حق امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور في القانون المدني العراقي رقم (40) لسنة 1951م المعدل (دراسة قانونيّة)
The right of the lessor of the property to have a lien on the movables present in the leased property in the Iraqi Civil Law No. (40) of 1951 AD as amended (legal study)
هناء محمد مسلم حسن1، د. حسن رشيد حنتوش1
1 كلية الحقوق، الجامعة الإسلامية في لبنان.
DOI: https://doi.org/10.53796/hnsj62/36
المعرف العلمي العربي للأبحاث: https://arsri.org/10000/62/36
الصفحات: 495 - 522
تاريخ الاستقبال: 2025-01-04 | تاريخ القبول: 2025-01-15 | تاريخ النشر: 2025-02-01
المستخلص: هدف هذا البحث الى ابراز تعريفٌ خاصٌ لحقّ امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور، ومعرفة عما اذا كان هنالك شروطٌ معيّنةٌ يتوجّب توافرها لاستيفاء مؤجر العقار حقّ امتياز على المنقولات الموجودة في المأجور. كما هدف البحث الى دراسة الأساس القانوني لحقّ امتياز مؤجر العقار موضوع البحث، والتعرف على نطاق حقّ امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور وهل يكون للمؤجر حقّ الامتياز على المنقولات كافة الموجودة في المأجور. اتبع البحث المنهج التحليلي وتوصل البحث الى عدة نتائج أهمها أن المشرّع العراقي لم يضع تعريفاً لحق امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور، إلّا أنّه عمل على تعريف الامتياز بوجهٍ عام بموجب نص المادة (1361) من القانون المدني. كما توصل البحث الى أنَّ المشرّع العراقي كان يهدف من وراء تنظيمه لحق امتياز مؤجر العقار مدار البحث إلى توفير حماية للأخير من أجل استيفاء ما له من حقٍّ في ذمة مدينه (المستأجر)، وإنَّ هذه الحماية تكمن فيما ينتج عن هذا الامتياز من ميزاتٍ تجعله يتقدّم على بقية الدائنين؛ إذ إنَّ المؤجر بموجب حقّ الامتياز الذي منحه إياه المشرّع ضَمِنَ استيفاء حقّه تجاه الطرف الثاني من العقد والمتمثل بالمستأجر، في حال عدم وفاء الأخير بالديون المترتبة عليه لدى حلول أجل الوفاء. خرج البحث بعدة مقترحات أهمها انه على المشرّع العراقي إيراد نص في متن القانون المدني ضمن الباب الثالث منه (الخاص بحقوق الامتياز)، يتضمّن تعريف حق امتياز مؤجر العقار، دون أنْ يقتصر الأمر على تعريف الامتياز؛ وذلك لكي يتبين مفهوم هذا الحق جليّاً من حيث شروطه وأساسه وطبيعته ونطاقه.
الكلمات المفتاحية: حق الامتياز، المؤجر، العقار، المنقولات، المأجور، المستأجر.
Abstract: This research aims to highlight a specific definition of the lessor's privilege right over the movables in the leased property, and to know whether there are specific conditions that must be met for the lessor to fulfill the privilege right over the movables in the leased property. The research also aims to study the legal basis for the lessor's privilege right over the movables in the leased property, and to identify the scope of the lessor's privilege right over the movables in the leased property and whether the lessor has the privilege right over all the movables in the leased property. The research followed the analytical approach and reached several results, the most important of which is that the Iraqi legislator did not define the lessor's privilege right over the movables in the leased property, but he worked to define the privilege in general according to the text of Article (1361) of the Civil Code. The research also concluded that the Iraqi legislator aimed, through organizing the privilege right of the lessor of the property under study, to provide protection for the latter in order to fulfill his right in the debt of his debtor (the tenant), and that this protection lies in the advantages resulting from this privilege that make him precede the rest of the creditors; since the lessor, by virtue of the privilege right granted to him by the legislator, guaranteed the fulfillment of his right towards the second party to the contract, represented by the tenant, in the event that the latter does not pay the debts owed by him upon the due date. The research came up with several proposals, the most important of which is that the Iraqi legislator should include a text in the text of the Civil Code within the third chapter thereof (on privilege rights), which includes a definition of the privilege right of the lessor of the property, without limiting the matter to defining the privilege; in order to clearly clarify the concept of this right in terms of its conditions, basis, nature and scope.
Keywords: Franchise, lessor, real estate, movable property, leased property, tenant.
نشأ حقّ الامتياز في القانون الروماني، وكان مجرد أولويّة منحها القانون لبعض الدائنين العاديين؛ إذ لم يكن حقاً عينيّاً، ومن ثم انتقل ذلك الحقّ إلى القانون الفرنسي القديم، الذي لم يكن فيه للامتياز إلّا المعنى الذي كان معروفاً لدى الرومان ، وبعد ذلك تغيّرت تدريجيّاً طبيعة الحقّ موضوع البحث من مجرد أولويّة للدائن على الديون العاديّة للمدينين إلى أولوية في استيفاء دينه على الديون الخاصة بالمرتهنين. وفي القرن التاسع عشر، ارتقى حق الامتياز إلى مرتبة الحقّ العيني؛ إذ أصبح الدائن صاحب حقّ الامتياز متقدماً على دائني مدينه كافة حتى المرتهنين منهم.
أمّا في ما يخص حقوق الامتياز في القانون المدني العراقي، فإنَّ الأحكام المنظّمة لتلك الحقوق كانت متفرقة في مواضع عدّة، فبعضها ضمنت في المجلة، والبعض الآخر كانت متوزعة بين قانون الإجراء وعدد من التشريعات الخاصة، وبصدور القانون المدني جُمعت أغلب هذه الحقوق في الباب المختص بتلك الحقوق من المجموعة المدنية، وقد اقتبس المشرّع العراقي أحكام هذا الباب من القوانين الحديثة وقانون الإجراء.
وتنقسم حقوق الامتياز إلى ثلاثة أنواع من الحقوق من حيث موضوعها، فهناك حقوق امتياز عامة وحقوق امتياز خاصة منقولة وحقوق امتياز عقاريّة. ويعدّ موضوع دراستنا (حقّ امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور) من حقوق الامتياز الخاصة التي ترد على المنقولات الموجودة في العين. والعلة في تقرير هذا الامتياز يعود إلى أهميّة عقد الإيجار بالنسبة إلى طرفي العقد (المؤجر والمستأجر)؛ ذلك لأنَّ الالتزام الرئيس الناشئ عن إبرام العقد، والملقى على عاتق المستأجر، يقابل التزام المؤجر بتمكين المستأجر من الانتفاع بالمأجور. وعلى هذا الأساس، فإنَّ المشرّع العراقي عمل على إيجاد وسائل تضمن للأفراد استيفاء حقوقهم من حيث إعطاء الدائن الأولويّة في تحصيل تلك الحقوق من دون مزاحمة الأشخاص الآخرين، وعليه، فإنَّ المشرّع يسعى إلى حماية المؤجر عند امتناع المستأجر عن الوفاء بالتزاماته الناشئة عن عقد الإيجار، والمتمثّلة بالوفاء بالأجرة وببقيّة الحقوق التي في ذمته لصالح المؤجر، فجعل المنقولات الموجودة في المأجور (القابلة للحجز) ضامنة لما يترتّب في ذمة المستأجر من حقوق، كما ذهب المشرّع إلى أبعد من ذلك؛ حيث جعل المؤجر حائزاً للمنقولات الموجودة في المأجور، فلولا هذا الامتياز لتردّد أغلبيّة المؤجرين (مؤجري العقارات السكنيّة) في تأجير عقاراتهم، إلّا إذا كان المستأجر مستعداً وقادراً على دفع الأجرة وعلى نحوٍ عاجلٍ غير آجل، فضلاً عن قدرته بتقديم تأمين كافٍ للوفاء بالأجرة والحقوق التي قد تترتب في ذمته لصالح المؤجر.
تبرز أهميّة موضوع حق امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور من ناحيتين:
-
الناحية القانونية: حيث يعدّ حقّ امتياز مؤجر العقار موضوع البحث ضمانةً تمنح له الثقة التامة بالمطالبة باستيفاء حقّه عن طريق السلطة التي منحها إياه المشرّع العراقي على المنقولات الموجودة في المأجور في حال إخلال المستأجر بتنفيذ التزامه المتمثّل بالوفاء بالأجرة، فضلاً عن الوفاء ما في ذمته من مستحقاتٍ تابعة للمؤجر، كما تبرز أهميّته عبر منح المؤجر حيازة على منقولات المستأجر (القابلة للحجز) ذات الطابع الخاص، مما يجعل مركزه أشبه ما يكون بمركز الدائن المرتهن رهناً حيازياً.
-
الناحية الاقتصادية: حيث تبرز أهميّة الموضوع مدار البحث في أنه يتمثّل بالأداة القانونيّة التي تمكّن أصحاب الأملاك من استثمار أموالهم عن طريق التنازل عن منفعتها للغير؛ إذ إنَّ حقّ المؤجر في هذا المقام يؤدّي إلى تعزيز الثقة لدى المؤجر التي تدفعه إلى تأجير ملكه للغير، من دون أنْ يتم التفاوض -قبل إبرام العقد- على دفع الأجرة مقدّماً؛ ذلك أنَّ المشرّع العراقي عمل على تقرير امتياز للمؤجر على المنقولات الموجودة في المأجور كضمانٍ له في استيفاء حقّه قبل بقية الدائنين، فلولا منح المشرّع هذا الحقّ للمؤجر لامتنع الكثير من أصحاب الأملاك عن تأجير أملاكهم -كما ذكرنا مسبقاً- ما لم يتم استيفاء مبلغ الأجرة مقدماً، أو تقديم المستأجر كفيلاً عنه للوفاء بالأجرة في حال إخلاله بتنفيذ التزامه.
هنالك تساؤلاتٌ عدّة تثار في هذه الدراسة، نذكر أبرزها:
-
هل هنالك تعريفٌ خاصٌ لحقّ امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور؟
-
هل هنالك شروطٌ معيّنةٌ يتوجّب توافرها لاستيفاء مؤجر العقار حقّ امتياز على المنقولات الموجودة في المأجور؟
-
ما الأساس القانوني لحقّ امتياز مؤجر العقار موضوع البحث؟
-
ما نطاق حقّ امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور؟ وهل يكون للمؤجر حقّ الامتياز على المنقولات كافة الموجودة في المأجور؟
-
ما حكم هلاك محل امتياز مؤجر العقار؟
-
متى ينقضي امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور؟
من أجل الإلمام بجوانب الموضوع كافة، اتبعنا المنهج التحليلي لغرض تحليل النصوص القانونيّة الواردة في هذا البحث، ونظراً إلى كون الموضوع له صلة بالواقع، فإنّه يتوجّب تناوله عمليّاً دون أنْ يقتصر البحث على الجانب النظري عن طريق قيامنا بتدعيم الجوانب القانونيّة بالواقع عبر الإشارة إلى بعض الأحكام والقرارات القضائيّة العراقيّة.
من أجل دراسة موضوع البحث بصورةٍ وافية ومناقشة موضوعاته بصيغةٍ علميّة وقانونيّة، ارتأينا تقسيم البحث إلى مبحثين؛ وذلك على النحو الآتي:
-
المبحث الأول: التعريف بحق امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور، ويشتمل هذا المبحث على مطلبين؛ حيث سنتناول في المطلب الأول تعريف حق امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور وشروطه، في حين سنكرّس المطلب الثاني للبحث عن الأساس القانوني لحقّ امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور.
-
المبحث الثاني: نطاق حقّ امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور، وحكم هلاك محل حق الامتياز، وانقضاء حق امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور، ويتضمن هذا المبحث مطلبين؛ حيث سنعرض في المطلب الأول نطاق حق امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور وحكم هلاك محل حق الامتياز، بينما سنفرد المطلب الثاني للبحث عن انقضاء حقّ امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور.
وسنختم موضوع هذه الدراسة بخاتمة تضم أهم النتائج التي توصلنا إليها خلال مسيرتنا البحثيّة هذه، وبعض المقترحات التي نراها ضروريّة لمعالجة إشكاليّات موضوع البحث وتساؤلاته وفقاً لوجهة نظرنا التي اعتمدنا فيها على تحليل النصوص القانونيّة.
التعريف بحق امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور
يلزم المستأجر بموجب عقد الإيجار بدفع أجرة العين المأجورة للمؤجر مقابل بدل انتفاعه بها خلال مدة العقد([1]). وفي ضوء ما تقدّم، يتوجّب على المؤجر أنْ يضع المأجور تحت تصرّف المستأجر لغرض الانتفاع به، حتى وإنْ لم ينتفع به على نحوٍ فعلي([2])، وفي حال إخلال المستأجر بالتزامه بدفع الأجرة، فيكون للمؤجر الحقّ في أنْ يطالب بفسخ عقد الإيجار مع التعويض إنْ كان له مقتضى، ويتحقّق ذلك بعد أنْ يتم توجيه إنذاراً للمستأجر لغرض تنفيذ التزامه، وهذا ما قضت به المادتين (782، 177) من القانون المدني العراقي([3])، ويكون للمؤجر أيضاً -وتطبيقاً للقواعد العامة- أنْ يستوفي الأجرة المستحقة عن طريق التنفيذ على أموال المستأجر؛ ذلك أنَّ المؤجر له حقّ امتياز على جميع المنقولات الموجودة في المأجور المملوكة للمستأجر.
وعلى أساس ما تقدّم، ولغرض الوقوف على تعريف حق امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور وشروط استيفاء ذلك الحقّ وأساسه القانوني، ارتأينا تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين؛ حيث سنتناول في المطلب الأول تعريف حق امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور وشروطه، أمّا المطلب الثاني، فسنبحث فيه عن الأساس القانوني لحق امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور .
تعريف حقّ امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور وشروطه
من أجل الوقوف على تعريف حقّ امتياز مؤجر العقار مدار البحث وشروط استيفاء هذا الحق، يقتضي الأمر تقسيم هذا المطلب إلى فرعين؛ حيث سنتناول في الفرع الأول تعريف امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور، بينما سنبحث في الفرع الثاني شروط حق امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور.
تعريف حق امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور
لم يورد المشرّع العراقي تعريفاً لحق امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في العين المأجورة، تاركاً ذلك للفقه، إلّا أنّه عند مراجعتنا لغالبية المراجع القانونية([4]) تبيّن أنَّ فقهاء القانون أيضاً لم يضعوا تعريفاً لهذا الحق؛ بل اكتفى المشرّع العراقي بالإشارة فقط إلى النصوص القانونيّة التي نصّت على حقّ امتياز مؤجر العقار موضوع البحث من دون أنْ يتطرق إلى تعريفه، ومع ذلك فقد لاحظنا من تدقيق النصوص الخاصة بحقّ الامتياز أنَّ المشرّع العراقي اكتفى بتعريف الامتياز فقط وبوجهٍ عام، ومن دون أنْ يورد -كما ذكرنا آنفاً- تعريفاً خاصاً بحقّ امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور؛ إذ عرّف المشرّع العراقي في القانون المدني الامتياز ضمن الكتاب الثالث حقوق الامتياز الفصل الأول منه ضمن الأحكام العامة في الفقرة (1) من المادة 1361، التي نصّت على أنه: “الامتياز أولويّة في الاستيفاء لدينٍ معيّن مراعاةً لسبب هذا الدين”([5]).
