النظام القانوني لتحديد خطـوط الأسـاس البحريـة فـي ظـل أحكـام القانـون الدولـي العـام
The legal system for determining maritime baselines under the provisions of public international law
حسين علي خومان البرقعاوي1، الأستاذ الدكتور جورج عرموني2
1 باحث دكتوراه في القانون العام كلية الحقوق الجامعة الإسلامية في لبنان.
2 أستاذ مشارك في القانون العام الجامعة الإسلامية في لبنان.
DOI: https://doi.org/10.53796/hnsj63/21
المعرف العلمي العربي للأبحاث: https://arsri.org/10000/63/21
الصفحات: 377 - 392
تاريخ الاستقبال: 2025-02-07 | تاريخ القبول: 2025-02-15 | تاريخ النشر: 2025-03-01
المستخلص: تعد خطوط الأساس البحرية إحدى الركائز الأساسية في تحديد النطاق البحري للدول وفقا للقانون الدولي، وتحديدا اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982. وتمثل هذه الخطوط النقطة التي يبدأ منها قياس البحر الإقليمي، والمنطقة المتاخمة، والمنطقة الاقتصادية الخالصة، والجرف القاري. وتنقسم هذه الخطوط إلى خط الأساس العادي الذي يحدد عند أدنى مستوى للجزر على طول الساحل، وفقا لما هو موضح على الخرائط الرسمية المعترف بها دوليا، وخط الأساس المستقيم الذي يستخدم عندما يكون الساحل متعرجا أو يحتوي على مجموعة من الجزر قريبة من الساحل الرئيسي، وخطوط الأساس في الأرخبيلات التي تطبق على الدول الأرخبيلية (مثل إندونيسيا والفلبين)، ويسهم ذلك تحديد الحدود البحرية للدولة، وضمان السيادة الوطنية، وتنظيم المرور البحري، وتسوية النزاعات البحرية.
الكلمات المفتاحية: خط الأساس، البحر الإقليمي، المناطق البحرية، قانون البحار.
Abstract: Maritime baselines are one of the basic pillars in defining the maritime scope of countries according to international law, specifically the 1982 United Nations Convention on the Law of the Sea. These lines represent the point from which the measurement of the territorial sea, contiguous zone, exclusive economic zone, and continental shelf begins. These lines are divided into the normal baseline, which is determined at the lowest level of the islands along the coast, as shown on official internationally recognized maps, The straight baseline, which is used when the coast is winding or contains a group of islands close to the main coast, and the baselines in archipelagos that apply to archipelagic countries (such as Indonesia and the Philippines), and this contributes to defining the maritime borders of the state, ensuring national sovereignty, regulating maritime traffic, and settling maritime disputes.
المقدمة: ترتبط عملية ترسيم الحدود البحرية بين الدول الساحلية – لاسيما ذات السواحل المتقابلة أو المتجاورة- بموضوع الحدود الخارجية لمختلف المناطق البحرية، إذ تتعارض مطالب دولتين أو أكثر من الدول المتقابلة أو المتجاورة.
وإذا کانت الحدود البرية لا تتسبب بالعديد من المشكلات أو النزاعات الحدودية بين الدول، لوجود معالم واضحة تفصل بينها، إلا أن ذلك الأمر لا ينطبق على الحدود البحرية، لكون الحدود البحرية لا تهم الدولتين اللتين يفصل بينهما حد بحري فحسب؛ بل يشمل باقي دول العالم التي لها مصالح تتأثر بهذه الحدود، لذلك فإن عملية ترسيم الحدود البحرية بين الدول تعد من أهم موضوعات القانون الدولي، والتي نشأت عنها أغلب النزاعات التي عرضت على القضاء الدولي.
لذا فإن مسألة تعيين الحدود البحرية بين البر والمياه الداخلية للدولة وبين بحرها الإقليمي، كانت من أهم المسائل التي نالت اهتمام اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، ويتم ذلك تعيين تلك الحدود عن طريق خط وهمي يعرف بخط الأساس البحري، ويمثل النقاط التي يبدأ منها قياس البحر الإقليمي للدولة الذي يعتبر جزءا من إقليمها ويخضع لسيادتها المطلقة، ومن ثم تحديد المجالات البحرية الأخرى تبعا للبحر الإقليمي.
أهمية البحث: إن البحث في موضوع ترسيم خطوط الأساس البحرية يستمد أهميته من كونه النقطة التي يبدأ منها البحر بالنسبة للدولة الساحلية، ومن ثم فإنه أساس تحديد المناطق البحرية المختلفة، لا سيما في ظل التنوع والاختلاف الذي تشهده الحدود البحرية للدول بوجود الانحناءات والتعاريج في سواحلها، كما أن إمكانية تغير هذا الخط نظرا لانحسار المياه أو تدفق ترسبات طينية أو رملية في الساحل، أو على العكس في حالة تغطية المياه لأجزاء من اليابسة كانت تدخل ضمن إقليم الدولة، كل ذلك يؤدي إلى ضرورة وجود نظام قانوني يقوم بتنظيم ترسيم تلك الحدود بشكل يؤدي إلى منع حدوث النزاعات بين الدول بسبب الاختلاف حول حدود المناطق البحرية.
إشكالية البحث: تتمثل إشكالية البحث في مجموعة من التحديات القانونية والتطبيقية التي تنشأ عند تحديد حدود السيادة البحرية للدول، ويمكن تلخيص الإشكالية الرئيسية في السؤال التالي:
إلى أي مدى يحقق النظام القانوني لرسم خطوط الأساس البحرية التوازن بين حقوق الدول الساحلية في تحديد مياهها الإقليمية، وبين الالتزامات الدولية المنصوص عليها في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار؟
خطة البحث: من أجل الإلمام بموضوع البحث، والإجابة عن الإشكالية التي طرحناها سابقا، كان لابد من تقسيم البحث إلى مبحثين؛ تناولنا في المبحث الأول مفهوم خط الأساس البحري، وذلك من حيث التعريف بهذا الخط، وبيان أهمية عملية ترسيم خطوط الأساس وأثرها القانوني، أما المبحث الثاني فقد أنصب على دراسة طرق رسم خطوط الأساس بنوعيها العادية والاستثنائية.
المبحث الأول
مفهوم خط الأساس البحري
يعد خط الأساس نقطة البداية لتحديد المناطق البحرية، إذ يمثل هذا الخط الوهمي الذي يعرف بخط الأساس بداية قياس البحر الإقليمي للدولة، فهو الحد الفاصل بين المناطق اليابسة من إقليم الدولة ومياهها الداخلية وبين بحرها الإقليمي.
وبذلك فإن هذا الحد يتعلق بسيادة الدولة، وما يترتب عليها من حقوق سيادية، تتمثل في الردع والسيطرة وتطبيق القانون الداخلي، وغيرها من المسائل المتصلة بحقوق الدولة على إقليمها.
لذا سنقسم هذا المبحث إلى مطلبين؛ نتناول في أولهما التعريف بخط الأساس، وفي الثاني نبحث أهمية عملية ترسيم خطوط الأساس وأثرها القانوني.
