الآثار المترتبة على جائحة كورونا: بين القيود المفروضة والتجاوزات المحتملة
The effects of the coronavirus pandemic: between restrictions and potential abuses
فاضل عبد العباس صالح1، جورج لبكي1
1 كلية الحقوق، الجامعة السلامية في لبنان.
بريد الكتروني: Fadilabas1@icloud.com
DOI: https://doi.org/10.53796/hnsj61/50
المعرف العلمي العربي للأبحاث: https://arsri.org/10000/61/50
المجلد (6) العدد (1). الصفحات: 881 - 900
تاريخ الاستقبال: 2024-12-04 | تاريخ القبول: 2024-12-15 | تاريخ النشر: 2025-01-01
المستخلص: هدف هذا البحث الى معرفة مدى تأثير الظروف الاستثنائية على الحقوق والحريات العامة في ظل الحماية الدولية المقررة. اتبع البحث المنهج الوصفي التحليلي والمنهج التاريخي. توصل البحث الى عدة نتائج أهمها أن الظروف الاستثنائية أو ما تسمى بحالة الطوارئ، هي عبارة عن توافر مجموعة من الظروف الموضوعية التي تحتوي على مخاطر عامة تمس الأمن والنظام العام واستقرار المواطنين، والتي تستوجب تطبيق التدابير المنصوص عليها في قانون الطوارئ. كما توصل البحث الى أن انتشار الوعي الديمقراطي وتأصيل نظرية الحقوق والحريات العامة في ضمير المواطنين له أثر الفعال في بناء رأي عام يمكنه أن يلعب دوراً في حماية الحريات خلال الظروف الاستثنائية. خرج البحث بعدة توصيات أهمها ضرورة اللجوء إلى تطبيق إجراءات وتدابير استثنائية أو غير عادية بهدف التصدي لهذه المخاطر بما يناسبها، ويعتبر لازماً لمواجهة تبعاتها، بما في ذلك من فرض القيود على ممارسة الأفراد لجانب من الحقوق والحريات. كما أوصى البحث بعدم السير على نمط واحد في كل الاحيان، فهي تشهد بين الحين والآخر صوراً مختلفة من الظروف الاستثنائية التي قد تشكل تهديداً لكيانها ووجودها بحد ذاته.
الكلمات المفتاحية: الظروف الاستثنائية، جائحة كورونا، القيود المفروضة على الحقوق والحريات، المواجهة القانونية للجائحة.
Abstract: This research aimed to identify the extent to which exceptional circumstances affect public rights and freedoms under established international protection. The research followed a descriptive-analytical approach and a historical approach. The research reached several conclusions, the most important of which is that exceptional circumstances, or what is known as a state of emergency, are the presence of a set of objective circumstances containing general risks that affect the security, public order, and stability of citizens, which necessitate the application of the measures stipulated in the Emergency Law. The research also found that the spread of democratic awareness and the rooting of the theory of public rights and freedoms in the conscience of citizens have an effective impact on shaping public opinion, which can play a role in protecting freedoms during exceptional circumstances. The research came up with several recommendations, the most important of which is the need to resort to implementing exceptional or extraordinary procedures and measures to address these risks in a manner appropriate to them, and which is considered necessary to confront their consequences, including imposing restrictions on individuals' exercise of some of their rights and freedoms. The research also recommended not following a single pattern at all times, as states witness from time to time different forms of exceptional circumstances that may pose a threat to their very entity and existence.
Keywords: exceptional circumstances, COVID-19 pandemic, restrictions on rights and freedoms, legal response to the pandemic.
المقدمة
إن حالة الطوارئ هي الحالة الاستثنائية التي يتطلب حلها إصدار تشريعات خاصة ويتم من خلالها منح السلطة التنفيذية صلاحيات إضافية يتعذر حلها وفق القوانين التقليدية السائدة في البلد، وإن حالة الطوارئ معروفة في العالم وبالذات منذ القرن التاسع عشر، بعد ظهور الدولة القومية بمفهومها الحديث، إلا أنها انتشرت خلال الحرب العالمية الأولى ،وبعدها وصولاً إلى الحد الذي أصبحت تقنن فيه الدساتير، ابتداءً لغرض الاستناد إلى هذه التشريعات الدستورية لإصدار مثل هكذا قوانين طارئة، ولكي لا يتم التجاوز على الدستور الذي يفرض أنه أعلى القوانين في البلد استناداً إلى مبدأ تدرج القاعدة القانونية.
لذا فإن حالة الطوارئ تأخذ مسميات مختلفة، فقد تأخذ اسم الأحكام العرفية كما كان موجوداً في مصر ومن ثم العراق، وقد تأخذ اسم السلامة الوطنية كما ظهر أول مرة في عام 1965 في العراق، أو قد تأخذ مرسوم صيانة الأمن العام وسلامة الدولة كما ظهر في 1 ــ6ــ 1940، وأول ظهورها في الدساتير العراقية كانت باسم الإحكام العرفية في القانون الأساسي لعام 1925.
ويميل بعض الباحثين إلى القول إن الظروف الاستثنائية هي الظروف الشاذة، الخارقة التي تهدد السلامة العامة والأمن العام والنظام في البلاد وتعرض كيان الأمة للزوال، وهي نظرية قضائية أوجدها مجلس الدولة في فرنسا لمواجهة مثل هذه الظروف، فبموجب هذه النظرية، يمكن أن تعتبر بعض التدابير الإدارية الخارقة للقواعد القانونية العادية وغير الشرعية في الظروف العادية شرعية في بعض الظروف وذلك لأنها تبدو حينذاك ضرورية لتأمين الانتظام العام وحسن سير المرافق العامة.
كما وإن منشأ نظرية الظروف الاستثنائية هو القضاء، وتحديداً مجلس الدولة الفرنسي، لكن ذلك لا يمنع من تكريسها في القوانين والدساتير، فكون نظرية الظروف الاستثنائية نظرية قضائية لا يحول دون تدخل المشترع لتكريسها في بعض النصوص وبالنسبة لحالات معينة ومحددة، ويكفي أن نذكر في هذا السبيل المرسوم الاشتراعي رقم 52 بتاريخ 5 آب 1967 المتعلق بإعلان حالات الطوارئ أو المنطقة العسكرية في لبنان.
حيث يمر العالم بأزمة صحية تتمثل في جائحة كوروناCovid – 19″ “، وما آلت إليه من تهديد حقيقي للوجود البشري بسبب سرعة انتشارها واتساعها وخطورتها، لذلك عزمت الدول على فرض قيود على بعض الحقوق، تتمثل بفرض الحجر الصحي أو العزل، الذي يحد من حرية التنقل، وفي الوقت ذاته اتسع الاهتمام الدقيق ببعض الحقوق ” كالحق في “الشفافية واحترام الكرامة الإنسانية”، الذي من شأنه أن يعزز الاستجابة في توفير أقصى درجات الحماية لحق الإنسان في الصحة في ظل ذلك الاضطراب عدد التمييز الفعالة الحتمي في الصحة العامة.
حيث ألقت جائحة كورونا بظلال وبائها القاتل على مجمل مرافق حياتنا اليومية ومازالت، لتحمل معها كوارث غير طبيعية شلت منظومة الحياة في عالمنا، بما لم يكن بالحسبان، لأنها وقعت بدون مؤشرات مسبقة ولم يتوقع أحد بمكان ولادتها و بؤرة تشكيها، فقبل إن يصطدم النظام الصحي والاجتماعي بها تعرض الاقتصاد العالمي لأسوء ركود اقتصادي منذ الكساد العظيم في عشرينيات القرن الماضي والأزمة الاقتصادية عام 2008، وربما تكون الأزمة المالية والاقتصادية الحالية والانكماش الذي يتعرض الاقتصاد العالمي هو الأكثر مأساوية في التاريخ الاقتصاد المعاصر([1]).
بعـد انتشـار فـايروس كورونا وإعـلان منظمـة الصـحة العالميـة بـان فايروس كورونـا يعـد جائحـة، اتخذت مختلـف الـدول العديـد مـن الإجـراءات الاستثنائية لمنـع المواطنين، وإعـلان حظـر التجـوال للمواطنين، وحظـر التنقـل بـيـن المـدن وعـزل المنـاطق الموبوءة، وغلـق الحـدود، وتعطيـل دوام الدوائر الحكومية، والمرافق العامـة، وإيقاف الدراسـة، للحد من انتشار هذا الفايروس ،وهي كثيرة، وعلى سبيل المثال: اتباع سياسة التباعد الاجتماعي بين الطلاب فـي المـدارس والجامعات، وإغلاق المصـانع والمطاعم، وقد ألقـت هـذه الإجـراءات بظلالهـا وأثرت مباشـرة فـي تنفيذ العقود الإداريـة.
أـــ من الناحية القانونية: تظهر اهمية البحث الحماية الدولية للحقوق والحريات الاساسية في ظل الظروف الاستثنائية، حالة جائحة كورونا نموذجاً، من الناحية القانونية ، في أنه من أكثر المواضيع أهمية في مختلف النظم السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لأنه يجسد وبصفة عملية مدى احترام الحريات العامة في المجتمع سواء من قبل السلطة بمفهومها العام أو من قبل الافراد فيما بينهم، حيث إن الحرية بالتحليل القانوني هي الحق الذي يحتل المرتبة الأولى في حقوق الإنسان، باعتبار أن الإنسان لا يستطيع التمتع بحقه وممارسة هذا الحق إلا إذا كان حر في اطمئنانه النفسي وأمانه الاجتماعي، كما تستمد هذه الدارسة أهميتها من كونها تبحث في موضوع ذي أهمية عالية، خاصة في ظل استمرار وجود جائحة كورونا، فإن الجائحة وما يترتب عليها من أثار تنعكس على كافة الجوانب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، فهي تعرض كافة فئات المجتمع إلى الخطر، مما يستدعي دون شك أن يكون هنالك ما يكفي من قوانين وحلول للحد من آثارها.
تتمثل مشكلة البحث في غياب التشريعات التي تنظم حالة وطبيعة الظروف الاستثنائية بشكل دقيق يحدد المهام والمسؤوليات الموكلة للجهات التنفيذية، بما يحول دون انتهاك الحقوق والحريات العامة إلا بأضيق الحدود، لضمان عدم استغلال السلطات الإدارية أو التنفيذية حالة الظروف الاستثنائية لاتخاذ إجراءات وتدابير ذات أغراض سياسية، وعليه فتثور الإشكالية حول التساؤل التالي: ما مدى تأثير الظروف الاستثنائية على الحقوق والحريات العامة في ظل الحماية الدولية المقررة؟
للإجابة عن الإشكالية السابقة فقد تم الاعتماد على مجموعة من المناهج العلمية بغية الوصول إلى النتائج المرجوة من البحث:
1ـــ الوصفي التحليلي، وذلك من خلال وصف وتحليل بعض النصوص القانونية التي تنظم إعمال الحماية الدولية في ظل الظروف الاستثنائية، وبيان مدى الضمانات الممنوحة لحقوق ولحريات الافراد في ظل الظروف الاستثنائية (جائحة كورونا)، والتي هي ذات صلة مباشرة بموضوع الدراسة، وتحليلها والبحث فيها، وذلك للوصول إلى النتائج المرجوة والتوصيات التي تفي بالغرض.