وفي ضوء ما تقدّم، وبما أنّه لا يوجد تعريفاً لحق امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في العين المأجورة، يمكننا تعريف حقّ امتياز المؤجر مدار بحثنا بأنّه: “حقٌّ يمنحه القانون للمؤجر يقضي بالتنفيذ على المنقولات الموجودة في المأجور القابلة للحجز عليها لقاء ما في ذمة المستأجر من مستحقاتٍ ماليّةٍ لصالح الأول، ولمدّة ثلاث سنوات، أو لكامل مدّة الإيجار، إنْ قلّت عن تلك الفترة”.
شروط حق امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور
لكي ينشأ للمؤجر حقّ امتياز على المنقولات الموجودة في العين المأجورة، فإنّه يتوجّب أنْ تتوافر مجموعةً من الشروط، وتتمثّل تلك الشروط بالآتي: أنْ يكون هنالك عقد إيجار صحيح، فضلاً عن أنّه يشترط أنْ تكون المنقولات محل حق امتياز مؤجر العقار ملكاً للمستأجر، كما أنّه يشترط أنْ يكون محل حق الامتياز مدار البحث قابلاً للحجز عليه، وهذا ما سنبحثه وعلى التوالي.
أولاً: أنْ يكون هنالك عقد إيجارٍ صحيح
يشترط أنْ يكون عقد الإيجار المبرم فيما بين المؤجر والمستأجر صحيحاً، بمعنى أنْ يكون مستوفياً للشروط القانونيّة، وألّا يكون باطلاً أو صورياً؛ إذ يجب أنْ يكون حقّ امتياز المؤجر موضوع البحث ناشئاً عن عقد إيجارٍ حقيقي وصحيح([6])، والعلة في هذا الشرط تكمن في ما إذا كان العقد باطلاً أو صورياً، ألّا يترتّب عليه أيّ أثرٍ؛ وبذلك لا يثبت للمؤجر عند بطلان العقد أو صوريّته حقّ امتياز على المنقولات الموجودة في العين.
ثانياً: أنْ تكون المنقولات محل حقّ امتياز مؤجر العقار ملكاً للمستأجر
نصّت الفقرة (1) من المادة (1374) من القانون المدني العراقي على أنه: “أجرة المباني والأراضي الزراعيّة لثلاث سنوات، أو لمدة الإيجار إنْ قلّت عن ذلك، وكلّ حقٍ آخر للمؤجر بمقتضى عقد الإيجار، لها جميعاً امتياز على ما يكون موجوداً في العين المؤجرة ومملوكاً للمستأجر من منقولٍ قابل للحجز…”.
وعليه، يتّضح من تحليل مضمون النص أعلاه أنَّ المشرّع العراقي اشترط بموجبه أنْ تكون المنقولات الموجودة في المأجور والتي يرد عليها حقّ امتياز المؤجر ملكاً للمستأجر، والعلة في ذلك تكمن في أنَّ المستأجر يعدّ هو المدين للمؤجر بالأجرة؛ وبذلك فإنه من الطبيعي أنْ تكون أمواله هي الضمان لديون الدائن (المؤجر)، وبما أنَّ الأخير هو دائن للمستأجر بالأجرة، فيكون له حقّ امتيازٍ يتمثّل بأحقيّته بأنْ يستحصل على حقّه من المنقولات المملوكة للمستأجر والموجودة في المأجور([7]).
والتساؤل الذي من يمكن أنْ يثور هنا هو: هل يكون للمؤجر الحقّ ذاته المشار إليه في الفقرة (1) من المادة (1374) المذكورة أعلاه بالنسبة إلى المنقولات الموجودة في المأجور والمملوكة لزوجة المستأجر أو للغير أو حتى المستأجر من الباطن؟
هنالك حالاتٌ تعدّ استثناءً من الأصل العام مدار بحث الفقرة (1) من المادة (1374) من القانون المدني العراقي، والتي بموجبها يمكن أنْ يكون للمؤجر حقّ امتياز على المنقولات الموجودة في المأجور المملوكة لزوجة المؤجر أو للغير، أو قد تكون ملكاً للمستأجر من الباطن، لذا سنعمل على بحث تلك الحالات على النحو الآتي:
لم يورد المشرّع العراقي نصاً في القانون المدني يتناول بموجبه حقّ امتياز مؤجر العقار على المنقولات المملوكة لزوجة المستأجر، بمعنى أنّه لم يمنح المؤجر ذلك الحقّ، أيّ أنَّ منقولات زوجة المستأجر غير مثقلة بحقّ امتياز المؤجر. إلّا أنَّ للقضاء العراقي رأياً آخر في ذلك؛ حيث سبق لمحكمة التمييز أنْ قررت بأنَّ كلّ الأثاث الموجود في المأجور هو ملكٌ للزوجة؛ إذ جاء في القرار أنّه: “يكون للزوجة كلّ الجهاز سواءٌ كان قد جلبته معها ابتداءً من بيت أهلها إلى بيت الزوجيّة؛ وكذلك الأثاث الذي وضعه الزوج لها في الدار (العين المأجورة)؛ ذلك أنَّ الأصل هو عائدية الأثاث الموجودة في الدار للزوجة ما لم يثبت الزوج (المستأجر) عكس ذلك([8]). وعلى أساس ذلك، يمكن أنْ نلاحظ أنَّ القضاء العراقي خرج عن حكم النص القانوني موضوع بحث الفقرة (1) من المادة (1374) من القانون المدني؛ إذ إنّه بموجب حكم محكمة التمييز المشار إليه في أعلاه، لا يمنح مؤجر العقار حقّ امتياز على المنقولات الموجودة في العين التي تعود ملكيّتها لزوجة المستأجر، والعلة في ذلك تكمن في أنَّ كلّ ما هو موجود في المأجور من أثاثٍ تعود ملكيّته إلى زوجة المستأجر؛ وبذلك، فإنّه لا يكون للمؤجر حقّ امتياز على ذلك الأثاث، وهذا محل نظر (حكم محكمة التمييز)؛ ذلك لإمكانيّة تهرّب المستأجر من التزامه بدفع الأجرة ومستحقات المؤجر التي في ذمته بمجرد ادعاءه بأنَّ المنقولات الموجودة في المأجور مملوكة لزوجته، ومن شأن ذلك أنْ يؤدي إلى خسارة المؤجر لحقوقه.
ومن الجدير بالذكر، أنَّ لمحكمة التمييز قراراً آخر؛ إذ صدر في مرحلةٍ لاحقة (بعد صدور قرارها أعلاه)؛ إذ إنَّ القضاء قيد حقّ امتياز مؤجر العقار موضوع البحث؛ إذ قضت محكمة التمييز بالآتي: “على المحكمة تكليف المدّعية بضرورة تقديم البيّنة القانونيّة المعتبرة على أنَّ الأثاث يعود للزوجة، وأنّه من مهرها أو المقدم إليها على سبيل الهدايا بمناسبة الزواج؛ وكذلك ما أحضرته معها إلى بيت الزوجيّة من بيت أهلها، فضلاً عن كلّ ما قدمه الزوج لها خلال الحياة الزوجيّة على سبيل الهبة”([9])، فبموجب هذا القرار فإنَّ حقّ امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور، يقتصر على المنقولات الموجودة فيه والمملوكة للمستأجر؛ بحيث لا يكون للمؤجر هذا الحقّ بالنسبة لما هو موجود من منقولاتٍ في دار الزوجيّة، والتي تعدّ ملكاً للزوجة.
وبحسب رأينا، ومن المفهوم المخالف لنص الفقرة (1) من المادة (1374) من القانون المدني العراقي، فإنَّ للمؤجر حقّ امتياز على المنقولات الموجودة في المأجور، والتي تعود ملكيّتها للزوجة في حال إذا كانت هي مستأجرة للعين المأجورة، وهي صاحبة الأثاث الموجود في العين، ويتحقّق ذلك في حالاتٍ قليلة أو أشبه ما يكون بالنادرة أو المستحيلة في المجتمع العراقي، وفي جميع الأحوال إنَّ كلمة مستأجر بمعناها المطلق تفيد الزوج أو الزوجة.
وعليه، نرى أنّه قد يتعذّر على المؤجر استيفاء حقّه مدار البحث مع القيد المنصوص عليه في الفقرة (1) من المادة (1374) من القانون المدني، والمتضمن (القيد) ممارسة حقه في الامتياز على المنقولات الموجودة في العين المأجورة المملوكة فقط للمستأجر دون غيرها، في الوقت الذي يمكن أنْ يتجنّب الأخير خسارة منقولاته المثقلة بحقّ امتياز المؤجر بمجرد الادعاء بأنَّ تلك المنقولات مملوكة لزوجته، فيكون الخاسر الوحيد هنا هو المؤجر([10]).
نصّت الفقرة (2) من المادة (1374) من القانون المدني على أنّه: “ويقع حقّ الامتياز على المنقولات والمحصولات المملوكة للمستأجر من المستأجر الأصلي، إذا كان المؤجر قد اشترط صراحةً على المستأجر عدم الإيجار، فإذا لم يشترط ذلك، فلا يثبت حق الامتياز، إلا على المبالغ التي تكون مستحقة للمستأجر الأصلي في ذمة المستأجر منه من الوقت الذي ينذره فيه المؤجر بعدم دفع هذه المبالغ للمستأجر الأصلي”.
وعليه، يتّضح من تحليلنا للنص أعلاه، أنَّ المشرّع العراقي ميّز بين حالتين لمنح المؤجر حقّ الامتياز على المنقولات المملوكة للمستأجر من عدمه، وهما: إذا أعلم المؤجر المستأجر صراحةً بعدم موافقته على إيجار العين المأجورة للغير (عدم منح الرخصة)، أو إذا لم يعلن المؤجر عن رفضه أو منعه للمستأجر تأجير العين للغير (منح الرخصة)؛ لذا، يتوجب عليه التمييز بين هاتين الحالتين على النحو الآتي:
الحالة الأولى: إذا لم يمنح المؤجر المستأجر رخصة إيجار المأجور من الباطن (الإيجار من الباطن غير مسموح به)
إذا كان الإيجار من الباطن غير مرخصٍ به من قِبل المؤجر، فهنا يتوجّب على المستأجر أنْ يمتثل لذك المنع (عدم الرخصة)، ويمتنع عن إيجار العين المأجورة للغير، إلّا أنّه إذا خالف المستأجر أمر المؤجر عن طريق قيامه بتأجير العين من الباطن وعلى نحوٍ فعلي إلى الغير، عندها يكون للمؤجر حقّ امتياز على المنقولات الموجودة في المأجور المملوكة للمستأجر من الباطن (الغير عن العقد الأصلي)، وتعدّ تلك المنقولات الضامن الوحيد لكلّ المبالغ المترتّبة بذمة المستأجر الأصلي، وإنْ كانت الأخيرة تزيد على ما للمستأجر الأصلي في ذمة المستأجر من الباطن، وفي الوقت ذاته يكون للأخير حقّ الرجوع على المستأجر الأصلي بما دفعه من زيادة([11])، وإنَّ الأساس الذي يستند إليه حقّ امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور المملوكة للمستأجر من الباطن هو حكم النص القانوني (المادة 1374/ الفقرة 2/ من القانون المدني العراقي).
وخلاصة لما تقدّم، يمكن القول إذا أجّر المستأجر العين من الباطن مع عدم وجود الرخصة عندها يكون للمؤجر حقّ امتياز على المنقولات الموجودة في المأجور المملوكة للمستأجر من الباطن، حتى وصول العلم للمؤجر بعائدية تلك المنقولات للمستأجر من الباطن، ضماناً لما له من حقٍّ في ذمة المستأجر الأصلي.
الحالة الثانية: إذا كان الإيجار من الباطن مسموحاً به من قِبل المؤجر (منح الرخصة)
لا يكون للمؤجر بموجب هذه الحالة حقّ امتياز على المنقولات الموجودة في المأجور المملوكة للمستأجر من الباطن، إلّا في حدودٍ معيّنة وضيقة، تتمثّل تلك الحدود بالمبالغ المستحقة للمستأجر الأصلي في ذمة المستأجر من الباطن، إلّا أنّه يتوجب على المؤجر أنْ يُنذِر المستأجر من الباطن بعدم دفع تلك المبالغ للمستأجر الأصلي([12]).
وتجدر الإشارة إلى أنَّ منح المؤجر ابتداءً حقّ الرجوع على المستأجر من الباطن بدين الأجرة، يعدّ ذلك بحد ذاته حماية قانونيّة منحت للمؤجر لاستيفاء حقّه (الأجرة) الذي في ذمة المستأجر([13])، وهذا يعني أنَّ المشرّع منح المؤجر ميزة حقيقيّة، فله أنْ يستوفي دين الأجرة الذي في ذمة المستأجر من المستأجر الثاني، حتى وإنْ لم يكن دينه ممتازاً.
وكذلك قد تكون موافقة المؤجر على تأجير المستأجر للعين المأجورة من الباطن ضمنيّاً، ويتبيّن ذلك من ظروف الحال، كما لو أنَّ المستأجر قام بتأجير المأجور من الباطن مع علم المؤجر وعدم اعتراضه على ذلك([14]).
يقصد بالغير هو: “الأجنبي تماماً عن العقد، وهو الذي لم يكن طرفاً فيه ولا خلفاً ولا دائناً لأحد طرفيه، فلا يسري العقد في حقه، فهو لا يستفيد ولا يضار به، فلا يكتسب حقاً ولا يلتزم بالتزام”([15]).
ومن أمثلة الغير عن العقد: الراهن رهناً حيازياً، ويتحقّق ذلك عندما يكون المستأجر هو الدائن المرتهن، وكذلك المعير الذي أعار المستأجر بعض المنقولات المملوكة له، في الوقت ذاته الذي وضع المستأجر تلك المنقولات في المأجور، فضلاً عن ذلك فإنَّ مثال الغير عن العقد هو المودع الذي أودع أثاثه لدى المستأجر لغرض المحافظة عليه.
وبدوره، فقد عدّ المشرّع العراقي مؤجر العين المأجورة في مركز الحائز بالنسبة إلى المنقولات الموجودة فيها، وتعدّ قاعدة عدم سريان العقد في حقّ الغير غير مطلقة، لكن ترد عليها بعض الاستثناءات؛ إذ يعدّ المؤجر حائزاً للمأجور؛ وبذلك يكون له الحقّ في أنْ يتمسك بامتيازه على المنقولات المملوكة للغير الموجودة في المأجور؛ وذلك استناداً إلى قاعدة الحيازة في المنقول سند الملكيّة، وهذا ما قضت به الفقرة (2) من المادة (1364) من القانون المدني العراقي؛ إذ نصّت على أنّه: “ويعتبر حائزاً في حكم هذه المادة مؤجر العقار بالنسبة للمنقولات الموجودة في العين المؤجرة…”([16]).
وللبحث في موضوع حقّ امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور المملوكة للغير، يتوجب علينا أنْ نتناوله في نقطتين وهي: إذا كان المؤجر حسن النيّة، أيّ أنّه يجهل بأنْ تلك المنقولات الموجودة في العين تعود ملكيّتها للغير، أو إذا كان المؤجر سيئ النية، أيّ أنّه يعلم بأنَّ المنقولات الموجودة في العين لا يملكها المستأجر، وإنّما تعود ملكيتها للغير.
يعدّ المؤجر حسن النيّة في حال جهله بأنَّ هنالك حقّ للغير على المنقولات الموجودة في المأجور، بمعنى أنَّ المؤجر لا يعلم أنَّ تلك المنقولات الموجودة في العين تعود ملكيتها للغير؛ إذ إنَّ حسن نية المؤجر هنا مفترض بموجب القانون، وعلى مَن يدّعي -مالك المنقولات وليس المؤجر- خلاف ذلك، أيّ سوء نيّة المؤجر، والمتمثّلة هنا بعلمه أنَّ المنقولات مملوكة من الغير وقت إدخالها للمأجور، أنْ يقدم دليلاً يثبت صحة ادعائه، وله إثبات ذلك بطرق الإثبات كافة([17]). وعلى أساس ما تقدّم، فإنّه لا يكون لمدعي سوء نية المؤجر أنْ يسترد المنقولات الموجودة في المأجور والعائدة للغير، إلّا إذا أثبت علم المؤجر بعدم عائدية تلك المنقولات للمستأجر.
