات تنقسم إلى المشيخات ماعدا المنطقة الغربية.
الاقتصاد: يعمل معظم سكان سيراليون في الزراعة، حيث تعتبر زراعة الأرز الأكثر انتشاراً والأكثر انتشاراً والأكثر مساحة من الأراضي الزراعية. وتشمل محاصيل التصدير البن والكاكاو التي تمثل 78% من إجمالي الصادرات الزراعية و6% من الناتج المحلي الإجمالي. وتتوزع العمالة بنسبة 65% في هذا القطاع، بالإضافة إلى أنشطة صيد الأسماك وقطع الأشجار. وبالإضافة إلى الزراعة، يعتمد اقتصاد سيراليون على صناعة التعدين، وخاصة الماس. وتمثل صناعة الماس 50% من صادرات سيراليون وتتركز في مدينة بو. تشتهر سيراليون أيضاً بالماس الملطخ بالدماء الذي تم تعدينه وبيعه لتمويل مشتريات الأسلحة خلال الحرب الأهلية. يتراوح الإنتاج السنوي من الماس بين 250 و300 مليون دولار أمريكي، فضلاً عن امتلاكها لواحدة من اكبر شركات الروتيل في العالم، الا انها بالرغم من ثروتها المعدنية هذه فهي تعتبر من البلدان العشر الأشد فقرا في العالم قياساً على حصة الفرد من إجمالي الناتج المحلي، وتتميز سيراليون بأدني متوسط عمر بالنسبة إلى الرجال والنساء إذ يبلغ 39 سنة ([14]).
المبحث الثاني
الجذور التاريخية للصراع في سيراليون
اكتشف الملاحون البرتغاليون بقيادة بيدرو دي سانتورا منطقة سيراليون في عام 1460، وأطلقوا عليها اسم “سيراليون” الذي يعني “جبل الأسد”. جاء اكتشافهم متزامنًا مع وصول مجموعة تُعرف باسم “التامانيين” من هضبة أفريقيا الوسطى، وهي منطقة شهدت ازدهار تجارة الرقيق والقرصنة بين القرنين السادس عشر والثامن عشر، مما جذب التجار والمهربين الأوروبيين، وخاصة البريطانيين، وأسفر عن تكوين خليط من السكان الأوروبيين والمحليين، مما أدى إلى تطور عنصر الاختلاط. قامت جمعية مكافحة الرق بشراء مساحات واسعة من الأراضي على الساحل، حيث عملت على تجنيد وتوظيف أعداد كبيرة من العبيد السود من أصول متنوعة. لكن عندما لم تنجح هذه المحاولة، لجأ ألكسندر فرامبردج، بدعم من الحكومة البريطانية، إلى جمع العبيد على نطاق واسع. وفي عام 1791، أسس “شركة سيراليون” التي اتخذت من فريتاون، العاصمة الحالية، موقعًا مركزيًا لها، حيث وصل المستوطنون الأوائل في عام 1792، ومنذ عام 1896 فصاعدًا ، أصبحت فريتاون أهم قاعدة بحرية انجليزية على الشاطئ الغربي من افريقيا، وتضم بين عشرين وثلاثين قومية مختلفة لا يجمع بينهما سوى بعض مفردات اللغة الإنجليزية التي تعلموها من المستعمرين الانجليز ([15]).
يمكن تتبع تاريخ سيراليون الحديث إلى عام 1787، عندما استقر الجنود السود السابقون في الجيش البريطاني في الجزء الشمالي من شبه جزيرة سيراليون. وقد تم استخدام هذا الموقع كقاعدة بحرية رئيسية للأسطول البريطاني الذي كان يكافح العبودية في مياه غرب أفريقيا، مما أثار رغبة البريطانيين في إعلان سيراليون كمحمية بريطانية في عام 1896.
كان الحكم الاستعماري البريطاني يسعى إلى إحداث تطورات متباينة ومنفصلة. فقد اعتمد على أسلوب احتلال أثبت نجاحه في العديد من البلدان التي استولى عليها، بهدف تعزيز الفوارق الطبقية بين السكان لتمكينه من السيطرة عليهم. ولهذا الغرض، وبعد أن زرع البريطانيون بذور التفرقة والتمييز سعياً لخلق فوارق واضحة بين الطبقات الاجتماعية، وخاصة في المجال التعليمي، قاموا بتقسيم سيراليون إلى مجموعة من الإمارات الصغيرة وفضلوا نظام الحكم غير المباشر بدلاً من إقامة بيروقراطية مركزية قوية. وقد تُركت قيادة المشيخات في أيدي زعماء القبائل المعروفين، خصوصاً أولئك الذين كانوا يسعون لتوريث مناصبهم مدى الحياة ([16]).
ساهمت هذه السياسة في نشوء دولة فاشلة بعد الاستقلال. كانت لها أهمية كبيرة، حيث أدت إلى خلق مواطنين غاضبين ومحبطين، مستعدين للتحول إلى إرهابيين وقادرين على ارتكاب أي أعمال عنف من أجل تغيير الأوضاع. وقد تجلى ذلك بشكل خاص بعد أن أصبح زعماء القبائل تابعين للاحتلال، وتحولوا إلى أدوات للسيطرة على الناس مقابل النفوذ والهيمنة، مما أسفر عن إرهاب المدن والقرى وتدميرها.
حصلت سيراليون على استقلالها عن بريطانيا في 27 أبريل 1961 بفضل ميلتون مارغاي، الذي أسس حزب الشعب السيراليوني وأصبح أول رئيس وزراء للبلاد. وقد أُجريت أول انتخابات عامة في البلاد كدولة مستقلة في 27 مايو 1962. تمكن ميلتون مارغاي، الذي ينتمي إلى قبيلة المندي، من تحقيق الوحدة الوطنية بعد الاستقلال، لكن وفاته أدت إلى أزمة كبيرة. بعد فترة قصيرة من رحيله، شهدت سيراليون تدهورًا شاملًا في جميع مؤسسات الدولة الرسمية، حيث برزت طبقة من السياسيين وزعماء القبائل الفاسدين الذين سعوا للحفاظ على أنشطة التعدين غير القانونية للسيطرة على قطاع الماس، مما أدى إلى تشتيت انتباه الرأي العام وهيئات الرقابة الشرعية، ثم حدث انقلاب عسكري في 1967 انهى التعددية واطاح الرئيس المنتخب ديمقراطياً “سياكا ستفنز” عن السلطة، الا انه اعيد الى منصبه في 1968 وأستمر في اعلى هرم السلطة بسيراليون حتى عام 1985 ليأتي بعده “جوزيف سيدو مومو” من 1985-1991 والذي استمر في تطبيق سياسة القبضة الحديدية على حقول الألماس الواقعة ضمن مجال قبائل المندي والكونو المهمشين عندما يتعلق الامر بتوزيع الثروة ([17]).
الفصل الثالث
طبيعة الصراع في سيراليون
قسم هذا الفصل الى مبحثين، يهتم الأول بمعرفة أسباب الصراعات الداخلية في سيراليون سواء كانت أسباب سياسية او اقتصادية او اثنية، في حين يهتم الاخر بمعرفة مجريات الصراع منذ بدايته في مارس 1991 الى نهايته في 2002، وكما يأتي:
المبحث الأول
أسباب الصراع في سيراليون
ساهمت العديد من العوامل والأسباب في نشأة الصراع وتأجيجه في سيراليون عام 1991، الا ان السبب الأبرز والاهم هو محاولة السيطرة على مناجم الألماس لاسيما بعد تهريب الماس للشركات الدولية بأسعار منخفضة حيث اصبح الصراع في سيراليون يعرف بالصراع الدموي، ثم اندلعت الحرب الاهلية نظراً لتردي الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وفيما يأتي شرح مختصر عن الأسباب المهيأة للصراع قبل عام 1990.
1ـ الأسباب السياسية: عرفت سيراليون كغيرها من سائر الدول الافريقية انقسامات سياسية منذ نشأتها كمستعمرة بريطانية عام 1789م، وبعد الاستقلال لم يتغير الوضع بل زاد سوءا خاصة في ظل سلطة استبدادية تسلطية وبالتحديد في ظل حكم ستيفنز، حيث حرص منذ وصوله للحكم، على إرجاع كل الصلاحيات في يده فيما يعرف بشخصنة السلطة، معتمدا في ذلك على ثلاث وسائل هي ([18]):
- تدمير كل أشكال المعارضة المرتبة، واتحاد العمال والطلبة من خلال كافة أشكال القمع.