2ـــ على المنهج التاريخي، لتسليط الضوء على التسلسل الزمني لتطور مفهوم نظرية الظروف الاستثنائية.
القيود التي تثيرها جائحة كورونا ونطاق تأثيرها
إن مـن اهــم الواجبـات المنوطـة بـالإدارة هـي المحافظة على النظـام العـام بعناصره التقليدية الثلاث الأمـن الـعـام والصحة العامـة والسكينة العامـة مـضـافاً إليهـا الأخلاق والآداب العامـة، ويكــون ذلـك في الظـروف العاديـة بتقييـد محـدود لحريـات الأفراد في إطـار مـبـدأ المشروعية مـن أجـل تحقيـق تـلـك الغايـة، متوسـلة بـإجراءات معينة في إطـار مـهـمتـهـا في الـضـبط الإداري، إلا إن سلطات الإدارة تتوسـع في الظــروف الاستثنائية ،ولكـن أيضـاً في حـدود القـانون ومراقبـة السلطة التشريعية والقضائية في إطـار مبـدأ المشروعية الاستثنائية .
وفي منطق حقوق الانسان، كان لكورونا انعكاساتها وتداعياتها الكبرى والواضحة على مجمل الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للإنسان، وهذه التداعيات أخذت المنحى الإزدواجي، فالجائحة بحد ذاتها انصبت كالبركان على حقوق أساسية للإنسان، ومواجهتها كان لها بدورها التأثيرات البالغة سواء لجهة الحد والتضييق او لجهة الانتهاكات التي حصلت ولم تزل تحصل([2]).
وبناءً عليه سنقوم بمعالجة هذا المطلب في فرعين ، نتناول في الفرع الأول : القيود الواردة على الخصومة والحريات العامة، أما الفرع الثاني فسنقوم نتناول ، تأثير جائحة كورونا على الحقوق والحريات العامة.
القيود الواردة على الخصومة والحريات العامة
إن تواكب الإجراءات (الصحية) اللازمة لمكافحة جائحة (كورونا) مع استئناف الأنشطة الاقتصادية، وتحفيز شركات القطاع العام والخاص، ليتم عودتها إلى الانتعاش بعد زوال جائحة (كورونا)، تتطلب في هذه المرحلة إتباع سياسات تقييدية، في الظروف الاستثنائية ،حين تواجه الدولة بعض الظروف الاستثنائية التي تهدد سلامتها وكيانها، مثل الحروب او الكوارث الطبيعية، أو الاضطرابات الداخلية ،وفي هذه الحالة لا بد أن تتسع سلطات هيئات الضبط لمواجهة هذه الظروف الاستثنائية مـن خـلال السماح لها باتخاذ إجراءات سريعة وفعالة لمواجهـة الظرف الاستثنائي، وقد سارت الدول وفق أسلوبين لتنظيم الصلاحيات التي تناط بسلطات الضبط الإداري في الظروف الاستثنائية ([3]).
إن أهمية الــدور الذي تقوم به الإدارة في صيانة النظام العام واضحة، فبدونها تعم الفوضى، ومن هنا يظهر ارتباطها الوثيق بالحرية، ولكن هذا لا يعني تقييد هذه الإجراءات لحقوق الأفراد وحرياتهم وأن تكون تحت رحمة السلطات. فالسلطة الضبطية رغم خطورة الوظيفة التي تقوم بها ليست طليقة بلا قيود، وإنما تخضع لسلسلة من الضوابط والقيود التي وضعت لضمان حقوق الأفراد من استبداد الإدارة، وإن الظروف الاستثنائية في مجال الضبط الإداري تعني السماح لسلطات الضبط الإداري بإصدار قرارات وأوامر تعد في الأوقات العادية خروجاً على مبدأ المشروعية، لكنها تعد مشروعة على الرغم من صدورها في إطار ظروف غير عادية([4]).
أولاً: الأسلوب الأول: يستند هذا الأسلوب إلى مواجهة كل حالة بقانون خاص يصدره البرلمان بناء على طلب من السلطة التنفيذية بمنحها سلطات استثنائية لمواجهة الخطر أو الظرف غير العادي، ولذا فإنه يسمى (قانون الظروف الاستثنائية) أو قانون الطوارئ ([5]).
ويتميز هذا الأسلوب بأن يتولى البرلمان فحص كل حالة ويفوض الحكومة في اتخاذ التدابير الاستثنائية لكل حالة بعينها بموجب القانون الذي يصدره لهذه الغاية، ويحول هذا الأسلوب دون تذرع السلطة التنفيذية بظروف قد لا تكـون استثنائية لفرض حالة الطوارئ، فهو بهذا يوفر رقابة جدية ومسبقة على تقدير الحكومة لوجود الظرف الطارئ، ويحقق بالتالي حماية فعالة إلى حد كبير للحقوق والحريات الفردية من تطبيق الأحكام العرفية وقوانين الطوارئ التي تقيد هذه الحقوق والحريات.
ثانياً: الأسلوب الثاني: وهو المعمول به في النظام الفرنسي، ويستند هذا الأسلوب في مواجهة الظروف الاستثنائية وحالات الضرورة إلى وجود قوانين منظمة مسبقاً لمواجهة الظروف الاستثنائية مقدماً وقبل حدوثها، يبين فيهـا السلطات الاستثنائية التي يمكن منحها للسلطة الإدارية المختصة، لتمكينها من مواجهة الظروف الاستثنائية فور حدوثها، عن طريق إعلانها للأحكام العرفية أو لحالـة الطوارئ، وكل ذلك دون حاجـة للرجـوع إلى البرلمان لاستصدار تشريع بذلك كما هو الحال في الأسلوب الأول ([6]).
ومما يؤخذ على هذا الأسلوب أنه يعطي للسلطة التنفيذية إمكانية اللجوء إلى إعلان حالة الظروف الاستثنائية دون أن تكون هناك أسباب جديـة تستدعي ذلك، مما يؤدي هذا إلى تقييد حريات الأفراد وحقوقهم دون رقابة سابقة على هذا الإعلان من جانب البرلمان ([7])، وقد أخذ المشرع العراقي بهذا الأسلوب فأصدر مرسوم الإدارة العرفية رقم (18) لسنة 1935″ الذي نظم حالة الأحكام العرفية”، ومرسوم الطوارئ رقم (1) 1956 لمواجهة حالة الطوارئ، ومن ثم صدر قانون السلامة الوطنية رقم (4) لسنة 1965، الذي ألغى مرسوم الإدارة العرفية وقرر أن تحل حالة الطوارئ محل الأحكام العرفية، وقد حدد هذا القانون الحالات التي يجوز فيها إعلان حالة الطوارئ وهي:
1- إذا حدث خطر من غارة عدائية أو أعلنت الحرب أو قامت حالة، أو أية حالة تهدد بوقوعها.
2- اذا حدث اضطراب خطير في الأمن العام أو تهديد خطير له.
3- إذا حدث وباء عام أو كارثة عامة. في حين خول قانون الدفاع عن السلامة الوطنية رقم (1) لسنة 2004 في المادة الأولى منه رئيس الوزراء، بعد موافقة هيئة الرئاسة بالإجماع، إعلان حالة الطوارئ في أية منطقة من العراق عند تعرض الشعب العراقي لخطر جسيم يهدد الأفراد في حياتهم، وناشئ من حملة مستمرة للعنف من أي عدد من الأشخاص لمنع تشكيل حكومة واسعة في العراق ،أو تعطيل المشاركة السياسية السلمية لكل العراقيين أو أي غرض آخر، هذا وقد حددت” المادة الثالثة من قانون الدفاع عن السلامة الوطنية الآثار التي تترتب على إعلان حالة الطوارئ، والتي تؤدي بالتالي إلى منح الإدارة اختصاصات استثنائية مقيدة لحرية الأفراد”، وهي كما يلي([8]): 1- توقيف وتفتيش الأفراد دون استعمال مذكرة قضائية، إلا في الأحوال الملحة للغاية.
2- وضع قيود على حرية المواطنين أو الأجانب في العراق في الجرائم المشهورة أو التهم الثابتـة بأدلة أو قرائن كافيـة فيمـا يخـص الانتقال والتجوال والتجمع والتجمهر والمرور والسفر من وإلى العراق ،وحمل أو استخدام الأسلحة والذخائر والمواد الخطرة.
3- احتجاز المشتبه بسلوكهم وتفتيشهم أو تفتيش منازلهم وأماكن عملهم.
4- فرض حظر التجوال لفترة قصيرة محددة على المنطقة التي تشهد تهديداً خطيراً للأمن ،أو تشهد تفجيرات أو اضطرابات وعمليات مسلحة واسعة معادية، وله عزل تلك المنطقة أو تطويقها بقوات مناسبة وتفتيشها إذا ثبت أو أشـتبه حيـازة بعـض سكانها أسلحة متوسطة أو ثقيلـة أو متفجرات، أو تحصن بها خارجون على القانون، وذلك بعد استعمال مذكرة قضائية للتفتيش، إلا في حالات ملحة للغاية.
5- فرض قيود على الأموال وعلى حيازة الأشياء الممنوعـة ووضع الحجز الاحتياطي على أموال المتهمين بالتآمر والعصيان المسلح والاضطرابات المسلحة وعمليات الاغتيال والتفجير، وعلى أموال من يشترك أو يتعاون معهم بأية كيفية كانت على ارتكاب هذه الجرائم أو يحرضهم على ارتكابها ،وتقع بناء على ذلك التحريض أو يقدم لهم مساكن أو محلات يأوون إليها أو يجتمعون فيها، مع علمهـم التـام بنواياهم ،وله توقيف المتهمين بهذه الجرائم متى توفرت أدله كافية قانونا لاتهامه.
6- اتخاذ إجراءات احترازية على الطرود والرسائل البريدية ووسائل وأجهزة الاتصال السلكية واللاسلكية كافة، ويمكن فرض المراقبة على هذه الوسائل وتفتيشها وضبطها، إذا كان ذلك يفضي إلى الجرائم أو يمنـع وقوعهـا ،وذلك بعـد استحصال مـذكرة مـن الجهـة القضائية المعينة لفترة زمنية محددة.
7- فرض قيود على وسائل النقل والمواصلات البريدية والجوية والمائية في مناطق محددة ولفترة محددة.