وتجدر الإشارة إلى أنّه إذا كانت المنقولات الموجودة في المأجور مملوكة للغير أو الوديع في الوقت الذي قام المؤجر بحيازة تلك المنقولات بحسن نيّة، فإنّه يثبت للأخير حقّ امتياز عليها؛ ذلك لأنه عند وضع المستأجر المنقولات في المأجور لعدم علمه بملكيّتها للغير والمتمثل هنا بالمعير والوديعة لهذه المنقولات، فإنَّ علمه المتأخر (ملكية الغير للمنقولات ) لا يؤثّر في حقّ امتيازه على تلك المنقولات([18]).
ويكون للمؤجر حق امتياز على المنقولات الموجودة في المأجور والمملوكة للمستأجر، إلّا أنّه يكون للغير حقٌ فيه، شريطة ألّا يكون للمؤجر علماً بحق الغير عليه، أيّ توافر حسن النية لديه، ومثالنا الحي على ذلك: أنّه إذا اشترى المستأجر من البائع بنظام القسط، أيّ أنّه لم يدفع ثمن المبيع كاملاً للبائع، ومن ثم قام بنقل تلك المنقولات (المحملة بحقّ البائع) إلى دارٍ كان قد استأجرها، في الوقت الذي توافرت حسن النيّة لدى المؤجر، أيّ أنّه يجهل أنَّ المستأجر اشترى تلك المنقولات بنظام القسط، أيّ أنَّ هذا المنقول محملٌ بحق امتياز البائع، ففي هذه الحالة يثبت للمؤجر حقّ امتياز على تلك المنقولات منفصلاً عن امتياز بائع المنقول([19]).
كما يلاحظ أنّه إذا كانت المنقولات الموجودة في المأجور مسروقة أو ضائعة، وثبت ملكيتها لغير المستأجر، عندها لا يكون للمؤجر حقّ امتياز على تلك المنقولات، حتى وإنْ كان حسن النيّة، والعلة في ذلك تكمن في أنَّ للمالك الحقيقي لتلك المنقولات أنْ يسترده خلال ثلاث سنوات من وقت السرقة أو الضياع أو حتى وقت غصبه أو خيانة الأمانة (عدم إرجاع الأمانة إلى صاحبها)، فضلاً عن أنَّ تلك المنقولات خرجت من يد مالكها دون أنْ تكون لإرادته دوراً في ذلك، أو نتيجة تقصيرٍ منه، وهذا ما نصت عليه المادة (1164) من القانون المدني العراقي التي نصّت على أنه: “استثناءً من أحكام المادة السابقة يجوز لمالك المنقول أو السند لحامله إذا كان قد أضاعه أو خرج من يده بسرقة أو غصب وخيانة أمانة أنْ يسترده ممن يكون حائزاً له بحسن نيّة، وبسببٍ صحيح، في خلال ثلاث سنوات من وقت الضياع أو السرقة أو الغصب أو خيانة الأمانة”([20]).
تعدّ هذه الحالة عكس سابقتها؛ إذ إنَّ المؤجر بموجب هذه الحالة يعد سيئ النية إذا كان على علمٍ تامٍ بأنَّ المنقولات الموجودة في المأجور غير مملوكة للمستأجر، مما يترتّب على ذلك ألّا تكون تلك المنقولات مثقلة بحقّ امتياز لصالح المؤجر([21]).
وبما أنَّ الأصل العام يقضي بحسن نيّة المؤجر، وعلى مَن يدّعي عكس ذلك عبء إثباته، فإنَّ المؤجر يكون سيئ النية في حالتين، هما:
-
إذا كانت الظروف تدل على علم المؤجر بأنَّ المنقولات الموجودة في المأجور ليست للمستأجر([22])، كالحالة التي هي موضوع البحث، كما لو أنَّ المؤجر أجّر المأجور إلى مستأجرٍ وهو على علمٍ أنَّ طبيعة مهنته تستدعي أنْ يضع في العين منقولات أو بعض الأثاث المملوكة للغير، كأن يكون المستأجر مختص بصيانة مكنات الخياطة، فإنَّ طبيعة عمله تستدعي أنْ يضع بعض المكنات في المأجور لتجربتها بعد أنْ تتم صيانتها، ففي مثل تلك الحالات، لا يكون للمؤجر حقّ امتياز على تلك المكنات المملوكة للغير والموجودة في المأجور مع علم المؤجر بطبيعة عمل المستأجر.
-
إذا قام الغير بإخطار المؤجر بمجرد وضع المنقولات في المأجور بتملكه لتلك المنقولات، أو أنَّ له حقّ عليها، فبمجرد وصول ذلك إلى علم المؤجر، تنتفي حسن نيّة المؤجر، ولا يكون له حق امتياز على تلك المنقولات، والاحتجاج بقاعدة الحيازة في المنقول سند الملكيّة، مع ملاحظة أنّه لا يشترط شكل معيّن لتبليغ المؤجر بحقّ الغير على المنقولات الموجودة في العين المأجورة، فقد يكون التبليغ شفاهةً أو بخطابٍ عن طريق البريد أو عن طريق رسالة بواسطة إحدى وسائل التواصل الاجتماعي، فضلاً عن أنّه يكفي افتراض علم المؤجر بعائدية تلك المنقولات للغير وليس للمستأجر([23]).
ثالثاً: أنْ تكون المنقولات محل حقّ امتياز مؤجر العقار قابلة للحجز
بما أنَّ القواعد العامة في القانون المدني تقضي بأنْ تكون أموال المدين (المستأجر) جميعها ضامنة للوفاء بما للدائن (المؤجر) من حقوقٍ؛ لذا يحق للأخير أنْ يطالب بإيقاع الحجز على ما يشاء من أموال مدينه (المستأجر)، إلّا إذا كان هنالك نصٌ يقضي بخلاف ذلك، وبذلك يتوجب أنْ تكون المنقولات الموجودة في المأجور قابلة للحجز، والعلة في ذلك تكمن في أنَّ الغاية من إقرار حقّ الامتياز لمؤجر العقار على تلك المنقولات في حصول المؤجر على حقّه في الأجرة المتأخرة والحقوق كافة التي في ذمة المستأجر من ثمن تلك المنقولات عند بيعها في المزاد العلني، ويتحقّق ذلك لدى عدم تمكّن الأخير من الوفاء بما للمؤجر من حقّ (الأجرة والمستحقات الأخرى) المترتّبة في ذمته([24]).
وإذا كان الأصل العام يقضي بأنْ يقع الحجز على المنقولات المملوكة للمستأجر، فإنّه استثناءً من هذا الأصل قد منع المشرّع إيقاع الحجز على بعض الأموال؛ وذلك مراعاةً منه لمصلحة المستأجر وظروفه؛ إذ إنَّ الأموال التي لا يجوز إيقاع الحجز عليها وردت على سبيل الحصر لا على سبيل المثال، ونذكر منها: ما يدخل ضمن نطاق حق امتياز مؤجر العقار موضوع البحث، وهي كالآتي:
-
ما يكفي لمعيشة المدين (المستأجر) ومَن يعيلهم من وارداته.
-
الأثاث المنزلي الضروري للمدين (المستأجر) مع أفراد عائلته، إلّا إذا كان الدين ناشئاً عن ثمنها.
-
الآلات والأدوات اللازمة للمدين (المستأجر) لممارسة صنعته أو مهنته، ما لم يكن الدين ناشئاً عن ثمنها.
-
المؤونة اللازمة لإعانة المدين(المستأجر) وعياله لمدة شهر واحد.
-
الكتب الخاصة بمهنة المدين (المستأجر).
-
العقار بالتخصيص.
الأساس القانوني لحقّ امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور
قد يستند الأساس القانوني لحقّ امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في العين المأجورة إلى إحدى الاعتبارات الآتية والمتمثلة بمبادئ العدالة وإلى الرهن الحيازي الضمني، فضلاً عن أنَّ ذلك الأساس قد يرتكز على إرادة المشرّع، أيّ مصدره النص القانوني.
وفي ضوء ما تقدّم، سنقسم هذا المطلب إلى ثلاثة فروع؛ حيث سنتناول في الفرع الأول مبادئ العدالة كأساس لحق امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور، أمّا الفرع الثاني فسنتناول فيه الرهن الحيازي الضمني كأساسٍ لحق امتياز المؤجر موضوع البحث، بينما الفرع الثالث فسنبحث فيه عن النص القانوني بوصفه أساساً لحق امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور.
العدالة كأساسٍ لحقّ امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور
على ما يبدو أنَّ المشرّع العراقي قد استند في منح مؤجر العقار حقّ امتياز على المنقولات الموجودة في المأجور إلى ما تقتضيه قواعد العدالة، لا سيّما أنَّ الأصل العام يقضي بأنَّ المستأجر يلزم بدفع أجرة العين المأجورة المتّفق عليها في العقد في حالة الاتفاق أو أجرة المثل، في حال أغفل المتعاقدان (المؤجر والمستأجر) تحديدها أو تعذّر عليهما إثباتها([25])، وبخلاف هذا الأصل، فإنّه يكون للمؤجر تطبيقاً لقواعد العدالة تمكين المؤجر من استيفاء دين الأجرة والمستحقات كافة التي في ذمة المستأجر لصالحه من ثمن المنقولات الموجودة في المأجور (القابلة للحجز)؛ وذلك تحقيقاً للغاية من حقّ الامتياز والمتمثلة بحصول المؤجر على حقّه في الأجرة المتأخرة أو غير المدفوعة، عن طريق بيع تلك المنقولات الموجودة في المأجور في حالة عجز المستأجر عن دفعها، فضلاً عن حقّه في استيفاء باقي المستحقات الإيجارية، كالتعويض الذي يكون في ذمة المستأجر لصالح المؤجر، والناشئ عن سوء استعمال الأول للمأجور، أو بسبب إحداث المستأجر تغييراً في العين من دون موافقة المؤجر على ذلك التغيير([26]).
وخلاصة لما سبق بحثه في هذا الفرع، فإنّه يمكن القول أنّه قد يكون الأساس القانوني لحق امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور مستنداً إلى ما تقتضيه قواعد العدالة؛ ذلك أنَّ العدالة تقتضي أنْ يستوفي المؤجر مبلغ الأجرة والمستحقات الإيجارية الأخرى المذكورة آنفاً من ثمن المنقولات الموجودة في المأجور (القابلة للحجز) بعد أنْ يتم بيعها.
الرهن الحيازي الضمني كأساس لحق امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور
تقوم فكرة الرهن الضمني على افتراض أنَّ هنالك اتفاقاً فيما بين طرفي عقد الإيجار (المؤجر والمستأجر) على أنْ تكون المنقولات الموجودة في المأجور للطرف الثاني من العقد (المستأجر) ضامنة لحقوق الطرف الأول من العقد (المؤجر)؛ إذ إنَّ هذا الرهن يستند إلى حيازة المنقول على نحوٍ حكمي، فالمؤجر هنا يعدّ حائزاً لتلك المنقولات التي تضمن وفاء المستأجر للأجرة، وإنَّ هذه الحيازة الحكمية([27]) تكون ضامنة لحماية حق المؤجر؛ ذلك أنّها تمنحه السيطرة التامة على المنقولات (القابلة للحجز) التي يقع عليها حقّ امتيازه، فهذه الحيازة تختلف تماماً عن الرهن الحيازي؛ كون المنقولات تبقى تحت يد المستأجر لا يد الحائز والمتمثل بالمؤجر([28]).
وخلاصة لما تقدّم، فإنّه يمكن أنْ يكون الأساس القانوني لحقّ امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور مبنياً على أساس فكرة الرهن الحيازي الضمني أو ما يطلق عليها بالحيازة الحكميّة للمنقولات لصالح المؤجر؛ إذ يتطلّب ذلك الأساس بقاء الأخير حائزاً للمنقولات الموجودة في المأجور؛ كونه لم يرضَ بتأجير العين إلّا بعد أنْ يتقرر له رهن على تلك المنقولات (القابلة للحجز)، لكي تكون ضامنة لحقّه في الأجرة، حتى وإنْ لم تكن تلك الحيازة ماديّة (حقيقيّة)، أيّ أنَّ الحيازة هنا معنويّة، تتمثّل بعدم تخلّي المستأجر عن تلك المنقولات مدار البحث على نحوٍ حقيقي، وإنما يعدّ المؤجر حائزاً لها على نحوٍ ضمني([29]).
النص القانوني كأساس لحق امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور
نظّم المشرّع العراقي حقوق الامتياز في الباب الثالث من الفصل الأول من القانون المدني، وقد قرّرت هذه الحقوق لحماية حقّ المؤجر عبر منحه الأولويّة في استيفاء دينه الذي في ذمة المستأجر من قيمة المنقولات الموجودة في المأجور؛ إذ نصت المادة (1361) من القانون المدني على أن: “1- الامتياز: أولويّة في الاستيفاء لدينٍ معيّن مراعاةً لسبب هذا الدين. 2- ولا يكون للدين امتيازٌ إلا بمقتضى نص في القانون”([30])، فضلاً عن أنَّ الفقرة (1) من المادة (1374) من القانون نفسه قد نصّت على أنّه: “… وكلّ حقٍ آخر للمؤجر بمقتضى عقد الإيجار، لها جميعاً حقّ امتياز على ما يكون موجوداً في العين المؤجرة مملوكاً للمستأجر من منقولٍ قابل للحجز…”([31]).
وعليه، يتّضح من تحليل النصين أعلاه أنَّ حقّ الامتياز بالنسبة إلى المؤجر هو حقٌّ قانوني؛ إذ لا يمتلك المؤجر ذلك الحق إلّا بمقتضى نص قانوني([32])، ولا يمكن أنْ ينشأ ذلك الحق عن طريق حكم قضائي، أو بإرادة الأفراد الحرة المختارة، فالمشرّع هو مَن يجعل الحقّ ممتازاً، ويحدّد مرتبته مراعاةً منه لسبب ذلك الحق، فضلاً عن أنَّ له أنْ يعمل على تغيير رتبة حق الامتياز موضوع البحث.
وعليه، إنَّ النصين المشار إليهما أعلاه يعدّان نصّين استثنائيّين يمنحا الدائن (المؤجر) الأولويّة في استيفاء حقّه في الأجرة، أو أيّ حقٍّ ماديٍ له في ذمة المستأجر؛ وبذلك يمكن أنْ يكون الأساس القانوني لحقّ امتياز المؤجر على المنقولات الموجودة في المأجور هو حكم النص القانوني، ونجده في نص المادتين (1361، 1374/1) من القانون المدني العراقي.
وعلى أساس ما تقدّم، ومن تعمقنا في بحث الموضوع مدار البحث، يمكن القول إنَّ الأساس القانوني لحقّ امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور يستند إلى ما تقتضيه مبادئ العدالة، إضافةً إلى أنّه يمكن أنْ يكون ذلك الأساس مستنداً إلى فكرة الرهن الحيازي الضمني أو ما يسمى بالحيازة الحكميّة للمنقولات لصالح المؤجر، وأخيراً يمكن أنْ يكون الأساس القانوني لحقّ امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور مستنداً إلى حكم النص القانوني، أيّ أنّه أساسٌ مزدوجٌ، وهو ما تقتضيه مبادئ العدالة، وإلى فكرة الرهن الحيازي الضمني، وإلى حكم النص القانوني كأساسٍ للحق موضوع البحث.