- الاستعمال الانتقائي والمنظم للعنف من أجل الحفاظ على النظام في مواجهة تحديات المعارضة، من خلال تشكيل ما يعرف باسم” القوة العسكرية الوقائية”.
- السعي لتعديل الدستور من خلال النص على ابقائه في الحكم مدى الحياة والذي سبقه قرار الغاء نظام التعدد الحزبي وذلك في عام 1978.
وبهذا اصبحت شخصية ستيفنز باعتباره رئيساً للدولة محور النظام السياسي، من خلال احتكاره للحياة السياسية، بمعنى أنه لا يسمح بوجود أحزاب أخرى خوفاً أن تشكل تحديا له، وهذا ما شكل عقبة امام الوحدة الوطنية، وحتى بعد وصول جوزيف سيدو موموه الى السلطة في 1985 لم تتحسن الأمور بل ازدادت سوءً خاصة بعد تطبيق البلاد لبرنامج التكيف الهيكلي عام 1989، وما ترتب عليه من ارتفاع نسبة البطالة وانخفاض الأجور الحقيقية وتردي الأوضاع في المناطق الريفية وبالأخص المناطق الشمالية التي شعرت بالتقصير من الحكومة تجاهها لتركيز الخدمات وقصرها فقط بمدينة فريتاون، بالإضافة الى سوء الإدارة وتفشي الفساد في مؤسسات الدولة وتهميش الشباب، كل هذه الأمور دفعت الى ظهور معارضة واسعة من شريحة الطلبة وكان من ضمنهم فوداي سنكوح وماتساري حيث طرد هؤلاء وزملائهم وفروا الى غانا، ثم توجهوا الى ليبيا حيث وضفت ليبيا مجموعة من الشباب العاطلين والطلبة لتشكيل جبهة معارضة ضد حكم موموه، غير ان سنكوح وزميله ماتساري اهتموا بمفردات الثورة والانقلاب على الحكم من الداخل واستخدموا وسيلة التبشير بمبادئهم بين صفوف الشعب حيث توجهوا الى مقاطعة كونو واختلطوا مع عمال مناجم الماس وتحدثوا عن وضعهم ونشر ايديولوجيتهم هناك .
2ـ الأسباب الاقتصادية: تمثلت هذه الأسباب في السياسات الاقتصادية السيئة وتدهور الاقتصاد، حيث فشلت الحكومة في ترجمة ما تتمتع به من موارد معدنية وبحرية إضافة الى أراضيها الزراعية الى تحسين رفاه غالبية السكان، فتميزت فترة سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين بالقيود المالية وتراجع الإنتاج مقابل ارتفاع معدل التضخم من 5% عام 1970 الى 13% 1980 والى اكثر من 85% عام 1985، إضافة الى النقص الشديد في السلع الأساسية المستوردة مثل النفط والأرز تضافرت هذه المشاكل مع الصدمات النفطية في السبعينيات والثمانينيات والتي كان لها اثر كبير على الاقتصاد ([19])، إضافة الى ذلك اتبع جوزيف موموه منذ وصوله الى السلطة 1985 تطبيق سياسة القبضة الحديدية على الموارد الاقتصادية وخاصة حقول الألماس الواقعة ضمن مجال قبائل المندي والكونو المهمشين، وكان استغلال حقول الألماس يكرس لتهميش المجموعات الاثنية التي تقطن شرقي البلاد حيث كانت اثنيتي المندي والكونو تحظيان بحقول تنقيب غنية لكن استغلالها يكون لصالح الحكومة دون ان تستفيد منها الاثنيات الشرقية مما سهل عملية تعبئتها للتمرد من قبل فوداي سنكوح على الحكومة المركزية في فريتاون، نتيجة لذلك، شهدت سيراليون منذ عام 1991 حربًا أهلية دامية بين حركة التمرد الثورية والجبهة المتحدة بقيادة فوداي سانكوه. استمر القتال خلال ثلاث حكومات متعاقبة، مما أدى إلى تفشي أعمال العنف في جميع أنحاء البلاد وفي الدول المجاورة، بما في ذلك ليبيريا ([20]).
3ـ العامل الثقافي والاثني: المجتمع السيراليوني هو مجتمع متنوع ويجمع العديد من الاختلافات العرقية، بفعل السياسات الاستعمارية التي قامت بها بريطانيا في مرحلة الاستعمار، أذ أسهمت بريطانيا بتوطين عدد كبيـر مـن الرقيق دون مراعـاة للاختلافات الاثنية والعرقية لهم، مما أدى ذلك الى وجود اكثر من 13 قبيلة منها قبيلة المندي والتي تشكل نسبة 30% من السكان البالغ عددهم 8 مليون نسمة تقريباً، وقبيلة التمني التي تمثل حوالي 35% من مجموع السكان، فضلاً عن ذلك توجد أقليات عرقية في سيراليون مثل أقلية الكريول التي قامت بريطانيا برعايتها مباشرة، والتي اتخذت لغة تخاطب خاصة بها تسمى الكريو وهي تختلف عن لغة سكان الداخل السيراليوني، وأخذت هذه اللغة في الانتشار حتى أصبحت لغة التخاطب في الغرب الساحلي، حيث كان لهذا التنوع عدة نتائج منها ضعف الانتماء والولاء للدولة وزيادة الانتماء للقبيلة على حساب الدولة، مما أضعف من شعور المواطن السيراليوني بالانتماء لدولته، وزاد من شعور كل قبيلة بالتمايز عن القبائل الأخرى، مما أدى الى ظهور الصراعات المسلحة بين تلك القبائل، خصوصاً في ظل ضعف الحكومات المختلفة لسيراليون، وفي ظل حصول تلك القبائل على أمدادات الاسلحة من الخارج ([21]).
المبحث الثاني
مجريات الصراع في سيراليون
في مارس 1991 انزلقت سيراليون في فوضى عارمة عندما قامت قوة متمردة تسمى “الجبهة الثورية الموحدة” بغزو البلاد من ثلاث اتجاهات على الحدود مع ليبيريا، حيث دخلت المجموعة الأولى منطقة بومارو (في مقاطعة كايلاهون) في 23 مارس بقيادة فوداي سنكوح وهو ضابط مفصول من جيش سيراليون، ودخلت المجموعة الثانية نفس المقاطعة من كويندو بعد أربعة أيام، اما المجموعة الثالثة فدخلت من الجنوب الشرقي واحتلت زيمي في 28 مارس، وهي مدينة استراتيجية في مقاطعة بوجيهون، وسرعان ما احتلت قوات المتمردين مقاطعة كايلاهون، للاحتفاظ بقاعدة قوية طوال فترة الصراع، حيث لم يكن هناك وجود يذكر للحكومة في هذه المناطق، وبعد سنوات من الإدارة غير الكفؤة والمفرطة في المركزية لمؤتمر عموم الشعب، أصبحت مقاطعتا كايلاهون وبوجيهون مرتعاً لمعارضة حكم مؤتمر عموم الشعب([22]).
كان المتمردون يتألفون من ثلاث مجموعات متمايزة من المقاتلين أولئك الذين تلقوا تدريبات عسكرية في ليبيا، والمعارضون السيراليون المقيمون في ليبيريا، والجبهة الوطنية القومية الليبيرية والتي كانت تشمل مرتزقة من ليبيريا وبوركينا فاسو، وبلغ عدد القوة الغازية نحو 100 مقاتل، وكان هدفهم الإطاحة بحكومة الحزب الواحد بقيادة الرئيس جوزيف موموه والتي وصفتها قيادة المتمردين بالفساد والقبلية وتفتقر إلى التفويض الشعبي، وأشاروا إلى أن هدفهم هو إقامة دكتاتورية البروليتاريا حيث يشارك المواطنون العاديون بفعالية في جميع عمليات صنع القرار، علاوة على ذلك كانت الجبهة المتحدة الثورية ستدعم التنمية الاجتماعية والاقتصادية بما في ذلك تنشيط المناطق الريفية، في البداية انجذب بعض الشباب الريفيين المهمشين والفقراء بمن فيهم المدرسين إلى خطاب الجبهة والانضمام إلى الحركة ([23]).