8- فرض قيود على المحال العامة والتجارية والنوادي والجمعيات والنقابات والشركات والمؤسسات والدوائر مـن حيـث تحديد مواعيـد فتحها وغلقها ومراقبة اعمالها، ووضعها تحت الحراسة وحلها وايقافها مؤقتاً.
9- إيقاف العمل مؤقتاً أو بصورة دائمة بإجازات الأسلحة والذخيرة، والمواد الخطيرة والمفرقعة والمتفجرة وحيازتها والإتجار بها.
ومن المعلوم ان للقضاء الإداري دور مهم في الرقابة على قرار الحكومة والخاص بإعلانها حالة الطوارئ، فالقاضي في ظل هذه الظروف يراقب أولاً القرار الخاص بإعلان حالة الطوارئ وهنا يلاحظ أن الدستور العراقي قد أخضع هذا القرار لرقابة البرلمان، وذلك من خلال اشتراطه حصول موافقة مجلس النواب بأغلبية ثلثي الأعضاء على هذا القرار([9]).
ومن ثم تخضع الإجراءات المتخذة من قبل الجهة الإدارية المختصة في ظل الظروف الاستثنائية إلى رقابة القضاء وهو ما يميز هذه النظرية عن نظرية أعمال السيادة التي تعد خروجاً على المشروعية، ويمنع القضاء المختص من الرقابة على الأعمال الصادرة استناداً إليها ([10])، كما تتميز عن نظرية السلطة التقديرية للإدارة التي يكون دور الرقابة عليها محدودا بالمقارنة مع رقابته أعمال الإدارة في الظروف الاستثنائية في القضاء، وقد استقر القضاء الإداري في فرنسا على أن ما تتخذه سلطة الضبط في حالة الطوارئ من تدابير وإجراءات هي من قبيل الأعمال الإدارية التي تخضع للرقابة القضائية.
في العراق فقد ميز المشرع بين نوعين من التدابير المتخذة بناء على إعلان حالة الطوارئ، وهذا ما نصت عليه الفقرة (2) من المادة (9) مـن أمـر الدفاع عن السلامة الوطنية النافذ بقولها:”(تخضع قرارات وإجراءات رئيس الوزراء لرقابة محكمة التمييز، ومحكمة التمييز في إقليم كوردستان فيما يتعلق بإجراءات الطوارئ في نطاق الإقليم، وانتهاء بالمحكمة الاتحادية العليا، وللمحاكم المذكورة تقرير إلغاء تلك القرارات والإجراءات وتقرير بطلانها وعدم مشروعيتها أو إقرارها، مع مراعاة الظروف الاستثنائية التي صدرت في ظلها تلك القرارات والإجراءات)”. وهكذا فإن المشرع العراقي قد نص على نوعين من التدابير التي يمكن الالتجاء إليها في حالة الطوارئ([11]):
النوع الأول: ” القرارات الإدارية التي يتخذها رئيس الوزراء أثناء هذه الفترة، والتي نصت عليها المادة (3) من أمر الدفاع عن السلامة الوطنية رقم (1) لسنة “2004، حيث نصت المادة (61) في الفقرة (تاسعا)ً من دستور العراق الدائم لعام 2005 على أنه: ” 3- يخول رئيس مجلس الوزراء الصلاحيات اللازمة التي تمكنه من إدارة شؤون البلاد في أثناء مدة إعلان الحرب وحالة الطوارئ وتنظم هذه الصلاحيات بقانون بما لا يتعارض مع الدستور”([12]).
أما النوع الثاني: فهو من التدابير حيث يتمثل في الإجراءات التي تتخذ في إطار الدعوى الجزائية بخصوص الجرائم المرتكبة أثناء فترة الطوارئ، وقد اخضع المشرع هذين النـوعين مـن التـدابير إلى رقابة القضاء الإداري فيمـا يتعلـق بـالنوع الأول مـن الإجراءات، وإلى رقابة القضاء العادي فيما يخص النوع الثاني، وبشكل عام فإن رقابة القضاء الإداري على نشاط الإدارة في الظروف الاستثنائية تنصب على أسباب قرارها الإداري والغاية منه فقط، كما أنه يحدد في نفس الوقت معالم وشروط نظرية الظروف الاستثنائية التي تعمل الإدارة بموجبها في مثل هذه الظروف ([13]).
ولـم يتضـمـن قـانون الصـحة العامـة العراقـي رقم (89) لسنة 1981 نصوصاً تُجـرم أفعـال المصـاب بفيروس كورونـا، والتـي مـن شـأنها أن تعـرض الغيـر لخطـر الإصابة بالفيروس، وبالرجوع إلـى قـانون العقوبات العراقـي رقم (111) لسنة 1969، نـجـده قـد جـرم حالـة تعـريض صحة الإنسان للخطر بسبب ارتكاب أي فـعـل مـن شـأنـه نشـر مـرض خـطيـر مضـر بـحيـاة الأفـراد فـي المجتمـع، ولـو لـم يـؤد الفعـل إلـى إصـابة أي فـرد مـن الأفـراد بالمرض بسبب نشره، وبصرف النظـر عـن تحقق النتيجـة الضـارة المتمثلة بالإصابة بهذا المرض.
وقد نص المشـرع العراقـي فـي قـانون العقوبات علـى أنـه: “يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات، كـل مـن ارتكب عمـداً فـعـلا مـن شـأنـه نشـر مـرض خـطيـر مـضـر بحياة الأفراد. فإذا نشأ عـن الفـعـل مـوت إنسان، أو إصابته بعاهة مستديمة، عوقب الفاعل بالعقوبة المقررة لجريمة الضرب المفضي إلى الموت، أو جريمة العاهة المستديمة، حسب الأحوال”([14]).
تأثير جائحة كورونا على الحقوق والحريات العامة
تتألف حقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية التي تصت عليها الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، من حق العمل بتفرعاته كافة، كحق التمتع بشروط عمل عادلة تكفل تحديداً الحد الأدنى من الأجور، والمكافآت المتساوية عن الأعمال المتساوية دون تمييز، وظروف عمل صحية، وآمنة وتحديد ساعات العمل بما يضمن توفير أوقات مناسبة للراحة والفراغ، ويكفل للعاملين، وأسرهم حياة كريمة لائقة، وحق تكوين النقابات أو الانضمام إليها، والإضراب، والضمان الاجتماعي، وحماية الأسرة عبر رعاية الأمومة، والطفولة، والمستوى المعيشي اللائق من خلال توفير الغذاء، والملبس، والمسكن المناسب، والحق في الصحة بشقيها البدني، والعقلي، والحق في التربية والتعليم، والثقافة، والمشاركة في الحياة الثقافية، والانتفاع بحماية المصالح المادية، والأدبية الناتجة عن الأعمال العلمية الخاصة، والتمتع بمنافع التقدم العلمي([15]).
وقد تأثرت الحقوق والحريات العامة بشكل أو بآخر نتيجة انتشار فايروس كورونا في العالم عموماً، والعراق خصوصاً، فما كان على الحكومة العراقية العمل على إعادة الأمور إلى نصابها، وضمان تحقيق تلك الحقوق باعتبارها لازمة لتماسك الدولة، وقدرتها على النهوض بمسؤولياتها تجاه مواطنيها، ولمعرفة التأثيرات السلبية التي طالت تلك الحقوق، وما اتخذته الحكومة العراقية من إجراءات لتمكين تلك الحقوق. حيث إن انتشار فايروس كورونا في أغلب دول العالم، شكل جائحة وأزمة عالميـــة لـــم يشهدهـــا العالم منذ الحرب العالميـــة الثانية، ووفقاً للدراسة التي صدرت عن منظمة العمل الدولية بحسب ما صرحت به بتاريخ 7 أبريل 2020([16]).
أولاً: تأثير جائحة كورونا على حقوق الإنسان: أكـــد العهـــد الدولــــي للحقـــوق الاقتصـــاديـــة والاجتمـــاعية والثقافيـــة في المادة (11) منـه علــى حق كل شخص بمستـــوى معيشــي كـــاف لـــه ولأسرتــه يوفـــر لهم ما يكفيهم من الغــذاء، والكساء، والمأوى، وإتاحة الفرصة لتحسينها، وكذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في مادته الـ25 لذي أضاف حق الإفادة من الخدمات الاجتماعية كضمان في البطالة، أو الشيخوخة، أو أي حالة يفقد بموجبها العامل مصدر رزقه، وقد أشار الدستور العراقي النافذ لعام 2005 في المادة (25) منه إلى أن” العمل حق لكل العراقيين بما يضمن لهم حياة كريمة”([17])، أي يجب توفير العمل المفضي إلى تحسن الأوضاع المعيشية للمواطن العراقي، وتحقيقه مستوى معيشي لائق، وفي تحليل عناصر هذا الحق نجد أن توفر الغذاء مرهون بتحسين طرق إنتاج المواد الغذائية، وحفظها، وتوزيعها حسبما نص عليه العهد في المادة أعلاه، أما الحق في السكن اللائق، فهو حق الإنسان في العيش بمكان ما بأمان، وسلام، وكرامة، بصورة تضمن له حقه الإنساني في السكن بصورة تلائم احتياجاته الإنسانية الأساسية([18]).
ويتطلب تمتع الأفراد بأعلى مستوى ممكن من الصحة توفير الأدوية بكميات كافية، وإمكانية وصول أي شخص إليها، وقبول المعالجة مع احترام الثقافة، وعرق الأفراد، ونوعية ملائمة من الأدوية، وتشمل إمكانية الوصول عدم اضطرار المرضى للسفر مسافات طويلة للحصول على الرعاية الطبية، وحصولهم على معلومات كافية عن الأدوية التي يحتاجونها، أو يتعاطونها، مع ضمان الحصول على الخدمات الطبية سواء العامة أو الخاصة، وتكون في متناول الجميع دون تمييز([19])، وقد نص العهد الدولي للحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية في المادة (12) منه على حق كل إنسان في التمتع بأعلى مستوى من الصحة الجسمية، والعقلية، وتتخذ الدول في سبيل تحقيق ذلك العمل على خفض الوفيات بين المواليد الجدد، وتحسين بيئة العمل، والوقاية من الأمراض المختلفة، أما الإعلان العالمي لحقوق الإنسان فاعتبر في المادة (25) المذكورة سابقاً أن حق الصحة ملازم لحق تأمين المستوى المعيشي اللائق.