نطاق حقّ امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور وحكم هلاك محل حقّ الامتياز وانقضاء حقّ امتياز مؤجر العقار
لغرض بحث موضوع نطاق امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور وحكم هلاك تلك المنقولات، وانقضاء حقّ الامتياز موضوع البحث، يجب تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين؛ حيث سنبحث في المطلب الأول نطاق امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور وحكم هلاك محل الامتياز، أما المطلب الثاني فسنخصصه لبحث انقضاء حق امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور.
نطاق حق امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور وحكم هلاك محل حقّ الامتياز
لا بدّ من أنْ يتحدّد حقّ امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور بنطاقٍ معيّن، فضلاً عن ذلك فإنَّ محل ذلك الحقّ الذي يمنحه القانون للمؤجر، يمكن أنْ يلحقه هلاكاً أو تلفاً، سواءٌ أكان جزئيّاً أم كلياً.
وفي ضوء ما تقدّم، سنقسم هذا المطلب إلى فرعين؛ حيث سنتناول في الفرع الأول نطاق امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور، بينما سنبحث في الفرع الثاني حكم هلاك محل الامتياز.
نطاق حقّ امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور
نصّت الفقرة (1) من المادة (1374) من القانون المدني العراقي على أن: “أجرة المباني والأراضي الزراعيّة لثلاث سنوات، أو لمدة الإيجار إنْ قلّت عن ذلك، وكلّ حقٍّ آخر للمؤجر بمقتضى عقد الإيجار، لها جميعاً حق امتياز على ما يكون موجوداً في العين المؤجرة مملوكاً للمستأجر من منقولٍ قابل للحجز ومن محصولٍ زراعي”.
وطبقاً للنص أعلاه، يتحدّد نطاق امتياز مؤجر العقار في نوعين من المنقولات التي تعدّ محل حق امتياز المؤجر مدار البحث، وهي: المنقولات الموجودة في العين المأجورة، والمحاصيل الزراعيّة بالنسبة إلى الأرض المؤجرة، وبما أنَّ دراستنا محددة النطاق بامتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور، فلا مجال للبحث عن امتياز مؤجر الأرض الزراعيّة على ما هو موجود فيها من محاصيل زراعية (نتاج الأرض الزراعية).
في حين يتحدّد نطاق حقّ امتياز مؤجر العقار السكني -كما ذكرنا في أعلاه- في المنقولات([33]) التي يضعها المستأجر في العين المأجورة؛ إذ إنَّ تلك المنقولات تنقسم بدورها إلى منقولاتٍ ماديّة وأخرى معنويّة، والتساؤل الذي يمكن أنْ يُطرح في هذا المقام هو: هل يكون لمؤجر العين المأجورة حقّ امتياز على المنقولات كافة الموجودة في المأجور، سواءٌ أكانت تلك المنقولات ماديّة أم معنويّة؟
بالعودة إلى حكم نص الفقرة (1) من المادة (1374) من القانون المدني العراقي المذكور أعلاه، يمكن ملاحظة أنّه قضى بأنْ يقع حقّ الامتياز -على نحوٍ عام- على ما يكون موجوداً في المأجور من منقولٍ قابل للحجز عليه، ومن هنا يتبيّن أنَّ كلمة (منقول) جاءت مطلقة، ونستدل من ذلك أنَّ المشرّع العراقي كان قد قصد من تلك الكلمة أنَّ حقّ امتياز مؤجر العقار يقع على المنقولات الموجودة في المأجور، سواءٌ أكانت ماديّة أم معنويّة، إلّا أنَّ الفقه القانوني([34]) يرى أنَّ حقّ مؤجر العقار يقتصر على المنقولات الماديّة الموجودة في المأجور دون المعنويّة؛ ذلك أنَّ المنقولات المعنويّة ليست ملموسة فهي حقيقيّة؛ إذ لا يمكن حيازتها، وليست من المنقولات التي يتم تجهيز العين بها على عكس المنقولات المادية، ومثالها: الحقوق التي قد تكون تجاريّة (حقوق الملكيّة الأدبيّة والفنيّة كحق المؤلف، حقوق صناعية، براءة اختراع)، أو قد تكون ديوناً للمستأجر في ذمة الغير؛ ذلك أنَّ الأجرة تدخل ضمن الضمان العام لدائني المستأجر؛ وبذلك فلا يكون لمؤجر العقار حقّ امتياز على تلك المنقولات لوحده دون غيره.
وتجدر الإشارة هنا إلى أنَّ هنالك نوعاً من المنقولات الماديّة لا تقع ضمن نطاق امتياز مؤجر العقار موضوع البحث، ألا وهي: السيارة الموجودة في الكراج التابع للعين المأجورة؛ ذلك لأنّها تخضع لأحكامٍ خاصة بها؛ إذ يُشتَرط تسجيلها، وأنّها تعامل السيارات معاملة العقارات، لكن ومع ذلك تبقى صفة المنقول ملاصقة لها، فاشتراط التسجيل لا يكسبها (السيارات) صفة العقار([35]).
ولما كان لمؤجر العقار حق امتياز على المنقولات الموجودة في العين المأجورة ، فإنّه ومع ذلك ترد على هذه القاعدة بعض الاستثناءات، بمعنى لا يرد حق امتياز مؤجر العقار على بعض المنقولات غير القابلة للحجز، وبناءً على ذلك فإنَّ المنقولات كافة غير القابلة للحجز لا تثقل بحق امتياز المؤجر موضوع البحث، وهذا ما قضت به المادة (62) من قانون التنفيذ العراقي رقم (45) لسنة 1980؛ إذ أشارت المادة المذكورة آنفاً إلى الأموال التي تخرج عن نطاق حقّ امتياز مؤجر العقار التي لا يجوز إيقاع أمر الحجز عليها، وهي كالآتي:
أولاً: ما يكفي لمعيشة المدين (المستأجر) ومَن يعيلهم من وارداته
تعود الأسباب الموجبة التي دعت المشرّع العراقي إلى عدم جواز الحجز على ما يكفي لمعيشة المدين (المستأجر) ومَن يعيلهم، إلى أسبابٍ إنسانيّة الهدف منها مراعاة حالة المدين والرفق به وبأسرته من العوز والحاجة؛ كون الحجز على جميع واردات المدين قد تعرّضه وأفراد عائلته (المسؤول عن إعالتهم) إلى إلحاق الضرر المؤكّد بهم([36])، إلّا أنّه يتبيّن لنا من المفهوم المخالف للنص موضوع البحث أنَّ المشرّع منح مؤجر العقار حقّ امتياز على ما زاد عن المقدار الكافي لمعيشة المستأجر ومَن يعيلهم، وأنَّ تقدير ذلك المقدار يعود إلى السلطة التقديريّة للمحكمة المختصة([37]).
ثانياً: الأثاث المنزلي الضروري للمدين (المستأجر) مع أفراد عائلته إلّا إذا كان الدين ناشئاً عن ثمنها
يقضي الأصل العام بعدم جواز إيقاع الحجز على الأثاث المنزلي الضروري للمدين (المستأجر) مع أفراد عائلته؛ وذلك لاعتباراتٍ إنسانيّة، ومراعاةً لحالة المستأجر (المدين) مما قد يواجهه هو وأفراد عائلته من مصاعب الحياة، مثل ذلك الأثاث الذي لا يستطيع المستأجر ومَن يعيلهم الاستغناء عنها، ومن دون أنْ يكون لذلك تأثيرٌ سلبيٌ عليهم، كما لا يحق للمؤجر طلب إيقاع الحجز على أموال المستأجر، إذا كانت مملوكة لأفراد أسرته، إلّا أنّه استثناءً من هذا الأصل، يكون للمؤجر الحجز على أثاث المستأجر في حالةٍ واحدة فقط، ألا وهي: إذا كان الدين الذي طلب الأول إيقاع الحجز عليه، ناشئاً عن عدم الوفاء بقيمة تلك الأثاث.
وتجدر الإشارة إلى أنَّ للمحكمة سلطة تقديريّة فيما إذا كان الأثاث الموجود في العين ضروريّاً للمستأجر (المدين) ولأفراد عائلته من عدمه، وهذا ما قضت به محكمة التمييز، إذ قررت أنّ: “مديرية التنفيذ رفعت الحجز عن الثلاجة والتلفزيون والطباخ، وأبقت أمر الحجز على الأثاث المتبقي في العين؛ كونه ضرورياً للمدين (المستأجر) ولأفراد عائلته على حدٍ سواء؛ وعليه، قرّرت المحكمة نقض القرار المميز؛ ذلك أنّه اتخذ قبل إجراء الكشف من قِبل الجهات المعنيّة على دار المستأجر، لغرض التعرف على حالته الاجتماعية، ليتم تقدير فيما إذا يعدّ ذلك الأثاث ضرورياً من عدمه”([38]).
ثالثاً: الآلات والأدوات اللازمة للمدين (المستأجر) لممارسة مهنته أو صنعته ما لم يكن الدين ناشئاً عن ثمنها
تعدّ الآلات والأدوات اللازمة للمستأجر (المدين) لممارسة مهنته أو صنعته غير قابلة للحجز عليها؛ وبذلك لا يكون للمؤجر حقّ امتياز عليها، ومثال تلك الآلات: مكنة الخياطة، ومن الأسباب الموجبة التي دعت المشرّع العراقي إلى إخراجها من نطاق المنقولات القابلة لإيقاع الحجز عليها، أنَّ الحجز على تلك المكنة -على سبيل المثال- تجعل من المستأجر إنساناً عاطلاً عن العمل؛ كون الحجز وقع على مصدر رزقه الوحيد، لا سيّما أنَّ المستأجر يعدّ صاحب مهنة (خياط)، ولا يستطيع أنْ يمارس مهنته من دون تلك المكنة، ويستمر بمهنته هذه. وعلى أساس ما تقدّم، فإنّه إذا ترك المستأجر مهنته (الخياطة)، عندها يكون للمؤجر أنْ يطلب إيقاع الحجز عليها عن طريق بيعها بالمزاد العلني، واستيفاء ما في ذمة المستأجر من ثمنها.
وتجدر الإشارة هنا إلى أنَّ المشرّع العراقي اشترط لإخراج تلك الآلات والأدوات من نطاق حق امتياز المؤجر وعدم قابليّتها لإيقاع الحجز عليها ألّا يكون الدين ناشئاً عن ثمن الآلة أو الأداة (مكنة الخياطة)، وهذا ما قضت به محكمة التمييز الاتحادية؛ إذ جاء في قرارها: “لا يجوز حجز أدوات المهنة، إذا لم يكن الدين ناشئاً عن ثمنها، ولو وافق المستأجر على حجزها”([39]).
رابعاً: المؤونة اللازمة لإعاشة المدين (المستأجر) وعياله لمدة شهر واحد
ويقصد بالمؤونة اللازمة لمعيشة المستأجر (المدين) وعياله التي تخرج من نطاق حقّ امتياز مؤجر العقار، الغذاء الكافي لسد حاجة المستأجر وأفراد عائلته لمدة شهر واحد فقط، وإنَّ الأسباب الموجبة التي دعت المشرّع العراقي إلى إخراج المؤونة من نطاق حقّ امتياز المؤجر موضوع البحث وتحديده بتلك المدّة الزمنيّة (شهر واحد فقط لا غير)، مراعاةً لظروف المستأجر، ولكي يمنح متسع من الوقت ليتدبر أمره ضمن تلك المدة([40]).
خامساً: الكتب الخاصة بمهنة المدين (المستأجر)
عمل المشرّع العراقي على إخراج الكتب الخاصة بمهنة المستأجر من نطاق حقّ امتياز مؤجر العقار؛ ذلك أنَّ تلك الكتب تعدّ الأساس لعمل المستأجر الذي يقتات عليه، ومع ذلك فإنّه يكون للمؤجر حقّ امتياز على الكتب التي لا تكون لها علاقة بمهنة المستأجر؛ وكذلك تدخل الكتب الخاصة بمهنة المستأجر ضمن نطاق حق الامتياز موضوع البحث، إذا توقف المستأجر عن مزاولة مهنته.
يخرج العقار بالتخصيص من نطاق حقّ امتياز مؤجر العقار؛ ذلك أنَّ العقار بالتخصيص تابع للعقار الأصلي المخصص لخدمته، وعلى أساس ما تقدّم ذكره، فإنّه لا يمكن الحجز على العقار بالتخصيص إلّا تبعاً للعقار الأصلي الذي خُصّص لخدمته([41]).
حكم هلاك محل حق الامتياز (المنقولات)
نصّت الفقرة (1) من المادة (1374) من القانون المدني العراقي على أنّه: “… ويكون لها جميعاً حق امتياز على ما يكون موجوداً في العين المؤجرة مملوكاً للمستأجر من منقولٍ قابل للحجز…”.
ومن تحليلنا للنص المذكور آنفاً، يتّضح أنَّ المشرّع العراقي مثلما حدّد حقّ امتياز مؤجر العقار، عمل كذلك على تحديد محله، وطبقاً للنص أعلاه فإنَّ محل حق امتياز مؤجر العقار هو المنقولات كافة الموجودة في المأجور، باستثناء ما يخرج من نطاق حقّ امتياز المؤجر موضوع البحث، والتي تم بحثها في موضعٍ سابق من هذه الدراسة، والتساؤل الذي يمكن أنْ يطرح في هذا المقام هو: ماذا لو هلكت المنقولات الموجودة في المأجور المثقلة بحق امتياز مؤجر العقار، سواءٌ أكان الهلاك الذي لحقها هلاكاً كليّاً أم جزئيّاً، وهل الحق مدار البحث يبقى قائماً أم ينتفي بهلاك محل امتياز المؤجر؟
قد تهلك المنقولات محل حق امتياز المؤجر ماديّاً (حادث مادي) أو بتصرفٍ قانونيٍ ناجم عن المستأجر بتلك المنقولات؛ لذا، سنبيّن كلتا الحالتين على التوالي لغرض الإجابة عن التساؤل المطروح أعلاه.
أولاً: هلاك محل حقّ الامتياز مادياً
عالج المشرّع العراقي حكم هلاك محل امتياز مؤجر العقار ماديّاً، والمتمثل بهلاك المنقولات الموجودة في المأجور (القابلة للحجز) في المادة (1366) من القانون المدني، والتي نصّت على أن: “يسري على حق الامتياز ما يسري على حق الرهن التأميني والحيازي من أحكامٍ متعلقة بهلاك الشيء أو تعيبه”. وتطبيقاً للنص المذكور آنفاً، فإنَّ المشرّع أحال إلى الأحكام الخاصة بهلاك الشيء المرهون رهناً تأمينياً أو حيازياً([42])، ويتبع في هلاك المنقول المثقل بحق امتياز مؤجر العقار (نطاق دراستنا) إلى الأحكام المتعلقة بهلاك الشيء المرهون رهناً حيازياً.
وتأسيساً على ما تقدّم، فإذا هلك محل حق امتياز مؤجر العقار وكان هلاكه ناشئاً عن خطأٍ صادرٍ عن المستأجر (المدين)، كان للمؤجر (الدائن) أنْ يتخيّر فيما بين استيفاء الدين أو طلب تأمين آخر، إلّا أنّه إذا هلك محل حق الامتياز لسببٍ أجنبي لا يد للمستأجر فيه، كان الخيار هنا للأخير، وينتقل إلى الحق الذي حل محل الشيء الذي هلك مثل التعويض أو مبلغ التأمين.