فاجأ غزو الجبهة الثورية الموحدة الحكومة والجيش على حد سواء، رغم أن قائد الجبهة الوطنية القومية الليبيرية تشارلز تايلور قد أشار قبل أشهر بأنه سيهاجم سيراليون، حيث كانت قوة حفظ السلام التابعة للمجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا (ايكواس) ومجموعة مراقبة ايكواس (ايكوموغ) التي نشرت في ليبيريا قد أسست قاعدة هناك وكانت الطائرات الحربية لايكوموغ تشن هجمات من سيراليون على قواعد المتمردين في ليبيريا، الا ان الجيش لم يكن مستعداً للمعركة وكانت معنوياته منهارة، لذلك حاول ضباط الجيش تعويض هذا النقص في المعنويات وسوء التدريب والمعدات، بتجنيد عدد كبير من الرجال دون تمييز حيث كانت النتيجة تدفقاً للمجندين الذين كانوا يفتقرون الى المؤهلات والانضباط اللازمين، وكان بعضهم من مدمني المخدرات والمجرمين المحكوم عليهم، والساعين لكسب بعض المال والمتسربين من المدارس، باتت هذه المجموعة تهيمن على الجيش بدرجة كبيرة ([24]).
في 29 ابريل 1992 هاجم مجموعة من الضباط الشباب مدينة فريتاون احتجاجاً على الظروف السيئة في ميدان المعركة وفي منتصف النهار تحول التمرد الى انقلاب كامل تم على اثره نقل الرئيس جوزيف موموه بالطائرة الى كوناكري في غينا من قبل جنود ايكوموغ، وانشأ الجنود الشباب مجلس الحكم الوطني المؤقت وأصبح فالنتين ستراسر رئيسا للبلاد، خلال هذه الفترة، قامت الجبهة بشن هجمات على مواقع معزولة ومناطق ريفية غير مسلحة تابعة للجيش السيراليوني. في أواخر عام 1994 وأوائل عام 1995، تمكنوا من السيطرة على إمدادات الماس الرئيسية، خصوصًا في منطقة كونو الشرقية، وهددوا بالاستيلاء على العاصمة فريتاون. استأجر ستراسر شركة مرتزقة من جنوب أفريقيا تُعرف باسم كاماجوريس لمساعدته، ومنذ ذلك الحين بدأت المعارضة تتعرض للهزائم ([25]).
وبقي الوضع كما هو حتى يناير 1996، عندما نفذ رئيس الأركان جو ليوس مادايبو انقلابًا ضد ستراسر. وقد صرح مادايبو بأن هدفه ليس التمسك بالسلطة كما فعل ستراسر، بل تقليص الديمقراطية. وفي 15 مارس 1996، أُجريت الانتخابات الرئاسية، حيث فاز الرئيس أحمد تيجان كبة. ([26]).
في ديسمبر 1996 وقعت الحكومة اتفاق (ابيدجان) مع المتمردين والذي أنهى أكثر من خمس سنوات من الحرب، الا ان هذه الحكومة لم تعمر طويلاً، إذ أطاح بها انقلاب في 25 مايو 1997 بقيادة الجنرال “جوني بول كروما” بدعم من قوات الجبهة الثورية الموحدة التابعة لــــ “سنكوح” ، وتم تشكيل مجلس عسكري لرئاسة البلاد أطلق عليه اسم “المجلس الثوري للقوات المسلحة” وتنصيب “جوني بول کروما” رئيسا له وسنكوح نائبا له، وهو ما أدى إلى فرار “كبه” إلى غينيا التي عملت هي ونيجيريا من خلال قوات الايكوموغ على التدخل العسكري بقوة ضد قادة الانقلاب، وفي مارس 1998 نجحت القوات النيجيرية تحت مظلة قوات التدخل في إلحاق هزيمة عسكرية بالانقلابين اللذين فروا خارج البلاد، وتمكنت من إعادة ” احمد تيجان كبه” إلى سيراليون بصحبة الرئيس النيجيري “ساني أباشا” واستعاد سلطته، كما تم القبض على سنكوح وأعداد كبيرة من التابعين له وصدر حكم بإعدامه في أكتوبر 1998، إلا أن صدور الحكم ضده أشعل حرباً جديدة من قبل الجبهة الثورية بقيادة الزعيم الجديد “سام بوركاري”، وبذلك عادت الجبهة للظهور مرة أخرى على أبواب فريتاون ولكن في هذه المرة استخدمت النساء والأطفال كدروع بشرية وركزوا على المناطق الغنية بالماس وفعلاً تم الاستيلاء على مدينة “كوبيدو”، واستطاعوا في بادئ الأمر تحقيق بعض الانتصارات بسبب قلة قوات الايكوموغ، حيث بلغ عدد القتلى في المعارك التي اندلعت بعد ذلك بــ (5000) شخص بما في ذلك وزراء في الحكومة وصحفيين ومحاميين كانوا قد استهدفوا بشكل خاص، وقبل طرد المتمردين من فريتاون أحرقت أجزاء كبيرة من المدينة واختطف حوالي (3000) طفل مع تراجع وانسحاب المتمردين ([27]).
على الرغم من ذلك قامت الحكومة بالتنسيق مع مجموعات المجتمع المدني والمجتمع الدولي بعقد محادثات سلام مع المتمردين، حيث وقع الرئيس كبه اتفاقية سلام لوبي مع فودي سنكوح في 7 يوليو 1999 والتي كانت بمثابة الاطار السياسي لعملية التحول الديمقراطي وعملية السلام في البلاد، وبعد التوقيع على الاتفاقية استبدلت قوات الايكوموغ تدريجياً بقوات تابعة للأمم المتحدة ساعدت على حفظ السلام، وفي 18 يناير 2002 أعلن الريس احمد تيجان كبه انتهاء الصراع المدني ([28]).
الفصل الرابع
التدخلات الخارجية في الصراع وجهود التسوية
قسم هذا الفصل الى ثلاث مباحث، يهتم الأول بمعرفة التدخلات الخارجية في الصراع سواء كانت إقليمية او دولية، ويهتم الثاني بدراسة الجهود الداخلية والخارجية المبذولة لتسوية الصراع في سيراليون، في حين يهتم الأخير بكيفية تحقيق العدالة الانتقالية في سيراليون، وكما يأتي:
المبحث الأول
التدخلات الخارجية في الصراع
اولاً:ـ التدخلات الإقليمية
كان لتدخل العديد من دول الجوار كاليبيريا دوراً بارزاً في الصراع الداخلي لسيراليون، تفاقم الصراع نتيجة الدعم العسكري الخارجي لبعض الأطراف المتنازعة، حيث تم إدخال المرتزقة الأجانب والميليشيات الخاصة في الصراع على السلطة السياسية. قدمت ليبيريا وبوركينا فاسو الدعم للجبهة المتحدة الثورية من خلال تزويدها بالأسلحة والمعدات اللازمة للسيطرة على الموارد الطبيعية في البلاد، وخاصة مناجم الماس. وكان المدنيون هم الضحايا الرئيسيون في حرب سيراليون، حيث تعرضوا للنهب والسرقة والتشويه والقتل على يد عصابات التمرد والمرتزقة. كما كانت عملية التسوية معقدة للغاية بسبب الدعم الخارجي لقوى المعارضة (الجبهة الثورية الموحدة)، حيث كانت مواقفها السياسية غير واضحة فيما يتعلق بنزع السلاح وتسريح الجيش، مما أدى إلى انتهاكات مستمرة لوقف إطلاق النار بين الطرفين. بالإضافة إلى ذلك، لعب الرؤساء السابقون لسيراليون دورًا في تهريب الماس لتحقيق مصالحهم الشخصية، على حساب الدولة والشعب، ومن بينهم رئيس ليبيريا السابق تشارلز تايلور، الذي اتهمته المحكمة الدولية بتلك الأفعال في عام 2004، ومن الدول الافريقية الأخرى التي اثرت في مجرى الحرب الاهلية في سيراليون هما (ليبيا، نيجيريا) ([29]):ــ
1ـ ليبيا:ــ دعمت الجبهة الثورية الموحدة وفؤاد سنكوح، من خلال تقديمها الدعم المالي والعسكري للمتمردين، وهذا الدور الذي لعبه معمر القذافي هو لغرض بسط نفوذه على افريقيا، وللاستفادة من الالماس الموجود في سيراليون بطرق غير مشروعة .
2ـ نيجيريا:ــ تعد نيجيريا من الدول المناصرة لنظام تيجان كبه وقامت بقيادة دول غرب افريقيا “الايكواس” من اجل إعادة نظام كبة الى السلطة عقب الانقلاب الذي قام به جون بول كروما في 1997، وبالفعل إعادة كبه الى السلطة في فبراير 1997 واسهمت في توقيع اتفاق لومي للسلام بين الطرفين، ولكن بعد انسحاب قوات الايكواس بقيادة نيجيريا بعشرة أيام فقط قام المتمردون باختطاف الرهائن الدوليين واشعال الحرب مرة أخرى، وتحاول نيجيريا من خلال قيادتها لقوات الايكواس فرض زعامتها على منطقة غرب افريقيا، وقيادة القوات الدولية التابعة للأمم المتحدة العاملة في سيراليون بأجمعها، لذلك أبدت نيجيريا قلقها من ارسال بريطانيا لبعض قواتها الى سيراليون، وهددت بأطلاق النار عليهم مما أدى الى توتر العلاقة بين نيجيريا وبريطانيا.