المطلب الأول
التعريف بخط الأساس
خط الأساس هو النقطة المرجعية التي تستخدم لتحديد حدود المياه الإقليمية والمناطق البحرية الأخرى لدولة معينة، وبذلك فإن خط الأساس يلعب دورا كبيرا في تحديد حقوق الدول وواجباتها، ونطاق سيادتها على المناطق البحرية المختلفة، ومن ثم لابد من بيان المقصود بخط الأساس، وموقف الفقه والقانون الدولي من تعريفه، والعوامل المؤثرة في تحديده.
لذا سنستعرض هذا المطلب في فرعين نتناول في أولهما تعريف خط الأساس، وفي ثانيهما نتطرق إلى العوامل المؤثرة في رسم خط الأساس.
الفرع الأول
تعريف خط الأساس وخصائصه
يبرز دور خط الأساس البحري في تحديد حدود المياه الإقليمية والمناطق البحرية الأخرى لدولة معينة، والذي يتميز بخصائص متعددة.
أولا- تعريف خط الأساس: ذهب البعض إلى أنه “الخط الذي يبدأ منه قياس البحر الإقليمي نحو البحر العالي، أو هو الخط الذي يفصل البحر الإقليمي عن اليابسة أو عن المياه الداخلية”([1]). كما عرف بأنه “خط وهمي يحتسب من آخر نقطة تنحسر عنها المياه وقت الجزر بالنسبة للشواطئ الطبيعية، ليفصل بين ما يعد مياه داخلية وما يعد بحرا إقليميا، ليشكل بذلك نقطة مزدوجة، فمنها يبتدئ البحر الإقليمي، وفيها تنتهي المياه الداخلية”([2]). وعرف كذلك بأنه: “الخط الوهمي المستقيم الموازي للساحل والذي يتبعه في مختلف تعاريجه والتواءاته الطبيعية”([3]). وعرف بأنه “خط المياه المنخفض (خط انحسار الجزر) على طول الساحل، كما هو مسجل في المخططات البحرية واسعة النطاق، المعترف بها رسميا من قبل الدولة الساحلية”([4]).
ويعد هذا الخط المحدد الجغرافي الذي يبدأ منه قياس المياه الإقليمية والمناطق الاقتصادية الخالصة والجرف القاري.
ويتم الاعتماد على خط الأساس لقياس المجالات البحرية الخاضعة لسيادة الدولة، أو التي تمارس عليها حقوقا سيادية وفقا لأحكام القانون الدولي العام، لاسيما اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لسنة 1982، إذ يستخدم خط الأساس لتعيين حدود المياه الداخلية، البحر الإقليمي، المنطقة الاقتصادية الخالصة، والجرف القاري للدولة([5]).
وقد اختلفت الآراء الفقهية بشأن خط الأساس، إذ ذهب بعضها إلى أن خط الأساس يمثل خطا يوازي شاطئ الدولة الساحلية في انحناءاته الطبيعية، ويتبعه في بروزه وتجاويفه الممتدة على طول الساحل([6])، أما الاتجاه الآخر؛ فقد ذهب إلى أن خط الإساس يتحدد بخطوط مستقيمة، تصل بين الرؤوس البارزة الممتدة على طول الشاطئ، دون أخذ التجاويف بنظر الاعتبار، وذهب الاتجاه الثالث إلى أن خط الأساس يتم تحديده من خلال خطوط مقوسة تلتقي بخطوط راسية تمتد بطول اتساع البحر الإقليمية، وتقاس من أجزاء مختلفة من شاطئ الدولة بما تتضمنه من أجزاء بارزة وغيرها([7]).
ثانيا- خصائص خط الأساس: يتميز خط الأساس بخصائص عدة ومن أهمها:
- الصفة القانونية: خط الأساس البحري هو نقطة الانطلاق لتحديد الحدود البحرية والمياه الإقليمية للدول، يتم تحديده وفقا لقانون البحار الدولي، وتحديدا اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، وهو أساس لاحتساب نطاق السيادة البحرية وحقوق الاستغلال للموارد البحرية.
ويشكل هذا الخط نقطة الانطلاق لحساب المياه الإقليمية (التي تمتد 12 ميلا بحريا من خط الأساس) والمناطق الاقتصادية الخالصة والجرف القاري، حيث تكون الدول لها حقوق سيادية في تلك المناطق([8]).
- المرونة في التحديد: يتمتع خط الأساس بمرونة في التحديد حسب طبيعة الساحل، تغيرات طبيعية، حيث أن خط الأساس قد يتغير بتغيرات جغرافية وطبيعية، مثل التعرجات الساحلية أو التغيرات في مستوى البحر (المد والجزر)، ففي بعض الحالات، يمكن أن يتغير نتيجة لعمليات بحرية أو جغرافية طويلة المدى مثل الحت أو تراكم الرواسب، وفي المناطق الاستثنائية قد تعتمد الدول على “خط الأساس المستقيم” في حال كانت سواحلها تتسم بالتعرجات أو الجزر الصغيرة، ويسمح هذا الخط بتحديد حدود بحرية أكثر مرونة وسهولة([9]).
- التغير بتغير الطبيعة الجغرافية: يعتبر خط الأساس متغيرا إذا تغيرت الظروف الجغرافية للساحل، مثل التغيرات الطبيعية كالتعرية والترسيب وارتفاع منسوب البحر، والتغيرات البشرية كاستصلاح الأراضي أو بناء المنشآت الساحلية([10]).
- تحديد السيادة البحرية: بالنسبة للحقوق السيادية؛ فإن خط الأساس هو نقطة الانطلاق لحساب المياه الإقليمية، ويحدد السيادة التي تمارسها الدولة على المياه والأراضي البحرية المحيطة بها، ويمكن أن يشمل ذلك حق السيطرة على المرور البحري وحماية الموارد البحرية([11]).
أما في المناطق الاقتصادية؛ وعلى خلاف المياه الإقليمية، فيتم تحديد “المنطقة الاقتصادية الخالصة” بناء على خط الأساس، التي تمتد عادة إلى 200 ميل بحري من الشاطئ، وتمنح الدولة حقوقا اقتصادية لاستغلال الموارد مثل النفط والغاز والصيد([12]).
- مساهمته في حل النزاعات الدولية: يستخدم خط الأساس كأساس لحل النزاعات البحرية بين الدول، سواء كان ذلك حول السيادة على المياه أو الحدود البحرية أو الموارد الطبيعية، حيث أن وجود معايير واضحة يساعد في تجنب التوترات أو النزاعات الدولية حول مناطق بحرية معينة.
وفي حالة حدوث نزاع على تحديد خط الأساس أو السيادة البحرية، يمكن أن تلجأ الدول إلى محكمة العدل الدولية أو محكمة الأمم المتحدة لقانون البحار للفصل في القضايا بناء على المعايير الدولية([13]).