ثانياً: هلاك محل حقّ الامتياز بتصرّفٍ قانوني
نصّت الفقرة (3) من المادة (1374) من القانون المدني العراقي على أنّه: “إذا نقلت الأموال المثقلة بحق الامتياز من العين المؤجرة على الرغم من معارضة المؤجر وعلى غير علمٍ منه، ولم يبقَ في العين أموال كافية لضمان المبالغ الممتازة، بقي حق الامتياز قائماً على الأموال التي نقلت، دون أنْ يضر ذلك بالحق الذي يكسبه الغير حسن النية على هذه الأموال”.
وتطبيقاً لأحكام النص المذكور آنفاً، فإنّه إذا تصرّف المستأجر بالمنقولات الموجودة في المأجور المثقلة بحقّ امتياز مؤجر العقار، عن طريق بيعها إلى شخصٍ من الأشخاص، على الرغم من معارضة المؤجر، ومن دون علمٍ مسبقٍ منه في الوقت الذي لم يبقَ في المأجور من منقولاتٍ ضامنة لمبلغ الأجرة أو مستحقات في ذمة المستأجر للمؤجر، فتصرف الأول بتلك المنقولات بحد ذاته، يعدّ هلاكاً لمحل حق امتياز المؤجر موضوع البحث بالنسبة إلى المؤجر، بوصفه صاحب حق امتياز على تلك المنقولات، وفي هذه الحالة ينتقل الحق إلى ثمن المنقولات، ويجوز للمؤجر أنْ يحجز عليها تحت يد المشتري ويستوفي حقه منه بحسب مرتبته بالامتياز، ومع ذلك إذا كان في المأجور منقولات (قابلة للحجز عليها) كافية لضمان دين الأجرة أو الديون الأخرى التي في ذمة المستأجر، عندها لا يكون للمؤجر حق امتياز على ثمن المنقولات التي تصرّف المستأجر بها بالبيع للغير، فضلاً عن أنّه لا يحقّ له أنْ يسجل اعتراضه على خروج المنقولات من العين؛ وذلك استناداً للمفهوم المخالف لأحكام النص أعلاه([43]).
انقضاء حق امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور
ينقضي حقّ امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في العين المأجورة للأسباب نفسها التي ينقضي بها حق الرهن الحيازي، إلّا أنّه يتبع في انقضاء حقّ الامتياز الذي يرد على العقار كافة الأحكام التي تطبق على انقضاء الرهن التأميني([44])، وهذا ما قضت به أحكام المادة (1367) من القانون المدني العراقي([45])، وبالعودة إلى أحكام انقضاء حقّ الرهن الحيازي المنصوص عليه في المادة (1346) من القانون المدني العراقي([46])، نستنتج أنَّ هنالك مجموعةً من الأسباب التي بتوافرها (أو إحداها) ينقضي حقّ امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور، منها: أسباب عامة (تبعيّة أو أصليّة) وأخرى خاصة، وسنعمل على بحث تلك الأسباب في فرعين منفصلين على النحو الآتي.
الأسباب العامة لانقضاء حق امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور
ينقضي حق امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في العين المأجورة، إذا انقضى التزام المستأجر عن طريق الوفاء بدين الأجرة والديون الأخرى التي في ذمته؛ إذ نصّ المشرّع على ثلاث حالات لانقضاء الالتزام موضوع البحث، والذي من شأنه أنْ يؤدي إلى انقضاء حقّ امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور، وهي: حالة انقضاء التزام المستأجر بالوفاء، وانقضاء الالتزام مدار البحث بما يعادل الوفاء؛ وكذلك حالة انقضاء حق امتياز مؤجر العقار دون الوفاء بالالتزام، وسنعمل على بحث تلك الحالات على النحو الآتي:
أولاً: انقضاء حق امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور بالوفاء
يعدّ الوفاء هو الطريق الطبيعي لانقضاء الالتزام بوجهٍ عام، وتطبيقاً للقواعد العامة المنصوص عليها في المادة (375) من القانون المدني العراقي([47]) والقواعد الخاصة بالحقّ مدار البحث، فإنَّ حق امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور ينقضي في حال قيام المستأجر (المدين) بالوفاء بدين الأجرة، وأيّ حقٍّ للمؤجر في ذمته بنفسه أو عن طريق مَن ينوب عنه أو أيّ شخصٍ من الأشخاص، سواءٌ أكانت له مصلحة أو أنّه أجنبيٌ لا مصلحة له بذلك الوفاء.
وتجدر الإشارة هنا إلى أنّه لا ينقضي حقّ امتياز مؤجر العقار مدار بحثنا في حال تم الوفاء بالالتزام جزئياً؛ بل يبقى حقّ امتياز المؤجر قائماً على ما تبقى له من حقٍّ في ذمة المستأجر؛ والعلة في ذلك تكمن في أنَّ حقّ امتياز مؤجر العقار غير قابلٍ للتجزئة.
ولما كان الأثر المترتّب على الوفاء بالالتزام يعدّ طريقاً من طرق انقضاء حقّ امتياز مؤجر العقار، فإنّه يكون للمستأجر بوصفه مديناً بالالتزام بالوفاء -كونه صاحب مصلحة في قضاء ما في ذمته- بنفسه أو عن طريق أيّ شخصٍ من الأشخاص، سواءٌ أكان له مصلحة في ذلك من عدمه، ولا يكون للمؤجر كونه دائناً بذلك الوفاء برفضه، ومع ذلك يكون له حقّ رفض وفاء الغير في حالتين: الأولى: إذا اعترض المستأجر (المدين) على ذلك مع إيصال رفضه إلى علم المؤجر (الدائن). والثانية: إذا نص الاتفاق المنشئ للالتزام على ذلك، وفي هذه الحالة فإنَّ المستأجر لا يتحرر من الالتزام مدار البحث، فضلاً عن أنّه يكون للغير الحقّ في الرجوع على المستأجر في حدود ما أوفى به، وهذا ما قضت به أحكام المادة (375) من القانون المدني.
وعلى أساس ما تقدم ذكره، فإنَّ حق امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور ينقضي وينقضي معه التزام المستأجر بدفع الأجرة، فضلاً عن الديون الأخرى التي في ذمته.
ثانياً: انقضاء حق امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور بما يعادل الوفاء
ذكر المشرّع العراقي صوراً عدة لانقضاء الالتزام بما يعادل الوفاء، وتتمثّل تلك الصور بالوفاء بمقابل، وتجديد الالتزام، فضلاً عن المقاصة كأداة وفاء وطريقة من طرق انقضاء الالتزام، واتحاد الذمة كصورة من صور انقضاء الالتزام؛ لذا، سنبحث تلك الصور على النحو الآتي:
نصّت المادة (399) من القانون المدني العراقي على أن: “إذا قَبِلَ الدائن في استيفاء حقه شيئاً آخر غير الشيء المستحق، قام هذا مقام الوفاء”. وعليه، يتضح من تحليل هذا النص أنَّ للدائن (المؤجر) حق الاستعاضة بشيءٍ آخر غير محل الالتزام (دين الأجرة، وما في ذمة المستأجر من ديونٍ أخرى لصالح المؤجر)، فإذا ما اتفق المؤجر (الدائن) والمستأجر (المدين) على استيفاء الحقّ -الديون التي في ذمة المستأجر- لقاء مقابلٍ معيّن، انقضى الالتزام، وانقضى معه حق الامتياز.
يقصد بالتجديد هو: “استبدال دين جديد بدينٍ قديم، فيكون سبباً في انقضاء الدين القديم، وفي نشوء الدين الجديد”([48])، ويكون تجديد الالتزام بإحدى الصور التي نصت عليها المادة (402) من القانون المدني العراقي وهي كالآتي:
الصورة الأولى: التجديد بتغيير الدائن
ينقضي حق امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور وفقاً لهذه الصورة، في حال اتفق الدائن والمدين وشخص أجنبي تماماً عن عقد الإيجار على أنْ يكون هذا الأخير الدائن الجديد، أيّ يقوم مقام المؤجر في العقد.
الصورة الثانية: التجديد بتغيير المدين
بموجب هذه الصورة، ينقضي حق امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور؛ ويتحقق ذلك بحالتين: الأولى: تكون باتفاق الدائن مع الغير على حلول الأخير محل المدين الأصلي بالالتزام، وتبرأ ذمة المدين الأصلي دون الحاجة إلى الحصول على رضا الأخير. أمّا الحالة الثانية، فتكون بحصول المدين على رضا الدائن بأنْ ينوب عنه الغير الأجنبي تماماً عن العقد بالالتزام التام وبكامل إرادة الأخير، وعلى أنْ تبرأ ذمة المدين الأصلي، ويتم ذلك باتفاق الأطراف الثلاثة، وهم: الدائن والمدين والغير([49]).
الصورة الثالثة: التجديد بتغيير الدين
ينقضي حق امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور؛ وذلك باتفاقٍ مبرمٍ فيما بين الدائن (المستأجر) والمدين (المؤجر)، ويكون إمّا بتغيير محل الالتزام ويتحقّق ذلك بأنْ يتّفقا على أنْ يلتزم المستأجر باعتباره مديناً بهذا الالتزام بالقيام بعمٍل معيّن بأنْ ينقل ملكيّة عين بدلاً عن تنفيذ التزامه المتمثّل بدفع أجرة العين المأجورة، أو أنْ يتّفق المؤجر والمستأجر على تغيير مصدر الالتزام، كما لو أنَّ الأخير يبقي على أجرة المأجور على سبيل القرض.
عرّف المشرّع العراقي المقاصة بموجب أحكام نص المادة (408) من القانون المدني([50]) بأنّها: أداة ضمان وأداة وفاء وطريقة من طرق انقضاء الالتزام، ويفترض لتطبيق أحكامها وجود شخصين كلاهما دائن وآخر مدين للآخر، وبموجبها ينقضي دينين متقابلين، ومع ذلك فإنَّ المقاصة لا يمكن أنْ تقع في جميع الأحوال، فهنالك حالاتٌ معينة نص عليها المشرّع لا ترد فيها المقاصة.
وخلاصة لما تقدّم، فإنَّ حقّ امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور ينقضي عن طريق المقاصة، إذا كان المؤجر مديناً للمستأجر ببعض المبالغ التي كان قد صرفها الأخير على ترميم المأجور وصيانته([51]). وفي الوقت نفسه، يكون فيه المستأجر مديناً للمؤجر بأجرة العين المأجورة.
تعرّف اتحاد الذمة بأنها: “اجتماع صفتي الدائن والمدين في شخصٍ واحد بالنسبة إلأى دينٍ واحد”.
ويقع اتحاد الذمة، إمّا بسبب الوفاة أو بين الأحياء، والصورة الغالبة في اتحاد الذمة في هذا المقام بسبب الوفاة، فقد يقع اتحاد الذمة هنا بسبب الميراث أو الوصية، فإذا ورث المدين (المستأجر) الدائن (المؤجر)، فتكون تركة الدائن هي ذاتها دائنة للمدين بمبلغٍ معيّن من المال، فإذا كان المدين (المستأجر) هو الوارث الوحيد لدائنه (المؤجر)، فإنّه يرث كلّ الدين الذي للتركة بذمته، ومن ثم تتحد الذمة في الدين، فيكون دائناً في هذا الدين لنفسه، وتجتمع فيه صفتا الدائن والمدين، فينقضي الدين باتحاد الذمة، وتبعاً لذلك ينقضي حق امتياز مؤجر العقار (الدائن المورث) على المنقولات الموجودة في المأجور باتحاد الذمة؛ والعلة في انقضاء الدين باتحاد الذمة بالنسبة إلى المدين (المستأجر) هي استحالة أنْ يطالب الإنسان نفسه، فاتحاد الذمة يعدّ مانعاً طبيعيّاً من انقضاء الدين، وما قيل عن اتحاد الذمة بسبب الميراث، يقال عن اتحاد الذمة بسبب الوصية([52]).
ثالثاً: انقضاء حق امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور دون الوفاء
في الحياة العمليّة، قد ينقضي الالتزام بوجهٍ عام، والتزام المستأجر بدفع الأجرة المترتّبة بذمته لصالح المؤجر على وجه الخصوص، بإحدى الصور الآتية: الإبراء، واستحالة التنفيذ؛ وكذلك عن طريق التقادم، وينقضي تبعاً لذلك حق امتياز مؤجر العقار موضوع البحث، لذلك سنتناول تلك الصور بشيءٍ من التفصيل على النحو الآتي:
هنالك مَن عرّف الإبراء بأنّه: “إسقاط شخص ما له من حقٍّ قبل شخص آخر، كإسقاط الدائن دينه، ويكون بكلّ لفظٍ يدل على ذلك، كأبرأت وأسقطت وأنت بريء من الدين”([53]).
ولما كان الإبراء لا يتوقف على قبول المدين (المستأجر)، فإنّه ومع ذلك يرتّد بردّه في مجلس الإبراء نفسه، والعلة في رفض الإبراء على الرغم من أنَّ للمدين مصلحةً في الإبراء من التزامه؛ ذلك أنّ كثيرٌ من الأشخاص لا يقبلون أنْ يتفضل عليهم أيّ شخصٍ من الأشخاص، حتى وإنْ كان الدائن بالالتزام، لعزة النفس([54]).
وتأسيساً على ما تقدّم، فإذا حصل الإبراء من جانب الدائن (المؤجر)، انقضى التزام المدين (التزام المستأجر بدفع الأجرة وكلّ ما للمؤجر من حقٍّ في ذمته)، وينقضي تبعاً له حقّ امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور([55]).
بعد إبرام العقد (عقد الإيجار)، قد تطرأ أسبابٌ من شأنها أنْ تجعل تنفيذ المدين (المستأجر) لالتزام دفع الأجرة وكلّ ما للمؤجر من حقٍ مستحيلاً لسببٍ أجنبيٍ لا يد للمدين (المستأجر) في تحققه، فهنا ينقضي حقّ الدائن (المؤجر) وما له من حقّ امتياز على المنقولات الموجودة في المأجور، إلّا أنَّ ذلك يتوقف على إثبات المستأجر استحالة الوفاء بالتزامه موضوع البحث([56]).
ينقضي حقّ امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور تبعاً لانقضاء المدة القانونيّة (خمس سنوات)، من غير أنْ يتخذ المؤجر موقفاً إيجابيّاً يتمثّل بالمطالبة بما له من حقوقٍ في ذمة المستأجر (الأجرة والمستحقات الأخرى)، ومن غير أنْ يكون له (المؤجر) عذر مشروع في عدم المطالبة ضمن تلك المدة([57]).
الفرع الثاني
الأسباب الخاصة لانقضاء حقّ امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور
ينقضي امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في العين المأجورة في حالتين هما:
-
في حال نقل المستأجر المنقولات الموجودة في المأجور (المثقلة بحق الامتياز) برضا المؤجر أو بعلمه ومن دون معارضة منه:
بموجب هذه الحالة، فإنَّ حقّ امتياز المؤجر مدار البحث ينقضي برضاه (الصريح أو الضمني) بنقل المنقولات الموجودة في المأجور (محل حق امتياز المؤجر)، إلّا إذا كانت المنقولات المتبقية في العين المأجورة كافية لضمان الوفاء بحقوق المؤجر؛ إذ لا يكون للمؤجر التعسف في استعمال حقه في مباشرة امتيازه على المنقولات التي أُخرجت من العين والتي تجاوزت القدر اللازم لضمان حقوقه([58]).