ثانياً:ـ التدخلات الدولية
بريطانيا:ــ في مايو عام 2000 زحفت الجبهة الثورية الموحدة وهي احد اطراف الصراع الحرب الاهلية في سيراليون الى العاصمة (فريتاون) مما دفع الحكومة البريطانية الى التدخل عسكرياً، تحت عملية اسمها “باليسر” عن طريق نشر اعداد صغيرة من الجنود نوعاً ما، لاسيما بعدما قطع الطريق الذي يربط العاصمة بالمطار من قبل الجبهة، فبدأ الجنود البريطانيون بتأمين طريق المطار ومناطق اخرى لتامين عملية الاجلاء، وساهمت القوات البريطانية في عملية أجلاء قوات حفظ السلام، وانتهت العمليات البريطانية من قبيل سبتمبر عام 2000، وبدأت الجبهة المتحدة بتسليم السلاح بعد ضغوط سياسية وعقوبات اقتصادية على جمهورية ليبيريا التي دعمت المتمردون مقابل الألماس، وبعدها وقعت حكومة سيراليون والجهة الثورية الموحدة على اتفاق لوقف اطلاق النار، مما اجبر الجبهة على نزع السلاح، وفي عام 2001 جاءت قوات دولية محل القوات البريطانية وبات تواجد القوات البريطانية يقتصر على امداد القوات الدولية بالأفراد وتقديم المشورة والعمل على اعادة هيكلية القوات المسلحة في سيراليون، وفي عام 2003 تم انزال قوات صغيرة بالمنطقة لضمان الاستقرار وفي الوقت ذاته أصدرت المحكمة الخاصة بسيراليون لوائح تضم اسماء المتهمين واصدار اوامر بالاعتقال ([30]).
بالرغم من ان تأثير بريطانيا في الحرب الاهلية لا يتعدى مهمة اجلاء رعاياها من سيراليون الى الدول المجاورة لحمايتهم وتقديم المشورة لقوات حفظ السلام الدولية والتصدي معها لهجوم المتمردين على العاصمة، الا انها من جهة أخرى كان لها دور في إطالة مدة الصراع من خلال انتهاك الشركات البريطانية الحظر المفروض من الأمم المتحدة على توريد السلاح الى اطراف الصراع في سيراليون، حيث كانت مهتمة بتسهيل عملية تهريب الماس من سيراليون الى الخارج بالتعاون مع الجبهة الثورية بعد استيلائها على مناجم الماس، وهذا له دور كبير في إطالة مدة الصراع داخل البلاد.
المبحث الثاني
الجهود المبذولة لتسوية الصراع
اولاً:ـ اتفاق لومي للسلام 1999
أسفرت الضغوط الخارجية والجهود الأفريقية عن توقيع المتمردين على اتفاق سلام في 7 يوليو 1999 في لومي، عاصمة توغو، والذي نص على ([31]):ــ
1ـ اصدار عفو عام عن سنكوح وإلغاء عقوبة الإعدام.
2ـ دمج قوات المتمردين في الجيش وسحب أسلحتهم منهم.
3ـ إنشاء حكومة وحدة وطنية يتمكن سنكوح من الحصول على عدد من المناصب الوزارية فيها.
ولدعم هذا الاتفاق قررت الأمم المتحدة ارسال قوات لحفظ السلام تتكون من 250 مراقب، و 12 ألف جندي من 32 دولة، ومع ذلك، تشير بعض التحليلات إلى أن المتمردين احتجزوا حوالي 500 من هذه القوات من أجل إبعاد قوات الأمم المتحدة عن مناطق الماس. وبعد أن تم احتجاز القوات الدولية، أصدر مجلس الأمن القرار 1306 في عام 2000، الذي حظر تجارة الماس غير المشروعة في سيراليون. وكان ذلك على وجه الخصوص لأن المتمردين سيطروا على أجزاء كبيرة من المناطق الغنية بالمعادن، وبحلول نهاية عام 2001، كانت الحرب الأهلية قد شارفت على الانتهاء، وقامت جبهة المتمردين بتسريح حوالي 3000 طفل كانوا قد استخدموا كجنود أثناء القتال، وبحلول نهاية عام 2001، كانت الحرب الأهلية قد شارفت على الانتهاء، وقامت جبهة المتمردين بتسريح حوالي 3000 طفل كانوا قد استخدموا كجنود أطفال أثناء القتال، وبحلول نهاية عام 2001، كانت الحرب الأهلية قد شارفت على الانتهاء، وقامت جبهة المتمردين بتسريح حوالي 3000 طفل كانوا قد استخدموا كجنود أطفال أثناء القتال. قامت جبهة المتمردين بتسريح حوالي 3,000 طفل كانوا قد استخدموا كجنود أطفال أثناء القتال، وتبع ذلك تسليم أكثر من 40,000 مقاتل لأسلحتهم، وبدأت محاكمة زعيم المتمردين فوداي سنكوه في عام 2002، وتبع ذلك اتفاق سلام (أبوجا) بين الرئيس تيجان كباح وقوات المتمردين، مما أنهى الصراع إلى الأبد ([32]).
ثانياً:ـ دور الايكواس (الجماعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا) في تسوية النزاع في سيراليون
هي منظمة اقتصادية لكن تحول عملها في الجوانب الامنية والسياسية واصبح لها دور في تحقيق الاستقرار لدول غرب افريقيا، كما ركزت على الاستراتيجية الامنية لتسوية الصرع في سيراليون، فقامت بتسوية الصراع عبر مرحلتين اولها سياسية وبعدما فشلت اصبحت تسوية عسكرية .
1ـ التسوية السياسية:ــ كان للايكواس دور مهم وبالتعاون مع منظمة الوحدة الافريقية والامم المتحدة لحل النزاع في سيراليون، وكانت نتيجتها اجراء انتخابات في عام 1996، وانتهت بفوز (تيجان كبه) وتم التوصل الى اتفاق في ابيدجان، والذي نص واكد على نهاية حالة الحرب، وفي عام 1997 دعمت “أتفاق كونكاري” والذي تم توقيعه برعاية الامم المتحدة وغينيا ونيجيريا وبريطانيا ومنظمة الوحدة الافريقية، وفي العام ذاته 1997 تعرضت حكومة “كبه” الى انقلاب عسكري من قبل الجبهة الثورية الموحدة، وتم على اثرها تشكيل مجلس عسكري لرئاسة البلاد، كما طلب “كبه” من الايكواس أنشاء (لجنة وساطة) لأجراء المفاوضات بين قادة الحكومة والجبهة الثورية، الا ان الوساطة فشلت، كما فشلت مبادرات التسوية السياسة في سيراليون، وكذلك دعمت الايكواس اتفاق “لومي” عام 1999 ([33]).
2ـ التسوية العسكرية:ــ بعد فشل الأساليب السياسية قرر اعضاء الايكواس اللجوء الى التدخل العسكري وارسال قوات الايكوموغ ضمن اطار فرض السلام في سيراليون، والعمل على اعادة النظام السابق للحكم بعد الانقلاب الذي اطاح به، حيث قامت القوات بهجوم عسكري ونجحت في السيطرة على اجزاء عديدة من البلاد، وإعادة الرئيس “كبه” الى السلطة، وفي عام 2001 تم الاعلان عن انتهاء الحرب الاهلية في سيراليون، وفي عام 2002 قامت انتخابات رئاسية برلمانية تحت اشراف الامم المتحدة والايكواس وانتهت بفوز “كبه” وتمت عمليات نزع السلاح واعادة توطين اللاجئين ومنذ توقيع (اتفاق لومي للسلام 1999-2002) احرزت حكومة سيراليون تقدماً ملحوظاً في اعادة بناء البلاد والعمل على احلال السلام والاستقرار فيها، واعاد هيكلة الشرطة والقوات المسلحة وانشاء الاحزاب الديمقراطية وانشاء لجان تقصي الحقائق مثل (لجنة تسجيل الاحزاب السياسية، ولجنة الانتخابات الوطنية) ([34]).
ثالثاً:ـ دور الأمم المتحدة
تدخلت الأمم المتحدة في سيراليون عام 1994 من خلال تعيين مبعوثين أممين للتفاوض من اجل عقد اتفاقيات سلام بين الأطراف المتنازعة، وقامت بارسال بعثة أممية لاستكشاف الوضع هناك، وفرضت نظام شهادات تصدير الالماس لتقييد حركة التجارة غير المشروعة في البلاد.