- الالتزام بالمعايير الدولية: تعد اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار المرجع الأساسي الذي يحدد معايير تعيين خط الأساس، وتوزيع الحقوق البحرية بين الدول، حيث تلزم الدول باحترام المبادئ المتفق عليها في الاتفاقية، بما في ذلك المعايير المتعلقة بتحديد حدود المياه الإقليمية، المناطق الاقتصادية، والجرف القاري([14]).
الفرع الثاني
العوامل المؤثرة في رسم خط الأساس
هناك العديد من العوامل التي تؤثر في تحديد خط الأساس للدولة الساحلية وفقا لقانون البحار الدولي، والتي تحدد مدى دقة وشرعية الخط وهي:
أولا- العوامل الطبيعية: تلعب العوامل الطبيعية دورا هاما في تحديد خط الأساس البحري، ومن أهم هذه العوامل:
- طبيعة الساحل: تشير طبيعة الساحل إلى الخصائص الجغرافية والبيئية، التي تميز الشواطئ والسواحل من حيث التشكيلات الأرضية، التضاريس، والتغيرات المناخية، إذ تلعب دورا مهما في تحديد خط الأساس وفقا لاتفاقية قانون البحار([15]).
- التغيرات في مستوى البحر: هي التغيرات التي تطرأ على ارتفاع وانحسار مياه البحار والمحيطات عبر الزمن، سواءا كانت نتيجة لتغيرات طبيعية كالمد والجزر أو التغيرات الموسمية بسبب الرياح والإمطار أو تغيرات درجات الحرارة أو بسبب التغيرات الجيولوجية، وقد ترجع التغيرات للأنشطة البشرية كالتوسع العمراني من خلال بناء المدن والجزر الاصطناعية وتوسيع الموانئ وإزالة الأراضي الرطبة أو المستنقعات الساحلية، ويؤثر كل ذلك في تحديد خط الأساس البحري([16]).
- وجود الجزر: تؤثر الجزر بشكل مباشر على كيفية تحديد الحدود البحرية لدولة ما، ففي حالة وجود جزر كبيرة أو جزر قريبة من الشاطئ، يمكن أن تستخدم هذه الجزر كنقاط أساسية لرسم خط الأساس ووفقا لاتفاقية قانون البحار، يمكن أن تستخدم الجزر كنقطة انطلاق لحساب المناطق البحرية، مثل المياه الإقليمية والمنطقة الاقتصادية الخالصة([17]).
أما بالنسبة للجزر الصغيرة القريبة من الشاطئ فقد تؤثر في رسم خط الأساس، حيث تعتبر في بعض الحالات مكملات للحدود البحرية، وهو ما يزيد من حقوق الدولة الساحلية في المنطقة البحرية المحيطة بها، إلا أن وجود الكثير من الجزر في بعض الأحيان يعقد من مسألة تحديد الحدود البحرية بدقة([18]).
- التضاريس الساحلية: تشير إلى التكوينات الجغرافية التي تشكل السواحل والمناطق المحيطة بها، وتلعب دورا كبيرا في تحديد خط الأساس البحري، إذ تعتمد حدود السيادة البحرية على خصائص الشواطئ والتضاريس الطبيعية على الساحل، وتختلف هذه التضاريس بين الشواطئ المستقيمة، والشواطئ المنحنية، والتي تستخدم فيها الخطوط المستقيمة التي تربط النقاط الأكثر بروزا، والشواطئ الصخرية التي تتميز بوجود جروف أو صخور كبيرة قد تؤثر على تحديد خط الأساس، والشواطئ المنعزلة التي تقع بالقرب من الشاطئ، والجزر الرملية التي تعتبر أكثر مرونة بسبب تغيرات المد والجزر فيها([19]).
- المناطق الجليدية: تشير إلى المناطق التي تحتوي كتل جليدية ضخمة، أو تغطيها الثلوج بشكل مستمر طوال العام، ففي المناطق القطبية تعد الصفائح الجليدية من أبرز التشكيلات الجغرافية، التي تؤثر في رسم خط الأساس في تلك المناطق، والتي يصعب تحديد خط الأساس فيها، بسبب تغير مستوى المياه نتيجة ذوبان الجليد.
ثانيا- العوامل القانونية: تعد اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار المرجع الرئيسي لتنظيم خطوط الأساس وتحديد المناطق البحرية، فضلا عن تحديد أنواع خطوط الأساس، ومن خلالها تمنح الدول حقوقا سيادية على الموارد البحرية إلى مسافة مائتي ميل بحري ابتداءا من خط الأساس([20]).
وتتمتع الدولة الساحلية بسيادة مطلقة على البحر الإقليمي الممتد إلى مسافة اثنا عشر ميلا بحريا بما في ذلك السيطرة على الملاحة البحرية، أما بالنسبة للمنطقة الاقتصادية الخالصة؛ فإن للدولة الساحلية الحق في استغلال الموارد البحرية كالأسماك والنفط والغاز والمعادن، مع التعهد بضمان حرية الملاحة البحرية([21]).
ثالثا- العوامل الجغرافية: لا شك أن عملية تحديد شكل السواحل عن طريق حصرها يعد أمرا مستحيلا، إذ أن الشكل العام للسواحل والجزر والنتوءات الساحلية والتشكيلات الجيولوجية تختلف من مكان لآخر، تبعا لظروف كل حالة على حدة، فكلما كانت العوامل الجيولوجية والجغرافية مميزة أو تحتوي على ظروف خاصة كلما زاد ذلك من صعوبة التحديد، إذ تحدد تلك العوامل مدى صعوبة وتعقيد عملية التحديد وتشابكها([22]).
ويبرز تأثير هذه العوامل في النزاع الحدودي بين البحرين وقطر، الذي يعد أطول نزاع حدودي قانوني يعرض على محكمة العدل الدولية، إذ أسهمت العوامل الجغرافية غير العادية في تعقيد القضية وتأخير حسمها، فقد كان المطلوب من المحكمة ترسيم الحدود بين دولة قارية (قطر) ودولة أرخبيلية متكونة من جزر عدة (البحرين)، كذلك فإن المسافات بين الدولتين في منطقة الترسيم محدودة جدا([23]).
وقد أدى ذلك إلى صعوبة في اختيار معيار التحديد، هل يتم استخدام خط الوسط؟ أم خط الأبعاد المتساوية؟
رابعا- العوامل الاقتصادية والسياسية: كانت هذه العوامل من بين الأسباب التي أدت إلى نشوء النزاعات بين الدول بشان استغلال البحار، وتتمثل تلك العوامل في الثروات النفطية والمعدنية والصيد البحري وغيرها من الموارد الحية وغير الحية، كل ذلك دفع الدول إلى تحديد حدودها البحرية من اجل الاستغلال الأمثل لموارد منطقة التحديد وتحقيق التنمية اللازمة، ولكن تلك العوامل تؤدي إلى صعوبة التوصل إلى اتفاق بشأن التحديد([24]).
وقد أثرت تلك العوامل في تعقيد وتشابك عملية تحديد الحدود البحرية بين العراق والكويت وصعوبة التوصل إلى اتفاق بشأنها.