ينقضي بموجب هذه الحالة امتياز مؤجر العقار مدار البحث، إذا تصرّف المؤجر بالعين عن طريق بيعها إلى شخصٍ من الأشخاص؛ والعلة في ذلك تكمن في أنَّ القانون يعتبر المؤجر حائزاً للمنقولات الموجودة في المأجور، بدلالة ملكيته للمأجور ذاته، فإذا رفعت يده عنه، فإنّه يفقد تبعاً لذلك حيازته للمنقولات الموجودة في المأجور، مما يؤدّي إلى زوال حقّ امتيازه([59]).
بعد أنْ انتهينا بعون الله وتوفيقه من دراستنا لموضوع حق امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور في القانون المدني العراقي، لا بدّ من أنْ نعرض أبرز النتائج التي تمخضت عنها هذه الدراسة، ثم نعقب ذلك ببعض المقترحات، والتي نرى أنه من الجدير الأخذ بها سائلة المولى عز وجل السداد.
-
لم يضع المشرّع العراقي تعريفاً لحق امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور، إلّا أنّه عمل على تعريف الامتياز بوجهٍ عام بموجب نص المادة (1361) من القانون المدني.
-
تبيّن لنا من بحثنا لموضوع دراستنا أنَّ المشرّع العراقي كان يهدف من وراء تنظيمه لحق امتياز مؤجر العقار مدار البحث إلى توفير حماية للأخير من أجل استيفاء ما له من حقٍّ في ذمة مدينه (المستأجر)، وإنَّ هذه الحماية تكمن فيما ينتج عن هذا الامتياز من ميزاتٍ تجعله يتقدّم على بقية الدائنين؛ إذ إنَّ المؤجر بموجب حقّ الامتياز الذي منحه إياه المشرّع ضَمِنَ استيفاء حقّه تجاه الطرف الثاني من العقد والمتمثل بالمستأجر، في حال عدم وفاء الأخير بالديون المترتبة عليه لدى حلول أجل الوفاء.
-
إنَّ حق امتياز مؤجر العقار يحتاج إلى محل ينصب عليه الحقّ؛ بحيث يستطيع المؤجر بواسطته تحصيل الأجرة والحقوق التي له في ذمة المستأجر؛ ويتمثل ذلك المحل بالمنقولات الموجودة في المأجور.
-
ليست كافة المنقولات الموجودة في العين المأجورة مشمولة بحق امتياز المؤجر؛ إذ إنَّ هنالك منقولاتٍ تخرج عن نطاق امتياز المؤجر مدار البحث، ولا يشملها امتيازه كالمنقولات المعنوية، والمنقولات المشمولة بأحكام نص المادة (62) من قانون التنفيذ رقم (45) لسنة 1980 المعدل.
-
توصلنا إلى أنَّ المشرّع العراقي لم يعالج حق امتياز المؤجر على المنقولات المملوكة لزوجة المستأجر، أو إلى أيّ شخصٍ من الأشخاص، بمعنى آخر أنَّه لم يرد نص ضمن الأحكام المنصوص عليها في القانون المدني، أو أيّ قانونٍ خاص آخر يقضي بامتداد حق امتياز مؤجر العقار إلى منقولات الزوجة، وإلى منقولات الغير الموجودة في المأجور؛ إذ اقتصر نص الفقرة (1) من المادة (1374) من القانون المدني على سريان حق امتياز المؤجر موضوع البحث على المنقولات المملوكة للمستأجر فقط.
-
أوضحت الدراسة أنّه يتوجّب أنْ تتوافر شروط عدة لكي يكون لمؤجر العقار حقّ امتياز على المنقولات الموجودة في المأجور؛ إذ لا بد من أنْ يكون عقد الإيجار المبرم فيما بين المؤجر والمستأجر صحيحاً لا شائبة عليه، وأنْ تكون المنقولات المثقلة بحقّ الامتياز مملوكة للمستأجر، وأنْ تكون الأخيرة قابلة للحجز عليها.
-
إنَّ لكلّ حقٍ أساسٌ يستند إليه، لذلك فإنَّ أساس حق امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور، هو النص القانوني ومبادئ العدالة والرهن الحيازي الضمني.
-
أحال المشرّع العراقي بموجب أحكام نص المادة (1366) من القانون المدني في حالة هلاك المنقولات المثقلة بحق امتياز المؤجر مدار البحث إلى الأحكام الخاصة بهلاك الشيء الرهون رهناً تأمينياً وحيازياً؛ وبذلك يتّضح أنَّ المشرّع في مجال بحثنا هذا أحال إلى الأحكام الخاصة بهلاك المنقولات المثقلة بحق امتياز مؤجر العقار إلى الأحكام المتعلّقة بهلاك الشيء المرهون رهناً حيازياً، وتوصلنا إلى أنه قد تهلك المنقولات محل حق امتياز المؤجر ماديّاً، كما قد تهلك أيضاً بتصرّفٍ قانونيّ (عن طريق البيع)، ولكلّ حالةٍ من الحالتين آنفتي الذكر حكمها الخاص، بحسب ما ذكرنا آنفاً.
-
استنتجنا من دراستنا لموضوع البحث أنَّ حق امتياز مؤجر العقار ينقضي في جميع الأحوال بموجب الأسباب العامة التي ينقضي بها الرهن الحيازي، بدلالة أحكام المادة (1367) من القانون المدني العراقي، فضلاً عن أنّه ينقضي بموجب أسبابٍ خاصة.
من أجل تحقيق هدفنا المنشود من هذه الدراسة، سندرج في أدناه بعض المقترحات والتي نأمل أنْ تحقق ذلك الهدف، ونهيب بالمشرّع العراقي الأخذ بتلك المقترحات، ونذكر أبرزها:
-
نقترح على المشرّع العراقي إيراد نص في متن القانون المدني ضمن الباب الثالث منه (الخاص بحقوق الامتياز)، يتضمّن تعريف حق امتياز مؤجر العقار، دون أنْ يقتصر الأمر على تعريف الامتياز؛ وذلك لكي يتبين مفهوم هذا الحق جليّاً من حيث شروطه وأساسه وطبيعته ونطاقه.
-
لما كان المشرّع العراقي قد عمل على توفير حماية لمؤجر العقار من استيفاء حقه قبل مدينه المستأجر، وتتمثل هذه الحماية بما يوفره هذا الامتياز من ميزاتٍ يضمن بموجبها المؤجر استيفاء حقه في مواجهة مدينه (المستأجر) في حال لم يفِ الأخير بما في ذمته لصالح الأول (المؤجر)، لكن ومع ذلك فإنّه حكماً يعدّ هذا من الضمانات غير الكاملة؛ كونه قد يصطدم مع خروج المنقولات الموجودة في المأجور التي تعود ملكيتها لزوجة المستأجر ولأيّ شخصٍ من الأشخاص، ولهذا السبب ندعو المشرّع إلى إعادة صياغة نص الفقرة (1) من المادة (1374) من القانون المدني؛ بحيث يتم النص صراحةً على إلحاق المنقولات المملوكة لزوجة المستأجر والغير ضمن نطاق حق امتياز مؤجر العقار، (حتى وإنْ كانت زوجة المستأجر تتمتّع بذمةٍ ماليّةٍ مستقلة عن الزوج)؛ وذلك لتلافي إمكانيّة تهرب المستأجر من الوفاء بالتزامه بدفع مستحقات المؤجر التي في ذمته، عن طريق ادعاءه بأنَّ المنقولات الموجودة في المأجور تعود ملكيتها لزوجته.
-
ندعو المشرّع العراقي إلى تعديل أحكام نص المادة (1366) من القانون المدني التي تحيل إلى الأحكام الخاصة بحق الرهن التأميني والحيازي في حالة هلاك أو تعيب المنقولات المثقلة بحق الامتياز، ليتم الإشارة مباشرةً إلى حكم هلاك أو تعيب محل حقّ امتياز مؤجر العقار لسهولة الوصول إلى الحكم المناسب والابتعاد عن التعقيد والاشتباه.
-
لما كانت أحكام نص المادة (1367) من القانون المدني تتقضي بانقضاء حق الامتياز، وبوجهٍ عام بالطرق نفسها التي ينقضي بها حق الرهن التأميني والحيازي، ولما كان يتبع في انقضاء حق الامتياز الذي يرد على العقار الأحكام الخاصة بانقضاء الرهن التأميني في الوقت الذي يتبع في انقضاء حق امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور الأحكام الخاصة بانقضاء الرهن الحيازي، وشتان بين طبيعة الرهنين؛ لذا ندعو المشرّع العراقي إلى تعديل أحكام النص أعلاه، عن طريق تفصيل حكم هلاك أو تعيب محل حق الامتياز، إنْ كان يرد على عقار أو منقول، وبحسب طبيعة الرهنين؛ وذلك للسهولة وللابتعاد عن الاشتباه بالأحكام الخاصة بالرهنين.
هذه كانت أهم الاستنتاجات والمقترحات التي توصلنا إليها عبر هذه الدراسة، سائلين المولى عز وجل أنْ يحفظنا من الزلل، وأنْ يهدينا صراطاً مستقيما، إنّه نعم المولى ونعم النصير.
-
سعدون العامري، الوجيز في شرح العقود المسماة، البيع والإيجار، ج 1، ط 3، مطبعة العاني، بغداد، 1974.
-
عباس حسن الصراف، شرح عقدي البيع والإيجار في القانون المدني العراقي، مطبعة الأهالي، بغداد، 1956.
-
عبد الرزاق أحمد السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، العقود الواردة على الانتفاع بالشيء، الإيجار والعارية، ج 6، المجلد الأول، دار النهضة العربية، القاهرة، 1963.
-
منصور مصطفى منصور، عقد الإيجار، مكتبة سيد عبد الله وهبة، المطبعة العالمية، 16 و17، القاهرة، 1970.
-
كمال قاسم ثروت، شرح أحكام عقد الإيجار مع بحث خاص بقانون تنظيم إيجار العقار رقم 67 لسنة 1973 المعدل والقرارات الصادرة عن مجلس قيادة الثورة بشأنه، دراسة مقارنة معززة بقرارات محكمة تمييز العراق، ج 2، طبعة ثانية، مطبعة أوفسيت الوسام، 1976.
-
عبد الرزاق حسن فرج، صيانة الأعيان المؤجرة في القانون المدني وفي القوانين الخاصة بالإيجارات، دراسة مقارنة، ط 1، مكتبة وزارة العدل، 1977.
-
خميس خضر، عقد الإيجار في التقنين المدني والتشريعات الخاصة، ط 1، دار النهضة العربية، 1979.
-
سليمان مرقس، شرح القانون المدني، العقود المسماة، عقد الإيجار، ج 3، المجلد الثاني، المجلد الثامن، ط 4، طبع في القاهرة، 1985.
-
محمد علي عمران، شرح أحكام عقد الإيجار في القانون المصري (القواعد العامة – قانون إيجار الأماكن) مذيلاً بأحدث أحكام القضاء، 1988.
-
المستشار محمد عزمي البكري، عقد الإيجار في التقنين المدني الجديد، ط 2، دار محمود للنشر والتوزيع، 1997.
-
محمد حسين منصور، مبادئ قانون الإيجار اللبناني، الدار الجامعية للطباعة والنشر، 2000.
-
عصمت عبد المجيد بكر، شرح أحكام عقد الإيجار، دراسة في ضوء أحكام القانون المدني العراقي مع الإشارة إلى القوانين المدنية في الأردن ومصر وسوريا وليبيا ولبنان، شركة الزاهر، بغداد، 2002.
-
نبيل إبراهيم سعد، العقود المسماة، الإيجار في القانون المدني وقوانين إيجار الأماكن، منشأة المعارف، الإسكندرية، 2003.
-
عباس العبودي، شرح أحكام العقود المسماة في القانون المدني، البيع والإيجار، ط 1، الإصدار الأول، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 2009.
-
جواد كاظم سميسم، التوازن القانوني في العلاقة الإيجارية، دراسة تحليلية مقارنة، منشورات زين الحقوقية، بيروت، لبنان، 2011.
-
محمد كامل مرسي باشا , المستشار معتز كامل مرسي، المستشار محمد علي سكسكز، شرح القانون المدني الجديد، العقود المسماة عقد الإيجار، ج5، 2012.
-
جعفر محمد جواد الفضلي، الوجيز في عقد الإيجار، منشورات زين الحقوقية، بيروت، لبنان، 2013.
-
أشرف جابر سيد، الوجيز في عقد الإيجار، دار النهضة العربية، 2007.
-
رمضان جمال كامل، الموسوعة الحديثة في قوانين الإيجارات، شرح عقد الإيجار في القانون المدني، ط 1، ج 1 , المركزي القومي للإصدارات القانونية، بدون ذكر سنة.
-
عبد الفتاح عبد الباقي، الحقوق العينية التبعية، دار النهضة العربية، القاهرة، دون ذكر سنة.
-
محمد لبيب شنب، دروس في التأمينات العينية والشخصية، دار الجامعة الجديدة، دون ذكر سنة.
-
عبد المجيد الحكيم وعبد الباقي البكري ومحمد طه البشير، الوجيز في نظرية الالتزام في القانون المدني العراقي، مصادر الالتزام، ج 1، مكتبة السنهوري، بغداد، 2011.
-
محمد نصر الدين منصور، أحكام الإيجار في القانون المدني ووفقاً لقوانين إيجار الأماكن وأحكام المحكمة الدستورية العليا، بدون ذكر مكان الطبع والسنة.
-
سمير عبد السيد تناغو، التأمينات العينية والشخصية، دار النهضة العربية، القاهرة، 1963.
-
السيد عبد الوهاب عرفة، التنفيذ الجبري، ط 1، دون ذكر مكان الطبع، 2009.
-
رمضان محمد أبو السعود، شرح أحكام القانون المدني، العقود المسماة، البيع والمقايضة والإيجار، منشأة المعارف، الإسكندرية، دون ذكر سنة.
-
صلاح الدين الناهي، الوجيز في التأمينات العينية والشخصية، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 1954.
-
محمد كامل مرسي، شرح القانون المدني، التأمينات العينية والشخصية، دار النهضة العربية، القاهرة، دون ذكر سنة.
-
عبد العزيز الخليل، الوجيز في قواعد إجراءات التنفيذ الجبري، موسوعة الفقه والقضاء، دون ذكر مكان الطبع وسنة النشر.
-
عثمان محمد عبد القادر وهبة بدر، شرح قانون المرافعات المدنية والتجارية، منشأة المعارف، الإسكندرية، دون ذكر سنة.
-
أحمد هندي، شرح قانون المرافعات المدنية والتجارية، دار النهضة العربية، الإسكندرية، 2006.
-
عبد المجيد الحكيم وعبد الباقي البكري ومحمد طه البشير، القانون المدني، أحكام الالتزام، ج 2، مكتبة السنهوري، بغداد، 2011.
-
محمد طه البشير وغني حسون طه، الحقوق العينية والتبعية، ج 2، العاتك لصناعة الكتب، القاهرة، توزيع المكتبة القانونية، بغداد، دون ذكر سنة.
-
وسن قاسم الخفاجي وهاجر عبد العظيم عنبر، نطاق امتياز مؤجر العقار، بحث منشور في مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية، مجلة علمية فصلية محكمة تصدر عن كلية القانون، جامعة بابل، السنة الثالثة عشر، العدد الثالث، بغداد، 2021.
-
صفاء شكور عباس وأحمد سمير محمد ياسين، حقوق الامتياز ومراتبها في القانون المدني العراقي، بحث منشور في مجلة جامعة تكريت للحقوق، السنة الأولى، المجلد 1، العدد الثالث، ج 1، 2017.
-
مجلة جامعة تكريت للحقوق، السنة الأولى، المجلد 1، العدد الثالث، ج 1، 2017.