في أكتوبر 1999 قامت الأمم المتحدة بأرسال بعثة أخرى في سيراليون “UNAMSIL” بموجب قرار مجلس الامن رقم (1270) لتحل محل الأولى بلغ عدد افرادها في البداية (6000) عسكري بما في ذلك (260) مراقب عسكري لمساعدة الحكومة على تنفيذ احكام اتفاقية لومي للسلام والمساعدة على نزع السلاح ورفع حالة الطوارئ، الا انه لم يتم احترام اتفاقية السلام ووقف اطلاق النار ليستأنف القتال مجددا بين القوات الحكومية والمتمردين ([35]).
في 14 أغسطس 2000 أعلنت الأمم المتحدة قبولها لطلب رئيس سيراليون بتشكيل محكمة “سيراليون المدولة* “ بناءً على تفويض مجلس الامن للأمين العام للأمم المتحدة بموجب قرار (1315)، والذي اعرب فيه عن قلقه إزاء الجرائم الجسيمة المرتكبة ضد الشعب السيراليوني، وفي عام 2005 ارسلت الأمم المتحدة قوات عسكرية لحفظ السلام وارسلت بعثة أخرى بأسم “الاونامسيل”، والتي نجحت في الاشراف على عمليات السلام ووقف اطلاق النار والاشراف على الانتخابات الوطنية وعمليات نزع السلاح واعادة توطين المواطنين المشردين الذين هاجروا بسبب الأوضاع، وفي أيلول 2005 أصدرت الامم المتحدة تقريرها الخاص بسيراليون وتم اعتبارها منطقة مستقرة وهادئة مع وجود بعض الثغرات التي تهدد الامن والاستقرار السياسي فيها، وواصلت الامم المتحدة جهودها في دعم الحوار بين الأحزاب، وفي اغسطس 2008 شكل مجلس الامن مكتباً جديداً لبناء السلام في سيراليون لدعم البلاد في مسيرة النهوض بعد الحرب الاهلية ([36]).
المبحث الثالث
العدالة الانتقالية في سيراليون
العدالة الانتقالية هي مفهوم حديث يتعلق بالقضايا المرتبطة بالانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، وذلك في سياق النزاعات داخل المجتمعات التي تمر بمرحلة انتقالية نحو الديمقراطية. تهدف العدالة الانتقالية إلى كشف الحقائق وتعويض ضحايا العنف والجرائم الفظيعة، بهدف شفاء الجراح وضمان عدم تكرار مآسي الماضي. يسعى هذا المفهوم إلى استعادة الأمن والسلم الأهلي وإرساء دعائم دولة القانون والديمقراطية.
وفي هذا الاطار يعتبر نموذج سيراليون للعدالة الانتقالية الأكثر شيوعا في القارة الافريقية، يُعتبر وجود العدالة الجنائية الدولية، ممثلةً في المحكمة الخاصة لسيراليون، من أبرز جوانب العدالة في مرحلة ما بعد النزاع في سيراليون. في السابق، كانت لجنة الحقيقة والمصالحة تُعتبر بديلاً للعدالة الجنائية، حيث كان دورها في بعض الأحيان غير رسمي يهدف إلى تجنب المحاكمات أو تأجيلها. ومع ذلك، في سيراليون، عملت لجنة الحقيقة والمصالحة جنبًا إلى جنب مع العدالة الجنائية، مما أتاح لهما التفاعل معًا في نفس الوقت.
اولاً:ـ اليات العدالة الانتقالية في سيراليون
1ـ لجنة الحقيقة والمصالحة
سن برلمان سيراليون قانون لجنة الحقيقة والمصالحة 2000 في 22 فبراير 2000 وكانت اهداف اللجنة عبارة عن ([37]):ــ
أـ وضع سجل تاريخي غير منحاز لانتهاكات حقوق الانسان والقانون الإنساني الدولي فيما يتعلق بالصراع المسلح في سيراليون منذ بدايته 1991 وحتى توقيع اتفاقية لومي للسلام عام 1999.
ب ـ معالجة مشكلة الإفلات من العقاب وتلبية حاجات الضحايا.
ج ـ تشجيع العلاج والتعافي والمصالحة.
د ـ منع تكرار حدوث الانتهاكات التي حدثت.
بدأت اللجنة عملها بصورة كاملة في أواسط عام 2002 الى 2004 عبر مرحلتين ([38]):
- مرحلة جمع البيانات: بدأت في كانون الأول/ديسمبر 2002، وتم تعيين حوالي 70 عضواً لجمع البيانات من جميع أنحاء البلاد. وقد تم اختيار هؤلاء الأعضاء من قطاعات متنوعة من المجتمع المدني، بما في ذلك المنظمات غير الحكومية والمنظمات الدينية، وتم تصميمها لضمان تمثيل المرأة تمثيلاً زائداً. واستمرت هذه المرحلة حتى مارس 2003، حيث تم جمع حوالي 7000 إفادة معظمها من الضحايا ومن عانوا من الانتهاكات.
- مرحلة الاستماع: بدأت في أبريل 2003 واستمرت حتى أواخر أغسطس 2003. خلال هذه المرحلة، تم استدعاء الضحايا والجناة على حد سواء إلى جلسات استماع في مناطق مختلفة من البلاد، وغالباً ما كانت في مناطق نائية يصعب الوصول إليها إلا بطائرة هليكوبتر. وتناولت بعض جلسات الاستماع قضايا أساسية مثل الإعلام والحكم والفساد.
قامت اللجنة بإشراك الزعماء الدينيين التقليديين وزعماء المجتمع المدني في اجتماعات تقصي الحقائق والمصالحة، بما في ذلك طقوس العفو التقليدية، خاصة في المناطق الريفية. وعلى الرغم من عدم تشجيع اللجنة على الطقوس المحلية التي تلعن مرتكبي الجرائم، إلا أنها دعمت إنشاء النصب التذكارية، خصوصًا في المقابر الجماعية في الريف، بالإضافة إلى تأييدها لطقوس المصالحة التقليدية مثل ضخ السوائل المقدسة ومراسم التطهير([39]).
فشلت جلسات الاستماع في الكثير من المناطق في الحصول على اعترافات صحيحة ومفصلة من المقاتلين السابقين بسبب محدودية الوقت والخوف من الثأر، رغم ذلك فأن لجنة الحقيقة والمصالحة والمجتمعات المحلية اعتبرت التعبيرات الغامضة عن الندم كافية طالما اظهر المقاتلون التواضع امام المجتمع المحلي خلال الاستماع، كما نفذت اللجنة طقوس مصالحة عامة في الحالات التي اقر فيها المرتكبون بخطئهم وطلبوا الصفح، وشجع الضحايا ايضاً على قبول ذلك والعمل تدريجياً على الصفح والمصالحة ([40]).
2ـ المحكمة الجنائية الخاصة لسيراليون
تأسست هذه المحكمة بناءً على طلب الرئيس السيراليوني في 14 أغسطس عام 2000 بموجب قرار مجلس الامن رقم (1315) والذي اعرب فيه عن قلقه إزاء الجرائم الجسيمة المرتكبة ضد الشعب السيراليوني، كانت هذه المحكمة فريدة من نوعها لأنها اشتملت على اسس القانون الدولي لحقوق الانسان وقواعد القانون الانساني الخاص بسيراليون، وتكونت من قضاه دوليين ومحليين، ولها الحق بمقاضاة الاشخاص المدانين، وكان اهم تحدي للمحكمة هو المعوقات المالية حيث كان يتم تمويلها من التبرعات الاختيارية، واهم اقسامها (غرف المحكمة) التي تتكون من عدد من القضاة لا يقل عددهم عن 8 ولا يزيد عن 11 يتم تعين البعض منهم عن طريق الامين العام للأمم المتحدة والبعض الاخر عن طريق حكومة سيراليون ([41]).
وتم الاتفاق على أن تكون الولاية القضائية الزمنية لمدة خمس سنوات تقريبًا، من اتفاقية أبيدجان عام 1996، وهي أول اتفاقية سلام وُقّعت في البلاد، إلى اتفاقية أبوجا عام 2001، التي أنهت الحرب رسميًا في البلاد، بينما اقتصرت الولاية القضائية المكانية على سيراليون فقط.