ثانياً: واجبات الدولة في حماية الحقوق والحريات:
بعد أن طالت الآثار السلبية مختلف الحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية في العراق -كغيره من الدول- نتيجة الإجراءات المتخذة لمواجهة تفشي الجائحة داخل البلاد، عملت الحكومة ومن خلال بعض القرارات على تفادي تلك الآثار وإعادة الحماية للحقوق التي طالتها، وتعزيزها علها تخفف من وطأة نتائجها على حياة المواطن العراقي ومنها:
1- تسهيل التبادل التجاري والاعتماد على المنتجات المحلية: يعد توفير الغذاء أحد مكونات الحق في مستوى معيشي لائق إلى جانب توفير اللباس، والمأوى، وكانت قد تأثرت إمدادات الغذاء عالمياً نتيجة تفشي جائحة كورونا، بفعل الإجراءات التي اتخذتها حكومات الدول حول العالم ومنها العراق الذي أغلق منافذه البرية، والبحرية، والجوية، وقيد الحركة بين ومنعها لاحقاً، إلا أن قرار لجنة الأمر الديواني رقم (55) لعام 2020 في جلستها المنعقدة بتاريخ 12/3/2020 البند 2 قد استثنى التبادل التجاري من منع التنقل بهدف تأمين الغذاء أولاً، وباقي المستلزمات الأخرى من دواء، ومستلزمات طبية، وألبسة وغيرها([20]).
2- إطلاق منحة الطوارئ للمتضررين جراء حظر التجوال:
أطلقت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية العراقية نهاية شهر نيسان 2020 منحة طارئة مخصصة للعائلات المتضررة بفيروس كورونا المستجد وتبلغ 30 ألف دينار لكل فرد على ألا يزيد المبلغ عن 150 ألفاً بواقع استحقاق خمسة أفراد فقط من كل عائلة مهما زاد عدد أفرادها، ولتحقيق ذلك شكلت لجنة من وزارتي الدفاع، والداخلية، وديوان الرقابة المالية، ومكتب رئيس الوزراء، ووزارة العمل، والشؤون الاجتماعية، تتولى تدقيق بيانات طالبي المنحة، لاستبعاد كل فرد أو أسرة يتقاضى راتباً من الرعاية الاجتماعية، أو التقاعد، أو دوائر الدولة الأخرى، وأن المنحة ستكون لمدة شهرين فقط كونها منحة طوارئ وغير مستمرة.
وتم البدء بصرف المنحة في 20/5/2020 على شكل وجبات لتقليل التزاحم على منافذ التوزيع من أجل الحفاظ على صحة المواطنين وفق شروط اللجنة العليا للصحة، والسلامة، ويصل للمشمولين بالمنحة عندما يحين دورهم رسائل نصية على أرقام هواتفهم التي أدرجوها في استمارة التقديم تبلغهم ضرورة مراجعة المنافذ المحددة لهم حسب مناطقهم، وقد استفاد منها حوالي 11 مليون و583 ألفاً و731 مواطناً بواقع مليوني عائلة تقريباً ([21]).
كذلك من حق العمال في تشكيل الجمعيات المنظمة التي لها وجود دائم وتستهدف غاية محدودة كما لهؤلاء الأفراد الحق في حرية الانضمام إلى ما يشاء من الجمعيات دون إجبار، كما يجوز لهم حق التعبير عن آرائهم في أي زمان و مكان وللظروف الاستثنائية وخاصة لقانون الطوارئ أثره الواضح على حق التجمع السلمي حيث نجد دولة مصر بموجب القانون رقم (10) لسنة 1914 المعروف بقانون التجمهر،الذي يعاقب على مجرد التجمهر المؤلف من خمسة أشخاص على الأقل من غير ارتكاب أي جريمة وسواء كانت هناك حالة طارئة أو لم توجد وهو الطابع الغالب في كثير من دول العالم حيث تعتبر تجمع الأشخاص في مكان واحد مخالف للنظام العام و المصلحة العامة للدولة وتفرض عليه رقابة([22]).
3- متابعة العاملين في مجال مكافحة الجائحة والرقابة على أماكن بيع الأدوية والمستلزمات الطبية:
بهدف إعمال الحق في الصحة خلال انتشار جائحة كورونا في العراق وفق البندين /ج، د/ من العهد الدولي لحقوق الإنسان المذكور سابقاً، وانطلاقاً من التزاماتها المدرجة في المادة (3) من قانون الصحة العامة 89 لعام 1981 وتعديلاته، قررت الحكومة العراقية عبر لجنة الأمر الديواني رقم (55) لعام 2020 منذ اليوم الأول لظهور أول إصابة بفايروس كورونا المستجد في العراق، وخاصة في جلستها المنعقدة في 2020/2/24 التي أكدت في البند (14) من قرارها على ضرورة متابعة المذاخر، والصيدليات([23])، ومكاتب بيع المستلزمات الطبية، لضمان منع استغلال أزمة الجائحة للاحتكار، ورفع الأسعار، وكذلك القرار المتخذ في جلستها المنعقدة في 2020/3/21 في الفقرة (أولاً) من البند (1) باستثناء الدوائر الصحية، والأمنية، والخدمية من حظر التجوال، وفي الفقرة (ثالثا)ً” من البند نفسه استثناء الصيدليات، ومذاخر الأدوية والمستلزمات الطبية، ومحلات بيع المواد الغذائية، والأفران، ومحطات تعبئة الوقود من الحظر أيضاً، كما قرر مجلس الوزراء العراقي، في جلسته الاعتيادية التاسعة المنعقدة بتاريخ 2020/3/3 في البند الأول من القرار 65 ،قيام الجهات ذات العلاقة بصرف مكافأة شهرية قيمتها 500 ألف دينار للعاملين في تماس مباشر مع الحالات المصابة بفايروس كورونا المستجد، ولحين انتهاء الأزمة.
4- عودة النازحين لمساكنهم الأصلية:
لقد خلفت حالة النزوح التي عانى منها النازحون العراقيون نتائج كبيرة تتمثل في فقدان الأشخاص، والعوائل لأماكن سكنهم، والنزوح إلى مناطق، وأماكن سكن متعددة كالمخيمات أو أماكن سكن متروكة أو مهجورة، وغيرها (مناطق شبيهة بالمخيمات، ومجمعات سكنية) أو الذين يسكنون مع أقاربهم ، مما أدى إلى أن يعاني النازح من مشكلة عدم الاستقرار، وعدم القدرة على السكن في مناطق غير ملائمة للحياة البشرية، إضافة إلى التكاليف الباهظة التي أصبح ملزماً بدفعها من أجل البحث عن الأمن، والحفاظ على حياة أفراد عائلته، وفي الكثير من الأحيان فإن الساكنين في هكذا تجمعات سكنية، ومخيمات تصنف تحت المعايير المطلوبة، وتفتقر إلى أبسط المقاييس، حيث يعانون من النقص في الخدمات، والاكتظاظ السكاني([24])، وقد مثلت حركة النزوح في العام 2014 جراء دخول الجماعات الإرهابية “داعش” إلى محافظة الموصل في العاشر من حزيران، ومن ثم بسط سيطرتها على عدد من محافظات العراق، نزوحاً كبيراً وغير مسبوق، إذ نزح خلال الأسابيع الأربعة الأولى بعد الاجتياح نحو 500 ألف عائلة، وأخذ العدد يتزايد حتى وصل إلى نحو مليون عائلة، وإلى ما يقرب من 5.6 مليون نازح حتى مطلع العام 2018، النازحون نتيجة لذلك انخفاضا حاداً في مدخولاتهم([25]).
نطاق تأثير السلطة التنفيذية في ظل جائحة كورونا
مما لا شك فيه أن الدولة لا تسير على نمط واحد في كل الاحيان، فهي تشهد بين الحين والآخر صوراً مختلفة من الظروف الاستثنائية التي قد تشكل تهديداً لكيانها ووجودها بحد ذاته، وأن القواعد القانونية المطبقة في الظروف العادية والتي تحكم أنشطة الدولة في شتى أوضاعها وظروفها المعتادة قد تعجز في المستجدات الطارئة والأزمات عن ضبط سير أمورها وشؤونها وتقديم الحماية اللازمة لاستمرار كيانها وتحقيق استقرارها، لذلك فقد ابتكرت نظرية الظروف الاستثنائية لمواجهة تلك الظروف غير العادية في مسارات الدولة وحياتها، وينتج عن تلك النظرية منح السلطة التنفيذية الحق في اعتماد كل الاجراءات والتدابير اللازمة للإبقاء على الدولة، وتأمين سلامتها ولو تطلب ذلك الحد من بعض الحقوق والحريات العامة بشكل عام([26]).
وبناءً على ذلك سنعالج هذا المطلب في فرعين نتناول في الفرع الأول: مرونة مبدأ المشروعية كأثر لجائحة كورونا ،ونتطرق في الفرع الثاني إلى ، تجاوز مبدأ الفصل بين السلطات كأثر لجائحة كورونا.
مرونة مبدأ المشروعية كأثر لجائحة كورونا
أن إجراءات سلطة الضبط الإداري هي قرارات إدارية تنظيمية كانت أو فردية توجب تطبيق المبادئ العامة المتعلقة بمشروعيتها، أي يتوافر فيها جميع الشروط التي تقضيها مشروعية القرارات الإدارية مثل وجوب صدورها من سلطة مختصة ،وطبقاً للإجراءات الشكلية المقررة والمستهدفة، وتحقيق المصلحة العامة، وبالأخص تحقيق أغراض الضبط الإداري في ظل جائحة كورونا.
ونقول إنه لما كانت إجراءات الضبط الإداري تقيد من الحريات الفردية، فيتعين تحديد المدى الذي يجوز فيه للإدارة أن تمس بالحقوق الفردية في سبيل صيانة النظام العام، وبعبارة أخرى يجب إيجاد توازن بين ممارسة الحريات الفردية وحفظ مقتضيات النظام العام، وهذا التوازن يتعين على المشرع العراقي أن يحدده مبدئياً وتطبقه جهة الإدارة ويراقب القضاء مختلف صور هذا التطبيق([27]).
وهنا، لابد من بيان الفرق بين الأعمال الإدارية المنفردة والأعمال الحكومية فالعمل الإداري المنفرد هو ذلك العمل الذي تقوم به الإدارة لتعدل أو لترفض تعديل حقوق أو موجبات الأفراد، بصرف النظر عن موافقتهم أو عدمها، أما لجهة الأعمال الحكومية فقد بدأ مجلس الدولة الفرنسي بالإقرار بوجود أعمال حكومية لا تخضع لرقابة القضاء في أوائل القرن التاسع عشر، وكان هذا العمل يستند إلى دافع سياسي. ونظراً لخطورة هذه النظرية على حقوق الأفراد، فقد عدّل مجلس الدولة الفرنسي في العام 1875 عن هذا الباعث السياسي وقام المعيار الجديد الذي استد إليه بالتركيز على طبيعة العمل ذاته للتمييز بين الأعمال الحكومية والأعمال الفردية في حين اعتبر الأعمال التي تصدر عن السلطة التنفيذية أثناء ممارسة وظيفتها( أعمال حكومية) والأعمال التي تصدر أثناء ممارسة وظيفتها “أعمال إدارية”.