-
مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية، مجلة علمية فصلية محكمة تصدر عن كلية القانون، جامعة بابل، السنة الثالثة عشر، العدد الثالث، بغداد، 2021.
-
القوانين العراقية
-
القانون المدني رقم (40) لسنة 1951 المعدل.
-
قانون التنفيذ رقم (45) لسنة 1980 المعدل.
-
القوانين العربية
-
قانون الموجبات والعقود اللبناني لسنة1932 المعدل.
-
القانون المدني المصري رقم (131) لسنة 1948 المعدل.
-
قرار محكمة التمييز، ذي العدد 400 في 20/4/1980.
-
قرار محكمة التمييز، ذي العدد 1959 في 30/4/1997.
-
قرار محكمة التمييز، ذي العدد 786، لسنة 2023.
-
قرار محكمة التمييز، ذي العدد 677، لسنة 2023.
-
قرار محكمة التمييز، ذي العدد 370، لسنة 2022.
-
مجموعة الأحكام العدلية، العدد 2، 1980.
-
مجموعة الأحكام العدلية، العدد 2، 1997.
-
https//elawpadie.com/view/211/0%20%D8%AA
الهوامش:
-
() ينظر: نص المادة (22) من القانون المدني العراقي رقم (40) لسنة 1951 المعدل؛ إذ نصّت على أنه: “الإيجار تمليك منفعة معلومة بعوضٍ معلوم لمدةٍ معلومة، وبه يلتزم المؤجر أنْ يمكّن المستأجر من الانتفاع بالمأجور”. ويقابل حكم النص آنفاً المادة (533) من قانون الموجبات والعقود اللبناني لسنة 1932؛ إذ نصّت على أنه: “إيجار الأشياء عقد يلتزم به المرء أنْ يولي شخصاً آخر الانتفاع بشيء ثابت أو منقول أو بحقٍّ ما لمدّةٍ معيّنة مقابل بدل يلتزم هذا الشخص أداءه إليه. والإيجار على إطلاقه هو إيجار العقارات التي لا تمثل ثماراً طبيعية وإيجار المنقولات المادية أو الحقوق. أما الإيجار الزراعي فهو إيجار الأراضي الزراعية”. تقابلها أيضاً أحكام المادة (558) من القانون المدني المصري رقم (131) لسنة 1948 المعدل، والتي نصت على أنه: “الإيجار عقد يلتزم المؤجر بمقتضاه أنْ يمكّن المستأجر من الانتفاع بشيءٍ معيّن مدة معيّنة لقاء أجرٍ معلوم”. ↑
-
() سعدون العامري، الوجيز في شرح العقود المسماة، البيع والإيجار، ج1، ط3، مطبعة العاني، بغداد، 1974، ص 268. ↑
-
() نصت المادة (782) من القانون المدني العراقي على أنه: “إذا أخلّ أحد الطرفين بالالتزامات التي يفرضها عليه عقد الإيجار، كان للطرف الآخر أنْ يطلب فسخ العقد مع التعويض، إنْ كان له محل؛ وذلك بعد إنذاره بتنفيذ التزامه”، فضلاً عن أنَّ المادة (177) من القانون نفسه نصّت على أنّه: “1- في العقود الملزمة للجانبين، إذا لم يوفِ أحد العاقدين بما وجب عليه بالعقد، جاز للعاقد الآخر بعد الإعذار أنْ يطلب الفسخ مع التعويض، إنْ كان له مقتضى على أنّه يجوز للمحكمة أنْ تنظر المدين إلى أجلٍ، كما يجوز لها أنْ ترفض طلب الفسخ، إذا كان ما لم يوفِ به المدين قليلاً بالنسبة للالتزام في جملته. 2- ففي عقد الإيجار إنْ امتنع المستأجر عن إيفاء الأجرة المستحقة الوفاء، كان للمؤجر فسخ الإجارة…”. ↑
-
() نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر: عباس حسن الصراف، شرح عقدي البيع والإيجار في القانون المدني العراقي، مطبعة الأهالي، بغداد، 1956؛ وعبد الرزاق أحمد السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، العقود الواردة على الانتفاع بالشيء، الإيجار والعارية، ج6، المجلد الأول، دار النهضة العربية، القاهرة، 1963؛ ومنصور مصطفى منصور، عقد الإيجار، مكتبة سيد عبد الله وهبة، المطبعة العالمية، القاهرة، 1970، ص17؛ وكمال قاسم ثروت، شرح أحكام عقد الإيجار مع بحث خاص بقانون تنظيم إيجار العقار رقم 67 لسنة 1973 المعدل والقرارات الصادرة عن مجلس قيادة الثورة بشأنه، دراسة مقارنة معززة بقرارات محكمة تمييز العراق، ج2، الطبعة الثانية، مطبعة أوفسيت الوسام، بغداد، 1976؛ وعبد الرزاق حسن فرج، صيانة الأعيان المؤجرة في القانون المدني وفي القوانين الخاصة بالإيجارات، دراسة مقارنة، ط1، مكتبة وزارة العدل، 1977؛ وخميس خضر، عقد الإيجار في التقنين المدني والتشريعات الخاصة، ط1، دار النهضة العربية، القاهرة، 1979؛ وسليمان مرقس، شرح القانون المدني، العقود المسماة، عقد الإيجار، ج3، المجلد الثاني، المجلد الثامن، ط4، من دون دار نشر، القاهرة، 1985؛ ومحمد علي عمران، شرح أحكام عقد الإيجار في القانون المصري (القواعد العامة – قانون إيجار الأماكن)، مذيلاً بأحدث أحكام القضاء، القاهرة، 1988؛ ومحمد عزمي البكري، عقد الإيجار في التقنين المدني الجديد، ط2، دار محمود للنشر والتوزيع، من دون مكان نشر، 1997؛ ومحمد حسين منصور، مبادئ قانون الإيجار اللبناني، الدار الجامعية للطباعة والنشر، بيروت، 2000؛ وعصمت عبد المجيد بكر، شرح أحكام عقد الإيجار، دراسة في ضوء أحكام القانون المدني العراقي مع الإشارة إلى القوانين المدنية في الأردن ومصر وسوريا وليبيا ولبنان، شركة الزاهر، بغداد، 2002؛ نبيل إبراهيم سعد، العقود المسماة، الإيجار في القانون المدني وقوانين إيجار الأماكن، منشأة المعارف، الإسكندرية، 2003؛ وعباس العبودي، شرح أحكام العقود المسماة في القانون المدني، البيع والإيجار، ط1، الإصدار الأول، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 2009؛ وجواد كاظم سميسم، التوازن القانوني في العلاقة الإيجارية، دراسة تحليلية مقارنة، ط1، منشورات زين الحقوقية، بيروت- لبنان، 2011؛ وجواد كاظم سميسم، دور المدة في عقد الإيجار، دراسة تحليلية مقارنة، ط1، منشورات زين الحقوقية، بيروت، لبنان، 2011؛ وعبد المجيد الحكيم وعبد الباقي البكري ومحمد طه البشير، الوجيز في نظرية الالتزام في القانون المدني العراقي، مصادر الالتزام، ج1، مكتبة السنهوري، بغداد، 2011؛ ومحمد كامل مرسي باشا، معتز كامل مرسي، محمد على سكيكز، شرح القانون المدني الجديد، العقود المسماة، عقد الإيجار، ج5، تنقيح لمواكبة أصدق ما توصلت إليه التشريعات وآراء الفقهاء وأحكام المحكمة العليا، 2012؛ وجعفر محمد جواد الفضلي، الوجيز في عقد الإيجار، منشورات زين الحقوقية، بيروت، لبنان، 2013. ↑
-
() عرّف المشرّع المصري الامتياز في القانون المدني الباب الرابع في حقوق الامتياز الفصل الأول من هذا الباب ضمن الأحكام العامة؛ إذ نصّت الفقرة (1) من المادة (1130) على أنه: “الامتياز أولويّة يقرّرها القانون لحقّ معيّن مراعاةً منه لصفته”. ↑
-
() كمال قاسم ثروت، مرجع سابق، 329، هامش 429. ↑
-
() جعفر محمد جواد الفضلي، الوجيز في عقد الإيجار، مرجع سابق، ص 100. ↑
-
() قرار محكمة التمييز رقم (400) في 20/4/1980، منشور في مجموعة الأحكام العدلية، العدد (2)، لسنة 1980، ص25. ↑
-
() قرار محكمة التمييز رقم (1959) في 30/4/1997؛ منشور في مجموعة الأحكام العدلية، العدد (2)، 1997، ص44. ↑
-
() نصّ المشرّع المصري صراحةً على ثبوت حق امتياز مؤجر العقار على المنقولات المملوكة لزوجة المستأجر في الفقرة (2) من المادة (1143) من القانون المدني على أنه: “ويثبت الامتياز ولو كانت المنقولات مملوكة لزوجة المستأجر أو كانت مملوكة للغير ولم يثبت أنَّ المؤجر كان يعلم وقت وضعها في العين المؤجرة بوجود حقّ للغير عليها؛ وذلك دون إخلال بالأحكام المتعلّقة بالمنقولات المسروقة أو الضائعة”؛ وعليه، يتّضح من النص المذكور آنفاً أنَّ المشرّع المصري جعل المنقولات المملوكة لزوجة المستأجر الموجودة في المأجور مثقلة بحق امتياز المؤجر موضوع البحث، إلّا أنَّ استيفاء ذلك الحق معلقاً على شرط ألّا يكون للمؤجر علم بعائدية الأثاث لزوجة المستأجر وقت وضعها بالعين المأجورة، إلّا أنَّ الفقه اختلف بهذا الصدد، وسبب اختلافهم يعود إلى أنَّ زوجة المستأجر ليست هي المدينة بالأجرة للمؤجر، فضلاً عن أنّها ليست ملزمة بتنفيذ الالتزامات (الناشئة عن عقد الإيجار) الملقاة على عاتق المستأجر (زوجها)، فمنهم مَن يرى أنَّ حق امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور المملوكة لزوجة المستأجر مبنيٌ على أساس الرضا الضمني؛ وذلك لأنّها رضت ابتداءً بوضع الأثاث المملوك لها في المأجور المستأجر من قِبل زوجها، وهذا يعدّ دليلاً على رضاها الضمني بشمول امتياز المؤجر على المنقولات الموجودة في العين والمملوكة لها، لا سيّما أنَّ كانت لا ترغب أنْ يثبت على تلك المنقولات حق الامتياز عليها، فبإمكانها أنْ تبلّغ المؤجر بأنَّ المنقولات الموجودة في المأجور مملوكة لها، وأنّها لا ترغب بأنْ يشملها ذلك الحقّ لكي يكون للمؤجر فرصة لمطالبة المستأجر بوضع منقولات أخرى في المأجور مملوكة له، وضامنة للأجرة، وأنَّ الرأي آنفاً يتعلّق بزوجة المستأجر المسلمة، أمّا لو كانت زوجة المستأجر غير مسلمة، فلا يكون هنالك دليلٌ على أنَّ الأثاث الموجود في العين هو ملك لزوجة المستأجر؛ ذلك أنَّ المعروف لدى الطائفة المسيحيّة أنَّ المنقولات الموجودة في المأجور هي ملك للزوج فقط لا لزوجته؛ ينظر: عبد الرزاق أحمد السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، العقود الواردة على الانتفاع بالشيء، الإيجار والعارية، مرجع سابق، ص504- 505؛ وينظر كذلك: أشرف جابر سيد، الوجيز في عقد الإيجار، دار النهضة العربية، القاهرة، 2007، ص 201.
وهنالك مَن يرى أنَّ أموال زوجة المستأجر لا يمكن أنْ تكون مثقلة بحقّ امتياز المؤجر على المنقولات الموجودة في المأجور إذا كانت الزوجة تعتقد أنّها ستكسن في دارٍ مملوكة لزوجها، أيّ أنّها تجهل أنَّ الدار مستأجرة من قبل زوجها؛ ذلك أنّه لا يمكن القول إنَّ الزوجة قبلت ضمناً أنْ يكون أثاثها الموجودة في المأجور مثقلة بحقّ امتياز المؤجر، ويرى صاحب هذا الرأي أنَّ الرأي الأول فيه مبالغة في تقدير حق الامتياز موضوع البحث؛ كون هذا الحق يقرّره القانون دون أنْ يراعي في ذلك إرادة الأشخاص؛ ينظر: سمير عبد السيد تناغو، التأمينات العينية والشخصية، منشأة المعارف، الإسكندرية، 2008، ص 409؛ وينظر كذلك: رمضان جمال كامل، الموسوعة الحديثة في قوانين الإيجارات، شرح عقد الإيجار في القانون المدني، ط1، ج1، المركز القومي للإصدارات القانونية، بدون ذكر سنة، ص 333.
وهنالك جانبٌ آخر من الفقه ذهب إلى أنَّ حق امتياز مؤجر العقار على المنقولات الموجودة في المأجور المملوكة لزوجة المستأجر يعود أساسه إلى القانون ذاته فهو الذي قرر ذلك دون أنْ يتوقف حقّ المؤجر موضوع البحث على إعلامه من قِبل زوجة المستأجر بأنَّ الأثاث يعود لها، وإلى الرضا الضمني منها على ذلك، ويبرر صاحب هذا الرأي؛ ذلك أنَّ الزوجة حتى وإنْ لم تكن مدينة للمؤجر بالالتزامات الناشئة عن عقد الإيجار المبرم مع زوجها بما فيها دفع الأجرة المستحقة، إلّا أنّها مع ذلك تستفيد من سكنها في المأجور هي وأولادها، ومع ذلك فإنَّ زوجة المستأجر تستطيع ابتداءً أنْ تبلّغ المؤجر (أي قبل وضع المنقولات في المأجور بعدم رغبتها بأنْ تكون تلك المنقولات مثقلة بحق امتياز للمؤجر، ومع ذلك وافق المؤجر على دخول تلك المنقولات في العين المأجورة، ومن دون أنْ يبدي أيّ اعتراضٍ منه على ذلك، فهنا لا يكون له حق امتياز على منقولات الزوجة، ولا دخل لاعتراض الزوجة عن حقّ امتياز المؤجر على منقولات الزوجة في هذه الحالة، أيّ لا تأثير لإرادة الزوجة بحسب هذا الرأي، وإنما على أساس التنازل الضمني من قِبل المؤجر عن حقّ الحيازة على المنقولات الموجودة في المأجور المملوكة لزوجة المستأجر؛ ينظر: عبد الفتاح عبد الباقي، الحقوق العينية والتبعية، دار النهضة العربية، القاهرة، من دون سنة نشر، ص 720؛ نقلاً عن: وسن قاسم الخفاجي وهاجر عبد العظيم عنبر، نطاق امتياز مؤجر العقار، بحث منشور في مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية، وهي مجلة علمية فصلية محكمة تصدر عن كلية القانون، جامعة بابل، السنة الثالثة عشر، العدد الثالث، بغداد، 2021، ص 493.