ومنذ بداية العملية في عام 2002 وحتى انتهائها في نهاية عام 2013، نظرت المحكمة في تسع قضايا فقط تتعلق بـ13 من قادة مختلف القوى السياسية، لم يُعتقل منهم سوى فوداي سانكوه وعيسى سيساي زعيم الجبهة الثورية المتحدة ونائب رئيسها، وكاماجور وهي منظمة ميليشيا دفاع مدني موالية للحكومة. والزعيم ونائب وزير الدفاع سام هينغا نورمان، وزعيم النظام السابق جوني بول خروما و11 آخرين، حيث يقبع سانكوه ونورمان خلف القضبان بينما يموت خروما خارج السجن ([42]).
وقد سعت المحكمة إلى دمج القضايا التسع في أربع قضايا فقط: محاكمة الرئيس الليبيري تشارلز تايلور بصفته داعمًا للجبهة المتحدة الثورية، ومحاكمة ثلاثة من قادة كاماجور السابقين، ومحاكمة خمسة من قادة الجبهة المتحدة الثورية ومحاكمة أربعة من أعضاء المجلس الثوري. وقُسمت القضايا الأربع إلى محكمتين، تتناول الأولى محاكمة كاماجور والجبهة المتحدة الثورية، والدائرة الثانية قضية المجلس الثوري وتشارلز تايلور، في القضية الأولى الخاصة بالكاماجور تراوحت الاحكام بين 15-20 عام، وفي القضية الثانية بين 25-52 عام، اما تشارلز تايلور فقد حكم عليه بالسجن لمدة 50 عام بتهمة تقديم المساعدة والتحريض على ارتكاب جرائم منها قتل واغتصاب وجرائم ضد الإنسانية وتجنيد أطفال تحت سن الخامس عشر في القوات والجماعات واستغلالهم بإشراكهم في الاعمال العدائية، وهو الان في سجن المملكة المتحدة، وقدم طلباً لنقلة لاحد السجون في رواندا، وانتهت المحكمة اعمالها رسمياً في 31 ديسمبر 2013 ([43]).
ثانياً:ـ تقييم التجربة في سيراليون
منذ التوقيع على اتفاق لومي للسلام في عام 1999، أحرزت حكومة وشعب سيراليون، بدعم من المجتمع الدولي، تقدماً ملحوظاً في إعادة بناء البلد وإحلال السلام. وتشمل الإنجازات الرئيسية ما يلي: إجراء انتخابات سلمية وديمقراطية في عامي 2002 و2007؛ وانتخابات الحكم المحلي في عام 2004؛ وإنشاء لجنة الحقيقة والمصالحة وإنجازها؛ والإصلاح الشامل وإعادة هيكلة المؤسسات الأمنية الوطنية مثل قوة شرطة سيراليون والقوات المسلحة لجمهورية سيراليون وجهاز الأمن الوطني؛ واللجنة الانتخابية الوطنية؛ ولجنة تسجيل الأحزاب السياسية, لجنة حقوق الإنسان، وإنشاء عدد من المؤسسات الديمقراطية مثل لجنة حقوق الإنسان.
ويواصل عدد من الأطر والاستراتيجيات الوطنية للسلام والتنمية توجيه عملية إعادة الإعمار وتحقيق الاستقرار، بما في ذلك رؤية سيراليون 2025، ووثيقة استراتيجية سيراليون للحد من الفقر، واستراتيجية تسوية السلام، وميثاق المساءلة والحكم، وتقرير لجنة الحقيقة والمصالحة.
على الرغم من التقدم الكبير الذي تم إحرازه، لا يزال السلام والاستقرار في سيراليون هشاً بسبب مصادر النزاع المذكورة أعلاه، وانتشار الفساد، والتهميش وعدم التمكين في بعض قطاعات المجتمعات الريفية والحضرية، ونقص الفرص الاقتصادية وضعف قدرة الدولة على توفير الخدمات الأساسية، والتي لا تزال بشكل عام دون حل. وتشكل بطالة الشباب وتهميشهم على وجه الخصوص تهديداً خطيراً للاستقرار والسلام ([44]).
في ديسمبر 2008 اصدر الرئيس سيراليون (ارنست باي كوروما) برنامج التغيير الذي يحدد سياسات الحكومة واولوياتها على امتداد ثلاث سنوات ويعترف البرنامج بالتحديات الاجتماعية والاقتصادية ولا بد من احداث تحول في الاقتصاد السيراليوني للخروج من حالة الفقر عن طريق الجمع بين النمو الاقتصادي والتنمية البشرية.
تشير لجنة بناء السلام إلى أن سيراليون حققت تقدمًا ملحوظًا في تعزيز السلام، حيث يقترب البلد من الانتقال من المراحل النهائية لبناء السلام إلى نهج تنموي شامل. وتستعرض اللجنة الإنجازات المحققة في ثلاثة مجالات رئيسية: (الحكومة الرشيدة وسيادة القانون، تشغيل الشباب وتمكينهم، ومكافحة الاتجار بالمخدرات والجريمة العابرة للحدود). كما يوجد توافق واسع في سيراليون على أن انتخابات عام 2012 تمثل نقطة تحول بارزة في مسيرة التقدم، حيث تعكس الشفافية والنزاهة، وتبعث برسالة إلى المجتمع الدولي مفادها أن سيراليون قد وضعت حدًا نهائيًا للنزاع في تاريخها وبدأت في الاستثمار لتحقيق النجاح وتمكين الشعب من الاستفادة من ثمار السلام والديمقراطية بعد ان قطعت شوطا طويلا على درب بناء السلام ([45]).
بهذا يعطي نموذج سيراليون لمحة عن الحرب الاهلية التي تندلع بين حكومة شرعية وتمرد مسلح، تنتهي بحسم عسكري والقاء المتمردين للسلاح والانخراط في المصالحة والسلام بشكل متواز يشمل ايضاً نزع سلاح أية مليشيات أخرى مسلحة موالية للحكومة، وذلك بعكس نماذج أخرى لدول انتهت الحرب الاهلية فيها بانتصار التمرد عسكريا، وفرض نظام دكتاتوري تسبب بمعاناة مريرة وقمع للشعب اكبر من معاناة الحرب نفسها، كما حدث في الحرب الاهلية الاسبانية .
الخاتمة
ان الصراع في سيراليون بدأ كأحد الأنماط التقليدية للصراع على السلطة في القارة الافريقية الا ان السعي الى الحصول على الموارد (الماس) وتداخل مصالح الدول المجاورة واطراف خارجية (نيجيريا، ليبيريا، وبوركينا فاسو، وبريطانيا) أدى الى اتساع دائرة الصراع وعدم إمكانية التوصل الى حلول نهائية له والاتيان بالاستقرار او التوصل الى نقاط اتفاق في المصالح بين كافة الأطراف السالفة الذكر، فلم يعد السلام والاستقرار في البلاد متوقف على الحكومة فقط وانما مرتبط بمصالح خارجية متضاربة تتطلب التعامل معها.
اهم الاستنتاجات التي تم التوصل اليها ما يأتي:
1ـ ان تكاسل الدول الأوروبية عن تقديم العون لحكومة سيراليون في بداية الصراع أدى الى استمراره وتعاظم قوة الجبهة الثورية الموحدة.
2ـ بالرغم من وجود العامل الاثني الا انه لم يكن بذات أهمية العوامل الأخرى في نشوء الصراع واستمراره، لكن لا يمكن اغفاله كمحفز نتيجة استأثار نخب من اثنية معينة بالمال والسلطة والفساد الإداري للحكومات المتعاقبة والذي يعزي اليه في حقيقة الامر الى نشأة الصراع.
3ـ كان للعامل الاقتصادي دوره الملحوظ في استمرار الصراع او في انهائه وذلك عن طريق سيطرة الجبهة الثورية الموحدة على تجارة الماس غير المشروعة والتي كانت موردا للتمويل لشراء الأسلحة، وانهائه عن طريق تجفيف هذا المنبع عندما قامت الدول الغربية بحذر شراء الماس المهرب من سيراليون، مما أدى الى نضوب هذا المنبع وبالتالي قلت القدرة اللوجستية للجبهة الثورية مما ساعد على خضوعها لشروط انهاء الصراع المسلح في سيراليون.
4ـ ان نيجيريا كانت من اكثر الدول الافريقية تأثيرا بالصراع لقيادتها قوات الايكوموغ والتي ساعدت في انهاء الصراع المسلح، حيث كان الرئيس النيجيري (ساني اباتشا) في ذلك الوقت يعطي أهمية كبيرة للحرب الاهلية في سيراليون خشية من انتقال عدوى التمرد الى نيجيريا.