وإن فشل المحاولات في الفصل بين هذه الأعمال دفع مجلس الدولة الفرنسي إلى اعتماد قائمة معينة تضمنت تحديداً حصرياً لأعمال السيادة([28])، ونادى كلاً من المشرع العراقي والمشرع اللبناني بالحرية الخاصة لجميع أفراد الوطن التي تتمثل في حق المسكن وحق التنقل وحق التعبير عن الرأي وحق الخصوصية، ولا يحق أي جهة قانونية أن تمنع حقوق المواطن الدستوري إلا عن طريق جهات قضائية فقط([29]).
وفي حالات معينة نبينها كالآتي:
أولاً: سلطات الضبط الإداري في الظروف العادية:
الضبط الإداري هو نشاط تقوم به الإدارة إلى جانب أنشطة أخرى، وهو يخضع لما تخضع له أعمال الإدارة جميعاً من وجوب احترامها للقانون أي مبدأ المشروعية، بل أن احترام الإدارة لمبدأ المشروعية يجب أن يظهر في حالة الضبط الإداري، ذلك أن الضبط الإداري يتعلق بحريات الأفراد ونشاطه. لذلك فإن قرارات الضبط الإداري تخضع لرقابة القضاء شأنها في ذلك القرارات الإدارية الأخرى، فيراقب القضاء أركان القرار الإداري المتعلق بالضبط للتأكد من سلامته القانونية ([30]).
والمشكلة الأساسية والمهمة التي تواجه سلطات الضبط الإدارية، عندما تمارس اختصاصها في الظروف العادية، هي كيفية التوفيق بين الحريات العامة التي نص عليها الدستور وقوانين حماية النظام العام، وعلى سبيل المثال نلاحظ أن الدستور العراقي قد نص على كفالة الحريات العامة من مواده، كما جاء في المادة(17/ ف2)”حرمة المساكن مصونة، ولا يجوز دخولها أو تفتيشها أو التعرض لها إلا وفقاً للقانون، وبناءً على قرار من جهة قضائية مختصة”، وفي المادة (15) نص على أن “لكل فرد الحق في الحياة والأمن والحرية، ولا يجوز الحرمان من هذه الحقوق أو تقييدها إلا وفقاً للقانون، وبناءً على قرار جهة قضائية مختصة”.
وأيضاً أقر المشترع اللبناني مبدأ حماية حرمة المنزل في المادة (14) من الدستور التي نصت على:” أن للمنزل حرمة ولا يسوغ لأحد الدخول إليه إلا في الأحوال والطرق المبيّنة في القانون،” كما نصت القوانين اللبنانية على صون حرمة المنزل وعاقبت على خرقها، فنصت المادة (571) من قانون العقوبات على أنه من دخل منزل أو مسكن آخر أو ملحقات مسكنه أو منزله، خلافاً لإرادته، وكذلك من مكث في الأماكن المذكورة خلافاً لإرادة من له الحق في إقصائه، عوقب بالحبس مدة لا تتجاوز الستة أشهر”([31])،ويقضى بالحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات إذا وقع الفعل ليلاً، أو بواسطة الكسر أو العنف على الأشخاص أو باستعمال السلاح، أو ارتكبه عدة أشخاص مجتمعين، ولا تجري الملاحقة في الحالة المنصوص عليها في الفقرة الأولى إلا بناء على شكوى الفريق المتضرر.
كما عاقبت المادة (370) من قانون العقوبات على جريمة خرق حرمة المنزل عندما يقترفها موظف عام فنصت على أن: “كل موظف يدخل بصفة كونه موظفاً منزل أحد الناس أو ملحقات المنزل في غير الحالات التي ينص عليها القانون، من دون مراعاة الأصول التي يفرضها، يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات ولا تنقص عن ستة أشهر إذا رافق تحري المكان.
وفي المادة (19) من مشروع دستور إقليم كوردستان العراق نص على أن:” كرامة الإنسان مصونة واحترامها وحمايتها واجبان على سلطات الإقليم كافة” ([32]).ويتضح مما سبق ذكره أن الضبط الإداري في الظروف العادية تتقيد بمبدأ المشروعية من ناحية ويخضع لرقابة دقيقة من قبل القضاء الإداري من ناحية أخرى، أذن فإن هيئات الضبط الإداري ليس مطلقة بل مقيدة.
إن تقيد سلطة الضبط الإداري في الظروف العادية لمبدأ المشروعية يستدعي أن تكون الإدارة خاضعة في جميع تصرفاتها للقانون، وإلا إذا كانت تصرفاتها وما تتخذه من قرارات غير مشروع ([33])، إذن وفقاً لمبدأ المشروعية فإن سلطة الضبط الإداري ليست مطلقة من كل قيد، وإنما هي مقيدة باحترام أحكام قواعد القانون، وتكريساً لمبدأ المشروعية في أرض الواقع أقر كل من المشرع العراقي والمشرع اللبناني مبدأ خضوع الإدارة للقانون في مختلف قوانين الدولة.
كما جاء في المادة (46) من الدستور العراقي “لا يكون تقييد ممارسة أي من الحقوق والحريات الواردة في هذا الدستور أو تحديدها إلا بقانون أو بناءً عليه، على ألا يمس ذلك التحديد جوهر الحق أو الحرية”، كما نصت المادة (8) من الدستور اللبناني ونصت على أن الحرية الشخصية مصونة وفي حمى القانون ولا يمكن أن يقبض على أحد أو يحبس أو يوقف إلا وفاقاً لأحكام القانون، ولا يمكن تحديد جرم أو تعيين عقوبة إلا بمقتضى القانون.
ثانياً: خضوع قرارات وإجراءات الضبط الإداري لرقابة القضاء:
إن قرارات الضبط الإداري وإجراءاته لا تخضع لمبدأ المشروعية فقط، بل تخضع لرقابة القضاء أيضاً،وتخضع قرارات الضبط الإداري لرقابة القضاء في الأحوال التالية:
1ـــ أهداف الضبط الإداري: من المعلوم أن من أهم أهداف الضبط الإداري هو حماية النظام العام في المجتمع، لذلك فإن أي تجاوز لسلطات الضبط الإداري للهدف الذي وجد من أجله والمنوط به يجعل التدابير الذي اتخذته معرضاً للإلغاء.
وهذا يعني أن هيئات الضبط الإداري لا يجوز لها استعمال السلطة المنوطة بها لتحقيق غرض آخر ،وبعكسه يقيم القضاء الإداري ولايته على إبطال القرارات التي ترمي إلى أهداف أخرى، كما أشار إليه مجلس شورى الإقليم العراقي ([34]).
كذلك أشار مجلس الشورى اللبناني بوجوب أن يكون هدف الإدارة في الإجراء الذي تتخذه تحقيق أحد أغراض سلطة الضبط الإداري، أي صيانة النظام العام بأحد مدلولاته المتعارف عليها، وإلا انحرفت في استعمال سلطتها، على أعمال الإدارة أهم صور الرقابة وأكثرها ضماناً لحقوق الأفراد وحرياتهم لما يتميز به الرقابة القضائية من استقلال وحياد ([35]).
ومن هذه الناحية قررت محكمة القضاء الإداري في اربيل ومجلس شورى الإقليم قراره المؤرخ 31/ 12/ 2012، تطبيقاً لمبدأ من حق كل مواطن الاطلاع على سير العمل ونتائجه في العمل الحكومي، بخصوص مشروع العلوات في المحافظة، وقررأنه لدى التدقيق والمداولة وجد أن الطعن التمييزي مقدم ضمن المدة القانونية، وقرر قبوله شكلاً، ولدى عطف النظر على القرار المميز تبين أنه صحيح وموافق للقانون.
وهذا ما ينسجم مع أحكام المادة (3) من نظام القواعد السلوكية والمهنية لموظفي حكومة إقليم كوردستان العراق والتي بينت “بأن الأصل في العمل الوظيفي الشفافية، ما لم ينص القانون على وجوب السرية، وعند الشك يجب اعتماد الأصل”، وينسجم أيضاً مع نص المادة (19) من مشروع دستور إقليم كوردستان العراق حول الكرامة والحياة والحرية (يضمن حق الحصول على المعلومات بقانون) ([36]).
-2أسباب الضبط الإداري: هو حالة واقعية أو قانونية بعيدة عن رجل الإدارة مستقلة عن إرادتهم توحي له بأنه يستطيع أن يتدخل أو يتخذ قرارات، أو يقصد به إفراغ الأسباب الواقعية والقانونية في صلب القرار الإداري وقت اتخاذه، ويقصد بسبب الضبط الإداري الظروف الخارجية التي دفعت الإدارة إلى التدخل وإصدار قراراها، ولا يعد تدخل الإدارة مشروعاً إلا إذا كان مبنياً على أسباب صحيحة وجدية من شأنها أن تخل بالنظام العام بعناصره الثلاثة.
حيث أن السبب في قرارات الضبط الإداري يمكن في اضطراب النظام العام أو تحديداً له، وعلى هذا الأساس تتخذ قرارات الضبط من طرف السلطات المختصة بذلك، لكن تقدير هذا السبب لا يكون دائماً صائباً، لأن عملية التقدير قد تتدخل فيها عدة عوامل تجعل قرار الضبط الإداري مبني على أسباب غير جدية أو غير حقيقية أو حتى وهمية هذا بالنسبة لتهديد النظام العام.
أما بالنسبة للاضطرابات فقد يكون هذا الاضطراب غير موجب وليس من الداعي أمام هذا الاضطراب تدخل سلطات الضبط الإداري وخاصة عندما يكون التدبير الضبطي له طابع تنفيذي (قمعي) وقد يؤدي الخطأ في تقرير السبب إلى الخطأ محل القرار الإداري، ومن ثم يؤدي إلى إبطال القرار التي قررها الضبط الإداري([37]).
3- الرقابة على الوسائل: لهيئات الضبط ثلاث وسائل (مادية، بشرية، قانونية) ، لمواجهة الوقائع والحالات التي تهدد النظام العام بما يلائم ويناسبها من الوسائل والإجراءات، فلا يجوز لها استخدام وسائل صارمة شديدة لمواجهة إخلال بسيط لا يمثل خطورة كبيرة على النظام العام.
4- ملائمة قرارات الضبط الإداري: لا يكفي قرار الضبط الإداري أن يكون جائزاً قانوناً أو أنه قد صدر بناءً على أسباب جدية، إنما تتسع رقابة القضاء لبحث مدى اختيار الإدارة الوسيلة الملائمة للتدخل فيجب ألا تلجأ إلى استخدام وسائل قاسية أو لا تتلاءم مع خطورة الظروف التي صدر فيها.
تجاوز مبدأ الفصل بين السلطات كأثر لجائحة كورونا
صدرت العديد من الدساتير منذ قيام الدولة العراقية الحديثة، وتعددت الأحكام الدستورية التي جاءت بها هـذه الدساتير واختلـف أحكام كـل دسـتور عـن الآخر، كان لكل منها رؤية معينة لنظرية الظروف الاستثنائية. ولأجـل الوقوف علـى فكـرة نظرية الظـروف الاستثنائية في الأزمنـة العراقيـة المتعاقبـة سـوف نسلط الضوء على الأحكام التي نظمت نظرية الظـروف الاستثنائية في ظل الدساتير العراقية التي صدرت ما بعد منتصف القرن العشرين.