كذلك فإن العوامل الاقتصادية والسياسية أدت إلى عدم إبرام اتفاق بين الدولة المشاطئة لبحر قزوين، وهي كل من روسيا وايران وأذربيجان وتركمانستان وكازخستان، إذ أن الثروة الهائلة من النفط والغاز التي يحتويها هذا البحر جعلت من الصعوبة التوصل إلى اتفاق بشأن الحدود البحرية بين هذه الدول، كذلك فإن للعامل السياسي أثره البارز في عملية التحديد، نظرا لتدخل دول خارجية كالولايات المتحدة والدول الأوربية حماية لمصالحها في بحر قزوين([25]).
المطلب الثاني
أهمية عملية ترسيم خطوط الأساس وأثرها القانوني
تعتبر عملية ترسيم خطوط الأساس البحرية خطوة أساسية في تحديد الحدود البحرية للدول وفقا للقانون الدولي، وخاصة اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982، وتؤثر هذه العملية على حقوق الدول الساحلية وسيادتها البحرية، وكذلك على حقوق الدول الأخرى في الملاحة والاستغلال البحري.
لذا سنستعرض هذا المطلب في فرعين؛ نخصص أولهما لدراسة أهمية عملية ترسيم خطوط الأساس البحرية، وفي ثانيهما الأثر القانوني لترسيم خطوط الأساس.
الفرع الأول
الأهمية القانونية لخط الأساس
تتمثل الأهمية القانونية لخط الأساس في أنه يمثل المرجع الأساسي الذي تعتمد عليه الدول لتحديد حدود مياهها البحرية، وحقوقها السيادية على المناطق البحرية، وهو عنصر حاسم في تنظيم العلاقات البحرية وفقا للقانون الدولي. وتبرز هذه الأهمية فيما يلي:
أولا- تحديد السيادة البحرية: خط الأساس هو نقطة الانطلاق لقياس المياه الإقليمية، وهي المنطقة التي تمتد عادة حتى 12 ميلا بحريا من هذا الخط، ويساعد ذلك الدول في تأكيد حقوقها في الموارد البحرية، مثل الثروة السمكية والنفط والغاز.
ثانيا- تحديد الحقوق الاقتصادية في المنطقة الاقتصادية الخالصة: يبدأ قياس المنطقة الاقتصادية الخالصة من 12 ميلا بحريا من خط الأساس وتمتد حتى 200 ميل بحري، ويساهم تحديد الحدود البحرية بوضوح في حماية الأمن البحري للدولة ومنع التعديات غير القانونية، ويساعد على فرض القوانين الوطنية داخل المياه الإقليمية للدولة.
كما يحدد خط الأساس الحقوق البحرية المتعلقة بالجرف القاري، حيث يحق للدولة استغلال موارد قاع البحر، والطبقات البحرية، ما لم تتجاوز 200 ميل بحري([26]).
ثالثا- تنظيم المرور البحري وحقوق الدول الأخرى: يحدد كيفية تطبيق حق المرور البريء للسفن الأجنبية عبر المياه الإقليمية، ويوضح الحقوق والقيود المتعلقة بمرور السفن العسكرية والتجارية، خاصة في المناطق الاستراتيجية.
رابعا- حسم النزاعات البحرية: في حالة نشوب نزاع بين الدول حول الحدود البحرية أو استغلال الموارد الطبيعية في المناطق المتنازع عليها، فإن خط الأساس يعد المرجعية القانونية الأساسية لحل النزاعات، ووفقا للقانون الدولي يتم تحديد الحقوق السيادية للدول بناءا على خط الأساس، ما يساعد في تسوية النزاعات البحرية بين الدول.
خامسا- ضمان استغلال الموارد البحرية بشكل قانوني: يساعد في حماية الموارد الطبيعية للدولة من الاستغلال غير المشروع، ويضمن للدولة حقها في التنقيب عن النفط والغاز داخل منطقتها الاقتصادية الخالصة.
سادسا- القضاء الدولي: في حالة وجود نزاعات بين الدول حول الحدود البحرية أو الأنشطة البحرية في المناطق المتنازع عليها، يمكن استخدام خط الأساس كمرجعية قانونية أمام المحاكم أو هيئات التحكيم الدولية مثل محكمة العدل الدولية أو محكمة القانون البحري.
سابعا- مراعاة التغيرات الجغرافية والبيئية: في حالات حدوث تغيرات جغرافية أو بيئية مثل ارتفاع مستوى سطح البحر أو تكون جزر جديدة، يعتبر خط الأساس منطلقا لتحديد كيفية تأثير هذه التغيرات على السيادة البحرية، مما يترتب عليه إعادة تحديد الحدود البحرية للدولة.
ثامنا- تطبيق القوانين المحلية والدولية: الدولة الساحلية يمكنها فرض قوانينها المحلية على المياه الإقليمية بناء على تحديد خط الأساس، مثل فرض قوانين مكافحة التلوث أو تنظيم الصيد. أيضا، تستخدم القوانين الدولية لضمان احترام الحقوق البحرية للدول المجاورة والمجتمع الدولي.
تاسعا- ضمان حقوق الدول ذات السواحل المعقدة: الدول التي تمتلك سواحل غير منتظمة أو جزرا متناثرة (مثل النرويج أو المملكة المتحدة) تعتمد على خط الأساس المستقيم، الذي يسمح لها بتحديد المياه الإقليمية بطريقة قانونية دقيقة، مما يضمن حقوقها السيادية على هذه المناطق.
صفوة القول أن خط الأساس البحري يمثل الأداة القانونية الأساسية التي يعتمد عليها القانون الدولي لتحديد حدود السيادة البحرية للدول، وتنظيم الأنشطة البحرية داخل المياه الإقليمية والمنطقة الاقتصادية الخالصة، وحسم النزاعات البحرية، وضمان تطبيق الحقوق البحرية للدول وفقا للقوانين الدولية.
الفرع الثاني
الأثر القانوني لعملية ترسيم خطوط الأساس
أولا- إضفاء الطابع القانوني على المطالبات البحرية: عند قيام دولة بترسيم خطوط أساسها وفقا لمعايير اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، فإن ذلك يعزز شرعية مطالباتها البحرية، ويمنع الطعون القانونية من الدول الأخرى، كما يتم تسجيل الخطوط المرسومة لدى الأمم المتحدة لضمان الاعتراف الدولي بها، وتثبيت الحدود البحرية في الاتفاقيات الثنائية بين الدول المجاورة، وتعزيز موقف الدولة في أي نزاعات قانونية مستقبلية تتعلق بمياهها الإقليمية([27]).
ثانيا- تأثيرها على الاتفاقيات الدولية والإقليمية: تلعب خطوط الأساس دورا محوريا في صياغة الاتفاقيات الثنائية أو الإقليمية بين الدول، حيث تستخدم كأساس لترسيم الحدود البحرية بين الدول المتجاورة، وفي مفاوضات تقاسم الموارد البحرية مثل مصائد الأسماك أو احتياطيات النفط والغاز، ولتنظيم عمليات الملاحة والتعاون الأمني في المناطق البحرية المشتركة([28]).