وبدورنا، نؤيد الرأي الأخير؛ كونه يتلاءم مع طبيعة النص القانوني، لا سيّما أنَّ المشرّع المصري كان قد وضع ذلك الأساس ابتداءً في نص الفقرة (2) من المادة (1143) من القانون المدني. ↑
-
() سليمان مرقس، العقود المسماة، عقد الإيجار، مرجع سابق، ص 459؛ وينظر كذلك: عباس حسن الصراف، شرح عقدي البيع والإيجار في القانون المدني العراقي، مرجع سابق، ص393. ↑
-
() وهذا ما قضت به أحكام ذيل الفقرة (2) من المادة (1374) من القانون المدني العراقي التي نصّت على أنه: “… في الوقت الذي ينذره فيه المؤجر بعدم دفع هذه المبالغ للمستأجر الأصلي”. ↑
-
() وهذا ما نصت عليه الفقرة (2) من المادة (776) من القانون المدني العراقي التي جاء فيها: “ومع ذلك يكون المستأجر الثاني ملزماً بأنْ يؤدي للمؤجر مباشرة ما يكون ثابتاً في ذمته للمستأجر الأول وقت أنْ ينذره المؤجر، ولا يجوز له أنْ يتمسك قبل المؤجر بما يكون قد عجله من الأجرة للمستأجر الأول، ما لم يكن تعجيل الأجرة متماشياً مع العرف ومدوناً بسندٍ ثابت”. ↑
-
() محمد لبيب شنب، دروس في التأمينات العينية والشخصية، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، من دون سنة نشر، ص208. ↑
-
() عبد المجيد الحكيم وآخرون، مرجع سابق، ص140. ↑
-
() أشار المشرّع المصري صراحةً إلى حقّ امتياز المؤجر على المنقولات الموجودة في المأجور المملوكة للغير في الفقرة (2) من المادة (1142) من القانون المدني؛ إذ نصّت على أنه: “ويثبت الامتياز ولو كانت المنقولات مملوكة لزوجة المستأجر أو كانت مملوكة للغير…”. ↑
-
() عبد الرزاق أحمد السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، العقود الواردة على الانتفاع بالشيء، الإيجار والعارية، مرجع سابق، ص505 . ↑
-
() بهذا المعنى: محمد نصر الدين منصور، أحكام الإيجار في القانون المدني ووفقاً لقوانين إيجار الأماكن وأحكام المحكمة الدستورية العليا، من دون دار ومكان نشر، 2003، ص 225– 226. ↑
-
() ينظر بهذا الصدد: أحكام نص المادة (1376) من القانون المدني العراقي؛ إذ نصّت على أنّه: “1- ما يستحق لبائع المنقول من الثمن وملحقاته يكون له حقّ امتياز على المبيع، ويبقى حق الامتياز قائماً ما دام المبيع محتفظاً بذاتيته، وهذا دون إخلال بالحقوق التي كسبها الغير حسن النية، ومع مراعاة الأحكام الخاصة بالقضايا التجارية. 2– ويكون حق الامتياز هذا تالياً في المرتبة مباشرة لما تقدم ذكره من حقوق الامتياز، إلّا أنّه يسري في حقّ المؤجر وصاحب الفندق، إذا ثبت أنّهما كانا يعلمان به وقت وضع المبيع في العين المؤجرة أو الفندق”. ↑
-
() تقابلها أحكام المادة (977) من القانون المدني المصري؛ إذ نصّت على أنه: “1- يجوز لمالك المنقول أو السند لحامله إذا فقده أو سرق منه، أنْ يسترده ممن يكون حائزاً له بحسن نيّة؛ وذلك خلال ثلاث سنوات من وقت الضياع أو السرقة. 2- فإذا كان مَن يوجد الشيء المسروق أو الضائع في حيازته قد اشتراه بحسن نية في سوقٍ أو مزادٍ علني أو اشتراه ممن يتجر في مثله، فإنَّ له أنْ يطلب ممن يسترد هذا الشيء، أنْ يعجل له الثمن الذي دفعه”. ↑
-
() محمد كامل مرسي باشا وآخرون، مرجع سابق، ص 232 . ↑
-
() سليمان مرقس، شرح القانون المدني، العقود المسماة، عقد الإيجار، مرجع سابق، ص458 – 459. ↑
-
() سمير عبد السيد تناغو، التأمينات العينية والشخصية، مرجع سابق، ص 325 . ↑
-
() السيد عبد الوهاب عرفة، التنفيذ الجبري، ط 1، من دون دار ومكان نشر، 2009، ص 49 . ↑
-
() عصمت عبد المجيد بكر، مرجع سابق، ص 70. ↑
-
() سعدون العامري، مرجع سابق، ص 276. ↑
-
() استخدم مصطلح الحيازة الحكمية؛ ذلك أنَّ المؤجر يعدّ حائزاً للمنقولات الموجودة في المأجور مع بقاء تلك المنقولات تحت يد المستأجر وعلى نحوٍ فعلي. ↑
-
() نصّت الفقرة (2) من المادة (1364) من القانون المدني العراقي على أنّه: “ويعتبر حائزاً في حكم هذه المادة مؤجر العقار بالنسبة للمنقولات الموجودة في العين المؤجرة…”؛ وينظر بهذا الخصوص أيضاً: بحث بعنوان “امتياز المؤجر حسب القانون المدني والحقوق العينية والتبعية”، دون ذكر اسم الباحث ورقم صفحات البحث، منشور على الموقع الإلكتروني الموسوعة القانونية: https://elawpadie.com/view/211/0%20%D8%AA ↑
-
() وسن قاسم الخفاجي وهاجر عبد العظيم عنبر، نطاق امتياز مؤجر العقار، مرجع سابق، ص 503. ↑
-
() ويقابله نص المادة (1130) من القانون المدني المصري؛ إذ نص على أنه: “1- الامتياز: أولوية يقررها القانون لحقّ معيّن مراعاةً منه لصفته. 2- ولا يكون للحق امتيازٌ إلا بمقتضى نص في القانون”. ↑
-
() ويقابله نص الفقرة (1) من المادة (1143) من القانون المدني المصري؛ إذ نصّت على أن: “… وكلّ حقٍ آخر للمؤجر بمقتضى عقد الإيجار يكون لها جميعاً امتياز على ما يكون موجوداً بالعين المؤجرة مملوكاً للمستأجر من منقولٍ قابل للحجز…”. ↑
-
() كمال قاسم ثروت، شرح أحكام عقد الإيجار مع بحث خاص بقانون تنظيم إيجار العقار رقم 67 لسنة 1973 المعدل والقرارات الصادرة عن مجلس قيادة الثورة بشأنه، دراسة مقارنة معززة بقرارات محكمة تمييز العراق، مرجع سابق، هامش 432، ص 330. ↑
-
() عرّف المشرّع العراقي المنقول بموجب نص الفقرة (2) من المادة (62) من القانون المدني بأنه: “المنقول كلّ شيءٍ يمكن نقله وتحويله دون تلف، فيشمل النقود والعروض والحيوانات”. ↑
-
() نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر: رمضان محمد أبو السعود، شرح أحكام القانون المدني، العقود المسماة، البيع والمقايضة والإيجار، منشأة المعارف، الإسكندرية، من دون سنة نشر، ص43؛ وصلاح الدين الناهي، الوجيز في التأمينات العينية والشخصية، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 1954؛ ومحمد كامل مرسي، شرح القانون المدني التأمينات العينية والشخصية، دار النهضة العربية، القاهرة، من دون سنة نشر. ↑
-
() وسن قاسم الخفاجي وهاجر عبد العظيم عنبر، مرجع سابق، ص 490– 491. ↑
-
() عبد العزيز الخليل، الوجيز في قواعد إجراءات التنفيذ الجبري، موسوعة الفقه والقضاء، من دون دار ومكان وسنة نشر، ص 58. ↑
-
() وهذا ما قضت به محكمة التمييز، التي أقرت في أحد قراراتها: “إنَّ حجز وبيع الموجودات في المأجور التابعة للمستأجر وتسديد الأجرة من ثمنها وجد أنّه مخالفٌ للقانون، لأنَّ هذه الموجودات المثبتة مفرداتها في محضر الحجز هي التي يتعامل بها المستأجر بيعاً وشراءً، وهذه الموجودات بالمعنى المتقدم هي مَن يستعين بها المستأجر لمعيشته المنصوص عليها في الفقرة الثالثة من المادة (62)، فكان على مديرية التنفيذ أنْ تقدّر ربح المستأجر الشهري وتطرح منه مصروفاته، وما تبقى من ربحه وموارده الأخرى تصبح محلاً للحجز تسديداً للدين، فقرر نقض القرار المميز وإعادة الإضبارة إلى المديرية لاتباع ما تقدم”؛ قرار (786) لسنة 2023، غير منشور. ↑
-
() قرار محكمة التمييز الاتحادية رقم (677) لسنة 2023، غير منشور. ↑
-
() قرار محكمة التمييز الاتحادية رقم (370) لسنة 2022، غير منشور. ↑
-
() عثمان محمد عبد القادر وهبة بدر، شرح قانون المرافعات المدنية والتجارية، منشأة المعارف، الإسكندرية، دون سنة نشر، ص294. ↑
-
() أحمد هندي، قانون المرافعات المدنية والتجارية، دار النهضة العربية، الإسكندرية، 2006، ص 304. ↑
-
() أيّ أنَّ المشرّع العراقي أحال بذلك إلى أحكام المواد (1297 و1298 و1336 ) من القانون المدني. ↑
-
() من الجدير بالذكر أنَّ الفقه الإسلامي لم يدخر جهداً كافياً لترتيب وإقرار ضمان المؤجر الناشئ عن هلاك أو تلف المنقولات (المثقلة بحق امتياز المؤجر)، وقد بينت المذكرة الإيضاحية لبعض القوانين العراقية أنَّ الضمان (التعويض) لدى الفقهاء المسلمين ينقسم إلى ضمان عقد وضمان يد وضمان إتلاف، فإمّا الأول فإنّه يتمثّل بهلاك المبيع بسبب آفة سماوية، وهو في يد البائع، فيقع ضمانه عليه، أمّا فيما يخص ضمان اليد، فإنّه يتمثل بهلاك أو تلف الشيء، وهو في يد غير المالك، فيتم التمييز هنا فيما إذا كانت تلك اليد يد أمانة، وأنَّ الشيء الذي لحقه الهلاك ناشئ بدون تعدٍ أو تقصير منه، عندها لا يترتب على ذلك ضمان على مالك الشيء، أمّا إذا كان هلاك الشيء بتعدٍ أو تقصيرٍ من المالك، فهنا تنقلب يده من يد أمانة إلى يد ضمان، عندها يعدّ ضامناً حتى وإنْ هلك الشيء بسبب الآفة السماويّة (سببٍ أجنبي). وفيما يخص ضمان الإتلاف أو ما يطلق عليه بضمان الفعل، فيتمثل بإلحاق الضرر بالنفس أو بالعضو أو بالمال، بسبب فعلٍ أتاه شخص من الأشخاص، ففي هذه الحالة يقع على الأخير الضمان؛ ينظر: المذكرات الإيضاحية للقانون المدني الأردني، ط 2، ج1، الأردن، عمان، 1985، ص 272؛ نقلاً عن: صفاء شكور عباس وأحمد سمير محمد ياسين، حقوق الامتياز ومراتبها في القانون المدني العراقي، بحث منشور في مجلة جامعة تكريت للحقوق، السنة 1، المجلد 1، العدد 3، ج 1، لسنة 2017، ص 415. ↑
-
() سمير عبد السيد تناغو، التأمينات العينية والشخصية، مرجع سابق، ص 299. ↑
-
() نصت المادة (1367) من القانون المدني العراقي على أن: “ينقضي حق الامتياز بنفس الطرق التي ينقضي بها حق الرهن التأميني والحيازي، ووفقاً لأحكام انقضاء هذين الحقين، ما لم يوجد نص يقضي بغير ذلك”. ↑
-
() نصت المادة (1346) من القانون المدني العراقي على أنه: “ينقضي حق الرهن الحيازي بانقضاء الدين الموثق، ويعود معه إذا زال السبب الذي انقضى به الدين دون الإخلال بالحقوق التي يكون الغير حسن النية قد كسبها قانوناً في الفترة ما بين انقضاء الدين وعودته”. ↑
-
() نصت المادة (375) من القانون المدني العراقي على أن: “1- يصح الوفاء من المدين أو نائبه، ويصح وفاءه من أيّ شخصٍ له مصلحة في الوفاء كالكفيل والمدين المتضامن مع مراعاة ما جاء في المادة (250). 2- ويصح أيضاً وفاء الدين من أجنبيٍ لا مصلحة له في الوفاء بأمر المدين أو بغير أمره على أنّه يجوز للدائن أنْ يرفض الوفاء من الغير إذا اعترض المدين على ذلك وأبلغ الدائن هذا الاعتراض”. ↑
-
() عبد المجيد الحكيم وعبد الباقي البكري ومحمد طه البشير، القانون المدني، أحكام الالتزام، ج2، مكتبة السنهوري، بغداد، 2011، ص281 . ↑
-
() نصت المادة (401) من القانون المدني العراقي على أنه: “يجوز تجديد الالتزام باتفاق الطرفين على أنْ يستبدلا بالالتزام الأصلي التزاماً جديداً يختلف عنه في محله أو في مصدره”. ↑
-
() نصت المادة (408) من القانون المدني العراقي على أن: “المقاصة هي: إسقاط دين مطلوب لشخصٍ من غريمه في مقابلة دين مطلوب من ذلك الشخص لغريمه”. ↑
-
() ويكون المؤجر مديناً للمستأجر عند تحقّق أحكام الفقرة (2) من المادة (750) من القانون المدني العراقي؛ إذ نصّت على أنه: “وإذا امتنع المؤجر من الترميم، كان للمستأجر أنْ يفسخ الإجارة أو أنْ يقوم بالترميم بإذن من المحكمة، ويرجع على المؤجر بما صرف بالقدر المعروف”. ↑
-
() تناول المشرّع العراقي موضوع اتحاد الذمة تحت مظلة انقضاء الالتزام في الباب الخامس، الفصل الأول، الفرع الرابع من القانون المدني؛ إذ نصت المادة (418) منه على أن: “في الدين الواحد إذا اجتمع في شخصٍ واحد صفتا الدائن والمدين، انقضى الدين لاتحاد الذمة بالقدر الذي اتحدت فيه”. ↑
-
() عبد المجيد الحكيم وآخرون، القانون المدني، أحكام الالتزام، مرجع سابق، ص 305. ↑
-
() وهذا ما قضت به أحكام الفقرة (1) من المادة (422) من القانون المدني العراقي؛ إذ نصّت على أن: “لا يتوقف الإبراء على قبول المدين، لكن إذا رده قبل القبول ارتد، وإنْ مات قبل القبول فلا يؤخذ الدين من تركته”. ↑
-
() الحكم أعلاه قضت به المادة (420) من القانون المدني العراقي؛ إذ نصّت على أنه: “إذا أبرأ الدائن المدين، سقط الدين”. ↑
-
() نصت المادة (425) من القانون المدني العراقي على أنه: “ينقضي الالتزام، إذا أثبت المدين أنَّ الوفاء به أصبح مستحيلاً لسببٍ أجنبيٍ لا يد له فيه”. ↑
-
() وهذا ما قضت به أحكام الفقرة (1) من المادة (430) من القانون المدني العراقي؛ إذ نصت على أن: “كلّ حقٍّ دوري متجدّد كالأجرة والفوائد والرواتب والإيرادات المرتبة لا تسمع الدعوى به على المدين بعد تركها من غير عذرٍ شرعيٍ خمس سنوات”. ↑
-
() نصت الفقرة (3) من المادة (1374) من القانون المدني العراقي على أن: “وإذا نقلت الأموال المثقلة بحقّ الامتياز من العين المؤجرة، على الرغم من معارضة المؤجر وعلى غير علمٍ منه، ولم يبقَ في العين أموال كافية لضمان المبالغ الممتازة، بقي حق الامتياز قائماً على الأموال التي نقلت دون أنْ يضر ذلك بالحقّ الذي يكسبه الغير حسن النية على هذه الأموال”. ↑
-
() محمد طه البشير وغني حسون طه، الحقوق العينية التبعية، ج 2، العاتك لصناعة الكتب، القاهرة، توزيع المكتبة القانونية، بغداد، من دون سنة نشر، ص 604. ↑