وبعـد سقوط النظـام المـلكـي نتيجة أحـداث 14 تموز 1958، صدر دستور جديد للعراق بتاريخ 27 تمـوز 1958، تميز هذا الدستور بأنه مختصر جداً لـم يـورد بـين نصوصـه مـا يفيـد أخـذه بفكـرة الظـروف الاستثنائية([38]) أما في عام 1963 وبعد سقوط الجمهورية الأولى نتيجة ثورة 8 شباط 1963 وقيام الجمهورية الثانية، صدر قـانون المجلـس الـوطني لقيادة الثورة رقم (25) بتاريخ 4\4\1963 والـذي لـم يتضـمـن هـو الآخـر أي إشارة لفكرة الظروف الاستثنائية.
وكانت الإشارة الأولى لفكـرة الظـروف الاستثنائية في العهد الجمهـوري كانـت قـد وردت فـي قـانون المجلـس الـوطني لقيـادة الثـورة رقـم (61) في 22 نيسان 1964، حيـث أشـارت المـادة (13) مـن هـذا القانون إلى تمتـع رئيس الجمهوريـة بصـلاحيات استثنائية تتضـمن جميـع صـلاحيات المجلـس الـوطني لقيـادة الثـورة لمـدة عـام تتجـدد تلقائيـاً كلمـا تطلـب الأمـر ذلـك وبتقدير رئيس الجمهورية ذاته ([39]).
ومـن هـذا الـنص يتضـح أن هـذا القـانون مـنـح رئيس الجمهوريـة وهـو رأس السلطة التنفيذيـة صـلاحيات تشريعية واسـعة أو كاملـة وأن لـم يكـن هـو السـلطة المخولـة دستورياً بمثـل هـذه الصلاحيات لأن المجلـس الـوطني لقيـادة الثـورة كـان هـو الممـارس الأصـلي للسلطة التشريعية آنذاك على الأقل من الناحية القانونية ونلاحظ أن هـذا الـنص لا يشير بوضوح إلى فكـرة الظـروف الاستثنائية لأن هـذه الفكـرة هـي ممارسة سلطة معينة لاختصاص استثنائي لمدة معينـة وخـلاف النصوص الدستورية أمـا الـنص السابق فهـو إقـرار دسـتوري بوجـود اختصاصات تشريعية يمارسها رئيس الجمهورية.
ومن ثم لا يشكل هـذا مضـمون فكـرة الظـروف الاستثنائية، ولكن أصـل فكـرة الظروف الاستثنائية هـو تجـاوز إحـدى السلطات لمهامهـا وتعديها على باقي السلطات وهـو ما توضحه المادة السابقة، إضافة لذلك فإن المتتبع للنص المذكور يلاحظ أن عليـه تقـديم تقريـر لحالة استثنائية واضحة ،وإلا لمـا قيـدت بمـدة عـام واحـد ثـم إن الصلاحيات الدستورية لا تقيـد عـادة بتقدير جهـة مـا لظـرف أو ظـروف معينـة وهـو الأمـر الـذي يتحقـق فـي المـادة السابقة عنـدما أوردت مـا يفيد قيـام رئيس الجمهوريـة بتقدير حالـة الضـرورة التـي مـن أجلهـا يكـون لـه أن يمـدد العمل بهذه الصلاحيات الاستثنائية مـن عـدمـه.
ونستنتج من ذلك أن هـذا الـنص جـاء ليؤكد هيمنة رئيس الجمهورية على مقاليد السلطات العامـة آنـذاك أكثـر مـن تقريره لسلطة الرئيس في الظروف الاستثنائية، ونحـن نعتقد إنها كانت بوابـة لإعطاء الرئيس صـلاحيات تشريعية دون الرجـوع للمجلـس الـوطني لقيادة الثورة، ومـا يؤكـد هـذا الـرأي هـو الصـراع الحقيقـي الـذي كـان بـين رئيس الجمهورية ومؤسسة المجلس الوطني لقيادة الثورة ،والذي انتهـى بـه المطاف إلى إلغاء هذا القانون (قانون المجلـس الـوطني لقيـادة الثـورة)، ومـنح صلاحيات المجلـس الـوطني لقيـادة الثـورة إلى مجلس الوزراء والذي كان تابعاً لسلطة رئيس الجمهورية بصورة أو بأخرى ([40]).
وفي الظروف الاستثنائية في بعض الأحيان تواجه الدولة بعض الظروف الاستثنائية التي تهدد سلامتها وكيانها، مثل الحروب أو الكوارث الطبيعية، أو الاضطرابات الداخلية وفي هذه الحالة لا بد أن تتسع سلطات هيئات الضبط لمواجهة هذه الظروف الاستثنائية مـن خـلال السماح لها باتخاذ إجراءات سريعة وفعالة لمواجهـة الظرف الاستثنائي، وقد سارت الدول وفق أسلوبين لتنظيم الصلاحيات التي تناط بسلطات الضبط الإداري في الظروف الاستثنائية ([41]).
أولاً- الأسلوب الأول: يستند هذا الأسلوب إلى مواجهة كل حالة بقانون خاص يصدره البرلمان بناءً على طلب من السلطة التنفيذية بمنحها سلطات استثنائية لمواجهة الخطر أو الظرف لغير العادي، ولذا فأنه يسمى (قانون الظروف الاستثنائية) أو قانون الطوارئ ([42]).
ويتميز هذا الأسلوب بأن يتولى البرلمان فحص كل حالة ويفوض الحكومة في اتخاذ التدابير الاستثنائية لكل حالة بعينها بموجب القانون الذي يصدره لهذه الغاية، ويحول هذا الأسلوب دون تذرع السلطة التنفيذية بظروف قد لا تكـون استثنائية لفرض حالة الطوارئ، فهو بهذا يوفر رقابة جدية ومسبقة على تقدير الحكومة لوجود الظرف الطارئ، ويحقق بالتالي حماية فعالة إلى حد كبير للحقوق والحريات الفردية من تطبيق الأحكام العرفية وقوانين الطوارئ التي تقيد هذه الحقوق والحريات إلا في الظروف التي تستدعي بالفعل تطبيق هذه القوانين.
لكن مما يعاب على هذا الأسلوب أنه يجعل الإدارة تقف عاجزة في بعض الأحيان من مواجهة الظروف الاستثنائية، التي تحدث بطريقة مفاجئة لا تتحمل الانتظار لحين الالتجاء إلى البرلمان وطلب مناقشة هذه الظروف وإصدار قانون بشأن تنظيم سلطة الضبط الإداري والوسائل التي يجوز لها استخدامها لمواجهة هذه الظروف.
ثانياًـــ الأسلوب الثاني: وهو المعمول به في النظام الفرنسي، ويستند هذا الأسلوب في مواجهة الظروف الاستثنائية وحالات الضرورة إلى وجود قوانين منظمة مسبقا لمواجهة الظروف الاستثنائية مقدماً وقبل حدوثها، يبين فيهـا السلطات الاستثنائية التي يمكن منحها للسلطة الإدارية المختصة لتمكينها من مواجهة الظروف الاستثنائية فور حدوثها عن طريق إعلانها للأحكام العرفية أو لحالـة الطوارئ وكل ذلك دون حاجـة للرجـوع إلى البرلمان لاستصدار تشريع بذلك كما هو الحال في الأسلوب الأول ([43]).
ومما يؤخذ على هذا الأسلوب أنه يعطي للسلطة التنفيذية إمكانية اللجوء إلى إعلان حالة الظروف الاستثنائية دون أن تكون هناك أسباب جديـة تستدعي ذلك، مما يؤدي هذا إلى تقييد حريات الأفراد وحقوقهم دون رقابة سابقة على هذا الإعلان من جانب البرلمان ([44])، وقد أخذ المشرع العراقي بهذا الأسلوب فأصدر مرسوم الإدارة العرفية رقم (18) لسنة 1935″ الذي نظم حالة الأحكام العرفية”، ومرسوم الطوارئ رقم (1) 1956 لمواجهة حالة الطوارئ، ومن ثم صدر قانون السلامة الوطنية رقم (4) لسنة 1965، الذي ألغى مرسوم الإدارة العرفية وقرر أن تحل حالة الطوارئ محل الأحكام العرفية، وقد حدد هذا القانون الحالات التي يجوز فيها إعلان حالة الطوارئ وهي:
1- إذا حدث خطر من غارة عدائية أو أعلنت الحرب أو قامت حالة، أو أية حالة تهدد بوقوعها.
2- اذا حدث اضطراب خطير في الأمن العام أو تهديد خطير له.
3- إذا حدث وباء عام أو كارثة عامة.
في حين خول قانون الدفاع عن السلامة الوطنية رقم (1) لسنة 2004 في المادة الأولى منه رئيس الوزراء بعد موافقة هيئة الرئاسة بالإجماع إعلان حالة الطوارئ في أية منطقة من العراق عند تعرض الشعب العراقي لخطر جسيم يهدد الأفراد في حياتهم وناشئ من حملة مستمرة للعنف، ومنع أي أحد من الأشخاص تشكيل حكومة واسعة في العراق أو تعطيل المشاركة السياسية السلمية لكل العراقيين أو أي غرض آخر هذا وقد حددت” المادة الثالثة من قانون الدفاع عن السلامة الوطنية الآثار التي تترتب على إعلان حالة الطوارئ، والتي تؤدي بالتالي إلى منح الإدارة اختصاصات استثنائية مقيدة لحرية الأفراد”، وهي كما يلي([45]): 1- توقيف وتفتيش الأفراد دون استعمال مذكرة قضائية، إلا في الأحوال الملحة للغاية.
2- وضع قيود على حرية المواطنين أو الأجانب في العراق في الجرائم المشهورة أو التهم الثابتـة بأدلة أو قرائن كافيـة فيمـا يخـص الانتقال والتجوال والتجمع والتجمهر والمرور والسفر من وإلى العراق وحمل أو استخدام الأسلحة والذخائر والمواد الخطرة.
3- احتجاز المشتبه بسلوكهم وتفتيشهم أو تفتيش منازلهم وأماكن عملهم.
4- فرض حظر التجوال لفترة قصيرة محددة على المنطقة التي تشهد تهديداً خطيراً للأمن أو تشهد تفجيرات أو اضطرابات وعمليات مسلحة واسعة معادية، وله عزل تلك المنطقة أو تطويقها بقوات مناسبة وتفتيشها إذا ثبت أو أشـتبه حيـازة بعـض سكانها أسلحة متوسطة أو ثقيلـة أو متفجرات، أو تحصن بها خارجون على القانون، وذلك بعد استعمال مذكرة قضائية للتفتيش إلا في حالات ملحة للغاية([46]).