ثالثا- التأثير على حقوق الدول غير الساحلية: قد يكون لترسيم خطوط الأساس، وخاصة إذا كانت خطوطا مستقيمة، تأثير على الدول غير الساحلية التي تعتمد على الممرات البحرية وفقا للقانون الدولي، فإن الدول الساحلية ملزمة بعدم منع وصول الدول غير الساحلية إلى أعالي البحار، أو تقييد حرية الملاحة في الممرات الدولية، أو التأثير سلبا على التجارة الدولية من خلال فرض قيود غير قانونية، لذلك تخضع خطوط الأساس للمراجعة القانونية، لضمان عدم انتهاكها لمبدأ حرية الملاحة وحقوق الدول الأخرى([29]).
رابعا- إمكانية الطعن الدولي في الخطوط المرسومة: إذا قامت دولة برسم خطوط أساس غير متوافقة مع اتفاقية قانون البحار، فقد تواجه اعتراضات قانونية من الدول الأخرى أو الهيئات الدولية، وتشمل الحالات التي قد تؤدي إلى الطعن([30]):
- رسم خطوط أساس مستقيمة بشكل مفرط، مما يؤدي إلى توسيع نطاق البحر الإقليمي بطريقة غير مشروعة.
- عدم مراعاة المبادئ الجغرافية العادلة عند ترسيم الحدود البحرية مع الدول المجاورة.
- تجاهل القواعد الدولية المنظمة للمضائق والممرات الدولية.
في مثل هذه الحالات، قد تلجأ الدول المتضررة إلى المحكمة الدولية لقانون البحار أو محكمة العدل الدولية للطعن في الخطوط المرسومة والمطالبة بإعادة النظر فيها.
لذلك، من الضروري أن تلتزم الدول بالقواعد الدولية عند ترسيم حدودها البحرية لضمان الاعتراف الدولي بمطالبها، وحماية حقوقها السيادية، والحفاظ على علاقات جيدة مع الدول المجاورة والمجتمع الدولي.
المبحث الثاني
طرق رسم خطوط الأساس
رسم خطوط الأساس هي عملية تحديد النقطة التي تبدأ منها المياه الإقليمية والتي يؤثر تحديدها في المناطق البحرية الأخرى، تلك العلية التي يجب أن تتماشى مع الجغرافية الطبيعية للسواحل والشواطئ، وهناك عدة طرق لرسم خطوط الأساس تختلف تبعا لنوع السواحل والجزر والتضاريس الطبيعية والمعايير القانونية.
لذا سنتناول هذا المبحث في مطلبين، نبحث في أولهما الطرق العادية لرسم خطوط الأساس، وفي الثاني نتناول الطرق الاستثنائية لرسم خطوط الأساس.
المطلب الأول
الطرق العادية لرسم خطوط الأساس
يتم استخدام هذه الطرق في السواحل البسيطة والمستقيمة، أو عندما تكون التضاريس الطبيعية واضحة لا تتطلب تقنيات معقدة، وتبنى هذه الطرق أساسا على اتفاقية قانون البحار، ويتم من خلال هذه الطرق تحديد النقطة التي تبدأ منها المياه الإقليمية.
لذا سنتناول هذا المطلب في فرعين، نبحث في أولهما خط الأساس العادي، وفي الثاني نتناول خطوط الأساس المستقيمة.
الفرع الأول
خط الأساس العادي
يرسم هذا الخط على امتداد الساحل عند أدنى مستوى الجزر، ويستخدم في السواحل البسيطة والمستقيمة غير المعقدة، ويتم الاعتماد على الخرائط البحرية الرسمية في رسمه([31]).
وقد تضمنت اتفاقية جنيف بشأن البحر الإقليمي والمنطقة المتاخمة لعام 1958 المبدأ العام لتحديد الخط الذي يبدأ منه قياس البحر الإقليمي، إذ نصت المادة (3) منها على أن: “ما لم ينص على عكس ذلك في هذه المواد، فان خط الأساس المعتاد المستخدم لقياس اتساع البحر الإقليمي هو خط مياه الجزر المنحسر على طول الساحل، كما هو مبين على الخرائط ذات المقياس الكبير المعترف بها من قبل الدولة الشاطئية”([32]).
وبذلك فإن قياس البحر الإقليمي يبدأ – في غير الحالات الاستثنائية- من آخر نقطة تنحسر عنها المياه وقت الجزر، إذ يبدأ البحر الإقليمي من النقطة التي توازي شاطئ الدولة في مختلف تعاريجه وانحناءاته الطبيعية، وتتبعه في أماكن بروزه وتجاويفه، ويربط بين هذه النقاط خط الأساس([33]).
أما اتفاقية قانون البحار لسنة 1982 فقد نصت على أن: “باستثناء الحالات التي تنص فيها هذه الاتفاقية على غير ذلك، خط الأساس العادي لقياس عرض البحر الإقليمي هو حد ادنى الجزر على امتداد الساحل كما هو مبين على الخرائط ذات المقياس الكبير المعترف بها رسميا من قبل الدولة الساحلية”([34]).
الفرع الثاني
خطوط الأساس المستقيمة
تمثل قاعدة خطوط الأساس المستقيمة طريقة من طرق رسم خطوط الأساس، ويقصد بها اختيار عدد من النقاط الملائمة لأدنى انحسار الجزر على طول الساحل، والوصل بينها بخطوط مستقيمة، وذلك في حالة السواحل المتعرجة أو التي تحتوي على عدد كبير من الجزر، وتستخدم هذه الطريقة في الحالات التي لا يمكن فيها تطبيق خط الأساس العادي بسبب الطبيعة الجغرافية للساحل([35]).
وقد اعتمدت اتفاقية جنيف بشان البحر الإقليمي هذه الطريقة، إذ أكدت المادة (4) منها على أن طريقة الخطوط المستقيمة التي تصل بين نقاط محددة يمكن أن تطبق لرسم خط الأساس الذي يقاس منه اتساع البحر على الأقل، وذلك في المناطق التي يكون فيها خط الساحل عميق التضاريس أو فيه فجوات، أو إذا كانت هناك سلسلة من الجزر على طول الساحل وعلى مقربة منه([36]).
كما اشترطت المادة نفسها بأن رسم هذه الخطوط يجب أن لا يبعد بقدر كبير عن الاتجاه العام للساحل، والمساحات البحرية الواقعة ضمن هذه الخطوط يجب أن تكون متصلة بصورة كافية بالإقليم الأرضي، لتكون خاضعة لنظام المياه الداخلية([37]).
كما أن خطوط القياس هذه يجب أن لا ترسم من وإلى النتوءات الجزرية، إلا إذا كانت الفنارات والمنشآت المشابهة، والتي هي على الدوام فوق مستوى البحر، قد بنيت أو أنشات عليها([38]).
وفي حالات استعمال طريقة الخطوط المستقيمة طبقا لأحكام الفقرة الأولى، يجب الأخذ بنظر الاعتبار عند تحديد بعض خطوط القياس المعينة، المصالح الاقتصادية البحتة لمناطق معينة تبدو بوضوح حقيقتها وأهميتها جلية بالاستعمال الطويل منذ القدم([39]).