المصادر
أولاً: الكتب العربية
1ـ إسماعيل عبد الفتاح، إدارة الصراعات والأزمات الدولية، دار الكتب العربية، 2006.
2ـ سامي إبراهيم الخزندار، إدارة الصراعات وفض المنازعات، الدار العربية للعلوم ناشرون، قطر، 2014.
3ـ عبد الوهاب الكيالي واخرون، ط2، موسعة السياسة، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 1990.
4ـ مجموعة مؤلفين، العدالة والمصالحة التقليديتان بعد الصراعات العنيفة: التعلم من التجارب الافريقية، ترجمة نايف الياسين، المؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات، 2017.
5ـ محمود شاكر، سيراليون، ط1، المكتب الإسلامي، بيروت، 1979.
ثانياً: الرسائل والاطاريح العلمية
1ـ عايدة حرسوس، دور الايكواس في إدارة النزاعات الاثنية في افريقيا دراسة حالة ليبيريا- سيراليون، رسالة ماجستير، كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية، الجزائر، 2016.
2ـ موسى ابن قاصير، طبيعة الصراعات الدولية بعد نهاية الحرب الباردة: الديناميكيات والفواعل والبنية، مجلة الناقد للدراسات السياسية، جامعة بسكرة، العدد 1، الجزائر ، 2022.
3ـ نصيرة صالحي، مكانة المنظمات الدولية غير الحكومية في تفعيل بناء السلام لما بعد النزاع في ظل التحولات العالمية الراهنة، أطروحة دكتوراه غير منشورة، كلية الحقوق والعلوم السياسية/ جامعة الحاج لخضر باتنة، الجزائر، 2020.
ثالثاً: الدوريات والبحوث
1ـ احمد عارف وعبد السلام النجادات، ظاهرة الصراعات الاثنية في الشرق الأوسط “الصراع التركي-الكردي نموذجا”، مجلة العلوم الإنسانية، جامعة ام البواقي، العدد 1، الجزائر، 2019.
2ـ امين البار، اثر الصراعات الاثنية في افريقيا على استقرار الدولة وسبل مواجهتها، مجلة الرسالة للدراسات والبحوث الإنسانية، اتحاد الجامعات العربية، العدد 5، الجزائر، 2018.
3ـ جاسم يونس الحريري، الحرب الاهلية في سيراليون، مجلة كلية التربية للبنات، كلية التربية/ جامعة بغداد، العدد 2، بغداد، 2011.
4ـ خالد عكاب حسون، المحاكم الجنائية المدولة في نطاق القانون الدولي، مجلة جامعة تكريت للعلوم السياسية والقانونية، كلية العلوم السياسية/ جامعة تكريت، العدد 11، العراق، 2011.
5ـ سالم نسرين وادمام شهرزاد، استراتيجية الايكواس في اعادة الاعمار وبناء السلام ما بعد انتهاء النزاع: دراسة حالة سيراليون، مجلة الابحاث القانونية والسياسية، العدد 2، الجزائر، 2020.
6ـ سماتي حكيمة، المحكمة الخاصة لسيراليون كآلية لتجسيد مفهوم العدالة الانتقالية، المجلة الجزائرية للعلوم القانونية والسياسية والاقتصادية، كلية الحقوق/ جامعة الجزائر، العدد 1، 2020.
7ـ سماح سيد احمد المرسي، التكامل الإقليمي كآلية لتعزيز السلم والامن في افريقيا: مع إشارة خاصة لدور الايكواس في غرب افريقيا، معهد البحوث والدراسات الافريقية، جامعة القاهرة، 2006.
8ـ عامر عبد الفتاح الجرمود، المحاكم الجنائية المدولة، مجلة الرافدين للحقوق، كلية الحقوق/ جامعة الموصل، عدد 29، العراق، 2006.
9ـ عبير محمد احمد الفقي، دور الموارد في تأجيج الصراع الداخلي في سيراليون، معهد البحوث والدراسات الافريقية، جامعة القاهرة.
10ـ كريم مطر حمزة واحمد مظهر الهلالي، الحركة الوطنية في سيراليون 1898-1961، مجلة العلوم الإنسانية، كلية التربية للعلوم الإنسانية/ جامعة بابل، العدد 2، العراق، 2022 .
11ـ محمود صافي محمود محمد، إدارة الصراعات الداخلية خلال مرحلة التحول الديمقراطي “رؤية نظرية”، كلية السياسة والاقتصاد/ جامعة السويس، مصر، 2020.
13ـ منى طواهرية، النزاع الاثني واشكالية بناء الامن الجماعي في البلدان العربية، مجلة جامعة الانبار للعلوم القانونية والسياسية/ جامعة الانبار، العدد الاول، العراق، 2020.
رابعاً: التقارير
1ـ تقرير الدورة الثانية للتشكيلة الخاصة بسيراليون، طار سيراليون للتعاون في بناء السلام، لجنة بناء السلام، الأمم المتحدة، 2007.
2ـ روزاليندا شو، إعادة النظر في لجان تقصي الحقائق والمصالحة: دروس من سيراليون، معهد السلام الأمريكي، واشنطن، 2005.
خامساً: الانترنيت
1ـ احمد فوزي سالم، سيراليون … دولة الظل والمظالم التي أصبحت رمزاً للتسامح، نون بوست، تاريخ النشر 2020، تاريخ الزيارة 29/10/2022، متاح على الرابط الالكتروني التالي: https://www.noonpost.com
2ـ التدخل العسكري البريطاني في سيراليون، تاريخ النشر 2018، تاريخ الزيارة 28/10/2022، متاح على الرابط الالكتروني التالي: https://ar.uniopedia.org
3ـ الموقع الالكتروني التالي: https://www.indexmundi.com
4ـ الموقع الالكتروني التالي: https://www.cia.gov
5ـ الموقع الرسمي للأمم المتحدة، متاح على الرابط التالي: https://www.un.com
6ـ بدر حسن شافعي، العدالة الجزائية الانتقالية في افريقيا: الدروس والتجارب، المعهد المصري للدراسات، تاريخ النشر، 2019، تاريخ الزيارة، 1/11/2022، متاح على الموقع الالكتروني التالي: https://eipss-eg.org
7ـ كمال القصير، سيراليون هل كانت حرباً من أجل الألماس، الجزيرة ، تاريخ النشر 2007، تاريخ الزيارة 28/10/2022، متاح على الرابط التالي: https://www.aljazeera.net
8ـ قاسي فوزية، تجارب العدالة الانتقالية في القارة الافريقية : لجنة الحقيقة والمصالحة في سيراليون نموذجاً، مجلة قراءات افريقية، تاريخ النشر 2016، تاريخ الزيارة 1/11/2022، متاح على الرابط التالي: https://www.qiraatafrican.com
الهوامش:
-
ـ موسى ابن قاصير، طبيعة الصراعات الدولية بعد نهاية الحرب الباردة: الديناميكيات والفواعل والبنية، مجلة الناقد للدراسات السياسية، جامعة بسكرة، العدد 1، الجزائر ، 2022، ص742. ↑
-
ـ سامي إبراهيم الخزندار، إدارة الصراعات وفض المنازعات، الدار العربية للعلوم ناشرون، قطر، 2014، ص61. ↑
-
ـ محمود صافي محمود محمد، إدارة الصراعات الداخلية خلال مرحلة التحول الديمقراطي “رؤية نظرية”، كلية السياسة والاقتصاد/ جامعة السويس، مصر، 2020، ص171. ↑
-
ـ إسماعيل عبد الفتاح، إدارة الصراعات والأزمات الدولية، دار الكتب العربية، 2006، ص32. ↑
-
ـ امين البار، اثر الصراعات الاثنية في افريقيا على استقرار الدولة وسبل مواجهتها، مجلة الرسالة للدراسات والبحوث الإنسانية، اتحاد الجامعات العربية، العدد 5، الجزائر، 2018، ص65. ↑
-
ـ منى طواهرية، النزاع الاثني واشكالية بناء الامن الجماعي في البلدان العربية، مجلة جامعة الانبار للعلوم القانونية والسياسية/ جامعة الانبار، العدد الاول، العراق، 2020، ص620. ↑
-
ـ منى طواهرية، النزاع الاثني واشكالية بناء الامن الجماعي في البلدان العربية، مصدر سبق ذكره، ص261. ↑
-
ـ احمد عارف وعبد السلام النجادات، ظاهرة الصراعات الاثنية في الشرق الأوسط “الصراع التركي-الكردي نموذجا”، مجلة العلوم الإنسانية، جامعة ام البواقي، العدد 1، الجزائر، 2019، ص18. ↑