5- فرض قيود على الأموال وعلى حيازة الأشياء الممنوعـة ووضع الحجز الاحتياطي على أموال المتهمين بالتآمر والعصيان المسلح والاضطرابات المسلحة وعمليات الاغتيال والتفجير، وعلى أموال من يشترك أو يتعاون معهم بأية كيفية كانت على ارتكاب هذه الجرائم أو يحرضهم على ارتكابها وتقع بناء على ذلك التحريض أو يقدم لهم مساكن أو محلات يأوون إليها أو يجتمعون فيها مع علمهـم التـام بنواياهم وله توقيف المتهمين بهذه الجرائم من توفرت أدله كافية قانونا لاتهامه.
6- اتخاذ إجراءات احترازية على الطرود والرسائل البريدية ووسائل وأجهزة الاتصال السلكية واللاسلكية كافة، ويمكن فرض المراقبة على هذه الوسائل وتفتيشها وضبطها، إذا كان ذلك يفضي إلى الجرائم أو يمنـع وقوعهـا وذلك بعـد استحصال مـذكرة مـن الجهـة القضائية المعينة لفترة زمنية محددة.
7- فرض قيود على وسائل النقل والمواصلات البريدية والجوية والمائية في مناطق محددة ولفترة محددة.
8- فرض قيود على المحال العامة والتجارية والنوادي والجمعيات والنقابات والشركات والمؤسسات والدوائر مـن حيـث تحديد مواعيـد فتحها وغلقها ومراقبة اعمالها، ووضعها تحت الحراسة وحلها وايقافها مؤقتاً.
9- إيقاف العمل مؤقتاً أو بصورة دائمة بإجازات الأسلحة والذخيرة، والمواد الخطيرة والمفرقعة والمتفجرة وحيازتها والإتجار بها.
ومن المعلوم أن للقضاء الإداري دور مهم في الرقابة على قرار الحكومة والخاص بإعلانها حالة الطوارئ فالقاضي في ظل هذه الظروف يراقب أولاً القرار الخاص بإعلان حالة الطوارئ وهنا يلاحظ أن الدستور العراقي قد أخضع هذا القرار لرقابة البرلمان، وذلك من خلال اشتراطه حصول موافقة مجلس النواب بأغلبية ثلثي الأعضاء على هذا القرار([47]).
ويتبين لنا مما سبق في هذا المطلب أن الضبط الإداري هو مجموعة من الانشطة تقوم بها الإدارة إلى جانب أنشطة أخرى، وهو يخضع لما تخضع له أعمال الإدارة جميعاً مع وجوب احترامها للقانون أي مبدأ المشروعية، وأن الظروف الاستثنائية تقوم بتكاتف مع السلطة التنفيذية والقضائية لحل الأزمات.
إن وجود الظروف الاستثنائية كظرف طارئ الذي يعني مواجهة خطيرة تهدد معه حياة الدولة سواء من الناحية الاجتماعية أو السياسية أو الاقتصادية أو بها كلها مجتمعة والذي قد ينال من استقرارها وتعرض أمنها وسلامتها للخطر، أو تعرض شعبها للخطر أو مخاطر أخرى، وهي حقيقة لا مفر منها والتي تفرض على الدولة ضرورة اللجوء إلى تطبيق إجراءات وتدابير استثنائية أو غير عادلة بهدف التصدي لهذه المخاطر من جهة والحفاظ على كيانها كدولة من جهة أخرى، وكل ذلك بما يتناسب مع حدتها ودرجة خطورتها، ويعتبر لازماً لمواجهتها.
وإن هذه الانتهاكات الخطيرة والجسيمة لحقوق الإنسان وحرياته تقع دائما تحت ذرائع مختلفة أبرزها الظروف الاستثنائية الطارئة التي حلت بالدولة ، وهذه الأخيرة يتسع مفهومها ليشمل كل ظرف طارئ تتعرض له الدولة من الأزمات والأخطار التي تهدد كيانها ووجودها وتحت اعتبارات الحفاظ على المصلحة العامة والأمن القومي والنظام العام والاستقرار والوحدة الوطنية وغيره ، ويتم انتهاك حقوق الإنسان وحرياته الأساسية على الرغم من وجود مبدأ مهم يسود العلاقات الدولية ما بين الدول وهو مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول مراعاة لمبدأ سيادة.
وبعد هذا العرض الموجز سنحاول بيان أهم الاستنتاجات والمقترحات التي توصلنا إليها من خلال بحثنا في موضوع الدراسة أعلاه، على النحو الآتي:
- إن الظروف الاستثنائية أو ما تسمى بحالة الطوارئ، هي عبارة عن توافر مجموعة من الظروف الموضوعية التي تحتوي على مخاطر عامة تمس الأمن والنظام العام واستقرار المواطنين، والتي تستوجب تطبيق التدابير المنصوص عليها في قانون الطوارئ.
- إن انتشار الوعي الديمقراطي وتأصيل نظرية الحقوق والحريات العامة في ضمير المواطنين له أثر الفعال في بناء رأي عام يمكنه أن يلعب دوراً في حماية الحريات خلال الظروف الاستثنائية.
- ضرورة تحديد مبررات إعلان حالة الطوارئ تحديداً واضحاً وفرض القيود على السلطة الإدارية أثناء ممارستها لاختصاصاتها الاستثنائية.
- صدرت العديد من الدساتير منذ قيام الدولة العراقية الحديثة، وتعددت الأحكام الدستورية التي جاءت بها هـذه الدساتير واختلـف أحكام كـل دسـتور عـن الآخر، كان لكل منها رؤية معينة لنظرية الظروف الاستثنائية ولأجـل الوقوف علـى فكـرة نظرية الظـروف الاستثنائية في الأزمنـة العراقيـة المتعاقبـة سـوف نسلط الضوء على الأحكام التي نظمت نظرية الظـروف الاستثنائية في ظل الدساتير العراقية التي صدرت ما بعد منتصف القرن العشرين.
- نوصي الدول ضرورة اللجوء إلى تطبيق إجراءات وتدابير استثنائية أو غير عادية بهدف التصدي لهذه المخاطر بما يناسبها، ويعتبر لازماً لمواجهة تبعاتها، بما في ذلك من فرض القيود على ممارسة الأفراد لجانب من الحقوق والحريات.
- عدم السير على نمط واحد في كل الاحيان، فهي تشهد بين الحين والآخر صوراً مختلفة من الظروف الاستثنائية التي قد تشكل تهديداً لكيانها ووجودها بحد ذاته.
- القيام بتشكيل هيئة وطنية لحقوق الانسان في العراق من أجل نشر أحكامه بين أبناء الشعب العراقي وأقلياته، الذي عانى من آثار الحروب المفروضة عليه، وانتهكت حقوقهم من غير العلم به، الفرصة مواتية الآن لما يشهده العراق من استقرار، وعضوية العراق في اتفاقيات جنيف الأربع.
- وضع ضمانات حقيقية وموضوعية مستقلة تكفل ممارسة حقوق الانسان المدنية والسياسية في ظل الظروف الغير عادية، وكذلك تطبيق مبدأ الفصل بين السلطات.
- تحديد الصلاحيات الممنوحة لسلطات الطوارئ وألا تقوم السلطة التقديرية في تقييد بعض حقوق الإنسان، مما يؤدي إلى انتهاك حقوق الانسان، مما يؤدي إلى انتهاك حقوق الانسان، ويجب ألا يمس الحقوق الأساسية.
قائمة المصادر والمراجع
أولاً: الكتب:
- أحمد مفتن، التحديات الاجتماعية للواقع المعاش في العراق، رؤى سياسية، مؤسسة فريدريش إيبرت، عمان- الأردن، 2020.
- حبيب ابراهيم الدليمي، حدود سلطة الضبط الإداري، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2015.
- سامي جمال الدين، الرقابة على أعمال الإدارة، ط1، منشأة المعارف، الإسكندرية- مصر، 2003.
- شطاب كمال، حقوق الأنسان في الجزائر بين الحقيقة الدستورية والواقع، ط1، دار الخلدونية، الجزائر، 2005.
- عبد الحميد محمود البعلي، نظرية حقوق الإنسان في المواثيق الدولية وشريعة الإسلام، ط1، المؤسسة الحديثة للكتاب، بيروت- لبنان، 2018.
- عمر محمد شحادة، حقوق الإنسان في الدستور والمواثيق الدولية، ط1، المؤسسة الحديثة للكتاب، بيروت- لبنان، 2016.
- فوزت فرحات، القانون الإداري العام، الكتاب الأول، الجزء الأول، التنظيم الإداري والنشاط الإداري، ط1، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2012.
- ماهر صالح علاوي الجبوري، الوسيط في القانون الإداري، دار أبن الأثير للطباعة والنشر، بغداد، 2009.
- محمد أحمد عبد الرسول، ضمانات الأفراد في ظل الظروف الاستثنائية، دار النهضة العربية، القاهرة- مصر، 2008.
- محمد جمال الذنيبات، الوجيز في القانون الإداري، ط1، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان- الأردن، 2016.
- منذر الشاوي، القانون الدستوري والمؤسسات الدستورية العراقية، ط1، مطبعة شفيق، بغداد، 2007.
- ميساء محمد شور، غادي عاطف مقلد، مبادئ القانون الإداري العام، ط1، منشورات زين الحقوقية، لبنان، 2019.
- نجيب خلف أحمد الجبوري، القانون الإداري، ط1، مكتبة يادكار لنشر الكتب القانونية، السليمانية، 2018.
- هاني علي الطهراوي، القانون الإداري، التنظيم الإداري، ط1، دار الثقافة للنشر والتوزيع، مصر، 2014.
ثانياً: المجلات والدوريات:
- جمال مطلك، الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للسكن اللائق، مجلة دراسات الكوفة، العدد 50، العراق، 2018.
- عبد الرحمن الرضوان وخالد الهندياني، أثر فيروس كورونا في عقد العمل في القطاع الأهلي، بحث منشور في مجلة الحقوق، العدد 2(2)، شباط 2020.
- عدنان رشيد، كاوه ياسين، مكافحة الإرهاب وحق الإنسان في الخصوصية، مجلة كلية القانون لعلوم القانونية والسياسية، المجلد (8)، العدد 29، العراق، 2019.
- فرهاد سعدي، الحق في الصحة وحماية حقوق الملكية الفكرية، دراسة عن حق الوصل إلى الدواء وفقاً لقواعد حقوق الإنسان في العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وقواعد حقوق الفكرية في اتفاقية تربس، مجلة جامعة تكريت للعلوم القانونية والسياسية، المجلد (5)، السنة 5، العدد 18، 2013.