ولا يمكن استعمال طريقة خطوط القياس المستقيمة من قبل دولة ما بطريقة تفصل البحر الإقليمي لدولة أخرى عن البحر العالي، كذلك يجب على الدولة الساحلية أن تبين بوضوح وتأكيد على الخرائط خطوط القياس المستقيمة، وان تعلن عنها بصورة كافية([40]).
وتنص المادة (7) من الاتفاقية على أنه: “1- حيث يوجد انبعاج عميق أو انقطاع، أو حيث توجد سلسلة من الجزر على امتداد الساحل وعلى مسافة قريبة منه مباشرة، يجوز أن تستخدم في رسم خط الأساس الذي يقاس منه عرض البحر الإقليمي طريقة خطوط الأساس المستقيمة التي تصل بين نقاط مناسبة”.
ومن أمثلة ذلك خطوط الأساس العراقية، ففي منطقة خور عبد الله، التي تفصل العراق عن الكويت، يتم تحديد خط الأساس بناء على الخطوط المستقيمة، حيث يتم رسم خطوط مستقيمة تربط النقاط البارزة على الساحل والحدود المائية. وفي منطقة شط العرب، يتم اعتماد الخطوط المستقيمة أيضا عند تحديد الحدود البحرية مع إيران، حيث تلتقي مياه نهري دجلة والفرات مع الخليج العربي، ويواجه العراق تحديات في تحديد الحدود البحرية بدقة([41]).
المطلب الثاني
الطرق الاستثنائية (الخاصة) لرسم خطوط الأساس
تعد الخلجان والموانئ والدول الأرخبيلية من المناطق البحرية التي تحتاج إلى تحديد دقيق لخطوط الأساس، إذ تتسم بتضاريس بحرية خاصة قد تؤثر على رسم الحدود البحرية وتحديد الحقوق السيادية للدول الساحلية. وتتناول اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار هذه الحالات بطريقة تفصيلية، لضمان تحقيق التوازن بين حقوق الدول الساحلية وضمان حرية الملاحة الدولية.
لذا سنستعرض طرق تحديد خطوط الأساس في هذه المناطق من خلال فرعين، نتناول في الأول رسم خطوط الأساس في الخلجان والموانئ، وفي الثاني نبحث تحديد خط الأساس في الجزر المرجانية والدول الأرخبيلية.
الفرع الأول
رسم خطوط الأساس في الخلجان والموانئ
وضعت اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار قواعد واضحة لرسم خطوط الأساس في الخلجان والموانئ، وهي جزء من النظام الذي يحدد الحدود البحرية والمناطق الإقليمية التابعة لدول ساحلية.
ويختلف رسم خط الأساس في الخلجان والموانئ عن رسمه في السواحل العادية، وذلك بسبب الخصائص الجغرافية الخاصة بهذه المناطق. وسنستعرض في هذا الجزء من البحث الأحكام المتعلقة برسم خطوط الأساس في الخلجان والموانئ في إطار الاتفاقية الدولية.
أولا- رسم خطوط الأساس في الخلجان: الخليج هو “عبارة عن مساحة من البحر تتغلغل في إقليم الدولة، وينتج عن عمق هذا التغلغل بالنسبة لاتساع فتحته وجود مساحة مائية تكاد تكون محاطة بالأرض”([42]).
ووفقا للمادة (7) من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، إذا كان الخليج يتسم بشروط معينة، فيجوز للدولة الساحلية رسم خط أساسي مستقيما عبر مدخل الخليج بدلا من اتباع تقوسات الساحل.
ولتطبيق خط الأساس المستقيم عبر مدخل الخليج، يجب أن يكون هناك مياه عميقة كافية على طول مدخل الخليج، أو أن يكون المدخل ضيقا ولا يتجاوز الحد الطبيعي لتطبيق الخطوط المستقيمة، ولا يجوز أن يتجاوز طول هذا الخط 24 ميلا بحريا بين النقاط الموصلة([43]).
مثال ذلك خليج البنغال, حيث رسمت بعض الدول مثل الهند وبنغلادش خطوط أساس مستقيمة عبر مدخل الخلجان لتعزيز سيادتها على المياه الداخلية، وكذلك الخلجان في البحر الأحمر مثل خليج السويس، حيث يمكن رسم خط أساسي مستقيم عبر المدخل الذي يحدد المياه الداخلية([44]).
ثانيا- رسم خطوط الأساس في الموانئ: الموانئ تشير إلى المناطق الساحلية أو المنشآت البحرية التي تستخدم لتسهيل الأنشطة التجارية أو النقل البحري، بما في ذلك الرسو و التحميل والتفريغ ([45]).
ويمكن رسم خط الأساس في الموانئ استنادا إلى خطوط الأساس الطبيعية للسواحل، في حال لم تكن هناك بنية جغرافية معقدة أو تغيرات كبيرة في الشكل الجغرافي، ويستثنى من ذلك إذا كانت الموانئ تحتوي على منشآت صناعية أو مناطق مغمورة في البحر (مثل الأرصفة أو الجسور المائية)، يمكن أن يسمح باستخدام خط الأساس المستقيم عبر المنشآت أو الأرصفة([46]).
ومن أمثلة ذلك موانئ البحر الأبيض المتوسط: في بعض الموانئ، مثل موانئ إيطاليا أو فرنسا، يتم رسم خطوط الأساس عبر أرصفة الموانئ البحرية أو المنارات لضمان التحكم في المياه الملاصقة للميناء.
الفرع الثاني
تحديد خط الأساس في الجزر المرجانية والدول الأرخبيلية
تعد الجزر المرجانية والدول الأرخبيلية من المناطق التي قد تطرح تحديات خاصة في تحديد خطوط الأساس البحرية، بسبب الخصائص الجغرافية الفريدة التي تتسم بها هذه المناطق. وتوفر اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار قواعد خاصة لتحديد خطوط الأساس في هذه المناطق لضمان حقوق السيادة البحرية للدول المعنية وحماية الملاحة الدولية([47]).
أولا- رسم خطوط الأساس في الجزر المرجانية: الجزر المرجانية هي تجمعات من الشعاب المرجانية التي عادة ما تكون موجودة في مناطق بحرية ضحلة، وهذه الجزر قد تكون مغطاة جزئيا أو كليا بالمياه في بعض الأوقات من السنة([48]).
وفي هذه الحالة يمكن للدول التي تمتلك جزرا مرجانية رسم خطوط أساسية مستقيمة حول الحافة الخارجية للشعاب المرجانية إذا كانت الشعاب المرجانية مكشوفة عند أدنى مستوى للجزر، يمكن استخدامها لرسم الخطوط، ويجب أن تأخذ هذه الخطوط في الاعتبار الظروف الطبيعية والتكوينات الجغرافية الفريدة للجزر الأرخبيلية.
وبمجرد رسم خطوط الأساس حول الجزر المرجانية، تصبح جميع المياه داخلها مياها داخلية للدولة، ويتم قياس البحر الإقليمي بمسافة اثنا عشر ميلا بحريا، والمنطقة الاقتصادية الخالصة بمسافة مائتي ميل بحري من هذه الخطوط الأساسية([49]).