-
ـ محمود شاكر، سيراليون، ط1، المكتب الإسلامي، بيروت، 1979، ص10. ↑
-
ـ كريم مطر حمزة واحمد مظهر الهلالي، الحركة الوطنية في سيراليون 1898-1961، مجلة العلوم الإنسانية، كلية التربية للعلوم الإنسانية/ جامعة بابل، العدد 2، العراق، 2022، ص2. ↑
-
ـ على الموقع الالكتروني التالي: https://www.cia.gov ↑
-
ـ على الموقع الالكتروني التالي: https://www.cia.gov ↑
-
ـ الموقع الالكتروني التالي: https://www.indexmundi.com ↑
-
ـ عايدة حرسوس، دور الايكواس في إدارة النزاعات الاثنية في افريقيا دراسة حالة ليبيريا- سيراليون، رسالة ماجستير، كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية، الجزائر، 2016، ص167. ↑
-
ـ عايدة حرسوس، مصدر سبق ذكره، ص181. ↑
-
ـ عبد الوهاب الكيالي واخرون، ط2، موسعة السياسة، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 1990، ص401-402. ↑
-
ـ احمد فوزي سالم، سيراليون … دولة الظل والمظالم التي أصبحت رمزاً للتسامح، نون بوست، تاريخ النشر 2020، تاريخ الزيارة 29/10/2022، متاح على الرابط الالكتروني التالي: https://www.noonpost.com ↑
-
ـ عايدة حرسوس، دور الايكواس في إدارة النزاعات الاثنية في افريقيا دراسة حالة ليبيريا- سيراليون، مصدر سبق ذكره، ص 198. ↑
-
ـ جاسم يونس الحريري، الحرب الاهلية في سيراليون، مجلة كلية التربية للبنات، كلية التربية/ جامعة بغداد، العدد 2، بغداد، 2011، ص3. ↑
-
ـ عبير محمد احمد الفقي، دور الموارد في تأجيج الصراع الداخلي في سيراليون، معهد البحوث والدراسات الافريقية، جامعة القاهرة، ص5. ↑
-
ـ جاسم يونس الحريري، الحرب الاهلية في سيراليون، مصدر سبق ذكره، ص3. ↑
-
ـ مجموعة مؤلفين، العدالة والمصالحة التقليديتان بعد الصراعات العنيفة: التعلم من التجارب الافريقية، ترجمة نايف الياسين، المؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات، 2017، ص121. ↑
-
ـ المصدر نفسه، ص122. ↑
-
ـ مجموعة مؤلفين، العدالة والمصالحة التقليديتان بعد الصراعات العنيفة: التعلم من التجارب الافريقية، مصدر سبق ذكره، ص123. ↑
-
ـ سالم نسرين وادمام شهرزاد، استراتيجية الايكواس في اعادة الاعمار وبناء السلام ما بعد انتهاء النزاع: دراسة حالة سيراليون، مجلة الابحاث القانونية والسياسية، العدد 2، الجزائر، 2020، ص 143. ↑
-
ـ مجموعة مؤلفين، العدالة والمصالحة التقليديتان بعد الصراعات العنيفة: التعلم من التجارب الافريقية، مصدر سبق ذكره، ص123. ↑
-
ـ سماح سيد احمد المرسي، التكامل الإقليمي كآلية لتعزيز السلم والامن في افريقيا: مع إشارة خاصة لدور الايكواس في غرب افريقيا، معهد البحوث والدراسات الافريقية، جامعة القاهرة، 2006، ص11. ↑
-
ـ عايدة حرسوس، دور الايكواس في إدارة النزاعات الاثنية في افريقيا دراسة حالة ليبيريا- سيراليون، مصدر سبق ذكره، ص 186. ↑
-
ـ عبير محمد احمد الفقي، دور الموارد في تأجيج الصراع الداخلي في سيراليون، مصدر سبق ذكره، ص8. ↑
-
ـ التدخل العسكري البريطاني في سيراليون، تاريخ النشر 2018، تاريخ الزيارة 28/10/2022، متاح على الرابط الالكتروني التالي: https://ar.uniopedia.org ↑
-
ـ عايدة حرسوس، دور الايكواس في إدارة النزاعات الاثنية في افريقيا دراسة حالة ليبيريا- سيراليون، مصدر سبق ذكره، ص 211. ↑
-
ـ كمال القصير، سيراليون هل كانت حرباً من أجل الألماس، الجزيرة ، تاريخ النشر 2007، تاريخ الزيارة 28/10/2022، متاح على الرابط التالي: https://www.aljazeera.net ↑
-
ـ سالم نسرين وادمام شهرزاد، استراتيجية الايكواس في اعادة الاعمار وبناء السلام ما بعد انتهاء النزاع: دراسة حالة سيراليون، مصدر سبق ذكره، ص144. ↑
-
ـ سالم نسرين وادمام شهرزاد، استراتيجية الايكواس في اعادة الاعمار وبناء السلام ما بعد انتهاء النزاع: دراسة حالة سيراليون، مصدر سبق ذكره، ص145.
*- المحاكم المدولة: هي المحاكم المنشأة بموجب معاهدة دولية بين منظمة الأمم المتحدة وحكومة الدولة التي ارتكبت فيها الجرائم الدولية وتتكون من هيئات مشتركة (مختلطة) من القضاة المحليين والدوليين ويتمتعون بسلطة قضائية داخل الدولة التي حصلت فيها انتهاكات خطيرة لحقوق الانسان والقانون الدولي الإنساني وبموجب هذه السلطة لهم الحق في محاكمة مرتكبي الجرائم الخطيرة مثل الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، فالمحاكم المدولة هي محاكم (هجينة) أو (مطعمة) في تركيبتها حيت تتضمن عناصر من المقاضاة الداخلية والاجراء الدولي، للمزيد ينظر: عامر عبد الفتاح الجرمود، المحاكم الجنائية المدولة، مجلة الرافدين للحقوق، كلية الحقوق/ جامعة الموصل، عدد 29، العراق، 2006، ص183. ↑
-
ـ الموقع الرسمي للأمم المتحدة، متاح على الرابط التالي: https://www.un.com ↑
-
ـ ـ الموقع الرسمي للأمم المتحدة، متاح على الرابط التالي: https://www.un.com ↑
-
ـ روزاليندا شو، إعادة النظر في لجان تقصي الحقائق والمصالحة: دروس من سيراليون، معهد السلام الأمريكي، واشنطن، 2005، ص2. ↑
-
ـ قاسي فوزية، تجارب العدالة الانتقالية في القارة الافريقية : لجنة الحقيقة والمصالحة في سيراليون نموذجاً، مجلة قراءات افريقية، تاريخ النشر 2016، تاريخ الزيارة 1/11/2022، متاح على الرابط التالي:
-
ـ مجموعة مؤلفين، العدالة والمصالحة التقليديتان بعد الصراعات العنيفة: التعلم من التجارب الافريقية، مصدر سبق ذكره، ص129. ↑
-
ـ روزاليندا شو، إعادة النظر في لجان تقصي الحقائق والمصالحة: دروس من سيراليون، مصدر سبق ذكره، ص5. ↑
-
ـ خالد عكاب حسون، المحاكم الجنائية المدولة في نطاق القانون الدولي، مجلة جامعة تكريت للعلوم السياسية والقانونية، كلية العلوم السياسية/ جامعة تكريت، العدد 11، العراق، 2011، ص 39- 40. ↑
-
ـ بدر حسن شافعي، العدالة الجزائية الانتقالية في افريقيا: الدروس والتجارب، المعهد المصري للدراسات، تاريخ النشر، 2019، تاريخ الزيارة، 1/11/2022، متاح على الموقع الالكتروني التالي: https://eipss-eg.org ↑
-
ـ سماتي حكيمة، المحكمة الخاصة لسيراليون كآلية لتجسيد مفهوم العدالة الانتقالية، المجلة الجزائرية للعلوم القانونية والسياسية والاقتصادية، كلية الحقوق/ جامعة الجزائر، العدد 1، 2020، ص216-217. ↑
-
ـ تقرير الدورة الثانية للتشكيلة الخاصة بسيراليون، طار سيراليون للتعاون في بناء السلام، لجنة بناء السلام، الأمم المتحدة، 2007، ص4. ↑
-
ـ نصيرة صالحي، مكانة المنظمات الدولية غير الحكومية في تفعيل بناء السلام لما بعد النزاع في ظل التحولات العالمية الراهنة، أطروحة دكتوراه غير منشورة، كلية الحقوق والعلوم السياسية/ جامعة الحاج لخضر باتنة، الجزائر، 2020، ص159. ↑