- مازن ليلو راضي، مجلس شورى إقليم كوردستان العراق، تنظيمه واختصاصاته، بحث منشور في مجلة زانكو السليمانية، العدد (26) في تموز 2009.
- محمد بوكماش، بحث نظرية الظروف الطارئة وعلاقاتها بالجوائح، مجلة العلوم الاجتماعية والإنسانية، العدد (26)، 2012.
ثالثاً: الرسائل والأطاريح:
ضاري حميد جسام، حماية حقوق الإنسان في ظل الإجراءات الوطنية لمواجهة وباء كورونا– العراق نموذجاً، رسالة ماجستير في قسم القانون العام، الجامعة الإسلامية في لبنان، خلدة- لبنان، 2020- 2021.
رابعاً: القوانين:
- دستور العراق عام 2005
- قانون الأمراض الانتقالية اللبناني الصادر عام 1957.
- قانون العقوبات العراقي رقم (111) الصادر عام 1969.
- امر الدفاع عن السلامة الوطنية في العراق رقم (1) لسنة 2004
- قانون مجلس شورى لإقليم كوردستان رقم (14) لسنة 2008
مشروع دستور إقليم كوردستان، العراق 2009
خامساً: المواقع الإلكترونية:
- إعلان وزير العمل عادل الركابي، إطلاق منحة الطوارئ للمتضررين جراء حظر التجوال، منشور على موقع السومرية الإعلامي الالكتروني ، للاطلاع https://www.alsumaria.tv/news
جعفر صادق علاوي، مقال منع السفر من وإلى النجف وإيقاف دوام المدارس والجامعات ل10 أيام، على الموقع الإلكتروني: https://www.basnews.com
الهوامش:
-
() محمد بوكماش، بحث نظرية الظروف الطارئة وعلاقاتها بالجوائح، مجلة العلوم الاجتماعية والإنسانية، العدد (26)، 2012، ص 55. ↑
-
() عدنان رشيد، كاوه ياسين، مكافحة الإرهاب وحق الإنسان في الخصوصية، مجلة كلية القانون لعلوم القانونية والسياسية، المجلد (8)، العدد 29، العراق، 2019، ص263. ↑
-
() سامي جمال الدين، الرقابة على أعمال الإدارة، ط1، منشأة المعارف، الإسكندرية- مصر، 2003، ص 514. ↑
-
() فوزت فرحات، القانون الإداري العام، الكتاب الأول، الجزء الأول، التنظيم الإداري والنشاط الإداري، ط1، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2012، ص159. ↑
-
() هاني علي الطهراوي، القانون الإداري، التنظيم الإداري، ط1، دار الثقافة للنشر والتوزيع، مصر، 2014، ص 253. ↑
-
() محمد أحمد عبد الرسول، ضمانات الأفراد في ظل الظروف الاستثنائية، دار النهضة العربية، القاهرة- مصر، 2008، ص 44. ↑
-
() محمد جمال الذنيبات، الوجيز في القانون الإداري، ط1، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان- الأردن، 2016، ص 175. ↑
-
() نجيب خلف أحمد الجبوري، القانون الإداري، ط1، مكتبة يادكار لنشر الكتب القانونية، السليمانية، 2018، ص 165. ↑
-
() انظر: المادة (61/ ثانياً) من دستور العراق عام 2005، والتي نصت على: ” يختص مجلس النواب في الرقابة على أداء السلطة التنفيذية”. ↑
-
() مازن ليلو راضي، مجلس شورى إقليم كوردستان العراق، تنظيمه واختصاصاته، بحث منشور في مجلة زانكو السليمانية، العدد (26) في تموز 2009، ص 116. ↑
-
() ينظر: الفقرة الأولى من المادة (3) من امر الدفاع عن السلامة الوطنية في العراق رقم (1) لسنة 2004، والتي نصت على: تولى المحكمة الجنائية المركزية في العراق النظر في الجرائم الكبرى المرتكبة خلال مدة سريان حالة الطوارئ التي يحيل قضاياها القاضي المختص كجرائم القتل والتسيب والاغتصاب والخطف وتخريب أو تفجير أو إحراق أو إتلاف الأموال العامة والخاصة وحيازة الأسلحة الحربية وعتادها أو صنعها أو نقلها أو تهريبها أو المتاجرة بها. ↑
-
() المادة (61) الفقرة (تاسعاً/3) من الدستور العراقي الصادر عام 2005. ↑
-
() المادة (4) من قانون الأمراض الانتقالية اللبناني الصادر عام 1957. ↑
-
() المادة (368) من قانون العقوبات العراقي رقم (111) الصادر عام 1969. ↑
-
() عبد الحميد محمود البعلي، نظرية حقوق الإنسان في المواثيق الدولية وشريعة الإسلام، ط1، المؤسسة الحديثة للكتاب، بيروت- لبنان، 2018، ص 109. ↑
-
() عبد الرحمن الرضوان وخالد الهندياني، أثر فيروس كورونا في عقد العمل في القطاع الأهلي، بحث منشور في مجلة الحقوق، العدد 2(2)، شباط 2020، ص 56. ↑
-
() المادة (25) من الدستور العراقي الصادر عام 2005. ↑
-
() جمال مطلك، الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للسكن اللائق، مجلة دراسات الكوفة، العدد 50، العراق، 2018، ص250. ↑
-
() فرهاد سعدي، الحق في الصحة وحماية حقوق الملكية الفكرية، دراسة عن حق الوصل إلى الدواء وفقاً لقواعد حقوق الإنسان في العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وقواعد حقوق الفكرية في اتفاقية تربس، مجلة جامعة تكريت للعلوم القانونية والسياسية، المجلد (5)، السنة 5، العدد 18، 2013، ص146. ↑
-
() ضاري حميد جسام، حماية حقوق الإنسان في ظل الإجراءات الوطنية لمواجهة وباء كورونا– العراق نموذجاً، رسالة ماجستير في قسم القانون العام، الجامعة الإسلامية في لبنان، خلدة- لبنان، 2020- 2021، ص129. ↑
-
(1) إعلان وزير العمل عادل الركابي، إطلاق منحة الطوارئ للمتضررين جراء حظر التجوال، منشور على موقع السومرية الإعلامي الالكتروني ، للإطلاع https://www.alsumaria.tv/news، تاريخ الزيارة : 14/5/2025 ↑
-
() شطاب كمال، حقوق الأنسان في الجزائر بين الحقيقة الدستورية والواقع، ط1، دار الخلدونية، الجزائر، 2005، ص215.↑
-
() جعفر صادق علاوي، مقال منع السفر من وإلى النجف وإيقاف دوام المدارس والجامعات ل10 أيام، على الموقع الإلكتروني:
https://www.basnews.com ، تاريخ الزيارة 15/5/2025. ↑
-
() عمر محمد شحادة، حقوق الإنسان في الدستور والمواثيق الدولية، ط1، المؤسسة الحديثة للكتاب، بيروت- لبنان، 2016، ص 147. ↑
-
() أحمد مفتن، التحديات الاجتماعية للواقع المعاش في العراق، رؤى سياسية، مؤسسة فريدريش إيبرت، عمان- الأردن، 2020، ص15. ↑
-
() ميساء محمد شور، غادي عاطف مقلد، مبادئ القانون الإداري العام، ط1، منشورات زين الحقوقية، لبنان، 2019، ص 196 وما بعدها. ↑
-
() ميساء محمد شور، غادي عاطف مقلد، مبادئ القانون الإداري العام، المرجع السابق، ص 143. ↑
-
(1) فوزت فرحات، القانون الإداري العام، المرجع السابق، ص 122. ↑
-
() هاني علي الطهراوي، القانون الإداري، التنظيم الإداري، المرجع السابق، ص 233. ↑
-
() نجيب خلف أحمد الجبوري، القانون الإداري، المرجع السابق، ص 165. ↑
-
() انظر: نص المادة (8) من الدستور اللبناني الصادر في 23 أيار لسنة 1926 الفصل الثاني في اللبنانيين وحقوقهم وواجباتهم، وانظر أيضاً نص المادة (14) ونص المادة (15)، وانظر المادة (15) من الدستور العراقي لسنة 2005 الفصل الأول الحقوق المدنية والسياسية، وانظر أيضاً المادة (17) الفقرة الثانية. ↑
-
() انظر: المادة (19) من الفقرة (الأولى) من مشروع دستور إقليم كوردستان، العراق 2009 ↑
-
() محمد جمال الذنيبات، الوجيز في القانون الإداري، المرجع السابق، ص 165. ↑
-
() بصدور قانون مجلس شورى لإقليم كوردستان رقم (14) لسنة 2008 تم الأول مرة في الإقليم تم إنشاء قضاء إداري متخصص قائم على النظام القضائي المزدوج. ↑
-
() حبيب ابراهيم الدليمي، حدود سلطة الضبط الإداري، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2015، ص77. ↑
-
() انظر: المادة (19) الفقرة (11 ثانياً) من مشروع دستور إقليم كوردستان العراق لسنة 2009، التي نصت على: الاعتراض على قرارات المجلس في ادى الحالات:” إذا كانت مخالفة للدستور أو القوانين النافذة”. ↑
-
() مازن ليلو راضي، مجلس شورى إقليم كوردستان – العراق، المرجع السابق، ص 176. ↑
-
(1) ماهر صالح علاوي الجبوري، الوسيط في القانون الإداري، دار أبن الأثير للطباعة والنشر، بغداد، 2009 ص50. ↑
-
() انظر: المادة (13) من القانون (61) الصادر بتاريخ 22 نيسان 1964. حيث نصت على: يمارس رئيس الجمهورية صلاحيات استثنائية تتضمن جميع صلاحيات المجلس الوطني لقيادة الثورة لمدة عام واحد تتجدد تلقائيا كلما تطلب الأمر ذلك وبتقدير منه.↑
-
() منذر الشاوي، القانون الدستوري والمؤسسات الدستورية العراقية، ط1، مطبعة شفيق، بغداد، 2007، ص 198. ↑
-
() سامي جمال الدين، الرقابة على أعمال الإدارة، المرجع السابق، ص 514. ↑
-
() هاني علي الطهراوي، القانون الإداري، التنظيم الإداري، المرجع السابق، ص 253. ↑
-
() محمد أحمد عبد الرسول، ضمانات الأفراد في ظل الظروف الاستثنائية، المرجع السابق، ص 165. ↑
-
() محمد جمال الذنيبات، الوجيز في القانون الإداري، المرجع السابق، ص 175. ↑
-
() نجيب خلف احمد الجبوري، القانون الإداري، المرجع السابق، ص 168. ↑
-
() محمد أحمد عبد الرسول، ضمانات الأفراد في ظل الظروف الاستثنائية، المرجع السابق، ص 176. ↑
-
() انظر: المادة (61/ ثانياً) من دستور العراق عام 2005، والتي نصت على:” يختص مجلس النواب في الرقابة على أداء السلطة التنفيذية”. ↑