ومن أمثلة ذلك الجزر المرجانية في بحر الصين الجنوبي، وتمثل بعض الجزر المرجانية في هذه المنطقة نقطة نزاع بين عدة دول، حيث تفرض كل دولة سيادتها على هذه الجزر باستخدام خطوط الأساس المستقيمة التي تضمن حقوقها في المياه المحيطة([50]).
ثانيا- رسم خطوط الأساس في الدول الأرخبيلية: هي دولة تتكون من مجموعة من الجزر التي تمثل وحدة سياسية وإدارية، وهذه الجزر قد تكون قريبة من بعضها أو متباعدة في المحيطات، لكن يجب أن تكون هذه الجزر مترابطة جغرافيا ووظيفيا.
ولهذه الدول الحق في رسم خطوط أساسية أرخبيلية مستقيمة تربط بين الجزر الخارجية، بشرط أن تحترم القواعد التالية([51]):
- لا يجوز أن يتجاوز طول أي خط أرخبـيلي مائة ميل بحري، مع استثناءات تسمح بـ3% من الخطوط بأن تصل إلى مائة وخمسة وعشرون ميلا بحريا.
- يجب أن تكون نسبة المياه إلى اليابسة بين 1:1 إلى 9:1 لضمان عدم وجود مساحات مائية شاسعة غير متصلة باليابسة.
- لا يجوز رسم خطوط تحرم الدول الأخرى من حقوقها التقليدية في الصيد أو الملاحة.
وتعتبر المياه داخل الخطوط الأساسية الأرخبيلية مياها أرخبيلية خاضعة للسيادة الكاملة للدولة، ومع ذلك، يجب السماح بـ”المرور الأرخبـيلي” للسفن الأجنبية بطريقة لا تعيق الأمن أو النظام العام للدولة.
ومن أمثلة ذلك رسم خطوط الأساس لإندونيسيا التي تضم أكثر من سبعة عشر الف جزيرة، حيث تستخدم خطوط الأساس المستقيمة لرسم حدود مياهها الإقليمية، من خلال ربط بعض الجزر المتناثرة عبر المحيط الهادئ.
ويبرز الفرق بين الجزر المرجانية والدول الأرخبيلية في رسم خطوط الأساس، في أن في الجزر المرجانية ترسم الخطوط حول الحافة الخارجية للشعاب المرجانية، أما في الدول الأرخبيلية، تستخدم خطوط مستقيمة تربط الجزر الرئيسية مع مراعاة النسب المحددة بين المياه واليابسة، وفي كلا الحالتين تحدد هذه الخطوط المياه الداخلية، البحر الإقليمي، والمنطقة الاقتصادية الخالصة وفقا للمعايير الدولية([52]).
الخاتمة: في هذا البحث، تناولنا النظام القانوني الذي ينظم رسم خطوط الأساس البحرية، الذي يمثل أساسا لتعيين حدود المياه الإقليمية، وأماكن ممارسة الدول لحقوقها البحرية.
ويعد تحديد خطوط الأساس من المواضيع التي تنطوي على صعوبات قانونية وجغرافية واسعة، ويأتي في إطار النظام القانوني الدولي الذي ينظم العلاقات بين الدول في مجال البحار والمحيطات.
ومن خلال دراسة الأحكام القانونية ذات الصلة، والاتفاقيات الدولية مثل اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحر لعام 1982، استنتجنا أن النظام القانوني المعمول به يهدف إلى تحقيق توازن بين السيادة الوطنية للدول على مياهها الإقليمية وحماية مصالح المجتمع الدولي.
أولا- النتائج:
- يمثل خط الأساس بداية القياس الذي يتم من خلاله تحديد حدود المياه الإقليمية (12 ميلا بحريا) والمناطق الاقتصادية الخالصة (200 ميل بحري)، ويعتمد رسم خط الأساس على خصائص الشاطئ مثل الشكل الطبيعي للخط الساحلي، حيث يستخدم خط الأساس العادي في الغالب للشواطئ المستقيمة، بينما يمكن استخدام الخطوط المستقيمة أو خط الأساس المعتمد على الجزر في بعض الحالات.
- يعتبر خط الأساس أساسيا في تحديد المنطقة البحرية التي تتمتع فيها الدولة بالسيادة، ومن ضمن هذه المناطق المياه الإقليمية، المنطقة الاقتصادية الخالصة، والمنطقة البحرية المتجاورة، وبالرغم من السيادة التي تتمتع بها الدول في المياه الإقليمية استنادا إلى خط الأساس، إلا أن هذه السيادة ليست مطلقة، إذ يجب احترام حقوق الدول الأخرى في الملاحة الدولية وحماية البيئة البحرية.
- تظهر المنازعات بين الدول حول رسم خطوط الأساس في بعض الحالات، خاصة في مناطق المياه المحايدة أو التي تحتوي على موارد بحرية غنية، وقد تنشأ هذه المنازعات عندما تتمسك دولة ما بخطوط الأساس التي تتجاوز الحدود المعترف بها دوليا، مما يتسبب في صراع حول الحقوق البحرية، ويتم حل هذه المنازعات غالبا من خلال محكمة العدل الدولية أو هيئة تحكيم دولية وفقا لآليات اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحر.
ثانيا- التوصيات:
- من أجل تجنب النزاعات البحرية، من المهم أن تسعى الدول إلى تعاون أكبر في تحديد خطوط الأساس البحرية بناء على معايير قانونية دقيقة ومتفق عليها. وينبغي أن تشارك الدول في حوار دولي من أجل وضع آليات تسهم في تحديد هذه الخطوط بشكل عادل، ويشمل التعاون في هذا المجال يمكن أن يشمل تبادل المعلومات الجغرافية واستخدام التقنيات الحديثة لتحديد الجغرافيا البحرية.
- ينبغي على الدول تحديث قوانينها الوطنية الخاصة برسم خطوط الأساس البحرية بشكل يتماشى مع الاتفاقيات الدولية السارية، مثل اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحر. وهذا سيساعد في توفير إطار قانوني داخلي قوي يحمي حقوق الدولة البحرية ويحترم في الوقت نفسه الحقوق الأخرى.
- ينبغي تعزيز آليات حل النزاعات البحرية من خلال التحكيم الدولي أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية. تساهم هذه الآليات في ضمان التسوية السلمية للنزاعات البحرية التي قد تنشأ بسبب خلافات في رسم خطوط الأساس أو حقوق السيادة.
- يجب على النظام القانوني أن يواكب التحديات البيئية المستجدة، مثل تغير المناخ وارتفاع مستوى سطح البحر، والذي قد يؤثر على رسم خطوط الأساس. من الضروري إعادة النظر في معايير رسم هذه الخطوط إذا كانت ستؤدي إلى تفاقم الصراعات أو التأثير على البيئة، كذلك، ينبغي استثمار التكنولوجيا الحديثة في تحسين دقة رسم هذه الخطوط، بحيث تساهم في التقليل من الأخطاء التي قد تحدث بسبب التغيرات الجغرافية أو الطبيعية.
ختاما، يعد النظام القانوني لرسم خطوط الأساس البحرية من المجالات المهمة التي تؤثر بشكل مباشر على السيادة البحرية والتعاون الدولي، وتحتاج الدول إلى الالتزام بالقواعد القانونية الدولية والبحث عن حلول دائمة للمشكلات التي قد تنشأ في هذا السياق، لضمان استقرار العلاقات البحرية وحماية الموارد البحرية العالمية.
المراجع والمصادر
-
(( د. محمد الحاج حمود، القانون الدولي للبحار، دار الثقافة للنشر والتوزيع، ص101. ↑
-
() د. محمد ثامر، خط الأساس العراقي، مجلة العلوم القانونية، المجلد 33، العدد 1 (2008)، ص187. ↑
-
(( محمد عبد الرحمن الدسوقي، النظام القانوني للجزر في القانون الدولي للبحار، دار النهضة العربية، بدون طبعة، القاهرة، 2001، ص135. ↑
-
(( د. علي خليل إسماعيل الحديثي، القانون الدولي الحديث للبحار، المجموعة العلمية للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، 2020، ص79. ↑
-
(( المواد (3و8) من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لسنة 1982. ↑
-
(( John R. Brock archipelago concept of limits of territorial sea, International law studies, vol.61,p330. نقلا عن مروان محمد علي الشحي وآخرون، رسم خطوط الأساس في القانون الدولي والتشريع الإماراتي، مجلة جامعة الشارقة للعلوم القانونية، المجلد 20، العدد 1، 2023، ص496. ↑
-
(( صلاح الدين عامر، القانون الدولي للبحار (دراسة لاهم إحكام اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982)، دار النهضة العربية، الطبعة 2، 2000، ص134-135. ↑
-
(( المادة (5) من اتفاقية قانون البحار. ↑
-
(( المواد (7و8) من الاتفاقية نفسها. ↑
-
(( د. أحمد عبد الفتاح صقر، تسوية المنازعات البحرية في إطار قانون البحار والتحكيم الخاص، ص239. ↑
-
(( المرجع نفسه، ص239. ↑
-
(( المواد (2و57) من الاتفاقية. ↑
-
(( د. علي خليل الحديثي، مرجع سابق، ص120. ↑
-
(( المرجع نفسه، ص 121 وما بعدها. ينظر كذلك المواد (5-7) من الاتفاقية. ↑
-
(( د. أحمد عبد الفتاح صقر، مرجع سابق، ص243. ↑
-
(( سهام محمد عبد الله، ترسيم حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة في حوض شرق البحر المتوسط، مجلة البحوث القانونية والاقتصادية، المنوفية، ص111. ↑
-
(( د. بسام أحمد، تحديد الحدود البحرية بين الدول المتقابلة والمتلاصقة، مجلة جامعة تشرين للبحوث والدراسات العلمية، المجلد 37، العدد 5، 2015، ص6. ↑
-
(( المرجع نفسه، ص7. ↑
-
(( سهام محمد عبد الله، مرجع سابق، ص111. ↑
-
( (الميل البحري هو وحدة طول معرفة بالمعادلة (1 ميم=1852)، أي أن الميل البحري يعادل 1852 مترًا. ينظر: حسني موسى محمد رضوان، القانون الدولي للبحار، الطبعة الأولى (المنصورة: دار الفكر والقانون، 2013، ص13). ↑
-
(( المرجع نفسه، ص14. ↑
-
(( بسام أحمد، تحديد الحدود البحرية بين الدول المتقابلة والمتلاصقة، مجلة جامعة تشرين للبحوث والدراسات العلمية، المجلد 37، العدد 5، 2015، ص33. ↑
-
(( المرجع نفسه، ص33. ↑
-
(( سهام محمد عبد الله، مرجع سابق، ص114. ↑
-
(( د. عبد المالك حطاب، الوضع القانوني لبحر قزوين، مجلة العلوم القانونية والسياسية، العدد 9، 2014، ص136. ↑
-
(( المادة (76) من اتفاقية قانون البحار. ↑
-
(( د. حسني موسى محمد رضوان، مرجع سابق، ص65. ↑
-
(( المرجع نفسه، ص66. ↑
-
(( المادة (17) من اتفاقية قانون البحار. ↑
-
(( المادة (15) من الاتفاقية نفسها. ↑
-
(( د. محمد ثامر السعدون، مباحث في القانون الدولي للبحار، الطبعة الأولى، دار الكتب، كربلاء، 2016، ص6. ↑
-
( (المرجع نفسه، ص7. ينظر كذلك: المادة (3) من اتفاقية جنيف بشأن البحر الإقليمي والمنطقة المتاخمة لعام 1958. ↑
-
(( صلاح الدين عامر، المرجع السابق، ص135. ↑
-
(( المادة (5) من اتفاقية قانون البحار لعام 1982. ↑
-
(( صلاح الدين عامر، مرجع سابق، ص137. ↑
-
(( د. محمد الحاج حمود، مرجع سابق، ص102. ↑
-
( (المرجع نفسه، ص103. ينظر كذلك الفقرة (2) من المادة (4) من اتفاقية قانون البحار. ↑
-
(( الفقرة (3) من المادة نفسها. ↑
-
( (الفقرة (4) من المادة نفسها. ↑
-
( (د. محمد الحاج حمود، مرجع سابق، ص102. ↑
-
(( د. محمد ثامر، مباحث في القانون الدولي للبحار، مرجع سابق، ص7. ↑
-
(( د. ساسي سالم الحاج، قانون البحار الجديد بين التقليد والتجديد، الطبعة الأولى 1978، معهد الإنماء العربي، بيروت، ص65. ↑
-
(( د. سهيل حسين الفتلاوي، موسوعة القانون الدولي: القانون الدولي للبحار، الطبعة الأولى، دار الثقافة، عمان، 2009، ص171. ↑
-
( (مديحة دربال، قراءة في حكم المحكمة الدولية لقانون البحار في قضية خليج البنغال، مجلة العلوم الاجتماعية، العدد 24 (2017)، ص240. ↑
-
(( د. محمد الحاج حمود، مرجع سابق، ص106. ↑
-
(( د. محمد ثامر، مباحث في القانون الدولي للبحار، مرجع سابق، ص8. ↑
-
(( د. محمد محسن النجار، المنازعات البحرية وآليات تسويتها، دار المطبوعات الجامعية، 2017، ص75-76. ↑
-
(( د. حسني موسى محمد رضوان، مرجع سابق، ص55. ↑
-
(( د. علي خليل الحديثي، مرجع سابق، ص80. ↑
-
(( خلف عبد الله محمد، النزاع الإقليمي فيش بحر الصين الجنوبي وآفاقه المستقبلية، مجلة كلية القانون للعلوم القانونية، المجلد 13، العدد 49، 2024، ص 232. ↑
-
(( د. محمد ثامر، مباحث في القانون الدولي للبحار، مرجع سابق، ص9. ↑
-
(( د. محمد محسن النجار، مرجع سابق، ص75. ↑